كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

إعلان جوائز الأفلام القصيرة في مهرجان برلين السينمائي لهذا العام

برلين ـ من عدنان حسين أحمد

مهرجان برلين السينمائي الدولي

الدورة التاسعة والخمسون

   
 
 
 
 

وُزِّعت في صالة ' CinemaxX3 ' في العاشر من الشهر الجاري جوائز الدب الذهبي والفضي لمهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته التاسعة والخمسين على المخرجين الذين فازت أفلامهم في مسابقة الأفلام القصيرة حيث نال المخرج الآيرلندي ديفيد أورَيلي جائزة الدب الذهبي عن فيلمه 'أرجوك قل شيئاً'. وقد قالت لجنة التحكيم عن هذا الفيلم بأنه 'أعطانا الكثير من العاطفة والحساسية وأشياء أخرى كثيرة تدعونا للتفكير بها. قصة انسانية جداً ذات شخصيات جعلتنا نضحك ونشعر بالحزن في الوقت ذاته'. الفيلم مدته عشر دقائق ويتمحور حول العلاقة المُقلقة التي تقع بين قطة وفأرة في المستقبل البعيد. المخرج ديفيد أورَيلي من مواليد كلكني في آيرلندا. وهو معروف بأفلامه التحريكية القصيرة المبدعة وقد وصفته الفنانة الأمريكية الشهيرة شيني غاردن بأنه 'يقف بين كوبريك، كوفمان وكيتاماين'. من أفلامه المعروفة 'ابن رامبو' و 'حادثة صغيرة'. كما حصل المخرج البريطاني الشاب دانييل إليوت على جائزة الدب الفضي عن فيلمه 'حجر كريم' الذي أثار اعجاب لجنة التحكيم 'لما يتوفر عليه من دراما فردية لامرأة شابة ولشكل الفيلم المكثف. إنها قصة رقيقة أسَرَتنا منذ بدايتها البريئة وحتى نهايتها المفتوحة.' المخرج دانييل إليوت مولود في شمال شرقي انكلترا. درسَ السينما في جامعة نورثمبريا في نيوكاسل. من أفلامه المميزة 'الوصول هناك' حيث نال العديد من الجوائز. وفيما يتعلق بجائزة الـ ' DAAD ' فقد ترشحت لها المخرجة الكوبية سوزانا باريجا عن فيلمها الموسوم ' وهَم ' وقد قالت لجنة التحكيم عن هذا الفيلم بأنه ' يَعرِض أمكنة وليس وجوهاً حيث تواجه هذه اليوميات الفيديوية بشجاعة نادرة الماضي الذي لا يمكن استرداده. إنه شكل شخصي جداً للسينما نجح في رسم مشهد أوتوبيوغرافي للضياع ' تدور قصة هذا الفيلم حول 'باريجا' التي تسافر الى لندن لكي ترى والدها الكوبي المنفي الذي غادر البلاد حينما كانت ابنته صغيرة جداً وكان يتواصل معها عبر الرسائل فقط. وحينما تصل الى منزل والدها وهي المجهولة بالنسبة اليه تشغِّل الكاميرا حيث تحدث أمور مدمرة فعلاً. فالرجل مُصاب بجنون الاضطهاد الى الدرجة التي يسألها عن جواز سفرها ويعتقد بأنها ابنة عميل حكومي كوبي. فيما ترشّح فيلم 'معاناة اللورد كاربف في عيد ميلاده' للألمانية لُولا رانديل الى جوائز الفيلم الأوروبي ذائعة الصيت. وقد وصفت لجنة التحكيم هذا الفيلم بأنه 'لا يهم أن يكون الفيلم وثائقياً أو روائياً، لأنه ينطوي على طريقة تمثيل ذكية وبسيطة. فيلم يتعامل مع المشكلات الشخصية التي تُقدَّم بشكل فني' وراندل هي من مواليد ميونيخ 1980. درست في أكاديمية كولون للفنون الاعلامية. وأخرجت عدداً من الأفلام من بينها 'برنامج الظهيرة'. أما التنويهات فقد ذهبت الى فيلمي' VU ' للفرنسية ليلى البياتي، و'عكس الضوء' للمخرجَين الألمانيين كريستوف جيرارديت وماثياس مولر. تألفت لجنة الحكيم العالمية للأفلام القصيرة من الفليبيني كافن ديلا غروس، والكوسوفية آرتا دوبروشي والألماني لارس هنريك غاس. وجدير ذكره أن هذا القسم عرض ' 28 ' فيلماً تمثل ' 17 ' بلداً حيث تنافس ' 11 ' فيلماً على جائزتي الدب الذهبي والفضي لأفضل فيلم قصير وجائزة ' DAAD ' التي تؤهل لجائزة الفيلم الأوروبي. ومن بين الأفلام القصيرة المشتركة في هذا القسم هي ' Bric-Brac ' للروماني جابرييل أجيم، 'قايين' للبلجيكي كريسفور هورنائيرت، 'طبق' للأمريكي برايان هارس كرينسكي، 'رحلة الى الجرح' للأندونيسي إدوين، و'الجزيرة' للكندي تريفر أندرسون.

القدس العربي في 16 فبراير 2009

 
 

مهرجان برلين السينمائي

تحديات الصناعة السينمائية في ظل الأزمة العالمية

ترجمة: ناجي العرفاوي

اختتمت الدورة التاسعة والخمسون من مهرجان برلين السينمائي الدولي مع الاعلان عن الافلام المتوجة علما ان لجنة المهرجان اختارت 26 فيلما سينمائيا للمشاركة في المسابقة الرئيسية فيما ترأس تيلدا سويندون لجنة التحكيم.

يعتبر مهرجان برلين السينمائي الدولي في المانيا ثاني أهم المهرجانات العالمية بعد مهرجان كان السينمائي الدولي في فرنسا. فقد تأسس سنة .1951

يسجل مهرجان برلين أيضا أعلى نسبة حضور من بين جميع المهرجانات السينمائية الدولية الأخرى، علما أن المهرجان يشهد عرض ما يناهز 400 فيلم في مختلف فروعه غير ان لجنة المهرجان تختار قرابة العشرين من أجل المشاركة في المسابقة الرئيسية والمنافسة على أهم الجوائز المرصودة وفي مقدمتها جائزة "الدب الذهبي" لمهرجان "برلين السينمائي".

سوق الفيلم الأوروبي:

على هامش المهرجان يقام أيضا سوق الفيلم الاوروبي وهو يستقطب المخرجين والمنتجين والموزعين ومندوبي الشركات الانتاجية والاعلانية، بالاضافة الى المخرجين الشبان من مختلف دول العالم والذين مازالوا يتلمسون طريقهم في عالم الفن السابع.. يحضر المهرجان وسوق الفيلم الاوروبي اكثر من 20 ألفا من المحترفين المرتبطين بالصناعة السينمائية العالمية، من أكثر من 120 دولة في العالم فيما يتولى أكثر من 4200 صحفي التغطية الاعلامية لهذا الحدث السينمائي السنوي العالمي. وهكذا فقد نجح هذا المهرجان العريق في الجمع ما بين الفن والنجومية والتجارة والاضواء الاعلامية.

مدرسة المواهب:

يشهد المهرجان أيضا سنويا اقامة عدة فعاليات موازية لعل أهمها "مدرسة المواهب" Belinale Talent Campas وهو عبارة عن منتدى أو جامعة للمخرجين الشبان الذين تتوفر فيهم الموهبة ومايزالون يبحثون عن طريق النجاح واكتساب الخبرة من خلال الاحتكاك بعمالقة الاخراج السينمائي في العالم.. في كل سنة تدرج لجنة تنظيم المهرجان ما لا يقل عن 350 مشاركا في "مدرسة المواهب" من مختلف انحاء العالم وهي تشتمل على سلسلة من الورش التي يقودها كبار الخبراء العارفين بأسرار الصناعة السينمائية من أمثال بارك تشان ووك وستيفن فريزر ودنين هوبر ووالتر مورتش وشارلوت رامبلنج وردلي سكوت وويم وندز.

المسابقة الرئيسة:

لقد ادرجت عديد الافلام السينمائية في المسابقة الرئيسة لهذا العام للمراهنة على أهم الجوائز. من هذه الافلام تذكر على سبيل المثال:

* فيلم: عزيزي" Cheri للمخرج ستيفن فريرز (المملكة المتحدة).

* فيلم Alle Anderen (ألمانيا) اخراج مارين آد.

* فيلم: "ايلي" About Elly - اخراج أصغر فرهدي (ايران).

* فيلم "دموع سعيدة" - Happy Tears - اخراج ميتشيل لنشتاين (أمريكا).

* فيلم "كاتلين فارجا" - Katalin Vaega - اخراج بيتر ستريكلاند (رومانيا - بريطانيا - المجر).

* فيلم: الجندي الصغير: Little Soldier اخراج أنيت اولسن - (الدنمارك).

* فيلم: "مسحورة الى الابد" - Forever Enthralled. اخراج تشين كايج (الصين).

* فيلم: الرسالة - The Messenger - اخراج أورين موفرمان. (أمريكا).

* فيلم: "نهر لندن" London River - اخراج رشيد بوشارب (انتاج جزائري فرنسي بريطاني مشترك).

* فيلم: Mammoth - اخراج لوكاس مودليمون. (السويد - المانيا - دنمارك).

* فيلم: My One and Only - اخراج ريتشارد لونكرين - (أمريكا).

* فيلم: الغضب - Rage - اخراج سالي بوتر (بريطانيا - أمريكا).

فيلم: "ريكي" - Ricky - اخراج فرنسوا اورون. (فرنسا - ايطاليا).

فيلم: تاتاراك - Tatarak - اخراج اندريه وجدا. (بولندا).

* السينما في مهب الأزمة المالية العالمية:

تنظم هذه الدورة من مهرجان برلين السينمائي في خضم أزمة مالية عالمية خانقة حتى رجل السياسة الالماني ويز شولز من حزب الخضر قد علق قائلا: "ان الناس اصبحوا يخافون من الازمة المالية اكثر من خوفهم من تنظيم القاعدة.

يعرف المخرج الالماني توم تاكوار بفيلم - Run LoLa Run - الذي تدور أحداثه حول سرقة أحد المصارف. استبق هذا المخرج الازمة المالية وهو يشارك بعمل سينمائي من افلام الرعب بعنوان: The International.

هذه المرة، يصبح البنك بدوره هو اللص الذي يحتال على الزبائن.. يصور الفيلم هذا المصرف على انه منظمة اجرامية ترتكب السرقات واعمال القتل والابتزاز. يلعب دور البطولة في هذا الفيلم النجم البريطاني كلايف أوين الذي تألق من قبل في فيلم Insiole Man.

هل ستخرج الصناعة السينمائية من هذه الازمة المالية الحادة بأخف الاضرار؟.

أما هل ان الصناعة السينمائية ستخرج مستفيدة من الازمة بما ان الافلام توفر للمشاهد الذي تطارده الهواجس والمشاكل اليومية مهربا من الواقع الى الخيال؟.

كيف ستكون الانعكاسات البعيدة المدى للركود الاقتصادي العالمي على الصناعة السينمائية؟

مالذي يجب ان يتغير في هذه الصناعة؟

تلك هي الاسئلة التي ستردد على كل لسان في مهرجان برلين.

لقد كانت الصناعة السينمائية الى وقت غير بعيد تحقق أعلى الايرادات في سنة 2008 بلغت مداخيل الشباك في الولايات المتحدة الامريكية وحدها أكثر من عشرة مليارات دولارا، بزيادة في الارباح بلغت 2% مقارنة بنسبة .2007

حققت عدة دول اخرى مثل كندا وايطاليا ايضا طفرة في الارباح فيما زادت نسبة الاشغال في دور العرض السينمائي في فرنسا بأكثر من 6%. في مقابل زيادة بخمسة في المائة في بريطانيا التي تعصف بها الآن الازمة المالية العالمية. أما في المانيا فإن هذه النسبة قد بلغت 2% في سنة .2008

يقول توماس فيدل من شركة يو.اف. آي السينمائية:

"قد تخرج الصناعة السينمائية أكبر مستفيد من الازمة الحالية ذلك انها توفر مهرجانا للمشاهد من الواقع المرير".

قد لا يكون الامر كذلك وتعود الازمة المالية على السينما العالمية بعواقب وخيمة.. فلدى اندلاع الازمة المالية سنة 1929 لجأ الناس فعلا الى السينما وحققت هوليود سنة 1930 أعلى نسبة حضور في تاريخها حتى الآن. لقد كانت هوليود تنفس عن الناس الذين كانوا يشعرون باليأس والمرارة وتبيعهم الاحلام.

لم تتواصل تلك الطفرة..

في سنة 1931 اصبح الامريكيون يقللون من نفقاتهم لتنهار ايرادات الاستوديوهات السينمائية بأكثر من 25% الامر الذي اضطر الكثير من دور العرض السينمائي الى اغلاق ابوابها بعد افلاسها.

لم تعد اغلب هذه الاستديوهات الى تحقيق الارباح الا بعد مرور قرابة السنة.. تظهر التقارير ان نسبة الاقبال على دور السينما في العالم قد بدأت فعلا تتراجع.

في هذا الوقت اصبحت لغة المال هي الطاغية. أكثر من أي وقت مضى. في ظل الازمة المالية العالمية، اصبح المنتجون والمخرجون يضحون بالقصص والسيناريوهات ذات المضامين المحلية التي تحكي الخصائص الثقافية والحضارية لهذه الدولة أو تلك.

لقد بات التركيز فقط على سيناريوهات الافلام ذات الابعاد العالمية التي تستقطب كل مناطق العالم. أما شركات البيع والتوزيع فهي لا ترغب الا في تمثيل اعمال سينمائية قابلة للبيع في مختلف بلدان العالم وهم يعتبرون ان الاعمال السينمائية المحلية لم تعد تمثل سلعة قابلة للرواج.

لعل ما يؤكد هذا التوجه الحالي في السينما العالمية ان مهرجان برلين سنة 2009 قد خير العرض الافتتاحي تقديم فيلم "الدولي" The Internationa الذي انجزه المخرج الالماني توم تاكوير ولعب دور البطولة فيه النجم البريطاني كلايف اوين والنجمة الاسترالية نعومي واتس والنجم الدنماركي اولريخ تومسون هذا الفيلم انتج بتمويل من الولايات المتحدة الامريكية وألمانيا علما ان مشاهده قد صورت في برلين وميلانو واسطنبول ونيويورك.

هذا الفيلم يجسد تيارا جديدا قد يؤذن بموت الصناعات السينمائية المحلية.. للحصول على أكبر قدر من الايرادات يجب على كل فيلم ان يحقق نتائج جيدة على مستوى مبيعات الشباك أو يبيع حقوقه التلفزيونية في العديد من البلدان. لذلك فان المنتجين اصبحوا اليوم يشجعون المخرجين على ادراج مشاهد مصورة في أكثر من دولة وذلك بهدف ملاءمة مختلف الاسواق.

في الاعوام القليلة الماضية، كان انتشار تيار العولمة يعني ادراج المزيد من الاسواق على القائمة، وخاصة تلك الموجودة في جنوب شرق آسيا والشرق الاوسط.

* لكن ما هي الحيل المستخدمة للترويج العالمي؟

من بين هذه الحيل والالاعيب الترويجية اشراك ممثلين من عديد البلدان في الفيلم الواحد. أما الحيلة الترويجية الثانية فهي تتمثل في تصوير مشاهد الفيلم في اكثر من دولة. ذلك ما فعله المخرج الالماني توم تاكوير في فيلمه "الدولي" The International إذ انه صور مشاهد فيلمه في المانيا والولايات المتحدة الامريكية وايطاليا وتركيا.

وكمثال آخر على هذا التوجه فإن المخرجين البريطانيين الاثنين اللذين يشاركان في مهرجان برلين وينافسان على جائزة الدب الذهبي قد صورا افلامهما خارج بريطانيا!

أما الفيلم الجديد الذي اخرجته سالي بوتر بعنوان "الغضب" Rage فهو يتطرق الى صناعة الموضة العصرية في نيويورك.

أما فيلم - Cheri - الذي اخرجه ستيفن فريرز ولعبت دور البطولة فيه النجمة ميشيل بفايفر وبريتس كايشي وروبرت فراند فإن أحداثه تدور في فرنسا في مطلع القرن العشرين.

أما الفيلم الوحيد الذي صورت مشاهده في بريطانيا فهو London River وقد اخرجه الجزائري رشيد بوشارب. تدور أحداث فيلم London River حول رجل فرنسي مسلم يلتقي بريطانيا عقب تفجيرات 7 يوليو ..2007 في مترو الانفاق في لندن.

أما المخرج السويدي لوكاس موديسون فهو يشارك بأول فيلم له بعنوان Mammoth وبتمويل من ألمانيا والسويد والدنمارك. يلعب الممثل المكسيكي جاييل جارسيا دور احد سكان نيويورك ومتزوج من ميشيل وليامن وقد تم تصوير مشاهد كثيرة في الفيلم بتايلند.

هناك افلام اخرى مرشحة لنيل الجوائز في مهرجان برلين السينمائي وقد تم تصويرها خارج بلدانها الاصلية.

* فيلم: In Bruge - (بليجكا).

* فيلم: Slumdog Millionaire - (الهند).

* فيلم: Mamma Mia - (اليونان).

* فيلم: Man On Wire - (نيويورك).

اضافة الى فيلم Hunger هو فيلم بريطاني لكن لا علاقة له بالحياة في بريطانيا.

)اندبندنت(

أخبار الخليج البحرينية في 16 فبراير 2009

 
 

جوائز دورته التاسعة والخمسين

أمريكا اللاتينية تفوز بنصيب الأسد والمخرجات ينتزعن تصفيق الجمهور

برلين‏-‏د‏.‏مصطفي فهمي‏

أسدل مهرجان برلين السينمائي الدولي الستار يوم الأحد الماضي علي دورته التاسعة والخمسين‏,‏ بعد أن أعلنت لجنة التحكيم الدولية أسماء الأفلام والنجوم الفائزين بجوائز هذا العام‏.‏

وإذا كانت دورة هذا العام قد شهدت العديد من المفاجآت سواء في أعضاء لجان التحكيم أو في موضوعات الأفلام المتنافسة‏,‏ لم تخل جوائز المهرجان أيضا من المفاجآت‏..‏ حيث نجحت سينما أمريكا اللاتينية في الفوز للعام الثاني علي التوالي بنصيب الأسد من جوائز المهرجان‏,‏ لتؤكد نجاحها في أن تثبت تفوقها وتواجدها بالعديد من المهرجانات السينمائية الكبري علي مدار السنوات الأخيرة‏.‏ فقد نجح فيلم حليب الأسي للمخرجة كلاوديا ليوسا من بيرو في اقتناص‏'‏ الدب الذهبي‏',‏ أكبر جوائز مهرجان برلين‏..‏ وتدور قصة الفيلم حول حالة الانقسام الاهلي في بيرو والعنصرية التي تمارس علي اتنيات أو فصائل عرقية معينة‏,‏ ممثلة في مدينة ليماوضواحيها الفقيرة‏..‏

حيث ركزت المخرجة في عملها الذي يصور عادات وتقاليد اتنية الـ‏'‏ كيتشوا‏'‏ علي أهمية التقاليد والطقوس في حياة هذه المجموعة‏,‏ ويصور الفيلم علاقة هؤلاء السكان بالحياة والموت وكذلك الزواج‏,‏ من خلال قصة امرأة شابة تعاني من آثار النظام الإرهابي الذي ساد بيرو قبل عدة أعوام‏.‏ وتعد هذه هي المرة الأولي التي تشارك فيها بيرو في المهرجان‏,‏ بينما يعد حليب الأسي العمل الثاني لهذه المخرجة الشابة التي حصل عملها الأول علي أكثر من‏20‏ جائزة في مهرجانات دولية‏.‏ ولعل من أهم من الدوافع التي حفزت لجنة التحكيم لإعطائها جائزتها‏,‏ كما ورد في بيان صادر عن اللجنة‏,‏ عزمها مكافأة‏'‏ الأعمال التي تتحدث عن الأوضاع السياسية القائمة بتوازن مع الصيغ الشاعرية‏'‏ ويعد هذا هو العام الثاني علي التوالي الذي يتوج فيه مخرج من أمريكا اللاتينية بجائزة مهرجان برلين الكبري‏,‏ حيث فاز المخرج البرازيلي جوزيه باديلا بجائزة الدب الذهبي العام الماضي عن فيلم‏'‏ فريق الصفوة‏'.‏

أما جائزة لجنة التحكيم الكبري‏,‏ فمنحت مناصفة لفيلمين أولهما ألماني والآخر أرجنتيني‏,‏ يتناولان موضوعات اجتماعية‏..‏ حيث يبرع الفيلم الأول‏'‏ جميع الآخرين‏'‏ للمخرجة مارين آد ثاني المخرجات الفائزات هذا العام في رصد قصة وتوضيح مدي التقارب والتباعد والشك واليقين ومشاعر الحب والكره القائمة بينهما‏,‏ بعيدا عن زحام العمل والمدن خلال بضعة أيام إجازة‏,‏ والتي سرعان ما تتاثر عند اقتحام الآخرين لهذه العلاقة‏.‏ بينما اتجه الفيلم الأرجنتيني‏'‏ جيجانتي‏'‏ للمخرج ادريان بينيي‏,‏ والفائز مناصفة بجائزة لجنة التحكيم الكبري‏,‏ نحو موضوع اجتماعي سلط من خلاله الضوء علي الإنسان المطحون في مدن اليوم تحت وطأة الأزمات الاقتصادية‏,‏ وذلك من خلال قصة حارس ليلي لـسوبر ماركت يقع في حب عاملة تنظيف‏.‏ وبمجرد ملاحظته لها‏,‏ يعكف علي مراقبتها من خلال كاميرات التصوير المصوبة في كل مكان ويحاول التعرف عليها بشتي الطرق‏,‏ وذلك في إطار من الحبكة الرومانسية المؤثرة والشاعرية‏,‏ التي تعبر عن المجتمع الأرجنتيني المعاصر‏.‏ بينما حصل المخرج الإيراني أصغر فارهيدي علي جائزة‏'‏ الدب الفضي‏'‏ لأفضل مخرج عن فيلمه‏'‏ عن إيلي‏'‏ الذي يتناول قصة إمرأة اختفت في عطلة نهاية الأسبوع مع صديقاتها‏..‏ ويتزامن فوز فرهادي بجائزة أفضل مخرج في برلين مع فوزه بجائزة عن فيلمه في طهران‏.‏ كما فازت الممثلة النمساوية بيرجيت مانشيماير بجائزة الدب الفضيلأحسن ممثلة عن دورها في فيلم‏'‏ جميع الآخرين‏'.‏ بينما نجح الممثل المالي سوتيجي كويات في اقتناص جائزة‏'‏ الدب الفضي‏'‏ لأفضل ممثل عن دوره في فيلم‏'‏ نهر لندن‏'‏ الذي يتعرض للهجمات التي وقعت في يوليو‏2005‏ في العاصمة البريطانية‏.‏الفيلم للمخرج الفرنسي الجزائري الأصل رشيد بوشارب الذي يشارك لأول مرة في مهرجان برلين‏,‏ من جانب أخر‏,‏ فاز كل من أورين موفيرمان واليساندرو كامون‏,‏ كاتبا سيناريو الفيلم الأمريكي الرسول بجائزة الدب الفضي لأفضل سيناريو‏.‏ ويتناول الفيلم بشكل غير مباشر حرب العراق وانعكاساتها علي المجتمع الأمريكي‏.‏

وبشكل عام‏,‏ نجحت جوائز هذا العام‏,‏ وإن لم تخل من المفاجآت‏,‏ في الانتصار لسينما المشاعر الإنسانية

الأهرام اليومي في 18 فبراير 2009

 
 

صباحات برلين السينمائية

محمد نبيل

صباحات برلين السينمائية فريدة من نوعها. كانت الساعة تشير إلى السابعة صباحا. حركة ملحوظة في قطارات النقل العمومي (المترو) التي تربط أحياء العاصمة الألمانية بمنطقة “بوتسدام بلاتس” ، حيث تنظم أغلب فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي، في دورته ال59.

وككل يوم على الساعة التاسعة صباحا، تعرض أفلام المسابقة الرسمية ، في قاعة “برلينه بالاتس”. مئات الصحافيين و النقاد يتسابقون على الباب، حتى يجد كل واحد منهم مكانه المفضل للاستمتاع بالفرجة السينمائية.  يقف الكل أمام باب قاعة العروض، ساعة قبل بداية الفيلم. البعض يتجه إلى القاعة بسرعة، تنبعث منها رائحة شغف عنيف بالفن السابع، وحب فريد لحلم الشاشة. أما البعض الآخر، فيفضل البحث عن الجرائد الألمانية، قصد الإطلاع على أحدث التعليقات و المقالات، التي تتناول الأفلام المشاركة، والتي يكتبها النقاد و الصحافيون الألمان كل يوم، في متابعة مستمرة للمهرجان.

ومثل العديد من الزملاء، أستغرب أمام الكم الهائل من المطبوعات و الجرائد و الدعوات الخاصة بالمهرجان، والتي يغرق جمالها وجودة إخراجها، طاولات و صناديق قاعة الصحافيين. منظمو المهرجان على وعي، بأن شرط حضور الفن السابع، هو وجود إستراتيجية إعلامية فاعلة و مستمرة.

أعرف أنه في مهرجان برلين، من الصعب أن نختار بين أمرين، إما النزول لقاعة الصحافة أو أخذ مكان أمام الشاشة. لكن صباح السينمائيين في كل الحالات، يظل ممتعا بقراءاته النقدية و نقاشاته الهامشية . لكن لابد من القول، إن صعوبة إصدار حكم على فيلم بأنه رديء أو جيد، صعب للغاية. فالقراءة الأولى لفيلم متميز، لا تشبه قراءته الثانية أو الثالثة. التعدد في القراءات، يسمح حتما بنقاشات صباحية حارة بين النقاد و الصحافيين، الذين يودون عن قصد أو عن غير قصد، توجيه رأي زملائهم حول فيلم معين، و إصدار حكم عليه، قد يكون قاسيا في بعض الأحيان.

وأنا أتجول في فضاءات المهرجان، أكتشف وجها آخر لصباحات برلين السينمائية.الجمهور الألماني العاشق للصورة السينمائية الجميلة، يضحي بنومه في العسل، و انشغالاته اليومية، و يأتي إلى شباك التذاكر، ونظرة كل واحد من عشاق الفن السابع، مركزة على شاشة، وضعتها إدارة المهرجان خصيصا لمعرفة عدد التذاكر المتبقية للبيع،  منتظرا لحظة الحصول على فرصة ذهبية، ومشاهدة فيلم من اختياره، في قاعة توفر نصف المتعة السينمائية (أقصد بنصف المتعة ، التجهيزات و الفضاء ،وروعة المكان في قاعات العروض الألمانية).

صباحات برلين السينمائية تسمح بالحلم و الحب، و كل أنواع التواصل مع الآخر، في تعدده الثقافي و اللغوي .إنها فرصة لا تأتي إلا مرة واحدة كل عام، لكن عندما يحين الموعد، فإنه يحول العاصمة الألمانية إلى عرس فني، تختلط فيه ذوات الضيوف والمضيفين.

الصباح في برلين فريد من نوعه، فهو مثير للجدل السياسي. فمنذ بداية القرن العشرين ومروراً بالحربين العالميتين الأولى والثانية، تم تقسيم برلين إلى شطرين، شرقي و غربي، قبل أن تنتهي الحرب وتهدأ جذوتها على الأقل، بانهيار الاتحاد السوفييتي سابقاً، تمهيداً لإعادة توحيد شطري ألمانيا، أو كما يقول بعض الألمان، إلحاق ألمانيا الشرقية بالغربية، لتعود برلين عاصمة للبلاد، بعد جدل صاخب في أوائل التسعينات.

لا يمر الصباح البرليني دون أن يقف زوار المدينة الذين أتوا من بقاع عديدة لتغطية المهرجان، عند مدينة تمثل “عصارة تاريخ ألمانيا” ، وفضاء التعدد العرقي والثقافي الواسع،  والفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة التي تحقق متعة لا تنتهي .صباح برلين، يسمح باكتشاف أماكن عدة، كالبرلمان الألماني “الرايشتستاغ” بقبته الزجاجية البراقة، و”بوابة براندنبورغ”، وسوق “جندارم ماركت”، وهو أجمل أسواق المدينة وأكثرها جاذبية، وشارع “أونتر دين ليندن”.الزائر للعاصمة، لا ينسى جدارها الذي تمت إزالة معظم أجزائه في الأعوام الأخيرة من الثمانينات، ولكن تم الحفاظ على أجزاء وقطع صغيرة منه، لتكون شاهدة على التاريخ، الذي لم يطويه الألمان نهائيا.

متاحف برلين تثير عشاق المدن التاريخية “كميوزيام آيلاند”.أما نقطة العبور المعروفة باسم “تشارلي تشيكبونيت”، وموقع “الكسندر بلاتس” وضاحية “بوتسدام” التاريخية بمبانيها وأحيائها القديمة، كحي “داتش كوارتر” الجميل بفن عمارته، وقصر “سانسوشي” الذي أدرجته منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي، لأهميته وقيمته التاريخية والثقافية، كلها مواقع و فضاءات تذكرنا بالماضي الفرح والعصيب الذي مر منه الألمان، تاريخ ما زالت خيوطه حية لحد الساعة.

صباحات برلين، تفتح أمامنا أفقا مسرحيا، تقدم فيه عروضاً للرقص والغناء والموسيقى بمختلف ألوانها بصورة تصل الليل بالنهار، وتجعل من هذه المدينة ساهرة لا تنام، ونابضة بالحياة الليلية .فزوار المهرجان السينمائي، يطلعون على حديقة “بوتسدام” حيث يقع قصر “سانسوشي” التاريخي الذي شيده الملك البروسي “فردريك الثاني”، وفيها أيضاً حديقة دار الشاي الصيني “تشانيز تي هاوس”، وحديقة “شارلوتنبرغ” نسبة إلى ضاحية تحمل نفس الاسم، و تضم قصراً تاريخياً مهيباً ، استغرق بناؤه أكثر من مائة عام، وأضحى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية مركزاً رئيسياً للفنون، وملهماً لإبداعات الرسامين والفنانين.

من يدخل برلين لأول مرة، يلاحظ أن المدينة تطل على نهر يزيدها جمالاً وجاذبية، ويحمل اسم “شبري”. وعلى الرغم من الطابع العصري لمدينة برلين، ومبانيها وأسواقها وضواحيها التجارية والصناعية، إلا أن لديها حدائق ومساحات خضراء تشكل متنفساً طبيعياً لسكانها.

لا أنكر أنني أعشق صباحات برلين بمختلف ألوانها، التي تجمع بين الفن و التاريخ ، فهي تنطق بالعقل و اللاعقل، وتلهم الزوار  بكل ما قدمه الإنسان على هذه الأرض، التي مازال فيها ما يستحق الحياة .

موقع "دروب" في 18 فبراير 2009

 
 

مهرجان برلين ال59 .. دورة حافلة بالمتناقضات

برلين- هوفيك حبشيان

الدورة الأخيرة لمهرجان برلين السينمائي كانت متنوعة كالعادة، وأيضاً حافلة بالتناقضات. ويتبين ذلك من خلال الأفلام سواء على مستوى الشكل أو المضمون ، وكثير من السينمائيين يتفقون على أنها تلقي نظرة تشاؤمية على العالم، ولكن يتفقون أيضاً على الاختلاف في أنها تستخدم أدوات السينما بحرفية عالية.

إليكم مثلاً فيلما ميوزيكاليين (مسلوب القلب إلى الأبد) لتشن كاييغ (مسابقة) و(نوتوريوس) لجورج تيلمان جونيور (خارج المسابقة): يختلف الأول عن الثاني على نحو راديكالي، رغم أن حب الموسيقى وعشقها من سماتهما، فيلجأ المخرج الصيني الكبير تشن كاييغ إلى مشهدية عريضة ولقطات حوارية طويلة ليحكي قصة فنان صيني كبير، تعاطى التمثيل والإخراج، يدعى ماي لانفانغ (1894 ـ 1961) ، بيد أن ما يجمع هذين الفيلمين، وأفلاما أخرى في هذه الدورة، هو أن العولمة تساهم في إطلاق الشخصيات من بيئتها الضيقة إلى منصة العالم. يلجأ كاييغ إلى الكاميرا الثابتة كلغة لنصّ رصين، ويصنع فيلماً يمجد الموسيقى والجمال والحياة طوال ساعتين ونصف الساعة . للآسف، ثمة من وجده طويلاً وستاتيكياً ومملاً، وحتى في عداد الصحافيين والنقاد، هناك مَن خرج من الصالة قبل نهاية الفيلم!

أما تيلمان جونيور الذي يجعل أيضاً من الموسيقى شغله الشاغل، فله طريقة مختلفة تماماً عن طريقة كاييغ للتحدث عن الموسيقى. ومن البديهي أن يكون الاختلاف هنا سيد الموقف، لأن كل منهما يأتي من بيئة وثقافة وخلفية اجتماعية مختلفة عن الآخر. ويتطرق (نوتوريوس) إلى موسيقى راجت في تسعينات القرن الفائت وما بعدها، من خلال أحد مؤسسي الراب، الذي اغتيل وهو في الرابع والعشرين، أي في قمة عطائه الفني. هنا ليست ثمة كادرات مهندسة بإتقان وجمالية منقحة. إنما استنساخ سينمائي لنمط عمل محطة الموسيقى العالمية الرائدة أم تي في. لكن حس إيقاعي عال جداً يهيمن على كل المتتاليات البصرية. وتيلمان جونيور يجيد طريقة استثمار هذا الأسلوب الفيديو كليبي الذي يقوم، في جزئه الأعظم، على التقطيع السريع، خدمة للموضوع.

يحكي (نوتوريوس) سيرة كريستوفر والاس، مجده وانحطاطه، منذ كان شاباً يافعاً في بروكلين السبعينات حتى تاريخ مقتله عام 1997. من تاجر صغير للمخدرات، تحول لسان حال جيل كامل من الشباب الطامحين إلى إسماع صوتهم. يعبق الفيلم بالثقافة الأفرو ـ أميركية ويحرص الاّ يحط من شأن احد رموز غناء الراب، علماً أن الخاتمة هوليوودية بامتياز، خلافاً ل(مسلوب القلب إلى الأبد). وإذا كانت الموسيقى موضوع خلاف جمالي بين المخرجين في القارتين الأميركية والآسيوية، فالنظرة إلى العالم في عصر العولمة هي الأخرى محل نقاش. ببضع هيصات استهجان، استقبل الفيلم الجديد للمخرج الأسوجي لوكاس موديسون في عرضه الصحافي.

فبعض الأوروبيين لا يريدون أن يروا ماذا يحصل في الجانب الآخر من العالم (المتحضر)، لأن هذا يخرب ارتياحهم ويزعج ضميرهم. كثيرون عقدوا مقارنات بين (ماموث) و(بابل) لإيناريتو. صحيح أن الفيلم يتشارك (بابل) نقاط كثيرة، منها هذا الطابع المعولم والوجع الذي يقع البعض في مخالبه، لكن (ماموث) فيلم قائم بذاته.

نظرة أميركية أخرى إلى الواقع المعولم، لكن هذه المرة من خلال تداعيات حرب العراق، في فيلم (المُرسل) الذي أنجزه أميركي يدعى أورن موفرمان سبق أن اشتغل على سيناريو فيلم المخرج الأميركي تود هاينس (لستُ هناك) ثمة شيء واحد أسوأ من الذهاب إلى الحرب هو أن تكون عسكرياً ومهامك أن تأتي بأخبار الموت والوفاة من الجبهة لترسلها إلى أهالي الضحايا.

لتذهب إليهم طارقاً بابهم وتسحق قلبهم بالحزمة العسكرية! هذه هي مهمة ويل وطوني اللذان يعودان إلى الوطن بعدما حاربا في معارك طاحنة في الشرق الأوسط، ليبلغا، ببرودة وبروتوكول، خبر موت رفاق السلاح. وإذا لم يجابها يوماً عدوهم وجهاً لوجه، لبقاء هؤلاء في الخنادق، فهاهما مضطران اليوم إلى أن يطلا بلحمهما ودمهما أمام (أعدائهما) الجدد: الشعب الأميركي.

البيان الإماراتية في 20 فبراير 2009

 
 

ندوة السينما الفلسطينية في مهرجان برلين...

الحياة تعود الى سينما جنين

برلين - محمد موسى

عندما جاء دور الأب الفلسطيني إسماعيل الخطيب للحديث عن مشاركته في فيلم «قلب جنين» للمخرج الألماني ماركوس فيتير، في الجزء الثاني من ندوة السينما الفلسطينية التي عقدت في الحادي عشر من شباط (فبراير) الجاري في برلين، كان الملل قد تسرب الى عدد غير قليل من الموجودين في صالة الندوات في سينما «هاوس» في ساحة بوتسدام، لينشغلوا في أحاديث جانبية مع بعضهم بعضاً، تاركين الرجل المفجوع بفقدانه ابنه، يتكلم باللغة العربية عن تلك الأيام، وسط ضجيج وعدم اهتمام، وخصوصاً بين مخرجين ومثقفين عرب، لم ينتظروا انتهاء الرجل من حديثه أو يتركوا القاعة التي ضمت الندوة والتي نظمها صندوق سينما العالم الألماني. وهو أحد ضروب التعاون المشتركة بين مهرجان برلين السينمائي ومؤسسة «كلتور ديسبونديز» الثقافية الألمانية. الصندوق ساهم ومنذ عام 2004 في دعم ما يقارب الأربعين فيلماً من آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية، وأفلام من الشرق الأوسط، أهمها فيلم هاني ابو اسعد «الجنة الآن»، وفيلم المخرج محمود المساد التسجيلي «إعادة خلق».

وعلى رغم دقة تنظيم واستعداد المؤسسة الألمانية المبكر للندوة، بدعوة مخرجين وسينمائيين من فلسطين وبلدان أخرى، مثل السينمائية المتميزة مي المصري وجورج خليفة وآن ماري جاسر وعلياء أرصغلي، إلا أن عدم الوضوح والتشتت في المداخلات سادا الندوة، وهو ما انتقدته المخرجة مي المصري في مداخلتها، إذ طلبت ان يعود اتجاه الحديث الى كيفية دعم السيـنما الفلسطينـيـة، والاستفـادة من وجود عدد ممتاز من المخرجين الفلسطينيين الشباب في برلين، في التواصل مع المنتجين الألمان وغيرهم، والذين كانـوا بالعـشرات في أيام المهرجان، وكجزء من سوق المهرجان الأوروبي وغيره من تظاهرات مهرجان برلين السينمائي.

وكما هو متوقع، حضرت السياسة، والوضع في الأراضي الفلسطينية في معظم مداخلات الجمهور الحاضر. فالمخرجون والمخرجات الشباب القادمون من الأراضي العربية الفلسطينية المختلفة، تحدثوا عن الصعوبات الهائلة في العمل السينمائي هناك، بسبب تعقيدات الوضع الأمني، والمشاكل التي يخلقها الاحتلال الإسرائيلي. ففيلم «ملح هذا البحر» مثلاً، صُوّر وسط ظروف شديدة التعقيد، بسبب عدم وجود تصريحات بالعمل، وتصوير جزء من مشاهد الفيلم من دون تصاريح، وهو الأمر الذي أدى في النهاية الى منع مخرجة العمل آن ماري جاسر من دخول إسرائيل في المستقبل، على رغم امتلاكها الجواز الأميركي.

وتحدث سينمائيون آخرون، من الذين يعيشون خارج فلسطين أو إسرائيل، عن مشاريعهم المؤجلة، بسبب منعهم من دخول الأراضي الفلسطينية. فمن ضمن المداخلات المؤثرة، كانت مداخلة للمخرجة الفلسطينية ساندرا مادي، التي تحدثت بحزن كبير عن محاولاتها الثلاث لدخول الأراضي الفلسطينية، ومنع القوات الإسرائيلية لها، وعن مشروعها السينمائي الذي يجب أن يصور هناك، وكيف أن هذه المشكلة تأتي قبل كل المشاكل الأخرى، من تمويل وغيرها.

وانتقد بعض السينمائيين الفلسطينيين قرار مهرجان برلين السينمائي، باستضافة ثلاثة مخرجين إسرائيليين شباب، لتطوير مشاريعهم السينمائية، وطالب المنتقدون بمعاملة السينمائيين الفلسطينيين بالمثل. كما انتقد البعض، خلو دورة مهرجان برلين التاسعة والخمسين من أي أفلام فلسطينية، على رغم وجود فيلمين روائيين فلسطينيين طويلين، انتجا السنة الفائتة، هما: «ملح هذا البحر» لآن ماري جاسر و «المر والرمان» لنجوى نجار. غياب الأفلام الفلسطينية وندرة الأفلام العربية، تواكبا مع حضور مكثف للسينما الإسرائيلية في المهرجان هذا العام، حيث عرض 38 فيلماً في تظاهراته المختلفة.

وتم الإعلان في الندوة عن نية الحكومة الألمانية تخصيص ما يعادل 200 ألف دولار لتجديد صالة سينما مدينة جنين، المغلقة منذ اكثر من عشرين عاماً. الاهتمام بالصالة السينمائية، عاد بفضل جهود المخرج الألماني ماركوس فيتير الذي انتبه الى الموقع المهم للسينما، في قلب المدينة.

الحياة اللندنية في 20 فبراير 2009

 
 

فيلم أصغر فرهادي "عن إيلي":

دراما اجتماعية..... رسائل إنسانية

أريانا ميرزه    ترجمة صفية مسعود

·         نجح المخرج في تصوير عوالم النفس الإنسانية بكل مدخلاتها العاطفية وتشابكاتها الاجتماعية

·         إنني أبين كيف يتصرف الناس عندما يواجهون موقفاً صعباً"

منذ سنوات والسينما الإيرانية تجذب انتباه النقاد والمتخصصين في مهرجان برلين السينمائي. في هذا العام أيضاً استطاع الفيلم الإيراني "عن إيلي" أن يقنع لجنة التحكيم في مهرجان برلين السينمائي وأن ينال الدب الفضي عن أحسن إخراج. أريانا ميزا شاهدت هذا الفيلم الذي أخرجه أصغر فرهادي.

"عن إيلي" فيلم مُربك عن الشك والاتهام أخرجه ببراعة الإيراني أصغر فرهادي. تبدأ القصة بداية عادية ومفعمة بالآمال في الوقت نفسه: مجموعة من الطلاب الإيرانيين الأصدقاء يبدأون رحلة في نهاية الأسبوع إلى البحر بصحبة عائلاتهم. مع المجموعة سافر أيضاً اثنان يعيشان بمفردهما. أحمد الذي يعيش في أوروبا فشل في زيجته مع ألمانية، وهو الآن يبحث عن زوجة إيرانية.

لا يعرف أعضاء الرحلة شيئاً عن إيلي ذات العشرين ربيعاً سوى أنها تعمل كمربيّة. حصلت إيلي على دعوة مفاجئة من زبيدة التي تتسم بالحيوية الفائقة. هدف زبيدة هو أن تزوج إيلي - التي تكن لها تقديراً كبيراً كمربية حنونة لأطفالها - لأحمد.

إدارة الظهر للحقيقة

تبدأ القصة بداية عادية وواقعية، غير أنها بالتدريج تكتسي ملامح تراجيدية، وفي تلك الأثناء يفقد أبطال الفيلم براءتهم ونزاهتهم. يقع الواحد منهم تلو الآخر في فخ شبكة من التكهنات والظنون والادعاءات – إلى أن يتم تجاوز الحدود الفاصلة مع الكذب. الشخص الأخير في المجموعة الصغيرة الذي يتبع هذه الديناميكية هي زبيدة النشيطة والقوية. ولكنها عندما تدير ظهرها للحقيقة تفقد أيضاً مرحها وبهجتها واحترامها لنفسها.

رغم كل الإحالات والإشارات إلى الوضع الاجتماعي في إيران يتميز فيلم فرهادي ببعد عالمي. "إنني أبين كيف يتصرف الناس عندما يواجهون موقفاً صعباً"، يقول المخرج البالغ من العمر ستة وثلاثين عاماً الذي كتب بنفسه سيناريو الفيلم. "من الممكن أن تجري أحداث الفيلم في مكان آخر أيضاً، ولكنها لا يمكن أن تجري في زمن آخر."

لا رسائل خطابية زاعقة

السمة المعاصرة للفيلم والتي يهتم فرهادي بإبرازها تنعكس على الإخراج الجريء والحديث. يمتنع الفيلم بشكل راديكالي عن تزويد المتفرج بمعلومات تزيد عما يعرفه أبطال الفيلم في تلك اللحظة. وفي النهاية لا يتم الكشف عن حقيقة ما حدث. وبذلك يجب على المشاهد أن يملأ بنفسه هذه البقعة البيضاء وهذا الفراغ – تماماً كما فعلت شخصيات الفيلم عندما ضاقت بهم السبل.

"لم يعد الجمهور اليوم يتفرج على الفيلم بسلبية. إنه يريد هامشاً حراً يستطيع أن يملأه بتفسيراته وتأويلاته"، يقول أصغر فرهادي. لا يهم فرهادي كمخرج أن يكون بوقاً لرسالة خطابية زاعقة، أو أن يجبر مشاهدي أفلامه على قبول تفسيره هو للأمور. "إنني أحكي – عن عمد – نصف الحكاية فقط. النصف الآخر ينشأ في رأس المشاهد."

لم ينل" عن إيلي" التكريم في مهرجان برلين السينمائي الدولي بسبب إخراجه الذكي فحسب. في فيلمه الرابع يبرهن فرهادي مرة أخرى على قدرته البارعة على التعامل مع أدواته السينمائية، ونجاحه في رسم أبعاد شخصياته المعقدة بخطوط بسيطة للغاية، وبخلق الإثارة والتشويق في أفلامه.

صور متحولة وتوثيق دقيق

لقد نجح التصوير الرائع الذي قام به حسين جافاريان في المزاوجة بين الصور المؤثرة المتحولة بإيقاع سريع وبين الاقتراب من الحدث اقتراباً يكاد يكون وثائقياً. الفيلم يبرهن أيضاً على أن المخرج كان موفقاً في اختيار الممثلين.

الأداء التمثيلي الرائع لم تقم به فقط غولشفيته فرحاني التي أدت دور زبيدة. لقد قام الممثلون جميعاً بأداء مقنع ومكثف ومنضبط في الآن نفسه. بعد أن حصل على "الدب الفضي" تتزايد فرص عرض "عن إيلي" على شاشات السينما في العالم. أما في إيران فقد حظي الفيلم في الوقت نفسه تقريباً مع مهرجان برلين السينمائي بنجاح جماهيري لدى عرضه في مهرجان "الفجر" السينمائي.

ويأمل فرهادي أن يُعرض فيلمه "عن إيلي" - أو "دارباريه إيلي" كما يُسمى بالإيرانية – في دور السينما هذا العام في وطنه إيران. حتى الآن لم تعترض هيئة الرقابة على الفيلم، وبذلك فإن "عن إيلي" – الذي أنتجته شركة خاصة بميزانية صغيرة لا تتعدى 350 ألف يورو – لديه فرص طيبة في أن يغطي تكاليف إنتاجه. ويحتاج فرهادي إلى المال احتياجاً كبيراً لكي يستطيع أن ينقل إلى شاشة السينما الأفكار السينمائية الجديدة التي تدور في رأسه.

حقوق الطبع: قنطرة 2009

موقع "قنطرة" في 23 فبراير 2009

 

انطلاق فعاليات مهرجان برلين السينمائي "برليناله":

الدب الذهبي الحلم الأكبر والأفلام العربية خارج المنافسة

هبة الله إسماعيل- برلين 

·         الدب الذهبي حلم لصانعي الأفلام

·         الممثل الأمريكي جون غودمان بطل فيلم "في الضباب الكهربائي" على بساط البرليناله الأحمر

·         الطفل الطائر ذو القدرات الخاصة ينجح في لم شمل الأسرة

سجل مهرجان برلين السينمائي هذا العام رقما قياسيا من حيث عدد الأفلام المتقدمة للمشاركة، لكن اللجنة المشرفة اختارت أكثر من ثلاثمائة فيلم للعرض في فقرات المهرجان المتنوعة. والأفلام العربية المشاركة بقيت خارج إطار المنافسة. هبة الله إسماعيل في استعراض أولي لأهم هذه الأفلام.

تواصل مدينة برلين عرض الأفلام المتميزة في إطار الدورة التاسعة والخمسين من مهرجانها السينمائي "البرليناله"، الذي يستمر حتى 16 شباط/ فبراير الجاري. وتُعرض في المهرجان أفلام من شتى أنحاء العالم لتتنافس على جائزة الدب الذهبي أو سعيا وراء اجتذاب محبي الفن السابع وأخرى تبحث عن فرص لتسويقها.

وشهدت هذه الدورة من المهرجان عرض الفيلم البوليسي "في الضباب الكهربائي"، الذي يصور لويزيانا مسكونة بأشباح ماضيها المثقل بالعبودية ومدمرة بفعل الإعصار كاترينا. ويأتي هذا الفيلم الأمريكي الذي عرض مساء السبت في قاعة قصر المهرجان، في إطار المنافسة على الدب الذهبي في يوم واحد مع الفيلم الإيراني "بشأن إيلي" للمخرج أصغر فرهدي و الفيلم الألماني "العاصفة" لهانس كريستيان شميت.

تنافس على الدب الذهبي

والفيلم الأمريكي، وهو الفيلم الثاني الناطق بالانجليزية للمخرج الفرنسي تافرنييه بعد فيلمه "ديث ووتش" في عام 1980. والفيلم مقتبس عن قصة بوليسية للكاتب جيمس لي باركي حول شرطي يعمل في بلدة صغيرة نائية في ولاية لويزيانا، يعيش بهاجس واقعة شاهدها وهو طفل صغير لضرب رجل أسود حتى الموت.

ويكلف هذا الشرطي بالكشف والتحري عن جرائم قتل غامضة، تروح ضحيتها فتيات الليل. وعلى الرغم من تعقيدات اللغز، إلا أن الأحداث تتوالى بانسيابية في أجواء من الفساد داخل مستنقع صغير مسكون بأشباح ضحايا العبودية.

أما الفيلم الألماني "العاصفة" الذي أثار انفعال جمهور المهرجان وتأثره، فهو يبرز تعطش مدعية في محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة في لاهاي إلى العدالة، طارحا في أطار قصة مُتخيلة التساؤل التالي: من يعوض الضحايا عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بهم: القضاء أم السياسة؟

الطفل الطائر "ريكي"

أما الفيلم الفرنسي الطفل الطائر أو "ريكي"، فيمزج بين الواقع والخيال، مبرزا معاناة الأطفال الذين ينشأون في كنف الأسر الفقيرة، ومدى انشغال الأهل بالبحث عن لقمة العيش. ويركز الفيلم على طفلة تخلى عنها والدها، تنشأ مع أمها العاملة في أحد المصانع. وفي الوقت الذي تنشغل فيه أمها بشؤون حياتها الخاصة، تبحث الطفلة عن العطف والحنان.

وتتعرف الأم على زميل لها في المصنع وتنشأ بينهما علاقة عاطفية ينتج عنها طفل جديد. وهنا تظهر مشاعر الطفلة المختلطة ما بين حب الضيف الجديد ورعايته وبحثها عن حنان أمها المنشغلة بالمولود الجديد. و يأخذ الفيلم منعطفا خياليا حيث يتبين أن هذا المولود الجديد ليس مثله مثل الأطفال الآخرين، فهو ذو قدرات خاصة، إلا أنه ينجح في جمع شمل الأسرة.

مشاركة عربية متواضعة

لم ينجح أي فيلم عربي في الدخول في قائمة الأفلام المتنافسة على جائزة الدب الذهبي. إلا أنه تم عرض فيلمين عربيين في إطار فعاليات المهرجان، أولهما الفيلم اللبناني "سمعان بالضيعة" للمخرج سيمون الهبر والآخر الفيلم المصري "ميكانو" للمخرج محمود كامل.

وتدور أحداث الفيلم الوثائقي اللبناني "سمعان بالضيعة"، الذي سبق عرضه في مهرجاني بيروت ودبي، في إحدى ضياع جبل لبنان الأخضر بعد اندلاع الحرب. والشخصية الرئيسية في الفيلم هي شخصية المزارع سمعان، وهو آخر من تبقى في قرية لبنانية بعد أن هجرها سكانها إثر اندلاع الحرب الأهلية. ويروي الفيلم في قالب سردي حياة هذا المزارع المنعزلة وكيف أنه أطلق على حيواناته أسماء أشخاص وكيف يتحدث إليها، كما لو كانت أشخاصا.

ويعكس الفيلم حياة العزلة التي خلفتها الحرب الأهلية على سكان القرى الذين تأثروا بالصراعات التي عاشها لبنان والذين آثروا البقاء في موطنهم مواجهين الدمار والتهجير.

"ميكانو"أولى تجارب تيم حسن السينمائية

أما فيلم "ميكانو" للمخرج المصري محمود كامل، فيسعى في هذا المهرجان إلى إيجاد مسوق له داخل دول الاتحاد الأوربي، فقد تم عرضه في قسم التسويق الدولي للمهرجان. والفيلم، الذي يقوم ببطولته الممثل السوري تيم حسن في أولى تجاربه السينمائية بالإضافة إلى خالد الصاوي ونور، يدور حول المهندس المعماري المبدع الذي يعمل من خلف الستار معتمدا على أخيه، لأنه لا يجيد التعامل مع الناس.

ويتعرف المعماري الخجول في حفل لأحد مشاريعه على مسؤولة التسويق التي تقع في غرامه على الرغم من تصرفاته الغريبة، وتتحول تلك العلاقةإلى أجمل وأسوأ علاقة حب نظرا لمرض هذا المعماري الشاب بفقدان الذاكرة كل فترة، ليعود إلى سن السادسة عشرة دون أن يتذكر كل ما مرّ بعد ذلك .

دويشه فيله 2009

موقع "قنطرة" في 23 فبراير 2009

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)