كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

السينما الرومانية تدخل نادي "السعفة".. و"بلاد فارس" ضد النظام الايراني

كان : سمير فريد

مهرجان كان السينمائي الدولي الستون

   
 
 
 
 

أعلنت جوائز الدورة "60" لمهرجان كان أول أمس وفاز بالسعفة الذهبية الفيلم الروماني "4 شهور و3 أسابيع ويومين" إخراج كريستيان مونجيو. وبهذا الفوز دخلت السينما الرومانية نادي السعفة الذهبية لأول مرة. وفي نفس عام دخولها الاتحاد الأوروبي. وعلي مسرح حفل الختام عبر المخرج الشاب الذي ولد عام 1968 عن فرحته. وقال انه منذ ستة شهور فقط لم يكن يملك ما يكفي من المال لاتمام الفيلم. وان هذا الفوز يؤكد أن ميزانيات الأفلام لا علاقة لها بالقيمة الفنية. ولا تحول دون الفوز بأكبر الجوائز.

الفيلم تكلف حوالي مليون جنيه مصري. وهو الفيلم الروائي الطويل الثالث لمخرجه وكان أول أفلامه "غرب" قد عرض في برنامج "نصف شهر المخرجين" في مهرجان كان 2002. وكان بداية ما عرف في السنوات الخمس الماضية بالموجة الجديدة في السينما الرومانية. أو سينما الحرية.. بعد سقوط نظام شاوشيسكو الديكتاتوري بأقل من عقدين من الزمان.

العصر الذهبي

"4 شهور" بداية مشروع عن عدة أفلام أطلق عليه المخرج "حكايات من العصر الذهبي" تتناول الحياة في ظل النظام السابق. ليس من أجل ادانة الماضي. وإنما من أجل المستقبل حتي لا تتكرر المأساة مرة أخري.. والواضح من الفيلم المتوج في كان 2007 ان الفنان لا يتناول السياسة عن طريق التعبير عن القضايا السياسية. وإنما من خلال الحياة العادية للناس العاديين.

في مدينة صغيرة من مدن رومانيا عام 1987. وفي بيت الطالبات تساين أوتيليا "آنا ماريا مارنيكا" زميلتها جابيتا "لاورا فاسيليو" للقيام بعملية اجهاض رغم مرور 4 شهور و3 أسابيع ويومين علي الحمل "عنوان الفيلم". وهو حمل من دون زواج.. ومن الجدير بالذكر أن شاوشيسكو أصدر عام 1966 قانونا يمنع الاجهاض. ويعتبر تقليل عدد المواليد من الأعمال المعادية للنظام. وبعض التقديرات تذهب إلي أن نصف مليون امرأة علي الأقل لقين حتفهن أثناء عمليات الاجهاض السرية في نحو عشرين سنة بعد صدور ذلك القانون.. ومما يؤكد صحة هذا الرقم ان أكثر من مليون عملية اجهاض تمت في السنة الأولي بعد الغاء القانون عام ..1989هذا فيلم عن الوطن عندما يتحول إلي سجن كبير بالمعني المادي والروحي معا.. الغرف مثل الزنازين والممرات مثل ممرات السجون بين العنابر. والناس في الشوارع والأوتوبيسات والفنادق والشقق ما بين الصمت الخانق والثرثرة الفارغة ولاتوجد لقطة واحدة يظهر فيها الأفق.

وبينما كان من المتوقع فوز الفيلم الروماني علي مسرح حفل ختام المهرجان بجائزة ما. لم يكن من المتوقع فوز الفيلم الياباني "غابة الأحزان" إخراج ناعومي كواسي. وخاصة بالجائزة الكبري التي تلي السعفة الذهبية مباشرة. وفي وجود عدة أفلام كبيرة في المسابقة لم تفز مثل "أعطني هذا الوعد" إخراج أمير كوستوريتشا. و"لا وطن للشيوخ" إخراج الأخوين كوين. أو فازت بجوائز أقل من الجائزة الكبري مثل "العقاب" إخراج أندريا زفيا جينتسيين الذي فاز بجائزة أحسن ممثل "كونستانتين لافروتينكو" أو "بلاد فارس" إخراج بارجاني اترابي وفينسنت بارونو الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم مناصفة مع الفيلم المكسيكي "ضوء صامت" إخراج كارلوس ريا جاراس.

مسابقة الأفلام الطويلة في المهرجان للأفلام الروائية والتسجيلية وأفلام التحريك. وقد سبق ان فاز أكثر من فيلم تسجيلي. ولكن كان 2007 شهد فوز أول فيلم تحريك في تاريخ المهرجان. وهو الفيلم الفرنسي "بلاد فارس" المصور بالأبيض والأسود. وهو رباعية من كتب الرسوم "الجرافيك" أصدرتها الفنانة التشكيلية الايرانية مارجاني ساترابي في باريس بنفس العنوان منذ عام 2002. وهو الفيلم الطويل الأول لها. وكذلك لفنان التحريك الفرنسي فينسنت بارونو الذي اشترك في إخراج الفيلم معها. وكما في الرباعية المطبوعة تعبر الفنانة في الفيلم عن سيرتها الذاتية وحياتها مع أسرتها في ايران حيث كانت في العاشرة من عمرها عندما قامت "الثورة الإسلامية" عام 1979 تدرس في مدارس الليسية الفرنسية. وبعد سبع سنوات ذهبت لدراسة الفنون في فيينا. ثم عادت إلي إيران. واستقرت في فرنسا منذ عام .1994

يعتبر الفيلم أعنف هجوم شهدته شاشة السينما. ضد الحكم الديني. أو بالأحري الحكم باسم الدين. وأكبر فضح لممارسات المتطرفين الإسلاميين عندما يتولون الحكم. وليس هناك أي فرق عمليا بين حكم طالبان في أفغانستان وحكم آيات الله في إيران.. ويوضح الفيلم رجا لأول مرة حقيقة ان الثورة الإسلامية في ايران كانت ثورة كل اتجاهات الحركة للوطنية وتشمل اليسار الشيوعي. ثم استولي عليها آيات الله وانفردوا بالحكم.

يذكر الفيلم ان عدد المعتقلين في نظام الشاه وصل إلي 30 ألفا بينما وصل في نظام الثورة الاسلامية إلي 300 ألف.. والشخصية الرئيسية واسمها بوضوح هو اسم المخرجة تنتمي إلي أسرة شيوعية وقفت ضد النظام السابق والنظام الحالي.

اننا نري كيف تنعدم الحرية الشخصية للأفراد في شوارع ايران حيث تستطيع الشرطة الدينية القبض علي أي شاب لأن أزياءه "غير مناسبة". أو حتي طريقة حلاقة شعره وانعدام الحرية للأفراد حتي داخل منازلهم حيث من الممكن أن تقتحم الشرطة أي منزل. أي وقت لأي سبب تراه. ونري الأشياء الممنوعة من الدخول في المطارات والموانيء ومنها الأفلام وشرائط الموسيقي. وتصل ذروة فضح التطرف في مشهد طلبة الفنون وهم يرسمون "موديل" لا يظهر منها إلا وجهها. وآخر تهجم فيه الشرطة علي منزل يرقص فيه الشباب والفتيات.

احتجاج..ولم يكن من الغريب ان تقدم الحكومة الايرانية احتجاجا رسميا ضد الفيلم وضد عرضه في المهرجان إلي السفارة الفرنسية في طهران. ولكن كان من الغريب أن يفوز بجائزة لجنة التحكيم. ومناصفة مع الفيلم المكسيكي. وليس بالجائزة الكبري أو جائزة السعفة الذهبية.

جوائز المهرجان

السعفة الذهبية: "4 شهور و3 أسابيع ويومين" إخراج كرسستيان مونجيو "رومانيا" والجائزة الكبري: "غابة الأحزان" إخراج ناعومي كواسي "اليابان" وجائزة الدورة "60": "حديقة البارانويا" إخراج جوس فان سانت "فرنسا" وأحسن إخراج: "جرس الغوص والفراشة" إخراج جوليان شنابل "فرنسا" وأحسن سيناريو: "الجانب الآخر" سيناريو وإخراج فاتح أكين "ألمانيا" وأحسن ممثلة: جيون دوريون عن دورها في "شروق سري" إخراج لي شانج - دونج "كوريا الجنوبية" وأحسن ممثل كونستانتين لافرونينكو عن دوره في "العقاب" إخراج أندريه زفيا جينتسييف "روسيا" وجائزة لجنة التحكيم "بلاد فارس" إخراج مارجاني ساترابي وفينسينت بارونو "فرنسا" و"ضوء صامت" إخراج كارلوس رياجاداس "المكسيك". السعفة الذهبية لأحسن فيلم قصير "رؤي المطر" إخراج أليسا ميللر "المكسيك" وشهادة تقدير "أجري" إخراج مارك أبيستون "نيوزيلند" وشهادة تقدير "جدتي" إخراج انتوني شين "سنغافورة".

الجمهورية المصرية في

30.05.2007

 
 

«كان»... لقاء سينمائي بين الأجيال والشعوب وتحضير للسينما المقبلة

«كان» - ربيع إسماعيل

لا «زودياك» ولا الأخوين كون، لا سيدة حرب الشيشان العجوز (الكسندرا) ولا سيارات كونتين تارانتينو القاتلة، لا سينما المخضرمين ولا سينما الأسماء الكبيرة. لم تصح في الحفل الختامي لمهرجان «كان» السينمائي في دورته الستين، أي من التوقعات التي قامت وصخبت وضجّت بها الأقلام والألسنة طوال نحو دزينتين من الأيام. فالمفاجأة الكبرى الموعودة ليوم إعلان الجوائز كانت أن ليس ثمة أية مفاجأة على الإطلاق.

لربما يصح هنا الحديث عن «مفاجأة سلبية» بمعنى أن الذين طوال أيام المهرجان انتظروا أن تكون هناك في يومه الأخير مفاجأة تدفعهم إلى السجال والغضب، انتصاراً لهذا المخرج المخضرم ضد ذاك، أو لهذا الفيلم الكبير في مواجهة فيلم كبير آخر، فوجئوا بأن لا شيء من هذا حدث. أما الخيبة الكبرى فكانت من نصيب كل ذلك الرهط من المتحمسين الذين، إن بدا المهرجان، في أفلامه إن لم يكن في فعالياته الاحتفالية، عادياً ومضجراً بعد أن انقضت أيامه الأولى، راهنوا - وكل منهم واثق من كلامه ورهانه - على أن إميركوستوريتا، سينقذ الوضع في يوم عروض المسابقة الأخير، إذ جعل البرنامج الرسمي للمهرجان في فيلمه الجديد «عدني بهذا»، آخر الأفلام المعروضة، ما شجع على التوقع المتفائل، والنتيجة لم يخب أمل محبي كوستوريتا، بموقف لجنة التحكيم من الفيلم بتجاهله كلياً، بل خاب من الفيلم نفسه فهو لم يكن أكثر من ساعتين من التسلية والضحك المتواصلين، على طريقة صاحب «اندر غراوند» المعروفة، وإنما ناقص المضمون والمعنى هذه المرة.

الإعجاب لاحق

إميركوستوريتا لم يكن، إذاً، الاسم الكبير في عالم سينما اليوم الذي «نسيه» المحكِّمون، بل هو انضم في ذلك إلى كل مخضرمي «كان» من الذين آثروا أن يخصوا الدورة الستين بأفلامهم الجديدة، معتقدين أنهم في هذا يوفون للمهرجان ديونه الكثيرة عليهم، ثم كانت النتيجة أن قلة منهم فقط تمكنت من الاقتناع ومن انتزاع التصفيق بعد انتهاء العروض، بل كان منهم من على غرار المجري بيلا تار قتل المتفرجين سأماً (فيلم «رجل لندن» الذي يمكن اعتباره أبطأ فيلم في تاريخ السينما إلى درجة أن ناقداً مغربياً صديقاً قال، مازحاً: لو أن هذا النوع من السينما يسود في العالم لما كان ثمة حاجة بعد الآن إلى إقامة جمعيات ومؤسسات لحماية الاسطوانات السينمائية المدمجة من القراصنة!). وكان منهم من أدهش المتفرجين في تراجعه الحاد عن مستويات عليا كانت سينماه بلغتها في الماضي، وكان منهم من قسم المتفرجين حقاً بين من هم شديدو الحماس لفيلمه، ومن بينهم كاتب هذه السطور، وآخرين اعتبروه من أردأ الأفلام (كونتين تارانتينو «عصية على الموت»). هنا قد يقول قائل: أليس هذا هو دأب الأعمال الفنية الكبرى، تفرز المتفرجين بتدريجيتها وجديدها، ثم تنال لاحقاً إعجاباً عاماً؟ حسناً قد يكون هذا صحيحاً، ومع هذا فإن الفرز هنا جاء أمرّ وأصعب من أي فرز مضى.

المهم أن حفل الختام انتهى على خير مساء الأحد الماضي، وأعلنت لجنة التحكيم، برئاسة ستيفن فريرز، آراءها، ووزعت جوائزها. فبدا الأمر - بعد تفكير طويل - وكأن اللجنة حققت على الأقل، ما كان يبدو أن دورة مهرجان «كان» لهذا العام، تسعى إلى تحقيقه، ونعني بذلك ترجيح كفة جيل جديد من أبناء «كان» من الواضح أنه سيحل تدريجياً، خلال الأعوام المقبلة، محل الجيل المخضرم.

ذلك أن المسألة الأساس كلها بدت هنا. فالمهرجان منذ إعلان برامجه وأسماء أفلامه، وضح أنه يريد من دورته أن تكون نقطة الفصل بين جيلين ومنطقين. وتحقق له هذا فعلاً، إذ نعرف أن 33 فيلماً من أصل نحو سبعين تشكل مجمل عروض التظاهرات الرسمية الأساسية، كانت أفلاماً أولى لأصحابها، وهذا رقم قياسي في مثل هذا النوع من المهرجانات الكبرى. في المقابل، طبعاً، كان هناك مشاركون كبار سبق لكل واحد منهم أن عرض في دورات «كان» السابقة، بل فاز بالجوائز الكبرى، مرات عدة. منهم من فاز بها مرتين (كوستوريتا) ومنهم من فاز مرة واحدة مجيدة (الاخوان كون، وغاس فان سانت... بين آخرين). من هنا بدا الشرخ كبيراً بين عالمين: عالم صنعه المهرجان في ماضيه وانصنع به، وعالم جديد يريد المهرجان أن يرتبط باسمه من الآن وصاعداً. صراع أجيال أجل إلى حد كبير. واللافت أن انتصارات اليوم الأخير أتت مكرسة للجيل الجديد، علماً بأن غاس فان سانت، في فيلمه الأحدث (بارانويد بارك) كان الوحيد الذي نفد بجلده، وأعطي جائزة ابتدعت باسم «جائزة الستينية»، وتحوي تكريماً أكثر مما تحوي تتويجاً.

أما ماعدا هذه الجائزة، فالأسماء جميعاً بدت غريبة ولاشك أن الصحافيين يحتاجون وقتاً طويلاً حتى يتعودوا عليها، وأن أهل الأرشيف سيحطمون رؤوسهم قبل العثور على صور أصحاب هذه الأسماء أو معلومات عن ماضي كل منهم السينمائي، حتى وإن كان سبق لبعضهم أن عرض في بعض المهرجانات أو حتى في «كان» نفسه. وهذه، على أية حال، حالة كريستيان مونجيو، الروماني المبدع الذي حقق الفوز الأسمى في المهرجان إذ نال فيلمه «4 أشهر، 3 أسابيع ويومان» جائزة «السعفة الذهبية»، ليجابه بتصفيق حاد ومتواصل. ذلك أن هذا الفيلم الذي يتحدث عن عملية إجهاض لامرأة تحمل خطأ أيام حكم تشاوشسكو الدكتاتوري في رومانيا، إذ كان الإجهاض يعتبر جريمة يعاقب عليها المجهض ومن عاونه عقاباً شديداً، هذا الفيلم كان قد حظي بالإجماع منذ اليوم الثاني للمهرجان، إذ عرض وأدهش بشجاعته ولغته السينمائية، وتمكنه من قول الحاضر ومشكلات الراهن، في الوقت الذي يبدو فيه أنه يقول ماضياً اندثر. كما كان متوقعاً إذاً، كوفئ هذا الفيلم الإنساني الجميل، مع أنه ليس سوى الفيلم الثالث لمخرجه (41 سنة) الذي كان شارك في «كان» مرة قبل الآن (العام 2002 عن فيلم «غرب» من دون أن يلفت النظر).

غابة الحداد

ولئن بدا فوز «4 أشهر، 3 أسابيع ويومان» متوقعاً ومرغوباً في شكل عام، فإن فوز الفيلم الياباني «غابة موغاري» بجائزة لجنة التحكيم الكبرى (وهي ثاني جوائز المهرجان من حيث الأهمية، (لكنها تعتبر الأولى من ناحية القيمة الفنية، عادة)، لم يكن بدهياً. فالفيلم قسم المتفرجين، عند عرضه قبل يومين من ختام المهرجان، بين من رأوا فيه تحفة فنية، إنسانية وفلسفية ناهيك لقيمه الجمالية المطلقة (وهذا كان رأي كاتب هذه السطور الذي اضطر إلى أن يدافع عن الفيلم ضد آراء سلبية عدة قامت ضده)، وبين من عجزوا عن فهمه وكذلك عن الاستمتاع بعمل يحكي عن علاقة إنسانية غريبة، وسط غابات الحداد الكثيفة، بين عجوز فقد زوجته قبل 33 عاماً ولا يريد أن ينهي حزنه عليها بعد، وبين مساعدة اجتماعية في نادٍ للعجزة، كانت هي الأخرى فقدت طفلها. لجنة التحكيم حسمت الأمر في النهاية وأعطت جائزتها الكبرى لهذا العمل الجديد للمخرجة اليابانية ناؤومي كاواس التي كان «الكانيّون» قد تعرفوا قبل سنوات إلى تحفة أخرى لها هي «شارا».

بتنا نعرف إذاً أن اسمي كريستيان مونجيو وناؤومي كاواس، معروفان في «كان» ولكن لابد أن نسارع إلى القول إنهما في الماضي، عرفا فقط في الحلقات العنيفة لمرتادي التظاهرات الثانوية. ومن هنا حين أعلن فوز كل منهما، بدا واضحاً أن الجمهور العريض لا يعرفهما على الإطلاق. وهذه نفسها حال بقية الفائزين: فمن ذا الذي، يا ترى، يمكنه أن يحفظ اسم الممثل الروسي قسطنطين لافرنتغو، الذي فاز بجائزة أفضل ممثل عن دوره الرائع في فيلم «العقاب» للمخرج اندريه زفياغنتسيف؟ ومع هذا يعرف كثر أن لافرنتغو كان ظهر، عالمياً، للمرة الأولى خلال فيلم سابق للمخرج نفسه كان فاز بالجائزة الكبرى في مهرجان «البندقية» قبل عامين وهو فيلم «العودة». وفي المقابل، من ذا الذي يمكنه أن يحفظ اسم الممثلة الصينية «جوان دويوان»، بطلة فيلم «شمس سرية» لتشانغ دونغ التي فازت بجائزة أفضل ممثلة، فكاد يغمى عليها وهي تعلو المنصة لتتلقى جائزتها، ثم كاد يغمى على الجمهور وقد أطالت في كلامها لتشكر الجميع؟

جسور اللقاء

أسماء جديدة، وأفلام لأجيال جديدة. بالتأكيد، لكن اللائحة لا تنتهي هنا، ولئن كان المخرج الأميركي جوليان شنيبل الذي فاز بجائزة أفضل إخراج، معروفاً على نطاق واسع في عالم الثقافة والفن، فإن شهرته لا تعود إلى عمله السينمائي (فهو هنا يقدم فيلمه الثالث كمخرج) بل إلى كونه فناناً تشكيلياً ذا سمعة عالمية، ومكانة في فن الرسم التحريضي في زمننا هذا. صحيح أن كثراً أعجبوا بفيلمه المشارك «ثياب الغوص والفراشة» وبموضوعه الإنساني العميق (عن مقعد يتمكن من التفاهم والمصالحة مع العالم على رغم فقدانه حواسه كلها تقريباً)، لكن الإعجاب لم يشمل الإخراج. وهنا كانت المفاجأة كبيرة. وفي إزاء هذا لم يفاجأ أحد حين فازت فنانة أخرى آتية إلى عالم السينما من الشرائط المصورة، في أول تجربة سينمائية لها، بجائزة لجنة التحكيم الخاصة. هذه الفنانة هي الإيرانية الأصل، مرجان ساترابي، عن فيلم «رسوليا»، التي كانت عرفت على نطاق عالمي واسع بسلسلة كتب شرائط مصورة أصدرتها تروي فيها بالرسوم حكايتها منذ كانت طفلة هاجر بها أهلها هرباً من الثورة الإيرانية. سلطات إيران التي كانت احتجت في الماضي على نشر الكتب في أوروبا وأميركا، احتجت خلال أيام المهرجان على مشاركة الفيلم. ولاشك أنه سيضمنها أيضاً أن تعطى له هذه الجائزة... ولكن بالتأكيد لن يجاريها أحد في عالم السينما في احتجاجها، كذلك لن يوافق أحد تلك السلطات حين تقول إن الجائزة «أعطيت لأسباب سياسية ولخلق جو عالمي ضد إيران...».

كذلك الأمر، سيكون من الصعب على أحد إقناع أحد بأن الجائزة - جائزة «الكاميرا الذهبية» - التي أعطيت إلى الفيلم الإسرائيلي «السمكة الذهبية» أعطيت لأسباب سياسية ولخدمة الايديولوجية الصهيونية. فالفيلم الذي يحكي شرائح من الحياة في تل أبيب، بعيد عن الايديولوجيا، ولربما كانت الغاية من منحه هذه الجائزة تشجيع هذا النوع من السينما ليهتم بالحياة ومناضليها في مناطق وبلدان أتخمت بالصراعات وبالايديولوجيا.

وهنا، أخيراً، إذ نضرب صفحاً على بعض الجوائز التقنية والثانوية، نشير إلى واحدة أخيرة تبقى، إضافة إلى مشاركة الفيلم المكسيكي «الضوء الصامت» لكارلوس ريغارداس، جائزة لجنة التحكيم الخاصة، مع «بيرسبوليس» والجائزة هي جائزة السيناريو التي نالها الألماني - من أصل تركي - هوفانج أكين، الذي كان حظي بشهرة عالمية قبل سنوات عبر فوز فيلمه «العناد» بجوائز في مهرجانات عدة، ثم عبر مشاركته مرة واحدة قبل الآن في مهرجان «كان» بفيلمه التسجيلي «عبور الجسر». فيلم أكين الأول ذاك، كان ألمانياً خالصاً، وفيلمه التسجيلي كان أقرب إلى أن يكون تركياً. أما فيلمه الجديد وهو «حافة الفردوس»، فتدور مجرياته بين ألمانيا وتركيا وتتناول حياة المهاجرين الأتراك في ألمانيا. وهو فيلم شكل في الحقيقة صورة الجسر، التي طويلاً ما أراد أكين من سينماه أن تمثلها. فكان له هنا ما أراد، وكان التجاوب كبيراً. ويمكننا أن نقول إن هذا الفيلم شكل ذلك اللقاء - بحلوه ومره - بين الشرق والغرب، على مثال مهرجان «كان» الذي شكل في دورته الجديدة هذه، صورة اللقاء نفسه، ولكن إلى جانبها صورة اللقاء بين الأجيال، وبين شتى الحساسيات السينمائية. ولئن خلت النتائج من أي سبب للاحتجاج فواضح أن مرد هذا، أن ما من أحد يمكنه أن يدين لقاءً بين الشعوب والأجيال. أليس كذلك؟

الوسط البحرينية في

31.05.2007

 
 

كريستيان مونغيو متفائل رغم ضعف السينما الرومانية

كان ـ مسعود أمر الله

انحسار الأضواء وتراجع الأصوات، بعد النهاية الحافلة بالمفاجآت لمهرجان كان، لم يعن انتهاء اهتمام النقاد بالفيلم الذي حظي بالسعفة الذهبية عن جدارة، وهو «أربعة أشهر، ثلاثة أسابيع ويومان» للمخرج الروماني الشاب كريستيان مونغيو، الذي حرص الكثيرون منذ عرضه في اليوم الثاني من أيام المهرجان على متابعة ما يطرحه مخرجه ونجومه وعلى وضعه في السباق الأشمل للسينما الرومانية.

وقد كان مونغيو موضوعياً وصريحاً إلى أبعد الحدود في الحديث عن السينما الرومانية المعاصرة، حيث لم يتردد في القول إن صناعة السينما في بلاده ضعيفة لعدم وجود نظام النجوم فيها، وبالتالي فإن الاهتمام بأعمالها في المهرجانات المختلفة مثل مهرجان كان يعود عليها بفائدة كبيرة ويساعدها في تحقيق توزيع أفضل للأفلام التي تنتجها.

وعلى الرغم من أن هذه الرؤية تبدو متشابهة إلى حد ما، ربما مثل فيلم مونغيو نفسه، إلا أن المخرج الروماني يبادر إلى القول: على الرغم من كل شيء، فإنني متفائل بأن السينما الرومانية ستواصل النمو والتطور.

وعلى الرغم من أن بطلة الفيلم أنا ماريا مارينكا لم تحضر فعاليات المهرجان لانشغالها بتصوير فيلم آخر، إلا أن باقي فريق الفيلم كان له حضوره المتميز خلال المهرجان، وبصفة خاصة الممثلون لورا فاسيليو وفلاد إيفانوف والكس بوتوسيان بالإضافة إلى المصور أوليج موتو.

وبالصراحة نفسها يبادر مونغيو إلى القول عن فيلمه إنه لم يعتزم تقديم فيلم يدور حول الإجهاض أو حول الشيوعية، وإنما مضى الفيلم إلى ما يتجاوز ذلك بكثير، حتى ان هناك إيماءات في الفيلم إلى الشيوعية، على نحو مشهد تناول الوجبة.

وهو ينتقل إلى القضية الأخرى الشائكة وهي قضية الإجهاض، فيوضح أنه حتى عام 1966 كان الإجهاض غير مشروع في رومانيا، فقد كان هناك ذلك القانون الشهير الذي سنه شاوشيسكو الذي فرض حظراً تاماً على الإجهاض لكي تكون هناك أجيال كبيرة العدد من أبناء رومانيا تحقق توقعات العالم الشيوعي.

وكانت النتيجة هي أنه في السنوات التي أعقبت إصدار القانون مباشرة وحتى عام 1971 كانت هناك أربعة أو خمسة أجيال تضم أعداداً هائلة من الرومانيين تفوق بمقدار أربعة أو خمسة أمثال ما كان الوضع عليه من قبل، ولم تكن الرومانيات على استعداد على الإطلاق لمواجهة تبعات هذا الموقف فقد كن بحاجة إلى بعض الوقت والكثير من الاستعدادات والتدابير، وعلى هذا النحو جاء الكثير من الأطفال إلى الدنيا في رومانيا.

ويقول مونغيو إنه كان واحداً ممن أقبلوا إلى الدنيا بهذه الطريقة، ولهذا شعر بضرورة تقديم مثل هذا الفيلم.

المدهش أن الإجهاض، على الرغم من هذا القانون وربما بسببه، أصبح شائعاً في رومانيا، حقاً أنه لم يكن قانونياً لكن الكثيرين جربوا اللجوء إليه، ولم تكن المسألة تتعلق بتوافر المال من عدمه وإنما تتعلق بالوضع الاجتماعي.

وبسبب ضغوط نظام شاوشيسكو فإن النساء والعائلات حرصت أشد الحرص على عدم ضبطها وهي متورطة في مثل هذا الوضع غير القانوني، بحيث انها لم تمنح دقيقة واحدة للتفكير في القضية من جانبها الأخلاقي. بحيث انقلبت الأمور رأساً على عقب، وأصبح من أولى المؤسسات الدالة على الحرية في رومانيا بعد سقوط النظام الشيوعي جعل الإجهاض قانونياً مرة أخرى، وفي العامين الأولين اللذين أعقبا سقوط النظام أجريت في رومانيا مليون عملية إجهاض بينما عدد السكان لم يكن يتجاوز 20 مليون نسمة.

ويتوقف مونغيو عند الجوانب والتفاصيل الدقيقة في عمله، فيشير إلى اعتقاده بأنه وفي موقف حقيقي وبيئة حقيقية، فالمشاهد والديكورات في كثير من صناعات السينما على امتداد العالم غالباً ما تكون تقليدية للغاية بحيث ان الأمر يقتضي من الممثل أن يبذل جهداً إضافياً لدخول الموقف في مكان لا يبدو على الإطلاق مكاناً حقيقياً وقادراً على إقناع الجمهور، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن المشهد المعد بهذا الشكل لا يمكن أن يعطي المذاق أو النكهة اللذين يعطيهما المكان الحقيقي.

وهو يشير إلى أن من الأمور التي يجب أن يوظفها كثير من أفلامه العلاقة بين الداخل حيث يجري التصوير وبين الآخر. وهو يريد أن يرى من الغرفة التي يجلس فيها أن هناك حياة تجري وتنطلق في الخارج، فلا أحد يكترث حقاً بما يجري في الداخل.

ولكن ماذا عن المشاهد الطويلة التي توقف عندها النقاد في فيلم مونغيو؟

يقول المخرج الروماني الشاب في معرض الإجابة عن هذا السؤال: «لقد أردت أن تكون لدي مجموعة طويلة من اللقطات المتتابعة لكي أعطي الوقت الضروري لتصاعد العواطف واحترام المشاعر، ولو أن الأمر كان ممكناً من الناحية التقنية لجعلت مجموعات اللقطات في الفيلم أطول مما قدمتها بالفعل، وبالفعل، وبالطبع، فإن ذلك يجعل الأمور أصعب على الممثلين، خاصة وأنني طالبتهم بحفظ أدوارهم بالكامل وصولاً إلى أدق التفاصيل.

ويلتقط المصور أوليج موتو طرف خيط الحديث من مونغيو ليتحدث عن تعاونهما في الفيلم الذي حصد سعفة كان الذهبية فيقول: «قال كريستيان إنه يريد مناخاً واقعياً في الفيلم، ولم يرد أن يكون مصدر الإضاءة واضحاً للغاية، وعادة ما يكون الوصول إلى هذا النوع من التأثير صعباً نوعاً ما، ولهذا نجري الكثير من البروفات ثم نضيف الإضاءة في وقت لاحق، وقد استغرق هذا كله وقتاً طويلاً، وكان هناك مجال محدود للغاية، كما كانت لدينا كاميرا كبيرة أيضاً، ففكرنا في الأمر طويلاً قبل التصوير، ولكننا لم نتوصل إلى الأسلوب الذي تبنيانه في نهاية المطاف إلا خلال التصوير الفعلي.

البيان الإماراتية في

31.05.2007

 
 

جيش من صيادي الفرص والخبر المثير والطلّة الساحرة في مهرجان كان الـ60

أرادوا السياسة شعار الدورة فمالت بها الجوائز نحو الفاجعة الفردية

زياد الخزاعي

هناك أكثر من «كان» في مهرجان «كان» السينمائي. نخبة نافذة تقود المصالح وتؤمّن منافذ التوزيع وتسليع النجوم قبل الأفلام وأفكارها وخلاصاتها؛ وهذه تتحصّن في أروقة الفنادق الفخمة المتناثرة على الـ«كروازيت»، وتجتهد الى حدّ اللؤم في اكتساح متنافسين على أسواق وجمهور وأرباح. على الطرف الآخر، يكمن خلف الواجهات الملوّنة جيش من المنتفعين، صيادي الفرص؛ وهؤلاء كما جراد الصيف لا موانع تقف في وجه زحفهم المظفّر. هم عماد الصناعة العالمية وشركاؤها الكبرى. مخبرون محترفون، مدفوعون بعزوم خفية يرفعون من يشاؤون ويحطّون من قدر مَن يجدون فيه اعتراضات السياسي قبل التاجر. هؤلاء وسطاء بين سينمات متعدّدة المنابت. تكليفاتهم الأساسية تركّز على خطف المواهب في المجالات كافة. وفي «كان» تجدهم خارج الدوائر التقليدية (سوق الفيلم، عروض التظاهرات الموازية، وغيرها)، قريبين من حمّالي الأفكار الجديدة، والخائبين في اختراق دكاكين الصفقات الكبيرة في «القصر» المهيب للسينما. إنه لعب أدواراً يخالف إشارات السير: «لا تأتي إلينا، نحن من يصل إليك!». وعليه، تكون أغلب المقاهي والمطاعم ومقاصف المدينة مليئة بمَن يسمّونهم «المزوّدون». تارة يتلبّسون رداء موزّعي أفلام، وأخرى مهووسي سينما أو باحثي شهرة أو مستعطي تذاكر حفلات الاستقبال التي تقيمها الشركات الكبرى على شاطئ «كان». هؤلاء صرعة أميركية في المقام الأول، اشتدّ عودها في سنوات أخيرة. لم تلفت انتباه الكثيرين المنشغلين بمواقيت العروض الى قوتها المتنامية وحجم علاقاتها التي حوّلت، بجهد ديناميكي، وجه الإنتاج السينمائي الدولي.

صفقات

عبرهم، اختلطت المهنية وبات أمراً لا يدفع الى الدهشة مشاهدة فيلم من «سلسلة هاري بوتر» حمل توقيع مخرج أميركي لاتيني، أو فيلم سويسري من توقيع جزائري، ومثله هوليوودي كتبه هندي. إنها حاجة السينما كصناعة عالمية إلى الجميع، وليس أكثر من موقع ومدينة وحاضنة مثل «كان» تتحمّل ثقل التجديد ورنات الأسماء الشابة التي يعلو مجدها لاحقاً. لا ريب في أن عمل الطرفين المذكورين لا يتضارب بحدة، كما أنه لا يكمل بعضه خلال الأيام الاثني عشر من عمر المهرجان، إذ إن انعكاسات الصفقات، التي تجد سبيلها اليوم بقرار خفي الى صحافة متخصّصة بالسوق وتطبع أيام المهرجان، تصل الى أقصى بقعة سينمائية نائية، تُغري بالقدوم. وهي عوامل مساعدة شجّعت، من باب آخر، مغامرين جدد في تسريب أخبار إنتاجاتهم أو مهرجاناتهم الوليدة (كما حدث في ما يتعلّق بمهرجان أبو ظبي عربياً). هناك ثقة لدى فريق جيل جاكوب (رئيس المهرجان) أن لا مهرجان في العالم يستطيع منافسة «كان». وبقدر ما ان الأمر حقيقي ثابت، فإن المؤكد أن عشرات من أمثاله تنتهي وهي تتسلّع أفلامها من عروضه. ولهؤلاء «مزوّدون» من طينة أخرى، مثلما هو الإعلام الذي يتجنّد دولياً للبحث عن الخبر المثير والطلّة الساحرة.

انكشف الأمر هذا مع الخيبة الأخيرة للدولار وهبوط معنوياته التي أصابت منتجين كثيرين لحساب موزّعين غنموا الأفلام بأسعار تفضيلية لم يحلموا بها. وعلى الرغم من البهرجة الطافية لدكاكين الشركات، دارت الأحاديث حول الصفقة الأكبر حجماً والحظوظ التي أصابت البعض وخانت آخرين لملموا أوراقهم على عجل في انتظار صحوة العملة الخضراء.

وحدها حفلة الختام كانت الرهان الدائم لـ«الكانات» الأخرى. إذ تحوز فيها وعبر نتائجها عناوين الجوائز الكبرى على دفعة تجارية تقلّل من خساراتها. في الدورة الستين هذه، وضع الولوعون بالتخمينات سقوفاً كثيرة لأفلام رضي عنها النقاد في شبه إجماع، لكنها فشلت في إقناع لجنة تحكيم المخرج البريطاني ستيفن فريرز (رئيساً) وزملائه الذين فضّلوا توازن النتائج على السير بالمفاجآت الى حدّ الفرقعة، كما وقع الأمر مع وثائقية الأميركي المشاكس مايكل مور و«فهرينهايته» قبل دورات عدّة مضت. هناك عنوان أراده الجميع أن يكون شعار الدورة الستين: السياسة، من دون أن يتحقّق. فهي في المجمل العام فرحة «كان» بالسينما في حدّ ذاتها. من هنا، تُفهم الكثرة المعتبَرة لأسماء الضيوف الذين قدموا معزّزين مكرّمين (سواء بالاشتراك في الفيلم المركزي للدورة «لكل سينماه»، الذي ضمّ 34 قامة سينمائية عكست مقاطعها القصيرة الهمّ الحقيقي بمستقبل أم الفنون الحداثية، أو بالسير على البساط الأحمر الشهير بحسب انتماءاتهم المكرّسة لأبي المهرجانات الدولية).

بعيداً عن السياسة

إن الخيارات التي زخرت بها العروض هربت من السياسة نحو قيم إنسانية ذات معان شاملة. كأنه انكفاء جماعي (وشبه إعلان عن الخيبة العامة من اشتراطات سياسيي اليوم والحروب التي تعصف ببقع عدّة، تحت تبرير جزّ رأس الإرهاب)؛ فالفيلم الصاعق للمخرج الروماني كريستيان مونجيو «أربعة أشهر، ثلاثة أسابيع، ويومان»، أثار تعاطف النقّاد أكثر منه حصافة «المزوّدين». ومع خطفه «السعفة الذهبية» عن جدارة يستحقها، تكون الفاجعة الشخصية هي نجم الدورة الستين التي اختُتمت ليلة الأحد في السابع والعشرين من أيار الفائت. هذا عمل ذو نبرة مسيّسة، لكنه ينأى عن التصنيف السياسي. يتّخذ من الحقبة الشيوعية خلفية وتورية للحالة التوتاليتارية التي غلّت في حكم الرومانيين، وحوّلتهم الى أفقر أمة في أوروبا المعاصرة. مونجيو قرّر، ضمن مشروعه الكبير المعنون «حكايات من العصر الذهبي»، أرشفة حالات اجتماعية قسرية مورست بعصابية حزبيين أو عبر سن قوانين إحالة عيش أهل البلد الى جحيم. في «أربعة أشهر، ثلاثة أسابيع ويومان»، وضع نصب حصافة نصّه المحكم قضية الإجهاض التي كتب عنها شارحاً تداعياتها الاجتماعية، منذ أن قرّرت حكومة المتسلّط تشاوشيسكو منع عمليات «إنهاء الحمل» بقانون زجري أصدره في العام .1966 إن عدد النساء المقضيات بعد إجهاضات سرية بلغ نصف مليون امرأة، بحسب إحصاءات رسمية، فيما يرتفع العدد الى أضعاف مع أخريات ضاعت بالخوف والتعمية. يقول المخرج إن النسبة زادت إثر سقوط النظام والتصريح بالإجهاض، لتشهد المستشفيات في خلال العام 1998 مليون عملية (وهو، بحسب مونجيو، الأعلى أوروبياً)، مضيفاً أنه تحوّل اليوم الى ما يشبه «العازل البلاستيكي» الذي تسعى إليه ثلاثمئة ألف حالة سنوياً. هذه الخلفية تعطي الإشارة الى حجم الفاجعة الاجتماعية العامة والشخصية للنساء اللائي يمررن بعذابات عارهن قبل الخضوع الى المباضع. بطلتا مونجيو زميلتا دراسة، شابتان تعيشان في قسم داخلي: أوتيليا (أداء محكم لأناماريا مارينتشا) الأكثر دربة في اجتياز الموانع، هي صاحبة المبادرات السريعة الطابع. مستقرة الكيان، لكنها ذات سطوة. نراها في المشهد الافتتاحي توضّب حقيبة صاحبتها، مشدّدة على التفاصيل والمقتنيات، كأنها ذاهبة الى رحلة غامضة. ومع لقائها الشخص الغامض ببي، الذي بدت عليه ملامح الملاك الساعي الى تأمين السلامة، نكون قد دلفنا في نفق وحشي الطابع.

ليست هذه الرحلة الخادعة سوى ترتيب لإجهاض غير قانوني. ببي طبيب لا يجد ضيراً من الانتفاع بنزوات الشابات الرعنات النوايا على شاكلة غابيتا (لورا فاسيليو)، التي يصعق من تكاذبها على الوسيطة الخفية بأنها في شهر حملها الثاني، ومع اعترافها بأن هناك أشهراً أكثر مما صرحت به من قبل، يثور ببي ويبتزهن، متحولاً الى شيطان يتحصّن بعدة العملية الحاسمة. إن هاجسه وثمنه ليس المبلغ الزهيد (لا يساوي سنوات العقاب إن وقع في الفخّ، كما صرخ في وجه امتعاضهن من فشل الصفقة) الذي رفعت أوتيليا أوراقه البائسة في استجداء أليم؛ إنما استكفاؤه الإضافي بجسد البطلة التي تجد نفسها خاضعة للرهان القاسي: فرجها أو ابن زنا زميلتها المقبل.

الإجهاض والموت

المخرج مونجيو (ولد في العام ,1968 ودرس الأدب الإنكليزي، وقدّم أول أفلامه الطويلة «أوكسيدينت» في العام ,2002 الذي شارك به في تظاهرة «أسبوعا المخرجين» في ذاك العام) لن يمتحن صيغ قرار بيع أوتيليا جسدها. فهي محكومة بالوفاء والذود عن صديقتها في محنتها. ومع أن هذا الثمن الباهظ يُحيلها الى ساقطة مغلفة، فإن نصاعتها الداخلية تقودها الى أن تصبح قديسة من نوع فريد (نراها تقعى في مغطس الحمام تنظّف ذاتها من دنس إجباري). لن يرينا مونجو، بحكمة سينمائية، عملية اغتصابها، إذ يصعقنا بالعملية البدائية وقرف تفاصيلها التي يُجريها لغابيتا من دون أي عاطفة تظهر على محياه الشمعي. وزيادة في الإقصاء العاطفي للبطلتين، تتم الجريمتان في غرفة فندق وضيع، إذ إن فعلين بهذه القسوة لن يتمّا إلا في حيّز يضمن سريتهما واشتراطاتها القسرية. ما إن يختفي المجرم، يتحوّل اهتمام أوتيليا الى ذاتها، ووجوب عودتها الى عالم حقيقتها كأنثى، لنراها تقوم بجيلان وسط ظلمة وخوف يعكسان ألمها وتشظيها الداخلي، قبل أن تواجه استحقاق التخلّص من جنين الدنس الذي نراه ملقى على أرضية الحمام، وهي إشارة تعسفية للسيرة الناقصة لخارج مليء بالعسس وأزلام النظام وقوانين التشكيك التي تطالهن ككيانات محكومة بالمساءلة (وهو أمر تتعرّض إليه أوتيليا في جلسة الاحتفال بعيد ميلاد والدة خطيبها، حين تحاصرها أسئلة المتحلّقين حول المائدة الفقيرة).

هذا القسر يدفع البطلة الى العودة ثانية الى فندق الجريمتين، إذ إن عليها ترتيب صفو القناعات الحياتية لها ولصاحبتها. يتم اللقاء الختامي في مطعم الفندق، حيث تلقي حكمتها الأخيرة أن «عديني ألاّ نتحدّث في الموضوع أبدا»، وهي خاتمة اعترافية ضمنية بأن زلاّت أخرى سيكون ثمنها أكثر مرارة وبشاعة ونفياً، وقد تُقرّبهن من الموت.

هذا الأخير هو الفيصل الدرامي لرائعة اليابانية ناومي كاواسي «غابة الحداد» (مُنح «الجائزة الكبرى»)، الذي يتمظهر بروحانية خلاصية الطابع، تقود بطلها العجوز شيجيكي (أدى الدور الهاوي شيجيكي أودا) الى تنفيذ مهمة ظلّت في عهدته أعواماً طويلة: إنهاء حداده على طريقته. هذا الصبر غريب الطابع يجعل منه كائناً ذا صفو خاص، ينتظر دليله المتشخصن بالشابة ماشيكو (ماشيكو أنو، وقد عملت مع كاواسي في فيلمها «سوساكو»، الذي فاز بجائزة «الكاميرا الذهبية» في العام 1997) التي تحلّ متطوعة في دار العجزة التي يكون فيها البطل محور الألفة والغرابة في آن، بسبب حقيبته الثقيلة التي لن يتخلّى عنها في أي ظرف. ومع تشكّل عناصر اهتمام الشابة (التي نذرت نفسها للخدمة الاجتماعية بعد مصيبتها بفقدان جنينها) بهذا الكائن المدهش، تحدث الخطوة الحاسمة والقدرية الطابع التي تقودهما نحو رحلة تطهّر ثنائية في عمق طبيعي، يقرّبهما الى كون أرضي يشبه فردوساً بكراً. إنه نهايات الموت الذي غيّب حبيبيهما: الزوجة التي تظهر للعجوز وهي في أقصى درجات حزنها، والغائب الذي يضرب في ضمير الأم الشابة المكلومة بالحسرة. وضمن هذه العزلة، لن يكون للكلام معنى، ولا للحديث وزن، ولا للشفقة مكان. إنهما في مواجهة غسول ضميرهما وكيانيهما بعد تأخّر. فالفاجعتان تلتقيان كي تنهيا الوجع والذنب. وبعد جيلان طويل أشبه بالمتاهة للبطلة، يبلغ العجوز الهادئ الموقع الغريب: قبر زوجته. عنده، يكشف عن سرّه الذي حمله ثلاثة وثلاثين عاماً بحنو لا مثيل له في إخلاصه وتفانيه. وأمام دهشة الشابة، يفرد شيجيكي رسائل الحب التي ظلّ يكتبها بإصرار عنيد، حتى تحقّق اللقاء الذي طال. ينهي العجوز حداده وهو يحفر بيدين عاريتين الطين في نزاع مع طبيعة تحتضن رفات الحبيبة، آملا في دثار قريب منها لم يزف أمره بعد.

مثلما احتكم المخرج الروماني كريستيان مونجيو الى سردية تقليدية، انتصرت ناومي كواسي (ولدت في العام ,1969 وحصدت مديحاً نقدياً بفضل فيلمها «احتضان» في العام ,1993 الذي امتاز بأسلوبيته الحادّة الطابع حول بحثها عن والدها الذي تخلّى عنها وهي يافعة) إلى تلك السردية كأسلوب يضع أولوية الحكاية ودلالاتها الدينية قبل الاستعراضية التقنية المغرية، نظراً إلى المحيط البهي والخاطف الذي اختارته بحكمة بصرية نادرة (تصوير ساحر لهيديو ناكانو). يُلاحَظ أن كواسي اعتمدت في المقطع الأول (داخل دار العجزة) على كاميرا ساكنة الحركة، لكنها (بعد حادث السيارة التي أقلتهما لنزهتهما الموعودة) اختارت الكاميرا المحمولة التي أدّت غرض المرافقة البصرية، وكأنها عين مشاهد يجب ألاّ ينتظر تنميقاً غير مبرّر لرحلة اكتشاف ماشيكو ذاتها على يدي العجوز الطاهر.

قوّة العيش

الاشتغال البصري هو، كذلك، البطل الفني الباهر في فيلم الفنان التشكيلي والنحات والمخرج السينمائي جوليان شنابيل «الغطّاس والفراشة»، الذي امتاز بجدّة خلاصاته التقنية لبطل أصيب بالشلل إثر جلطة قلبية لم تمنعه من إنجاز كتابة سيرته الذاتية عن طريق طرفات عينه اليسرى، الجزء الوحيد الذي ظلّ سالماً في جسده المعطوب كأداة اتصال بالعالم. صاحب «باسكويه» (1996) و«قبل حلول الليل» (2000)، المعروف بتقليعاته الغريبة (إصراره على ارتداء بيجامة نومه والمعطف المنزلي بألوانهما الصارخة في أية مناسبة)، لم يفوّت الفرصة عندما صعد إلى خشبة مسرح «قصر السينما» ليستلم جائزة الإخراج عن استحقاق (مع أحقيته بـ«السعفة الذهبية»)، ليعتصم مرتدياً بدلة سهرة الختام السوداء أمام الميكروفون شاكراً ومستفزاً الأعراف الرسمية لـ«كان»، كأنه يذكّر مَن لم يشاهد فيلمه من الضيوف بضيقه من إغفال جهادية بطله جان دومينيك باوبو، رئيس تحرير مجلة «آل»، وإصراره على التشبّث بالحياة على الرغم من عاهته، حتى إنجازه مذكراته بدأب يحسد عليه قبل موته التراجيدي.

هذا الفيلم معقود بتمايزه الفني الى مدير التصوير يانوش كايمنيسكي، ومدراء الصوت جان بول موغيل وفرانسيس ورينغير ودومينيك غابيريو، الذين صاغوا خطاباً معقّداً لحكاية تتمّ في العطب الجسدي الذي أصاب باوبو. اجتهدوا في مقاربة عالم غامض حسّي الطابع، قائم على الضوء المبتسر الذي يصل الى بؤبؤ الرجل المعطل، والصوت الواهن الناقل اتصالات الآخرين (الزوجة والأطفال والعشيقة والأطباء ومساعديهم والريح والضوضاء والصمت، من بين عناصر كثيرة أخرى) بكيانه المحكوم بأدوات الإعانة الطبية. باوبو (أداء معتبر للفرنسي ماثيو أمالريك) الذي عاش حياة لاهية مليئة بالعبث والسطوة والغنى، ينتهي بحكم الجلطة الى رهين سرير القعود والكرسي المتحرك. بيد أن شجاعته وعناده يقودانه الى صيغة مخاتلة نادرة ضد عجزه. من هنا، اختار هؤلاء الحرفيون مواربة تقنية جعلت مشاهد «الغطّاس والفراشة» شريكاً على الرغم من أنفه في اكتشاف المحنة. كايمنيسكي بث روحاً لا مثيل لها بطلقها لثنائيات الضوء وظلماته، الظلّ وخيالاته، اللون وتماهياته، الصورة وارتجاعاتها، والخطوط وترسماتها. إنها عملية مضنية، افتراضية لعقل ما زال حياً نابضاً بالذاكرة التي لم تستطع الجلطة الغادرة شطبها. وفي حالة ارتجاعات الصوت، داخل الثلاثي التقني بين حواراته الداخلية التي تمثّل صوته الحي ضمن مخاطباته الكتومة (وهي مفتاح في ردود فعله ذات الطابع التهكمي)، والتقابلات الكلامية للآخرين، خصوصاً معاونته (التي لن تفلت من تهويمات فحولته المغيبة)، حاملة القسط الحقيقي في مساعدته بصوغ جمل رمشات عينه التي تشي بعنفوان الروح فيه (تُسمعه الحروف وتجمعها بحسب غمزاته). ما تبقى لشنبايل هو الصوغ الأمثل في تعقيده السردي لماضي باوبو الغني بالأحداث والشخوص والعلاقات العائلية الحميمة (في نأي نادر عن الميلودراما)؛ وبدا واضحاً أن هدفه ليس العاهة بحدّ ذاتها، بل المعاني ثقيلة الوقع على ضمائرنا لكائن خسر جسده، ولم يتخلّ عن إيمانه بالحياة، كاستعادته علاقاته مع والده (ماكس فون سيدو) وخليلاته ورحلاته الضميرية التي تترمز بغطسه في البدلة الثقيلة وغيابه وسط اليمّ، والفراشة العملاقة كإيحاء لطلق حيويته المقبورة. يموت بابو، كما هو قدر الفنان التشكيلي باسكويه في الفيلم السابق، تاركاً إرثه في نصّه المنشور في العام ,1997 وكأنه ينتظر موهبة شنابيل التي بثّت الروح مجدّداً في صراع كائن حيّ رفض الارتهان لقدر أعمى.

(كان)

السفير اللبنانية في

01.06.2007

 
 

مسابقاته شهدت فوز الصغار المجهولين على الأسماء الكبيرة في تاريخه...

«كان» يهيئ الجديد من دون أن «يدفن» المخضرمين

ابراهيم العريس

في المباريات الرياضية، وربما خصوصاً في كرة القدم، هناك ما يسمى «التعادل سلباً» ويقصد بها أن أياً من المتبارين لم يحرز نقطة تفوّق على خصمه. هذا التعادل السلبي كان – الى حد كبير – النتيجة التي انتهى اليها تنافس الكبار والمخضرمين على الفوز بالجوائز الأساس في الدورة الأخيرة لمهرجان «كان» السينمائي. والحال أن هذه النتيجة لم تفاجئ أحداً، كما أنها – وهذا أهم – لم تزعج أحداً، حتى وإن كان واضحاً أنها لم ترض تماماً كل أولئك المخضرمين الذين حمل كل واحد منهم فيلمه الجديد وقصد «كان» آملاً أن يحقق فيها فوزاً اضافياً يضاف الى أرصدة فوز سابق له. ذلك أن كل الأسماء الكبيرة والمعروفة التي شاركت في الدورة الستين لـ «كان» أسماء مبدعين سبق لكل واحد منهم أن فاز إما بالسعفة الذهبية (وربما مرات عدة) وإما بجائزة لجنة التحكيم الكبرى (ثانية أهم الجوائز التي تمنح في «كان» بعد «السعفة الذهبية»). واذ نقول هذا تحضرنا بالطبع أسماء أمير كوستوريتسا والأخوين جويل وايتان كون، وكوينتن تارانتينو وغاس فان سانت والكسندر سوكوروف وديني آركان وخصوصاً وونغ كارواي... واذا استثنينا دافيد فنشر الذي عرض هنا، متبارياً، جديده «زودياك» على اعتبار أنه يدخل عالم «كان» للمرة الأولى هو المعروف بقوة من دون أن يكون مديناً لـ «كان» بشهرته، يمكننا أن نلاحظ بسهولة أن كل «الكبار» المشاركين كانوا من الذين اصطلح على تسميتهم «أبناء كان» أو أبناء المهرجانات الأوروبية في شكل عام. وفي مقابل هؤلاء المخضرمين، كان هناك الآخرون: الجدد من الذين أتوا من شتى أنحاء عالم السينما، إما للمرة الأولى وإما لمرة ثانية، الى «كان» من دون أن يكون قد أتيح لكثر منهم أن يتسابقوا فيه من قبل.

من هنا كانت الصورة، تقريباً، على هذه الشاكلة: مخضرمون ضد جدد. وسينما راسخة – مهرجانياً وجماهيرياً – ضد أخرى تحاول شق طريقها. ثم أخيراً: سينما أميركية طليعية في شكل أو في آخر، مقابل سينما العالم الآخر. فما الذي أتت النتيجة عليه؟ كما بتنا نعرف الآن، فاز الجديد على القديم، فاز الشبان على المخضرمين... والى حد كبير فازت سينمات العالم على السينما الأميركية. غير أن هذا لم يمنع طبعاً من أن يكون الاقبال الكبير، ومنذ البداية، طاول السينما الأميركية. بل اننا، اذا استثنينا الإجماع منذ البداية على امكان فوز الفيلم الروماني «4 أشهر 3 أسابيع ويومان» بالسعفة الذهبية، سنلاحظ ان الترشيحات والتكهنات كادت تنحصر ببضعة أفلام أميركية ولا سيما بـ «لا وطن للرجل العجوز» تحفة الأخوين كون الجديدة، و «عصية على الموت» فيلم كوينتن تارانتينو المدهش الجديد / القديم.

عالم المراهقين العنيف

وحده الأميركي غاس فان سانت نفذ بجلده من المعمعة كما بتنا نعرف الآن، ولكن بفضل جائزة مبهمة الهدف بعض الشيء ابتدعت له وأعطيت لفيلمه «بارانويد بارك»، الذي كان ثمة – على أي حال – اجماع على أنه ليس في قوة أفلامه الثلاثة السابقة التي عرضت تباعاً في «كان» ونال أحدها «الفيل» السعفة الذهبية قبل أعوام. صحيح ان فان سانت واصل في «بارانويد بارك» رصده لحياة وآلام عالم المراهقين الأميركيين العنيف، كما كان فعل في «جيري» و «الفيل» و «آخر الأيام»، غير أن فيلمه بدا هذه المرة أكثر افتعالاً وأقل اقناعاً اذ تحدث عن مراهق من هواة رياضة «الرولر» يقتل حارس البارك خطأ ويربك نفسه ويربكنا طوال ساعتي الفيلم بالتساؤل عما اذا كان، أم لم يكن، عليه أن يعترف بما فعل. هذا هو كل الموضوع. أما الجائزة فإنها أعطيت للفيلم وسميت «جائزة الستينية» تيمناً برقم الدورة، علماً أن المهرجان كان اعتاد في دوراته ذات الأرقام المدوّرة، أن يكرم فناناً لمجمل أعماله، لا أن يخص التكريم بفيلم واحد (في اليوبيل الفضي أعطيت الجائزة الى انغمار برغمان، وفي الخمسينية أعطيت الى يوسف شاهين).

في المقابل كان هناك أميركي آخر خرج بجائزة... وكانت جائزة مستحقة على أي حال، حتى ولو كان المخرج نفسه معروفاً كرسام على الصعيد العالمي، أكثر مما هو معروف كمخرج سينمائي. بل ان جوليان شنيبل، وهو هذا الفنان، قال غير مرة خلال أيام المهرجان، انه لولا أن قصة الفيلم فرضت عليه نفسها، لما كان أقدم على عمل (هو السينمائي الثالث له خلال عشر سنوات). والقصة جديرة بأن تفرض نفسها على كل من يشاهد هذا الفيلم الإنساني في قوته والمرهف في حساسيته، عن الصحافي الفرنسي بودي، الذي كان رئيساً لتحرير مجلة «ايل» قبل أن يشله حادث فيصبح غير قادر على التواصل مع العالم الخارجي وقد صار أشبه بسجين بدلة الغطاسين المغلقة تماماً (ومن هنا عنوان الفيلم «بدلة الغطاس والفراشة»)، إلا من طريق غمزة العين: غمزة واحدة تعني نعم، وغمزتان تعنيان لا. وهو بهذين «المفتاحين اللغويين» البسيطين تمكن من تأليف كتاب كامل عن تجربته الانسانية العميقة. اذاً، هذا الفيلم الفرنسي، الموضوع والانتاج والتمثيل، مكن الأميركي شنيبل من الفوز. غير ان الفوز الأميركي توقف عند هذا الحد، على رغم أن حضور السينما الأميركية (طليعية أو غير طليعية)، كان طاغياً. أما الجوائز الأخرى، عدا جائزة الاخراج التي أعطيت لشنيبل، فتوزعت بين فنانين آخرين وحساسيات أخرى وأفلام أخرى، لا بأس من أن نشير هنا الى انها كانت في معظمها برزت قوية ومؤكدة منذ عرضت، وبات واضحاً أن لجنة التحكيم التي قادها الانكليزي المميز ستيفن فريرز (صاحب «الصفقة» التلفزيوني، و «الملكة» السينمائي)، ستنطلق منها لتحدث ثورة حقيقية في عالم «كان».

تخمينات

لكن أحداً، في الحقيقة، لم يكن بدايةً قادراً على توقع أن تكون «الثورة» بهذا الحجم: أن تعطى الجوائز لأسماء بالكاد سمع الجمهور العريض بها من قبل. وتنتمي الى بلدان قلّما كان لها وجود على خريطة السينما الرائجة عالمياً. ونبدأ هنا بـ «السعفة الذهبية» أمّ الجوائز وأهمها ومحط تطلع كل سينمائي في العالم: هذه السعفة أعطيت للروماني كريستيان مونجيو عن فيلمه «4 أشهر...». وهو فيلم انساني حميم، تدور أحداثه، التي تقارب العالم البؤسوي، في رومانيا أواخر العهد الشيوعي، لترسم صورة لبلد ومجتمع من خلال حكاية تبدو في الظاهر بسيطة: حكاية فتاتين عاملتين تقيمان معاً في شقة مشتركة، يحدث لإحداهما أن تحمل من صديق لها. وعنوان الفيلم يحمل عدد الأسابيع التي بلغها حملها، وهو عدد تمنع السلطات الرسمية النساء من الاجهاض فيه. لكن الحامل هنا تريد أن تجهض في شكل غير قانوني ومن دون أن تتمكن السلطات من اعتقالها ومعاقبتها. وهكذا على خلفية هذه الحكاية يمضي الفيلم الذي – كما قلنا – نال اجماعاً منذ البداية حيث بات الأمر في حاجة الى فيلم كبير مفاجئ حتى لا يفوز هذا الفيلم. ونعرف الآن أن هذا المفاجئ لم يأتِ، حتى وإن بدا لبعض الوقت أن فيلم تارانتينو «عصية على الموت» يحقق الغاية، أو همس البعض بأن ما سيقدمه أمير كوستوريتسا هذه المرة أيضاً، تحفة كبيرة (فيلم البوسني المدلل في عالم السينما «عدني بهذا» أتى – في نهاية الأمر – أشبه بخلاصة للأشكال الخارجية لسينماه المرحة التي تلعب فيها الموسيقى – كتبها ابنه هذه المرة – دوراً أساسياً). أو قيل أن بيلاتار سيقدم في «رجل لندن» فيلم سعفة مؤكداً (وهذا أيضاً لم يحدث حتى وإن أعلن بعض أصحاب الحنين الى سينما الستينات في أكثر مظاهرها اثارة للسأم، ان «رجل لندن» هو الفيلم المنشود)... بل ان كل ما قيل عن فيلم جيمس غراي الجديد «لنا الليل» من انه يتجاوز ما سبق لغراي أن فاجأ عالم السينما به في سنوات ماضية («الياردات» و «ليتل أوديسا»)، وانه بالتالي قد يكون الفائز بدا غير منطقي بعد عرض «لنا الليل». فهذا الفيلم جاء أشبه بعمل وثائقي يمجد شرطة المدينة ويرسم صورة حديثة لصراع روسي – بولندي ما، في أميركا بين اللصوص الروس ورجال الشرطة ذوي الأصل البولندي!). بفيلمه البسيط والعميق في انسانيته «4 أشهر 3 أسابيع ويومان» تغلب مونجيو اذاً، على كل أولئك المخضرمين.

وفي هذا السياق نفسه لم يعد مدهشاً أن تتفوق اليابانية المميزة ناؤومي كاواسي (التي كانت برزت في «كان» قبل سنوات بفيلمها «شيرا»)، على المخضرمين أيضاً بفيلمها الجديد «غابة موغاري» فتنال جائزة لجنة التحكيم الكبرى. والحقيقة أن هذا الفيلم الذي عرض قبل اختتام المهرجان بيومين، قسم الحضور بين معجب بقوة، وبين مستنكر بقوة أيضاً، من دون أن ينكر أحد أنه فيلم كبير وانساني بدوره. فكاواسي، على خلفية صورة رائعة البهاء تصور عالم الغابة والطبيعة، قدمت حكاية لافتة عن رجل وامرأة وغابة. الرجل فقد زوجته قبل 33 سنة وهو يعيش الآن في مأوى تعمل فيه المرأة الشابة مساعدة اجتماعية وتعتني بالرجل بشكل خاص، آملة أن تخرجه من حزنه الغامض، مع انها هي الأخرى تعيش فقدان طفل لها. واذا كان القسم الأول من الفيلم بدا عادياً غير مؤدٍّ الى نقطة واضحة، فإنه – ومنذ تتوقف السيارة بالرجل والمرأة وهما يقومان بنزهة في الخلاء – يتبدل تماماً اذ يصبح رحلة بدئية تعليمية نحو الموت... أو بالأحرى نحو الحياة من جديد. رحلة يختلط فيها الحداد بالضياع، وترتسم فيها العلاقة بين الرجل والمرأة على خطى تتالي علاقتهما بعناصر الكون الأربعة: الريح، الماء، النار والتراب. فيلم غريب «غابة موغاري» ولم تخطئ لجنة ستيفن فريرز في الالتفات اليه، لأنه أحد تلك الأفلام التي تبقى في الذاكرة طويلاً بعد أن تكون قد نسيت أفلام كثيرة.

لعبة الهويات

«برسبوليس» للإيرانية مارجان ساترابي، يبقى بدوره في الذاكرة لأسباب أخرى، هي على الأرجح أسباب سياسية. فالفيلم، الذي أثار عرضه مشاركاً في «كان» غضب السلطات الإيرانية، يروي – بالرسوم المتحركة – حياة صبية ايرانية ولدت وربيت قبل ثورة الخميني، في مناخ من الليبرالية والانسانية. وحين حدثت الثورة هرب بها أهلها الى أوروبا حيث عاشت ولا تزال تعيش. هذا الفيلم حققته مارجان انطلاقاً من سلسلة من كتب الشرائط المصورة كانت أصدرتها قبل سنوات وأثارت ضجة كبيرة اذ اكتشف فيها القراء وصفاً للحياة الاجتماعية الايرانية من الداخل – حتى وإن كان المسؤولون الإيرانيون سيقولون انه وصف كاذب! – «برسبوليس» وكما كان متوقعاً، الى حد ما، فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة مع فيلم «النور الصامت» للمكسيكي كارلوس ريغاداس، الذي كان أثار في الدورة الفائتة فضيحة «كانية» بفيلمه السابق «معركة في السماء».

وأخيراً كي تكتمل صورة دورة من «كان» رجحت كفة الجديد المتنوع على القديم الذي بدأ يبدو راسخاً، يبقى أن نتجه صوب مناطق أخرى من العالم: روسيا، حيث فاز الممثل قسطنطين لافروننغو بجائزة أفضل تمثيل عن دوره في «العقاب». وكوريا حين فازت جوون – دو – يوون، بجائزة أفضل تمثيل نسائي – مستحقة بقوة كما حال جائزة أفضل تمثيل رجالي – عن دورها الرائع في فيلم «الشمس السرية» للي تشانغ – دونغ. واذا كنا ذكرنا أعلاه فوز الإيرانية مارجان ساترابي بجائزة لفيلمها «برسبوليس»، علينا أن نذكر هنا أنها لم تكن الشرق أوسطية الوحيدة التي فازت في «كان»: هناك أيضاً الفيلم الإسرائيلي «السمكة الذهبية» (لاتغار كيريت وشيرا غريفن)، ثم هناك بخاصة فاتح اتكين التركي – الذي يقيم ويعمل في المانيا -. اتكين قدم في هذه المشاركة الثانية له في «كان» بعدما قدم وثائقيه «عبور الجسر» عن مدينة اسطنبول وموسيقاها قبل عامين، قدم فيلماً تدور أحداثه بين تركيا والمانيا، ويتحدث في لغة واقعية انما قوية، عن لعبة التبادل والهجرة وفقدان الهوية بين عالمين. هذا الفيلم الذي فاز بجائزة السيناريو، كاد يعبّر عن احدى خصوصيات هذه الدورة الجديدة لـ «كان»: التلاقح الحضاري بوعوده وآلامه. وحلم التواصل الانساني الذي يكاد يبدو، على ضوء راهن «الهويات القاتلة» مستحيلاً. لكنه – كما يقول اتكين – حتمي.

الحياة اللندنية في

01.06.2007

 
 

«كان».. هل قدمت الدورة الستون ما كانت تعد به؟

الإدارة صنعت أيقونات وعلامات تجارية بارزة لمهرجانها العريق

محمد الظاهري

لم تكن الدورة الستون لمهرجان "كان" كأي السنوات السابقة ـ أو هكذا كان يفترض أن تكون ـ على الأقل على صعيد الحضور الكثيف لهذه الدورة. صالات العرض لم تكن تكفي لاستيعاب الطوابير المصطفة لساعة أو أكثر، ثم لا يلبث أن عاد بعض المنتظرين أدراجه لعدم وجود مقاعد شاغرة في صالات العرض. حدث هذا لأكثر من مرة، وحدث أيضا مع عدد من أهم الصحافيين ونقاد السينما، لكن السؤال الذي يتبادر في هذا الموقف: هل قدمت الدورة الستون ما كانت تعد به، وهل أرضت شغف هذا الحشد الهائل ولبت طموحاته؟ بكل أسف فأي من ذلك لم يتحقق. فعلى صعيد الفعاليات لا جديد يستحق الذكر سوى التسبب بمزيد من الارتفاع في المعيشة وكلفة الإقامة التي تصل إلى أرقام جنونية مقارنة بأقرب المناطق السياحية إليها، وهذا سيؤدي حتما على المدى المتوسط والبعيد إلى نتائج سلبية من حيث الإقبال على المهرجان، ومن غير المستبعد أن تكتفي الكثير من المطبوعات المتوسطة الدخل ـ على الأقل ـ عندئذ باستقاء أحداث المهرجان من وكالات الانباء العالمية والقنوات الإخبارية الرسمية للمهرجان، اضافة الى عزوف ذوي الدخول المتوسطة عن المهرجان إلى مهرجانات اقل كلفة.

المهرجان اختتم فعالياته يوم الأحد الماضي كما هو المعتاد بحفل حاشد، وأعلنت لجنة التحكيم برئاسة المخرج الانجليزي ستيفن فريز نتائج اختيارات أعضائها، التي أظهرت بصورة أو أخرى اعتراضا ضمنيا على سياسة التصنيف والمحاباة التي بدت في السنوات القليلة الفائتة أوضح من أي وقت مضى في إدارة المهرجان، والتي أغفلت معايرها الأبعاد الفنية مقابل استقطاب أسماء معروفة في سماء المهرجان وإفساح المجال لسينمات أكثر شعبية بهدف إعطائه صورة شعبوية اكبر وبعدا إعلاميا أوسع، فاختيارات المسابقة الرسمية لهذا العام لم تتجاوز في معظمها تاريخ أسماء صناعها التي صنعت منهم الإدارة أيقونات وعلامات تجارية بارزة لمهرجانها العريق، فمن بين الاختيارات الاثنين والعشرين في المسابقة الرسمية لم تتجاوز الأعمال الجيدة بضعة منها. افتتح المهرجان فعالياته بفيلم " ليالي فطائر التوت My Blueberry Nights" للمخرج الصيني ونق كار واي الذي تجاوز به حدوده الإقليمية والثقافية ليخوض تجربته الأمريكية الأولى، والذي كان استمرارا لبحوث المخرج الأولى حول الحب في كينونته وسيرورته بلغة اقل نخبوية من أعماله السابقة وصالحة لأن تكون مادة قريبة من المشاهد البسيط في الغرب، إلا انه لم يقدم فيه أي جديد غير أسماء نجومه وطاقمه الذي قدم أداء متميزا ربما يجد له حضوراً في مسيرة المسابقات السينمائية الأمريكية وجوائزها. الحضور الفرنسي تمثل في فيلمين "Love songs" و"An old mistress" لكريستوف اونر والمخرجة كاثرين بيرلات على التوالي، وكلا الفيلمين كان حضوره تحصيل حاصل، ففيما افتقد الأول إلى هوية واضحة وفكرة متينة تستند اليه منظومته الموسيقية، كان الآخر استكمالا لإشباع رغبات مخرجته الجنسية وفراغا فكريا يماثل في نمطيته أفلام التابو الفرنسية التي بلغت أوجها في سبعينات القرن الماضي. ومن جانب آخر فإن السينما الأمريكية الهوليوودية أصبحت تحتل مساحات أوسع سنة بعد سنة في مسابقات كان الرسمية.

* غبن السينما الروسية

* تجدر الإشارة إلى أننا نتحدث عن سينما يتركز معظم إنتاجها الجيد على الأغلب نهاية العام, تحضيرا للجوائز الأمريكية الكبرى والإصرار على إعطاء أولوية لها على حساب سينمات أخرى، ولا يضيف إلى المهرجان سوى مزيد من الضحالة والهشاشة. فمن بين الأعمال الستة التي عرضت في ليالي المهرجان كان فيلم " No Country for Old Man "لا موطن للمسنين" للأخوة كوين كما هو المتوقع الأبرز والأكثر تميزا. الفيلم لا يخرج عن تيمتهم المعتادة حيث الجريمة والعنف في المجتمع الأمريكي إلا أن عقليتهما التي لا تنضب لا تزال قادرة على خلق شخصيات جديدة وإحداث الصدفة اللامعقولة بسخرية لاذعة ومتوازنة، والقدرة في ذات الوقت على تشخيص الرغبات الكامنة والمكبوتة. الفيلم الآخر الذي وجد وضعه بين الأعمال الجيدة المعروضة هو فيلم "Zodiac" لديفيد فينشر الذي حقق ردود أفعال ايجابية، إلا انه لا يحقق معايير فيلم المهرجان المنافس. المخرج جن فان سانت الذي يبرز كأحد أهم المخرجين التجريبيين في أمريكا والذي سبق وان فاز عن إحدى هذه التجارب بسعفة كان عن فيلم "Elephant" قدم أفضل أفلامه منذ ذلك الحين في فيلم " Paranoid Park حديقة بارانويد ". ابرز انجاز حققه الأمريكيون كان فوز فيلم المخرج جوليان شنابل عن فيلم "The Diving Bell and the Butterfly " في ثالث أعماله السينمائية بعد غياب سبع سنوات منذ عمله المتميز "Before Night Falls " إلا أن الفيلم من إنتاج فرنسي مشترك. ومن بين أكثر الأفلام شاعرية يبرز الفيلمان الروسيان " Alexandra" لاندرية سوكوروف و " The Banishment العقاب " لأندريه سيفاكونسيف، وفي الفيلمين ظهرت قسوة السينما الشعرية الروسية في قراءة الروح العاطفية والنزعات البشرية نحو تشويه نضارة الطبيعة وكسر إيقاعها المتناغم، وكان من الممكن أن يكون لأي منهما حضور في نتائج المسابقة إلا أن الجفاء الذي شهده المهرجان تجاه السينما الروسية منذ نشأته لم يزل ممارسا حتى دوراته الحالية. ومن بين أفضل الأفلام الآسيوية المعروضة تأتي قراءة شعرية أخرى من المخرجة الصينية ناعومي كواسكي في فيلم "The Mourning Forest" الذي حفل باستعارات مجازية وخطاب شعري موغل في شاعريته. الفيلم فاز بالجائزة الكبرى التي تأتي بعد السعفة الذهبية من حيث أهميتها. المخرجة الإيرانية مرجانه سترابي وفي فيلم التحريك السياسي اللاذع " PERSEPOLIS " نالت جائزة لجنة التحكيم بالمناصفة، وهو، بالرغم من الافتراض انه حكاية لقصة مخرجته مرجانه سترابي إلا انه لم يخل من إلماحات بروباغاندية واضحة. ذهبت الجائزة أيضا إلى المخرج المكسيكي كارلوس رودريغاس عن فيلم " SILENT LIGHT "، وهو الفيلم الذي دفعت مهارة الصورة البالغة وتوظيفها في انتقالات رائعة للزمن الحقيقي والمجازي في آن واحد، كما في المشهد الافتتاح المدهش، إلى فوزه بالجائزة، عدا ذلك فرورديغس مارس في الفيلم ـ كما هي غالبية أفلام هذه الدورة ـ إطالة لا حاجة لها في عرضه لحالة يمكن بيانها في اقل من ذلك بكثير.

* عودة مخيبة

* كثر الحديث قبل المهرجان عن أن ستينيته هي عودة الكبار، غير أن هذه العودة لم تكن بقدر الانتظار، ومخيبه للآمال، فكان ال ريش سيدل، راففائل ناجارادي، كيم كي دوك، كونتن تارنتينو، امير كوستريكا، مابين أعمال لا تقدم الجديد وأخرى بليدة فارغة او مسرحيات هزلية رخيصة. وانتهت هذه الدورة بسباق ماراثوني نال فيه الجيل الشاب بعضا من أهم الجوائز التي توجت بفوز الدراما الرومانية الرائعة "4months، 3weeks And 2days " لمخرجه الشاب كريستيانو مونقيو، وهو استمرار للحركة الرومانية الشابة التي استطاعت وخلال سنوات قليلة لفت الأنظار إليها باستخداماتها الجديدة للسينما الواقعية وإبراز جوانب لم تكن قد طرقت من قبل والتي فتحت بها مساحات واسعة لهذا النوع من السينما. استطاعت هذه الحركة وبعد سنتين من مشاركتها في المهرجان رسميا لأول مرة قبل سنتين في فيلم " The Death of Mr. Lazarescu "- الدخول في المسابقة والفوز بجائزتها الأولى.

الشرق الأوسط في

01.06.2007

 
 

قراءة في نتائج لجنة تحكيم

كان - محمد رضا

كيف انتهى عيد كبير بنتائج صغيرة؟

انتهت الدورة الستون لمهرجان (كان) السينمائي الدولي، الدورة الأكبر في تاريخه، ليس فقط بالنسبة لعدد سنوات حياته، بل أيضاً كحجم وكميزانية وإمكانيات متوافرة. ومثل كل دورة سابقة انتهت هذه الدورة، قبل أيام، بنتائج تم بموجبها توزيع الجوائز؛ ثماني جوائز، تحديداً، لمسابقة الفيلم الروائي الطويل، المسابقة التي تهافت على حضورها أكثر من 4000 إعلامي معظمهم أمّ الأفلام من دون انقطاع، وعاش أيام المهرجان في الصالات المعتمة أكثر مما عاش تلك الأيام خارجها.

ومع أن الأهمية يجب أن تكمن في الأفلام، وليس في النتائج، إلا أن المسألة تصبح بالغة الإزعاج عندما تخلص لجنة التحكيم؛ أي لجنة تحكيم، إلى نتائج يراها الناقد، ومعه عدد كبير من النقاد الآخرين، مجحفة بحق الأفلام التي كانت تستحق الفوز فعلاً، لكنها لم تفز، خصوصاً أن الأفلام الفائزة ليست أفضل منها.

هذا ما حدث حين أعلنت لجنة التحكيم التي تألّفت من المخرج البريطاني ستيفن فريرز (صاحب الفيلم المحتفى به أكثر مما يلزم الملكة) رئيساً، ومن الممثلة الصينية ماغي شيونغ والممثلة الفرنسية ماريا دمديروس، والممثلة الكندية سارا بولي والممثلة الأسترالية توني كوليت والممثل الفرنسي ميشيل بيكولي والمخرجين الموريتاني عبدالرحمن سيساكو والإيطالي ماركو بيلوكيو. جاءت النتائج على النحو التالي:

·         السعفة الذهبية: 4 أشهر، ثلاثة أسابيع ويومان لكريستيان منجيو (رومانيا).

·         الجائزة الكبرى: غابة الآهات: لناوومي كاواسي (اليابان - فرنسا).

·         جائزة خاصّة بمناسبة ستّين سنة: بارانويد بارك (الولايات المتحدة - فرنسا).السيناريو: حافّة الجنّة لفاتح أكين (ألمانيا - تركيا).

·         الإخراج: جوليان شنابل عن (الغطّاس والفراشة) - (فرنسا).

·         الممثل: كونستانتين لافروننكو عن (الصد) - (روسيا).

·         الممثلة: جوان دي يون عن (أشعة الشمس السرية) - (كوريا).

·         جائزة لجنة التحكيم: مناصفة بين برسيبوليس (فرنسا - الولايات المتحدة) ونور سرّي (المكسيك - فرنسا).

بالنسبة إلى الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية، فإن (4 أشهر، 3 أسابيع ويومان) كان يستحق جائزة: فيلم صغير الإنتاج، من بلد لم يُعرف عنه إقدامه على احتلال مرتبة فنية مرموقة، ولا هو بلد مُنتج للعديد من الأعمال، بل لا يزيد عدد المرّات التي اشترك في مسابقة مهرجان (كان) أكثر من خمس مرّات. لكن هل الجائزة الكبرى تصدر عن جمعية خيرية ليتم تقديم السعفة، وهي الجائزة الأكبر، لهذا الفيلم الجيّد على تواضع، وحجبها عن الفيلم الذي كان يستحقّها؟

ثم ماذا عن (غابة الآهات) الذي أخرجته ناوومي كاواسي؟ ماذا عن نصف الساعة الأولى التي إذا ما شطبتها من الفيلم لم يتأثّر به؟ منذ متى والمخرجون لا يدركون أن مقدّمة فيلم يجب أن تنتمي إلى باقي جسده؟

وما حكاية (بارانويد بارك) لغسان سانت؟ لقد فاز هذا المخرج قبل سنوات قليلة عن فيلم بعنوان (الفيل)، لماذا عليه أن يفوز بجائزة الدورة الستّين عن هذا الفيلم؟ ما مقوّمات هذا الفيلم الفنية الخاصّة التي تجعله أفضل من (الصد) و(زودياك) و(لا بلد للمسنين) وغيره؟ هذا الناقد (ومثله نقّاد كثيرون أمّ بعضهم المؤتمر الصحافي الذي عُقد بعد إعلان النتائج وأمطروا رئيس اللجنة بمثل هذه الأسئلة) يريد أن يعرف.

تحفة المهرجان

الاقتراب من أفلام المسابقة هذا العام ومعاينتها لذاتها أمر يكشف عن أن لجنة التحكيم لم تكن عادلة، لكن لكي تكون عادلة عليها أن تكون (عالِمة) تجيد التصنيف، وتبتعد عن التحبيذ القائم على وجهة النظر الشخصية.

مثلاً هل حقيقة أن ستيفن فريرز، كمخرج، لا يحبّذ نوع السينما التي يقدّمها ألكسندر سوخوروف في (ألكسندر) كافية لحجب الجائزة عنه؟ إذا ما احتوت الدورة المنتهية من مهرجان (كان) السينمائي من تحفة مجّسدة في فيلم سوخوروف (ألكسندرا)، أكثر أفلامه اكتمالاً لناحية أسلوبه ولغته السينمائية، وأكثر فيلم سياسي حقّقه سوخوروف إلى اليوم، ولو أن السياسة التي فيه ليست مقصودة بذاتها، ليست الخطاب المباشر للفيلم، بل تحمله الشخصيات في بالها وهي تتبادل الحياة فيما بينها كما هو الواقع اليومي.

يبدأ سوخوروف حكايته بوصول امرأة روسية إلى ثكنة تقع في مكان ما من شيشينيا لتزور حفيدها المجنّد. إنها امرأة كبيرة السن، ذات جسد مليء، لكنه في الوقت ذاته ضعيف. تقول عنه لاحقاً: (جسدي يضعف، لكن روحي لا تزال تستطيع الاستمرار)، وإذ تفعل فإن العبارة تعكس مضمون تلك المرأة كرمز، وهي (بدءاً باسمها) رمز بلا ريب؛ إذ تدخل الثكنة بإذن زيارة وإقامة تلتقي، ليس فقط حفيدها (الذي عادة ما تزوره الفتيات الجميلات، كما يقول الضابط لها في لقطة بينهما)، بل بعدد من الجنود الذين يعيشون في الثكنة، يخرجون ويعودون في مهامهم العسكرية التي لا تبدو بعيدة. هناك، في ذلك الأفق الترابي الممتد هناك العدو الشيشاني. لا نراه، ولا نرى نشاطاً حربياً من أي نوع. لا مشاهد لقتلى وجرحى، ولا حتى خطب في الحرب وخطب في السلم، لكنك تعلم علم اليقين أن المعارك تقع والجدّة ألكسندرا تعرف ذلك وتشعر بالخوف حين تقول للضابط متحدّثة عن حفيدها: (هذا إذا عاش ليعود من الحرب).حين تلتقي ألكسندرا بحفيدها لأول مرّة هناك ألفة، وحب يربط عضوين من عائلة يباعدهما السنون والجغرافيا، ولكن لقاء الوداع هو الذي يُترجم هذا الود إلى حب حقيقي إنساني رقيق ويشبه موجة بحر عاتية لن تقلب السفينة بل ستحملها عالياً فوق الأوجاع. هذا المشهد، بما فيه من نضح عاطفي، ليس جديداً في سينما سوخوروف، بل متداول حين يحقق أفلاماً عن العائلة، بل هو يذكّر الذين تابعوا أفلامه بكل ما حواه فيلم (أم وابن) من عاطفة بين تلك الأم المشرفة على الموت وابنها الذي جاء لمعايدتها ورعايتها في هذه الساعات الأخيرة من حياتها.

جسر سلام

ألكسندرا ذاتها ليست رمز الأمومة والحنان لحفيدها ذاك فقط، بل لكل أولئك الجنود؛ يقصدونها، يحترمونها، يفرحون بها ويساعدونها. وهذا كله انعكاس لحرمانهم من الشعور النقي المتدفّق الخالص من الشوائب، والذي لا تجده إلا في علاقة عائلية من مثل هذا النوع.

لكن (ألكسندرا) الفيلم يحقق شموليّته في جانب آخر. ينجز رسالته الداعية إلى السلام ومنح الشيشانيين حقّهم في الاستقلال في خيط رئيسي يبدأ بانطلاق ألكسندرا إلى سوق البلدة باحثة عن سجائر تشتريها لبعض الجنود. هناك تتعرّف على الشيشانية مليكة التي تبيع على (بَسطة). تدعوها مليكة للجلوس إلى المقعد بجانبها، وتتبادلان حديثاً يبدو في مطلعه كأي حديث عابر، ثم تدعوها مليكة لزيارتها في البيت. هناك تساعدها على الاستلقاء على الصوفا. تصنع لها كوباً من الشاي، وتساعدها في أخذ قسط من الراحة. هذه الإشارات تحوّل العلاقة كلها من عابرة إلى وطيدة في ثوانٍ. ولاحقاً ما ستعود ألكسندرا لتدعو مليكة لزيارتها في روسيا. (صحيح؟) تسأل مليكة غير مصدّقة: (نعم. أنا بانتظارك). ترد عليها ألكسندرا التي - في ذات مشهد الوداع - تتعانق ومليكة وامرأتين شيشانيّتين في تجسيد آخر ذي دلالات إنسانية ينتج عنها الإدراك بأنه إذا ما كان الرجال يحلّون نزاعاتهم بالقوّة فإن المرأة هي السلام الذي نحن بحاجة إليه. الكثير جداً يمكن أن يُقال في فيلم ألكسندر سوخوروف. إنه أفضل الأفلام الثلاثة من النوع التأمّلي وأكثرها نضجاً.

فيلم بيلا تار يخسر نقاطاً حين يُريد سرد حكاية مقتبسة وتطبيق معالمها بحسب أسلوب المخرج البطيء. أعتقد أن مهرجان (كان) وجمهوره الواثب صوب المفاد السريع لم يكن الجمهور الأفضل لهذا الفيلم. وإذا ما نال شيئاً من الجوائز في هذا المهرجان فإنه سيكون شطح في التقدير، ليس خطأ كليّاً، لكن العين لا يمكن أن ترى (الصد) لأندريه زفياغنتسيف، وعلى الأخص (ألكسندرا) لألكسندر سوخوروف من دون أن تميل إليهما وترتاح لهما أكثر من ارتياحها لمخرج يصرّ على بطء يبدو مفتعلاً أكثر منه نتاج حب الحياة في الإيقاع.

مستشفيات

الفيلم الفائز فعلاً (4 أشهر، 3 أسابيع، يومان) هو اكتشاف آخر جيّد من السينما الرومانية الصغيرة حجماً وكمّاً. في العام ما قبل الماضي عرض المهرجان فيلماً أفضل منه بعنوان (موت السيد لازارسكو) حول رجل يدفع حياته ثمناً لفوضى المستشفيات وفقدان الاهتمام الإنساني من قبل قطاع كبير من الأطبّاء لحالة رجل يعاني من سكرات الموت. وهذا الفيلم هو الثالث لكريستيان مانجو؛ لاحتلال الخط الثاني في الاحتمالات إلى جانب بضعة أفلام أخرى في هذا الشأن. هذا الفيلم معايشة لمأزق فتاة تحاول مساعدة صديقتها الحامل على التخلّص من جنينها، والمكان الوحيد الذي كان يمكن أن تتم فيه، والأحداث تدور في أواخر النظام الشيوعي السابق. هذه العملية عليها أن تتم خارج المستشفى؛ كون مثل هذه العمليات ممنوعة. السعي لإنجاز ما يبدو في حياتنا اليوم كما لو كان تحصيل حاصل لقرار (طبيعي)، هو ما يؤلف وجدان الفيلم بأسره مع تمثيل رائع من ممثلة غير معروفة (آنا ماريا مانينكا) تستحق أن يُفرد لها مكان على المنصّة لتسلم جائزة أفضل ممثلة.في الخط الثاني ذاته يمكن اعتبار (برسيبوليس)، الفيلم الكارتوني غير الملوّن، لفنسنت بارونو ومرجان ساترابي مرشّحاً قويّاً. فاز أو لم يفز، هو فيلم عن تجربة العيش تحت نظام آخر عانت منه فئات كتلك التي تنتمي إليها المخرجة ساترابي التي تروي في هذا الفيلم سيرتها من حين كانت صغيرة في سنوات الشاه الأخيرة إلى حين كبرت في عصر ما بعده ونزوحها إلى أوروبا حيث مرّت بتجارب وجدت فيها نفسها موضع خيانة الصديق، واضطهاد صاحبة البيت وعنصرية من تبقّى؛ إذ تعود تجد أن الحياة المحافظة جداً ليست لها فتختار. بعد أحداث تناوئ وتنتقد نموذج الحياة في إيران تقرر العودة إلى أوروبا (فرنسا هذه المرّة) حيث تنجز مع بارونو حكايتها تلك.في بدايته يثير الفيلم الريبة؛ إذ يبدو كما لو كان بروباغاندا للنظام الحالي ضد السابق، ثم يثير الريبة كما لو كان بروباغاندا ضد النظام الحالي. لكن سريعاً ما يتبدّى كعمل ينتقد - ولديه الحق - النظام الحالي، ولأسباب موضوعية، ليس أقلّها الحجر على حريّة الناس إلى حد غير مسبوق. قيمة الفيلم الفعلية تنحصر في سلسلة أحداث حياة ليس علينا إلا أن نقر بأن الاحتمال الغالب أنها وقعت على هذا النحو؛ كونها تجربة ذاتية مرّت بها صاحبتها. ربما اإختيارات المخرج مرجان ساترابي الخاصّة ليست صائبة طوال الوقت، لكن لا أحد يلتزم بموقفها حين يشاركها الرأي في الوضع الإيراني من حيث انتقاله من دكتاتورية الفرد إلى دكتاتورية الجماعة.

اللقطة الأولى

يفوت الموزعون العرب أن ليس كل الأفلام التجارية التي يوزّعونها تحقق نجاحاً تجارياً، وليس كل الأفلام الفنية التي لا يوزّعون لا يمكن أن تحقق النجاح. هذه أكذوبة تخدم المصلحة الشخصية في الوقت الذي تحرم فيه الجمهور من أعمال فنيّة راقية.

والحقيقة أنه إذا ما عوّدت الجمهور على هذه الأفلام فسيأتي ربما ليس من المرّة الأولى لمثل هذه الأفلام لأنه حُرم منها طويلاً، لكن مع الوقت وفي غضون أشهر سيجد الموزع وصاحب الصالة أن هذه الأفلام بدأت تحصد إقبالاً وبدأ الجمهور يقبل عليها.

بكلمات أخرى، إذا ما كان الفيلم الفني المستعصي يُعرض في ألاباما وتكساس هل تريد أن تقنعني أن لا مكان له في صالة متخصصة واحدة في العالم العربي؟

مهرجانات تنافس على الأميركي

في سباق المهرجانات العالمية (كان - فانيسيا - برلين، وسواها) لاستحواذ الإقبال التجاري والإعلامي تكمن معضلة السعي للحصول على الأفلام الأميركية التي يراها مسؤولو المهرجان ملائمة للاشتراك. والمأزق بالطبع هو الهيمنة التي تشكّلها هوليوود آنذاك على ما عداها من مراكز الصناعة السينمائية.

صحيح أن هذه المهرجانات تعمل حسابها استيعاب أفلام مخرجين عالميين أيضاً، شرقاً وغرباً ومن كل اتجاه، إلا أن الفيلم الأميركي يتحوّل إلى عنصر الجذب.بعد (كان) الذي شهد خمسة أفلام أميركية في المسابقة، ها هو مهرجان فانيسيا يعلن أن السينما الأميركية ستكون حاضرة وبقوّة خلال الدورة المقبلة للمهرجان التي ستعقد ما بين التاسع والعشرين من أغسطس إلى الثامن من سبتمبر.

المدير الفنّي للمهرجان ماركو مولر صرّح بأن خمسة عشر فيلماً أميركياً سيشترك في كافة الأقسام بما فيها قسم المسابقة، بل إن الافتتاح سيكون على الأرجح أميركياً، أكثر من ذلك، فإن المنتج الأميركي، بل ميكانِك سيرأس إحدى لجان التحكيم - تلك التي ستٌكلّف بمنح جائزة أفضل عمل أوّل. هذا التنافس على العروض الأميركية بين المهرجانات الأولى يجعل مهرجاناً متخصصاً بالسينما الأميركية، هو مهرجان دوفيل، الذي يُقام مباشرة تقريباً بعد فانسيا في شمالي فرنسا، يبدو كما لو كان لا حاجة له، بينما مهرجانات أميركية، مثل سان فرانسيسكو وبالم سبرينغ ولوس أنجيليس، تتلهّف هذه الأيام لاستقبال الأفلام غير الأميركية.

من ناحية أخرى فإن الاشتراك الأميركي في المهرجانات الدولية ينتج عنه، عادة، فوز الأفلام المستقلة وليس الهوليوودية الكبيرة.

هذا ما حدث في الدورة الأخيرة لمهرجان (كان)، حيث فاز (بارانويد بارك) لغس فان سانت بجائزة الدورة الخاصّة، علماً بأنه خال من النجوم والحبكة الهوليوودية.

الجزيرة السعودية في

02.06.2007

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)