كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

"حرقته الشمس 2"..

عودة إلى التاريخ

أمير العمري

مهرجان كان السينمائي الدولي الثالث والستون

   
 
 
 
 

كل تاريخ المخرج السينمائي نيكيتا ميخالكوف يؤكد لنا بوضوح، من خلال أفلامه البديعة، أنه يتمتع بموهبة رفيعة، وأنه صاحب رؤية وبصيرة، كما أنه ممثل له تأثيره الواضح الملموس على الشاشة.

كان فيلمه "حرقته الشمس" Burnt by the Sun الذي حصل على الجائزة الكبرى للجنة التحكيم في مهرجان كان 1994 ثم على أوسكار أحسن فيلم أجنبي، تحفة حقيقية وعملا يشع بالخيال، كما يمتليء بالنقد السياسي لعصر ستالين في الاتحاد السوفيتي، ويصور كيف انعكست ممارسات الستالينية كأقوى وأعنف ما يكون، على مصائر الأفراد، حتى على أكثر المؤمنين بالتجربة الاشتراكية، وساهمت في تفتيت وحدة أسرة سعيدة: أب وزوجته وابنته الجميلة في عمر الزهور.

كان الفيلم يدور أساسا حول أربعة شخصيات: الجنرال كوتوف (الذي يقوم بدوره ميخالكوف نفسه).. وهو أحد أبطال الحرب العالمية الأولى، حصل على تكريم من ستالين نفسه الذي استقبله وأصبح يعتبره من أخلص حلفائه. وماروسيا زوجته الحسناء، وهي موسيقية تنتمي إلى عائلة أرستقراطية من المهتمين بالموسيقى، وابنتهما نادية الصغيرة التي تهيم حبا بوالدها وترتبط به في علاقة شديدة الخصوصية بين الإبنة والأب.

وذات يوم يهبط "ميتيا" وهو رجل كان يرتبط في الماضي بعلاقة عاطفية مع ماروسيا وكاد الاثنان أن يتزوجا لولا أن ميتيا اختفى فجأة. وهو يعود اليوم، يتودد إلى الأسرة خاصة إلى نادية الصغيرة ويحاول أن يكسب ودها، لكن كوتوف لا يشعر بالارتياح من تلك الزيارة التي تعيد تذكير ماروسيا بما مضى، وتربك الجنرال كوتوف الذي يتمتع بشعبية كبيرة في المنطقة التي يقيم فيها داخل منزل فخم من المنازل التي استولت عليها الدولة من الأرستقراطية الغابرة.

لقد عاد ميتيا لكي ينتقم لنفسه من كوتوف، ونعلم أن كوتوف لعب دورا مباشرا في إبعاده خارج البلاد، إلى باريس حيث عمل هناك في خدمة المخابرات السوفيتية المضادة. وفي مواجهة بين الرجلين يقول له كوتوف لقد اشتريناك بالمال مثل أي عاهرة". ورغم ماضيه الأرستقراطي وولائه لقوات "الثورة المضادة" أي ما عرف بالجيش الأبيض الذي دافع عن النبلاء ضد الثورة البلشفية وخاض حربا أهلية شرسة في العشرينيات بدعم من الغرب قبل أن يتحقق النصر للحمر على البيض، إلا أن "ميتيا" لعب دورا مباشرا في استدراج ثمانية من كبار ضباط الجيش الأبيض، وإعادتهم من باريس إلى موسكو حيث أعدموا طبقا لتعليمات من ستالين. وهو يقول إنه ارغم على ذلك تحت التهديد وبسبب رغبة كوتوف في التخلص منه والحصول على قلب ماروسيا الجميلة.

أما الآن، فقد أصبح ميتيا مسؤولا مهما في المخابرات وقد جاء بصحبة بعض رجال المخابرات الأشداء الذين ينتظرونه في سيارة سوداء في الخارج، لاعتقال كوتوف بتهم ملفقة مثل الخيانة والتآر لاغتيال ستالين. وينتهي الفيلم كما نعلم بانتحار ميتيا بعد أن يذهب كوتوف إلى مصيره، واختفاء نادية وماروسيا في معسكرات العمل الجماعي الشاق بتهمة الانتماء للثورة المضادة، إلا أن ميتيا (الذي يعد أيضا ضحية لنظام سياسي قمعي مستبد) لا يقدر على مواجة ما جنته يداه، فينتحر بقطع شرايين يديه. ونعلم من خلال ما يكتب على الشاشة في نهاية الفيلم أن ماروسيا ماتت، ونجت ابنتها نادية وأنها تعيش في كازاخستان، أما كوتوف فقد أعدم. وأن الثلاثة رد إليهم اعتبارهم في عهد خروشوف الذي قاد بحملة تطهير ضد الستالينية.

مع النجاح الكبير الذي حققه الفيلم الذي أصبح يعد من التحف البديعة في السينما الروسية، الآن يأتي الجزء الثاني من هذا الفيلم تحت عنوان جانبي هو "الخروج" Exodus، لكي نعرف أن كوتوف لم يعدم بل نفذ من الاعدام بتعليمات عليا وتحول من معتقل سياسي إلى مدان بجرائم جنائية غير محددة تماما، وأن نادية أصبحت تعمل ممرضة، وماروسيا في مكان غير محدد، ربما لاتزال في المعتقل، وأما ميتيا فقد أنقذ من الموت على ما يبد (لا نعرفف كيف)، وأصبح مطلوبا منه الآن (من ستالين شخصيا) إعادة جمع شمل الأسرة، تصحيحا لما ارتكب بحقهم. لقد أصبح ستالين الآن كما يصوره الفيلم، كهلا، لكنه لايزال يمسك بخيوط السلطة. ويبدأ الفيلم في عام 1941 قبيل نشوب الحرب بين روسيا وألمانيا النازية مباشرة. ويتابع كيف يقضي كوتوف فترة العقوبة داخل معتقل يعاني من تدني الأحوال بدرجة مخيفة، ومع اندلاع الحرب ينضم للقوات المحاربة، ويصور الفيلم في مشاهد هائلة، كيف تجتاح القوات الألمانية الخطوط السوفيتية، وكيف يقوم الطيران الألماني بارتكاب مذابح جماعية أحدها عندما يلهو الطيارون الألمان بمجموعة كبيرة من الروس الفارين من منطقة الحرب على ظهر سفية ضخمة، ثم يتحول الهزل إلى جد عندما يقصفون ركاب السفينة بلا رحمة، وتكون من بينهم نادية التي تنجو بمعجزة، وتتحول على يدي قس إلى الإيمان بالمسيحية ويتم تعميدها في الماء وهي تسبح متشبثة بلغم بحري ضخم.

مشاهد الانفجارات وتطاير الأشلاء واجتياح الدبابات الألمانية الخطوط مصورة بأسلوب يصل أحيانا إلى السيريالية المخيفة، ولكن مع لمسات مرحة من جانب ميخالكوف، الذي يسخر في مشهد أساسي من إرسال 420 جنديا من جنود الاستعراضات العسكرية في الكرملين إلى الجبهة دون أدنى خبرة قتالية، وتكون النتيجة فناؤهم جميعا.

ويكشف الفيلم أيضا كيف فر القادة السوفيت أمام الموجة الأولى من موجات الغزو الألماني. وربما يكون ما ادى إلى رفض المحاربين السوفيت القدمى للفيلم وإدانته بدعوى أنه "مخالف للتاريخ"!

وفي الوقت نفسه يواصل ميتيا بحثه الميداني عن كوتوف وأسرته، ويلتقي بنادية في مشهد مؤثر، ويخبرها بطريقة ما أن أباها لايزال على قيد الحياة. وينتقل الفيلم بين الماضي والحاضر، من مشاهد تجمع كوتوف ونادية، إلى ما نراه الآن بعد أن أصبحت نادية محاصرة في قرية روسية، وكيف تكاد تتعرض للاغتصاب من جانب الجنود الألمان، ثم كيف يقتل جنديان حاولا اغتصابها على يد امرأة أخرى تعرضت للمحنة نفسها، مما يؤدي إلى محاصرة القرية وإخراج كل سكانها وقتلهم في مذبحة جماعية وحشية وحرق كل منازلهم على نحو يذكرنا بالفيلم الروسي الكبير "تعال وشاهد" Come and See للمخرج إليم كليموف، الذي يعد تجسيدا بصريا مذهلا لـ"الهولوكوست" الأوكراني.

نادية تستمر أيضا في محالة البحث عن أبيها، وكوتوف يشعر بأن ابنته لاتزال على قدي الحياة، لكنه غير متأكد. وماروسيا لا تظهر في الفيلم إلا أن ميتيا يؤكد أنها حية. وينتهي الفيلم دون أن يجتمع شمل الأسرة.

ويعتمد ميخالكوف في هذا الفيلم الجميل الذي استمتعت به أيما استمتاع، على التعبير بالأداء وبالصورة والموسيقى والمزج بين الأزمنة. وهو يبدأ فيلمه بمشهد بديع نرى فيه ستالين في قصر من قصوره الصيفية، مع مجموعة من معاونيه منهم وزير داخليته المرعب بيريا، وبينهم أيضا كوتوف نفسه، الذي يقدم لستالين هدية في عيد ميلاده عبارة عن "تورتة" هائلة من الشيكولاتة التي يفضلها ستالين وقد نقشت عليها صورته. ولكن من الذي سيجرؤ على تقطيع هذه التورتة بالسكين؟ إن مجرد توارد هذا الخاطر يصيب الجمع بالرعب، ولكن ستالين يحسم الأمر، ويتناول السكين، وفي اللحظة الأخيرة يهجم كوتوف عليه ويغمر رأسه داخل التورتة حتى يخنقه، ثم يستيقظ من نومه في المعتقل صارخا: كابوس.. كابوس!

هذا المشهد، مثله مثل كل مشاهد ولقطات التداعيات الذهنية والفلاش باك التي نراها في الفيلم، مصورة بألوان زاهية، وإضاءة باهرة تتناقض تماما مع الأجواء القاتمة في الفيلم خاصة في مشاهد الحرب التي يستخدم فيها ميخالكوف آلاف الممثلين الثانويين. وفي أحد المشاهد نرى عدة آلاف منهم يحاولون عبور جسر، فرارا من الغزو الألماني، إلا أن الضابط المسؤول على الجانب الأخر يغلق الجسر ويحول بينهم وبين عبوره، بل ويحذرهم من أن لديه تعليمات بنسفه خلال دقائق لمنع عبور الدبابات الألمانية. ويقع هرج ومرج، ويشتبك العسكريون معا، وتنثني يد الضابط الذي يحمل إشارة نسف الجسر، العلم الأحمر، فيفهم القائد المكلف بإعطاء التعليمات بنسف الجسر أن هذه هي الإشارة المتفق عليها فيأمر بنسفه مما يؤدي إلى غرق الآلاف في مشهد هائل.

صحيح أن الفيلم ليس بنفس رونق وسحر الفيلم الأول، الذي كان يركز على أجواء أكثر حميمية، أجواء الأسرة من الداخل، والعلاقة بين كوتوف وماروسيا، وبين كوتوف ونادية، ولكنه لايزال يشع بموهبة مخرجه، ويكاد يفوق الكثير من الأفلام التي ظهرت عن الحرب في روسيا، في تصميم مشاهده وإدارة التصوير فيها، والتحكم الهائل سواء في جموع الممثلين الثانويين، أو تجسيد وتنفيذ أكثر المشاهد إغراقا في الجموح الفني.

وتقوم ابنة ميخالكوف نتاليا بدورها "نادية" في الفيلم بعد أن كبرت وأًصبحت في الرابعة والعشرين من عمرها الآن. وهي التي لعبت دور نادية في الفيلم الأول ببراعة استحقت عليها إعجاب المشاهدين.

يقول ميخالكوف إن الجزء الثالث والأخير من الفيلم وهو بعنوان "القلعة" سيعرض في الخريف القادم. ويرد على نقاده الذين يتهموه باستغلال أموال الدولة بسبب علاقته الشخصية مع فلاديمير بوتين الذي يستقبله في الكرملين، بأن الفيلمين الثاني والثالث لم يحصلا سوى على مليونين من الدولارات من الحكومة. ويقول نقاد كثيرون إن الفيلم الذي شاهدناه ضمن عروض مسابقة مهرجان كان الثالث والستين، بلغت ميزانيته 55 مليون دولار في حين قال ميخالكوف ردا على ذلك إن كلا الفيلمين، الثاني والثالث، لم تتجاوز ميزانيتهما معا 40 مليون دولار. ولكن الصحافة الروسية تؤكد أن الفيلم الأخير لم يحصد سوى سبعة ملايين في سوق السينما في روسيا منذ عرضه قبل أشهر.

الأسبوعية في

26/05/2010

 
 

واحدة من أسوأ الدورات في تاريخ «كان» تختتم نشاطاتها بجوائز مثيرة للسجال

أشباح وقرود لـ «السعفة» وفرنسا تكافئ الفرنسيين

كان (فرنسا) - ربيع إسماعيل

من المؤكد أن دورة هذا العام المنتهية قبل أيام، من مهرجان «كان» السينمائي الدولي سوف تدخل تاريخ المهرجان بوصفها الدورة الأضعف في السنوات العشر الأخيرة على الأقل. والأدهى من هذا أن الدورة أصرّت على أن تبقى سيئة حتى النهاية أي حتى توزيع الجوائز وإن بشكل نسبي. حيث ان توزيعاً أكثر منطقية للجوائز في حفل الختام كان من شأنه أن ينقذ ما يمكن إنقاذه. لكن لجنة التحكيم أصرت كما يبدو على أن تحذو حذو المهرجان نفسه في كآبته وتقشفه ورتابته وفي سوء اختياراته، فأعطت في مقابل جائزتين أو ثلاث جوائز جيدة، جوائز أخرى أثارت دهشة إنْ لم نقل أثارت استهجاناً. وينطبق هذا خاصة على ثلاث جوائز أساسية في مقدمتها السعفة الذهبية. فهذه الجائزة الأسمى في المهرجان والتي يتطلع إلى نيلها عادة كل من في عالم السينما من مبدعين ومنتجين ذهبت هذه المرة إلى فيلم اعتبر فلتة الشوط ومن أكثر الأفلام غرابة وإثارة للسجال. نتحدث هنا عن الفيلم التايلندي «العم بومني» الذي يتذكر حيوات أخرى عاشها، الفيلم الذي كان صحيحاً أن البعض تنبأ له بفوز ما منذ عُرض كان ثمة في المقابل كثر بارحوا صالة العرض حين ظهر قائلين إن أكثر ما يلفت في هذا الفيلم الغريب هو انه يعطي المتفرج الغربي تلك الأجواء الغرائبية التي يبحث عنها هذا الأخير. فإن فاز - وكان هذا احتمالاً مستبعداً جداً أول الأمر - فسيكون فوزه لغرائبيته ثم لأنه انتاج فرنسيّ، ثم أخيراً - وهذا أمر في غاية الأهمية في الظروف الراهنة - يجب ألا ننسى الأحداث السياسية الصاخبة في بلد مخرجه: تايلند. وبالفعل فاز الفيلم لتستكمل الدورة بفوزه غرائبها وعجائبها. أما الفيلم نفسه فعمل خيالي يقول مخرجه - واحفظوا اسمه جيداً إن كنتم تستطيعون: أبيشاتبونغ فيراسيتاكول! - إنه إنما حققه انطلاقاً من فولكلور وأساطير المناطق الشمالية الشرقية من تايلند حيث، ودائماً بحسب المخرج، يعيش الناس في اتحاد تام مع الطبيعة وحيواناتها وأشباح الميتين فيها. هنا في هذه الأجواء يقدم الفيلم حكاية «مرعبة» حيناً ومضحكة حيناً، عن العم بومني الذي إذ وجد نهايته تقترب ذهب الى الغابات ليعيش هناك مع الأشباح، ومنها شبح ابنه الذي سبقه الى العالم الآخر وها هو آت ليأخذه إليه. حسناً هناك أناس أحبوا الفيلم وهناك آخرون لم يحبوه. أما العامل الحاسم فيبدو أنه كان رئيس لجنة التحكيم المخرج تيم بورتون المعروف بغرابة أطواره وأفلامه، فأتى الفيلم على قياس تفضيلاته كما على قياس الظروف الفرنسية الإنتاجية والسياسية التي ذكرنا. ومن المؤكد إذ حدث هذا وانتهى الأمر أن «العم بومني...» سيكون لاحقاً واحداً من أقل أفلام السعفة الذهبية في تاريخ كان اجتذاباً للمتفرجين في الصالات والعروض التجارية. فهو رغم أبعاد فنية وجمالية وانثروبولوجية فيه، فيلم ممل بطيء يكاد لا يحدث فيه شيء حقاً.

من فرنسا إلى فرنسا

ذكرنا فرنسا ودورها المفترض في ترجيح فوز هذا الفيلم التايلندي، لكننا نذكر هنا أنها لم تكتف بهذا الدور ولا بهذا الفوز. وبصراحة حسناً فعلت! ذلك أنه إذا كان كثر سوف يأخذون على فرنسا كونها فازت بكل هذه الجوائز (ست أو سبع من أصل ثمان أو تسع!) فإن من بين هذه الجوائز «الفرنسية» اثنتين مستحقتين بكل تأكيد. أولاهما جائزة أفضل تمثيل نسائي فازت بها الفنانة الكبيرة جولييت بينوش ولكن ليس عن فيلم فرنسي! بينوش نالت جائزتها عن دورها الرائع في الفيلم الذي كان أول عمل يحققه المخرج الإيراني الكبير عباس كياروستامي خارج وطنه الذي اعتاد أن يحقق فيه وعنه كل أفلامه التي وضعته في الصف الأول من كبار سينمائيي العالم في زمننا هذا. فيلم كياروستامي الجديد الذي حقق في إيطاليا بأموال إيطالية/ فرنسية هو «نسخة طبق الأصل» الذي لعبت فيه بينوش دور سيدة فرنسية تعيش في قرية إيطالية في توسكانيا وتلتقي لثلاث ساعات مؤلفاً إنجليزياً تعيش معه مغامرة مدهشة لا تعود تعرف هي معها ولا نعود نحن نعرف ما إذا كانا التقيا للمرة الأولى هنا أم إنه لقاء جديد بين زوجين! حكاية شاعرية غريبة وعذبة حكاية هذا الفيلم. حكاية أعطت لبينوش دوراً كبيراً وجائزة أكبر.

عمل فرنسي آخر استحق أيضاً جائزته وبقوة: إنه فيلم «عن البشر والآلهة» للمخرج الشاب كزافييه بوفوا الذي - وكما كان متوقعاً له منذ عرضه أواسط أيام المهرجان - منح جائزة لجنة التحكيم الكبرى، التي على العكس من جائزة السعفة الذهبية تعتبر جائزة من دون مساومات وحسابات، هي جائزة حرة تماماً ترتكز إلى الأبعاد الفنية والفكرية في إعطائها لفيلم من الأفلام. والحال أن فيلم بوفوا يُعتبر استثنائياً بعمقه وتكوينه وأبعاده الفكرية مع أن منطلقه حادثة إرهابية راح ضحيتها في الجزائر قبل عقد ونصف العقد من السنين سبعة رهبان فرنسيين. الحادث حقيقي وجرى كلام وسجالات كثيرة من حوله حينها. أما من اقترف الجريمة فلا تزال هويته الحقيقية لغزاً حتى اليوم في حين اتهمت السلطات الجماعة الإسلامية المسلحة بينما وجه كثر الاتهام إلى السلطات نفسها. والفيلم في الحقيقة لا يرجح أيّاً من الفرضيتين بل إن هذا ليس ما يهمه حقاً. ما يهم الفيلم كان تصوير حياة الرهبان قبل الجريمة في ديرهم المعزول على بعد نحو 100 كلم إلى الجنوب من العاصمة الجزائرية... والانطلاق من هذا للحديث عن الحوار بين الأديان والحضارات بلغة متسامحة طيبة تجعل من هذا الفيلم المتميز حاجة أساسية في أزمان الحقد والكراهية التي نعيش.

إذا كان في مقدورنا أن نحيّي هذا الفوز لفيلم فرنسي استثنائي فليس في وسعنا أن نقول الشيء نفسه عن فيلم وفوز فرنسيين آخرين. ونعني بهذا فوز فيلم «جولة» للمخرج الفرنسي ماتيو أمالريك بجائزتين لم يستحق في الواقع أيّاً منهما: جائزة الإخراج وجائزة جمعية النقاد العالمية. فيلم عادي جداً وسطحي جداً فيلم أمالريك هذا. ومن هنا حين أعلن فوزه ساد وجوم احتجاجي ثم تلاه تصفيق أتى بارداً برودة حفل الختام هذا. وعلى العكس حين أعلن بعد ذلك فوز الممثل الإسباني خافيير بارديم بجائزة التمثيل الرجالي عن دوره الرائع في فيلم «بيوتيفيل» للمكسيكي أليخاندرو غونزاليس إيناريتو (صاحب «بابل» وغيره من الروائع السينمائية الأخرى)، علا تصفيق كبير، فبالفعل بارديم ممثل كبير وكان فاز بأوسكار مستحقة. هذه المرة أتى فوزه عن دور رجل من الحثالة يعيش في أحياء برشلونة الصعبة ويبدأ بتنظيم حياته وحياة ولديه إذ يدرك أنه مصاب بالسرطان وسوف تنتهي أيامه قريباً. فيلم إيناريتو الجديد هذا فيلم كبير كان يستحق أكثر من فوز، بيد أن انتصار بارديم فيه أتى تعويضاً رائعاً لنسيانه - أي الفيلم - من قبل لجنة تحكيم ما كان في وسعها أن تناصر فيلماً إنسانياً له رنة اجتماعية لا لبس فيها. وفي الحقيقة إن خافيير بارديم تشارك جائزته هذه مع زميل له إيطالي هو إيليو جرمانو بطل الفيلم المشارك في المسابقة بدوره «حياتنا». ولقد بدا ودياً منظر الفنانين الأوروبيين وقد وقفا معاً يحييان لجنة التحكيم والجمهور في حفل توزيع الجوائز مطالبين السينمائيين بمزيد من الأفلام الاجتماعية.

ما تبقى لهم

من المؤكد أن مثل هذه الدعوة كان من شأنها أن تسر المخرج الإفريقي الوحيد الذي خرج من مولد «كان» ببعض الحمّص وهو التشادي محمد صالح هارون الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة عن فيلمه «الرجل الذي يصرخ» وهو إنتاج فرنسي تدور حكايته في انجامينا عاصمة التشاد من حول رجل يبيع ابنه إلى الحكومة حين تحتاج هذه جنوداً يخوضون الحرب الأهلية. والحقيقة ان هذا الفيلم الذي لم يثر أيَّ إعجاب حين عُرض اعتبر فوزه بالأحرى تشجيعاً لفرنسا كي تواصل إنفاق المال على نتاجات سينمائية آتية من بلدان فقيرة. وربما ينطبق الشيء نفسه على الفيلم الأخير الفائز في هذه الدورة البائسة لأكبر مهرجان سينمائي في العالم ونعني بهذا فيلم «شعر» للكوري لي شانغ دونغ والذي أعطي جائزة السيناريو.

كان هذا كل شيء في الدورة الثالثة والستين لمهرجان «كان». وأمام هذا «الكل شيء» يتساءل كثر الآن: أي مصير سيكون لمهرجان «كان» في الدورات المقبلة إن واصل هذا الانحدار من ناحية اختيار الأفلام المشاركة أو من ناحية اختيارات لجان التحكيم؟ سؤال مطروح بقوة، طُرح خلال أيام الدورة قبل إعلان الجوائز لكنه طُرح بشكل أكثر إلحاحاً بعد الختام الذي قد يكون صفق له فرنسيون كثر لكنه أثارحفيظة كثر من محبي السينما ومحبي «كان» نفسه في المقابل.

الوسط البحرينية في

27/05/2010

####

مدينة كان تشهد إطلاق «مؤسسة الدوحة للأفلام»

الوسط - محرر فضاءات

شهد مساء يوم الأحد الماضي الفعاليات الرسمية الدولية لإطلاق «مؤسسة الدوحة للأفلام» في منتجع «ماجيستيك بيتش» الراقي على شواطئ الكُروازيت الساحرة في مدينة كان الفرنسية.

وشهد عدد من أبرز صناع الأفلام ونجوم السينما وكبار الشخصيات العالمية انطلاقة أول مؤسسة سينمائية ثقافية دولية من نوعها في قطر والتي ستنظم فعالياتها على مدار العام. وحضر هذا الاحتفال كل من سمو الشيخ محمد بن فهد آل ثاني، وسمو الشيخ جبر بن يوسف آل ثاني، والمخرج العالمي مارتن سكورسيزي، والمخرج الفلسطيني إيليا سليمان، والمخرجان الأمريكيان بيرتراند تافيرنير وتيري غيليام، والمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر، والمخرج الأردني أمين مطالقة، والإيراني بهمن قبادي، والمخرج تيري فريمو، والمنتج التونسي طارق بن عمار، والمخرج الفرنسي جان جاك آنو، والممثلة الهندية مليكة شيروات، والأميركي ستيفين بالدوين، والفنانين المصريين خالد عبدالله وخالد أبو النجا.

وتألق الضيوف على السجادة الحمراء مستمتعين بغناء الفنانة الفلسطينية دلال أبو آمنة وفرقتها المميزة.

وقد بدأت الأمسية برسالة فيديو مسجلة من الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني التي كشفت خلالها النقاب عن المؤسسة الجديدة التي تهدف إلى جمع كافة البرامج والمبادرات السينمائية التي تستضيفها وتنظمها قطر تحت مظلة واحدة.

وتهدف «مؤسسة الدوحة للأفلام» إلى تأسيس صناعة سينما قطرية مستدامة تتمتع بروابط قوية مع مجتمع السينما الدولي، وتركز على المبادرات والبرامج التعليمية في المجتمع المحلي.

كما رحبت المديرة التنفيذية لـ«مؤسسة الدوحة للأفلام» أماندا بالمر، بالضيوف قبل أن تقدم وتعرف الضيوف بالمخرج العالمي المرموق مارتن سكورسيزي.

وقامت مؤسسة السينما العالمية التابعة للمخرج مارتن سكورسيزي بتوقيع شراكة ثقافية لمدة ثلاث سنوات مع «مؤسسة الدوحة للأفلام» بهدف ترميم الأفلام الدولية القديمة ذات القيمة الفنية والثقافية الكبيرة والحفاظ عليها.

وأشاد مؤسسو ترايبيكا الدولية كل من كريغ هاتكوف، وروبرت دي نيرو، وجين روزينثال بمهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي الذي يعتبر ثمرة الشراكة المميزة بين كل من مؤسسة ترايبيكا الدولية ومؤسسة الدوحة للأفلام والذي سيشهد هذه السنة فعاليات دورته الثانية.

وتمتع الضيوف بمشاهد الألعاب النارية التي أضاءت سماء شارع الكُروازيت، كما حظوا بالفرصة لمتابعة العرض العالمي للفيلم الكلاسيكي «الفلاح الفصيح» للمخرج شادي عبدالسلام والذي يعود إنتاجه للعام 1970 حيث قامت «مؤسسة السينما العالمية» بترميمه والحفاظ عليه في نسخة جديدة.

الوسط البحرينية في

27/05/2010

 
 

الحدث

في عمق الأدغال يسكن سرّ أفلام الحائز "سعفة كانّ" الأخيرة

أبيشاتبونغ فيراسيتاخول "ثورجي" مزيجٌ من أيوب وغاندي

هوفيك حبشيان/ كان

بعدما كان المهرجان قد بدأ يفقد الأمل في ايجاد "سعفة" الدورة 63 (الأقرب اليها كان "رجال وآلهة" لكزافييه بوفوا و"عامٌ آخر" لمايك لي، مع اعجابنا الشديد بـ"نسخة طبق الأصل" لعباس كيارستمي)، أطلّ فجأة في اليوم التاسع شريط غريب الأطوار: "العم بونمي، ذاك الذي يتذكر حيواته الماضية" لمخرج كان كثيرون يعجزون عن لفظ اسمه، هو ابيشاتبونغ فيراسيتاخول (1970)، عرف كيف يخطف قلب تيم برتون ولجنة التحكيم التي ترأسها.

مهرجان كانّ أول من انتبه الى فرادة هذا السينمائي عام 2002، فمُنح انذاك جائزة قسم "نظرة ما"، ثم عاد واقتنص بعد عامين جائزة لجنة التحكيم عن قصيدته السينمائية "مرض استوائي"، قبل أن يشارك عضواً في لجنة تحكيم دورة عام 2008 التي ترأسها شون بن. مساهماته كبيرة في ما يُعرف بالفن المعاصر، وهو أحد الذين ناضلوا ضد الرقابة التايلاندية والقمع الذي كانت تمارسه. طوال سنوات الألفين، ارتبط اسمه بالنضال من أجل الحريات في بلاده. وليست مطالبته الأخيرة بـ"احترام مخيلة المشاهد" الا امتداداً لتلك المعركة.  

هذا الأربعيني الذي تحمله الانتليجنسيا على راحاتها منذ انجز أحد كنوز السينما التايلاندية ("مرض استوائي"، عام 2004)، ليس وليد الربع الساعة الأخير، بل هو خلاّق يأتي من عوالم التجهيز والاختبار. سينماه صعبة جداً بالمعنى التجاري للكلمة، اذ تعبق بالصمت ولحظات شاردة تأخذ المشاهد الى التأمل في معاني الوجود. فلسفية هي مقاربة فيراسيتاخول للسينما أكثر من كونها مشهدية. تتضمن قدراً كبيراً من الغرابة والمفاجأة، نتيجة تربيته السينمائية والفنية مع اصرار دائم على محو الحوادث وتخريب السيرورة الدرامية.

نظامه السينمائي يتيح تواطؤ الأنواع بعضها مع البعض الآخر، ليخلص الفيلم الى نتيجة مبهرة على صعيد الشكل. سينما هذا الملقّب بـ"جو"، مقلّة كلاماً ("العم بونمي" أكثر حوارية من أفلامه السابقة)، وذات ايقاع بطيء جداً يحوّل ما نراه لحظة معيشة. رجل يستحم، عائلة مجتمعة الى مائدة، ثور يحاول الهرب، كلها "حوادث" يجد فيراسيتاخول مبرراً لتصويرها. شخصياته، غالباً انطوائية، ليست في الضرورة مثيرة للاهتمام، لكن المطلوب من المشاهد أن يستمع اليها حتى وإن بدت بعيدة منه. ليس هذا ما يجعل من فيراسيتاخول سينمائياً كبيراً: فإلى رغبته في تكوين لحظة واقع فريدة، ينبش المخرج في مخيلته ما يرضي فلسفته وايمانه بالروحانيات. فالأشباح عنده عيونها حمر، اما الابن الراحل فيعود الى بيت أهله بعدما أخذ شكل دب خرج لتوّه من أحد أفلام علم الخيال الأميركي. دعونا لا ننسى ان فيلمه الجديد هذا رحلة. رحلة الى اقاصي الطبيعة الآدمية. في عمق الأدغال تسكن أسراره دائماً. نقفز من قضية الى أخرى، من دون رابط ظاهر للعيان بينهما. على هذا المنوال، نترك العم بونمي لنذهب الى أميرة وحكايتها مع سمكة - قط. في هذه النقطة الأخيرة، ربما نعثر على السر الذي جعل برتون يرمي نفسه في أحضان الفيلم.

السرد عند فيراسيتاخول لا يسلك مسلكاً تقليدياً مكرساً. الحبكة مبعثرة وعلاقته بالأشياء عضوية. كل شيء يغدو عنده مسألة حجة. أو حاجة. حتى المرض الذي يصاب به العم بونمي، يتيح له مناسبة للتأمل مع فلتات عجيبة غريبة صحبة كائنات تقول الكثير مما يدور في المساحة العاقلة للمخرج. فهو يؤمن مثلاً في انتقال الأرواح بين البشر، والنباتات والحيوانات والاشباح، ويريدنا أن نؤمن معه بهذا الشيء كي يصبح السفر الى عوالمه المجهولة أكثر متعة.

"ثورجي" من الصنف الحضاري. يؤمن فيراسيتاخول بصفاء السينما وصفاء الحياة. الشيء يجب ألاّ يلغي نقيضه. التخريب عنده لا يعني التدمير. الموت ليس مرادفاً للنهاية. سينماه تشير الى انه يمتلك طول اناة أيوب وحكمة غاندي. حجرة فوق حجرة، يشيد معبداً لأحلامه. لا يوازي ذكاءه الاّ حسيته التي تجعله يصور العم بونمي في نوع من كهف على شكل بظر امرأة.  

•••

في مقابلة منشورة في الملف الصحافي الخاص بالفيلم، يروي أ. فـ. الدرب الجمالي والمعنوي والفكري والروحي الذي سلكه لإنجاز "العم بونمي". هنا بعض المقتطفات:

"قبل بضع سنوات، عندما كنت أعيش في شمال شرق البلاد، تعرفت من طريق المصادفة الى قصة العم بونمي. راهب بوذي كان يسكن بالقرب من المكان الذي كنت أسكن فيه، روى لي مرة أن رجلاً عجوزاً جاء يوماً الى المعبد ليشارك في نشاطاته ويتعلم التأمل. ذات يوم، هذا الرجل نفسه، العم بونمي، أخبر الراهب انه حين كان في حالة تأمل عميق، كان يستطيع، من خلف أجفانه المغمضة أن يشاهد حيواته السابقة تمرّ كما لو كانت مشاهد من فيلم. كان يجد نفسه في شكل ثور أو بقرة أو حتى في شكل روح شاردة في سهول شمال شرق البلاد. أصيب الراهب بالدهشة لكنه لم يفاجأ لأن بونمي لم يكن أول شخص يروي له مثل تلك التجارب. فراح يلف أرجاء البلاد كي يلملم شهادات من اهالي القرى الذين كان يمكن ان تكون لهم علاقة ما بحيواته الماضية. لاحقاً، نشر كتاباً صغيراً. على الغلاف كان يمكن أن نقرأ: "رجل يستطيع أن يتذكر حيواته الماضية". لسوء الحظ، عندما استطعت الحصول على الكتاب، كان العم بونمي توفي قبل بضعة أشهر".

 "في هذا الفيلم الكثير مني. أدركتُ وأنا انجزه أنني غير قادر على البقاء وفياً لأصل أدبي. بالاضافة الى كوني أجريت تعديلات على ما كانت تتضمنه حيوات بونمي السابقة، فقد قمت أيضاً بوضع العمّ في الخلفية، وتركت المقام الأول شاغراً لممثلين إثنين أعمل معهما دائماً: تونغ وجنجيرا. انهما شاهدان على هذا الرجل المجهول. الفيلم ليس عن بونمي انما عن تفسيره للتقمص. تحول الفيلم بشكل تلقائي تحيةً للسينما التي كنت أشاهدها طفلاً. وهي سينما في طريقها الى الموت، هذا اذا لم تكن قد ماتت. مرة أخرى، ينزلق والدي في الفيلم. هو الذي كان قد اصيب بالداء الذي اصيب به العم بونمي. كل المعدات الطبية التي نراها في غرفة بونمي هي نوع من "ميز ان سين" (اخراج) لغرفته الخاصة".

•••

"مرة أخرى، اخترت العمل مع ممثلين اعتدت العمل معهم، ومع ممثلين غير محترفين (في دور العم بونمي وهواي). جميعهم من شمال شرق البلاد ما عدا تونغ. انه الوحيد لا يتكلم لهجة تلك المنطقة. بالنسبة اليَّ، بونمي هو كائن مجهول. لذلك، لم يكن في امكاني اسناد دوره الى ممثل معروف. اعتقد أن من الضروري ان يضطلع ممثلون غير محترفين بأدوار، عندما نكون في بحث عن أسلوب تمثيل الممثلين القدامى. لذلك، أجريت كاستينغ لناس من مختلف الأوساط".

•••

الأشباح والكائنات فوق الطبيعية كانت حاضرة في أفلامي السابقة، كما في "مرض استوائي". لكنهم في هذا الفيلم يحتلّون المتن. الفيلم يتركز حول الايمان العميق بعناصر فوق طبيعية هي، في الواقع، تشكل جزءاً من حيواتنا. تبهرني فكرة كيف يزداد حضور الطفولة في حياتنا قلما تقدمنا في السنّ. أعتقد أن الخوف أو الفضول تجاه الأشباح والعوالم الأخرى يتعزز في حالتين: الطفولة او حين يكون المرء على عتبة الموت. في البداية، كان السيناريو يشرح ما كانت عليه حيواته السابقة وما لم تكنه. لكن عند تحويله فيلماً، أردت أن أحترم مخيلة المشاهد. السينما هي آداة بالنسبة الى المرء كي يخلق عوالم موازية وحيوات أخرى".

•••

"الفيلم يلقي تحية على نوع معين من السينما، ذاك الذي كنت أشاهده عندما كنت طفلاً. كانت هذه الأفلام مصورة في الاستوديو مع اضاءة مباشرة. الحوارات كانت تُهمَس في آذان الممثلين الذين كانوا يرددونها ميكانيكياً. الوحوش كانت تبقى دائماً في الظلمة لإخفاء ملابسها الرخيصة الثمن. عيونها كانت انعكاساً لضوء أحمر، حدّ اننا كنا نلحظ ذلك. لم تتسنّ لي مشاهدة أفلام رعب قديمة الا متأخراً، أي في المرحلة التي بدأت فيها بالاخراج. أعتقد أنني تأثرت بالقصص المصورة التايلاندية. الحبكة كانت جد سهلة، الاشباح كانت جزءاً من الطبيعة، كما هي الحال اليوم".

•••

"كنت أريد أن أضم الى الفيلم ذكرياتي الخاصة المرتبطة بولادته. الفيلم جزء من تجهيز فيديو في عنوان "بدائي" حيث حاولت أن ألتقط ذكريات شمال شرق البلاد. تعاونت مع مراهقين في قرية ذات ماضٍ سياسي مؤلم. صنعنا مركباً فضائياً وألّفنا السيناريوات. أخرجنا أيضاً فيلماً قصيراً "رسالة الى العم بونمي" حيث حاولنا ايجاد منزل يتناسب وحاجات الفيلم. بالنسبة اليَّ، التجارب التي أريتها في تلك القرية كانت لها دائماً علاقة مع وجود بونمي. انه مكان قُمعت فيه الذكريات. أردت أن اربط ذلك برجل يتذكر كل شيء. مع مشهد الصور، أردت أن تتداخل ذكرياتي بذكريات بونمي".

كانّ - من هوفيك حبشيان

####

إلــــى الــحـــيــاة مــجــــدداً...

بعد 68 يوماً من السجن، كان قد زج فيه من دون أن يرتكب أي ذنب، خرج جعفر بناهي أول من أمس الى الحياة وعاد الى عائلته واصدقائه ومحبيه الذين ساندوه في عزلته ومحنته. لم يُطلَق سراح المخرج الايراني، الذي ظل كرسيه شاغراً في عضوية لجنة التحكيم في مهرجان كانّ الأخير، الا بعدما أضرب عن الطعام، ودفع باللحم الحيّ ثمن حريته المسلوبة في واحد من أكثر الأنظمة السياسية قمعاً للحريات. تردد أن بناهي (1960) خضع لفحص طبي عقب خروجه وتبين أن صحته جيدة على رغم انه بدا نحيلاً جداً في الصورتين المنشورتين له صباح أمس. السلطات الايرانية التي كانت اتهمته بتحضير فيلم عن الانتخابات الايرانية الأخيرة التي عادت بأحمدي نجاد رئيساً للبلاد، لم تعط أي تفسير يبرر الافراج عنه. واذا وجدت قضية بناهي، خواتيمها السعيدة والعادلة، يبقى هناك مخرج آخر هو رومان بولانسكي لا يزال في اقامة جبرية منذ أكثر من 250 يوماً ولا يزال مصيره في يد المجهول

 

خارج الكادر

كانّ بين تململ ورقة وفرنكوفونية!

وحده من يبقى في كانّ، لسبب أو لآخر، بعد انتهاء المهرجان، يرى المدينة على حقيقتها: قرية صغيرة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط مليئة بالمتقاعدين والعمال الأجانب والمسنات اللواتي يتنزهن برفقة كلابهن بعدما غادرهن أزواجهن الى عشيقة أصغر سناً. هؤلاء هم السكان الأصليون لكانّ، يؤجرون البيوت لمن يأتي الى المهرجان من أصقاع الأرض، ويتعاطون البزنس، ويحققون أعلى مستويات الربح على مدار اسبوعين من عرس سينمائي يعيش المدينة على صدى بهجته والارباكات التي يتسبب بها.

مَن لا يستفيد من المهرجان، سواء لأن السينما لا تعني له الشيء الكثير أو لأنه لا يملك بيوتاً مفروشة تتيح له تأجيرها، تراه غاضباً على البلدية وناقماً عليها لأنها، مثلاً، تقفل الطريق من جهة معينة وتحول السير نحو جهة أخرى، وتفاصيل تنظيمية تعرقل الحياة اليومية لأهل المدينة. أتيح لي، من خلال مشاركتي في الدورات الخمس الأخيرة، أن أتعرف الى بعض الكانيين، وأتحدث وإياهم، فأدركت أن هناك تململاً لدى مواطنين يزعجهم أن تتحول مدينتهم محجّة لناس، ينتمون الى مئات الجنسيات، ويجتازون الطريق من دون احترام شارات السير!

يحاول المهرجان، من خلال تأسيس جمعيات، أن يورّط الكانيين في الهمّ المهرجاني، من خلال تخصيص حصة من البطاقات لسكان المدينة. عبر الانضمام الى واحدة من هذه الجمعيات، يحق لأهالي كانّ أن يحصلوا على بطاقات ويشاهدوا أفلام التشكيلة الرسمية وغيرها. أما الحدث الأكبر بالنسبة اليهم فيتمثل في اعادة عرض الفيلم الفائز بـ"السعفة الذهب" غداة اختتام المهرجان. تعويضاً للازعاج الذي تسبب به المهرجان طوال 12 يوماً، تفتح صالة "لوميير" أبوابها أمام حاملي البطاقات، فتأتي النساء بفساتينهن السوداء الأنيقة صحبة أزواجهن أو أحبائهن، ويتكرر مشهد صعود السلالم والتصوير على السجادة الحمراء. أهالي كانّ هم نجوم المهرجان في تلك الليلة المخصصة لهم. عشرات المصورين يحضرون الى المكان لالتقاط صورهم الرقمية ثم يرسلونها اليهم مقابل بضعة أوروات.

هذه السنة عبرّ أهالي كانّ عن سخطهم بسبب نيل فيلم ابيشاتبونغ فيراسيتاخول "العم بونمي، ذاك الذي يتذكر حيواته الماضية" (انظر المقال الأساسي في الصفحة) جائزة المهرجان الكبرى. في كانّ طريقة احتجاج ترسخت في العادات عبر السنوات: التهييص بصوت عال في نهاية الفيلم. أداء ديموقراطي سواء قبولاً أم رفضاً. قبل بضعة أعوام، غادر فريق فيلم "رمز دافينتشي" بعدما تعالت الأصوات المهيصة ضد الفيلم خلال عرضه الصحافي. الاستنكار نفسه حصل عندما صعد جنريك "المسيح الدجال" حيث يهدي لارس فون ترير فيلمه الى اندره تاركوفسكي. هذا الغضب الشديد من فيلم لا يحصل فيه شيء، جعل امرأة مسنة تقول لي "سأقاطع أفلام تيم برتون (رئيس لجنة التحكيم) من الآن فصاعداً". عندما سألتها عن اسمها، قالت: "أليس". فأيقنت مباشرة ان كانّ بلاد العجائب حيث امرأة تدعى أليس وتبلغ الثمانين مطلعة على اسم مخرج "كوكب القرود"!

•••

لا أؤمن بالمقولة الطوباوية "لا يصح الا الصحيح". لكن في قضية المخرج الايراني جعفر بناهي، فعلاً، لم يصح الا الصحيح. فبعد أشهر على اعتقاله وسجنه في ايران، أدرك النظام الايراني الغبي أن الأنظار تتوجه اليه أكثر فأكثر ويوماً بعد يوم، فأطلق سراح مخرج "الدائرة"، الذي لم يكن ارتكب سوى "شناعة" التفكير في صنع فيلم، اعتبرته السلطة معادياً لها.

هذه كانت ربما المرة الاولى يحاكَم فيها سينمائي على نياته ويسجن من أجلها. اعتقاله عاد بالضرر على سمعة ايران، فاق الضرر المحتمل الذي كان سيتسبب به الفيلم في حال انجازه. الأنظمة الشمولية تترك عادة متنفساً صغيراً للحرية. هكذا يصنع مثلاً بعض السينمائيين العرب أفلاماً حكومية "معارضة". يبدو أن هذه الطريقة ليست هي التكنيك المعتمد في ايران التي تعتقل مخرجاً له دعم دولي واسع ولا تأبه للرأي العام الذي سيحتشد ضدها.

والحق انه لا يمكن اغفال الرأي العام في هذا الموضوع الذي كان قد وصل في الأيام الأخيرة الى اعلى مستويات الترقب مع اثارة القضية في مهرجان كانّ السينمائي. كانّ هو ثاني حدث دولي مغطى اعلامياً بعد المونديال. كل كلمة تلقى فيه، تنقل في الصحف وتثير ما تثيره من ضجة وجدال. فما بالك اذا كان الأمر يتعلق بامرأة رقيقة القلب، هي الممثلة جولييت بينوش، تبكي أمام عدسات المصورين وتطالب بالافراج عن مخرج، كان قد بدأ في ذلك اليوم (ربما مصادفة وربما افتعالاً) اضراباً عن الطعام. جولييت، المشاركة في المهرجان بفيلم لعباس كيارستمي الذي كان أحد الذين تتلمذ بناهي على أيديهم، أعادت وأصرّت على ضرورة تخلية سبيل المخرج المضطهد، حاملة لوحة صغيرة كُتب عليها "جعفر بناهي"، ولكن هذه المرة عند تسلمها جائزة التمثيل، مساء الأحد الفائت، مدركةً الصدى الذي تحققه مطالبة مثل هذه. خطوة ذكية جداً، ملهمة ومباركة، قد ساهمت في ان تتخذ الحكومة الايرانية اجراء سريعاً بتخلية سبيل بناهي. جولييت أثبتت ان الرقة تنقذ العالم!

•••

قائمة جوائز كانّ هذه السنة فرنكو فرنسية بامتياز. يكفي النظر الى الأفلام الفائزة لنلاحظ أنها فرنسية الصنع أو التمويل في غالبيتها العظمى. فـ"السعفة الذهب"، "العم بونمي"، شاركت فرنسا في انتاجها. مع العلم ان هذا المخرج هو احد الذين تدعمهم الصحافة السينمائية الفرنسية منذ بضعة أعوام، وتعتبره نابغة، ولا سيما مجلة "لي انروكوبتيبل" و"دفاتر السينما" التي كانت قد خصصت مقالاً عن المايكينغ أوف للفيلم في عدد سابق لها. هناك ايضاً فيلمان فرنسيان، هما "جولة" لماتيو أمالريك (جائزة الاخراج) و"رجال وآلهة" لكزافييه بوفوا (جائزة لجنة التحكيم الكبرى، التي غالباً ما تعكس الهوى الحقيقي للجنة التحكيم). أما جائزة لجنة التحكيم فذهبت بدورها الى التشادي محمد صالح هارون، المقيم في فرنسا، والذي في طبيعة الحال انجز فيلمه "رجل يصرخ" بأموال فرنسية تشادية. اما جائزة التمثيل فكانت من نصيب الفرنسية جولييت بينوش. بيد ان من يقول ان فرنسا كرمت نفسها والتفتت الى مصالحها في هذا المهرجان، فقد نسي ربما ان اللجنة مؤلفة من تسعة اعضاء اثنان منهم فقط هما فرنسيا الجنسية!

هـ. ح

النهار اللبنانية في

27/05/2010

 
 

بعد ظهوره في كان مع ممثّلة إسرائيليّة...

خالد النبوي متّهم بالتطبيع

القاهرة - رولا عسران

أثار ظهور الممثل خالد النبوي على السجادة الحمراء في مهرجان {كان} السينمائيّ برفقة الممثلة الإسرائيلية إيريز بحر، أثناء عرض فيلم {اللعبة العادلة} الذي تشارك وإياها في بطولته مع ناعومي واتس، عاصفة من الاحتجاجات، علماً أنه لم يمر شهر بعد على أزمة مماثلة أثارها عرض {شبه طبيعي} للمخرجة الإسرائيلية {كارين بن رفاييل} في المركز الثقافي الفرنسي في القاهرة.

يذكر أن {إيريز بحر} ممثلة من أصول أميركية خدمت في الجيش الإسرائيلي عامين، وحصلت على رتبة {سيرجنت} قبل اتجاهها إلى التمثيل وتشارك في بطولة مجموعة من الأفلام الأميركية.

قبل مغادرة خالد النبوي فرنسا كانت الاتهامات بالتطبيع مع إسرائيل تنتظره بسبب هذه المشاركة، والغريب أن نقابة الممثلين المصريين لم تتخذ أي موقف، إيجاباً أو سلباً، تجاه النبوي، علماً أنها اتخذت سابقاً موقفاً حاسماً تجاه عمرو واكد عندما شارك في بطولة مسلسل {منزل صدام} مع الممثل الإسرائيلي إيجار ناؤو.

آنذاك، فتح الدكتور أشرف زكي ملف القضية وأجرى تحقيقاً رسمياً مع واكد حول أسباب مشاركته في مسلسل يضم ممثلاً إسرائيلياً. وعلى رغم إنكار واكد معرفته بجنسية الممثل الإسرائيلي، إلا أن ذلك لم يشفع به لدى مجلس النقابة وظلت التحقيقات جارية فترة طويلة.

أكد النبوي للنقاد الذين رافقوه في عروض المهرجان أنه سمع عن الضجة المثارة حوله في مصر، لكنه لا يعلم سبباً واضحاً لها. وأضاف أنه من طبيعي ألا يسأل الممثلين عن جنسياتهم قبل مشاركته معهم في بطولة أي عمل فني، بالتالي كان يجهل جنسية الممثلة الإسرائيلية.

افتعال المشاكل

توضح الناقدة ماجدة خير الله أن التدقيق في جنسية أفراد طاقم العمل ليس إحدى مهمات الممثل، خصوصاً إن كان دور الممثّل الإسرائيلي ثانوياً كما هي حال الممثلة إيريز بحر.

تتساءل خير الله: {لماذا نزايد على فنانينا ونرفض أي نجاح لهم ونبحث لهم عن أي فضيحة أو خطأ حتى وإن كان غير مقصود؟}.

تضيف خير الله: {علينا أن نتوقف عن تلك المزايدات المفتعلة فهي غير مفهومة على الإطلاق، وعلى كل منا الاهتمام بعمله بدل التركيز على الآخرين بهذا الشكل المشين}.

بدوره، يشير الناقد الفني طارق الشناوي إلى أن {التطبيع مع إسرائيل هو الورقة الوحيدة التي يجب أن نتمسّك بها لاستعادة حقوقنا المنهوبة، خصوصاً أن وزير الثقافة المصري نفسه ليس له موقف واضح من هذا الاتجاه، فهو يحارب التطبيع بكل قوته ويعلن في الوقت نفسه أنه لا يجد مانعاً في عرض أفلام إسرائيلية خلال مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لولا خشيته من إحداث احتجاجات أمنية على ذلك}.

يضيف الشناوي أن الفيلم لا يحمل أي شبهة للتطبيع مع إسرائيل، بل هو فيلم وطني يفضح ممارسات جورج بوش البشعة ويؤدي فيه النبوي دور رجل وطني.

أين الحقيقة؟

يصرّح نقيب الممثلين الدكتور أشرف زكي بأنه لن يتخذ أي إجراء قانوني ضد النبوي إلا بعد عودته من فرنسا والتأكد مما إذا كان شارك في الفيلم على رغم علمه بجنسية الممثلة الإسرائيلية أم عن جهل بها.

في المقابل، يشير رئيس اتحاد نقابات المهن الفنية ممدوح الليثي، إلى أنه لا بد من فتح باب التحقيق مع النبوي لمعرفة الحقيقة التي لا بد من أن تتضح خلال التحقيق الذي يجب أن تقوم به نقابة الممثلين فوراً.

الجريدة الكويتية في

28/05/2010

####

وجهة نظر

مسافة

عبد الستار ناجي 

يسألني صديق اعلامي عن واقع السينما الخليجية والعربية بما عرض منذ ايام في مهرجان كان السينمائي، حيث كان لي شرف تغطية هذا الحدث السينمائي الاهم عالميا للمرة الثلاثين على التوالي.

ويبدو ان حقائق الامور، وبعيدا عن اي مجاملة تعدو مسافة فلكية، بعيدة جدا، لان ما قدم ويقدم وسيقدم يمثل مرحلة بعيدة المنال، لن تبلغها السينما العربية الا بعد ردح من الزمن وعندها ستكون السينما العربية قد بلغت آفاقا أبعد بكثير مما هي عليه الان.

والحديث هنا ليس على صعيد التقنيات والحرفيات الفنية، بل على مستوى الفكر والمضامين.

ان الاشكالية الاكبر التي تعاني منها السينما في العالم العربي، بشكل عام، هي موضوع الحريات، ومساحة الرقابة التي تتفنن في تحجيم الفكر والقضايا المطروحة، حتى تصل الى مرحلة، تأتي بها افلامنا بلا رائحة وبلا طعم وبلا سينما.

ولهذا نقول، ان المسافة تبدو فلكية. ومن اجل تقليص تلك المسافة، على السينما واهلها، بان يعوا ان ذلك الفكر والطرح المحدد الذي يدورون في فلكه، سيجعلهم دائما محددين، ومؤطرين، والسينما لا تحب الفكر المؤطر، والقضايا الضيقة، التي لا تبعد عن الانسان وقضاياه.

ولهذا نؤكد ان المسافة بعيدة، جدا، بين ما شاهدناه ونشاهده في كان وفي العالم العربي.

وعلى المحبة نلتقي

النهار الكويتية في

28/05/2010

####

ترميم

عبد الستار ناجي 

شاهدت في عرض خاص في مدينة «كان» الفرنسية العرض الخاص بنسخة فيلم «الفلاح الفصيح» للراحل شادي عبدالسلام والمأخوذ عن نص لفلاح يتضمن شكواه المسجلة على نص أصلي على ورق البردى.

هذا الفيلم القصير الذي تم ترميمه عرض أيضاً بحضور المخرج العالمي مارتن سكورسيوزي المسؤول عن الصندوق العالمي للسينما والذي أعلن عنه في كان منذ عامين، والذي باشر مهامه في صيانة الكثير من التحف السينمائية الخالدة.

ولعل مثل هذه التجربة الكبرى تؤكد الحاجة لمزيد من الاهتمام من أجل حفظ ذاكرة الانسان في كل مكان من أنحاء العالم وبالذات العالم العربي الذي عانت به صناعة السينما من كثير من الاشكاليات لعل من أبرزها عمليات التخزين والتي ساهمت في تدمير عدد كبير من الأصول السينمائية المهمة.

مثل هذا الأمر يجعلنا نعود الى موضوع ظل معلقاً سنوات بل عقوداً طويلة وهو أمر مراقبة السينما والتلفزيون وكمية الأصول والأفلام التي تعود الى مطلع الستينيات ومن بينها «المجلة الإخبارية» التي توثق لعدد بارز من الأحداث والمناسبات المهمة من تاريخ الكويت الحديثة وغياب الترميم لتلك الأصول والأفلام سيعرضها بشكل أو بآخر الى التدمير والتلف، وبالتالي ضياع الذاكرة السينمائية المصورة لكويتنا الحبيبة.

ان قوائم الأفلام العالمية التي أعدها الصندوق العالمي للسينما من أجل اعادة ترميمها تمثل خطوة لاعادة التواصل معها والاهتمام بها والاستمتاع بمشاهدتها، وجملة تلك الأعمال ستجد طريقها الى المهرجانات الدولية وأيضاً التلفزيونات العالمية.

وعلى المحبة نلتقي

Anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

18/05/2010

 
 

مهرجان «كان»... في نظرة من داخل إيران

طهران - ندى الأزهري

في الوقت الذي سُرّت فيه الأوساط السينمائية الإيرانية بإطلاق سراح المخرج جعفر باناهي، كان واضحاً هنا أن الاعتقاد بات راسخاً بأن العصر الذهبي للسينما الإيرانية بات بعيداً وأن الأفلام الإيرانية التي وجدت على هامش مهرجان «كان» لهذا العام لم تكن على المستوى المطلوب. كما خيم «الكرسي الفارغ» ضمن لجنة تحكيم المهرجان المخصص للمخرج الإيراني جعفر بناهي، الذي كان معتقلاً منذ أشهر في طهران، على أجواء الوجود الإيراني في «كان» وعلى صورة السينما الإيرانية في الخارج.

وكانت إيران قد احتجت بشخص معاون وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي لشؤون السينما جواد شمقدري، الذي حضر مهرجان «كان»، على هذه الخطوة واعتبر أن المهرجان هو «مكان لحوار الثقافات» وليس لمناقشة القضايا السياسية.

وفي تقرير عن الأحداث في مهرجان «كان»، نشرت صحيفة «باني فيلم» الإصلاحية في طهران أن شمقدري وجّه رسالة إلى جيل جاكوب مدير مهرجان «كان» حذره فيها من «سعي بعض الأشخاص لمنع قيام علاقات ثقافية حسنة بين البلدين، معتبراً أن هؤلاء لا يهتمون سوى بمصالحهم السياسية والشخصية».

وأعلن شمقدري في الرسالة أن ما جرى هو سيناريو محضر مسبقاً، وقال: «يجب أن أعلمكم أنه، وبفضل جهودنا، فإن الإجراءات القانونية لملف السيد بناهي يقترب من نهايته، وأنه حُكم بست سنوات سجن، بيد أننا نجحنا في تخفيف الحكم. ولكنه (بناهي) سيكون ممنوعاً من مغادرة البلاد». وأضاف: «يعمل السينمائيون الإيرانيون في جو من الحرية وسيادة القانون ولا يجب تصديق المعلومات الكاذبة»... وكان هذا الكلام أياماً قبل إطلاق سراح بناهي.

وكان شمقدري قد التقى جيل جاكوب على هامش المهرجان ووصف اللقاء بـ «الإيجابي». وقد أعلن جاكوب على أثره أن الاحتفاظ بكرسي بناهي خالياً كان «خطوة رمزية»، وأن موقف المهرجان من بناهي لم يكن «سياسياً بل إنسانياً»، وأعرب عن سعادته للقاء «مخرج ذي خبرة مثل السيد شمقدري يستطيع أن يشرح المشاكل التي تعاني منها السينما الإيرانية». وهاجم شمقدري موقف مسؤولي مهرجان «كان» من السينما الإيرانية واتهمهم بالاكتفاء بمشاهدة الأفلام الخاصة، واعتبر أن ثمة عهداً جديداً للسينما الإيرانية يتوافر فيه مخرجون جيدون وأفلام ممتازة، لكن المهرجان يتصرف «بما لا يتناسب ومصلحة هؤلاء». كما دعا شمقدري إلى التعامل مع أفلام الدفاع المقدس (الحرب العراقية - الإيرانية) التي تنتجها إيران بالكيفية ذاتها التي يتم بها التعامل مع أفلام المقاومة في الحرب العالمية الثانية والتي لا يزال الاهتمام العالمي بها قائماً بعد مرور ستين عاماً عليها.

تغيير النظرة

واقترح شمقدري في اللقاء على مسؤولي المهرجان تغيير نظرتهم «التقليدية» و «السلبية» تجاههم، وهذا على رغم مشاركة إيران بأفلام جيدة. كما تطرق شمقدري إلى مواضيع السينما الإيرانية وقال: «بعض هذه المواضيع لم تعد متماشية مع العصر والسيد كياروستامي لم يعد في مقدوره تحقيق أفلامه في إيران». وفي ما يتعلق ببناهي، أضاف: «لقد استفاد مثله مثل بقية المخرجين من دعم الحكومة ولكنه كان يصور في الخفاء، وهو واحد من أربعمئة مخرج لدينا. وليس على المجال الثقافي أن يكون مكاناً للعب السياسي».

وعلى رغم عدم مشاركتها الرسمية بأي فيلم ضمن التظاهرات، وجدت إيران في المهرجان الشهير عبر مؤسسة الفارابي للسينما، والتلفزيون الإيراني، ودار السينما (نقابة السينمائيين)، وبعض الشركات الخاصة. وكانت أعمال عدة سينمائية اجتماعية «طهران - تهران»، وحربية «بعد اليوم العاشر» وبوليسية «آل» قد عرضت على هامش المهرجان.

وكان قسم العلاقات العامة في مديرية الشؤون السينمائية قد اعتبر بحسب الصحيفة نفسها أن المؤتمر الصحافي الذي عقده عباس كياروستامي في «كان» كان مدروساً وأتى ضد الجمهورية الإسلامية، وأنه بدلاً من الحديث عن فيلم كياروستامي جرى الحديث عن بناهي المعتقل وإثارة قضية إضرابه عن الطعام وضرب ابنته أمام سجن إيفين حيث يحتجز.

ولم يسلم كياروستامي خارج إيران أيضاً. فقد اتهمته جمعية «الفن في المنفى» الإيرانية بتأييده للثورة منذ يومها الأول، و «هنأوا» في رسالة مفتوحة وجهوها إلى جولييت بينوش بطلة فيلمه، وذلك لتعاملها مع مخرج «مؤيد لنظام آية الله» منتقدين رسالة مديح مفتوحة زعموا أن كياروستامي وجّهها الى أحمدي نجاد عام 2005 أثناء الحملة الانتخابية آنذاك.

والجدير ذكره أن الإفراج عن جعفر بناهي تم بعد أيام من تصريح معاون الوزير.

الحياة اللندنية في

28/05/2010

####

«نسخة طبق الأصل» لن يعرض في إيران 

طهران - أ ف ب - أعلن مصدر إيراني رسمي أمس، ان فيلم «نسخة طبق الأصل» للمخرج عباس كياروستامي الذي قدم في مهرجان كان لن يعرض في الصالات الإيرانية، لاسيما بسبب «ملابس» بطلة الفيلم جولييت بينوش.

ونقلت صحف ايرانية عدة عن نائب وزير الثقافة والإرشاد الديني جواد شمقداري قوله ان «هذا الفيلم ليس سيئاً (...) لكنه لن يعرض في الصالات بسبب ملابس جولييت بينوش». لكنه اضاف «في المقابل، يمكن ان يعرض في بعض الجامعات وبعض الدوائر الخاصة».

وفازت جولييت بينوش الأحد بجائزة افضل ممثلة في مهرجان كان، عن دورها في هذا الفيلم.

وأوضح جواد شمقداري انه لم يشاهد الفيلم في كان، وإنما «في صالة في باريس (... ) تتسع لثلاثمئة شخص، الا ان عدد الحضور لم يجاوز 35 شخصاً معظمهم من المسنين». وشرح شمقداري الفيلم كما رآه «الفيلم يظهر الوحدة التي يعاني منها الأشخاص في عمر معين بسبب أوضاع الأسر في ظل الحرية الموجودة في اوروبا».

وقال «لن يكون (لهذا الفيلم) جمهور كبير هنا، سوى بين اولئك الإيرانيين الذين يعيشون نمط الحياة الغربي»، معتبراً ان كياروستامي «لا يسعى لعرض فيلمه في ايران». وأضاف شمقداري سبباً آخر لعدم عرض الفيلم قائلاً «هذا الفيلم لديه موزع اميركي، وفي شكل عام نحن لا نعرض افلاماً لموزعين اجانب».

وعباس كياروستامي هو ابرز السينمائيين الإيرانيين، وقد حاز العديد من الجوائز الدولية من بينها السعفة الذهبية في كان العام 1997 عن فيلم «طعم الكرز»، ولديه عدد من الأفلام تحظّر السلطات الإيرانية عرضها مثل «شيرين» الذي صور في 2008، و «عشرة» (2002)، و «ستحملنا الرياح» (1999). اما فيلم «نسخة طبق الأصل» فقد جرى تصويره بالكامل خارج ايران.

ودافع كياروستامي خلال مهرجان كان عن المخرج الإيراني جعفر بناهي الذي اوقفته السلطات الإيرانية في آذار (مارس) بتهمة اعداد فيلم عن التظاهرات التي اعقبت اعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد في حزيران (يونيو) 2009.

وقال «لا افهم كيف ان فيلماً يمكن ان يعتبر بمثابة جريمة، لا سيما عندما لا يكون الفيلم قد انجز اصلاً».

كذلك اتخذت الممثلة الفرنسية جولييت بينوش موقفاً تضامنياً مع بناهي ورفعت لافتة تحمل اسمه لدى تقدمها لاستلام الجائزة.

وأفرج عن بناهي الثلثاء بعد 48 ساعة على نهاية مهرجان كان الذي كان يفترض ان يكون المخرج الإيراني احد اعضاء لجنته التحكيمية.

الحياة اللندنية في

28/05/2010

 
 

عيد السينما العالمية في ثياب التقشف ودائرة الخطر

كان (جنوب فرنسا) - ابراهيم العريس

الأرقام أولاً: ثمانون في المئة من مجمل الأفلام التي عرضت في المسابقة الرسمية وعلى هامشها، كما في تظاهرة «نظرة ما»، في دورة هذا العام المنتهية من مهرجان «كان» السينمائي، هي إما من إنتاج التلفزيون في شكل مباشر، أو منتجة بدعم أساسي منه. قد لا يعني هذا أن الأفلام حققت بلغة تلفزيونية، لكنه يعني بالتأكيد أن عروضها على الشاشة الصغيرة، كانت في بال مبدعيها... ومعظمهم يعرف أن عدداً كبيراً من هذه الأفلام قد تكون العروض التلفزيونية، أو من طريق وسائل الاتصال غير السينمائية، فرحها الوحيد للوصول الى متفرجين. ومن هنا كان محقاً أوليفييه السايس، صاحب «فيلم» «كارلوس» ذي الخمس ساعات وأكثر، حين أبدى حزنه ودهشته كون فيلمه التلفزيوني هذا لم يقبل في المسابقة الرسمية في «كان» هذا العام، بل اكتفي بعرضه على هامش المسابقة. والحال أن صرخة السايس تبدو منطقية في وقت يمكن أن نقول عنه ان الحدود بين السينما والتلفزيون تزول نهائياً، ليس فقط في حيّز الإنتاج، بل حتى في حيّز الإبداع نفسه. وإذا كانت دورة هذا العام من «كان» قد عجزت عن إثارة السجالات الحادة، السياسية وغير السياسية، التي كانت وعدت بها، فإنها في المقابل تمكنت من تفجير السجالات الكبرى حول العلاقة بين السينما والتلفزيون، انطلاقاً طبعاً من فيلم «كارلوس» ولكن وصولاً الى المسألة التقنية نفسها، الى السؤال الأساس: ما الذي يمكن أن يحدد اليوم العلاقة بين ما يصنع لهذا وما يصنع لتلك؟ فمثلاً، الذين شاهدوا «كارلوس» على الشاشة السينمائية العريضة، خرجوا يقولون بقوة ان أهم ما في هذا الفيلم هو ان مخرجه حققه بلغة سينمائية واضحة. وفي المقابل لوحظ أن القسم الأكبر من الأفلام المشاركة في المسابقة، تحديداً، حقق بتقشف اللغة التلفزيونية... ما يعني ان السجال الذي كان لا يزال تقنياً الى سنوات قليلة صار اليوم سجالاً جمالياً. ولعل هذا أبرز جديد دورة «كان» لهذا العام.

غير ان الجديد/ القديم، الذي ثار هذا العام أيضاً، انما دار من حول قدرة مهرجان «كان» على استقطاب أفلام تبرر عالميته ومكانته الأولى في العالم. وينطلق السجال حول هذا الأمر من كون هذه الدورة ستدخل تاريخ «كان» بوصفها واحدة من أكثر دوراته تقشفاً وافتقاراً الى الأفلام الكبيرة... ولا سيما في المسابقة الرسمية. إذ طوال أيام المهرجان لم يكن ثمة أي فيلم يفاجئ أو يوقظ الدورة من سبات كادت تغط فيه. حيث، عدا عن خمسة أو ستة أفلام لافتة حقاً في كل التظاهرات مجتمعة، لم يخرج ما عرض من اطار العادية، وحتى تظاهرة «أسبوعي المخرجين» التي كانت شهيرة بأنها محط اكتشاف المواهب الجديدة، لم تكشف هذه المرة عن أي جديد...

ها... ها... ها

غير أن هذا كله يبقى هيناً، أمام الختام. فمثلاً ان تعطى جائزة «نظرة ما» الى الفيلم الكوري «ها... ها... ها» وفي وجهه تحفة دي أوليفييرا «حالة انجيلكا الغربية» أو تحفة غودار «فيلم اشتراكية» أو فيلم جيا جانكي «أود لو كنت أعرف»، أمر يثير الاستغراب حقاً، ويدفع الى التساؤل حول إوالية اختيار لجان التحكيم، وإوالية عمل هذه اللجان... حتى وان كان معروفاً في عالم المهرجانات انك حين تعين لجنة التحكيم تكون سلفاً قد حددت نوعية الأسماء الفائزة في الختام، أو أحياناً أسماء الأفلام.

ومع هذا كلّه، لم يكن أحد يتصور في حفل الختام أن تكون لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، من «الجرأة» - بحسب تعبير عدد كبير من الصحف والمجلات الفرنسية وغير الفرنسية التي علقت بسرعة على النتائج - بحيث تعطي السعفة الذهبية الى فيلم كان يمكن أن يعطى أية جائزة أخرى، غير تلك التي تتوج فيلماً على اعتبار أنه «أهم ما عرض في المهرجان» هذا العام، وبالتالي، على انه أبرز فيلم سينمائي حقق في العالم خلال عام كامل واستحق أن يؤخذ في المسابقة الرسمية! والحال أنه، إذا كانت للفيلم الفائز، وهو «العم بونمي الذي يتذكر حيواته الماضية» من مزايا كثيرة، على صعيد الموضوع واللغة السينمائية وتصويره أجوائه - وكل هذا قابل للنقاش حقاً - فإن أياً من هذه المزايا لا يؤهله لـ «السعفة». وإذا كان كثر قد عزوا فوزه الى غرابة أطوار رئيس لجنة التحكيم، المخرج تيم بورتون، فإن كثراً أيضاً، رأوا في الفوز نتيجة لأجواء مناسبة للفيلم أوجدها النقد الفرنسي، مع العلم بأن فرنسا مشاركة في انتاج الفيلم، الذي هو في شكل عام من انتاج أوروبي على رغم تايلانديته، اضافة الى تأثير الأحداث السياسية التايلاندية في الموقف من الفيلم، خصوصاً أن مخرجه آبيشاتيونغ فيراسيتاكول، حاول في كل الأحاديث الصحافية التي أدلى بها، أن يربط فيلمه بتلك الأحداث... وهو أمر ليس واضحاً في الفيلم الذي اتسم بتلك الشاعرية الغرائبية التي تستهوي العقل الغربي الاستشراقي، ما يعني ان الفيلم انما صنع أصلاً من أجل هذا العقل. وهو أمر تلقفه فوراً بعض النقاد الفرنسيين الذين كتبوا مناصرين للفيلم في وقت كان النقد العالمي لا يعتبره جديراً بأية جائزة كبرى. الأفلام الجديرة كانت، أصلاً، قليلة العدد، أربعة أو خمسة. وكان الفوز من نصيب بعضها، فيما نسي بعضها الآخر تماماً. ولعل الظلم الأكبر كان ذاك الذي تعرض له في النهاية الفيلم الذي كان ثمة إجماع منذ عرض على أنه الأكبر حظاً: «عام آخر» لمايك لي... الذي كان، الى «عن البشر والآلهة» للفرنسي كزافييه بونوا، و «بيوتيفيل» للمكسيكي اليخاندرو غونزاليس اينارينو، وربما أيضاً «نسخة طبق الأصل» لعباس كياروستامي، الفيلم الذي نال القسط الأكبر من الإعجاب واعتبر، حقاً، عملاً كبيراً يعرض في «كان» هذا العام. نعرف الآن أن الأفلام الثلاثة الأخيرة نالت حظها من الفوز، وربما بقدر من العدل كبير... أما نسيان «عام آخر» فإنه بالتأكيد، بدا بالنسبة الى النقاد والجمهور والمهتمين، خطيئة كبيرة «ستحاسب لجنة التحكيم عليها ذات يوم» بحسب تعبير مجلة «تيليراما» وصحيفة «لوموند».

هنا أيضاً ثار السؤال من حول اختيار لجنة التحكيم ورئيسها. والمعروف أنه إذا كان الاختيار يتم ديموقراطياً، فإن رئيس اللجنة (تيم بورتون هنا) يظل القطب المؤثر، خصوصاً ان وجد الى جانبه محكّمون لا يقلون عنه طليعية ورغبة في الاستفزاز مثل المخرج والرسام الإسباني فكتور إريس... ومن المؤكد ان بورتون الذي لم يكن - على عادة رؤساء لجان التحكيم - راغباً في التماشي مع اجماع نقدي رجح فوز «عام آخر» - الذي تتناقض واقعيته القوية، مع نزعة بورتون نفسه، الخيالية الغرائبية الماورائية - توجه بقوة صوب ترجيح «العم بونمي...» إذ أحس أن ثمة ميلاً فرنسياً الى اعطائه السعفة، كي يظهر في نهاية الأمر نوع من التوازن مع هيمنة فرنسا على الجوائز كما على المهرجان وعروضه (العدد الأكبر من أفلام المسابقة الرسمية من انتاج فرنسي، أو تشارك فرنسا في انتاجها)...

أسئلة للشهور المقبلة

طبعاً هذا كله سيصبح قريباً حديث ذكريات... والسجالات من حول جدارة «العم بونمي...» أو عدم جدارته بالفوز ستنسى قريباً، كما سينسى الفيلم نفسه. ليس لعدم جودته، فهو - بعد كل شيء - فيلم له مزاياه... لكنها مزايا طليعية، تليق بنوادي السينما والعروض الخاصة والتلفزيونية المتأخرة ليلاً، بل لعدم جدواه. فهو فيلم لن يكون قادراً، على أن يشكل لحظة في تاريخ السينما، أو أن يجتذب جمهوراً عريضاً لمشاهدته ولو من باب الفضول. وكان الدليل الأسطع على هذا، عرض الفيلم غداة اعلان فوزه، في «كان» نفسها، حيث إذ تَدافع المئات لمشاهدته، جوبه بالصراخ والصفير، وغادر القاعة معظم الحضور قبل انتهاء عرضه...

كما قلنا، هذا كله سينسى قريباً. أما ما سيبقى فهو السجال الآخر عن حدود السينما وحدود علاقتها مع التلفزيون... وأما ما سيبقى من أسئلة مهرجانية، فإنما هو السؤال الذي بدا - أخيراً! - يشغل بال مسؤولي «كان»: هذا المهرجان الى أين؟ ففي هذا العام، وصلت أزمة مهرجان «كان» الى ذروتها. ولا سيما انطلاقاً من غياب الشركات الأميركية الكبرى عنه، ومن تدهور المبادلات التجارية على هامش المهرجان، واضطرار مجلاته اليومية المتخصصة الى التوقف عن الصدور في الأيام الأخيرة لافتقارها الى الإعلانات. حتى سائقو التاكسي وأصحاب المطاعم أحسوا بالأزمة هذه السنة وراحوا يمطروننا بأسئلة حول مستقبل المهرجان... ولا شك في أن أجوبة كثيرة ستكون مطلوبة خلال الاثني عشر شهراً المقبلة... أي الفترة التي سيكون فيها «عام آخر» قد عرض وحقق من النجاح ما يثير غيظ تيم بورتون ورفاقه، فيما يعجز «العم بونمي...» عن العثور على صالات تعرضه، فإن عثر، فسيعجز عن العثور على جمهور يملأها... فإن عثر، فسيعجز عن إبقاء الجمهور في الصالة حتى نهاية العرض...! 

«غودنيوز» تعِد بـ «قنبلة موقوتة»

إذا كانت شركة «غودنيوز» المصرية لم تحمل معها الى مهرجان «كان» هذه المرة، فيلماً جديداً من إنتاجها تعرضه، كما جرت عادتها خلال السنوات الأخيرة، في «سوق الأفلام في كان» أو خارجه، فإنها على الأقل لم تبق خارج الصخب الإعلامي. وهكذا بعدما قدمت خلال الأعوام الفائتة على هامش «كان» أفلاماً لها ضخمة مثل «عمارة يعقوبيان» و «حليم» عام 2006، ثم «ليلة البيبي دول»، وصولاً الى تقديم «إبراهيم الأبيض» في دورة العام 2009 - ودائماً في صالات مستأجرة وأمام جمهور يشكل الصحافيون العرب غالبيته -، تركز اهتمامها واهتمام الإعلام الأجنبي، على مشروع جديد، يبدو انه يحل مكان مشروع آخر (تلفزيوني هذه المرة) كان أعلن عنه في العام الفائت وموضوعه تاريخ حركة الأخوان المسلمين في مصر. وحتى الآن ليس واضحاً إذا كان صُرف النظر عن هذا المشروع.

ولكن في المقابل أعلنت الشركة التي يرأسها الإعلامي عماد الدين أديب وينطق باسمها أخوه السينمائي عادل أديب، أنها تحضر لإنتاج فيلم لن تقل كلفته عن 10 ملايين يورو عنوانه الموقت «القتلة».

وهذا الفيلم الذي يكتبه الآن، كما أعلنت الشركة في كان، كاتب السيناريو وحيد حامد (الذي كان كتب للشركة نفسها السيناريو الوحيد الناجح حتى الآن من بين إنتاجاتها، والمقتبس عن رواية علاء الأسواني «عمارة يعقوبيان» سيتولى إخراجه مروان حامد (إبن وحيد حامد) الذي سبق أن أخرج من إنتاج «غودنيوز» فيلمها الأول «عمارة يعقوبيان»)، وفيلمها الأخير «إبراهيم الأبيض»، أما السيناريو الجديد، الذي يتردد أنه سيكون أجرأ سيناريو مصري حول قضية الإرهاب (التي سبق لوحيد حامد أن عالجها في أفلام كثيرة...)، والفيلم يربط علاقة ما، بين «مؤسس الإرهاب» في التاريخ الإسلامي الحسن الصباح (زعيم طائفة «الحشاشين» التي يستعير الفيلم اسمها كما يبدو)، وبين محمد عطا أحد قادة عمليات أيلول (سبتمبر) 2001 الإرهابية في نيويورك، مروراً بحسن البنا، مؤسس حركة الإخوان المسلمين في مصر خلال ثلاثينات القرن العشرين. ومن المتوقع طبعاً لهذا الفيلم، إذا ما أنجز حقاً، أن يكون قنبلة حقيقية في فضاء السينما العربية... وربما من أفلام دورة عام 2012 لمهرجان كان. 

ميخالكوف: «الشمس السراب 2» رد على سبيلبرغ

> مبدئياً كان من المتوقع أن يجابه المخرج الروسي الكبير نيكيتا ميخالكوف، عاصفة عاتية لدى وجوده في «كان»، بعدما ظهر خلال المهرجان بيان وأخبار هاجمته بوصفه رجل السلطة الآن في السينما الروسية، كما ظهرت كتابات نددت بفيلمه الجديد الذي عرضه في المسابقة الرسمية للمهرجان لكنه لم يحصد في نهاية الأمر أي فوز. لكن العاصفة لم تحدث. صحيح أن بعض الأصوات ارتفعت من هنا ومن هناك، بعضها روسي وبعضها الآخر فرنسي حاول المزايدة... لكنها كانت أشبه في صراخ في صحراء... فلا الرأي العام «الكاني» انتبه إليها، ولا - حتى - ميخالكوف نفسه عبئ بها.

حين كان البعض يسأله عن الأمر، كان يطلق ضحكته الفاتنة ويصمت، كذلك فإن فيلمه الجديد «الشمس السراب 2»، لم يكن أبداً على السوء الذي جرى الحديث عنه في موسكو، إنه بالأحرى فيلم ملحمي مميز، يعود فيه ميخالكوف الى الإنسان - وتحديداً الى الكولونيل كيتوف، الشخصية المحورية في فيلم سابق له هو «الشمس السراب» (الأول)، والتي لعبها بنفسه -، إنما من خلال أحداث رائعة تدور خلال احتلال الألمان النازيين أجزاء من روسيا خلال الحرب العالمية الثانية. والفيلم، بهذا يتابع مصير الكولونيل الذي كان اعتقل في نهاية الفيلم الأول، ليجعله هذه المرة مشاركاً في الحرب، مقاتلاً شجاعاً، يحدث له طوال الوقت أن يعيش على ذكريات حبه ورفقته لابنته التي انخرطت الآن في الصليب الأحمر بعدما عرفت أن أباها حر وعلى قيد الحياة.

«الشمس السراب 2» هو أضخم فيلم روسي صوّر حتى الآن. ونال تصفيقاً كبيراً حين عرض في اليوم الأخير لمهرجان «كان». وميخالكوف الذي لم يفته أن يبدي شكره للجمهور الذي استقبل الفيلم هذا الاستقبال الحافل، قال إنه إنما قرر أن يحققه منذ اللحظة التي «شاهدت فيها قبل سنوات فيلم الأميركي ستيفن سبيلبرغ الرائع «إنقاذ المجند رايان». لقد أحببت هذا الفيلم كثيراً، لكني في الوقت نفسه غضبت إذ وجدت مخرجه يفعل كما يفعل غيره من كبار المخرجين الأميركيين الذين حققوا أفلاماً عن الحرب العالمية الثانية: لقد ركزوا غالباً على موقعة دانكوك ونزول الأميركيين فيها متناسين الدور العظيم الذي كان لتضحيات ودماء الشعب الروسي وبطولات الجنود الروس في التحرير. ومن هنا قررت أن أعود الى هذا الموضوع في فيلم عالمي الصبغة، كي يتذكر العالم حقيقة ما حدث».

وأبدى ميخالكوف أمله في أن يسمع رأي سبيلبرغ بفيلمه هذا، مؤكداً أن إنتاجه كلف 40 مليون دولار (لا 55 مليوناً كما كان قد أُعلن سابقاً). وفي الوقت نفسه أعلن ميخالكوف أن هذا الفيلم، الثاني في سلسلة «الشمس السراب» سيكون له جزء ثالث يختتم ثلاثيته عن الكولونيل كيتوف، ويصور أحداثاً تدور عند نهاية الحرب العالمية الثانية، أي عند الانتصار الكبير «حيث آمل أن أجمع في مشهد أخير الكولونيل بابنته الحبيبة». 

من كوبولا الى كيغي: الى «البندقية» سرّ

في الوقت الذي كان ضيوف مهرجان «كان»، لا سيما من السينمائيين والصحافيين والنقاد يندبون حظ دورته الأخيرة التي انتهت فعالياتها آخر الأسبوع الفائت، آخذين على إدارة المهرجان، بخاصة، عدم قدرتها هذا العام على اجتذاب أفلام جيدة، كان مهرجان «البندقية» الإيطالي المنافس يعلن، ومن «كان» تحديداً، بعض أسماء الأفلام التي ستعرض في دورته المقبلة. والحقيقة أن ما أعلن جدير بأن يثير حسد أهل «كان»، مع أنه لا يزال يشكل جزءاً يسيراً من إجمالي ما سيعرض آخر الصيف المقبل، في ذلك المهرجان الذي يعتبر المنافس الرئيس لـ «كان» في القارة الأوروبية على الأقل. وحسبنا هنا أن نستعرض اللائحة الأولية لأسماء الأفلام - ومعظمها أميركي حتى اللحظة - التي أعلنت مشاركتها في شكل شبه أكيد، كي ندرك كم ان «كان» هذا العام يبدو ضعيفاً ومتخلفاً مقارنة بـ «البندقية».

فمن ناحيته، يعرض الأميركي تيرنس مالك، فيلمه الجديد «شجرة الحياة» في المهرجان الإيطالي بعدما اعتذر من «كان»، حيث كان متوقعاً أن يعرض الفيلم، من أن تأخره في إنجازه أجّل عرضه في المهرجان الفرنسي الذي كان راهن عليه طويلاً على اعتباره واحداً من أهم أفلام هذا العام، ومن المعروف أن مالك (اللبناني الأصل من بلدة شكا، كما قال بنفسه غير مرة)، يعتبر من كبار سينمائيي العالم اليوم، على رغم أن انتاجه خلال ثلث قرن لم يتعد الخمسة أفلام طويلة. ومن هنا يعتبر عرض كل فيلم جديد له، حدثاً سينمائياً كبيراً.

الى مالك، هناك في «البندقية» أيضاً فيلم «من هنا وصاعداً» جديد كلينت إيستوود، و «في مكان ما» من صوفيا كوبولا، التي لم تكن حققت شيئاً منذ «ماري أنطوانيت»... ويعود دارين ارنوفسكي، بعد فشل فيلمه الأخير «الينبوع» ليتحف البندقية بجديده «البجعة السوداء»، فيما يعود جوليان شينيل بـ «ميرال» وداني يويل بـ «17 ساعة»، وتعرض جولي تيمور «العاصفة» وروبرت رودريغز «مانشيت».

وما هذا إلا غيض من فيض «البندقية» الذي من شأنه أن يغيظ أهل «كان»... ولكن هناك ما هو أكثر، هناك المجري بيلاتار و «حصان تورين». وهناك على التوالي الآسيوين تاكيشي ميكي («13 قاتلاً») وسبون سونو («سمكة باردة») وتران آنه هونغ («غابة نرويجية») إضافة الى شين كيغي الصيني الذي يعود بعد غياب بفيلم جديد يعد بالكثير «يتيم جاو».

وطبعاً لا تقف لائحة ما سيعرض في «البندقية» عند هذا الحد... لكن الأدهى من هذا أن معظم أصحاب هذه الأفلام، أميركية كانت أو آسيوية، هم من الذين كانوا يعتبرون أبناء «كان»... والسؤال هو: إذا لم يكن صحيحاً أن تأخر إنجاز أفلامهم هو ما جعلهم يعطونها الى «البندقية»... لماذا تراهم يبتعدون الى هذا الحد عن مهد بداياتهم؟ 

الحياة اللندنية في

28/05/2010

 
 

«خارج عن القانون» فيلم كبير يُعيد أمجاد السينما الجزائرية فى «كان»

بقلم   سمير فريد

كان الفيلم الجزائرى «رياح الأوراس» إخراج فنان السينما الجزائرى العالمى محمد الأخضر حامينا أول فيلم عربى يفوز فى مهرجان «كان»، وذلك عندما فاز بجائزة أحسن فيلم أول لمخرجه عام ١٩٦٧، وطوال تاريخ المهرجان لم يفز فيلم عربى بالسعفة الذهبية إلا الفيلم الجزائرى «وقائع سنوات الجمر» إخراج حامينا أيضاً عام ١٩٧٥.

وبعد ٢٠ سنة من الفوز بالسعفة برز فى السينما العالمية اسم جزائرى آخر هو «رشيد بوشارب» عندما رشح أول فيلم من إخراجه «رماد الحياة» ١٩٩٥ لأوسكار أحسن فيلم أجنبى. صحيح أن بوشارب فرنسى وُلد فى باريس لأسرة جزائرية، وصحيح أن أفلامه من الإنتاج الفرنسى، لكن الهوية الثقافية لهذه الأفلام تجمع بين الثقافة العربية الجزائرية والثقافة الغربية الفرنسية، وتتميز بآفاق إنسانية واضحة، وتدل على أنه «مواطن عالمى»، العالم مسرحه، والإنسان موضوعه، والإعلاء من القيم الإنسانية الكبرى جوهر رؤيته.

إنه يصور فى كل مكان من السنغال إلى لندن، ومن باريس إلى الجزائر، ويعد «الآن» فيلمه السابع فى ١٥ سنة الذى سيصوره فى هوليوود. وقد عرض فيلمه الثانى «السنغال الصغيرة» فى مسابقة مهرجان برلين عام ٢٠٠١ عن تاريخ الاستعباد الأوروبى للأفارقة فى أمريكا، وعرض فيلمه الخامس «نهر لندن» فى مسابقة مهرجان برلين ٢٠٠٩، عن العالم بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن ولندن ومدريد حيث فاز الممثل المالى سوتيجى كوياتى بجائزة أحسن ممثل عن دوره فيه.

وفى فيلمه الرابع «بلديون» الذى عرض فى مسابقة مهرجان «كان» ٢٠٠٦، وفاز ممثلوه الجزائريون الثلاثة رشدى زيم وسامى بوعجيلة وجميل دبوزه بجائزة أحسن ممثل، كما رشح لأوسكار أحسن فيلم أجنبى، وفيلمه السادس «خارج عن القانون» الذى عرض فى مسابقة مهرجان «كان» هذا العام، يعبر بوشارب عن التاريخ الطويل المركب بين فرنسا التى احتلت الجزائر عام ١٨٣٠، والجزائر التى استقلت عام ١٩٦٢، بعد مقاومة شعبية عنيفة للاحتلال استشهد فيها أكثر من مليون جزائرى، ولذلك عرفت بثورة المليون شهيد.

وقد انتقدت «بلديون» عام ٢٠٠٦ لتجاهل مذبحة ٨ مايو ١٩٤٥ التى وقعت فى سطيف، وراح ضحيتها عشرات الآلاف من الجزائريين، ولم أكن وحدى الذى انتقد هذا التجاهل بالطبع، ولكن بوشارب يعبر عنها فى «خارج عن القانون» مما أثار اليمين فى فرنسا، وما أثبت أنه فنان كبير ومثقف أصيل يدرك مسؤوليته عندما يتناول التاريخ.

المصري اليوم في

29/05/2010

####

الإفراج عن جعفر بناهى:

الجائزة التى فاز بها مهرجان كان ٢٠١٠

بقلم   سمير فريد 

تم الإفراج عن المخرج الإيرانى جعفر بناهى يوم الثلاثاء الماضى، بعد ٤٨ ساعة من حفل ختام مهرجان كان يوم الأحد، والذى وصلت فيه المطالبة بالإفراج عنه إلى ذروتها عندما رفعت جولييت بينوش لافتة تحمل اسمه وهى تتسلم جائزة أحسن ممثلة، وقالت إن مقعده فى لجنة التحكيم على المسرح كان شاغراً، ونتمنى أن يكون معنا، العام المقبل.

ويوم الخميس صرح نائب وزير الثقافة والإرشاد الإسلامى بأنه شاهد فى باريس فيلم «نسخة معتمدة»، الذى أخرجه الإيرانى عباس كيارو ستامى، وفازت بينوش بجائزة «كان» عن دورها فيه، وأن الفيلم لن يعرض فى إيران بسبب «الأزياء التى ترتديها بينوش»، وقد أفرج عن بناهى بكفالة ٢٠٠ ألف دولار أمريكى، وهى كفالة ضخمة تعنى أن هناك قضية «كبيرة» سوف تنظرها «محكمة الثورة» فى موعد لم يحدد بعد.

قبض على «بناهى» يوم أول مارس، وأعلن الخبر ٢ مارس، ونشرنا التفاصيل فى «صوت وصورة» عدد ٤ مارس، ولم تعلن السلطات الإيرانية سبب أو أسباب القبض عليه، وفى المؤتمر الصحفى لإعلان برنامج مهرجان كان يوم ١٥ أبريل وجه جيل جاكوب، رئيس المهرجان، الدعوة إلى بناهى للاشتراك فى لجنة التحكيم، وطالب بالإفراج عنه.

وفى يوم ١٧ أبريل أعلن وزير الثقافة والإرشاد الإسلامى أن سبب القبض على «بناهى» أنه كان «يصنع فيلماً ضد النظام»، وتابعنا القضية فى «صوت وصورة» عدد ٢٠ أبريل، وتوالت بيانات المطالبة بالإفراج عن الفنان الإيرانى ومنها بيان وقعه سبيلبيرج وآنج لى ودى نيرو وكوبولا وسكورسيزى وروبرت رد فورد وأوليفر ستون ومايكل مور وجويل دانيان كوين، وبيان من منظمة العفو الدولية.

ويوم افتتاح مهرجان «كان» صدر بيان مشترك من وزير الخارجية برنار كوشنير ووزير الثقافة فردريك ميتران الفرنسيين، وتابعنا القضية فى رسائل مهرجان كان يومى ٢٢ و٢٥ مايو، حيث أعلن فى المؤتمر الصحفى لفيلم «نسخة معتمدة» يوم ١٨ مايو أن بناهى بدأ إضراباً عن الطعام، وقال كيارو ستامى فى المؤتمر: «لا أفهم كيف يمكن اعتبار فيلم جريمة بينما لم يتم صنعه أصلاً»، وفى تقرير نشرته «الحياة» أمس الأول، للخبيرة فى السينما الإيرانية ندى الأزهرى جاء أن نائب وزير الثقافة والإرشاد الإسلامى حضر مهرجان كان واحتج على موقف المهرجان، وقال إن بناهى حكم عليه بالسجن ست سنوات لتصويره فيلماً فى الخفاء، وقد نجحنا فى تخفيف الحكم، ولكنه سوف يظل ممنوعاً من السفر خارج البلاد.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

30/05/2010

####

زووم

مهرجان كان علي »نايل سينما«

بقلم:أحـمد صالح 

كما وعدتكم الأسبوع الماضي سأتناول اليوم الاستوديو التحليلي لمهرجان كان الذي ظلت قناة »نايل سينما« تعرضه منذ بداية المهرجان وحتي نهايته..

بعثة التليفزيون كانت مكونة من ثلاث قنوات: القناة الثانية و»نايل لايف« و»نايل سينما« ولا شك ان الأخيرة كانت هي الاكثر تميزا وليس معني وجود قصور أو تقصير في التغطية التي قام بها فريق القناة من هناك ان نغفل الجهد غير العادي الذي بذله عمر زهران رئيس قناة نايل سينما وأزعم انه لو توافر له الاعداد الجيد لكان الوضع مختلفا..

جهد عمر زهران كان واضحا أيضا في »الاستوديو التحليلي« الذي استغل المهرجان كحدث لطرح ومناقشة عدد من القضايا المهمة كغياب السينما المصرية وقضايانا العربية التي يتم طرحها في أفلام المهرجان رغم غيابنا وقضية الانتاج المشترك ومناقشة مصطلحات »فيلم جماهيري« و»فيلم مهرجانات«.

وأكثر ما يلفت الانتباه في الاستوديو التحليلي هو وجود اسم إحدي مقدمات البرنامج علي التيتر كــ»رئيس تحرير« في وجود كاتب للحلقات وفريق من المعدين وهو ما يعني انتهاكا جديدا لصفة »رئيس التحرير« بعد أن أصبحت كلمة »معد« سبة لاقتصار دور كثير من المعدين علي الاتصال بالضيوف.

ولا أفهم كيف تكون المذيعة »رئيس تحرير« برنامج؟

هل يعني ذلك أن القناة ليس بها معدون يصلحون لتولي المهمة فتولتها هي بالنيابة عنهم أم أنها رأت في كونها مذيعة »فقط« ما ينتقص من قدرها ومكانتها؟

أم حدثت معجزة وأصبحت أجور المعدين مغرية للدرجة التي تجعل المذيعات يطمعن فيها؟

وعلي حسب علمي فإن قناة »نايل سينما« هي التي تنفرد بهذا الشئ العجيب، فكل البرامج التي تعرضها القناة تجد في تيتراتها أسماء مذيعات إما كمشرفة علي الاعداد وتلك أيضا »تقليعة جديدة« نجدها في برنامج »نجم اليوم« أو كــ »مدير تحرير« كما في برنامج »ستوديو مصر«!

في العصر الذهبي للتليفزيون كانت الادوار محددة بعناية ورغم وجود مذيعات بحجم أماني ناشد وليلي رستم وسلوي حجازي وغيرهن إلا أنهن أتحن الفرصة لعدد من الأسماء ليكونوا نجوما في الإعداد التليفزيوني كمفيد فوزي علي سبيل المثال.

والي جانب تجربة كاتب هذه السطور مع الاعلامية الكبيرة سلمي الشماع كانت هناك تجارب أخري للناقد الكبير يوسف شريف رزق الله في برنامج أوسكار والناقد الكبير علي أبو شادي في برنامج ذاكرة السينما.

وبعيدا عن التليفزيون المصري وعصره الذهبي ،فإن أغلب البرامج الناجحة الان علي المستوي الجماهيري كالعاشرة مساء وتسعين دقيقة والقاهرة اليوم.. وكل البرامج التي كانت تقدمها هالة سرحان.. تجد فيها هذا الفصل الواضح بين التقديم والإعداد.

زووم أوت:

مذيعة ناجحة في برنامج جيد أفضل بكل تأكيد من مذيعة ورئيس تحرير أو مدير تحرير أو حتي رئيس قناة في برنامج لا يراه أحد!

أخبار اليوم في

28/05/2010

 
 

«كان».. انتصر للسياسة علي حساب الفن

بقلم : رفيق الصبان

ما الذي أصاب هذا المهرجان الكبير.. الذي كان ومازال لسنوات كثيرة، أمل كل عشاق السينما ومحبيها والضوء الساطع الذي يلقيه منار السينما الكبير علي بحر المواهب. ليفجرها أو يقدمها أو يدافع عنها.

من خلال مهرجان كان.. اكتشف عشاق السينما مخرجين كبار وسينما مبتكرة.. ما كان لها أن تعرف علي نطاق واسع.. لولا هذا المهرجان الذي بسط أجنحته العريضة لكل محبي هذا الفن الكبير وليكون درعًا وجدارًا حديديا.. ضد كل الفقاعات السينمائية الصغيرة التي ترتعش فترة وتضيء بنور خاص.. ثم تخفت وتختفي نهائيا.

من خلال مهرجان كان.. وعناد رءوساء لجان التحكيم وإصرارهم علي التحدي والجرأة.. استطاع «جان كوكتو» مثلاً الذي كان رئيسًا لهذه اللجنة أن يفرض وجود السينما اليابانية التي كانت أوروبا تجهلها تمامًا.. رغم عراقتها وتفردها وخصوصيتها.. ومنح فيلم بوابة الجحيم الياباني السعفة الذهبية مما فتح الباب واسعًا بعد ذلك لهذه السينما بالتواجد واكتشاف مخرجيها الكبار من أمثال كيروساف وأوزو وبتنروبش.

السينما السويدية

«كان» أيضًا فتح الباب أمام السينما السويدية.. وزعيمها الأكبر انجمار يرحمان وكرسته مع أفلامه معلمًا ورائدًا خارقًا للعادة علي خارطة السينما العالمية.

وكذلك فعلت مع التركي ايلياز جونيه عندما منحته سعفتها الذهبية عن فيلم الطريق.. وأنقذت أدرسن ويلز من الفيتو الأمريكي الذي حاصره وكاد أن يدمره فوقفت إلي جانبه وأهدته سعفتها الكبري لفيلمه عطيل.

وكذلك فعلت مع الجزائر.. في وقائع سنوات الجمر. ومع مصر عندما كرمت فنانها الكبير يوسف شاهين عن مجمل أعماله.. والدانمارك عندما أهدت فيلم (بيل المنتصر) جائزتها الكبري وأعادت الأنوار إلي رومانيا.. بعد سبات طويل.. عندما قدمتها علي الآخرين بفيلم صغير ولكنه شديد الرقة والقسوة معًا.. عن أيام شاوشيسكو..

بل إن «كان» هي التي فتحت أبوابها لسينما أمريكا اللاتينية وسينما الشرق الأقصي.. والسينما الإيرانية.. وكل الظواهر السينمائية المهمة.. المتواجدة في زوايا العالم الأربع.

حتي الموجة الجديدة الفرنسية.. والواقعية الإيطالية.. والسينما توتو البرازيلية احتضنها المهرجان وقدمها وأفرد لها الجوائز.. وفتح أمامها الأبواب الواسعة.

في مهرجان «كان» كان الفن السينمائي دائمًا.. يترأس كل شيء.. وكانت السياسة والخلافات والصراعات كلها تدور تحت رايته.. الفن أولاً.. ثم باقي الأمور..

ظاهرة مقلقة

ولكن منذ ثلاث أو أربع دورات ماضية بدأت معالم التغيير تطرأ علي ملامح هذا المهرجان الكبير الذي أحببناه وعشقناه.. وكان بالنسبة إلينا دوما.. مثلاً أعلي يحتذي.. وصورة مثالية علينا أن نقتدي بها.. فما الذي حدث.

أمور كثيرة صغيرة.. نجمت خلال الدورات السابقة.. وشكلت ظاهرة مقلقة أعلنت بقوة عن تواجدها في هذه الدورة الأخيرة التي تحمل رقم «63».

قضت السياسة علي الفن تمامًا.. سواء في الأفلام المشتركة.. أو في النقاش الذي دار حولها والعواصف السجالية التي أحاطت بها.

اثنا عشر فيلمًا من أصل تسعة عشر.. خاضت المسابقة.. تكلمت عن السياسة.. وهذا في حد ذاته أمر جيد.. لأن السياسة هي دائمًا الوجه الآخر من العملة الفنية.. ولكن أن تسيطر السياسة علي الفن.. فتمحو معالمه.. فهنا يكمن الخطر الأكبر.

فيلمان عن العراق.. أحدهما أمريكي.. والآخر أيرلندي وقعه كبير مخرجيها لين لوشي فيلم من التشاد.. فيلم عن السجال السياسي بين الثورة الجزائرية واليمين الفرنسي المتعصب فيلم عن الإرهابي كارلوس.. فيلم آخر عن تجاوزات برلسكوني، وفيلم روسي كبير لشاعر السينما الروسية ميخائيل بتالكوف، عن الحقبة الستالينية فيلم لجودار عن الاشتراكية وعن فلسطين وأشياء أخري.. وفيلم فرنسي عن مذبحة الرهبان في قرية جزائرية صغيرة.

كل ذلك دفعة واحدة.. من خلال مناقشات واحتجاجات وصرخات عدائية ودفاع محموم، دارت كلها حول التوجه السياسي.. ولم يتوقف أحد عند المستوي الفني للفيلم.

لم يدهش أحد.. لتراجع مستوي كين لوشي السينمائي في فيلمه الأخير.. أو لخلو فيلم رشيد بوشارب من أي ألق سينمائي.. ولانطفاء الشعلة الشعرية الحادة من فيلم نيالكوف حتي في فيلم جودار.. جري الكلام عن اضطراب رؤيته السياسية أكثر من الكلام عن اضطراب رؤيته السينمائية.

العدوي القاتلة

فما هي هذه العدوي القاتلة التي أصابت أكبر مهرجانات الدنيا.،. لقد كان مهرجان «كان» يفخر دائمًا بحياديته.. وأنه يعامل السينما الفرنسية كأي سينما أخري دون تحيز ودون محاباة.. لدرجة أن الجوائز حجبت عنها سنين طويلة إلي ما قبل عدة سنين حيث فاز فيلم فرنسي صغير عن التعليم واختلاط الثقافات بالسعفة الذهبية دون أن يكون هناك مبرر قوي لفوزه بهذه الجائزة الكبري.

وحتي مايكل هاندكه.. الذي احتضنه المهرجان منذ أفلامه الأولي.. واعترف بعبقريته السينمائية وخصوصيته المتميزة.. جاء تفرده بفيلمه الأخير (الوشاح الأبيض) مصحوبًا بالكثير من الهمسات وعن شيء من التواطؤ الخفي بينه وبين رئيسة لجنة التحكيم آنذاك إيزاييل هوبير.. التي منحت السفعة المشتهاة عرفانًا بجميله عليها عندما أهداها جائزة التمثيل الكبري في نفس هذا المهرجان عن دورها في فيلم (عازفة البيانو).

لارس فون تراس.. والدوجما.. وأفلام الأخوة دارين البلجيكية.. وكل هذه الانتصارات الفنية التي تدل علي حيادية المهرجان وحرصه علي متابعة آخر الاتجاهات السينمائية المجددة والمتطورة.. وفتح طاقات الهواء أمام المواهب الجديدة المشتعلة والمتحدية.

الضربة القاضية

فما الذي حدث هذه الدورة الـ (63) التي قد تكون بدء مرحلة السقوط المدوي..

أولا.. انتصار السياسة علي الفن بالضربة القاضية.

ثانيا.. التخلي تمامًا عن حيادية المهرجان.. إذ راحت الجوائز كلها أو معظمها هذا العام إلي إنتاجات فرنسية صرفة.. أو إنتاجات فرنسية مشتركة.

الفيلم التشادي.. فيلم إنتاج مشترك مع فرنسا.. فيلم كيروستامي الإيراني فيلم ساهمت فيه فرنسا بالمال والنجمة المتألقة (رجال وآلهة) أروع أفلام المهرجان وأكثرها فنية وتوازنا فيلم فرنسي بحت.. (الجولة) الفيلم السييء السمعة الذي نال جائزة الإخراج متفوقا علي فيلم مايك لي الرائع.. مما سبب نوبة من الذهول.. والتساؤلات..فيلم فرنسي مائة في المائة.

فيلم السعفة الذهبية التلايلاندي فيلم فرنسي مشترك، كذلك الفيلم الكوري (شو) كان للمال الفرنسي نصيب فيه. ربما كان الفيلم المكسيكي لمخرج (بابل) هو الفيلم الوحيد في قائمة الجوائز والذي نال نصف جائزة تمثيل لممثله المبدع (بارويم) بالتناصف مع ممثل إيطالي مغمور الذي لم يكن لفرنسا يد فيه.

ما الذي حدث حقًا.. وهل بدأ مهرجان «كان» يتخلي عن (عالميته) ليتجه نحو (فرنسية) محددة.. ويتحول إلي مهرجان فرنسي للإنتاج الفرنسي أسوة. بمهرجان الأوسكار الأمريكي المخصص للأفلام الأمريكية فقط.

هل أصبحت جوائز جوفيه وويلز والأخضر حامينا وبيل أوجست وكيروسافا وأنطونيوني وفيليني جوائز للذكري.. تذكرنا بأيام مجد مهرجان كانت من أولي أولوياته.. تقديم عباقرة الفن السينمائي والدفاع عن موهبتهم.. وفسح المجال لهم لتقديم إبداعاتهم ورؤاهم السينمائية المبتكرة..

جنون فني

أين مكمن الخطأ.. هل هو في اختيار رئيس لجنة التحكيم من الذي يفرض عمومًا رأيه علي باقي أعضاء اللجنة التي لا يرقي واحد منها إلي مكانته الرفيعة.. وبالتالي لا يستطيع أحد مواجهته..

لقد قيل الكثير.. عن لجنة التحكيم التي رأستها إيزبيل هوبير.. والشائعات التي انطلقت حول الفيلم الذي سيفوز بالسعفة منذ أن أعلن جيل جاكوب عن اسم برتون رئيسًا للجنة هذا العام الكل أكد أنه لابد لبرتون أن يضع بصمته وأن يثبت (جنونه الفني) وهذا ما حدث فعلاً عندما أعطي جائزة الإخراج.. فيلم كاريكاتوري.. لا يصلح أصلا لأن يكون ضمن الأفلام المتسابقة فما بالك أن يفوز بجائزة للإخراج متخطيا ميكالكوف ومايك لي وكين لوش وحتي كيروستامي نفسه».

وهذا ما أكده برتون أيضًا في قمة السعفة الذهبية لفيلم غرائبي ينتمي إلي سينماه هو.. وإلي الأجواء التي يحبها ويدافع عنها.. أكثر مما ينتمي إلي سينما جديدة تحاول أن تضع جذورها علي خارضة الإبداع السينمائي في العالم.

مهرجان كان هذا العام كان مهرجانًا صادمًا.. وبليدًا علي حد تعبير ناقد عربي كبير وفرنسي بحت بعيدًا عن العالمية والحيادية المستوحاة منه.

هل ستوجه الأفكار مرة أخري إلي المهرجان الثاني المنافس له منذ خمسين عامًا أو أكثر أي مهرجان البندقية أم أن تعدد المهرجانات وكثرتها وتوفرها وامتدادها علي طول الشرق والغرب.. قد قلل من أهميتها.. وجعل منها عملة مطروحة مألوفة.. عوضًا عن أن تكون عملة نادرة صغيرة.

أبواق سياسية

هل سيكون مهرجان «كان» في اتجاهه الجديد.. الذي بدأت بوادره في هذه الدورة الخائبة هذا العام.. بدء العد التنازلي لأجمل وأقوي مهرجانات الدنيا.

إنه أيضًا العد التنازلي لموجة المهرجانات السينمائية كلها التي ابتدأ مفعولها يضمر.. وكثرتها الزائدة.. تقضي علي تفردها.. والتي تحولت من الفني الذي ولدت منه إلي التجارة البحتة.. إلي أبواق سياسية تعزف علي مزاج أصحابها دون أن تعبأ إذا كان ما يصدر عنها موسيقي حقيقة أم مجرد اختلاطات صوتية لا قيمة لها.

جريدة القاهرة في

01/06/2010

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)