كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

اللبنانيون خطفوا جوائز «أبو ظبي»

بهيج حجيج وماهر أبي سمرا ورانيا عطية

أبو ظبي ـــ زياد عبد الله

مهرجان أبوظبي السينمائي الرابع

أبوظبي للثقافة والتراث
   
 
 
 
 

مفاجأة المهرجان الذي اختُتم قبل أيام، كانت فوز لبنان بالبطولة المطلقة. أفلام تحكي تاريخ هذا البلد وتحولاته عبر زوايا ومكابدات شخصية وجردات حساب لا تنتهي مع الذات والجماعة. أما الشعر فاحتل الصدارة مع تتويج شريط الروسي أليكسي فيدورتشنكو «أرواح صامتة»

المخطوفون، والشيوعيون، والابن الوحيد في طرابلس... اختزال سريع للجوائز العربية في الدورة الرابعة من «مهرجان أبو ظبي السينمائي» التي جاءت لبنانية بحتة. وقد اجتمعت أيضاً على استفادتها من منح صندوق «سند» لتمويل الأفلام التابع للمهرجان. «اللؤلؤة السوداء» لأفضل روائي عربي كانت من نصيب بهيج حجيج عن فيلمه «شتي يا دني» (راجع المقال أدناه)، وأفضل وثائقي لماهر أبي سمرا عن فيلمه «شيوعيين كنا» مناصفةً مع فيلم الهولندي جورج سلاوزر «وطن». أما «اللؤلؤة السوداء» لأفضل مخرج جديد في العالم العربي ضمن مسابقة «آفاق جديدة»، فذهبت إلى اللبنانية رانيا عطية والأميركي دانييل غارسيا عن فيلم «طيب، خلص، يلا».

الجوائز معقدة ومتشعّبة وسخية، وعرضة أيضاً للتعديلات الطارئة. الأفلام العربية ضمن المسابقة الرسمية (مقسومة إلى مسابقة عامة وعربية) شاركت إلى جانب الأفلام الأجنبية الأخرى، على رغم أنّ لها جائزتها الخاصة المعادلة لقيمة الجائزة العامة (100 ألف دولار). وقد تنافس على المسابقة العامة هذا العام إضافة إلى «شتي يا دني»، كل من «رسائل البحر» لداوود عبد السيد و«روداج» لنضال الدبس فقط لا غير. بينما كانت «اللؤلؤة السوداء» لأفضل فيلم روائي في المسابقة الرسمية ككلّ من نصيب الروسي أليكسي فيدورتشنكو عن فيلمه الاستثنائي «أرواح صامتة».

لكن حتى الجوائز العربية لم تكن عربية أيضاً. مع أبي سمرا، جاء سلاوزر وقد عدلت صيغة الجائزة في الوثائقي فقط وأصبحت جائزة لأفضل وثائقي عربي أو فيلم يتناول قضية عربية، علماً بأنّ سلاوزر وفيلمه يستحقان الكثير، هو المصرّ على مواصلة توثيقه لحياة الشتات الفلسطيني. ومن اللافت أيضاً أن الفيلم العربي الوحيد الذي كان منافساً لأبي سمرا في مسابقة الوثائقي، هو شريط محمد سويد «بحبك يا وحش»، الذي يستكمل فيه توثيقه لبيروت وصيدا بطريقته المميزة. بينما كانت «اللؤلؤة السوداء» لأفضل وثائقي في مجمل المسابقة مناصفةً بين «حنين إلى الضوء» للتشيلي باتريسيو غوزمن، و«ساري زهري» للإنكليزية كيم لونغينوتو.

كذلك فإن جائزة أفضل مخرج جديد في العالم العربي كانت أيضاً لغير عربي، أي من نصيب الأميركي دانييل غارسيا الذي شارك اللبنانية رانيا عطية فيلمها الطرابلسي الجميل.

«تشي: رجل جديد» غنيّ بمادة أرشيفية جمعها تريستان باور على مدى 12 سنة

بين طرابلس وبيروت، سنمضي. بهيج حجيج سيدع المخطوف العائد بعد عشرين عاماً، هائماً على وجهه في شوارع بيروت يجمع الأكياس الملونة في «شتي يا دني»، بينما سنقع على شاب ملتصق بأمه في «طيب، خلص، يلا» هائماً في شوارع طرابلس بعد ذهاب أمه فجأة إلى بيروت. هو وحيد ينتقل من مكان إلى آخر، ويزداد وحدة في غيابها. حياته لا شيء فيها إلا أمه ومحل الحلويات الذي يديره ومجسمات السيارات التي يجمعها. إلا أنّ غياب أمه سيضرب له موعداً مع العوالم السفلية لطرابلس والجوانب الخفية منها. وهنا انعطافة الفيلم الدرامية. الشريط المصوّر بكاميرا «ايتش دي كام» محمولة تهتزّ في أحيان كثيرة، لا يفارق التوثيق لطرابلس المدينة. يبدأ الفيلم من توصيف المدينة وشباب يحرقون الإطارات احتجاجاً على انقطاع الكهرباء.

في التنقّل بين أفلام هذا العام، ستحضر قضايا كثيرة، على رأسها منطقتنا العربية، لكن بعيون غير عربية، مثلما هي الحال مع «ميرال» جوليان شنابل، و»حرائق» الكندي دني فيلنوف (جائزة أفضل ممثلة للبنى أزابال عن دورها فيه) وصولاً إلى «كارلوس» لأوليفييه أساياس الذي نال تنويها خاصاً من لجنة التحكيم، لأنّه يقدّم «حقبة زمنية ومنطقة جغرافية وشخصية مثيرة للجدل»... كما لو أن الأفلام الأخرى لم تفعل ذلك! وفي هذا السياق، فإن «شيوعيين كنا» سيمثّل الحركة بين الماضي والحاضر، ثم سرعان ما ينغمس في الراهن. وبناءً عليه، يتحرّك الشريط من خلال الرفاق في نطاق الشيوعي المعتصر بين المسيحي والإسلامي في الماضي، ثم يمسي معتصراً بين الشيعي والسنّي.

لكن مع «تشي: رجل جديد» الفيلم الاستثنائي الذي حملته مسابقة الوثائقي، سنكون أمام غيفارا الراهن، وضحكته مهيمنة على مادة أرشيفية ووثائقية مترامية جمعها الأرجنتيني تريستان باور برفقة مخرجين آخرين على مدى 12 سنة... بما فيها وثائق تظهر للمرة الأولى من خلال التسهيلات التي قدمها الرئيس البوليفي ايفو موراليس، مثلما هي الحال مع التسجيلات الصوتية للقصائد التي تركها غيفارا لزوجته، وكتابه غير المكتمل عن تجربة الاتحاد السوفياتي الذي ألّفه بعد عودته من الكونغو.

«أرواح صامتة» الفائز بالجائزة الكبرى كان خارج تلك السياقات. إنّه بحق الفيلم القصيدة الذي يمنح للشعائر مجازاتها البصرية، ويحتفي بالجسد بوصفه خزان لذة وشعائر، من خلال طقوس ايروتيكية وثنية على وجه الدقة. الفيلم غنائية كبرى عن الحب بكل تفاصيله الصغيرة والكبيرة، الجنسية والنفسية والروحية، يسير على إيقاع خاص تمتزج فيه مشاعر زوج تانيا والراوي: الأول يغرق في الماء بحثاً عن تانيا التي نثر رمادها في النهر، بينما سيبحث الراوي عن الآلة الكاتبة لوالده الشاعر الذي مات أيضاً من شدة حبه لزوجته التي حرق جثتها.  

عودة إلى مخطوفي الحرب الأهلية

يتخذ بهيج حجيج من المخطوفين إبان الحرب الأهلية اللبنانية معبراً كاملاً إلى جديده «شتي يا دني» الفائز بـ«اللؤلؤة السوداء» عن أفضل شريط روائي عربي طويل. يجد في المطر أفضل ما يمكن أن يختم به الفيلم، فيكون عنوانه وخاتمته.

بين البداية والخاتمة، ينسج الفيلم علاقات لا تكتمل، ولا نعرف إن كان ذلك سيكون مصير المخطوف، أو أنّ هذا مجرد مبرر (غير سينمائي) كي تبقى العلاقات معلّقة غير موظفة بالكامل في نسيج درامي يجمعها جميعاً بقبضة محكمة.

سيحكي الشريط مصائر ثلاثة مخطوفين: الأول رامز (حسان مراد) الشخصية الرئيسية، الذي نقع عليه وقد حان موعد إطلاق سراحه. نشاهده في غرفة معتمة ومحتشدة بالبشر، ونمضي معه وهو يعود إلى حياته التي سيعجز عن الانخراط فيها. لن يستطيع التواصل مع زوجته ماري (جوليا قصار)، لا حياتياً ولا عاطفياً ولا جنسياً. وسيكون بعيداً عن ولديه اللذين سيجدان فيه كائناً غريباً، وقد اختطف بينما كانت ابنته لا تزال في الثالثة، وأصبحت اليوم عازفة تشيلو (ديامان بو عبود). أما الابن (إيلي متري) الذي كان يبلغ الخامسة حين اختُطف والده، فقد أصبح اليوم موظفاً في وكالة إعلانات.

«شتي يا دني»: أدوات تلفزيونية أحياناً

تلك العلاقات ستكون الناظم الرئيس للفيلم، وسيخيّم عليها الاضطراب والتشويش جرّاء غياب الأب الممتد أكثر من عشرين عاماً. لكنّ الأب العائد، سيُشغل عن هذه العلاقات بتجميع الأكياس الملونة، ثم يصادف امرأة وحيدة (كارمن لبس) أمضت حياتها تنتظر زوجها المخطوف. هكذا، سنمسي مع مصير مخطوف آخر، يبقى غائباً عن الفيلم ومستعاداً عبر «الفلاش باك» المقبل من تلك المرأة.

العلاقة بين تلك المرأة ورامز ستبقى عصيّة على التصنيف. لن يكون رامز بديلاً من الزوج المخطوف، ولا هو في الوقت نفسه غير ذلك، مثلما هي الحال مع ماري زوجة رامز التي تكون على علاقة مع رجل نشاهده لمرة واحدة. أما المرأة الأخرى التي يبدأ بها الفيلم وهي تناشد خاطفي طفلها على صفحات جريدة «السفير»، فتظلّ حاضرة كلازمة متكررة تتبع بالعزف على التشيلو، وتنتهي بإخبارنا بأن هذه السيدة انتحرت. ونكون هنا أمام المصير الثالث الخارج عن سياقات الحكاية التي ينسجها، وتندرج في النهاية ضمن عينة واقعية ومأساوية لمصائر المخطوفين أو المختفين.

الحرص على تقديم تنويعات من حالات المخطوفين ومصائرهم سيتغلّب في النهاية على كل ما عداه. وقد جاءت بنية الفيلم وفية أولاً للمخطوف بالمعنى التنويعي للكلمة، من دون إعطاء الشخصيات والحكايا المقترحة مجالها السينمائي الذي كانت تتداخل أدوات تلفزيونية في السرد. هكذا، اجتمعت ثلاثة مصائر في الزمن الافتراضي للفيلم، فيما رامز ينتهي مصارحاً المرأة بمصير زوجها الذي كان يعرفه منذ البداية وهو على سرير المرض.

زياد...

# # # #

عين الحلوة: مملكة النساء

إنها مملكة بحق. مملكة أقامتها النساء في غياب الرجال. بيوتها شُيدت حجراً فوق حجر بالأيدي الناعمة في أزمنة حالكة وقاسية. نساء حرقن الخيمة واستبدلن بها بيوتاً، رغماً عن الاحتلال الإسرائيلي. الإرادة تبدو نبضاً أساسيّاً لفيلم الفلسطينية دانا أبو رحمة «مملكة النساء: عين الحلوة».لا تحضر المادة الوثائقية بقوة في الفيلم، بقدر ما تحضر مرويات نساء مخيم عين الحلوة. يستعدن كيف أعدن إعمار بيوتهن التي هدمها الجيش الإسرائيلي في اجتياح 1982، بعدما اعتقل رجال المخيم الذين تراوح أعمارهم بين الرابعة عشرة والستين.

عنوان الفيلم هو المعبر الأكثر دقة إليه. بمعنى أنّ النساء عنصر حاسم في التأسيس لهذا المخيم/ المملكة. يأتي هذا التوصيف أيضاً على لسان إحدى السيدات اللواتي يتكلمن في الفيلم عن معاناتهن أثناء الاجتياح الإسرائيلي. ولعل كلمة معاناة غير دقيقة، لأن النساء اللواتي نشاهدهن، يمثلن مفهوم الصمود أكثر من المعاناة. لا بل إنّها ــــ أي المعاناة ــــ لن تروى إلا بمسحة كبيرة من التفاؤل، والنساء يتكلمن عن منجزاتهن أثناء الاجتياح في ظل الاختفاء التام للرجال، وبقدر كبير من المرح واجتراح النكات. تستعين أبو رحمة برسوم توضيحية لما ترويه السيدات، لا بل إن الرسوم الغرافيتية في الفيلم بمثابة تجسيد بصري لما نسمعه من بطلات المخيّم. في النهاية، يستسلم الجنود لإرادة النساء في بناء بيوتهن بدل الخيم. هكذا، نجد من تخبرنا عن آلام الظهر التي عانت منها، بينما تروي سيدة أخرى كم كان بطيئاً الرجل السبعيني الوحيد الذي ساعدهن. ولعل هذه التفاصيل وقدرة النساء على سردها بدفء ومرح ستكون من أهم العناصر التي منحت الفيلم خصوصية متأتية من خصوصية النساء اللواتي ظهرن فيه.

في المستوى الثاني من الفيلم، التركيز هو على حاضر المخيم ومصائر تلك النسوة وحفاظهن على الهوية الفلسطينية من خلال التطريز وأعمال أخرى، مروراً بالأولاد، وحلم بعضهم بزيارة فلسطين من خلال فرقة الرقص التي يشاركون فيها، وصولاً إلى المخيم نفسه ببيوته المتلاصقة وأزقته الضيقة والملتوية. كل ما تتمناه النساء ألّا يعيش الأبناء ما عشنه وأن تكون أيامهم أفضل.

ز. ع.

الأخبار اللبنانية في

25/10/2010

# # # #

3 أفلام لبنانية تفوز بالجوائز الأولى في مهرجان أبو ظبي

النتائج بين أعين النقّاد وأعين المُشاهدين

نديم جرجورة/ أبو ظبي :  

لم يكن الأمر مفاجئاً. الجوائز الممنوحة من مهرجانات سينمائية عربية ودولية إلى أفلام ومخرجين لا تصنع إجماعاً بين المشاهدين والنقّاد وأعضاء لجان التحكيم. لكل فريق حساسية ومزاج مختلفان. أعضاء لجان التحكيم أنفسهم مختلفون عن بعضهم بعضاً، تماماً كالمُشاهدين والنقّاد، في حين أن النتائج النهائية التي يتّفق عليها أعضاء لجان التحكيم تصدر عن إجماع الأكثرية، أو عن توافق ما. هذا ما حصل أيضاً مساء الجمعة الفائت: إعلان النتائج النهائية للمسابقات الرسمية الثلاث الخاصّة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان أبو ظبي السينمائي»، في فئات الأفلام الروائية الطويلة والأفلام الوثائقية و«آفاق جديدة». لكل فئة لجنة تحكيم. ولكل لجنة تحكيم توجّهات ورؤى وأفكار وأنماط سينمائية عدّة. المُشاهدون والنقّاد في طرف آخر. الأولون يُطالبون، غالباً، الأسهل والأقرب إلى سكينة داخلية ما. هذا تعميم لا يجوز وأمزجة مشاهدين قد يتوقون إلى الصدام والمثير للسجال والانفعال. النقّاد يريدون الأجمل والأفعل والأقوى، فنياً ودرامياً وجمالياً. يريدون الأقدر على إضافة شيء جديد، أو على مشاكسة المألوف. هذا تعميم أيضاً. نقّاد عديدون يسعون إلى الأسهل والأمتن سينمائياً. بعضهم يقول إنه يُفترض بجوائز المهرجانات أن تتطابق وأمزجة المُشاهدين. هذا نقاشٌ آخر.

سجال

إنه سجال نقدي لا ينتهي. النتائج النهائية لمسابقات الدورة الرابعة لـ«مهرجان أبو ظبي السينمائي» أفضت، بدورها، إليه. بعض الزملاء توقّع فوز الفيلم اللبناني «شتّي يا دني» لبهيج حجيج بالجائزة الأولى (مئة ألف دولار أميركي) في فئة «أفضل فيلم روائي طويل عربي»، إثر مشاهدته الفيلمين العربيين الآخرين «روداج» للسوري نضال الدبس والمصري «رسائل البحر» لداود عبد السيّد (المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة)، لأنهما أقلّ أهمية، درامياً وجمالياً وفكرياً وبصرياً. لكن التوقّع شيء، والنقاش النقدي حول الفيلم الفائز شيء آخر: لم يجد عددٌ من هؤلاء الزملاء الفيلم ناجحاً في مستويات شتّى، أبرزها آلية المعالجة الدرامية للشخصيات والمادة المختارة (عودة مخطوف إلى ذويه، ورحلة الآلام الجديدة لهم جميعهم). زملاء عديدون انفضّوا، نقدياً، عن «شيوعيين كنّا» للّبناني ماهر أبي سمرا (أفضل فيلم وثائقي عربي أو عن العالم العربي، مناصفة مع الفيلم الهولندي «وطن» لجورج سلاوزر، وقيمتها المالية تساوي مئة ألف دولار أميركي). وجدوه عادياً، أو أقلّ من عادي. هؤلاء لم يتغاضوا، مثلاً، عن أن الفيلمين اللبنانيين الفائزين بالجائزة الأولى كلٌّ في فئته استفادا من منحة «سند»، التي قدّمها المهرجان نفسه إلى مشاريع سينمائية مختلفة. تماماً كما حصل مع الفيلم اللبناني الروائي الطويل الأول «طيّب، خلص، يلّلا» للثنائي رانيا عطية ودانييل غارسيا، الحائز على جائزة أفضل فيلم روائي لمخرج جديد من العالم العربي (مئة ألف دولار أميركي)، في مسابقة «آفاق جديدة». وهم، أي الزملاء، لم يتجاوزوا الأهمية الدرامية والجمالية للفيلم الأخير هذا، وإن لاحظوا العلاقة القائمة بين الجوائز والمنحة. ذهب بعضهم القليل جداً إلى حدّ السخرية الجميلة، بقوله إن الأفلام الثلاثة هذه «لبنانية» الإنتاج أيضاً: «كأن إدارة المهرجان أرادت التعبير عن اهتمامها بالشقيق الصغير سينمائياً، طالما أن الشقيق الصغير هذا لا يكفّ عن الهبوط إلى أسفل درْك ممكن من البؤس والخيبات والانكسارات، في السياسة والحياة العامّة». وإذا أضيف فوز ممثلة بلجيكية من والدين ذوي جذور إسبانية ومغربية، تُدعى لبنى آزبال، بجائزة أفضل ممثلة (خمسة وعشرون ألف دولار أميركي) عن دورها في الفيلم الكندي «حرائق» لدوني فيلّنوف، فإن «السخرية الجميلة» هذه تتّسع أكثر، لأن الفيلم المذكور تناول الحرب الأهلية اللبنانية من دون أن يذكرها.

غير أن جائزة أفضل ممثلة هذه أثارت اشمئزازاً كبيراً لدى عدد من المهتمّين بالجانب السينمائي البحت. فالصبيّة التي ظهرت سابقاً في لقطات عدّة في «الجنّة الآن» (2005) للفلسطيني هاني أبو أسعد، والتي مثّلت أدواراً صغيرة وأساسية بإدارة عدد من السينمائيين أمثال أندره تشيني وريدلي سكوت ونادر مكناش ونبيل عيّوش وغيرهم، بدت في «حرائق» أعجز من أن تمتلك حضوراً درامياً عادياً، في فيلم عانى ارتباكاً فظيعاً في نصّه البصري ومعالجته الدرامية وبنائه الفني الخاص بشخصيات وحالات. أهو الهمّ اللبناني لمهرجان عربي، أم عشوائية الاختيار، أم هواجس خاصّة بأعضاء لجان التحكيم، أم غياب الأقوى والأفضل، بالنسبة إلى أعضاء لجان التحكيم أنفسهم؟ لا فرق، أو بالأحرى لا أهمية. فالجوائز مُنحت. والفائزون فرحوا بها، خصوصاً أنها تتضمّن بدلاً مالياً يبدو واضحاً أن غالبيتهم الساحقة، إن لم يكونوا جميعهم، محتاجون إليه.

تنويعات

استعاد الوثائقي «شيوعيين كنّا» مرحلة يسارية لبنانية قديمة، من خلال لقاء ثلاثة أصدقاء للمخرج نفسه في محاولة البحث عن المآل التي بلغها كل واحد منهم، فظلّ عادياً في معاينته السينمائية تلك الحالات والانفعالات. بينما شكّل «وطن» مرآة لمآل من نوع آخر، بلغه أناس ظهروا في الأفلام السابقة للمخرج، الذي عاد إليهم اليوم بحثاً في المسارات التي عاشوها، والتحوّلات التي اختبروها، والمنعطفات الني شهدوها، في خط متوازن والبحث في مصير فلسطين والمخيمات والناس أيضاً.

إلى ذلك، فاز الفيلم الروسي «أرواح صامتة» لأليكسي فيدورتشنكو بجائزة «اللؤلؤة السوداء» كأفضل فيلم روائي طويل (مئة ألف دولار أميركي)، وأندرو غارفيلد جائزة أفضل ممثل (خمسة وعشرون ألف دولار أميركي) عن دوره في «لا تتخلّ عنّي أبداً» للأميركي مارك رومانك: بلغة سينمائية أقرب إلى الكتابة البصرية الشعرية، تناول الفيلم الروسي حكاية رجل أراد دفن زوجته الحبيبة بحسب تقاليد المنطقة، فسافر برفقة صديقه وجثمان الراحلة، في رحلة داخل الروح والذات والعلاقات. أما «لا تتخلّ عنّي أبداً»، فسرد سينمائي حاد وعنيف وجميل، عن ثلاثة أصدقاء عاشوا طفولتهم ومراهقتهم معاً في مدرسة صارمة التعاليم والتربية، اعتادت إدارتها «جلب» أبناء متعاطي مخدّرات ومومسات وسفلة ومجرمين، تمهيداً لأخذ أعضائهم منهم عند بلوغهم سنّ المراهقة، ومنحها إلى أناس محتاجين إليها. قصّة لا تقلّ حدّة وعنفاً داخلياً عن «أرواح صامتة»، وإن اختلفت المعالجة الدرامية بينهما.

أفلام أخرى فازت بجوائز أساسية لم تتسنّ لي مشاهدتها (في مقابل مشاهدتي أفلاماً متفرّقة لم تنل جوائز، على الرغم من جمالياتها البديعة)، باستثناء الوثائقي المصري «جلد حي» لفوزي صالح، الفائز بجائزة أفضل فيلم وثائقي لمخرج جديد من العالم العربي في مسابقة «آفاق جديدة» (مئة ألف دولار أميركي). كان يُمكن للفيلم المذكور أن يكون أعمق وأجمل في تناوله يوميات أناس فقراء مقيمين في منطقة «مجرى العيون» وعاملين في الدباغة، ومعرّضين لأنواع شتّى من الأمراض والانكسارات والخيبات. لكن «جلد حي» ظلّ على مسافة من موضوعه، الذي تناوله عبر يوميات متتالية، من دون أن يبتعد عن نقل وقائع مخيفة عن العيش في الحدّ الفاصل بين حياة وموت.

السفير اللبنانية في

25/10/2010

# # # #

 

جوائز مهرجان أبوظبي لقضايا فلسطين ولبنان

رسالة أبوظبي‏:‏ أحمد عاطف

أثبت مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي أنه ليس مكانا فاحش الثراء يستضيف فعالية كارتونية‏,‏ بل أنه محاولة جادة لتوظيف الثروة.

‏ لخدمة إبداع السينمائيين وإيجاد منبر فعال لعرض كل قضايا العرب الشائكة‏..والمتأمل لجوائز المهرجان التي أعلنت الجمعة الماضية ومنحتها أربع لجان تحكيم مختلفة بل قل خمسا إذا أضفنا لجنة تحكيم الجمهور سيجد أنها جوائز ثورية بكل معني الكلمة تنتصر للتجريبي في الفن وللأعمال ذات التوجه السياسي الجاد بل والمحرض أحيانا‏.‏ إن قضايا فلسطين ولبنان كانت العنوان الحقيقي للمهرجان‏,‏ وكأنها تيمته الرئيسية وفي الجوائز حضر ذلك بقوة‏,‏ فجائزة أفضل فيلم روائي طويل من العالم العربي كانت لفيلم شتي يادني للمخرج بهيج حجيج الكندي حرائق للمخرج دني فيلنوف وأدت دورا مستمدا كثيرا من دور المناضلة اللبنانية سهي بشارة التي تم تعذيبها بقسوة وقت الحرب الأهلية بلبنان أيضا والتنويه خاص من لجنة التحكيم‏.‏

كان للفيلم الفرنسي‏(‏ كارلوس‏)‏ وهو من تحف السينما العالمية هذا العام وقال بيان اللجنة إن السبب لتقديمه صورة معقدة عن حقبة زمنية ومنطقة جغرافية وشخصية مثيرة الجدل‏,‏ والفيلم يحاول تحليل شخصية الثائر الفنزويلي‏(‏ كارلوس‏)‏ الذي تأثر كثيرا بجيفارا وقام بالكثير من العمليات العسكرية ضد الغرب وضد الصهيونية بدعم من منظمة التحرير الفلسطينية ومن دول عربية أخري فعده الغرب ارهابيا ورأه الكثيرون مناضلا‏,‏ وهو الآن مسجون مدي الحياة بفرنسا بعد أن سلمته السودان بعد تحذيره‏.‏

أما جائزة أفضل فيلم وثائقي من العالم العربي أو حول العالم فقد فاز بها فيلم‏(‏ شيوعيون كنا‏)‏ للبناني ماهر أبي سمرة الذي يحكي تجربة المخرج وثلاثة من أصدقائه كانوا ينتمون للحزب الشيوعي اللبناني ويحلمون بالعدل والمساواة‏,‏ المتعاطف مع القضية الفلسطينية منذ زمن طويل وصنع عنها ثلاث أفلام في المخيمات الفلسطينية في بيروت‏,‏ وأقام علاقات انسانية مع العائلات التي صور معها حتي أنهم يبكون عندما يرونه وخلال العقود الأربعة التي صنع فيها سلاوز أفلامه وصلت آفاق السلام إلي طرق مسدودة وبدت أحلام العودة مستحيلة‏.‏ تبدو المعاناة للجميع ويبدو المخرج الذي يتلمس الطريق في أزقة الخيمات متحديا الصعاب وومتلئا بالحب وباحثا عن الأمل في الحصول علي دولة فلسطينية ذلك الحلم الذي تردد عشرات المرات في فيلم‏(‏ ميرال‏)‏ الذي يستحق تحليلا منفصلا وأحد الأفلام القليلة التي تناستها الجوائز‏.‏ميرال يري أن الأمل مازال مرجوا في اقامة دولتين فلسطينية بجانب الإسرائيلية‏.‏ في نفس مسابقة الأفلام الوثائقية منحت لجنتها تنويهين خاصين لفيلم دموع غزة للمخرجة النرويجية فبكه لوكبرج وفيلم بحبك ياوحش للبناني محمد سويد‏.‏

أما الجوائز الأخري الكبري للمهرجان فقد حصل عليها الفيلم الروسي‏(‏ أرواح صامتة‏)‏ كأفضل فيلم روائي طويل لتصويره الشعري لأصداء تراث ثقافي لشعب حاضر اليوم‏,‏ ولتميز لغته السينمائية وفيلم‏(‏ حنين إلي الضوء‏)‏ لمخرج شيلي الأكبر باتريشيو جوزمان أفضل فيلم تسجيلي بالمهرجان لأصالة الفكرة السينمائية الدرامية‏,‏ حيث الصورة والصوت يعملان كإشارات للعثور علي المجهول في الماضي الحاضر‏..‏ أسرار الانفجار الكوني ورفات ضحايا بينوتشيه وتقاسمها مع الفيلم الهندي ساري زهري‏.‏ أما السينما المصرية فحصلت علي جائزة واحدة‏(‏ أفضل فيلم وثائقي لمخرج جديد‏)‏ من العالم العربي للفيلم التسجيلي جلد حي إخراج فوزي صالح وانتاج الفنان محمود حميدة.

الأهرام المصرية في

27/10/2010

# # # #

مهرجان أبوظبي السينمائي يوزع اللؤلؤة السوداء

كتب ماجد رشدي 

اختتم مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي فعاليات الدورة الرابعة التي استمرت عشرة أيام، وحفلت بالعروض السينمائية والبرامج والنشاطات السينمائية المتنوعة وفي حفل ختام الدورة الرابعة، وزعت الجوائز علي الأفلام الفائزة في المسابقات الثلاث، الروائية الطويلة والوثائقية وآفاق جديدة.

ترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة المخرج الأرجنتيني لويز بوينزو، وضمت اللجنة في عضويتها كلا من: المخرج فوزي بن سعيدي، الممثلة سلاف فواخرجي، المخرج والمنتج صديق بارماك والمخرج وفنان البصريات كريم عينوز. منحت اللجنة الجوائز علي الشكل التالي: - جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم روائي.

- أرواح صامتة للمخرج أليكسي فيدورتشينكو - روسيا.

«لتصويره الشعري لأصداء تراث ثقافي لشعب حاضر اليوم، ولتميز لغته السينمائية». - جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم روائي من العالم العربي.

- شتي يا دني للمخرج بهيج حجيج - لبنان.

- جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل ممثل

- أندرو غارفيلد في فيلم ''لا تتخل عني ذللمخرج مارك رومانك - المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية

- جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل ممثلة

- لبني أزابال في فيلم حرائق - للمخرج دني فيلنوف - كندا، فرنسا تنويه خاص من لجنة التحكيم بفيلم كارلوس «لتقديمه صورة معقدة عن حقبة زمنية ومنطقة جغرافية وشخصية مثيرة للجدل».

أما مسابقة الأفلام الوثائقية التي ضمّت هذا العام اثني عشر فيلماً، فترأس لجنة تحكيمها المخرج السوري أسامة محمد وضمّت في عضويتها كلا من: المخرج لوي بسيهويوس، المخرج والمنتج سمير، السينوغراف والمدير الفني صلاح مرعي والمنتج بهروز هاشميان. ذهبت جوائز هذه الفئة إلي الأفلام التالية:

- جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم وثائقيذ مشاركةً بين: ساري زهري للمخرجة كيم لونغينوتو - المملكة المتحدة، الهند.

- «حنين إلي الضوء» للمخرج باتريسيو غوزمن - تشيلي، فرنسا، ألمانيا.

- جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم وثائقي من العالم العربي أو حول العالم العربي ذ مشاركةً بين: وطن للمخرج جورج سلاوزر - هولندا.

- شيوعيين كنا للمخرج ماهر أبي سمرا - لبنان، فرنسا، الإمارات العربية المتحدة - مسابقة آفاق جديدة التي استحدثها المهرجان هذا العام ، ضمّت سبعة عشر فيلماً وثائقياً وروائياً تمثل التجارب الأولي أو الثانية لمخرجيها. أشرفت عليها لجنة تحكيم تألفت من: الرئيس: المخرج الفلسطيني إيليا سليمان (رئيساً)، الممثل والمنتج خالد أبوالنجا، الممثلة ناندانا سين، المنتجة ليتا ستانتيك والمنتجة ديبرا زيميرمان. منحت اللجنة الجوائز علي الشكل التالي:

- جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم روائي لمخرج جديد غيشير، للمخرج وحيد وكيليفار - إيران.

- اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم روائي لمخرج جديد من العالم العربي طيب، خلص، يللا للمخرجين رانيا عطية ودانييل غارسيا - لبنان.

-اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم وثائقي لمخرج جديد- مشاركةً بين:

بيل كانينغهام نيويورك للمخرج ريتشارد برس - الولايات المتحدة الأمريكية و المتجول للمخرجين إدواردو دي لا سيرنا، لوكاس مارشيفيانو وأدريانا يوركوفيتش - الأرجنتين. - تنويه خاص من لجنة التحكيم بفيلم «جلد حي» للمخرج فوزي صالح - مصر.

وكان للجمهور كلمته أيضاً خلال الدورة الرابعة إذ صوت لاختيار فيلمه المفضَل فذهبت جائزة «خيار الجمهور» إلي فيلم الغرب غرباً للمخرج أندي دي إيموني - المملكة المتحدة.

واختتم المهرجان بعرض احتفالي أول في الشرق الأوسط لفيلم المحقق دي وسر الشعلة الوهمية إخراج تشووي هارك وبطولة آندي لاو وكارينا لاو ولي بينغ بينغ من الصين .

وأخذ الفيلم مشاهديه إلي العام 689م بداية فترة حكم سلالة تانغ في أولي إمبراطوريات الصين القديمة.

وكان المهرجان قد وفر للجمهور العديد من فرص اللقاءات الحوارية مع النجوم العرب والأجانب منهم يحيي الفخراني ويسرا ولبلبة والممثل الإنجليزي (كليف أوين) والنجم العالمي أدريان والفنانة العالمية أوما ثورمان.

روز اليوسف اليومية في

26/10/2010

# # # #

كياروستامى وجوليان مور فى مهرجان أبوظبى

محمد حسن 

حضر المخرج الإيرانى الكبير عباس كياروستامى فعاليات مهرجان أبوظبى السينمائى لتقديم فيلمه «نسخة مصدقة» فى عرضه الأول فى الشرق الأوسط، وجوليان مور التى تحدثت إلى جمهورها فى لقاء حوارى فى خيمة المهرجان قبل أن تتلألأ على السجادة الحمراء فى قصر الإمارات ضمن العرض الاحتفالى لفيلمها «دعنى أدخل» إخراج مات ريفيز. «نسخة مصدقة»،هو فيلم كياروستامى الأول الذى يصوره خارج إيران من بطولة النجمة الفرنسية جولييت بينوش فى دور حازت عليه على جائزة أفضل ممثلة فى مهرجان كان السينمائى هذا العام، تلعب بينوش فى هذا الفيلم دور امرأة فرنسية تملك صالة عرض فنية فى توسكانة الايطالية لتلتقى كاتبا انجليزيا جاء إلى البلدة ليروج لكتابه وليتحول لقاؤهما إلى حالة استثنائية تعكس طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة، وفى التباس بين الحقيقة والنسخة المصدقة عن الحقيقة. وضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلةيعرض فيلم «الأنيميشن» «تشيكو وريتا» لمخرجيه الثلاثة فيرناندو ترويبا، خافيير ماريسكال، تونو إيراندو، ليأخذنا فى قصة حب جارفة تقع أحداثها إبان الثورة الكوبية راسماً صورة رائعة لهافانا القديمة ومقدما تحية لموسيقى الجاز فى القرن العشرين ضمن إطار تحريكى موسيقى ساحر ليقدم وثيقة عن الموسيقى والتاريخ والحب. كما يعرض ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة أيضاً الفيلم الدنماركى «فى عالم أفضل» لسوزان بير، والفيلم التشيلى «حياة السمك» لماتياس بيزيه فى عرضهما الأول فى الشرق الأوسط.

أما ضمن مسابقة آفاق جديدة فيقدم العرض العالمى الأول للفيلم المصرى «داخل/ خارج الغرفة» للمخرجة دينا حمزة والذى يأخذنا فى تساؤل كبير عن التناقضات التى قد يحملها شخص يقتضى عمله إنهاء حياة الآخرين مُجسدا بالشخصية المصرية الشهيرة «عشماوى» أو منفذ الإعدام المحترف داخل الغرفة بينما يتناول الفيلم جوانب حياته الأخرى كزوج وأب خارج الغرفة. وضمن المسابقة نفسها يقدم العرض الدولى الأول للفيلم السورى «مرة أخرى» لجود سعيد ويحكى قصة ابن ضابط سورى يفقد ذاكرته فى لبنان جراء تبادل إطلاق النار إبان التواجد العسكرى السورى هناك.

مجلة أكتوبر المصرية في

26/10/2010

# # # #

نـجـوم الـسينما الـمـصريـة يتألقون فى مهرجان أبو ظبى 

اختار المسئولون عن مهرجان أبو ظبى السينمائى الذى بدأت فعالياته يوم الأربعاء الماضى وتستمر حتى يوم 23 من أكتوبر الــجارى نـجـوما ونجمات مصريين لحضور حفلى افتتاح وختام المهرجان والمشاركة فى الندوات والفعاليات المختلفة للمهرجان.

ويأتى على رأس النجوم الذين يستضيفهم المهرجان يسرا ويحيى الفخرانى ومن جيل الشباب النجمة الجميلة منى زكى والكوميديان أحمد حلمى، وغادة عادل وصاحب الأدوار المميزة فتحى عبد الوهاب.

ومن النجوم العرب الآخرين الـمـشاركـين فى المهرجان السورى بــسام كــوســا، واللبنانية ياسمين المصرى بطلة فيلم «سـكـر نــبات»، ومن الخليج سعاد عبد الله، وعــبد ?الـحـسين عبد الرضا، وغانم السليطى.

كما يحضر بطلا فيلم المخرج الكبير داود عبد السيد «رسايل البحر». وهما آسر ياسين وبسمة، والنجمة السورية كندة علوش التى تألقت فى رمضان من خلال مسلسل «أهل كايرو»، والتونسية منى نور ?الدين.

ويشارك فى المسابقة الرسمية للمهرجان الفيلم المصرى «جلوص» إخراج فوزى صالح وإنتاج محمود حميدة.

مجلة أكتوبر المصرية في

24/10/2010

# # # #

ثقافات / سينما

أفلام لبنانية تتعرض للخلل الوظيفي للمجتمع الطائفي

رويترز / أبوظبي من أندرو هاموند 

يربط خيط واضح يعري الخلل الوظيفي السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين سلسلة من الأفلام اللبنانية التي انتزعت الإعجاب في مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي هذا الأسبوع ويسلط الضوء على المجتمع اللبناني الذي يمزقه التوتر الطائفي. ويشهد الشارع السياسي اللبناني انقساما حادا منذ الحرب الأهلية التي استمرت عاما وانتهت في عام 1990 بينما تفاقمت الطائفية بسبب الدعم الاجنبي لجماعة حزب الله الشيعية والتكتل الشيعي الذي تقوده ولتكتل آخر يقوده السنة. وسلط الاستقبال الحافل الذي منحه بعض اللبنانيين للرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد لدى زيارته لبيروت وغضب البعض الآخر من الزيارة الضوء على مدى عمق الانقسام في لبنان. وفي فيلم ماهر ابي سمرة "شيوعيين كنا" الحاصل على جائزة أفضل فيلم تسجيلي في مهرجان أبوظبي السينمائي الذي انتهى يوم السبت يناقش ناشطون سابقون كيف حددت الطائفية الشديدة معالم ما بعد الحرب الاهلية على الرغم من الآمال التي كانت تحدوهم في مجتمع جديد عندما حاربوا الغزو الاسرائيلي خلال الحرب.

 ويقول ماهر العائد من فرنسا في فيلمه ان المقاومة الوطنية لم يعد لها وجود وان ما يعرفه لبنان حاليا هو المقاومة الطائفية. وفي فيلم بهيج حجيج "شتي يا دني" الذي حصل على جائزة أفضل فيلم روائي يخرج رجل خطف خلال الحرب الاهلية من محبسه بعد 20 عاما. ويلاقي رامز صعوبة في الالتئام مرة أخرى بعائلته ويجد السلوى مع زوجة شخص آخر مفقود ولا يُعرف مصيره. وتعرف الزوجة مصير زوجها الغائب عندما يعترف رامز انه تشارك الزنزانة نفسها معه قبل أن يموت.

أما فيلم محمد سويد التسجيلي "بحبك يا وحش" فيعرض حكاية ست شخصيات عادية تسكن هامش المجتمع واقتصاده غير الرسمي متحديا الافكار الثابتة حول لبنان كعاصمة للسحر الأخاذ في العالم العربي. ويسترجع لاجئ فلسطيني في صيدا ذكريات إزالة النساء للشعر الزائد عن سيقانهن بينما يحكي بائع فلافل عن الاوقات الصعبة التي يقضيها في الشارع ويشرح رجل يلتقط النساء الاجانب هوسه بجمع قصاصات الصحف بينما يلجأ فراش سوداني الى مصاحبة أصدقاء أفارقة ليتفادى العنصرية. ولا يرى سويد غضاضة في تصوير العالم الكئيب المتدني في مدن كصيدا وبيروت. ووصف سويد الدولة اللبنانية بالفاشلة وقال للجمهور ان معاناة الفلسطينيين هناك لم تعد تنفصل عن معاناة اللبنانيين حيث يتركز النشاط الاقتصادي حول بيع الفلافل. وقال سويد ان اللبنانيين لا يعتمدون على الدولة فالسعودية تدفع حتى ثمن الكتب المدرسية.. وسخر من الدولة قائلا انها موجودة ليشكو الناس منها.

ولم تظهر مدينة طرابلس بشمال لبنان بحال أفضل في فيلم "طيب. خلص. يللا" للمخرجين اللبنانيين رانيا عطية ودانييل جارسيا والذي فاز بجائزة أفضل فيلم روائي لمخرج عربي جديد.

ويحكي الفيلم الذي صور بالاستعانة بممثلين غير محترفين وعلى طريقة الافلام التسجيلية حكاية رجل عاش في البيت مع أمه حتى تجاوز الثلاثين لكنه يجد نفسه وحيدا عندما تنتقل. تفشل طرابلس في ملء فراغه. ويكتسب الفيلم الكوميدي الطابع صبغة سوداوية عندما يذهب الرجل الى مكتب تخديم لاستئجار خادمة آسيوية. ويخبره الوكيل ان الراتب سيختلف بحسب جنسية الخادمة مشيرا الى ان الفلبينية الجميلة ستتكلف أكثر مشيرا الى خدمات جنسية قد تقدمها ويستأجر الرجل خادمة أثيوبية يعاملها بشكل طيب لكنها ترفض الحديث معه خوفا من الإساءة والاستغلال. وفي النهاية تهرب الخادمة في علامة أخرى على الذكورة العاجزة للشخصية.

ويواصل بعض المشاهدين الضحك لكن حركة الكاميرا التي تركز على الأبواب المغلقة والشرفات ذات القضبان تكشف شيئا فشيئا عن مأساة الظروف الاقتصادية للعمال. وفي النهاية تقدم الخادمة إفادة عن الاساءة التي تعانيها الخادمات. وقال بعض المشاهدين بعد المشاهدة انهم أحسوا بالاستياء من هذه الحلقات. وقالت رانيا عطية انها أرادت ان تعطي المشاهدين شريحة لم تتعرض للتعديل من المدينة فهذه هي حقيقة مكاتب التخديم. وقالت انها أرادت ان تنقل انطباع المكان من خلال صور للناس في كل المستويات.

إيلاف في

24/10/2010

# # # #

مهرجان ابو ظبي يحتفي بتسمية محمد الدراجي مخرج الشرق الاوسط

ابوظبي_علي حمود 

اختتمت فعاليات الدورة الرابعة من مهرجان أبوظبي السينمائي عروضها مساء امس السبت ونقل موفد الصباح ابرز المحطات التي حفل بها المهرجان ومنها عقد جلسة حوارية في الساعة الثالثة عصرا من يوم الثلاثاء الماضي في خيمة المهرجان مع المخرج الإيراني عباس كياروستامي مع عرض النسخة الأصلية من فيلمه الأخير «نسخة مصدقة» والتي صورت أثناء عمل كياروستامي لفيلمه. هذا وقد عرض الفيلم بنسخته الأخيرة.

تهادى نجوم السينما العالمية على بريق وروعة السجادة الحمراء، منهم ادريانبرودي، كلايفلاين، ومن النجوم العرب الذين حضرواالمهرجان : يحيى الفخراني،يسرى، لبلبة، خالد ابوالنجا،فتحي عبدالوهاب،ومن العراق المخرج قيس الزبيدي،قاسم عبد،سميرجمال الدين،عدي رشيد من اهم مفاجآت المهرجان لهذا العام اطلاق صندوق دعم السينما ، ومسابقة «افاق جديدة» لاول مرة المهرجان الذي ابتدأ اعماله مساء يوم الخميس 14 تشرين الثاني واستمر لعشرة ايام،تضمن عرض 71 فيلما روائيا طويلا وفيلما قصيرا من 43 بلدا تم اختيارها من 2000مشاركة،اضافة الى 46 فيلما اماراتيا وخليجيا، ليصل عدد الافلام المشاركة الى 72 فيلما .

تميزت افلام مهرجان ابو ظبي في دورته الرابعة بتنوعها واختلافها واهتمامها بالمشاعر الانسانية ،بعيدا عن افلام الحركة والرعب ،فمثلا الفيلم الفرنسي «مزهرية بطولة كاترين دينوف وجيراد دوباريوواخراج فرانسوا اوزون، الذي من خلالها ظلت السينما الفرنسية محافظة على ارثها واسلوبها ايقاع بطيء وشاعرية مفعمة وحوار خلاب قدمت فيه كاترين دينوف واحد من اجمل ادورها كامرأة برجوازية حولها زوج

مستبد الى محض مزهرية ثم تثأر منه بمثابرتها

وحسن تدبيرها ليحل محلها مركونا في البيت،الممثل الكبير ادلاريان براندلي الذي عرفناه بدوره الذي لايكرر في فيلم البيانو ،قدم فيلماً للمخرج مايكل غرينسيان وهو فيلم يتحدث عن شاب يعلق في سيارته تحت منحدر حيث يجد في المقعد الخلفي جثة وهي مهشمة العظام لتبدأ محنته في فك طلاسم هذا الموضوع ،كعادته بدأ برودي متالقا وكبيرا وقد نجح في استثمار تعابير وجه الى اقصى حد، فيلم اخر بعنوان «سيرك كولمبيا»اثار اهتمام الجمهور والمتخصصين ، وهوسرد عذب تلقائي لبدايات الحرب الاهلية في كرواتيا من خلال عودة مهاجر ثري وخطيبته الى بلدته وعلاقته الملتبسة بزوجته القديمة وابنه ،قيمة الفيلم في تناوله موضوعة الحروب بعيدا عن التقريرية وعبر عن مشاعر انسانية متناقضة ومتضاربة معتمدا الاداء التلقائي لفريق العمل ،الفيلم للمخرج البوسني دانيس تانوفيتش، المهرجان شهد فعاليات اخرى مهمة على صعيد الحوار مع المخرجين والممثلين للنقاش عن سيرتهم الذاتية ومناقشة افلامهم يسرا ويحيى الفخراني ولبلبة وادريان برودي ونوري ابو زيد وجوليان مور اجواء احتفالية ،تمتع الجمهور كثيرا بفيلم «كارلوس» الذي يتناول سيرة الثوري والارهابي لاحقا كارلوس ،وهو عبارة عن نسخة سينمائية عن المعالجة التلفزيونية للمخرج الفرنسي اوليفيه اسا ياسنو التي تستمر لاكثر من خمس ساعات ،كثفها المخرج في 159 دقيقة ،مفاجاة المهرجان عرض الفيلم الكلاسيكي المهم «المومياء» للمخرج شادي عبد السلام الذي تم ترميمه مؤخرا ،وهو تحفة فنية وجمالية لاتضاهى وعلى الرغم من مشاهدتنا له اذ اظهرت هذه النسخة العمل الاعجازي لهذا الصانع الكبير الذي صرف مخرجه اكثر من سبعة عشر عاماً في التحضير له.

عروض عالمية

و ضمن برنامج «عروض عالمية».وعلى السجادة الحمراء ظهر المخرج داود عبد السيد والممثلون بسمة وآسر ياسين ومحمد لطفي في العرض الاحتفالي لفيلم»رسائل البحر» المشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة والذي يتناول التغييرات الجذرية التي طالت المجتمع عبر حكاية شاب تعيده وفاة أمه إلى مدينة الاسكندرية التي عاش فيها شبابه حيث يلتقي أصدقاء

قدامى وجدداً يعرفونه إلى الوجه الجديد لهذه الحاضرة المغرقة بالقدم والآخذة بالتحلل.

عراقيا شهد يوم الثلاثاء الماضي احتفاء بالمخرج العراقي محمد الدراجي يأتي بالتزامن مع منح مجلة «فراييتي» له جائزة «مخرج الشرق الاوسط» لهذا العام.

وتتضمن فعاليات المهرجان لهذا اليوم أيضا ورشة عمل مع المخرج والمنتج إياد زهرة تعقد في خيمة المهرجان حول كيف يمكن للمخرج الاعتماد على نفسه في السينما المستقلة.

وتتواصل عروض مسابقة الأفلام الروائية الطويلة أيضاً مع الفيلم الهندي «عنزة عذراء» للمخرج مورالي نايير الذي يصور الريف الهندي في حكاية فريدة مقدمة بأسلوب يجمع بين التذاكي الطريف والتهكم الاجتماعي الحاد ليكشف عبر حكاية ممتعة لمزارع فقير وفخور بنفسه عن جوانب حياتية نادرا ما يسلط الضوء عليها في جنوب آسيا.

أما من الصين فيأتي فيلم «الحفرة» إخراج وانف بينغ الذي يأتي عرضه في المهرجان بعد العرض العالمي الأول له في مهرجان فينيسيا الشهر الماضي، ويقدم دراما مأخوذة من تاريخ الصين الحديث حين يروي مصائر من اتهموا في خمسينيات وستينيات القرن الماضي باليمينية والذين اقتيدوا إلى معتقل وسط الصحراء.

أما ضمن مسابقة آفاق جديدة فيقدم الفيلم التركي «زفير»للمخرجة بيلما باش كعرض أول في الشرق الأوسط بعد عرضه في مهرجان تورنتو الشهر الماضي، وتناقش عبره المخرجة التأثير المدمر لنمو الفتاة من دون توجيه او إرشاد عبر حكاية طفلة في الحادية عشرة تعيش مع جديها في أحد البراري بينما تصارع هواجس الهجر والفقد.

كما يأتي الفيلم اللبناني «طيب، خلص، يللا» لرانيا عطية ودانييل غارسيا والحاصل على منحة «سند» كعرض عالمي أول ليطرح بأسلوب يجمع بين السخرية اللاذعة والفكاهة ليتناول موضوع النضج المتأخر وتفتح الوعي على الحياة ولو بعد حين ويقدم نظرة نقدية للهوية الذكورية في لبنان المعاصر.

ومن هولندا وضمن مسابقة الأفلام الوثائقية يقدم العرض العالمي الأول لفيلم «وطن» لجورج سلاوز كجزء رابع لثلاثية عن عائلتين فلسطينيتين كان قد صورهما منذ العام 1974، ليروي دوافعه الشخصية وعلاقته الوطيدة بأفراد العائلتين الذين أصبحوا اليوم مشتتين في العالم.

كما يعرض الفيلم الوثائقي «في أحضان أمي» لعطية ومحمد الدراجي خارج المسابقة كفيلم قيد الإنجاز ليرصد يوميات 32 طفلا يعيشون ويدرسون في الغرفة نفسها من منزل صغير مستأجر.

ويستمر برنامج «ما الذي نرتكبه بحق كوكبنا؟» مع عرض فيلم «أرض خراب» للمخرجة لوسي ووكر الذي يدور حول الفنان البرازيلي المشهور فيك مونيز المعروف باستخدامه مواد غير تقليدية في عمله الفني ذي التوجه التوعوي الإجتماعي.

بالإضافة إلى استمرار عروض أفلام مسابقة الإمارات، وبدء عروض مسابقة الأفلام القصيرة.

الصباح العراقية في

23/10/2010

# # # #

 

من عروض مهرجان أبوظبي السينمائي الشريط الروسي 'أرواح صامتة': شعرية

الغياب والبريطاني 'لا تتخلَّ عني': مَنْ يخدع الموت؟ والايراني 'اوريون': لا مفر للزلة!

زياد الخزاعي

اينما عرض شريط المخرج الروسي أليكسي فيدورشينكو 'ارواح صامتة' نال التقريظ والاجماع، ذلك انه نص مغاير، يحتفي بنفس شعري عالي الجودة بالموت والغياب، ويقارب شعائره بكثير من التبصر السينمائي. وما نيله الجائزة الكبرى 'اللؤلؤة السوداء' لمهرجان ابو ظبي السينمائي في دورته الرابعة التي اختتمت يوم السبت الماضي الا مؤشر اضافي على فرادة هذا النص وتجلي لغته واختزاليته الباهرة. انه مجموعة من القيم والاعتبارات الانسانية التي صيغت عبر منظور اثنوغرافي لعرق بشري اندثر. لم تنفع معه عزلته الجغرافية، فوأده التحضر وهجمة الاوربة التي اكتسحت القيم الروسية العريقة.

شريط 'ارواح صامتة' من بابه التأويلي يعد صرخة اعتبارية لهذه الفئة، ودعوة الى الالتفات الى مصيرها الاسود واستعادته كعبرة. ولعل ثيمة الموت التي عرضها فيدورشينكو هي اكثر الصيغ نجاعة في ارغام مشاهده على الانتصار لثقافتها ومصيرها وتاريخها. نرحل مع بطلي الشريط نحو البقعة التي شهدت في الازمان الغابرة تألق المجموعة الاثنية المسماة بـ 'ميريها' (بالروسية تدعى 'ميرا') التي تعود اصولها الى الاثنيات الفنلندية ـ الاسكندنافية، من دون ان تتحول هذه الرحلة الى درس تاريخي، فعمل فيدورشينكو خال من همومه. في وسط روسيا اليوم يعيش الشاب ايست (ايغورسرغييف) وهو ابن احد كبار شعراء المنطقة، يحترف التصوير الفوتوغرافي، يقرض الشعر وكتابة الاغاني التي ترتبط بمجتمع الـ 'ميريها' الذي تقول الاساطير ان الروس ارغموه على الاندماج مع قبائل الـ 'فينوجوغريك' قبل اربعمئة سنة، منطلقا من ايمانه بأن جذوره تمتد اليهم.

وتقع الصدفة اثر عودته الى مقر اقامته، ليخبره رئيسه ميرون بوفاة زوجته الشابة تانيا طالبا منه مرافقته الى قرية نائية تدعى 'غورباتوف' هي موقع الغرام الاول بين الاثنين.

ومنذ اللحظات الاولى، يرغم صاحب 'الاول على القمر'( 2005) و'محطة القطار' ( 2008) المخرج فيدورشينكو مشاهده على مراعاة الانتباه والتيقظ الى المحيط المتحرك حولهما. فالسيارة المسرعة هي صندوق عجائب، يسعى بطلاه الى توثيق الارض وطقسها، الغابات ومروجها، الانهار وضفافها، السماء وعظمتها، الزمن وانتقالاته، الاعمار ومعانيها، العشق ومصائره، الاصوات وانتباهاتها، الاشياء وحركيتها. ان ايست وميرون هما روحان دفعتهما الفاجعة وفخامة الرحيل بمغزييه الفسلجي (الجثة) والجغرافي ( اندفاع السيارة) الى الالتزام بخرس مؤقت. من هنا، فإن وجود الكاميرا ( تصويرقدير من ميخائيل قرتشمان) داخل المركبة، حتم علينا ان نكون جزءا من الشعائر، متوجسين صمت الموت الذي تمثله الجثة الضخمة المضطجعة بسلام فوق المقعد الخلفي. ولكي يضفي المخرج فيدورشينكو المزيد من قيمة الحياة على شريطه القصير (75 دقيقة)، جعل بين الشخصيتين قفصا كبيرا يضم طائرين لا يكفان عن الحركة، ما يمكن اعتباره الامتداد لحركة الخارج وتسربها السريع من نواظرنا، الى ذلك تمكن الاشارة الى توكيده على مبدأ الشراكة البشرية التي تتجلى وحدتها دائما امام الموت، حيث نرى الرجلين وهما ينهمكان بطقوس غسل الجثة البيضاء بصبر نادر وبكثير من شراب الفودكا الذي يسكب على اعضائها من اجل تطهيرها.

يكشف فيدورشينكو (ولد عام 1966) ان هذه المجموعة البشرية تؤمن بقوة الحب والمياه، فهي محاصرة بعزلتها التي فرضت على افرادها التآخي والجماعية والتنادي الى العرق. كما ان رعويتها الموغلة بالقدم دفعتهم الى التماهي مع الطبيعة الزاخرة بكل شيء، بدءا بالحجارة وانتهاء بأعراف الموت. من هنا نفهم اسقاط الشريط حاجتي الكلام والشرح من حساباته الدرامية، ذلك ان المعاني الكبيرة في مقطع الزفاف هي من الغنى المعرفي ما يجعلها مشهدية مفحمة القيم، ومثلها لاحقا قيام البطلين بحرق جثة تانيا عند ضفة البحيرة الساحرة والذي تم تصوير الوقائع ضمن زمنها الحقيقي. هل يستحق الموت شرحا او تفسيرا؟ الجواب: نعم!

حينما لا يفقه المرء قوة ندائه. وحول هذاالاخير (النداء)، كتب الروائي الياباني الاصل البريطاني الاقامة والهوى كازو ايشغورو نصه البليغ 'لا تتخلَّ عني' الذي صدر العام 2005، واقتبسه الى السينما صاحب 'اظهار الصور بساعة واحدة' (2002) المخرج الامريكي مارك رومانيك، ونال البريطاني اندرو غارفيلد جائزة افضل ممثل في مهرجان ابوظبي السينمائي عن دوره كخريج جامعي حديث العهد يدعى تومي يلتقي باثنتين من زميلاته في المدرسة الداخلية الصارمة القوانين، ليحققوا وعدهم الجماعي بالتبرع بأعضائهم قبل موتهم المبكر. وسعى ايشغورو ان ينجز نصا خياليا حول مفهوم الاستنساخ الآدمي لاغراض الامراض المستعصية، واحاله الى ادانة مضمرة لفاشية القوانين الحكومية التي تُغلف بأطر الاحسان الجماعي.

تسرد البطلة كاثي (الممثلة كاري موليغن) التي تحمل صفة 'راعية المتبرعين' يوميات العهد الاول في المدرسة الداخلية الانكليزية ذات القوانين الصارمة والتي تقع في مقاطعة هيلشام العريقة حيث تلتقي بالصبي المعقد والحسي تومي الذي يعاني من صدود الاخرين له وانكفائه، والفتاة المتهورة روث (كيرا نايتلي) التي تبدي حماسة للتعلق به كرأفة امومية، قبل ان تعترف في نهاية الشريط وقبل وفاتها انها ارتكبت حماقة مقصودة لابعاد الاثنين عن الوقوع في الحب واعلان خسارتها الشخصية. في المقطع الثاني للرواية والفيلم على السواء، تشهد البطلة الشابة حتفي الصديقين لكن على مستويين باهري المغزى:

الاول ان تومي تغلب على صلف الاخرين بالتبرع بأكثر من عضو فسلجي ليتحول الى 'شهيد الاخرين'، فيما تلحق روث به الى صالة العمليات لتثبت للجميع ان انانيتها المخزية قادتها الى التبرع وليس الايمان به كفعل انساني. ان لعنة موتها تأتي متأخرة قليلا على اعترافها بخطيئة خيانتها الى رفيقي عمرها بحياكتها مؤامراتها الشخصية بعزلهما عن بعضهما. لا يجعل ايشغورو من كاثي بطلة مثالية، ذلك انها تبقى الى النهاية غير قادرة على الامساك بقرار حقيقي، ما عدا مراقبة الاخرين وعقلنة خياراتهم المميتة. وفي الوقت التي تمارس فيه روث حيوية شبابها بكثرة المواقعات الجنسية مع تومي من اجل اغاضة كاثي وفك اسرها العشقي السري له، فإن هذه الاخيرة تحاول اثارة غضب الشاب عبر كشف اسراره الشخصية ـ مثل مشهد المجلات الفضائحية التي يخفيها في غرفته ـ من دون ان يصل الى صراخه الهستيري الذي يقوم به عندما يلعنه الصغار، او عندما يكتشف لاحقا خدعة 'التبرع' التي مارستها ناظرة المدرسة المتسلطة (شارلوت رامبلينغ) لصالح النظام وقوانينه، مع الاعتراف الصاعق لأمينة المدرسة، 'المدام'، التي ترفض تقييم اعماله التشكيلية باعتبارها علامات للحب، كاشفة للثلاثة ان هيلشام لم تكن سوى 'ثكنة لتقييم قوة المتبرعين وتربية اعضائهم او انذار المجتمع والسلطة في حالة خروج البعض عن الارادة العليا'.

استعار ايشغورو عنوان روايته من فقرة ترد في اغنية شهيرة للمطربة الامريكية جودي بريدجووتر تحمل عنوان 'بعد حلول الظلام'. ويُهدي تومي الالبوم الى كاثي مناديا في كيانها مناغاة الام ـ كما هي في الاغنية ـ لابنها وتحريضها اياه ان: 'لا تتخلَّ عني'.

ان نص صاحب 'بقايا اليوم'( 1989) يغمز بروية المحاسب الايديولوجي لقناة الدولة السرية التي لا تسعى الى تربية طبقات اجتماعية صحية، وانما الى تشكيل قطعان من البشر الذي يغفلون خطط التدجين التي شتمها جورج اورويل بعيد الحرب العالمية الثانية، واحالها النظام الجديد الى اهانة تمس كبرياء مجموعة من البشر سعوا الى الذود عن الاخرين، وتنكر لافضالهم الشخصية.

في شريط الايراني زماني عصمتي 'اوريون' (ضمن خانة 'آفاق جديدة' وترجم خطأ بـ 'جوزاء') تقف السلطة امام ازواجية المعيار الاخلاقي، مثاله القاضي الذي يسعى الى معرفة ان تعمدت البطلة الشابة توريط المنجم الشاب في قضية فضّ بكارتها، ام ان القضية تتعلق بعلاقة حب جارفة لم يمنع الوازع الاخلاقي العام وقوعها وتحولها الى مصيبة شخصية لالهام ولعائلتها بعد تعميم الفضيحة. الحاسم في القضية ان السلطة تمارس دورها القائم على منع التسيب، بيد ان صاحب 'أزقة ضيقة'( 2005) حاول موازاة هذا بتورط اصدقاء امير الذي يقدمه الشريط رجلا على قدر من القلق لكنه لا يكشف عن هلع، فيما تكون الهام خاضعة لوجعين: الاول حيث تنتظر الطبيب الذي سيرتق غشاء بكارتها، اي ان يعيد تأهيلها اجتماعيا كزوجة مستقبلية سارت على صراط الزنى. والثاني، دخول الشرطة الى مكان التجمع الشبابي، وهي شركة لانتاج اشرطة التلفزيون والدعاية وتصوير احتفالات عقود القران وما شابهها، يحول مطاردتها فوق سطوح المنازل الطهرانية الى تعميم اخلاقي عنيف على كم الخطايا التي تشهدها احياء المدينة الكبيرة. وكلما خمن مشاهد 'اوريون'(اي 'كوكبة الجبار') ان مصير الخاطئة هو رجمها، يبتعد عصمتي بفطنة عن اعلان الادانة او نوعها. والوحيدة التي تعلن بحزم مرارتها هي الام التي تنال من امير بالشتائم داعية القاضي الى ارغامه على الزواج من الفتاة درءا لعارها بين الناس، قبل ان يردها بأن 'المرأة لا تقرر' ويصرفها بغلاظة بينة.

يفلت الجميع من المساءلة القانونية، ما عدا الهام التي تواجه استحقاق فعلتها مع قدوم الاب. هنا نقف على ذكاء سردية عصمتي، ففي بداية الشريط نرى فتاة على قدر كبير من القلق تفر بين ممرات بناية فارغة، قبل ان نسمع صوتاً نسائياً ينهال بالشتيمة على انسان غامض. وهذه التوليفة سيستعيدها عصمتي بعد سبعين دقيقة لنفهم حقيقة المأساة العائلية التي ارتكبها شابان غرّان. ترى اين يكمن تحامله؟ في واقع خطاب الفيلم الذكي، لا يذهب عصمتي بسهولة الى شتم النظام بفظاظة تقلل من شأن عمله، بل عكس صورتها على تجمع الشباب الذي قدمه ككيانات ذات خفة لا تستهين بالعقاب، لكنها غير وجلة على الاطلاق من رموز نظامه، اي انها لا تحمل خوفها محمل الجد، عليه نرى ان تقاطعاتها مع المحققين تتم وكأنها امتحان مدرسي فيه كم من رعونة الاجابات التي لا تضع هاجس النجاح والتفوق كأولوية. ولعل شخصية الفتى المرافق للطبيب والذي كُلف بشراء المزيد من الفوط الطبية تمثل صورة باهرة للحُمق بإصراره على التواجد مع المجموعة المعتقلة ولعبه دور الأبله.

الملفت في عمل عصمتي انه لا يقع في خطل العموميات حيث انه لم يسع الى تقديم ازلام السلطة سوى كواجهة متعقلة تحاول جمع عناصر التهم من دون اساءات او إهانات او قذف. انها ارادات لا تمثل الزجر الكلي، بل تسعى الى تطبيق القانون، عليه فان العلاقة القصيرة التي تجري بين الجندي المكلف والهام حول الدواء تمثل تواؤما طبقيا، قبل تمثلها لقطبي حاكم ومحكوم. انها صيغة معبرة عن حاجتيهما الى عبور الازمة: الهام بشأن ان لا تخترق فضيحتها جدران غرف التحقيق. والجندي بانجازه مهماته قبل التسريح. مقابل هذا، يضع الثنائي الهام وامير امام شكوكنا ان كانا يعرفان بعضهما بعضاً. فحين يسأل القاضي الشابة ان هي اصرت على اتهامه له، يتدخل امير لدفعها الى قول الحقيقة، اي الملاحة نحو بر الامان للجميع باعراف التنجيم وافلاكه التي يشير لها عنوان الشريط.

وحينما تعلن الهام تراجعها، ينقل عصمتي نصه الى المع نجمين من بين 'كوكبة الجبار' التي اتخذها شرطا رمزيا الى ورطة بطله الشاب، وهما 'رجل الجبار' الذي يمثله الاب الذي توصل الى قراره النهائي بتصفية المخطئة في عراء صحراوي عاصف، والاخرى الام (الجوزاء) التي ستفلح في منع دم الفضيحة من ان ينال من زلّة الشابة. ان فرادة المشهد الختامي وقوته الدرامية ارتكزت في مجملها على المحيط الذي يُذكر بحسم بفصول 'الريح'( 1928) لفكتور سيوستروم حيث تنتهي ليتي (ليليان غيش) وسط العاصفة الرملية هاربة من فضيحة محاولة تجني احدهم عليها في غياب زوجها ورفاقه. وتظهر الهام وسط هبات الريح العارمة مع صراخات الام وندب الاب في تشكيلة تعيدهم الى الطبيعة حيث ان قانون قتل العيب او التخلص منه يكمن بينهم، هم الثلاثة، ولا قوة اخرى قادرة على اعادة ترميم ما تهشم. ان سماوات طهران (في مشاهد هروب الهام) تُختزل هنا الى سماء موحشة واحدة يقدمها عصمتي وهي تتنبأ بما سيحدث للشابة التي فشلت في استغفال زناها.

القدس العربي في

27/10/2010

# # # #

أداء ساحر للثنائي ديان لين وجون مالكوفيتش

فيلم «سكريتيرييت» دعوة لمواجهة الفشل

عبدالستار ناجي 

الذهاب لفيلم من توقيع ستديوهات (والت ديزني) يعني الذهاب لفيلم يعتمد كم القيم والطروحات التربوية والاجتماعية عالية الجودة. فكيف اذا ما تم اختيار هذا الفيلم لافتتاح مهرجان أبوظبي السينمائي، فان ذلك يعني الشيء الكثير، فنحن أمام تجربة سينمائية تذهب بنا بعيدا في طروحاتها ومضامينها التي تخلق مساحة اكبر من المواجهة مع الواقع والتصدي للفشل والعمل على ترويضه وتفجر الطاقات الانسانية الكامنة لبلوغ المراد والهدف، وهذا ما يسعى اليه فيلم «سكريتيرييت» الذي يأسرنا منذ المشهد الأول وهو يأخذنا الى فضاء حكاية مجدولة بالطرح الاجتماعي الذي يأخذ بعين الاعتبار جملة من الموضوعات التي تظل في مجملها تعزف على وتر أساسي هو التحدي للذات قبل أي شيء آخر.

فيلم «سكريتيرييت» افتتح افلام مهرجان أبوظبي السينمائي- وهو خارج المسابقة الرسمية، وهو من توقيع المخرج راندل ولاس وتمثيل كل من ديان لاين وجون مالكوفيتش وديلن والش وسكوت غلين وديلن بايكر وجيمس كرومويل ومارغو مارتيندايل... معتمدا على نص روائي وقصة حقيقية.

للوهلة الاولى يعتقد المشاهد بأنه امام فيلم عن الخيل ولربنا نسبه كبيرة من الجمهور محقة في اعتقادها ولكن المضامين والنتائج تذهب بنا لابعد من ذلك حيث التاكيد على مجموعة من القيم والمبادئ التي قارب فيها بين الإنسان والخيل، والتي يعرضها الفيلم مثل الإرادة والعزيمة والنهوض بعد الفشل ونبذ الانكسار، والحرية.

ولعل الحرية هنا تظل الموضوع الأهم والأكبر قيمة وتندرج تحتهما كل القيم الأخرى من إرادة وعزيمة وقوة في مواجهة المصاعب بالتخطيط وعدم الانكسار، والفيلم يصور الحرية في مشهد درامي دار بين «بيني الابنة» وتؤديها الممثلة دايان لاين، ووالدها بعد وفاة والدتها وتوليها مسؤولية رعاية الخيل، إذ قال لها دعي الخيل تعدو بحرية... وفي هذة الجملة الكثير من الدلالات والمعاني الكبيرة.

ونذهب الفيلم من حيث القراءة الدرامية حيث ينتقل بنا الفيلم إلى قيم أخرى منها أن الأساس الجيد والتربية الجيدة لا ينتج عنهما إلا ما هو مرض، فقد كان أساس الفيلم مستنداً إلى الخيل وأصله، فالمهر «سكريتيرييت» شبيه بأبيه «بيغ ريد» لما يحمله من خصال ونقاوة في النسل المنحدر منه وايضا اللياقه العالية والمقدرة على النجاح.

صاحبة الخيل «بيني» تلك المرأة القوية التي ظهرت في الفيلم، هي ربة المنزل التي تعتني بابنتيها وولدها وتمنحهم نصائحها التي غالباً ما تحمل قيم الحرية في التعبير عن الرأي، وحصلت من نتاج ذلك على تربية ناضجة قادرة على تخطي الصعاب .

أحداث الفيلم تدور بين نهايه الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي في مزرعة خيول يمتلكها زوجان، بينما تعيش ابنتهما المتزوجة في ولاية أخرى، ولديها أسرتها المكونة من زوج وبنتين وولد، حيث ياتيها خبر مفاجئ بأن والدتها توفيت، وهذه اللحظة تكون منعطفاً مهماً في حياتها، إذ ستتوزع مهام «بيني» بين الأسرة ومزرعة الخيول .

وبعد أن ذهبت لمواساة أبيها بوفاة والدتها منحها دبوساً ذهبياً صغيراً على شكل حصان، ثم أدركت بعدها أن مدرب الخيول بالمزرعة يحاول أن يبيع بعض الخيول بنصف قيمتها.

وفي ظل ظروف وفاة والدتها وألم والدها، قامت بطرد المدرب، وبدأت «بيني» تحمل مسؤولية إدارة الاسطبل، هذا الأمر جعلها تبتعد عن أسرتها بعض الشيء لتوجه اهتمامها إلى المزرعة، فجعل هذا الأمر زوجها وبدعم من شقيقها يقترح عليها بيع المزرعة لعدم قدرتها على إدارتها وعدم جدواها المادية.

ولكنها لم تستجب لهذه الضغوط، وأصرت على أن تقوم بالمهام التي أوكلتها لنفسها، وواصلت بثبات مسيرتها رغم عدم معرفتها بإدارة الاسطبل، فبدأت تبحث عن مدرب بديل للذي طردته ومروض للخيول لتستعين به.

وحينما تجاوزت «بيني» هذه المحنة بعد الاتفاق مع مدرب نزق أدى الشخصية باقتدار كبير النجم جون مالكوفيتش - ، لم يبق لها سوى المراهنة على أحد الخيول لتربيته كونه من نسل أصيل ووضعت ثقتها به، هذا الحصان الذي شهدت ولادته أطلق عليه اسم «بيغ ريد» كونه بنياً مائلاً للأحمر وينحدر من سلالة أصيلة، وبما أن جده كان أحد أمهر الخيول الأصيلة وحائزاً على المراكز الأولى في السباقات، تنبأت «بيني» للحصان بأن يرث عن جده هذه السمة، فاعتنت بتربيته حتى وصل إلى سن العامين، ودخلت به أول السباقات، إلا أن السباق لم يقبل إلا الأسماء الغريبة فسمته «سكريتيرييت»، وهو اسم الفيلم.

وهنا نكون امام أول صدمة لبيني، إذ خسر الحصان أول سباق خاضه، وكانت تراهن على فوزه بكل ثقة، فسقوط الفارس عنه أدى إلى الخسارة المبكرة، وبدأت قيم الإصرار والعزيمة والثقة تظهر في الفيلم بشكل أكثر وضوحاً، فالثقة بأن الحصان يمكن أن يصبح من أهم خيول السباق لنسله الأصيل جعل بيني تصر على ادخاله سباقاً آخر وبعد هزيمته بأسبوعين فقط، ففاز بالمركز الأول وتوالت مشاركاته وانتصاراته حتى حصد سبعة انتصارات خلال أربعة أشهر ونال بعدها لقب «جواد العالم».

المهم في الفيلم أنه لم يسر على وتيرة واحدة، ففي كل لحظة نصر كانت هناك هزيمة من نوع آخر، فحين لقب الحصان بـ«جواد العالم»، جاء لبيني نبأ إصابة والدها بالسكتة القلبية ومن ثم وفاته، وهنا تصاب بانتكاسة بسبب ضغط زوجها وأخيها عليها لبيع المزرعة والخيول لترتب ضرائب باهظة عليها، فأبت ذلك وقالت: «منحني الخيل إرادة الفوز».

وتبين بعدها أن والدها منحها قانونياً حرية التصرف بالمزرعة وذلك قبل وفاته بخمس سنوات، ما أسكت من حولها وجعلها تنهض من انكسارها مجدداً، فعادت إلى المراهنة على فوز الحصان ودخل أحد أهم السباقات بمنافسة الخيل، «شام» الذي كان أحد أهم الخيول أيضاً، إلا أن «سكريتيرييت» أخفق ونال المركز الثالث، ما جعل بيني والمدرب والمروض ينصدمون لما جرى، وهذه انتكاسة أخرى، اتضح بعدها أن الحصان كان مصاباً بخراج في أحد أسنانه، وهنا كان دور بيني في تقوية نفسها وتقوية الحصان ومنحه إرادة الفوز، فيظهر لنا مشهد لبضع ثوان تواجه فيه بيني الحصان وترمقه بنظرة تمنحه الإرادة والعزيمة لمواصلة الفوز.

تمضي المسيرة في اجواء من الترقب حيث يدخل الحصان سباقاً آخر نال فيه المركز الأول، وهنا ينتهي الفيلم بطرح النتائج، فيظهر لنا مدرب الخيل وهو يحرق قصاصات الصحف التي كانت تحمل أخبار خسارة الخيول التي كان يدربها في السابق، في حين يأتي زوج «بيني» بعد أن شاركها في أحد السباقات وشعر بلذة الفوز ليقول لها بشكل مباشر «علمتني كيف أحب الأولاد» بعدما كانت مسؤولية الأسرة على عاتقها فقط.

ويحصد الحصان أهم النجاحات والانجازات حينما يفوز باكبر السباقات في الولايات المتحدة.

وفي المشهد الاخير ومع نزول الاسماء في الفيلم نشاهد صور الشخصيات الحقيقية للقصة مع الإشارة إلى ما أصبحوا عليه لتنقل المشاهد إلى أجواء واقعية، والإشارة إلى أن الحصان ولد 600 مهر ولايزال يلقب بأنه أفضل جواد على وجه الأرض.

ونصل الى بيت القصيد ...

ان الارادة لا تحدها حدود .. وان التحدي لا ينتهي عند محطة بل يظل يتواصل ايضا بالارادة والتحدى الذي يتخذ الحرية نهجا في التعامل وصناعة القرار .. وحينما نبلغ المحطة الاخيرة نتاكد بان الحرية وحدها ساعدت الزوجة على المحافظة على بيتها وأسرتها وزوجها وايضا الانجارت التي حققتها مع مزرعتها وحصانها ومدربه وفارسه وبقيه فريقها.. كم من العلاقات الانسانيه المتداخلة التي تؤكد ان الارادة هي خير الرادع للفشل والفيصل في ترويضه.

في الفيلم اداء جميل لديان لين التي نضجت وهكذا الامر مع النجم النزق جون مالكوفيتش الذي يظل مبدعا مهووسا بحرفته ومتجددا في اختياراته.. وهي دعوة للمشاهدة لجميع افراد الاسرة فنحن امام عمل سينمائي يصلح للجميع وبتميز.

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

27/10/2010

# # # #

 

سعيد سالمين في أولى تجاربه الروائية الطويلة

«ثوب الشمس».. بمقـاسات فضفاضة

زياد عبدالله

يبقى السينمائي متوثباً نحو فيلم روائي طويل، ويبدو له في أحيان كثيرة أن الأفلام القصيرة ليست إلا خطوات لها أن تجتمع في وثبة واحدة تكون بمقاس فيلم روائي طويل يسجل المخرج من خلاله حضوره الأكبر، وليكون هنا التحدي مغرياً، وليحضر الحديث عن البنية التي يتأسس عليها الفيلم، والإطار الفني والأسلوبي الناظم لما يحمله إلينا الفيلم، والذي يكون موجوداً بداهة في الفيلم القصير لكن مع الطويل يمسي مكشوفاً أكثر، ممتداً والتناغم بين المقولة ومبررات العمل الفني أولى الخطوات الناظمة التي ستستدعي بالتأكيد أدوات مغايرة تمنح المقترح جمالياً اتساقه ليأخذنا إلى عالمه، دراميا كان أو رمزيا أو أسطوريا.

مقدمة لا بد منها وقد شاهدنا الخميس الماضي جديد المخرج الإماراتي المميز سعيد سالمين «ثوب الشمس» ضمن عروض برنامج «آفاق جديدة» في الدورة الرابعة لمهرجان أبوظبي السينمائي، الفيلم الذي كان مرتقباً بقوة، وقد شهدت صالة العرض في «سيني ستار مارينا مول» حضوراً حاشداً، وبدافع أكيد متمثل بفضول التعرف إلى ما سيقدمه سالمين في تجربته الروائية الطويلة الأولى بعد النجاحات التي حققها في أفلامه الروائية القصيرة مثل «هبوب» و«عرج الطين» و«الغبنة» وصولاً إلى «بنت مريم» الذي حصد الكثير من الجوائز محلياً وعربياً وعالمياً.

وبالتأكيد سيستدعي سالمين في هذا الفيلم ما له أن يكون ملامح مما عرفنا به أفلامه القصيرة، أو أسلوباً وفياً للقطة والبناء المشهدي للسرد كما هي الحال في فيلمه السابق «بنت مريم» حيث الاستثمار كان على سبيل المثال في مفردات بصرية متمثلة بالخوذة التي تتلقى حبات المطر، الرجل الذي يحمل شتلة ليمون ونحن نتتبع أشباح فتاة تتزوج من رجل ستيني، الأمر الذي سيتسرب إلى «ثوب الشمس» بالتأكيد لكن كملمح منه، وليأتي الفيلم معلقاً بين تلك العناصر والدراما التي تراهن على الأسطوري والبيئي وتداخل بعضهما بعضاً.

يمضي فيلم «ثوب الشمس» في ثلاثة مستويات: اسطوري وواقعي وبيئي، لن تجتمع على ما يصيرها في النهاية تحت بنية متماسكة لها أن تقول لنا شيئا متسقاً ومتماسكا، لا بل إن كل مستوى على حدة افتقد تماسكه، وتعرض لخيانات كثيرة أبعدت الأسطرة عن الأسطوري والواقع عن الواقعي، والتي خضعت لارتجالات سيكون مرحباً بها، لو كانت ماضية في نسق واحد تتفرع عنه، إلا أنها في الأساس كانت وليدة إملاءات ضائعة في مهب تمديد الزمن ليكون طويلاً.

يبدأ الفيلم من الراوي يخبرنا عن حليمة، التي سرعان ما ستكون أسطورة خارج المكان والزمان، كوننا سننتقل إلى دمشق لنشاهد ذاك الفتى يهجس بها ومعه والدته التي تقول له إن آلاف «الحليمات» موجودات في هذا العالم، وبالاستعانة بلوحة لها أن تكون صورتها، وليمسي الفتى الدمشقي الراصد الأكبر لحليمة أو كاتبها وهو يدون فصول حكايتها، كما سنرى طيلة الفيلم وصولاً إلى الثوب الذي يضعها لها على القبر، ثوب الزفاف المهدور إن صح الوصف، وبالتأكيد هذا الفتى سيكون المتماهي الأكبر مع حليمة وراوي أحداث الفيلم.

وفي تعقب ما ستكون عليه حليمة كمادة أسطورية متخطية للأبعاد الزمنية فإننا سنكتشف هذه المرة أنها ابنة المكان والزمان، إذ إننا سنعود إلى دولة الإمارات بما له أن يكون خمسينيات القرن الماضي، حيث نتعرف إلى حليمة الخرساء والبكماء، التي سنعرف عنها ايضاً أنها يتيمة الأم، وأنها تعيش كل أوقاتها داخل بيت الحمام (سيكون الحمام حاضراً على الدوام كأدوات تعبير عشقية أو ديكور يمكن لهديله أن يكون موسيقى تصويرية ربما)، ولنقابل أيضاً صالح الهائم بها الذي يرفض والده تزويجه بها لما تعانيه حليمة من إعاقة، بينما يأتي زائر اسمه علي فتقع في غرامه حليمة، ولتصبح هذه المرأة رهينة حالتي حب، في الحالة الأولى فإن صالح من يحبها وهي لا تحبه، بينما تحب هي علي وليرفضها هذا الأخير، وإلى جانب حليمة تحضر أختها الصغرى التي تحب صالح والتي سنجدها في النهاية وقد تزوجت منه.

في ما تقدم البنية الرئيسة لقصة الفيلم، التي تعرضت إلى كميات كبيرة من التفرعات للخلوص إلى ما تقدم، والتي هي أساساً بنية ميلودرامية مضت نحو تحويل حليمة إلى أسطورة، فبقيت في نطاق المأهول بالواقعي، ولم تتحول إلى مجاز للعسف الاجتماعي بقدر ما بدت امرأة تحاصرها خيبة العشق، بمعنى أن القصة نفسها لا تحمل مقومات الأسطوري إلا قسراً، ولا تريد في الوقت نفسه أن تكون واقعية أو لا يراد لها ذلك.

النسيج الكامل للفيلم يأخذنا إلى ما تقدم، وفي ثنايا هذا النسيج تتحرك اللقطات والغوايات البصرية التي يتبعها سالمين في سرده، وليكون السؤال الذي يفرض نفسه بقوة في هذا المقام: هل كانت العناصر الأخرى التي أضيفت إلى النسيج الرئيس للفيلم تخدم أغراضاً درامية؟ وباستبدال السؤال بآخر هل حملت مجازات الصورة ما يجعل منها مجازاً تفاعلياً؟ الإجابة عن هذه الأسئلة ستكون المحدد الرئيس لما عانى منه الفيلم الذي امتلك امكانية فيلم أفضل بكثير، لكنها ومجدداً ستحضر غواية ما يلتصق بالفيلم من دون أن يكون في خدمة ما يود إيصاله، أو التنقل بين المستويات الثلاثة السابقة الذكر دون أن يكون هذا التنقل مؤسساً على أسلوبية تنسجم مع بناء الفيلم ككل، وهذا ما يجعلنا ضائعين ونحن نشاهد الفيلم، هذا ما يجعلنا نتعقب الشخصيات الرئيسة وهي تمرر مسبوقة بصفاتها دون أن تشاركنا إياها بما يجعلنا نبني علاقتنا معها، وتغليب التجوال البصري في المكان والاستخدام المتكرر للحمام ومصاحبة اللاشعري للشعري، ثم إن حليمة بوصفها امرأة جميلة لن تقودنا إلى التعاطف الأسطوري معها بوصفها تعاني، لا بل سنجدها امرأة تعيش الحب بحرية مطلقة، الأمر الذي نتوق أن يكون أو كان كذلك، وما من أحد يمارس عليها أي عسف اجتماعي، لا بل إن رفض علي لها لن يكون بمنطق حياتي إلا إدانة لعلي نفسه، كونه يرفض امرأة جميلة، وتحديداً أن الإعاقة ستكون متوارية أمام المكياج المتقن للممثلة، كما هي أختها التي تعيش العشق كل العشق، بينما والدهما شخص لا يتسبب في معاناتهما، إنه شخص يستحق الثناء كونه يدع لابنتيه الحرية المطلقة، ثم إنه يغيب لدرجة نعتقد فيها أنه قد مات ولنشاهده في النهاية، وعليه فإن الاضطهاد الذكوري للأنثى لن يكون حاضراً ابداً، بل الرهان على الإعاقة وما تجابه به المرأة لأنها كذلك، ولا نعرف إن كان ذلك مما يطفو من خمسينات القرن الماضي كأولوية، أو حتى في وقتنا الحالي أمام حرية المرأة وتطلعاتها وما تصطدم به من عادات وتقاليد.

كيف للواقع أن يكون مراً واصرار الفيلم دائما على تقديم الجميل، وليس تقديم الواقع بجمالية بصرية؟ كيف لثوب الشمس أن يكون من نصيب حليمة ونحن ننسى واقعها المحاط ببنية سياحية؟ وهكذا فإن جماليات الفيلم ستكون ماضية في سياقها الخاص، الجمال لمجرد الجمال، بينما يلتصق هذا الجميل بالمفترض أنه قبيح فلا يبقى كذلك، إنها غواية الانجراف نحو العناصر مفردة وتجميعها في فيلم، بدل الاستسلام للسياق الذي في جوهره ميلودراميا حمل بما ينوء بحمله فضاع في زحمة التزيني، إنها محاولة لسالمين أن يقدم الكثير من خلال فيلمه هذا، الكثير الذي له أن يمنحنا نواحي جمالية وإبداعية منفصلة عن السياق الكامل، كما لو أننا كنا أمام عبارات جميلة في نص مفكك.

الإمارت اليوم في

26/10/2010

# # # #

«تشيه - رجـل جديد».. الشاعر والضاحك والمغامر

زياد عبدالله 

بحث طويل امتد أكثر من 12 سنة ليخرج علينا المخرج الأرجنتيني تريستان باور بفيلمه الاستثنائي «تشيه - رجل جديد»، وبجهد مشترك مع مخرجين من أميركا اللاتينية اجتمعوا على تقديم الثائر الارجنتيني أرنستو تشي جيفارا رجلاً جديداً، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: ما الجديد الذي علينا معرفته بخصوص هذا الرجل الذي أصبح رمزاً متخطياً الحدود والمعتقدات، وايقونة ثورية ضد الظلم والفقر والاضطهاد؟

أفلام كثيرة تناولت حياة هذا الرجل، آخرها فيلم ستيفن سودربيرغ «تشيه» بجزئيه، الذي لن يكون الأخير بالتأكيد، ولنعد إلى سؤالنا السابق، ما الجديد في فيلم باور حتى يوصف تشيه بالرجل الجديد، ولعل الإجابة عن هذا السؤال ستؤكد جدة هذا الفيلم، على جيفارا مجسدًا كما لم يجسد من قبل، وعلى أيدي أبناء قارته التي كان نضاله فيها متخطياً حدود دولها، ولتتسرب إلى الفيلم وبقوة الروح المهيمنة على هذه القارة المتمثلة بهيمنة اليسار في أغلب بلدانها على مقاليد الحكم وعبر الاقتراع الانتخابي، الأمر الذي يجعل حقيقة من جيفارا رجلاً جديداً، وطيفه لا يكتفي بالتحويم كرمز في أرجاء القارة، بل بحضور مستعاد بقوة على أرض الواقع.

هذه الروح سنلمسها تماماً في الفيلم، الذي يقدم من أوله إلى آخره دون أن يغيب عنه جيفارا، بمــــعنى أن الفيلم الذي قارب الساعتين ليس إلا مادة مترامية لحياة جيفارا وفق الأرشيف، من الطفولة إلى مقتله في بوليـــفيا، التي ستكون في النهاية متصلة ومتواصلة كما لو أنها تسرد عبر الصور الحقيــقية حياة جيفارا، وليكون الجديد أيضاً مجـــموعة من الوثائق التي تعرض للمرة الأولى، والتي كانت مخبأة في الأرشيف البوليفي، لكن رئيساً مثل ايفو شـــافيز لن يتوانى أمام وضع ذلك الأرشـــيف في تصرف باور ورفاقه، وعليه ســنكون أمام قصائد مسجلة بصوت جيفارا تركها لزوجته، وصولاً إلى كتاب غير مكتمل ألفه في براغ بعد عودته من الكونغو يحلل فيه تجربة الاتحاد السوفييتي وغيرها من وثائق.

سيكون الشعر المهيمن الأكبر على الفيلم، سنرى جيفارا الشاعر، ليس بواسطة ما يقرأ من كتاباته ومراسلاته فقط، بل السلوكية الشعرية، الجنوح نحو المغامرة، فليس لأفعال هذا الرجل إلا أن تكون شعرية، ومعها الوعي العميق بالمغامرة وإدراكه لما يسير هذا الكون والصدام معه والتفاؤل دائماً بغد أفضل، هو الذي يقول لأمه في إحدى رسائله قبل مضيه إلى افريقيا «لقد عدت دونكي خوتيه من جديد».

الفيلم حقيقة يقدم رجلاً جديداً، لا لشيء إلا لأنه لم يقدم بهذا الشكل من قبل، إنه وثيقة مترامية، نشاهد فيه جيفارا بكل مراحله، وعلى وجهه دائماً تلك الضحكة التي لا تفارقه، نراها في أدغال كوبا، وقبلها الأرجنتين، ثم الصين وروسيا وأميركا، وصولاً إلى الكونغو وبوليفيا، وفي جمع أكبر قدر ممكن من المادة الأرشيفية، إنه الرجل الضاحك الفرح المتفائل على الدوام، هو الذي قتل وكانت وصيته لأولاده الذين لم يتح له رؤيتهم إلا في مناسبات قليلة «قبل كل شيء احرصوا على الاحساس عميقاً بأي ظلم يرتكب بحق أي إنسان أينما وجد في العالم، فتلك هي أجمل ميزات الثائر».

الإمارت اليوم في

28/10/2010

# # # #

عن الفنزويلي الذي دوّخ العالم

«كارلوس».. ليالي ابــن آوى المستعادة

زياد عبدالله 

ثمة أفلام تدفعك إلى الحديث عن السياسة أكثر من السينما، والتأريخ والتوثيق أكثر من الرواية التي يقترحها الفيلم، ومعها طرق السرد وما إلى ذلك، خصوصاً إن كان الفيلم يقدم لشخصية حقيقية، مازالت على قيد الحياة، وأقصد هنا فيلم أوليفييه أساياس «كارلوس» الذي عرض في نسخته السينمائية في الدورة الرابعة من مهرجان أبوظبي السينمائي، النسخة التي أخذت عن نسخة تلفزيونية مقسمة إلى ثلاثة أجزاء بما يتجاوز خمس ساعات عرضت في الدورة الأخيرة في مهرجان «كان» السينمائي. ثم في «أيام بيروت السينمائية».

ولعل الفيلم كما صرح أساياس في العدد الأخير من مجلة Sight & Sound متمركز حول مرحلة بعينها هي سبعينات وثمانينات القرن الماضي، كما يقول أساياس للمجلة البريطانية، متحدثاً عن الفيلم بوصفه فرصة له شخصيا لاكتشاف تلك المرحلة «الأمر كان جديداً بالنسبة لي»، وتقديم فيلم عن الثائر الفنزويلي إليتش رامبريز سانشيز الملقب بكارلوس أو «ابن آوى» لن يكون إلا في مركز تلك المرحلة كون كارلوس ليس إلا تكثيفاً لكل ما شهدته من أفكار وأعمال وتطلعات على الصعد النضالية الأممية، إضافة إلى رصد ما كان عليه اليسار الراديكالي في تلك المرحلة، وسيكون كارلوس الابن البار للحرب الباردة التي ظهر نجمه إبانها وأفل مع نهايتها وانهيار الاتحاد السوفييتي.

جدل

الفيلم رغم ضآلة قيمته السينمائية لن يكون بحال من الأحوال محملاً بما تقدم، لكنه في الوقت نفسه قادر على فتح باب الجدل من جهات عدة قادمة من السياسي أكثر من السينمائي، كما أن الصفة الأخيرة يمكن التعامل معها بوصف الفيلم فيلم «أكشن» عن رجل ارتبط بمنظمات «إرهابية» وراح يتنقل بين عملية وأخرى، ومن امرأة جميلة إلى أخرى أجمل، مع ارتباطه أيضاً بأكثر من جهاز مخابراتي عربي، ثم وقوعه في يد أعدائه وسجنه بعد تسليمه للفرنسيين، لكن كل ذلك لن يبقى كذلك، ونحن أمام شخصيات حقيقية بأسمائها، ومعظم الشخصيات مازالت على قيد الحياة ولها ما تقوله بخصوص ما تشاهده، بما في ذلك كارلوس نفسه القابع في سجن «بواسي» الفرنسي، فقد أمسى ما أحيط به الفيلم أهم من الفيلم نفسه والذي قدم في النهاية تناولاً سطحياً للأحداث والدوافع، واللافت أيضاً أن كارلوس نفسه اطلع على نسخة من السيناريو، لكنه لم يأخذ بأي من ملاحظاته المتعلقة بحقائق تاريخية، مسجلاً 72 مغالطة تاريخية، حسب ما يورد في تصريح له من خلف القضبان نشر في جريدة الأخبار اللبنانية، معترضاً في الوقت نفسه على الشركة المنتجة «كانال بلس»، واصفاً المخرج بأنه محترف وقدير لكنه اعتبر الشركة المنتجة على ارتباطات دعائية صهيونية، حسب تعبيره.

خط أفقي

قبل تقديم المزيد مما أحيط به الفيلم منذ عرضه إلى الآن، فإن الفيلم يقدم حياة كارلوس «ادغار راميريرز» وفق خط أفقي يتمثل بداية مع انتسابه إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وتعرفه إلى وديع حداد (أحمد قعبور)، وتسلمه العمليات في لندن ثم في باريس، ولنمضي بعد ذلك مع سلسلة العمليات التي نفذها لمصلحة الجبهة وعلاقته بالخلايا الثورية الألمانية وغيرها مع المنظمات الراديكالية العالمية، وصولاً إلى عملية فيينا الشهيرة حين قام ورفاقه باختطاف وزراء النفط لمنظمة «أوبك» التي تحتل المساحة الزمنية الكبرى من الفيلم، ومن ثم انهياره إن صح الوصف مع انهيار الاتحاد السوفييتي، وتخلي سورية عنه، وهروبه إلى السودان، حيث نشهد من هناك تسليمه من قبل السلطات السودانية إلى الفرنسيين.

هذا بالمختصر أحداث الفيلم المترافق مع مشاهد جنسية ملصقة بالفيلم، يظهر فيها كارلوس مهوّساً بالجنس والعنف، كما هو المشهد الذي نجده يستخدم القنابل في عملية الحب، مع الابتعاد تماما عن أي تصوير لدوافع كارلوس في ما يقوم به، بما يحتمل على الأقل الخطأ أو الصواب، كما أنه طوال الفيلم ليس إلا باحثاً عن الشهرة والنساء والكحول، ولعل النسخة السينمائية جاءت مضغوطة بحيث لا نرى كارلوس إلا متنقلا من عملية إلى أخرى، متحدثاً عن صراعه مع الامبريالية الذي يجب أن يكون أممياً في عبارات عابرة ومقتضبة، وعلى هدي ذلك تحضر عناصر الخلايا الثورية الألمانية «الضائعون المأجورون» كما هم في الفيلم، التي تحتمل جميعاً قراءة مسبقة قادمة من الراهن، واستبعاداً كاملاً لما ارتبط به كارلوس وآخرون من جنسيات متعددة مع القضية الفلسطينية التي لا يرد ذكرها طوال الفيلم، وعلى شيء يجعل كل من في الفيلم حزمة من الإرهابيين الذي يقتلون لمجرد القتل.

منطق الآن

ما تقدم ليس إلا اتباعاً لما يعتبره أساياس تصويرا لمرحلة، دون أن نكون في وارد إملاء ما يجب أن تصور به تلك المرحلة، لكن وفي الوقت نفسه في وارد التأكيد بأن الفيلم مصور دون أن يكون معنياً بادعائه، أو كما يورد أساياس في المقابلة سابقة الذكر، بأن كارلوس لم يعد ذاك الذي كان عليه في 23 من عمره، سيكون أيضاً امتداداً للفيلم نفسه حيث المقاربة بمنطق الآن الذي لم يكن كذلك قبل 30 سنة، ولعل ذلك ما يجعلنا نضع أفلاماً تناولت شخصيات حقيقة مقابل هذا الفيلم لا لشيء إلا لمعاينة ما يكون عليه تقديم الشخصيات الواقعية، بمعنى أن تقديمها وفق أفعالها وترك الحكم عليها للمشاهد، مثلما هو الحال مع بوبي ساند في فيلم «جوع» 2008 لستيفن ماكوين، حيث هذا الزعيم الإيرلندي الذي يموت جراء اضرابه عن الطعام في السجون الانجليزية سيتبدى لنا بالطريقة التي نقارب بها حياته وأفعاله الموضوعة أمامنا، وسيكون توصيفه بالإرهابي مقابلاً أيضاً للمناضل، والعكس صحيح، وفي اتباع لمقاربتنا لما نجد عليه الجيش الإيرلندي الجمهوري في صراعه الدامي مع الاحتلال البريطاني. هذا مثال من بين أمثلة كثيرة من أفلام ترتكز على شخصية حقيقية لا ترى فيها حكماً مسبقاً، والوفاء إلى المرحلة أمر لابد له أن يكون من أوليات العمل.

المنطق السابق سيمضي جنباً إلى جنب مع البناء التجاري لفيلم «كارلوس» فهو في النهاية محمل بكل أنواع النجاح، على اعتباره فيلم «أكشن» وجنس ومغامرات، وإن شاهدناه كذلك فإن شيئاً من كل ما تقدم لن نتحدث عنه، ولعل اساياس في تقديمه الفيلم وقوله بأنه فيلم خيالي ما يتيح ذلك، ويدفع للضحك أيضاً ونحن نشاهد الشخصيات بأسمائها الحقيقية مثل أنيس النقاش وحسن الترابي ومحمد الخولي ووديع حداد، إلخ. كما أن عملية «أوبك» كما قدمت فإنها تحمل اتهاماً مباشراً للنظام العراقي السابق، الأمر الذي ينفيه كارلوس من سجنه معتبراً حسب زعمه أن «النظام الليبي هو النظام الوحيد الذي دعم تلك العملية».

ختاماً، كل ما تقدم يسعى إلى توضيح ما يمكن أن تكون عليه السينما حين تقرر الاقتراب من وقائع بعينها، وما يمتلكه السرد السينمائي من قوة في تغليب رؤيته على ما عداها، وكل ما سعينا إليه هو وضع بعض من أمثلة بسيطة مما يعتري مثل هذه الأعمال من جدل.

الإمارت اليوم في

28/10/2010

# # # #

 

«جلد حى» يتوج السينما المصرية بجائزة خاصة «٢٥ ألف دولار»

بقلم   سمير فريد

فاز الفيلم المصرى التسجيلى الطويل «جلد حى» أول أفلام مخرجه فوزى صالح بجائزة خاصة قدرها ٢٥ ألف دولار أمريكى فى مسابقة افاق جديدة للمخرجين الجدد فى مهرجان أبوظبى السينمائى الدولى الرابع الذى أعلنت جوائزه الجمعة الماضى، وهى الجائزة الوحيدة التى فازت بها السينما المصرية فى المهرجان، والجائزة الوحيدة التى أضيفت إلى جوائز المهرجان الرسمية مما يدل على إصرار لجنة التحكيم على تقدير الفيلم.

رأس اللجنة المخرج الفلسطينى العالمى إليا سليمان واشترك فى عضويتها من مصر الممثل الفنان خالد أبوالنجا نجم السينما المصرية المستقلة الأول ممثلاً ومنتجاً وجاء فى بيان اللجنة عن «جلد حى» الذى أنتجه الفنان الكبير محمود حميدة أن الفيلم «لمخرج واعد متميز بأسلوبه الحر وشغفه بقضية فيلمه، اصطحبنا فى رحلة مؤثرة عبر الظروف المأساوية التى يعمل ويعيش فيها أطفال مجبرون على العمل».

وهكذا تؤكد السينما المستقلة فى مصر أنها أصبحت تياراً أساسياً فى السينما المصرية، بل الأقدر على الاشتراك والفوز فى المهرجانات الدولية، كما يؤكد فيلم فوزى صالح التطور الكبير الذى حققته الأفلام المصرية التسجيلية الطويلة فى العقد الماضى «راجع صوت وصورة ١٨ أكتوبر الحالى».

نجحت لجنة تحكيم أبوظبى فيما فشلت فيه لجنة تحكيم فينسيا بقرارها فوز الفيلم الروسى «أرواح صامتة» إخراج ألكسى فيدو شينكو بجائزة أحسن فيلم روائى طويل.

 وفازت السينما اللبنانية بالنصيب الأكبر من جوائز المهرجان للأفلام العربية حيث فاز «شتى يادنى» إخراج بهيج حجيج بجائزة أحسن فيلم روائى طويل عربى، وفاز «شيوعيون كنا» إخراج ماهر أبى سمرا بجائزة أحسن فيلم تسجيلى طويل مناصفة مع الفيلم الهولندى «وطن» إخراج جورج سلاوزر، وفاز «طيب، خلص، يللاَّ» إخراج رانيا عطية ودانييل جارسيا بجائزة أحسن فيلم روائى طويل عربى فى مسابقة آفاق جديدة، وفاز «الطابور الخامس» إخراج فاتشيه بولجور جيان بالجائزة الأولى فى مسابقة أفلام الطلبة.

كما فاز الفيلم التونسى «الألبوم» إخراج شيراز فرادى بجائزة أحسن فيلم روائى قصير، وفاز الفيلم الجزائرى «العابر الأخير» إخراج مؤنس خمار بجائزة أحسن فيلم روائى قصير عربى.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

28/10/2010

# # # #

فى مهرجان أبو ظبى السينمائى الدولى 2010 المرأة تنتصر للحب والوطن والحرية والعدالة

المصدر: محمد الحمامصى - مجلة حواء  

احتفت أفلام الدورة الرابعة لمهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي الذي أقيم على مدار عشرة أيام بالعاصمة الإماراتية أبوظبي ـ 14 ـ 23 أكتوبر 2010ـ بقضايا المرأة وهمومها، وعالجت للتحديات التي تواجهها المرأة العربية خاصة في الخليج ومصر والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين وغيرها من البلدان العربية، فبدءا من فيلم افتتاح المهرجان "سكرتاريت" الذي انتصر للمرأة مؤكدا قدرتها على تحمل أكثر المسئوليات حساسية وثقلا، ومرورا بأفلام "شتى يا دني"، و"حرائق" و"ميرال"، و"لعبة عادلة"، و"نسخة مصدقة"وغيرها الكثير، تلك الأفلام الروائية الطويلة التي قدمت نماذج رائعة لكفاح المرأة من أجل أوطانهن وحريتهن وكرامتهن ومن أجل القيم الإنسانية العادلة.

قد التزم المهرجان بعرض الأعمال الجديدة والمميزة لصناع السينما العرب لتشارك في المسابقة إلى جانب أعمال كبار المخرجين في عالم السينما، ليقدم بذلك إلى الجماهير المتنوعة والمتحمسة لهذا الفن في أبوظبي وسيلة لتبادل الأفكار من خلال فن السينما، وسلط الضوء على الأصوات الجديدة والجريئة في السينما العربية بما يتماشى مع دور أبوظبي كعاصمة ثقافية ناشئة في المنطقة، وليكون المهرجان بقعة في هذا العالم لاكتشاف وقياس نبض السينما العربية الحالية.

أفلام عدة سواء روائية طويلة أو وثائقية طويلة وقصيرة عالجت القضيتين الفلسطينية واللبنانية من منطلق فني جمالي إنساني، كاشفة أن المرأة هي من حملت تبعات وآثار الحروب والصراعات والنزاعات، ففي الفيلم الفائز بجائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم عربي، نرى المرأة اللبنانية التي حملت مسئولية الأبناء في ظل غياب الأب القسري حيث كان مختطفا لعشرين عاما، وفي فيلم "وطن" للمخرج جورج سلاوزر الفائز بأفضل فيلم وثائقي نرى للشتات الذي يضرب الأسرة الفلسطينية في عمق تواصلها، وفيلم "أرواح صامتة" للمخرج ألكسى فيدروشينكو الذي ينتصر لروح المرأة في قلب الرجل العاشق، وفي فيلم "مملكة النساءـ عين الحلوة" لدانا أبو رحمة تعيد المرأة بناء ما هدمته قوات الاحتلال الإسرائيلية يوم اجتياحها لمخيم عين الحلوة عام 1982.

ويدخل فيلم "جلد حي" للمخرج فوزي صالح الفائز بجائزة لجنة التحكيم إلى عالم عمالة الأطفال في مصر ليفضح ما يعاني منه أطفال في أعمار تتراوح ما بين 16 عاما و12 عاما، محذرا من الأخطار التي يتعرض له هؤلاء الأطفال، ويدور حول الأطفال العاملين بالمدابغ خاصة وأنها مهنة شديدة الخطورة وتعرضهم لمخاطر أقلها ضرر الروائح الناتجة عن المواد الكيماوية السامة "مايه النار" التي تستخدم في عملية الدباغة، موضحاً أن الفيلم يرصد تعرضهم للموت داخل مكان شديد الفقر في مقابل بحثهم عن المال الذي يكفيهم بالكاد.

كما يلفت فيلم "ثوب الشمس" للمخرج الإماراتي سعيد سالمين إلى أهمية تعميق البعد الإنساني في التعامل مع المعاق، حيث يعالج قصة إنسانة صماء عاشت في بيئة اعتبرها المخرج بيئة عالمية لكن ضمن غطاء إنساني بمناخ عربي "إماراتي _ سوري" سعى المخرج من خلالها معالجة فكرة الإنسان المعاق ضمن تساؤلات عن إمكانية تحقيق أحلام الإنسان المعاق ومعالجة صراعه مع الواقع الاجتماعي المحيط به، يتخلل الفلم أحداث درامية ينتقل فيها المخرج بشكل فانتازي من واقعين مختلفين ضمن ربط درامي للأحداث. وغيرها من الأفلام تؤكد على أن قضايا المرأة تحتل مكانة كبيرة في أفكار وهموم صناع السينما عربيا وعالميا.

إن اختيارات المهرجان للأفلام في دورته هذه انطلقت من رؤية إنسانية ورؤية فنية جمالية شديدة العمق، تؤكد التوجه الذي تحمله هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث ومديرها محمد خلف المزروعي، وأيضا فريق عمل المهرجان ممثلا في مديره بيتر سكارليت، لقد أكد المزروعي على أن المهرجان الذي تنظمه هيئته يسير وفق رؤية آنية ومستقبلية تحمل ذات البعد الإنساني الذي تحمله استراتيجية هيئته "تعزيز حوار الثقافات"، والكشف عن ودعم ومساندة "جيل من الشباب في الإمارات ومنطقة الخليج والعالم العربي بدأ في تجسيد ذاته ومجتمعه من خلال السينما".

وكان الرجل صادقا حين قال إن هؤلاء الشباب أبناء الإمارات والخليج العربي والعرب كلهم "ما راهنت عليه قيادتنا الحكيمة"، فما المهرجان إلا "قضايا الشعوب وهمومها تلتقطها عدسة السينما لترويها مرة بعد أخرى، عواطف الإنسان وشجونه ولمحاته تتجسد أمامنا في لغة السينما الأخاذة، مخاوفنا البيئية وحياة المدن والقرى وتبدل اهتمامات البشرية تـُحفر عميقاً في ذاكرتنا".

لقد استقبل مهرجان أبوظبي السينمائي عشرات من نجوم صناعة السينما العربية والعالمية الذين التقوا بالجمهور وتواصلوا معه عبر مناقشات كانت تدار يوميا في خيمة المهرجان، من بين هؤلاء النجوم أوما ثورمان وجوناثان ريس ميريس وأدريان برودي وجوليان مور وكليف أوين و يسرا ولبلبة ويحيي الفخراني وخالد أبو النجا وخالد النبوي وبسمة وآسر ياسين وبسام كوسا وسمية الخشاب وفتحي عبد الوهاب ورشيد عساف وغيرهم.

أيضا الأسرة والطفل كان في دائرة اهتمام مهرجان أبوظبي السينمائي حيث دعا الأطفال وذويهم إلى الاستمتاع بفاعليات "يوم العائلة" حيث عرض برنامجين مميزين، الأول هو برنامج أفلام الرسوم المتحركة القصيرة من جميع أنحاء العالم، والذي تضمن مجموعة من أبرز أفلام مهرجان آنسي السينمائي الدولي لأفلام الرسوم المتحركة _ فرنسا التي عرضت هذا العام، والتي اختيرت مع الأخذ بالاعتبار جمهور الشباب في مسعى لأن يجد الجميع ما يناسبه، ولإتاحة الفرصة لجميع الفئات العمرية للاطلاع على جديد عالم الرسوم المتحركة. أما البرنامج الثاني والذي حظى بإعجاب الجمهور أيضا، فتضمن عرض فيلم "السيرك" (1982) أحد أكثر أفلام العظيم شارلي شابلن طرافةً.. يضاف إلى ذلك كله هؤلاء الفتيات والشباب من متطوعي "فزغة" أحد مبادرات هيئة أبوظبي للثقافة والتراث الذين قاموا بفعالية كبيرة في تقديم كافة أعمال الدعم والمساعدة من النواحي الإدارية والتنظيمية والعلاقات العامة في مهرجان أبوظبي السينمائي 2010، مقدمين بذلك صورة مشرقة عن الشباب الإماراتي ومدى اهتمامهم والتزامهم بنقل صورة مميزة لبلدهم وتأكيد جودة وأصالة الضيافة والاستقبال.

مجلة حواء المصرية في

28/10/2010

# # # #

'شتي يا دني' عبقرية الرؤية والأداء

القاهرة - من محمد الحمامصي 

المخرج بهيج حجيج فتح لنا أوجاعاً عاشتها وتعيشها زوجات وأبناء وعائلات تحت وطأة الاختطاف.

قبض المخرج بهيج حجيج على رؤية فيلمه "شتي يا دني" وأحكم تصويبها، لتدين رسالته الفنية بامتياز الصراع السياسي وما يرتكب في إطاره من جرائم بحق المجتمع في بنيته الأعمق العائلة، لم يصرخ أو يتشنج أو ينفعل رافعا رايات الحرية والعدالة، بل ترك الرؤية الفنية/ الإنسانية لتجرح المشاهد وتضعه في مأزق مؤلم من التساؤلات حول هذه الجريمة "الاختطاف" التي ارتكبت وترتكب بحق أصحاب الرأي بل والمواطنين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في الصراع.

صنع المخرج شخصيات فيلم بنفس درجة إحكامه لرؤيته، الأم نايفه نجار التي اختطف ابنها "علي"، تبدأ الفيلم برسالة تتبعها ثلاثة رسائل أخرى موزعة على الفيلم كتبت في زمن 6 أشهر حيث انتحرت الأم بعد الرسالة الرابعة عام 1984.

تشكل الرسائل نقاط مفصلية في تركيبة الفيلم فالأولى المؤرخة 26 آذار- مارس1984مناشدة لخاطفي وللمؤسسات الإنسانية اللبنانية والدولية والإنسانية باسم الأمومة والطفولة وما تبقى من عاطفة ومحبة إعادة ابنها الوحيد "علي" البالغ من العمر 13 عاما، فيما تحمل الرسالة الثانية انتظارا متحرقا وشوقا لعودة الابن حاملا معه هدية عيد ميلادها "مضت الشهور يا ولدي وأنا أنتظر عودتك إلى بيروت"، وفي الرسالة الثالثة نحن أمام أم على وشك الانتحار كمدا "لم أعد أطيق معايشتي لذكراك، لا أريد أن أستسلم للواقع وأجعلك ذكرى تجترها ذاكرتي، أنت أمامي في كل طفل أراه"، وبعد أن كتابتها الرسالة الرابعة والأخيرة والتي تناشد فيها ولدها إن عاد أن يتابع السير تطلب نيف السكرتيرة بجريدة السفير من زميلها المصور التقط صور لها، وبعدها تنتحر.

الشخصية الثانية وهي الرئيسية في الفيلم شخصية "رامز" الذي قرر الخاطفون إطلاق سراحه بعد عشرين عاما من اختطافه أثناء عودته من العمل، وحين يطلق سراحه ويلتقي بزوجته في المطار، لا تكاد تتعرف عليه، وعندما تحتضنه وتعود به للعائلة، نرى لهواجس السجن والقهر والتعذيب الذي مورس عليه جسديا ونفسيا على مدار عشرين عاما، نرى لرجل فقد السيطرة على ذاته، يتلعثم وتتوه عيناه وتتقطع أنفاسه، وأصبح مهووسا بالخوف والفزع، وبينما تحاول الزوجة الاقتراب منه وتلمس روحه وجسده، تجده تائها ومفقودا غير قادر على ممارسة فعل الحب معها العاطفي والجسدي، مشغول بجمع الأكياس البلاستيكية على اختلاف أحجامها وأشكالها، يخبأها هنا وهناك، متغزلا فيها، هذه الأكياس التي تحمل دلالة الاختناق، حيث كان يستخدمها الخاطفون في الخنق والتعذيب.

يستيقظ رامز مفزوعا ولاهثا من نومه بعد حلم يرى نفسه وقد قام الخاطفون بوضع كيس بلاستيكي في رأسه، لنعرف أن أزمة التنفس "الربو" التي يعانيها نتيجة مباشرة لآلية التعذيب بالخنق بأكياس البلاستيك، وأن هوسه بجمع وتنظيم وترتيب وحفظ كل أنواع الأكياس نتيجة لذلك.

عودة "رامز" تجئ بمثابة المفتاح إلى قلب المجتمع، فتح لنا أوجاعا عاشتها وتعيشها زوجات وأبناء وعائلات، فهذا العائد بعد عشرين عاما يستقبله ابناه اللذان تركهما أطفالا بفتور في المشاعر، برفض أحيانا وانكسار نفسي أحيانا أخرى يؤكد أثر غيابه وتراكمه عبر السنين، فهما عانيا من غيابه ومعايرة المجتمع لهما بـ "الاختطاف"، وعودته تشكل قلبا لحياتهما رأسا على عقب.

حين يذهب رامز ليسلم رسالة لعائلة أحد زملائه في سجن الاختطاف "إلى امرأتي فاطمة، أنا بعدي طيب"، يتجلى هذا الأثر ـ الغياب ـ في عائلة هذا الزميل، الزوجة ماتت كمدا على زوجها الذي لا تعرف له مصيرا، والأطفال ذهب بهم العم لأستراليا، ليصبح لا وجود للعائلة.

أما "زينب" التي يلتقيها "رامز" مصادفة، بعد أن قام بغير قصد بالاصطدام ببضائع أحد المحلات، فيجري صاحب المحل وراءه، وهنا يتخيل رامز المهووس بخاطفيه السابقين، أنهم عادوا ليختطفوه مرة أخرى، يصعد في محاولة للاختباء إلى إحدى البنايات، ويتوقف مجبرا نتيجة أزمة الربو أمام باب شقة يطرقه، تفتح زينب، يشير لها وقد أفقدته أزمة التنفس النطق، أنه يريد أن يشرب، تتوجس خيفة ثم تحضر له الماء، وتعرض عليه الدخول فيما يتمتم بهاجس الخاطفين الذين يجرون وراءه.

"زينت" التي اختطف زوجها أستاذ الأدب العربي والكاتب بإحدى الصحف، ترد على كل طارق لباب شقتها باسم هذا الزوج "خليل"، حيث تعيش على أمل أن يكون هذا الطارق زوجها، يواصل "رامز" زيارتها والتخفيف من آلامها، فعلى الرغم من هذا الحمل الذي يكبله والممثل في عشرين عاما من الاختطاف والغياب والتعذيب، لكنه يرأف بحال زينب ويتعاطف معها، هو يعرف أن زوجها الذي كان زميله في سجن الاختطاف قد مات من أثر التعذيب، لكنه لا يخبرها، ويحاول الخروج بها من الدائرة المغلقة التي تعيش فيها، لكنه عندما يصاب بأزمة وينقل على أثرها للمستشفى يطلبها ويخبرها آسفا موت زوجها.

"ماري" زوجة "رامز" التي صمدت في وجه الفقد والغياب القسري لزوجها، ربت ابنيها ناديا وإيلي، وحين عاد الزوج ورأت ما رأت من فقده للقدرة على التواصل الجسدي والنفسي، استمرت في رعايته كاتمة لآلامها ومواجهة تجاهل وإهمال ورفض ابنيها له، بل كانت صارمة معهما بعد أن كشفا عن أن عودته لخبطت حياتهما، فها هي تضرب ابنتها لأنها سخرت من أبيها وتنهر ابنها.

وعلى الرغم من تعدد المواقف الدالة على حالة الحرمان والشعور بالوحدة والفقد لدى "ماري"، إلا أن مشهد وقوفها أمام المرآة وتزينها استعداد لمحاولة مطارحة زوجها الغرام وفشلها كان حادا وواضحا، يضاف إليه مشهد توترها على ابنتها "صرت أنا الرجال والمرة، ما كان فيه من أسند رأسي عليه" ، وتعلن أن الجميع يتركونها وحيدة، لا تفاعل ولا تواصل، الابنة مع موسيقاها وحلمها بالسفر لفرنسا والابن مع زملائه في الملهي، وهي ـ ماري ـ وحدها أمام زوج مريض عاد لتوه فاقدا مقومات التواصل.

إن الأداء العبقري والفذ لفناني الفيلم حسان مراد وجوليا قصار وكارمن لبس وديامان بوعبود وإيلي متري، جاء متنسقا ومنسجما مع لغة السيناريو والحوار والأسلوب المحمل بالإيحاءات والإشارات الرمزية، ومع رؤية المخرج لحركة الكاميرا سواء في الأماكن المغلقة أو في الشوارع والحواري، فكان السيناريو والحوار والتصوير والرؤية والأداء التمثيلي نسيجا واحدا محكم الخيوط، الأمر الذي حمل معه الفيلم الذي حصد اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم عربي من مهرجان أبوظبي السينمائي في دورته الرابعة 2010، نسقا متعدد الدلالات والتساؤلات حول هذه القضية السياسية الاجتماعية المهمة.

ميدل إيست أنلاين في

28/10/2010

# # # #

شارك في التظاهرة أكثر من ستين فيلما عربيا واجنبيا:

حضور عربي متميز في مهرجان أبو ظبي السينمائي

أبو ظبي ـ من فاطمة عطفة 

شهدت العاصمة الإماراتية تظاهرة سينمائية عالمية، وكان الحضور العربي فيها لافتا، في إنتاج الأفلام، وفي حضور عدد من النجوم، من كتاب سيناريو ومخرجين وممثلين ومنتجين وغيرهم من الضيوف، الذين حضروا وتابعوا فعاليات المهرجان التي تواصلت عروضها لمدة عشرة أيام، وشارك فيها ما يزيد عن ستين فيلماً محلياً وعربياً وعالمياً، بالإضافة إلى أفلام مسابقة الإمارات والأفلام المشاركة في مسابقة الأفلام القصيرة.

كان افتتاح المهرجان بفيلم 'سكريتاريا' Secretariat للمخرج الأمريكي راندال والاس، وهو يحمل فكرة التحدي والحلم والرغبة عند الإنسان، وتأتي هذه الإرادة القوية من سيدة تحقق حلم والدها وتستمر في الحفاظ على ما تركه لأولاده، بعكس أخيها الضعيف المتردد الذي أراد أن يبيع المزرعة والخيول، بالاتفاق مع زوجها الذي ابتعدت عنه زوجته (بيني تشينري) لتشرف على مزرعة الخيول. والفيلم مأخوذ عن قصة واقعية عن الحصان الذي لا تزال أرقامه قياسية تذكر في السجلات حتى اليوم.

وكانت الخطوط العريضة لأفلام المهرجان تتناول قضية فلسطين، والجريمة المنظمة في العراق، وتقييم المرحلة الشيوعية في بعض البلدان الاشتراكية، إضافة إلى جوانب من قضايا العمال والمرأة والطفولة، كما كانت هناك قصص فردية وعائلية واجتماعية. ومن الأفلام التي شدت الاهتمام فيلم عن غيفارا (تشي- رجل جديد) وفيلم كارلوس. ولعل من أهم هذه الأفلام المتميزة ما قدمه المخرج الفلسطيني إيليا سليمان في فيلمين: 'سجل اختفاء' و'يد إلهية'، وقد تميزت أعمال سليمان بلغة سينمائية راقية، وتعبير عميق، يفضح جرائم الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، بالصورة المجردة من الكلام.

وقدمت دانا أبو رحمة: 'مملكة النساء' حيث تبين تفاصيل من الحياة في مخيم 'عين الحلوة' بين عام 1982 و1984، وتلك الفترة الزمنية القاسية التي تعرض لها سكان المخيم، وقت اجتياح إسرائيل للبنان وسقوط المخيم وما ارتكبت فيه من مجازر، ونرى هنا حكايات النساء اللواتي بقين وحيدات بعد أن اعتقل العدو الرجال وقتل من قتل وأسر من أسر، وبقي المخيم فقط بنسائه وأطفاله وجراحه. كما قدم الفيلم تجارب مختلفة لنساء دخلن السجن، وناشطات سياسيات، وفي ميدان القتال وفي مجالات أخرى، وأظهر جوانب من التراث الفلسطيني في مجموعة من الحلي المصنوعة من الخرز والزركشة التي تشتغل عليها المعتقلات من النساء الفلسطينيات في سجون العدو الإسرائيلي، وتخللت العرض لقطات من صور للشهيد ناجي العلي في خلفية بعض المشاهد.

وضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي عرضت في مهرجان أبو ظبي امتلأ مدرج مسرح قصر الإمارات لمشاهدة فيلم 'كارلوس' الذي أعادنا إلى الحالة السياسية التي شهدتها السبعينات وما بعدها، والحرب الخفية بين الأنظمة السياسية وأجهزة المخابرات والخلايا السرية، بين أصحاب القرار واللاعبين الكبار في هذه الحروب: أخرج فيلم 'كارلوس' الفرنسي أوليفييه أساياس، كما يشارك أيضا في كتابة سيناريو الفيلم، وجاءت صور المشاهد من ست مدن، باريس وبيروت ولندن وبرلين وبودابست والسودان، والعرض في أبو ظبي كان النسخة السينمائية التي قدمها المخرج مدتها ساعتان وأربعون دقيقة بعد اختصار النسخة التلفزيونية التي عرضت في مهرجان كان.

بدأ الفيلم من العاصمة باريس1973 واغتيال محمد بوضيا الجزائري الأصل وقائد العمليات لجبهة التحرير الفلسطيني في أوروبا، حيث كان واضحا من أسلوب الاغتيال وجود بصمات الموساد الإسرائيلي، بعدها ظهر كارلوس في بيروت ليتسلم مهام من وديع حداد، وقد ركز الفيلم على التعاون بين الخلية الثورية الألمانية 'بادر ماينهوف' ودور كارلوس في التنسيق للعمليات المشتركة بينهما، الموجهة لضرب أهداف إسرائيلية ومنظمات يهودية في أوروبا. وأهم المراحل التي يمر فيها كارلوس من دمشق وروسيا وعدن والخرطوم تبقى عملية فيينا عام 1975 التي أخذت الاهتمام الأكبر من العرض لما فيها من تفاصيل ومفاوضات مع الجزائر، إلى أن تم اعتقاله بالسودان وترحيله إلى باريس ليسجن. وحصل فيلم 'كارلوس' على اشادة من لجنة التحكيم.

وتناول المخرج بهيج حجيج في فيلم 'شتي يا دني'، وهو الفيلم الروائي الطويل الذي حصل فيه على جائزة 'اللؤلؤة السوداء'، قصة إنسانية مؤثرة عن رجل خطف في منتصف الثمانينيات، خلال الحرب اللبنانية، وبعد اختفائه 20 عاما أطلقوا سراحه ليعيش في بيته غريبا محطما ويعاني من فقدان جزئي في ذاكرته، إضافة إلى ظروف عائلته التي تعاني من تمزق واضطراب بين أفرادها، الأم والبنت والولد، بينما تنقله ذاكرته إلى مكان رجل كان معه في السجن وتوفي تحت التعذيب، حيث يلتقي الرجل العائد امرأة ذلك الرجل التي تنتظر عودة زوجها المخطوف هو الآخر منذ 20 عاما، وتنشأ علاقة مودة عميقة بينهما بسبب تردده وخوفه من إعلامها بالحقيقة. يتولى أدوار البطولة فيه حسان مراد وجوليا قصار وكارمن لبس وبرناديت حديب وايلي متري وديامان أبو عبود، والفيلم واحد من ثلاثة أفلام عربية شارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في المهرجان.

لكن ما أثار جدل الجمهور بعد عرض فيلم 'ميرال' للمخرج اليهودي الأمريكي وليام شنابل، وهو مقتبس عن رواية للكاتبة الفلسطينية ـ الإيطالية رولا جبريل. ويحكي قصة حياة السيدة الفلسطينية هند الحسيني، التي أنشأت عام 1948 دارا لرعاية الأيتام باسم 'دار الطفل العربي' في القدس التي احتلت بعد النكسة، وقد جمعت السيدة الحسيني في تلك الدار مجموعة من الأطفال الناجين من مذبحة دير ياسين، ثم توسعت الدار بعد لإعلان عن تقسيم فلسطين وقيام دولة إسرائيل. البطلة 'ميرال' تؤدي دورها الممثلة فريدا بينيتو يأتي بها والدها إلى مؤسسة أطفال فلسطينية في القدس بعد انتحار والدتها المدمنة على الخمر، وكأن أسباب الإدمان كانت تشعر البطلة بأنها غير نظيفة، هذا يظهر بوضوح عندما تكتشف البطلة أن والدها الذي عرفته ليس أباها الحقيقي، عندما أرادت أن تزرع له من نقي العظام ولم يكن النسيج مطابقا، وجاء تأثرها عاديا بدون انفعال عند اكتشافها ذلك، بينما أظهرت فرحتها عندما ودعت هند الحسيني، التي تقدم دورها الممثلة هيام عباس، وتقول لها ميرال وهي تعبر بفرح: 'إن الحل النهائي والسلام قريبان حيث سيكون هناك اتفاق للحصول على 20 ' من الأراضي الفلسطينية، مشيرة بذلك إلى ما سوف يحصل في أوسلو'.

ومن هنا جاء طرح الأسئلة بعد انتهاء الفيلم على كاتبة السيناريو رولا جبريل، كان أول سؤال: هل أنت مسرورة إلى 20 ' وكأنك تريدين أن يقتنع الناس بفكرتك؟ لكنها تهربت من السؤال وتجاوزته بدون اهتمام. وجاء السؤال الثاني للمخرج جوليان شنابل الذي كان يرتدي بيجاما لونها بنفسجي مع جاكيت فوقها، من هنا بدأ سؤال أحد الشباب من بين الجمهور قائلا: ما هو سر حضورك إلى المسرح في تقديم فيلمك وأنت تلبس البيجاما، في ثياب النوم؟ هل تريد أن تقول لنا ومن خلال فكرتك ولباسك أنتم نائمون ونحن نفعل ما يحلو لنا في مستقبلكم؟ إن كان هذا ما تريد أن توصله نقول لك: نحن غير نائمين ونعرف ماذا تخططون له، فكرتكم هذه غير مقبولة، لكن جوليان كان عصبيا وقال: كنتم 20 ' اليوم لا تحصلون على 5 '!.. طبعا توتر الجو وضاعت القضية الإنسانية التي كانت تقوم بها هند الحسيني وكأنها كانت مجرد غطاء لفكرة الاحتلال وقضم الأراضي شبرا وراء شبر.

ومع فيلم 'لعبة عادلة' للمخرج الأمريكي دوغ لايمن الذي عرض فيه أكاذيب المسؤولين الكبار في البيت الأبيض حول وجود أسلحة دمار شامل وكانت ذريعة كاذبة لاجتياح العراق. يدور الفيلم في منطقة رمادية بين الحقائق الخاصة والأكاذيب العامة، ويحكي القصة الحقيقية لعميلة الاستخبارات الأمريكية السرية، فاليري بلايم (ناومي واتس) التي دمرت حياتها حيث وصل زوجها إلى حافة الانهيار، حينما تم الكشف عن هويتها السرية، من خلال تسريب إعلامي تم القيام به لتحقيق مآرب سياسية. تجري فاليري، الضابط السري في فرع محاربة تهريب السلاح في المخابرات المركزية، تحقيقا حول وجود أسحلة دمار شامل في العراق، بينما زوجها الدبلوماسي جو ويلسون (شون بن) يقاد إلى التحقيق لكي يثبت صفقة بيع مزعومة لليورانيوم المخصب مصدرها النيجر، لكن تتجاهل الإدارة الحقائق التي يتوصل إليها وتقوم بالحرب العدوانية تحت ذريعة السلاح النووي.

وفي لقاء الإعلاميين مع المخرج دوغ لا يمن وجهت 'القدس العربي' سؤالا حول إمكانية إنتاج فيلم يطالب فيه الشعب الأمريكي بمحاكمة بوش وتشيني ورامسفليد، وما سبب هؤلاء للشعب الأمريكي من متاعب اقتصادية بسبب الحرب، إضافة إلى معاناة الشباب الأمريكي الذين فقدوا وشوهوا، وكان الرد على السؤال: 'هذا يجب أن يحدث لكن على ما أعتقد أن الأمريكيين تعبوا من هذه الحرب وهم لا يريدون أن يتذكروا، لأن تذكرها ومن عمل فيها يكون متعبا لهم، إن الناس تريد أن تنسى هذه المرحلة'.

هناك أفلام شاعرية وكأنها أحلام تناولت جوانب إنسانية جميلة ومؤثرة، مثل فيلم 'أرواح صامتة' الروسي الذي يحكي قصة بسيطة عن وفاة زوجة ميرون من شعب المريان ذي التقاليد الخاصة. ويرافق الموظف أيست مديره ميرون في رحلة طويلة لنقل الجثمان إلى ضفاف نهر الفولغا، حيث تحرق الجثة. وأيست يحلم بالموت في النهر منذ وفاة والده الشاعر حزنا على زوجته، لكنه لا يقبل فكرة الانتحار لأن المريان لا يؤمنون بالموت قبل الأوان. لكن الرجلين ينتهيان غرقا في النهر في حادث سير على الجسر. ولغة الصمت المعبر في هذا الفيلم، إضافة إلى ولع الكاميرا الروسية بمناظر الطبيعة هي التي تمنح المشاهد تلك المتعة الشاعرية، رغم حادثة الموت والحرق.

وكان هناك فيلم إيراني جميل (غيشير) يرصد حياة ثلاثة من العمال المهاجرين للعمل في منطقة الخليج بأشغال مختلفة ويعيشون بمودة وتعاون، رغم قسوة الحياة البائسة التي يعانونها. وقد حصل هذا الفيلم على جائزة 'اللؤلؤة'. أما فيلم (الحفرة) عن مرحلة الثورة الثقافية في الصين فقد كان مزعجا لدرجة أن العديد من المشاهدين لم يحتملوا مشاهد أكل الجرذان والقيء، ويبدو أن منتج الفيلم ومخرجه يهدفان إلى مهاجمة الصين الشيوعية بشكل عشوائي، وربما إرضاء للغرب ورأسماليته المتوحشة. صحيح أن هناك جوانب سيئة في تلك الثورة، لكن تلك المرحلة هي التي دفعت بالصين إلى ما وصلت إليه من تقدم وازدهار.

أما فيلم (كرنتينة) للمخرج العراقي عدي رشيد، فهو يرصد حياة مجرم من المرتزقة تستأجره مؤسسة إجرامية لقتل العلماء، كما فعلت الموساد الصهيونية، ولكنه ينتهي بالقتل وإلقاء جثته في دجلة لأنه خالف الأوامر في طريقة التنفيذ.

ونعود إلى فلسطين وفيلم (وطن) لجورج سلاوزر هولندا المتعاطف مع القضية الفلسطينية والذي قدم أكثر من فيلم في السبعينيات والثمانينيات. ويبدو من وجهة نظر المخرج الإنساني أن آفاق السلام مسدودة بسبب ما تفعله دولة الاحتلال. وإذا كان من الصعب استيعاب وعرض ملخص لأهم الأعمال التي عرضت، لكن يطيب لي أن يكون مسك الختام في هذا الموضوع مع الفيلم القصير 'الدرس الأول' للممثلة الفلسطينية المتألقة عرين عمرين، وهي تجرب الإخراج لأول مرة في هذا الفيلم بمساعدة زوجها المخرج المعروف رشيد المشهراوي. تحاول سلمى أن تتخلص من أجواء الاحتلال وتسافر للدراسة في فرنسا، لكنها في الدرس الأول والطلبة يقدمون أنفسهم مشيرين إلى وطنهم على الخريطة.. وتضع سلمى يدها على فلسطين قائلة: (من فلسطين)، لكن طالبة إسرائيلية تضع يدها على خريطة فلسطين وتقول: (إسرائيل)! وهكذا يظهر الصراع على أرض فلسطين بين شعبها ومحتليه من الدرس الأول. وينقسم الطلبة إلى قسمين.. وتضطر المعلمة إلى إنهاء الدرس، وينتهي الفيلم وسلمى تجلس على درج الجامعة وهي تقضم لقيمة من كعكة من الخبز الفلسطيني.

القدس العربي في

28/10/2010

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)