كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

«أفاتار» في مواجهة اعتراضات الجميع

قفزة جديدة لـ «ملك العالم»

نديم جرجورة

عن فيلم

أفاتار

AVATAR

   
 
 
 
 

«أثار «أفاتار» لجيمس كاميرون سجالات كثيرة في أصقاع الدنيا كلّها. السياسة حاضرة في النقاش. الأفكار والحضارات والبيئة أيضاً. من دون تناسي التفوّق التقني غير المسبوق. الأرباح المالية، البالغة نحو ملياري دولار أميركي في ظلّ أزمة اقتصادية خانقة في العالم، دفعت كثيرين إلى الشعور بالحسد والغبن. إلى قراءة الظاهرة من خارج السينما.

المجلة الفرنسية السينمائية «استديو سيني لايف» نشرت، في عددها الصادر في نيسان الجاري، تحقيقاً حول هذه السجالات كلّها، بعنوان «عمّا سيُغيّره «أفاتار» في هوليوود»، بقلم دوني روسّانو.

بدأ التحقيق بطرح سؤالين اثنين: «ما الذي يحوّل فيلماً إلى ظاهرة مجتمعية؟ وانطلاقاً من أي لحظة، يُصبح نتاجٌ فني رمزاً لعصره؟». رأى التحقيق أن «أفاتار» انتصارٌ كوكبي هائلٌ، لكن ليس سبّاقاً في هذا المجال: «إذا أخذنا في الحسبان التضخّم المالي، فإن فيلم جيمس كاميرون، بالمفردات المالية (الإيرادات)، ليس النجاح الأكبر في الأوقات كلّها». ذلك أن هذا اللقب (النجاح الأكبر) يبقى، أيضاً ودائماً، حكراً على «ذهب مع الريح» (1939) لفيكتور فليمينغ، و«أفاتار» يحتلّ المرتبة السابعة عشرة. أما إذا حُسِب رقم البطاقات المُباعة، فإن «أفاتار» يحتلّ المرتبة السادسة والعشرين: «هذه الحقائق تُنهك، قليلاً، الحالة الاعتدادية الحالية للفيلم، لكنها لا تمنع هذه المشهدية ذات الإنتاج الضخم من أن تكون، اليوم، أكثر بكثير من مجرّد فيلم ناجح».

نجاح وأزمة

هناك من يرى أن «أفاتار» بات «رمزاً لمقاومة الضغط غير القابل للتصديق في سينما أميركية تمرّ في فترة أزمة اقتصادية، حاملة راية الاحتمالات الخرافية، المُقدَّمة إلى السينمائيين على مخطّط الخلق الصافي». اتّخذ «أفاتار»، هو أيضاً، بُعداً غير متوقَّع: بإثارته نقاشات سياسية واجتماعية وثقافية وفلسفية، بات الفيلم «نوعاً من تجسيد موح بدهشة للأحلام ولطموحات مجتمعنا ولاوعينا الجماعي، ومخاوفهما». بهذا المعنى، فإن «أفاتار» ظاهرة خارج المعايير، إلى درجة أنه لا يُمكن لأي فيلم حالي آخر أن يُقارَن به: «(يجب ألا يُنسى) واقع أن جيمس كاميرون، للمرّة الثانية في مسيرته المهنية، وصل إلى لحظة بات يطفو معها في هواء الزمن. لذا، يستحق أن يُكرّم». لكن هناك أمرا آخر غير النجاح التجاري الكبير لـ«أفاتار»: إنه النقاش الذي حرّض الفيلم عليه في دوائر مغلقة، عادة، في هوليوود، وهو نقاش «كشف عمق أثره».

في الأوساط الهوليوودية، جيمس كاميرون مثيرٌ للإعجاب، محسود ومكروه. في الواقع، هناك كثيرون لا يزالون حاقدين على تعبيره: «أنا ملك العالم!»، الذي أعلنه إثر فوزه بجوائز «أوسكار» عدّة عن «تايتانيك» في العام 1997: «مكروهٌ بسبب مزاجه الصعب. والتصوير الكابوسي لـ«هاوية» (1989) لا يزال مشهوراً. سخروا منه بسبب سيناريوهاته المليئة بالكليشيهات. لكن الجميع يُقدّره، لأنه يصوّر مشاهد متفرّدة تؤدّي إلى أرباح، ونجاح «أفاتار» ليس نجاح استديو أو نظام، بل نجاحه الشخصي. بهذا المعنى، كاميرون هو الرابح الأكبر في التحدّي الذي فرضته مغامرة هذا الفيلم. ليس فقط يُثبت المخرج مرّة أخرى بعد «تايتانيك» أن خياله متصل بما يريد العالم كلّه مشاهدته في السينما، لكن، بابتكاره عالماً لا يُشبه أي شيء آخر باستثناء كوكب باندورا، فجّر موهبته كمبدع رؤيوي». أكثر من ذلك، ومع هذا النجاح الهائل، أكّد كاميرون أنه مؤلّف مستقلّ بحدّ ذاته، «لافت للانتباه لإصراره على صنع الفيلم الموجود في رأسه منذ سنوات، ولرفضه تدخّل أي استديو في السياق الإبداعي. نجاح كاميرون أصبح، بالتالي، النجاح الذي يطمح إليه كل سينمائي حالم بهوليوود، لا يريد أن يكون سجين ضغوط الاستديوهات. نجح المخرج (وهو) داخل النظام الهوليوودي، من دون أن يلويه النظام نفسه: عمل باهر، نادر، ونموذجيّ». ثم إن «فوكس للقرن العشرين»، مُنتجة الفيلم وموزّعته، سعت إلى إقناع المخرج بحذف رسالته حول البيئة. لكن المخرج رفض: «هذا (الرسالة البيئية) سبب إنجازي الفيلم». ناضل كاميرون، حتى النهاية، كي يبقى فيلمه أميناً لرؤيته الداخلية: بهذا المعنى، يُمكن القول إن نجاح «أفاتار» نجاح صاحبه في هوليوود.

الصناعة بخير

إذا صرّ البعض أسنانه أمام ما يعنيه رنين نجاح «أفاتار» بالنسبة إلى جيمس كاميرون شخصياً، فإن الجميع في هوليوود يُدرك جيداً أن تأثير السينما الأميركية إيجابي للغاية: «نجاحٌ بهذا الاتساع خيِّرٌ للصناعة كلّها. هناك الخطوة التكنولوجية الكبيرة إلى الأمام التي قدّمها الفيلم، بتحقيقها تحوّلاً حقيقياً شبيهاً بالتحوّل الذي صنعه دخول الكلام إلى الأفلام في العام 1927، والـ«تكنيكولور» في العام 1935، و«سينماسكوب» في العام 1953. وبفضل «أفاتار»، باتت تقنية الأبعاد الثلاثة أولوية بالنسبة إلى الاستديوهات، من «وارنر» (صدمة التيتان، هاري بوتر 7) إلى «سوني» (الرجل العنكبوت 4)». أضاف التحقيق أن هناك أكثر من عشرين فيلماً ستُنجز بهذا الشكل في العام الجاري: «لغاية كانون الأول المقبل، يُفترض بثلث الصالات الأميركية أن تتجهّز بأنظمة عرض ثلاثية الأبعاد. ما فعله «مغنّي الجاز» (1927) لآلان كروسلاند على مستوى الأفلام الناطقة، يصنعه «أفاتار» على مستوى تقنية الأبعاد الثلاثة. فالابتكارات التقنية التي تخيّلها كاميرون وأعضاء فريقه لوضع عالم باندورا في إطار بصري هي، حرفياً ومن دون تلاعب في الكلمات، «علبة باندورا». ثم إن كون التقنيات في هذا الفيلم موضوعة في خدمة النصّ، فهذا أشبه بوضع الكرز على طبق الحلوى. إنه درس يجب على سينمائيين عديدين أن يحفظوه».

كما هي الحال غالباً، عندما يحظى أمرٌ ما أو شخصٌ معيّن بنجاح خارق، تعلو أصواتٌ نقيضة ومزعجة. هذه الأصوات هي التي أثارت نقاشاً حول الفيلم، والتي حوّلت نجاحاً تجارياً إلى شيء آخر: «ظاهرة مجتمع». جاء في تحقيق دوني روسّانو أن المحافظين الأميركيين، المتأهبّين دائماً للحرب، هم الذين أطلقوا الحملة: «سريعاً، وجدوا في الفيلم استعارة نقدية للحرب في العراق، ورسالة هجاء مناهضة للعسكرية وللأميركية»، ناقلاً عن جون بودوريتز (ويكلي ستاندارد)، رأيه المتمثّل بأن الفيلم طلب من المُشاهد «الموافقة على هزيمة الجنود الأميركيين إزاء فتنة مسلّحة»، وعن آرموند وايت (نيويورك برس) قوله: «عندما يدمِّر العسكريون شجرة الروح، يُذكّر الفيلم باعتداء الحادي عشر من أيلول. هذه المصوّرات تبدو كأنها تقول إن «المركز العالمي للتجارة» كان معبد الرأسمالية الأميركية». أضاف التحقيق أن اليمين الأميركي انفجر مهدِّداً. أما كاميرون، فلا ينفي شيئاً، بل على العكس: «بصفتي فناناً، شعرتُ بالحاجة إلى قول شيء ما متعلّق بما يحدث حولي». الجدل، من ناحية أخرى، يُسلّيه: «لنقل إني مفتون بإزعاج هؤلاء الناس. رؤيتهم العالم لا تعجبني». لكن كاميرون يُدافع عن نفسه إزاء تهمة العداء للحسّ الأميركي، ويُذكّر: «أن يكون المرء أميركياً، يعني أن تكون لديه حرية التعبير عن أفكار رافضة».

الحرب الثقافية والفكرية التي حرّض «أفاتار» عليها، كما وصفت تفسيرات عدّة هذه المسألة، لا تقف هنا: اتُّهم الفيلم من قِبَل النسويين بأنه معاد للنساء، ومن قِبَل الليبراليين بأنه مُدافع عن أفكار أبوية حول العلاقة بين الرجل الأبيض والقبائل الأهلية، ومن قِبَل الجمعيات المناهضة للتدخين بأنه رقّى السيجارة، ومن قِبَل الفاتيكان بأنه مجَّد عبادة جديدة للأصنام خطرة، ومن قِبَل «نيويورك تايمز» بكونه «أحدياً» (القائل بوحدة الوجود، أو ذو علاقة بمذهب وحدة الوجود: أي إن الله والطبيعة شيء واحد، والكون المادي والإنسان ليسا إلاّ مظاهر للذات الإلهية)، ومن قِبَل السينافيليين بأنه نسخ «بوكاهونتاس» (1995) لمايك غابرييل وإيريك غولدبيرغ و«مغامرات زاك وكريستا في الغابة الاستوائية في فيرنغولّي» (2002) لبل كروير، ومن قِبَل الروس بأنه نهب القصص الأكثر مبيعاً، الصادرة في الستينيات، والتي تدور أحداثها في كوكب باندورا حيث تُقيم عشيرة «ناف». أما السلطات الصينية، فارتأت عرض فيلم عن كونفوشيوس بديلاً من عرض 1600 نسخة من «أفاتار»، لأنه تماهى بأحد الرموز الأسطورية الخاصّة بالصين.

السفير اللبنانية في

24/04/2010

 
 

عن فيلم ”افاتار من إخراج جيمس كاميرون

دانييل ميندلسون

(طبختان) شعبيتان على نحو هائل, فيلمان منجزان بجهد شخصي يخلقان على نحو ظريف مادة بالمجاورة من مصدرين مختلفين, يجعلان الأوساط الآن على شبكة الأنترنيت تسعى الى النيل من قنبلة جيمس كاميرون الجديدة الساحرة بصرياً والخرقاء آيديولوجياً, افاتار. إن المادة الهائلة غير المصورة المأخوذة من مقدمة فيلم الصور المتحركة الحائز على جائزة الأوسكار (بوكاهونتاس)- 1995, الذي أنتجته شركة دزني, قد أقحمت في مقطع من (افاتار) تحدث فيه, كما في (بوكاهونتاس), مجابهة بين السكان الأصليين السود والغزاة البيض المصممين على الإستغلال التجاري تلطفها قصة حب بين ثقافتين مختلفتين. (على الرغم من أن عالميهما مختلفان... فإن مصيرهما واحد), هكذا يترنم صوت الراوي المتسم بنبرة الطبقة العليا, يقاطعه صوت بوهاتان وهو يقول: (الزوار الشاحبون غرباء عنا).

الطبخة الأخرى تعكس النكتة. هنا, حوار من افاتار- يمنح فيها جندي مقعد منتسب سابق للبحرية فرصة ثانية للحياة في عالم جديد غريب يدعى (باندورا), وهناك يغرم بفتاة من السكان الأصليين, وهو تعقيد يربك ولاءاته- قد أقحم كذلك في مقاطع قصيرة من بوكاهونتاس. في آن معاً, نرى صورة متحركة لسفينة النقيب جون سمث بعد أن تقوم بهبوطها المشؤوم على (جيمزتاون), بينما نسمع شخصية في افاتار, عقيد صارم في البحرية وهو يرحب بالجنود الجدد القادمين الى باندورا, يقتبس على نحو تهكمي مقطعاً من حوار الفيلم أصبح تعبيراً رمزياً عن جميع أنواع النزوح الثقافي: (سيداتي وسادتي, لستم في كانساس بعد الآن), هكذا يجأر العقيد بصوت عالٍ عميق.

النقد اللاذع لهاتين الطبختين موجه الى ما نظر اليه بوصفه الطبيعة القائمة على الإشتقاق بشكل كبير, إذا لم نقل على الإنتحال الصريح, في فيلم افاتار, من حيث الحبكة والشخصيات والموضوعات, تلك الموضوعات التي تبدو فعلاً, من أوجه عديدة, مثل تحديثات قصص خيال علمي لتلك التي تجدها في بوكاهونتاس. في هذا الفيلم, جندي البحرية (جيك سولي) المشلول الساقين الذي جرح أثناء حرب في فنزويلا, يبدأ بوصفه خادم سيدين مرتبكاً ومشوشاً.

فمن جهة, إنه ظاهرياً يساعد في تجربة فائقة التقنية يقوم فيها بشر, وهم مستلقون في أوعية شبيهة بالتوابيت الحجرية محشوة بأسلاك تراقب موجاتهم الدماغية, بالتحكم عن بعد بكائنات (الأفاتار) المخلّقة مختبرياً على غرار شعب (النافي) سكان الغابات المحبين للطبيعة ذوي البشرة الزرقاء شديدي الشبه بالإنسان.

كل هذه التكنولوجيا يراد منها أن تساعد العلماء المصممين بقوة على الإندماج مع شعب النافي والتفاوض معهم في آخر المطاف لغرض التوصل الى حل دبلوماسي لمشكلة استعمارية مزعجة: إن موطنهم, الذي يتخذ شكل خلية هائلة من الأشجار, يصدف أن يتربع على قمة مستودع غني بمعدن نفيس قدم البشر الى باندورا لغرض استخراجه.

المشكلة هي أن سيد جيك الآخر- الذي يعمل له سراً في البدء, مخترقاً شعب النافي بهدف جمع معلومات ستراتيجية- هو جيش المرتزقة من جنود البحرية المستخدمين من لدن (شركة) غامضة تعمل على استخراج المعدن النفيس. (الشركات الاسغلالية المجهولة الاسم هي فكرة مهيمنة ومتكررة في أفلام هذا المخرج).

واضح منذ البداية أن كلاً من الشركة وجنود البحرية يتلهفون الى تجنب الدبلوماسية من أجل حل عنيف ودائم لمشكلة شعب النافي. الجزء المثي من الفيلم هو ذلك الذي يتعقب التحول في وعي جيك حيث يصبح تدريجياً معجباً بثقافة شعب النافي بارتباطها العميق والعضوي بالطبيعة [وفي الحبكة الثانوية الرومانسية الحتمية, يفضي الى الإفتتان بأميرة شعب النافي الجميلة التي تحمل اسم (نايتيري) الذي يبدو اسماً مصرياً]. في آخر الأمر, يقف جيك في صفهم, ليقود الشعب الأصلي في انتفاضة ذروية وعنيفة الى أقصى حد ضد مضطهديهم الدمويين.

حتى الآن, قد يبدو الفيلم صحيحاً جداً من الوجهة السياسية. مع ذلك فإن معظم الإنتقادات التي وجهت اليه منذ عرضه الأول في كانون الأول تتعلق بطبيعة سياسته أكثر من أصالة رؤيته. العديد من النقاد هاجم فيلم كاميرون بسبب ما يراه المعاني الأخرى الضمنية لصورة تقديم شعب النافي (البدائي) المنحازة, إذا لم نقل العنصرية؛ والرياء الضمني لاحتفاء علني, من جانب قنبلة هوليوود المرصعة بالمؤثرات على نحو خاص, بالطبيعة وما يرافق ذلك من جدل ضد التكنولوجيا وما يتصل بها من طمع, والطريقة التي خرج بها الفيلم على مبدأ عقدة (المخلّص الأبيض), بحسب تعبير ديفيد بروكس الساخر في عموده في جريدة نيويورك تايمز.

الفيلم يقوم على الفكرة الثابتة القائلة بأن الناس البيض عقلانيون وتقنيون بينما ضحايا الإستعمار روحانيون ورياضيون. إنه يقوم على افتراض أن غير البيض يحتاجون الى المخلّص الأبيض ليقود حملاتهم الصليبية.

إنه يقوم على افتراض أن الأمية هي طريق الفضيلة. كما أنه يخلق نوعاً من امبريالية ثقافية ذات حدين. السكان الأصليون في مقدورهم إما أن يتركوا تأريخهم يشكله امبرياليون قساة أو امبرياليون خيرون, ولكن في كلا الحالين (سيكونون ممثلين ثانويين في رحلتنا باتجاه الإعجاب بالذات).

إن انتقادات مثل تلك التي وجهها بروكس لايمكن التغاضي عنها: ليس في الأقل لأن العقدة القبيحة التي يشخصها هي العقدة التي شوهت تمثيلات هوليوود للمجابهة الثقافية ابتداءً من الأفلام الغربية المبكرة وانتهاءً بآخر النتاجات التي أنتجت في عصر يفترض أن يكون أكثر تنوراً. [من بين العديد من الأفلام الجادة التي قورن بها افاتار على نحو ساخر من لدن منتقديه هو ملحمة كيفن كوستنر المنتج عام 1990(الرقص مع الذئاب Dances with Wolves) الذي يصبح فيه بطل حرب أهلية, على نحو مماثل, من المواطنين الأصليين ليقود القبائل الهندية ضد مواطنيه السابقين]. ما يصدم في الأمر هو أن العديد من الإنتقادات الموجهة الى عيوب افاتار السياسية تخرج عن مسارها لتتجاهل أو تقلل من قيمة نجاحات الفيلم الطاغية بوصفه عملاً سينمائياً- طاقته البصرية الهائلة, أصالته التخييلية المدهشة, الإستخدام الفعال على نحو مثير للتكنولوجيا الثلاثية الأبعاد التي تبدو أن لا مناص من أنها سوف تغير على نحو دائم طبيعة التجربة السينمائية من هنا فصاعداً- كأنها تعترف (أي هذه الإنتقادات) بأنه كم سيكون باهراً الإقرار (بالضعف النقدي).

خير مثل على ذلك يمكن العثور عليه في نقد لاذع قدمه الناقد كاليب كراين على موقعه:

[أنتم بالطبع لا تصدقون ذلك حقاً. أنتم تعلمون بشكل موضوعي أن ما تشاهدونه هو سلسلة من تمثيلات بالكومبيوتر عالية المهارة وعالية التكثيف.

ولكن لو أنكم توافقون على إرجاء عدم التصديق, فأنكم توافقن على أن تحاولوا أن تشعروا بأن باندورا هي طبيعة ثانية محسنة وان شعب النافي هو (شعب أصلي رقمي) من أجل إعادة القصد بشكل حرفي لعبارة تعتمد على (الخدعة الآيديولوجية ذاتها).

ولكن (معرفتنا الموضوعية) بشأن الآليات التي تنتج الإيهام المسرحي تقف في صالح هذه النقطة. أن ترى ناقداً يعمل بجد كبير لا يسلم بعدم التصديق- وهو هدف الدراما, بعد كل شيء, منذ نشوئها- يعني, من ناحية ما, إدراك مدى قوة الآليات التي تسعى الى إنتاج هذا التسليم حقاً.

كما يحدث فعلاً, إن الفيلم الذي يلاحق افاتار- الفيلم الذي أقر كاميرون مراراً بأنه فيلمه المفضل- هو ذلك الفيلم الذي يأخذ شكل حكاية خرافية عن الإختلاف (وأحياناً العلاقة المتبادلة) بين الخيال والواقع؛ فيلم تتمحور ذروته الدرامية حول اللحظة التي يفهم فيها البطل أن الإيهامات الطاغية بصرياً والمناورة سياسياً يمكن أن تكون نتاج (تمثيلات عالية المهارة وعالية التكثيف) (وهو واقع, على أية حال, لايقلل من إعجاب الشخصيات وإعجابنا بالإستخدامات الجمالية والمعنوية وإيجابيات الخيال, الإيهام).

ذلك الفيلم هو, في الواقع, الفيلم الذي يقتبسه عقيد البحرية: (ساحر أوز The Wizard of Oz).

الصباح الجديد العراقية في

26/03/2010

 

أفاتار.. الفصل الأخير في قصة «الأفلام الأكثر دخلاً» في التاريخ 

تُردد وسائل الإعلام هذه الأيام نبأ تصدر فيلم (آفاتار-Avatar) لقائمة الأفلام الأكثر دخلاً في تاريخ السينما بعد حصده لأكثر من ملياري دولار حول العالم منذ بدء انطلاق عروضه السينمائية في 18 ديسمبر الماضي. وقد أكد التناول الإعلامي على فكرة واحدة فقط هي تحطيم "أفاتار" للرقم القياسي السابق الذي كان مسجلاً باسم فيلم (تايتانيك) منذ العام 1997، من دون ذكر الحكاية الكاملة لتاريخ الأفلام الأكثر دخلاً منذ تأسيس السينما وحتى اليوم. حيث لا يعتبر "أفاتار" سوى محطة من محطات تطور هذا التاريخ الكبير المطرز ببريق المال والنجاح.

وبطبيعة الحال فإن هذا التاريخ محصور بالسينما الأمريكية فحسب، وبهوليود تحديداً، نظراً لاتساع سوق الفيلم الأمريكي الذي يمتد لكل ركن في الكرة الأرضية، عكس بقية سينمات العالم والتي لا توزع إلا في نطاقها الإقليمي. لذا فإن الحديث عن تاريخ الأفلام الأكثر دخلاً يعني في جانب منه الحديث عن تاريخ السينما الأمريكية ككل.

في البدء كانت صالات السينما

اعتمدت السينما الأمريكية منذ بدايتها على سوق ضخم يتكون من آلاف الصالات السينمائية، وقد اعتبر هذا العدد الكبير عامل الحسم الأول الذي أعلن تفوق أمريكا على دول العالم قاطبة في مجال السينما الشعبية، حيث كانت تمتلك أكثر من عشرة آلاف صالة عرض سينمائي في العام 1910 في الوقت الذي لم يكن لدى بقية دول العالم أكثر من ثلاثة آلاف صالة. وبحسب المؤرخ الفرنسي جورج سادول في كتابه المهم "تاريخ السينما في العالم" فإن سبب انتشار الصالات في أمريكا يعود لارتباطها أولاً بالمهرجانات الشعبية مثل السيرك ثم رخص قيمة تذكرة الدخول والتي لم تكن تتجاوز نيكلاً واحداً حتى عرفت هذه الصالات ب"منتديات النيكل".

ازدياد الإيرادات.. وثبات المعدل

وقد أدى تضخم عدد الصالات في العقود الأولى من القرن الماضي إلى ارتفاع كبير في إيرادات الأفلام داخل أمريكا ومنح شركات الإنتاج قوة ماليّة تمكنت بفضلها من خلق نظام فعّال لتوزيع أفلامها إلى بقية دول العالم. لتنشأ من ذلك قائمة سنوية للأفلام الأعلى دخلاً حول العالم. وتوضح هذه القائمة أن معدل الدخل لكل فيلم ينتمي للفترة من 1918 وحتى 1972 لم يتجاوز أبداً حاجز المائة مليون دولار حيث تراوحت الإيرادات من مليون وسبعمائة ألف دولار لفيلم The Painted Veil عام 1934 إلى ستة وتسعين مليون دولار سجلها فيلم الكاوبوي الحائز على الأوسكار Butch Cassidy and the Sundance Kid عام 1969.

ذهب مع الريح.. استثناء في كل شيء

لكنْ هناك استثناء لافت خلال هذه الفترة لصالح الملحمة الرومانسية الخالدة (ذهب مع الريح- Gone with the Wind) التي حصدت أكثر من 390 مليون دولار حول العالم. فمع هذا الفيلم، الذي أخرجه فيكتور فيلمنغ ولعب بطولته كلارك غيبل وفيفيان لي، تحطمت جميع الأرقام القياسية وبشكل مثير نظراً لأن الفترة التي ظهر فيها –عام 1939- سجلت انحساراً لسوق الفيلم الأمريكي في العالم بسبب نذر الحرب العالمية الثانية والصراع مع العالم الشيوعي.

العراب.. يبدأ مسيرة "أكثر من مائة مليون"

ومع رائعة المخرج فرانسيس فورد كوبولا فيلم (العراب-The Godfather) انطلقت المسيرة الحقيقية للأفلام الأعلى دخلاً حول العالم، حيث تجاوز الجزء الأول من هذا الفيلم في سنة ظهوره –عام 1972- حاجز المائة مليون دولار، مُدشناً بذلك مرحلة جديدة بمستويات قياسية في الأرباح لم تتراجع عنها السينما الأمريكية حتى هذه اللحظة. وقد حقق فيلم "العراب" حينها أكثر من مائتين وخمسة وأربعين مليون دولار رغم أن كلفته الإنتاجية لم تتجاوز ستة ملايين دولار فقط.

وفي السنة التي تليها -1973- حصد فيلم الرعب الشهير (طارد الأرواح-The Exorcist) حوالي أربعمائة مليون دولار حول العالم وذلك للمرة الأولى في تاريخ السينما الأمريكية. ليستمر التصاعد في العام 1975 مع فيلم Jaws للمخرج ستيفن سبيلبرغ والذي حصد أكثر من أربعمائة وسبعين مليون دولار مقترباً من حاجز النصف مليار ومؤسساً لمفهوم "موسم أفلام الصيف" ذات الإيرادات الضخمة.

حرب النجوم.. الانفجار الأكبر

اللحظة الأكبر في تاريخ الأفلام الأكثر دخلاً في تاريخ السينما ستأتي عام 1977 مع الجزء الأول من سلسلة (حرب النجوم) للمخرج جورج لوكاس والذي حصد أكثر من سبعمائة وثمانين مليون دولار حول العالم ليحتل المرتبة الأولى في القائمة وسيبقى ثابتاً فيها حتى العام 1982 مع فيلم E.T للمخرج ستيفن سبيلبرغ الذي كسر الرقم السابق بفارق ضئيل واحتل المرتبة الأولى بمجموع إيرادات بلغ تسعمائة وتسعين مليون دولار. وسيبقى المقعد الأول من نصيب ستيفن سبيلبرغ بعد أن كسر -هو بنفسه- رقمه السابق مع الجزء الأول من سلسلته الشهيرة (الحديقة الجوراسية-Jurassic Park) عام 1993 بمجموع تجاوز حاجز التسعمائة مليون دولار.

سفينة التايتانيك.. تغرق في بحر المليار

لم تكن الموجة التي نشأت عن غرق سفينة التايتانيك في العام 1912 لتنتهي إلا بعد أن جرفت السينما معها وأغرقتها في بحر المليارات للمرة الأولى في التاريخ، حيث جاء الفيلم الذي يحمل نفس الاسم للمخرج جيمس كاميرون في العام 1997 ليحصد ملياراً وثمانمائة مليون دولار مسجلاً رقماً قياسياً سيبقى ثابتاً وعصياً على الكسر حتى هذه السنة 2010 التي جاء فيها جيمس كاميرون ذاته برائعته الجديدة (أفاتار) ليحطم كل شيء بإيراد لا يزال يتضخم رغم تجاوزه لحاجز الملياري دولار.

نادي المليار ليس حكراً على كاميرون

ورغم أن المخرج جيمس كاميرون هو من نافس نفسه على صدارة القائمة منذ العام 1997 بفيلميه الكبيرين (التايتانيك) و(أفاتار) إلا أن هذه الفترة تحديداً قد شهدت دخول ثلاثة أفلام أخرى في نادي المليار دولار لكن دون أن تتجاوز رقم "تايتانيك" وهي: الجزء الثالث من سلسلة (ملك الخواتم-The Lord of the Rings) عام 2003، الجزء الثاني من سلسلة (قراصنة الكاريبي-Pirates of the Caribbean) عام 2006، وفيلم (فارس الظلام- The Dark Knight) عام 2008.

الرياض السعودية في

26/03/2010

 

الأفلام الثلاثية الأبعاد.. موضة أم مستقبل السينما

«أفاتار» ينقل صناعة السينما إلى بعد آخر

الوقت - ترجمة الطاهر الجمل

حتى بعد تحقيقه أكبر إيرادات في تاريخ السينما العالمية لا يزال فيلم <>أفاتار>> يثير الكثير من الحبر بسبب تقنيات الفيلم التي استخدمت لأول مرة في تاريخ السينما، فهو الفيلم الأول الذي تم تصويره بالكامل بصورة ثلاثية الأبعاد، كما قام مخرج الفيلم جيمس كاميرون بتأليف لغة خاصة بأبطال الفيلم على كوكب <>النافي>>. لكن ما هي التقنيات الفنية المستخدمة في هذا الفيلم وجعلته يختلف عن غيره من الأفلام ثلاثية الأبعاد التي عرضت على شاشات السينما في مختلف أنحاء العالم؟

عمل شاق وطويل

تم إنجاز جميع مراحل فيلم <>أفاتار>> الفنية في شركة modern videofilm في الساحل الغربي للولايات المتحدة. كل مشهد ولقطة بل وحتى دعاية الفيلم وإعلاناته الترويجية مرت عبر أنبوب تقني حديث للغاية، يقوم بتحويلها إلى الصورة ثلاثية الأبعاد، هذا إضافة إلى مراحل الفيلم المختلفة من مكساج ومونتاج والتأكد من الترجمة الإنجليزية للغة كوكب النافي.

بكل تأكيد فإن <>أفاتار>> مشروع طموح يكسر قيود الأفلام ثلاثية الأبعاد السابقة، وتم تصوير 75% من لقطاته بتقنية VFX وتم تجمعيها في شركة المونتاج لقطة لقطة.

طرح «أفاتار» الثلاثي الأبعاد

طرح <>أفاتار>> جاء متزامناً مع طرح نسختين الأولى عادية والثانية ثلاثية الأبعاد، وبعد تصوير النسخة الأولى الثنائية البعد، تم إدخال التقنيات الحديثة لجعلها ثلاثية الأبعاد، وهذا يتطلب جهداً كبيراً، وقامت الشركة بتخصيص فريق فني متكامل بمعدات متعددة ليقوم بتحويل الفيلم.

<>كنا نعمل أربعة وعشرين ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع لمدة ستة أشهر>>، هكذا يقوم مشرف عملية مونتاج الفيلم روجر برجر، الذي عمل على عدد من الأفلام ثلاثية الأبعاد من قبل ومع جيمس كاميرون نفسه.

ما أثار حماس روجر للعمل في هذا الفيلم، هو الضغط الكبير والمتواصل من أجل أن يطرح الفيلم بأسرع وقت ممكن، <>كنا نريد أن نجهز عددا كبيرا من نسخ الفيلم في وقت قياسي، كانت ماكينات المونتاج تعمل بصورة متلاحقة، وهي عملية في غاية التعقيد، ولكن في نفس الوقت نستطيع تعديل أي مشهد نريده في أي وقت>>.

صناعة فيلم تاريخي

<>إضافة ترجمة على فيلم ثلاثي الأبعاد تعتبر عميلة صعبة للغاية، لكن شركة Quantelقامت بدعمنا وتوفير كل ما نحتاجه، وعندما تقوم بوضع الترجمة على النسخة الثلاثية الأبعاد يجب أن تكون في المكان الصحيح حتى تتلاشي التداخل مع محتوى الفيلم نفسه>>، وذلك في شرح للمشرف روجر برجر.

ويعتبر برجر نفسه محظوظا للغاية، <>أشاهد عملية وضع المؤثرات الصوتية فور أن أنتهي منها. إنه أمر رائع بالنسبة لي.. إنه قمة في الترف والرفاهية، لا أعتقد أننا سوف نقوم بإنتاج الفيلم بهذه التقنية العالية سوى بدعم الشركة المنتجة التي ساهمت في إخراج الفيلم بهذه الصورة>>.

رئيس الشركة التقنية المنفذة للفيلم يقول <>نحاول في شركتنا أن نقدم لعميلنا كل ما يحتاجه من تقنيات تساهم في جودة العمل، كما إننا محظوظون لأننا ساهمنا في صناعة هذا الفيلم التاريخي، ومحظوظون أيضا لأننا عملنا مع مخرج عظيم كجيمس كاميرون ومدير تقني كروجر برجر.. هذان الاثنان يعتبران الأفضل في عالم السينما>>.

أكبر إيرادات في التاريخ

يذكر أن فيلم <>أفاتار>> قد حقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما العالمية وصلت إلى أكثر من ملياري دولار، وتقع أحداث الفيلم في المستقبل، في كوكب <>بندورا>>، ويمتلك هذا الكوكب حضارة وثقافة ولغة خاصة به، كما يمتلك ثروة طبيعية نادرة خاصة به، وبالطبع يسعى سكان الأرض إلى السيطرة على هذا الكوكب للاستفادة من هذه الثروات، وقاموا بتطوير تقنية تقوم بتحويل البشر إلى سكان كوكب بندورا، وذلك من أجل دراسة هذه الحضارة وثقافتها ومعرفة أنسب الطرق للاستيلاء على هذا الكوكب.

رغبة في الاستيلاء على الكوكب

بطل الفيلم، الجندي الذي يتم إرساله إلى هذا الكوكب، يبدأ شيئا فشيئا في الاقتراب من هذه الحضارة، ويكتشف أن ثرواتهم موجودة تحت شجرة مقدسة لدى هذه الحضارة، ويقع البطل في حب واحدة من سكان هذا الكوكب، إضافة إلى انه يتعلق بهذه الحضارة ولا يرغب في أن يتم الاستيلاء عليها من سكان الأرض.

*المصدر:

مجلة AV Specialist العدد 110

الوقت البحرينية في

27/03/2010

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)