كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

خمسة أيام من العروض في مهرجان كان الستين

الروسي "الأبعاد" والروماني "4 أشهر.. 3 أسابيع ويومان" والأميركي "لا وطن للعجائز"
أفضل عروض المسابقة و33 من مخرجي العالم يكتبون قصيدة حب إلى السينما في "لكل سينماه"

كان ـ ريما المسمار

مهرجان كان السينمائي الدولي الستون

   
 
 
 
 

كان 1947. من الممتع تخيل أول دورة لمهرجان "كان" كفيلم لجاك تاتي او مغامرة غير موفقة للمفتش "كلوزو" حيث في كلتا الحالتين تؤدي سلسلة من الاحداث الغريبة إلى نجاح غير متوقع. هكذا انطلق المهرجان في العام 1946 في فرنسا خارجة لتوها من الاحتلال رازحة تحت وطأة الحاجة الاقتصادية والاجتماعية والصراع السياسي. ولكنها ارتأت أن تتوجه إلى العالم من خلال الفن السابع، أن تظهر عظمتها من خلال السينما وأن تحتفل بالسلام الوافد اليها بما هو حضاري وثقافي وفني. "المهرجان يجب أن يكون نصراً لفرنسا". هكذا ذكرت احدى مصادر الحكومة وقتذاك واضعة حجر الأساسن من دون أن تدري، لماهية المهرجان السينمائي ولما سيليه منها حيث يصبح الأخير صاهراً للصعود الثقافي والسياسي والاجتماعي في آنٍ معاً. ولكن المهرجان واجه أكثر من الظروف الخارجية المحيطة به. فقد فُتحت الدورة الاولى منه للجمهور بكل طبقاته ولاهالي البلدة بكل الدخلاء عليها. فتحول المهرجان إلى ساحة للفوضى والنهب والسرقة وسجلت سرقات مجوهرات من الفنادق وسيارات فخمة. بعد يومين، أُلغيت كافة الحجوزات وأُقصي الجمهور غير المدعو عن الاحتفال. بين 20 أيلول/سبتمير و5 تشرين الأول/ اوكتوبر 1946، قدم المهرجان أكثر من خمسين فيلماً طويلاً وما يقرب من 75 فيلماً قصيراً من 21 دولة اختارت كل منها فيلمها وهو تقليد سيظل سائداً حتى العام 1971. ولكن تلك كانت واحدة من بدايات مهرجان كان الكثيرة غير الرسمية. قبلها، شهدت أواخر الثلاثينات محاولات اطلاق "المهرجان العالمي للفيلم" (وهو للمناسبة الاسم الرسمي لمهرجان كان حتى العام 2002) في مواجهة مهرجان البندقية السينمائي الذي يُعد أعرق مهرجان سينمائي في اوروبا (تأسس عام 1932 في اطار بينالي البندقية للفنون الذي يعود تاريخه الى 1885) فقد شكلت معاهدة الصداقة بين ايطاليا والمانيا الموقعة عام 1936 معلنة مدار روما ـ برلين تحالف أكبر قوتين فاشيتين وعزلت فرنسا. في الوقت عينه، شهد مهرجان البندقية تحت حكم موسوليني تحكماً بمقاديره ومعاييره السينمائية. فبعد منحه جائزة لجنة التحكيم لفيلم جان رينوار المناهض للحرب (La Grande Illusion ( مُنع عرضه في المانيا وايطاليا وحتى في فرنسا ابان الاحتلال) عام 1937، واجه المهرجان في العام التالي ضغوطاً كبرى غيرت نتائجه في آخر لحظة لتذهب الجائزة الكبرى "كأس موسوليني" إلى الفيلم الوثائقي الدعائي "أولمبياد" لليني ريفينستال الذي لم يكن حتى مؤهلاً للمشاركة بحسب قوانين المهرجان المخصص للعروض الروائية. أثارت الحادثة حفيظة الاميركيين والبريطانيين فبرزت في فرنسا فكرة اقامة "مهرجان العالم الحر" المناهض لمهرجان البندقية. والفكرة ارتكزت على جذب البلدان الاخرى التي لن تود العودة إلى البندقية إلى مهرجان لا يخضع لشروط هتلر وموسوليني. هكذا طُرحت فكرة اقامة المهرجان العالمي للفيلم (Le Festival Internationale du Film) وتم الاتفاق على جعل "كان" مقراً له بحجة "تمديد فصل الصيف فيها" بحسب مدير فندق "غراند اوتيل" آنذاك هنري جندر. في السابع عشر من تموز/ يوليو 1939 أُعلن عن إطلاق المهرجان في الاول من ايلول وبدأت التحضيرات وطبع الملصقات بينما عمدت استيوات أم.جي.أم إلى استئجار باخرة لنقل نجومها إلى المهرجان. ولكن في الاول من ايلول وبدلاً من انطلاق المهرجان، احتلت المانيا بولندا وبعد يومين أعلنت فرنسا وبريطانيا الحرب. الاطلاقة الجديدة للمهرجان في 1946 تخللتها فوضى عارمة كما ذكر بينما لم تعرف سنواته الاولى استمرارية اذ غاب المهرجان عامي 1948 و1950 ليبقى العام 1947 الانطلاقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي.

كان 2007 والامور تبدلت كثيراً. ستون عاماً على ولادة المهرجان أسهمت في ولادة مئات السينمائيين في العالم. العيد الستون هو تحية إلى الفنانين كما أعلنت ادارة المهرجان موكلة مهمة الاحتفال إلى ثلاثة وثلاثين من أبرز سينمائيي العالم (اليوناني ثيو انجيلوبولوس، الفرنسي اوليفييه اساياس، الاوسترالية جاين كامبيون، الكندي دايفيد كروننبورغ، البلجيكيان جان بيار ولوك داردن، البرتغالي مانويل دي اوليفييرا، الاسرائيلي عاموس غيتاي، المصري يوسف شاهين، الفنلندي آكي كاوريزماكي، الفلسطيني ايليا سليمان، الايطالي ناني موريني، الايراني عباس كياروستامي، البرازيلي والتر سالز، المكسيكي اليخاندرو غونزاليس ايناريتو وآخرون) ليخرج كل منهم بفيلم من ثلاث دقائق حول صالة السينما. والنتيجة عمل جماعي يقع في ساعتين هو قصيدة عشق في السينما. الواقع ان التحية متعددة الاتجاهات. ففي ايكال المهمة إلى هؤلاء تحية إلى مواهبهم وجهودهم وتحية إلى سينماهم التي أشعت خلال ستين عاماً من عمر المهرجان. ولكنها ايضاً تحية إلى المشاهد الذي يُمنح للمرة الاولى فرصة مشاركة اولئك السينمائيين حميمية السينما. لكأن مشاهدة فيلم لكيتانو او اولمي او اوليفييرا تعني مشاطرتهم تلك الحوارية القصيرة عن السينما وحولها. حوار خاص ينفتح على مصراعيه بين السينمائيين والمشاهدين والسينما في العمل الجماعي "لكل سينماه" Chacun Son Cinemaوفرصة نادرة للاطلاع على نظرة السينمائين إلى السينما. تتخذ الافلام شكل ذكرى او حلم او فانتازيا او مصارحة او اعتراف... بما هي جميعها تقوم على البوح. تتفاوت الافلام ولا يجمع بينها سوى صالة السينما كمكان حاضر وان اختلف بين صالة فعلية او شاشة في الهواء الطلق او قماشة بالية داخل خيمة. كما يجمع بينها عنصر المفاجأة والتحول من مزاج إلى آخر ومن مناخ إلى سواه. الخفة والسخرية والاستفزاز والشغف والعاطفة كلها صفات تنطبق على الاساليب الفنية والمقاربات المعتمدة من دون أن يخلو فيلم من تحية إلى السينما نفسها من خلال عرابيها من أمثال فيلليني وسكولا وتشابلن والاخوين لوميير وسواهم. ولكن اللافت أيضاً هو الحنين الذي يغلف عدداً من الافلام إلى الصالة المعتمة وسحر الصور المتتالية على الشاشة وانسياب الاصوات والموسيقى محركة أعمق الاحاسيس. كذلك اشتغل عدد من السينمائيين على فكرة السينما داخل الكادر وخارجه مثل كيتانو وتشين كايغ وكلود لولوش وزانغ ييمو.

فيلمان بارزان

افتـُتحت مسابقة المهرجان بفيلمين بارزين: الروماني Months, 3 Weeks and 2 Days4 والروسي The Banishment. الاول من اخرج كريستيان مونغيو يقدم السينما الرومانية الجديدة في المسابقة للمرة الاولى بعد سنتين على عرض مواطنه كريستي بيو لفيلمه The Death of Mr. Lazarescu في احدى فئات المهرجان. يحمل الفيلمان نظرة مشتركة إلى العالم وتلك البساطة الخارجية وانما الخادعة التي تخبئ خلفها رؤية عميقة وقدرة كبرى على تدوير موضوعات ملموسة بواقعية وذكاء. تدور الأحداث قبل عامين من سقوط نظام تشاوسكو بما يحمل الفيلم ملامح تلك الحقبة. ولكنه من خلال موضوعه الاساسي، الاجهاض، يتمكن من خرق شخصياته حيث يشكل ذلك الموضوع أرضية خصبة لاكتشاف معاني الصداقة والمسؤولية والالتزام. ولكن المخرج لا يستسلم لحظة واحدة التصورات المعهودة حتى لتبدو اسوأ السيناريوات المتوقعة للحكاية أفضل بكثير من الواقع المهين الذي لايتنازل الفيلم في نحته. تدور الحكاية حول "أوتيليا" و"غابيتا" اللتين تتشاركان الغرفة نفسها في السكن الطالبي لاحدى الجامعات الصغيرة. يتبين ان الثانية حامل وتبحث عن وسيلة للتخلص من الجنين في مجتمع محافظ وتحت قانون ينزل عقوبة شديدة بمن يقدم على ذلك العمل. "أوتيليا" عازمة على مساعدتها فتقصدان "مستر بيب" الذي يُفترض به القيام بالمهمة لقاء مبلغ زهيد من المال. ولكن عندما يجتمع الثلاثة في غرفة داخل فندق رخيص لانهاء المهمة، يتضح ان "غابيتا" في شهرها الرابع وان "بيب" لا يقبل بالمال بل يشترط على الاثنتين ممارسة الجنس معه قبل القيام بالعملية. لا يكتفي الفيلم بحبكته الاولى بل يكمل بعزيمة على ابعاد أي بصيص أمل من اختراق حياة شخصياته. انه الحاضر الذي عايشه المخرج بكل احباطاته الصغرى ومعاناته اليومية التي لا تسمح للأمور الكبرى بالظهور او للمستقبل بالارتسام أمام عيني الشابتين. الجزء الثاني من الفيلم بتكون من لقطات طويلة بكامبرا محمولة ثابتة تحاصر الشخصيات وتلاحقهم في أماكن باردة خانقة بينما ظهور "بيب" كفيل وحده بإثارة الالم. يرتكز الفيلم بشكل اساسي على الشخصيات التي تمر تختبر مشاعر متداخلة ومعقدة تتراوح بين الضعف والقوة والمساعدة والسيطرة والالم والهروب.

الفيلم الروسي هو الثاني لمخرجه اندريه زيفياجينتسيف بعد "العودة" حائز الاسد الذهب عام 2003 في البندقية وهو يعيد جمع فريق الفيلم الاول من المخرج وكاتب السيناريو اوليغ نيغن والممثل كونستانتين لافرونينكو. السيناريو المستوحى من قصة قصيرة لويليام سارويان شرّح فيها الاخير تجربته الزوجية. يعيد تقديم المخرج كسينمائي للمستقبل يجمع بين اثنين من عمالقة السينما انغمار بيرغمن واندريه تاركوفسكي. ولكنه بخلاف الأول لا يجرد شخصياته من الأحكام الاخلاقية وبخلاف الثاني يجذرها في واقع قاسٍ وملموس لا مكان فيه للحلم. "ألكس" و"فيرا" زوجان ووالدان لصبي وفتاة. يعيشان في المدينة بداية وانما يقرران لاحقاً الانتقال إلى البلدة التي ولد "ألكس" فيها. في مكان خانق الجمال، يتبدى الحزن الذي يحكم العلاقة بين الزوجين. صمت طويل وتقشف وكبت عاطفي تشي به حركة فيرا المرتعشة ونظراتها التي تهرب بها من المواجهة مركزة على ولديها كل الاهتمام. تواجه "فيرا" زوجها "ألكس" بانها حامل وتعترف له ان الجنين ليس ولده. عندما يسأل "ألكس" أخوه "مارك" الذي تفصله عنه مسافة وشيء من البرود، يجيبه الأخير "أي خيار صحيح. اذا أردت قتلها تقوم بالصواب وان اخترت ان تسامحها تفعل الصواب". الخطيئة محور اساسي في الفيلم كما هي فكرة العقاب والتضحية بما هي جميعها مستلة من قاموس المسيحية، يحركها المخرج في فلك فيلمه المحمل برموز دينية أخرى كالماء والطبيعة. وإذ يقرر ان يجد وسيلة لإجهاضها، تكون هي قد اتخذت خيارها. تموت فيرا ويعتقد "ألكس" أن السبب عملية الاجهاض غير المحترفة. ويموت أخوه "مارك" في اليوم التالي على أثر تعرضه لذبحة قلبية بعد أن أخفى عنه رسالة تركتها زوجته قبيل موتها. ينقلب الفيلم في جزئه الأخير إلى الكشف عن شخصية "فيرا" الصامتة، الآثمة في نظر زوجها لتتبدى خلف تلك الملامح شخصية مختلفة متمردة في داخلها لا تساوم على حياتها وحبها ولا تتنازل. وهي في كل ذلك تجمع الهشاشة والقوة والقسوة في آن. والقسوة سمة أساسية تتمثل في خيارها الأخير: إزاء صمت زوجها وبعده وتراجع علاقتهما، تقوم بتجربة أخيرة لتحريك مياه حياتهما الراكدة بخلاف قنوات المياه الكثيرة التي يصورها المخرج. لذلك تدعي ان الطفل ليس منه دافعة به إما إلى ثورة تقلب حياتهما او قتل يريحها. لعل المشهد الذي يختزل وضعهما ويقول الكثير هو ذاك الذي يجمعهما قبيل اتخاذ القرار. يشير "ألكس" إلى "فيرا" بأن كل شيء سيكون على ما يرام وانه لن يحدثها عن الخيانة وانما فقط يريد التخلص من الجنين. تجيبه فيرا بأن يقوم بما هو عازم عليه مدركة أن شيئاً لن يحركه بما يدفعها إلى أخذ القرار بإنهاء حياتها.

ينضم الاخوان كوين إلى مجموعة الافلام المميزة التي كشفت المسابقة عنها خلال الأيام الخمسة الماضية بفيلمهما No Country For Old Men الذي يعيدهما إلى كان بعد غياب ست سنوات وإلى السينما بعد فيلمين من خارج عالمهما (Intolerable Cruelty وThe Ladykillers). يجمع الفيلم الجديد بين المادة الغنية المتمثلة برواية كورمك مكارثي والموهبة السينمائية. انه شريط "نوع" متوتر وأسود الفكاهة والنكات. في أبسط تعريفاته، يتكىء الفيلم على حكاية معروفة عن صفقة مخدرات فاشلة في تكساس الثمانينات وفواتير الدم التي يجب تسديدها للرجل الأخير الباقي. والنتيجة صورة متحولة للغرب الأميركي تبدو معها صورة الأخير في القرن التاسع عشر وردية حالمة وواحدة من شخصيات الشر التي ستبقى في ذاكرة السينما حاملة بصمة الممثل خافيير باردم الخاصة. تدور الأحداث في غرب تكساس وتبدأ بسلسلة مشاهد أخاذة: مجرم (باردم) يقتل الشرطي بالأصفاد المحكمة حول يديه ثم يقتل رجلاً ليسرق سيارته. في مكان آخر مقفر يقوم "لويلن موس" (جوش برولن) بصيد الظباء قبل أن يقع نظره على مجموعة سيارات متوقفة. مع اقترابه، يكتشف عدداً من الجثث وكمية كبرى من المخدرات وحقيبة تحتوي على مليوني دولار يأخذها معه. عندما يعود ليلاً لتفقد المكان من جديد، يتعرض لطلق ناري من مجموعة رجال قبل أن يتمكن من الفرار. تتطور الأحداث مع دخول الشرطي "أد توم بل" (تومي لي جونز) على الخط للتحقيق في الجرائم متمكناً بعد مرور بعض الوقت من معرفة علاقة "موس" بالسرقة. ولكن قاتلنا المحترف "أنتون" (باردم) يكون الاسرع في تحديد مكانه بواسطة آلة موصولة إلى جهاز انذار مزروع بين رزمات المال. يرافق الموت "أنتون" اينما يذهب. كل من يعترض طريقه سواء عن قصد او بالصدفة ميت لا محالة الا إذا قرر أن يمنحه فرصة أخيرة تحدد موته أو حياته. مع "أنتون" أيضاً يكتسب الفيلم لهجته السوداء الساخرة في حوارات باردة تعزز المنحى المختل في شخصية القاتل وتحول بروده مصدر الضحكات الاساسي. ولكن تلك الحوارات الذكية والسريعة تتجاور مع مساحات صمت كبرى لاسيما في مشاهد الطبيعة المسكونة بالريح وبأخرى عالية التوتر كلما دخلت الكاميرا مكاناً مغلقاً. من بين الاخيرة، مشهد "هيتشكوكي" داخل غرفة الفندق حيث يختبئ "موس" منتظراً وصول "أنتون" في أية لحظة. فيلم الاخوين كوين مسرح جريمة متنقل. فمن المذهل كيف أن مطاردة بين ثلاثة رجال يمكن أن تتشعب على نحو ما تفعل حكاية الفيلم وأن تقول ما تقوله عن الغرب الاميركي لاسيما من خلال شخصية الشرطي الشاهد على تحولات الزمن وعن الجريمة والعنف اللذين يربطهما المخرجان بتزاوج تجارة المخدرات وانهيار القيم الاجتماعية. كذلك نسبةً إلى حكاية محدودة العناصر، تتطور الأحداث بشكل مذهل وربما غير متوقع ذلك أن الفيلم يواجه مخاوف المشاهد وتوقعاته بما هو أبعد منها. فالاسوأ دائماً يحدث في الفيلم. بين الحكاية ومقاربتها والشخصيات وأداءات الممثلين والصورة التي تتخذ من ألوان القمح مصدر اضاءتها يخرج No Country For Old Men متعة حقيقية تستحق المشاهدة.

يقابل شريط الاخوين كوين ذا المساحات البصرية الشاسعة دراما الغرفة ( chamber drama Breath ) للكوري كيم كي ـ دوك الذي يستكمل افتتانه بالفصول في وصفها تعبيراً عن الحالات الانسانية والروحية. ولكن بخلاف فيلمه Spring, Summer, Fall, Winter?and Spring الذي جلب له الاهتمام والنجاح العالميين، يبدو Breath متواضعاً من دون أن يخلو من لحظاته الخاصة. الحكاية تخص رجلاً محكوماً بالاعدام أقدم أكثر من مرة على الانتحار انما من دون طائل وامرأة متزوجة تنجذب إلى عالمه هرباً من فراغ حياتها وابتعاد زوجها العاطفي عنها. حين تسمع بقصته في التلفزيون، لا تتفاعل كثيراً. ولكنها في اللحظة التي ينهار فيها عالمها، تجد نفسها ذاهبة اليه راوية له حكايات من طفولتها عندما جربت الموت لخمس دقائق حين حبست أنفاسها تحت الماء في مباراة مع رفاقها بينما هو لا ينطق بحرف نتيجة لاصابته في الاوتار الصوتية بسبب محاولة الانتحار. ستتوالى اللقاءات بينهما حيث تتسلم هي دفة الحديث بينما هو يصغي باندهاش ثم بشوق. في بيتها، تنقلب الامور حيث يقوم زوجها بكل الأحاديث بينما هي صامتة لا تجيب. تتخذ المرأة لزياراتها موضوعاً هو تبدل الفصول. فكل لقاء هو عبارة عن فصل تقوم هي باختراعه في غرفة السجن بواسطة ورق الجدران الذي يمثل الفصول والملابس والاغنيات المنسجمة معه. وفي كل لقاء يتقارب الجسدان أكثر إلى أن يتحدا في النهاية. قليلة هي المعلومات او معدومة عن خلفيات الشخصيات. لا نعرف سبباً للحكم على الرجل بالاعدام الا قبيل نهاية الفيلم. فالاخير ليس مهتماً بالجريمة او بالسلوك الاجرامي. انه عن العلاقات التي تنوجد في فراغ لتكون المحرك الذي يدفع بالاشخاص أبعد وعلى المشاهد أن يتابعها بمنطقها الخاص. ولكن نقاط الضعف في الفيلم كثيرة كشخصية السجين المثلي الجنس ومشاهد الزنزانة الصامتة التي تتكرر من دون تقديم اضافات.

العلاقات هي محور الشريط الفرنسي Les Chansons D'Amour لكريستوف اونوري مع كلويه سافينييه ولوي غاريل في الادوار الرئيسية. ولكن مقاربة المخرج موسيقية بحتة حيث تتخلل الفيلم أغنيات كثيرة تؤديها الشخصيات تعبيراً عن أحاسيسها بما يستدعي نمطاً سينمائياً لم يعد موجوداً احترفه أمثال جاك دومي وستانلي دونن. على آن ما يمكن أن يكون احياء له، اي النمط، يقف على حافة الفصام بين شقيه الدرامي والغنائي. ليس مقنعاً تحول الشخصيات إلى الغناء بين مشهد وآخر بينما الدراما الموجودة في الفيلم تبدو مجزأة ومبنية لترافق الأغنيات. يتحدث الشريط عن الفقد والموت والصداقة والوحدة من خلال شاب تموت حبيبته فيبقى مع ذكرياتها من أهل وأصحاب مشتركين بينما يصارع للخروج من الماضي بمغامرات مختلفة. الفقد موضوع فيلم Tehilim للفرنسي رافاييل نجاري الذي تدور أحداثه حول عائلة اسرائيلية مؤلفة من اب وام وولدين. عندما يُفقد الأخير بعيد حادث سيارة، تواجه العائلة تفاصيل يومية تتخطى الحزن. فالولد الأكبر المراهق يجد نفسه في موقع المسؤولية بينما هو غير قادر على الذهاب إلى المدرسة. بينما الأم تضطر إلى الانخراط مجدداً مع عائلة زوجها المتدينة التي يبدو انها نجحت في التنصل منها. يحاول المخرج الامساك بذلك الايقاع اليومي الجديد للعائلة وأن يصور معاناة الفقد وتأثيرها في الاشخاص المعنيين مستعيراً من المخرج الايطالي ناني موريتي فكرة المصيبة التي تفرق بعكس السائد من ان المصائب تجمع. ولكن شتان ما بين Tehilim نجاري وThe Son's Room موريتي. فالاول عجز تماماً عن تعميق النقاش وتدوير الشخصيات وعكس حالة العزلة. كل ما حققه هو نقد للمؤسسة الدينية التي تنشط على حساب الالم الانساني.

المستقبل اللبنانية في

22.05.2007

 
 

المخرج نجاري يركز في «المزامير» على الإنسانية ولا يجيب عن الأسئلة الدينية

ساركوزي يهتم بـ «كان» دعماً للهوية الثقافية الفرنسية «الفريدة»

تعهد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الأحد بالإبقاء على دعم الدولة لصناعة السينما الفرنسية وتعهد بالمحافظة على مفهوم البلاد التقليدي المتمثل في «هويتها الثقافية الفريدة». وجاء في بيان تلته باسم ساركوزي في مهرجان كان السينمائي وزيرة الثقافة المعينة حديثا كريستين ألبانيل «أنا فخور ببلدنا الذي يجسد ويدافع عن هويته الثقافية الفريدة». وقال ساركوزي «يتعين على فرنسا الدفاع عن هذه الآلية الرائعة للدعم المالي التي يجب ألا تفهم خطأ على أنها مجرد معونة مالية بسيطة.

إنها تخلق دائرة فعالة خارج شباك التذاكر مع ذهاب الأموال نحو الإبداع في حركة يؤمل ان تكون دائمة». وعلى الرغم من التكهن على نطاق واسع بأنه سيحضر بنفسه وبصورة رسمية مهرجان كان فإن ساركوزي لم يزر المهرجان أول من أمس الأحد لكن بيان ألبانيل وضع الرئيس الجديد بقوة على نهج سياسات أسلافه. كما تعهد الخطاب بالمحافظة على نهج فرنسا الصارم فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية التي تمثل أولوية أساسية في بلد ذي باع كبير في صناعة السلع الفاخرة وهي عرضة للتقليد غير المشروع فضلا عن الإنتاج السينمائي والموسيقي النابضة بالحياة. وقال البيان «الثورة الرقمية فرصة رائعة استغلها المهرجان من خلال فتح أبوابه لهذا النوع الجديد من التوزيع» لكنه حذر من أن التقنيات الجديدة فتحت أيضاً الباب أمام «القرصنة على نطاق واسع». وجاء في البيان أخيراً«سأكون يقظا في هذا المجال. على الجميع لعب دورهم في العمل على حماية الحقوق. يمكنكم الاعتماد عليّ».

عرض «المزامير»

في هذا الوقت تابع مهرجان كان أعماله وعرض للمرة الأولى الأحد فيلم «المزامير» وهو للمخرج الفرنسي المولد رافاييل نجاري ويدور حول عائلة تتعامل مع الضياع. ولكن القصة التي تقع أحداثها في القدس بؤرة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تدور حول كيفية مواجهة إحدى العائلات للعذاب الناجم عن اختفاء الأب المفاجئ وهو ما يؤدي بشكل محتوم إلى رسم خطوط متوازية ومتماثلة للأحداث مع التوترات التي تموج بها المدينة والمنطقة.

وبالتأكيد فإن فيلم تيهيليم وهي كلمة عبرية تعني المزامير لا يشير مباشرة إلى الصراع الذي يحيط بالمدينة، ويقبل نجاري بسهولة أن قصة فيلمه عن التأثير المزعج على هذه العائلة يمكن أن ينظر إليها بسهولة بوصفها استعارة لتأثير أزمة الشرق الأوسط على الحياة اليومية بالمنطقة. وقال عقب عرض الفيلم في كان إن القدس مكان للكثير من الآلام والمعاناة.

كان هناك الكثير لنعثر عليه عندما انتهى الفيلم»، وأضاف: «في النهاية إنه يعكس الوضع» وأن هذا غالبا ما يتضمن قدرا لا بأس به من الرمزية. ولكنه يصر رغم ذلك على أنه «لا يستطيع تقديم أجوبة عالمية. لم نكن أبدا نرغب في أن نقدم وجهة نظر سياسية للعالم أو الأمة». ولكن بالنسبة للممثلة ليمور جولدشتاين التي تلعب دور الأم التي انقلبت حياتها رأسا على عقب عندما اختفى زوجها بعد حادث مروري صغير فإن من الصعب تجنب التوازي بين الإحساس بالضياع الذي تشعر به الأسرة والمعاناة التي يعانيها الآخرون جراء الصراع.

وقالت خلال المؤتمر الصحافي الذي تلا عرض الفيلم: «الأمر الأكثر صعوبة هو عدم المعرفة». هناك ثلاثة جنود لا نعرف ما إذا كانوا أحياء أم لا .الأمر متشابه للغاية. في بعض الأحيان من الأفضل أن تعرف ما حدث». وتعتقد كل شخصية في الفيلم الأم ألما وابناها أنها تعرف ما حدث للأب وفي كل مشهد في الفيلم يثير تساؤلات حول ما يمكن أن يكون قد حدث. هل سئم من الحياة الأسرية والشجار بين الابنين والتوتر بشأن الدين وقرر أن يستغل الحادث للهروب منهم.

أم هل حدث شيء أكثر مأساوية؟ هل يمكن أن يكون قد اختطف؟. وتيهيليم هو خامس الأفلام الروائية لنجاري وهو إنتاج فرنسي إسرائيلي مشترك وهو فيلم منخفض التكاليف يستعين في بعض الحالات ممثلين غير محترفين ويلجأ الممثلون إلى الارتجال في كثير من المشاهد. ويبدو نجاري تواقا من خلال الفيلم لسبر غور التوتر الذي يحيط في العادة بالدين في إسرائيل بين أولئك الساعين لاعتناق نهج أكثر تقليدية لليهودية وأولئك الراغبين في الخروج من الحياة الدينية.

وفي لحظة معينة تطلب ألما من أهل زوجها الذين اجتمعوا خلال جلسة خاصة أن يغادروا حتى تتمتع ببعض الفراغ الخاص. ولكن نجاري يصر على أن فيلمه لا يحاول الإجابة عن أسئلة بشأن الدين أو حاجة بعض الأشخاص للصلاة. ويقول إن «إخراج فيلمي لا يقوم على الهوية. إن ما يهم هو الإنسانية».

رويترز و د.ب.ا

البيان الإماراتية في

22.05.2007

 
 

يوميات مهرجان "كان" السينمائي الدولي (6)

فيلمان يتعاملان مع جميع الناس

"سكر نبات" و"تنفس" سينما للسلام والبهجة

محمد رضا

في حين يؤدي الفيلم التسجيلي “الساعة الحادية عشرة” الى غضب شديد جرّاء ما تسبب به العلم من خسائر إنسانية يتسبب فيلم “سيكو” لمايكل مور في حالة من الحزن الشديد على أبرياء سحقت الحرب براءتهم وأعادتهم الى ذويهم مرضى او مشوّهين نفسياً او جسدياً. المشهد الأخير الذي نرى فيه هؤلاء يُستقبلون من قبل الكوبيين  الذين تصفهم الحكومة الامريكية بأعداء الولايات المتّحدة  لمعالجتهم مجاناً (حتى ولو من أجل البروباجاندا  اسأل المُصاب سيقول لك إنه لا يُمانع) يجعل المرء يشعر بحزن عميق لحال أناس زجّت بهم السياسة بعيداً عن أوطانهم ثم أعادتهم أشلاء من رحى معارك لا يدركون لم تُحارب ولمَ على الطرفين أن يخسرا العديد من القتلى والمصابين.

لكن الفيلم اللبناني، “سكّر نبات”، الذي عرض في اليوم الخامس من المهرجان (الأحد) بث شعوراً مختلفاً نحن بحاجة إليه أيضاً هو البهجة.

“سكّر نبات” لنادين لبكي كوميديا اجتماعية منسوجة بحب شديد لشخصياتها (على عكس “الرجل الضائع” تماماً) وبعيداً عن أن يحكم لها او عليها. كل ما يبغيه تقديم شرائحه من الشخصيات من دون أن يحمّلها أعباء ستدفع بها الى التميّز وتوفير العالم الصغير  الكبير لهذه الشخصيات ولألفتها والاحتفاء بضرورة الحب وانتصاره إذا ما استطاع أن ينفذ من الشباك والأقفاص التي عادة ما يجد نفسه محاطاً بها.

هناك مشهد في نهاية الفيلم يكثّف شعور البهجة الى آفاق لم يبلغها فيلم لبناني آخر من قبل: الفتاة المسلمة بين أربع فتيات، ثلاث منهن مسيحيات، يعملن في صالون حلاقة نسائي، تُزف الى من تحب. وفي الفرح يرقص لها الجميع. وتلتقط الكاميرا مشهداً لحمامة بيضاء ترتفع عالياً في السماء وتطير.

ليست الحبكة نوعاً من مشاكل بين الفتيات تنتهي بتحوّلهن الى صداقة بعد عداوة. الممتاز في الفيلم أن الفتيات بطلات الفيلم كن طوال الوقت صديقات وزميلات كل منهن تكترث للأخرى. التركيز إنما على المشاغل العاطفية لكل واحدة: الفتاة التي تخاف أن تكتشف أسرتها إنها وقعت في الخطيئة. الفتاة التي تكتشف أن الرجل الذي تحب يفضّل عليها  فجأة  زوجته فتحاول أن تنتقم أولاً ثم تنجح في تجاهله، والفتاة التي تخاف من التقدّم في السن فتعمد الى محاربته بكل وسيلة ممكنة، ثم الفتاة التي تشعر أنها مختلفة من حيث الميول العاطفية. ليس هناك حكم مع أو ضد أي منهن، بل  وكما في الحياة ذاتها  تتوالى المفارقات مثل جدول ماء لا يتوقّف ليبرهن عن شيء. إنه الحياة.

تحمّل

عما قريب ينتقل المذيع الليبرالي المتحرر بِل مار من الشاشة الصغيرة الى الكبيرة حالما ينتهي العمل على فيلمه الجديد (لا يزال بلا عنوان) الذي يدور حول ظاهرة التطرّف الديني بين بعض الفئات الأمريكية. لكن إذا ما كان هذا الفيلم في عداد الخطط المستقبلية فإن الكثير من الأفلام المشتركة في المسابقة او خارجها سبقت الجهد ليس عبر التحدّث عن التطرّف الديني كمشكلة بل عبر الاحتفال بالفن السابع من خلال تقديم أعمال مدروسة وجيّدة ولا يمكن نكران تأثيرها الانفتاحي على الثقافات المتعددة.

التجاوب الذي حققه “سكّر نبات” واحد من هذه الأفلام، لكن هذا ليس حكراً عليه وحده بل تتمخّض أفلام المسابقة عن الرغبة في أن يتعامل الفيلم الواحد مع الناس جميعاً بصرف النظر عن اختلافاتهم. هذا ما يحدث حين نطالع فيلم “تنفّس” الذي ربما بدا بعيداً عن هذا الموضوع، الا أنه في صميمه منتم إليه جيّداً.

هذا الفيلم الكوري من إخراج كيم كي دوك يتحدث عن زوجة تكتشف خيانة زوجها الذي تحمّلت سابقاً حالات مشابهة كما تحمّلت محاولاته الدائمة فرض رأيه وموقفه على رأيها وموقفها هي. بعد اكتشافها تلك الخيانة، تقرر القيام بشيء غريب: سجين محكوم عليه بالإعدام حاول الانتحار (يبدأ الفيلم به فعلاً) والزوجة تتأثر بوضعه الخاص وتقرر أن تزوره في السجن لتهديه بعض الصور وللترفيه عنه ولعب دور إنساني. هذا الدور الإنساني  إذ تتواصل الزيارات يومياً  ينقلب الى دور عاطفي إذ تقع في حبه كما يقع هو في حبّها  او بالأحرى يقع في فكرة أن هناك امرأة تحاول أن تنقذه من مأساته وتحنو عليه.

في نهاية الفيلم ينجلي المفاد عن أن السجين أنقذ الحياة العائلية شبه المنهارة بين الزوجين وبل دفع حياته ثمناً لذلك. هذا الإنقاذ تم عن طريق غير مباشر إذ قرّب بين الزوجين وأدّى بالزوج للتحوّل الى جادة الصواب. من ناحيتها، فإن انفتاحها على الآخر حتى ولو كان مجرماً يبدو الرسالة الرئيسية لهذا الفيلم وهي تلتقي وضرورة الانفتاح على الثقافات المختلفة.

دعوات

لكن الفيلم “الإسرائيلي” “تحيليم” لرفاييل ندجاري يمشي عكس كل هذه التيارات. الخطير فيه أنه يومئ بالرغبة في تقديم قصّة تتبنّى وجهة نظر الأم المنفتحة في مسألة عويصة تقع فيها ويعرضها المخرج علينا، لكنه في الحقيقة يروّج لمفهوم التطرّف اليهودي من حيث يدري او لا يدري.

“تحيليم” يبدأ بدرس ديني طويل وسبب طوله تأثر المخرج ندجاري بالمخرج “الإسرائيلي” أيضاً أموس غيتاي، حيث اللقطات الطويلة والكاميرا المحمولة يتعاونان على إثارة ضجر غير محدود. لكن سريعاً ما تسيطر القصّة التي يستعرضها الفيلم على الاهتمام. فرب الأسرة الذي نتعرف إليه وهو يدرس التوراة، يتسبب في حادثة سير بينما كان مع ولديه. يطلب من ابنه الأكبر أن يطلب النجدة لكن حين يعود الابن بها نكتشف اختفاء الأب. ولن نعرف، طوال الفيلم الى أين اختفى او كيف. ما سيعالجه الفيلم ليس غموض الاختفاء بل نتيجته على تلك الأسرة. فبعد اختفائه يزداد تعلّق الابن بالتعاليم الدينية التي يدرّسها له جدّه. هذا الجد يؤمن بأن الدعاء هو الذي سيعيد المختفي الى الوجود ويطلب من الزوجة أن تفتح بيتها الى المصلين لهذه الغاية، لكن من بعد أيام تبوح الزوجة أنها مجهدة وبحاجة الى الراحة ما يغضب الجد. هنا يلوم الصبي أمّه ويبدأ بالتعلق بأهداب أمل أن تؤدي الصلوات الى عودة أبيه. يسرق بعض مدخرات أمه ويضعها في كتب يوزّعها مجاناً على الطريق لينال دعوات المارّة. ثم يعود الى البيت حيث يطلب السماح من أمّه التي تسامحه. ينتهي الفيلم بأفراد العائلة وهي تنتظر في المحطّة.

الغاية دعائية. كيفما قلّبت الفيلم بين يديك تجده يؤدي بك الى هذا الاستخلاص. لكن منهجه راكد. الإثارة فيه معدومة. وأسلوب سرده القائم على تلك الكاميرا الساردة بتطويل يدعو الى الضجر أكثر من مرّة. لكن إذا ما كان هناك سبب فني لاستقباله كفيلم متسابق فإنه يعود الى موضوعه وسكينته تلك.

حقائق وأوهام في عرس الأفلام

 تستطيع، إذا ما كنت سينمائياً، أن تستغني عن حضور “كان” استغناء تامّاً.

 غير صحيح:

على كل سينمائي، من أي مكان، التعرّض  مرة واحدة على الأقل  لتجربة هذا المهرجان. هناك شبيه له في الحجم وفي السعة (برلين، تورنتو، فانيسيا) لكن ليس له مثيل فعلي لناحية الزخم والنشاط والجهد المبذول الذي يلبّي الحاجات المختلفة لكل قاصد، مهما اختلفت هذه الحاجات.

 تلعب السعفة الذهبية لمن يربحها دور المروّج التجاري لذلك المنافسة شديدة عليها.

 غير صحيح:

جائزة السعفة الذهبية تساعد بالتأكيد، لكن كم من فيلم لم تسعفه السعفة التي نالها. الجائزة بحد ذاتها قيمة معنوية رفيعة ومهمّة تؤدي الى احتفاء تلقائي بالمخرج الذي فاز فيلمه بها. لكن على الرغم من شهرتها الا أنها لا تستطيع تحقيق نقلة تجارية كبيرة لحساب الفيلم. معظم الجمهور حول العالم لا يكترث كثيراً لها.

 النقاد ولجان التحكيم لا يلتقيان في الموقف حول الأفلام الفائزة.

 هذا صحيح وغير صحيح معاً:

بكلمات أخرى، ليس هناك من معيار او نظام سائد مع هذا القول او ضدّه. في كثير من الأحيان صفّق النقاد للأفلام والشخصيات الرابحة، وفي أخرى كثيرة أيضاً صفّروا واحتجّوا. لكن الصحيح أكثر أن الجميع ينسى سريعاً.

 لا يزال المهرجان أهم تعبير عن حب فرنسا للسينما واحتفاء بها.

 صحيح:

ليس هناك دولة حققت مثل هذا القدر من الاهتمام بالسينما والسينمائيين. والمهرجان ليس سوى واحد من النشاطات التي تبرهن ذلك. هناك الإنتاجات المشتركة والتمويل لمخرجين مميّزين (من لبنان ومصر الى تونس والمغرب والجزائر ومن الولايات المتحدة الى الصين).

 غياب السينما العربية نتيجة مؤامرة أوروبية.

 غير صحيح:

إذا كانت هناك مؤامرة فهي عربية ضد حرية التعبير والتفكير. لكن المؤامرة تعني أن هذا يتم في الخفاء، بينما تجاهل السينما من البعض ومحاربتها من البعض الآخر وتحويلها الى تذكرة لهو عند البعض الثالث هو الذي يؤدي الى حالتها الحاضرة حيث لا يوجد من بين خمس عشرة دولة أنتجت أفلاماً في حياتها، خمسة عشر فيلماً جيّداً فعلاً في العام الواحد.

بعد المشاهدة

·         “سكّر نبات”: فيلم نادين لبكي المليء شغفاً بالحياة والرائع في معالجته الكوميدية لشخصياته.

·         The 11th Hour: ما صنعناه بالأرض وبطبيعتها وثرواتها مخيف لكن ما نواصل فعله أكثر من مرعب.

·         The Banishment: “الصد” هو قمّة تعبيرية شعرية جمالية بموضوع إنساني آسر عن العائلة المتداعية.

·         Brando: تسجيلي عن حياة الممثل مارلون براندو من خلال شهادات ممثلين آخرين ومشاهد.

·         Terror Advocate: باربت شرودر يتعامل وتاريخ حقبة رهيبة من الأحداث عبر مقابلة مع جاك جرفِس.

·         Zodiac: بوليس سان فرانسيسكو وصحافيين يطاردون قاتلاً بقي مجهولاً الى اليوم.

سجل المهرجان...

1959 "الأورفيو الأسود"

فرنسوا تروفو نال أول جائزة له من “كان” وهي لأفضل مخرج عن فيلم “400 نفحة” ومواطنته سيمون سينيوريه فازت بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم البريطاني “غرفة علوية”. ومجموعة ممثلي “إكراه”، ومنهم أورسن وَلز، نالوا الجائزة الرجالية في هذا المجال.

فيلم السعفة: “الأورفيو الأسود” (مارسل كامو  فرنسا)

فيلم كامو يتناول الميثالوجيا اليونانية المعروفة حول أوفوليوس (الأسود) ويوريديس (البيضاء) ويصنع منها عملاً وُصف بأنه راقٍ فنياً على خلفية كرنفال ريو دي جينيرو. “ما يشغل العين هو الكاميرا. التمثيل يبقى في خانة متواضعة والقصّة في الخلفية” حسب أحد النقاد. نال الأوسكار في العام التالي.

1960 “الحياة حلوة”

هذا العام تنافس اثنان من قمم السينما الإيطالية: فديريكو فيلليني ومايكل أنجلو أنطونيوني. الكاتب البوليسي جورج سيمنون ترأس لجنة التحكيم التي كان من ضمنها المخرج الروسي غريغوري كوزنتسف.

فيلم السعفة: “الحياة الحلوة” (فديريكو فيلليني  إيطاليا)

فيلم العبقري فيلليني يقوم على رحلتين: الأولى للفيلم في حياة بطله مارشيلو (مارشيللو ماستروياني) والثاني رحلة الإنتهازي مارشيللو نفسه بين شخصيات المجتمع بحثاً عن الحب والثروة، هذا قبل أن يكتشف أن ليس كل ما يلمع ذهباً. النقاد أحبّوا مشهد تمثال للسيد المسيح وهو يطير فوق روما محمولاً بطائرة، وما رمز إليه ذلك، لكن الفيلم هو بصرياً من تلك الأعمال الأخاذة الأولى للمخرج.

 

أوراق ناقد ... لبنان وفرنسا

سألت نفسي وأنا أنظر الى الصفوف الطويلة من الناس الذين تجمّعوا لمشاهدة الفيلم اللبناني “سكر نبات” لماذا؟ لم يتألّف هذا الجمهور من غالبية من الصحافيين والنقاد، بل من الجمهور الفرنسي العادي المقبل دوماً في “كان”، على السينما التي تخاطب الوجدان والعقل وتنقل الى المشاهدين مادة للتفكير وللتفاعل الثقافي. الجمهور المصطف الذي سريعاً ما ملأ الصالة حين فتحت الأبواب يعلم أن أفلام قسم “نصف شهر المخرجين” ليست لهوا وتسلية. يعرف أنها للفن وللثقافة ويقبل عليها. وتساؤلي ليس عن ذلك، بل عن لماذا يحتشد لمشاهدة فيلم لبناني؟

بعض الجواب جاء في نهاية الفيلم: عشر دقائق من التصفيق الحاد لمخرجة الفيلم ولممثلاته. لكن ما لم يجب عليه هذا التصفيق هو حقيقة أن الجمهور أقبل بغزارة أيضاَ على الفيلم اللبناني الذي سبقه “الرجل الضائع”. صحيح أنه لم يجد بينه هذا الترحيب، لكن الإقبال كان متساوياً.

هناك علاقة خاصّة “لبنانية  فرنسية” عززتها الثقافة والسياسة: لبنان الذي منح إستقلاله من فرنسا كثيراً ما استفاد من هذه العلاقة على المستويين المذكورين، أي ثقافياً وسياسياً.

لا ننسى أن الإنتاجات اللبنانية في معظمها الغالب، ومنذ بدء الحرب الأهلية والى اليوم، استندت الى التمويل الفرنسي. وفيلما دانييل عربيد ونادين لبكي (“الرجل الضائع” و”سكّر نبات” على التوالي) استمرار لما سبق. أفلام سمير حبشي وبهيج حجيج وبرهان علوية ومارون بغدادي وسواهم الكثيرين اعتمدت على هذه العلاقة الخاصة حين توجهت الى فرنسا بحثاً عن التمويل. وفرنسا ربما أكثر بلاد العالم رعاية للثقافة واهتماماً بها. وكلنا نعلم كيف أن الفنانين السينمائيين حين يغادرون بلادهم هرباً من الدكتاتورية (كما حدث في تشيلي والأرجنتين) او حين يطلبونها للمساعدة على بلورة مشاريع فنية او ثقافية.

اللبناني من بين المرضي عنهم وللسبب الذي ذكرناه أعلاه. وكون التمويل فرنسي يجعل المهرجان الفرنسي “كان” أول المهرجانات التي يتم فيها عرض تلك الأفلام. لا ننسى أن “كان” وليس أي مهرجان آخر بما فيها المهرجانات العربية، هو الذي اكتشف الراحل مارون بغدادي وزياد الدويري وسواهما.

حين يحتشد الفرنسيون ساعة قبل فتح باب الدخول. وحين يملأون المقاعد بأسرع من مغادرتها، وحين يصفّقون لموهبة لبنانية إنما يقولون: نحن معكم. تحيّة مشكورة كم كنا نتمنّى لو كانت عربية متبادلة.

الخليج الإماراتية في

22.05.2007

 
 

بعد «الطريق إلى غوانتانامو»... ونتربوتوم يصور قضية بيرل «قلب قوي»:

تسييس رسالة إنسانية من زوجة مفجوعة

كان (جنوب فرنسا) - ابراهيم العريس

هل من المستحب خلط الانواع السينمائية الى هذا الحد في فيلم مأخوذ من التاريخ المعاصر ويحمل قضية محددة لينتهي برسالة سياسية وانسانية واضحة؟ يطرح المرء على نفسه هذا السؤال حين يخرج من عرض فيلم الانكليزي مايكل ونتربوتوم الجديد «قلب قوي» والذي يعرض في التظاهرة الرسمية لمهرجان «كان» من دون أن يكون في المسابقة الرسمية. الدافع الى السؤال هو القضية نفسها التي يتناولها الفيلم: قضية الصحافي الاميركي دانيال بيرل، الذي خطف في كراتشي بعيد أحداث ايلول (سبتمبر) 2001، ليعدم ذبحاً على يد متطرفين يعتقد كثر انهم ينتمون الى تنظيم «القاعدة». في حينه اثار مقتل بيرل على تلك الشاكلة البشعة، غضباً شديداً في العالم كله. ولاحقاً وضعت عنه كتب عديدة. لكن الكتاب الذي وضعته أرملته ماريان، كان الأفضل. وهو نفسه ما نقله ونتربوتوم الى الشاشة الكبيرة من انتاج براد بيت وتمثيل انجلينا جولي (في دور ماريان). ففي حين اطل ونتربوتوم ليقدم فيلما سياسياً يعادل به، ضمن المنطق الانساني نفسه، فيلمه السابق «الطريق الى غوانتانامو» الذي دان فيه ممارسات الأميركيين ولا سيما تجاه معتقلين «ابرياء» في غوانتانامو، تحول جزء أساسي من الفيلم بين يديه الى فيلم تشويق كما الى عمل بوليسي، ناهيك عن كونه ايضاً دراما عائلية وحكاية حب وخيانات وغدر. ربما يكون هذا في صالح رواية الفيلم، ومع هذا من الصعب اتهامه باستغلال قضية سياسية وانسانية لتحقيق أرباح.

ليس في احداث الفيلم، طبعا، مفاجآت. فهو يروي الحكاية المعروفة، وان كان يرويها من وجهة نظر ماريان بيرل. لكن اللافت فيه انه يقدم عرضا مميزاً لآليات العمل الاستخباراتي والبوليسي، وصورة تكاد تكون سياسية خالصة للتعاون بين الأميركيين الرسميين والسلطات الباكستانية. ويطل في طريقه على محاولات سياسية لاستغلال القضية من قبل وزير باكستاني في الصراع بين الهند وباكستان. وفي المقابل نراه يقدم صورة تفصيلية للهرمية الارهابية تكاد تكون تقنية بحتة. ثم في النهاية، حين ينتهي هذا كله، يوصل من طريق الزوجة المفجوعة، رسالة انسانية تكاد تقول ان الارهاب سيبقى ما دام الفقر والظلم قائمين. ولعل ما تجدر ملاحظته هنا هو أن الفيلم كان من الخفر بحيث أنه استنكف عن أبلسة الارهابيين انفسهم. كما أنه لم يبد استعراضيا، اذ في وقت كان يمكن فيه لمحطات تلفزيونية كثيرة ان تعرض دون انسانية صور الفيديو عن ذبح بيرل، نراه بلسان الزوجة يرفض عرض هذه الصور. في كل هذا ليس ثمة أي غبار، وان كان يمكن العودة دائماً الى الاسئلة التي تطرح على السينما السياسية من حول مكوناتها. وهي اسئلة ليس هنا مكانها. ومع هذا لا يمكن المتفرج الا ان يتوقف كثيراً عند تأكيد الفيلم مرات ومرات على يهودية بيرل وعلاقاته باسرائيل ما يمكن، مواربة، ان «يبرر» على أي حال لقاتليه، من وجهة نظرهم الخاصة، قتله، كذلك تأكيده على أن ثمة ثلاثة اشخاص ناطقين بالعربية زاروا بيرل في لحظاته الأخيرة. ثم بدأ ذبحه. لم يقل انهم ذبحوه لكنه أعطى الاشارة على هذا النحو. وهي اشارة كان يمكن - طبعا - الاستغناء عنها، كما الاستغناء عن «حشر» اسرائيل في الأمر، ما كان من شأنه ان يؤكد على الطابع الانساني للفيلم، وعلى ان استشهاد الصحافي بيرل لم يضع هدراً... وهو ما كانت زوجته تريد قوله بالطبع.  

الحياة اللندنية في

22.05.2007

 
 

شارع الموت

تارانتينو يثير الجدل في فيلم يعيد الذكريات

قصي صالح الدرويش

بقدرته المعتادة على الدهشة والإدهاش، قدم كانتان تارانتينو فيلمه "شارع الموت" ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان. تارانتينو مدلل النقاد الفرنسيين والمخرج الاميركي الذي يعتبره الكثيرون من أبرز موهوبي جيله، خصوصا منذ تحفته الفنيةPulp Fiction الذي نال جائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان قبل 13 عاما، ثم جائزة أوسكار أفضل سيناريو. والحق يقال إن موهبة تارانتينو برزت منذ فيلمه الروائي الأول Reservoir Dogs، ثم تكرست بتحفته الأخيرة Kill Bill الذي لعبت بطولته اوما تورمان وديفيد كارادين، ولا ننسى فيلم جاكي براون الذي جاء مختلفا عن كافة أعماله السابقة.

في شارع الموت يعيد تارانتينو المتفرج إلى سينما رعب الستينات والسبعينات حيث يتسلى مجنون مهووس بتقطيع ضحاياه. المجنون هنا هو مايك ـ الذي كان يعمل سابقا ممثلا بديلا "كومبارس" لمشاهد السيارات البهلوانية ـ أداته القاطعة ليست ساطوار بل سيارة دودج متوحشة وحصينة. أما الضحايا فثلاثة صبايا جميلات ومثيرات: جوليا التي تعمل في مزج الموسيقا DJ وصديقتيها شانا وارلين اللواتي يتنقلن بين البارات والمراقص في ليل تكساس ويثرن الانتباه أينما ذهبن. لكن هذا الانتباه ليس بريئا دائما، هكذا فإن مايك صاحب الوجه المحير والمقلق يبدأ بتعقبهن وتصويرهن ويحاول إثارة ذعرهن بسيارته المتوحشة التي يستعملها كأداة لهو وقتل في آن معا.

بزي وأسلوب سائقي السبعينيات يحاول مايك التعرف إلى الجميلة جوليا مقترحا عليها إيصالها بسيارته. جوليا تقع في المصيدة وتنقلها رحلة ذعر إلى موت دموي وعبثي، سيكون بداية لمصير مشابه لصديقاتها في شارع الموت أو بالأحرى طريق الموت السريع..

في مقاطعة تينيسي وفي منطقة اسمها لبنان، نتابع أربع فتيات جميلات أخريات يقدن سيارة ضخمة متوحشة. إحداهن تبدو رياضية، تربط ذراعيها بمقدمة السيارة ليبقى جسدها طليقا أثناء مسيرة الوحش الميكانيكي.. تتسلى الفتيات في جو ممتع قبل وقوع المفاجأة.. مايك نفسه هنا.. يبحث عن إرضاء شهوته الدموية. لكن الضحية اختلفت هذه المرة، وها نحن أمام مطاردة معاكسة تنتصر فيها النساء.

بهذه المطاردة المفاجئة انتهى فيلم تارانتينو الذي اتسم بتصوير محكم، لاهث ومخيف، ليؤكد نفسه مرة أخرى كمخرج كبير قادر على التجدد.بعض النقاد أخذ على الفيلم اهتمامه بالعنصر البصري أكثر من بحثه في العمق، مؤكدين أن الفيلم عاجز عن المنافسة على السعفة الذهبية. بينما وجد البعض الآخر أن المخرج لم يصل في أفلامه السابقة إلى هذه الدرجة من الجدة والسخرية اللاذعة والجماليات البصرية وأن "شارع الموت" هو أفضل ما عرض في المهرجان حتى الآن.

الأكيد أن الفيلم أثار جدلا بين النقاد. أما تارانتينو فقال إنه أراد أن يقدم تحية لسينما الستينات والسبعينات التي تغذى عليها والتي كانت تعالج مواضيع محرمة في وقتها مثل الجنس والعنف الفج، مضيفا أن هذا النوع أصبح جامدا لدرجة أن كل الأفلام أصبحت متشابهة لذلك أراد صنع شيء قائم على نفس البنيان لكن مختلف، أراد صنع معزوفته الخاصة.. أخيرا لا بد من التنويه بمستوى الأداء التمثيلي خاصة كيرت راسل الذي لعب دور المهووس ببراعة مخيفة.

موقع "إيلاف" في

22.05.2007

 
 

سلمى حايك: معجبة بشخصية أم كلثوم

كان: عبد الستار ناجي

عبرت النجمة الاسبانية سلمى حايك في تصريح خاص، عن إعجــابها الشديد بشخصيـة كوكـب الشرق أم كلثوم، والتي أشارت الى انها تعرفت على صوتـها من خــلال أســرتها ذات الأصـول العربية ـ السورية والتي هاجرت الى أميركا الجنوبية واستقرت في المكسيك.

وجاءت تصريحات سـلمى بمناسـبة وصولها الى مدينـة كـان الفرنسـية برفقـة خطيبها رجـل الاعمــال بييـــر هنـري المتخصص في مجـال المجوهـرات والحــلي.

وقالت سلمى في تصريحها الخاص إنها بصدد التحضير لثلاثــة مشاريع سينمائيـة جديدة في هوليوود من بينها فيلم يتحدث عن عــالم العمليات الجراحية الغـامضة التي تحول الانسـان الى حقل تجارب بالذات مع الشخصيـات القادمة من العــالم الثالث.

وأشارت إلى أنها لن تفكر حاليا بالعودة الى الانتاج مجدداً بعد الديون الكبيرة التي تعرضت لها في فيلمها «فريدة كالو»، الذي يتناول حياة الفنانة التشكيلية الاسبانية فريدة كحلو التي عاشت حياة صاخبة بالعمل والمغامرات. وعلى الرغم من النجاح الفني الكبير الذي حققه الفيـلم وترشيحه لثلاث جوائز اوسكار، إلا ان الفيلم تعرض لمشاكل في التوزيع عالمياً.

وأشارت سلمى الى انها تقوم ومنذ اكثر من خمسة اعوام بجمع اكبر عدد من المعلومات عن أم كلثوم والدور الكبير الذي قامت به في الاغنية العربية ومن أجل مصر والعــالم العربي إثر نكسة يونيو (حزيران)، الذي وصفته سلمى بأنـه دور حضاري ومـوقف وطني يجسد عشــق ومحبة أم كلثوم لمصر والعـالم العربي.

هذا وستشارك سلمى حايك في عدد من المناسبات على هامش مهرجان كان السينمائي الدولي الذي تتواصل أعماله حتى السابع والعشرين من مايو (أيار) الحالي.

الشرق الأوسط في

23.05.2007

 
 

في مهرجان كان السينمائي‏:‏

تحطــيم كل أفكار القــرن العشــرين

كان‏:‏ أحمد عاطف

استطاع مهرجان كان السينمائي الدولي ـ المنعقد حاليا أن ينجح في الاختبار الصعب الذي وضع نفسه فيه باعتباره أهم مناسبة سينمائية في العالم‏..‏ فلم يخذله النجوم الكبار وحضر الكثيرون منهم مثل ليوناردو دي كابريو وأندي ماكدويل والمخرج دافيدلينش ولوك بيسون‏..‏ ولم يخذل المهرجان هو الآخر متابعيه وعرض في الأيام الأولي أكثر من تحفة سينمائية كلها حطمت أفكار القرن العشرين وعلي رأسها الرأسمالية والشيوعية‏.‏

أول الأفلام التي تستحق هذا الوصف هو الفيلم الجديد للمخرج الأمريكي مايكل مور‏,‏ الذي حصل عام‏2004‏ علي السعفة الذهبية للمهرجان عن فيلمه فهرنهايت‏11/9,‏ وجاء بفيلم عنوانه سيسكو‏,‏ وهو العنوان الذي لم يفك أحد شفرته حتي الآن‏,‏ برغم إعجاب الجميع بالفيلم إعجابا بالغا‏.‏

وبرغم أن موضوع الفيلم ـ وهو عن التأمين الصحي بأمريكا ـ يوهم بأنه فيلم عن شأن داخلي أمريكي يعرفه فقط الذين يعيشون هناك‏,‏ لكن معالجة مايكل مور جعلته فيلما عن آلام الإنسان وعلاقته بصحته وتعامله مع أمراضه‏..‏ بل جعلتنا نتساءل عن علاقة الوطن بمواطنيه‏..‏ وإلي أي مدي يوفر لهم رعاية صحية واهتماما بإنسانيتهم‏.‏

يبدأ الفيلم بمجموعة من الأمريكيين الذين لا يتمتعون بالتأمين الصحي‏..‏ ويرينا الفيلم مدي ما يتعرضون له من قسوة من المستشفيات والأطباء حتي أن أحدهم فضل ألا يعيد إصبعه المقطوع لمكانه بعد أن طلبت المستشفي مبلغ‏32‏ ألف دولار لعمل ذلك‏..‏ ثم يفاجئنا الفيلم بأن هناك‏250‏ مليون أمريكي لديهم تأمين صحي بالفعل‏..‏ وتبدأ فصول المهزلة عندما كشف لنا مايكل مور عن كيف أن شركات التأمين الصحي بالولايات المتحدة الأمريكية تتسبب في قتل الملايين بسبب رفضها اعتماد تقاريرهم الطبية‏..‏ ويصل مايكل مور لنقطته الساخنة عندما يقابل متطوعين في أحداث‏11‏ سبتمبر رفضت الحكومة الأمريكية علاجهم من الأمراض التي لحقت بهم أثناء المساعدة في رفع أنقاض برجي مركز التجارة‏..‏ثم يفجر مفاجأته الكبري‏,‏ فيذهب لفرنسا وانجلترا وكندا لاكتشاف أن كل تلك البلاد تمنح التأمين الصحي لمواطنيها مجانا ويصل لأعلي درجات السخرية من الولايات المتحدة عندما يصطحب المرضي الذين قابلهم بالفيلم إلي معسكر جوانتانامو المحتجز فيه المتهمون بالإرهاب‏..‏ بعد أن يعرض لنا أنهم يحصلون علي رعاية صحية أفضل من كل الأمريكيين‏,‏ ثم يعرج علي كوبا فيذهب بالمرضي إلي أكبر مستشفي هناك ليتلقوا جميعا العلاج مجانا‏.‏

تلك الرحلة التي جعلت الإدارة الأمريكية تفتح تحقيقا موسعا مع مايكل مور لأنه خرق المقاطعة الأمريكية مع كوبا‏..‏ وليس هذا السبب الحقيقي للغضب علي مور‏,‏ لكن لأنه أعلن بالاسم أعضاء الكونجرس الذين حصلوا علي أموال ضخمة من شركات التأمين الصحي بأمريكا‏,‏ بل عملوا فيها بعد مستشارين لهذه الشركات‏,‏ وأعلن أيضا ما حصل عليه جورج بوش تحت مسمي تبرعات من هذه الشركات‏.‏ والغضب الأكبر من المسئولين بأمريكا جاء للنقد القاسي الذي وجهه مور للنظام الأمريكي بأكمله‏.‏

أما النجم الهوليوودي ليوناردو دي كابريو‏,‏ فقد أكمل هو الآخر الصفعة علي وجه أمريكا بفيلمه التسجيلي الساعة الحادية عشر الذي أنتجه وقام بدور الراوي وشارك في كتابته مع المخرجتين ليلي ونادية كونورز‏..‏ والفيلم يتحدث عن ظاهرة الاحتباس الحراري التي تتسبب في فقدان التوازن البيئي في العالم واختلال درجات الحرارة مما يسبب البراكين والأعاصير والزلازل التي زادت أخيرا‏,‏ مثل تسونامي وكاترينا‏..‏ ويحلل الفيلم بصورة نادرة وشديدة الخصوصية كيف أن نمط الحياة العصري هو الذي تسبب في ذلك‏..‏ فالرغبة في الاستهلاك جعلت الحاجة للوقود أكبر وحرق غاز ثاني أكسيد الكربون أعلي‏..‏ ثم قطع ملايين الأشجار التي كانت تختزن هذا الغاز‏..‏ فلم يجد له مكانا لطبقات الجو العليا وصنع البطانية الحرارية التي تلحفنا والمسماة الاحتباس الحراري‏.‏

يقول دي كابريو إن مصير الإنسان في الأرض مهدد بالانقراض‏,‏ وإن الحل هو احترام الطبيعة أولا ثم نبذ الحياة الاستهلاكية ثانيا‏,‏ وشدد علي الأخري‏..‏ تلك الأفكار التي تأتي من اسمين من كبار مشاهير الغرب وتنقذ الرأسمالية والنظام الأمريكي وتضربه في مقتل لتثير الإعجاب بالدور الذي يلعبه فنانون في منتهي الوعي هدفهم أن يكون الإنسان في وضع أفضل‏..‏

وعلي حد النقيض‏,‏ نري الفيلم الفرنسي رجل ضائع للمخرجة اللبنانية المقيمة بفرنسا دانييل عربيد‏..‏ وهو فيلم شديد الرداءة‏,‏ ليس به أي شيء حقيقي‏..‏ مجرد مشاهد مطولة للممارسات الجنسية لرجل فرنسي ينتقل من الأردن للبنان ومعه رجل عربي شارد دائما لا نعرف لماذا‏..‏ وقد أعلنت المخرجة في أحد حواراتها بالمهرجان أن هدفها كان تقديم الجنس‏,‏ وأن هذا هدفا في حد ذاته‏..‏ وأنها واثقة أن ذلك لن يستقبل جيدا من العرب‏..‏ وأضافت‏:‏ لا أريد أن أضع نفسي في موقف المخرجة القادمة من العالم العربي في إشارة إلي أنها ليست تقدم قضايا وطنها‏.‏

وبعيدا عن الأفكار الكبري‏..‏ استمتعنا بفيلمين رائعين أولهما تنفس للمخرج الكوري كيم مكي دوك الذي ملأ وجداننا بنسائم تأمل بفكرة الموت والحياة وما يستحق الإنسان أن يعيش من أجله‏..‏ من خلال رجل محكوم عليه بالإعدام تزوره في سجنه خطيبته السابقة وتقوم بتمثيل فصول السنة الأربعة له‏..‏ رغم معرفة زوجها بالأمر‏,‏ بل وصل لدرجة مطارحته الغرام في السجن إرضاء له‏..‏ فيلم صعب حكيه لأنه مليء بالشعر السينمائي المرتكز علي فكرة التنفس وكيف أن أنفاسنا التي هي الحياة ذاتها والفيلم الرائع الآخر هو الروماني‏4‏ شهور و‏3‏ ساعات ودقيقتان وهو فيلم بسيط عن امرأة تحاول مساعدة صديقتها في إجهاض نفسها في رومانيا وقت الشيوعية‏,‏ وكيف أن السيدتين تتحملان تحرش الشخص الذي يقوم بالإجهاض لهما‏..‏ مقابل أن يتخلصا من الجنين‏..‏ والفيلم علي بساطته يثبت أن السينما الحقيقية الغلبة فيها للقدرة علي الترغيب وليس علي الموضوع في حد ذاته‏.‏

أما مفاجأة المهرجان‏,‏ فهي في الفيلم الإسرائيلي زيارة الفرقة عن زياة فرقة موسيقي من شرطة الإسكندرية لإسرائيل وتوهانها في إحدي المناطق هناك وكيف تستضيف الفرقة بمنزلها سيدة تعشق مصر وتظل طوال الوقت تتغزل في أفلام السينما المصرية‏,‏ وكيف أنها تربت عليها‏..‏ بل وتذكر بالحنين أغاني فريد وأم كلثوم‏..‏ رغم عدم منطقية الفكرة بأن ترسل مصر فرقة رسمية هكذا لإسرائيل بدون أي ترتيبات‏..‏ قدم المخرج كل ما هو مصري بحق‏..‏ فأغلب شخصيات الفرقة مليئة بالإنسانية‏..‏ وهو ما ترك تساؤلا ضخما عن مغزي صنع الفيلم في هذا التوقيت؟‏..‏ وهل هو دعوة للتطبيع وإقناع المتفرجين بأن الناس العاديين ليس لهم علاقة بالسياسة؟‏!‏

الأهرام اليومي في

23.05.2007

 
 

كل امرأة تعيش بشخصيتين

سكر بنات: جنس وحب وعلاقات

كان (فرنسا) - من هدى ابراهيم  

نادين لبكي تقدم فيلما حميميا كشف مخرجة شابة لا تتردد في ملامسة الكثير من المحرمات

بعيدا عن الحرب التي ظلت لازمة للافلام اللبنانية التي انتجت في السنوات العشر الاخيرة التي اعقبت الحرب تقدم نادين لبكي في شريطها "سكر بنات" الذي عرض في اطار مهرجان كان فيلما عن النساء والصداقة والحب.

وقد عزز فيلم "سكر بنات" الذي عرض ضمن تظاهرة "خمسة عشر يوما للمخرجين" الحضور اللبناني القوي هذا العام في مهرجان كان السينمائي مع فيلم لبناني اخر لدانييل عربيد ضمن نفس التظاهرة.

كما يحتفى بهذا البلد في تظاهرة "كل سينمات العالم" الموازية عبر يوم لبناني يتخلله عرض افلام وطاولة مستديرة حول السينما اللبنانية.

ورحب الجمهور والنقاد على حد سواء بالفيلم الذي عرض الاحد حيث اشارت مجلة "الفيلم الفرنسي" الى حماسة الجمهور لهذا الفيلم فيما قالت صحيفة "ليبراسيون" انه "ليس هناك مشهد واحد ليس فيه ذكاء الى درجة ان كل شيء يمر بسهولة غريبة".

وبالفعل فان المخرجة تلامس في "سكر بنات" عددا من المحرمات والتابوهات في المجتمع اللبناني ملامسة ناعمة معبرة.

ولعل الفيلم وصل بهذه السهولة الى جمهوره غير العربي لما ينطوي عليه من صدق في التعاطي مع الافكار والمواضيع المطروحة وفي كلامه بخفة عن عوالم النساء في مجتمع ممزق بين الحداثة والتقليد.

وتقول المخرجة ان "المرأة اللبنانية تبحث عن صورتها بين المرأة الغربية والشرقية وعليها دائما ان تحتال لتعيش كما تريد وحين تفعل تحس دائما بعقدة ذنب."

وتضيف المخرجة متحدثة عن نفسها "حتى انا ورغم المهنة الفنية التي اعمل بها أحس بوطأة التربية والتقاليد والدين علي".

وقد نبعت فكرة صنع هذا الفيلم من تساؤلات المخرجة حول طبيعة المراة اللبنانية المهووسة بمظهرها والتي لا تزال تبحث عن ذاتها.

والفيلم خمسة نماذج لنساء ينتمين الى خلفيات اجتماعية متباعدة لكن العمل يطل من خلالهن اطلالة شفافة على وضعية المرأة في المجتمع اللبناني ويبين الى اي حد يقبل هذا المجتمع الكذب ولا يقبل الصراحة.

ومن خلال صالون التزيين الذي هو محور الاحداث تطل نادين لبكي على وسط بيروتي نسائي بامتياز تعمل فيه ليال (نادين لبكي) التي تحب ربيع المتزوج ونسرين التي تحضر لزواجها في مجتمع يريد للفتاة ان تكون عذراء قبل الزواج.

في الصالون ايضا تعمل ريما التي تجد نفسها منجذبة الى النساء وهناك جمال التي ترفض ان تكبر في العمر كما كل النساء.

والى جانب الصالون هناك روز الخياطة التي تضحي بحياتها من اجل اختها المضطربة عقليا.

كل شيء يمر عبر الاحاديث التي تتناول الجنس والحب والعلاقات على وقع آلات قص الشعر والتزيين.

ويبين الفيلم ايضا وبطريقة لا لبس فيها الهوة التي تفصل في معظم الاحيان بين الاجيال وغالبا جيل الاهل وجيل الابناء حيث تكاد كل امرأة تعيش بشخصيتين احداهما خارج المنزل والثانية داخله مع الاهل.

"جميع الشخصيات التي صورتها شخصيات اثرت في واحببتها كما ان الرجال في الفيلم هم كما احبهم ان يكونوا والشخصية السلبية الوحيدة التي لا احب بين الرجال هي شخصية العشيق المتزوج ونحن لا نرى وجهه في الفيلم" تقول المخرجة.

"سكر بنات" فيلم ناعم وجميل وصادق ولا يدعي اكثر من بساطته الممزوجة بحس فكاهي مستوحى من سخرية اللبناني من ذاته، سخرية تنجيه من الكثير من المآزق.

شكرا على "مساحة الاوكسيجين" هذه التي وفرها لي الفيلم تقول احدى السيدات للمخرجة لدى خروجها من العرض وتقترب اخرى منها لتقول "لقد شعرت بالسعادة لمشاهدة الفيلم".

وحضرت المخرجة الى كان مع جميع العاملين في فيلمها ومعظمهم من غير المحترفين الذين يقفون للمرة الاولى امام الكاميرا.

وتقول نادبن لبكي التي تميزت منذ فيلم تخرجها "11 شارع باستور" عام 1997 ان الفيديو كليب كان "المختبر الذي طلعت منه".

وباعتبار "سكر بنات" الفيلم الاول للمخرجة فهو مرشح لنيل جائزة الكاميرا الذهبية التي تمنح للعمل الاول للمخرج لكن هناك افلام كثيرة وقوية تنافسه على نيل هذه الجائزة التي ينشدها جميع الشباب كونها تكرس من يفوز بها وتفتح امامه مجالات الانتاج.

ميدل إيست أنلاين في

23.05.2007

 
 

"البوسطة" نجح فى الخروج من المحلية ليخترق الأسواق المصرية والخليجية

كان يشارك السينما اللبنانية همومها

كان-هدى ابراهيم

شكلت تطلعات وهموم السينمائيين اللبنانيين الشباب محور ندوة ضمن فعاليات اليوم اللبنانى فى تظاهرة كل سينما العالم التى تستضيف هذا العام اضافة الى لبنان كلا من الهند وافريقيا وبولندا وكولومبيا.

واستهلت ايمى بولس رئيسة مؤسسة سينما لبنان الندوة بالحديث عن دور المؤسسة الخاصة فى دعم وضعية الفيلم اللبنانى وقالت "نحاول خلق ديناماية كما نحاول ايصال الفيلم اللبنانى الى الخارج ونساعد المشاريع الجديدة ونسعى لايجاد نتاجات لها".

وبدأت الندوة بالتطرق الى موضوع تدريس السينما فى لبنان حيث يوجد 6 مؤسسات ومعاهد تدرس مادة السينما.

وتبين من خلال الافلام التى عرضت فى اطار هذا اليوم ان الجيل الاحدث سنا تكون كليا فى لبنان بينما تخرج الجيل الاكبر سنا من معاهد فى فرنسا والولايات المتحدة وغيرها.

تلك كانت حالة ميشال كمون الذى عرض فيلمه "فلافل" ضمن التظاهرة والذى درس السينما فى باريس وكذلك حالة اسد فولدكار الذى يعمل حاليا فى مصر والذى درس السينما فى الولايات المتحدة وعرض له فيلمه "لما حكيت مريم".

اما غسان سلهب الذى عرض له فيلمه "الرجل الاخير" فقد تكون على نحو عصامى بينما جاء الثنائى جوانا حجى توما وخليل جريج "يوم آخر" من الادب وفضاء الفن التشكيلى الى الفن السابع.

وعرضت ضمن التظاهرة افلام قصيرة لكل من ديما الحر وهانى طمبة وقصى حمزة وشادى روكز ومعظم هؤلاء الشباب تخرجوا من لبنان.

وتم التطرق فى الطاولة المستديرة الى المضامين التى تعاطى معها الفيلم اللبنانى فقالت جوانا حجى توما "نحن نهتم بلبنانية افلامنا ونحن منتبهون للصورة التى نريد ايصالها عن بلدنا". لكن خليل جريج الذى يشاركها العمل اشار الى ان السينما ليست سفيرة للبلد.

اما ميشال كمون فعقب بان "مدارس السينما لا تعلمنا كيف نصنع افلاما لكنها تعلمنا التركيز وتزيد احساسنا بماهية السينما التى هى الالف باء التى استخدمها لاعبر عن نفسي". واضاف "اريد ان اكون صادقا فى افلامى وان اعمل سينما وليس فيلما لبنانيا فقط".

اما المخرجة الشابة ديما الحر التى قدم لها فيلمها القصير "ام علي" فقالت ان ا"لسينما تتكلم عنى وعن احاسيسي. وفى السينما احكى قصصا من بلدي".

وستبدأ ديما الحر تصوير فيلمها الطويل الاول فى ايلول المقبل فى بيروت وتدور احداثه حول يوم الاستقلال فى لبنان.

وطرحت خلال الطاولة المستديرة اسئلة حول اولوية السينما فى بلدان تعانى مشاكل وحروب واقتصادها هش مثل الاقتصاد اللبنانى وحيث لا يخصص للسينما فى وزارة الثقافة سوى ميزانية قيمتها 50 الف دولار سنويا تمنح لانتاج الافلام القصيرة والطويلة على السواء.

ويغيب وجود صندوق دعم فعلى فى لبنان يساعد على دعم السينما كما هو الحال فى تونس او المغرب او فى مصر حيث تعتبر الدولة منتجة فى معظم الاحوال.

واشتكى البعض من كونه ينفق الكثير من الوقت والجهد فى العلاقات العامة والبحث عن انتاج اكثر من الوقت الذى يصرفه على العمل الفني.

وركز غسان سلهب على ان انتاج الفيلم اللبنانى يظل مغامرة واضاف كمون شارحا بلغة صورية ان كل فيلم لبنانى هو عبارة عن "قطار يفبرك سكته بنفسه".

من ناحيته اشار فولدكار الى ان السينمائيين اللبنانيين لا يعملون مع بعضهم البعض وانما كل واحد لوحده ولكل طريقته فى الوصول الى انجاز فيلم.

وعقبت ايميه بولس على كلامه بالاشارة الى بدء تكون فرق عمل فنية فى لبنان بفضل المدارس فيما اراد آخرون الحفاظ على تفاؤلهم لافتين الى بدء ولادة سوق عربية للفيلم وبدء اهتمام التلفزيونات به ايضا.

واذا كانت السينما اللبنانية ما زالت متواضعة فى الافلام الطويلة لناحية الكمية فهى تنتج ثلاثة افلام سنويا غير ان هذه السينما تشهد شبابا جديدا يتجسد خاصة فى الافلام القصيرة وتنوعها ومحاولات معالجتها لمواضيع اخرى غير الحرب.

وفى وقت اوجد بعض المخرجين موزعين لهم فى الخارج ونجحوا فى تسويق افلامهم فان البعض الآخر فضل انجاز نتاجات تجارية تجد لها جمهورها المحلى الذى يقبل على العمل بكثافة.

تلك كانت حالة فيلم "بوسطة" الذى حقق 150 الف بطاقة دخول فى لبنان والذى اخترق السوق المصرية وبعض السوق الخليجية وهذه ايضا حالة فيلم "دلوعة بيا" الذى يعرض حاليا فى لبنان. ويبيع السوق اللبنانى 3 ملايين بطاقة سنويا وتعد بيروت نحو 90 صالة عرض.

وتصور اربعة افلام طويلة هذا العام فى لبنان رغم حرب الصيف الماضى التى تركت آثارها المدمرة على هذا البلد ودخلت حتى الى قلب الافلام التى كانت حاولت الابتعاد عن هذه الموضوعات والالتفات اكثر الى مواضيع مدينية اجتماعية.

العرب أنلاين في

23.05.2007

 
 

مايكل مور يضرب من جديد: أميركا بلد «متخلّف» صحّياً!

مايكل مور الابن الرهيب للسينما الأميركيّة

كان ـــ محمد رضا

«أنا أميركي. لا بد من أن أكون حرّاً في السفر أينما شئت». هكذا تكلّم مايكل مور خلال المؤتمر الصحافي الذي تلا عرض فيلمه الوثائقي الجديد «سيكو»، ليردّ على التهمة الموجهة إليه في أميركا، فيما هو يقدم فيلمه في «كان». مور، الابن الرهيب للسينما الأميركية، يعرّي في «سيكو» نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، بعدما سلّط الضوء على العنف الضارب في عمق المجتمع الأميركي («باولينغ لأجل كولمباين»)، وبعدما كشف خلفيات سياسة بوش في الحرب على العراق («فهرنهايت 9/11»).

مايكل مور لا وقت لديه لمواجهة الإدارة الأميركية التي رأت أنّه خرق قواعد المقاطعة الأميركية لكوبا، إذ توجّه إليها مع عدد من المصابين والمرضى الأميركيين لعلاجهم في مستشفيات فيديل كاسترو. والسينمائي الأميركي المشاكس مطالب بالردّ على تلك التهمة غداً بالتحديد. لذا تراه يتساءل: لماذا أُعلن عن القضيّة في هذا الوقت بالذات؟ «هل استيقظ أحدهم من سباته، وقال: مايكل مور لديه فيلم جديد، فلنضايقه قليلاً!».

صاحب «فهرنهايت 9/11» يدرك أنّ المسألة لا تتعلّق بزيارته إلى كوبا بحد ذاتها، بقدر تعلّقها بتوجّهاته السياسية: فهو على يسار خط الوسط الأميركي. ليس من اليسار الصامت، بل من أولئك الذين يصنعون أفلاماً ضد الإدارة الأميركية. أكثر من ذلك، هو صوّر رئيس البلاد جالساً في صف التلامذة الصغار يفكّر بما سيصنع بعدما أعلموه بأن نيويورك تعرّضت لضربة إرهابية. ولا يكتفي بذلك، بل يوقف أعضاء الكونغرس لدى خروجهم من مكاتبهم، ويسألهم لماذا يؤيّدون الحرب في العراق؟ وهل هم على استعداد لإرسال أولادهم للقتال هناك؟

بعد «فهرنهايت 9/11» الذي خطف سعفة «كان» الذهبية قبل ثلاث سنوات، يقارن مور في فيلمه الجديد «سيكو»، بين نظام الخدمة الصحية في الولايات المتحدة، ومثيلاته في أنحاء العالم... وكان قد قام بمقارنة مشابهة، في «باولينغ لأجل كولمباين»، على مستوى القوانين التي تسمح بامتلاك الاسلحة النارية. ويظهر مور في عمله الجديد، كيف تجني شركات التأمين الصحي ثروات ضخمةً على حساب المشتركين فيها ومآسيهم وحاجاتهم. ويلجأ الى إحصاء يكشف أنّ هذا النظام الصحّي يضنّ على المواطنين بالرعاية اللازمة، في أكثر من حالة مرضيّة: فهو لا يقبل معالجة المريض في حالات محدّدة لأنّها مكلفة. وهذا ما يضع الولايات المتحدة في المرتبة ٨٣ بين دول العالم... بالنسبة إلى موضوع الرعاية الصحية، أي مباشرةً قبل سلوڤانيا، وبمراتب كثيرة بعد كندا وبريطانيا وفرنسا و...كوبا! نعم، كوبا.

ولعل «كولمباين» هي الرابط الذي يسهّل الانتقال من مور إلى زميله ومواطنه غس ڤان سانت الذي عرض فيلمه الجديد «متنزه بارانويد» في كان يوم أمس. فقد أنجز فيلماً، هو الآخر، لكنه روائي، عن مذبحة مدرسة كولمباين التي وقعت عام 1999 في أميركا، عندما فتح طالبان النار خلال أحد الفصول الدراسية وأوقعا مجزرة حقيقية من النوع الذي لا يمكن حدوثه إلا في أميركا. عودة إذاًَ إلى السينما الروائية، من خلال «متنزه بارانويد». فيلم آخر لهذا المخرج المستقلّ، يتناول فيه خلوّ حياة أبطاله من المشاعر الاجتماعية والعاطفية التي تربطهم ببيئتهم. منذ «كولمباين» وفان سانت يتابع وضع أبطاله في بيئات معزولة ومشابهة، شريطة أن يحافظ على قطع أي صلة بينهم وبين المرجعية الاجتماعية. بالنسبة إليه، هؤلاء يتحرّكون في فراغ محكم. يعيشون في «بالونات» باقي أيامهم على الأرض ولا يسعون إلى الخروج منها.

تلك هي الحال أيضاً في فيلمه الجديد «متنزه بارانويد» المقتبس عن رواية بليك نلسون حول فتى (غيب نَڤينز) يسبّب مقتل حارس في الكلية التي يدرس فيها، لكنّه لا يواجه مسؤوليّته بل ينفيها... ويستمر في العيش ضمن منظوره، حياةً فارغة من الاهتمامات الأخرى.

هذا الفراغ هو أفضل ما يوفّره الفيلم... فهو أيضاً فارغ من عناصر التواصل مع مشاهديه. لا يملك ما يُثير، ويستغني المخرج عن كل ما يمكنه تشكيل خط تصاعدي للأحداث، مكتفياً بخطّ مستقيم ورتيب من الأحداث. وعلى عكس «سيكو» الذي يخاطب العالم، يخالجنا إحساس بأن «بارانويد بارك» هو فيلم حقّقه فان سانت لنفسه.

الأخبار اللبنانية في

23.05.2007

 
 

... وفي اليوم السابع احتج الإيرانيون وأعاد «عصيّة على الموت» اختراع السينما...

حين أيقظ تارانتينو أهل المهرجان من سبات كان يستبد بهم

كان (جنوب فرنسا) - إبراهيم العريس 

هل حصلت «السعفة الذهبية» أخيراً على فيلمها؟ هذا السؤال بدأ يطرح هنا في شكل جدي، فدخلت على الشاشة آخر صور فيلم كوينتن تارانتينو «عصيّة على الموت» ثم كلمة النهاية، ثم صورة إضافية ثم موسيقى صاخبة غربية رافقت خروج الحضور من الصالة... مذهولين. الذهول هو الشعور الذي انتاب كثراً على أي حال. فمن حيث لا يتوقع أحد، بدا واضحاً أن تارانتينو، وأكثر مما اعتاد أن يفعل في أي مرة سابقة، يعيد اختراع فن السينما من جديد. يفعل هذا وهو بين المازح والجاد في فيلم يبدو للوهلة الأولى وكأنه احتجاج على مصير بطلتي فيلم زميله ردلي سكوت «تيلما ولويز» قبل سنوات. غير أن هذه العبارة الأخيرة لا يجب أن تخدع أحداً، ففي العمق ليس لـ «عصيّة على الموت» علاقة بفيلم سكوت، ولا بأي فيلم على الاطلاق. إنه فيلم جديد في ذهنية جديدة وفي تركيب هندسي جديد. تركيب يعد المتفرج في كل دقيقة بفيلم، ثم يقوده الى فيلم آخر. على هذه الطريقة، إذاً، أيقظ تارانتينو في هذا الفيلم الذي يخلط الأنواع ويعيد اختراعها والربط بينها. أيقظ مهرجان «كان» في دورته الستين من سبات أو تثاؤب كانا قد بدآ يدبّان فيه. على الأقل في الأفلام «الكبيرة» التي كانت حبلى بالتوقعات، فإذا بمعظمها يخيب الآمال إلى درجة أن من كان يريد أن يتفاءل قليلاً كان عليه أن يبحث في تظاهرات أخرى، في فيلم إسرائيلي من هنا، لبناني من هناك، أو صيني بينهما.

وسط مثل هذا المناخ قلب فيلم تارانتينو الاتجاه تماماً. قدم فيلماً ذكياً عنيفاً حنوناً إلى ما بعد حداثته الخاصة، حتى إن بدا أولاً فيلماً شبابياً، ثم لاح فيلماً عن سفاح مريع، ليبدو بعد ذلك وكأنه مزحة توقع في طريقها القتلى من دون هوادة. منذ الآن نقول إن الدهشة والغضب سيكونان كبيرين إذ لم يفز هذا الفيلم بالسعفة الذهبية. ونقول أيضاً إن الأقلام ستكتب عنه كما لم تكتب عن أي فيلم آخر في الآونة الأخيرة، وان سينمائيين كثراً سيكتشفون أن لديهم موضوعات تشبه موضوعه ويشمرون اكمامهم.

في انتظار ذلك أمكن محبي السينما السياسية (ومن قال، بعد كل شيء، ان «عصيّة على الموت» ليس فيلماً سياسياً؟)، أمكنهم أن يشاهدوا فيلم الرسوم المتحركة الوحيد في المسابقة «برسبوليس» لمرجان سارتابي. إن لم يكن حباً بالفيلم وأسلوبه، فعلى الأقل نكاية بسلطات إيرانية احتجت على عرضه. هذه السلطات لم يرقها أن يتحول كتاب شرائط مصورة روت فيه سيدة إيرانية طفولتها قبل الثورة الإسلامية وفرارها من هذه الثورة مع أهلها، إلى فيلم يشاهده الناس أجمعين ويصفقون. جمهور «كان» لم يبال طبعاً بالاحتجاج الإيراني، وعرض الفيلم، وصفق له أناس يتساءلون منذ سنوات ماذا حدث للسينما الإيرانية التي كانت تتحفنا بجديدها المبدع قبل حلول أحمدي نجاد ومحافظيه في السلطة؟

بين تارانتينو والاحتجاج الإيراني ليس ثمة قاسم مشترك. ولكن من المؤكد أن تارانتينو، وإنما في شكل موارب، يقدم في «عصيّة على الموت» وصفة للرد تليق أيضاً بمن يريد موت السينما والفن والحرية من طريق الاحتجاج الرسمي.

الحياة اللندنية في

23.05.2007

 
 

يوم لبناني طويل في "كان" الـ 60 بين "كل سينمات العالم" و"نصف شهر المخرجين"

نادين لبكي ودانييل عربيد في استعراض قوة تتقنان لعبتيهما النجومية سلاح الأولى والمشاكسة والصدمة وسيلة الثانية

كان ـ ريما المسمار

أول من أمس كان نهاراً لبنايناً على ضفاف الكروازيت في "كان" التي استضافت في تظاهرة "كل سينمات العالم" السينما اللبنانية. وهي تظاهرة اطلقها المهرجان قبل عامين وتعتمد في كل دورة على دعوة سبعة بلدان الى تقديم نتاجها السينمائي. شاركت في التظاهرة أربعة أفلام لبنانية طويلة وأربعة قصيرة. الافلام اللبنانية الطويلة التي عُرضت يوم 21 أيار/مايو هي: "أطلال" لغسان سلهب، "فلافل" لميشال كمون، "يوم آخر" لخليل جريج وجوانا حاجي توما و"لما حكيت مريم" لاسد فولادكار. في الطرف الآخر من الكروازيت، استضافت صالة "نوغ هيلتون" فيلمي "سكر بنات" و"رجل ضائع".

بين تجربتي نادين لبكي ودانييل عربيد مسافة تحكمها التجربة والشخصية. لعل المقارنة بينهما ما كانت لتبدو ملحة لولا تجاور فيلميهما في مهرجان كان في الفئة عينها: نصف شهر المخرجين أو Quinzane Des Realisateurs. الأولى توقع فيلمها السينمائي الاول "سكر بنات" Caramel آتية من عالم الصورة الملمّعة والموسيقى الرائجة التي تخطب ود شريحة كبرى من جمهور الشباب والمراهقين وحتى الناضجين. ثبتت اسمها فيه لتتحول في غضون سنوات قليلة نجمة توازي شهرتها شهرة من تصورهم. أما الثانية فتأتي الـQuinzane مرة ثانية بثاني تجربة سينمائية روائية "رجل ضائع" Un Homme Perdu، تتبع محاولتها الأولى "معارك حب" وعدداً من التجارب القصيرة الروائية والوثائقية، تلوح في خلفيتها شخصية مشاكسة. تختلف التجربتان شكلاً ومضموناً مع احتفاظ كل منها بمزاياها وهناتها. قد تكون بيروت القاسم المشترك الحاضر الغائب في الفيلمين. انها بيروت الحرب في شريط عربيد، نلمحها خراباً ونشتمها دخاناً وغباراً في المشهد الافتتاحي الذي يشير الى العام 1985. الكاميرا تحاصر وجه رجل مذعور يركض هارباً في ما أصبح مشهداً كلاسيكياً في الافلام اللبنانية التي أُنجزت عن الحرب سواء أبعدها أم خلالها. الصورة باتت تمتلك رموزها فهي تحيلنا على احتمالات الموت والهرب والفقدان والخطف والهجرة... وبيروت هي بيروت الحاضر في شريط لبكي وان كان لا يُشار الى ذلك بوضوح وليس للأمر أهمية فما يقوله الفيلم يخص شخصيات لا نتخيلها الا موجودة دائمة الحضور، لا تترك أمكنتها ليس بدافع بطولي وانما لانعدام خياراتها. قد تكون شخصيات "سكر بنات" خارجة لتوها من حرب أهلية او من حرب تموز أو سواها.. فذلك لن يغير في الامر شيئاً. انها شخصيات بسيطة تعيش اللحظة وترتضي عيشها اليومي مهما تقلبت الأحوال اذ انها لا تملك سوى أن تصارع في سبيل البقاء. يغزل كل فيلم عالمه انطلاقاً من شخصياته. عالم الفيلم هو عالم الشخصيات المتشكل من رغباتها ومخاوفها وأحلامها وخيباتها. ولكن بينما تشرع لبكي عوالم شخصياتها على نهارات المدينة وشوارعها وناسها، تتصل شخصيات عربيد بالليل والسهر والبارات حيث اطلاق العنان للرغبات يظهر وجوهاً أخرى للشخصيات. شخصيات "سكر بنات" تعيش ضياعها البسيط المحكوم بقدر ارتضت هي به. أما شخصيات عربيد فتحيا ضياعاً داخلياً في محاولة صنع قدرها كل يوم. بين حلاوة الاول ـ صفة تنطلق من العنوان وتنطبق عليه ـ ومرارة الثاني تتشكل صورة غنية ومتناقضة لبيروت وأشخاصها هي غالب الظن ما أغرى ادارة التظاهرة لعرض الفيلمين مجتمعين مع كل مخاطر المقارنة والنقد. على أن تلك المقارنة لن تنتهي الى نتيجة واحدة. فالاختلاف هنا بين الفيلمين وتناقضهما ينسحب على المخرجتين أيضاً. بين نادين لبكي التي تختزل النجومية والنجاح بالمعنى الجماهيري ودانييل عربيد ذات الحضور الخاص الذي يتملص ظاهرياً من سلوكيات النجومية تصبح اللعبة مقرونة بمن يذهب أبعد في الاطار الذي يحتويه. والواقع ان كلتيهما تلعبان اللعبة بمهارة من دون تجنب مخاطرها وأبرزها سيطرة اللعبة على صاحبتها. لبكي بأنوثتها الطاغية وشهرتها المبكرة تُخرج فيلماً محملاً بحلاوة الحياة وخفتها ـ وهما ما اختبرته فيها ـ وتحضر فيه وجهاً اساسياً تجد الكاميرا صعوبة في أن تحيد عنه. انه ذلك الحضور الذي تطغى فيه الشخصية الواقعية على الشخصية السينمائية فتحضر نادين لبكي في الفيلم أكثر مما تحضر "ليال". أما عربيد التي تحاول أن تصنع لنفسها صورة المشاكسة والمتمردة والمختلفة بخياراتها الحياتية والسينمائية فتدفع بالخطوط الامامية أبعد ذاهبة باللعبة الى تخوم المواجهة مع الاعراف والتفاليد والمجتمع. بمعنى آخر، تستغل كل منهما صورتها الى أبعد حدود وتتمسك بما لديها من ذخيرة حققت لها بعض الحضور والتألق. غني عن القول أن جهد لبكي المنصب على تكريس صورة تتماشى مع المجتمع ويتوافق عليها الجميع من جمهور ومعجبين وصحافيين ـ وليس في ذلك أي خطأ ـ لن تُتاح لعربيد الآتية أصلاً من خارج قوانين المجتمع وفوق ذلك تحاول أن تدفع بخطوطه الحمراء الى سقف أعلى. بهذا المعنى، قد لا تكون المقارنة لصالح عربيد ذلك انه يسهل التواصل مع "سكر بنات" بينما يحتاج "رجل ضائع" الى جهد أكبر وتخطي للحواجز والممنوعات وتجاوز "الصدمة الأولى" اذا جاز التعبير من فكرة تقديم فيلم لبناني لمخرجة لبنانية (إمرأة) هذا القدر من الجنس والعري. في المحصلة، تقود المقارنة بين الفيلمين ومخرجتيهما الى معادلة التناقضات الجذابة حيث يتلاقى اللين بالقسوة والرقة بالخشونة والأنوثة بالشغف والحب بالشبق.

بجهد مشترك بين لبكي وجهاد حجيلي ورودني حداد خرج سيناريو "سكر بنات" مشبعاً بحكايات النساء وعالمهن وأسرارهن الصغرى والكبرى. عالم وردي حالم، تحكمه الصداقة والتكاتف والبساطة والاحلام العادية. "ليال" و"نسرين" و"جوانا" ثلاث صديقات يعملن معاً في محل لتزيين الشعر تملكه الاولى او تشرف على ادارته. في عالمهن المغلق ذاك والمفصول عن العالم الخارجي بستائر تحمي خصوصية الداخل بينما تثير مخيلات المارة في الشارع، تدخل شخصيات نسائية أخرى مثل "جمال" الامرأة الاربعينية التي تأبى الاعتراف بمرور الزمن الذي أفقدها شيئاً من جمالها والكثير من بريق الشباب. لذلك نراها تسعى لدى كل فرصة سانحة الى تجربة أداء للاعلانات في محاولة لإقناع نفسها أنها مازالت تصلح لها النوع من العمل. وما اصرارها على التأكيد على أنها مازالت تعاني من مشكلات الحيض وآلامه الا مؤشراً الى مشكلة أعقد تتمثل بإحساسها بفقدان الخصوبة كإمرأة بالدرجة الاولى. يفسر ذلك غياب زوجها وانفصالهما. أما "روز" الخياطة فتعيش أزمة الشيخوخة والوحدة حيث لا رفيق لها سوى شقيقتها "ليلي" البعيدة من أي توصيف عقلاني سليم. أما الفتيات الثلاثة، فلكل مشكلتها: ليال التي تعشق رجلاً متزوجاً لا يفي بوعوده، نسرين المقبلة على زواج من شاب محافظ وجوانا التي تميل بمشاعرها الى البنات. يُحاك الفيلم حول نقاط تحول تواجهها النساء الشابات وتتطلب قرارات حاسمة. في هذه الأجواء، يسهل على الفيلم أن يوظف عناصره الجذابة كالرومنسية والصداقة لينتصر في نهاية المطاف لعالمه النسائي ولفكرة أن كل شيء ممكن مع الحب والصداقة. يتخذ الفيلم عناصر القوة من حميميته ومن حواراته الطريفة. ثمة قدرة على اجتراح واقع ملموس يسهل تخيله ومعايشته خلال فترة الفيلم وربما التماهي او التعاطف مع شخصياته. انه ذلك العالم المغلق المغري خلف الابواب الذي يشكل معظم الفيلم. المشاهد الخارجية قليلة كذلك هي اللقطات المتحركة والكادرات القريبة بما يذكر أحياناً بمقاييس الفيديو كليب التي شكلت انطلاقة المخرجة. يشكل الأداء التمثيلي نقطة ثقل أخرى في الفيلم تتقاسمه الممثلات بالتساوي مع حضور طاغٍ للبكي في دور "ليال" لا يلعب دائماً لصالح العمل. كذلك يحاول الفيلم توسيع مروحة موضوعاته بأن يحيد على أفكار المثلية الجنسية والاجهاض والجنس قبل الزواج ولكنه مرة أخرى يستعير نعومة شخصياته للتعاطي معها بلين كأنه يمرر يداً من حرير على حديد ساخن.

لا تعترف دانييل عربيد بالرقة في "رجل ضائع" حيث يتحول الفيلم طرقاً متواصلاً على موضوعات حساسة انما من دون اطلاق أية أحكام. من بيروت العام 1985 في المشهد الافتتاحي، ينتقل الفيلم الى شمال سوريا في العام 2003 حيث الوجه الذي شاهدناه هارباً في البداية قد شاخ أكثر وازدادت حدته يعمل في حقل ما. على أثر مشادة صامتة مع رئيس العمال، يترك المكان ويتجه في سيارة أجرة الى الحدود الاردنية السورية. هناك وبعد القاء القبض عليه بسبب استغراقه في مقاربة إمرأة، يثير اهتمام مصور وصحافي فرنسي. ينتهي المطاف بالرجلين في فندق درجة رابعة في الأردن حيث المصور يحاول استدراج الاول الى الكلام انما من دون طائل. يروي المصور افتتانه بالتجارب الانسانية الغريبة التي يسافر من مكان الى آخر لاصطيادها من دون ان يفوت على نفسه فرصة البحث عن طرائده الليلية في الحانات والبارات. يغرق الاثنان في الملذات الليلية مع بقاء الرجل اللبناني متيقظاً خائفاً من ان يلتقط الفرنسي صورته. بينما الأخير لا يتوقف عن التصوير حتى خلال ممارسة الجنس ليتضح ان تصوير المومسات هو من هواياته. يقضي الاثنان أيامهما متسكعين بحثاً عن بؤرة صالحة للتصوير ويصطدمان بمواجهة السلطات. على أن المصور عازم على معرفة سر الرجل فيحرض عليه مومساً لاستنطاقه ونقل أخباره اليه. يتضح انه لبناني، ترك بيروت في 1985 من دون ان يترك خبراً أو أثراً لزوجته هناك. ولاحقاً بعد مشادات ومضايقات، يعترف للمصور بأنه هرب على اثر محاولته قتل زوجته في ما ستبقى نقطة غامضة في سياق الاحداث. في بيروت، يتمكن المصور من معرفة مكان سكن الزوجة ويزورها ليخبرها لاحقاً بأنه يعرف زوجها. أما الأخير فيكون في تلك الاثناء قد تعرض لحادثة سيارة أقعدته في المستشفى.

يمتلك الفيلم عالمه الخاص المدفوع الى حدوده القصوى بإصرار مخرجته التي يمكن اطلاق وصف "الوقاحة" مجازاً عليها. فهي منذ أفلامها السابقة تلاحق موضوعاتها وشخصياتها وتصر على اقتحام عوالمهم بكاميراها التي لا تعترف بخصوصية ولا حدود فتذهب الى الفراش مع المصور وتعبر الأجساد كما لو كانت يداً تستفز أكثر منها تمسد. انه عالم سقوط الأقنعة وسقوط الأسئلة والهواجس أمام حقيقة واحدة هي حقيقة الجسد العاري. يبني الشريط لعلاقة مثيرة للاهتمام بين الرجلين لا تخلو من افتتان ومن تبادل المواقع والهويات ويطرح فكرة المفقودين من منظار آخر مضاد لفكرة الانتظار حيث ترفض الزوجة عودة زوجها كما يرفض العائد عودته فيقرر أن يهرب من جديد راكضاً مرة ثانية كأن قدره الهروب المتواصل. (ستكون لنا عودة الى الفيلم بمقالة منفردة).

بينما ينطلق "سكر بنات" في الصالات اللبنانية منتصف الشهر القادم، بنتظر "رجل ضائع" مصيراً مجهولاً وان كان شبه معلوم لمخرجته التي تستبعد عرضه في بيروت الى أن تبرهن الأخيرة (بأجهزتها المسؤولة) عن قدرة على احتضان الاستفزازيين لتكتمل المعادلة.

المستقبل اللبنانية في

23.05.2007

 
 

يوميات مهرجان "كان" السينمائي الدولي (7)

الأفلام الأمريكية حاضرة على الشاشة الرئيسية

قطار المهرجان يحمل بضائع هوليوود وبوليوود

محمد رضا

كما بات معروفاً أكثر من مرّة فإن العلاقة بين السينما الأمريكية والمهرجانات الدولية علاقة “عايز ومستغني”. أو ربما قادر على الاستغناء في أي حين. كل ما على هوليوود القيام به هو رفض الاشتراك في أي مسابقة والاكتفاء بالتوجّه الى جمهورها الواسع حول العالم.

الجمهور الذي يوفّر لها نحو ستة بلايين دولار سنوياً من صالات السينما وحدها. لا عجب والحالة هذه أن المهرجانات الأخرى كافّة تسعى بدأب حثيث على سبل دفع هوليوود لاعتمادها شاشة تعرض عليها أفلامها قبل سواها. من برلين إلى فانيسيا ومن دبي الى طوكيو هناك صد أمريكي ضد هذا النوع من العروض على أساسين:

الأول أن الأفلام الأمريكية، خصوصاً الهوليوودية، مضمونة التوزيع والثاني أن لجان تحكيم المهرجانات الدولية قلّما تمنح فيلما رئيسياً من هوليوود جائزة أولى، ما يجعل العلاقة بأسرها غير مستساغة.

لكن “كان” خرق هذه القاعدة وتجاوز صعابها منذ سنوات عديدة. هو المهرجان الوحيد الذي تتعاون هوليوود معه على نحو مندفع. والأفلام الأمريكية متوافرة على شاشته الرئيسية لجمهور يريد أن يعاملها كصلب في الثقافة السينمائية. كحالة وجدانية مشابهة لتلك التي تجدها في أفلام أوروبية او آسيوية بعيدة. ولم لا تتعاون إذا ما برهن على أن التجارة في “كان” رابحة وأن الترويج الذي يجده في هذا الحفل لا يمكن له أن يجده في أي مكان آخر.

هكذا تحوّلت المسابقة والعروض الرسمية خارجها إلى منصّة تجارية أيضاً أي الى جانب السوق السينمائي المخصّص لبيع الحصاد التجاري من هوليوود وبوليوود وغيرهما. هذا ما عاد مهرجاناً للنخبة الفنيّة فقط، بل قطاراً يحمل شتّى البضائع تختار منها ما تشاء.

لكن يبقى أن هناك أفلاماً أمريكية تقصد “كان” لأن “كان” الأنسب لها. أفلام خاصّة لا أمل لها باستحواذ مثل هذا الإعلام الكبير إذا ما توجّهت حتى إلى برلين أو فانيسيا أو روما (آخر المهرجانات العالمية الجديدة). ومن هذه الأفلام “سيكو” لمايكل مور و”بارانويد بارك” لغس فان سانت.

الرعاية أو عدمها

“سيكو” هو فيلم آخر من أعمال المخرج المستقل مايكل مور، السينمائي التسجيلي الواقف على يسار خط الوسط الأمريكي وهو ليس من اليسار الصامت، بل من الذين يحققون أفلاماً ضد الإدارة الأمريكية. ليس هذا فقط بل يصوّر رئيس البلاد وهو جالس في صف التلامذة الصغار يفكّر ما يصنع بعدما تم إعلامه بأن نيويورك تعرّضت لضربة إرهابية.

ثم لا يكتفي بل يوقف أعضاء الكونجرس حال خروجهم من مكاتبهم ويسألهم لماذا يؤيّدون الحرب في العراق وإذا ما كانوا على استعداد لإرسال أولادهم للقتال هناك.

طبعاً هذا لا يحدث في فيلمه الجديد “سيكو” بل وقع -وإن لم ينته الأمر- في فيلمه السابق “فهرنهايت 11/9” الذي خطف السعفة الذهبية قبل ثلاث سنوات.

في فيلمه الحالي “سيكو” يقارن بين نظام الخدمة الصحية في الولايات المتحدة، وبين مثيلاتها حول أنحاء العالم (مقارنة عقدها سابقاً حين تعرّض لموضوع انتشار الأسلحة في فيلمه الأسبق “باولينغ لأجل كولمباين”) ويصور كيف تجني شركات التأمين الصحي ثروة ضخمة من وراء معاناة المشتركين بها وعلى حساب مآسيهم وحاجاتهم.

الى ذلك يعمد الى إحصاء يظهر كيف أن هذا النظام الصحّي يضن على المواطنين بالرعاية اللازمة في أكثر من حالة مرضية فهو لا يقبل تولّي معالجة المريض في مثل هذه الحالات لكونها مكلفة. هذا ما يجعل الولايات المتحدة الرقم 38 في قائمة الدول بالنسبة لموضوع الرعاية الصحية. مباشرة فوق  سلوفانيا وبمراتب كثيرة تحت كندا وبريطانيا وفرنسا وكوبا.

“بارانويد بارك” عمل آخر لغس فان سانت (“غود وِل هانتينغ”، “فيل” الخ...)  يتناول فيه خلو حياة أبطاله من المشاعر الاجتماعية والعاطفية التي من شأنها ربطهم بالبيئة التي يعيشون فيها. منذ أن أنجز فيلمه “فيل” سنة  2003 عن حادثة كولمباين ذاتها التي تناولها -تسجيلياً- مايكل مور في “باولينغ لأجل كولمباين”، حيث شابّين صغيرين يقومان بارتكاب المجزرة المعروفة مستغرقين طوال الفيلم في سلسلة من الاستعدادات المطوّلة، وهو يتابع وضع أبطاله من الأحداث في بيئات معزولة ومشابهة شريطة أن يحافظ كذلك على قطع أي صلة بين أي منهم والمرجعية الاجتماعية. بالنسبة إليه، هؤلاء يتحرّكون في فراغ محكم. يعيشون في “بالونات” تتدحرج ولا تطير، وتخلق صندوقا زجاجياً تعيش فيه باقي أيامها على الأرض ولا تسعى للخروج منه.

هذا هو الحال أيضاً في فيلم مستخلص من رواية بليك نلسون حول فتى (غيب نَفينز) يتسبب في مقتل حارس أمني ملحق بالكلية التي يدرس فيها لكنه لا يواجه مسؤوليّته في ذلك بل ينفيها ويستمر في العيش ضمن منظوره لحياة فارغة من الاهتمامات الأخرى. هذا الفراغ هو أفضل ما يوفّره الفيلم، فهو أيضا فارغ من عناصر التواصل مع مشاهديه. لا يملك ما يُثير ويستغني عن كل ما من شأنه تأليف أحداث تتصاعد مكتفياً بخط مستقيم ورتيب من الأحداث هو يدعوه سينما والمهرجان يدعوه لتقديمه في إطاره.

جناح الإمارات يستقطب شركات الإنتاج السينمائي

يشارك مهرجان دبي السينمائي الدولي ومدينة دبي للاستوديوهات بجناح خاص لدولة الإمارات العربية المتحدة في الدورة الستين لمهرجان كان السينمائي، أحد أهم مهرجانات السينما في العالم، في خطوة تعد الأولى من نوعها، وتستهدف تعزيز مكانة الدولة كمركز إقليمي رائد ووشجهة مثالية لصناعة السينما تلبي كافة احتياجات كبار صناع الأفلام من مختلف أنحاء العالم.

وقد استقطب الجناح اهتماماً واسع النطاق من قبل شركات الإنتاج السينمائي العالمي الراغبة بتوسيع أعمالها في المنطقة، وذلك استكمالاً لسلسلة من اللقاءات والاجتماعات المثمرة التي عقدتها إدارة مهرجان دبي السينمائي الدولي مع كبار الشخصيات السينمائية العالمية خلال فعاليات الدورة الثالثة للمهرجان نهاية العام الماضي.

من جانبه قال عبدالحميد جمعة، رئيس مهرجان دبي السينمائي الدولي: “يعد جناح الإمارات في مهرجان كان مبادرة جديدة تستهدف تعزيز شعار مهرجان دبي السينمائي الدولي كملتقى للثقافات والإبداعات، في وقت يتعزز فيه دور المهرجان كسفير للثقافة الإماراتية في كافة أنحاء العالم. ومما لا شك فيه أن دبي باتت تمتلك الكثير من الإمكانيات والطاقات كمركز للإنتاج السينمائي ومصدر للمواهب السينمائية الواعدة، الأمر الذي أكده الإقبال الكبير الذي شهده جناحنا في مهرجان كان”.

وأضاف: “تأتي إقامة جناح الإمارات في مهرجان كان كنتيجة طبيعية لنمو مكانة دبي في قطاع السينما العالمي، حيث يمثل الجناح إضافة نوعية إلى فعاليات مكتب صناعة السينما الذي أسسه المهرجان العام الماضي في خطوة لتعزيز التواصل بين المواهب الإماراتية الشابة وخبراء صناعة السينما من شتى أنحاء العالم”.

الأسئلة السياسية تلاحق النجوم

لاحقت الاسئلة السياسية مايكل مور وجميع الممثلين والنجوم الذين اشتركوا في المؤتمرات الصحافية. صحافيون كثيرون كانوا يريدون معرفة آراء المتحدّثين في الحرب العراقية. والمتحدّثون كانوا في مستوى ليوناردو دي كابريو، براد بت، أنجلينا جولي، مات دامون وسواهم الكثير.

بالنسبة لمايكل مور فإن هذا الاهتمام بمواقفه السياسية معروف. لا يمكن الحديث معه لسؤاله - مثلاً- عن التصوير أو الموسيقا او سواها من عناصر الفيلم. لكن بالنسبة لليوناردو دي كابرو فإنه كان مفاجئاً له:

“توقعت أن يسألونني عن موضوع الفيلم لكن ليس عن موضوع الفيلم وعن الحرب العراقية معاً”.

يقول معلّقاً على الاسئلة التي انطلقت من رأيه في التلوّث البيئي الحاصل الى رأيه في الحرب العراقية حين عرض فيلمه الجديد “الساعة الحادية عشرة”. الفيلم تسجيلي ليس فيه تمثيل، لكن ليوناردو قام بإنتاجه وظهر فيه معلّقاً.

براد بت إذ حضر مع من وصل من طاقم فيلم “أوشن 13” وجد نفسه محاطاً برغبة الإعلام معرفة رأيه في تلك الحرب وهو كان صريحاً ولو أنه كان أيضاً مبتسراً في ردّه:

“موقفي معروف عبّرت عنه كثيراً من قبل. لا أعتقد أنها حرب محقّة وأتمنى خروجاً سريعاً من مأزقها”.

كل هذه الاسئلة محقّة ولو في غير محلّها أحياناً نظراً لأن من يتم توجيه السؤال إليه ممثل او مخرج ذي سن ناضج معروف عنه تبنّيه رأياً في المسائل العويصة التي يمر العالم بها، لكن أن يتم سؤال الممثلة لورين ماكيني “أين تقفين من الحرب في العراق” فإنه أمر بالغ الغرابة.

ليس لأن الفيلم الذي ظهرت فيه (وهو “بارانويد بارك”) لا علاقة له مطلقاً بمثل هذا الموضوع (ولا بأي موضوع- بيننا) بل لأنها بالكاد في السابعة عشرة من عمرها.

المسكينة حاول أن تجيب فتلعثمت لكنها عرفت كيف تقول: “لا أوافق عليه”

####

أحداث على الهامش ...

مواقف وطرائف في "عرس السينما"

هناك أمور لا تفعلها في عرس السينما

* لا تصل متأخراً الى فيلم معروض. ولا حتّى قبل ربع ساعة او نصف ساعة. الصفوف طويلة وقد تنفد المقاعد دون أن تستطيع الدخول. هذا -مثلاً- ما حدث مع الفيلم الكوبي “تنفّس” الذي عُرض مرّة واحدة في إطار المسابقة (على غير العادة) ولم يتمكّن أعتى النقاد من الدخول بعدما امتلأت الصالة عن آخرها.

* لا تضع وقتك الثمين إذا لم يكن لديك البطاقة الصحيحة للدخول. قسّم المهرجان صحافييه الى مهمّين وغير مهمّين وما بين هؤلاء وهؤلاء وذلك تبعاً لصحفهم ولمن يكتب على نحو دائم. هناك البطاقة الصفراء والزرقاء والزهرية والزهرية بنقطة والبيضاء. والنصيحة أنه إذا ما امتلكت بطاقة صفراء فإنه من الأسهل عليك استخدامها لركوب الحافلة مجّاناً لأنه ليس هناك كثير من المقاعد الشاغرة لمثلها.

* لا تخترق صفّاً من دون توخي العواقب. مشادّة حدثت بين صحافيين في صف حاشد على فيلم “بارانويد بارك”. الصحافي الأول كان يقف وحيداً عندما تقدّم آخر من نهاية الصف الى أمامه بعذر التسليم على ثالث. الحيلة مكشوفة. يبحث المتأخر عمن يعرفه واقفاً في الصفوف الأولى ويتقدّم إليه بحجة التسليم عليه ويبقى. لكن الصحافي الأول رفض وطلب منه العودة إلى الوراء وهذا ما ضايق الصحافي الثاني الذي عوض أن يضع ذنبه بين ساقيه ويتراجع معتذراً قال له إنه لن يُغادر المكان. الطلب ورد الطلب تحوّلا الى مشادّة صاخبة تدخل فيها موظفو الصالة الذين أمروا الصحافي الثاني بترك مكانه فأذعن مضطراً.

* لا تطلب مقابلة صحافية من دون أن تؤمنها إذا ما أعطيت لك. مؤخراً تم إلغاء طلبات أحد الصحافيين السويديين الذي كان طلب مقابلة مع المخرج ديفيد فينشر لكنه لم يحضر بعد أن تم تعيين الموعد في الحادية عشرة صباحاً، وحين اتصلت به الموظّفة المسؤولة في الساعة العاشرة والنصف لتعلم أين هو الآن، فوجئت به لا يزال نائماً في فندق بعيد ولن يستطيع الحضور الى المقابلة في الموعد المحدد. طلبت منه العودة الى النوم وأغلقت الهاتف.

* لا تتردد في إزعاج من يزعجك! هذه حدثت معي خلال عرض “الساعة الحادية عشرة”. بطولة ليوناردو دي كابريو جلس أحد الصحافيين على مقعد أصدر صوتاً مزعجاً كلّما تحرّك الرجل عليه وهذا الصحافي تحرّك كثيراً وفي كل مرة يصدر المقعد صريراً حاداً ومزعجاً. بما أنني كنت الأقرب الى ذلك المقعد طلبت منه البحث عن مقعد آخر:

قال: ليست غلطتي. غلطة المقعد.

قلت: لا يهمني غلطة من. هناك كرسي آخر بجانبك انتقل إليه.

قال: لا.

قلت: لكن ليس لديك سبب للرفض.

قال: لا.

قلت: إذاً ابق في مكانك وازعجنا.

قال: سأفعل.

قلت: لكن تحمل إذاً تداعيات الأمر

عدت الى مقعدي. بعد عشر دقائق نهض فجأة وغادر الصالة ولم ينس أن يلقي نظرة علي. لا أدري إذا ما شاهد الابتسامة العريضة التي اعتلت وجهي. أتمنى أنه رآها.

####

أفلام... ونقاد

·     Months, 3 Weeks and 2 Day: فيلم روماني حول الحال الاجتماعي في نهايات النظام الشيوعي السابق.                   تقييم الخليج: ***            تقييم النقاد العام: ****

·     No Country For Old Men: فيلم جووِل كوِن حول شخصيات متناحرة للموت بعدما سرق أحدهم مليوني دولار.               تقييم الخليج: ***            تقييم النقاد العام: ****

·         The 11th Hour: ما صنعناه بالأرض وبطبيعتها وثرواتها مخيف لكن ما نواصل فعله أكثر رعباً.

            تقييم الخليج: ****         تقييم النقاد العام: ****

·     The Banishment “الصد” قمّة تعبيرية شعرية جمالية بموضوع إنساني آسر عن العائلة المتداعية.                              تقييم الخليج: ****          تقييم النقاد العام: ***

·         Zodiac: بوليس سان فرانسيسكو وصحافيون يطاردون قاتلاً بقي مجهولاً الى اليوم.

            تقييم الخليج: ****         تقييم النقاد العام: ****

####

سجل المهرجان...

1962 "الكلمة الممنوحة"

الأفلام الأخرى التي توزّعت عليها الجوائز الأخرى كانت بدورها تستحق الذهبية: “محاكمة جين دارك” لروبير بريسون، “الخسوف” لمايكل أنجلو أنطونيوني و”إلكترا” لليوناني ميخائيل كاكويانيس. المسابقة بأسرها كانت حافلة بأفلام لأغنيه فاردا، ساتياجت راي، بييترو جيرمي وآخرين من الذين لم يعبروا سماء السينما بخفّة. الاشتراك العربي تمثّل بفيلم “إلى أين؟” لجورج نصر.

فيلم السعفة: الكلمة الممنوحة (إنسيمو دوراتي- برازيل)

1963 “الفهد”

أفلام من إرمانو أولمي، بيتر بروك، ماساكي كاباياشي وروبرت موليغان زيّنت هذه الدورة. خارج المسابقة كان هناك فيلم إيطالي أخرجه كل من لوكينو فيسكونتي (أيضاً) وفديريكو فيلليني وفيتوريو دي سيكا وآخرون هو “بوكاكيو 70”.

فيلم السعفة:”الفهد” (لوكينو فِسكونتي- ايطاليا]

####

أوراق ناقد ... نظرية مؤامرة

أمضيت الأشهر الستة الماضية أنتقل مع هذا الفيلم من مهرجان إلى مهرجان ملاحظاً رد فعل مختلف في كل مهرجان.

المتحدّثة هي الممثلة التونسية أنيسة داوود والفيلم الذي تتحدّث عنه هو “عرس الذيب” الفيلم الأخير للجيلاني سعدي حول الشاب الذي يرفض الاشتراك في حادثة اغتصاب جماعية، لكن الضحية (أنيسة داوود ابنة العشرين سنة) تعتبره مسؤولاً كما الآخرين وتبعث برجال للانتقام لها. لكن في حين أن الأفلام العربية عادة ما تنطلق من “كان” لتجول المهرجانات الأخرى، عمد “عرس الذيب” الى العكس، إذ بدأ بالمهرجانات الأخرى وانتهى إلى “كان” خار ج- خارج المسابقة أو العرض الرسمي.

على ذلك أنيسة لا تذرف الدموع: “في رأيي المتواضع أن “عرس الذيب” من أفضل الأفلام التونسية في السنة الماضية، لكني لا أعتقد أن ذلك وحده يخوّله للاشتراك في كان. المسألة تتطلّب شيفرة إنتاجية متّفق عليها ولا يملكها هذا الفيلم الصغير”.

أنيسة تحمل على سينما عربية لاهية “يروّجها المنتجون الباحثون عن الثراء بأرخص السبل بينما السينما التي يطمح إليها كل عربي لا تجد من يشجعها”.

لكنها تحمل أيضاً على المخرجين المتميّزين الذين يتحوّلون إلى واعظين:

“هناك هذا المخرج التونسي الذي لن أقول اسمه والذي حقق مؤخراً فيلماً عن المتطرّفين ليصوّر عن حق ضيق أفقهم ومحاولة فرض منهج تفكيرهم. لكن أسلوبه ينم عن محاولة فرض منهجه معتبراً المشاهدين سذّجاً تماماً”.

أيكون المقصود نوري بو زيد؟ إذا كان هو فالفيلم كان عٌرض على “كان” ومن قبله برلين ورفض في كليهما. وهذا ما ينقلنا الى وضع السينما العربية في “كان” هذه السنة.

هل قلت هذه السنة؟ أعتذر. لنقل كل سنة.

الغياب العربي عن الاشتراك في مهرجان “كان” وفي غيره من المهرجانات الأولى حول العالم بات الأكثر تكرراً من أي ظاهرة سينمائية عربية أخرى. طبعاً لا يخلو الأمر من فيلم او فيلمين. وفي “كان” هذه السنة فيلمان لبنانيان هما الاشتراكان الرسميان (إلى حد كون تظاهرة “نصف شهر المخرجين” لا تنتمي الى جسم المهرجان ذاته وإدارته) “الرجل الضائع” و”سكّر نبات”، ثم مساهمات خجولة في سوق الفيلم حيث يتم عرض “عرس الذيب” مثلاً. لكنه  الغياب نفسه الحاصل داخل البلاد العربية ذاتها. والأمر ليس عبارة عن الكم والكيف، بل هو أن خمس عشرة دولة عربية أنتجت أفلاماً روائية من قبل (ولو فيلماً واحداً) لا تستطيع أن تنتج معاً خمسة عشر فيلماً جيّداً في العام الواحد. هذا، إلى جانب الدعم مفقود والاهتمام الغائب، يجعل السينما العربية مثل دكّان بضائع معلّبة هجره زبائنه صوب “سوبرماركت” كبير وحديث. على ذلك، هناك من يقول أن غياب الأفلام العربية عن مهرجان “كان” والمهرجانات الأخرى إنما مؤامرة ضدّها. الذي يضحك في هذا الاستنتاج هو التالي: هل السينما العربية أكثر خطورة على الغرب (مثلاً) من السينما الإيرانية؟ طبعاً لا. إذاً لم ترتكب المهرجانات الغربية مؤامرة على السينما الإيرانية بهدف استبعادها؟

م.ر

الخليج الإماراتية في

23.05.2007

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)