كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

القبس في مهرجان كان الـ 60

هل يكون 'الجواد الرابح' في السباق على 'سعفة' كان الذهبية؟

'حافة السماء' لفاتح أكين: 'حكاية شرقية' تعلي من قيمة التسامح

القبس ـ 'كان' ـ من صلاح هاشم

مهرجان كان السينمائي الدولي الستون

   
 
 
 
 

من أجمل وأقوى الأفلام التي عرضها مهرجان 'كان' حتى كتابة هذا المقال فيلم 'حافة السماء على الجانب الآخر' لفاتح أكين، المخرج الألماني التركي الشاب (من مواليد هامبورج 1973) من أبوين تركيين وتربى وكبر في ألمانيا ويحاضر حاليا في مادة السينما في جامعة هامبورغ. ونرشح بقوة هنا فيلمه الروائي الخامس ذاك للحصول على سعفة 'كان' الذهبية ومن دون كلام. فهو من ناحية من أقوى الأفلام الروائية السياسية التي عرضها المهرجان، حيث لا يرحم مخرجه المجموعة الأوروبية ـ الإمبراطورية الاستعمارية القديمة التي لم تكن تغرب الشمس عن دولها، ويشكك في أن تكسب تركيا شيئا من الانضمام إليها، كما ينتقد في الفيلم السلطة السياسية التركية القمعية بشدة، وهو يكشف عن نضالات الشعب الكردي، الذي مازال يحارب داخل البلاد وخارجها، حتى يعيش ويتعلم، ويتمتع بحقوق المواطنة، ويمتلك حرية النقد والتعبير، وتضمن له أبسط حقوق الإنسان الكريمة.

كما يعرض الفيلم لأوضاع المهاجرين الترك المغتربين المنفيين، ويصور كيف تعاملهم الإدارة البوليسية البيروقراطية في ألمانيا، وكيف يتصرف بعض أفراد الشعب الألماني حيالهم بكراهية وعنصرية وسادية، وهو مازال مسكونا بعقدة 'الآخر' الأجنبي الغريب، ويرى فيه خطرا على حياته وممتلكاته وثقافته. ويعرض في الوقت ذاته لحالة الشارع التركي وفاشيته، المشحون بالعداء لكل ما هو غير تركي، والذي يكتفي فيه المارة بالفرجة عند اعتقال المناضلين السياسيين الأكراد، ثم تعقبها حملة تصفيق للقوات البوليسية الخاصة، التي تعتقل هؤلاء المناضلين الأكراد 'الإرهابيين' وتحاكمهم وتودعهم سجون تركيا، حيث تقتصر زيارة المسجونين هناك كما يقول أحد الموظفين البيروقراطيين الأتراك في الفيلم على الأقارب فقط، ويردد أن نعم، هذه هي تركيا.. إن كنتم لا تعلمون، ثم يهز رأسه.

واقعية وانسانية

ومن ناحية أخرى يتوهج فيلم 'حافة السماء' فنيا وإنسانيا، وهو يناقش قضية العلاقة بين ألمانيا وتركيا سياسيا واجتماعيا وثقافيا، وقضية الجيل الثاني من المهاجرين، الذي نشأ وتربى في حضن ألمانيا، من دون أن ينسى أصوله ودينه وثقافته، وحنينه إلى الوطن الأم، حيث يسعى 'حافة السماء' THE EDGE OF HEAVEN الذي بدا لنا مثل 'حكاية شرقية' متوسطية آسرة، إلى عقد مصالحة من نوع ما بين ألمانيا وتركيا، وينجح في ذلك الى حد كبير، بعد أن يكون أبطاله عانوا وتعذبوا وضحوا من اجل العبور إلى الجانب الآخر المشرق من الحياة، وتخلصوا من أنانيتهم بعد أن خبروا أهوال الموت، ومعاني فقدان عزيز، وفقط من خلال تجربة الألم ومواجهة الموت، كما يقول الشاعر والمسرحي الألماني الكبير برتولت بريخت، تشيد الأفلام والسدود وكذلك الكاتدرائيات العظيمة.

ومن ناحية ثالثة يكشف 'حافة السماء' من خلال أسلوب فاتح أكين عن 'حكواتي' سينمائي اصيل، ونعتبره ـ بواقعيته وإنسانيته ـ تلميذا وامتدادا لمدرسة المخرج التركي الكبير ايلماظ جوني (القطيع)، اذ يطبخ فيلمه على نار هادئة، وهو يطرز نسيج الفيلم براحته، ومن دون 'سربعة' أو استعجال، وكأنه يسقينا حكاية الفيلم مثل 'عصير عنب وخشاف' يرطب الحلق في حر الصيف الجامح وينعشه، فتخرج من قاعة العرض في مهرجان 'كان' الكبير، وتحدوك رغبة بعد مشاهدته في عناق البحر، ونخيل كورنيش الكروازيت المطل على الخليج، والتواصل بالمحبة والعناق مع كل الموجودات والمخلوقات.

سطوة المكان

وكما في كل الأفلام العظيمة، سيحيلك هذا الفيلم بمرجعيته، من ناحية ارتباطه بمدرسة أو تيار او اتجاه أو أسلوب معين، إلى مدرسة 'الحكواتية' العظام في تلك المنطقة المتوسطية من العالم. الى الأب الروحي 'هوميروس'، صاحب الإلياذة والأوديسة، المعلم الأكبر، وكتاب 'ألف ليلة وليلة' المجهولين، ويذكرك بأفلام باولو وفيتوريو تافياني (ليلة القديس سان لورنزو)، وقصائد الشاعر التركي العظيم ناظم حكمت، وهو يتسامى بروحك، ويعلي من خلال الفيلم من قيم العلم والتعليم، وقيمة التسامح والمصالحة RECOCILIATION بين الأجيال، بين الأب وابنه، والأم وبنتها، وينتهي في لقطة أثيرة هناك عند حافة البحر، والابن يجلس على الشاطئ وهو ينتظر الأب الذي خرج للصيد ويترقب عودته.والجميل هنا ان الكاتب والروائي التركي أورهان باموك الحاصل على جائزة نوبل في الأدب يشارك في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للمهرجان، ويقينا سيشرفه ويسعده الدفاع عن هذا الفيلم، واستحقاقه نيل سعفة كان الذهبية عن جدارة.

يحكي فيلم 'حافة السماء' عن عامل تركي عجوز متقاعد في السبعين من عمره، يتعرف على مومس تركية في بيت للدعارة في ألمانيا، فيعجب بها ويحبها،ويعرض عليها أن تهجر مهنتها تلك التي تعرضها في المترو لبعض الأتراك المتشددين المتطرفين، الذين يحذرونها من الاستمرار في تلك المهنة، لأنها تركية ومسلمة يا للعار، ولا ينبغي لها أبدا ان تمرغ سمعتهم التركية الشريفة في الوحل، وكأنها اختارت تلك المهنة بمزاجها، فتقبل عرضه، وبشرط أن يدفع لها ثلاثة الآف يورو كل شهر نظير الإقامة معه في بيته، ويكون من حقه أن يضاجعها وحده، ولا يشاركه في ذلك إنسان، ثم نتعرف في الفيلم على ابن ذلك العجوز، الذي اشرف على تربيته بعد وفاة أمه، ويمثل الجيل الثاني من المهاجرين الأتراك في ألمانيا، ونفاجأ بأنه على العكس من أبناء المهاجرين العرب في فرنسا، الذين يعانون التمييز العنصري، استطاع أن يدرس ويتسلق السلم الاجتماعي، ويصبح أستاذا في الجامعة، ويتعرف الابن على زوجة الأب الجديدة خليلته، التي لا تخجل من مصارحته بأنها مومس، وأن لها بنتا في السابعة والعشرين من عمرها وهي تعيش في تركيا، وترسل إليها كل شهر مبلغا كبيرا من المال لكي تعينها على الدراسة، وتتخرج في الجامعة مثله ويصبح لها شأنا، وتكذب الخليلة على بنتها وتدعي انها عاملة في محل لبيع الأحذية في ألمانيا!

حقوق ومظاهرات

ويتعاطف الابن مع زوجة الأب الجديدة ورفيقته ويحترمها، في حين تعطف هي عليه، وتلطف بحضورها من قسوة الأب السكير المشاكس، ويتشكل مثلث في الجزء الأول من الفيلم يجمع بين الأب والابن والخليلة.

وحين تموت الخليلة فجأة ويقتاد الأب إلى الحبس، يسافر الابن المثقف الأستاذ في الجامعة الى اسطنبول لكي يدفن الزوجة، ويبحث عن ابنتها لكي يساعدها ماديا على تكملة دراستها، ويلجأ الى الشرطة للبحث عن عنوان الابنة المفقودة، التي يتضح لنا في ما بعد انها تناضل في صف مجموعة مسلحة من الأكراد، وتخرج في مظاهرات تطالب الحكومة بمنحهم حقوقهم المشروعة، وتندد بالقمع الذي يتعرضون له في البلاد، وإنها لا تدرس في الجامعة كما تحسب الأم، وحين يطاردها البوليس تلجأ الى إخفاء مسدس في ركن من سطح عمارة، وهي لا تعلم انه سيكون السبب في خراب بيوت، ومصرع صديقتها الألمانية التي ستتعرف عليها في ما بعد، حين تهرب من محاكمتها في تركيا الى ألمانيا لتبحث عن الأم ومحل الاحذية الذي تعمل فيه، وهي لا تعرف أن أمها ماتت، وأن شابا ألمانيا مثقفا وأستاذا في الجامعة، يبحث عنها في حواري وأزقة اسطنبول لكي يساعدها!

الجواد الرابح

وحين تهبط الى ألمانيا، يتشكل في الجزء الثاني من الفيلم مثلث آخر مكون من البنت التركية المناضلة، وفتاة ألمانية تتعرف عليها في الجامعة وتصبح بسرعة صديقتها، وأم هذه الفتاة، وهي عجوز ألمانية عنصرية تكره الأتراك والغرباء، وتلعن ابنتها لأنها اصطحبت تلك الفتاة التركية لتقيم معهما في بيت واحد، وتنكد عليها عيشتها، وتلعب دور الأم في ذلك المثلث الجديد الممثلة الألمانية القديرة هانا شيغولا، التي كونت مع المخرج الألماني الكبير الراحل فاسبندر ثنائيا سينمائيا ألمانيا رائعا، لعب دورا كبيرا في بزوغ سينما طليعية ألمانية جديدة، وحين توفي فاسبندر، كان أن انطلقت شيغولا، ومثلت في أفلام للفرنسي جودار، والألماني فيم فندرز، والايطالي ماركو فيريري، وحصلت بدورها في فيلم 'قصة بييرا' على جائزة أحسن ممثلة في مهرجان 'كان' عام 1983 كما يلعب دور الأب في الفيلم الممثل التركي القدير تونجل كورتيز الذي اضطلع ببطولة عدة أفلام لايلماظ جوني من ضمنها فيلم 'القطيع'، وتتألق في الفيلم مجموعة من شباب الممثلين الشبان الجدد: نورجول يشيلشيل في دور البنت التركية المناضلة، ولوته ستوب في دور صديقتها الالمانية، وباكي دفراك في دور الابن الأستاذ الجامعي المثقف، كما تشمخ بتمثيلها الممتنع الممثلة التركية ييتر أوزتورك في دور المومس الخليلة على الرغم من قصر دورها، إذ تموت بعد قليل في الفيلم، وقد وفق فاتح أكين في اختيار طاقم الممثلين ونجح في إدارتهم ب 'معلمة' وحنكة، إلى الدرجة التي تحسب معها أنهم يلعبون شخصياتهم الحقيقية علي أرض الواقع، ولا يمثلون، وبسرعة سوف تتعاطف معهم، وتدخل في لحم ونسيج وشرنقة الفيلم الجميل، ولا تمل أبدا من الحكاية.

فيلم 'حافة السماء'، يكرس لعدة ثيمات وأجواء وحالات، في مواجهة الغربة ووحدتنا والموت، ويتنقل بين عدة مدن ألمانية وتركية، تحضر بشخصيتها، وتكون لها تأثيراتها ب 'سطوة المكان' على مجرى الأحداث في الفيلم ومشاعر أبطاله، كما يؤسس لسينما واقعية جديدة بحساسية جديدة، تأخذ أفضل ما في تلك التقاليد السينمائية التي أرساها كبار الحكواتية من أمثال ايلماظ جوني في تركيا، وصلاح أبوسيف في مصر، والأخوين تافياني في ايطاليا وغيرهم، لكي تصنع 'صورة' تشبهنا، وتحكي لنا حكاية الأرض، وتنبه الى تناقضات ومتغيرات عصرنا، وهي تهيب بكل تلك الفضائل التي يفاخر بها الإنسان، أن ساعدينا.

ولكل تلك الأسباب التي ذكرناها نأمل أن يكون فيلم 'حافة السماء' الجواد الرابح، في السباق على نيل سعفة مهرجان 'كان' الذهبية في دورته الستين.

القبس الكويتية في

26.05.2007

 
 

«نفرتيتي» يصور في القاهرة بميزانية 130 مليون دولار

عباس كياروستامي يشارك مع 35 مخرجا من أنحاء العالم بفيلم «كل له سينماه»

كان: عبد الستار ناجي

اعلن في مهرجان كان السينمائي الدولي عن انتاج فيلم روائي جديد بعنوان «نفرتيتي» بميزانية قدرها 130 مليون دولار سيصور في استديوهات مدينة الانتاج الاعلامي بالقاهرة.

وفي تصريح خاص اعلن المنتج الأميركي جون هايمان انه بصدد انتاج ثلاثة أعمال سينمائية في مدينة الانتاج الاعلامي في القاهرة وأول هذه الاعمال هو فيلم «كليوباترا الصغيرة» بميزانية 5 ملايين دولار. اما فيلم «نفرتيتي» والذي خصصت له ميزانية قدرها 130 مليون دولار فانه سيصور في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل وبمشاركة حشد متميز من نجوم السينما العالمية. كما سيتم الاستعانة بكم ضخم من الفنانين المصريين والعرب.

واشار جون هايمان بان استديوهات مدينة الاعلام المصرية باتت تمثل منافسا كبيرا لعدد من القطاعات الانتاجية العالمية مثل ستديوهات مدينة ورزان المغربية واستديوهات مالطا وعدد من دول اوروبا الشرقية، حيث تتمتع استديوهات مصر بالجودة الانتاجية والخدمات العالية بالاضافة الى المواقع الآمنة. بالاضافة الى الكلفة غير المرتفعة للخدمات الانتاجية.

هذا ويتوقع ان تشهد مدينة الانتاج الاعلامي في القاهرة توافد عدد كبير من شركات الانتاج العالمية.

وفي جانب آخر شارك المخرج الايراني عباس كياروستامي في احتفالية المهرجان بالذكرى الستين لتأسيسه مع 35 مخرجا من انحاء العالم بتقديم فيلم بعنوان «كل له سينماه».

وفي تصريح خاص اكد بان السينما الايرانية باتت اليوم تحتل موقعها البارز على خارطة المهرجانات السينمائية الدولية بالاضافة إلى سيطرتها على حصة وافرة من السوق الايرانية التي تستقبل كافة التيارات السينمائية من انحاء العالم.

وشدد كياروستامي على ان السينما الايرانية او ما يقدمه هو على وجه الخصوص يمثل نافذة حقيقية على قضايا الانسان في ايران على وجه الخصوص.

وقال كياروستامي ان الرقابة في بلاده موضوعية ولا تشكل عائقا امام ابداع المبدعين في السينما الايرانية. والمعروف ان كياروستامي كان قد فاز بجائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان عن فيلمه «طعم الكرز». واشار كياروستامي الى انة يراهن على تزايد عدد المهرجانات في منطقة الشرق الاوسط لما لذلك من بعد ايجابي في تطوير الاهتمام بالسينما وتحفيز الوعي وخلق اجيال تعشق الفن السابع الذي يراه مرآة حقيقية للتطور والنهضة في هذا البلد او ذاك.

الشرق الأوسط في

27.05.2007

 
 

اليوم تُعلن جوائز مهرجان كان الـ 60

سوكوروف يطرح في "الكسندرا" وحشية الحرب بدون الحرب وريغاداس يقارب "المينونيت" بخشوع... بيللا تار يقدم شريطاً مزاجياً في "اللندني" وكاواسي تختبر معنى الحداد في "الغابة الناحبة"

كان ـ ريما المسمار

اليوم يُسدل الستار على الدورة الستين لمهرجان كان السينمائي. تَبَدلٌ في المناخ رافق اليومين الأخيرين لكأنه يعلن انتهاء هذا الفصل السينمائي ليعود الزمن الى حاله. عشرة أيام مرت سريعة كالعادة اتسعت لتصبح حياة كاملة على جزيرة سينمائية تتصل بالعالم بما تحمله أفلامها من صور واقعه ومجتمعاته وتاريخه. عشرة أيام في كان التي تبتدع تقويماً زمنياً جديداً. فلا يعود الوقت هو الوقت هناك ولا الزمن هو الزمن. توهان لذيذ في دهاليز كان وضياع إرادي في أروقة مهرجانها المفضية جميعها في نهاية المطاف الى ذلك المكان الأثير والمفقود من حيواتنا اليومية حيث متعة الاكتشاف والغوص في عوالم لا تشبه إلا نفسها. دخل المهرجان يومه الأخير إذاً وما عاد للتكهن مساحة كبيرة ذلك أن الجوائز تُعلن الثامنة من مساء اليوم بتوقيت بيروت. اثنان وعشرون فيلماً تنافسوا في المسابقة الرسمية للمهرجان. وبخلاف الاعتقاد السائد من أن الأفلام الفضلى يُترك عرضها الى نهاية المهرجان، لم تحمل الأيام الأخيرة مفاجآت كبرى يمكنها أن تحدث تبدلاً كبيراً في مجرى الإمور. فمازال هناك شبه إجماع على الفيلم الروماني الذي عُرض في اليوم الإول 4 Months, 3 Weeks and 2 Days لكريستيان مونغيو يشاركه ذلك الاجماع شريط الاخوين كوين No Country For Old Men الذي عُرض في اليوم الثالث. اللافت في مسابقة هذا العام غياب ما يمكن أن نسميه "الفيلم المفضل" وكذلك غياب المفاجآت على نحو ما فعل شريط غونزاليس ايناريتو Babel العام الفائت. صحيح أنه لم يذهب الى الفوز بالسعفة الذهب (نال جائزة الإخراج)، غير أنه أحدث صدمة ومفاجأة غير متوقعة. أفلام المسابقة الستين تراوحت بين المتوقع والمخيب. ويمكن تقسيمها الى ثلاث فئات. أفلام المخرجين الكبار التي أرضت التوقعات (No Country for Old Men للأخوين كوين، Alexandra لألكسندر سوكوروف، Silent Lights لكارلوس ريغاداس)، أفلام المخرجين الكبار التي خيبت الآمال (Death Proof لكوينتن تارانتينو، We Own the Night لجايمس غراي، Promise Me This لأمير كوستوريتسا) وأفلام الشباب التي بدورها تراوحت بين جيدة وسيئة. بين أفلام المخرجين الشباب التي لاقت صداً جيداً والمرشحة لجوائز (التمثيل تحديداً) الكوري الجنوبي Secret Sunshine للي تشانغ­دونغ و Mourning Forest لنايومي كاواسي وpersepolis لمارجان ساترابي وفينسنت بارونو وThe Edge of Heaven لفاتح أكين وThe Banishment لأندريه زفايغينتسيف. الى تلك، تقف أفلام أخرى في المساحة الرمادية مثل Paranoid Park لغاس فان سانت وThe Man From London لبيللا تار. إذاً اليوم توزيع الجوائز وسط ضبابية تامة حيث تخون التوقعات النقاد ولا من معين. فالبعض يتوقع الفوز للأخوين كوين بالسعفة والبعض الآخر للروماني كريستيان مونغيو. وهنك من يجد في محاولة كارلوس ريغاداس قصيدة سينمائية لا يمكن التغاضي عنها وفي شريط سوكوروف عملاً متكاملاً. تبرز أفلام أخرى تستحق الفوز بجوائز التمثيل كالفرنسي The Bell and the Butterfly لجوليان شنابل وSecret Sunshine.

في مطلق الأحوال، سيعود قرار اختيار الفائزين الى لجنة التحكيم بقيادة المخرج البريطاني ستيفن فريرز مع الإشارة الى أن جوائز أخرى ستوزع مساء اليوم منها جائزة الكاميرا الذهب التي تتنافس عليها الأفلام الاولى في كافة فئات المهرجان وتظاهراته الجانبية (أسبوع النقد الدولي ونصف شهر المخرجين) والتي يتنافس عليها الفيلم اللبناني "سكر بنات" باكورة أعمال المخرجة نادين لبكي.

حرب الروس

شهدت أيام المهرجان الأخيرة عروضاً متفاوتة في المسابقة الرسمية أبرزها الشريط الروسي "ألكسندرا". بعد ثلاثيته الشهيرة عن رجال السلطة (Moloch وTaurus وThe Sun)، يعود سوكوروف بفيلمه الحالي الى أجواء فيلمه الأول Mother and Son عام 1999 القائم على العلاقات الإنسانية والمشاعر غير المباحة. ولكنه أيضاً أكثر أفلامه مقاربة للسياسة. شريط عن الحرب بدون حرب. فهم عميق لوحشيتها وقسوتها وبشاعتها من دون أن يوجه عدسته الى مشهد قتال واحد أو معركة. بهذا المعنى، يكتسب الشريط بعداً إنسانياً شاملاً وعالمياً في مقاربته الحرب والإنسان على الرغم من أن المكان هو الشيشان والحرب هي حرب الروس عليها. لا يعترض سؤال "الكسندرا" عن معنى "الأرض الوطن" بخصوصيته السياسية ونقده الحرب على الشيشان، لا تعترض شمولية الفيلم وقدرته على الإحاطة بالحرب في أي زمان وماكن. انها الحرب كماكينة تسحق الانسانية. يختار سوكوروف أن يقول ذلك من خلال شخصيته المذهلة "ألكسندرا" التي تجسدها بروعة مماثلة مغنية الأوبرا غالينا فيشنيفسكايا. تزور "ألكسندرا" الشيشان لتقفد حفيدها المقاتل في الجيش الروسي. تقيم مع الجنود في الجبهة. بينما يقوم "دينيس" (حفيدها) باطلاعها على المكان متشوقاً ليعرض عليها السلاح الذي يستخدمه والدبابات التي يمتلكونها، تبدو "ألكسندرا" مأخوذة بتفاصيل أخرى. تنظر الى وجوه الجنود الشابة التي لم ينمُ شعرها بعد بينما ينظفون أسلحتهم. تسألهم عن أعمارهم وعن نوعية الطعام الذي يتناولونه. تعرض عليهم الطعام في مشهد آخر وتسأل "دينيس" متى سيتزوج. بتلك الأسئلة، تضيء الكسندرا على الإنسانية المفقودة في الحرب. وإذ تنحشر داخل الدبابة، تضايقها الرائحة وتتساءل عن عدد الجنود الذي تتسع له. ثم في مشهد ذي دلالات، تحمل "الكلاشينكوف" وتحمله في وضعية من سيفتح النار وتضغط على الزناد غير المعد لإطلاق النار مشيرة الى سهولة ذلك أو بمعنى أشمل الى سهولة القتل. وهو ما ستعبر عنه في مشهد آخر عندما تخاطب قائد الكتيبة عن فوائد الحرب: أنتم تحيدون التدمير ولكن هل تجيدون البناء؟ ماذا سيكتسب حفيدي من الحرب سوى معرفة إطلاق النار والقتل؟ ولكن تلك الأسئلة لا تأتي أبداً في اطار مدروس أو خطابي والفضل يعود الى شخصية "الكسندرا" وأداء الممثلة التي تلعب شخصية امرأة خمسينية مشاكسة وصلبة حادة البصيرة. تقضي الكسندرا أكثر من نصف الفيلم بين الجنود، تتجول بينهم وتخاطبهم. ليس المكان جديداً عليها وحسب بل إنه يغدو كذلك بالنسبة الى الجنود أيضاً إذ يستحيل وجود الكسندرا في ذلك المكان معجزة لم تتحقق في الحرب. فهي بكل ما تحمله من مواصفات تمثل الدفء والبيت والوطن مهما بدا مفهوم الاخير ضبابياً. في الشق الثاني من الفيلم، تقصد الكسندرا السوق المجاور ضاربة عرض الحائط بأوامر الجنود. تلتقي هناك امرأة شيشانية "ماليكة" تبيع الدخان. عندما تتعب الكسندرا تأخذها الى بيتها حيث تتشارك الامرأتان جلسة عفوية حميمة على فنجان شاي ساخن بما لا يتوفر لأحفادهما. من تلك الجلسة، تخرج معاني الفيلم الأخرى عن الحرب التي تُصنع بعيداً من إرادات الشعوب والجنود وعن صورة العدو التي تُزج في المخيلة كوحش جاهز للانقضاض. يترافق كل ذلك مع صورة قاسية بائخة الألوان وضوء قاسٍ ينقل حرارة الشمس على الجنود بينما الليل رمادي كئيب. أما الصوت فعمارة حقيقية متقنة البناء تتداخل فيها أحاديث الجنود وتمتمات الكسندرا وقرقعة السلاح والموسيقى.

بخلاف سوكوروف الذي يحول ساحة الحرب المفتوحة استديو ضيقاً من الانفعالات والتوتر، يترك كارلوس ريغاداس لكاميراه أن تتوه في طبيعة يحبس جمالها الأنفاس ويجسد معنى الجنة والطهارة في Silent Lights. الافتتاح بمشهد يترك المشاهد تحت تأثير مغناطيسي: ست دقائق طويلة لسماء ليليلة تفسح المجال أمام الضوء ليشقها، هو في الواقع انطلاقة لمشاهد الفيلم الطويلة التي تقارب المكان بخشوع وبخشية من التطفل عليه. لذلك نرى الكاميرا تتأمل لا تزيح عدستها عن حدث او شخصية حتى تغيب الأخيرة عن المكان. وسبب ذلك أن الشريط يتناول حياة مجموعة من "المينونيت" التي تعيش طقوسها الخاصة وتتحدث لغة المانية ميتة وتشكل حالة فريدة من الاتصال بالله. في ظل ذلك، يتناول الفيلم قصة "يوهان" المتزوج من "أستر" والذي تربطه علاقة بـ"ماريان" بما هو خروج على قيمه الدينية والاجتماعية. في المشهد الثاني الذي يصور العائلة حول مائدة الطعام، سرعان ما يصبح "يوهان" وحيداً بعد خروج استر والأولاد. وحيداً على المائدة، تقترب الكاميرا ببطء من وجهه لينخرط في بكاء يتحول نحيباً. نفهم انه يعيش نزاعاً بين رغباته الجسدية ومعتقداته وهي ما ستحمل أحداث الفيلم. اللقاءات بينه وبين "ماريان" تكتسب خاصية لما تعكسه من شغف وعمق في الأحاسيس يفسرها يوهان لاحقاً عندما يعترف لوالده بأن ماريان هي حب حياته الحقيقي وأن زواجه من أستر لا يفهمه سوى كغلطة. أستر هي الأخرى عللى معرفة بتلك العلاقة بعدما أطلعها عليها يوهان متعهداً بإنهائها إلا أنه في كل مرة يخفق في الحفاظ على عهده. ما يتبع ذلك هو رحلة للزوجين تظهر عمق الصمت بينهما والكبت. يوهان الباكي باستمرار من ثقل حمل الخطيئة واستر الصامتة التي تدرك أنها لا تستطيع فعل أي شيء. هناك في تلك المشاهد يمسك الفيلم بجوهر هؤلاء البشر وطبيعة حياتهم. ثمة ما هو أبعد من الايمان وما هو أعمق من القناعة. الوصف لا يكفي هنا بل إن الحالة هي تجسيد للكلمة من نحو أن المينونيت هو الايمان والقناعة والطهارة في ذاتها. تجربة ريغاداس أثارت الكثير من النقاش لا سيما أنه قدم في كان قبل عامين عملاً صادماً لا يمت الى الحالي بصلة هو Battle in Heaven. ومن الأسئلة التي أثيرت حول الفيلم الحالي: ماذا يريد أن يقول من خلاله؟ ماذا بعد التأمل والخشوع اللذين تتقمصهما الكاميرا؟ ماذا أبعد من درس "الصبر" الذي يلقنه للمشاهد؟ وتلك أسئلة مشروعة ولكنها قد تتجاهل إنجاز الفيلم الحقيقي: القدرة على نقل تلك الحالة التي يمثلها "المينونيت" بافتتان لا يقوم الفيلم بدونه فلولا افتتان ريغاداس بهم لما أبصر الفيلم النور.

عند بيللا تار ايضاً الكلمة الأولى والأخيرة للصورة. يأتي المخرج المجري الى المسابقة للمرة الأولى بفيلم London The man from المستوحى من رواية للكاتب البلجيكي جورج سيمينون والذي يأخذ منذ المشهد الاول­ لقطة افقية متحركة على باخرة تفرغ حمولتها ليلاً­ شخصية مخرجه. تدور أحداث الفيلم بمعظمها من وجهة نظر حارس ليلي­ مالوان­ في المرفأ يجلس في غرفته الصغيرة مراقباً من شباك زجاجي ما يدور في الخارج. وأول ما يلحظه حقيبة يرميها مجهول من الباخرة الى الرصيف حيث يلتقطها آخر سرعان ما ينخرط في صراع مع ثالث لتنتهي الحقيبة في الماء. ينتشل مالوان الحقيبة ليجد فيها رزمات من المال من عملة اليورو التي هي الإشارة الوحيدة الى أن الفيلم يدور في الحاضر. أما عناصر الفيلم الأخرى فتنسجم تماماً مع أسلوب المخرج الذي يستل الأحداث والشخصيات من الزمان والمكان تعززها صورة الابيض والاسود وأسلوب الفيلم نوار الذي يطغى على الفيلم. تتابع الاحداث مع مالوان الذي يعيش حياة فقر مع زوجته وابنته هنرييت التي تعمل في محل سرعان ما ينتشلها منه. وبوصول محقق انكليزي، يتبين أن المال في الحقيبة يعود الى شخص يُدعى براون وأن الاخير سرقه. الفيلم بمعظمه صامت باستثناء مونولوغات المحقق الطويلة، يرتكز على صراع مالوان الذي وجد في المال وسيلة للهروب من حياته البائسة. ولكن مشكلة الفيلم تتمثل في الهوة بين خطه السردي المعني بالسرقة والتحقيق والآخر العاطفي الذي يفترض به أن ينقل انفعالات الشخصيات وصواعاتها الداخلية وهو ما حققت بيللا تار باتقان في فيلمه الاسبق Damnation حينما مزج بين البعدين الروحي والسردي. هنا، الخط السردي ثقيل ومعقد يتطلب جهداً لفك طلاسمه. بينما تحول الشخصيات يتحقق من خلال مشاهد طويلة وحركة مستمرة للكاميرا وموسيقى تكاد لا تترك اي مشهد يخلو منها. إنه شكل بصري صادم لا يترك مجالاً للنقاش حول قدرات هذا المخرج وأسلوب شديد المزاجية لا يساوم ولا يتنازل ولكنه يعجز في النهاية عن تحقيق عمل منسجم الروح والشكل.

عرض مفاجئ في اليوم قبل الأخير للمهرجان وقعته اليابانية نايومي كاواسي في عنوان The Mourning Forrest. قطعة سينمائية أخرى مزاجية وخاصة، تشتغل، كفيلم ريغاداس، على تحقيق لغة تمس الروح. بكاميرا محمولة معظم الوقت، تقارب كاواسي شخصيات فيلمها في مأوى للعجزة حيث تتطوع "ماتشوكا" للعمل. الشخصية الأساسية هناك رجل مسن يحمل حقيبة باستمرار ولا يكف عن تكرار اسم زوجته المتوفاة منذ ثلاثين سنة ويسأل باستمرار "هل أنا حي؟". بعد سلسلة مواقف متوترة بينه وبين الفتاة، تتقرب الأخيرة منه وتعرض أخذه في نزهة. إلا ان السيارة تتوقف في منتصف الطريق ليجدا نفسيهما في غابة شاسعة من دون اي اتصال بالعالم. يسير الاثنان من دون أدنى فكرة عن الاتجاه الذي يقودهما الى الطريق من جديد غير ان الرجل يبدو مدركاً لخطواته فلا يتوقف حتى يصل مكاناً قرب شجرة باسقة. هناك فقط، يفتح حقيبته ويخرج منها دفاتر ماضيه وعلبة موسيقية ويحفر مكاناً له في بطن الأرض لينام بطمأنينة. يحمل الشريط ملامح إنسانية عميقة متمثلة بالعلاقة التي تنشأ بين الاثنين ويلامس بفلسفة غير مدعية مواضيع الموت والحياة والخلاص. بأسلوب مؤثر وصادم معاً، تشير المخرجة في نهاية شريطها الى معنى العنوان The Mourning Forest موضحة أنه المكان الذي يُسمى "جبل الحداد" وأن العنوان الاصلي Mogari يعني "نهاية الحداد".

المستقبل اللبنانية في

27.05.2007

 
 

يوميات مهرجان كان السينمائي الدولي ... (10)

المهرجان يصل إلى محطة النهاية اليوم

الأفلام جيدة الصنع عملة نادرة

محمد رضا

اليوم، الأحد، يعلن المهرجان نتائج دورته الستين ويوزّع جوائزه على الفائزين. يتقاطر الإعلاميون من كل مكان لنقل وقائع ما زالت نتائجها لحين كتابة هذه السطور مجهولة. من الذي سيفوز بالسعفة الذهبية. ما الفيلم؟ لماذا؟ هل يستحق؟ عادة ما يُقارن المتواجدون الدورة بالتي سبقتها. وعادة ما يقولون إن الدورة السابقة كانت أفضل. لكن دورة العام الماضي لم تكن أفضل من دورة هذا العام. كانت سقيمة مثلها. دورة العام الماضي كانت ضعيفة وأفلامها هشّة وبعض المواضيع التي طرحتها معدومة الأهمية.

في هذا الإطار، أفلام هذا العام طرحت مواضيع أفضل (البيئة، التحوّلات من نظام الى آخر، التصادم بين الحضارات، الدعوة الى السلام والحب والعدالة...). لكن المشكلة هي أن كل هذا المطروح لم يتجاوز عدداً محدداً من الأفلام.

أفلام هذا العام كان فيها أعمال فنية بارزة. لكن مرّة أخرى: المشكلة هي أن هذه الأعمال البارزة لم تتجاوز عدداً محدداً من الأفلام.

في حين يجد البعض أن علينا القبول بهذا العدد لأن المهرجان إنما يتحرّك بما هو متوفّر حوله، فإن الحقيقة هي أن المهرجان من شدّة رغبته في أن يكون كل شيء يتجاهل، هو ومهرجانات أخرى، الجوهر الذي من أجله أقيم: نشر الثقافة السينمائية ورفع مستوى الفن السينمائي.

قبل أيام قليلة تم نشر خبر صغير في الصحف اليومية هنا يحمل عنواناً يقول: “مهرجان فانيسيا سيحتفي بالسينما الأمريكية” وفي عنوان آخر “السينما الأمريكية ستطغى على مهرجان فانيسيا”.

العنوانان ليسا مكتوبين على نحو مُدين أو انتقادي، بل هو ما صرّح به مسؤولون في المهرجان الإيطالي معتبرين أن ذلك هو أمر حسن.

كيف لا. ألا يفعل مهرجان “كان” ذلك وينجو من اللوم؟ خمسة أفلام أمريكية في المسابقة وخمسة أخرى خارجها في العروض الرسمية؟ ما الذي يمكن أن يعنيه ذلك سوى أنه نجاح في استقطاب السينما الكبرى في العالم بعدما بقيت محجوبة بقرار الاستديوهات ذاتها عن المهرجانات الدولية؟

إذا قبلنا بهذا الادعاء فإن ذلك يعني أن المهرجان الدولي الناجح بات المهرجان الذي يضم أعلى نسبة من الأفلام الأمريكية. كلما ارتفع الرقم، إذاً، كلما ارتفعت نسبة المستوى الفني للمهرجان.

لكن هذا خطأ شنيع. لا علاقة لمصدر الأفلام بالمستوى الفني. لا علاقة مطلقاً. كل ما في الأمر أن المهرجان يبذل الجهد والوقت والمال لاستضافة سينما على حساب أخرى. ومع أن أحداً لا يدعو لمقاطعة السينما الأمريكية، إلا أن الحقيقة أن معظم ما تم عرضه منها هنا في دورة هذا العام (وعادة الحال ذاتها في الدورات السابقة) لم يكن يستحق أن يعتلي الشاشة في أي مكان رسمي.

لا “الليل ملكنا” لجيمس غراي ولا “مضاد للموت” لكونتين تارانتينو ولا حتى “زودياك” لديفيد فينشر (وهو أفضل الأفلام الأمريكية التي عٌرضت) او “لا بلد للمسنين” للمحتفى بهما الأخوين كووِن، يستحق أن يعرض في المسابقة. وهل لاحظت أنها جميعاً أفلام بوليسية؟

هذا الاستحقاق ليس قائماً على معايير الجودة. بالطبع “زودياك” عمل رائع والناقد منحه دائماً أربعة نجوم من خمسة، و”لا بلد للمسنين” لافت (ثلاثة من خمسة) لكن “مضاد للموت” القائم على مطاردة طويلة؟ او “الليل ملكنا” الفاشل في إنجاز أي مهمّة فنية على وجه كامل؟ الاستحقاق قائم، في الحقيقة، على أي نوع من الأفلام يود مهرجان “كان” إبرازه.

الحقيقة أن الاختيارات التي يقوم بها المهرجان مؤسسة لأن تخدم العوامل التالية:

 نسبة كبيرة من الأفلام الأمريكية يفضّل أن تكون لنجوم في مجال الإخراج. أحد هذه الأفلام أضعف من سواه يعرض في الأيام الأخيرة من الدورة (من يراجع تاريخ الدورات يكتشف أن هذا هو الحال في معظم الدورات السابقة).

 أفلام فرنسية للذر في العيون وحتى يكون هناك وجود ما لهذه السينما بصرف النظر عن استحقاق بعض هذه الأفلام للفوز بجوائز أولى أو لا.

 الأفلام المعروضة غير الفرنسية من تلك التي تشتريها شركات فرنسية للتوزيع او تدخل في تمويلها مصادر تمويل فرنسية. هذا ما يجعل النسبة الكبرى من الأفلام فرنسية المنشأ بحدود تتراوح بين الثلث والثلثين.

 الأفلام التي تدخل المسابقة هي تلك التي تتميّز بعناصر إنتاجية كبيرة. هذا في الأغلب، لأنه في هذا العام تم عرض “4 أشهر، 3 أسابيع ويومان” الذي لا ينتمي الى مثل هذا الصنف من الإنتاجات. الفيلم الياباني “غابة الآهات” هو فيلم آخر من هذا الصنف المقل: ليس فيه طرف خيط فرنسي وليس فيه ذلك النحو من التكاليف الكبيرة. هذان الفيلمان يتيمان بين الأفلام المشتركة في المسابقة (21 فيلماً).

 العناصر الإنتاجية الكبيرة لا تعني الإنتاج الكبير، لكنها تؤدي إليه. وهي مجسّدة هنا في شكل الصورة العريضة. العناصر المتكاملة من نجوم كبيرة او من إخراج لسينمائي معروف، او لتصوير بسوبر 35 او بميزانية مرتفعة وعادة ما يحتوي الفيلم على أكثر من عنصر واحد من هذه العناصر المذكورة.

ما الخطأ في هذا؟

الخطأ أن الأفلام التي لم تكن تتوخّى سوى الفن لذاته باتت محجوبة. تلك التي تستحق الاكتشاف، كالفيلم الروماني السابق “موت السيد لازارسكو” يتم تحويلها الى أقسام غير قسم المسابقة، والأفلام التي تدخل المسابقة تلبّي جزءاً صغيراً من الحاجة الكبرى إليها، لأن المهرجان أصبح يعمل على منوال “شيء لكل واحد” بمعنى أنه إذا ما أتيت لمشاهدة فيلم فني فستصدم بواحد او اثنين منها. إذا ما أتيت لمشاهدة سينما لمخرجين كبار فهي هنا مثل جواهر “الفترينة” وإذا أردت أن تحضر الفيلم لتسعى بعد ذلك لمقابلة بطله او بطلته، فهذا ممكن عبر التأكّد من أن الفيلم الفرنسي او الأمريكي إنما يحتوي على عدد من النجوم الذين يستطيعون إحياء المدينة من سباتها لمعظم أيام السنة.

“كان” الأمس لم يكن كذلك لكني لن أعود الى الوراء لكي أبرهن على ذلك. صحيح أن العصر مختلف وأن نجوم الإخراج كانوا دائماً فيه، لكن السينما التي كانوا يقدّمون كانت السائدة والبحث عن المنوال الفنّي أوّلاً كان هو الأمر المتداول أكثر من سواه. يكفي العودة الى الدورات السابقة لنعرف الاختلاف الكبير بين ما كان يعرضه المهرجان في تلك الأيام وبين ما يعرضه اليوم.

طبعاً كانت هناك أفلام كبيرة لمخرجين كبار. والأمل في أن تخرج الجوائز منصفة فتُمنح لمن يستحق منهم. الكارثة هي أن تمنح السعفة والجوائز الرئيسية الأخرى لتلك الأفلام التي كان من الأولى تركها تعيش وتموت في صالات الأحياء التجارية.

في مقدّمة هذه الأفلام “ألكسندرا” و”الصد” كلاهما من روسيا. الأول لألكسندر سوخوروف والثاني لأندريا زفاجيينتف. وفي حين أن الفيلم الأول لم يترك مجالاً للكثيرين لينتقدوه، فهو عمل أكثر رقيّاً في الشكل والمضمون من أي عمل آخر عرض هنا، إلا أن الفيلم الثاني هو أيضاً عمل ممتاز وخاص.

لكن “الصد” وجد “صدّاً” من النقاد الغربيين وإذا ما بحثت وجدت أن معظمهم من الذين لا يستطيعون التمييز بين الفن وكيس البلاستيك حتى ولو جهدوا في المحاولة. هذه الأغلبية صفّقت لفيلم “لا بلد للمسنين” مثلاً الذي هو “بلاستيك” بلا ريب. صحيح إنه متفنن ولكنه ليس فيلماً فنيّاً. مثير ولافت وغريب في منحاه، لكن أحداً لا يبدو اكترث لسيناريو من درجة ثانية جرى مطّه وإخراج يمر على ما لا تستطيع معالجته جيّداً في محاولة لإخفاء الغبار تحت السجّادة حتى لا يراه أحد عوض تنظيفه فعلاً.

هذا ما يخلق في النهاية بقية عنصر الأزمة: النقاد الذين يجارون الجو السائد ولا يثيرون الانتباه الى حقيقة الأمر على نحو يجعل المهرجان يدرك أنه أنزلق الى تحت وهو يعتقد نفسه يصعد إلى فوق. 

####

أفلام القمة...

الحمار يتقدم على العنكبوت

إيدي مورفي يعود في دور حمار ناطق في الجزء الثالث من سلسلة “شْرْك” الكرتونية لكنه ليس الحيوان الوحيد في الفيلم بل تمت إضافة عدة شخصيات أخرى وراء الشخصية الرئيسية المتمثّلة بالمخلوق الأخضر “شْرْك”. بذلك يتراجع العنكبوت، المجسّد بفيلم “سبايدر مان 3” إلى المركز الثاني بعد أن سجّل خلال أسبوعيه السابقين 282 مليون دولار. والملاحظ ثالثاً هو عدم وجود أفلام جديدة أخرى (أي باستثناء “شْرْك”) في المراتب العشرة الأولى على الأقل.   

####

سجل الأفلام ...

*: رديء، **: وسط، ***: جيد، ****: ممتاز، *****: تحفة، ---: لم يُشاهد بعد. 

"جرأة حقيقية" ليس خالياً من الشوائب

إخراج: هنري هاثاواي

تمثيل: جون واين، كيم ديربي، غلن كامبل، روبرت دوفول، دنيس هوبر.

بطاقة:  وسترن أمريكي -  [1969]

تقييم: *** (من خمسة)

الفترة التي تبلور فيها “جرأة حقيقية” (عن رواية تشارلز بورتيس) كانت فترة حاسمة في سينما الوسترن. فيلم هاثاواي التقليدي النابع من عمق النوع  المقابل لما كانت هوليوود أخذت تنتجه من أفلام وسترن غير تقليدية. كان سام بكنباه أطلق “مسدسات بعد الظهر” Guns in the Afternoon (او Ride the High Country) و”ماجور داندي” Magor Dundee (1964) و،في العام ذاته لخروج “جرأة حقيقية”، “الزمرة المتوحشة” The Wild Bunch وكلها، لجانب مجموعة أخرى كبيرة من أفلام الوسترن غير التقليدية، صوّرت الغرب على عكس المألوف وعلى عكس ما قدّمه جون واين نفسه مئات المرّات من العشرينات وما بعدها. في أفلام بكنباه (كما يمر مع التعرّض إلى هذه الأفلام في هذا الكتاب) الغرب ليس أرض بطولات ولا أحلام وردية لمستقبل أفضل، بل أرض يتنازعها عنف الجميع وفساد الإنسان المتصاعد من تربته. لكن “جرأة حقيقية” في حين إنه كان ردّاً على محاولة إساءة السمعة إلى الغرب الأمريكي وتغيير النمط، كان مختلفاً بدوره عن أعمال واين السابقة من حيث أنه -بدوره- لم يعد البطل الشهم والمنفرد. الآن هو رجل هرم مستعد لتجنب مهامه النبيلة ويميل للشرب وعلى عينه رقعة سوداء دلالة أنه أمضى حياته في معارك شرسة. وهذه الصورة عادت فتكررت في فيلمه ما قبل الأخير “روستر كوغبيرن” (1975) فيلمه ما قبل الأخير.

قصة رحلة تبدأ بإصرار فتاة (ديربي) على استئجار خدمة روستر (واين) للنيل من قتلة أبيها وهي عصابة يقودها الشرير ند (دوفال). بعد تمنّعه يوافق لكنه يحاول وشريكه في الرحلة لا بوف (كامبل) التخلص منها بلا نجاح. الفيلم يتوقف عند كل المحطات التقليدية متعرّضاً لحتمية تطوّر العلاقة بين الثلاثة منتقلة من رفض الرجل للمرأة إلى قبولها. الفيلم ينتقد صورة واين التقليدية (وواين يسخر منها بدوره) لكنه يقبل بها ويدافع عنها في النهاية. حقيقة قيام  واين بتأدية دور رجل كبر سناً (في أفلام لاحقة تمّت محاولة إعادته إلى سن أصغر بقليل) كانت إضافة جديدة لصورته السابقة استفاد الفيلم منها واستطاع اخراجها من العجز إلى القوّة في الفصل الأخير من المعارك الذي تقع حين يواجه واين وحده الأشرار الأربعة والجميع على صهوات جيادهم (كما المبارزات الرومانية القديمة). اللجام في فمه ومسدسه بيد وبندقيته بيد والرصاص يلعلع ويسقط الجميع في سلسلة من اللقطات الماهرة ويُصاب واين لكن ليس قبل أن يقضي على الجميع. ليس بالفيلم الخالص فنياً من الشوائب ولا هو بالفيلم الممتع طوال عرضه، لكنه إضافة لكلاسيكيات كل من المخرج وممثله الأول. كذلك هو واقعي في عنفه على غير عادة أعمال الغرب الأولى وتمثّلاً ببعض ما ورد في أفلام روبرت ألدريتش، سام بكنباه، توم غرايز ومايكل وينر في أفلامهم الوسترن. يدين الفيلم بالكثير لتصوير لوسيان بالارد (نصف أبيض نصف هندي من قبيلة شيروكي) البديع. ولد سنة 1908 وترعرع مصوّرا ماهراً عدة أفلام لسام بكنباه بين آخرين.

####

أوراق ناقد...

رسائل آل باتشينو

لم أكن أعلم أن المقابلة مع آل باتشينو ستثير حب الكتابة عنها إلى حد أن أربع رسائل (واحدة لم ترغب صاحبتها بنشرها) وصلت بأقل من 24 ساعة بعد نشر المقابلة في صفحة الأحد الماضي.

* الصديق ناصر حكيم (الشارقة) بعث رسالته بعنوان “يا سلااااااام” ويقول:

“كنت في عملي حين قرأت مقابلة آل باتشينو لم أستطع الانتظار حتى أعود إلى البيت وأبعث إليك برسالتي هذه من بريدي الخاص، لذلك أقوم بإرسالها من المكتب مباشرة. كانت مقابلتك مع آل باتشينو تحفة. تجاوزت نفسك هذه المرّة. كانت المقابلة مكتوبة جيّداً وجعلتني أشعر كما لو كنت معكما في ذات الغرفة”.

* القارئ جمال مكّاوي (لم يكتب من أين) كتب: “هذه المقابلة واحدة من أجمل المقابلات الفنية التي قرأتها في حياتي والسبب هو البساطة المتناهية من السائل ومن المجيب. مبروك”.

البساطة التي تتحدّث عنها يا أخ جمال ليست اختياراً. حين تكون اختياراً تصبح مزيّفة وتؤدي إلى غير المرجو منها لأن المشاهد ليس غبياً وهو يعرف أن مهنة الممثل هو أن يمثّل. وذات مرّة سمعت مخرجاً يقول لجمهوره إن على هذا الجمهور أن يصعد إلى “معاني فيلمي”. لا عجب أن هذا الفيلم لا يزال وحيدا بعد عشر سنوات من تحقيقه.

* الصديق الكويتي عبدالله سعد يلقي عدّة أسئلة في خطابه الأخير سأجيب عنها في الأسبوع المقبل. لكنه يُضيف تعليقاً حول سلسلة المقالات والمقابلات الأخيرة قائلاً:

“أستمتع حقاً بتلك المقابلات حول جاك نيكولسون وآل باتشينو ومارلون براندو. أطبعها وآخذها معي”.

هذا ما يسرّني شخصياً أيها الأصدقاء وأتمنّى أن أبقى دائما عند حسن ظنّكم.

مجلة سينمائية

بعد إنتشار أخبار مفادها قرب استعدادي لإطلاق مجلة سينمائية أخذت أواجه ببعض الاسئلة  عنها. ما هي؟ لأي جمهور؟ ومتى ستصدر فعلاً؟

والسؤال الأخير هو الأصعب، لأنه كلما اقتربت من حتمية إصدارها، كلما ابتعدت عني من جديد. السبب أن مجلة مثل هذه المجلة المتخصّصة لا تعرف سوقاً إعلانية جاهزة. لا يقف المعلنون الكبار بالصف يتبارون لملء صفحاتها بما يكفي لنشرها ويزيد. هؤلاء، ومن يمثّلهم من أصحاب وكالات الإعلان ليسوا جمعيات خيرية. والثقافة -أي ثقافة- ليست واردة في حساباتهم. أحدهم قال لي مقترحاً: “عوض إصدار مجلة سينمائية تبيع منها ألفي نسخة، لم لا تصدر مجلة للمرأة. أنا مستعد لتمويلك لعام كامل. إذا أخفقت توقّفنا وإذا نجحت حققنا فوزاً أكيداً”.

آخر ربطها بإيجاد موقع على الإنترنت ثم تخلّى عن فكرة المجلة المطبوعة وانحاز إلى فكرة الإنترنت ثم تخلّى عن فكرة الإنترنت وانحاز إلى لا شيء.

المعلنون الذين في البال هم من رجال الإنتاج والتوزيع السينمائي وربّما من أصحاب القرار في عدوّي الكبير التلفزيون. لا مانع إذا ما جاء الإعلان التلفزيوني غير مشروط. لكن المشكلة هي فيمن يعد ويخلف. ومؤخراً جلست أنا وصاحب شركة إنتاج سينمائية لديها محطة تلفزيونية أيضاً. رجل يؤكد كلما شاهدني أنه يحب السينما ويحب النقد والثقافة التي تبثها الكتابة السينمائية الجادة.

جلسنا وأمضينا ساعة نتباحث في الموضوع ووصلنا إلى خيارين: مشاركة أو مجرد إعلانات مقطوعة تدعم المجلة. واتفقنا على السعر إذا ما قرر لاحقاً أنه يريد الإكتفاء بالإعلان.

لكن قبل انقضاء شهر كان كلامه ذاب كالملح في الماء. لا أقدم على المشاركة ولا أقدم على الإعلان. وطريقته في الذوبان كانت الاستغناء عن الفكرة الأولى ثم إنزال سعر الصفحة إلى أقل من نصف المتّفق عليه.

لقطات ... "أوشن 13" ترفيه وسط زحام الفن

هل يستحق “أوشن 13” أن يكون موجوداً في مهرجان “كان” حتى ولو كان جيّداً كصنعة؟ حتى ولو كان خارج المسابقة التي تضم أفلاماً توازيه نفاقاً؟ لو أن المسابقة كانت فنية كاملة لكان وجوده مقبولاً أكثر على أساس أنه ترفيه وسط زحام الفن.

لا ردّاً مفعماً بالإجابة الشافية قدر الرد التالي: لأنه من إخراج اسم (كونتين تارانتينو) ما يجعلني ألتفت الى نقطة مكملة: لو كان الفيلم نفسه من إخراج واحد آخر بلا اسم معروف إعلامياً لم يكن الفيلم ليجد طريقه الى المهرجان، او الى المسابقة في أضعف الاحتمالات. هذا ليس استنتاجاً غيبياً بل حقيقة. أخلع اسم كونتين تارانتينو، وهو من زبائن “كان” الدائمين تجد أن الفيلم سيؤول الى تظاهرة جانبية، هذا إذا قدّر له الاشتراك فعلاً ما يدل في النهاية على أن البحث عن العمل الفني الخالص، ليس الدافع الحقيقي الذي يسكن صدور القائمين عليه. 

####

من سيفوز هذا المساء؟

التالي هو الموقف في الساعات الأخيرة قبل إعلان النتائج:

الأفلام الأكثر احتمالاً:

“ألكسندرا” للأكسندر سوخوروف يأتي في المقدّمة هنا. لا يمكن غض النظر عنه الا إذا ما كان هناك موقف غير فني يتحكم في لجنة التحكيم.

بعده يبدو أن “لا بلد للمسنين” مطروح لسعفة ذهبية كاملة او مناصفة مع الفيلم المذكور أعلاه.

لكن لا تنس الفيلم الروماني “أربعة أشهر، ثلاثة أسابيع ويومان”. إنه الفيلم الصغير الذي يترك الأثر الأكبر. لكن ذهاب السعفة إليه احتمال ضئيل. الغالب هو أنه سيخرج بواحد من الجوائز الأقل شأناً الى حد (مثل جائزة أفضل مخرج او جائزة لجنة التحكيم).

أفلام لامعة:

“الصد” لأندريه زفغييتيف فيلم تذكره في البال طويلاً بعد مشاهدته. مشاهده من العمق والجمالية الخاصّة بحيث لا تضمحل سريعاً. الأمر نفسه صحيح بالنسبة للمخرج المجري بيلا تار صاحب “اللندني” على الرغم من أن الفيلم، على المستوى القصصي، ليس أفضل أعماله.

لكن لجان التحكيم لا تبحث عن الاستثناءات عادة لذلك وبينما هذان الفيلمان لامعان فإنها قد تذهب الى ماهو لامع ويشكّل حلاً مرضياً لأزمة اختلاف: الفيلم الياباني “غابة الآهات” للمخرجة ناوومي كواسي. هذا الفيلم الذي شاهدناه قبل ساعات من كتابة هذا التقرير مُصاب بداء البداية الرديئة، لكن بعد نصف ساعة من بدايته ينطلق صوب أفق مختلف جدير بالتقدير دافعاً لجنة التحكيم بقيادة ستيفن فريرز الى تقديره كحل لأي خلاف بين فيلم وآخر.

تستحق، لا تستحق:

أما الأفلام الفرنسية (تحديداً “الحبيبة السابقة” و”أغاني الحب”) فإن لا شيء في أي منهما يستحق التقدير. حتى التمثيل (وكلاهما مثرثران) لا يبرز كعنصر بالغ الضرورة او مثير لدرجة استحقاقه جوائز في هذا المجال.

فيلم فاتح أكين “حافة الجنّة” جيد في نواح وعادي فيما تبقّى. الفيلم الأوروبي الغربي الآخر هو أيضاً من ألمانيا “استيراد وتصدير” بدا كما لو كان عذراً لمشاهد فاضحة.

الأفلام الأمريكية تراوحت بين أفلام تستحق جائزة ما “زودياك” لكن إذا لم تحصل عليها فإن ذلك ليس مأزقاً، الى أفلام تتساءل هل من المعقول إضاعة الوقت عليها في “كان” (كما الحال مع فيلم كونتين تارانتينو “مضاد للموت”) ومن فيلم متفنن فقط “لا بلد للمسنين” الى فيلم يخفق حتى في هذا الحد الأدنى (“الليل ملكنا” لجيمس غراي). هذا ما يعزّز فيلم غس فان سانت “بارانويد بارك” رغم أنه لا يأتي بجديد على صعيد سينماه الخاصة.

للحدوث كثيراً: بين العروض التي شاهدناها هنا الفيلم الفرنسي - الإيراني “برسيبوليس”. إنه فيلم كرتوني بالأبيض والأسود يحكي قصّة حقيقية (بيوغرافي) للمخرجة مرجان ساترابي. إذا ما أحبّت لجنة التحكيم الحديث في السياسة فإن هذا الفيلم هو مفتاحها الأول.

 ####

سجل المهرجان

1970

كان هناك أكثر من فيلم يستحق السعفة من بينها “الأرض” ليوسف شاهين و”أشياء الحياة” لكلود سوتيه، و”تحقيق حول مواطن فوق الشبهات” لإليو بتري.

فيلم عربي آخر في المسابقة: “حكاية بسيطة” للتونسي عبد اللطيف بن عمّار، ما جعلها الدورة الوحيدة في التاريخ التي شهدت فيلمين عربيين في المسابقة.

فيلم السعفة: ماش  M.A.S.H    ***

“ماش” (روبرت ألتمَن - الولايات المتحدة)

فيلم السعفة الرابعة لفيلم أمريكي ذهبت الى فيلم روبرت ألتمَن الخاص “ماش”: مجموعة حكايات وشخصيات من أطبّاء وممرضين يعيشون في المخيّمات العسكرية خلال الحرب الأمريكية - كورية. إنه موقع مثالي للمخرج الذي كان يوظف المكان للسخرية من الحرب الأكبر ويكشف، في الوقت ذاته، عن أسلوبه الخاص في العمل مع ممثليه وفي الموقع الواحد.

كان من الطبيعي أن يعود ألتمَن بعد هذا الفوز أكثر من مرّة مستفيداً من الهالة النقدية والإعلامية التي أحاطت به بين المثقفين منذ ذلك الحين. رغم استحقاقه.

1971

أفلام كثيرة جيّدة اختفت منذ عرضها في ذلك العام في مقدّمتها فيلم جوليانو مونتالدو الرائع (والمؤلم) “ساكو وفنزنتي” الذي نال أحد ممثليه الرئيسيين، ريكاردو كوشيوللا، جائزة أفضل ممثل رجالي في هذه الدورة. اختفت كذلك أفلام لفلاديمير نوموف، بو وايدربيرغ، كارولي ماك، ومن منا لا يزال يذكر جيري تشاتزبيرغ؟

فيلم السعفة: Morte A Venzia/ Death in Venice  ****

“موت في فينيسا” (لوكينو فِسكونتي- إيطاليا)

عن رواية توماس مان تناول المخرج الإيطالي قصّة غوستان فون أوشنباك (ديرك بوغارد) الذي يصل فانيسيا بحثاً عن الإلهام ليجده في شخص صبي شاب (مارك بيرنز) الذي يقضي عطلة مع أمّه (نورا ريكي).

1972

هذه هي السنة الأولى التي يشترك فيها المخرج الذي يرفض أن يغيب عن بال هذا الناقد أندريه تاركوفسكي وذلك بفيلمه “سولاريس” الذي نال جائزة لجنة التحكيم الخاصة. وهي المرّة الأخيرة التي اشترك فيها الأمريكي إيليا كازان.

لكن الاشتراك الإيطالي كان الأكثر تميّزاً خصوصاً إذا ما أضفنا الى الفيلمين الفائزين بالسعفة فيلم فديريكو فيلليني “روما فيلليني”.

فيلم السعفة:

La  Classe Operaia Va in Paradiso  **** -1

“الطبقة العاملة تدخل الجنّة” (إليو بتري- إيطاليا)

Il Caso Mattei  **** -2

“قضية ماتاي” (فرنشسكو روزي- إيطاليا)

فيلمان إيطاليان رائعان منحتهما لجنة التحكيم، برئاسة المخرج جوزف لوزي هذه المرة، فيلم السعفة مناصفة.

كلاهما نموذج لسينما اجتماعية واعية ذات قضايا. وكلاهما من بطولة جيان ماريا فولونتي.

رغم ذلك، لم ينل فولونتي، لا هذه السنة ولا في السنة السابقة حين ناصف بطولة “ساكو وفنزنتي”.

####

أوراق ناقد...

يستحق ولا يستحق

هل كان “كان” يستحق؟

الجواب المختصر على ذلك، وبعد فرز كل الشوائب، نعم.

هو دائماً يستحق.

لكن المشكلة هي من الذي يدفع ثمن هذا الاستحقاق.

ها هو الوضع الذي يعيشه الآتي الى “كان”:

في الثمانينات وما قبل كانت المدينة كلّها أرخص بحيث لم يكن مطلوباً من أي ناقد سوى العمل لجهة واحدة كافية لتمويل تبعات وجوده في المهرجان. كانت المدينة أرخص ولم تكن رخيصة، لكن كلفتها كانت مقبولة. كل ما على الناقد القيام به هو مشاهدة الأفلام ليل نهار إذا أراد والكتابة الى صحيفته ثم العودة من حيث أتى.

حين أخذ الجشع بالانتشار كالوباء بين أصحابها أصبح قيام الناقد بواجباته الصحافية لجهة واحدة أمراً غير كاف. أصبح عليه أن يكتب لأكثر من جهة لكي تعيله مجموع مدفوعاتها على التعويض عما يصرفه هنا. بالمقابل، ولهذا السبب فإن عدد الأفلام التي أصبح قادراً على مشاهدتها تقلّص كثيراً عما كان عليه سابقاً.

الناقد الذي لا تدعمه صحيفته كاملاً يجد نفسه بحاجة لأن يكتب لأكثر من جهة، او للمبيت في مكان مزدحم مع رفاق له آخرين، او لاقتصار زيارته على خمسة أيام عوض المدّة كاملة. والحل الأخير لا يسعفه على الإطلاق.

لقد شاهدت الحضور العربي يتقلّص من 50-60 فرداً في الدورة الواحدة الى نحو عشرة او خمسة عشر حالياً. في مطلع الثمانينات كان هناك ما لا يقل عن 35 صحافياً وناقداً من مصر. هذه الأيام لا أعتقد أنه يوجد أكثر من سبعة او ثمانية.

إذا ما حسبت الكلفة الإجمالية التي تتراوح ما بين 4000 دولار و6000 دولار وقسمتها على عدد الأفلام التي قدّر لك أن تشاهدها وجدت أن الفيلم الواحد كلّفك نحو 300 دولار (هذا إذا شاهدت نحو عشرين فيلماً).

هذا كثير على شخص كل ذنبه أنه يحاول أن ينتمي الى ذات النادي الدولي الذي تُتاح له مشاهدة الأفلام في أكبر أعيادها.

لكن هذا جانب واحد من جوانب القضية.

هناك بالطبع مستوى الأفلام.

الأمر في هذه الناحية يتفاقم عندما تكون أفلام المهرجان عديمة الجدوى في معظمها. معنى ذلك أن المهرجان فشل في إطلاق دورة زاخرة على الرغم من كل استعداداته (اقرأ التحقيق) ومعناه من الناحية الأخرى أن الناقد تكلّف ما كان يمكن له أن يُوفّره على أفلام لم تكن تستحق هذا البذل. لكنه بالطبع لم يكن يعلم. كان عليه أن يجرّب.

الخليج الإماراتية في

27.05.2007

 
 

مرشح بقوة لنيل السعفة الذهبية الليلة

سوخوروف شاعر سينمائي قدير

محمد رضا

ولد هذا المخرج الروسي المُميّز،  ألكسندر سوخوروف في الرابع عشر من يونيو/ حزيران عام 1951 في قرية بودورفيخا في مقاطعة أركوتسك من منطقة سيبيريا. والده كان جنديا اشترك في الحرب العالمية الثانية. والأب انتقل وعائلته فترات طويلة، فعاش ألكسندر صباه في بولندا كما في تركستان وترعرع في غوركي، ثالث أكبر المدن الروسية حيث أم جامعة غوركي وفي سن التاسعة عشر بدأ يعمل مساعد مخرج تلفزيوني، ثم أصبح مخرجا لكنه ترك التلفزيون سنة 1975 وانتقل إلى موسكو، ودخل معهدVGIk  (معهد الدولة للسينما)، واستحوذ على اهتمام المدرسين أمثال ألكسندر زغوريدي (سيناريست ومخرج من 1946 إلى 1995 علم السينما في ذلك المعهد فترة طويلة).

نال سوخوروف الدبلوما سنة 1979 وساعده اندريه تاركوفسكي على العمل في استوديو لينفيلم (في مدينة ليننغراد وهو ثاني أكبر ستديوهات الاتحاد السوفييتي السابق). هناك بدأ تحقيق الأفلام التسجيلية، ولو أن فيلم التخرج كان روائيا بعنوان “الصوت المنفرد للإنسان” الذي لم يسعفه العرض الا بعد تسع سنوات كذلك حال فيلميه اللاحقين “عدم تميّز مؤلم” (1983) و”أيام الخسوف” (1988) بسبب تعرّضها جميعا للمنع أو -على الأقل- لعدم الرغبة في عرضها. حينما أتيح لتلك الأفلام الخروج من الحجر المفروض عليها استرعت في الحال انتباه النقاد العالميين فخرج فيلمه الأول “الصوت المنفرد للإنسان” بالجائزة الثانية  من مهرجان لوكارنو سنة 1987. في ذلك العام أخرج فيلم “حزن بلا قلب” فيلم تجريبي مستوحى من مسرحية جورج برنارد شو “بيت الحسرة” (1917). مثل أعماله اللاحقة  المأخوذة عن مصادر أدبية، يكاد المرء لا يتبين خطوط الأصل الروائي بسبب طغيان المادة المنتمية إلى المخرج على تلك المقتبسة من العمل الأدبي.

شهرة سوخوروف عالميا بدأت فعليا سنة 1996 عندما حقق فيلمه “أم وابن”، مناجاة شبه صامتة للأمومة. وبعد غياب بضع سنوات عاد سوخوروف إلى الظهور على الساحة العالمية متوجها بفيلمه “مولوش” إلى مهرجان كان سنة 2000. من ذلك الحين توجه بكل فيلم حققه بعد ذلك إلى ذات المهرجان الذي لم يكافئه بعد بجائزة توازي قيمة المخرج الفنية.

اعتبر سوخوروف أندريه تاركوفسكي أستاذه ومرشده وتأثر به. وحينما سمحت الحكومة السوفييتية له بعرض فيلمه الروائي الأول “الصوت الوحيد للإنسان”، طبع في مقدمته اهداء إلى تاركوفسكي الذي كان رحل سنة 1986 قبل سنة واحدة قبل عرض فيلم سوخوروف. كذلك حقق سوخوروف فيلما عن تاركوفسكي سنة 1988 سماه “مرثاة موسكو” (898_). لكن علاقة المخرجين هي أوثق عندما نلحظ مدى تأثير تاركوفسكي في سوخوروف البادي في أفلامه كلها من حيث طريقة تشكيل المشهد ومن حيث اهتمامات سوخوروف الإنسانية ولون الأداء الذي يطلبه من ممثليه. الفارق الرئيسي هو ذلك الذي يتبدى في كيفية طرح الموضوع الإنساني الذي يحمل لدى تاركوفسكي بعدا إضافيا. في حين الصورة عند سوخوروف كئيبة لتناسب إحساسه بالموت والمأساة، وهما صفتان غالبتان في أفلامه، نجدها عند تاركوفسكي جمالية من دون خوف وعبر جماليتها يجسد اي بعد يريده من دون تذويب عناصره. تاركوفسكي يتحدث عن تنامى روح الإنسان تحت مسببات اليأس وشموخها على الرغم من ظروفها. سوخوروف يتحدث عن إنسان في منفى حياته الداكنة. احتمال أن يتقدم أو ينطلق محدود. احتمال أن يخرج من واقعه لحياة أفضل معدوم.

على ذلك، لا يمكن إغفال المصدر العاطفي والإنساني الكبير في أفلام سوخوروف الذي  دائما ما يمعن  في العلاقة بين شخوصه من دون الاستعانة بحوار منتم إلى ذلك البحث، كما عادة الروائيين غالبا. ميله إلى الصمت، كذلك معالجته للمادة التي بين يديه محمّلا نفسه عناء الخروج بها من إطار السرد السهل إلى حيث يجردها من كل زينة ممكنة  في محاكاة تامّة مع اختياره للمادة.

سوخوروف يستخدم في كثير من الأحيان ذات العناصر الجمالية التي تؤدي مفعولا دراميا أو تضفي معالم البعد المنشود على المادة المصوّرة مثل مشاهد للنباتات وهي تميل تحت وطأة الريح، مثل دقة الساعة أو الجرس أو مثل خرير الماء أو صورة الماء راكدا أو هادرا. لكن ذلك عند تاركوفسكي جزء من الجماليات، بينما عند سوخوروف جزء من ركود الحياة. بذلك يؤكد سوخوروف أنه مخرج ملم بأسلوب الشاعر السينمائي الكبير، لكن نظرته إلى الحياة تختلف- ربما جذريا- عن تلك التي عند تاركوفسكي.

“الصوت الوحيد للإنسان”

تستطيع أن تجد معالم سينما سوخوروف اللاحقة كلها في فيلم المخرج الروائي الأول “الصوت الوحيد للإنسان”. حكاية شاب يعيش في غابة قريبة من المدينة يقضي الوقت بين المبيت مع والده في البيت الصغير ولقاء حبيبته في كوخ يقع في الغابة. لكنه ليس لقاء عاطفيا. في أفلام سوخوروف جميعها لا تجد لقاءات عاطفية بين الرجل والمرأة. الوقت يمر في مناجاة وهي عادة تتحدث أكثر مما يتحدث هو (وبالتأكيد تفعل ذلك في هذا الفيلم) اما بطله فيرمي نظرات تتأمل ما حوله. وفي هذا الفيلم يمزج المخرج الأزمنة بتفاعل مثير للاهتمام. في أحد المشاهد يفتح بطل الفيلم نافذة يطل منها على مبنى مهجور. حين تنتقل اللقطة إلى وجهة نظره ينتقل الفيلم إلى مشهد بالأبيض والأسود (وليس بالألوان كما وضع الفيلم عموما) للعمال وهم يعملون في المكان.

ما يفعله سوخوروف هنا ليس مجرد تضمين فيلمه حرية اختراق الزمان والعودة إلى حيث كان المبنى حيّاً بمن فيه، بل ايضا اختراق نوعية العمل فالمشهد الذي يرتسم على الشاشة من وجهة نظر البطل مأخوذ من الأرشيف. لقطة وثائقية قديمة تحل محل الروائي، وتفعل ذلك في أكثر من مكان (بداية الفيلم لقطات وثائقية ايضا). بذلك يجمع سوخوروف بين النوعين في تجانس مقبول.

أكثر من صورة

ذلك الفيلم الأول هو مرثاة بقدر ما كان “أم وابن” مرثاة، وبقدر ما كان “الصفحات الهامسة” و”مولوك” و”توروس” و”فلك روسي” مرثاة. كل منها مرثاة متشابهة في الدوافع والمبررات الذاتية، ولو بصور مختلفة حين يأتي الأمر لعلاقة الصورة المعروضة بالمادة الروائية للفيلم.

والمرثاة تتنوع أكثر بإضافة الأفلام التسجيلية التي تعاطت هذا اللون الداكن من المشاعر. من بين 28 فيلما تسجيليا أخرجها ما بين 1978 و2001 هناك ثمانية تحمل كلمة “مرثاة” في عناوينها بدءا بفيلم “مرثاة” سنة 1985 ومن بعد “مرثاة موسكو” (1986)، “مرثاة بيترسبورغ” (1989)، “مرثاة سوفييتية” (1989)، “مرثاة بسيطة” (1990)، “مرثاة من روسيا” (1993)،  “مرثاة شرقية” (1996) و”مرثاة رحلة” (2001). أكثر دلالة من تضمين المخرج للكلمة (ومشتقاتها أو ايحاءاتها في أفلام أخرى) في عناوين أفلامه الوثائقية هو ما تتحدث عنه تلك الأفلام عموما.

المرثاة كونها كلمة تعكس وصف الشعور حيال الخسارة، خسارة الشخص أو المكان أو الفترة الزمنية الأقرب إلى الذات، بسبب الموت أساسا، تُشاد عند سوخوروف على أساس نظرته الآسفة إلى التاريخ. هناك موت لكل ما يحيط بفيلم المخرج - اي فيلم- من زمن ومكان وشخصيات. حتى في “مولوك” (1999)  الذي قدّم هتلر إنسانا طبيعيا، وهو أمر قلما شاهدناه في أفلام أخرى، هناك تلك النظرة الآسفة لعالم انقضى. ليس قصد سوخوروف أن يكون متعاطفا مع النازية، لكنه كان يقرأ في صفحات الفترة التاريخية العصيبة وشخصياتها أدبيا وحياتيا ولا يستطيع أن يخون تلك القراءة بإيماءات كاريكاتيرية في اي اتجاه.

في ذلك الفيلم  هناك المشهد الذي يذهب فيه هتلر وصحبه إلى خارج القصر الجبلي العالي الذي ركن اليه خلال بعض فترات الحرب. المكان بديع. الشعور الذي لابد أن تملك الشخصيات في حضن الطبيعة ممتع، انما الصورة التي يسمح فيها المخرج للشمس بالسطوع وسط السحب تبقى كئيبة. علامة المخرج للتأكيد على لحظات تذبل حتى في أوج وقوعها. ربما حقيقة أن المخرج ولد وترعرع في نواح من روسيا لا تعرف تنويعا جماليا مسؤول عن ذلك، لكن الأخذ بهذا السبب، اذا كان سببا، هو معالجة بسيطة لفحوى أكثر عمقا.

الخليج الإماراتية في

27.05.2007

 
 

القبس في مهرجان كان ال 60

قبل ساعات من إعلان النتائج

احتفالية للكبار وبصمات للرواد وحصاد وفير

كان ـ صلاح هاشم

جيل جاكوب رئيس مهرجان 'كان' السينمائي الدولي، كان قد اعلن في مؤتمر صحفي بسيط، عقد بفندق كريون الشهير بالقرب من ساحة الكونكورد في باريس. عن فعاليات ومحاور الدورة الستين، التي بدأت يوم 16 مايو الحالي وتنتهى اليوم،. وقد كشف من خلال أفلام قائمة 'الاختيار الرسمي'، التي شملت 47 فيلما، عن إرادة إدارة مهرجان 'كان' في 'تجديد' شبابه، بدم سينمائي جديد، من خلال اختيار مجموعة من الأعمال الأولى لمخرجيها، تصل إلى 13 فيلما تضمنتها قائمة الاختيار الرسمي، وشاركت إما في المسابقة الرسمية للمهرجان، وإما في تظاهرة 'نظرة ما' على هامشها، لكي يصبح 'كان' في عيده الستيني، وبحضور أكبر حشد لنجوم السينما العالمية من ممثلين ومخرجين، بمنزلة احتفاء وتكريم ل 'التراث' السينمائي العالمي، والتقاليد التي أرساها كبار المخرجين المبدعين، وإطلالة من خلال أعمال السينما الشابة الجديدة على 'حداثة' القرن السينمائية.. والى حد كبير لقد تحققت نبوءة جاكوب: هذا العام كان حافلا بالافلام والنجوم وقد توافد على المهرجان سلمى حايك وانجلينا جولي وبراد بيت وجورج كلوني وشارون ستون وغيرهم من عشرات نجوم ونجمات السينما العالمية.

شارك في مسابقة المهرجان الرسمية 21 فيلما، انتمى بعضها لسينما المؤلف، أي لبعض المخرجين المخضرمين الكبار ـ العتاولة ـ الذين سبق لهم الفوز بجائزة 'السعفة الذهبية' من قبل، مثل المخرج الصربي أمير كوستاريكا، والمخرجين كوينتين ترانتينو، وجوس فان سانت، والأخوين جويل واثان كوين، من أميركا، بالإضافة الى المخرج الكسندر سوخوروف من روسيا، والمخرج بيلا طار من المجر، وغيرهم، ولذلك ترتفع حمى المنافسة بين تلك الأفلام الفنية الواعدة، عكس تيار الفيلم التجاري الاستهلاكي الهوليوودي المهيمن، واشتد الصراع هذه المرة لمتعتنا ولمصلحتنا ـ بين هؤلاء المخرجين الكبار، للفوز بسعفة 'كان' الذهبية.

وقد عرض المهرجان ضمن قائمة الاختيار الرسمي 17 فيلما جديدا في تظاهرة 'نظرة ما' UN CERTAIN REGARD على هامش المسابقة الرسمية، وقد اشتملت تلك التظاهرة على أكبر عدد من الأفلام الاولى لمخرجيها الذين يلجون باب السينما الروائية الطويلة لأول مرة، ويمثلون 'حداثة' السينما في القرن الواحد والعشرين، ويمنحون بأفلامهم دفقة حياة جديدة لذلك المهرجان الذي لن يهرم ابدا ولن يشيخ مادام بقي منفتحا على تجارب السينما الفن، التي تتواصل بإبداعاتها وابتكاراتها مع عصرنا، وتعمل على تطوير فن السينما من داخله، ليكون مرآة لواقعنا، وأداة تفكير في تناقضات مجتمعاتنا الإنسانية.

احتفالية خاصة

في اطار التظاهرة او الاحتفالية الخاصة بمرور ستين عاما على تأسيس المهرجان، عرض 'كان' فيلما طويلا TO EACH HIS OWN CINEMA أو 'لكل سينماه' اشرف على انتاجه الرئيس جيل جاكوب بنفسه، ليحكي فيه 35 مخرجا من 25 دولة عن علاقتهم بصالة العرض او قاعة السينما، كل بالطريقة التي تعجبه، فى ثلاث دقائق وشارك في فيلم عيد ميلاد 'كان' الستيني مجموعة كبيرة من أعظم وأشهر المخرجين في العالم، من ضمنهم مخرجنا العربي يوسف شاهين، والبريطاني كين لوش واليوناني ثيو انجلوبولس والفرنسي كلود ليلوش والايطالي ناني موريتي والدانمركي لارس فون تراير والتيواني هو سياو سين والروسي اندريه كونشالوفسكي والالماني فيم فندرز والبرازيلي والتر ساليس والصيني زانج ييمو والفرنسي رومان بولانسكي والبرتغالي مانويل دو اوليفييرا والسويدي بيل اوجست والنيوزيلندية جين كامبيون والياباني تاكيشي كيتانو والكندي آتوم اجويان والاخوين البلجيكيين جان بيير ولوك داردن، والفرنسي ريمون دو باردون والفلسطيني ايليا سليمان والاسرائيلي آموس جيتاي والايراني عباس كيارستمي وغيرهم. ونظم المهرجان بمناسبة ذلك الاحتفال تظاهرة خاصة لتكريم نجم السينما الاميركية والعالمية الراحل الممثل الكبير هنري فوندا، وكرم المهرجان ايضا على هامش الاحتفالية الممثلة البريطانية جين بيركين وعرض لها فيلم 'صناديق'BOXES والمخرج الفرنسي كلود ليلوش وعرض له فيلم جديد من انتاجه بعنوان 'رواية المحطة' والمخرج الايطالي ايرمانو اولمي وعرض له فيلم CENTOCHIODI والمخرج الالماني فولكر شلندورف وعرض له فيلم OLZHAN اولزهان.

براندو وبصمات

وضمن تظاهرة 'كلاسيكيات كان'، عرضت اربعة افلام تسجيلية تسلط الضوء على حياة أشهر الفنانين السينمائيين من ممثلين ومخرجين وفنيين، أي هؤلاء الذين وضعوا بصمتهم على تاريخ وتطور الفن وصناعة السينما في العالم، من ضمنها فيلم بعنوان 'براندو' BRANDO ساعتان و45 دقيقة للمخرجة الاميركية ميمي فريدمان وفيلم عن المخرج الفرنسي موريس بيالا، وفيلم ثالث عن المخرج البريطاني لندساي اندرسون، وفيلم رابع عن المخرج الفرنسي بيير ريسينيه، وتنضم تلك التظاهرة الى حساب 'كان' في منحى التعريف بالتراث السينمائي العالمي، والاضافات التي تحققت على يد هؤلاء الفنانين السينمائيين الكبار وإضافاتهم الغنية الباهرة الى فن السينما. ذلك الفن الذي دخل حياتنا من أوسع باب، وشكل وجداننا وذاكرتنا، وصارت أفلامه العظيمة عربية وأجنبية يا سادة قطعة منا، قطعة نحملها معنا اينما ذهبنا في ترحالنا تحت بوابات العالم.

ترميم الكلاسيكيات

درس السينما في الدورة الستين قدمه المخرج الاميركي الكبير مارتين سكورسيزي وحكى في الدرس عن علاقته بفن السينما، ولخص كما فعل شاهين من خلال محاضرة فى دورة سابقة، عن تجارب مشواره الفني السينمائي الطويل، وكان سكورسيزي كما هو معروف حصل على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان 'كان' عام 1976 بفيلمه التحفة 'سائق التاكسي' الذي اطلق نجومية روبرت دونيرو في العالم بعبارته المشهورة وهو يتحدث الى نفسه في المرآة: 'هل تكلمني يا هذا؟ والبقية تعرفونها. وسيينتهز سكورسيزي فرصة حضوره الى المهرجان للاعلان عن تأسيس مؤسسة السينما العالمية التي ستجعل مهمتها ترميم كلاسيكيات السينما العالمية والحفاظ عليها من الاندثار والضياع، اذ ان تلك الافلام الكلاسيكية تعتبر شاهدا على تاريخنا وحياتنا، وجزءا لا يتجزأ من تراثنا الفني الانساني لنا ولاولادنا من بعدنا، ولكل العصور.كما قدم درس الممثل سيرجيو كاستليتو من ايطاليا ودرس الموسيقي هوارد شور، ونظم المهرجان احتفالا موسيقيا كبيرا في الهواء الطلق على شاطئ مدينة كان قدمت فيه مجموعة من اشهر موسيقى الافلام التي عرضت في المهرجان عبر تاريخه الطويل.

مسابقات

الى جانب مسابقة المهرجان الرسمية للافلام الروائية الطويلة كانت هناك اربع مسابقات اخرى مهمة هي مسابقة 'الكاميرا الذهبية' وتنافست فيهاالافلام الاولى لمخرجيها في جميع اقسام المهرجان بالاضافة الى الافلام الاولى في التظاهرات الموازية الاخرى في 'كان' ـ تظاهرة 'نصف شهر المخرجين' وتظاهرة 'أسبوع النقاد'، وقد ترأس لجنة تحكيم الكاميرا الذهبية المخرج الروسي بافل لونجين. ومسابقة الفيلم القصير شارك فيها 11 فيلما، ومسابقة 'سيني فونداسيون' التي عرضت افضل نماذج الفيلم القصير من انتاج طلبة المعاهد السينمائية في العالم وتجعلها تتنافس (16 فيلما) في ما بينها، وقد خصص المهرجان لهما لجنة تحكيم واحدة يترأسها المخرج الصيني جيا زانج، ومسابقة تظاهرة 'نظرة ما' 17 فيلما وتترأس لجنة تحكيمها المخرجة الفرنسية باسكال فيران.

قرية عالمية

السينما العربية في 'كان' الستين كانت حاضرة من خلال تظاهرة 'كل سينمات العالم' التي عقدت في قرية السينما داخل خيمة كبيرة على شاطئ البحر بالقرب من قصر المهرجان وخصصت يوما كاملا ـ يوم الاثنين 21 مايو ـ لعرض نماذج من أفلام السينما اللبنانية الجديدة التي تعكس 'طفرة' سينمائية بارزة على الرغم من المعاناة التي يعيشها لبنان وأهله، غير ان تلك المعاناة لم تكن أبدا معوقا، بل كانت في ظننا محفزا لخلق سينما جديدة متوهجة، وظهور مخرجين فنانين سينمائيين جدد وهم جميعهم يساهمون في تشكيل حساسية سينمائية عربية جديدة، تتواصل بحيوية فائقة مع أعمال وتجارب السينما الجديدة في العالم. وعرض 'كان' في القرية العالمية ايضا لسينمات عدة دول افريقية والهند وبولندا وكولومبيا وسلوفينيا الى جانب لبنان.

والجدير بالذكر ان المخرجين اللبنانيين خليل جورجي وجوانا حاجي شاركا في 'ورشة كان' بمشروع فيلمهما الروائي الثالث بعنوان 'لا أستطيع العودة الى الوطن' من ضمن 15 مشروعا جرى اختيارها بمعرفة ادارة المهرجان من انحاء العالم، ودعوة أصحابها لحضوره، ومساعدتهم في عرض مشروعاتهم على المنتجين الموجودين في المهرجان، للمشاركة في تمويلها.

وشارك في الورشة المذكورة مخرجان من المغرب هما هشام فلاح وشريف تريباك بمشروع لفيلمهما الروائي الطويل الاول بعنوان 'بين الاقواس' وكنا شاهدنا لهما فيلما قصيرا بديعا بعنوان 'شرفة على المحيط' كشف عن موهبة سينمائية حقيقية، تحتاج الى كل دعم وتشجيع. والجميل ان يكتشف كان (جمهورية السينما) تلك المواهب، ويلمعها، ويساعدها على انجاز وصنع افلامها. اليوم ستعلن النتائج بعد ايام حافلة وصاخبة من الافلام والاحداث ونحن فى الانتظار. وربما توقفنا عند بعض المحطات المهمة نتحدث فيها بعيدا عن الضوضاء عن افلام جذبتنا بسحرها وجعلتنا نحلم ونشعر بالدهشة. وما أجمل ان تساعدك الافلام على الحلم والدهشة. 

اخبار كان

كان (فرنسا) ـ رويترز ـ حول بطلا الجزء الثالث من فيلم 'عصابة أوشن' براد بيت وجورج كلوني وباقي طاقم الفيلم ماكينة الدعاية الخاصة بعاصمة السينما الأميركية هوليوود لحملة لجمع الأموال لمصلحة لاجئي دارفور.

وقد عرض الجزء الثالث من 'عصابة أوشن' لأول مرة في مهرجان كان الخميس الماضي والفيلم الذي يتألق فيه بيت وكلوني كلصوص لطفاء يسرقون الملاهي الليلية هو فيلم بسيط مثل الجزأين الأول والثاني اللذين حققا نجاحا ساحقا.

وقد أسعد الجزء الأول من الفيلم الجمهور وحصد 450 مليون دولار في كل أنحاء العالم، بينما أحبط الجزء الثاني بعض المعجبين والنقاد، الا انه حصد عائدا جيدا بلغ 363 مليونا.

ويلتزم الجزء الثالث من 'عصابة أوشن' بمعادلة الجزأين الأول والثاني نفسها. كثير من الضحك والحيل الساذجة وسرقة كبرى، ويدعو داني اوشن الذي يقوم بدوره كلوني شركاءه في الجريمة بمن فيهم اللص البارع راستي رايان (بيت) والعبقري غريب الأطوار ليناس كولدويل (مات ديمون) للتخطيط لسرقة ملهى جديد في لاس فيغاس يفتتحه رجل أعمال مخادع هو ويلي بانك (آل باتشينو)، لكن هذه المرة هناك اختلاف فهم لا يفعلون هذا من اجل المال.

وقال كلوني: 'لسنا سياسيين، ولا نملك القدرة على اتخاذ القرارات وليست لدينا القدرة على فعل أي شيء الا تحويل الانتباه الى شيء ما وهذا هو ما نستطيع فعله'.

واختلف كلوني مع أي شخص يشكك في دوافعه، وقال: 'هل يتصور احد ان ايا منا بحاجة الى المزيد من الشهرة، أنا لن أدافع عما أعتقد انه فعل الشيء الصواب، نحن نفعل هذا لأن كلنا نعتقد اننا سنكون مجرمين لو لم نتخذ خطوة اخرى في هذا الصدد'. 

ضمن فئة الأفلام المميزة..

عرض فيلم ' أنت في معترك الحياة'

كان (فرنسا) ـ د.ب.أ ـ عرض فيلم 'أنت في معترك الحياة' للمخرج السويدي روي اندرسون، وهو من أفلام كوميديا تجمع بين الضحك والمأساوية، في مهرجان كان للحصول على احدى الجوائز ضمن فئة الأفلام المتميزة.

وتتناول قصة الفيلم أساسا الحالة الانسانية أو السلوك الانساني، وهي تدور حول الأشخاص الذين لا هم لهم في الحياة سوى ان يحملونا على الضحك والبكاء،.

فالحياة، كما صورها فيلم اندرسن، حافلة بالشخصيات وقد تمكن المخرج في هذا الفيلم من اضفاء اجواء كئيبة عليه من خلال استخدامه للألوان.

ويعرض احد مشاهد الفيلم امرأة وهي تجلس على مقعد يسمع صريره في حديقة ذات يوم كئيب وقد بدأت تنتحب وتندب حظها لأنها لم تكن تملك دراجة. ومن ثم ترفض الفتاة العودة الى البيت مع حبيبها وسرعان ما تبدأ في نهاية الأمر في دفن أحزانها في أغنية شدت بها. ومع هذا فانها ظلت تتساءل ما اذا كانت وجبة العشاء جاهزة.

وفي مشهد آخر، يقوم رجل بسحب مفرش من المائدة التي وضع عليها طقم عشاء يرجع تاريخه الى 200 عام بينما راح حوالي 30 شخصا ينظرون اليه. بيد انه ما من أحد فكر في ان يردعه عن هذا التصرف كما لم يصرخ أحد منهم أو يغضب، ولولا صوت الآنية الفخارية لكان بوسع جمهور المشاهدين سماع صوت الابرة، وهي تسقط في تلك الغرفة المفعمة بالحياة والحركة.

وهناك ايضا المزيد من المفاجآت التي يزخر بها الفيلم من قبيل شارة الحزب النازي على المائدة الخشبية المعدة للطعام التي كانت مخبأة أسفل المفرش

اشلي جود..

العمل الخيري سرقني من السينما

كان ـ كونا ـ اعترفت النجمة الأميركية آشلي جود ان نشاطها بالعمل الخيري سرقها بعض الشيء من السينما، مشيرة الى انها باتت تقضي خلال العامين الأخيرين اكثر من ستة أشهر تتجول خلالها في عدد من دول العالم الثالث.

وأشارت في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) الى انها اكتشفت ان للحياة معنى جميلا من خلال مشاركة الآخرين همومهم وقضاياهم والاقتراب من ظروفهم الحياتية.

وكانت آشلي قد قامت بزيارة الى الهند لتقديم المساعدات للنساء المحتاجات والعمل من اجل حرية اكبر وظروف اجتماعية واقتصادية أفضل.

وتقوم آشلي جود هذه الأيام بزيارة لمهرجان كان السينمائي من أجل الترويج لعدد من مشاريعها السينمائية الجديدة ومن ابرزها فيلم 'دبل جبرتي' وفيلم 'البرغوث' وفيلم 'قبل الفتيات' الذي قدمته الى جوار الممثل الأميركي المخضرم مورغان فريمان.

القبس الكويتية في

27.05.2007

 
 

فيلم اربعة اشهر ثلاثة اسابيع ويومان ينال السعفة الذهبية  

أ. ف. ب. كان: نال فيلم "اربعة اشهر، ثلاثة اسابيع ويومان" للروماني كريستيان مونجيو السعفة الذهبية في الدورة الستين من مهرجان كان الدولي كما اعلن رئيس لجنة التحكيم المخرج البريطاني ستيفن فريرز الاحد. وقال مونجيو (39 عاما) وسط تصفيق الحضور "بالنسبة لي انه حلم يتحقق".

 واضاف "امل في ان تكون السعفة الذهبية بمثابة نبأ سار للمخرجين غير المعروفين في دول صغيرة لانه يبدو لي انه لم نعد بحاجة الى ميزانية كبيرة واسماء لامعة في عالم الفن السابع لانتاج فيلم يثير اهتمام الجميع". ويروي فيلم المخرج الروماني الذي لم تتجاوز ميزانيته 600 الف يورو قصة اجهاض محظور في ظل النظام الشيوعي اثر الى حد كبير في الحضور.

 ونال فيلم "غابة موغاري" لليابانية ناومي كواسي (38 عاما) الجائزة الكبرى لمهرجان كان التي تعتبر ابرز جائزة بعد السعفة الذهبية، حسب ما اعلن فريزر. ونال الروسي كونستانتان لافرونينكو جائزة افضل ممثل عن فيلم "الابعاد" لاندريه زفيا غينتسيف والكورية جون دو يون جائزة افضل ممثلة عن فيلم "سيكرت سانشاين" للي شانغ دونغ.

 وحاز فيلم "لو سكافاندر ايه لو بابيون" (صدرة الغواص والفراشة) لجوليان شنابيل على جائزة افضل اخراج وهو يروي قصة رجل مقعد في حين نال فيلم "بارانويد بارك" (حديقة الهذيان) لغاس فان سانت على الجائزة الخاصة لمهرجان كان. ونال فيلم "من الجانب الاخر" للمخرج الالماني التركي فاتح اكين (33 عاما) جائزة افضل سيناريو الذي حاز فيلمه "هيد اون" على جائزة الاسد الذهبي لمهرجان برلين عام 2004.

 وحاز "بيرسيبوليس" الفيلم الاول للفرنسية الايرانية مرجان ساترابي الذي تنقل فيه الى الشاشة الكبيرة سلسلة رسومها المتحركة عن الحياة في ايران بعد الثورة الاسلامية جائزة لجنة التحكيم مناصفة مع فيلم "ضؤ صامت" للمكسيكي كارلوس ريغاداس. ولمناسبة فوزه بالجائزة وجه اكين نداء الى الوحدة في تركيا قبل موعد الانتخابات التشريعية المقررة في 22 تموز/يوليو في حين اهدت مرجان ساترابي جائزتها الى الشعب الايراني. وفاز المخرج كين لوتش بالسعفة الذهبية العام الماضي عن فيلم "ذي ويند ذات شيكس ذي بارلي".

####

مهرجان كان يختار اليوم الفائز بسعفته الذهبية  

أ. ف. ب. كان: يعلن مساء اليوم الاحد الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية للدورة الستين التاريخية لمهرجان كان، اذ تتأهب لجنة التحكيم برئاسة المخرج البريطاني ستيفن فريرز للقيام بخيار صعب من بين الافلام المتميزة ال22 المشاركة في المسابقة الرسمية.

 وتعلن جوائز اكبر واعرق مهرجان سينمائي في العالم حوالي الساعة 20:30 بالتوقيت المحلي (18:30 تغ) اثر احتفال تبثه شبكة "كانال بلوس" على الهواء مباشرة اعتبارا من الساعة 19:30. وتتارجح التكهنات بين ثلاثة افلام بينها "اربعة اشهر، ثلاثة اسابيع، ويومان" الذي يتناول بقسوة وبقوة حادث اجهاض سري في رومانيا الشيوعية.

 ويعكس هذا الفيلم للمخرج كريستيان مونجيو (39 سنة) الحيوية الشديدة للسينما الرومانية الجديدة التي حصلت مساء السبت على جائزة قسم "نظرة ما" المسابقة الرسمية الموازية للمهرجان عن "كاليفورنيا دريمن" لكريستيان نيميسكو. وكان نيميسكو لقي مصرعه في اب/اغسطس الماضي عن 27 عاما في حادث سيارة.

 والافلام الاخرى الاوفر حظا هي "من الجانب الاخر" للمخرج الالماني التركي فاتح اكين الذي يرسي فيه جسرا بين ثقافتيه التركية والالمانية، والاميركي "نو كانتري فور اولد مان" (لا بلد لرجل عجوز). ويروي الفيلم الاميركي رحلة تحول مريض عقلي والذي اخرجه باقتدار الاخوان كوين. وقد حصل فيلم فاتح اكين السبت على جائزة لجنة التحكيم المسكونية فيما منحت جائزة موازية هي جائزة النقاد الدوليين الى فيلم كريستيان مونجيو.

 ومن الافلام التي اثارت اهتماما كبيرا "الكسندرا" للمخرج الروسي الكسندر سوكوروف الذي يتناول بصورة انسانية مؤثرة النزاع الشيشاني. وهناك ايضا "سيكرت صن شاين" للكوري لي شانغ دونغ و"لو سكافاندر ايه لو بابيون" (صدرة الغواص والفراشة) الفرنسي الانتاج للمخرج الاميركي جوليان شنابيل المستوحى من السيرة الذاتية لجان دومينيك بودي المصاب بالشلل. وقد اثر بعمق في رئيس لجنة التحكيم ستيفن فريرز.

 كما اثار "بيرسيبوليس" الفيلم الاول للفرنسية الايرانية مرجان ساترابي الذي تنقل فيه الى الشاشة الكبيرة سلسلة رسومها المتحركة عن الحياة في ايران بعد الثورة الاسلامية اعجابا شديدا. وبالنسبة لجوائز افضل تمثيل تتردد من الرجال اسماء ماتيو امالريك (صدرة الغواص والفراشة) وخافيير برديم (نو كانتري فور اولد مان) ويواكيم فونيكس "وي اون ذي نايت" (هذه ليلتنا) ومن النساء اناماريا مارينكا (اربعة اشهر، ثلاثة اسابيع، ويومان) وغالينا فيشنيفسكايا (الكسندرا) وجوان دو يوان (سيكرت صان شاين).

 لكن التكهنات نادرا ما كان لها تاثير على خيار لجان تحكيم كان المكونة هذا العام من تسعة اعضاء بينهم حائز نوبل للادب اورهان باموك والنجم ميشال بيكولي بل كثيرا ما يكون العكس هو الصحيح. ومنذ ايام قال رئيس المهرجان جيل جاكوب ساخرا "تبدو هذه التوقعات الشهيرة وكانها دعوة الى لجنة التحكيم لاتباع الراي العام. لكن فجاة وكرد فعل تسلك اللجنة دربا شائكا .. وهذا من يضفي سحرا على المهرجان".

 واذا كانت السمة العامة للافلام الروائية المعروضة في كان شديدة القتامة فان نوعية الاعمال ال22 المتنافسة كانت على مستوى الحدث التاريخي الذي تشكله هذه الدورة التذكارية للمهرجان. ويقول الصحافي في "نيويورك تايمز" ايه.او سكوت "يشتهر النقاد السينمائيين بانهم مثيرو جدل لكن شيئا قريبا من الاجماع يقول ان هذا المهرجان وجد حيوية جديدة في عامه الستين". ومع ذلك ابدى العديد من النقاد خيبة املهم حيال الاعمال الاخيرة لمخرجين كبار مثل امير كوستوريتسا وكوينتن تارانتينو ووونغ كار واي.

فيلم للمخرج الاسرائيلي عيران كوليرين يقدم صورة ايجابية للعربي في السينما الاسرائيلية

 خلافا لصورة العربي الارهابي النمطية في السينما الاسرائيلية يقدم المخرج الشاب عيران كوليرين في اول اعماله السينمائية "زيارة الفرقة" (بيكور حاتزيموريت) المشارك في مهرجان كان السينمائي الدولي المواطن المصري في صورة ايجابية.

 فاز هذا الفيلم الذي عرض السبت في تظاهرة "نظرة خاصة" للدورة الستين لهذا المهرجان الفرنسي باحد جوائز النقاد الدوليين التي تمنح للافلام المشاركة في تظاهرتي "خمسة عشر يوما للمخرجين" و"نظرة خاصة" اضافة الى حصوله على تنويه من لجنة تحكيم الاخيرة اضافة الى جائزة لجنة تحكيم الشباب.

 ,حظي فيلم "زيارة الفرقة" باعجاب الجمهور على نطاق واسع لدى عرضه في المهرجان "لانه يصور هذا الوئام الذي نريد ان يحل في الشرق الاوسط" كما تقول امراة اثناء خروجها من قاعة العرض. يبدا الفيلم بفرقة الاوركسترا الكلاسيكية التابعة لشرطة الاسكندرية وهي تخرج من مطار تل ابيب في فترة زمنية غير محددة لكن يخيل للمشاهد انها اعقبت توقيع معاهدة السلام بين مصر والاسرائيليين، تاتي هذه الفرقة الى اسرائيل بناء على دعوة رسمية وجهت لها لافتتاح مركز ثقافي عربي في مستعمرة "بيتاح تيكفا" (معناها بوابة الامل) التي بنيت على اراضي قرية سجا الفلسطينية القريبة من يافا والتي تعد اقدم مستعمرة اسرائيلية.

 لكن وبسبب البطء والبيروقراطية تجد الفرقة نفسها في مأزق اثر خروجها من المطار حيث لم يكن احد في استقبالها. قائد الفرقة توفيق (يؤدي دوره ساسون غاباي) يقرر ان تتدبر الفرقة امرها وان تذهب الى المكان المقصود لكنها تتعرض لتفاصيل وظروف صعبة وسوء حظ لتجد نفسها على الاثر في مكان اقرب الى الصحراء ليس فيه سوى مطعم صغير وصاحبته.

 ومع لغتهم الانكليزية البسيطة يحاول افراد الفرقة تدبر امرهم في هذا المكان الصحراوي المنسي حيث تنشا علاقات بينهم وبين صاحبة المطعم وبعض الاسرائيليين الذين يقومون باستضافتهم. تغلب على الفيلم لمحة شاعرية فيها حنين كبير الى ماضي ما عاشه المخرج واختبره كما ان العلاقات بين الشخصيات تذكر بقيم تكاد تصبح منعدمة في عالم اليوم من خلال العلاقة بين افراد الفرقة وهؤلاء الاسرائيليين التي تصبح معها حروب الشرق الاوسط كلها كان لم تكن.

 يشارك في تمثيل الفيلم من الفلسطينيين خليفة الناطور في دور سيمون المهموم بتأليف قطعة موسيقية وعماد جبارين وطارق قبطي كافراد في الفرقة اضافة الى صالح بكري في دور خالد المحب للمغامرات والنساء في اول دور سينمائي له الى جانب رونيت الكابيتز احدى ابرز ممثلات جيلها الاسرائيليات.

 ويتضمن الفيلم مواقف كوميدية ساخرة تنشا من التباس العلاقة بين المصريين والاسرائيليين ومن المواقف التي تتعرض لها الفرقة في خلال محاولتها الوصول الى المكان الذي دعيت اليه. وعن اسباب اختياره لهذا الموضوع يقول المخرج (34 سنة) انه حين كان صغيرا كانت عائلته تجتمع في الخامسة من بعد ظهر كل يوم جمعة لمشاهدة الفيلم العربي الذي كانت تبثه انذاك قناة التلفزيون الاسرائيلية الوحيدة في بداية الثمانينات وحيث كانت شوارع اسرائيل تخلو تقريبا من المارة بسبب الاقبال على مشاهدة الفيلم.

 ويروي المخرج في حديث للصحافيين انه كان يجلس مع العائلة لمشاهدة قصص الحب المستحيل واعمال عمر شريف وفاتن حمامة وفريد الاطرش وعادل امام وغيرهم من نجوم الشاشة المصرية ويقول "كان ذلك بالنسبة لي امرا غريبا في بلد يقضي وقته في الحروب مع مصر لكنه في جانب آخر يبث افلامها".

 ويضيف المخرج ان التلفزيون كان في بعض الاحيان يتبع الفيلم بموسيقى لاوركسترا ما كان يعرف ب"اسرائيل برودكاستينغ اوتوريتيه" التي هي اوركسترا للموسيقى العربية الكلاسيكية "مكونة خصوصا من يهود عرب قدموا من العراق ومن مصر".

 وقد تم حل هذه الاوركسترا اليوم ولم يعد التلفزيون الاسرائيلي يبث افلاما عربية بعد تخصيص هذه القناة وظهور الفضائيات التي فتحت نحو 550 قناة محلية ودولية امام المشاهد الاسرائيلي. يقول المخرج بحنين انه يريد من خلال فيلمه ان "يذكر بما ضاع: الفيلم العربي والفرقة ومن ورائهما الفن والجمال والموسيقى وايضا الحب الخالص الحقيقي الذي يعد قيمة اساسية في الفيلم العربي".

 "زيارة الفرقة" انتاج اسرائيلي- اميركي - فرنسي مشترك وهو العمل السينمائي الاول لكوليرين الذي ينجز حاليا سيناريو فيلمه الثاني "درب في الصحراء".

موقع "إيلاف" في

27.05.2007

 
 

السعفة الذهبية تتوج السينما الرومانية

وكالات - كان: حقق المخرج الروماني الشاب كريشتيان مونجيو المفاجأة، و خطف السعفة الذهبية من عمالقة الفن السابع الذين تسابقوا على أهم جوائز مهرجان كان الدولي للفيلم.  الفليم المتوج "أربعة أشهر وثلاثة أسابيع و يومان"، يُثير قضية الإجهاض السري، وقد أثار مشاعر المشاهدين عندما عرض في إطار المسابقة الكبرى في اليوم الثاني من الدورة الستين للمهرجان.

وتنافس المخرج الروماني على السعفة الذهبية مع أكثر من واحد وعشرين مخرجا، من بينهم عدد سبق لهم أن فازوا بها كالمخرج الصربي إمير كوشتوريتسا، والأميركيون كوينتن تارانتينو، و الأخوان كوين و غوس فان سانت.

وعادت الجائزة الكبرى إلى فيلم "جبل الحداد" للمخرجة اليابانية ناوومي كاوازي.

ونال فيلما بيرسيبوليس و "النور الصامت " للمخرج المكسيكي كارلوس ريغاداس على جائزة التحكيم مناصفة.

وكان فيلم بيرسيبوليس الذي أخرجته رسامة الكاريكاتور فرنسية الجنسية إيرانية الأصل مرجان ساترابي والمخرج الفرنسي فانسان بارونو، قد أثار احتجاج إيران بسبب ما تضمنه من نقد لسلطات طهران.

وفيما حازت الممثلة الكورية الجنوبية ديون جون جائزة أحسن تمثيل عن دورها في فيلم "الشروق الخفي"، عادت جائزة أحسن ممثل الى الروسي كونستانتين لا فرونينكو Konstantin Lavronenko الذي أدى دور البطولة في فيلم الإقصاء، لمواطنه المخرج أندريي زفياغينتسيف Andreï Zviaguintsev.

ولم يعد المخرج الأميركي غوس فان سانت - الذي خاض المسابقة الكبرى بفيلم حديقة الرهبة- خالي الوفاض، إذ تسلم جائزة الدورة الستين الخاصة.  أما جوليان شنابل فقد تسلم جائزة الإخراج عن فيلم " النعش والفراشة"- وهو من إنتاج فرنسي.

ويغادر المخرج الألماني الجنسية التركي الأصل فتحي أكين مهرجان كان حاملا معه جائزة أحسن سيناريو عن فيلمه "من الجهة الأخرى". وتسلمت المخرجة المكسيكية إليزا ميللر جائزة السعفة الذهبية للفيلم القصير عن فيلمها " مشاهدة المطر".

وعادت الكاميرا الذهبية -التي يتنافس لنيلها مخرجو أول الأفلام المطولة، كاللبنانية نادين لبكي التي شاركت في نصف شهر المخرجين بفيلمها "سكر بنات" - إلى فيلم "ميدوزوت" للمخرج والأديب الإسرائيلي إيتغار كيريت.

وفيما يلي أسماء الفائزين بالجوائز الرئيسية ومجموعة منتقاة من المقتبسات:

السعفة الذهبية

 - (4 شهور و3 اسابيع ويومان) 4 Months, 3 weeks and 2 days من اخراج كريستيان مونجيو.

الجائزة الكبرى (جائزة الوصيف)

- "غابة الصباح" The Mourning Forest الغنائي الياباني اخرجته ناومي كاواس.

جائزة خاصة (بمناسبة العيد الستين للمهرجان)

- جوس فان سانت (مخرج اميركي لفيلم "متنزه جنون العظمة" Paranoid Park

افضل ممثل

- قنسطنطين لافرونينكو )في فيلم "الطرد" The Banishment الروسي من اخراج اندريه زفيا جينستيف.

أفضل ممثلة

- جون دو يون من كوريا الجنوبية عن فيلم "الشروق السري." Secret Sunshine

أفضل سيناريو

- المخرج والكاتب الالماني التركي فاتح اكين عن فيلم "حافة الجنة" The Edge of Heaven

الكاميرا الذهبية (لاول فيلم)

- "قنديل البحر" Jellyfish (انتاج اسرائيلي من اخراج اتجار كيريت وشيرا جيفن)

موقع "إيلاف" في

28.05.2007

 
 

مهرجان كان السينمائي يختتم دورته الستين

كان ـ محمد رضا

السعفة الذهبيّة لفيلم روماني عن الإجهاض... وأميركا عادت بخفّي حنين

سينما «أوروبا الشرقية» كان لها موقع الصدارة هذا العام على شواطئ الريفييرا الفرنسيّة.

لجنة التحكيم التي ترأسها البريطاني ستيفن فريرز، منحت السعفة الذهبية للفيلم الروماني «أربعة أشهر، ثلاثة أسابيع، يومان» (كرستيان مانجو).

وطغت على الدورة الستين هموم الشعوب والأفراد، في زمن الحروب والأزمات والتغيرات الكونيّة  

شخصيات تحرّكها نزعة الحرية والجدّة الروسية الطيبة تبشّر بالسلام

بغضّ النظر عن الفيلم الفائز بالسعفة الذهبيّة، في الدورة الستين من «مهرجان كان السينمائي» التي اختتمت أمس على الريفييرا الفرنسية، المؤكد أن التظاهرة سلطت الضوء على أعمال جديدة ستثير النقاش أسابيع طويلة، ويتهافت الجمهور عليها في مختلف أنحاء العالم... «كان» يبقى أعرق المواعيد وأهمها، لإطلاق الأسماء والأعمال والتجارب، والتحكم في المسار التسويقي لأحدث انتاجات الفن السابع.

كثيرة هي التي الأعمال التي «فازت» ــــ بمعنى أو بآخر ـــ هذا الموسم في «كان». برزت خصوصاً الأفلام الآتية من «شرق» أوروبا، ويجمع بينها انهماكها بقضايا انسانية، وأسئلة فلسفية ووجوديّة مطروحة على الفرد في الأزمنة الراهنة... فيلم «ألكسندرا» لألكسندر سوخورف يروي قصة امرأة روسية تزور حفيدها المجنّد في حرب الشيشان. تمضي الجدّة الروسية الطيبة ألكسندرا الى سوق البلدة لتبتاع السجائر للجنود، وهنا تتعرّف إلى البائعة الشيشانية مليكة، فتنشأ بينهما علاقة انسانية قويّة. يتفادى الفيلم فخ الشوفينيّة التي تؤيّد الحرب الروسية على الشيشان، ويدعو الى السلام، ومنح الشيشانيين حقّهم في الاستقلال. ونأسف لعدم فوزه بأي من جوائز المهرجان.

أما فيلم بيلا تار «الرجل اللندني»، فقد تكون مشكلته في العلاقة مع رواية جورج سيمنون. لجأ تار إلى أسلوب اخراجي بطيء بدا مفتعلاً. أخذ حبكة سيمنون وشخصياته، وجعلها تدور في مناخ قاس وداكن. نجح الفيلم بصريّاً، في نقل الحس الفنّي، والمعايشة الوجدانية، بالمؤثرات والوحات الكبيرة التي يصوّر عبرها الحياة. لكن المخرج المجري لم يعط هنا أفضل أفلامه.

وكانت مفاجأة المهرجان فوز الفيلم الروماني «أربعة أشهر، ثلاثة أسابيع، يومان» (كرستيان مانجو)، بالسعفة الذهبية للمهرجان. الفيلم الذي يعتمد جماليات تعكس أجمل ما في إرث السنوات الرماديّة، يدور حول معاناة فتاة تحاول مساعدة صديقتها الحامل في التخلّص من جنينها تحت الحكم الشيوعي في رومانيا. القصة عن معركة فرديّة لتحقيق الذات في مواجهة آلة قمعية، أخلاقياً وسياسياً واجتماعياً. ونزعة الحرية تلك هي نقطة القوة في الفيلم، اضافة الى أداء ممثلة غير معروفة، هي آنا ماريا مانينكا. يلتقي الفيلم في تيمته مع أعمال أخرى عدّة في كان. كما فاز كونستانتان لافرونينكو بجائزة أفضل دور رجالي عن بطولته للفيلم الروسي «الإبعاد» (أندريه زفياغينتسيف).

تلك الأعمال تعلن عودة سينما أوروبا الشرقيّة بقوّة إلى كان، في حين كادت تغيب سينما غرب أوروبا رغم جائزة الاخراج التي كانت من نصيب جوليان سكنابل عن فيلمه «لباس الغوص والفراشة» (فرنسا). والحضور الطاغي للسينما الأميركية (خمسة أفلام)، لم ينعكس على الجوائز. «زودياك» ديڤيد فينشر، أفضل الافلام الاميركية، لم يفز بأي جائزة، مع انه فيلم يستعيد أفضل خصائص سينما السبعينات. أما «متنزه بارانويد» لغس ڤان سانت، فلعلّه أكثر الأفلام الأميركية انغلاقاً على الآخر، من خلال امتناع شخصياته عن السعي للتواصل. وقد فاز ڤان سانت بالجائزة الخاصة بالدورة الستين عن الفيلم وكل أعماله. وكان طبيعياً أن تهمل لجنة التحكيم كوينتن ترنتينو وفيلمه «عصيّ على الموت»! ولاقى فيلم الأخوين كوين «لا بلد للمسنين»، المصير نفسه، رغم عناصره البصرية القوية، وبسبب ضعف الشخصيات ونمطية السيناريو...

وسيذكر جمهور «كان» حتماً الفيلم الصيني «لياليّ بطعم التوت» (وونغ كار ـــــ واي)، والفيلم الكوري «تنفّس» (كيم كي ـــــ دوك)، والبرازيلي «الضوء الصامت» (كارلوس ريغاديس) الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم مناصفة مع الثنائي بارونو/ ساترابي (برسيبوليس)، والكوري الآخر «أشعة الشمس السرية» (لي تشانغ ــــ دونغ) الذي فازت بطلته لي شانغ دونغ بجائزة أفضل اداء نسائي، والياباني «غابة الحداد» (ناوومي كواسي) الذي حاز الجائزة الكبرى للمهرجان. كما فاز فيلم «من الجانب الآخر» للمخرج الالماني التركي فاتح اكين بجائزة السيناريو، وهو يرسي جسراً بين ألمانيا وتركيا من خلال عائلتين تقرّب بينهما المأساة.

ويأتي «برسيبوليس» (جائزة لجنة التحكيم)، فيلم الكرتون غير الملوّن الذي يحمل توقيع فينسان بارونو مع الفنانة مرجان ساترابي صاحبة كتاب الشرائط المصوّرة الشهير بالعنوان نفسه. «برسيبوليس» محطة خاصة في «كان» هذا العام. فهو يتطرق إلى السياسي والعام، انطلاقاً من الذاتي والخاص. ذاكرة مراهقة في مهب الثورة الاسلامية، وتناقضات عائلتها ووسطها الاجتماعي... وكل صراعاتها مع الآلة الايديولوجية التي تهدد حريتها الفرديّة. قصة حميمة هي سيرة الفنانة الايرانية ساترابي، ذكرياتها وطفولتها في إيران التي هجرتها الى أوروبا. لم يوجد عملها الصدمة الدبلوماسية المتوقعة على رغم رسالة احتجاج عابرة، نسبت إلى السلطات الايرانية.

ولا يمكن أن نختم كلامنا عن هذه الدورة الستين من «مهرجان كان»، من دون أن نشير إلى النجاح الكبير الذي حققه الفيلم اللبناني «سكّر بنات» لنادين لبكي (تظاهرة «أسبوعي المخرجين»)، وللأمسية اللبنانية التي تركت انطباعاً لدى الجمهور عن وجود فنّ سينمائي ناشط في بلد على حافة زلزال، يعتصم مبدعوه بالفنّ والثقافة شكلاً أساسياً من أشكال المقاومة.  

####

مخرج إسرائيلي...

يقطع مع الأيديولوجيا الصهيونيّة

بين الأعمال التي عُرضت في كان خارج المسابقة الرسميّة، شريط إسرائيلي يسلّط الضوء على المخرج الشاب عيران كوليرين. وهذا الفيلم الذي جاء بعنوان «زيارة الفرقة»، يلفت النظر على أكثر من صعيد: الأسلوب الفني الخاص أولاً، والخطاب السياسي طبعاً، إذ يبتعد كوليرين عن الصورة النمطيّة للعربي كما هي سائدة في السينما الإسرائيليّة «الرسميّة»، ويقدم بطله المصري في صورة إيجابية. ولعل كل ذلك جعل الفيلم يفوز بـ«جائزة النقاد» التي تنمحها لجنة دوليّة للأفلام المشاركة في تظاهرتي «أسبوعي المخرجين» و«نظرة خاصة»، إضافة الى جائزة لجنة تحكيم الشباب.

يبدأ الشريط بفرقة الأوركسترا الكلاسيكية التابعة لشرطة الاسكندرية وهي تخرج من مطار تل أبيب في فترة زمنية يخيّل أنّها بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر والإسرائيليين. الفرقة أتت بناءً على دعوة رسمية لافتتاح مركز ثقافي عربي في مستعمرة «بيتاح تيكفا» التي بُنيت على أراضي قرية سجا الفلسطينية القريبة من يافا. لكنْ إثر خروجها من المطار، تجد الفرقة أن لا أحد من المنظمين في انتظارها. فيقرر قائد الفرقة توفيق (ساسون غاباي) أن يذهب مع أعضاء الفرقة إلى المكان المنشود... لكنّ العازفين المصريين يجدون أنفسهم في مكان صحراوي فيه مطعم صغير. هناك، تنشأ علاقات بينهم وبين صاحبة المطعم وبعض الإسرائيليين.

تغلب على الفيلم لمحة شاعرية، وحنيناً يرشح من الذكريات التي يحملها عيران كوليرين من طفولته، حين كان يشاهد الأفلام العربية الذي يبثها التلفزيون الإسرائيلي مطلع الثمانينيات، وكانت الشوارع تخلو من المارة بسببها. ويروي المخرج أنّه كان يجلس مع العائلة لمشاهدة أعمال عمر الشريف وفاتن حمامة وفريد الأطرش وعادل إمام وغيرهم من نجوم الشاشة المصرية.

«زيارة الفرقة» إنتاج إسرائيلي ـــ أميركي ـــ فرنسي مشترك، وهو العمل السينمائي الأول لكوليرين الذي ينجز حالياً سيناريو فيلمه الثاني «درب في الصحراء».

يقتصر الحضور اللبناني السينمائي في مهرجان «كان» على «رجل ضائع» (دانييل عربيد) و«سكر بنات» (نادين لبكي) اللذين عُرضا ضمن تظاهرة «أسبوعي المخرجين»... ولا على اليوم الطويل الذي خُصّص للسينما اللبنانية ضمن تظاهرة «كل سينمات العالم»، وعُرضت خلاله أربعة أفلام لبنانية طويلة وأربعة قصيرة. ففي إطار «سوق الفيلم» الذي يقام على هامش «مهرجان كان»، نظمت جمعية «بيروت دي. سي» تظاهرة شاشات المتوسط Med-screen التي تقام بدعم من برنامج EUROMED. هكذا أتيح لجمهور من هواة السينما والفنانين والمنتجين والموزعين، أن يطّلعوا على مجموعة أعمال لبنانية وعربية تطرح المشكلات الاجتماعية والاقتصادية في هذه المنطقة من العالم.

عرضت «مدسكرين» ستة أفلام من لبنان وتونس والمغرب والجزائر. من لبنان نشير الى «فلافل»، باكورة ميشال كمون الروائية الطويلة. يتناول كمّون ـــ من وجهة نظر الجيل الجديد ـــ العنف الكامن في لبنان بعد الحرب الأهلية. ومن تونس، حضر فيلمان هما «عرس الذيب» لجيلاني السعدي و«كحلوشة: طرزان العرب» للمخرج الشاب نجيب بلقاضي. «كحلوشة» هو مرآة تعكس المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في تونس من خلال قصة حيّ شعبي. وفي الإطار عينه، يندرج «عرس الذيب» لجيلاني السعدي الذي هو لقطة مقرّبة على المجتمع التونسي، بِراهنه الفج والعنيف والمؤذي. ومن المغرب حضر عملان هما «امرأتان على الطريق» لفريدة بورقية و«فين ماشي ماموشي» لحسن بنجلون الذي يُعدّ أحد أنشط مخرجي السينما المغربية. صاحب «الغرفة السوداء» الذي استعاد فيه بقوة زمن الرصاص المغربي وجحيم المعتقلات، اختار هذه المرة أن يفتح ملفّ تهجير اليهود من المغرب إلى إسرائيل. في «فين ماشي ماموشي» (إلى أين يا موشي؟)، يفكّك بنجلون آليات الخديعة الكبرى التي استدرجت المواطنين المغاربة، وشجّعتهم على الهجرة إلى اسرائيل. أما «امرأتان على الطريق» فهو الشريط الروائي الثاني لفريدة بورقية، وفيه تتوغّل المخرجة التي فازت بجوائز عدة في قرطاج ومصر، في حياة المرأة من خلال قصة أمينة التي تبحث عن زوجها. وأخيراً من الجزائر، حضر فيلم طارق تقيا «روما ولا نتوما» الذي يعطي الكلمة لشباب الجزائر الضائع في متاهات المدينة ومجتمع منغلق على نفسه.

www.med-screen.com

الأخبار اللبنانية في

28.05.2007

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)