كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

ألعاب صغيرة فى مهرجان كبير

ومخرجان من فلسطين فى المسابقة

بقلم   سمير فريد 

مهرجان برلين السينمائي الدولي الرابع والستون

   
 
 
 
 

لارس فون ترير، فنان سينمائى كبير من الدنمارك، وله عالمه الفنى الخاص الذى يتضمن العديد من روائع السينما المعاصرة، وقد فاز بالسعفة الذهبية فى مهرجان كان، حيث عرضت أفلامه فى مسابقات المهرجان، كما أنه مؤسس لحركة سينمائية كاملة تعرف باسم «الدوجما» تجاوز تأثيرها حدود الدنمارك، بل وكل أوروبا إلى بلاد مختلفة فى العالم، ولكن هذا الفنان، ومنذ عام ٢٠١١، أصبح بتصريحاته وتصرفاته الاستفزازية يثير اللغط أكثر مما تثيره أفلامه.

كانت البداية تصريحاته فى المؤتمر الصحفى الذى عقد فى مهرجان كان ٢٠١١ بعد عرض فيلمه «مناخوليا» عندما ألمح ومن دون مناسبة إلى هتلر والنازية بكلمات يمكن تأويلها بالسلب أو الإيجاب، وبالطبع انفجرت كلماته كالقنبلة، وكان يعرف ذلك مقدماً، واضطرت إدارة المهرجان إلى إعلان أنه «شخص غير مرغوب فيه». وبعد أن انتهى فون ترير من فيلمه الجديد «الشبق: الجزء الأول» أصبح السؤال: هل سيعرض فى مهرجان كان أم لن يعرض؟ والفيلم كما هو واضح من عنوانه عن الجنس، والصور التى نشرت منه لا تصلح للنشر فى مصر وبلاد أخرى عديدة.

واستمراراً للضجة المفتعلة أعلن عن عرض الفيلم فى مهرجان صاندانس (١٦- ٢٦ يناير)، ولكن فى عرض سرى إلى درجة أن أحداً من النقاد لم يكتب عنه، فلا تدرى من شاهده، بل وهل عرض بالفعل أم لم يعرض. ثم أعلن أنه سيعرض فى البرنامج الرسمى فى مهرجان برلين خارج المسابقة، وعرض بالفعل يوم الأحد الماضى، ولكن ما حدث يوم الأحد، ولفت الأنظار أكثر من الفيلم، تصرفات المخرج، وشيا لابوف، أحد ممثلى الفيلم!

فى برلين وأغلب المهرجانات منذ سنوات، هناك ما يعرف باسم «الفوتو كول» قبل المؤتمر الصحفى أو بعده، أى التصوير الفوتوغرافى للعاملين فى الفيلم الذين يحضرون المهرجان. وقد ظهر لارس فون ترير فى «الفوتو كول»، ولكنه لم يحضر المؤتمر!!، والأغرب أنه فتح صدره، فإذا به يرتدى تى شيرت أسود مطبوعا عليه السعفة الذهبية لمهرجان كان، وتحتها «شخص غير مرغوب فيه»، وتحتها «البرنامج الرسمى».

ولا نهاية لغرائب فون ترير، ورداً على سؤال إلى منتجة الفيلم هل سيعرض الجزء الثانى من «الشبق» فى مهرجان كان، لم تنكر. ولم تقل تصرفات شيا لابوف غرابة عن تصرفات مخرج فيلمه، فقد دخل قصر المهرجان وعلى رأسه «كيس» ورقى يغطى وجهه، ومكتوب عليه «لم أعد مشهوراً من الآن». وعندما حضر المؤتمر انصرف فجأة بعد عشر دقائق من دون سبب واضح. وهكذا كان يوم الأحد يوم الألعاب الصغيرة فى مهرجان كبير.

غرباء

وفى مسابقة الأفلام القصيرة عرض الفيلم البريطانى «غرباء»، إخراج الفلسطينى مهدى فليفل، وهو سادس فيلم قصير منذ ٢٠٠٣ للمخرج الذى ولد فى دبى عام ١٩٧٩، ونشأ فى مخيم عين الحلوة فى لبنان، وهاجر إلى الدنمارك، ودرس فى لندن، حيث تخرج فى مدرسة الفيلم الوطنية عام ٢٠٠٩. وقد عرف فليفل بفيلمه الطويل الأول «عالم ليس لنا» عن مخيم عين الحلوة.

وفى الفيلم الجديد التسجيلى مثل كل أفلامه، يعبر فليفل عن حياة الشباب العرب المهاجرين فى أثينا، حيث يعانون من البطالة، وينتشرون فى شوارع قاع المدينة بين العاهرات والمدمنين، وليس عليهم سوى الاختيار بين الإجرام أو بيع أجسادهم. إنه فيلم جرىء، ولكنه مبسط: حوار تليفونى على شريط الصوت ولقطات سهلة من دون إبداع.

اضحك تضحك لك الدنيا

وفى مسابقة الأفلام القصيرة أيضاً عرض «اضحك تضحك لك الدنيا»، باسم إسرائيل وفلسطين، من مشروع «بتسليم» الذى بدأ عام ٢٠٠٧، وينظمه مركز حقوق الإنسان الذى تأسس فى الضفة الغربية عام ١٩٨٩. ويقوم هذا المشروع على منح عائلات فلسطينية كاميرات لتصوير حياتهم وما يحدث لهم وعلاقتهم مع قوات الاحتلال الإسرائيلى.

القانون الإسرائيلى يسمح لجنود الجيش بدخول بيوت أى عائلة فلسطينية فى أى وقت ومن دون إيضاح السبب. والفيلم يصور فى ٢١ دقيقة مجموعة من الجنود يدخلون بيت عائلة الحداد فى الخليل ليلاً ويفتشون البيت. وقد اشترك فى إخراجه الفلسطينى إيهاب طرابيك والإسرائيلى يواف جروس، وعنوانه يسخر بوضوح من الموقف، حيث يبدو الجميع (الجلاد والضحية) وكأنهم فى تمثيلية، ولكنهم لا يعرفون النهاية.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

12.02.2014

 

جمهور برلين يصفق لـ«أم أميرة»..

والمخرج يؤكد أن السينما لا يجب أن تركز علي الشخصيات الخارقة فقط

كتب: أحمد الجزار 

استقبل جمهور مهرجان برلين السينمائي فيلم «أم أميرة» للمخرج ناجي إسماعيل، والذي يعد الفيلم الوحيد الذي يمثل مصر في مسابقة الأفلام القصيرة بحماس شديد وتصفيق حار بعد أن انتهي العرض، حيث يقدم الفيلم حالة مختلفة لشخصية مصرية فقيرة تعيش بيننا شهرتها «سيدة البطاطس»، وتقف علي بعد أمتار من ميدان التحرير تبيع البطاطس لزبائنها، لم يعرف النوم طريق لها فهي تكافح ليلا نهارا لتوفر قوت أسرتها.

وقد نجح المخرج أن يتعايش مع هذه السيدة ليسرد لنا حكايتها، وأكد خلال المناقشة التي أجريت معه بعد عرض الفيلم أن هذه السيدة في الأصل جارته، ووجد أن حياتها تستحق أن تتحول إلى فيلم، مشيرا إلى أنه لا يجب أن نركز فقط علي الشخصيات الخارقة حتي نقدم عنها الأفلام، لأن هناك بيننا آلاف الشخصيات التي تستحق أن تظهر أيضا علي الشاشة.

وقال ناجي أن إيقاع الفيلم مرتبط بإيقاع الحياة الخاص بالشخصية التي يستعرضها، وهذا ماحاولت أن أركز عليه خلال الاحداث حتي ان موضوع الفيلم نفسه تركته لأم أميرة نفسها لأنني لا أريد أن أفرض علي الشخصية اي موضوع ولكن افضل ان اختار الشخصية ثم اجلها تتحدث فيما تريد.

وأضاف ناجي أن الفيلم قد توقف بسبب وفاة ابنة السيدة المريضة ووقتها كنت قد قررت الاكتفاء بما صورته واعادة مونتاج هذه المشاهد حتي لا ازيد من حزن السيدة، لكنها اصرت علي ان تستكمل التصوير لرغبتها في ان يكون هذا الفيلم اخر شيء يجمع بينها وبين ابنتها والتي تظهر في العديد من المشاهد.

وقد حضر الندوة أيضا منتج الفيلم شادي إسحاق ومن المقرر أن يتم عرض الفيلم أربع مرات خلال فترة المهرجان .

المصري اليوم في

12.02.2014

 

«رجلان في المدينة» ينافس على جوائز «برلين» السينمائي

(برلين- كونا، أ ف ب) 

أكد المخرج رشيد بوشارب أن فيلم «رجلان في المدينة» يناقش العلاقة بين الشرق والغرب على ضوء هجمات 11 سبتمبر.

ينافس فيلم «رجلان في المدينة» للمخرج الفرنسي من أصول جزائرية رشيد بوشارب على جوائز الدورة الـ 64 من مهرجان برلين السينمائي الدولي «برليناله».

ويعتبر بوشارب صاحب افلام «البلديون» و«نهر لندن» و«الخارجون عن القانون» ممثل العرب الوحيد في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي احد اهم مهرجانات الفن السابع في العالم.

واستهل بوشارب، في مؤتمر صحافي، عرض فيلمه، قائلا ان «رجلان في المدينة» هو فيلم يحاول القاء الضوء على العلاقة بين الشرق والغرب او بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي، على ضوء هجمات 11 سبتمبر 2001 وتبعاتها التي مازالت تؤثر على العلاقة بين الجانبين.

ويمثل الدور الرئيسي في الفيلم نجم هوليوود فورست ويتكر الى جانب هارفي كايتل وبريندا بليثن.

وتبدأ قصة الفيلم بخروج وليام غاريث (فورست ويتكر) الاميركي من السجن في المكسيك بعد ان قضى 18 عاما وراء القضبان بسبب قتله شرطيا.

وفي السجن اعتنق غاريث الإسلام، الأمر الذي حفزه على سلوك حياة سوية يحاول فيها الحصول على عمل واستكمال حياته العائلية الى جانب زوجته وأطفاله.

ولكن هذه المساعي لم تكن مكللة بالنجاح حيث يجد نفسه مطاردا من جانبين، الأول مجرم لا يتركه في حاله ويحاول دائما استمالته من جديد الى الجريمة، والثاني المأمور الذي قتل غاريث نائبه، ويعتبر ان العقوبة التي قضاها غاريث في السجن ليست كافية، ما يدفعه الى وضع المجرم السابق تحت المراقبة وإلى محاولة اعادته الى السجن.

ويعد العمل الجديد لبوشارب فيلما دراميا اجتماعيا بامتياز يحرك مشاعر المشاهد بطريقة غير عادية ولكنه يعاني مشكلة العلم المسبق بالمجهول، اي ان النتيجة التي ستؤول اليها احداث الفيلم يمكن للمشاهد التنبؤ بها بعد مرور ساعة منه، الأمر الذي يفقده عنصري التشويق والمفاجأة.

وستختتم اعمال المهرجان، الذي يعد من اهم المهرجانات السينمائية في العالم في 16 الجاري، بمنح جوائزه التي يطلق عليها الدب الذهبي لأفضل فيلم والدبب الفضية لأفضل ممثل وممثلة وأفضل إخراج وإنتاج.

وفي مؤتمر صحافي آخر بالعاصمة الألمانية، حيث من المرتقب أن تشارك المغنيتان بفرقة «بوسي رايوت» المعارضة، في حفل تنظمه جمعية «سينما من أجل السلام» على هامش مهرجان برلين السينمائي، أكدتا أنهما لا تزالان في الفرقة، بعد أن نشرت انتقادات لهما نسبت الى رفيقاتهما.

وقد أطلق سراح ماريا اليخينا (25 عاما) وناديا تولوكونيكوفا (24 عاما) بعد 21 شهرا في السجن إثر تأدية أغنية «بانك» المناهضة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير 2012 في كاتدرائية المسيح المخلص في موسكو.

وقالت تولوكونيكوفا: «لم نغادر يوما فرقة بوسي رايوت»، مضيفة: «نحن لا نزال على اتصال مع الأشخاص الذين نظموا الاحتجاجات لتأييدنا... وأنا لا أدري من هم هؤلاء الاشخاص الذين يكتبون على مواقع التواصل لاجتماعي ويدعون أنهم من الفرقة».

يذكر أنه منذ فترة وجيزة نشرت على الانترنت كتابات نسبت الى عضوات في الفرقة لم يكشفن عن اسمائهن، اتهمت ناديا وماريا بالتخلي عن «العقيدة النسوية والمناهضة للرأسمالية» التي تعتنقها الفرقة. ونشرت هذه الاتهامات بعد حفل من تنظيم منظمة العفو الدولية شاركتا فيه إلى جانب النجمة مادونا.

وكانت ماريا وناديا أطلقتا إثر خروجهما من السجن جولة دولية تزخر بالمقابلات والإطلالات التلفزيونية.

النهار الكويتية في

12.02.2014

 

«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين السينمائي ـ 5 :

كرستيان بيل لـ «الشرق الأوسط»: تركت أفلام باتمان في الوقت المناسب

قال إنه لا يريد التورط في مهنة تحتوي على كل أنواع الطعن بالظهر

برلين: محمد رُضــا 

هناك الكثير مما يحدث في فيلم «أميركان هاسل». صحيح أن كرستيان بيل هو محور معظم هذه الأحداث، لكن الفيلم ينتقل بينها جميعا كما لو كان بانوراما للمكان والزمان والشخصيات. سلس وممتع وفي الوقت ذاته لديه ما يطرحه في حكاية تدور في السبعينات بطلها محتال (أو نصاب كما يقترح العنوان) عليه الآن توظيف مهارته لصالح الحكومة إلى أن يجد أن الحكومة لم تعد تريد منه تنفيذ ما طلبته منه.

كريستيان بيل مثل هذا الفيلم المعروض في مهرجان برلين (والمعرض لجوائز أوسكار متعددة بينها جائزة أفضل ممثل) مباشرة بعد «خارج الفرن» وبعد سنتين من الراحة إثر انتهائه من تصوير «الفارس الداكن يرتفع» الذي كان بالتحديد آخر مرة لعب (وسيلعب) بها دور شخصية باتمان.. من إن عاد إلى الضوء بهذين الفيلمين لم يشأ التوقع. دخل فيلمان من إخراج ترنس مالك وتبعهما بفيلم تاريخي من تلك التي يوفرها المخرج ريدلي سكوت كل بضع سنوات.

بايل وصل إلى برلين وحضر عرض «أميركان هاسل» واستمتع بهالة من الإعجاب والتقدير ينالها أينما حط. وهو في هذه المقابلة يتحدث عن الفيلم وشخصيته وعن الممثلين الآخرين معه من بين شؤون أخرى.

·        هل قررت تمثيل هذا الفيلم لأن الدور جديد بالنسبة إليك؟

- لهذا السبب ولأن زوجتي نصحتني به. أساسا أحببت السيناريو والفكرة بأسرها. كنت والمخرج (ديفيد أوراسل) نمشيان في حديقة منزلي ونتحادثا عن سيناريو إريك سينجر. كان سيناريو جيدا لكنه مكتوب كدراما تاريخية. وكنت أعلم أن ديفيد لم يكن مهتما بهذا الجانب من الفيلم لكن الفكرة كانت تستهويه خصوصا لناحية شخصياتها وكيف أن ما يحدث معها قد يحدث لكل الناس. لكن الوقت لم يكن مناسبا. كنت مشغولا بأفلام أخرى ولم أجد أنني قادر على إيفاء المشروع حقه من الاهتمام ولا أن أغير روزنامة عملي.

·        لكنك فعلت ذلك ومثلت الفيلم..

- كان يترك رسائل يلصقها على الباب ويلاحقني للقبول. ذات يوم اتصلت به زوجتي وقالت له: «أنت تعلم أنه يريد تمثيل هذا الفيلم لكن وقته لا يسمح. لكن أتركه لي. سأحاول إقناعه».

·        لا بد أن بعض الممانعة إذن تعود إلى مسائل فنية؟

- لم أشعر بأن العمل متكامل وأنه أطول مما يجب. السيناريو الأول كان من 160 صفحة (النسبة هي دقيقة عرض لكل صفحة) لكن ديفيد إنسان تلقائي وعندما جلسنا أكثر لنتداول السيناريو أبدى استعدادا لتذييل كل العقبات. أحيانا كان ينجح في تغيير مشهد خلال دقائق محدودة، ليس بالضرورة بناء على طلبي، لكنه يعمل كما ذكرت على نحو تلقائي.

·        شخصيتك في الفيلم مثيرة للاهتمام من حيث إنها مضطرة لتفعل الشيء وتعايش أزمة ذلك الفعل. نوع من تأنيب الضمير. هل يحدث هذا في محيط عملك؟

- هذا يحدث في محيط العمل السينمائي، لكن ليس معي. أقصد أنني شخص مباشر ومواجه جدا. لا أحب الدوران حول الشيء. وإذا ما كان هناك خلاف أقوم بنفسي بالاتصال بالشخص الآخر لتذليله. لن أستطيع تحمل نفسي لو لم أكن هكذا. على المرء أن يكون صادقا مع نفسه. لا أريد التورط في مهنة تحتوي على كل أنواع الطعن في الظهر. لذلك لا أترك لنفسي فرصة الخطأ بحق شخص آخر لأني أحل الخلاف مباشرة أو هكذا أحاول على كل حال. بالنسبة للشخصية فإن النزاع الذي تتحدث عنه هو حين أدركت (في الفيلم) أنني خنت صديقي الأول كارمن بوليتو (الدور الذي يلعبه جيمي رنر) وهذا ما جعل شخصيتي تشعر بالأسى كونها اضطرت لذلك.

·        قمت بزيادة وزنك لهذا الفيلم. هل كان ذلك من شروط العمل؟

- الحقيقة أنه لم يكن. المخرج (ديفيد) لم يسألني أن أفعل ذلك مطلقا، لكني فكرت في أنني أريد أن أبدو على عكس المتوقع مني. لقد مثلت معظم أدواري نحيفا. لسبب وجدت هذه الشخصية تستطيع أن تبدو بكرش. إلى جانب ذلك كنت أمثل لجانب برادلي كوبر الذي هو أطول مني قليلا، وأردت أن أبدو أقصر مما أنا عليه وهذا الكرش ساعدني على تحقيق هذه الغاية.

·        أذكر كيف ظهرت نحيفا لدرجة مخيفة عندما لعبت «أميركان سايكو». طبعا لا علاقة بين الفيلمين..

- يضحك لذلك الفيلم خفضت من وزني لدرجة أصبحت أخشى تأثير ذلك على حياتي. لكني أحب ذلك الفيلم. أحب ما أريد التعبير عنه. مرة أخرى لم يطلب مني المخرج (ماري هارون) أن أفعل ذلك. طبعا كنا ننوي أن يكون شخصا نحيفا لكن ليس إلى ذلك الحد.

·        هل أنت منزعج كونك لا تزال تبدو أكثر بدانة مما أنت عليه عادة؟

- قليلا. عندما كنت صغيرا كنت أستطيع أن أخسر وزني في ظرف أيام. الآن ما زالت أعاني من آثار ذلك الوزن الزائد كما لاحظت. هذا من بعد ستة أشهر من انتهاء التصوير. أعتقد أنه السن.

·        كيف كان العمل لجانب برادلي وجنيفر لورنس؟

- برادلي ممثل جيد وطريف. دائما ما أعجبت بما يقوم به وهو متمكن من أدائه، كذلك جنيفر لورنس. لا تحتاج إلى نصيحة فرأسها في المكان الصحيح. حين كنا نمثل معا لم أكن قلقا عليها.

·        هل يطلب منك عادة أن توجه نصائح لممثلين جدد؟

- أحيانا، لكني في الحقيقة لا أملك نصائح ولا أريد أن أمنح نصائح حتى ولو ملكتها. عندما كنت صغيرا لم أكن أكترث لنصيحة ما لأنني كنت سأقوم بما أريد القيام به على أي حال. كنت أستمع أولا وإذا أحببت ما سمعته أقوم بتأدية ما أريد على أي حال.

·        لماذا تعتقد أن النصائح لا يمكن أن تكون مجدية؟

- لأن كل منا شخص مختلف على أي حال. ما تراه صحيحا بالنسبة لك قد لا يكون صحيحا بالنسبة إلي أو للآخرين. نحن مختلفون كثيرا، لذلك إذا ما وجهت نصيحة لأحد فسأكون كمن يضحك عليه.

·        جنيفر انضمت بعدك للفيلم. صحيح؟

- تماما. اقترح ديفيد أو راسل على جنيفر في رسالة هاتفية مستخدما حرفيها الأولين. كتبت له: من هي؟ فخابرني وقال لي إنه يفكر بجنيفر لورنس. لكني في البداية اعتقدت أنها أصغر سنا من الدور الذي تلعبه. هي ما زالت شابة فعلا. حين التقينا، هي وديفيد وأنا، اكتشفت كم هي ناضجة. أذهلتني. تجاوزت ما توقعته منها. برهنت على نضجها ونضجها كان مطلوبا للشخصية لأن الشخصية مليئة بالمسائل والأفكار. كنت فعلا أمام مفاجأة رائعة حين شاهدتها تعمل. أرفع قبعتي لها ولديفيد على اختياره لها.

·        لا يضايقك أن تدخل شخصية وتتركها ثم تدخل شخصية أخرى مباشرة من بعدها. هل هذا سهل؟

- يعتمد ذلك على الشخصيات. بدنيا كما ذكرت ما زلت أحاول خسارة الوزن الذي كسبته حين مثلت هذا الفيلم. لكن في معظم الأحيان لا يضايقني تغيير الشخصيات لأني لا أحيا فيها بعد انتهائها. كنت مثلت «أميركان هاسل» و«خارج الفرن» واحدا تلو الآخر، ثم دخلت تصوير فيلم ترنس مالك الجديد من دون راحة أو انقطاع ولم يضايقني هذا الأمر مطلقا.

·        عدا هذه الأفلام هناك أخرى كثيرة. هل أنت مرتاح الآن إنك لم تعد تمثل شخصية «باتمان»؟

- كثيرا. أستطيع أن أكون نفسي بين كل فيلم وآخر. أن ارتاح من عناء العمل بتمضية الوقت مع العائلة.

·        تقصد أن متطلبات العمل في أفلام باتمان كانت مرهقة؟

- طبعا وطويلة الأمد. تركت أفلام باتمان في الوقت المناسب. لم أتردد. هذا يمنحني العمل على مشاريع أخرى أحبها ولم يكن لدي الوقت الكافي للاقتران بها. حين بدأت العمل مع كريستوفر نولان على سلسلة «باتمان» فكرنا سويا أن نصنع ثلاثية ونتوقف بعدها. وهذا ما أنجزناه بالفعل.

·        قرأت أنهم طلبوك مجددا لباتمان رابع وعرضوا عليك مبلغا كبيرا؟

- أبدا. لم يحدث ذلك. هذا ما تناقلته الصحافة هنا (الولايات المتحدة) لكن هذا ليس حقيقيا. لم يتصل بي أحد مطلقا ولم يعرض علي مثل تلك المبالغ المرتفعة التي قيلت في الصحف. هذا ليس صحيحا.

·        عملكما أنت ومخرج باتمان، كريستوفر نولان، كان من بين الأنجح بين كل ما عرفته هوليوود من تعاون بين مخرج وممثل. ربما لجانب تعاون مارتن سكورسيزي وليوناردو ديكابريو. لكن على أي أساس تعلن قبولك لمشروع ما، على أساس السيناريو أو على أساس المخرج، أو على أساس الطاقم الفني بأسره؟

- ستكون محظوظا إذا ما كان المشروع يحتوي على كل هذه العناصر. لكن هذا ليس الحال دائما. أحب التجريب ولا أمانع العمل مع مخرج أول مرة. في الحقيقة مع كل مشروع هناك ثقة متبادلة: أنت تضع ثقتك في المخرج والمخرج يضع ثقته فيك وأنتما تضعان الثقة في السيناريو.

·        سألتك في المرة السابقة التي التقينا بها عما إذا كنت تفضل العمل في الولايات المتحدة والحياة في بريطانيا. قلت لي إنك لا تود العيش في بريطانيا بعد اليوم. هل هذا لا يزال موقفك؟

- اسمع. عشت في أميركا أكثر مما عشت في بريطانيا. ولدت في ويلز وانتقلت للعيش في هذه البقعة من العالم وأنا ما زلت شابا. من الطبيعي في رأيي أن أفكر منطقيا وأفضل أن أعيش وأعمل في الولايات المتحدة. لكن زياراتي لبريطانيا لا تتوقف. كل أفلام باتمان شهدت مشاهد مصورة في بريطانيا. فيلمي الجديد مع ريدلي سكوت عنوانه «كتاب الهجرة» صورناه في باينوود. المسألة بالنسبة لي محلولة ولا تشكل معضلة في حياتي الخاصة. أشعر بأني أنتمي إلى هذا البلد لكني ولدت في بلد آخر ما زلت أحب زيارته.

·        مر وقت طويل منذ أن شاهدناك في دور رجل بريطاني. أليس كذلك؟

- نعم. آخر مرة كانت في فيلم «الصيت» The Prestige سنة 2005. وفي أحد الفيلمين اللذين مثلتهما مع ترنس مالك لدي دور صغير صورته في ثلاثة أيام وهو دور رجل إنجليزي. لكني لست واثقا من أنه سيظهر على الشاشة. ربما رأى مالك الاستغناء عنه.

·        لماذا مثلت مع ترنس مالك؟

- لو كنت مكاني هل كنت ستقول لا؟

* حكاية نظيف

* الاسم غير معروف لكن الوجه مألوف بعض الشيء. هو ممثل نال جائزة مهرجان برلين في العام الماضي اسمه نظيف نوجيتش، وهو موجود في برلين وبل حضر حفلة افتتاح فيلم أو أكثر. لم تتم دعوته بل حضر من دون إذن مسبق ولم يأت وحده، بل جلب معه عائلته. توجه منذ وصوله إلى إدارة مهرجان برلين حاملا جائزته التي حصدها عن بطولة فيلم «فصل من حياة لاقط خردة» للبوسني دانيس تانوفيتش. قال لإدارة المهرجان:

«جئت طلبا للهجرة إلى ألمانيا ولا أملك من المال ما يعينني من دون مساعدة. السلطات تريد إجلائي وإعادتي إلى بوسنيا، لكني لا أستطيع العودة. أنا مفلس وبلا عمل هناك». ثم وضع جائزته على الطاولة وقال: «مستعد لبيع جائزتي لأجل أن أتقاضى ما يعيلني وعائلتي».

كان الموقف غريبا على الجميع وخصوصا على رئيس المهرجان دييتر كوزليك الذي أوعز للإدارة بجمع تبرعات فورية وتقديمها إلى الممثل، ثم اتصل بالسلطات المسؤولة عن أمور الهجرة وتوسط لمنح نظيف تأشيرة إقامة مفتوحة وهذه مددت إقامته الحالية ثم وضعت الملف تحت الدراسة الفورية وغالبا، يقول لي أحد مساعدي كوزليك، سيتم منحه التأشيرة المطلوبة.

نظيف ليس ممثلا أساسا، بل استعان به المخرج لأنه رغب في نقل بيئة واقعية بطلها جامع خردة في قرية صغيرة حملت زوجته لكنها خسرت الحمل في بطنها والمستشفيات رفضت مساعدتها إلا إذا تم دفع رسوم مالية لا يملكها نظيف ما عرض حياة زوجته للموت. الطريقة الوحيدة هي إعادة إدخال زوجته إلى المستشفى بتزوير هويتها لكي تبدو من المتمتعات بالمعونة الحكومية.

حين عاد نظيف نوجيتش إلى قريته حاملا الجائزة، انقلب الجيران عليه. اعتقدوا أنه عاد من برلين بثروة كبيرة وحاولوا مشاركته بها. جاره الذي كان نظيف يعمل لحسابه أساسا فصله وحوله من جمع الحديد والأدوات والزجاجات التي من الممكن بيعها إلى جمع الزبالة. هنا أدرك نظيف أن فوزه ببرلين كان نقمة وليس نعمة وحاول تغيير مكان عمله وعيشه لكنه لم يستطع. بعد حين أصبح عاطلا عن العمل، لجانب أنه لم يستلم بالطبع أي عرض للتمثيل، كونه لم يمثل ولا يجيد التمثيل أساسا. لكن لولا الجائزة ذاتها لما استطاع نظيف استمالة مهرجان برلين لحمايته ومساعدته. الجائزة التي حصل عليها هي التي احترمها المهرجان كما لو كانت عقدا بين اثنين.

الشرق الأوسط في

12.02.2014

 

«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين السينمائي ـ 6:

الصينية منها ليست من النوع الذي سيشهد نجاحا تجاريا كبيرا

أفلام برلين بين بوليسي ملغوم كوميديا ومسرحية تنطق سينما

برلين: محمد رُضا 

لا تعرض المهرجانات السينمائية عادة الأفلام التي تنجز الإيرادات الكبيرة. بطبيعة حالها، معظم تلك الأفلام تختار طريق السينما السائدة لعرض حكاياتها وأحداثها بينما يختار المهرجان من بين تلك التي تشكل تعبيرا عن المخرج وليس عن الصناعة.

لهذا السبب لن نرى الفيلم الذي يحقق حاليا رقما إيراديا في العروض التجارية تحت عنوان «سعدان ملك» Monkey King الذي هو الإنتاج الأول لشركة يديرها لي يانهونغ ويانهونغ (أو كما يسمي نفسه بالإنكليزية روبين لي) هو أغنى أغنياء الصين. الفيلم المذكور يستوحي أحداثه من الأسطورة الشهيرة التي سبق لمحطة «بي بي سي» أن عرضت بعض أعمال تلفزيونية اقتبست عنها: سعدان ملك، تبعا للأساطير الشعبية، كان محاربا يستطيع الإتيان بأعمال خارقة للعادة يساعد فيها الشخصيات الأخرى على تحقيق العدالة والسمو بالروح إلى مصافّ أعلى. الفيلم نفسه، كما حققه المخرج سوي تشينغ، مبني على تلك الأساطير لكنه أكثر ترديدا للنواحي الروحية من المعتاد.

بصرف النظر عن النجاح الذي يحققه حاليا، والذي يشجع المنتج يانهوغ على اعتبار دخوله صناعة السينما بمثابة نجاح يجب تكراره (لذلك يحضر حاليا لأكبر فيلم أنيميشن صيني - كوري مشترك) فإن الأفلام الصينية المعروضة في عروض مهرجان برلين الرسمية (يستمر حتى السادس عشر من الشهر) ليست من النوع الذي سيشهد نجاحا تجاريا كبيرا داخل الصين. ليس بحجم الخمسين مليون دولار التي جمعها «سعدان ملك» من صالات الصين حتى الآن، علما بأن سعر التذكرة هناك أرخص بكثير من سعرها في الدول الغربية ما يعني أن الإيراد الفعلي لهذا الفيلم حتى الآن ربما يتجاوز ال200 مليون دولار.

* بلا خبرة يوم أمس (الأربعاء) كان اليوم الذي عرض فيه المخرج الجديد نسبيا دياو يينان فيلمه الجديد «فحم أسود.. ثلج رقيق» أمام جمهور الحاضرين حاصدا ردات فعل متباينة. الفيلم، الذي عرض للصحافة قبل ذلك بيوم واحد، يحمل حكاية محاطة بأسلوب سرد يجعلها تبدو على غير حقيقتها؛ فالقصة بذاتها بسيطة القوام: محقق يحاول حل قضية من الجرائم الغامضة التي ارتكبها رجل قطع فيها جثث ضحايا وبعثرها في مياه النهر. الحادثة الأخيرة تفتح ملفا مشابها كان وقع في عام 1999 عندما أخذ عمال مناجم الفحم في المقاطعة الشمالية التي تدور فيها الأحداث (الفيلم باللغة المندارينية) يكتشفون أطراف جثث تحملها شاحنات الفحم إلى المصنع.

الاكتشاف مرتبط بامرأة غامضة تعمل في دكان لغسل الثياب، لكنها ليست القاتلة ولو أنها تعرف هويته. والفيلم لا ينتهي عند معرفتنا نحن بها، ولا بمقتله برصاص البوليس إثر مطاردة قصيرة، بل يستمر ليكشف جوانب أخرى من شخصية المرأة التي ارتكبت بدورها جريمة قتل كانت واحدة من أسرار الفيلم القليلة.

معالجة المخرج يينان للفيلم تشكل مشكلته الجوهرية. هناك مطّ في سرد حكاية كان يمكن لها أن تتوجه مباشرة إلى النوع البوليسي. حقيقة أن المخرج اختار لها أن تتبع بصمته في العمل أمر جيد، لكن بصمته هذه ما زالت بلا خبرة لخلق حالة قصوى تستخرج من التطويل منافعه ولمحاته الفنية. هناك أيضا تركيبة مونتاجية غير مرتاحة. الكثير من المشاهد تبدأ ولا تنتهي عند نقطة صحيحة للتواصل بعدها مع المشهد الآخر. وإذا ما كان المخرج يود تحقيق «فيلم نوار» كما يذكر في أحاديثه، فإن ما يعالجه ربما - وفي أفضل الحالات - نوع من الفيلم البوليسي الداكن، لكنه ليس النوع الصحيح.

التركيبة الفاشلة ذاتها، وعلى نحو أفدح، موجودة في «تاريخ الخوف» لبنجامين نيشتات. إنه الاشتراك الأرجنتيني في المسابقة وعذره في اختيار تلك التركيبة أنه فيلم يميل إلى التجريبية. والتجريب في السينما - في الكثير من الأحيان وفي هذه الحالة نموذجا - ما هو إلا عذر لتغطية عجز في التواصل مع المشاهد وتحقيق فيلم يحترم المفردات حتى وإن كانت كلاسيكية.

«تاريخ الخوف» يبدأ بكاميرا تطير فوق ضاحية من ضواحي بيونس آريس مع صوت مايكروفون يحذر الناس من أمر غير مفهوم المصدر. إنه البث الأول للخوف وخيط الفيلم المحوري هو ذلك الخوف المنتشر بين الناس: الابن من أبيه، الأب من محيطه، البعض من جرس الإنذار، والبعض الآخر من الكلاب، والثالث من تلك الأشجار وما قد يكمن خلفها. الفكرة على هذا النحو مثيرة للاهتمام وكان يمكن لها أن تسفر عن فيلم مثير للأهمية، لكن معالجتها لا تمنحها مثل هذا البعد. عكس ذلك، هي محدودة ومجزأة بحيث يبدو كل حدث فيها بمثابة مشهد مسيج يبدأ وينتهي من دون أن يقول كلمته بعد. وحتى عندما تعود الشخصيات المتنافرة التي تتحرك على سطح هذا الفيلم للظهور مجددا فإن القليل من أفعالها أو ما تشهده من أفعال سواها مبرر.

إنها شخصيات تفتقر، باختيار المخرج، إلى الكتابة بحيث تتماثل خلفياتها لكي تبرر وجودها وكضرورة للتطوير. صحيح أن الناحية التجريبية قصد بها أن تعفي المخرج (أي مخرج) من الاقتداء بتقاليد السرد، لكن على الفيلم أن يكون أساسا تجريبيا كاملا لكي يتمتع بذلك النوع من الإعفاء.

* اقتباس فذ إذا كان مصدر فيلم «تاريخ الخوف» هو التجريب، أو نصفه على الأقل، فإن مصدر اهتمام الفرنسي المعمر ألان رينيه (92 سنة) هذه الأيام هو المسرح. أفلامه في السنوات الخمس عشرة الأخيرة هي إما مسرحيات اقتبست للسينما أو ذات أساليب وحكايات توحي بانتماءاتها المسرحية.

فيلمه الجديد «حياة رايلي» هو ثالث اقتباس له عن مسرحية للإنجليزي ألان آيكبورن بعد «تدخين - لا تدخين» (1993) و«مخاوف خاصة في أماكن عامة» (2006)، كلاهما من أفضل أعمال رينيه. «حياة رايلي» لا يقل رونقا. هاك مخرج أنجز ما لا يقل عن خمسين فيلما ولا يزال مقبلا على الحياة يختار من بين قصصها ما يبعث على التفكير المحاط بالأمل والفرح. حتى شخصياته القلقة والتائهة لا تستطيع أن تغير من ذلك الشعور المبهج الذي يداخل المشاهد حين مشاهدة هذا الفيلم.

حكايته بسيطة الفحوى: رايلي كاتب مسرحي لديه ستة أشهر ليعيش بعدما اكتشف إصابته بالسرطان. ثلاث ممثلات تجاوزن منتصف العمر يردن الارتباط به اجتماعيا وربما عاطفيا إذا ما كان الأمر متاحا. كل واحدة تعيش مع رجلها في الوقت ذاته. مسرح الفيلم هو اللقاءات التي تقع بين النساء المتصادقات حيث يتبادلن الحديث الودي منه والعدائي، وأيضا بين كل واحدة والرجل أو الزوج الذي تعيش معه والذي يشعر كل منهم بأن الأرض تميد تحت قدميه عندما تفصح كل واحدة عن رغبتها في قضاء العطلة مع رايلي. إنها عطلته الأخيرة وكل واحدة منهن تعد نفسها المدعوة لتمضية العطلة معه.. كل هذا ونحن لا نرى رايلي مطلقا في الفيلم.

رينيه الذي يزداد رقة وشفافية مع كل فيلم، يفتتح على طريق ريفي ضيق. الصورة ثابتة على ذلك الطريق حيث تتوالى الأسماء. بعد ذلك يعود إلى تلك الطرق الريفية كفواصل بين كل مشهد وآخر. هذا لا بد مريح ومسرحي تماما في الوقت نفسه. مريح لأن مشاهد الطرق تلك تصبح فواصل لحظية عوض الاعتماد على تبرير ينبع من تأليف مداخل ومخارج سينمائية.

كذلك اللافت هو استعانة المخرج بشاشة بيضاء مع خطوط رمادية لتصوير شخصياته وهي تتحدث في لقطات قريبة متوسطة (كلوز أبس). للتفسير كل مشاهد الفيلم تعتمد على لقطات عامة وعامة متوسطة وكاميرا ثابتة وتقع في داخل منازل أو في حدائقها. لكن فجأة، وحيال بعض ما يختاره رينيه من مقاطع حوارية يقطع إلى تلك اللقطات القريبة وعلى شاشة بيضاء ليست موجودة في المشهد العام التي هي فيه.

هل هذا الفيلم سينما؟ بعد الإمعان نعم. طبعا ليس السينما التي ندركها في معظم الأحيان الأخرى، لأنها تقوم على مبدأ «تفليم المسرح»، وضمن هذا المنوال يتجاوز فيلم رينيه الحدود الفاصلة بين لغتي المسرح والسينما ويمنح العمل المسرحي بعدا آخر (وأفضل!) في أسلوب سرد صحيح ومحدد وغير مفتعل.

* بوليسي ملغوم «نظام الاختفاء» The Order of Disappearance يعيدنا إلى جو الأفلام البوليسية، لكنه إذ يفعل ذلك لا يفوت مخرجه هانز بيتر مولاند في هذا الإنتاج النرويجي الحدث والتمويل معالجة الموضوع الماثل بين يديه بروح كوميدية ساخرة.

بطله هو نيلز ديكمان (ستيلان سكارغارد في رابع تعاون له مع المخرج) المتزوج الذي يعمل على آلة ضخمة من تلك المستخدمة في إزالة الثلج الذي يغمر الطرقات الجبلية حيث يعيش. لديه ولد شاب يعمل في المطار. وفي أحد الأيام تخطفه عصابة تتاجر بالكوكايين وتقتله بعدما حقنته بالهيروين لكي يبدو الأمر أن جرعة زائدة هي التي أودت به. نيلز لا يصدق. ولده لا يمكن له أن يكون مدمنا. يتسلح بالعزيمة عندما يأوي إليه زميل لابنه هارب من العصابة ذاتها ويكشف له اسم أحد أفرادها. نيلز يتعقب ذلك الفرد ويقتله بعدما يحصل منه على معلومات ستساعده في تعقب الآخرين.

العصابة ذاتها تأتمر بأمر رئيس شرس كان اقتسم المدينة وتجارة المخدرات فيها مع عصابة صربية لكنه الآن بات يعتقد أن تلك العصابة هي التي تقتل رجاله، فيختطف ابن رئيسها ويقتله. وهذه تلتئم وتقرر مبادلة القتل بالقتل. نيلز، الذي يخسر شقيقه خلال عملياته، يسبق العصابة الصربية بخطف ابن رئيس العصابة النرويجية ويحميه خلال الموقعة الأخيرة التي تصفي فيها كل عصابة الأخرى ويعمد هو إلى قتل رئيس تلك التي قتلت ابنه.

الكوميديا موجودة في طيات بعض المواقف التي تبدد بعض العنف الملحوظ، ما يمنح الفيلم حسا كاريكاتيريا. كما من خلال الحوار. رئيس العصابة البيضاء (ممثل جيد باسم سفير هاغن) يخلط بين الصرب والألبان فيوالي تسمية العصابة الأخرى بالعصابة الألبانية، وعندما يقول: «هؤلاء المحمديون الملعونون» يصحح له أحد رجاله (للمرة الثالثة) معلوماته فيقتله الرئيس ثم يأمر بقطع رأسه وإرساله هدية إلى رئيس العصابة الأخرى (الألماني برونو غانز) مع أحد أعوانه الرئيسيين، لكن رئيس العصابة الصربية يقتل المعاون ما يزيد من حدة الصراع بينهما.

كل ذلك ممارس بأسلوب فني جيد. الفيلم ليس من إخراج مارتن سكورسيزي أو كوينتين تارانتينو، لكنه يماثل أعمالهما التي تدور في رحى العصابات، قوة على خلق تأثير إنساني وكوميدي في الوقت الواحد.

شخصيا، كنت أفضل لو أن الكوميديا ذهبت في طريق مختلف أو أمَّت ميدان كرة قدم، لكن المخرج ينجح فيما قرر فعله وإلى حد مقبول. جزء من النظرة الساخرة التي يرسمها المخرج على عالمه ذاك (الساحر في تصوير ثلوجه في مواقع بعيدة على عكس ثلوج «فحم أسود.. ثلج رقيق» التي لا تعني في نهاية المطاف سوى أجواء مقصودة لذاتها) هو قيام المخرج بوضع اسم القتلى إثر كل موت يقع على الشاشة على لوحة سوداء تحت رسم صليب. في نهاية المطاف لديك نحو ثلاثين ميتا بينهم خمسة عشر في موقعة واحدة يضمهم المخرج في تأبين مشترك: لوحة سوداء تتوزع عليها أسماء الشخصيات وتحتها أسماء ممثليها. نيلز ديكمان ليس من بينهم.

الشرق الأوسط في

13.02.2014

 

الفيلم اليوناني "ستراتوس" في مسابقة مهرجان برلين

أمير العمري- برلين 

لولا بعض الاستطرادات والإطالة المتعمدة في طول المشاهد واللقطات، الأمر الذي جعل الفيلم يصل في زمن عرضه إلى نحو ساعتين ونصف الساعة، في حين أن موضوعه كان يمكن أن يروى بشكل أكثر استقطابا للوعي والتركيز في ساعة ونصف فقط.. أقول لولا هذا لكان الفيلم اليوناني "ستراتوس" للمخرج الواعد يانيس إيكونوميدس، يمكن أن يصبح فيلما كبيرا، فمخرجه يتمتع بالموهبة والقدرة على تشكيل اللقطات واختيار الأماكن والتطلع بشجن وحزن إلى اليونان التي تغرق في مستنقع الضياع الاقتصادي الذي ينعكس بالضرورة على الحالة الاجتماعية، بل ويشكل أيضا أزمة أخلاقية.

ستراتوس صاحب الماضي الاجرامي الصاخب المخيف، لا يبدو على ملامح وجهه المتغضن، وهو الذي تجاوز الخمسين من عمره الآن، أي نوع من شقاوة "تلك الأيام" التي يذكره بها ذلك الشقي المخضرم الآن في عالم الاجرام الذي يلتقيه ستراتوس في حانة ذهب إليها لتوصيل مبلغ من المال للرجل موفدا من قبل جامع الديون المتراكمة على الآخرين مقابل ما يقم لهم من خدمات ربما تتمثل في الرعاية والحماية، أو ربما كانت من حصيلة توزيع المخدرات.

الرجل يقول له ويكرر: أتذكر يارجل كيف كنت تمزق أعداءك إربا أربا وتلقي بهم للسمك.. أنت الذي كنت تخيف الجميع.. كان يكفي أن يعاكس أحدهم صديقتك لكي تقطع أوصاله.. كيف كنت تفعل هذا بربك.. كيف.. بكل تلك الحلاوة والروعة.. قل لي يارجل.. قل لي..

ستراتوس يعيش في قاع المجتمع، فهو يعمل في مصنع للخبز والمعجنات، يستعبد صاحبه العمال ويرهقهم، يضطهد العاملات من المهاجرين الأجانب.. لكن ستراتوس الذي يعمل خبازا في الليل، له وجهه الآخر فهو أيضا قاتل محترف في النهار، يصوب رصاصاته القاتلة إلى ضحاياه الذين تعاقد على قتلهم لحساب أحد غلاة المجرمين.. ولكنه لا يترك عمله كخباز للالتحاق بعصابة من العصابات رغم العروض المغرية التي يتلقاها.

وليس لستراتوس أصدقاء سوى تلك الأسرة التي تجاوره في السكن: قواد معوق هو "ماكيس"، وشقيقته العاهرة "فيكي" وإبنتها "كاترينا"- وهي طفلة في الثامنة من عمرها-  تعتزم الأم تقديمها لعالم الدعارة مقابل الحصول على 15 الف يورو كفيلة بتسديد الدين المطلوب تسديده لمجرم آخر من عتاة العالم السفلي.

دماء كثيرة تسيل في الفيلم، ولكن الأحداث الدرامية قليلة أو شبه غائبة، ولا توجد حبكة واحدة تسير في خط متصاعد بل يعتمد الفيلم على تخصيص مساحات كبيرة للصمت، حيث نرى إما المناظر الطبيعية الغارقة في الضباب لقمم الجبال أو للسهول ملتقطة من زوايا مرتفعة، أو للطرق التي تتدفق فيها حركة السيارات في الليل.. وتكشف المشاهد المترتاكمة عن تلك الدراما الأخرة، الداخلية التي تدور تحت السطح.

إنها أثينا الحزينة الغارقة في مستنقع الأزمة المرعبة التي حولت الجميع إلى قتلة وقوادين وعاهرات، وجعلت كل شيء للبيع.

ستراتوس لا يتكلم إلا قليلا جدا، ورغم تركيزه الشديد في معظم اللقطات التي نرها لوجهه ونظرات عينيه التي تتطلع في فزع إلى ما يحدث حوله، فإنه لا يتفاعل مع ما يراه بل يركن دائما إلى الصمت، وكأنه شاهد صامت على المأساة. لكنه يعود بعد أن يصبح معبأ بالكامل لكي يكشف عن بقايا موقف أخلاقي مازال يحكم نظرته البيوريانية المتزمتة التي تؤمن بضرورة العقاب..  فيقتل فيكي وشقيقها لكي يحقق النجاة لكاترينا طفلة الثماني سنوات، ويوفر حياة شاب كا يعتزم تصفيته، ويكتفي باصابته في أذنه بعد أن يعترف له الشاب بأنه إنما اختلس من أموال شقيقه!

إيقاع الفيلم بطيء بحكم طول القطات والمشاهد، والممثلون يكررون العبارة الواحدة بأكثر من طريقة مرات عدة في تلاعب لفظي يضفي نوعا من المرح، حيث لا تصبح اللغة وسيلة للتفاهم، بل للتعبير عن تلك الحالة العبثية التي تعيشها اليونان حاليا.. لا تشتبك التفاصيل معا من خلال قصة محكمة الأطراف بل تكشف عنها المشاهد التي تبدو منفصلة تدريجيا، فنعرف مثلا أن ستراتوس كان يعمل في خدمة زعيم من زعماء العصابات يدعى ليونيدس، هو في السجن حاليا، وشقيقه يحاول اقناع ستراتوس بالعمل معه والمساعدة على اخراج ليونيدس من السجن وفاء له بعد أن أنقذ حياته، ولكن ستراتوس يرفض، رغم الالحاح، وأتباع ليونيدس حفروا نفقا تحت السجن ينتهي في البحر لتهريبه، لكن العمل في النفق لم يكتمل، بل وأصبح موقعا لتصفية الحسابات بالقتل، وفي الوقت نفسه رمزا للحلم بالهرب من اليونان أي طريق للأمل المفقود.

ولكن من يلغ عالم الدماء لا يسلم منها ولابد بالتالي أن يلقى ستراتوس أيضا مصرعه بنفس الطريقة التي يقتل بها الرجال المستهدفين، أي بدم بارد.

"ستراتوس" كلمة معناها في اللغة اليونانية- كما تقول المعلومات المنشورة عن الفيلم- السمكة الصغيرة، والسمك الكبير عادة ما يلتهم السمك الصغير.

في الفيلم مشهد واحد يخرج عن نطاق الصمت والتأمل الحزين ولقطات القتل والعنف والمفاوضات التي تتم لاقناع ستراتوس بالالتحاق بالعمل في خدمة عصابة أو أكثر وكأنما اليونان كلها قد تحولت إلى صراع بين العصابات على طريقة عائلات المافيا.

هذا المشهد يدور في مطعم يوناني حيث يصطحب ستراتوس فيكي مع شقيقها للسهر وتناول العشاء، وهناك تنضم فيكي إلى مجموعة من الرجال والنساء يرقصون على الموسيقى الشعبية اليونانية في جو شديد المرح،  ويراقب ستراتوس هذا المنظر لكن لا يبدو على ملامح وجهه أي شعور بالسعادة، كما أنه يرفض الانضمام لفيكي في الرقص رغم الحاحها عليه. يعقب هذا المشهد مباشرة اصطحاب ستراتوس للرجل وشقيقته إلى النفق بدعوى الحصول على كمية من الذهب المدفون هناك، لكنه يصوب سلاحه ويقتلهما بكل برود.

ينتمي فيلم "ستراتوس" إلى تيار في سينما أوروبا الشرقية (خصوصا اليونان ورومانيا) يرتبط بتقاليد جديدة في اللغة: المشاهد الطويلة، مساحات الصمت الكثيرة، البطل العدمي، القتل البارد الذي يأتي على نحو عبثي تماما، ضبابية الصورة التي نراها للواقع/ للمدينة، الاعتماد على الأداء التمثيلي وخصوصا البطل (يبرز هنا بشكل خاص أداء الممثل فانجيليس موريكيس الذي يلعب دور ستراتوس)، والتصوير الذي يدور في معظمه في الليل.

قد يخرج الفيلم من سباق الجوائز في مهرجان برلين، ومرجع هذا إلى صعوبة التعامل معه دراميا أو حتى فهم ألغازه إلا على ضوء فهم عميق للوضع الاقتصادي والاجتماعي والسيكولوجيا العامة في اليونان حاليا، كما يتعين أيضا وضعه في سياق السينما اليونانية الجديدة التي بدأت ملامحها تتشكل منذ سنوات معدودة، وهي ما يمكن أن نطلق عليها سينما ما بعد أنجلوبولوس.. وهي رغم أنها تبتعد عن سينما المخرج الكبير الراحل، وفي الوقت نفسه لا تنفصل تماما عما نحته من تقاليد في طريقة بناء الصورة وأسلوب السرد.

عين على السينما في

12.02.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)