كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

فيلم افاتار للمخرج جيمس كاميرون

الصراع وفكرة الغزو تتجدد ولو بعد مئة عام

د. طاهر علوان

عن فيلم

أفاتار

AVATAR

   
 
 
 
 

·         جندي من المارينز يتساءل: "من اجل ماذا يسلمون اوطانهم ؟ من اجل البيرة الخالية من الكحول والجينز الأزرق؟"

·         الدراما الفيلمية تتصاعد وتجد الأحداث دافعيتها في ظل صراع شرس من اجل البقاء

·     افاتار فيه مساحة هائلة من الأبتكار الذي لم يسبقه اليه فيلم آخر: ابتكار الشخصيات، ابتكار البيئات، ابتكار الكائنات والمخلوقات الغريبة وابتكار الشكل السينمائي

·         قصة اقوام (النافي) في الفيلم تتماهى وتلتقي مع العديد من قصص الشعوب المقاومة للغزاة على مر العصور

·         من اهم الأبتكارات هو مجتمع ال "اومي تيكايا" الذي صنعه كاميرون في هذا الفيلم

·         نقلة هائلة على صعيد الصورة الثلاثية الأبعاد والمزيج الخلاق بين الواقع والمقابل الأفتراضي

·         لماذا حجبت الجوائز الكبرى للأوسكار عن افاتار ومنحت لخزانة الألم؟ 

ترى الى أي مدى يمكن ان تمتد رغبة الأنسان ، طموحه وسعيه، ان يخرج من كينونته الآدمية متحولا الى كائن آخر يعيش في ازمنة واماكن اخرى ، يستكشف فيها عوالم غير مرئية ولامدركة بالحواس البشرية المعتادة ..والى أي مدى يمكن ان نمضي مع هذا الخيال المتدفق الجامح ؟

لاشك ان لاحدود تحد هذا الخيال ، ولا اطر تؤطره مادام قادرا على مزج واقعه وكينونته الفيزيائية بواقع وكينونة اخرى لاسيما في ظل المزيد والمزيد من الأخبار والتنبؤات والأبحاث في موازاة الخرافات التي تتحدث عن وجود كائنات وعوالم اخرى تعيش بعيدا عنا بملايين الأميال بل ان هنالك من يتحدث عن اقوام يعيشون في كواكب بعيدة وهم على مستوى متقدم في ميادين العلم بل يمتلكون خارقيات لاقبل للعقل البشري باستيعابها .

من هنا تجد افلاما وقصصا من هذا النوع قبولا ورواجا ونجاحا ويستقبلها الكبار والصغار بمزيد من الأهتمام ..وهكذا اطل المخرج ذائع الصيت (جيمس كاميرون ) صاحب التيتانيك ومحطم الرقم القياسي في الواردات في شباك التذاكر متجاوزا المليار دولار ، يطل علينا في فيلم (افاتار) ليصنع في اوساط جمهوره دهشة عظيمة وغير مسبوقة مصحوبة باهتمام اعلامي ودعائي كبير ..فالأفاتار ، ذلك الكائن الذي انتجته مختبرات التجارب والأبحاث الأمريكية صارت ولادته بمثابة ولادة عصر جديد للسينما يدشنه كاميرون من خلال التقنية ثلاثية الأبعاد التي قدمت عالما ساحرا وخلابا مليئا بالأساطير والدهشة وصولا الى التفاعل الذي يستشعره المشاهد مع ذلك الأفاتار العجيب ..

مختصر القصة

تقرر قوات المارينز الأمريكية ان تنفذ خطة اجتياح كوكب بعيد عن الأرض بعد عدة عقود من الآن وازاحة السكان الأصليين لغرض السيطرة على معدن ثمين يسمى (يونوبتانيوم) ، ولهذا الغرض يقرر ارسال الجندي جايك (الممثل سام وورثنغتون ) بديلا عن شقيقه الذي قتل في حادث وبسبب الخريطة الجينية لكل منهما يتم ارسال هذا الجندي المشلول والذي يتنقل على كرسي متحرك الى ذلك الكوكب ولكن بعد اخضاعه الى برنامج مكثف ومعقد يتحول فيه الى افاتار ، كائن بطول ثلاثة امتار ، ازرق اللون وله ذنب ، ولكنه وهو يصل الى ارض ذلك الكوكب يبقى على اتصال مع جسده الأصلي الذي يخزن في شبه تنويم مغناطيسي وبعد وصوله الى كوكب(باندورا) المجهول يعيش مغامرات عدة ويقع في غرام فتاة ويحتجز بقصد التخلص منه لكن ملكة الكوكب تقرر الأفراج عنه في مقابل ان تعلمه ابنتها عاداتهم ولغتهم وينتهي به المطاف الى التعاطف مع سكان الكوكب وانضمامه للدفاع عنهم ضد غزو المارينز في معركة غير متكافئة تستخدم فيها امريكا – كالعادة- جيوشها الجرارة واسلحتها التدميرية الفتاكة وتكنولوجيتها المتقدمة في مقبل قتال اهل ذلك الكوكب بالقوس والنشاب و العقيدة الروحية العميقة لتندحر قوات المارينز في النهاية .

بين الميثولوجيا والتكنولوجيا

لعل اول مايلفت النظر في هذا الفيلم هو ذلك المزيج المدهش مابين الميثولوجيا وبين مستحدثات العصر التكنولوجي ، فقصة اقوام (النافي) .ربما تتماهى وتلتقي مع العديد من قصص الشعوب المقاومة للغزاة على مر العصور ، كما ان ايمان سكان الكوكب بالغيب والميتافيزيقيا هو عزف آخر على وتر الشعوب التي تعيش في داخلها معتقداتها الروحية دون ان تتخلى عنها ، ولهذا يتم التنويع على تلك العقيدة الروحية من خلال اظهار مشاهد الغناء او الصلاة او التراتيل الجماعية والثقة بالطاقة الروحية التي تنطوي عليها تلك الشجرة العملاقة المسماة (شجرة الأسلاف) والتي تقع تحت ظلالها وفي اكنافها مقتلة عظيمة تنتهي بأحراق الشجرة ماديا دون ان تحترق الروح والطاقة الروحية التي تختزنها تلكم الشجرة لاسيما وانها شجرة تنطوي على صلة عميقة مع الأجداد ، وتجد في حديث الأم الملكة الكثير من تلك الترانيم والطقوس التي تنتشر في ثقافات الهنود والأزتيك والبوذيين وغيرهم مما تم مزجه عبر شخصيات تلك القبيلة ، وفي مقابل ذلك تبرز التكنلولوجيا في ارقى ماوصلت اليه العبقرية العسكرية والأستخبارية والتجسسية الأمريكية ، انهم جميعا يقيمون في شبه مكوك يديرون عملية التخطيط لغزو الكوكب ، والتكنولوجيا هنا هي الوجه المقابل العكسي لتلك العوالم المطموسة والمجهولة لسكان الكوكب ، ومابين تلك الكفاءة التكنولوجية في المراقبة والرصد وفي الطائرات والمروحيات غريبة الأشكال ، يبقى الهدف واحد الا وهو : الغزو والأحتلال ، استخدام التكنولوجيا للأستحواذ على ثروة شعب مسالم ينظر اليه المارينز على انهم مجرد حيوانات جاهلة لاتستحق ان تمتلك تلك الثروة.

مجتمع "اومي تيكايا"

من الأبتكارات الخلاقة التي ابدعها جيمس كاميرون : سيناريو واخراجا وتصويرا ومؤثرات وخدعا بصرية وادارة انتاجية و ادارة فنية ، من اهم هذه الأبتكارات هو مجتمع ال "اومي تيكايا" الذي صنعه في هذا الفيلم ، انه مجتمع افتراضي والكائنات فيه افتراضية ، لكنها تمتلك سر قوتها الخاصة ابتداءا من الملامح المشتركة للشخصيات التي تم نحتها بعناية فائقة وتقديم كائنات لايملك المرء الا ان يتوقف عندها وقد لايقبل اشكالها للوهلة الأولى متسائلا ان كانت شريرة ام طيبة ؟ واذا كانت شريرة فأنها تبرر استئساد ( الأصدقاء الأشاوس ) مارينز امريكا لتأديبهم وتلقينهم درسا ديموقراطيا ، ولكنك سرعان ماستقبل تلكم الشخصيات وتسيغ طباعها ثم تدريجيا تحب خفة حركاتها ثم تندهش من بساطتها ثم تعجب بطيبتها ثم تتفاعل مع حكمتها ثم تجزم ان ماتراه ليس الا مجتمعا مسالما يكتنز قوة روحية تعينه على البقاء هكذا كأي مجتمع بدائي بسيط ولكنه ليس مجتمعا من آكلي لحوم البشر بل انه مجتمع متسامح بدليل انه قبل اكثر من واحد ممن يسمونهم (سكان السماء) وكان جندي المارينز احد الذين قبلت تلك القبيلة ان يكون عضوا فيها .

ويضاف الى خواص ذلك المجتمع انه ومن وجهة نظر انثروبولوجية يمتلك مقومات المجتمع المنظم ، وفيه تركيبة اجتماعية متماساكة وتسود فيه قيم الطاعة والألتزام والعمل المثابر ومازلنا في حدود مجتمع افتراضي ولكنه مجتمع حي مع ان افراده غرباء الأشكال بأطوالهم التي تقترب من ثلاثة امتار واشكال عيونهم وانوفهم فضلا عن الذنب المدهش الذي يتلوى اسفل ظهورهم .

وتكمل كل هذا بيئة افتراضية ، بيئة ساحرة ومدهشة وكل ماستقوله عنها قليل ، فأشكال الشجر والزهور والجبال والسهوب والوديان والبحيرات والأحراش لاتملك ازاءها الا ان تعجب وتتعجب من تلك العبقرية التي انتجت كل هذا الجمال ، لتكتمل الصورة مع تلك الكائنات الطائرة او الزاحفة ، اشكال افتراضية لحيوانات تشبه الديناصورات لكنها بأجنحة تحلق بخفة وتناور في الجو بخفة تبز فيها الطائرات المقاتلة ثم هنالك تلك الكائنات الطائرة المسماة (ايكران) وهو نوع وحشي منه ومن يستطيع قهر الأيكران هذا فأنه يستحق ولاء القبيلة واحترامها لأن ذلك يعني انه يمتلك قوة خارقة وذلك مايحصل مع صاحبنا ( الأفاتار- جندي المارينز سابقا) والذي تنحني له القبيلة وتتوله فاتنتهم ( نايتيري- الممثلة زاو سالدانا ) وتتيه فيه حبا وغراما .

مجتمع المارينز

هنالك في المقابل مجتمع المارينز الذي فيه مافيه من طباع الفرد الأمريكي وكذلك طباع وكلمات وسلوكيات وحركات الجنود الأمريكان المارينز الذين كرست (الميديا ) الأمريكية الجبارة كل عبقريتها وامكانياتها لتمجيدهم وارعاب الناس من بطشهم ، هذا المجتمع سيتمثل سريعا في افواج من المحاربين المكلفين بغزو ذلك الكوكب دون ان يسأل واحدهم : لماذا ؟ وما جريمة اولئك القوم كي نحرقهم بالقاصفات وندمر ارضهم ونحرقها بالقنابل ونمزق اجساد ابنائها ...لماذا؟ لا احد يسأل هذا السؤال ولا احد يجيب ماعدا وصف احدهم سكان ذلك الكوكب الذين يعيشون في شبه محمية طبيعية ويكتنزون طاقة روحية اذ يقول فيهم قولا مأثورا :

" الأقوام الذين لديهم تواصل روحي هم مجرد حيوانات بذنب"

وفي المقابل هنالك صوت هامس مستنكر ساعة صعود المارينز تلك المركبة التي ستقلهم الى ذلك الكوكب اذ يقول :

"المارينز المدافعون عن الحرية هم هنا مجرد صعاليك"

ومايلبث آخر ان يردد معبرا عن فكرة الغزو ومسخ ثقافة الآخر قائلا:

" من اجل ماذا يسلمون وطنهم ؟ من اجل البيرة الخالية من الكحول والجينز الأزرق؟"

هذه هي المعادلة التي تلخصها مهمة المارينز ، انهم خاضعون لسلطة الجنرال العدواني (ستيفن لانج ) في مقابل تعاطف العالمة (جريس – الممثلة سيجورني ويفر) التي تمثل نقطة توازن انساني تدفعها الى اكتشاف تلك الأقوام المجهولة لأقامة صلة معها ومع كوكب الأرض دون ان يقع في خاطرها فكرة القتل والغزو وهي التي تعيش حلمها الكبير ان تصل الى الشجرة المقدسة لأخذ عينة منها ومن جبال (الهلالويا) وتكون المفاجأة انها تلفظ انفاسها تحت تلك الشجرة المقدسة معبرة عن تواصل روحي مع اموات تلك القبيلة وفيما مجتمع المارينز مدجج بالتكنولوجيا المتقدمة ، بالقاصفات والقنابل والمروحيات الهجينية الغريبة التي ابدعتها عبقرية المخرج ، الحاصل انك لاتخرج من مجتمع المارينز الا بصورة نمطية للجيش الذي لايقهر واذا بتلك القبيلة البدائية تحطم كل ذاك الكبرياء بفضل الطاقة الروحية والدفاع المستميت الذي مارسه افراد القبيلة وبالطبع مع مهارات الأفاتار الذي ابلى بلاءا حسنا وعلى يديه كان اندحار الجنرال الشرس والعدواني الذي بمقتله ينتهي كل شيء وذلك في مشهد صراع شرس وقتال دامي يشبه كثيرا العاب الفيديو التي يولع بها الفتيان والفتيات بمعنى اني اعده من اضعف مشاهد الفيلم على الأطلاق .

الدراما الفيلمية والبنية السردية

مما لاشك فيه ان فكرة الصراع هي فكرة راسخة وعميقة في هذا الفيلم ، فالدراما الفيلمية تتصاعد بشكل منطقي وتجد الأحداث دافعيتها وتصعيدها ، وتتدرج تلك الدراما في ظل صراع شرس من اجل البقاء وليس اشد قوة درامية من فكرة الصراع من اجل البقاء ، وحتى بالنسبة للأمبراطورية الغازية هنالك دافع لقتل اولئك القوم في ذاك الكوكب ، ربما لأنهم لايستحقون الحياة او لايستحقون تلك الثروة الهائلة المتمثلة في معدن (اليونوبتانيوم ) الثمين ، ربما هو تخريج بشع ولا انساني ولكن (كل قوم بمالديهم فرحون) بمعنى ان الأمبراطورية اذ تخوض صراعها الشرس وتزج بالمارينز زرافات ووحدانا الى محارق الحروب فأنها تكون قد بلغت شأوا في اقناع شبابها بشرعية تلك المهمة وتاليا شرعية هذا الصراع من اجل البقاء ، وعلى هذا ينقسم البناء الدرامي على وفق دافعيات متعددة ولكنها تختصر في دافعية المارينز ودافعية قبيلة (نافي ) ولهذا تنقسم الأحداث بالقسطاس على هاتين الدافعيتين ونمضي الفيلم ونحن اما في مقصورة قيادة المارينز المحجوبة عن التلوث الذي يمثله كوكب (باندورا) لأن خواص المارينز البيولوجية كبشر بحسب الفيلم- لاتمكنهم من العيش في تلك البيئة لأنهم اذا مااستنشقوا هواءها فسيموتون فورا ولهذا يرتدون الأقنعة اذا ماخرجو الى ذلك الفضاء او على ارض الكوكب .

في المقابل تجري اعادة صياغة الزمن الفيلمي بشكل محسوب ودقيق ، مما يمنح السرد الفيلمي قدرا كبيرا من التماسك والموضوعية وينسحب ذلك حتى على الأيقاع الفيلمي مابين بيئتين متباينتين تباينا صارخا ، فالأيقاع عند التصوير على ارض ذلك الكوكب الأفتراضي حيث الحياة البسيطة والتفاعل اليومي مع الطبيعة هو ليس نفسه الأيقاع المتسارع ونحن في مقصورة قيادة المارينز التي تتسيد فيه التكنولوجيا ولغة الكومبيوتر المتطورة ، وعلى هذا اكتسب السرد الفيلمي خواصه المميزة في تأسيس سلسلة من البنى الفاعلة وكمايلي:

- البنية السردية الفاعلة الأولى : وتتمثل في دافعية المارينز للغزو والأجتياح وهي دافعية جمعية بمعنى انها غير مرتبطة بالشخصية الرئيسية في الفيلم او من حولها وهم بضعة افراد وعلى هذا كان من الصعب التخلص من تلك الدافعية او تجاوزها او حرفها عن مسارها بل ان العكس هو الصحيح اذ كانت تلكم الدافعية سببا في اذعان المجموعة لقرار الغزو وهو ماشكل بنية سردية فاعلة محركة لمايلي من نتائج .

- البنية السردية الفاعلة الثانية وهي الدافعية الذاتية : وتتمثل في دخول الشخصية الرئيسية (جندي المارينز ) دائرة الفعل السردي منطلقا اولا كما يبدو للوهلة الأولى من الرغبة في الأكتشاف ربما ، ثم ليتطور الأكتشاف بعد خوض التجربة الى مغامرة غير محسوبة ساعة ان تطأ قدماه ارض الكوكب المجهول فيخوض صراعا مع كائنات ومخلوقات شتى وتتطور تلك المغامرة الى علاقة حب مع ( نايتيري ).

- البنية السردية الثالثة : وتتمثل في دافعية قبيلة (نافي) المدافعة عن نفسها في وجه الغزو والأجتياح والقتل والحرق والتخريب الذي تمارسه جيوش المارينز المدججة بأسلحة الفتك الجماعي ، وهي دافعية جمعية موازية طبعت الشخصيات وكنا ازاء قرارموحد تم بموجبه صياغة الأفعال والأحداث على وفق اتجاه واحد يتمثل في التخلص من ذلك الحتم المدمر ولاسبيل الا بتصعيد السرد الى درجة الصراع الشرس من اجل البقاء .

السينما ثلاثية الأبعاد ابتداءا من افاتار

كلام كثير انتشر مواكبا عرض الفيلم على انه بداية عصر جديد للسينما ثلاثية الأبعاد حتى قال البعض ان هنالك زمنان سينمائيان وتاريخان سينمائيان وهما ماقبل افاتار ومابعده .

ولاشك ان الفيلم يشكل نقلة هائلة على صعيد الصورة الثلاثية الأبعاد وذلك المزيج الخلاق بين الواقع والشخصيات الحقيقية وبين المقابل الأفتراضي لها والذي تصنعه برامج الكومبيوتر المتطورة ، لكن النقطة الفاصلة هنا تكمن في النجاح الباهر الذي وصل اليه صانعوا هذا الفيلم في ادماج المشاهد بذلك العالم الأفتراضي ، بمعنى ان الأحساس السابق المتراكم الذي كان ينظر الى تلك السينما التي انتجتها التقنيات الرقمية بدأ يتلاشى بالتدريج بل ان تفاعلا خلاقا من لدن المشاهدين بأمكانك ان تتلمسه مع كل كل من شاهد الفيلم : هنالك احساس عميق بالطبيعة وحركة الموجودات وماالى ذلك بمعنى ان تلك البيئة الغرائبية لم تعد كذلك بل هي بيئة اليفة وممكن قبولها بل وان نحبها بأشجارها وطيورها ومخلوقاتها الغريبية .

وعلى هذا كانت التقنية ثلاثية الأبعاد في هذا الفيلم قد حققت سبقا ونجاحا سيجعل الآخرين يلهثون للحاق بهذه المخيلة المدهشة التي انتجت كل هذا الجمال اللوني والصوري واعطت للمكان بهاءا حلميا وشاعريا خاصا .

سينما المخرج( كاميرون ) القائمة على ادهاش المشاهد من جهة وتقديم شخصيات وموضوعات مؤثرة كما هي في اغلب ان لم نقل كل افلامه تجدها هنا امام امتحان هائل يتمثل في كيفية نقل تلك المغامرة المكررة الى درجة الملل الا وهي مغامرات حرب النجوم واجتياح كواكب اخرى وخوض الحروب معها ،كيفية نقلها من هذا النطاق الى ماشاهدناه في افاتار ، كيفية تجسيد خيالات الكاتب ( وهو المخرج نفسه) مرورا بالتكنولوجيا الرقمية ثلاثية الأبعاد ؟ اذ لو اخفق الفريق التقني في ترسيخ القناعة لدى المشاهد والتفاعل مع الشخصيات والأحداث لكانت تلك التقنيات ليست اكثر من مؤثرات بصرية مصطنعة .

ولاشك ان المخرج كان ذكيا الى حد كبير في اخياره لذلك الأدماج الخلاق مابين التقنية ثلاثية الأبعاد وبين الخط الواقعي بمعنى ان لديه جمهور جاهز يعد بالملايين في جميع القارات ممن ادمن العاب الفيديو والمغامرات الحربية حتى انك تستطيع وبلا تردد ان ترشح الفيلم لكي يشاهده الشباب ومن هم في سن المراهقة ممن درجوا على ممارسة العاب الفيديو القائمة على الصراع والقتل المتواصل من اجل القتل ، لكننا هنا امام مسألة اخرى ممثلة في قصة انسانية فيها كثير من المقومات الأخلاقية خلاصتها حق الشعوب في العيش الآمن والتمتع بحياتهم وثرواتهم والحفاظ على معتقداتهم وبنية مجتمعاتهم وهو مامثلته قبيلة (نافي ) في مقابل النزعات العدوانية والأنتقامية وعقدة ابادة المجتمعات الأخرى وتخريبها وقتل ابنائها ونهب ثرواتها وهو مامثله جيش المارينز ، ولعل هذا هو العنصر المفصلي في الفيلم الذي جعل كل ذلك الجمهور العريض يندفع متلقفا تلك التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد المندمجة مع قصة انسانية مضافا اليها ذلك الحب الشفاف والعميق بين الأفاتار وبين ( نايتيري ) وهي علاقة اضفت على الفيلم بعدا رومانسيا آخر مؤطرا بسؤال قد ينشأ في داخل المشاهد قوامه : ياترى كيف يحب الأفاتار بعضهم ، كيف هي عاطفتهم ؟ بل وكيف يتبادلون القبل فيما بينهم ؟ وكيف يشاركون بعضهم البعض التعبير عن العاطفة والحب في السرير ؟ فكيف اذا كان ذاك السرير ليس الا احضان الطبيعة الساحرة ؟

المارينز المنتصر حتى لو كان مشلولا ومقعدا !!!

لاشك ان تمجيد الفرد هي سمة غير مباشرة في كثير من الأفلام الأمريكية خاصة تمجيد افراد المارينز والمحاربين المضحين من اجل نشر القيم الأمريكية الديموقراطية ، لكننا هنا امام مسألة اخرى الا وهي ان المارينز يواصلون مهمات الغزو واجتياح الشعوب الأخرى حتى بعد مئة سنة او اكثر من الآن لأن الفيلم يتحدث عن العام بمعنى ان البشرية حتى ذلك الحين ستبقى اسيرة عقدة غزو الآخر من وجهة النظر(المارينزية !!!) ، وستضاف اقوام اخرى للقائمة اضافة للهنود الحمر والفيتناميين والبناميين والأفغان والعراقيين وغيرهم ، لكن المارينز تقدم قدرة خارقية جديدة وهي ان افرادهم حتى المعاقين والمشلولي الأطراف منهم ، هم جاهزون لتلبية نداء الغزو والأجتياح كما هو هذا الفيلم ، وبالرغم ان الشخصية الرئيسية ( جندي المارينز ) لايقابل الا بالسخرية من لدن اصحابه للوهلة الأولى متسائلين كيف يمكن لمعاق ان ينظم الى حملة عسكرية كبيرة تحتاج الى الجهد البدني وطاقة التحمل؟ وهو تمهيد ذهني للمشاهد خلاصته : اننا سنريكم كيف بأمكان هذا الجندي المعاق من افراد المارينز ان ينجز مهاما يعجز عن انجازها الوف البشر غير المعاقين وهو ماكان فعلا ، لكن (بمالاتشتهي السفن) ان تجري الرياح بعكس الأستراتيجية التقليدية في الأنتصار الهوليوودي وزهو سحق الآآخر ، ما صححه ( كاميرون) هو ان المارينز المدججين بأمرين هما: عقيدة الغزو و القوة الهائلة : الحربية والتكنولوجية قد يهزمون على ايدي اقوام بدائية تقاتل بسلاح بدائي هو القوس والنشاب لكنها تتمتع برضا روحي ويقين بالأنتماء الى ارضها والحفاظ على معتقداتها .

لماذا حرم افاتار من الجوائز الكبرى للأوسكار؟

سؤال ردده ملايين البشر في انحاء الأرض وتحدثت عنه الصحافة والمهتمين ..فالأفاتار يستحق عن جدارة وبلا ادنى شك ولا منازع جائزة احسن فيلم وباقي الجوائز المهمة كأحسن اخراج وسيناريو ومونتاج وهو يمتلك المؤهلات التالية التي لايمتلكها منافسوه :

انه فيلم متكامل العناصر الفيلمية : اخراجا وموضوعا وقصة وسيناريو واخراجا ومونتاجا وموسيقى ومؤثرات بصرية .

انه فيلم فيه مساحة هائلة من الأبتكار الذي لم يسبقه اليه فيلم آخر : ابتكار الشخصيات ، ابتكار البيئات ، ابتكار الكائنات والمخلوقات الغريبة وابتكار الشكل السينمائي .

انه فيلم يؤسس لعصر جديد حقا في مجال السينما ثلاثية الأبعاد ويشكل نقطة تحول وتحديا امام من سيأتي من سينمائيين قد يقدمون على تلك المغامرة ثلاثية الأبعاد .

انه فيلم على درجة متقدمة من الأدارة الفنية المتكاملة ووحدة البناء المتماسك مابين الأبهار البصري وبين الدراما الفيلمية المتصاعدة .

ربما تكون هذه الأسباب والمؤهلات اكثر من كافية لتتويج افاتار بدلا منن جوائز الترضية التي منح اياها ولهذا ستكون مفارقة ان يمنح فيلم متواضع في كل شيء وقصته مستهلكة وهو فيلم خزانة الألم كل تلك الجوائز ...

لااحد يعلم بكل تأكيد لم كل ذلك التطبيل والترويج لفيلم خزانة الألم الى درجة ان تطلق عليه وسائل اعلام امريكية انه " بمثابة انتصارلمحور الخير" !!!!

ولا احد يعلم دوافع المحكمين الذين هيأوا الرأي العام مسبقا بمنح الفيلم جائزة ( بافتا) للأكاديمية البريطانية للفيلم ثم ليمنحوه كل تلك الجوائز ...

لكن ربما كانت معالجة فيلم افاتار في الأخير والتي انتهت بدحر جيوش المارينز وانتصار قبيلة (نافي ) البدائية واحتفاظها بأرضها وثرواتها وعقيدتها الروحية ، ربما كانت معالجة مرفوضة من وجهة نظار صناع القرار والبروباغاندا الحربية وهي التي اجهزت على ترشيح الفيلم من وجهة نظر سياسية ودعائية تمس هيبة القوات الأمريكية الضاربة التي لاتقهر ربما ، فكيف تقهرها كائنات ذات ذيول ؟ ربما كان احجام الفيلم عن القاء خطاب النصر من على ظهر احدى البوارج الحربية الأمريكية وتبادل الأنخاب ، ربما كان هو السبب ولكنها مهزلة ان صحت هذه الفرضية وتم بالفعل تجاوز كل مقومات هذا الفيلم الهائل وحصرها في تلك الزاوية الضيقة ...والا ...لايوجد أي سبب آخر منطقي ...

نقلاً عن مدنة الناقد السينمائي الدكتور طاهر علوان على العنوان لتالي:

http://dimension4future.blogspot.com/

مدونة "أبعاد" في

14/03/2010

 
 

افاتار*:

من منظور البنيوية وما بعدها

كتب – زيد ابو درويش

الفليم الذي كسر الارقام القياسية خلال اشهر يغري بهذه المغامرة، أي قرائنه من زاوييتيتن منهجيتين يهيء لنا  انهما متناقضتان للوهلة الاولى هما البنيوية وما بعد البنيوية.

ولكنني ادعي ان ذلك ممكن وهذا ما ساعمل على ان يكون واضحا في متن هذا التحليل وهوامشه، فمن منظور البنيوية ساستخدم هذا المنهج من الزاوية التي يتعامل بها مع ( الظواهر) بوصفها متقابلات وثنائيات متصارعة في مستوى "البنى الكامنة"، و(الظاهرة ) هنا قد تكون اجتماعية او سياسية او اقتصادية او فنية ادبية او درامية ( كما فعل ذلك رولان بارت في كتابه : التحليل البنيوي للنص الادبي ). وفي اطار ما بعد النيوية سنبين أي من  القصص الكبرى التي يسعى (جيمس كاميرون او من هم ورائه) الى تدميرها  ، باعتبار ان تدمير القصص الكبرى هي المهمة الاولى في الفكر ما بعد البنيوي.

اولا بنيويا :

تعالج البنيوية من احد جوانبها  الظواهر المختلفة على اعتبار انها تتكون من ثنائيات متقابلة، متالفة او متصارعة ومن ناحية اخرى فان اكثر التعريفات شيوعا لمفهوم الدراما قائم على ان الدراما هي التجسيد الفني للصراع،

هذا بالاضافة لاهمية الشكل والمعنى والسياق الذي يدور فيه هذا الصراع ، فيلم افاتار من تاليف واخراج جيمس كاميرون مثال واضح لهذا التعريف.  من الوجهة البنيوية فاننا سنتجاهل السطوح والاشكال ونغوص عميقا في البحث عن البنى الكامنة لتحليل عناصرها وعلاقاتها الصراعية ، ولا يجب ان يفهم هنا ان الشكل لا اهمية له بل على العكس فان الشكل هو الذي يحظى بالاهمية الاولى خاصة للمتلقي الحديث الذي ناى بنفسه عن المعاني الكامنة وراح يبحث عن متعته في مستوى الشكل.

يمضي جيمس كاميرون في معظم شروحاته عن الفيلم بالحديث عن الشكل ( الاشكال ) التي استخدمها في هذا الفيلم : الكائنات البيولوجية الخارقة والممكنة في نفس الوقت الالات والتقنيات فائقة التطور كما ستبدو عليه في المستقبل، ولكنها ممكنة ايضا مما يعطي احساسا بان الفيلم اقرب الى الواقع منه الى المستحيل وبذا يبتعد الفيلم رويدا رويدا عن مفهوم سينما الخيال العلمي، هذا بالاضافة الى عوالم مدهشة ساحرة يزخر بها الفيلم سواء على ذلك الكوكب (المفترض) بانادورا بكائناته الحيوانية والنباتية الطبيعية اوالمتطورة والمفارقة للطبيعة. وكذلك الامر بالنسبة للعوالم الارضية التي تمثل مستقبل الانسان ومستقبل التكنولوجيا الرقمية بنتاجاتها الافتراضية، وكذلك الالات والمعدات الضخمة، تقنيات الصوت والاضاءة والديكور والمكياج واللغة.

لنتجاوز هذه الاشكال الخلابة  وهذه العوالم المبهرة التي وظفها "كاميرون" لاختطاف انتباه المتلقي، ولنذهب عميقا نحو الصراعات التي حاول المخرج تسريبها الى المتلقي دون ان يعيها:

1 -  الصراع بين البيولوجيا والتكنولوجيا: لاحظ الكائنات البيولوجية على كوكب باندورا الكائنات التي تطورت حسب القوانين الداروينية على الرغم من مفارقتها واختلافها الا انه من الممكن الاحساس بتاريخها البيولوجي الذي تطور طبيعيا حتى اصبح على هذا الشكل في كوكب باندورا، في الناحية المقابلة هناك التكنولوجيا التي طورها العلم حتى اصبحت على هذا الشكل خارقة في الحجم والكم والوظائف حيث اصبحت فعالة واكثر  طواعية، اذا لنعيد توضيح هذا المحور الصراعي الذي يشغل بال العلم الغربي ، انه صراع مابين تاريخ البيولوجيا في سياق تطورها الطبيعي وبين مستقبل االتكنولوجيا بنسختها المرعبة التي تغذ الخطى نحو تدمير الطبيعة بما في ذلك الانسان وتحديدا انسانية الانسان، وفي منطقة المنتصف بين قطبي الصراع يولد الحل،  يولد (افاتار) ، المسيح الافتراضي التكنولوجي والبيولوجي المخلص، نقطة التقاء البيولوجيا بالتكنولوجيا في عام 2150 ليعيد للانسان انسانيته ولكن ... بالنسخة الغربية !

2 -  صراع الاخر مع الغرب : بالعودة الى احداث الفيلم فان جنود المارينز يهاجموا شعوب النافي من اجل المعدن الثمين وفي الطريق يقتلعوا الشجرة المقدسة، شعوب النافي تصاب بالعجز امام الة المارينز المدمرة وتلوذ بالفرار الا ان  الافاتار "جيك سولي " الذي يملك جسدا مشابها لاجساد شعوب النافي ولكن عقله وجوهره غربي! فهو جندي المارينز (المقعد ) الذي ينقلب على بني قومه وعلى رغباتهم غير المشروعة ويعود على ظهر ذلك الطائر الخرافي ( قد تكون فكرته مشتقة من اسطورة ثور عشتار المجنح وهنا لعب على اللاوعي الشرقي وايماناته الاسطورية ) ويناصر الشعوب البدائية ويوحدها ويكشف لها مكامن قوتها وينتصرون في النهاية على الة المارينز الخارقة، ولننتبه ان هذا المحور الصراعي مركب، فهو ليس مجرد صراع ما بين التاريخ ممثلا بشعوب النافي من جهة وبين المستقبل الممثل بالحضارة الغربية المتفوقة كما يبدو للوهلة الاولى هناك شَرَك كامن  علينا ان ننتبه له ويمكن تلخيص كالتالي : الشعوب البدائية غير المتحضرة نقيضة الغرب لا  تنتصر بامكاناتها فقط،  اذا ارادت ان تقاوم عليها ان تتحالف " وربما ان تنصاع لاولئك الغربيين الذين يتعاطفون معها،  لن تنتصرو على الغرب الا بالتعاون مع الغرب، اتوقع هنا ان تتضح الفكرة التي يحاول الفيلم تسريبها، هذه الفكرة الخطيرة ستؤدي حتما الى الغاء الاخر نهائيا فهو عاجز بدون مساعدة الغربيين الطيبين...( يكرر جيمس كاميرون هنا فكرة فيلم لورنس العرب على الرغم من اختلاف السياق ).

 

3 -  صراع الغرب مع ذاته : الفليم يُعرض في سياق عالمي يحمل عنوان الحرب على الارهاب وفي ظل الاخفاقات الاخلاقية والسياسية والعسكرية والاقتصادية التي مني بها الغرب واميركا تحديدا، البلد التي انتج فيها  الفيلم،  يتعاظم الشعور بالذنب، لا يتبدى ذلك على السياسين، ولكنه قد يجتاح الغربيين العاديين ناهيك عن اولئك الذين يرفضون الحرب ومآسيها.  مهمة الفيلم هنا ومهمة افاتار تحديدا هي التعامل مع هذا الشعور بالذنب ولكن في مستوياته الكامنة ، لقد تحول هذا الفيلم في قصته الاساسية وتتابع احداثه والنتائج التي انتهت اليها،  الى مطهر يراد منه ان ينقي الضمير الغربي من ما علق به من اخطاء وخطايا، ينتجها المشهد اليومي للحرب.

ثانيا افاتار في منظور ما بعد البنيوية

وهنا اشير ايضا الى ان "ما بعد البنيوية" كاطار  للتحليل يهتم بذلك  الجانب الممثل بافكار ومفاهيم "جان فرنسوا ليوتار" حول مابعد الحداثة - بوصفها ظاهرة "ما بعد بنيوية.  يشرح ليوتار مابعد الحداثة بانها: عدم الايمان او عدم التصديق او الكفر بـ " القصص الكبرى :   "grand narrativesالتي يتداولها المجتمع الانساني، دينية سياسية فلسفية ... الى آخره، على سبيل المثال الخطاب الاستعماري الذي يقول نحن نستعمر الشعوب من اجل رفع مستواها الحضاري هي من القصص الكبرى التي لايجب تصديقها.

من القصص الكبرى التي يكرر "الفيلم" محاولة الاطاحة بها هي " اسطورة العلم " بوصفه خير مطلق،  تتكرر هذه الفكرة في العالم الغربي إجمالا بعد الحروب الكبرى التي شهدها طوال القرن الماضي،  من القصص الكبرى ايضا التي كانت مدار تناول الفيلم هي : كل من هو بدائي عالم ثالثي هو ارهابي شرير.  قصة اخرى : ان الغرب موحد  في رؤيته للاخر .  ومن القصص التي تجتاح الغرب وحاول الفيلم الاطاحة بها هي انكار الميتافزيقا، والايمان بالعالم المادي فقط ( المساعدة الالهية لشعوب النافي في حربهم ضد المارينز). الا ان اهم القصص الكبرى على الاطلاق التي كانت المهمة الرئيسية للفيلم هي القصة التي تشغل الراي العام الغربي والعالم على وجه العموم وهي " الحرب على الارهاب " كعنوان للصراع العالمي وكحجة يرفعها الغرب مبررا حربه التي تشن من اجل مصالحه الاستراتيجية ،  هذه الحرب هي في طور الافول او على الاقل التحول والتغير في كثير من ادواتها. الفيلم هو ايذان بنهاية هذه الحقبة وبنهاية هذه القصة الكبرى.

 السينما بالنسبة للمجتمع الغربي هي اهم ادوات نشر مضامين  الخطاب السياسي العام، لا طائل من وراء البحث في المؤسسة السينمائية التي تقف وراء جيمس كاميرون، ما يجب ان ننتبه اليه هو من يقف وراء تلك المؤسسة.

بالاضافة الى الافكار الرئيسية الي طرحها الفيلم، فان ترويج الموقف "الجديد" من مقولة " الحرب على الارهاب "هو اهمها على الاطلاق، والانتباه لحجم الدعاية الذي انفق على الفيلم مؤشر جيد للتدليل على هذا الادعاء، ليست الاموال فقط،  بل ان ترشيح الفيلم لنيل اهم جائزة سينمائية، يقع في نفس الخانة الدعائية. هذا التحول السياسي الذي يعبر عنه سينمائيا ليس الاول خلال حقبة ما بعد المحافظين في الولايات المتحدة، اذكركم بالفيلم الذي فاز بجائزة الاوسكار للعام الماضي ( المليونير المتشرد ) الذي يشير في اطروحاته  الى مثل هذا التحول.

الى جانب " افاتار" هناك فيلم اخر هو فيلم " خزانة الالم" اخرجته  الزوجة السابقة لجيمس كاميرون! وهو يتناول نفس الموضوع ايضا ولكن من خلال سياقات مختلفة هي اقرب الى سينما الواقع، وعلى ما يبدو ان الزوجة السابقة لجيمس كاميرون لم تتعلم منه فن الاخراج فقط بل تعلمت ايضا فن اللعبة السينمائية في معرفة أي نوع من الافلام تتطلبها اللحظة التاريخية وقادرة على ان تدر كل هذه المليارات.

-----------------

* القصة الرئيسية للفيلم : وحدة من قوات المارينز وفي عام 2154 تغزو كوكبا اسمه باندورا، الذي يبعد عن الارض مسافة 5.1 سنة ضوئية، تسكنه شعوب النافي الشبيهة بالانسان الغزو هو من اجل الحصول على معدن ثمين. يُخترق سكان الكوكب من خلال كائن افتراضي " افاتار" يتقمصه جندي المارينز جيك سولي، وعندما يفشل " سولي باقناعهم بمغادرة المكان، تبدا وحدة المارينز بالهجوم، ينقلب افاتار على المارينز ويوحد قبائل كوكب النافي وينتصروا على المارينز، يبقى افاتار "جيك سولي " بين شعب قبائل النافي ويتوحد معهم ويصبح واحدا منهم

سراج الأردنية في

12/03/2010

 

فيلم 'أفاتار' يؤكد على الفكر الاستشراقي الغربي

ابو زيد حموضة

عرض المنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني (تنوير) فلم الخيال العلمي الجدلي (أفاتار)، وهو من اخراج جيمس كاميرون، ومن اكثر الافلام تكلفــــة من حيث الإنتاج، حيث بلغت تكلفــــــة الإنتــــاج ما لا يقل عن نصف مليار دولار. كما أنه حقق رقما قياسيا في مبيعات شباك التذاكر لدور السينما في الولايات المتحـــدة وكندا حاصدا 2.5 ملياردولار أرباحا، بذلك يكون الفلم الاول في تحطيم الرقم القياسي في الايرادات في تاريخ السينما العالمية. عدى عن اقتناصه جوائز ثمينة عالمية، اثنتان منها من غولدن غلوب، وثلاثة جوائز من الاوسكار.

تفاوتت الآراء لحضور الفلم بين الفئات المجتمعية، فمن الجيل القديم من ترك العرض معتبرا الفلم لم يخرج عن نمطية أفلام الاكشن والاثارة الامريكية التي شدت فئة الشباب الذين ابدوا اعجابهم بالعالم الجديد الذي اخترعه المخرج كاميرون من نباتات وحيوانات، وسكان عماليق بطول 3 امتار، مركبة، من نصف حيوان ونصف انسان، وكذلك اثارة المشاهد ثلاثية الابعاد والتي تدعو المشاهد المشاركة في احداث الفلم، كتسلق الجبال، وقيادة الطيور، وهي تقنية جديدة، كل الجده على المشاهد. بيد ان بعض الشباب ناقشوا انهزام المستعمر(الامريكي) لأول مرة، معتبرين ذلك خطوة حكيمة من المخرج كإحتجاج على التدخل العسكري السافر في شؤون العالم الثالث من أجل استغلال ثرواته واستعباده، متنبأ المخرج عن هزيمة قوات متعددة الجنسية في أفغانستان والعراق والباكستان والقرن الافريقي وفلسطين، عندما أنهى فلمه بمشاهد الجنود الامريكيين وقيادتهم السياسية تنسحب مطأطأة الرأس من كوكب (بندورا) المفترض الذي تم غزوه. وانشد بعض الحضور الى مقاومة المحتل، وأضافوا أن ارادة الشعوب لا تهزم.

البعض احتج على تكاليف الفلم قائلا الاجدى أن تدفع لفقراء العالم لخفض نسبة الجوع والبطالة والامراض المستعصية بدل أن تنفق هذه الاموال في غير اتجاه. ذاكرا فلم ذي هارت لكر (خزانة الألم) الذي خطف 5 أوسكارات للمخرجة كاثرين بيغلو (وهي أول مخرجة تفوز بافضل اخراج) مقارنا ذلك بميزانية الفلم المتواضعة والتي تحدث بشكل مباشر عن التدخل الامريكي المباشر في العراق والذي بدأ عنوانه ب (الحرب مخدر) (WAR IS DRUG ).

بعض المشاهدين أبدى ملاحظات موضوعية راصدا دور المرأة الايجابي في الفلم سواء عند المعتدي أو المعتدي عليه.

وعلق أخرون على جبروت المؤسسة العسكرية، أنه مهما بلغت تقنيتها وجبروتها وعنجهيتها ومبرراتها، فأنها تبقى عاجزة أمام المقاومة، وتتحول الى كتل فولاذية صماء لا تخيف، مشيرا الى مذابح الدبابات الاسرائيلية في قرية شبعا اللبنانية وحدها في العدوان الصهيوني على لبنان تموز/يوليو 2007.

ومن أهم الانتقادات التي وجهت للفلم وهو الدور الاستشراقي للمخرج، أو كما اسمها الناقد لعبة الاستشراق، والتي تقول أن انقــــــاذ الشعوب المستعمرة من الغـــرب لا يتم لها بطـــــريقة ذاتية (معتمدة على الذات) بل تحتاج الى منقذ، نبي أو رسول أوروبي، وهذا ما حصل في الفلم ، حيث أنقذ شعب الكوكب الاخر القائد المرسل من أمريكا الذي تعلم عاداتهم وتقاليدهم ووحدهم بعد اصبح مصدر الاجماع لنفس القبيلة والقبائل الاخرى بترويضه أحد الطيور الخارقة، وهي نفس الفكرة التي شاهدناها مع القبائل الهندية في فلم (الرقص مع الذئاب) وغيره الكثير لرانبو في أفغانستان وفيتنام وأفريقيا.

القدس العربي في

18/03/2010

 

منتجه لم يحزن لخسارة الأوسكار

جيمس كاميرون يعتزم تصوير جزء ثان من "أفاتار"

الأراضي المحتلة - (رويترز) 

أعلن المنتج السينمائي في هوليوود جون لانداو أنه يفكر مع المخرج العالمي جيمس كاميرون في إنتاج جزء ثان لفيلمهما الشهير (أفاتار) Avatar ضمن مشاريع جديدة لأفلام ثلاثية الأبعاد.

وقال لانداو للصحفيين -في مؤتمر صحفي عقده بالأراضي الفلسطينية المحتلة، بعد أسبوع من خسارة الفيلم لجائزتي أوسكار أفضل فيلم وأفضل مخرج لصالح فيلم (خزانة الألم) The Hurt Locker- "هذا هو الأسبوع الأول الذي لا نفكر فيه بشأن "أفاتار".

وأضاف "نتحدث عن جزء آخر لأفاتار بالإضافة إلى قصة حب صغيرة تسمى (الغطس) 'The Dive' وفيلم يُدعى (رحلة رائعة) Fantastic Voyage، وذلك ضمن مشاريع جديدة لأفلام ثلاثية الأبعاد".

كما يعتزم الثنائي الشهير إنتاج فيلم آخر باسم (معركة الملاك أليتا) Battle Angel Alita يعتمد على رواية يابانية تجري أحداثها في المستقبل، وتدور حول سعي شابةٍ تتألف بعض أعضائها من أجهزة كهربائية لاكتشاف الذات.

وأضاف لانداو أن القرار بشأن المشروع الذي سيتم إنتاجه أولا سيتخذ في غضون ستة أشهر.

أعلى إيرادات

وحقق فيلم (أفاتار) أعلى إيرادات في تاريخ السينما العالمية على الإطلاق، بلغت 2.6 مليار دولار متفوقا على الفيلم الشهير (تايتانيك) Titanic الحائز على الأوسكار، وهو أيضا من إخراج كاميرون وإنتاج لانداو.

وقال لانداو إنه لم يشعر بخيبة الأمل بسبب عدم حصول (أفاتار) على جوائز الأوسكار الكبرى. ونال الفيلم ثلاث جوائز أوسكار في الفئات التقنية.

وتدور أحداث الفيلم حول إرسال أحد أفراد مشاة البحرية المصاب بالشلل إلى كوكب باندورا في مهمة فريدة من نوعها، ويصيبه شعور بالتمزق بين اتباع أوامر رؤسائه، وحماية العالم الذي يشعر بأنه وطنه.

الفيلم من إخراج جيمس كاميرون، وبطولة سام ورثينجتون، وزوي سالدانا، وسيجورني ويفر، وميشيل رودريجيز.

ويعد فيلم "تيتانيك" أحد روائع هوليود التي قدمها جيمس كاميرون في عام 1997م، ولعب بطولته ليوناردو دي كابريو وكيت وينسليت.

شاهد كواليس فيلم AVATAR على ناس MBC

الـ mbc نت في

15/03/2010

 

جمع بين قوة الإبهار وقوة الأفكار

«أفاتار».. رؤية ثورية

محمد بدرالدين

من يرى فيلم "أفاتار" إخراج جيمس كاميرون" يكتشف صعوبة أن يحصل على جائزة أحسن فيلم فى مسابقة الأوسكار (مارس 2010)، والجوائز التى حصل عليها بالفعل لم تكن الأهم!. 

فهو يتخذ موقفاً سياسياً جريئاً بوضوح، بل يعبر عن رؤية ثورية بكل معنى الكلمة، تعارض جذرياً كل ما تقوم به أمريكا الرسمية فى هذا العصر، أى الإمبراطورية الأمريكية الاستعمارية، واحتلالها لأراضى الغير بالقوة، واستغلالها لثروات الشعوب، واحتقارها لكل ما عداها من شعوب وثقافات وهويات..!. 

"أفاتار": ضد أمريكا الغاشمة، وفيلم يفضح العنجهية الأمريكية، فى إطار فنى خلاب، وفى قالب أسطورى جميل. فالحق إنه فيلم يحقق أمراً نادراً ما رأيناه فى السينما، حيث جمع بين قوة الإبهار وقوة الأفكار!. 

دراما "أفاتار" الأسطورية، تدور بعد مائة عام، إذ تحشد الإمبراطورية الغاشمة أخطر وأحدث العتاد، وكل الطاقات من علماء وقادة عسكريين وجنود، لغزو كوكب اسمه "باندورا" به ثروة يسيل لها لعاب الغزاة خاصة مادة نادرة مولدة للطاقة ـ فى زمن نفدت فيه الطاقة المعروفة ـ وهم يقومون بالغزو بوحشية هائلة، ولا يكترثون بـ "سكان البلاد الأصليين"، بل يبررون لأنفسهم إبادة جميع هؤلاء السكان بمن فيهم الأطفال والنساء وحتى الزرع ومعالم الحياة من حولهم، بأنهم مجرد بدائيين، ويسخرون بغطرسة من عيشهم ومما يعتادون ومما يعبدون..!. 

فلا يأبهون بالقضاء على "شجرة الأرواح".. شجرة الحياة التى تمثل قيماً أو قداسة ومعنى أصيلاً لدى هؤلاء الذين يستهدفونهم بالموت، وبمنتهى القسوة المتعمدة!. 

ويستخدم المعتدون أقوالاً من الحرب العدوانية عام 2003 لبوش الصغير والمحافظين الجدد ضد العراق مثل: (لنواجه الإرهاب!.. حتى بالإرهاب! ـ حين تكون هناك ضرورة لحرب إستباقية فلابد من شنها..الخ). 

"أفاتار" تتخلله أيضاً قصة حب رقيقة، طرفاها جندى البحرية الأمريكية "سولى جيك" الذى بادروا بإرساله كمقدمة للحملة، والفتاة الجميلة ابنة زعيم السكان المستهدفين. فهو لا يلبث أن يفهم ويستفيق، وينقلب على المهمة الشائنة، ويعترف بالخطأ ويقنعنا الفيلم ويمتعنا بقصة حبهما الصادق وسط المخاطر من كل نوع..!. 

و"أفاتار" كذلك تتخلله مواقف شخصيات، كان من نماذجها عالمة نبيلة تناهض رغبة السيطرة الوحشية للعسكريين وقائدهم الشره المصر على التدمير إلى النهاية، فالفيلم من جهة أخرى تحية للنبل الإنسانى والتضامن الإنسانى فى كل مكان إلى جانب الحب، وإلى جانب المقاومة. 

نعم المقاومة (فى أفاتار) هى التى تتشبث وتصر والتى تنتصر، ولذلك فهو من هذه الناحية فيلمنا، إنه الفن حينما يصبح أيضاً ضرورة. 

ويصل فيلم "أفاتار" إلى ذروة "رؤيته الثورية" فى اعتقادنا بأن جعل للسكان الأصليين للكوكب المستهدف بالغزو ذيولاً بالفعل، فهو يريد أن يقول بأنهم حتى لو كانوا بدائيين كما ترددون بل وحتى "بذيول"، وحتى لو كانوا آتين من ثقافة أخرى لم تبلغ منجزات ثقافتكم وحضارتكم وحداثتكم، فإن ذلك لا يبرر لكم أبداً الاستيلاء على حق وأوطان الغير.. فالفيلم هنا لا يستخدم "مفردة" الذيول كطرفة، وإنما على نحو بالغ الجدية والصرامة والحدة، وكأنه يقول بالتالي: فما بالنا بالهنود الحمر، ثم ما بالنا بالعراقيين مروراً بالفيتناميين وغيرهم، وكل الشعوب التى لقيت احتلالاً من إمبراطوريات الصلف وغرور القوة، والنهب باسم مساعدة الشعوب المتخلفة.. وباسم العمران والتعمير.. أو "الاستعمار"!!. 

لقد كانت تكاليف "أفاتار" هى الأكبر فى تاريخ السينما، وأرباح الفيلم هى الأكثر كذلك فى تاريخ السينما حتى الآن، والفيلم قدم إبهاراً جميلاً (وشاملاً لا يقتصر على البعد الثالث)، توهجت فيه مجمل عناصره الفنية وبلغت نضجاً نموذجياً (إخراجاً وتصويراً ومونتاجاً وصوتاً ومؤثرات خاصة..)، لكن كل ذلك كان سيصبح غير ضروري، مجانياً أو سدي.. لو لم تكن تلك كلها مهارات وتكاليف من أجل رؤية حقيقية فى خدمة الإنسانية.. إن الجمع بين الإبهار والأفكار، على هذا النحو، هو ما يعطى لفيلم "أفاتار" قيمة باقية. 

إن ما يعطى هذا الفيلم قيمة هو أنه بالإضافة إلى الجماليات والتقنية المميزة، يعبر عن موقف صحيح إلى جانب الحق فى مواجهة القوة، وإلى جانب المقاومة فى مواجهة الغزو. 

وما يعطى هذا الفيلم قيمة هو أنه عمل فنى مرموق ممتع، وفى ذات الوقت إدانة قوية، بارعة باهرة، للعنجهية والهمجية الأمريكية فى عصرنا، ولما يسمى خطأ "بالاستعمار" ـ فى كل عصوره وصوره ـ لكنها تسمية شاعت مع الأسف واستقرت كمصطلح!. 

وما يعطيه قيمة هو أن هذا الفيلم شهادة تقدم فى هذا العصر، ورسالة منه، إلى كل العصور القادمة. 

هذا رغماً عن رأى المصوتين للأفلام الأفضل فى مسابقة الأوسكار، وتفضيلهم لفيلم يقترب من نفس الموضوع، أى خروج الأمريكان وجيوشهم لأنحاء العالم (أو عسكرة العولمة الأمريكية)، بل إنه يتحدث عن العراق مباشرة وقوات الأمريكان هناك. 

لكن هذا الفيلم (خزانة الألم)، للمخرجة كاترين بيجلو، جاء فيلماً بلا موقف إنسانى حقيقي، إنما تصنعه صاحبته ـ وتهديه فى حفل الأوسكار ـ لجنود الغزو الأمريكي، ولا تكترث بأصحاب الوطن الذين دمر حياتهم هذا الغزو وجنوده!.. إنه فيلم يفتقد بالتأكيد لشجاعة موقف "أفاتار"، ولهذا منحوه جائزتهم، ورضى عنه من الأمريكيين وأعضاء الكونجرس من هاجموا "أفاتار" ووصفوه بعصبية بأنه "فيلم معادٍ للولايات المتحدة"! 

العربي المصرية في

21/03/2010

 

فيلم افاتار Avatar

المزج المذهل بين الخطاب البصري والفكري

صباح محسن

توطنة

جيمس كاميرون اسم خلاق ومبتكر من طراز خاص، في صناعة السينما، قدم اكثر من لوحة رائعة في تلك الصناعة الجمالية  ومنذ تحفته السينمائية (تيتانيك)  والذي قدم مأساة غرق السفينة ذائعة الصيت تيتانيك بأسلوب جمالي بصري مدهش، اطاح بالكثير من طروحات السينما التقليدية ، حيث قام برسم المعالم الكاملة للكارثة بطريقة تبدو انها ابنة اليوم.

ليعود مجددا وهو يحمل كأس التجدد، والابداع ، والدهشة، واضافة كاملة علاقة بتفجير مستحدثات اكثر حداثة وتقنية وابهار في فيلمه الجديد (افاتار) المنتج عام 2009 وبمدة عرض قاربت الثلاث ساعات 166 دقيقة عن كوكب غريب وبعيد يدعى (باندورا) pandora  له صفات قريبة من كوكب الارض ، حيث الكائنات الزرقاء ذات الثلاثة امتار طولا وقريبة للبشر في تحركاتها ونطقها وانزعاجها، وهم من فصيلة النافي navi  ليقوم كوكب الارض من خلال فرقة عسكرية مدججة بالسلاح والتكنولوجيا بغزوهم ومحاولة سحقهم للاستيلاء على كنوزهم والقابعة تحت شجرة عملاقة تمثل وجودهم السياسي والوطني، وتجمعهم وعيشهم فيها وتحتها.

المكان

عمد المخرج جيمس كامير ون، الى اختيار الامكنة الشبيهة بفكرة الكوكب المقترح من حيث الغرابة والتفرد وللاقتراب من المناخ العام بروح ذلك الكوكب المدعو الباندورا ليذهب الى جزر الهاواي حيث امكنة التصوير، ووضع بعض الاستديوهات هناك لاختصار المسافات اثناء التصوير، ولازالة العوائق امام كادر العمل الفني والممثلين، وقام ايضا بأختيار غابات نيوزلندا لكثافتها، وخصوصيتها وتمتعها بالاشجار والاغصان والجذوع والاوراق المتفردة وانفتاحها الواسع على مناطق جبلية مغطاة بغابات الاشجار الوحشية.

المناخ العام للفيلم

كتب المخرج جيمس كاميرون فكرة الفيلم، ووضع السيناريو له، وقام بأنتاجه، حيث بدأت فكرة كتابة الفيلم عام 1999 وتم تأجيل العمل على مستوى السيناريو لعام 2002، ومن ثم انجز كامل السيناريو عام 2005، لكنه اعتمد رأي احد اصدقائه المختصين في الكمبيوتر بتأجيل فكرة البدء بالعمل لحين انتاج اجهزة وتقنية جديدة للحاسبات المخصصة في وضع خرائط واشكال وحيوات وابتكارات صورية اكثر قبولا لانتاج الفكرة العامة، خاصة وانها تحوي في مضامينهاكائنات ذات لون وشكل ونطق غريب وغير مطروح سابقا حتى على مستوى الحضارات السابقة.

اختيارات صعبة

نجح كاميرون كثيرا في اختياره فريق العمل، خاصة الكادر المخصص في ادخال برامج تقنوية جديدة على اصل الكائنات المقترحة، وهي تتحرك منفردة، وحين تكون بشكل جماعي ، اذ يتطلب الامر اكثر من رؤية لتنفيذ عمل الكادر الفني الكبير من مخرجين لهم علاقة بتصميم رسوم الكارتون الى اختصاصيي الحيل السينمائية، الى خبراء الكمبيوتر المسؤولين عن استحداث خرائط وتطبيقات فنية عالية المستوى من الحركات والايماءات والصوت الى وضع اشكال لحيوانات اسطورية يصاحبها صوت مخيف وهي تتحرك شمالا ويمينا تحت اجنحتها العملاقة وهي تضرب الريح محدثة صوتا مؤثرا وكأنها تتحرك وتطير بالفعل.وقد نجح الكادر الفني نجاحا مدهشا وهو يستنسخ الاشجار والاوراق والجذوع الموجودة اصلا في تلك الامكنة من جزر هاواي وغابات نيوزلندا وتنفيذها في اصل المشاهد والتي تحتوي على تحركات تلك الكائنات الزرقاء مع الحيوانات الاسطورية المرعبة في طيرانها، وفي تصادمها وفي ملاحقاتها للبطل الرئيسي في الفيلم.

مشاهد متكاملة

تفوق كاميرون على نفسه في اكثر المشاهد على طول زمن الفيلم، وكانت المشاهد المقترحة لايصال مستوى الاشتغال السينمائي على مستوى الصورة وادارة حركة الكاميرا لتطويق حالة الخلل التي قد تنتج عن تداخل الرؤى البصرية بين المخرج للعمل بشكل كامل وبين الفريق الفني الذي ادخل شيفرات النماذج الكارتونية في تحركاتها والقريبة جدا من حركات الكائن البشري..

وكان مشهد مطاردة التنين العملاق والمرعب للبطل، وسط الغابة واختيار زوايا التصوير وتطابقها مع الاصل، اي اصل الحركة المشتركة بين التنين والبطل كانت اكثر من ناجحة، حيث وفق المخرج كثيرا في اختيار الزوايا منطلقا من وعي في تداخل الصور المرسومة وزجها في حركة تقليدية اثناء ما يمر على الانسان في حالة مطاردته وخوفه..وكانت الزاوية الجميلة والرائعة حيث يسقط البطل من اعلى الغابة الى اسفل الشلال وهو يتملص من اطباق فكي الوحش عليه وقفزته الى اعماق المياه، لتكون الكاميرا اسفل الشلال، وهي تظهر من اعلى الغابة حركات الوحش الهستيرية لعدم تمكنه من قضم البطل وتسريح الكاميرا بهدوء مع البطل وهو يهم للخلاص من مياه الشلال المتلاطمة.وهذا النوع من المشاهد والذي تتداخل فيه الصورة الكارتونية مع قربها الى المشاهد التقليدية للافلام يحتاج الى مخرج متمرس بحجم كاميرون، لتنفيذ هكذا صورة فنية متكاملة.وكان مشهد سقوط الشجرة العملاقة والتي تشكل الوجود المادي والمعنوي لشعب النافي، قد اخذ الكثير من اهتمام المخرج في ادارته لذلك السقوط المدوي ، ومن عدة زوايا ، خاصة وان تداخل التصوير لدى القائمين على بناء الشجرة كهيكل يحتوي تحته وجوداً مفترضاً ، كون الشجرة هي ايضاً حالة مفترضة من الناحية التصويرية ، ومن هذا الافتراض ، كان الامر يحتاج الى حنكة لاظهاره بشكل مزدوج ، لتلافي جانب التأكيد الحقيقي للشجرة على اساس انها واقع وهمي لكن حضورها في مسار الفيلم كان واقعياً بهذا المشهد رائعاً ومرعباً في اختيار زوايا التصوير لاكثر من مكان لتمرير حالة السقوط وتأثيرها الكامل على شعب النافي الذي يدفعه امر سقوط الشجرة الى منطقة العدم. حفل الفيلم بالكثير من المشاهد المدروسة من ناحية تطابق الحركة مع المكان وفي حركة الكادر اثناء السير على اغصان الاشجار او فوق الصخور وهو يتسلق اوراق الاشجار الضخمة بأنسيابية قد لاتجدها حتى في افلام الكارتون التي انتجتها شركة والت ديزني العملاقة.وكانت الرقصة الجنائزية التي رافقت موت العالمة جريس بعد ان تم نقلها الى كوكب الباندورا، وقيام ملكة شعب النافي بتقديم الادعية والقراءات الخاصة باعادة الروح لصاحبها وهو يحتضر، قد نفذت بطريقة بصرية جديدة، وذلك لوجود حشد كثير اصطف بشكل متناسق وضمن طوابير متعددة داخل الكهف الكبير للشجرة العملاقة، ومرور الكاميرا من مكان عال فوقهم وهم يقومون بالانحناءات والحركات التي توحي بتطابق الحركة مع حركة الكاميرا وهي تاخذ كل زواياهم بتدرج مذهل.

الثيمة والاشتغال الفكري

هناك مؤشرات وترميزات فكرية وسينمائية تلوح بأكثر من تأويل في الحيثيات والضمنيات التي جرت وفق الاحداث المطروحة وهذه العناصر كانت تشكل وحدة موضوعية قام كاميرون بتسويقها بشكل يبدو ان الاكاديمية قد انتبهت لابعادها! وذلك للفكرة التي بنى عليها موضوع الفيلم وهي الاحتلال والغزو، حيث تبدو هذه القيمة اكثر استفزازا للقائمين على منح الجائزة، او الاعلام الذي حاول ان يصور الفيلم بزاوية واحدة، هي انه فيلم رسوم متحركة وان الكائنات المقترحة انما هي من ضرب الخيال.والملفت في الامر هو محاولة المخرج اختيار لغة ونطق للكائنات الزرقاء، اقرب الى اللغة بلسان الهنود الحمر..وهذه اشارة اولى تحيل الذاكرة المجتمعة الامريكية المحلية لتاريخ سحق وطرد وتهجير الهنود الحمر السكان الاصليين من اراضيهم وزجهم في محميات ومعسكرات خاصة، وهناك اشارة اخرى مهمة وهي فكرة الاحتلالات التي قامت بها القوات العسكرية الامريكية اثناء حروبها من فيتنام حتى العراق وافغانستان وهذه الناحية قد تبدو اكثر تأويلية لكنها الاقرب، خاصة وان اغلب القوات التي قامت بغزو كوكب الباندورا تلبس الزي العسكري نفسه الموجود حاليا لدى القوات العسكرية الامريكية مع تشابه قريب للطائرات والسلاح المستخدم في الفيلم مع القوات الموجودة في العراق وافغانستان، رغم ان زمن الفيلم هو 150 عاما في المستقبل!

تداخل في الطروحات..

قد تكون فكرة الفيلم، وثيمته الرئيسية اقرب الى موضوعات تناولتها افلام سابقة، في الفكرة العامة، وقد يكون فيلم الرقص مع الذئاب احد تلك الافلام التي تناولت موضوعة تجفيف الوجود الهندي الاحمر من اراضيه في معارك متبادلة استخدم فيها الطرف الاضعف اسلحة بدائية لا قوة لها لدحر ما يملكه الطرف الاخر المدجج بالاسلحة الحديثة ، لكن الاخر الاضعف كان يتمتع بالحكمة والروية، عكس الاول المتغطرس والمنفعل في طروحاته، خاصة وان الرقص مع الذئاب، كان موضوع قد اسر  الجنود من احد المعسكرات ومن ثم بدء عملية تهجينه لينصهر مع المجتمع الجديد، ليكون المدافع الاول عن وجودهم  وحياتهم.والواضح ان هذا التقارب بين الفكرتين الاساسيتين اللتين تم طرحهما في فيلم افاشار والرقص مع الذئاب قد تكونان قريبتين لبعضهما والفرق الوحيد هو ان الجندي الموجود في افاشار قد تم زرعه بعلم قواته العسكرية وتحريكه من نموذج قريب له من الناحية الفيزيولوجية، وكان ذاك هو اخوه التوأم حيث يتحرك بأيعاز منه وبأشراف العالمة جريس على متابعته رغم عوقه، ويكون الجندي البديل قد انغمس في المجتمع الجديد بعد ان ارتبط في علاقة عاطفية مصيرية مع ابنه كبير القبيلة والذي يقوم بأنقاذه في احد المشاهد اثناء اسره، رغم ان الجندي الذي تسلل الى كوكب الباندورا يشبه الكائنات التي تم استنساخه منها، ليكون شبيها لها، وهو ظهوره بلباس الجنود الامريكيين حين كان مرتديا الفانيلا المخصصة لقوات المارينز الامريكية!

التمثيل المشترك

كان لحضور الفنانة المعروفة سيجورني ويفر بدور العالمة جريس والممثل زوي سالدانا نايتيري وسام ورثينجتون في دور جاك سالي والممثل ميشيل روديوجوس في دور شاركون وستيفن لانج في دور الكولونيل لوارتش واخرين، اقل شأنا من الشخصيات المقترحة لشعب الباندورا حيث قوة تأثيرها على المتلقي، وكأن الممثلين الاصليين هم ادوات ثانوية لاظهار قوة شعب النافي في نماذجه الرائعة والمندفعة والغيورة على ارضها وشعبها وهي تواجه قوة ضاربة تهدد وجودها، وفعلا هناك مستويات واضحة وذات تأثير عال لكل من يشاهد الفيلم لينسجم مع النماذج المقترحة بشكل دمى متحركة لكنها اكثر حياة من الكائن البشري في تعاطفها وبطشها وانفعالها وفي حالة عشقها.

تقييم عام

فيلم مبتكر وصناعة فنية مدهشة ، فيلم يعيد المتعة والابهار الى الواجهة الاساسية في صناعة وانتاج الافلام السينمائية ، وهذا الابتكار والادهاش اسس له مخرج فخم ومتمكن مثل جيمس كاميرون صاحب رائعة تيتانيك..ان اعادة هيبة السينما عبر التراكم المعرفي والحرفي لايتم الا من خلال المهرة في مضمار الجماليات والعناصر البصرية من خلال الصناع الكبار في تاريخ انتاج الافلام الملحمية والتي تأخذ من الجانب الابداعي في كل مفرداته ما هو اثير وجديد ومؤثر لتضع صناعة السينما في طليعة الفنون ان لم تكن المختصر الكبير الذي تنضوي تحت لوائه باقي الفنون.جيمس كاميرون وفريق العمل المرافق له، حققوا تحفة سينمائية في ابتكاراتها ورؤاها الجمالية والفكرية والبصرية والمحتوية على عناصر التكامل الفني والفكري، وتلك الاحالات المبهرة والتي تدفع بالمتلقي لاستبصار ما يمور به الفيلم وثيمته الاساسية.وستبقى صيحات وضحكات وتأوهات نماذج شعب النافي تتسلل الى المشاهدين في نومهم، لاستحداثها مفترقات صوتية ولحنية تبدو جديدة ومتفردة على مسامع المتلقي.

نهاية مفتوحة..

بعد نهاية المواجهة المحتومة بين الجندي المتماهي مع شعب النافي وحبيبته الكوكبية، وانتصارهم على الكولونيل والته الحربية المدمرة تبدأ عملية اعادة الافاقة لاخوه التوأم على يد حبيبته من شعب النافي واثناء غيبوبته تضع جهاز الاوكسجين على وجهه لمساعدته في تنفس الهواء الطبيعي باعتباره كائناً بشرياً حتى عودته الى الحياة.كان هناك فاصل مهم لايخلو من لمسة للمخرج لاعطاء زخم وشحن عاطفي وترقب لما يؤول اليه مصير البطل، وهذه اللحظات كانت وراء فكرة تصريح المخرج جيمس كاميرون بالقيام بأخراج الجزء الثاني من العمل نفسه، وذلك بعد ان تقترب الكاميرا وبطريقة الكلوز على وجه الجندي والذي اصبح شكلا ومضمونا من شعب النافي، وهو يفتح عينيه الصفراوتين بأتساع على حجم الشاشة ايذانا بعودته وايضا هي نهاية الفيلم بالضربة الواحدة والمفاجئة، ليتحرك المتلقي في لهفة لما ستؤول اليه علاقته بالحبيبة المفترضة وشعبها النبيل.حاز الفيلم على ثلاث جوائز اوسكار في التأثيرات البصرية والاخراج الفني وافضل سيناريو، ولو كان هناك انصاف لما خرج الفيلم بأقل من تسع جوائز.

المدى العراقية في

24/03/2010

 
 

ثقافات / سينما

أكد أن أفاتار حدث هائل في تاريخ الإنسانية

سمير فريد: ليس للسينماعلاقة بالأفعال الشيطانية

محمد الحمامصي

أكد الناقد السينمائي المخضرم سمير فريد أن الثورة التكنولوجية المتاحة حالياً غير قابلة للسيطرة عليها فهي تخرج عن النطاق الذي كان متصور لها. وألمح إلى أن فيلم "أفاتار" حدث هائل في تاريخ الإنسانية، فهو يعالج قضية هامة وهي مستقبل القوى الأمريكية وعلاقتها بالعالم من خلال كوكب خيالي.

وأضاف في الندوة التي أقامها منتدى الحوار بمكتبة الإسكندرية حول "أثر الثورة التكنولوجية على السينما" وأدارها د.خالد عزب مدير إدارة الإعلام بالمكتبة، أن السينما الفن الوحيد الذي له علاقة مباشرة بالعلوم، فلا يوجد فن يرتبط بالعلم بهذا الشكل، لذا فهو تحت التكوين دائماً، ولفت أن صناعة السينما قائمة في كبرى دول العالم فيما تعتمد باقي الدول على استيراد الآلات والأجهزة.

وألمح إلى ديمقراطية السينما التي حققتها التكنولوجيا الحديثة والتي ظهرت في كاميرات الديجيتال وأصبحت متاحة للجميع، لكنها مجرد أداة تعبير سينمائي. وانتقد التعامل مع التكنولوجيا كمستهلكين وعدم الحفاظ على التراث السينمائي الخام في العالم العربي. وانتقد سمير فريد المسئولين والجهات الحكومية في استهانتهم بالتراث وتجاهلهم للماضي وعدم وجود أرشيف رقمي للأفلام السينمائية، والدراما التليفزيونية. وذكر واقعة حدثت في الأردن حيث تم التخلص من 60 فيلم سينمائي خام بعد أن تم تحويلهم وحفظهم على شرائط فيديو.

وأشار إلى أهمية آراء الإيطالي امبرتو إيكو حول الذاكرة المعدنية والورقية، والتي يشير فيها إلى أن الذاكرة المعدنية هي ذاكرة يمكن أن يتم تدميرها ببساطة واعتبرها وسيلة فقط لتبادل المعلومات وإتاحتها وليس للحفظ. وأوضح أن المملكة العربية السعودية كانت لديها سينما حتى عام 1975، لكن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قضت على ذلك، ودافع عن الأفلام واعتبرها وسائط لا علاقة لها بالأفعال الشيطانية. وأشار إلى أن هناك عاصفة من الرغبة في الحرية لن يوقفها أحد.

بينما تحدث المخرج أحمد عاطف عن مستقبل السينما المصرية وأفاتار، مشيراً إلى أن ثورة الديجيتال سوف تستغرق وقت لكي نكون حولها رؤية متكاملة، وأكد أن التكنولوجيا أثرت على شتى مناحي الحياة لافتاً إلى خطورة تأثيرها على شكل العلاقات بين البشر، وأوضح أن السينما كانت عائق أمام من لا يملك المال، وأن فلتر العمل الفني كان شديد الضيق، لكن الديجيتال فتح الباب لتنوع الرؤى. وأشار إلى أن التكنولوجيا السينمائية حققت تطوراً هائلاً في الفترة الماضية، حيث يتم عرض الأفلام في السينما من خلال جهاز صغير الحجم جداً يسمى" بلو راي" وهو بديل لماكينات العرض التي اعتمدت عليهما دور العرض السينمائية لفترة طويلة. وأضاف أن السينما استفادت من ثورة الديجيتال على مستوى صناعة الأفلام من كاميرات الفيديو المنزلي، واختراع "الفاير واير" الذي يصل بين الكاميرا وأي برنامج للمونتاج بسيط في استخدامه.

وذهب إلى أن عام 2005 هو العام الذي شهد التحول الكبير في عالم صناعة السينما حيث ظهرت تقنية الديجيتال وقدمت حلول بسيطة لعمل المونتاج والمكساج، حتى أنها أيضاً اقتحمت مجال الطباعة وكشفت عن قدراتها الغير محدودة في عالم الوسائط المتعددة. وأكد أن مواقع الانترنت الجديدة مثل يوتيوب وغيرها سمحت بنوع من المركزية والخصوصية في آن واحد، فهو بمثابة مركز للفيديو الشخصي في العالم. ولفت إلى أن التكنولوجيا لها مخاطرها وسلبياتها التي كانت سبباً في انتشار الأمراض مثل الوحدة والانغلاق، وهي تقلل التفاعل مع المجتمع.

وأوضح عاطف أن حركة أفلام الديجيتال في مصر عظيمة وأنتجت حتى الآن حوالي 500 فيلم، وقال أن مصر بها 3 شركات تعمل بأحدث الوسائل التكنولوجية في عالم السينما، وأن شركة "أروما" تعمل حالياً على إنتاج أول فيلم ثلاثي الأبعاد عن ألف ليلة وليلة في مصر.

إيلاف في

22/03/2010

 

سمير فريد: " أفاتار" حدث هائل في تاريخ الإنسانية

 سميرة المزاحى - الإسكندرية 

عقد منتدى الحوار بمكتبة الإسكندرية لقاء سينمائيا خاصا حول "أثر الثورة التكنولوجية على السينما" وتحدث فيه الناقد السينمائي سمير فريد، والمخرج والناقد أحمد عاطف.

وحول التطور التقنى الهائل والذى أحدث طفرة كبرى في السينما اليوم ، وهو مانشهده حالياً في أحدث الأفلام الأمريكية مثل " أفاتار". أوضح الناقد السينمائي سمير فريد أن التكنولوجيا المتاحة حالياً أفضل كثيراً مما كانت عليه منذ 20 عاماً، مشيراً إلى أن الثورة التكنولوجية غير قابلة للسيطرة عليها فهي تخرج عن النطاق الذي كان متصورا لها. وألمح إلى أن فيلم " أفاتار" حدث هائل في تاريخ الإنسانية، فهو يعالج قضية هامة وهي مستقبل القوى الأمريكية وعلاقتها بالعالم من خلال كوكب خيالي .

وأضاف فريد قائلا:" إن السينما هي الفن الوحيد الذي له علاقة مباشرة بالعلوم، فلا يوجد فن يرتبط بالعلم بهذا الشكل، لذا فهو تحت التكوين دائماً."... ورأى أن صناعة السينما قائمة في كبرى دول العالم فيما تعتمد باقي الدول على استيراد الآلات والأجهزة.

وألمح إلى أن ديمقراطية السينما التي حققتها التكنولوجيا الحديثة والتي ظهرت في كاميرات الديجيتال وأصبحت متاحة للجميع، ليست إلا مجرد أداة تعبير سينمائي.

الإستهانة بالتراث

ومن ناحية أخرى انتقد سمير فريد تعاملنا مع التكنولوجيا فقط كمستهلكين وعدم الحفاظ على التراث السينمائي الخام في العالم العربي..كما انتقد المسئولين والجهات الحكومية في استهانتهم بالتراث وتجاهلهم للماضي وعدم وجود أرشيف رقمي للأفلام السينمائية، والدراما التليفزيونية. وذكر واقعة حدثت في الأردن حيث تم التخلص من 60 فيلما سينمائيا خاما بعد أن تم تحويلها وحفظها في شرائط فيديو .

الأفلام لا علاقة لها بالأفعال الشيطانية

من ناحية أخرى أشار فريد إلى أهمية آراء الإيطالي امبرتو إيكو حول الذاكرة المعدنية والورقية، والتي يشير فيها إلى أن الذاكرة المعدنية هي ذاكرة يمكن أن يتم تدميرها ببساطة واعتبرها وسيلة فقط لتبادل المعلومات وإتاحتها وليس للحفظ. وأوضح أن المملكة العربية السعودية كانت لديها سينما حتى عام 1975، لكن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قضت على ذلك. وفي هذا الإطار دافع عن الأفلام واعتبرها وسائط لا علاقة لها بالأفعال الشيطانية. وأشار إلى أن هناك عاصفة من الرغبة في الحرية لن يوقفها أحد.

الديجيتال فتح الباب لتنوع الرؤى

من جهته تحدث المخرج أحمد عاطف عن مستقبل السينما المصرية وما أحدثه أفاتار من طفرة، مشيراً إلى أن ثورة الديجيتال سوف تستغرق وقتا لكي نكوّن حولها رؤية متكاملة. وأكد أن التكنولوجيا أثرت على شتى مناحي الحياة لافتاً إلى خطورة  تأثيرها على شكل العلاقات بين البشر. وأوضح أن السينما كانت عائقا أمام من لا يملك المال، وأن "فلتر" العمل الفني كان شديد الضيق، لكن الديجيتال فتح الباب لتنوع الرؤى. وأشار إلى أن التكنولوجيا السينمائية حققت تطوراً هائلاً في الفترة الماضية، حيث يتم عرض الأفلام في السينما من خلال جهاز صغير الحجم جداً يسمى" بلو راي" وهو بديل لماكينات العرض التي اعتمدت عليهما دور العرض السينمائية لفترة طويلة. وأضاف أن السينما استفادت من ثورة الديجيتال على مستوى صناعة الأفلام من كاميرات الفيديو المنزلي، واختراع "الفاير واير" الذي يصل بين الكاميرا وأي برنامج للمونتاج بسيط في استخدامه.

فيلم"ألف ليلة وليلة"ثلاثى الأبعاد

وذهب إلى أن عام 2005 هو العام الذي شهد التحول الكبير في عالم صناعة السينما حيث ظهرت تقنية الديجيتال وقدمت حلولا بسيطة لعمل المونتاج والمكساج، حتى أنها أيضاً اقتحمت مجال الطباعة وكشفت عن قدراتها الغير محدودة في عالم الوسائط المتعددة. وأكد أن مواقع الانترنت الجديدة مثل يوتيوب وغيرها سمحت بنوع من المركزية والخصوصية في آن واحد، فهو بمثابة مركز للفيديو الشخصي في العالم. ولفت إلى أن التكنولوجيا لها مخاطرها وسلبياتها التي كانت سبباً في انتشار الأمراض مثل الوحدة والانغلاق، وهي تقلل التفاعل مع المجتمع. وأوضح عاطف أن حركة أفلام الديجيتال في مصر عظيمة وأنتجت حتى الآن حوالي 500 فيلم، وقال إن مصر بها 3 شركات تعمل بأحدث الوسائل التكنولوجية في عالم السينما، وأن شركة "أروما" تعمل حالياً على إنتاج أول فيلم ثلاثي الأبعاد عن ألف ليلة وليلة في مصر.

الجزيرة الوثائقية في

24/03/2010

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)