كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

مهرجان برلين السينمائي..

فون ترير وسكورسيزي

زياد الخزاعي

مهرجان برلين السينمائي الدولي الرابع والستون

   
 
 
 
 

لا خلاف على أن سهام الإعلام وضجيجه في الدورة الـ64 لـ"مهرجان برلين السينمائي" (6 ـ 16 شباط 2014) ستحاصر جديد الدنماركي لارس فون ترير "مهووسة جنسياً، القسم الأول" (خارج المسابقة)، المحتشد بوفرة بورنوغرافية ونجوم عالميين وغرائبيات صاحب "تكسير الأمواج" (1996). النسخة كاملة (145 د.)، خصّ بها الـ"برليناله" بعد غياب 20 عاماً، مفضّلاً مسابقات غريمها في "كانّ" الفرنسي، حيث حصد "سعفة ذهبية" عن "الراقصة في الظلام" (2000)، قبل أن يُطرد من قصر الـ"كروازيت" إثر مزحة حول النازية. حكاية نهم جنسي، بطلته شابة تدعى جو (شارلوت غينسبورغ)، يعثر عليها رجل عجوز في زقاق مغطاة بالدماء، قبل أن يستمع إلى تفاصيل سيرة مقسّمة على 8 مقاطع، مفعمة بالشبق واليأس والألم والسعي إلى التوازن والبحث عن معان للحياة وكسر قدرية السعادة الهشة. يختتم فون ترير هنا ثلاثيته السينمائية حول الاكتئاب، التي ضمت "ميلانكوليا" (2011) و"المسيح الدجال" (2009).

على منواله، يكون المعلم الأميركي مارتن سكورسيزي قبْلَة النقّاد والفضوليين وتسابقهم لمشاهدة نسخة غير كاملة لوثائقيه الطويل، بمشاركة ديفيد تيديسكي، حول إحدى أعرق المجلات العالمية "نيويورك ريفيو أوف بوكس" ذات الصدقيّة الأدبية ومرجعيتها التي زاوجت بين النقد والموقف والمعلومة. ساجل صاحب "ذئب وول ستريت" قامات إبداعية أميركية رصدت 50 عاماً من تمايز الكتابة وتاريخيتها وسيروراتها ورموزها وانقلاباتها. إنه الفيلم الوثائقي الثاني له في برلين، حيث افتتح فيلمه عن فرقة "رولينغ ستون" البريطانية دورة العام 2008.

الليلة، تشعّ شاشة "قصر السينما" في ساحة "بوتسدامر" الراقية بفيلم الافتتاح "فندق بودابست الكبير" للأميركي ويس أندرسن، تمهيداً لتنافس 23 فيلماً على "الدب الذهبي"، تحت وصاية لجنة تحكيم برئاسة المنتج الأميركي جيمس شيموص، ومنها جديد الجزائري ـ الفرنسي رشيد بوشارب "رجُلان في المدينة"، وهي أفلمة معاصرة لنص المخرج خوسيه جيوفاني أنجزه في العام 1973، تحامل فيه على النظام القضائي الفرنسي. بيد أن صاحب "بلديون" (2006) فضّل تكساس الأميركية على باريس الفرنسية، سارداً حكاية رجل سوابق يخرج من السجن شاهراً إسلامه، وساعياً إلى حياة جديدة. لكن، هل درب هدايته هيّن؟ يعود "جهبذ" السينما الفرنسية آلان رينيه (92 عاماً) مع "حياة رايلي"، اقتباسه الثالث لدراميات البريطاني أيان أيكبورن، عن ثلّة ممثلين يقرّرون اصطحاب زميل مُحتَضِر في رحلة أخيرة. من جهته، اختار نجم هوليوود جورج كلووني أُحدُوثَة تاريخية في فيلمه "رجال التُحَف" حول مساعي فرقة أميركية خاصة مكلّفة الوصول إلى خزين فني ثمين، سرقته قوات هتلر وأخفته كيلا يسقط في أيدي الحلفاء. بينما راكم مواطنه ريتشارد لينكليتر في "زمن الصبا" تاريخاً شخصياً مع طاقم بقي يصوّره منذ العام 2002 حتى اليوم، راوياً وقائع حول بطله اليافع "ميسن" على مدى 164 دقيقة.

إلى ذلك، رصد الفرنسي المقيم في لندن يان ديمونج في باكورته "1971" روع مجنّد بريطاني ألفى نفسه وحيداً في أرض معادية تابعة لطرف في الحرب الإيرلندية. مخرجة "حليب الأسى" ("الدب الذهبي"، 2009) البيروفية كلاوديا يوسا تستعيد، بـ"عالياً"، حكاية مخرج أفلام وثائقية يفكّك سرّ والدته، وامتلاكها قوى غريبة تشفي أمراض أطفال قرى نائية. أما الياباني يوجي يامادا فاختار لوعة الشاب تاكيشي إثر اكتشافه سرّاً عائلياً يقلب مفاهيمه وحياته إلى الأبد. في عمله الثالث "فحم أسود، ثلج رقيق"، يقارب الصيني دياو ينان جرائم غامضة تقود بطله إلى قاتلة حسناء يقع في عشقها، قبل أن يواجه استحقاقاً دموياً. بينما يتصدّى مواطنه لو يي، الذي فرضت سلطات بلده عليه حظراً لمدة خمس سنوات، لعالم الظلام والعميان في "تدليك أعمى". واختار ثالثهما نينج هاو عالم الجريمة والسفاهة الاجتماعية في "أرض محايدة"، إذ يتورّط محام شاب مع عصابة لا ترحم.

من اليونان، التي تشهد فورة سينمائية مميّزة، يشارك يانيس أيكونوميديس بفيلمه "ستراتوس"، وهو اسم رجل يعيش حياتين: عاملاً في مخبزة صباحاً، وقاتلاً ليلاً. أما البرازيلي المقيم في برلين كريم عينوز، فيحاكم أنانية بطله خفير الشواطئ الشاب دوناتو، الذي ينقذ سائحاً ألمانياً ويرافقه إلى موطنه، متخلّياً عن شقيق مراهق. في المقابل، تسرد الإيرانية الشابة سودابه مرتضائي (1986)، في باكورتها الروائية "ماكوندو"، حكاية هجرة وغربة ووجع قاهرة لغرباء يعيشون في مخيم أوروبي، من بينهم الصبي الشيشاني "رامسان"، الذي يرعى والدته وشقيقاته، وتختلّ قناعاته مع قدوم صديق والده الغائب. على منواله، صوّرت الألمانية فيو ألاداغ، في "بين عوالم"، حكاية صداقة بين جندي ألماني يخدم في قوات "إيساف" في أفغانستان ومواطن مترجم شاب مهدّد بالتصفية لتعاونه مع غزاة. وناقش مواطنها ديتريش بورغيمان، في "محطات الصليب"، مرارات إيمان وشكوك دينية تعصف بكيان صبية. بينما رصد دومينيك غراف فصولاً من يوميات عشق الشاعر تشيللر لشقيقتين.

السفير اللبنانية في

06.02.2014

 

الرسالة الأولى من مهرجان برلين السينمائي:

مصطفى في فيلم الإفتتاح والصين تدخل تيار الفيلم نوار  

•  محمد رُضـا يمهّـد سلسلة مقالاته عن المهرجان الكبير بإلقاء نظرة على بعض الأفلام المشتركة في المسابقة 

ما بين زيرو مصطفى وياسمينا خضرا سيشهد روّاد مهرجان برلين في دورته الرابعة والستين،

التي تنطلق اليوم (السادس من الشهر) وتستمر حتى السادس عشر من هذا الشهر، محاولة السينما العالمية التصالح معالشخصية العربية والمسلمة. هذا التصالح يرد في فيلمين من العروض الرسمية أحدهما في المسابقة والآخر خارجها. لكن إذا ما تابعنا المواضيع المثارة في هذه العروض عامّـة  وجدنا أن المهرجان البرليني العريق لا زال يؤدي دوره كموصل رسالات سياسية واجتماعية وكعاكس لما تنقله السينما من ظروف الحياة والمجتمعات.

23 فيلم في المسابقة تتنوع وتتلوّن لكنها تشكل في النهاية بانوراما شاسعة لما يعترض الحياة أو يتراءى لمخرجيها من مواضيع وأفكار. هذه لجانب الكم الكبير من الأفلام التي تهطل بلا توقف طوال الأيام العشرة التالية.

زيرو مصطفى هي الشخصية الخيالية التي يؤديها توني ريفولوري (ممثل في السابعة عشر من عمره ظهر في فيلم طويل واحد من قبل وأربعة قصيرة) في فيلم «فندق بودابست الكبير» الذي يفتتح المهرجان لمخرجه الأميركي وس أندرسن. ذات وس أندرسن الذي قدّم على شاشة مهرجان برلين قبل عامين «مملكة سطوع القمر» Moonrise Kingdom والذي كان يؤم مهرجان "كان" بأفلامه السابقة («عائلة تننبوم الملكية»و«الحياة المائية لستيف زيزو» قبل أن يحوّل دفّـته صوب برلين.

تبعاً للحكاية هنا، فإن زيرو مصطفى هو صبي الفندق الذي ينطلق مع عامل المصعد غوستاف (راف فاينس)في رحلة لإثبات براءة الثاني من تهمتي سرقة وقتل في أحداث تقع بين الحربين، من دون تحديد القصّـة بسنة محددة. الكثير مما يحتمل استنتاجه من الثقة المتبادلة بين غوستاف وزيرو مصطفى. والد زيرو وأسمه أيضاً مصطفى يؤديه الممثل الماهر ف. موراي إبراهام. 

لكن شيئاً لابد أن يُـذكر بخصوص الملصق الرائع الذي صممه المخرج لفيلمه. وس أندرسن يحب اللون الوردي والملصق يصوّر فندقاً كبيراً من ست طوابق أربعة منها بلون وردي فاتح وإثنان آخران بلون وردي داكن. وراء الفندق جبال ثلجية عالية وإلى جانبه الأيمن شلال ماء، وعلى اليسار غزال واقف على صخرة عالية. عنوان الفيلم بالأصفر غير الفاقع كذلك أسماء بعض الممثلين بينما توزّعت الأسماء الأخرى باللونين الأحمر والوردي. والسماء التي تطل فوق كل شيء رمادية مع لمسات لسحب في وقت متأخر من النهار.

الفيلم الآخر هو للمخرج رشيد بوشارب الذي صوّره في الولايات المتحدة في العام الماضي عن سيناريو كتبه محمد مولسهول المعروف بياسمينا خضرا الذي كان تردد إسمه عندما قام اللبناني زياد الدويري بتحويل روايته «الهجوم» إلى فيلم سينمائي لم ينل نجاحاً جماهيرياً وأثار حفيظة الكاتب في الوقت نفسه كون المخرج اشتغل، كما قال، على هواه.

هذه المرّة يعد فيلم «رجلان في البلدة» بتعاون أفضل كون المخرج والكاتب جزائريان. الممثل الأفرو- أميركيفوستر ويتيكر يؤدي دور مجرم خرج من السجن بعدما اعتنق الإسلام فيه وعاد إلى حياة صعبة خارجه. تؤسس الحكاية لصداقة بينه وبين ضابط إرتباطه هارفي كايتل في الوقت الذي يحاول بعض رفاق السجن الضغط على ويتيكر لتنفيذ مهمّـة سوف لن ينجح بها سواه.

رينيه ثالث مرّة

إذا كان السيناريو من ياسمينا خضرا فإن الكتابة الأصلية هي للمخرج الراحل جوريه جيوفاني الذي كان حكي قصّـة شبيهة من دون الخط الإسلامي التي زوّد بها رشيد بوشارب وكاتبه الفيلم الجديد به. هناك قام جان غابان، قبل ثلاث سنوات من وفاته العام 1976، ببطولة الفيلم لجانب بضعة وجوه مألوفة في الفيلم البوليسي الفرنسي (ولو أن إنتاجه كان مشتركاً مع إيطاليا) من بينهام فيكتور لانو وجيرارد ديباردو وألان ديلون الذي كان من بين منتجي الفيلم. 

ومع أن «رجلان في البلدة» الجديد ينقل الأحداث إلى عالم اليوم، إلا أن أفلام برلين هذا العام تزور السبعينات في أكثر من تظاهرة بينها المسابقة الرسمية. في هذا القسم سنجد فيلماً بريطانياً بعنوان «71» الذي يتحدّث عن واحدة من الفترات الحرجة في الصراع بين البروتستانت والكاثوليكيين في أيرلندا الشمالية. الحكاية محددة بقصّـة جندي بريطاني  كان لاحق لصّـاً من دون أن ينتبه إلى أنه تخطّـى مناطقه الآمنة وأصبح في شوارع  ذات غالبية كاثوليكية تغص بالعداء ضد الجنود البريطانيين. فجأة بات الجندي يدافع عن حياته باحثاً عن النجاة.

المخرج جديد أسمه يان ديمانج وهذا فيلمه الأول وهو معروض مقابل الفيلم الخمسين للمخرج ألان رينيه البالغ من العمر 91 سنة. رينيه يتناول في فيلمه مسرحية للمؤلـف البريطاني ألان آيكبورن ويمنحها خبرته السينمائية ذات المعالجة الرقيقة دوماً. يدور حول ممثلة مسرحية أسمها كاثلين يصلها نبأ مرض صديق لها أسمه جورج فتلتقي مع صديقتيها تامارا ومونيكا في محاولة لمعرفة كيفية التعبير عن إخلاصهن حيال جورج. هذا التفاني قد ينقلب إلى وجع عاطفي وخلافات إذ تحاول كل واحدة من هؤلاء النساء أن تكون الوحيدة التي ستحضر تأبينه.

هذه ثالث مرّة يقتبس فيها رينيه مسرحية من الكتب آيكبورن. الأولى كانت «تدخين/لا تدخين» سنة 1993والثانية «مخاوف شخصية في أماكن عامّـة» (2006). وهو يجدد تعاونه هنا مع الممثلة سابين أزيما، هذا التعاون الذي يعود إلى العام 1983 عندما لعبت تحت إدارته في فيلم «الحياة هي سرير من الورود».

وفي إنتاج فرنسي مساهم (لجانب أسبانيا والولايات المتحدة) تعود المخرجة كلوديا لوسا (مواليد بيرو) إلى المهرجان الذي كانت فازت فيه بالجائزة الأولى سنة 2009 عن فيلمها «حليب الأسف» (كذلك بجائزة الإتحاد الدولي للنقاد). الفيلم الجديد رحلة تتخللها الكثير من مشاهد الإسترجاع (فلاشباك) حول ذلك الرجل (سليان مورفي) الذي يبحر صوب الماضي متذكّـرا آلاماً نفسية واجتماعية حاقت به عندما ترك والدته وشقيقه العليل وأم حياة الغربة. في جانب من الفيلم هو أيضاً حكاية تلك الأم التي اكتشفت قدرتها على المداواة وانتحت جانباً بعيداً عن مسارات الحياة العادية منصرفة لاستخدام موهبتها تلك لخدمة المرضى. جنيفر كونولي وميلاني لوران يشاركان في البطولة.

شرق آسيا

فيلم فرنسي آخر يطل (بإنتاج ألماني مشترك) لكنه مأخوذ عن رواية مشهورة سبق وأن نقلتها السينما إلى الشاشة مرات عديدة. إنها رواية «الجميلة والوحش» كما ابتدعت أحداثها جين-ماري لو برنس د بيومون. يقوم المخرج كريستوف غانز بوضع الأحداث في مطلع القرن التاسع عشر. الملخص المنشور حول الفيلم لا يأتي بجديد حول الفتاة الجميلة التي تقع في حب ذلك الإنسان- الوحش لكن غانز هو الجديد في هذا المضمار خصوصاً إذا ما وضعنا في عين الإعتبار أن أعماله القليلة الماضية شهدت إهتماماً بسينما الجريمة والتشويق.

إذا ما تحرّكنا صوب السينما شرق آسيوية فإنه بالإمكان رصد فيلم ياباني وفيلمين صينيين في المسابقة.

هناك «فحم أسود، ثلج رقيق» لمخرج جديد نسبياً أسمه  دياو يينان. هذا هو ثالث فيلم له ويعترف  فيه ضمنياً بحبّـه لنوع «الفيلم نوار» الأميركي الذي شاب أيضاً عمليه السابقين «بذلة» (2003) و«قطار ليلي» (2007). الفيلم الجديد بوليسي ولغزي وتشويقي بالكامل يدور حول تحري سابق كان ترك الوظيفة إثر إكتشاف جريمة قتل في منجم قديم وأخذ يعمل حارساً ليلياً في أحد المصانع. ذات يوم تقع جريمة مماثلة ويجد نفسه مدفوعاً للبحث في دوافعها والجناة فيها. كل خطوة تفتح أمامه مدارك جديدة إلى أن يجد نفسه في دائرة الخطر.

الفيلم الصيني الثاني هو «أرض لا أحد» لنينغ هاو وهو أيضاً حكاية غير تقليدية بالنسبة لما تنتجه الصين من أفلام (حققت أفلامها في الأسبوع الماضي ما يوازي 41 مليون دولار). هنا حكاية محقق يقطع 500 كلم في شمال الصين لمواجهة صائد صقور اصطاد إثنين نادرين منها وينوي بيعهما- أمر غير قانوني. لكن الرحلة ذاتها محفوفة بالخطر ومحاطة بشخصيات قد تتعرّض لهذا المحقق فلا يصل إلى غايته.

الإشتراك الياباني يختلف تماماً: دراما حول الحب والتفاني والحرمان ثم الموت. حين يكتشف بطل الفيلم مذكرات إمرأة عجوز ماتت من دون وريث، يبدأ بالقراءة ليطّـلع لا على تاريخها وحدها، بل على جزء من تاريخ البلاد بعد الحرب العالمي الثانية.

وعلى نحو منفصل، وضمن أفلام المسابقة أيضاً، هناك جديد من مخرج جزائري أيضاً أسمه كريم عينوز، سبق وأن حقق بضعة أفلام مثيرة للإهتمام، وينجز هنا فيلمه الألماني الأول بالكامل ولو أن بعض أحداثه تقع في البرتغال. ترك المهرجان عنوانه بلا ترجمة وهو Praia do Futuro («برييا هي عاصمة مقاطعة كاب فيردي في البرتغال)، لكن فحوى الفيلم واضح: غزل من مخرج عربي آخر لموضوع المثلية، ذلك الذي شاهدناه في فيلم عبدالكريم قشيش «قصّـة إديل» ثم في فيلم عبدالله الطايع «جيش الخلاص» وحالياً «أسرار عائلية» لهاني فوزي (المعروض حالياً في مصر) وها هو فيلم كريم عينوز يتطرّق إلى العلاقات ذاتها عندما يترك لبطله البرتغالي إنقاذ سائح ألماني من الموت غرقاً، ثم ها هما مجذوبان لبعضهما البعض والبرتغالي يسافر وراء الألماني لكي يعيش معه. 

ظلال وأشباح في

06.02.2014

 

اليوم.. سينما العالم تجتمع فى مهرجان برلين

خادلد محمود  

تنطلق مساء اليوم الدورة 64 من مهرجان برلين السينمائى الدولى، والتى ستكون بمثابة بانوراما ضخمة لسينما العالم، حيث ستشهد عرض 400 فيلم، من قارات العالم الخمس، بدءا من الصين شرقا وحتى الولايات المتحدة غربا.

ويبدو أن الدورة الحالية ستكون الأكثر دهشة وجرأة فى تاريخ المهرجان، من خلال قوائم عروض الأفلام داخل المسابقة الرسمية وخارجها، والتي تضم أعمالا تتبنى أفكارا وقصصا عن قضايا اجتماعية وسياسية وإنسانية مثيرة للغاية.

ويبلغ عدد الأفلام المشاركة 400 فيلم، عبر 10 أقسام، وستتيح رؤية آفاق سينمائية جديدة بتوليفة خاصة رومانسية كانت أو واقعية، كما تتيح فرصة لاكتشافات فنية غير مألوفة بمؤثراتها التعبيرية والتقنية، ربما تجعلنا نقترب بشغف لمشاهدة سينما بتوليفة خاصة.

وهذا العام تم اختيار 20 فيلما تمثل 20 دولة، فى سابقة هى الأولى من نوعها، فى تاريخ المهرجان، وهى إلى جانب البلد المضيف ألمانيا (الجزائر، الأرجنتين، بلجيكا، البرازيل، الدنمارك، فرنسا، اليونان، بريطانيا، اليابان، كندا، هولندا، النرويج، النمسا، السويد، إسبانيا، أوروجواى، الولايات المتحدة، الصين، قبرص) للمشاركة فى المسابقة الرئيسية حيث تتنافس على الدب الذهبى والفضى للمهرجان الذى يستمر على مدار 10 أيام.

ويعرض فى الافتتاح الفيلم البريطانى الألمانى «فندق بودابست الكبير» إخراج الأمريكى ويس أندرسن وبطولة رالف فينيس وموراى ابراهام ومارلو أمالريك باول شلازه، تونى ريفولورى، تيلدا سوينتون فى عرض عالمى اول وصور بالكامل فى مناطق مختلفة من ألمانيا وكذلك فى استديوهات بابلسبرج الشهيرة فى ضواحى برلين وتدور أحداثه فى أحد الفنادق الفخمة فى أوروبا فى عشرينيات القرن الماضى، ويروى مغامرات الحارس جوستاف اتش، ومصطفى الخادم، ما بين الحربين العالميتين. ويشارك فيه مجموعة من النجوم على غرار ويليم ديفو، أدريان برودين تيلدا سوينتون وجود لو.

وقال دايتر كوسليك، مدير المهرجان، إنه يتوقع أن يشكل هذا الفيلم الكوميدى الذى يحمل لمسات ويس أندرسون، انطلاقة رائعة لدورة هذا العام وهناك 18 فيلما من الأفلام المشاركة تعرض لأول مرة.

كما يتنافس كذلك الفيلم الصينى «الفحم الأسود والثلج الرقيق»، للمخرج ينان دياو والفيلم اليابانى «تشيزاى أوشى» أو «المنزل الصغير» والفيلم الأرجنتينى «تاريخ الخوف» للمخرج بنيامين نايشتات.

وكذلك الفيلم الألمانى «جاك» للمخرج إدوارد بيرجر، والفيلم النرويجى «فى ترتيب الاختفاء» للمخرج هانز بيتر مولاند، والفيلم الألمانى «مفترق طرق» للمخرج ديتريش بروجيمان.

وينافس أيضا فيلم «رجلان فى المدينة»، للمخرج الجزائرى الأصل رشيد بوشارب، وبطولة فورست ويتيكر، هارفى كيتل، بريندا بلثين، لويس غوزمان ودولوريس هيريديا، انتاج مشترك لكل من فرنسا، الجزائر، الولايات المتحدة وبلجيكا.

وقد تم تصوير الفيلم فى الولايات المتحدة، ويتناول فيه العلاقة بين الغرب والعالم العربى مع تصاعد مشاعر العداء للعرب بعد 11 سبتمبر، من خلال قصة أمريكى من أصول إفريقية «ويليام جارنيت»، الذى يفرج عنه بعد 18 سنة قضاها فى السجن وفترة شباب صاخبة.

ومع اعتناقه مؤخرا الإسلام يكافح جارنيت لإعادة بناء حياته على أسس جديدة وكبح نزواته العنيفة، تساعده فى هذا الكفاح إميلى سميث الضابط المكلف بإعادة تأهيله.

لكن فى البلدة الصغيرة حيث استقر، على حدود نيو مكسيكو، قائد شرطة المدينة بيل أجاتى «هارفى كيتل» مقتنع بأن جارنيت ميئوس من أمره وسوف يعمل كل ما بوسعه ليعود به إلى السجن مدى الحياة.

اقتُبس الفيلم من كتاب «رجلان فى المدينة» للمؤلف جوزى جيوفانى، وقام بكتابة السيناريو رشيد بوشارب وياسمينة خضرة وأوليفيى لورال، ولا يعد الفيلم أول أعمال بوشارب فى المسابقة الرسمية لمهرجان برلين فقد سبق له أن شارك عام 2001 حيث قدم فيلم، «سنغال الصغيرة»، وفى عام 2009 «وادى لندن» الذى حاز فيه الراحل Sotigui Kouyaté على الدب الفضى لأفضل ممثل.

كما اختار مهرجان برلين الفيلم النمساوى «موكوندو» للمخرجة زودابه مورتيتساى، والفيلم البرازيلى «برايا دو فوتورو» للمخرج كريم إينوز، بالإضافة إلى الفيلمين الصينيين «التدليك الأعمى» للمخرج يى لو، و«أرض بلا صاحب» للمخرج هاو نينج، والفيلم الألمانى «فى منتصف العالم» للمخرج فيو الاداج. والفيلم البريطانى «71» للمخرج يان ديمانج وفيلم «الوفت» من بيرو إخراج كلاوديا لوسا والفيلم الألمانى «الأخوات المحبوبات» للمخرج دومينيك جراف، والفيلم اليونانى «ستراتوس» للمخرج يانيس أكونوميديس، والفيلم الأرجنتينى «تاريخ الخوف» للمخرج بنيامين نايشتات.

ومن المتوقع أن يسرق فيلم جورج كلونى «رجال الآثار» الأضواء فى مهرجان برلين السينمائى والذى يدور حول عمليات النهب التى قام بها النازيون للأعمال الفنية.

ويتناول الفيلم، المقتبس عن كتاب يحمل نفس الاسم للمؤرخ روبرت إدسيل، قصة مجموعة من خبراء الفنون تكلفهم الإدارة الأمركية باسترداد القطع الفنية المسروقة من قبل النازيين.

ويرصد قصة تحالف جمع مديرى متاحف، ومفوضين، ومتخصصين فى تاريخ الفن، خلال الحرب العالمية الثانية لإنقاذ الأعمال الفنية التى استولى عليها النازييون وإعادتها إلى أصحابها. وهو خارج المنافسة.

كما يتوقع أيضا أن تسلط أضواء المهرجان على فيلم «شبق» للدنماركى لارس فون ترير، على الرغم من أن الفيلمين يعرضان خارج المسابقة الرسمية.

ومن الأفلام التى سيتم عرضها خارج المسابقة أيضا الفيلم الفرنسى «الجميلة والوحش»، والفيلم الدنماركى «نيمفومانياك فوليم 1» للمخرج لارس فون ترير.

ويكرم المهرجان المخرج البريطانى كين لوتش كما يقدم له جائزة الدب الذهبى الشرفية، سوف تقام احتفالية خاصة بأفلامه تعرض فيها عشرة أفلام إلى جانب أفلام المسابقة «Wettbewerb» وتعرض فى أكثر من 35 صالة سينما.

أما لجنة التحكيم الدولية للأفلام المتنافسة فقد اختير لرئاستها منتج وكاتب السيناريو الأمريكى جيمس شاموس، الحائز على الأوسكار، عن فيلم «جبل بروكباك».

يرأس المنتج الأمريكى البارز وكاتب السيناريو جيمس شاموس لجنة التحكيم بمهرجان برلين السينمائى الشهر المقبل، والتى تضم فى عضويتها الممثل الصينى البارز تونى لونج، حسبما أعلن المهرجان يوم الثلاثاء.

الشروق المصرية في

06.02.2014

 

افتتاح الدورة الـ«64» لمهرجان برلين السينمائي

كتب: محمود جودة 

افتتح في العاصمة الألمانية برلين، الخميس، مهرجان برلين السينمائي في دورته الـ64، بحضور عدد من نجوم الفن، والذي يستمر في الفترة من 6 إلى 16 فبراير الجاري.
ويفتتح هذه الدورة فيلم «فندق بودابست الكبير» وهو إنتاج إنجليزي ألماني وإخراج المخرج الأمريكي الكبير ويس أندرسون وتم تصويره في ولاية سكسونيا، وفي استوديو بابلسبرج، وتدور أحداثه حول سرقة إحدى اللوحات الزيتية القيمة التي تعود إلى عصر النهضة, كما سيعرض أيضا فيلم «إستراتوس» في عرضه العالمي الأول أيضا وهو إنتاج يوناني سيبيري ألماني وهو من إخراج يانيس إيكونوميديس.

يمثل العرب فيلم المخرج رشيد بوشارب والذي سبق أن شارك في المسابقة نفسها عام 2009 بفيلم نهر لندن، بينما يشارك هذه المرة بفيلم «رجلين في مدينة» وهو انتاج فرنسي جزائري أمريكي بلجيكي ويشارك في بطولته كوكبة من نجوم السينما العالمية وعلى رأسهم النجم الأسمر فورست ويتكر إلى جانب هارفي كيتيل.

يمثل مصر في المهرجان ثلاثة أفلام وهي أفلام تسجيلية وقصيرة حيث يمثل مصر في مسابقة الافلام القصيرة فيلم «أم أميرة» إخراج ناجي إسماعيل، بالإضافة إلى فيلمي فيلما «الميدان» و«أريج».

«أم أميرة» و«الميدان» و«أريج»

تمثل مصر في الدورة 64 لـ«برلين السينمائي»

كتب: أحمد الجزار

تنطلق الخميس الدورة 64 لمهرجان برلين السينمائي الدولي والذي يقام في الفترة من 6 إلى 16 فبراير الجاري, ومن المقرر أن يعرض المهرجان ما يقرب من 300 فيلم في مسابقاته المختلفة, وسيفتتح هذه الدورة فليم فندق بودابست الكبير وهو إنتاج إنجليزي ألماني وإخراج المخرج الأمريكي الكبير ويس أندرسون وتم تصويره في ولاية سكسونيا، وفي استوديو بابلسبرج، وتدور أحداثه حول سرقة إحدى اللوحات الزيتية القيمة التي تعود إلى عصر النهضة, كما سيعرض أيضا فيلم استراتوس في عرضه العالمي الاول ايضا وهو انتاج يوناني سيبيري الماني وهو من اخراج يانيس إيكونوميديس, وفي المسابقة الرسمية هذا العام يمثل العرب فيلم المخرج رشيد بوشارب والذي سبق أن شارك في المسابقة نفسها عام 2009 بفيلم نهر لندن، بينما يشارك هذه المرة بفيلم رجلين في مدينة وهو انتاج فرنسي جزائري امريكي بلجيكي ويشارك في بطولته كوكبة من نجوم السينما العالمية وعلى رأسهم النجم الاسمر فورست ويتكر إلى جانب هارفي كيتيل.

وفي سياق متصل يمثل مصر في المهرجان ثلاثة أفلام وهي أفلام تسجيلية وقصيرة حيث يمثل مصر في مسابقة الافلام القصيرة فيلم أم أميرة إخراج ناجي إسماعيل ويحكي الفيلم قصة أم أميرة والشهيرة بسيدة البطاطس، وقد جاءت مع زوجها من أسوان، منذ 25 عامًا، ليستقرا بالقاهرة، بدأت حياتهما بسيطة ورزقهما الله بابنتين، وكان زوجها يعمل في شركة للمياه المعدنية، حتى تغير الحال، وتخصخصت الشركة، وقررا الاستغناء عن كل العمال، فمرض زوجها وأصابه الشلل، وماتت ابنتها الكبرى أميرة بمرض القلب، لكنها لم تستسلم، صمدت وقررت أن تعول أسرتها حتى آخر نفس تلفظه, بينما يعرض في المنتدى الخاص للمهرجان ضمن العروض الخاصة فيلما الميدان وأريج فالأول يمثل مصر في مسابقة الاوسكار كافضل فيلم تسجيلي كما حقق الفيلم نفسه الذي اخرجته الامريكية – مصرية الاصل جيهان نجيم نجاح كبير في معظم المهرجانات العربية والدولية ويتناول الفيلم أحداث ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو وعزل الرئيس محمد مرسى وذلك من خلال تناول حياة عدد من النشطاء في كفاحهم ضد الأنظمة وهم يخاطرون بحياتهم سعيا لبناء مجتمع ديمقراطي جديد بمصر بعد الثورة , اما فيلم اريج – رائحة الثورة فيعرض لأول مرة في المهرجان وهو إخراج فيولا شفيق ويطرح الفيلم تساؤلا وهو ماذا لو عاصرت ثورة ولكن من بعدها ساءت الأحوال، متنقلة بين الماضي والحاضر، تمثل هذه القصص المختلفة عملا جماعيا للحزن عن ثورة لم تكتمل وعن بلد يتهاوى، يصور هذا الفيلم أبطاله الأربعة في مراحل مختلفة من حزنهم، الغضب، الكآبة، الانكفاء والتأقلم، وينقل بالتالي أساليبهم المختلفة في التعامل مع الفاجعة، والوضع العام للبلد.

تزاحم من جمهور «برلين السينمائي»

لحجز تذاكر الأفلام قبل افتتاحه رسميًّا

كتب: أحمد الجزار

شهدت الساعات الأولى من صباح الخميس وقبل الافتتاح الرسمي للدورة الـ64 من مهرجان برلين السينمائي الدولي إقبال كثيف من الجمهور على أكشاك حجز الأفلام ليوم غد والمقرر أن يشهد عرض ما يقرب من 20 فيلما موزعة على أقسام المهرجان بالكامل وأبرزها الفيلم الجزائري رجلان في المدينة للمخرج رشيد بوشارب حيث يعرض للصحفيين في الساعة الثانية عشرة ظهرا ويعقبه مؤتمر صحفي لصناعه.

والفيلم إنتاج فرنسي جزائري أمريكي بلجيكي ويشارك في بطولته كوكبة من نجوم السينما العالمية وعلى رأسهم النجم الاسمر فورست ويتكر إلى جانب هارفي كيتيل، برندا بليتين، دولوريس هيريديا، ايلين بروستين ولويس قوزمان, ويعتبر هذا الفيلم التاسع في تاريخ المخرج ويأتي بعد فيلمه الخارجون على القانون الذي قدمه منذ 3 سنوات.

وتدور أحداث الفيلم حول السجين الأسود جارنيت الذي اعتنق الإسلام وبعد مرور 18 عاما في سجن نييومكسيكو يتحصل على الإفراج المشروط ليعود إلى مدينته من جديد وهو يأمل أن يمزق تلك المرحلة من حياته الإجرامية، وينصب هاجسه العودة إلى حياته الطبيعية والاندماج بعدها في المجتمع لكنه سيحاصر بالرقيب الذي سيحول حياته إلى جحيم ويتابعه المراقب القضائي لكن ماضيه سيطفو ثانية على الأحداث وتفتح الملفات القديمة فيعيش كابوسا حقيقا بسبب ملاحقات وضغوطات عرقية عنصرية مليئة بالضغينة من طرف العمدة هارفي كيتيل بنيو مكسيكو, والمعروف أن الفيلم مستوحى من فيلم فرنسي قديم بعنوان رجلان في المدينة للمخرج جوزي جيوفاني سنة 1973 بطولة الممثلين الفرنسيين جان جابين وألان دولان.

إقبال على افتتاح الدورة 64 لـ«برلين السينمائي»

كتب: أحمد الجزار

إدارة مهرجان برلين السينمائي قامت صباح الخميس بحجز قاعتين لعرض فيلم الافتتاح «فندق بودابست الكبير» للصحفيين والإعلاميين الذين سيقومون بتغطية المهرجان، وذلك قبل عرضه مساء اليوم في الافتتاح بسبب عدم وجود دعوات كافية للإعلاميين، وقد شهد العرضان إقبالًا كبيرًا من قبل الصحافة حتي أن القاعتين لم يحتملا كل الاشخاص واضطر بعضهم الي حجز الفيلم في موعد آخر, وبعد العرض الصحفي شارك أبطال الفيلم بالكامل في ندوة حضرها كوكبة كبيرة من الإعلاميين لدرجة أن قاعة الندوة امتلأت عن آخرها واضطر أمن القاعة إلي عدم دخول أشخاص أخري، واضطر بعضهم لمتابعة الندوة عبر الشاشة الموجودة خارج القاعة، والمعروف أن هذا الفيلم إنتاج إنجليزي ألماني وإخراج المخرج الأمريكي الكبير ويس أندرسون وتم تصويره في ولاية «سكسونيا»، وفي استوديو بابلسبرج، وتدور أحداثه حول سرقة إحدى اللوحات الزيتية القيمة التي تعود إلى عصر النهضة.

المصري اليوم في

06.02.2014

 

مهرجان برلين:

سينما العالم و... النساء العربيات

برلين - فيكي حبيب 

هو أمر لا يحدث كثيراً في عالم السينما، خصوصاً في عالم المهرجانات الكبيرة، فخلال أقل من عامين ها هما مهرجانان، يُعدّان الأكبر في أوروبا، وربما في العالم كله، يفتتحان دورتيهما بفيلمين من توقيع مخرج أميركي واحد: ويس آندرسون. فإذا كان مهرجان «كان» الفرنسي افتتح دورة أخيرة له بفيلم «مملكة ضوء القمر» لآندرسون، ها هو مهرجان برلين يفتتح دورته الجديدة ليل أمس بفيلم «فندق بودابست الكبير»، آخر نتاجات المخرج الأميركي الذي يمكن القول إنه واحد من أولئك المخرجين الجدد الذين يميزهم أن الواحد منهم لم يحقق أي فيلم ثانوي الأهمية حتى الآن مثله في هذا مثل سميّه بول توماس أندرسون ودايفيد فينشر ودايفيد أو راسل وسواهم...

من هنا، لا يمكن اعتبار اختيار «فندق بودابست الكبير» لافتتاح المهرجان الألماني صدفة، بل هو يبدو من صميم اهتمامات هذا المهرجان الذي، وربما على عكس معظم المهرجانات الأخرى، يُفضل أن يجعل الأفلام ومخرجيها نجومه في عروض تمتد نحو دزينة من الأيام. أفلام آتية من جميع أنحاء العالم، وغالباً ما تكون الأكثر تعبيراً عن هموم مخرجيها ومؤلفيها، وبالتالي هموم مجتمعاتهم في هذه الأزمان الانتقالية التي تعبرها البشرية، شاءت أم أبت، عارفة أن السينما بالمرصاد لالتقاط كل الحساسيات، حتى وإن قال آندرسون إنه إنما استوحى فيلمه الجديد الذي صوّره في أوروبا التي يعمل فيها للمرة الأولى في مساره، من نص لكاتب بدايات القرن العشرين ستيفان تسفايغ، ويدور حول حارس فندق يحصل له أن يرث لوحة ثمينة ونادرة تنتمي إلى عصر النهضة.

ربع الأفلام فقط

إذاً، افتتح «فندق بودابست الكبير»، مهرجان «برلين» في دورة جديدة أتت أضواؤها ودفء احتفالاتها وحرارة سينماها لتخفف بعض الشيء من البرد البرليني الشهير، في تلك الساحة التي منذ أقامت فيها شركة «سوني» مجمعها الثقافي الشهير في منطقة كانت تعتبر «أرض لا أحد» بين البرلينين أيام الحرب الباردة، باتت تعتبر ساحة عالمية جديدة لتلاقي أهل الفن السابع آتين من شتى أنحاء العالم، بأفلام أو من دونها.

وحسب المرء أن يتأمل في برامج الدورة الجديدة المفصلة عدداً كبيراً من التظاهرات التي يعجز عن إحصائها، ليكتشف أنه أمام سينما العالم بالمعنى العميق لا الفولكلوري للكلمة: ففي المسابقة الرسمية كما في الفوروم والبانوراما و «مواهب في برلين» وسواها، هناك أفلام بالعشرات لا شك في أن المشاهد يضيع بينها، وعليه في نهاية الأمر أن يدقق في اختياراته طالما أن خريطة العروض وازدواجية التوقيت لا تسمحان له بمشاهدة أكثر من ربع ما هو معروض مهما كانت حماسته ودأبه السينمائي، بل مهما كانت عميقة رغباته في اللجوء إلى دفء الصالات هرباً من صقيع الخارج... غير أن الربع الذي يمكن الجمهور أن يراه، اعتباراً من اليوم بعد افتتاح الأمس الصاخب، سيكون كافياً لإعطاء فكرة عن «برلين» وعن «آخر أحوال السينما العالمية»...

ونبدأ بالمسابقة الرسمية المعتبرة دائماً التظاهرة الأساس والتي يتطلع المشاركون فيها إلى الحصول على الدببة الذهبية والفضية في حفلة الختام، بعد أيام... تبعاً لما سترتئي لجنة التحكيم المميزة هذا العام والتي يرأسها المنتج والكاتب الأميركي جيمس شاموس، وفي عضويتها كل من بربارا بروكولي منتجة أفلام جيمس بوند الأخيرة، والممثل الدنماركي ترايني ديرهولم والمخرجة الإيرانية والرسامة ميترا فارحاني و «نجمة» السينما المستقلة الأميركية غريتا غرونغ والمخرج الفرنسي المتأمرك كيشال غوندري والممثل الصيني الراسخ طوني لانغ، على الأقل منذ «في مزاج الحب»، وأخيراً الممثل النمسوي كريستوف والتز الذي لا يمكن نسيان أدائه الرائع في تحفة كوينتن تارانتينو «أوغاد سيئو السمعة». وهذه اللجنة هي التي بدأت منذ أمس بمشاهدة الأفلام المتبارية لتوزع في النهاية ثماني جوائز رئيسة بين أفلام يكتشفها الجمهور للمرة الأولى، ومن أبرزها، إلى جانب فيلم الافتتاح، فيلم الأميركي ريتشارد لينكليتر الجديد «عهد الصبا» يقابله من فرنسا فيلم المخضرم آلان رينيه «أن نحب ونشرب ونغني» وفيلم الفرنسي من أصل جزائري رشيد بو شارب «درب العدو» الذي كان برز خلال السنوات الفائتة على الأقل بفيلمين له نالا حظوة نقدية وجماهيرية وصخباً سياسياً هما «السكان الأصليون» و «الخارجون على القانون». وإلى هذه الأفلام الآتية من بلدان راسخة سينمائياً هناك مجموعة أفلام من ألمانيا، البلد المضيف، والدنمارك وبريطانيا والنمسا، لعل أبرزها وأكثرها لفتاً للنظر «جاك» للألماني إدوارد بيرغر و«كرافتيديوتين» لهانس بيتر مولند المنتج في شكل مشترك بين النرويج والسويد والدنمارك و «محطات التقاطع» للألماني ديتريك بودجيمان و «الجميلة والوحش» في نسخة جديدة ألمانية – فرنسية الإنتاج لكريستوف غانس، و«ماكوندو» وهو الأول للمخرج الإيراني المقيم في النمسا مرتضى سودابه، و«عوالم وسيطة» لفية آدالاغ... إلخ. أما العرضان اللذان قد يحوزان أكبر مقدار من الشعبية في التظاهرة الأساسية – إنما خارج المسابقة – فهما جديد الدنماركي لارس فون ترير «نيمفومانياك المجلد الأول»، لسمعته كواحد من أكثر الأفلام «الجدية» إباحية في السينما المعاصرة، و«صروح أميركية» من إخراج جورج كلوني في عودة إلى وراء الكاميرا تبهر معجبيه، خصوصاً معجباته، الكثر كالعادة...

ثلاث نساء من عندنا

وإذا كنا ذكرنا الجزائري الأصل رشيد بو شارب مشاركاً أساسياً في المسابقة الرسمية، فإن هذا يدفعنا إلى التساؤل عن حصة العرب في هذه الدورة من هذا المهرجان السينمائي العالمي الكبير، هم الذين اعتادوا أن يكون لهم حضور لافت في المناسبات السينمائية العالمية خلال السنوات الأخيرة التالية لما كان يسمى «الربيع العربي»... صحيح أن تفحص وثائق المهرجان وتظاهراته، سيضعنا أمام أسماء كثيرة ستبدو للوهلة الأولى ذات رنات عربية، ولكن سرعان ما سنكتشف جو معلوف آتياً من أميركا وكريم عرنوز من البرازيل وآخرين من الهند أو من إيران... ومع هذا، لن يخلو الأمر من حضور عربي، في شكل أو في آخر، لكن اللافت، وربما المثير للبهجة أيضاً، على رغم تدني المشاركة العربية في شكل عام، هو أن هذا الحضور العربي الصافي هو أولاً وأخيراً، حضور نسائي: السعودية هيفاء المنصور التي تشارك بشخصها لا بفيلم جديد لها في تظاهرة تضم عدداً من الكتاب والمنتجين العالميين يتحدثون عن كيفية حكاية الحكاية في السينما. أما في العروض السينمائية فهناك المخرجة والناقدة المصرية المقيمة في ألمانيا فيولا شفيق من خلال فيلم جديد لها هو «أريج» عن الثورة المصرية، وكذلك هناك جيهان نجيم المشاركة بفيلم «الميدان» المرشح لجوائز الأوسكار. وإلى تلك السينمائيات العربيات يمكن أن نضيف سينمائيين شباناً من الأردن وغيره يأتون بحثاً عن دعم لمشاريع جديدة.

في شكل عام يبدو الحضور العربي ضئيلاً... لا سيما إذا قارناه بالحضور الصيني الذي يشمل كل التظاهرات والندوات تقريباً، خصوصاً المسابقة الرسمية حيث تتمثل السينما الصينية وسينمات جنوب شرقي آسيا مجتمعة بما لا يقل عن خمسة أفلام، منها جديد يي لو «المدلك الأعمى» وفيلم الياباني يوجي يامادا «البيت الصغير»... أما سينمات أميركا اللاتينية، فإنها تمعن في حضورها متفوقة على المناطق الأخرى، وذلك أيضاً بدءاً من المسابقة الرسمية حيث تشارك أفلام من الأرجنتين («حكاية الخوف» لبنجامين نيشتات و «الجانب الثالث من النهر» لسلينا مورغا) والبرازيل («رهان المستقبل» لكريم عينوس)...

في اختصار يمكن القول إن كل منطقة في العالم لها حصة في هذه الدورة من «برلين»، وكيف لا يكون الأمر على هذا النحو والمهرجان نفسه يضم كل هذا العدد من التظاهرات التي سنعود إلى ما هو رئيسي ولافت منها في رسائل لاحقة؟ فمن تظاهرة المواهب إلى «أفلام الطبخ» ومن «الفوروم» إلى «البانوراما» بدءاً بمسابقة الأفلام الطويلة ومسابقة الأفلام الأولى والعروض الوثائقية ودروس السينما والندوات، وصولاً إلى التكريمات والعروض المستعادة تحتفل السينما العالمية هنا بنفسها وجديدها. ولكنها وسط هذا كله، لا تنسى الإاحتفال بتاريخها في عروض لا شك في أنها ستجتذب أعداداً كبيرة من المتفرجين... عروض تحمل كل الحنين إلى الكلاسيكيات الكبرى وأزمانها وتحمل من العناوين ما هو جدير بأكبر الموسوعات والمتاحف السينمائية: الياباني «خريف متأخر» لياسوجيرو أوزو، البريطاني «كارافاجيو» للراحل ديريك جامان، «عيادة الدكتور كاليغاري» للألماني التعبيري روبرت فاين، وتحفة هيلما ساندرز التي تعود إلى بداية الثمانينات «ألمانيا، أيتها الأم الشاحبة»، إضافة إلى «البطل» للهندي الراحل الكبير ساتياجيت راي، وأخيراً «ثائر من دون قضية» الفيلم الأميركي الذي خلق أواسط سنوات الخمسين أسطورتي مخرجه نيكولاس راي وممثله جيمس دين في وقت واحد.

الحياة اللندنية في

07.02.2014

 

«شبق» للارس فون تراير.. أنطولوجيا معرفية

إيمان حميدان/ باريس 

بعد "راقص في الظلام"، و"المسيح الدجال"، و"ميلانكوليا"، يعود الكاتب والمخرج الدانمركي لارس فون تراير بعمل سينمائي جديد بعنوان "شبق"، الذي بدأت عروضه في الصالات الباريسية بداية هذا العام، بعد ان اقتطع المخرج منه أكثر من ساعة ليصبح من جزءين كل منهما حوالي الساعتين. "شبق" هي حكاية "جو" وممارساتها الجنسية التي تدفع برغباتها الى أقصى الحدود، منذ سن المراهقة وحتى سن الخمسين.

شارلوت عينسبورغ، التي حصدت جائزة سيزار في اول مطلعها المهني عام 1986، والآتية من عائلة فنية بامتياز (ابنة سيرج غينسبورغ وجين بيركين)، هي الآن إحدى ممثلات فون تراير المفضلات. بعد نجاح فيلم "المسيح الدجال" عام 2009 وميلانكوليا عام 2011 اللذين لعبت فيهما شارلوت دور البطولة، اختارها فون تراير لتمثيل فيلمه الأخير أيضاً الذي تقاسمت فيه لعب دور الشخصية الأساسية جو مع الممثلة الشابة الفرنسية الإنكليزية ستايسي مارتن التي تلعب فيه دور جو وهي مراهقة. ستايسي مارتن الجميلة ابنة الـ23 ربيعاً هي اكتشاف فون تراير الجديد. ومَن شاهد فيلم "آخر تانغو في باريس" لبرتولوتشي لا بد ان تُذكِّره ستايسي مارتن بماريا شنيدر التي دخلت التمثيل السينمائي بفيلم فضائحي الى جانب عملاق كبير هو مارلون براندو. هذا الفيلم لاحق شنيدر ولاحق مهنتها حتى موتها عام 2011، ولم تستطع ان تخرج من صورتها فيه لتصبح ممثلة أدوار مختلفة. لا نتمنى لستايسي مارتن هذه النهاية بالتأكيد، ونتوقع أن يكون لها في مستقبل قريب مكان واسع في عالم الفن السابع.

سنحاول قدر الإمكان عرض مضمون الفيلم، الذي نعلم مسبقاً أنه من الصعوبة ان يُعرض في بيروت. الجزء الأول يبدأ بسليمان (الممثل السويدي ستيلان سكارغارد)، رجل ستيني، يبدو هادئاً، جدياً، وحيداً ومثقفاً، يقضي وقته بالقراءة والاستماع الى موسيقى باخ، يجد في الشارع الضيق المؤدي الى بيته امرأة ملقاة على الارض، يظهر من شكلها ومن الكدمات والدماء على وجهها ويديها وثيابها انها تعرضت لضرب عنيف ومبرح. يساعدها على الوقوف ويدخلها الى بيته ويهتم بمداواتها.

هذه الصدفة، التي ربما أنقذت جو من الموت، هي المدخل لتشكيل نسيج الفيلم من خلال سرد جو لقصتها بناء على طلب سليمان. سرد القصة هو مفتاح الحكاية كلها. بدأت بسنوات طفولتها حين كانت مع صديقتها تحاول اكتشاف رغباتها، وسط جو عائلي كانت فيه الأم باردة الى أقصى الحدود ولا تظهر عاطفتها اتجاه الإبنة الوحيدة بل تقضي وقتها بلعب الورق، وخاصة لعبة "سوليتير" التي تقتضي ان يلعبها لاعب واحد من دون أي مشاركة مع الآخرين! لعب الأب، وهو طبيب، دور الوسيط الذي يطوّر الحلم عند جو عبر العلاقة مع الطبيعة والشجر، إلا أنه مات والإبنة ما تزال في سن المراهقة. فقدت جو عذريتها بطريقة خالية من الحب ومستوحدة عبر شاب يكبرها بسنوات قليلة ولا يبدي أي مشاعر إيجابية نحوها. كان الجنس لعبة للصديقتين يلهوان بها عبر وسائل متعددة من حمام البيت، الى المدرسة ورحلة القطارات إلى أماكن أخرى.

علاقات خالية من الحب ومن الرومنسية. قد تكون هذه أيضاً فكرة من أفكار فون تراير التي سنعود اليها في نهاية هذا المقال. علاقات ستؤدي بالضرورة الى الشعور بالفراغ لا بل بالخواء ضمن مجتمع تسيطر فيه الرغبات الذكورية على تحديد طبيعة العلاقة نفسها. في نهاية الجزء الأول من الفيلم تفقد جو أي قدرة على بلوغ اللذة او الإحساس بجسدها، وذلك بعد ان استقرت مع رجل احبته هو جيروم (يلعب الدور شيا لوبوف).

÷ بات جيروم يعلم أن هناك مشكلة جنسية بينهما وأنه لا يستطيع إشباع رغبات جو، ويوافق بامتعاض أن تشبع رغبتها مع غيره، حتى الطفل، طفلهما، لم يستطع حضوره في حياة جو أن يثنيها عن اللهاث في التفتيش عن إشباع رغباتها. مشهد ترك طفلها وحيداً والخروج هو ذروة ابتعاد جو عن الواقع، والتي ذهبت محاولاتها الى حدودها القصوى في تجارب الجنس مع رجال عديدين، وفي مشاهد عديدة لا يسع المشاهد سوى الملل من ابتذالية القصص وعاديتها، إحساس عميق أنَّ ما يشاهده مكرر. كالمنظر المضحك في غرفة فندق رخيص مع شابين أسودين لا يتكلمان سوى لغتهما المحلية الأفريقية، الى جلسات في السادومازوشية. تلتقي بـ"ك" (جايمي بيل) معلم ومدرب في السادومازوشية لاستعادة النساء لذتهن، تترك جسدها لعدوانيته "كتدريب" لتُجلد مراراً حتى تُدمى. بدأت أكثر فأكثر تهمل بيتها وطفلها، وتترك طفلها وحيداً في البيت كي تذهب الى جلستها مع "ك". في مشهد يذكرنا بمشهد سقوط في فيلم سابق لفون تراير وتمثيل شارلوت عينسبورغ أيضاً في "المسيح الدجال"، كاد الطفل أن يقع من الشرفة الى الشارع لولا وصول جيروم وحمله الى الداخل. وحين تعود يخيّرها إما الاهتمام بالطفل او بلذتها. وهي انقادت الى البحث مجدداً عن لذتها الضائعة فيما خرج جيروم مع الطفل نهائياً من البيت. إلا أن جيروم الذي لا يستطيع الاهتمام بطفل، فقد عهد به الى عائلة لتربيه.
بعد أن هُدّدت بطردها من عملها، تلتحق جو بطبيبة نفسية وتشارك في جلسات حوار نسائية جماعية يتحدثن فيها عن مشاكلهن الجنسية. إلا أنها بعد وقت تحققت من أن هذه الجلسات لا تفيدها لأنها محاولات لتشجيعها على كبت رغباتها وعدم الاعتراف بها. توصلت الى أن تتصالح مع نفسها وتقول "أنا امرأة شبقة ويجب ان أفهم نفسي وأتعايش مع طبيعتي".

العودة الى نقطة الصفر

÷ في الفصل الأخير، تلتقي جو بـ"ل"، وهو رجل يعمل لمصلحة اثرياء يجمع لهم ديونهم من المديونين بوسائل غير شرعية يستعمل فيها الجنس والعنف والترهيب. طلب من جو العمل لديه بعد ان فقدت وظيفتها. بفضل معرفتها وتجاربها الجنسية وبمساعدة رجال عنيفين بدأت جو بعملها عبر ممارسة الضغط على كل دائن كي يذعن ويدفع ما عليه. في لحظة ما يطلب منها صاحب العمل "ل" ان تتعرف على مراهقة، واسمها في الفيلم "ب" من ابوين محترفين في الاعمال المخلة بالقانون وتصبح شيئاً فشيئاً شريكتها في العمل. الى ان تذهبا يوماً الى استعادة دين ما من احدهم وأمام الباب تكتشف جو ان هذا المديون ما هو إلا جيروم الرجل الذي أحبت وهو أب ابنها. فتتراجع هي وتطلب من "ب" مع الرجال المرافقين ان يقوموا بالمهمة وحدهم. صارت "ب" تتردد على جيروم لتكتشف جو لاحقاً أن علاقة حميمة وقوية نشأت بينهما. تتملكها الغيرة، وتلحقهما بمسدس يخص "ب" وتحاول قتل جيروم في ذلك الزقاق الذي كانت مرمية فيه. إلا أن المسدس لا يعمل ويشبعها جيروم ضرباً. في ذلك المكان وجدها سليمان وهكذا تكتمل دائرة قصتها. إلا أن مشهداً أخيراً يقلب به لارس فون تراير القصة كلها ويعيدها الى نقطة الصفر والى دائرة مقفلة، حين يظهر سليمان انه "ذَكَر" يشبه كل الرجال الذين قابلتهم جو في حياتها، ويحاول اغتصابها وهي نائمة كونها "ضاجعت مئات الرجال كما يصفها في تلك اللحظة"، فما كان منها إلا أن عاجلته بطلقة مسدس نجحت فيها هذه المرة. ثم هربت.

كل الثقافة

÷ أعمال فون تراير دائماً مثيرة للنقاش في اوساط المختصين بالفن السابع. يطرح في كل فيلم من أفلامه جملة مفاهيم تستحق التفكير والنقاش، ويسخّر لهذه الغاية كل الإرث الديني المسيحي والرموز المحيطة به ويذهب أحياناً الى استعارة الإيحاءات الميتولوجية لقول ما يريد. استطيع القول إن فون تراير اصبح متخصصاً بتقديم افلام تتميز بـ"الانطولوجيا المعرفية" اذا صح التشبيه. لكنه احيانا يُغرق المشاهد في استعارات ليست بالضرورة مهمة او تقدم رافعة للفيلم الا انها تخلق جواً من الإثارة يريدها دائماً فون تراير ان تكون عنوان اعماله. مثالا على ذلك استعمال الارقام في فيلمه الاخير. وربطها بأرقام تاريخية اخذت من القصص الدينية مثل رقم 39 وهو عدد ضربات السوط التي تلقاها المسيح... الخ.

÷ لكن الممتع في اعمال هذا المخرج انها تسمح للمشاهد برؤية الفيلم وتفسيره انطلاقاً من زوايا معرفية عدة. في فيلمه الاخير نرى انه سخّر كل تفصيل لإغناء فيلمه. حتى اختياره لأسماء الشخصيات لا يأتي مصادفة. من اسم جو الذي هو بالأصل اسم مذكر، الى سليمان، الى حروف وحيدة كأسماء لشخصيات ثانوية. أحياناً استعماله للرموز الدينية لم يكن سوى ألعاب ماهرة وناجحة في خلق مناخ يُغني الفيلم ويخرجه من روتين خلقته القصص الجنسية المتكررة التي احيانا تشعرنا بالملل. هذا كان من الصعب الشعور به خلال مشاهدة فيلم ميلانكوليا. ومهما كانت قصة المرأة الشبقة ايروتيكية وحسية الا ان سيرورتها الجنسية رغم اثارتها تبدو مكررة لهواة الفن السابع (ربما ليس لعابري سبيل السينما) وغير كافية لرفع الفيلم ولشد أنظار المشاهدين لولا تطعيمه بحوار ذهني يربط قصص الشخصية الاساسية جو بباقة لا يستهان بها من المفاهيم والنصوص الأدبية والدينية والحوادث التاريخية والموسيقى وحتى تقنيات صيد السمك. معظمه جاء على لسان الشخصية المهمة في الفيلم، سليمان الرجل الذي آوى جو وأعطاها الفرصة لتحكي قصتها. ربما هذا هو ما يتمتع به فون تراير في اعماله السينمائية، اذ يفتح العلوم كافة على الفن والأدب والموسيقى ويربطها بالتاريخ والميثولوجيا.

÷ سرد جو لقصتها، وربطها بالعالم عبر الموسيقى والادب عبر سليمان هي مرآة سمحت لجو ان ترى نفسها تماماً وسط عالم متناقض يكثر فيه العنف والشر والكذب. الحوار بين الاثنين سمح لفون تراير، شأنه دائماً، ان يلقي الينا بحزمة من قِيَمه ابتداء بإبراز قيمة الحب الى جانب قيمة الرغبة واللذة، ثم بمناصرة المرأة والدفاع عن حقها في اخذ زمام ادارة رغباتها وحياتها الجنسية بحرية، الى التهكم على الأنظمة الديموقراطية الغربية التي تمنع الحرية في الكلام وتحذف كلمات من قاموس اللغة بحجة انها ليست صحيحة سياسياً

(Politically correct)

÷ بينما في الحقيقة ما تزال المشاعر العنصرية، كذلك العدائية تجاه المرأة، فضلا عن ذكورية المجتمع في النظرة الى المرأة وإلى مفاهيم العائلة والأمومة والأبوة، ما زالت كما هي ولم تتغير، وضُبطت عبر ضبط اللغة فحسب. الا ان نقد قِيَم المجتمع الذكوري عبر طرح قيم أخرى أراد فون تراير إيصالها لنا بدت أحياناً غير مقنعة ومتناقضة وخاصة حين تأتي على لسان جو التي هي بالاساس المرأة التي تخوض تجربة عنيفة في اللحاق برغباتها والتي الى حد ما تفقد علاقتها مع الواقع. فبدا من الصعب لي كمشاهدة ان اراها أيضا المرأة "الفهّامة" والناقدة للمجتمع في الفيلم!!

÷ فيلم فون تراير جدير بالمشاهدة، وإن كانت تقنية تقسيمه الى فصول ثمانية ناجحة (فضلاً عن أنه مؤلف من جزءين) إلا أن محاولة الدخول الى كل فصل عبر جملة او تفسير قصير يقوم به سليمان او سؤال من جو، بدت سطحية في لحظات كثيرة، كأن تسأل جو سليمان ان كان لديه مرآة، ثم فوراً ينتقل الفيلم الى احد الفصول الذي يحمل عنوان المرآة، او أن تشاهد جو ايقونة معلقة على الحائط وتطلب من سليمان ان يفسرها لها فيبدأ بالشرح حول معنى الكنيسة الغربية (الحزن العذاب الألم) والكنيسة الشرقية (النور الفرح)...ثم يبدأ فصل "الكنيسة الشرقية والكنيسة الغربية" او "البط الصامت". قد يكون الانتقال من فصل الى آخر أضعف التقنيات في الفيلم جعله دائماً يقترب من حافة غير بعيدة عن الملل.

السفير اللبنانية في

07.02.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)