كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان «كان» اختتم دورته الستينية من دون مفاجآت كبيرة...

الجدد حصدوا الجوائز ... ولا فائز من المخضرمين

كان (الجنوب الفرنسي) - ابراهيم العريس

مهرجان كان السينمائي الدولي الستون

   
 
 
 
 

كل شيء كان متوقعاً إلا هذا، ومع ذلك كان يمكن حساب المسألة منطقياً، ففي مهرجان سينمائي يريد ان تكون دورته الراهنة نقطة انعطاف بين سينما مخضرمين وسينما جدد، كان يمكن منطقياً حسبان ان العدد الأكبر من الجوائر، أساسية أو غير اساسية، ستذهب الى الجدد، خصوصاً ان عدد الأفلام الأولى لأصحابها لم يقل عن 33 فيلماً. من هنا لم يكن غريباً ان تختفي الاسماء الكبرى ليلة الختام، ويفاجأ المتابعون بأسماء جديدة تماماً، أو جديدة نسبياً. كذلك لم يكن غريباً، والشرق الأوسط حاضر بقوة في الأجواء، إن لم يكن في عدد الأفلام، ان تفوز ثلاثة افلام لثلاثة شرق أوسطيين بجوائز لا بأس بأهميتها، بما فيها فيلم «برسبوليس» للايرانية الأصل مارجان ساترابي، وهو فيلم رسوم متحركة يروي طفولة هذه السيدة المناضلة وهروبها طفلة من ايران الخميني، ما أثار احتجاج السلطات الايرانية، ولكن بلا جدوى. ساترابي فازت مناصفة بجائزة لجنة التحكيم الخاصة، مع الفيلم المكسيكي «الضوء الصامت».

من الشرق الأوسط أيضاً فاتح آكين التركي المقيم في المانيا والذي فاز بجائزة السيناريو عن فيلمه الجديد «من الجانب الآخر» الذي يتحدث عن حياة الأتراك المهاجرين الى المانيا. وفي الوقت نفسه اعطيت جائزة الكاميرا الذهبية الى فيلم اسرائيلي هو «السمكة الذهبية».

إزاء كل هذه الجوائز كان التصفيق كبيراً، ولكن من دون حماسة شديدة، اللهم إلا إذا اعتبرنا الحماسة التي صاحبة ظهور جمال دبوس على الخشبة للاعلان عن احدى الجوائز وتنكيته على الرئيس الجديد نيكولا ساركوزي حماسة تذكر!

جائزتا التمثيل الرجالي والنسائي تقاسمهما الصينيون والروس... وايضاً بإسمين جديدين وبفيلمين يشكلان بداية مخرجيهما: دو يوان جيون، الفاتنة الشابة عن «شمس سرية» والروسي المميز قسطنطين لافرونينكو عن «العقاب»، وهو كان ظهر عالمياً قبل عامين في «البندقية» حيث لعب الدور الرئيسي في الفيلم المميز «العودة».

وإذا كان جوليان شنيبل، الفائز بجائزة الاخراج عن فيلمه الثالث، الذي يتحدث، بشكل رائع هنا عن مقعد يتوصل الى التفاهم مع العالم من دون ان يعيقه شيء، إذا كان شنيبل، معروفاً، فكرسام أكثر منه سينمائياً، ومع هذا بات حضوره السينمائي أكبر واكبر. في المقابل، كان لا بد من اسم كبير، قبل الاعلان عن السعفة الذهبية فابتدعت جائزة الستينية لتمنح على غير توقع، الى غاس فان سانت، عن فيلمه «بارانويد بارك». وإذ حانت اللحظة الأخيرة، وضع كثر ايديهم على قلوبهم متسائلين: بعد كل هذا اي حماقة سترتكبها الآن لجنة التحكيم؟ وأتت الإجابة سريعة: لا حماقة على الاطلاق. منذ أول المهرجان برز الفيلم الروماني «4 أشهر 3 أسابيع ويومان» لكريستيان مونجيو، وقال كثر ان السعفة ستكون له. وهكذا كان بالفعل، حتى وان كان مخرجون كبار مثل تارانتيو والاخوان كون وكوستوريتشا سيخرجون خائبين. على عكس ناؤومي كاواسي اليابانية التي كان فيلمها «غابة موغاري» مفاجأة ايجابية حقيقية آخر المهرجان، فأعطيت جائزة المحكمين الكبرى مكملة بذلك عقد الجدد أو أشباه الجدد، من الذين ليس سهلاً الاحتجاج على جوائزهم، او توقع ان المستقبل سيكون لهم في «كان» وربما في غير «كان» ايضاً.

الحياة اللندنية في

28.05.2007

 
 

نظرة أخيرة الى  "مهرجان كان" بعد اختتامه أمس

تارانتينو يصدم أنصاره بفيلم فارغ وإيرانية تثير الفضول في شريط تحريك

كانّ ـــ من هوفيك حبشيان

خبر محزن ينتشر في أرجاء القصر المحصن من الصدمات والخضّات كافة، هو الآتي: الفيلم الجديد لتارانتينو، المعروض ضمن المسابقة الرسمية، يمثل «نفاية» في المعنى الحقيقي للكلمة. سعياً وراء رد الجميل إلى أفلام الدرجة الثانية («السلسلة باء») التي مهّدت له الطريق كي يتحول من رجل عادي الى سينمائي، قرر تارانتينو أن يصوّر (بالاشتراك مع روبرتو رودريغيز) فيلمين في واحد، وذلك في حقبة زمنية كانت الأفلام فيها تُعرض في مسارح غرايندهاوس، وهي الأماكن الأميركية التي في وسع المشاهدين فيها مشاهدة الأفلام على شاشة جالسين في سياراتهم، يأكلون أو يتسامرون أو يتبادلون الحب. اتبع تارانتينو نمطا سينمائيا شائع الاستخدام آنذاك، وللحفاظ على الطابع التقليدي لهذه الأعمال السينمائية السيئة الصنع، عمد الى إضفاء طابع تقليدي على فيلمه عبر طباعة حبوب على سطح عمله. عتّق الصورة ومزّقها وشوّهها ودمّرها تدميراً بناءً وجعلها تقفز واضاف اليها خدوشا ونقاطا بيضا، لتبدو كأنها خارجة من سبعينات القرن الماضي، وفي هذا المجال ابدى اتقاناً رهيباً.  

يندرج «برهان الموت» في اطار الـ»رود موفي» المليئة بالعنف، مثل «المبارزة» أو «هيتشر». لكن يبدو أن الأوروبيين لا يتقبلون فكرة مسارح غرايندهاوس، فقرر الأخوان وايستين، صاحبا استديوهات «ميراماكس»، أن يندرج الفيلم في قسمين لدى إرساله إلى خارج البلدان الأنغلوساكسونية، فتم انتاج نسختين عن كل من «كوكب الرعب» الذي تولى ادارته رودريغيز، و»برهان الموت» من اخراج تارانتينو اذاً، الذي أغضب النقاد لتفاهته، فكانت الصدمة كبيرة حين اكتشفنا هذا الفيلم القائم على حوارات بلهاء بين فتيات مثيرات. وحين التقينا بتارانتينو صدفة في فندق «مارتينيز» وهو يتناول مشروباً، سألناه عن هذا الفيلم، فقال لنا بصريح العبارة، انه يفضّل «أقتل بيل 1» عليه.

الواقع ان تارانتينو أراد التمثل بالعادات المتبعة في غرايندهاوس، ففصّل فيلمه على قياس فيلم رودريغيز بمقتطفات من أفلام خيالية من إخراج اختصاصيين في هذا المضمار، لكن المهرجان رفض فيلم رودريغيز في الاختيار الرسمي (ربما لشدة ردائته، هو الآخر) فتمّ الاكتفاء بعرض فيلم تارانتينو فقط وسط استهجان جماعي أعقب عرض هذا العمل الفارغ والمعيب الذي لا يقول شيئاً، بل يمنح الانطباع بأن تارانتينو يهزأ من المشاهد بإطعامه اي شيء من دون ان يكون له القدرة على الفهم أو الاستيعاب. والحقّ ان ليس ثمة ما ينبغي فهمه، كون الفيلم عبارة عن سلسلة مشاهد من الحكي والثرثرة، تليها مطاردات طولها نصف ساعة يطغى عليها العنف البدائي، الذي لا ينفع حتى للاستعراض البصري، خلافاً لـ»كيل بيل» في جزءيه. فيلم عبثي قائم على فكرة إخراجية بليدة، فحواها تحويل القاتل الذي يستخدم سلسلة من الحديد والذي يجوب الطرق قاتلاً المشاة فيها وهو يقود سيارته الفتاكة، الى استعارة للهيمنة الاميركية التي لن تنتهي الاّ بهيمنة أخرى تتجاوزها بطشاً وترهيباً. لكن الفكرة تترجم على نحو بدائي وقبيح.

مرّة أخرى، غاس فان سانت في كانّ. ومرّة أخرى قد لا يذهب من هنا من دون اطراءات وجوائز، هذا الذي صار الابن المدلل للمهرجان. في «بارانويد بارك» (مسابقة) يروي فان سانت قصة اليكس، شاب يهوى التزلج على الجليد، يقتل عن غير قصد رجل أمن في أحد الأماكن المشبوهة في بورتلاند الا وهي الحديقة المجنونة. يتعين على المراهق الاختيار: إما الافصاح عن سره وإما كتمانه. على مرّ السنوات الاخيرة، نجح فان سانت في تبوؤ مركز لافت في السينما الاميركية نتيجة جهده المتواصل في تبني ادوات اخراجية خاصة، وهو قادر على انجاز افلام غير تقليدية، مستقلة، وتتبع الموجة في الحين نفسه. منذ بداياته مع «مالا نوتشه»، قدّم فان سانت سلسلة من الشخصيات التي تعاني عدم استقرار نفسي. «بارانويد بارك» لا يبتعد عن هذه القاعدة. ومن سمات المخرج: رومنطيقيته التي لم تحقق، وشعوره بالعبثية، ورفضه اعتبار المثلية الجنسية، سبباً يستحق الحكم عليه. فخلافاً للعديد من المخرجين المثليين، رفض فان سانت استخدام هذا النوع من العلاقات لغايات سياسية، رغم ظهورها غالباً في سينماه. تتمحور أفلام فان سانت على الحبّ من طرف واحد، والاختلال العقلي ومفهوم العائلة، وبعدما اخرج «أليس» الذي لقي مصيراً سيئاً في شباك التذاكر ولدى النقاد، ساعده «الموت من أجله» في اعادة الاعتبار اليه، قبل ان تكر سبحة أفلام «صعبة» كانت تكللت بـ»السعفة الذهب». كذلك ان «سايكو»، في النسخة الملوّنة التي انجزها، هو بالطبع، المثال الافضل لاهتمام فان سانت بالازدواجية. استعاد النسخة الاصلية التي صوّرها «معلم التشويق» بالاسود والابيض، واضاف اليها الالوان، مضمناً نظرته الخاصة للجمالية، وهو الشيء الذي يتكرس هنا لمرة نهائية.

في مسابقة هذا العام أيضاً، «بدلة الغوص والفراشة» لجوليان شنايبل، الذي يعود تاريخياً الى اثني عشر عاماً الى الوراء، تحديداً في الثامن من كانون الثاني 1995، ليروي تجربة جان دومينيك بوبي (صحافي وأب لطفلين) الذي أصيب بمرض حاد في الأوعية الدموية، فرقد في غيبوبة تامة. حين خرج بوبي من هذه الغيبوبة، تعطلت وظائفه الحيوية، فأصبح عاجزاً عن التحرّك وعن الكلام وعن التنفس من دون اللجوء إلى المساعدة بعدما أصيب بما يسمّى حالة «متلازمة الانغلاق». جسده جثة هامدة، ووحدها عينه تتحرك، فإذا هي العضو الوحيد الذي يربطه بالعالم الخارجي. تطرف عينه تارة كي يقول نعم، وتطرف عينه طوراً مرتين كي يقول «لا». يلفت الزائرين بعينه إلى أحرف الأبجدية التي تُملى عليه، والتي يؤلف منها كلمات وجملاً وصفحات كاملة. إذ تمكّن بوبي باللجوء إلى عينه من كتابة كتاب «بدلة الغوص والفراشة»، وصباح كل يوم، طوال أسابيع عدة، حفظ كلمات هذا الكتاب عن ظهر قلب قبل أن يمليها على الآخرين.

من تجربة شنايبل السينمائية، نتذكر سيناريو فيلم «قبل الليل»، الذي أخرجه، وأنتجه، وروى فيه سيرة الروائي الكوبي ريناو آريناس الذي انتحر بعدما تبددت أحلامه ونفي من بلاده وأمضى سنوات في السجن. يتبدى جلياً، بعد هذا الفيلم، ان شنايبل يسعى إلى تخليد ذكرى الأشخاص الذين ذاقوا الأمرّين في حياتهم عبر اعماله، لكن الفيلم مزعزع الكيان، ولا يترك أثراً كبيراً في وجدان المشاهد رغم محاولات شنايبل المتكررة لإحداث ذلك.  

ثمة فيلم تحريك اسمه «برسيبوليس» (مسابقة) أثار الكثير من الانتباه، وتجري حوادثه في مدينة طهران في العام 1978 ابان الثورة الايرانية. ماريانا البالغة من العمر 8 أعوام تفكّر في المستقبل، وتحلم بأنها نبي ينقذ العالم من آلامه. أسرف أبواها المنفتحان والمثقفان في دلالها، وكانت على علاقة وثيقة بجدتها، وتتبع بحرص واهتمام الحوادث التي قد تفضي إلى الثورة، والتي ستُسقط نظام الشاه. حين تأسست الجمهورية الإسلامية، أصبح مفوضو الثورة يتحكمون بتصرفات الإيرانيين وبملابسهم، فتعيّن على ماريانا لبس الحجاب، فاجتاحها رغبة جامحة في التمرّد على الأعراف القائمة...

حول هذا الفيلم الجميل، قصة أخرى جميلة أيضاً: قُدِّر لماريانا ساترابي، مخرجة «برسيبوليس» ألا تلقى المصير الذي لاقته أترابها الفتيات. فهي ترعرعت في كنف عائلة تؤمن بالأفكار التقدمية، وأمضى العديد من أصدقائها وأفراد عائلتها أعوماً عدة في السجن لأنهم ناضلوا من أجل الايديولوجيا الشيوعية. عوض أن يقدّم لها أبوها الأساطير كي تقرأها، طلب منها أن تقرأ الصور المصوّرة التي يتمحور موضوعها حول الشيوعية. قرر أبواها المثقفان أن يبتعدا عن ابنتهما الوحيدة وأن يرسلاها إلى أوروبا وهي في الرابعة عشر من عمرها، وذلك كي لا تخضع للظلم الذي يمارسه النظام الإسلامي على الشعب الإيراني والذي كان شديداً في تلك الحقبة. في البدء ذهبت ماريانا إلى فيينا  حيث ارتادت المدرسة العليا للفنون التزيينية راغبة في أن تصبح رسامة تصويرية، ثم ذهبت إلى باريس. هربت ماريانا من التهكمات التي يطلقها الملالي الإيرانيون، ووجدت نفسها تواجه التهكمات التي يطلقها الأوروبيون على الإسلام ودولة إيران. تمخّضت عن معاناتها سلسلة من الصور الشائقة واللافتة سمّتها «برسيبوليس»، وجاءت السلسلة خلاصة سيرة حياتها، فشكلت تحفة فنية لأنها الأولى في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ولا شك ان اختياره في المهرجان فكرة جيدة لأنها تحمل دلالات كثيرة، فنية اجتماعية وسياسية، وتثير الفضول، في دورة حافلة بالافلام المهمة. لكن، عدا بعض الاستثناءات، لم نشهد في المهرجان فضائح كبيرة!

النهار اللبنانية في

28.05.2007

 
 

القبس مهرجان كان 2007

عن الحضور العربي و'لكل سينماه'

شاهين وسليمان وييمو والسينما 'حب من أول نظرة'

كان ـ صلاح هاشم

من أجمل الأفلام التي عرضها مهرجان 'كان' بمناسبة الاحتفال بعيد ميلاده الستيني، فيلم 'لكل سينماه'،chacun son cinema الذي أشرف على إنتاجه جيل جاكوب رئيس المهرجان، الذي فكر، وحسنا فعل، أنه من الأفضل بدلا من أن يكون الاحتفال الستيني احتفالا بذكريات، واسترجاعا لتاريخ المهرجان، لتأكيد أمجاده، أن يكون تكريما لفن السينما ذاته، وتكريما لهؤلاء المخرجين العظام من أمثال شارلي شابلن ودراير وهيتشكوك وفيلليني وأورسون ويلز وغيرهم، الذين جعلوا السينما بسحر الضوء، تدلف إلى حياتنا من أوسع باب، فتشكل وجداننا، وتصبح قطعة منا.

وذلك من خلال فيلم يشارك في صنعه مجموعة من أشهر المخرجين في العالم ـ وكان المهرجان كما هو معروف تبنى بشكل ما هؤلاء المخرجين، عبر رحلة عمرهم الطويلة، وشجعهم على صنع أفلامهم، ودافع عن حريتهم، بل هرب بعض أفلامهم كما مع البولندي اندريه فاجدا، والتركي ايلماظ جوني، لكي تعرض في المهرجان ـ على أن يحكي فيه كل مخرج على حدة عن علاقته بفن السينما وكيف يتمثله، حين يسترجع ذكرياته عن صالة العرض، وبشرط الا تتجاوز مدة عرض الفيلم ثلاث دقائق، وأن يمنح كل مخرج 25 ألف يورو، على ان يتولى المخرج بنفسه إنتاج الفيلم والانتهاء منه، وتسليمه قبل شهر من بداية المهرجان، ليقوم جيل جاكوب بنفسه بترتيب الأفلام فقط في شريط سينمائي واحد طويل، عرض يوم احتفال المهرجان بعيد ميلاده الستين، وشارك في صنعه من العالم العربي مخرجنا الكبير يوسف شاهين من مصر، والمخرج الشاب ايليا سليمان 'يد الهية' من فلسطين.

أفكار وتصورات

الجميل في فيلم 'لكل سينماه' الذي اقتصر الاحتفال بعيد الميلاد الستيني على عرضه، ومن دون احتفالات مكلفة وبهرجة فاضية، أنه يبدأ من مصر بفيلم للفرنسي ريمون دوباردون بعنوان 'سينما الصيف'، يصور فيه احدى دور العرض الصيفي في الهواء الطلق في مدينة الإسكندرية، فوق سطح أحد المنازل التي تطل على البحر، ويجعلنا من خلال الفيلم نستشعر قيمة السينما والحنين الى الصحبة والمشاركة، فقد كانت في ما مضى خروجا وفسحة ونزهة، وتشرد مع من نحب، وكم من صداقات وعلاقات عاطفية وقصص حب، تخلقت داخل الصالة المظلمة، ويكتب دوباردون كلمة عن السينما، في الملف الصحفي للفيلم، يقول فيها: مازلت أتذكر تلك الاحتفالات على أسطح البيوتات في مدينة الإسكندرية، عندما كان الليل يهبط في الصيف، ووقتها لم يكن يكن يهم ابدا اسم الفيلم، وأعتقد أن ذلك هو ما تعنيه السينما بالنسبة إلي فيلم 'لكل سينماه' قدم بانوراما لأفكار وتصورات وأمزجة كما في فيلم الاميركي مايكل شمينو 'صائد الغزلان' الذي يصور حفلة موسيقية لفرقة كوبية، ولا يهم أن نفهم كلامات الأغنية، فالسينما عنده لا تحتاج الى ترجمة.

كما جعلنا 'لكل سينماه' نعيش 'حالات' متباينة من الخوف والقلق والحلم والدهشة والفرح، وتميز بحميميته، واستغل البعض من المخرجين الذين شاركوا في الفيلم الفرصة لعمل دعاية لأنفسهم والإشادة من خلال تلك الأفلام بعبقريتهم بشكل منفر ومزعج وعدواني، وكشفوا عن نرجسية مقيتة ممجوجة، مثل الفرنسي كلود ليلوش والمصري يوسف شاهين وآموس جيتاي ودافيد كروننيورغ فكل مخرج يحكي في الفيلم عن نفسه، ويقول بصراحة أحبوني، ويتسول عطفنا.

في فيلم شاهين بعنوان 'بعدها بسبعة وأربعين سنة' يظهر شاهين في صورة شاب يحضر مع زوجته مهرجان كان، ويطلب منها ان تذهب لشراء الجرائد الفرنسية، ليعرف ان كانت كتبت عن فيلمه 'ابن النيل' المشارك في المهرجان فتعود وهو ينتظرها في صالة المهرجان لتبلغه بأن الجرائد ياحسرة، لم تكتب أي شيء عن الفيلم، سوى أنه سيعرض بعد فيلم مكسيكي في برنامج المهرجان، وبعد مرور 47 عاما على تلك الواقعة يكون المخرج السينمائي الشاب صاحب 'الارض' و'باب الحديد' و'الاختيار' نضج وكبر وصار علامة من علامات السينما العربية، ويعود شاهين الى المهرجان، ويشارك فيه بأفلامه ويجري تكريمه في الدورة الخمسين، ويظهر في فيلم شاهين مشاهد تسجيلية من حفل التكريم ذاك، تعلن فيها الممثلة الفرنسية ايزابيل ادجاني منح شاهين تلك الجائزة لمجمل أعماله، وللعلم يظهر هذا المشهد أيضا في فيلم 'اسكندرية نيويورك'، مثل 'ركلام' وهو نوع من التخريف لا علاقة له بالسينما، من حيث انها تكره وتنفر من تلك التصريحات الفجة، ولم يكن المقصود كما فهم شاهين ربما، أن يصنع كل مخرج فيلما يحكي فيه عن حياته، بل عن تأثير السينما في حياته، وأن يكون بالصورة أي بلغة السينما، وليس الكاميرا الشخصية، لعرضه والاحتفال به ومشاهدته مع الأصحاب والأقارب في الاجتماعات العائلية، وبصراحة لم يعجبني فيلم شاهين على الاطلاق وكان عرضه فضيحة في 'كان'، جعلت الأجانب الذين شاهدوا الفيلم يضحكون على مخرجنا الفنان الكبير.

متاعب ومصاعب

في حين أعجبنا فيلم 'ارتباك' للمخرج الفلسطيني ايليا سليمان الذي يظهر فيه كعادته في شخصية الممثل الفكاهي الأميركي 'بستر كيتون' المدهوش والمذهول دوما من عبثية العالم، وتصرفات وسلوكيات البشر، كما لو كان سقط فجأة من المريخ في قلب مسرح اللامعقول، ليسأل أين أنا و ماذا جرى؟

يظهر ايليا داخل صالة سينما في رام الله، وينتظر أن يبدأ مؤتمر صحفي لمناقشته مع الجمهور فيذهب الى دورة المياه ويسقط منه تلفونه المحمول في البالوعة، فيبحث عنه ثم يجده، ويرن التلفون فيرتبك ويخشى ان يقربه من أذنه بعد ان تلوث، ويدخل شخصان غريبان دورة المياه، ومن وضع ايليا منحنيا يفكران في انه ربما يكون شاذا، ونضحك في الفيلم من 'ارتباكه'، وحين يبدأ المؤتمر الصحفي اذا بهم يطلبون الشخص الذي تعطل سيارته امام صالة السينما حركة المرور، وفي اللقطة التالية يتضح ان ذلك الشخص هو ايليا سليمان، ونضحك من المقالب التي يقع فيها، ويصنعها لنفسه كما في فيلم 'يد الهية' وقد وجدنا ايليا في الفيلم وكان مخلصا مع نفسه وقدم فيلما يشبهه ولم يخذلنا.

ويقول شاهين عن السينما في ملف الفيلم 'لقد عشقت السينما طوال حياتي، غير أن المرء لايقول للسينما أنا احبك، من دون ان يكون عالما بما يتضمنه مثل هذا التصريح بالمتاعب والمصاعب والمشاكل، فالموهبة وحدها في السينما لاتكفي، ويجب تطعيمها بالعلم والدراسة والمعرفة، على أن تتدعم بإرادة من حديد، وبحب وبهجة الحياة.

ويقول إيليا سليمان: فيلم 'ارتباك' هو فيلم عن صناعة فيلم the making of لا يحكي ارتباك عن صناعة فيلم، بل يحكي بالاحرى عن بارانويا او انفصام الشخصية، أي عن المرض الذي يصيب المخرج، في أعقاب الانتهاء من عمل وصناعة فيلم.

احتفال وبهجة

وقد أعجبني كثيرا في فيلم 'لكل سينماه' أيضا، فيلم المخرج الصيني زانج ييمو، الذي يصور احتفال الأطفال وبهجتهم بالسينما في الصين، وحين يهبط الظلام وتدور ماكينة العرض، يغلبهم النعاس فيستسلمون له، لكي تصبح السينما عندئذ جزءا من حلم الإنسانية الكبير في مجتمعات أكثر محبة وعدالة وتسامحا.

في حين يصور المخرج الألماني الكبير فيم فندز في فيلمه التأثيرات التي تمارسها السينما على الأطفال خاصة في أفلام العنف والحرب في أفريقيا ، فيروح يصور وجوههم في الظلام، وقد ارتسمت عليها مشاعر الخوف والرعب، ويهزنا بفيلمه إلى أقصي حد، بينما يحكي الأميركي جوس فان سانت في 'لكل سينماه' عن أول قبلة، وعلاقة السينما بالمراهقة والحب، من خلال عامل عروض شاب، تطلع له حورية شقراء من قلب المياه على الشاشة، وتستولي على روحه، فيترك من فرط جمالها ووقوعه في حبها من أول نظرة، يترك كل شيء خلفه مثل الشاطر، ويدخل إلى الشاشة بلا تردد فيلم 'لكل سينماه' الذي شارك في إخراجه 33 مخرجا، أصبح الآن أيقونة من أيقونات 'كان' في عيده الستيني، للحفاظ على تاريخ السينما وتراثها من الزوال والانقراض والعدم، ونعتبره أحد انجازات و'شهادات' المهرجان السينمائية المهمة في دورته الستين

فان سنت.. السينما ترصد العنف الذي يجتاح العالم

كان ـ كونا ـ شدد المخرج الاميركي غاست فان سانت على ان السينما ترصد اليوم العنف الذي يجتاح العالم ويشكل الارضية الخصبة لكتابة وتوليف العديد من الاعمال السينمائية العالمية.

واشار فان سانت الذيش عرض له فيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي وحمل عنوان 'بانرويا بارك' في تصريح صحافي الى ان 'الفيلم مأخوذ من قصة حقيقية جرت احداثها في احدى المدن الاميركية'. واوضح ان 'احداث الفيلم تتناول قيام مراهق باغتيال حارس احد المنتزهات ليلا ولم يعترف بجريمته ولهذا صورت احداث الفيلم بصياغة تحمل الاتهام لجميع الاطراف وبالذات المناهج التربوية التي تظل في حالة غياب عن تحفيز وعي المواطنة الصالحة'.

وكان غاست فان سنت فاز ب 'السعفة الذهبية' عن فيلمه 'فيل' الذي تناول مجزرة كولنباين في حادثة هزت المجتمع الاميركي.

وكان موضوع العنف احتل موقعا بارزا في اعمال مهرجان كان.

ومن ابرز الاعمال التي تعرضت لموضوع العنف ايضا فيلم 'لا موطن للرجال العجائز' من بطولة تومي لي جونز والاسباني خافيير باراديم.

واكد فان سانت ان 'على السينما ان تركز على هذا الموضوع من اجل خلق حالة من الوعي عند الجماهير من العنف الذي يجتاح العالم'.  

'نفرتيتي' يصور بميزانية 130 مليون دولار

كان ـ كونا ـ اعلن فى مهرجان كان السينمائى الدولى عن انتاج فيلم روائي جديد بعنوان 'نفرتيتي' بميزانية قدرها 130 مليون دولار سيصور فى استديوهات مدينة الانتاج الاعلامى بالقاهرة.

وقال المنتج الاميركي جون هايمان انه بصدد انتاج ثلاثة اعمال سينمائية فى مدينة الانتاج الاعلامي في القاهرة من بينها فيلم 'نفرتيتي'. واوضح ان فيلم 'نفرتيتي' الذي خصصت له ميزانية قدرها 130 مليون دولار سيصور فى مطلع شهر نوفمبر المقبل وبمشاركة حشد متميز من نجوم السينما العالمية مضيفا ان سيستعين بعدد ضخم من الفنانين المصريين والعرب. وتابع انه سينتج ايضا فيلم 'كليوباترا الصغيرة' بميزانية 5 ملايين دولار.

واشار جون هايمان الى ان استديوهات مدينة الاعلام المصرية باتت تمثل منافسا كبيرا لعدد من القطاعات الانتاجية العالمية مثل استديوهات مدينة ورزازات المغربية واستديوهات مالطا وعدد من دول اوروبا الشرقية.واوضح ان استديوهات مصر تتمتع بالجودة الانتاجية والخدمات العالية علاوة على المواقع الامنة مشيرا في الوقت ذاته الى التكلفة غير المرتفعة للخدمات الانتاجية. ويتوقع ان تشهد مدينة الانتاج الاعلامي في القاهرة توافد عدد كبير من شركات الانتاج العالمية.

تكريم نقاد سينمائيين بينهم عربيان

كرم مهرجان كان السينمائي الدولي بدورته الستين خلال احتفال عددا من النقاد السينمائيين الأقدم، بينهم عربيان، ممن تابعوا دورات المهرجان وقدموها لوسائل الإعلام في مختلف بلدان العالم.

واذا كان كبير هؤلاء وعميدهم فرنسيا حضر الى مهرجان كان عام ،1946 فقد كرمت الدورة الستون للمهرجان هذه السنة ناقدين سينمائيين عربيين هما سمير فريد من مصر وعز الدين مبروكي من الجزائر.

وقد سلم رئيس المهرجان جيل جاكوب الميداليات لهما شخصيا ولنحو 35 صحافيا تعبيرا عن تقدير المهرجان لجهودهم.

وقال سمير فريد اثر تسلمه الميدالية لوكالة فرانس برس انه 'سعيد وحزين في الوقت نفسه بعد اربعين عاما من حضوره للمرة الأولى الى مهرجان كان عام 1967 عندما كان المهرجان في عز شبابه في دورته العشرين

إيليا سليمان يواصل. التحضير ل 'الوقت المتبقي

كان (فرنسا) ـ أ.ف.ب ـ يبحث المخرج الفلسطيني ايليا سليمان عن منتج لشريطه الجديد الذي يحمل عنوان 'الوقت المتبقي' الذي تدور احداثه خلال ثلاث فترات زمنية وفي ثلاثة بلدان هي فلسطين والولايات المتحدة وفرنسا حيث يعيش المخرج حاليا.

وقصة الفيلم مستوحاة كما في اعمال سليمان السابقة من ملامح في حياة العائلة والأصدقاء، وستكون روح الفترة الزمنية والأجواء السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تلف حياة الشخصيات حاضرة في الفيلم.

وأجرى سليمان عددا من اللقاءات الانتاجية في مدينة كان مع عدة جهات، وبات التمويل شبه متوافر على رغم انه لم يجر توقيع كل الاتفاقات. وسيبدأ التحضير للفيلم بين يوليو واغسطس المقبلين اذا جرى كل شيء على ما يرام.

وقال المخرج لوكالة فرانس برس انه سيعود الى مدينة الناصرة قبل أربعين عاما عبر قصة عائلية تتصل بسيرة والده وبه حين كان طفلا، ثم ينتقل الفيلم الى مرحلة كان فيها في العشرين وصولا الى الفترة الحالية.

وسيجري بناء ديكورات مدينة الناصرة كما كانت في الماضي، ويتضمن الفيلم مؤثرات خاصة كثيرة يتطلب التحضير لها بين ثمانية وتسعة أشهر.

التصوير سيجري مبدئيا عام 2008 ولم يجر بعد اختيار الممثلين، لكن المخرج اشار الى انه سيختار على عادته ممثلين من غير النجوم وغير المحترفين.

القبس الكويتية في

28.05.2007

 
 

المخرجون يجمّلون الجرائم.. في عروض «كان»

أميركيّان يبرئانها و«اللندني» يستعيد الغفران

زياد الخزاعي

جريمتان وغفران واحد. تبدو المعادلة غير منصفة لإثم مركّب ومتداخل. فكيف يمكن إغفال دم مسفوك وتبرئة مرتكبه؟ السينما وحدها، كما يبدو، قادرة على مثل هذه العطايا. في مسابقة مهرجان «كان» الستيني اجتمعت خطيئتان على جثث مغدورين، أولاهما قضي بقدر محتوم، والثانية بخطأ أرعن، فيما تجلّت المغفرة بصدفتها في الفيلم الثالث. مخرجو هذه الأفلام ليسوا قضاة أو محاسبي ضمائر، بل وسطاء يكمن إثمهم الفني في أنهم جمّلوا وقائعها وبرعوا في رسم تفاصيل صُوَرها وتحريك أقدار أبطالها. هم جناة، كونهم محترفي إقناع وإمتاع. بل هناك من يعتبرهم متواطئين في تعميم التبرير لها (الجرائم). بيد أن المشاهد الحصيف يجد مفاتيح درامية ذات تأويلات مفاجئة يصل بعضها الى حدود اللامألوف.

لعن الوحشية الأميركية

في حالة الأخوين الأميركيين جويل وإيثان كوين، يبدو اختيارهما رواية صاحب «بوليتزر» كروماك مكارثي «لا موطن للرجال العجائز» (عُرض في «المسابقة الرسمية») استمراء مقصوداً للعن الوحشية الأميركية التي تجلّت في عملهما السابق «فارغو» (1996)، الذي تابعا فيه اجتهاد شرطية تسعى الى كشف هوية ودوافع قاتل يطحن ضحاياه في ماكنة زراعية، لتتشابك خيوط التحقيق مع قاتل آخر يطارد الأول في ما يشبه سلسلة لا نهاية لها. تلك الوحشية صنعة بشر تدفعهم نوازع غريبة إلى ارتكاب فواحش دموية، في حين تعاني سلطة القانون ثقل مناوراتها، إذ إن الشرطية حامل بوليدها، وتجالد مع بطنها المنتفخة ذات التكوّر الكبير المبالغ فيه، وتحرّقها الى إجازة الأمومة. في جديدهما، يكون كبير الشرطة بِلْ (تومي لي جونز) بديلاً جنسياً من زميلته، يعاني الكبر وعده أيام تقاعده القريب. ما يحرّك رتابة مهنته في المدينة الصغيرة الواقعة على تخوم فيافي تكساس، جريمة قتل جماعية يكتشفها قبله البطل ليولن موس (جوش بورلين) إثر مطاردته قطعان ظباء. وهي (المطاردة) تأخذ شكلاً عنفياً آخر، عندما يُكلّف القاتل أنطوان تشوكرا (أداء باهر للإسباني خافيير بورديم) حلّ عقدة الشاهد الغامض الذي فرّ بمليوني دولار غنيمة سهلة.

كما أن الخطأ يولّد مثيله في لعبة الكر والفر الشهيرة، فإن بل يقع في زلّة تريثه وإصراره على عقلنة الدوافع والمتورطين بها (هو هنا شبيه زميلته في «فارغو»)، الأمر الذي يسمح للوحش المأجور أن يضاعف أعداد ضحاياه، وهو في طريق تضيق الخناق حول ليولن. جريمة هذا الأخير أنه وقع في مطب جشعه للاحتفاظ بالثروة من دون إدراكه الثمن الفادح الذي ينتظره. بيد أن الحكاية ليست مطاردة عادية التفاصيل، فعنفها يتوالد بين مقاتل سابق في فيتنام (حالة ليولن) وغول بشري لا يرحم أياً كان في طريقه (حالة أنطوان). كلاهما يستخدم أقصى حرفيته: الأول في قدرته على الإفلات من الأفخاخ التي تنصب له (تحديداً جهاز الإنذار الذي زُرع في الحقيبة وتصل ذبذباته الى جهاز استقبال يدل أنطوان على أمكنة تخفيه)، والثاني في اكتساحاته الجبارة للموانع، زارعاً الدم وضحاياه في كل مكان. وفيما نتابع خيط المناكفات العنيفة، نشاهد الشرطي بِلْ يراوح بين مواقع الجرائم والمعارك، قبل أن تسعفه زوجة ليولن الشابة بمكان التحصن الأخير الذي يشهد تصفية الجشِع. وعند وصوله، يكتشف أن دربته العسكرية أصبحت بالية ومتأخرة لدرء رصاصات الموت.

الكاتب مكارثي الذي بقي على إصراره الإيديولوجي في تحامله، بلا كلل، على الوحشية الأميركية في غالبية نصوصه، يجعل نهاية عمله الفاجع معقودة بالمشية الشيطانية لأنطوان إثر إفلاته من موت محقّق. فالوحش لن يموت، وهو يتوالد من الشارع ويظل متحصناً فيه، باحثاً عن ضحايا جدد وورثة محتملين. إن تطرّف العنف وجرائمه في عمل الأخوين كوين لن يصل الى منتهاه الطبيعي، أي إلى القانون وعقوباته. وظلاّ في اقتباسهما الدقيق والفذّ لعمل مكارثي يسايرونه فيما يخصّ نظرته السوداوية لحالات التشبع الأميركي بالسطوة. من هنا، يُفهم تدقيقهما في تصوير (جهد أخّاذ لمدير التصوير روجر دينكنز) رعب القتل الذي يمارسه أنطوان وكيانه الحيواني.

مواربة دينية للجريمة

ولئن أظهر «لا موطن للرجال العجائز»، في أسلوبية صادمة، مفاهيم نزعة الشراسة، فإن مواطنهما غاس فان سانت يقارب جريمة بطله في جديده «منتزه الجنون» (المسابقة الرسمية) من باب درامي ذي مواربة دينية حداثية. ذلك أن الطالب الشاب ألكس (يُذكّر كثيراً بنظيره الذي يحمل الإسم نفسه في «البرتقالة الآلية» للأميركي ستانلي كوبريك) يمارس يومياته بأكبر قدر من العزلة الشخصية، على الرغم من محيطه المكتظ بالشخصيات التي تدور في فلكه. فهو يحمل في داخله مشروع قاتل مؤجّل، تدفعه رعونة خوفه الى تحقيق جريمته في حق حارس محطة قطارات، يكون سلاحها لوح تزحلقه (أو شغف هوايته الرياضية) الذي يشبه عصا ألكس كوبريك (ضمن أدوات أخرى) التي ينهال بها على أجساد ضحاياه. وإذا كانت هذه الشخصية متلبسة العزم بالقتل، فإن بطل فان سانت يولّد عنفه اللاحق بغماط حُسن طلته التي تجعله شبيهاً بمحيا قديس معاصر. في المشهد الافتتاحي، نراه يخط على ورق دفاتره المدرسية ما يشبه المذكرات، لنكتشف لاحقاً أنها اعترافات جريمته التي لم يجرؤ البوح بها لأقرب الناس اليه: والده الذي تخلى عنه وهو يافع. وفي نهاية الفيلم، يعمد الى حرقها وسط نيران جبنه، لنفهم أن القانون لن يأخذ مسراه الطبيعي، ولن يتمكّن البطل الشاب من تبرئة ذمّة الدم الذي «لوّث» لوح هوايته الأثيرة.

كما كان قتلة الفيلم السابق لفان سانت «فيل» (حول مجزرة مدرسة كولمباين) من الطلبة، فإن ألكس يأتي من الوسط نفسه. لكن الفرق الوحيد كامنٌ في أن القاتلَين في العمل الأول عزما على الجريمة بإرادة وعن قصد، فيما تدفع شخصية شابة وسيطة تشبّه يهوذا (تلبس رداء الزعران) بالبطل، الى تحقيق القتل عبر نزوة لا معنى لها سوى مناكفة القانون الذي يمنع صعود مقطورة أراداها وسيلة تنقل مجانية توصلهما الى منطقة تزحلق بعيدة! وهي زلّة يتخذها المخرج فان سانت (الذي يستلف مرة أخرى أسلوبيته المميزة في عمليه «فيلش و«الأيام الأخيرة» تحديداً بتكرار تصوير وقوع الأحداث نفسها من زوايا سردية وبصرية مختلفة، تُقفَل بالخاتمة المعروفة مسبقاً) دليلاً على رعونة وسذاجة بطل أميركي معاصر يستسهل المغامرة، مثلما يستسهل لاحقاً إخفاء مصيبته الدموية (يقطع قطار مار جسد الضحية الى نصفين).

إن الاثم، في حالة بطل فان سانت، يُدفن نتيجة انتفاء وجود الشهود. أما نظيره في عمل الأخوين كوين، فيُحوِّل ليولن من شاهد جريمة (أو مكتشف لها) الى ضحية وطريدة، عليه أن يدفع ثمن الصدفة التي قادته إلى التوّرط بمال حرام، وهي الحالة الملتبسة نفسها التي تقود بطل فيلم المخرج الطليعي الهنغاري بيلا تار «اللندني» (ضمن المسابقة الرسمية) نحو مصادفته الشخصية التي تجعله شاهداً على جريمة قتل و«اصطياده» المبلغ المسروق الكبير بعد هروب القاتل الجبان. ماليون مراقب خطوط سكك حديدية تربط ميناءً مجدباً بوسط مدينة تعيش فيها أشباح كائنات تعاني اقصاءات لا تُفهم أصولها. يصرف جُل وقته في برج مراقبة يطل على حواف المدينة الساحلية. ذات ليلة، يشاهد رجلين يتقابضان على حقيبة. يغرق أحدهما، وهو اللندني الذي كان مكلّفاً بنقل المال الى عميل يهرب بعد محاولته الفاشلة في السرقة. وتحت جنح الظلام، يفلح الرجل المعزول بالحصول على الحقيبة، لتخطفه أوراق الجنيهات الإسترلينية الدسمة العدد.

المال

هل هذه الغنيمة مفتاح غناه وعائلته، أم بادرة شر؟ ماليون ليس في أفضل حالاته، إذ تشهد أيامه الكئيبة خصومات مذلّة بينه وزوجته (الممثلة البريطانية تيلدا سونتون) ومحاصراته العنيفة لإبنته التي تعمل مساعدة في محل بقالة، فارضاً عليها ترك وظيفتها. فظنّه أن المال الذي أخفاه كفيل بعزّة نفس متأخرة (يُرضيها بشراء معطف من الفرو). هذا الجانب المغلق في حياته يدفعه الى انكفاء سادي يراد منه الحصانة من شكوك الآخرين الذين استنفروا لمعرفة مصير المال المفقود. ومثلما هي الصدفة التي دفعته إلى قطف الثمرة المحرمة، فإنها توقع به في خطأ الشاطر الذي يقود المحقّق موريسون الى الاشتباه فيه. وحده اعتصام القاتل الحقيقي في كوخ مولين وموته الغامض يُطهّره من ورطته، ويعيد المال الى رجل القانون. لاحقاً، يكافئه الأخير بعطية مالية وغفران زوجة القاتل.

«اللندني»، كاقتباس سينمائي، لا يمت بصلة إلى أجواء رواية الكاتب جورج سيمنون، بقدر ما هو اشتغال صرف لبيلا تار. فالأجواء القاتمة وظلالية الشخصيات تُفَخّم بالتطويل الزمني للمشهديات (135 دقيقة)، وهي صنعة المخرج التي ميزت أعماله السابقة «عش عائلي» (1977) و«تانغو الشيطان» (1994) وعمله الأخّاذ «إيقاعات فركمايستر» (2000). ينأى تار بعمله عن تقليدية الصبغة البوليسية، وبدلا منها يصوغه بمزاج نادر الإيقاع وفرادة تصوير (إنجاز مدير التصوير الألماني فرد كليمن)، ما يجعل منه مخرجاً نخبوياً بامتياز.

(كان)

السفير اللبنانية في

28.05.2007

 
 

مهرجان كان يتألق فى عامه الستين

كان- مايك كوليت وايت وجيمس ماكنزي

حقق مهرجان كان السينمائى نجاحا كبيرا فى عامه الستين واختار بعد منافسة تفاضلية فائزا حظى بشعبية كبيرة بين الاوساط السينمائية من بين عدد كبير من الافلام التى حققت نجاحات وسط قلة قليلة من الاخفاقات.

كما اجتذب الحدث السينمائى المبهر عددا من نجوم هوليوود الذى يعتبر حضورهم ضروريا لانجاح أى مهرجان كما حقق محصولا جيدا من الاتفاقات السينمائية الجديدة التى وقعت على هامش مهرجان عام 2007 الذى سيسجل على انه من أنجح دورات كان التى تقام على شاطيء الريفييرا الفرنسية والذى استمر 12 يوما.

وقال الناقد والمؤرخ السينمائى مارك كازينز "قصة فيلم كان لهذا العام قصة انكار للذات. لا أتذكر ان هذا حدث بهذه القوة من قبل ولذلك اعتقد انه كان مهرجانا عظيما."

وفاز بجائزة السعفة الذهبية لاحسن فيلم الفيلم الرومانى -4 شهور و3 اسابيع ويومان-من بين 22 فيلما تنافست على الجائزة وهو من اخراج كريستيان مونجيو ويتناول بنظرة نقدية حادة الاوضاع قرب انتهاء العهد الشيوعى والذى اتفق النقاد على ترشيحه للفوز قبل الحفل الختامي.

ويحكى الفيلم قصة جابيتا وهى طالبة شابة تخضع لعملية اجهاض غير قانونية وخطرة والثمن الفظيع الذى كان عليها ان تدفعه هى وصديقتها اوتيليا.

وأشاد النقاد بالفيلم لتصويره عالما سريا قاسيا بلا رتوش لاوروبا الشرقية الاشتراكية بالاضافة الى الانسانية والمدى الذى قد تذهب اليه الصداقة التى تجلت فى تضحية اوتيليا من اجل انقاذ صديقتها.

وكان هذا الاختيار من الامثلة النادرة التى اتفق فيها رأى لجنة التحكيم المكونة من تسعة أعضاء والجمهور الاوسع من الصحفيين والنقاد على الفائز بجائزة السعفة الذهبية لاحسن فيلم.

كما لم يشهد المهرجان تذمرا او شكاوى من تخصيص الجوائز الاخرى.

فقد فاز بالجائزة الكبرى وهى ثانى أكبر جائزة بعد جائزة السعفة الذهبية لاحسن فيلم "غابة الحداد" وهو فيلم غنائى يابانى عن الحداد والحزن من اخراج ناومى كاواس.

وحصل جوليان شنابل على جائزة افضل مخرج عن فيلم "غرفة الغوص والفراشة" المأخوذ عن القصة الحقيقية للصحفى الفرنسى جان دومينيك بوبى الذى اصيب بجلطة وشلل لكنه تمكن من تأليف كتاب باستخدام حركة الرمش للتواصل.

وذهبت جائزة أفضل سيناريو للمخرج والكاتب الالمانى التركى فاتح اكين عن فيلم "حافة الجنة" وهى قصة حب ومصالحة عبر الحدود. وفاز بجائزة أحسن ممثل الممثل الروسى قنسطنطين لافرونينكو عن دوره فى الفيلم الروسى "النفي" من اخراج اندريه زفياجينستيف.

وفازت بجائزة أحسن ممثلة جيون دو يون من كوريا الجنوبية عن فيلم "الشروق السري".

لكن من التحفظات التى ترددت فى كان خروج انجلينا جولى من المنافسة رغم المديح الذى نالته عن دورها فى فيلم "قلب كبير" الذى يدور حول خطف الصحفى الامريكى دانيل بيرل ثم اعدامه فى باكستان.

واستقطب أضواء كان الممثلان الامريكيان جورج كلونى وبراد بيت اللذان كانا يروجان للجزء الثالث من فيلمهما "عصابة أوشن".

العرب أنلاين في

28.05.2007

 
 

في ختام دورته الستين

مهرجان «كان» يدير ظهره للعنف..

ويمنح سعفته الذهبية لفيلم روماني

كان: عبد الستار ناجي

لدار مهرجان «كان» السينمائي الدولي ظهره لظاهرة أفلام العنف التي اجتاحت عروض المسابقة الرسمية لدورته الستين، حيث أعلن رئيس لجنة التحكيم، المخرج البريطاني ستيفن فريرز، ان السعفة الذهبية ذهبت للفيلم الروماني «4 اشهر و 3 أسابيع ويومان» من إخراج الروماني كريستيان مونجيو. وتدور قصة الفيلم الذي تلعب بطولته النجمة آن ماريا مارينكا حول رومانيا في عهد الدكتاتور الراحل نيكولاي تشاوشيسكو من خلال حكاية فتاة تريد التخلص من حملها.

وقال مونجيو،39 عاما، وسط تصفيق الحضور «بالنسبة لي انه حلم يتحقق».

وأضاف «آمل في ان تكون السعفة الذهبية بمثابة نبأ سار للمخرجين غير المعروفين في دول صغيرة لأنه يبدو لي اننا لم نعد بحاجة الى ميزانية كبيرة وأسماء لامعة في عالم الفن السابع لانتاج فيلم يثير اهتمام الجميع».

ويعكس هذا الفيلم الحيوية الشديدة للسينما الرومانية الجديدة التي حصلت مساء السبت على جائزة قسم «نظرة ما» المسابقة الرسمية الموازية للمهرجان عن «كاليفورنيا دريمن» كريستيان نيميسكو. وكان نيميسكو لقي مصرعه في أغسطس (آب) الماضي عن 27 عاما في حادث سيارة.

وذهبت جائزة لجنة التحكيم الكبرى للفيلم الياباني«غابة موغاري» لليابانية ناومي كواسي،38 عاما.

وفاز المخرج جاس فان سانت بجائزة مهرجان «كان» الخاصة بمناسبة الاحتفال بعامه الـ60 عن فيلمه «بارونايد بارك».

وأما الفيلم الإيراني للرسوم المتحركة «بيرسيبوليس» فقد حصل مخرجاه مرجان ساترابي وفانسان بارونو على جائزة لجنة التحكيم. كما أثار الفيلم وهو الأول للفرنسية الايراني ساترابي الذي تنقل فيه الى الشاشة الكبيرة سلسلة رسومها المتحركة عن الحياة في ايران بعد الثورة الاسلامية اعجابا شديدا. وقالت رئيسة لجنة تحكيم قسم «نظرة خاصة» المخرجة الفرنسية باسكال فيران خلال حفل توزيع الجوائز «كان أكثر الأفلام التي شاهدناها حيوية وحرية خلال الأيام العشرة الماضية».

وتنافس على جائزة هذا القسم بالمهرجان 20 فيلما. وقالت فيران إن لجنة تحكيم قسم «نظرة خاصة» رفضت في بادئ الأمر إشراك «كاليفورنيا تحلم» بالمسابقة لأن مخرجه توفي، لكنها تراجعت عن القرار بعد عرض الفيلم بالمهرجان.

ويركز فيلم نيميسكو على أحداث حرب كوسوفو عام 1999 عند يوقف مدير محطة سكة حديد بقرية رومانية صغيرة قطارا تابعا لقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) ينقل عتادا عسكريا. ويمر القطار الذي يخضع لإشراف الجنود الأميركيين عبر الأراضي الرومانية دون وثائق رسمية اعتمادا على موافقة شفهية من الحكومة الرومانية.

وفي قسم نظرة خاصة أيضا فاز المخرج الاسرائيلي إيران كوليرين بجائزة عن فيلمه «زيارة الفرقة» الذي يحكي عن زيارة فرقة عازفين صغيرة من الشرطة المصرية لإسرائيل للعزف في حفل افتتاح مركز فنون عربية لتتقطع بهم السبل في المطار ويجدوا أنفسهم ببلدة إسرائيلية مهجورة في الصحراء.

وفازت المخرجة الإيطالية فاليريا بروني تيديسكي بجائزة لجنة التحكيم الخاصة عن «أحلام الليلة السابقة». ويحكي الفيلم عن ممثلة تعاني هوسا من دور ناتاليا بيتروفنا بطلة مسرحية «شهر في البلدة» للكاتب الروسي إيفان تورجينيف حيث تجد صعوبة في حفظه. وتتحول أحلامها في الليلة السابقة إلى ما يشبه الكابوس.

والأفلام الأخرى التي جذبت الاهتمام هي «من الجانب الآخر» للمخرج الألماني التركي فاتح أكين الذي يرسي فيه جسرا بين ثقافتيه التركية والألمانية، والأميركي «نو كانتري فور اولد مان» (لا بلد لرجل عجوز). ويروي الفيلم الأميركي رحلة تحول مريض عقلي والذي أخرجه باقتدار الأخوان كوين.

وقد حصل فيلم فاتح أكين السبت على جائزة لجنة التحكيم المسكونية، فيما منحت جائزة موازية هي جائزة النقاد الدوليين الى فيلم كريستيان مونجيو.

ومن الأفلام التي أثارت اهتماما كبيرا «الكسندرا» للمخرج الروسي الكسندر سوكوروف الذي يتناول بصورة انسانية مؤثرة النزاع الشيشاني حسب تقرير وكالة «أ.ف.ب».

وهناك ايضا «سيكرت صن شاين» للكوري لي شانغ دونغ و«لو سكافاندر ايه لو بابيون» (صدرة الغواص والفراشة) الفرنسي الانتاج للمخرج الاميركي جوليان شنابيل المستوحى من السيرة الذاتية لجان دومينيك بودي المصاب بالشلل. وقد اثر بعمق في رئيس لجنة التحكيم ستيفن فريرز.

لكن التكهنات نادرا ما كان لها تأثير على خيار لجان تحكيم كان المكونة هذا العام من تسعة اعضاء بينهم حائز «نوبل» للأدب، اورهان باموك، والنجم ميشال بيكولي، بل كثيرا ما يكون العكس هو الصحيح.

ومنذ ايام قال رئيس المهرجان جيل جاكوب ساخرا «تبدو هذه التوقعات الشهيرة وكانها دعوة الى لجنة التحكيم لاتباع الرأي العام. لكن فجاة وكرد فعل تسلك اللجنة دربا شائكا.. وهذا من يضفي سحرا على المهرجان».

وإذا كانت السمة العامة للأفلام الروائية المعروضة في كان شديدة القتامة فان نوعية الاعمال الـ22 المتنافسة كانت على مستوى الحدث التاريخي الذي تشكله هذه الدورة التذكارية للمهرجان.

ويقول الصحافي في «نيويورك تايمز» ايه.او سكوت «يشتهر النقاد السينمائيون بأنهم مثيرو جدل، لكن شيئا قريبا من الإجماع يقول ان هذا المهرجان وجد حيوية جديدة في عامه الستين».

ومع ذلك ابدى العديد من النقاد خيبة أملهم حيال الأعمال الأخيرة لمخرجين كبار مثل وأمير كوستوريكا وكوينتن تارانتينو.

ويبدو من خلال الجوائز ان رئيس لجنة التحكيم ستيفن فريرز يرفض أفلام العنف ويدعو الى سينما تناقش قضايا الإنسان المعاصر وقضاياه في كل مكان.

* جوائز «كان»

* أفضل مخرج: الأميركي جوليان شنابيل ـ عن فيلمه «لو سكافاندر ايه لو بابيون» (صدرة الغواص والفراشة).

* أفضل سيناريو: التركي فاتح اكين لفيلمه «من الجانب الآخر».

* أفضل ممثل: الروسي قسطنطين لافروننكو عن فيلم «القصاب».

* أفضل ممثلة: الكورية الجنوبية دو لون جون عن فيلم «سيكرت سانشاين».

* جائزة لجنة التحكيم الخاصة: مناصفة بين الفيلم الإيراني الكرتوني «برسيبوليس» للمخرجين مرجان ساترابي وفنسان بارونو، وفيلم «ضوء صامت» للمكسيكي كارلوس ريغاداس.

* جائزة الكاميرا الذهبية: للفيلم الإسرائيلي «زيارة الفرقة» (بيكور حاتزيموريت) للمخرج عيران كوليرين.

* جائزة الدورة الستين: للمخرج الأميركي غاس فان سانت عن مجمل أعماله وفيلمه الأخير «بارانويد بارك» (حديقة الهذيان).

####

مارتن سكورسيزي : روبرت دي نيرو «أيقونة» أفلامي

المخرج الأميركي أشاد بفيلم «الحال» وبمخرجه المعنوني وبالموسيقى المغربية

كان: عبد الستار ناجي  

قال المخرج الاميركى الكبير مارتن سكورسيزى، انه يمتلك علاقات وطيدة مع عدد من السينمائيين فى العالم العربى والشرق الاوسط بشكل عام، وانه يتمنى تفعيل دور السينما فى العالم العربي لتكون جزاء من حالة التغيير التي تعيشها الكثير من دول المنطقة.

ويزور سكورسيزي مدينة كان الفرنسية هذه الايام، وشارك في تقديم «درس السينما» الذي يعتبر من الانشطة البارزة في مهرجان كان السينمائى الدولي، حيث يتم استقدام احد المبدعين فى كل عام فى مجالات الاخراج والتمثيل والموسيقى لتقديم محاضرته السينمائية التي أطلق عليها «درس السينما».

وسلط سكورسيزي الضوء على جوانب من مشواره وعلاقته مع القضايا التي قدمها في جملة أعماله والنجوم الذين تعاون معهم. ووصف النجم الكبير روبرت دي نيرو بأنه «ايقونة» أفلامه وأكثر النجوم الذين استوعبوا القضايا التى يقدمها في أعماله.

وأشار سكورسيزي إلى أنه زار العديد من دول العالم العربي وتربطه علاقات وطيدة مع عدد من المخرجين والشخصيات الرسمية، ولمس الاحترام الذي تحظى به السينما. وأشار إلى انه وخلال وجوده في كان قدم إعادة جديدة للفيلم المغربي «الحال» الذي أخرجه الفنان المغربي احمد المعنوني، والذى يتناول حياة ومشوار فرقة «جيل جلالة» المغربية الشهيرة. وقال سكورسيزي إنه لا يزال مسحورا بذلك الفيلم وأجوائه الاحتفالية، بالإضافة الى الموسيقى الساحرة التي قدمتها تلك الفرقة. وقال واصفا الفيلم والمخرج احمد المعنوني إن «الفيلم يمثل اطلالة حقيقية على الموسيقى المغربية الثرية بالأنغام، وان المعنوني هو احد المبدعين الاوفياء للتراث والموروث الشعبي المغربي».

ونوه الى انه كان قد تم تكريمه من قبل مهرجان مراكش السينمائي منذ عامين، وكانت فرصة ايجابية بالنسبة له للتواصل مع نتاجات السينما العربية والأفريقية، كما اطلع على الخدمات الكبيرة التي تقدمها استديوهات مدينة ورزازات المغربية جنوب مراكش، والتي باتت تمثل إحدى أهم المدن القادرة على تنفيذ اهم المشاريع السينمائية الضخمة الانتاج.

الشرق الأوسط في

28.05.2007

 
 

ايران ترى فى تتويج "برسيبوليس" كراهية مرضية للاسلام 

طهران-العرب أونلاين: رأى المستشار الثقافى للرئاسة الايرانية مهدى كهلور فى تقدير فيلم "برسيبوليس" للايرانية مرجان ساترابى فى مهرجان كان الدولى حيث نال جائزة لجنة التحكيم دليلا على "كراهية مريضة للاسلام".

ونقلت وكالة انباء فارس عن المسؤول الايرانى قوله ان "جذور كراهية الاسلام فى المفهوم الغربى المرضى تنبع من فرنسا وانتاج فيلم "برسيبوليس" المعادى لايران وتمجيده فى مهرجان كان يتفق مع هذا المنطق".

واضاف ان الفيلم "عمل تخريبى للثقافة الايرانية ولن يكون الاخير فى سلسلة الافلام المعادية لايران".

وتنقل الفرنسية الايرانية الاصل مرجان ساترابى فى فيلم الرسوم المتحركة "برسيبوليس" سيرتها الذاتية وقد ساعدها فى اخراجه فانسان بارونو.

يروى هذا الفيلم باسلوب مفعم بالحيوية والعذوبة حياة شابة من ابناء الطبقة البرجوازية فى طهران ترغم على ترك بلدها بعد قيام الثورة الاسلامية عام 1979.

ويبدو النظام الايرانى فى هذا الفيلم شديد القمع للحريات الفردية ولا سيما للحريات النسائية.

وفاز الفيلم الاحد فى كان بجائزة لجنة التحكيم مناصفة مع فيلم "ضوء صامت" للمكسيكى كارلوس ريغاداس.

وكانت ايران احتجت على اختيار هذا الفيلم بين الافلام المتنافسة فى مهرجان كان السينمائي.

واكدت مؤسسة تابعة لوزارة الثقافة الايرانية ان "مهرجان كان هذه السنة اختار فيلما حول ايران يرسم صورة غير حقيقية لانجازات الثورة الاسلامية وانعكاساتها".

ورفضت وزارة الخارجية الفرنسية هذه الاتهامات وذكرت بان الفيلم "اختير من قبل مسؤولين عن مهرجان كان يتخذون قراراتهم باستقلالية تامة وبالتالى لا ترى كيف ان دوافع سياسية تقف وراء هذا التكريم".

العرب أنلاين في

29.05.2007

 
 

كان2007

المهرجان يتجاهل الأسماء الكبرى

ويمنح جائزته لفيلم بموازنة محدودة  

كان (فرنسا) ـ أ.ف.ب ـ نال فيلم 'أربعة أشهر وثلاثة أسابيع ويومان' للروماني كريستيان مونجيو السعفة الذهبية في الدورة الستين من مهرجان كان الدولي الذي تجاهل أسماء كبرى في عالم السينما، وبالتالي يكون مهرجان كان الذي يعتبر أكبر وأعرق مهرجان سينمائي في العالم، استبعدت عن الجوائز أسماء مخرجين كبار مثل امير كوستوريتسا وكوينتين تارانتينو وونغ كار ـ واي، أو الأخوين جويل وايتان كوين اللذين اشارت تكهنات عديدة الى احتمال فوزهما عن فيلمهما 'لا وطن لرجل عجوز'،.

وقال مونجيو (39 عاما) وسط تصفيق الحضور 'بالنسبة إلى انه حلم يتحقق'. وأضاف 'آمل في ان تكون السعفة الذهبية بمنزلة نبأ سار للمخرجين غير المعروفين في دول صغيرة لأنه يبدو لي انه لم نعد بحاجة الى ميزانية كبيرة وأسماء لامعة في عالم الفن السابع لانتاج فيلم يثير اهتمام الجميع'.

ويروي فيلم المخرج الروماني الذي لم تتجاوز ميزانيته 600 ألف يورو قصة اجهاض محظور في ظل النظام الشيوعي اثر الى حد كبير في الحضور.

كما كافأت لجنة التحكيم برئاسة المخرج البريطاني ستيفن فريرز الممثل الروسي كونستانتين لافرونينكو بمنحه جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم 'الابعاد' لاندريه زفيا غينتسيف. ومنحت الكورية جون دو يون جائزة أفضل ممثلة عن فيلم 'سيكرت سانشاين' للي شانغ دونغ.

ونال فيلم 'غابة موغاري' لليابانية ناومي كواسي (38 عاما) الجائزة الكبرى لمهرجان كان التي تعتبر أبرز جائزة بعد السعفة الذهبية، حسب ما اعلن فريزر.

وحاز فيلم 'صدرة الغواص والفراشة' لجوليان شنابيل جائزة أفضل اخراج وهو يروي قصة رجل مقعد في حين نال فيلم 'بارانويد بارك' (حديقة الهذيان) لغاس فان سانت الجائزة الخاصة لمهرجان كان.

ونال فيلم 'من الجانب الآخر' للمخرج الالماني التركي فاتح اكين (33 عاما) الذي يرسي فيه جسرا بين ثقافتيه التركية والألمانية، جائزة أفضل سيناريو بعدما حاز فيلمه 'هيد اون' جائزة الأسد الذهبي لمهرجان برلين عام 2004.

وفي فيلم 'الجانب الآخر' يرسم فاتح أكين المولود في هامبورغ في 1973 صورا عصرية لشخصيات ألمانية وتركية يتقاطع مصيرها من خلال ناشطة تركية شابة تفر الى بريمن (شمال المانيا) بعد ان تحتج في تركيا للمطالبة بالمزيد من الحقوق السياسية والاجتماعية. ولمناسبة فوزه بالجائزة وجه اكين نداء الى الوحدة في تركيا قبل موعد الانتخابات التشريعية المقررة في يوليو في حين أهدت مرجان ساترابي جائزتها الى الشعب الايراني.

وحاز 'بيرسيبوليس' الفيلم الأول للفرنسية الايرانية مرجان ساترابي التي تنقل فيه الى الشاشة الكبيرة سلسلة رسومها المتحركة عن الحياة في ايران بعد الثورة الاسلامية جائزة لجنة التحكيم مناصفة مع فيلم 'ضوء صامت' للمكسيكي كارلوس ريغاداس.

وأقر رئيس لجنة التحكيم ستيفن فريرز بحصول بعض النقاشات الحامية بين أعضاء اللجنة التسعة وبينهم الحائزة جائزة نوبل للآداب اورهان باموك، مضيفا انها لم تتطور الى خلافات كبرى.

والسنة الماضية فاز المخرج كين لوتش بالسعفة الذهبية عن فيلم 'ذي ويند ذات شيكس ذي بارلي' حول أجواء الاستقلال الايرلندي.

القبس الكويتية في

29.05.2007

 
 

الجوائز تذهب لأصحابها..والروماني مونغيو ينال السعفة الذهبية عن جدارة

«كان» يحتفي في ختام دورته الستين بالشباب و إنجازاتهم

كان ـ عرفان الزهاوي

أسدل أحد أقدم المهرجانات السينمائية الستار على تظاهراته بالاحتفال بالشباب. وكما أصر مهرجان «كان» السينمائي الدولي على تأكيد غياب التجاعيد عن سحنته الستينية فقد منحت لجنة التحكيم الدولية غالبية جوائزها إلى الأفلام المُنجزة من قبل المخرجين الشباب أو الأفلام التي تتحدث عن الشبيبة وتتناول إشكاليات حياتهم.

وبرغم أن المعلومات تؤكد أن اللجنة اضطُرّت إلى تسوية فيما بين أعضائها بعد نقاش طويل في عملية توزيع الجوائز، فقد جاءت السعفة الذهبية الممنوحة إلى شريط «أربعة شهور، ثلاثة أسابيع ويومان» للمخرج الروماني الشاب كريستيان مونغيو، أكثر من مُستحقّة. فقد سجّل هذا الشريط منذ عرضه في اليوم الثاني من المهرجان موقعاً مهما وغامر الكثير من النقاد (وأنا من بينهم) إلى توقّع حصوله على جائزة ما. وكنت ممّن يرون احتمال فوز ممثلته آنّا ماريا مارينكا بجائزة التمثيل النسائي لأن أداءها كان من الكثافة بحيث مكّن فيلماً بميزانية ضئيلة وبأدوات فقيرة للغاية، من القفز إلى مقدمة الأفلام المنتظر فوزها ولا غرابة أن الصحف والمجلات المتخصصة التي كانت تصدر في أيام المهرجان وضعته ضمن الأفلام «المسعّفة ذهبياً» إلى جانب شريط «لا وطن للرجال الشيوخ» من إخراج الأميركيين ناثان وجويل كوين ومن أداء النجم الأوسكاري الكبير تومي لي جونس.

باستفادته المُطلقة من أسلوب الواقعية الإٌيطالية الجديدة والمعتمد على الاختزال في حركة الكاميرا الموضوعة في مستوى النظر وعلى أداء الممثلين وعلى تحويل المكان إلى بطل أساسي، تمكّن المخرج كريستيان مونغيو من رواية أكوام من المآسي التي عانى منها الشعب الروماني إبان حكم الديكتاتور نيكولاي شاوشيسكو.

نحن لا نرى حتى صورة واحدة للديكتاتور إلاّ أننا نجد ظله الثقيل في كل صورة من صور الشريط. لقد استفاد مونغيو من تلك التجربة الرائعة التي منحها المخرجون الإيطاليون ما بعد انهيار ديكتاتورية موسّولينيني، وهو بهذا الفيلم أقرب بكثير إلى تجربة المخرج الكبير فرانتشيسكو روزي الذي أظهر في شريطه «أياد فوق المدينة» ثقل يد المافيا على مدينته نابولي.

وإذا لم تكن جائزة التمثيل النسائي ذهبت إلى الممثلة الرائعة آنا ماريا مونغيو فقد جاء منحها إلى الممثلة الكورية الجنوبية جون دو يون عن فيلم «الشروق السري» للمخرج لي تشانغ ـ دونغ هي الأخرى بدورها مستحقّة.

وربما كانت هذه الجائزة الأكثر سجالاً بين أعضاء لجنة التحكيم الدولية لأن دورة المهرجان لهذه السنة حفلت، داخل المسابقة الرسمية وخارجها، بعدد كبير من الأدوار النسائية الكبيرة ومن بينها النجمة الروسية الكبيرة غالينا فيشنيفيسكايا التي أدت بطولة فيلم «آليكساندرا» من إخراج المبدع الروسي آليكساندر سوخوروف والممثلة اليابانية الشابة ماتشينكو أونو في شريط «جبل الحداد» للمخرجة اليابانية المبدعة ناوومي كاواسي والتي منحت بأدائها كثافة هامة للشريط ما جعلته يستحق عن جدارة جائزة لجنة التحكيم الخاصة.

جائزة أفضل ممثل ذهبت هي الأخرى باستحقاق إلى النجم الروسي قسطنطين لافرونينكو لبطولته في فيلم «الإقصاء» للمخرج الروسي الشاب اندريه زفياجينستيف الذي كان من بين أقوى المرشحين لنيل السعفة الذهبية وقد سبق له أن فاز بشريطه الأول «العودة» بجائزتي الأسد الذهبي لأفضل فيلم في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي لعام 2003 إضافة إلى الأسد الذهبي لأفضل عمل أول.

أما الجائزة الخاصة بمناسبة العيد الستين للمهرجان فقد مّنحت إلى غوس فان سانت عن فيلمه (منتزه الجنون). وبرغم ان سانت بلغ الخامسة والخمسين من العمر ولم يعد مخرجاً شاباً فإنه يواصل التعامل مع عالم الشباب وإشكالياته ويتناول في هذا الشريط ما يُلمّ بعالم المراهقين من مصائب وإشكاليات.

جائزة الإخراج مُنحت إلى من كان حتى وقت قصير يُعتبر «دخيلاً» على عالم السينما، أي المخرج والرسام الأميركي جوليان شنابل الذي عُدّ دخوله إلى عالم السينما بشريط «باسكيا» نوعاً من دلع الرسامين المشهورين الذين يحبّون تجريب الأدوات الفنية. وعاد شنابل وأنجز شريطه الثاني «قبل حلول الليل» الذي فاز به النجم الإسباني خافيير بارديم بجائزة أفضل ممثل في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في عام 2000 ما رسّخ هذا النجم على الصعيد العالمي وثبّت قدرات شنابل في إطار الإنجاز السينمائي.

الجائزة الحالية مُنحت إليه عن شريطه «بدلة الغطّاس والفراشة» والذي روى فيه مأساة صحافي كبير يُصاب بجلطة في الدماغ لكن بدون أن تتمكن تلك الجلطة من إطفاء ذكائه وقدرته على التفكير فيستطيع من خلال مساعدة مُختصة صحيّة من رواية مأساته من خلال ضربات رموش عينيه وتتحول رواية الرموش تلك إلى قصة ـ وصية وبمجرد إنهائها بوقت قصير يفارق الحياة.

الجائزة إلى شنابل، المولود في الولايات المتحدة في عام 1951 قد تبدو خروجاً على توجه لجنة التحكيم بمنح الشباب جوائزها، لكن شنابل الذي بلغ فيلمه الثالث يُعد في عرف الإنجاز السينمائي في بداية الطريق لذا فهو شاب بمعنى من المعاني.

أما جائزة أفضل سيناريو فقد مُنحت إلى المخرج والكاتب الالماني التركي فاتح اكين عن فيلم «حافة الجنة». وبرغم التوقعّات الكبيرة بصدد إنجاز هذا المخرج المبدع الشاب فإنه لم يذهب أبعد من هذه الجائزة التي يمكن أن تُعدّ هي الأخرى مُستحقة لأن السيناريو وأداء الممثل المخضرم تونسيل كورتيز كانا أفضل ما في الشريط، ولم يأت العمل بما كان يوحي بكونه مفاجأة جديدة لفاتح أكين الذي عوّد الجمهور والنقاد منذ أشرطته الأولى على المفاجآت.

البيان الإماراتية في

29.05.2007

 
 

أفلام مهرجان كان تحلل حال الانسان في العالم

كان من‏:‏ أحـمد عاطـف

أتاحت أفلام الدورة الستين لمهرجان كان السينمائي الدولي الذي اختتم الأحد الماضي‏,‏ فرصة رائعة لتأمل حال الانسان في العالم‏..‏ ومعرفة شكل الحياة التي يعيشها في ظل ما يسمي بالعولمة‏.‏ وسمحت بعض الأفلام أيضا برؤية نظرة الغرب للعرب والمسلمين‏.‏ كان الفيلم الرائع لكل سينما والمكون من خمسة وثلاثين فيلما قصيرا كل منها مدته ثلاث دقائق من إخراج أعلام السينما الاحياء الآن‏..‏ كان فرصة للتمتع بخمسة وثلاثين رؤية وأسلوب سينمائي عن مشاعر كل مخرج تجاه صالة العرض السينمائي‏.‏ ومن ضمن الافلام سينما الصيف للفرنسي ريمون ديبارورن عن حالة الفرحة بالسينما الصيفية في مصر وتحديدا بالاسكندرية وإنغماس الشباب في المشاهدة والتركيز علي المعجبات بشكل ايجابي في حين أن المعجبات اللاتي ظهرن في فيلم بيل أوجست‏,‏ وهن يدخلن السينما مع رجل سويدي تعرضت لإساءات عنصرية من بعض الرجال أخري لفتاة مسلمة ـ هذه الصورة كانت أكثر تبلورا في فيلم الكسندرا للمخرج الروسي الكبير سوكورف الذي عرض حياة سيدة مسنة تزور حفيدها الذي يحارب في صفوف الجيش الروسي علي مشارف قرية في الشيشان‏..‏ ورغم عدم إظهار أي لقطات للحرب ذاتها‏,‏ لكن الفيلم عكس حالة الخراب والعيشة التي خلفتها الحرب في حياة الجنود وحالة المرارة في حياة من يحاربونهم‏,‏ ورغم ذلك أشرق الأمل من خلال لقاء الجدة بسيدات القرية ومساعدتهن لها واكتشافها كم هم طيبون ورائعون‏,‏ وأن العدو ليس كما يصورنه لك من هم حولك ـ إنه فيلم يحمل رسالة سلام ويدعو كل طرف أن ينظر للجانب المشرق في عدوه ـ رسالة لا يجرأ أحد ما في روسيا أن يتفوه بها الا سينمائي كبير في حجم سوكوروف‏.‏

أما بقية الصورة فيكملها إثنان من المخرجين أصولهم من الشرق لكنهم الآن يعيشون في الغرب‏..‏ أولهم التركي ـ الالماني فاتح أكين الذي عرض فيلمه الجانب الآخر للسماء في المسابقة‏,‏ وقدم فيه متابعة لمصائر‏6‏ شخصيات‏(4‏ أتراك و‏2‏ ألمان‏),‏ وقدم رؤية عن القدر كيف يربط أشخاصا يبدون متباعدين ـ وكيف أن صوت شخص منهم قد يكون ميلاد لآخر‏,‏ وكيف أن الشرق والغرب متداخلان إلي حد لا يمكن الفصل بينهما كما تتقاطع حياة البشر اذا أراد الله بشكل لا يستطيع أي انسان الفرار منه‏,‏ إن الرائحة الذكية التي فاحت من الحبكة الدرامية للفيلم ملأت مشاعرنا بأسئلة عن معني الحياة وبأجوبة عن حتمية وقوة القدرة‏.‏

وليس حال الانسان في الغرب أفضل مما نعيشه في مجتمعاتنا‏..‏ فأفضل أفلام المهرجان هي التي رثت الانسان الذي يعيش في الغرب وأن حياته أصبحت في تعاسة وإذا كان مايكل هور ودي كابريو قد انتقدا في فيلمهما التسجيليين الحياة الاستهلاكية بأمريكا بل والنظام الامريكي بأكمله‏..‏ تجاوز السويدي الكبير روي أندرسون كل ذلك في فيلمه أنت أيها الحي مقدما لنا تابلوهات تمتليء بالسخرية والألم لشخصيات تعيش عذابات يومية ـ ولا تستطيع أن تعثر لحياتها علي معني‏..‏ ان واحدا من أكبر مخرجي العالم يؤكد ذلك‏,‏ وليس السويد وحدها‏..‏ فسنيس أركان الحاصل علي الأوسكار مؤخرا عن الغزوات البربرية أثبت في فيلمه الذي عرض في ختام المهرجان وحمل اسم عصر الظلمات أن الحياة في مونتريال بكندا تظهر الجميع‏.‏ إن بطل الفيلم الذي يعاني من قهر زوجته وخيانتها له واحتكار أولاده وتعنيف رئيسته في العمل لتأخره الدائم ـ لا يجد سوي الاحلام يهرب لها‏..‏ أحلام نساء جميلات وعالم صوفي قوي ومشهور ومرغوب‏..‏ ان البطل يمضي في الوصول لمكتبه ساعة يركب فيها ثلاثة أنواع من المواصلات حتي يصل لعمله كموظف لشكاوي المواطنين في الحكومة مونتريال‏..‏ وعن الحالات التي يسممها‏,‏ يرد بأن النظام لا يستطيع أن يحل لكم مشاكلكم والسبب البيرقراطية والنظام الصارم غير المرن لاحتياجات المواطنين بل والعنصرية أحيانا حيث يظهر الفيلم سيدة عربية تشكو من اعتقال زوجها رغم أنه طباخ وليس له علاقة بالسياسة فيرد البطل أليس عربيا؟ طبيعي إذن‏.‏

فيلم آخر رائع هو الرجل الوحيد للأمريكي هارموني كورين يحكي عن مشاعر الوحدة التي يعيشها رجل من المتشبهين بالنجوم يمشي بباريس يقلد مايكل جاكسون ويتكسب من ذلك حتي يقابل سيدة فتشبه بمارلين مونرو لقلعة في اسكتلندا يعيش بها أشباه شابلن وابراهام لينكولن وجيميس دين وجون بول بابا الفاتيكان الراحل وآخرون ويعرض لنا الفيلم كيف صنع هؤلاء عالم خاص بهم هروبا من العالم الخارجي الذي لا يشعرون فيه بالأمان‏.‏

أما جوائز المهرجان فذهب أغلبها للأفلام ذات العمق الفلسفي الوجود حتي لو لم يلق بعضها نجاحا كبيرا في المهرجان‏,‏ فالسعفة الذهبية التي ذهبت للفيلم الروماني‏4‏ أشهر و‏3‏ أسابيع ويومان هي الوحيدة المستحقة‏...‏ فقد كان الفيلم حديث كل الحاضرين منذ اليوم الأول وأعطاه الجميع أعلي التقديرات‏...‏ وهذا الفيلم درس حقيقي في فن السينما‏,‏ حيث لم يتكلف أكثر من مائة ألف دولار أي أقل من مليون جنيه مصري وأغلب مشاهده في لقطات ثابتة‏..‏ لكن المخرج كرستيان مانجوي عرف كيف يختار ايقاع حكي يجعلك تتوحد مع الشخصيات رغم أن القضية نفسها وهي الإجهاض تم تقديمها في عشرات الأفلام من قبل ناهيك عن اختيار ألوان مونوكروم باهته وأجزاء كبيرة مظلمة في الصورة مما اعطي ايحاء بالقرب من الواقع‏,‏ وحاولت اللجنة التي توزع جوائزها علي أكبر عدد من الافلام الرائعة التي كانت تستحق الفوز فمنحت جائزة السيناريو للتركي ــ الألماني أكير عن فيلمه من الجانب الآخر والسيناريو بالفعل اقوي ما في الفيلم ــ وجائزة الإخراج للأمريكي جوليان شنابل عن فيلمه الفرنسي حبل الغوص والفراشة وكان الإخراج مجددا وجريئا رغم ما اتسم الفيلم من ترهل في ثلثه الأخير‏...‏ أما الجوائز التي لم تكن موفقة فكانت الجائزة الكبري لليابانية نوامي كاوازي عن غابة موجاري وجائزة لجنة التحكيم الخاصة للمكسيكي كارلوس ريجاداس عن الضوء الصامت وجائزتا التمثيل للروسي كوستاتتين لافرنينكو عن النفي والصينية جوون دويون عن شروق سري للشمس‏..‏ وكل تلك الجوائز نبعت من فكر واحد‏,‏ وهو الاعجاب بالسينما التي توحي أكثر مما تظهر بطيئة الايقاع التي بها اقتصاد شديد في التعبير يصل لدرجة الشح‏..‏ وتكاد تمضي اللقطات بتلك الافلام بدون أن يحدث منها أي تطور درامي‏,‏ ويكاد الممثلون يثبتون علي شعور واحد يصل الاستمرار فيه إلي حد الإفراط‏...‏ إن رئيس لجنة التحكيم الإنجليزي الرصين ستيفن فريزر انتصر لذوقا في إقناع أعضاء اللجنة بالجوائز‏,‏ ولهذا اخرج كل الأفلام الأمريكية بدون أي جائزة لامتلائها علي عنف شديد‏.‏

الأهرام اليومي في

30.05.2007

 
 

كريستيان مونجيو الفائز بسعفة كان الذهبية الأخيرة أحد رواد ربيع السينما في أوروبا الوسطى

باريس ـ كان من الطبيعي جدا أن يحرص مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الأخيرة على تقديم صورة عنه للعالم باعتباره أهم المهرجانات السينمائية وأعرقها لاسيما وأن هذه الدورة شهدت الاحتفال بمرور ستين عاما على انطلاق المهرجان. و بدا واضحا من خلال تكريم المخرج الروماني كريستيان مونجيو ومنحه السعفة الذهبية عن فلمه "أربعة أشهر وثلاثة أسابيع ويومان" أن لجنة التحكيم أرادت أن تنفض الغبار عن مهرجان أخذت عليه في السنوات الأخيرة مآخذ كثيرة من بينها أنه شاخ وأصبح يجتر نفسه عبر التركيز على الجانب الاحتفالي أكثر من الاهتمام بنبض الإبداع السينمائي لاسيما عند المخرجين الشبان.

فحصول مونجيو الذي يبلغ من العمر التاسعة والثلاثين من العمر على السعفة الذهبية أهم جوائز مهرجان كان يعد تكريسا للنقلة النوعية التي تشهدها اليوم السينما في عدد من بلدان أوروبا الوسطى وبخاصة في رومانيا. ولابد من التذكير بأن الأنظمة الشيوعية التي كانت قائمة في هذه البلدان منذ أكثر من نصف قرن قد حولت المبدعين في مجال السينما من كتاب ومخرجين وممثلين إلى أبواق لها. ولأن أولي الأمر في الأنظمة الشيوعية التي كانت قائمة في أوروبا الوسطى كانوا يحرصون على التباهي أمام العالم بأن لديهم في بلدانهم ثروات بشرية قادرة فعلا على التعاطي مع الصناعية السينمائية تعاطيا يقوم على الاحتراف والمهنية فإنهم أسهموا في إنشاء معاهد للسينما تدرس فيها مختلف فنون هذه الصناعة. بل إن كثيرا من مخرجي بلدان العالم الثالث ومبدعيها الآخرين في مجال السينما تعلموا في هذه المعاهد.

وقد تنفس السينمائيون الرومانيون الصعداء عند سقوط نظام تشاوسيسكو في ديسمبر عام تسعة وثمانين من القرن الماضي. وعقدوا آمالا عريضة على انخراط رومانيا في منظومة الديمقراطية على الطريقة الغربية. ولكن أحلامهم سرعان ما تبددت بعد أن اكتشفوا أن المثل الهوليودي السينمائي الجديد القائم أساسا على المال وحب الظهور والتعاطي مع سوق السينما كما يتم التعاطي مع سوق الخضار إنما هو المثل الطاغي في العالم الغربي والراغب في فرض نفسه على أوروبا الوسطى.

وبرغم كل المصاعب التي وجد السينمائيون الرومانيون أنفسهم أمامها فإن كثيرا منهم جعلوا من هذه الصعاب تحديات شخصية لكل واحد منهم. ويعد كريستيان مونجيو أحد هؤلاء الذين تعاملوا مع المصاعب باعتبارها جزءا من عملية الانعتاق من مقص الشيوعية ورواسبها من جهة والابتعاد عن من منطق المادة والربح الهوليودي من جهة أخرى.

وليس ثمة شك في أن تجربة رواد السينما الرومانية الجديدة تقوم بشكل خاص على المثابرة وعلى السيطرة على تقنيات الصناعة السينمائية سيطرة كلية. وهو ما يعكسه مسار مونجيو الذي درس في بلاده الأدب الإنجليزي والأمريكي قبل أن يدرس في بوخاريست فني الإخراج والكتابة السينمائية. ولم يكتف بذلك بل إنه تولى تدريس المادتين في الجامعة وعمل مخرجا مساعدا لعدة مخرجين موهوبين من بينهم الفرنسي برتران تافيرنييه. وعمل مونجيو أيضا في حقل الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية وفي التلفزيون. وأنشأ عام ألفين وثلاثة شركة للإنتاج السينمائي والتلفزيوني مما سمح له بصقل موهبته وتغذيتها على نحو فيه كثير من الانفتاح على العالم.

وقد اكتشفه مهرجان كان لأول مرة عام ألفين واثنين عبر شريط وثائقي عنوانه "غرب". ويعد الشريط الذي أحرز من خلاله سعفة كان الذهبية الأخيرة ثاني عمل طويل له. وفيه يصف معاناة مئات الآلاف من الفتيات الحوامل في عهد تشاوسيسكو من اللواتي كن يرغبن في الإجهاض ولكن القوانين التي كانت قائمة في رومانيا كانت تمنع ذلك. وإذا كان مونجيو يعتقد أن أفضل ديكور لأي عمل سينمائي هو الديكور الطبيعي، فإنه من الذين يرون أيضا أنه لا يكفي لهذا المخرج أو ذاك الحصول على مبالغ مالية ضخمة حتى يؤمن نتاجا جيدا بدليل أن الشريط الذي حصل من خلاله على سعفة مهرجان كان الذهبية هذه السنة لم يكلفه إلا ستمائة ألف يورو. وينظر إلى هذا المبلغ في قاموس السينما الهوليودية باعتباره جزءا من مصاريف بعض الأكسسوارات.

الرياض السعودية في

31.05.2007

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)