كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

مهرجان برلين:

القتل ومسلسل الاختفاء والكوميديا السوداء

أمير العمري- برلين 

مهرجان برلين السينمائي الدولي الرابع والستون

   
 
 
 
 

كما توقعنا جاءت معظم الأفلام التي عرضت في مسابقة الدورة 64 من مهرجان برلين السينمائي حتى لحظة كتابة هذا المقال، متوسطة أو ضعيفة المستوى، جاء الفيلم الأرجنتيني والفيلم الصيني الأول في المسابقة (من بين ثلاثة أفلام)، كارثتين على كل المستويات من الناحية الفنية، فليس هناك موضوع معين واضح ولا بناء متماسكا ولا أسلوب إخراج يثير الخيال.. لا شيء سوى همهمات أو تهويمات وشطحات سينمائية تعجز، بسبب ضعف الموهبة، في التعبير عن أي فكر إنساني أو سينمائي يدفعك إلى التفكير والتأمل.

غير أن الفيلم الاسكندنافي الذي عرض أخيرا وهو فيلم "حسب ترتيب الاختفاء" In Order of Disappearance أدخل السعادة على النقاد وجمهور المهرجان، بموضوعه الغريب المثير واسلوب إخراجه الواثق المتمكن وسخريته اللاذعة وابتكاراته في تنفيذ المشاهد.

الفيلم من الإنتاج المشترك بين النرويج والسويد والدنمارك. وهو من إخراج المخرج النرويجي هانز بيتر مولاند الذي يقيم في الولايات المتحدة، وبطولة الممثل السويدي ستيلان ساكارسجارد (بطل فيلم لارس فون ترايير "مهووسة جنسيا" المعروض في المهرجان خارج المسابقة).

لا نقول إن "حسب ترتيب الاختفاء" تحفة سينمائية أو من الأعمال النادرة في الفن السينمائي لكنه فيلم يمتلك جاذبيته الخاصة من أسلوبه رغم أن موضوعه ليس جديدا، ومن قدرته على الإمتاع الذهني أيضا. ولو أردت أن تعثر على موضوع "جاد" في ثنايا الفيلم فربما تكون تلك النظرة العنصرية إلى الغرباء، الأجانب، المهاجرين الذين يقيمون في دول الشمال الغنية وخصوصا النرويج في حالة فيلمنا هذا. لكن معالجة موضوع العنصرية تأتي في سياق الكوميديا التي تصل حد السريالية، فليس من الممكن التعامل مع الفيلم طبقا لمطابقته للواقع أو قدرته على التماثل مع الواقع، بل إنه في أشد لحظاته محاكاة للواقع، سرعان ما يجعلك تبتعد خارج الواقع وتضحك حتى في المشاهد التي تسيل فيها الدماء وتتدفق  أنهارا، فأنت تعرف أنها دماء التمثيل، أي دماء الفيلم وليس الواقع، والمخرج يشركك في "اللعبة" من البداية، ويشدك معه إلى النهاية.

الجريمة

نحن في بلدة نرويجية في عز موسم الشتاء حيث تنتشر الثلوج تغطي كل شي. نيلس (ساكارسجارد) رجل في العقد السادس من عمره، يعمل سائق على عربة خاصة عملاقة لازاحة الثلوج والتخلص من تراكماتها على الطرق (هذه العربة المجهزة ذات المواصفات الخاصة تستخدم على نحو جيد في صلب الفيلم)، وهي مجهزة بحيث تستطيع ازاحة أكثر من ثلاثين طنا في الدقيقة. ونيلس يعيش حياة مستقرة هادئة في منزله المنعزل مع زوجته. لكن الرجل المسالم القادم من السويد، يفقد إبنه ذات يوم، ويكتشف أنه قتل في جريمة مدبرة من طرف عصابة لتوزيع المخدرات كان ضالعا في العمل لها بعد أن تقاعس عن توصيل كمية معينة من المادة المخدرة.

بعد أن يتعرض نيلس للتقريع الشديد من جانب زوجته، يقرر البحث عن قتلة إبنه وتصفيتهم بنفسه بطريقة عنيفة وبلا رحمة، وكأنما قد تحول إلى "هاري القذر" كما يقول له شقيقه في الفيلم، أي تقمص شخصية كلينت ايستوود فيالفيلم الشهير عندما يقوم بنفسه وهو ضابط الشرطة أي خادم القانون، بتنفيذ الاعدام بالمجرمين دون محاكمة. وكلما قتل نيلس شخصا من أفراد العصابة يقوم باسقاطه من أعلى قمة شلالات هادرة، ليظهر إسم الضحية على الشاشة مع علامة الصليب، ليبدأ نيلس في تعقب الضحية التالية. وهذا هو مغزى عنوان الفيلم.

هناك مشاهد مليئة بالعنف مع لجوء نيلس لتعذيب لضحاياه قبل قتلهم لكي يعترفوا بالمسؤولين المباشرين عن قتل إبنه. ويتوصل نيلس في النهاية الى زعيم العصابة وهو شاب ورث التركة عن والده، يدعى الكونت، وهو غريب الأطوار كثيرا، سادي مغرق في السادية لكنه يبكي كلما ارتكب فعلة عنيفة وخصوصا أن زوجته السابقة (وهي دنماركية) ترغمه على الوفاء بتعهداته تجاه إبنهما، الذي يقيم معظم الوقت معها. لكن "الكونت" يتحرك دائما في حماية مجموعة من رجاله المسلحين. ولذلك يلجأ نيلس إلى شقيقه (الشقي السابق الذي قضى عقوبة في السجن) لكي يساعده في التخلص من الكونت. فينصحه شقيقه بالاستعانة بقاتل محترف.

في الوقت نفسه يبحث الكونت ورجاله بشكل محموم عمن وراء قتل رجال العصابة وتصفيتهم واحدا وراء الآخر. ويتسلل الشك إلى عصابة الصرب الذين عقدت معهم عصابة الكونت اتفاقا لتقاسم العمل في المنطقة. ويطلق الكونت عليهم "الألبان" رغم أن رجاله يصرون دائما على تصحيح معلوماته بأنهم من الصرب.

تبدأ حرب مستعرة بين العصابتين، لكن الحقيقة تكتشف، وأن نيلس هو المسؤول عن تصفية أفراد العصابة، ولكنه ينجح في اختطاف طفل الكونت وتهديده وينتهي الصراع بمذبحة يقتل فيها كل رجال الكونت ويقتل هو معهم، كما تتم تصفية جميع أفراد عصابة الصرب فيما عدا الزعيم العجوز الذي يتحدث في الفيلم بطريقة مارلون براندو في دور دون كورليوني في فيلم "الأب الروحي" لكوبولا. وينجو نيلس بمعجوة.

الفيلم مليء بالمشاهد التي تعتبر محاكاة ساخرة parody  لما يماثلها من مشاهد أو عبارات وشخصيات في أفلام قديمة مشهورة، وخصوصا "هاري القذر"، و"ليست بلدا للعجائز" للأخوين كوين وغيرهما.

في أحد المشاهد يضرب نيلس أحد أفراد العصابة بقسوة وعنف الى أن يسقطه على الأرض ثم يستلقي بجواره خائر القوى منهكا.. ويتحامل خصمه الجريح المهشم الوجه على نفسه ويسأله: هل تعبت أيها العجوز؟ فيجيب نيلس: نعم.. لقد تعبت. فيضحك الرجل، ويبدأ نيلس أيضا في الضحك ثم تتسع مساحة الضحك إلى أن تصل إلى القهقهة، وهنا يصوب نيلس سلاحه الى رأس خصمه ويطلق عليها النار بلا رحمة!

كوميديا سوداء

بطل الفيلم "مهاجر" من السويد كما يقول له "الكونت" العنصري الذي يرفض كل المهاجرين.. وفي الفيلم رجل يطلقون عليه "الصني" هو قاتل محترف يلجأ إليه نيلس ويدفع له مبلغا كبيرا من المال لكي يقتل الكونت، لكنه يذهب إلى الكونت ويبيع هذه المعلومة له مقابل مبلغ مماثل، فتكون النتيجة أنه يقتل على أيدي رجال الكونت الذي يستنكر أن يتفق "صيني" مع سويدي على قتله وهو النرويجي، أي صاحب الدار. والحقيقة أن من يطلقون عليه "الصيني" هو ياباني، وهناك أيضا الصرب الذين يصر صاحبنا "الكونت" على أنهم من الألبان، فقط لكي يوجه لهم – كمسلمين- أبشع الاتهامات، وهناك الفليبينية زوجة شقيق نيلس، والدنماركية طليقة "الكونت" الت يسبها بأبشع الألفاظ وتكون آخر كلمة يتركها لدى الشرطي لكي وصلها إليها هي صب اللعنات عليها باعتبارها دنماركية!

ومن ضمن الحوارات الكوميدية في الفيلم ذلك الحوار الطريف الذي يدور بين الكونت ومساعده، يشكو المساعد من قسوة الطقس والطبيعة فيقول له الكونت إن "بلاد الشمال الباردة تتميز بنظام الضمان الاجتماعي"، وإن دول الجنوب مثل ايطاليا واسبانيا والبرتغال تعاني من التدهور الاقتصادي ويضيف إليها كاليفورنيا التي يقول إنها على وشك الإفلاس، وعندما يجادله الرجل يقول له إنه "إما الشمس وإما الضمان الاجتماعي"!

ويصور الفيلم أفراد العصابة الصربية وهم يلهون وسط الثلوج مثل الأطفال، فرحين بسحر الاكتشاف رغم أنهم مكلفون بمهمة للقتل.. كما يصور علاقة مثلية جنسية بين اثنين من مساعدي الكونت.

ويتناقض الطابع الجاد في شخصية نيلس، مع الطابع الهزلي في شخصية الكونت الذي يردد أشياء من قبيل "إنه ليس من السهل أن أكون أنا"، لكن الإثنين يتمتعان بنفس القدر من القدرة على السخرية وتوليد الضحك.

ومن فضائل الفيلم التصوير البديع للمشاهد الخارجية حيث يخلق المصور فيليب أوجار، من الثلوج، ملحمة بصرية، ويحرص على إبداع تكوينات خلابة حيث الأرض مغطاة بطبقة كثيفة من الثلوج، بما يتناقض مع الدماء الكثيرة التي تسيل، مع تكثيف واضح لعزلة البطل الذي يبدو مثل رجل هبط على تلك المنطقة محملا بمهمة مقدسة لتطهيرها من المجرمين (هنا أيضا استلهام من "سائق التاكسي" لسكورسيزي).

فيلم "حسب ترتيب الاختفاء" كوميديا سوداء ذات طابع عنيف، مليئة بالمغامرات والمشاهد المثيرة، لكن الأهم- تلك النظرة العابثة والعبثية للعالم التي تميزه وتجعله فيلما فريدا. 

عين على السينما في

11.02.2014

 

"مهووسة جنسيا" كاملا في برلين.. عجز الفلسفة!

أمير العمري- برلين 

ليس من المعروف حتى الآن السبب الذي جعل مهرجان برلين السينمائي يقرر عرض النسخة الكاملة من الجزء الأول من فيلم "مهووسة جنسيا" Nymphmaniac وهي تقع في نحو ساعتين ونصف، دون عرض الجزء الثاني أيضا في نسخته الكاملة (نسخة المخرج) التي تبلغ زمنا مماثلا، في حين يبلغ زمن عرض الجزأين في النسخة المختصرة التي بدأت تعرض في دور العرض الأوروبية 4 ساعات فقط.

المهرجان لم يعلن السبب، ومخرج الفيلم الدنماركي لارس فون ترايير، أخذ يراقب باستمتاع تلك الدعاية المسبقة الهائلة اتي صابت عرض فيلمه هنا في برلين مما جعل الكثير من النقاد يعتقدون في البداية، أن المهرجان العريق سيعرض الجزأين.

لم يعلن فون ترايير السبب بل ولم يوجه له أحد أي سؤال بهذا الخصوص لأنه، ببساطة، لم يحضر المؤتمر الصحفي الذي أعقب عرض فيلمه في المهرجان، فقد أخذ على عاتقه الامتناع عن التحدث للصحافة منذ الأزمة التي تعرض لها في مهرجان كان السينمائي قبل عامين، بسبب تصريحاته التي اعتبرت "إستفزاوية" خلال مؤتمر صحفي لمناقشة فيلمه السابق "ميلانكوليا" وفسرها كثيرون على أنها تبدي نوعا من التعاطف مع الزعيم النازي أدولف هتلر، الأمر الذي أدى إلى طرد فون ترايير من المهرجان. ولعل هذا هو ما دفعه للمجيء إلى برلين وهو يرتدي "تي – شيرت" كتبت عليه عبارة "شخص غير مرغوب فيه". لكن الطريف أن الألمان الذين تعتبر أي إشارة تعاطف إلى النازية ولو حتى على سبيل المزاح، سلوكا قد يؤدي بصاحبه إلى السجن بتهمة "الإساءة لذكرى ضحايا المحرقة"، هم الذين قبلوا عرض فيلم فون ترايير الجديد ووجهوا له الدعوة لحضور المهرجان، في حين أن موقف مهرجان "كان" من المخرج المثير للمتاعب، لايزال على ما كان عليه منذ اندلاع تلك "أزمة" المحرقة النازية!

الجزء الأول أو "المجلد الأول" Volume 1 الذي يقيم صانعه بناءه على شكل كتاب مقسم إلى خمسة فصول تحمل عناوين محددة، ينتقل من الحاضر إلى الماضي وبالعكس، يبدو من أول وهلة، عملا إِستفزازيا مقصودا، يحطم "التابوهات"، ويسبح في المناطق المحرمة، طارحا الكثير من التساؤلات حول معنى الجنس ومفهومه ومدى الحرية التي يمكن أن تمضي فيها المرأة في بحثها عن المتعة الجنسية من خلال علاقات متعددة، على نحو مشابه لما يفعله كثير من الرجال، ولكن دون أن تصل إليها قط.

بطلة الفيلم "جو" امرأة نراه في المشهد الأول من الفيلم وقد ألقي بها إلى قارعة الطريق بعد أن تعرضت للاعداء الجسدي العنيف، يعثر عليها رجل متقدم في السن، يأخذها إلى بيته حيث يقوم بتضميد جراحها، وتأخذ هي تقص عليه قصتها كـ"مهووسة جنسيا" حسبما تعتقد هي، فتروي له مغامراتها الجنسية مع الرجال منذ أن كانت صبية يافعة.

ومن خلال الحوار الممتد بين الإثنين، تحاول جو أن تفهم نفسها- دون أن تفهم أبدا بالطبع، فهي تطرح من التساؤلات الكثير مما لا تجد إجابات شافية عليه، كما أن الرجل يناقشها مستعينا بما في حصيلته الثقافية من مصادر تمتد من الماركيز دي صاد إلى إدجار آلان بو، ومن فرويد إلى فون ترايير نفسه!

المأساة والملهاة

وخلال استعادة "جو" لتجاربها الجنسية، نرى كيف تذهب إلى شاب بسيط الحال ، لكي يفض بكارتها، لكن هذا الشاب نفسه سرعان ما سترتبط به بعلاقة عاطفية وجنسية عميقة بعد أن يصبح مديرا لشركة تعمل فيها سكرتيرة، وكيف أنها بعد ذلك أخذت تتسلى وتتراهن مع صديقة لها، في الإيقاع بأكبر عدد ممكن من الرجال راكبي القطار، بما في ذلك رجل بدا أن من المستحيل إغواؤه، أخذ يحدثها عن علاقته بزوجته وكيف أنه اشترى لها هدية، وكيف أنه وزوجته يبذلان جهدا كبيرا معا منذ سنوات من أجل أن تحمل الزوجة، ويقول لها إنه يتطلع للوصول للمنزل في أسرع وقت لكي يمارس الجنس مع زوجته في هذه الليلة بالذات بعد أن أصبحت البويضة مستعدة للتلقيح..إلخ

"جو" تنتقل من رجل إلى رجل، بل إنها في مرحلة ما، تعد جدولا بالمواعيد فتقابل من 6 إلى 7 رجال في اليوم الواحد، وتحرص على أن تلتزم بالمدة المحددة لكل واحد قبل أن يطرق الرجل التالي باب مسكنها!

هل نحن أمام حالة ضياع شابة في مجتمع فاقد للروحانية والقيم العائلية؟ أم أننا أمام حالة من العقد النفسية المركبة التي ترتبت على طفولة تعيسة لم تجد حنان الأم ولا رعاية الأب، مما جعل الفتاة وقد تركت لنفسها، تقلب وتبحث في كتب الطب وغيرها، لعلها تصل إلى فهم ما للغز الطبيعة البشرية: العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة، الأورجازم، الارتواء، التحقق، البيولوجي والسيكولوجي، الإنسان وما يقابله في الحيوان..إلخ

لكن في الوقت نفسه، ليس من الممكن إعتبار فيلم "مهووسة جنسيا" فيلما إيروتيكيا  erotic بل هو أبعد ما يكون عن هذه الإيروتيكية، فبطلته التي تقوم بدورها وهي كبيرة الممثلة المفضلة عند لارس فون ترايير، شارلوت جينسبرج، وفي فترة الشباب تقوم بالدور الممثلة البريطانية الجيدة ستاسي مارتن، لا تتمتع بالقوام والشكل الخارجي المثير، بل تبدو مخالفة في مقاييسها الجسدية والجمالية لكل من عرفتهن السينما من ممثلات الإثارة الايروتيكية، بل إن جسدها يبدو أقرب إلى جسد صبي!

ورغم أننا نشاهد- في هذه النسخة - مشاهد الجنس من شتى الأوضاع والأنواع، إلا أن عنصر الإيروتيكية يغيب تماما، فهو جنس آلي تتم ممارسته بقصدية مبيتة، دون مشاعر ودون أن يكون مقصده المتعة الجسدية بل البحث الذهني المعذب عن مفهوم الجنس وليس عن الجنس في حد ذاته.

مقارنات

هذا البحث يجعل الفيلم يتطرق إلى الكثير من المقارنات بين الحيوانات والحشرات والإنسان، من خلال ما ورد في كتب العلوم والتشريح، وخصوصا أن الحوار الممتد بين "جو" ومضيفها المثقف المطلع، يبدو في الكثير من الأحيان، كما لو كان حوارا بين طبيب نفساني ومريضة، أو بين أب وابنته. لكننا أيضا نشاهد العلاقة بين الأب والابنة عندما تقوم "جو" بزيارته وهو على فراش الموت في المستشفى.. الرجل يتألم ألما شديدا بعد أن اشتدت حالته المرضية، لدرجة أنه يسقط من على فراشه ويفشل الفريق الطبي في السيطرة عليه، ويدور حوار بين الابنة والطبيب، وهي تحاول اقناعه بأن يعطيه المورفين لتسكين الألم.. وعندما تفشل في إقناعه نراها في مشهد ضبابي رمادي، تمارس الجنس مع أبيها.. ولا نعرف ما إذا كان هذا المشهد يدور في الحقيقة أم في الخيال، لكن ما يحدث أن آلام الأب تختفي على الفور بعد ذلك، ويوجه هو من طرف خفي، نظرات تعكس الفهم والعرفان لابنته، قبل أن يموت!

ومن هذا المشهد المأساوي يعود بنا الفيلم إلى الكوميديا التي تتفجر في العديد من المشاهد من خلال الحوار. وفي أحد المشاهد نرى رجلا يتردد على جو في شقتها يمارس معها الجنس، ثم يقرر أن يترك زوجته ويأتي للاقامة معها، فتأتي زوجته (تقوم بالدور أوما ثيرمان) وراءه ومعها أبناؤها الثلاثة منه، بحجة توديعه، لكن الحوار أو بالأحرى، المونولوج الطويل على لسان الزوجة يتصاعد ويصل إلى الكريشندو أو ذروة الهزل، وهي تندب حظها العاثر الذي جعل زوجها يتركها بعد 20 عاما من الزواج لكي يقيم مع هذه مدمنة جنس!

وعموما رأيت أن المشهد مبالغ فيه كثيرا وكاريكاتوري هزلي ويفقد تدريجيا الحس الكوميدي  ووجدت أن أداء أوما ثيرمان مبالغ فيه وواضح أنها تكرر عبارات بطريقة ميلودرامية متهدجة لا تقنع أحدا بل يشوب الاداء الافتعال.

ومن العيوب الواضحة في الفيلم اللجوء إلى ما يسمى بالعربية "لغو الكلام" وتكراره بدرجة مزعجة، فليس هناك معنى من تكرار الفتاة- جو- أن الرجل يشبه النمر، وأن نظرات النمر تحمل أحيانا ابتسامة ما تماما مثل الرجل، أو عندما تقول ان النظرة التي تراها احيانا في عيني الرجل تشبه نظرة القط الذي ينظر اليك طويلا محدقا في عينيك قبل أن يدلف من الباب.

مشاهد صادمة

هناك الكثير من المشاهد واللقطات الصادمة التي ليس من الممكن لأي جهاز رقابة في العالم قبول عرضها، ونظن أنها استبعدت في النسخة المختصرة من الفيلم.

ورغم الحرفية العالية التي يتمتع بها فون ترايير في تنفيذ المشاهد، إلأ أن هناك احساسا عاما بفقدانه السيطرة على ايقاع الفيلم، ويميل في البناء، لتكرار اللقطات، وخصوصا لقطات العضو الذكري عند الرجال، واللقطات القريبة للجنس الفمي (نشاهد لقطة لبلوغ مرحلة القذف) وذلك كله مقصود لتحقيق الصدمة من أجل الصدمة، جريا على عادة فون ترايير في الكثير من أفلامه وخصوصا فيلم "المسيخ الدجال" (2008) الذي شاهدنا فيه لقطة لقطع بظر امرأة بالمقص.

وما يمكن أن يخرج به المشاهد للفيلم من فكر أو فلسفة من تحت ذلك الركام الهائل من المشاهد الصادمة التي تفتقد للجمال، لن يبقى طويلا في الذاكرة، فهناك الكثير من الثرثرة الكلامية المتحذلقة التي تريد أن تقول لنا إن العالم ليس كما يبدو على السطح، وإنه آن الأوان أن تتحدث المرأة أيضا عن الجنس كما يناقش الرجال مشاكلهم مع الجنس صراحة في الأفلام،

ورغم جرأة الأداء إلا أنه أداء بارد بشكل عام، ربما يعكس تلك البرودة المقصودة التي تلخص الحالة التي بلغتها الثقافة الأوروبية في الوقت الحالي في تمردها على قيم الحداثة والعقلانية بحثا عما بعد الفلسفة.. وربما تعبيرا أيضا، عما يمكن أن نطلق عليه "عجز الفلسفة" عن تفسير علاقتنا بأنفسنا!

عين على السينما في

11.02.2014

 

مهرجان برلين:

"الشقيقتان" عودة إلى الميلودراما الرومانسية

أمير العمري- برلين 

يقوم فيلم "الشقيقتان المحبوبتان" The Beloved Sisters الذي عرض في مسابقة مهرجان برلين الـ64، على حقائق تاريخية مع إستطرادات إفتراضية خيالية تنركز حول شخصية فريدريك شيللر (1759- 1805) الشاعر والفيلسوف والمفكر الألماني الشهير، الذي عاصر غوته وصادقه وقاد معه حركة الأدب التي تعرف بحركة فايمار الكلاسيكية– نسبة إلى المدينة الألمانية الشهيرة التي كانت منبعا لحركة التنوير في الفلسفة الألمانية الحديثة في أوائل القرن التاسع عشر.

موضوع الفيلم

ورغم الوجود الواضح لشيللر في فيلم "الشقيقتان المحبوبتان" للمخرج الألماني دومنيك غراف، إلا أن الفيلم لا يدور تحديدا حول شخصية شيللر بقدر ما يتركز حول العلاقة بين شقيقتين هما شارلوت وكارولين ليندفيلد، وعلاقتهما الخاصة الغريبة بشيللر، التي تتحول من علاقة ثلاثية تتعهد خلالها الشقيقتان بالمشاركة في كل شيء والمصارحة حول كل ما يفعلانه في حياتهما، وخصوصا مع شيللر، إلى صراع وحقد وغيرة مدمرة.

الشقيقتان تنتميان إلى أسرة من الشريحة السفلى للأرستقراطية الألمانية في أواخر القرن الثامن عشر، وبعد وفاة والدهما، تعاني الأسرة شظف العيش فتضطر للتضحية بكارولين وتزويجها طبقا لما كان يعرف بـ"الزواج المرتبة" أي الزيجة التي تحدث بالاتفاق وليس نتيجة علاقة عاطفية بين الطرفين، برجل من أثرياء تلك الطبقة لضمان بقاء الأسرة واستمرارها في الحياة وعدم اضطرارها لـ"التسول" كما تردد والدة الفتاتين- حرفيا- مرات عدة خلال الفيلم.

تنظر شارلوت إلى كارولين على أنها صاحبة التضحية الأكبر في حياة الأسرة، وتشعر بأنها وأمها مدينتان لها، وعندما يقترب شيللر الشاب الفقير الحال، من شارلوت، تقع كارولين التي كانت قد أصبحت متزوجة بالفعل، في غرامه ويبادلها هو المشاعر الملتهبة، لكن شارلوت تحبه أيضا، وتسعى للزواج منه رغم معارضة والدتها التي ترى أنه مجرد شاب فقير لا مستقبل أمامه، لكن كارولين تنجح تدريجيا في اقناع والدتها بتزويج  شارلوت إلى شيللر – لكي تضمن الإثنتان وجوده بالقرب منهما معا، وتقوم بينهم علاقة شديدة الخصوصية والتعقيد، تتحول إلى علاقة خيانة منتظمة من جانب شيللر لزوجته مع شقيقتها بعلمها وموافقتها، وتمتنع شارلوت في الوقت نفسه، من اقامة علاقة زوجية كاملة مع زوجها لفترة- كما تعترف لشقيقتها في أحد المشاهد، فتغادر كارولين وتبتعد لعدة سنوات، تنجب خلالها شارلوت من شيللر أربعة أبناء.. لكن سرعان ما تستأنف كارولين علاقتها بشيللر مع تأزم العلاقة مع زوجها ثم طلاقها منه.

وتنفجر العلاقة بين الشقيقتين بعد أن تخفي كارولين عن شارلوت ما تفعله مع شيللر، وفي مواجهة حادة بينهما تقول لها إنها ترى أن شيللر من حقها هي، وإنها أوبلى به منها لأنه يحبها هي، ولم يحب غيرها، ولكن كارولين التي وقعت على ما يبدو، تحت تأثير شيللر الفكري والأدبي، أصبحت كاتبة تكتب فصولا تنشرها أولا على حلقات من رواية رومانسية بدون توقيع تثير شهية جمهور القراء الألمان المتعطشين لهذا النوع من الروايات الملتهبة التي كانت تمزج فيها الخيال بتجربتها الشخصية، ولكنها تظل أيضا تنتقل من رجل إلى آخر، في مقايضة واضحة، من أجل الحصول على ضمانات مالية تكفل لها مواصلة الحياة والانفاق على والدتها.

الطابع الأدبي

نحن أمام فيلم "أدبي" واضح، ليس فقط في موضوعه الذي يتحول عند نقطة ما، إلى تصوير تأثير شيللر على كارولين ليندفيلد التي تنشر بعد ذلك رواية باسمها الحقيقي وتتحول إلى كاتبة شهيرة من كتاب الحركة الكلاسيكية الرومانسية في فايمار، ولكن المقصود أن أسلوب مخرجه يصل في حرفيته وكلاسيكيته إلى حد تصوير صفحات من الكتب التي كان يكتبها شيللر، ومن الخطابات التي تكتبها شخصيات الفيلم الرئيسية الثلاث لبعضها البعض وهي لا تتوقف قط عبر الفيلم، وكتابة العناوين على الشاشة، التي تحدد أماكن وتواريخ وقوع الأحداث، كما يستخدم المخرج أسلوب رواية الأحداث، على لسان أكثر من شخصية، أي التعليق الصوتي من خارج الصورة، تُروى من خلاله الأحداث ويتم التعليق عليها، أحيانا، من خلال ذاكرة كاورلين نفسها أيضا.

وبناء الفيلم الذي يقع في نحو ثلاث ساعات، مليء بالتفاصيل والحوارات الطويلة المرهقة أحيانا، مع موسيقى مصاحبة تعمق البعد الكلاسيكي وتضفي رونقا خاصا على المشاهد التي تدور داخل القصور، مع حركة محسوبة للكاميرا مع تثبيتها في معظم المشاهد. ولاشك في دقة موجمال وبراعة اختيار الأماكن والديكورات والملابس والاكسسوارات التي تصل إلى حد التطابق مع تفاصيل تلك الفترة التي تنتهي بوفاة شيللر عام 1805 عن 45 عاما بعد فترة معاناة مع المرض، وهو ما نسمعه كمعلومة ترد إلينا عبر التعليق الصوتي المحايد الذي يروي الأحداث، ولعله أحد أصدقاء شيللر المقربين، وهو يظهر بشخصيته في الفيلم بل ويتزوج أيضا من كارولين رغم معرفته بعلاقتها بشيللر.

يتطرق الفيلم إلى العلاقة بين شيللر والشاعر الألماني الكبير غوته (وإن كان غوته لا يظهر في الفيلم) مع اشارات عديدة إلى الكثير من الشخصيات التاريخية في تلك الفترة، وتصوير لتطور الطباعة- تلك التقنية التي كانت مستحدثة وقتها - وكيف كانت بدائية عند ظهورها ثم تطورت وأصبحت طباعة الكتب تعالج بطرق أكثر تطورا في أوائل القرن التاسع عشر (لا ننسى أنه في تلك الفترة أيضا جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر بأول مطبعة حقيقية حديثة، قبل أن ينشيء محمد علي مطبعة بولاق في القاهرة عام 1820).

وهناك أيضا اشارات واضحة إلى التأثير الفكري للثورة الفرنسية على أفكار الكتاب والفلاسفة الألمان من مدرسة فايمار، ولاشك أن الأفكار التي تتعلق بحرية المرأة في الاختيار التي تتردد كثيرا في الفيلم، اختيار زوجها، أو بمعنى أدق، الزواج من الرجل الذي تحب والتمرد على تلك الزيجات المرتبة (شارلوت ترفض إلا أن تتزوج من شيللر كما تشعر كارولين بأنها ضحت كثيرا بقبولها الزواج من رجل لا تحبع من أجل ضمان مستقبل الأسرة..إلخ) هي من تأثير الأفكار المتحررة التي كانت قد بدأت تظهر ويعبر عنها في الأدب الرومانسي الكلاسيكي.

مشاكل الفيلم

يعاني الفيلم من الإيقاع البطيء والمشاهد التي تمتليء بالمبالغات بما يجعله أقرب إلى الأفلام الميلودرامية التليفزيونية التي تصور حياة المشاهير، وخصوصا أنه يبدو وقد صنع خصيصا للعرض على الشاشة الصغيرة، وتقول المعلومات المنشورة عن الفيلم إن هناك نسخة مختصرة في نحو ساعتين ستعرض في دور السينما بينما ستعرض النسخة الطويلة (في 180 دقيقة) على حلقتين في التليفزيون.

يعيب الفيلم أيضا ضعف أداء الممثل فلوريان ستيتر الذي يقوم بدور شيللر وتلاشي شخصيته أمام شخصية الممثلة هانا هيرسبرنج التي تعبر ببراعة عن المعاناة الداخلية التي تمر بها كارولين في حياتها، كما تجتذب الممثلة هنرييت كونفوريوس، ألأنظار برقتها وجمالها الخاص الحزين، وشخصيتها الوديعة في دور شارلوت، قبل أن تثور وتتحول إلى "نمرة" شرسة تدافع عن زواجها وأبنائها وتنهي ذلك الحلف الغريب الذي أقامته مع شقيقتها لتقاسم شيللر!

المؤكد أن هذا الفيلم الذي يتخذ طريقا كلاسيكيا في البناء، رومانسيا في التعبير بتسق مع موضوعه ومع طابع الفترة التاريخية التي يتناولها، مع نبرة ميلودرامية ترتفع وتنخفض حسب تطور الأحداث والكشف عن المشاعر، سيلقى اهتماما كبيرا من جانب الجمهور الألماني المثقف، فهو سيعيد مجددا طرح التساؤلات التي لم تلق إجابات قاطعة حتى اليوم، وهي تتعلق بالحياة الخاصة لفريدريك شيللر وراء السطح المستقر لحياته الزوجية، ومدى تأثيره المباشر على كتابات كارولين ليندفيلد ونجاحها، وهل كان نجاجها مطلقا من غيرتها الأدبية من شيللر ورغبتها في منافسته، أم من التعاون الوثيق بينهما التي تجاوزت أيضا علاقة مصاهرة ونسب إلى علاقة عاطفية حسية كاملة حتى النهاية!

عين على السينما في

11.02.2014

 

ألمانيا كلها تتحدث برلينيًا ..

مهرجان برلين.. كاشف عظيم لسينما مغايرة ومحيرة

رسالة مهرجان برلين ــ خالد محمود  

برلين كلها تتحدث «برينيًا» أى لغة مهرجان برلين السينمائى الدولى، هذا الحدث السينمائى الكبير، ففى كل شوارع العاصمة الألمانية، لافتات المهرجان فى كل مكان، فى ميدان بوتسدامر، حيث مقر المهرجان الرئيسى آلاف الجماهير تصطف يوميا على الأجناب لتشاهد نجوم المهرجان فى مشهد حضارى وترحب بهم فى مشهد عظيم، وتساءلت: هل من الممكن أن نشاهد هذا المنظر يوما ما فى مهرجان القاهرة.. بالقطع أحلم، ولِمَ لا فأنا فى مكان الأحلام. فى قاعة عرض بوتسدام أهرول يوميا مع نحو ٤ آلاف صحفى وناقد لمشاهدة روائع المهرجان السينمائية التى تجسد أهم التيارات والموجات فى العالم.

يأتى مهرجان برلين السينمائى الدولى هذا العام فى دورته الـ٦٤ بمثابة الكاشف العظيم لسينما مغايرة ومحيرة ومدهشة ربما تحدث انقلابا فنيا فى الفن السابع، فإدارة المهرجان الأقدم فى العالم تسعى وراء مخرجين يملكون أفكارا جديدة، وقصصا تغوض فى عمق المشاعر، ومناهج تفوق الخيال فى لغة السرد السينمائى والصورة، فضلا على الأداء التمثيلى الذى تجلى فى العديد من الأفلام، وهو ربما يضع لجنة التحكيم برئاسة المؤلف والمنتج الأمريكى جيمس شاموس فى حيرة.

شاهدت خلال بداية جولتى مع المهرجان مجموعة من الأفلام التى عرضت فى المسابقة الرسمية، وهى الأبرز وكانت البداية مع فيلم «رجلان فى مدينة»، وهو الفيلم الذى يمثل العرب فى المسابقة الروائية الطويلة للمخرج الجزائرى رشيد بوشارب، وكان لدىّ فضول الكشف فى تفاصيل هذه المغامرة الفنية، حيث يقدم المخرج فيلما قد سبق وتم تقديمه فى السينما الفرنسية عام ١٩٧٣ للنجم آلان ديلون بعنوان رجلان فى المدينة، فما الذى قدمه بوشارب فى نسخة القصة نفسها فى ٢٠١٤، التحدى الآخر أن هذا الفيلم هو أول تجربة لمخرجه بمعايير هوليوودية بعد أن اختار فوريست ويتكر لبطولة فيلمه، وثالثا كيف سيتعرض المخرج للإسلام بعد أن تحول بطله لشخصية مسلمة، والواقع أن التجربة غلب فيها اليأس على الأمل فبطلنا الذى تم سجنه لمدة ١٨عاما، وخرج بعدها ليبحث عمل شريف، وهو يحاول أن يتقرب إلى الله، يصلى ويقرأ القرآن، ولكن مازال شريف المدينة بيل اجاتى، والذى يجسده هارفى كيتل يطارده، وبداخله يقين أن الإجرام يسكن بداخله، ولابد أن يعود إلى السجن ليقضى فيه بقية حياته، لكننا نجد شرطية تحاول أن تساعده على حياة جديدة، ولكن بين مطاردات الشريف المتمسك بكره ان وليام ميؤس من حاله وماضيه القديم، يبدأ الصراع حيث يجبر البطل إلى أن يضل طريقه من جديد ويعود للإجرام بعد أن فشلت محاولاته فى أن يولد مرة أخرى، لينتهى العمل بمشهد قتله لأحد أفراد عصابته القديمة التى سعت لعودته إليها، وهو نموذج لمشهد البداية الذى بدأ بقتله لشخص أيضا.

كان أهم ما يميز التجربة هو الأداء الرائع لفوريست ويتكر هذا النجم الأسود الذى يرفع اسهمه بأدائه الراقى واختياراته لأعماله وجرأته بتقديمه هذا الفيلم مع مخرج جزائرى، وقد بدأ هذا الأداء فى أكثر من مشهد صعب، كان كل جسده يرتعد عندما كان يلجأ إلى الله ليجعله يتغلب على واقعه، وقد وصف ويتكر الفيلم خلال المؤتمر الصحفى بالمغامرة، وقال: إن تقديم فيلم مأخوذ عن فيلم آخر يعد مغامرة كبيرة لأى ممثل، ولكن حماسى للقصة وشكل التغيرات التى سعينا إليها كانت سببا لإعادة تقديم القصة فى هذا الفيلم، وأضاف ويتكر: لقد قررت أن أبرز الناحية الإنسانية فى الشخصية لأنها تحاول أن تعيش حياة جديدة رغم التحديات المجتمعية والصعوبات، التى كانت تواجهه، خلال تلك المرحلة.

بينما أكد بوشارب أنه قد أضاف الديانة الإسلامية لبطله، وهذا غير موجود بالفيلم الأصلى كنوع من التغيير، ولقدومه من أسرة ومجتمع إسلامى، قال بوشارب إنه كان سعيدا بالعمل مع ويتكر، وأنه محظوظ لأنه نجح فى أن يعلمه الصلاة والقرآن، وتمنى أن تكون بينهما تجارب فى الفترة المقبلة.

الواقع أن بوشارب أراد من خلاله أن يتقاسم نجومه ثقافته، وتاريخه ورغبته فى توضيح بعض الأمور وتغيير نظرة الآخر لعديد القضايا، التى تتضمن الكثير من المغالطات الواجب تصحيحها خاصة علاقة العرب بالغرب، وبشكل أدق ما تعلق بالإسلام والهجرة يقول بوشارب: «مهم جدا أن نقدم رؤيتنا للأمور لتكون هناك صورة غير التى يصدرها الغير عنا»، ولهذا اختار تناول قضية الإسلاموفوبيا.

تم تصوير أحداث الفيلم فى البداية بالسجن لتنتقل بعدها كاميرا المخرج إلى الحدود المكسيكية لرصد تطورات القصة.

الفيلم الذى يحمل جنسيات فرنسى جزائرى أمريكى، وشارك فى بطولته بريندا بليتن ودولاريس هيردا يعد تجربة مهمة لمخرجه سواء على مستوى الصورة أو لغة السرد، وإن كانت حبكة السيناريو التى شارك فى الأخضر ياسمينا أبسط من عمق القضية المطروحة، حيث لم نر شرحا أعمق لتاريخ شخصيته، حتى وإن كان بوشارب فى معظم أعماله، ومنها «الخارجون عن القانون»، يسعى دوما لرصد التحولات الاجتماعية، وهو يشتبك مع الثقافة الغربية.

وكان حفل افتتاح المهرجان قد جسد كل عناصر الإبهار، بداية من فيلم الافتتاح الأمريكى البريطانى الرائع «فندق بودابست الكبير» للمخرج ويسلى أندرسون وبطولة رالف فينيس وماتيو امالريك وابراهام موراى ووليم دافو ولانريان برودى والذى حظى باهتمام كبير رغم أن غياب أحد أبطاله الممثل الأمريكى فيليب سيمور، الذى عثر عليه ميتا الأسبوع الماضى بسبب جرعة مخدرات زائدة، قد ألقت بظلالها على الافتتاح الذى حضره حشد من النجوم.. وكان من المقرر أن يحضر هوفمان افتتاح مهرجان برلين.

وقال رئيس لجنة التحكيم إن «روح الممثل الراحل ترفرف داخل المهرجان، كان النبأ مروعا لنا جميعا».

الفيلم لا يدور فى بودابست عاصمة المجر، ولكن فى دولة متخيلة تدعى جمهورية زوبروكا، وقد صور فى برلين وفى بلدة على الحدود بين بولندا وألمانيا، وهو فيلم كوميدى يدور حول ما ينشأ من مفارقات بسبب علاقة الصداقة التى تربط بيم خادم فى الفندق الفخم الكبير، وبين موظف من موظفى الفندق وما يكتنفها من ألغاز وأسرار بجريمة قتل تقع فى الفندق ولوحة فنية يخفيها البطل عن عيون رجال الشرطة ومطاردات وقصة حب لا تكتمل.

وعرض الفيلم فى افتتاح المهرجان الكبير هو العرض العالمى الأول، ومن المقرر أن يعرض الفيلم عروضا عامة فى 14 مارس المقبل.

كلونى مع رجال الآثار فى مهرجان برلين

شهد مهرجان برلين السينمائى، أمس الأول، العرض الأول خارج الولايات المتحدة لفيلم جورج كلونى «رجال الآثار»، الذى تدور أحداثه حول فريق من الخبراء يكلف بمهمة فى أوروبا قرب نهاية الحرب العالمية الثانية لإنقاذ روائع فنية سقطت فى يد النازيين، وفقا لرويترز.

وسيكون للفيلم الذى يخرجه كلونى أيضا ويشاركه فى بطولته مات ديمون وبيل موراى، صداه الخاص فى ألمانيا التى شهدت العام الماضى العثور على أكثر من 1400 عمل فنى فى شقة شخص مسن منعزل. وساد اعتقاد بأن النازيين نهبوا أغلب هذه الأعمال.

وكان عرض الفيلم أحد أبرز الأحداث المنتظرة فى المهرجان الذى يتنافس فيه 20 فيلما، من بينها أربعة ألمانية على جائزة الدب الذهبى.

وشهد المهرجان فى وقت سابق، يوم السبت، المؤتمر الصحفى للعرض الأول لفيلم «بيلفد سيسترز» للمخرج دومينيك جراف، الذى تدور أحداثه فى القرن الثامن عشر حول دائرة من الحب تضم الشاعر الألمانى فريدريك شيلر. وقال كلونى، فى مؤتمر صحفى حضره عدد كبير من الصحفيين: إن الفيلم امتزج بالواقع فى ألمانيا، فى إشارة إلى العثور على عدد ضخم من الأعمال الفنية فى شقة فى ميونيخ العام الماضى.

وأضاف، «هذه قصة ستظل بارزة، لأنه لا يزال يوجد عدد ضخم من الأعمال الفنية المفقودة سيتم اكتشافها.. إنه مجرد كشف واحد».

الشروق المصرية في

11.02.2014

 

المهرجان الذى أعاد ألمانيا إلى الوجود

"برلين" تجربة تستحق نظرة من الرئيس

كتب - أمجد مصطفي

«برلين السينمائي» هو واحد من أعرق المهرجانات العالمية وربما يكون أفضلها من حيث التكوين ونظام العمل والمصداقية في الاختيار، وبالتالى تذهب الجوائز لمن يستحقها. لكن بعيداً عن أهمية هذا المهرجان الذي اكتسبها عبر دوراته الـ64 التي وصل إليها هذه الأيام، حيث تنتهي فعالياته في 13 فبراير الجارى.

هذا المهرجان ولدت فكرته بعد انهيار دولة ألمانيا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، حيث أتت الحرب علي الأخضر واليابس في هذه الدولة ومعها فرنسا، حيث خرجتا من الحرب في حالة انهيار تام في كل المرافق الحيوية في الدولتين، حيث أصبح الخراب ينتشر في كل ربوع ألمانيا.
وهنا بدأ التفكير في كيفية إعادة البناء، والعودة سريعاً نحو المستقبل وكان بين الأفكار التي ولدت في أذهان الألمان في ذلك الوقت ضرورة إقامة مهرجان للسينما يحمل اسم برلين، ما يجعل اسم ألمانيا يتردد في الأوساط العالمية الثقافية والفنية إيذاناً بعودة الدولة إلى أحضان العالم، بعد أن جعل منها هتلر دولة منبوذة لا صديق لها، كما كان من بين أهداف إقامة هذا المهرجان هو إعادة السياحة الفنية لهذا البلد لضمان عودة الاستقرار بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، فالحرب انتهت عام 1945، وبدأ المهرجان عام 1951 أي بعد 6 سنوات فقط من حرب جعلت من ألمانيا دولة منهارة تماماً. وأشد المتفائلين لم يكن يتوقع أن تنهض سريعاً، وتفكر في حلول منها الحل الفنى وهو مهرجان برلين. وهو يعكس أي تقدم أو نهضة حقيقية لا تحدث إلا عندما تقتنع الأنظمة الحاكمة بأهمية الفن، والفنان، وأبسط وسيلة لكي تصل بها إلي العالم هو الاهتمام بالفنون، لأسباب كثيرة أن الإعلام بصفة عامة يهتم بالنجوم، ويسلط كاميراته نحوهم في أي بقعة في العالم، وبالتالى تصل الرسالة بأن هذه الدولة تعيش قدراً من الأمان أو أن معيار التقدم فيها وصل إلي مرحلة كبيرة من الإبهار كما يحدث في مهرجانات دبي وأبو ظبي، فالأساس هو رسالة للعالم بمدى التقدم الذي وصلت له تلك الإمارتان، وقدرتهما علي استقطاب نجوم من كل أنحاء العالم، وكذلك القدرة علي وجود أفلام عالمية لم تعرض من قبل في أي مهرجان عالمى، تلك هي الأهداف التي تصنعها أي دولة في العالم من أجل إقامة المهرجان. وبالتالى أهمية الفنون أمر يعكس قوة الدولة في شتى مناحي الحياة، الأمن والاستقرار، والاقتصاد، والسياحة، لذلك عندما اختار الألمان السينما لكي يقولوا للعالم إليكم عدنا فهذا يعني امتلاكهم بُعد النظر وإيمانهم بالفنون، وبالفعل استطاعت ألمانيا أن تنهض سريعاً.
في مصر مررنا بظروف أقل وطأة مما حدث في ألمانيا وكان الشيء الأسهل بالنسبة لنا هو إلغاء المهرجانات وآخرها مهرجان القاهرة السينمائى الدولي الماضي دورة 2013.

حيث كان أول قرار للرئيس الجديد سمير فريد هو الإلغاء، رغم أن المهرجان كان من الممكن أن يقام حتي لو اقتصر على النجوم المصريين والعرب، لأن أهمية إقامة المهرجان تفوق بكثير أي حملات دعائية تقدر بملايين الجنيهات.

كما أن وجود حفل لمطرب بحجم محمد منير يساوي مئات البرامج الفضائية التي تؤكد أن الدولة في أمان، لأن الكلام في أحيان كثيرة لا يصدق علي مستوي العالم، لكن عندما تنقل إحدى الكاميرات افتتاح مهرجان أو حفلاً لأحد المطربين يساوي الكثير، وأقرب إلي التصديق من أي أمر آخر، لذلك كان علي الدولة المصرية ممثلة في وزارة الثقافة أن تصمم علي إقامة مهرجان بحجم القاهرة السينمائى أو غيره.

أهمية الفنون أيضاً ليست في إقامة المهرجانات فقط، لكن تهيئة الأجواء لكي تستمر صناعات السينما والموسيقي والدراما، علي اعتبار أنها الأكثر استعداداً للتصدير.

صحيح الدراما مازالت نشيطة، ومتوسط الأعمال التي تنتج سنوياً 50 عملاً، لكننا نستطيع تقديم ما هو أكثر ليتضاعف هذا الرقم، لكي نقضي علي الدراما التركية التي تحتل الشاشات العربية.
أما السينما فهي تعاني معاناة شديدة جداً، لأن متوسط حجم الإنتاج المصرى وصل إلي 20 فيلماً في العام، وهو رقم يوازي 18٪ تقريباً مما كان ينتج في فترة السبعينيات والثمانينيات، والرقم يعكس انهياراً تاماً في تلك الصناعة. أما الموسيقي فقد وصلت لنفس الخطورة لأن عدد الألبومات الذي ينتج سنوياً يوازي 5٪ مما كان ينتج في الثمانينيات والتسعينيات، وهو ما يعكس الأضرار التي لحقت بتلك الصناعات نتيجة تخاذل الحكومة في محاربة القرصنة، وعدم إصدار القوانين التى تدعم الشركات في مواجهة تلك المشاكل.

الدولة الآن عليها أن تؤمن بأهمية الفن، وأي مرشح رئاسى قادم لابد أن يكون من بين برامجه جزء خاص بالفن، فهذه الصناعة خلال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات كانت أحد روافد الدخل القومي المصرى.

الآن علينا أن نعيد تجربتنا، وكل تجارب الدول التي نجحت في استغلال الفن حتي لو كانت دولاً بدأت بعد مصر في الاهتمام بالفنون مثل معظم دول الخليج الآن.

الوفد المصرية في

11.02.2014

 

الدورة 64 لمهرجان برلين السينمائي

أفلام القراءات التاريخية ينقصها العمق و"فندق بودابست الكبير" كبير

برلين: قيس قاسم  

تشي القراءة الأولية في مسابقة أفلام الدورة ال64  لمهرجان برلين السينمائي بغياب الأسماء الكبيرة عنها، في العموم، ما يطرح أسئلة حول قدرة المهرجان على استقطاب المخرجين الكبار، سيما وهو المتنافس من حيث الأهمية مع مهرجان "كان" الذي يتسابق الكبار عليه قبل غيرهم، هذا في جانبه الإبهاري التجاري الذي لا يوليه برلين كثيراً من اهتمامه بسبب طبيعته كمهرجان شعبي موجه الى الناس، عكس كان النخبوي، الى جانب ما تعطيه اكتشافاته من تميز اضافي يكمن في بروز أفلام مهمة لمخرجين غير معروفين كثيراً لكنهم يقدمون منجزاً سينمائياً غاية في الأهمية كما لاحظنا في العام الفائت حيث أزدحمت بأفلام أصحابها أغلبيتهم من أوربا الشرقية، وربما سيتكرر هذا الشيء في الدورة الحالية، وقد تظهر أفلام لأسماء غير معروفة، وهذا كله سيبقى طبعاً في موضع التخمين على الأقل في الأيام الأولى منه، التي شهدت فيلم افتتاح مهم جداً للمخرج ويس أندرسون، صاحب الأسلوب السينمائي الخاص وعنوانه "فندق بودابست الكبير"، وفيه يعالج صاحب فيلم "مملكة بزوغ القمر" موضوعاً يتعلق بالأبداع الكتابي.

والسؤال الملحاح حول الكيفية التي يكتب بها المؤلف حكايته؟ اجابة أندرسون على السؤال كانت سينمائية مكثفة صيغت باسلوب مرح، ارتكن على خيال مفتوح يسمح بإستخدام وسائل تعبير بصرية متعددة، تقربه من حكايا الأطفال ويتضمن أفكاراً غاية في العمق تتعلق بالموهبة والموقف من القضايا الإجتماعية والسياسية حين صنع لنفسه عالماً خيالياً غير محدد الجغرافية مع ان اسم الفندق يجره الى موضع ثابت فخيال مؤلفه يعمل بالضد فينقله من حيز الى الى آخر ومن طبيعة سردية الى ثانية مختلفة وكأننا أزاء حكايا ما قبل النوم، أو أمام عمل سينمائي قال أشياء كثيرة بروح مرحة فكك خلالها الزمن وأدخلنا في عالم منفلت الحدود يقبل أضافة حكايات لا حصر لها على الحكاية الأولى في محاولة فلسفية لتفسير معنى الكتابة وكيف يصوغ الكاتب روايته ويروضها وفق ما يريد ومتى شاء. على مستوى ثانٍ تدخل الأفلام ألمانية المسابقة بقوة، مع أن أثنين منها، عرضا في اليومين الأول والثاني،  لم يكونا في مستوى ما كان منتظراً من مشاركتها وهما: "جاك" لأدوارد بيرغر الذي تناول موضوعاً اجتماعياً حساساً يتعلق بالطفولة والأمهات الوحيدات وغياب الأب عن العائلة، بطله طفلان قدما منجزاً تمثيلياً هائلاً، وهما من حملا على أكتافهم الفيلم. أما الثاني فعن الشاعر الكبير شيللر وعلاقاته مع كبار أدباء المانيا خلال القرن التاسع عشر. مشكلة فيلم دومنيك غراف "حبيب لأختين" أنه طويل أكثر مما ينبغي لفيلم سيرة. أغرق في التفاصيل وأتعب صوت المعلق على الأحداث التاريخية مشاهده، مع أن فيه من البحث البصري الكثير والجهد في الاحاطة بعالم واحد من أكبر شعراء ألمانيا، وعلاقته العاطفية التي أنعكست خلالها مرحلة مهمة من مراحل تاريخ الإبداع الألماني، وحركاته التحررية على مستوى الفلسفي والأدبي، على عكس ما جاء في فيلم "رجال الآثار" الأمريكي خارج المسابقة، الذي دخل مرحلة الحرب العالمية الثانية عبر تجربة حقيقية، كتبها المؤرخ روبرت اتسيل لكنها صيغت سينمائياً بخفة شديدة لم يفلح معها وجود جورج كلوني على رئس فريق عمل ضم أسماء ممثلين أمريكان كبار، بل برهنت التجربة ان المعالجة السينمائية الجادة هي من يحسم الأمر، لا الأسماء الكبيرة ولا صحة الحكاية نفسها كما رأينا في عمل كلوني حين صار مخرجاً، وأراد تسجيل منجزاً أمريكياً تاريخياً بطريقته الأمريكية أيضاً، فظهر الأمريكان كالعادة المنقذين الملائكة، متجاهلاً أدوار شعوب لعبت دوراً حاسماً في دحر النازية وأن اراد كلوني أن يحدد مساحة فيلمه بالمجموعة المختصة بالأعمال التشكيلية والنحتية التي أوكلت اليها مهمة انقاذ التراث الانساني الابداعي من الحرق والدمار التي أراد أن ينهي هتلر بها خاتمة حياته وحلمه الجنوني، لكنها ومع كل التبسيط الذي جاء في الفيلم، وعلى عكس الأسلوب السردي الهوليوودي المشوق في أغلب الأعمال التجارية، خلا من عنصر الاقناع  فجاء هزيلاً مسطحاً، لدرجة لا تعطي للمهرجان فرصة لتبرير اشراكه في عروض الدورة مع فهم المعنيين بالحقل السينمائي الى الحاجة لوجود أسماء لامعة تلمع واجهات المهرجانات الكبيرة وتسلط الضوء قوياً على نجوم يريد الناس الاقتراب منها خلال أيام المهرجان.

في درجة مقاربة تبدو حكاية الرجل المسلم، في فيلم رشيد بوشارب "رجلان في المدينة" غير مشبعة درامياً، وكأنها الصقت عنوة برجل أسود دخل السجن لأسباب جرمية ولم يتعرض الى ضغط الشرطة حين خرج من السجن لكونه مسلماً بل لموقف اجتماعي مسبق من كل الذين يدخلون السجن ولا يسمح لهم  بالتكيف مع العالم الخارجي ثانية، ولا تسمح أجهزة الشرطة لدورها غير التربوي بقبوله كشخص أخطأ ودفع ثمن خطأه، بل تعامله كمجرم منبذوب عليه العودة الى السجن ثانية. الغريب أن بوشارب لم يعمق شخصيته وفق ما تتعرض له من ضغط بسبب الموقف من الاسلام، كما يجري اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية وبخاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر، بل ترك الأمر مفتوحاً على افتراض مسبق بأن المشاهد سيعطيه من عنده ما يحتاج أن يعطيه البطل من مواقف وأفكار، حين يجسد دور شخصية ما على الشاشة أمام المشاهد. في النهاية وبغض النظر عن أهمية الموضوع المختار تناوله فأن ما مجسد أمامنا على الشاشة جاء مفككاً، وغير مقنع، لدرجة تساءل النقاد بعد خروجهم من صالات العرض عما أراد الفيلم قوله، وهل كان إلزاماً على صانعه أن يلصق صفة المسلم ببطله مادامه لم يبرر سينمائياً فكرته في الأساس?.

الجزيرة الوثائقية في

10.02.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)