كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان كانّ السينمائي افتتح أمس بتسعة عشر فيلماً في المسابق

كانّ - من هوفيك حبشيان

مهرجان كان السينمائي الدولي الثالث والستون

   
 
 
 
 

دورة متماسكة تُعقَد في ظرف عصيب والاحتمالات كلها متاحة

طغيان فرنسي وعودة الى نفوذ المؤلف ضمن برمجة محيّرة

مهرجان كانّ يضعنا هذه السنة أمام جملة مفارقات واحتمالات. التظاهرة السينمائية الأشهر بدأت في ظرف تحدٍّ عصيب: أمواج حطمت كمية من التجهيزات على الشاطئ، خلاف على فيلم في الكواليس، صراع مع وكالات الانباء على أحقية تغطية النشاطات، والغيم البركاني الذي ظلّ يهدد حركة الملاحة في أجواء أوروبا. بالاضافة الى هذا كله، فنحن أمام برنامج فضفاض لا تعرف كيف تتعامل معه الآلة الصحافية التي اعتادت التصنيف المبكر والاختزال الظالم والخروج باستنتاجات تخاطب القارئ الذي يكون على عجلة من امره. ماذا تحمل الينا الدورة 63 من كانّ، وماذا بعد المانيفستو الحذق الذي قدّمه جيل جاكوب العام الماضي وحدد مسارات المهرجان الجديدة للسنوات المقبلة؟ عن هذا السؤال ثمة الاف من الأجابات، ولا واحدة نهائية أو حاسمة، ما دامت الصور التي ستنير نهارات كانّ ولياليها لا تزال طيّ الكتمان. لذا من سابع المستحيلات ان نعرف شيئاً عما يخفيه لنا فريق المهرجان من خلال حفنة اسماء لا شيء يرغمها على التعايش تحت سقف واحد. على الرغم من ذلك، فهي هنا أمام اعين الآف العالم، رضوخاً منها لقوانين اللعبة والمنافسة لتشكيل جدارية تعكس رؤية شاملة عن حاضرنا. لا فيلم يشبه الآخر، لكن عرضها في هذا المكان يفرض عليها الاشتراك في حلم واحد، حلم الوصول الى كانّ...

لعل الأكثر غرابة في هذه الدورة، هو اختيار جولييت بينوش، لتعتلي الملصق الاعلاني للمهرجان المنتشر في أرجاء المدينة الساحلية المتوسطية. من ينظر الى هذه الممثلة الفرنسية التي اضطلعت بأدوار في افلام أنجزها مخرجون من جنسيات مختلفة، يدرك جيداً ان بينوش لم تعد تلك الفتاة البريئة التي عرفناها بتمثيلها الخجول في "الألوان الثلاثة" لكيسلوفسكي. الحلة التي تكتسيها بينوش اليوم على هذا الملصق، اذ انها غلّفت بنوع من نور مشع، وفي يدها ريشة رسم مصدر الضوء، لا تمنح هي الأخرى فكرة عما تتضمنه تشكيلة هذه السنة، بل تزيدها غموضاً. ما يقوله هذا الملصق كثير، لكن ما يخفيه هو أكثر، وفي انتظار المزيد، السينيفيلية مبتهجة لتحول هذه الممثلة من ملهمة كيسلوفسكي الى ملهمة كيارستمي، لكونها زارت المعلم الايراني في بلاده ايران، مؤكدة رغبتها في الانخراط بمشروع "نسخة طبق الاصل"، وهو أحد الأفلام التي ستتسابق على "السعفة الذهب" التي ستمنح في ختام هذا المهرجان.

1665 فيلماً ارسلها اصحابها تباعاً الى لجنة المهرجان طوال الاشهر التي تلت انتهاء الدورة الماضية. أي أقل بخمسة أفلام فقط من عام 2009. هذا لم يمنع الادارة خلال مؤتمرها الصحافي التقليدي، من الاصرار على ان الدورة الحالية أكثر تأثراً بالأزمة الاقتصادية مما كانته دورة العام الماضي، علماً ان عدد الافلام المشاركة في المسابقة الرسمية هذه السنة 19 فيلماً، في حين كان هذا العدد يتخطى العشرين في السنوات الماضية. في المحصلة، 56 فيلماً ستشقّ طريقها الى المشاهدين في الايام الأحد عشر المقبلة، وذلك في الاقسام الاربعة الاساسية ضمن التشكيلة الرسمية.

في الدورة الماضية، شاركت فرنسا بأربعة أفلام جديرة بتاريخها السينمائي المجيد. أعمال نويه، جيانولي، رينه، أوديار، كانت، بلا ادنى شك، بعض من أفضل ما قُدّم. مرة جديدة هذه السنة، تحتل فرنسا مركز الصدارة مع ثلاثة أفلام لمخرجين فرنسيين، هم: "رجال وآلهة" لزافييه بوفوا؛ "أميرة مونبانسييه" لبرتران تافيرنييه و"جولة" لماتيو امالريك. هذه هي الحصة الرسمية لفرنسا من المسابقة. لكن الحضور الفرنسي لا ينتهي عند هذا الحد، لأنه هناك ايضاً أفلاماً شاركت فرنسا في انتاجها (أفلام كيارستمي ولوكيتي وفيراسيتاخول وصالح وبوشارب) ناهيك بالسينمائيين الذين حازوا تكريسهم النهائي على الاراضي الفرنسية، وخصوصاً الآسيويين. واذا اخذنا هذا كله في الاعتبار، وجدنا أن هذا المهرجان يبقى مهرجاناً فرنسياً في المرتبة الاولى، ومن فرنسيته هذه ينطلق الى فضاء أوسع، هو فضاء السينما التي لا تملك وطناً، أو تلك التي تنتمي بكل بساطة الى وطن السينما.

بعد دورة طغت عليها أفلام الـ"جانر"، تميل التشكيلة هذه السنة الى سينما أكثر انكباباً على مسألة التأليف، إن من حيث الموضوعات المطروحة أو المقاربات التي حظيت بها. فمجمل الأفلام تنتمي الى سينما المؤلف القاسية والخالصة، التي لا تساوم ولا تحيد عن مسلّماتها الكتابية والجمالية والمبدئية. هذا لا يمنح الأفلام المعنية حق التفوق على غيرها. انه خيار سينمائي قد يصيب وقد يخيب، والمسألة، كل المسألة، كامنة في معرفة كيف ستنتقل هذه النصوص من الورقة الى بياض الشاشة الرحبة. هذا الميل الواضح الى سينما رصينة وذات وزن ثقيل، تكشفه الاسماء المشاركة. ولعل أكثر ما يفاجئ هو هذه المواجهة بين معتادين على كانّ وآخرين يأتون اليه للمرة الأولى. وايضاً بين جيل مكرس صارت مسيرته خلفه، من فيلم الى آخر، وجيل لا يبحث الا عن اثبات موهبة من على أكبر منصة سينمائية في العالم.

وإذا كان هذا المهرجان مكاناً يعود اليه باستمرار كل من جاء اليه مرة، فهناك المجموعة العائدة ومنها كيارستمي وكيتانو وتافيرنييه ولي وميخالكوف، وبعضهم لم يشارك في كانّ منذ سنوات، وبعضهم الآخر هجره معرجاً على مهرجانات أخرى، والبعض الثالث مثل كيارستمي كان قد قطع وعداً على نفسه بعدم التسابق، لكن للقلب أسباباً يجهلها المنطق! هؤلاء جميعهم من مخرجي الصف الاول، الذي يحتاج المهرجان الى امثالهم في كل مرة، كي ينجز برنامجاً على قدر من الصدقية. لكن قد تأتي المفاجاة من أولئك الذين برزوا واثبتوا أنفسهم في العشرية الأخيرة، ومنهم من "ولد" أصلاً في كانّ، أمثال اليخاندرو غونزاليث ايناريتو الذي لا نزال نتذكر رائعته "بابل" في دورة 2006، وأيضاً محمد صالح هارون، التشادي، صاحب "أبونا" و"دارات، موسم جاف"، وتشانغ - دونغ وزير الثقافة السابق الذي تعرفنا اليه بـ"لمعان سريّ"، ثم فيراسيتاخول، هذا المخرج التايلاندي المتفوق على سائر أبناء جيله، وكنا شاهدنا له أخيراً في بيروت "أنغام استوائية"، أي ذلك الفيلم الذي عرّفه الى السينيفيليين في العالم، وأخيراً وليس آخراً زافييه بوفوا الذي كان قد صدم المهرجان عام 1997 بفيلمه "لا تنسى انك ستموت". هنا لمحة عن الأفلام الـ19 المشاركة في المهرجان:

• "عام آخر" لمايك لي (بريطانيا): هذا رابع فيلم للمخرج البريطاني يعرضه في كانّ منذ عام 1993، وهو، للتذكير، حائز "السعفة" عن فيلمه "أسرار وأكاذيب" عام 1996. مايك لي، صاحب حضور متزن في السينما البريطانية، لا هو قريب من ستيفن فريرز ولا هو قريب من كين لوتش، ويمكن تصنيفه على حدة. جيم برودبانت، معاونه منذ ومن طويل، هو بطل هذا العمل الذي يتناول تيمات مثل الحب والصداقة والعائلة على مدار المواسم الاربعة، وهذا كله في مناخ من المفارقات، اذ هناك الأمل واليأس، الحب والكراهية، وما هو أكيد ان مايك لي سيقدمه على طريقته الـ"بريتيش".

• "بيوتيفول" (اسبانيا، المكسيك): قصة بسيطة ينطلق منها المخرج المكسيكي الموهوب، لكن من غير المؤكد ان يبقى على تلك البساطة طوال الفيلم. خافيير بارديم تاجر مخدرات يوضع في مواجهة مع صديق طفولته الذي اصبح شرطياً. هذا اول فيلم يصوّره ايناريتو من دون غييرمو ارياغا الذي وقّع نصوص أفلامه السابقة. أرياغا انتقل الى الاخراج، وبارديم انتقل الى عالم ايناريتو الذي يبدو انه لن يكون امتداداً لروحيته السابقة، علماً ان انتاج الفيلم تولاّه الثنائي ألفونسو كوارون وغييرمو ديل تورو، وهو ناطق بالاسبانية بعد فيلمين ناطقين بالانكليزية.

• "نسخة طبق الأصل" لعباس كيارستمي (فرنسا، ايطاليا): كنا قد تركنا المعلم الايراني مع فيلمه "شيرين" في احدى الدورات السابقة لمهرجان البندقية. نجده اليوم في كانّ مع فيلم لا علاقة له بإيران، بل صوّر في جنوب توسكانا، مع فريق ايطالي، ويتمحور على لقاء بين رجل انكليزي جاء الى ذلك المكان ليحاضر، وامرأة تملك معرضاً. الصور التي صارت متوافرة للفيلم، توحي بأننا أمام عمل حميمي، ينطلق من سؤال "كيف نروي قصة حبّ في مدينة مثل توسكانا؟". جولييت بينوش تجيء في الفيلم الى جانب الممثل البريطاني وليم شيميل، مع مشاركة تمثيلية لكاتب السيناريو الكبير جان - كلود كاريير.

• "لعبة عادلة" لدوغ ليمان (الولايات المتحدة): الفيلم الاميركي الوحيد في المسابقة. للمرة الثالثة يجتمع اسمان كبيران، ناومي واتس وشون بن، في فيلم واحد. هذا المخرج الذي سبق ان انتج افلاماً غير لامعة وتجارية، منها "السيد والسيدة سميث". فيلمه هذا سياسي، ولا نعلم اذا كان مسيساً، يعيدنا الى حرب العراق من خلال قصة عميلة في وكالة الاستخبارات الاميركية تجري تحقيقاً لمعرفة حقيقة وجود اسلحة دمار شامل في العراق، لتتداخل قصتها مع قصة زوجها الديبلوماسي الذي توكل اليه مهمة الاتيان بدلائل تثبت ان ثمة اورانيوم مخصباً في النيجر. شبح جورج بوش سيخيم على المهرجان للمرة الالف، مرة اخرى في فيلم يضع أعماله في المرصاد.

• "حياتنا" لدانيال لوكيتي (ايطاليا): أبو عائلة لطفلين والسعادة التي يعيشها مع زوجته الحامل، سيلقيان ضربة قوية على عقب التعرض لمأساة. المخرجة الايطالية استوحت قصتها من مشاهدات لها في كل من اوسيتيا واسرائيل. لم ترد لوكيتي فيلماً ذا رسالة سياسية واضحة كما تقول، وكذلك ابتعدت عن جعل شخصياتها مضحكة كما في الكوميديات الايطالية القديمة.

• "أميرة مونبانسييه" لبرتران تافيرنييه (فرنسا، ألمانيا): بعد مغامرته الأميركية مع طومي لي جونز غير المثمرة، يعود تافيرنييه الى اهتماماته السابقة: التاريخ الفرنسي، من خلال قصة ماري دو ميزيير التي عاصرت مرحلة الصراعات الدينية في فرنسا منتصف القرن السادس عشر. عندما نتذكر الموقف الذي كان لمخرج "القاضي والمجرم" حيال التاريخ الرسمي لفرنسا، لا ننتظر منه أن يأتي بكلام لم يسبقه اليه أحد من قبل.

• "العم بونمي، ذاك الذي يتذكر حيواته الماضية" لأبيشاتبونغ فيراسيتاخول (بريطانيا، تايلاند، فرنسا، ألمانيا، اسبانيا): هذا جديد لواحد من أكثر المخرجين موهبة اليوم، يعمل في آسيا القصوى. العم بونمي هو شخصية هذا الشريط الذي يصور أيامه الأخيرة محتضراً بعد اصابته بمرض، وسط العائلة والاصدقاء.

لكن للرجل زوجة وابناً انتقلا الى عالم آخر، وها ان شبحهما سيأتيان لأخذه الى الآخرة. لكن، العمّ سيقرر الذهاب الى اعلى القمم في احد الجبال مروراً بالأدغال (مكان التصوير المفضل لفيراسيتاخول)، وهو يتأمل في المرض الذي أصابه. فيراسيتاخول، الذي يؤمن بانتقال الأرواح بين البشر، والنباتات والحيوانات والاشباح، يعتبر هذا الفيلم تحية لوطنه، ولنوع من سينما تربّى عليه.

• "انتهاك" لتاكيشي كيتانو (اليابان): كيتانو يحلّ في كانّ بعد فيلمين عرضهما في البندقية وكانت لهما نبرة ساخرة مستوحاة من تجربته، مموضعاً حوادث فيلمه في عالم ليس للأبطال فيه وجود. انه فيلم آخر عن الياكوزا (المافيا اليابانية)، لكن بأسلوب كيتانو الذي لا يحمل أي مساومة وتنازل!

• "شعر" للي تشانغ دونغ (كوريا الجنوبية): بعد "لمعان سريّ" يعود دونغ الى كانّ مع فيلم عما بقي من شعر في حياة الناس في هذه الأزمنة الصعبة. انها قصة امرأة كورية لها شيء من الفضول إزاء بعض جوانب الحياة الغريبة، وفضولها هذا سيقودها الى تعلم الشعر ونظم قصائد للمرة الأولى في حياتها، قبل أن تكتشف ان الحياة ليست على هذا القدر من الشاعرية. في هذا السياق يقول دونغ اننا نعيش في زمن صار الشعر الى زوال. "بعضهم يتحسر عليه، آخرون يقولون: ليذهب الى الجحيم!". لذا اردت أن أطرح على المشاهد معنى ان ننجز فيلماً في زمن انحطاط الشعر .هذا هو السؤال الذي كنت اريد أن اطرحه على المشاهد: ماذا يعني أن ننجز فيلماً في زمنٍ تواجه فيه السينما تهديداً؟".

• "ريزهاو شونغكينغ" لوانغ زيواشواي (الصين): سبق لهذا المخرج الصيني أن حاز جائزة لجنة التحكيم عن فيلمه "أحلام شانغهاي"، وهو الآن يأتي بقصة قبطان سفينة يعود الى البرّ، بعد ستة أشهر من الابحار، على اثر مقتل ابنه ذي الـ25 ربيعاً على يد الشرطة، ليكتشف عندئذ انه لم يتعرف الى ابنه كما يجب بسبب ابتعاده منه.

• "سعادتي" لسيرغي لوزنيتسا (ألمانيا، أوكرانيا، هولندا): سائق شاحنة يتوه في قرية روسية فيلتقي بشخصيات عدة، ثم يدرك انه كلما بحث عن طريق للخلاص والذهاب نحو الحضارة، استولت غريزة البقاء على باقي أشكال الانسانية.

• "شاب مرهف، مشروع فرانكشتاين" لكورنيل موندروكتشو (المجر، ألمانيا، النمسا): عام 2008 فاجأنا موندروكتشو بفيلمه "دلتا". اليوم، يجيء بمشروع غريب عن شاب يبحث عن هوية والده، فيستدعيه مخرج ليضطلع بدور تحت ادارته من دون أن يعلم أن الأخير هو والده وانه جعل منه وحشاً تطارده الشرطة. لكن كما جرت العادة عند موندروكتشو، فالتوبة في انتظار الجميع في نهاية الطريق...

• "مدبرة منزل" لايم سانغ - سو (كوريا الجنوبية): عن حياة عائلة ستنقلب رأساً على عقب عند دخول مدبرة منزل الى بيتها، واعجاب رب العائلة بها. مخرج "الحديقة القديمة" يأتينا بفيلم فيه بعض التشويق...

• "رجال وآلهة" لزافييه بوفوا (فرنسا): يعود بوفوا الى حضن المسابقة بعد عقد ونصف عقد من نيله جائزة عن رائعته "لا تنسى انك ستموت"، لكن هذه المرة مع قضية فضائحية. صفحة سوداء من الحرب الأهلية الجزائرية من خلال قصة سبعة رهبان ساد الاعتقاد في تلك المرحلة انهم قتلوا على يد جماعات اسلامية متطرفة، لكن بدا في ما بعد ان الجيش الجزائري هو المسؤول عن مقتلهم. لدواعٍ أمنية، لم يصور الفيلم في الجزائر، انما في المغرب، حيث تولى ميشال بارتيليمي، مصمم ديكور "نبيّ" جاك أوديار، اعادة إحياء المكان الاصلي.

• "خارجون على القانون" لرشيد بوشارب (فرنسا، ايطاليا): بعد تغريبته اللندنية، يعود المخرج الجزائري الفرنسي ويتابع من حيث وصلت اليه قصة الجنود الافارقة في "بلديون". فريق الممثلين نفسه الذي نال قبل 4 سنوات الجائزة الجماعية لأفضل تمثيل، يعود بهذا الفيلم الذي نجد فيه بعض هواجس بوشارب، منها البحث الأبدي عن الجذور والهوية. على الفيلم أن يجتاز أولاً عتبة الاتهام الملصق به منذ الآن، وهو دفاعه عن "جبهة التحرير الجزائرية" والنشاط الذي كان لها في فرنسا خلال الحقبة الاستعمارية. المفارقة ان الفيلم انتاج مشترك بين فرنسا والجزائر!

• "جولة" لماتيو أمالريك (فرنسا): الفيلم الرابع للممثل والمخرج الفرنسي الذي يصور هذه المرة قصة منتج تلفزيوني كان تخلى عن كل شيء وذهب الى اميركا، واذ به يعود فجأة الى فرنسا مع مجموعة من الفتيات المتعريات اللواتي سيسرقن قلوب الفرنسيين.

• "رجل يصرخ" لمحمد هارون صالح (فرنسا، بلجيكا، تشاد): بعد "دارات، موسم جاف"، ها ان الطريق الى التكريس تشرّع أمام هذا المخرج التشادي الواعد، فيصل الى مسابقة كانّ مع فيلم يروي معاناة رياضي سابق في زمن التحولات التي تعيشها تشاد، ولا سيما ان طبول الحرب الأهلية تقرع من بعيد.

• "الشمس المخادعة 2" لنيكيتا ميخالكوف (روسيا): عمل ملحمي كلّف نحو 65 مليون دولار، وتعرّض لإهمال رسمي وشعبي لدى نزوله الى الصالات الروسية. جزء ثان لواحد من أهم أفلام آخر جهابذة السينما الروسية، يكشف عن نظرة ثاقبة الى التاريخ الروسي.

• "طريق ايرلندية" لكين لوتش (بريطانيا): الفيلم التاسع عشر الذي دخل المسابقة في اللحظة الاخيرة. الفيلم لم يكن جاهزاً عند اعلان البرمجة، وأنهاه لوتش منذ أيام. كل ما يعرف عنه الى الآن، انه عن تداعيات التدخل العسكري الانكليزي في العراق، ومن يعرف المخرج اليساري، يدرك المنحى الذي سيأخذه، ولا سيما ان بول لافيرتي وقّع السيناريو.

( hauvick.habechian@annahar.com.lb)

برتران تافيرنييه:

مهددون بديكتاتوريات عنيفة!

"عندي الكثير من الفضول لأشياء كثيرة"، يقول برتران تافيرنييه الذي يعود هذه السنة الى كانّ بفيلم تاريخي. لا يحرجه التذكير بأنه ينتمي الى جيل يعتبر ان الخيال شيء مهم جداً، وانه هناك سينمائيين كبرغمان عادوا مرارا وتكراراً الى التيمات الباهرة نفسها. يجد ان من الرائع ان يذهب المرء الى استكشاف امكنة وازمنة مختلفة. في مقابلة لي معه قال ان هناك جملة في سيرة مايكل باول كان يتمنى لو انه كتبها، يقول فيها باول إنه صنع كل افلامه ليتعلم. "كنت اندهش في كل مرة اكتشف فيها موضوعاً سيقحمني في عالم اجهله. عندي شغف بالاستكشاف واعتقد ان الافلام نوع من استكشاف، وما نتقاسمه مع الجمهور هو متعة ما اكتشفناه. قد تكون لهذه المتعة اشكال مختلفة. قد تولّد لديك الدهشة او الضحك او الغضب او الاعجاب. فأنا مثلاً لم اكن اعرف شيئا عن معظم الامكنة التي صوّرتها قبل ان امسك الكاميرا واذهب اليها".  ليست المرة الاولى يتناول فيها تافيرنييه موضوعاً تاريخياً. نتذكر ما تعرض له من حملة مسعورة عندما انجز فيلمه "اشارة مرور"، فقيل انذاك ان الفيلم موجه ضد "الموجة الجديدة". "هنا ينقسم شعورك بين قليل من الغضب وضحك فضفاض. فما شأن هذا الموضوع بـ"الموجة الجديدة"؟ في 1942 البعض من جماعة "الموجة" لم يكونوا ولدوا قط. في أحد مشاهد الفيلم نرى أماً تحاول أن تحمي أطفالاً من القصف. وأنا أقول وكأنما بهذه الحماية تحمي أطفالاً سيصبحون في ما بعد مخرجي "الموجة". تروفو الصغير وغودار الصغير وفاردا الصغيرة، كلهم هنا. القول ان السينما الفرنسية أثناء الاحتلال كانت أفضل حالاً من مجمل الصحافة أو الأدب أو الفن التشكيلي، هذا شيء لم اخترعه إنما هو موثق لدى المؤرخين الجادين. (...) ففي حين ان السينما الايطالية أنتجت عدداً كبيراً جداً من الافلام ذات الميل الصريح الى الفاشية، لا نجد فيلماً فرنسياً واحداً تعاطف حتى مع حكومة فيشي. 99 في المئة منها حرصت على تفادي التلميحات المعادية للسامية. كانت هناك بعض الافلام المعادية للسامية في الثلاثينات، لكن لا نجد مثيلاتها في زمن الاحتلال. فيلم واحد طرح مشكلة هو "غرباء المنزل". ثمة جملة تقول: لا بد ان المذنب يهودي أو غريب. ولكن باستثناء هذا الفيلم، هناك أفلام رجعية وافلام محافظة التي تعرض مزايا الدين والتضحية والى ما هنالك، لكن ليس من فيلم واحد يتعاطف مع العملاء". صعود التعصب والاصوليات يخيف تافيرنييه كثيراً، ولا سيما لارتباط هذه الظواهر بالجهل. يؤكد أننا مهددون بديكتاتوريات عنيفة جداً. سابقاً، كان يمكن التصدي لها، لكن الآن بات الامر أشد صعوبة. في الماضي، كانت الشيوعية تتجسد في ستالين، والفاشية في موسوليني والفرنكوية في فرنكو. "اليوم"، يقول، "الاصولية المتطرفة عشرة آلاف رجل دين صغار يروجون لأفكارهم، والبعض منهم لا يملك أي ثقافة وأي ذكاء وأي معرفة". بطل تافيرنييه هو "انسان كل يوم" الذي يحاول المحافظة على شذرات أمل ساعياً الى تحريك الاشياء من خلال ارتكاب الاخطاء! هذا الانسان قد يكون الصحافي الذي يُغتال أو المعلم في أراضي فلسطين المحتلة او في المدارس المنكوبة جراء تسونامي أو الاساتذة الذين يقتلهم المتطرفون الاسلاميون في تايلاند. هؤلاء أبطاله، وليس الجنرالات الذين يحاربون في العراق. 

لي تشانغ دونغ:

الميلودراما لا تعني الدموع

بدأ المخرج الكوري لي تشانغ - دونغ حياته المهنية كاتباً، ثم انتقل الى السينما. حدث ذلك ببساطة، بعدما بدأ يشعر، مرة بعد مرة، بمحدودية الكتابة. الأغرب من هذا انه تبوأ منصب وزير الثقافة والسياحة في الحكومة الكورية بين عامي 2003 و2004، لكن عالم السياسة ضاق بأحلامه وطموحاته. أربعة أفلام فرضته خلاّقاً أصيلاً على خريطة السينما الكورية الجديدة، واعتباره، مع هونغ سانغ - سو وبارك تشان - ووك، واحداً من آمالها، علماً انه كان قد دخل الفنّ السابع كاتباً للسيناريو ومساعداً لبارك كوانغ - سو (أحد مؤسسي الموجة الجديدة الكورية) على "الجزيرة المرصعّة بالنجوم" عام 1993، بعدما باشر حياته المهنية مؤلفاً ونشر كتباً عدة في ثمانينات القرن الفائت، لعل أهمها "أوراق محترقة" عام 1987، وظلّ على طول الخط متمّسكاً بالتزامه اشعال فتيل الجدال في كل قضيّة يتناولها.

ولد تشانغ - دونغ وشبّ في منطقة دايغو الكورية، وبدا مشغوفاً بالمسرح الذي عمل فيه لفترة. هذا الشغف أوصله الى حبه الاوّل الذي هو الشاشة. في التاسعة والثلاثين، أنجز باكورته "سمك أخضر" (1996)، فطار به الى مهرجانات عدّة. شريطه هذا توّجه بالنقد اللاذع الى المجتمع الكوري. لكن ظلّ عدد المهتمين به محدوداً. بعد أربع سنوات على الانطلاقة الاولى، جاء "حلوة بالنعناع" الذي ساهم في توسيع دائرة المعجبين. كانت القصة تدور في زمن الديكتاتورية العسكرية وتداعياتها التي طالما تصدى لها تشانغ - دونغ، نرى فيها رجلاً يدفعه اليأس الى الانتحار. تلقى الفيلم تكريساً عالمياً وعُرض في أكثر من ثلاثين مهرجاناً دولياً. بعد سنتين عاد مع "سراب"، هذه المرة الى البندقية، حيث نال جائزة النقاد الدولية، ومذذاك بدأت تتعزز "صداقاته" الجديدة مع الجمهور الكوري، ربما لأنه وجد في قصة الحبّ هذه ما لم يجده في أفلام كورية أخرى، أي رقّة المعالجة التي كانت غائبة عن بال مواطنيه المخرجين. أما مع "لمعان سريّ"، الذي شارك في مسابقة مهرجان كانّ، فأثبت تشانغ - دونغ أن الميلودراما لا تعني دائماً دموعاً سخيّة، وهذا هو الاتجاه الذي يسلكه فيلمه الجديد "شعر". 

محمد هارون صالح:

المنطق الانفتاحي أولاً

"هذا مصير الافلام المتنقلة، فهي تتوقف في البلدان التي تفتح لها المجال، وحالياً هذه البلدان هي البلدان الاجنبية"، هذا ما قاله المخرج التشادي محمد هارون صالح حين جاء الى لبنان للمرة الاولى لعرض فيلمه "باي باي افريقيا". مذذاك تكررت زيارته لبيروت وكان دائم الاهتمام بما يجري في المدينة. عاد مرة أخرى ليقدم "أبونا". سألته حينذاك: "هل هذا مرتبط بواقع ان فرنسا تنتج افلامك؟". فقال: "صحيح ان البلدان الاوروبية انتجت فيلمي ولا سيما فرنسا. لكن ليس هذا السبب الذي يجعل منه فيلماً "متنقلاً". هنالك الكثير من الافلام التي اُنتجت في اوروبا لكنها ليست متنقلة. لذلك لا بد من محاولة الاندراج في منطق انفتاحي أول، أي انه في امكاني ايجاد الآخر عبر البحث في اعماقي والحديث عن نفسي من دون ان انكر ذاتي. فعندما لا يملك المرء ارضاً، وعندما يكون مصيره الترحال، فمن الافضل ان يستغل هذا الوضع". السينما بالنسبة الى صالح باب يطل على حديقة. تشاد بلد منغلق، لا وجود للبحر. عندما كان ولداً اكتشف السينما للمرة الاولى، فأصبح يرى العالم من منظار آخر، وعلم فجأة ان الحياة تمتد ابعد من بابه. ثم بدأ فضوله يزداد بعدما شاهد أفلامه الاولى وكان حينذاك في السابعة او الثامنة من العمر، في سينما ساساتين يديرها شخص لبناني في مسقط رأسي. بعدئذ، تغيرت حياته، حتى ان العاب الطفولة تغيرت اذ اراد ان يبني كل شيء على شكل قصة. فكان رفاقه مثلاً، يخطفون فتاة اثناء اللعب، وكان يأخذ هو دور البطل فيأتي لانقاذها. "كنت أريد دائماً معنى للعب وهذا ما نقلني الى عالم الخيال". وصل صالح الى بساطة معبرة جداً في اخباره للقصة. بالنسبة اليه إخبار قصة عبر الصور، اهم من اخبارها بالحوار. كونه فرنكوفونياً خضع للاستعمار الفرنسي وشاهد افلاماً فرنسية واتم دراساته العليا في فرنسا، فقد تأثر كثيراً بالسينما الفرنسية، التي يعتبر انها تستوحي من المسرح حيث يكثر الكلام بعكس الافلام الروسية التي تركز على الصورة. "اردت ان اخبر قصة اقتصد خلالها في الحوار لكي اعطي المشاهد فرصة اختراع بعض الامور، ولا ألقمه القصة طوال الوقت، كما لو انني امسكه بيده واقوده بنفسي. مزجت فكرة السرد البصري بالاقتصاد في الحوار والموسيقى لاضفاء بعض الايقاع". أفلامه يستوحيها من الانسان وتناقضاته، الشيء الذي يجده في كل مكان، في اللقاءات وفي الاسفار...

هـ. ح

النهار اللبنانية في

13/05/2010

 
 

فـاشيـة ثقـافيـة

نديم جرجورة

إحدى الميزات الإيجابية الساحرة لمهرجان سينمائي، كامنةٌ في تعرّضه لسلسلة أحداث، أو لهجمات معيّنة. الحملات تعني، أحياناً، أن شيئاً أصيلاً ما يحدث. المهرجانات السينمائية الدولية العريقة معرّضة، دائماً، لأنماط شتّى من الحملات. بعضها سياسي. بعضها الآخر مرتبط بآلية اختيار الأفلام، أو رفضها. لم تعد الحملات العشوائية حكراً على المنطقة العربية. أو على دول العالم الثالث. هناك فاشية متحكّمة بعقول وتصرّفات خاصّة بغربيين. الأصولية حاضرة في مجتمعات وبيئات أوروبية وأميركية. التطرّف والتزّمت أيضاً. العالم تبدّل. الأحكام المسبقة، الشبيهة بالحروب الاستباقية المكرَّسة في خطاب المحافظين الجدد وإدارة جورج بوش الابن، متوغّلة في منطق أحادي وعدائي. أن ترفض الآخر، أو فكره، أو نتاجه، قبل التواصل المباشر معه، سمة عصر وفضاء مدن وأنظمة وسلوك. في الغرب، كما في الشرق. في العالم المتحضّر (!)، كما في العالم الثالث. لا يعني هذا كلّه حكماً جائراً على الجميع، وإلاّ فإنه يسقط في فخّ النظرة الشمولية. التمدّن والانفتاح والحوار والنقاش، أمورٌ أساسية في جزء كبير من العقل الغربي، وفي جزء أقلّ من العقل الشرقي والعالمثالثي. الفرد أساسي في هذا. الغرب مفتونٌ بالفرد. على نقيض الشرق، المولع بالحشد الجماعي.

مسائل

عشية بدء الدورة الثالثة والستين لمهرجان «كانّ» السينمائي الدولي، مساء أمس الأربعاء، أثيرت مسائل، وطُرحت أسئلة. المشترك بينها: ميلٌ واضحٌ إلى فاشية ثقافية في التعاطي مع نتاج إبداعي.

الأخطر كامنٌ في أن التعاطي الفاشي هذا محكومٌ بعدم المُشاهدة (هل تتذكّرون أن من حاول اغتيال نجيب محفوظ لم يقرأ روايته «أولاد حارتنا»؟ هل تتذكّرون أن مهاجمي الأدب والفن في العالم العربي تحديداً لا يقرأون ولا يُشاهدون، بل يُنفّذون أحكاماً بالقتل والتصفية والحرق بعماء لا مثيل له؟). أن تشنّ حملة على مخرج لم تُشاهد فيلمه بعد، دليلٌ على أمية مستفحلة، أو على التزام عنفي بعقيدة متطرّفة. إذ كيف يُعقل الحكم على نصّ، فني أو ثقافي أو سياسي أو عقائدي حتّى، قبل الاطّلاع عليه؟ هذا جزء من الفاشية، بأنواعها المختلفة، الدينية والفكرية والاجتماعية. هذا جزء من ثقافة الإلغاء والتصفية. مثلٌ أول: هاجم وزير الثقافة الإيطالية ساندرو بوندي فيلماً وثائقياً بعنوان «دراكيولا» لسابينا غوتشانتي، لانتقاده سياسة رئيس الحكومة سيلفيو برلوسكوني إزاء الزلزال الذي دمّر المدينة الإيطالية القديمة «لاكويلا» في أحد أيام نيسان 2009. مثلٌ ثان: هاجم النائب الفرنسي ليونيل لوكا (كتلة الأغلبية الرئاسية) الفيلم الجديد للمخرج الفرنسي (الجزائري الأصل) رشيد بوشارب، «الخارجون على القانون»، منتقداً تمويله من «المركز السينمائي الفرنسي»، ومتّهماً إياه بالإساءة إلى مشاعر عدد لا بأس به من الفرنسيين، لأنه سلّط الضوء على مجزرة ارتكبها المحتلّون الفرنسيون ضد عشرات آلاف الجزائريين في الثامن من أيار 1945، مناقشاً مسألة العلاقات الفرنسية الجزائرية الملتبسة، من خلال قصّة عائلة جزائرية مطرودة من بلدها، ما أدّى إلى تشتّت أفرداها، ومنهم من ناضل من أجل استقلال بلده عن المحتلّ الفرنسي (هل تتذكّرون المقولة الشهيرة المعتمدة في الصحافة الفنية المصرية مثلاً:

«هذا فيلم مسيء لصورة مصر»؟). انضمّ لوكا إلى النائب إيلي بيزيي (تجمّع الأغلبية الرئاسية)، الذي أدان «استخدام المال العام لشتم الجمهورية». لم يكتفِ لوكا بهذا. دعا مسؤولين في الحكومة إلى «بذل قصارى جهودهم لعدم إدراج الفيلم في قائمة الأفلام الفرنسية المشاركة» في المسابقة الرسمية. المأزق أن الدعوة لقيت صدى. فقد ذكرت معلومات صحافية أن «الخارجون على القانون» شارك في المسابقة الرسمية باسم الجزائر، مع أن 59 بالمئة من ميزانيته فرنسية، في مقابل ما لا يزيد كثيراً عن عشرين بالمئة فقط تمويلاً جزائرياً. زميل بيزيي في الحزب الحاكم أندريه مايي بدا أكثر تشدّداً منهما. طلب «منع» عرض الفيلم حماية لـ«الأمن العام»، داعياً إلى «احتلال» سلّم قصر المهرجان.

لا يُمكن لأحد تقديم قراءة نقدية خاصّة بالفيلمين، لأن هذين الأخيرين لم يُعرضا في الصالات العالمية. الأول معروضٌ خارج المسابقة الرسمية في الدورة الجديدة هذه لـ«كان». الثاني يتنافس وأفلاما أخرى على «السعفة الذهبية». لعلّ الوزير الإيطالي شاهد الفيلم الوثائقي في عرض ما داخل إيطاليا. لعلّ الفرنسيين الثلاثة فعلوا مثله أيضاً داخل فرنسا (يُمكن للأفلام المختارة في المسابقة الرسمية أو خارجها في «كان» أن تُعرض تجارياً في بلد المنشأ فقط، قبل موعد انعقاد إحدى دوراته السنوية). غير أن معلومات صحافية عدّة «أكّدت» عدم مشاهدة هؤلاء جميعهم الفيلمين. تماماً كحالة كارلوس، المعتقل في السجون الفرنسية منذ ستة عشر عاماً بتهم إرهابية مختلفة، الذي هاجم المخرج الفرنسي أوليفييه أساياس لإنجازه فيلماً تلفزيونياً عنه. كارلوس، في زنزانته الفردية، حصل على نسخة من السيناريو. هذا ما تداولته صحفٌ عدّة. لم تُعجبه صورته فيه. هاجم ولعن وتقدّم بدعوى قضائية. هو أيضاً لم يُشاهد الفيلم. لكن غضباً ما ألمّ به دفاعاً عن «صورته» في الإعلام ولدى الرأي العام. الوزير الإيطالي حليف الرأسمالية المتوحشّة، المتمثّلة ببرلوسكوني. المسؤولون الفرنسيون حصلوا على تضامن من تيارات سياسية وثقافية وحزبية يمينية متطرّفة. صورة كارلوس ملتبسة: المناضل الأممي في صفوف حركات المقاومة والتحرّر العربية والعالمثالثية، هو نفسه الإرهابي الذي قتل وخطف وانتهك الحرية الفردية والجماعية للناس. غير أن ما يجمع هؤلاء (الإيطالي والفرنسيين الثلاثة والمناضل الإرهابي الأممي) بعضهم مع البعض الآخر كامنٌ في شراستهم الهجومية ضد منتوج فني مرتكز على أبعاد سياسية.

ضغوط

ليس دفاعاً عن الأفلام الثلاثة، بل دفاعاً عن الحقّ الإبداعي في الاشتغال الفني والثقافي. القراءة النقدية تأتي لاحقاً. المهرجان الأعرق والأهم في خارطة المهرجانات السينمائية الدولية تعرّض لهجمات وحملات. سياسيون غاضبون. لا يجدون أمامهم سوى الفن والإبداع الثقافي، فيحوّلون النصّ البصري والمكتوب إلى ضحية رغباتهم المريبة في الانصراف عن مآزق وفساد. أو عن تاريخ ملوّث بالدم والعنف، وإن كان الغطاء «نضالياً» من أجل حقّ ما. أو في تغطيتهم مآزق وفسادا، بافتعال معارك جانبية. المعلومات الصحافية نفسها ذكرت أن المحطة التلفزيونية الفرنسية «كانال بلوس»، أحد الرعاة الأساسيين لمهرجان «كان» ومنتجة الفيلم التلفزيوني الطويل «كارلوس» (ثلاثة أجزاء)، مارست ضغوطاً على المدير الفني تييري فريمو لاختياره رسمياً، إثر معارضة رئيس المهرجان جيل جاكوب، الذي رفض اختيار الفيلم لكونه تلفزيونياً، ولأن المهرجان سينمائيٌ. المحطّة التلفزيونية، بدورها، بدت فاشية، بمعنى ما. الضغط كبير. إنها أحد الرعاة. تريد فيلماً تلفزيونياً من إنتاجها في المسابقة الرسمية لمهرجان سينمائي هو الأول في العالم. لا تقيم وزناً لآلية الاختيار، أو لرغبة فريق العمل المهتمّ بهذا الاختيار. الضغط ولّد قراراً مناهضاً للقرار الأول: إشراك الفيلم في المهرجان، لكن خارج المسابقة الرسمية.

الأمر نفسه حصل مع المخرج الروسي نيكيتا ميخالكوف، قبل وصوله وفيلمه الأخير «حرقته الشمس 2» إلى «كان»، لكن بطريقة مختلفة. بعد ستة عشر عاماً على إنجازه «الشمس الخادعة» (1994)، أنجز ميخالكوف جزءاً ثانياً منه، تناول فيه أحداث الأشهر القليلة الأولى من الحرب العالمية الثانية. ذكرت معلومات صحافية أن الفيلم صوَّر الجنود «السوفيات» أغراراً غير مدرّبين بشكل كاف، ما أدّى إلى تقهقرهم أمام جنود الجيش الألماني النازي لاحقاً. أضافت المعلومات أن الفيلم «التقط عناصر الحرب والخيانة والخوف والتعاطف والاشمئزاز والاحتجاج والدموع». هذا كلّه أثار ردود فعل روسية سلبية، إذ اتُّهم المخرج بتعمّده «تضليل المُشاهد»، والفيلم بأنه «أكبر خدعة في تاريخ السينما الروسية». ردّ ميخالكوف على منتقديه بإشارته إلى قناعته بضرورة تقديم لوحة حقيقية «تُمكِّن المشاهد من تلمّس حجم المعاناة والتضحية التي دفعها الشعب الروسي». أضاف انه شعر برغبة جارفة في تحقيق سلسلة أفلام عن هذه التجربة، خصوصاً بعد مشاهدته «إنقاذ الجندي راين» لستيفن سبيلبيرغ».

تفاصيل كهذه حصلت عشية إطلاق الدورة الثالثة والستين، في المدينة الفرنسية الجنوبية هذه، التي تعرّضت قبل نحو أسبوع لعاصفة بحرية أطاحت ما بُني على الشاطئ الرملي، قبالة الـ«كروزايت». هناك، تقيم شركات إنتاجية وتلفزيونية ومؤسّسات تجارية وغيرها منصّات خاصّة بها، أثناء الأيام الاثني عشر للدورة المنتهية في الثالث والعشرين من أيار الجاري. مقاه ومطاعم وعربات أكل سريع ومحلات بيع صحف ومجلات. هذه كلّها تعرّضت للعاصفة. لكنها عملت سريعاً على الخروج من الأزمة العابرة، استعداداً لاستقبال ضيوف قادمين إلى المدينة الساحلية من أصقاع متفرّقة من العالم.

السفير اللبنانية في

13/05/2010

####

«روبن هود» في زيّ عسكريّ

نسخة سينمائية جديدة، مستلّة من القصّة القديمة نفسها. الصوَر أقرب إلى الاستعراض البصري. الحبكة معقودة على النفََس الهوليوودي في صناعة الأفلام التاريخية. السياق الدرامي مشبع بمقولات الوطنية والحبّ والبطولة والدفاع عن مقدّسات الناس وأحلامهم. لم يعد البطل الأسطوري المعروف لصّاً يسرق الأغنياء ليُطعم الفقراء. هذه الصورة انتفى وجودها في النسخة السينمائية الجديدة. هذه جاءت لاحقاً. في الخاتمة ربما. أو ما بعدها. البطل الأسطوريّ جندي في احد فصول الحروب الصليبية. لكن هروبه من الجندية وضعه على طريق بطولة أخرى. وجد نفسه محاصراً بالرغبة العميقة لدى الناس في مساعدتهم ضد شياطين المؤامرات والسياسة.

إنه روبن هود. النسخة السينمائية الجديدة موقّعة باسم ريدلي سكوت (افتتح الدورة الجديدة لمهرجان «كان» أمس الأربعاء). البطل الأسطوري متمثّل براسل كرو. كلامٌ كثير قيل قبل بدء تنفيذ المشروع، وأثناء تصويره. سرّية ما أحاطت العمل خلال تحقيقه. لكن السؤال الوحيد الذي طُرح بجدّية وكثرة، متعلّق بما إذا كان الفيلم سيحمل جديداً. غالب الظنّ، أن مشاهدي «روبن هود» سيكتشفون نمطاً مغايراً للمألوف، في التعاطي مع القصّة الأصلية. النسخ السابقة قاربت الحكاية من جوانب مختلفة. ظلّ هناك شيءٌ ناقصٌ. لا أقول إن ريدلي سكوت ملأ الفراغ، أو منح النصّ جرعة إنسانية إضافية. الفيلم الذي أنجزه عاد إلى الحياة السابقة للتحوّل الذي عرفه روبن هود. أمعن فيها. حلّلها على ضوء النزاعات الداخلية الحاصلة في بلاط الملك ريتشارد قلب الأسد. الخبث السياسي مائلٌ إلى الخيانة. هناك، في قلب الدائرة الصغيرة المحيطة بالملك الجديد جون، عميلٌ للفرنسيين. لم يعد الشرير الأول رئيس شرطة نوتنغهام، بل غودفروي، صديق الأمير جون، الذي بات ملكاً بعد مقتل شقيقه ريتشارد. الفرنسيون راغبون في احتلال المملكة. غودفروي دليلهم. لكن روبن هود، القائد العسكري الأول، واقفٌ لهم بالمرصاد. هناك من رأى في هذا المشهد تزويراً لحقائق: فرنسوا غييوم لورّان (المجلة الفرنسية الأسبوعية «لو بوان»، 6 أيار 2010) كتب أن الملك الفرنسي فيليب لم يقترب أبداً من الشواطئ الإنكليزية، بل ابنه لويس الثامن. كتب أن عملية الإنزال البحري نجحت، بدليل أن الفرنسيين احتلّوا لندن في العام 1216.

المسائل التاريخية معرّضة، دائماً، للخطأ. إما لرغبة صانعي الفيلم في تحوير مقصود لحقائق ووقائع، وإما لجهل ما (وهذا نادر الحدوث، لأن الغربيين معتادون على التعاون مع مؤرّخين ذوي مصداقية علمية). لورّان نفسه قال إن «هذه الإساءة لكبريائنا الوطنية لا تمنع الاعتراف بأن تصوير العملية كلّها يُعتبر الأكثر مشهدية في فيلم عضّل (قوّى عضلات) أحد أبطال شبابنا، وأزال الغبار عنه». هذا يعني، أيضاً، أن الفيلم متملك عناصر إغرائية لمُشاهدته. عملية الإنزال البحري تلك، المصَوّرة بطريقة بديعة، شبيهة جداً بعملية الإنزال البحري في نورماندي، في مفتتح «إنقاذ الجندي راين» لستيفن سبلبيرغ. لكن، بدلاً من الرصاص والقذائف، هناك الأسهم والسيوف. التمثيل، الذي أدّاه راسل كرو وكايت بلانشيت (اللايدي ماريان) وويليام هارت (ويليام مارشال) وماكس فون سيدو (السير والتر لوكسلي)، محترف، لكنه عاديّ. قيل إن المادة الدرامية المُقدَّمة لهم لم تسعفهم لتقديم الأفضل والأجمل. برز بينهم مارك سترونغ (غودفروي). هذا تعاونه الثاني وسكوت. إنه رئيس جهاز الاستخبارات الأردنية في «مجمل الأكاذيب» الذي حقّقه مخرج «روبن هود» في العام 2005.

يُعرض، بدءاً من بعد ظهر اليوم، في صالات «غراند أ ب ث« (الأشرفية) و«غراند كونكورد» (فردان) و«غراند لاس ساليناس» (أنفه) و«سينما سيتي» (الدورة) و«أمبير سوديكو» و«غالاكسي» (بولفار كميل شمعون، نسخة ديجيتال).

السفير اللبنانية في

13/05/2010

 
 

أسبوع النقاد للمخرجين الجدد.. ونصف شهر المخرجين أيضاً

من مهرجان كان   سمير فريد

افتتح أمس مهرجان كان السينمائى الدولى الـ٦٣، وتبدأ اليوم عروض مسابقاته الثلاث وبرامجه الثلاثة خارج المسابقات.

أثناء المهرجان تنعقد سوق الفيلم الدولية، والتى تشترك فيها غرفة صناعة السينما للعام الثانى على التوالى، وأسبوع النقاد، ونصف شهر المخرجين، ولكل منها إدارته المستقلة عن المهرجان. وبينما تنظم نقابة نقاد السينما فى فرنسا الأسبوع، تنظم نقابة المخرجين نصف الشهر.

وربما يتساءل البعض لماذا تعبير «نصف شهر»، أو ١٤ ليلة. ويرجع هذا إلى أن المهرجان عندما بدأ برنامج المخرجين كان ينعقد لمدة أسبوعين وليس ١٢ يوماً كما هو الحال بعد ذلك وحتى الآن.

كان المقصود من أسبوع النقاد الذى يعقد دورته الـ٤٩ هذا العام عرض الأفلام التى يمكن أن ترفضها إدارة المهرجان لسبب أو آخر، وذلك عندما كانت الأفلام تمثل الحكومات التى تتقدم بها، وهو الأمر الذى انتهى بعد «ثورة» ١٩٦٨ التى أوقفت دورة المهرجان ذلك العام، وأصبحت الأفلام تمثل مخرجيها. وكان المقصود من نصف شهر المخرجين الذى يعقد دورته الـ٤٢ أن يكون هناك برنامج يعبر عن نقابة المخرجين مثل البرنامج الذى يعبر عن نقابة النقاد.

أسبوع النقاد

ومنذ دورته الأولى يعرض أسبوع النقاد الأفلام الطويلة الأولى أو الثانية لمخرجيها. وكان يقتصر على ٧ أفلام طويلة، ثم أصبح يعرض ٧ أفلام قصيرة أيضاً. وفى السنوات الأخيرة توسع الأسبوع فأصبح يقدم «عروضاً خاصة» قد تصل إلى ٤ أفلام طويلة و٥ أفلام قصيرة كما هو الحال هذا العام. ثم توسع وأصبح يقدم برامج أخرى تحت عنوان «دعوات»، وفى الدورة الجديدة يعرض فى «دعوات» فيلم طويل و٢٠ فيلما قصيرا.

وبالطبع فإن المقصود بالفيلم الطويل ليس فقط الأفلام الروائية، وفى البرنامج الرئيسى هذا العام الفيلم الدنماركى التسجيلى «أرماديلو» إخراج يانوس ميتز عن الحرب فى أفغانستان. ومن البرامج اللافتة فى «دعوات» برنامج من ٨ أفلام فرنسية قصيرة عن موضوع واحد وهو «الأزمة الاقتصادية العالمية».

ويهتم أسبوع النقاد اهتماماً خاصاً بالسينما الجديدة فى المكسيك، ويقدم منذ سنوات الأفلام القصيرة الفائزة فى مهرجان موريللا الدولى. والفيلم الطويل الوحيد فى «دعوات» فيلم مكسيكى من ١٠ أجزاء لعشرة مخرجين بعنوان «ثورة» بمناسبة مئوية ثورة المكسيك، وسبق عرضه فى مهرجان برلين فى فبراير.

نصف شهر المخرجين

يبدو أن المدير الجديد لبرنامج المخرجين فردريك بويير يريد أن يضع بصمته الخاصة، التى تتمثل فى التركيز على الأسماء الطالعة حتى إن هناك ١٠ أفلام هذا العام من بين ٢٤ فيلماً لمخرجين فى أفلامهم الطويلة الأولى أو الثانية، ومنها الفيلم الإسرائيلى الطويل الوحيد فى كل البرامج الرسمية والموازية («التائه» إخراج أفيشاى سيفان).

وليس هناك أسماء معروفة غير الفرنسى جانبول سفيراك (الفتيات يرتدين الأسود)، والدنماركى كريستوفر بوى (كل شىء سيكون على ما يرام)، وأستاذ السينما التسجيلية الأمريكية فردريك وايزمان (حلبة الملاكمة)، وهو أحد أربعة أفلام تسجيلية فى البرنامج منها فيلم الافتتاح الفرنسى «بيندا بيليلى» إخراج رينوباريت وفلورين دى لاتواى، والبريطانى «ستونز فى المنفى» إخراج ستيفن كيجاك، وكلاهما عن الموسيقى، والسويسرى «كليفلاند ضد وول ستريت» إخراج جان-ستيفان برون.

وبذلك تتنافس على جائزة الكاميرا الذهبية لأحسن مخرج فى فيلمه الطويل الأول أو الثانى فى كل برامج المهرجان الرسمية والموازية ٢٠ فيلماً (٣ فى نظرة خاصة و٧ فى أسبوع النقاد و١٠ فى نصف شهر المخرجين).

وإلى جانب الأفلام الطويلة فى نصف شهر المخرجين هناك برنامج للأفلام القصيرة من ٩ أفلام، وفيه يعرض الفيلم الوحيد فى كل المهرجان من أفريقيا السوداء («فريق زد» إخراج نوح بينك من زامبيا).

حقائق وأرقام 

يعرض أسبوع النقاد ١٢ فيلماً طويلاً و٣٢ فيلماً قصيراً تضيف إلى المهرجان أفلاماً من الدنمارك وفيتنام وسنغافورة وبلغاريا وبولندا.

يعرض نصف شهر المخرجين ٢٤ فيلماً طويلاً و٩ أفلام قصيرة تضيف إلى المهرجان أفلاماً من ماليزيا وقرغيزيا وأورجواى وزامبيا. بإضافة أفلام برنامجى النقاد والمخرجين يصبح مجموع أفلام المهرجان فى البرامج الرسمية والموازية ١٥٧ فيلماً (٩٤ فيلماً طويلاً و٦٣ فيلماً قصيراً).

الأفلام الـ١٥٧ (٩٦ من أوروبا، ٣٢ من أمريكا الشمالية والوسطى والجنوبية، ١٧ من آسيا، ٢ من أستراليا، وفيلم واحد من أفريقيا).

الأفلام الطويلة الـ٩٤ (٥٦ من أوروبا، ٢٠ من أمريكا الشمالية والوسطى والجنوبية، و١٤ من آسيا).

الأفلام القصيرة الـ٦٣ (٤٠ من أوروبا، ١٢ من أمريكا الشمالية والوسطى والجنوبية، ٣ من آسيا، ٢ من أستراليا وفيلم واحد من أفريقيا السوداء).

ملصق المهرجان صورة للممثلة والنجمة الفرنسية العالمية جولييت بينوش وهى تكتب كلمة «كان». الملصق تصميم برجيت لاكومب والصورة تصوير أنييك دوربان.

رئيس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة المخرج الأمريكى تيم بورتون – رئيس لجنة تحكيم مسابقتى الأفلام القصيرة وأفلام الطلبة المخرج الكندى أتوم إيجويان – رئيس لجنة تحكيم جائزة الكاميرا الذهبية الممثل المكسيكى جيل جارثيا برنال – رئيس لجنة تحكيم «نظرة خاصة» المخرجة الفرنسية كلير دينيس.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

13/05/2010

 
 

خواطر ناقد

ما أحلي الرجوع الي مهرجان كان

طارق الشناوي

»أنا أقدم واحد في المهرجان ده«.. عبارة تصورت أن من حقي إعلانها وأنا في طريقي إلي مطار القاهرة متجها إلي مهرجان »كان« السينمائي للمرة رقم »٩١«.. المهرجان يبلغ هذا العام الـ »٣٦« من عمره المديد أي أنني حضرت قرابة ٠٣٪ من عدد دوراته.. إلا أنني وأنا أدرب أحبالي الصوتية علي هذا الهتاف تذكرت أنني سوف ألتقي علي نفس الطائرة مع الشيوخ والعمد الحقيقيين للمهرجان والذين تجاوز رصيدهم في »كان« ضعف سنواتي مثل الأستاذان »يوسف شريف رزق الله« و»سمير فريد«.. قبل خمسة أعوام كان معنا علي نفس الطائرة الاساتذة أحمد الحضري ورفيق الصبان وماري غضبان وهذه الدورة يغيب عنها الأستاذ »أحمد صالح« لأول مرة بعد ٣٣ عاما لم يتخلف خلالها دورة واحدة وأتمني أن الغياب لايتجاوز هذه الدورة حيث أنه يتلقي الآن علاج طبيعي علي ساقه.. الذهاب لمهرجان »كان« يبدو مثل حالة الإدمان التي لاتزال تستبد بي في الأسبوع الثاني من شهر مايو كل عام؟!
لماذا مهرجان »كان« سؤال حقيقة لم أعثر علي إجابة منطقية قاطعة.. إنه واحد من أهم ثلاثة مهرجانات في العالم.. الاثنان الآخران »فينسيا« وهو الأقدم و»برلين« الأحدث.. هل لأنني منذ بداية عملي بالصحافة وأنا أقرأ تغطية الزملاء الكبار عن »كان« ويتضاءل كثيرا بجوار »كان« أي  مهرجان آخر في الدنيا فأصبحت أحلم منذ ذلك الحين بحضور »كان«.. في الدورة الأخيرة لمهرجان »فينسيا« والتي تحمل رقم »٦٦« وعقدت في شهر سبتمبر الماضي حضرت لأول مرة حيث كانت الدورة قد منحت للسينما المصرية مساحة من التواجد كان لنا ثلاثة أفلام.. في المسابقة الرسمية عرض فيلم »المسافر« لأحمد ماهر بطولة »
عمرالشريف« و»خالد النبوي« و»سيرين عبدالنور« وخارج المسابقة فيلم »احكي ياشهرزاد« ليسري نصر الله وبطولة »مني زكي« و »محمود حميدة« وفي قسم »بانوراما« عرض فيلم »واحد صفر« لكاملة أبوذكري وحضر من نجوم الفيلم »الهام شاهين« و»خالد أبوالنجا« و»زينة« واكتشفت أن مهرجان »كان« ليس واحدا من المهرجانات الثلاثة الكبري كما تشير أغلب كتابات النقاد ويقف علي نفس الخط ونفس المكانة مع برلين و»فينسيا« ولكنه هو في الحقيقة مهرجان المهرجانات.. يكفي أن نعرف أن عدد الصحفيين يتجاوز رقم ٥ آلاف ونصف هذا الرقم فقط نجده في »فينسيا« وكذلك عدد القاعات والضيوف والندوات.. مهرجان »كان« هو الأعلي قامة بين قوله.. لايتلقي أي صحفي مصري دعوة علي حساب المهرجان ، أننا نتحمل دائما نفقات السفر والاقامة ولكن فقط كل من يوسف شريف رزق الله و»سمير فريد« يحصلان علي مساهمة لاتتجاوز ٠٠٥ يورو.. المؤسسات الصحفية الكبري بعضها يساهم في النفقات التي يتكبدها الزملاء ولكني طوال السنوات الأخيرة وأنا أتحمل بمفردي مأساة الجنيه المصري وأحمل علي أكتافي ضعفه وقلة حيلته وهوانه علي الناس في سوق العملة.. كان يترنح قبل ٧ سنوات أمام »الفرنك« الفرنسي وبعد ذلك خر صريعا وفقد النطق تماما أمام »اليورو«!!.. حاولت أن أشفي من هذا الجنون دون جدوي.. في أغلب المهرجانات الأخري أتلقي دعوة للحضور شاملة تذكرة الطائرة »درجة أولي« والاقامة في فندق يصل أحيانا إلي »سبعة نجوم« بينما في »كان« أقطع التذكرة علي نفقتي »درجة سياحية« وأقيم علي نفقتي في فندق »نجمتين« فقط لاغير.. الفنادق الكبري في »كان« تطل علي شاطيء الريفييرا وهو أجمل شواطيء العالم بينما الفندق الذي أقيم فيه يطل علي أعج منطقة في العالم إنها محطة القطار حيث لايتوقف الصخب الذي يحدثه المسافرون ٤٢ ساعة يوميا.. عقلي يقول لي أن الذهاب إلي »كان« نوع من الجنون.. قلبي لايطاوعني علي الالتزام بمنطق العقل.. فأنا بعد تلك الساعات التي أقضيها في الطائرة من القاهرة إلي »أمستردام« بهولندا ثم أنطلق منها إلي مطار »نيس« متجها بالأتوبيس إلي »كان« أتحول إلي كائن سينمائي يشاهد في اليوم خمسة أفلام.. أصحو في السادسة صباحا ولا أنام قبل الواحدة صباح اليوم التالي.. أنتقل من أفلام المسابقة الرسمية إلي قسم »نظرة ما« ومنه إلي أسبوعي المخرجين وأعرج إلي أسبوع النقاد ولا أنسي قبل النهاية أن أشاهد التجارب الجديدة لأفلام طلبة معهد السينما والأفلام الروائية القصيرة بالاضافة إلي التسجيلية وبعض الافلام المصرية التي تشارك في المهرجان من خلال السوق!!.. أصعد إلي غرفتي التي أقطن بها علي مدي ٠١ سنوات حجرة صغيرة جدا تحتوي علي سرير ومنضدة ودولاب وثلاجة وكرسي.. وملحق بها حمام لايسمح إلا بالاستحمام فقط واقفا.. أري شحاذة في مدينة »كان« منذ ٩١ عاما وهي تحمل طفلا عمره عام وبعد مرور ٩١ عاما لايزال الطفل في عامه الأول انها تذكرني بالشحاذين في بلادي حيث يؤجرون طفل رضيع ويظل للأبد رضيعا.. أري القاعات والأشخاص حتي الذين لا أعرفهم شخصيا فأنا أراهم باعتبارهم من ملامح حياتي.. في مهرجان »كان« تستمع إلي هتاف يسبق عرض أي فيلم وأستمع إلي اسم »راؤول« ناقد فرنسي راحل تعود أن ينطق بصوت مسموع بأسمه قبل عرض الأفلام وبعد رحيله لايزال زملائه القدامي يهتفون بمجرد إطفاء نور القاعة قبل العرض راؤول.. راؤول«؟!

التواجد المصري هذه الدورة من خلال جناح قررت وزارة الاستثمار إنشاءه للمرة الثانية بالتعاون مع غرفة صناعة السينما التابعة لوزارة الصناعة ومن المنتظر أن تعرض من خلال الغرفة مقاطع من الافلام المصرية الهامة التي انتجت في ٠١٠٢ بالاضافة إلي أننا سوف نشاهد في السوق عروض لفيلمي »الديلر« لأحمد صالح بطولة أحمد السقا وخالد النبوي.. و»بنتين من مصر« لمحمد أمين بطولة »زينة« و»صبا مبارك«.. وأهم مشاركة هي عرض الفيلم التسجيلي »الفلاح الفصيح« لشادي عبدالسلام ضمن مؤسسة »مارتن سكورسيزي« لسينمات العالم وكان قد عرض في العام الماضي فيلم »المومياء« لشادي وهكذا صار هذا الفنان هو الذي يرفع رأس مصر في عاليا خفاقا في مهرجان »كان«.. وما أحلي الرجوع إليه!!

tarekelshinnawi@yahoo.com

أخبار النجوم المصرية في

13/05/2010

####

المهرجان الفرنسي «الأشهر» فتح أبوابه لكل «الثقافات».. ومشاركة وحيدة لـ «هوليوود» و«العرب»

العالم يتنافس على «السعفة الذهبية».. في «كان»

كتب بداي الضاوي 

·         كبار صنّاع السينما العالمية يدخلون السباق بـ 19 فيلماً.. أبرزها «جميل» و«صورة أصلية» و«بشر وآلهة»

·         الكويت تُعلن مهرجانها السينمائي الأول.. وأنشطة «خليجية» متنوعة خارج المسابقة

فتح «مهرجان كان السينمائي الدولي» أبوابه، وبدأت فعاليات دورته الثالثة والستين امس مكملا مسيرته الناجحة التي ارتقى خلالها عبر عقود ليصبح أرقى وأشهر ملتقى سينمائي عالمي خارج نطاق السينما الأمريكية التي تحتكر نسبة كبيرة من سوق السينما العالمية، لتعود إلى الحجم الطبيعي فيه، وتصبح مجرد ثقافة سينمائية أخرى من ضمن باقي الثقافات المختلفة التي أتت من حول العالم مصبوغة بصبغة تراث بلدانها الأصلية تمثلها أفلام صنعت بميزانيات صغيرة مقارنة بموازنات هوليوود الانتاجية الضخمة، ولكنها في الغالب ترتفع عنها فنيا وتشارك هوليوود هذا العام في اطار المسابقة الرسمية لـ«كان» بفيلم وحيد هو (لعبة نزيهة) بطولة شين بين، ونايومي واتس، واخراج دوغ ليمان.

وكان فيلم (روبن هود) قد افتتح مهرجان «كان» وهو تصوير جديد للقصة الكلاسيكية من بطولة راسل كرو وكيت بلانشيت وإخراج ريدلي سكوت.

19 فيلماً

تعرض في المهرجان عشرات الافلام خارج المسابقة الرسمية بينما يتنافس على جائزة «السعفة الذهبية» في المسابقة الرسمية 19 فيلما من ضمنها الفيلم الروسي (أضنتهم الشمس2) للمخرج نيكيتا ميخالكوف وتدور أحداثه في الحرب العالمية الثانية وهو الجزء الثاني من الفيلم الذي حمل العنوان نفسه ونال جائزة مهرجان «كان الكبرى» سنة 1994 ويشارك المخرج الفرنسي هافيربوفا بفيلمه (بشر وآلهة) والذي يروي قصة حقيقية عرفت في الصحافة الفرنسية باسم (مجموعة شهداء الأطلس) وهم سبعة رهبان من التيبت قتلوا في ظروف غامضة في الجزائر في العام 1990.

ويشارك المخرج المكسيكي اليخاندرو جونزاليس - الذي يحمل في جعبته السينمائية حتى الآن فيلمين شهيرين هما (بابل) و(واحد وعشرون) - بفيلم يحمل عنوان (جميل) يسرد فيه قصة شخصية تتضمن ذكريات من مسقط رأسه، ويشارك في المسابقة أيضا فيلم من إنتاج فرنسي ايطالي مشترك بعنوان (حياتنا) يحكي قصة عامل يعيش حياة بسيطة في احدى ضواحي روما الفقيرة يصاب بمأساة تقلب الأمور في حياته رأسا على عقب.

ويدخل المخرج البريطاني كين لوش المنافسة بفيلمه الجديد (طريق ايرلندي) والمخرج (مايك لي) بفيلمه (عام آخر) كما يشارك في المسابقة عدد بارز من كبار صناع السينما من بينهم الايراني عباس كياروستامي الحاصل على السعفة الذهبية بفيلمه الجديد (صورة أصلية) والياباني تاكيشي كيتانو بفيلم (الغضب) وأفلام أخرى غيرها.

العربي الوحيد

ومن أبرز المشاركين العرب يأتي المخرج الجزائري رشيد بو شارب العربي الوحيد الذي يتنافس في المسابقة الرسمية بفيلمه المثير للجدل (خارجون عن القانون) الذي يتناول فيه قضية جبهة التحرير الوطني الجزائرية التي كانت محظورة ابان الاحتلال الفرنسي للجزائر ويرصد الفيلم تحركات عدد من اعضاء تلك الجبهة وطرق التعذيب التي كانت تمارس بحق من ينتمي اليها على يد عناصر الأمن الفرنسي.

أما خارج المسابقة وضمن الانشطة التي تقع على هامش المهرجان فيحضر وفد كويتي للاعلان عن الدورة الاولى لمهرجان الكويت السينمائي الذي تقرر اقامته في العاشر من أكتوبر المقبل ضمن تظاهرة خاصة بالسينما العربية في كل قطاعاتها وتشارك قطر بوفد رسمي برئاسة الشيخة المياسة آل ثاني التي ستعلن عن المسابقة الخاصة بالأفلام العربية ضمن مهرجان ترايبيكا الدوحة الدولي في دورته الثانية اضافة للاعلان عن معهد الفيلم في الدوحة، كما يحضر وفد هيئة ابو ظبي للثقافة هذا العام لعدد من الأنشطة من أبرزها الاعلان عن برامج الدورة الجديدة لمهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي الذي سيعقد في أكتوبر المقبل، وحضور افتتاح فيلم (لعبة نزيهة) للمخرج الامريكي دوج ليمان الذي شاركت مؤسسة إنتاج إماراتية في تمويله.

هيئة التحكيم

يترأس لجنة التحكيم هذا العام المخرج الأمريكي تيم بيرتون أحد المخرجين الاستثنائيين في هوليوود، ويشترك معه في التحكيم الممثلة البريطانية كيت بلانشيت ووالكاتب والمخرج السينمائي فيكتور ايريك والمخرج الهندي شكور كابور والممثلة الايطالية دجوفانا ميتزودجورنو ومدير متحف السينما الايطالي ألبيرتو باربيرا، كما يشارك في التحكيم الممثل البورتوريكي بينسيو ديل تور، والكاتب الفرنسي ايمانويل كارير، ومواطنه ملحن موسيقى الأفلام اليكسندر دي بلا.

الوطن الكويتية في

13/05/2010

 
 

تحضر قضايانا ونغيب نحن

أين العرب في «كان».. الجواب عند الأمريكان؟!

حذام خريّف

مازال مهرجان "كان" السينمائي، الذي بلغ سن الثالثة والستين، بالنسبة إلى السينما العربية مطمحا يصعب بلوغه، مثلما يصعب بلوغ غيره من التظاهرات السينمائية العالمية أو الإقليمية؛ وعندما تبحث في الأسباب قد لا تجد سببا واحدا يبرّر إقصاءنا من هذه التظاهرة أو تلك.

باستثناء فيلم واحد هو فيلم جزائري-فرنسي "خارج القانون" للمخرج رشيد بوشارب، لم يتمّ تسجيل أي حضور عربي آخر على مستوى المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي. وفي حين نغيب نحن أفلاما ونجوما سينمائيين، تحضر قضايانا في مشاركات للسينما الأجنبية، وتحصد بالنيابة عنا أثمن الجوائز.

ويبدو أننا استمرأنا انتظار المبادرات الخارجية لحل قضايانا والدفاع عن مصالحنا إلى درجة أننا أصبحنا حتى في السينما عاجزين عن تصوير واقعنا وتسويق مطالبنا، وتوقفنا عن أي حركة إبداعية، ورحّبنا بالغريب ليأتي ويبدع باسمنا ويلقننا ما يجب أن نقوله ونفعله، وكأننا مبتدئون في مدرسة الحضارة الإنسانية.

وعلى سبيل المثال، أمريكا التي تۤرجع أغلبُ مصائبنا إلى سياستها الرسمية المنحازة ضد قضايانا، تضعنا مرة أخرى أمام مفارقة، عندما تفضح آلتها السينمائية ما اقترفته بحقنا آلتها العسكرية وخططها السياسية؛ فتصبح السينما الأمريكية هي صوتنا للعالم للكشف عن جرائم أمريكا في العراق. وبالتالي ليس غريبا أن يمثّل العربۤ "افتراضيا" في مهرجان كان الفيلم الأمريكي "لعب نظيف"‏ لدوج ليمان‏.‏ وهو عمل سينمائي مقتبس من كتاب عميلة المخابرات الأمريكية فاليري بلام ويلسون تصف فيه المحاولة المستميتة من الإدارة الأمريكية، بقيادة بوش الابن، لإثبات أن العراق يمتلك أسلحة نووية. وتعترف ويلسون في كتابها بأنها صدمت عندما رأت وزير الخارجية الأمريكي كولين باول يدّعي أمام مجلس الأمن وجود أسلحة دمار شامل في العراق‏‏ مع أن ذلك لم يكن صحيحا‏.‏

واضح أن موضوع هذا الفيلم ليس اكتشافا يصعب التوصل إليه، بل هو يطرح قضية كانت هي الحقيقة في الحرب العدوانية على العراق، وبمقدور السينما العربية لو كانت تمتلك استراتيجية دفاعية تستجيب لرسالتها الفنية السامية أن تقول بأبلغ الصور والمشاهد ما يقوله الآن "لعب نظيف".

في مهرجان "كان" لهذا العام لدينا دليل صارخ هو فيلم العرب اليتيم "خارج القانون‏"‏، الذي استطاع أن يدير إليه الأعناق بعد أن استشاط الفرنسيون غضبا منه لأنه نجح في فضح تاريخهم الوحشي خلال فترة احتلال الجزائر، إلى درجة أن لجنة، محسوبة على أقصى اليمين الفرنسي تطلق على نفسها‏ اسم "من أجل الحقيقة التاريخية بكان ‏2010"، أصدرت بيانا تطالب فيه بسحب الفيلم الفرنسي الجزائري "خارج القانون‏"‏ من مسابقة المهرجان الرسمية انتصارا للوطنية الفرنسية.

وسبب اعتراض هؤلاء هو أن الفيلم يروي قصة ثلاثة إخوة جزائريين نجوا بأنفسهم من المذبحة الشهيرة التي ارتكبها الفرنسيون بمدينة سطيف الجزائرية يوم‏8‏ مايو عام‏1945‏ ثم هربوا إلى فرنسا ليحاربوا الاستعمار الفرنسي لبلادهم من داخل باريس نفسها‏، ومن المعروف أن اليمين الفرنسي يكرر دائما نفيه لتلك المذبحة بل ويرفض مطلقا أن تقوم فرنسا بالاعتذار عن فترة استعمارها للجزائر‏.‏

حالة الفزع التي أثارها فيلم رشيد بوشارب تكشف أننا قادرون -لو أردنا- إطلاق العنان لإبداعنا، أن نفضح الظلم الذي يقع على أمتنا وديننا ومقدساتنا، بدءا من فلسطين المغتصبة وصولا إلى العراق المستباح ولبنان المهدّد والجولان المحتلّ وقوفا عند الرسوم الكاريكاتورية والتصريحات الإعلامية المسيئة لرموزنا.

كان من المؤمل أن تكون الشاشة الفضية إحدى الوسائل الهامة المتاحة للعرب للتعبير عن قضاياهم الوطنية والسياسية والفكرية..، ولكن السينما أضحت وسيلة للربح ينتجه مستثمرون لا يهتمون إلا برصيدهم المالي.. ومن حقهم ذلك؛ ولكن من حق الجماهير، التي كانت سببا في النجاح الساحق للأفلام التجارية الموجودة على الساحة اليوم، أن تشاهد في الوقت ذاته أفلاما تكون لسان حالها في المحافل الدولية.

السينما قادرة على تزييف الواقع وبناء وعي عقائدي وفكري وفق مصالح القوى المهيمنة عالميّا؛ مثلما هي قادرة على كتابة تاريخ وهمي، وتصوير أحداث زائفة؛ وما عشرات الأفلام الأمريكية، التي تناولت حرب احتلال العراق، مثلا، وجابت كبرى المهرجانات العالمية وربحت أهم جوائزها، إلا أفلام تبحث عن أبطال أمريكيين تمجّدهم، مثلما فعلت من قبل مع حرب فيتنام.

الأمريكيون، الذين بيدهم اليمنى يقدّمون القنابل العنقودية للاحتلال الإسرائيلي ويعانقوننا بيدهم اليسرى بحجة "إحلال السلام" تارة وحوار الحضارات تارة أخرى، أنتجوا أكثر من 200 فيلم عن حربهم القذرة في العراق، بما فيها أفلام قصيرة ووثائقية وأفلام روائية طويلة، ولكنها في الواقع أفلام حادت عدستها عن توثيق قلب المأساة صوب البطولة الزائفة، فـ"جسم الأكاذيب" و"خزانة الألم" و"المنطقة الخضراء" و"وادي إيلاه" و"رجال يحدقون في الماعز" وغيرها، لم تهتم بتصوير معاناة العراقيين بل أسرفت في التعبير عن معاناة الجنود الغزاة وهم يؤدون"رسالتهم الانسانية".

حتى السينما الإسرائيلية استفادت من التجربة الهوليودية في قلب الحقيقة وصنعها من خبر مقتل جندي أمريكي في العراق أو افغانستان ملحمة بطولية. وقد أنتجت اسرائيل عدة أفلام لعبت على الجوانب الإنسانية وفكرة كراهية الحروب، حتى تمكنت من كسب مزيد من المؤيدين لها في الأوساط الفنية العالمية وحققت جوائز عالمية عن معارك إسرائيل مثل فيلم "الرقص مع بشير" و"لبنان".

أما نحن، فماذا قدّمنا لأبطالنا؟ ماذا كان ردّنا على تدمير لبنان صيف 2006، وعلى عدوان غزة 2009، وعلى تمثال أبو جعفر المنصور حين اقتلع وسحل في بغداد، وعلى شارع المتنبي حين أحرق... والأقصى الذي "يُهوّد"... وعلى النكبة التي بلغت اليوم عامها الثاني والستين؟.. ردّنا جاء مجموعة أفلام قال عنها ذات مرة جيل جاكوب، المدير الفني لمهرجان كان السينمائي الدولي، إنها "لا تستحق الدخول في منافسات أية مسابقة في المهرجان"، وقد صدق، لأننا أمة، بوضعها الحالي، لا تستحق الدخول في أي منافسة حتى ولو على الحياة الكريمة.

الأسبوعية في

13/05/2010

####

بحضور كرو وبلانشيت وحشد من نجوم السينما

«روبن هود» يفتتح مهرجان كان  

كان-رويترز) - افتتح مهرجان كان السينمائي الدولي يوم الأربعاء بالعرض الأول لفيلم «روبن هود» وهي رؤية ملحمية للمخرج ريدلي سكوت تسعى لإظهار كيف يصبح بطل أسطورة خارجا على القانون يسرق الأغنياء لإطعام الفقراء.

وسار الممثل النيوزيلندي المولد راسل كرو الذي يؤدي دور رامي السهام الشجاع في القرن الثالث عشر والممثلة الاسترالية كيت بلانشيت التي تؤدي دور ميد مارين على البساط الأحمر في المنتجع الفرنسي في الريفيرا في بداية ماراثون الأفلام الذي يستمر 12 يوما.

وانضم اليهما على الدرج المؤدي الى جران تياتر لوميير كل من هيلين ميرين وجان كلود فان دام وإيفا لونجوريا باركر وايشواريا راي ورئيس لجنة التحكيم تيم بيرتون.

وفيلم روبن هود هو أحد عدد قليل من الأفلام الاميركية المشاركة في دورة المهرجان هذا العام وهو ما يعكس المخاوف بشأن حالة الاقتصاد العالمي ويقلل نسبيا بريق دورة 2010 من حيث عدد النجوم.

أزمة اقتصادية

وقال المخرج تيري فريمو مدير المهرجان لرويترز «ربما يكون السبب الرئيسي هو الأزمة «الاقتصادية» لأن السينما صناعة .. وهي تحتاج الى الكثير من المال».

وعن سبب تقديمه دورا بارزا أداه من قبل ايرول فلين ودوغلاس فيربانكس وكيفن كوستنر قال راسل كرو «هل اؤمن حقا بالدوافع او القصة التي وراء اي من افلام روبن هود التي قدمت سابقا؟ عندما بدأت افكر في الامر من هذا المنطلق كان جوابي هو لا. أردت اكتشاف الدوافع الأساسية وراء إيثار هذا الرجل للاخرين على نفسه».

وقالت بلانشيت -التي تؤدي دور مارين المشاكسة التي تعتمد على نفسها- انها ايضا لم تستلهم الشخصية من الممثلات اللاتي ادين الدور سابقا امثال اودري هيبورن واوليفيا دي هافيلاند.

والفيلم الاميركي الوحيد داخل المسابقة هو «لعبة نزيهة» للمخرج دوج ليمان وبطولة ناعومي واتس في دور فاليري بالم عميلة الاستخبارات الاميركية (سي.اي.ايه) التي كشف عن هويتها في 2003 وشون بين في دور زوجها.

فيلم أميركي

ويشارك المخرجان وودي الن واوليفر ستون بأحدث افلامهما في المهرجان لكن خارج المسابقة الرسمية بينما تظهر السينما الاسيوية بصورة قوية في كان مع تصدرها لافلام ذات ميزانيات صغيرة لمخرجين مغمورين من جميع انحاء العالم.

وسيكون فيلم ستون «وول ستريت .. المال لا ينام» الذي يعيد فيه مايكل دوغلاس تقديم دور رجل المال جوردون جيكو الذي اداه في 1987 من بين اكثر الموضوعات المرتقبة في المهرجان والذي يركز على الفساد والجشع في البنوك الكبرى بالعالم.

وسيقدم الن احدث افلامه «ستلتقي بغريب طويل غامض» ومن المتوقع ان يعرض فيلم مايك جاجر «ستونز في المنفى» عن فريق رولينج ستونز الموسيقي في قسم الافلام الوثائقية وهو يدور حول تسجيل الفريق لالبوم «المنفى في الشارع الرئيسي». 

مطالبة فرنسية بـ«الإفراج الفوري» عن الإيراني بناهي

دعت فرنسا على لسان وزيري الخارجية والثقافة برنار كوشنير وفريدريك ميتران الى «الافراج فورا» عن المخرج الايراني جعفر بناهي المدعو الى المهرجان كعضو في لجنة التحكيم.

وقال الوزيران في بيان مشترك «إنه أحد اعرق ممثلي السينما الايرانية وله مكانه المميز في المهرجان الذي دعي الى أن يكون عضوا في لجنة التحكيم في دورته للعام 2010». وأضاف الوزيران «ندعو الى الإفراج الفوري عنه ونطلب من السلطات الايرانية احترام الحق الاساسي بالتعبير والابداع للشعب الايراني».

وتتهم وزارة الثقافة والتوجيه الايراني جعفر بناهي (49 عاما) وهو من سينمائيي «الموجة الجديدة» في السينما الايرانية والذي يدعم علنا المعارضة للنظام في ايران بانه «أعد فيلما ضد النظام يتناول الاحداث التي تلت الانتخابات» الرئاسية في إشارة الى التظاهرات التي قمعت بقوة التي تلت اعادة انتخاب محمود احمدي نجاد في يونيو 2009 ما أثار جدلا كبيرا. 

جوائز

نال السينمائي الايراني جعفر بناهي جائزة الاسد الذهبي في مهرجان البندقية العام 2000 عن فيلمه «الدائرة» والدب الذهبي في مهرجان برلين في 2006 عن فيلم «تسلل».

القبس الكويتية في

13/05/2010

 
 

وصف فرنسا بأرض الحريات... بوشارب أعرب عن سعادته بعرض الفيلم في مهرجان "كان"

رشيد بوشارب: الذين هاجموا "خارجون عن القانون" لم يشاهدوه

القاهرة - mbc.net

خرج المخرج الجزائري رشيد بوشارب عن صمته إزاء حملة الهجوم العنيفة التي تعرض لها فيلمه "خارجون عن القانون" من جانب اليمين الفرنسي المتطرف بتهمة تزييف التاريخ والإساءة إلى فرنسا.

ودعا بوشارب، من مدينة لوس أنجلوس إلى الهدوء، معربا عن أمله في أن تتم مناقشة الاختلافات حول ما أسماه الفيلم "المتخيل" في هدوء تام، وذلك من خلال رسالة وجّهها إلى مهرجان "كان".

وقال المخرج الجزائري "هناك إشكالية حول فيلمي أثيرت منذ 3 أسابيع، حتى قبل أن يعرض في مهرجان (كان)، والذين شاركوا في هذا النقاش لم يشاهدوه بعد"، بحسب صحيفة "الخبر" الجزائرية 14 مايو/أيار.

وأضاف "أمام هذه المشاعر.. ولأجل تهدئة النّفوس يجب أن أذكّر بشيئين؛ الخارجون عن القانون فيلم متخيل، وملحمة تحكي قصة ثلاثة أخوة جزائريين وأمهم في فترة تمتد على مدى 30 سنة في منتصف سنوات الثلاثينيات، قبل استقلال الجزائر سنة 1962".

وأوضح أنه من المفترض أن السينما تعالج كل القضايا بدون استثناء، كما دافع المخرج الجزائري بقوة عن اختياراته للقضايا التاريخية والموضوع الحالي، بقوله "أنا أقوم بعمل تاريخي كمخرج.. وبكل إحساسي، دون أن أجبر أحدا على أن يتقاسم ذلك معي".

ورأى أنه بعد عرض الفيلم "سيكون الوقت قد حان لفتح نقاش عام حول الموضوع"، لكن في المقابل أكد بوشارب أنه من المتمسّكين بحرية التعبير، ومن هذا المنطلق يرى أنه من الطبيعي أن يكون هناك من يختلف معه في رؤية الفيلم أو يرفضه.

وأكد بوشارب أن العالم بأسره يدرك أن فرنسا هي أرض الحريات، وقال "أنا فخور بعرض فيلمي في أكبر وأرقى المهرجانات، وأتمنى أن يتم هذا العرض في إطار الاحترام المتبادل وفي جو هادئ".

وكانت لجنة فرنسية مناهضة لعرض الفيلم الجزائري "الخارجون عن القانون" بالدورة المقبلة لمهرجان "كان" السينمائي الدولي قد طالبت بتنظيم مظاهرة ضخة تزامنا مع عرض الفيلم بالمهرجان، تعبيرا عن الاحتجاج لما حمله من أفكار.

وشددوا على أن الفيلم يحمل مغالطات تاريخية كبيرة، وتزويرا للتاريخ، خاصة حول مجازر 8 مايو/أيار 1945، التي وقعت بين الجزائريين والاحتلال الفرنسي.

وقالت اللجنة -التي أطلقت على نفسها اسم "من أجل الحقيقة التاريخية كان 2010"، في بيانٍ لها- إن عرض الفيلم بالمهرجان يمثل "استفزازا داخل الدار الفرنسية"، و"مكيدة سياسية ستجري تحت غطاء حدث ثقافي ذي سمعة دولية".

ويدخل فيلم "الخارجون عن القانون" ضمن ما يسمى بسينما الحرب، وهو إنتاج مشترك "جزائري-فرنسي"، ممثلوه الأساسيون مغاربة، بالإضافة إلى المخرج الجزائري؛ حيث يشارك فيه جمال دبوز، ورشدي زام، وسامي بوعجيلة.

ويتطرق الفيلم -الذي يعتبر استمرارا لفيلم "أنديجان"- إلى فترة من تاريخ الجزائر المستعمرة، ويتعرض بالأخص لأحداث 8 مايو/أيار عام 1945 والحركة الوطنية، وميلاد جبهة التحرير الوطني.

الـ mbc.net في

14/05/2010

####

«بوشارب» الجزائري أثار «جدلاً» بفيلمه في «كان»

«خارجون عن القانون» تحريف للتاريخ أم اعتراف بعدوانية الاستعمار الفرنسي؟

كتب بداي الضاوي: 

·         اليمين الفرنسي ينتقد إدراج الفيلم ضمن المسابقة ويراه «تهويلاً» لمجزرة 1945

·         بوشارب «مدافعا»: القصة خيالية بـ «مشاعري الشخصية».. وأتمنى عرضه في جو من الاحترام

فيلم المخرج الجزائري رشيد بو شارب (خارجون عن القانون) أثار لغطا كبيرا في الصحافة الفرنسية في الفترة الأخيرة وكان أغلب المنتقدين له هم من اليمين السياسي الفرنسي والصحافة التابعة له التي ترى ان قصة الفيلم هي تحريف للتاريخ وتهويل لأحداثه خاصة في تركيزه على المعاناة التي كان يعيشها الشعب الجزائري تحت الاستعمار الفرنسي، ما جلب نقدا وجدلا كبيرين لمهرجان كان لاختياره الفيلم ضمن المسابقة الرسمية بينما يرى الجانب الآخر ان الفيلم هو اعتراف بحقيقة تاريخية وتصوير لعدوانية الاستعمار الفرنسي اللاانسانية ومجازره الاستعمارية، ويصور الفيلم في خلفيته الدرامية مجزرة حقيقية قام بها الجيش الفرنسي في تاريخ الثامن من مايو 1945 باسم الدفاع عن السكان الفرنسيين في الجزائر والذين كانوا في حقيقتهم وجوداً استعمارياً تم خلالها قتل أكثر من خمسة وأربعين ألف مواطن جزائري.

رسالة بوشارب

هذا الجدل الذي زاد عن حده استدعى المخرج رشيد بو شارب توجيه رسالة لمهرجان كان نشرت على الموقع الالكتروني للمهرجان امس الاول يوضح فيها المخرج موقفه من هذا اللغط وجاء فيها مايلي: «على مدى الأسابيع الثلاثة المنصرمة، برز جدل بشأن فيلم (خارجون عن القانون) الذي سأقدّمه في المهرجان، غير ان الأشخاص الذين يشاركون في اثارة هذا الجدل لم يشاهدوا الفيلم بعد، وعليه، وسعيا مني الى تهدئة الأوضاع، يجب ان أذكّر أمرين مهمين: أولا - الفيلم خيالي يروي قصّة ثلاثة اخوة جزائريين وأمّهم على مدى أكثر من ثلاثين سنة، من منتصف ثلاثينيات القرن المنصرم الى استقلال الجزائر في 1962».
ثانيا - من أدوار السينما تناول جميع المواضيع، وأنا أضطلع بدوري كمخرج سينمائي وأضفي على عملي الفني مشاعري الشخصية ولا ألزم أحدا على مشاطرتها، بعد عرض الفيلم يجب ارساء حوار عام بشأن الموضوع المثار، ومن الطبيعي ألاّ يشاطرني الجميع الرأي، ولكنني أتمنى ان يتم التعبير عن الآراء المختلفة في الجو السلمي والهادئ الذي يميّز كل حوار وتبادل آراء.

«جدير بالذكر ان فرنسا تعتبر في العالم بأسره أرضا لحرية التعبير وأنا فخور بتقديم فيلمي ولاسيما في أكثر المهرجانات شهرة مهرجان (كان)، أتمنى ان يُجرى عرض الفيلم في جو هادئ يميّزه الاحترام المتبادل».

الفيلم كتب له السيناريو أيضا مخرجه رشيد بو شارب ويشترك في بطولته جمال ديبوزي وسامي بو جيلا والاثنان شاركا في فيلم المخرج السابق عن الاستعمار الفرنسي أيضا (الأصليون) وهو من انتاج فرنسي جزائري بلجيكي تونسي ايطالي مشترك، وقد جدول عرض الفيلم ضمن المهرجان في اليوم السابق لختامه أي في الثاني والعشرين من هذا الشهر.

الوطن الكويتية في

14/05/2010

 
 

خلاف بين مديريه الحالي والسابق

العواصف تحيط بدورة "كان" الـ 63

العواصف تحيط بمهرجان “كان” في دورته الثالثة والستين هذا العام . الذي واجه احتمالات وصول او عدم وصول المتوجّهين عليه، تبعاً لانتشار أو عدم انتشار رماد البركان الآيسلندي فوق شمالي وغرب أوروبا، كما ان لديه مشاكل أخرى تجعل دورته هذا العام محطّة لن نستشف نوعها الا بعد أيام من بدايته .

من ناحية أولى، فإن الخلافات نشبت بين مدير المهرجان السابق، جيل جاكوب، ومديره الحالي تييري فرميو بسبب احتمال أن يكون الثاني أخلّ بتقليد صارم من تقاليد المهرجان، عندما وافق على ادخال مسلسل تلفزيوني صنعت منه الشركة المنتجة (قنال بلوس) نسخة للسينما بعنوان “كارلوس” ويدور عن المعتقل الشهير كارلوس، الى العروض الرسمية . وجهة نظر جيل جاكوب هي أن لا تبرير لقبول دخول فيلم تلفزيوني الى أي من العروض الرسمية للمهرجان لأنه يُقام احياء للسينما وتكريماً لها وليس لأي صناعة أخرى . وجهة نظر فرميو تستند فقط الى أن الفيلم المذكور يستحق الدخول بسبب تقنيّته وجودته العالية . لكن الحقيقة هي أن المدير الفني تعرّض لضغط كبير من الشركة المنتجة التي هي واحدة من أهم الشركات الداعمة للمهرجان . وتقول الصحف الفرنسية حول هذا الموضوع إن عملية لَيّ ذراع مارستها الشركة في هذا الصدد نتج عنها اصرار فرميو على انتهاك قرار مجلس ادارة المهرجان وعرض الفيلم مهما كان الثمن .

هناك لَي ذراع آخر قامت به المحطّة التلفزيونية قبل أيام ليست بعيدة عندما قررت استخدام بند في الاتفاق ينص على أن تتولّى تغطية كل نشاطات المهرجان . سابقاً كان هذا الأمر عملية ذات اتجاهين . المحطّة كانت تكتفي بالتغطية المنفردة لحفلتي الافتتاح والختام إلى جانب الأولوية في شؤون ومقابلات خاصّة الى آخر منظومة التغطية المهنية المفترضة، لكنها كانت، بقصد او من دونه، تترك الباب موارباً لمؤسسات تلفزيونية أخرى تلتقط المناسبة وتبثّها بالموازاة . هذه المرّة قررت “قنال بلوس” أن تستخدم كل حقّها في هذا الشأن وتطلب من المهرجان منع المحطّات الأخرى من التغطية المشاركة .

المسألة ليست بهذه السهولة: المحطّات الأخرى احتجّت وهددت بالمقاطعة ونحن هنا بانتظار نتائج المفاوضات لأن “كان” أول من يعلم بأهمية الاعلام والانتشار اليومي في الوسائط جميعها، وبنى عالمه كله على هذا الأساس .

الفيلم الذي اختاره مهرجان “كان” للافتتاح يحكي قصّة الشخصية الأسطورية روبين هود، الذي حسب ما اشتهر به، كان يسرق من الأثرياء ليعطي الفقراء . وهو أحدث ما أخرجه البريطاني ريدلي سكوت، الذي يعيش ويعمل في الولايات المتحدة منذ أن انتقل اليها في منتصف السبعينات في القرن الماضي مع شقيقه توني سكوت شريكه في “سكوت فري”، المؤسسة الانتاجية النشطة .

الجديد هنا هو أننا لن نشاهد روبن هود يقوم بمثل هذه السرقات (باستثناء مشهد واحد) وذلك لأن المخرج وكاتبه برايان هيلغلاند اختارا البحث في الفترة التي سبقت أعماله الانتقامية وتوصّلا الى سيناريو جديد وجيّد يبدأ بالحديث عن مذبحة الصليبيين ضد المسلمين، ولو ذكراً، وينتهي بتصوير مذابح الفرنسيين في البريطانيين .

بالنسبة لريدلي سكوت فان “روبن هود” ليس اعادة لأي من الأعمال السابقة التي دارت حول هذا الثائر وجماعته، بل اختار سيناريو جديداً يبتعد عن الكليشيهات المعهودة ويبحث عن قيمة جديدة ومبرر جيّد لتقديم الحكاية من جديد . وهذا وحده سيكون تحدّياً تجارياً كون جمهور اليوم عادة ما يبحث عن أبطال من ألعاب الفيديو وليس أناساً من التاريخ .

وهذه ليست المرّة الأولى التي يختار فيها سكوت حكاية تاريخية وربما على كثرة زياراته لتواريخ متعددة، وأماكن أحداث مختلفة، يعكس حبّاً للنوع الذي كان فيما سبق يُسمّى ب الملاحم التاريخية والآن يعتبرونه . Period Drama  أو دراما زمنية

المرّة الأولى التي لجأ فيها سكوت الى التاريخ كانت عبر فيلمه “المتبارزان” الذي عرضه سنة 1977 في المهرجان الفرنسي ذاته وكان من بطولة كيث كارادين وهارفي كايتل مع ألبرت فيني وادوارد فوكس .

وفيلمه الثاني في هذا الاتجاه هو “أسطورة” الذي قام ببطولته سنة 1985 توم كروز وميا سارا . انه ليس تاريخياً فحسب، بل هو مغامرات فانتازية موضوعه في العصر الوسيط حيث كان للخرافات والأساطير مكانها المحسوب في الثقافة الشعبية .

وسنة 1992 وبعد فيلمين بوليسيين هما “أحد لحراستي” و”مطر أسود” ودراما تشويقية عنوانها “ثلما ولويز”، أنجز فيلمه الثالث في هذا الاطار وهو “قهر الفردوس” الذي أنجزه بمناسبة الاحتفال بمرور 500 سنة على اكتشاف كريستوفر كولمبس القارة الأمريكية، ولو أن كلمة اكتشاف مشكوك فيها الا اذا اعتبرنا أنه أول اكتشاف أوروبي .

من بعد هذا الفيلم أمضى ريدلي سكوت نحو ثماني سنوات حقق فيها فيلمين فقط هما “صرخة بيضاء” و”جي . آي . جين” . وكلاهما حقق نجاحاً محدوداً . لكنه في 2000 أنجز واحداً من أكبر نجاحاته الى اليوم وذلك في الفيلم التاريخي “المصارع” مع راسل كراو، ذات الممثل الذي يؤدي هنا شخصية روبن هود، في دور الثائر الروماني الذي ينتفض على معتقليه ويحرر نفسه من العبودية لينتقم من قتلة زوجته.

كل واحد من هذه الأفلام كان لا بد له أن يأتي كبير الحجم، فهذه صفة من صفات الفيلم التاريخي، لكن “المصارع” كان أكبرها حجماً وأكثرها ملحمية على خطى الأفلام التي انتجها العالم من هذا النوع من أيام السينما الصامتة . السينما الأمريكية لم تكن شاهدت فيلماً من نوعه منذ زمن بعيد لكن مغامرة سكوت الانتاجية حققت هدفها، بل كانت السبب الذي من أجله شاهدنا أوليفر ستون يستعجل الخطى لتحقيق فيلمه المعروف “الاسكندر” ليتبعه زاك سنايدر بفيلم “300” ولو أن هذا الفيلم شكلياً تاريخي، حيث إن معظمه تم تنفيذه على الكمبيوتر .

5 أفلام آسيوية تنافس على السعفة الذهبية

تتمتع السينما الآسيوية بحضور قوي في كان هذا العام بعد النجاحات التي حققتها في دولها، وتشكل ثلث الترشيحات الرسمية للجوائز .

فمن أصل 19 فيلماً تتنافس على السعفة الذهبية للمهرجان، جاءت خمسة من آسيا وعلى رأسها “شونغكينغ بلوز” للصيني وانغ تشاوشواي الذي عرض أمس .

وكانت الأفلام المنتجة في الشرق الأقصى حققت نجاحاً كبيراً في أكبر مهرجان سينمائي في العالم العام الماضي .

وحصل المخرج الفلبيني بريانت ميندوزا على جائزة أفضل إخراج على فيلمه “كيناتاي” الذي يروي قصة عملية اغتيال ارتكبها شرطيون . كما تميزت الصين وكوريا الجنوبية، الأولى بجائزة أفضل سيناريو على فيلم “سبرينغ فيفر” (حمى الربيع)، والثانية بجائزة لجنة التحكيم التي منحت لفليم “ثيرست” (عطش) لبارك شان ووك .

وهذه السنة، تعود كوريا الجنوبية بفيلم “ذي هاوسميد” (الخادمة) لايم سامسون، و”بويتري” (شعر) للي شانغ دونغ، بينما يقدم الياباني تاكيشي كيتاني فيلم “اوتريج” (غضب) .

باناهي الغائب الحاضر

وضع اعتقال السينمائي الإيراني جعفر باناهي الذي طلبت فرنسا، أمس الأول، إطلاق سراحه، حرية الإبداع في قلب الدورة الثالثة والستين للمهرجان منذ افتتاحه .

وخلال حفل الافتتاح، أبقى أعضاء لجنة تحكيم المهرجان هذه السنة على مقعد فارغ رمزياً مخصص للمخرج الإيراني الذي دعي للمشاركة في اللجنة .

وقالت الممثلة البريطانية كريستين سكوت توماس التي ترأست حفلاً ضم حوالي ألفي ضيف في صالة لوي لوميير في قصر المهرجانات في “كان”، إن “المقعد الفارغ هو مقعد السينمائي الإيراني جعفر باناهي المحتجز في بلده رغماً عنه” .

وكان السينمائي الأمريكي تيم بورتن الذي يترأس لجنة التحكيم طلب أمام الصحافيين إطلاق سراح باناهي .

وجعفر باناهي (49 عاماً) حصل على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية في العام 2000 على فيلمه “الدائرة”، وجائزة الدب الفضي لمهرجان برلين في 2006 لفيلمه “خارج اللعبة” . واتهمت وزارة الثقافة الإيرانية باناهي بأنه “أعد فيلماً حول الحوادث التي تلت الانتخابات” التي جرت في يونيو/ حزيران 2009 .

الخليج الإماراتية في

14/05/2010

 
 

قال إن رحلة العمر كانت شاقة

راسل كرو لـ «الشرق الأوسط»: إنجاز «روبن هود» كان ممتعا

محمد رُضا

خامس لقاء بين الممثل راسل كرو والمخرج ريدلي سكوت، تمت ترجمته إلى دور البطولة في فيلم «روبن هود». وفي حين أن الفيلم يختلف تماما عن أي نسخة سابقة من الحكاية الشعبية، فإن أداء كرو يبقى في نطاق المتوقع منه، مثلما شاهدناه في «غلادياتور» أحد الأفلام السابقة التي أخرجها سكوت، من بطولة هذا الممثل. الأفلام الثلاثة الأخرى هي: «سنة طيبة» و«أميركان غانغستر» و«كيان من الأكاذيب».

راسل كرو نوع من الممثلين الذين يضيفون إلى حضورهم الجسدي المدهم موهبة التشخيص غير المحلاة بطعم الحداثة. إنه لا يمثل للكاميرا، لكنه يدرك أنها موجودة، ويدرك أنها ستعكس ما يستطيع أن يستحوذ عليه من مشاعر وردود فعل نراها تصل إلى الشاشة العريضة بأبسط تقنيات التمثيل، وفي الوقت ذاته لا تتطلب تعقيدا أو أداء مسرحيا، أو طريقة تنتمي إلى واحدة من تلك المدارس التي عرفنا عليها مونتغمري كليفت أو مارلون براندو أو لورنس أوليفييه.

ولد قبل 46 سنة في نيوزيلندا، لكنه عاش، منذ أن كان صغيرا، في أستراليا وأحب التمثيل، وظهر على شاشة التلفزيون الأسترالي. حتى مطلع التسعينات كانت شهرته مقصورة على أستراليا، لكنها ازدادت بفضل بضعة اختيارات صائبة، من بينها فيلم جوسلين مورهاوس «برهان» سنة 1991.

بعد أربع سنوات حط في هوليوود، ومثل أمام شارون ستون «السريع والميت» لسام ريمي، وبعد ذلك بعامين شارك في بطولة الفيلم البوليسي «L.A. Confidential» للمخرج كيرتس هانسون، إلى جانب الممثلين كيفن سبايسي وجيمس كرومويل وغاي بيرس وكيم باسنجر.

لقاؤه الأول مع ريدلي سكوت كان في سنة 2000 حين تم اختياره لبطولة ذلك الفيلم التاريخي حول ثورة عبيد العهد الروماني، كما الحال هنا، وكما الحال في فيلم ريدلي سكوت التاريخي الآخر «مملكة السماء». فالزاوية التي ينظر فيها المخرج إلى الحدث مختلفة وجديدة.

في «روبن هود» يؤدي راسل كرو الشخصية المذكورة بإقناع. وكما أن القصة المسرودة جديدة، كذلك الشخصية التي يؤديها كرو، وبالمقارنة مع نسخ الأربعينات والخمسينات من حكايات روبن هود، فإن بطلنا لا يعكس - طبقا للفيلم - حبا للحركة الكوميدية أو الموقف الهزلي، بل يكتسي تشخيصا جادا مناسبا لمعالجة ريدلي سكوت للفيلم.

التقت «الشرق الأوسط» بالممثل راسل كرو فكان معه الحوار التالي:

·         هذا فيلم يختلف كثيرا عن أي «روبن هود» شاهدناه؛ هل اشتركت في توجيه هذا الاختلاف؟

- هناك جانبان لهذا السؤال؛ بالنسبة لتطوير الفيلم من المادة المكتوبة إلى الصورة التي نشاهدها، فإن اشتراكي كان مساهمة تامة، الجانب الثاني ينتمي إلى اختيارات المخرج، وهذا ليس لي شأن به؛ فهذا أمر يخص المخرج دائما؛ فحين جلسنا، ريدلي وأنا، بعد أن كتب كل منا تصوره عن الفيلم تساءل كل منا إذا ما كانت هناك نسخة سينمائية مصورة رائعة أو بمثل الحجم المنشود. الجواب الذي اتفقنا عليه هو لا، لم يكن هناك فيلم ذهب إلى ما ذهبنا نحن إليه؛ لماذا وكيف ولدت أسطورة روبن هود وما هو التاريخ الحقيقي لهذه الشخصية، في حين أن المعلومات عن بعض الشخصيات الأخرى، مثل شخصية ريتشارد قلب الأسد، كانت متوافرة تستطيع أن ترسم منها صورة فعلية.

الشيء الثابت أن ريتشارد قلب الأسد انطلق ليحارب ما اعتبره حروبا مقدسة تحت راية الكنيسة التي أضفت عليه لاحقا هالات البطولة وساهمت في تخليده. لقد أعادوا كتابة التاريخ الذي لم يكن مجيدا؛ فالحرب الصليبية لم تكن كذلك. وعندما اجتمعنا لكي نخطط الحبكة تبين لنا أن علينا السعي لاستخراج الحقيقة من الفترة التاريخية، وتقديم روبن هود جديد، كذلك ريتشارد جديد. إنجاز هذا الفيلم كان ممتعا لكن الرحلة التي خضناها لكي نحقق العمل كما يجب كانت متعبة.

·         ما الذي حدث للصورة التي نشأنا عليها، تلك التي تتجاهل التحليل مهما كان واقعيا لقاء الصورة الترفيهية المحضة؟

- وجدنا أنه لا مجال لها في عملنا هذا، والسبب هو أن السينما عرفت تلك الصورة كثيرا في السابق، وإلى حد كاف. هذا سبب أول. السبب الثاني هو أننا أردنا أن نسبر غور الشخصية كما لم نعهدها من قبل، ولا تستطيع أن تفعل ذلك مع الشخصية من دون علاقاتها، ومن دون الشخصيات الأخرى، ومن دون أن يصبح الفيلم على هذا النحو العقلاني إذا أحببت. وعلى ذلك - وأعتقد أنك شاهدت الفيلم وقد توافقني - فيلمنا يحمل قيمة ترفيهية كبيرة.

·         هل كنت تعرف كيت بلانشيت شخصيا قبل هذا الفيلم؟

- لم أكن أعرفها حقيقة. طبعا كنت شاهدت لها الكثير من الأفلام، ورأيتها مناسبة جدا؛ فلقد جئت من عائلة ممثلين أستراليين منتشرين اليوم كما تعلم، وتضم كيت بلانشيت وجيفري راش ونيكول كيدمان. ذات مرة كنت ضيفا في حلقة تلفزيونية، وطرحت سؤالا مباشرا على الحضور: «هل تعتقدون أن علينا أنا وكيت بلانشيت تمثيل فيلم معا؟». وكان الجواب مؤثرا؛ حيث قالوا جميعا: «نعم». وكانت كيت تشاهد البرنامج في منزلها، وحين اتصلت بها في اليوم التالي مباشرة، وسألتها إذا ما كانت توافق على تمثيل دور ماريان في هذا الفيلم. قالت بلا تردد: «نعم».

·         كيف كانت إذن خلال التصوير؟

- ربما السائد نظرا لنوعية أدوارها أنها صعبة التعامل، أو أنها تمثل وحدها حتى حين تكون وسط الجميع، لكني وجدتها دافئة ومستعدة للتواصل، وكانت رائعة بشكل يومي.

·     استكمالا للموضوع المتعلق بالمنحى المختلف لهذا الفيلم، هل شاهدت النسخ القديمة التي لعبها إيرول فلاين أو دوغلاس فيربانكس.. وهل حاولت تجنب شيء معين في أدائهما؟

- نعم، شاهدت النسخ التي ذكرتها. وأحد الأشياء التي لم أرد القيام بها هو وضع يدي فوق خاصرتي وأقول شيئا وأضحك (يضحك راسل كرو على طريقة إيرول فلين في فيلم «مغامرات روبن هود» الذي أخرجه مايكل كورتيز سنة 1939) قلت في نفسي إنني لست بحاجة إلى مثل هذا التمثيل. المفارقة أن الكثير مما صورته السينما سابقا اعتمد على ما كتبه السير وولتر سكوت الذي كتب بعد عدة قرون من حياة روبن هود. وكتبها على نحو مغامرات، وليس على نحو توثيقي أو واقعي على أي حال.

·         لعل واحدا من الاكتشافات مسألة أن روبن هود تقمص شخصية روبرت لوكسلي.. هذه لم ترد سابقا على ما أعتقد..

- غالبا لا، رغم أهميتها؛ فروبن كانت له غاية من خلال ذلك، أراد تحقيق غرض معين من هذا التقمص كما تشاهد في الفيلم، لكنه وجد نفسه مضطرا للبقاء داخله لفترة أطول. الشيء الآخر هو أنك إذا ما بحثت في مثل هذا الموضوع تجد نفسك موغلا في ألوف السنين من الحكايات، وعليك أن تفصل بين ما هو واقعي وما هو خيالي.. وهذا ليس سهلا.

·         لا ريب أن تصوير الفيلم بحد ذاته كان مضنيا. هل أنت مستعد لتصوير أفلام أخرى متتابعة من هذا المنوال؟

- نعم. ليست لدي مشكلة من أي نوع. الوجود في مكان تصوير كهذا يمنحني خبرة وطاقة، نعم، هو متعب بدنيا، لكنه ممتع أيضا، خصوصا أنك لا تتعامل مع الحركة وحدها، بل مع 900 نقطة محسوبة تلف حول رأسي كالقمر الصناعي، وعلي أن أتذكر كلا منها في لحظة محددة.

·         لعل جزءا من المتعة هو أنك تحقق أحلامك صغيرا.. ألم تكن تحب تمثيل أفلام الأكشن كما نحن جميعا في هذه السن؟

بالتأكيد، لكن روبن هود لم يكن بين أحلامي.. أو ربما كان.. لا أذكر. لكن هناك أيضا متعة وميزة الانتقال عبر الزمن. خلال ساعات قليلة من استيقاظك كل صباح تنتقل بضع مئات من القرون إلى الماضي. تقوم بتشخيص حياة أخرى في ظروف مختلفة، وفي عالم متناقض تماما. بالنسبة لي هذا الانتقال أمر يثير احترامي؛ لأنني في النهاية أجد أن هذا الجهد لا يجب أن يمر مرورا عابرا، أو أن يُستغل بصورة سهلة أو رخيصة. ومع نهاية يوم التصوير تبدأ بالتفكير بما ستقوم به في اليوم التالي.

·     سمعت أنك وريدلي سكوت تشاحنتما وتجادلتما بصوت مرتفع؛ فهل حدث ذلك فعلا.. هل لك أن تصف كيف تتعامل مع المخرج؛ علما بأن هذا خامس فيلم لكما؟

- ما سمعته ليس صحيحا. طبعا كانت هناك مواقف متعارضة بيننا، لكننا لم نتشاجر، ولم يصل جدالنا حول موضوع ما إلى هذا المستوى؛ فكما ذكرتَ، فإن هذه خامس مرة نعمل فيها معا، وكلانا يعرف الثاني مهنيا معرفة وطيدة. بالتالي لن يكون هناك داع لمواقف بالغة التناقض.

·     قارن - إذا أحببت - بين المرة الأولى التي عملت فيها مع ريدلي سكوت والمرة الأخيرة التي عملت فيها معه.. لا بد أن هناك تغييرا ما..

- نعم، كان يستمع لوجهة نظري أكثر (ضحك)، هذا لأنه لم يكن يعرفني. أما الآن وقد بات يعرفني فإنه لا يبالي (ضحك). لقد تطورت علاقتنا بالطبع عبر سنوات، لكن المصاعب التي يخوضها الفيلم الكبير إنتاجيا كهذا الفيلم - وفي هذا الفيلم على الخصوص - تطورت كذلك. هناك توقعات كثيرة تحيط به، مسؤوليات ومتطلبات، والجميع يرغبون في النجاح دون استثناء، لكن أحيانا ما يجد كل واحد أن وجهة نظره أفضل من وجهة نظر الآخر لإنجاز هذا النجاح أو لضمانه. الشيء الأكيد بالنسبة لريدلي سكوت، الذي أسانده فيه تماما، أنه لم يكن يريد فيلم أكليشيهات. وهو يعلم ما لديه من إمكانات، وما هي حدوده، ويعلم أن عليه إنجاز تصوير فيلم بهذا الحجم ضمن الميزانية، وضمن أيام التصوير المحددة في الروزنامة. قد نتناقش ونبحث طويلا، ونختلف في وجهات النظر، لكنه يفهم إخلاصي للعمل، وأفهم مسبباته، وحين يقف هو وراء الكاميرا، وأقف أنا أمامها نكون مقتنعين بما نقوم به. لا مجال لغير ذلك. حتى لو كنت تدرك أن وجهة نظرك صائبة، وحتى لو كان يدرك أن وجهة نظرك صائبة، لكنه لا يستطيع التجاوب معها؛ لأنها ستؤدي إلى تغيير أماكن تصوير، أو تصوير لقطات أطول من المشهد.

ريدلي سكوت من أبرز الفنانين البصريين في هذه المهنة. وأنا أحترم عطاءه وقدراته ورؤيته وقراراته؛ لذلك أؤكد أن ما أشيع ليس صحيحا على الإطلاق.

·     روبن هود دائما كان الصورة الرمزية للبطل الذي يواجه - كما نشاهد في هذا الفيلم - غياب العدالة. هل تعتقد أن الفيلم يرمي إلى ربط هذا المفهوم بغياب العدالة في أنحاء كثيرة من العالم اليوم؟

- روبن هود ليس شخصية دولية الشأن في الأساس. ليس غاندي مثلا؛ لأن المفهوم مختلف، وعالم روبن هود كان محددا بالدولة الإنجليزية حينها. لكن هناك مثل روبن هود كثيرين حول العالم، أناسا يجتهدون في سبيل تحقيق عدالة اجتماعية، لكن علينا أن نكون حذرين، وألا نخرج الفيلم عن حدوده، لكن نعم. من وجهة نظري الشخصية هناك بالفعل غياب للعدالة في أنحاء كثيرة من العالم، وهناك شعوب تعاني من دون داع.

·     ما رأيك بالبطولات الخارقة التي توفرها اليوم مؤثرات الكومبيوتر غرافيكس والنصوص الآتية من مجلات الكوميكس.. هل بحثت هذا مع ريدلي خلال تحضيركما للفيلم؟

- لا، لم نتناول موضوع أفلام «البوبكورن» هذه؛ لأن غايتنا كانت إيجاد العنصر الإنساني في كل هذه الحكاية، والتركيز عليه، وحالما تفعل ذلك فإن شخصية البطل ومفهوم البطولة يتغير تلقائيا أو هو مختلف في الأساس. طبعا كان لا بد من استخدام المؤثرات في عدد من المشاهد. لكن لا شيء من ذلك كان بغرض التدخل في القصة، وتحويل الفيلم إلى استعراض تكنولوجي.. شاهدتَ الفيلم وتعلم ما أقصده. ريدلي استخدم المؤثرات بالطريقة ذاتها التي استخدمها سابقا في «غلادياتور» أي: من دون طغيانها على الفيلم نفسه. وبين الفيلمين نحو عشر سنوات تطورت فيها هذه التقنيات إلى حد بعيد. ربما كان لدى مخرج آخر استعداد أكبر لذلك، وربما في هذه الحالة لم أكن سأوافق على تمثيل الفيلم.

الشرق الأوسط في

14/05/2010

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)