كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

35 مخرجاً من العالم أنجزوا "لكل سينماه" وسكورسيزي يعطي "درس السينما"

مهرجان كان يحتفل بعيده الستين مع مايستروات السينما

كان ـ ريما المسمار

مهرجان كان السينمائي الدولي الستون

   
 
 
 
 

يجوز وصف الدورة الستين لمهرجان كان السينمائي بالحاسمة والضارية في آن معاً إذ انها تشكل نقطة ثقل تتزامن مع العيد الستين للحدث السينمائي الابرز في العالم لجهة احتوائها على أسماء سينمائية تتجاوز وصف "مكرسة" الى "مميزة". وذلك ليس بالأمر العادي إذ غالباً ما يسهل الاتفاق على أن الأسماء المشاركة مكرّسة ولكنه من الصعب الاجماع على تميزها على الرغم من اختلاف الاذواق والرؤى. فتلك الأسماء التي مرت بمعظمها من "غربال" المهرجان ستقود معركة تنافسية على السعفة الذهب تليق باحتفالية المهرجان الستينية ولو أن المعروف سلفاً أن ادارة المهرجان ستواجه بعض الانتقادات لجهة تحويلها المسابقة منصة للمحنّكين وإقصائها التجارب الشابة الى فئات أخرى. ربما يكون ذلك صحيحاً وهو للمناسبة مأخذ شبه دائم على ادارة المهرجان ولكنه هذه السنة بالذات يبدو مسموحاً ومتماشياً مع أجواء المهرجان الاحتفالية. فستون عاماً من احتضان السينما والاحتفاء بها ما كان ليكون ممكناً لولا تلك الاسماء التي تحتشد من جديد كأنما في مباراة للمخضرمين و"المايستروات". ذلك بالضبط هو الوصف الذي ينطبق على الدورة الستين، دورة المايستروات التي كاد يفتتحها أحد مايستروات السينما الاميركية وودي آلن بفيلمه الجديد "حلم كساندرا" Cassandra's Dream الا أن ثمة ما حدا بإدارة المهرجان الى البحث عن بديل منه يرجح كثيرون ان يكون سببه تلكؤ آلن في ابداء الموافقة. ولعله يسهل فهم ذلك بالعودة الى تاريخ العلاقة بين المهرجان والمخرج الذي شارك للمرة الاولى في "كان" العام 2002 بفيلمه Hollywood Ending وسط اعتراف ادارة المهرجان بأنه رفض مراراً دعوتها للحضور. المهم أن خسارة آلن لم تكن محزنة تماماً ذلك انها فتحت الطريق لأحد السينمائيين الآسيويين المعاصرين الكبار ليكون اول صيني يفتتح مهرجان كان خلال تاريخه. انه وانغ كار واي الذي عرف شهرة واسعة بعد فيلمه "في مزاج الحب" In the Mood For love عام 2001 على الرغم من انجازه افلاماً بارزة قبله مثل Days of Being Wild وChungking Express. في "كان" 0002، نال السينمائي عن In the Mood For Love الجائزة الكبرى للانجاز التقني كما حاز الفيلم جائزة أفضل ممثل (توني شيو­وا يليونغ) ولكن المهرجان كان قد اكتشفه قبل ذلك عندما منحه العام 1997 جائزة أفضل مخرج عن "سعداء معاً" Happy Together . "لياليّ العنبية" My Blueberry Nights هو عنوان شريط كار واي الذي افتتح الدورة الستين اول من أمس والذي يسجل تجربة السينمائي الاولى مع الافلام الناطقة بالانكليزية، يلعب بطولته جود لو والمغنية نورا جونز في اطلالتها السينمائية الاولى في دور شابة هجرها حبيبها فشرعت في رحلة بحث عن معاني الحب والصداقة.

يتنافس شريط وانغ كار واي مع واحد وعشرين فيلماً آخر في فئة المسابقة الرسمية على السعفة الذهب التي ستمنحها لجنة تحكيم يرأسها المخرج البريطاني ستيفن فريرز صاحب The Queen (الذي تمتع العام الفائت بسمعة طيبة والكثير من الجوائز) وتضم في عضويتها الممثلات الصينية ماغي تشوينغ والاوسترالية توني كوليت والبرتغالية ماريا دي ميدريوس والكندية ساره بولي والممثل الفرنسي ميشال بيكولي والروائي التركي حائز "نوبل الآداب" هذا العام اورهان باموك والسينمائيين الموريتاني عبد الرحمن سيساكو الذي عرض العام الفائت فيلمه "المحاكمة" bamako في المهرجان والايطالي ماركو بيللوكيو الذي قدم في الدورة السابقة فيلمه The Wedding Director في "نظرة ما".

بين مخرجي المسابقة وأفلامها الـ22، ستة أميركيين وشريط تحريك واحد وفيلم أول واحد وأربعة سينمائيين حازوا شرف الفوز بالسعفة من قبل في مقدمهم امير كوستوريكا الذي فاز بالسعفة مرتين عن "تحت الأرض" Underground عام 1995 وقبله "عندما ذهب والدي في رحلة عمل" عام 1985. وقد صرح بعيد قبول فيلمه الحالي "عدني بذلك" Promise Me This بأنه آتٍ من أجل السعفة الثالثة. يروي الشريط رحلة شاب في سبيل تحقيق أمنيات جده الثلاث وهو على فراش الموت: بيع بقرة وأيقونة والزواج من فتاة حسناء. الأميركي غاس فان سانت الذي فاز بالسعفة عام 2003 عن Elephant، يشارك هذا العام بفيلم Paranoid Park الذي تدور أحداثه في مجتمع الشباب الذي يهوى التزحلق على اللوح. ولكن عندما يتسبب أحد الشبان بقتل حارس المنتزه ستنقلب الأحداث. كذلك يعود الاخوان ايثان وجويل كوين الى المسابقة بعد غياب ست سنوات (منذ The Man Who Wasn't There) بجديدهما "لا وطن للعجائز" No Country For Old Men المقتبس عن رواية الاميركي كورماك ماكارثي حول محارب سابق في فييتنام يكتشف أثناء ممارسته صيد الظباء جثثاً ومالاً ومخدرات ستقلب حياته رأساً على عقب. حاز الاخوان كوين السعفة الذهب عام 1991 عن Barton Fink فيما حازا جائزة الاخراج ثلاث مرات عن Fink وFargo وThe Man Who Wasn't There. المخرج الرابع في لائحة الفائزين بالسعفة هو كوينتن تارانتينو صاحب Pulp Fiction (حائز السعفة عام 1994) الذي سيعرض Death Proof عن سفاح يطارد الفتيات ويقتلهم الى أن يتورط بفرقة منهم تقرر الانتقام. الجدير ذكره أن الفيلم هو جزء من مشروع Grind House الذي يضم فيلماً آخر لروبرت رودريغز في عنوان "كوكب الرعب" وقد أنجزهما المخرجان متمثلين بنوعية "أفلام بي" التي شاع انتاجها في هوليوود في خمسينات القرن الماضي ودرج عرضها متصلة تحت شعار "فيلمان ببطاقة واحدة". الا أن ادارة مهرجان "كان" أسقطت شريط رودريغز من العرض.

الفوز بالسعفة الذهب ليس المعيار الأوحد لجودة الاسماء السينمائية في مسابقة الدورة الستين. فثمة من شاركوا بأفلامهم في المسابقة ولكن لم يحالفهم الحظ بالفوز كما هي حال المخرج الروسي ألكسندر سوكوروف، ضيف المهرجان منذ Mother and Son عام 9991 ووصولاً الى ثلاثيته الشهيرة عن رجال السلطة التي عُرضت جميعها في المسابقة:Moloch عن هتلر و Taurusعن لينين وThe Sun الذي عُرض في مسابقة العام الفائت عن هيروهيتو. فيلم هذه الدورة هو "ألكسندرا" الذي يخرج من دائرة السلطة والقوة ليروي رحلة جدة الى الشيشان لتفقد حفيدها المقاتل هناك فينتهي بها الأمر في ثكنة عسكرية مع أمهات وأرامل شيشانيات.

يمتد موضوع الجريمة والقتل والمال كخيط متصل من فيلم الى آخر. فمن سفاح تارانتينو الى قاتل فان سانت مروراً بجثث الاخوين كوين، تحط المسابقة عند شريط المجري المتميز بيلا تار حائز الجوائز السينمائية المرموقة في العالم The man From London المقتبس عن رواية الفرنسي جورج سيمنون عن عامل في محطة قطار يشهد على جريمة قتل ويعثر على ثروة مالية تغير مجرى حياته. الاميركي دايفيد فينشر الذي يملك تاريخاً في افلام العنف والقتل من خلال تجربتيه البارزتين Fight Club وSeven يدخل المسابقة بـZodiac الذي يروي حياة واقعية لسفاح أثار الرعب في شمال كاليفورنيا وحيّر مكتب التحقيقات الفيدرالي. أما شريط التركي فاتح آكين الذي فاز بالدب الذهب في برلين عن In the Wall فيعرض في فيلمه "على الجانب الآخر" لموت مهاجرين أتراك في ألمانيا. ويعود صاحب "العودة" الفيلم الذي حاز جائزة البندقية العام 2003بجديده "النفي" الذي يدور حول زوجين وطفلهما يهاجران الى قرية منعزلة.

في موضوعة العلاقات، يقدم المكسيكي كارلوس ريغاداس صاحب A Battle in Heaven فيلمه الجديد "الضياء السري" الذي يدور حول قبيلة "مينونيت" التي تمارس طقوساً متشددة فتعزل نفسها وتتقشف في حياتها بما يجعل من حكاية رجل متزوج يتورط في علاقة مع إمرأة أخرى فعلاً شيطانياً في نظر القبيلة. كذلك يعرض النمسوي اولريتش سيدل في Import Export لعلاقة محتملة بين ممرضة اوكرانية في فيينا تبحث عن الحب والرفاهية وبول النمسوي الذي يعاني من فراغ حياته وانهيار قيمها. عُرف اولريتش قبل أعوام قليلة بفيلمه الاشكالي العنيف Dog Days. في شريط الكوري الجنوبي كيم كي دوك "نَفَس" Breath علاقة حب من نوع خاص تنشأ بين شاب محكوم بالاعدام وزوجة سجين آخر يتعارفان خلال الزيارات العائلية. وفي إطار مشابه تروي اليابانية ناعومي كاواسي في فيلمها "الغابة الناحبة"The Mourning Forest علاقة ملتبسة بين موظفة خدمات اجتماعية وعجوز ذي ماض أسود. الحب المحرم هو عنوان شريط الكوري الجنوبي لي تشانغ دونغ "سعادة سرية" Secret Sunshine عن علاقة بين أرملة شابة وميكانيكي في قرية متزمتة. أما الفرنسية كاترين بريا فتخرج من هواجس الهوية الجنسية التي قاربتها في فيلمها الأخير Anatomy of Hell لتتناول في جديدها "عشيقة سابقة" قصة حب في العام 1860 بين شاب من النبلاء وعشيقة.

المخرج الاميركي جايمس غراي يعود بعد غياب سبع سنوات بفيلم We Own the night بحكاية حول شقيقين يحاول أحدهما إنقاذ الآخر من براثن المافيا. العلاقة بين الشقيقين هي ايضاً محور الفيلم الاسرائيلي Tehilim لرافائيل نجاري بعد أن يفقدا والدهما. بينما يأخذ الفيلم الروماني 4 months, 3 weeks and 2 days تيمة العلاقة ويطبقها على صديقتين في بوخارست على أثر سقوط حكم نيكولاي تشاوشيسكو.، بينما تتقاطع مصائر ثلاث شخصيات في الفيلم الفرنسي "أغاني الحب" Les Chansons L'Amour لكريستوف أونوري. ويكتمل عقد المخرجين الاميركيين الستة في المسابقة بجوليان شنابل وفيلمه The Diving Bell and the Butterfly الذي يسجل عودته السينمائية بعد سبع سنوات عن حياة جان دومينيك بوبي الذي كان رئيس تحرير مجلة "إل" الى أن أصيب بشلل دماغي لم يمنعه من كتابة مذكراته بواسطة آلة تعمل من خلال رمش العين!

يزين هذه الباقة من الافلام والاسماء الكبيرة تجربة مختلفة لأسباب عدة . PERSEPOLIS هو عنوان الفيلم بتوقيع ماريان ساترابي وفينسنت بارونو عن مذكرات الاولى كطفلة في ايران بعيد الثورة الاسلامية. اللافت أن الكتاب يستلهم المجلات المصورة والرسوم بالابيض والاسود بينما يأخذ الفيلم المنحى التحريكي في مقاربة الموضوع.

خارج المسابقة واحتفالات الستين

تقدم الدورة الستون لمهرجان كان أربعة أفلام خارج المسابقة هي: فيلم الاختتام L'Age Des Tenebres للفرنسي دوني أركان الذي شارك وفاز بفيلمه "غزو البرابرة" في المهرجان قبل سنوات؛ فيلم الأميركي مايكل مور Sicko الذي يعرض فيه لنظام الاستشفاء في اميركا من خلال تجارب أفراد؛ الجزء الثالث Ocean's Thirteen في سلسلة ستيفن سودربيرغ وعصبة نجومه جورج كلوني وبراد بيت ومات دايمن وآندي غارسيا؛A Mighty Heart للبريطاني مايكل وينتربوتوم الذي قدم العام الفائت في برلين فيلمه The Road to Guantanamo.

كالعادة، نقدم فئة "نظرة ما" أسماء جديدة بمعظمها ثمانية منها من أصل اثنين وعشرين تقدم أفلامها الأولى. تتجاور الأخيرة مع أسماء كبيرة من طراز التايواني هيو سياو سيين الذي قدم العام الفائت في المسابقة "ثلاثة أزمنة". فيلمه الجديد يحمل اسم "البحث عن البالون الأحمر" ويفتتح عروض "نظرة ما". بمحاذاته يقدم السويدي روي أندرسن صاحب "أغنيات من الطابق الثاني" (حائز جائزة لجنة التحكيم عام 1996) فيلمه الجديد "أنتم الأحياء".

من أجل الاحتفال بمرور ستين سنة على انطلاق مهرجان كان، أطلقت ادارته بشخص جيل جاكوب مشروعاً سينمائياً في عنوان "لكل سينماه" To each his Own Cinema وأشركت فيه خمسة وثلاثين مخرجاً من العالم، أنجز كل منهم فيلماً قصيراً من ثلاث دقائق حول السينما. أبرز الاسماء المشاركة: اليوناني ثيو انجيلوبولوس، الفرنسي اوليفييه اساياس، الاوسترالية جاين كامبيون، الكندي دايفيد كروننبورغ، البلجيكيان جان بيار ولوك داردن، البرتغالي مانويل دي اوليفييرا، الاسرائيلي عاموس غيتاي، المصري يوسف شاهين، الفنلندي آكي كاوريزماكي، الفلسطيني ايليا سليمان، الايطالي ناني موريني، الايراني عباس كياروستامي، البرازيلي والتر سالز، المكسيكي اليخاندرو غونزاليس ايناريتو وآخرون. وهم جميعهم شاركوا في المهرجان في خلال دوراته الماضية.

يحفل مهرجان كان في دورته الستين بكل ذلك وأكثر. فالعظمة هي سمة الدورة الحالية والسينما هي فحواها كما يتجلى ذلك في تكليف مارتن سكورسيزي اعطاء درس السينما والاعلان عن مؤسسته لترميم الافلام وتخصيص فئة كلاسيكيات كان للافلام الوثائقية التي تتناول شخصيات سينمائية. في هذا الاطار، سيتم تقديم أربعة أفلام وثائقية عن موريس بيالا ومارلون براندو وليندسي اندرسن وبيار ريسيان. كذلك، يوجه المهرجان تحية الى أربعة مخرجين هم: جاين بيلركن وكلود لولوش وارمانو اولمي وفولكر شلوندورف.

المشاركة اللبنانية

على هامش عروض مهرجان كان، يشارك الفيلمان اللبنانيان "الرجل المفقود" و"سكر بنات" في تظاهرة "نصف شهر المخرجين". الاول من اخراج دانييل عربيد التي تخوض من خلاله تجربتها الروائية الثانية بعد "معارك حب". اما "سكر نبات" Caramel فهو باكورة أعمال نادين لبكي التي اشتهرت على الصعيد العربي من خلال توقيعها عدداً من الاشرطة الموسيقية المصورة اخراجاً. مثلها، يقدم باسم بريش شريطه القصير الاول في تظاهرة "الاسبوع الدولي للنقاد" في عنوان Both مع الممثل ايان هارت. الى ذلك، تشارك أربعة أفلام لبنانية طويلة وأربعة قصيرة في تظاهرة "كل سينمات العالم" التي اطلقها المهرجان قبل عامين وتعتمد في كل دورة على دعوة سبعة بلدان الى تقديم نتاجها السينمائي. الافلام اللبنانية الطويلة التي ستُعرض يوم 21 أيار/مايو هي: "أطلال" لغسان سلهب، "فلافل" لميشال كمون، "يوم آخر" لخليل جريج وجوانا حاجي توما و"لما حكيت مريم" لأسد فولادكار. ويحضر المخرجان جريج وحاجي توما في "اتولييه كان" الذي يهدف الى تطوير مشاريع سينمائية بمشروعهما قيد الكتابة "لا أستطيع الذهاب الى المنزل".

المستقبل اللبنانية في

18.05.2007

 
 

يوميات مهرجان كان السينمائي الدولي (2)

يتكل على الحوار الذي تتبادله الشخصيات

"ليالي التوتية" فيلم من فصول غير متساوية

محمد رضا

فيلم كار-واي وونغ “ليالي التوتية”، الذي باشر الدورة الجديدة من مهرجان “كان” السينمائي يعتمد، كبقية أفلام المخرج الصيني، على الصورة كوسيلة لغوية رغم أنه، وفي ذات الوقت، يتّكل كثيراً على الحوار الذي تتبادله الشخصيات فيما بينها.

اللغة البصرية ترفع من شأن الفيلم على أكثر من منحى. اللغة المنطوقة تؤسس لما يعتمر ذات الشخصيات من شجون وهموم. وهي تأتي على شكل حوار كما على شكل تعليق، ويمكن إضافة الأغاني المسموعة من أوتيس ردينغ، نينا سايمون وسواهما الى التوليفة المسموعة كلها.

لكن بين اللغتين فإن تلك الأسماء والتي ترفع من شأن هذا الفيلم هي بالطبع الأولى حيث تتجلّى قدرة وونغ على ملء الفراغات وتوظيف كل سنتيمتر من الشاشة لمنح المُشاهد عملاً مشبعاً بالأجواء.

والنتيجة أنه في أحيان معيّنة تتمنّى لو أن كل الأفلام الأمريكية مصنوعة بنفس المواصفات البصرية المشغولة بدقة وثراء، لكن في أحيان أخرى تدرك أن المخرج مطّ قدراته لتشمل موضوعاً فيه مستويات متباينة كما يحدث في الكثير من الأحيان عندما يكون الموضوع مقسماً إلى فقرات او مراحل كما الحال هنا.

المغنية نورا جونز في أوّل دور لها على الشاشة تلعب شخصية امرأة شابّة تغيّر اسمها كلما انتقلت من مدينة الى أخرى. وهي في مطلع الفيلم تصل إلى تلك المدينة (لا نرى ملامح أي مدينة باستثناء نذر يسير للاس فيغاس) حيث يدير جود لو ملهى يقدّم فيها حلوى مصنوعة من التوت العنّابي. نورا تقبل على التهام ثلاث قطع من تلك الحلوى بنهم شديد بعد حديث طويل بينها وبين جود وعدّة زيارات للمكان. لكنها تغادر المدينة فجأة حين ترى جود مع امرأة أخرى في الغرفة التي تعلو الملهى.

يمكن اعتبار ما سبق بمثابة فقرة في الفيلم. فصل من المشاهد التي لا يُغادر فيها جود لو المكان ولا تنتقل الكاميرا به او من دونه الى أي مكان آخر. هما، جود لو والكاميرا التي يريدها الإيراني الأصل درويش خُندجي، يبقيان في الملهى او عند بابه.

في الفقرة التالية تنتقل الكاميرا الى حانة أخرى في مدينة أخرى ولا تغادرها الا في مشاهد مقتضبة. هذه المرّة نورا جونز تسلمت عملين “ليبقياني مشغولة” حسبما تقول في التعليق الصوتي. الأول في مطعم همبرغر والثاني في ملهى ليلي. زبونها الدائم في المكانين الشرطي ديفيد ستراذرن (مذيع التعليق السياسي في فيلم “تصبح على خير وحظ طيّب). في النهار يرتدي ملابس العمل وفي الليل ثيابه المدنية. في النهار هو واع ولديه خفّة ظل، وفي الليل سكير ولو أنه لطيف حيال نورا في الحالتين. سبب إدمانه امرأة (راشل وايز) تزوّجا منذ خمس عشرة سنة لكنهما وصلا الى نهاية الرحلة معاً. هو متألّم لكونها هجرته وهي تخبره في مشاجرة “أنت لا شيء. لا شيء بالنسبة اليّ”. الزوج يخرج من الملهى وبعد قليل نراه ميّتاً وراء مقود سيّارته: هل انتحر؟ هذا ما تؤكده نورا جونز في كلماتها، او على الأقل ما تشعر به.

“لياليّ التوتية” ليس الفيلم العبقري الذي صاغته الأنباء، كما أن أفلام وونغ السابقة ليست بدورها الأفلام العبقرية التي تحدّث عنها، وعلى هذا النحو، العديد من النقّاد. إنه، كأفلامه السابقة، مختلفة، مثيرة للمتابعة، شغوفة بالشغل على الشخصيات لكن حين يصل الأمر الى السرد القصصي فإن ما يصل هو أقل إثارة ولفتاً للاهتمام من الأسلوب الفني العام. هنا فقط ذلك الفصل الذي يؤديه ديفيد ستراذرن يرتفع فوق سواه. مشغول بشجون واضحة. الحب الذي يهدر الرجل ويسحقه عنصر مسموع ومرئي ومُعبّر عنه تمثيلاً على نحو مبهر.

ضعف اعتماده على سيناريو قصصي المنحى في المرتبة الأولى لا يؤلف مشكلة لديه هنا لأن عالمه مرتبط بالمواقع الثابتة أكثر مما هو متحرّك حسب معطيات قصّة ما. هناك دائماً مسافات محكي عنها في أفلامه وقلّما نراها متمثّلة. هذا الفيلم ليس “فيلم طريق” الا بقدر يسير. في المقابل، اولئك المخرجون الأوروبيون الذين قصدوا امريكا ليحققوا فيها أفلام طريق (مثل الألماني فيم فندرز) نجحوا حيناً “باريس، تكساس” وأخفقوا حيناً آخر “لا تكترث لقرع الباب”.

في حين أن كار- واي وونغ ليس جديداً على “كان” إذ عرض هنا “2046” و”في المزاج للحب” وكان رئيس لجنة التحكيم في الدورة السابقة، فإن الأمريكي ديفيد فينشر يحط رحاله للمرّة الأولى. والفيلم الذي جاء به هو “زودياك” الذي يتمحوَر حول تلك الجرائم التي وقعت في سان فرانسيسكو (وبعض محيطها) ما بين 1969 و1973 وذهب ضحيّتها ثمانية أشخاص من دون أن يتمكّن البوليس او المحققون الصحافيون من معرفة الفاعل الى اليوم.

من شاهد سابقاً أفلاماً تشويقية- سياسية أمريكية من فترة السبعينات، مثل “بارالاكس فيو” و”كل رجال الرئيس”، يستطيع ربط هذا الفيلم بذلك الأسلوب على نحو يسير. الرابط موجود في الإيحاء وفي المعالجة غير المباشرة وفي تشحين الجو من مطاردة بوليسية واحدة وتوتير الحدث من دون اعتماد تلك المفاتيح رخيصة الصنع.

“زودياك” (الذي تناولناه مفصّلاً قبل أسابيع عدّة حين خرج الى العروض الأمريكية قبل نحو شهرين) هو بالنسبة لهذا الناقد يتضمّن أسلوب عرض قصصي هادئ على السطح متفاعل تحته من دون تكلّف. الى ذلك، تمثيل جيّد من مارك روفالو وروبرت داوني جونيور، وكان على الشريك الثالث جايك جيلنهال أن يثبت إنه أكثر من بريق رعد عابر حيالهما. بعد ظهوره في “بروكباك ماونتن” اعتبره البعض اكتشافاً متجدّداً ونجماً سيرتفع الى أعلى. لكن جايك لا يزال يشكو من أنه لا يشغل الكثير من التواجد على الشاشة. ممثل ربما لا يزال بدون خطّة عمل ويعتمد اللاخطّة أساساً لعمله.

دبي للاستوديوهات حاضرة في المهرجان

تعرض مدينة دبي للاستوديوهات بنيتها الأساسية ومرافقها المتطورة أمام قطاع السينما العالمي خلال مشاركتها في الدورة الستين لمهرجان كان السينمائي الدولي والذي انطلقت فعالياته أمس الاول في الريفييرا الفرنسية، ويستمر حتى27 مايو/ايار الجاري، وذلك ضمن جناح دولة الامارات بمنطقة المعارض المعروفة باسم “القرية السينمائية” في المهرجان، في خطوة تستهدف الترويج لدبي كوجهة مثالية لمشروعات صناع السينما العالمية.

وقال جمال الشريف مدير مدينة دبي للاستوديوهات، الذي يرأس الوفد الذي يضم خمسة من فريق العمل بالمدينة: “يعد مهرجان كان السينمائي الدولي فرصة كبيرة للاحتفاء بأفضل ما تقدمه صناعة السينما، وتحرص مدينة دبي للاستوديوهات على المشاركة في مثل هذه الفعاليات العالمية البارزة التي تسهل التفاعل مع أهم المتخصصين وصناع القرار في صناعة السينما، كما يشكل المهرجان فعالية هامة تخدم الأهداف التي نسعى الى تحقيقها بفتح قنوات اتصال جديدة مع صناع السينما الدوليين والمسؤولين التنفيذيين في هذا المجال”.

وأضاف: “تتيح لنا هذه المشاركة فرصا واسعة لبحث آفاق التعاون المشترك مع كبار صناع السينما من كافة أنحاء العالم، اذ يعد المهرجان منصة مثالية لتبادل الخبرات، ورصد التطورات التي يشهدها قطاع السينما. ولا شك أن المشاركة ستعزز من قدرات المدينة بما يضمن تلبية احتياجات صناع السينما، بل وتجاوز توقعاتهم أيضاً”.

كما تسعى مدينة دبي للاستوديوهات خلال مشاركتها في مهرجان كان السينمائي الى التعريف بمناطق الجذب المتنوعة في دولة الامارات العربية المتحدة والتي تصلح كمواقع مثالية لتصوير الأعمال السينمائية، فضلاً عن المرافق المتميزة في المدينة، والتي من شأنها أن تحفز الطاقات الابداعية عند صناع السينما.

وجوه ...

راسل نجم ولد في العاشرة

في خلفية هذا الممثل البالغ السادسة والخمسين من العمر نحو 45 فيلما من العام 1963 حين لعب دوراً صغيراً  في فيلم “حدث ذات مرة في المعرض العالمي” حين كان في العاشرة من عمره.

بطولة ذلك الفيلم كانت للمغني الراحل ألفيس برسلي، ولاحقاً ما تراه لاعباً دور برسلي نفسه في فيلم تلفزيوني عن حياة ذلك المغني الذي لا يزال واحداً من أشهر نجوم الأغنية الشعبية الأمريكية.. ترى راسل أيضاً في دور صغير في “مسدسات عند ديابلو” (1964) وسلسلة طويلة من الأفلام شبه المجهولة  الى أن كبرت أدواره في “رجل الأعمال الحافي” و”استعراض الأغبياء” و”تشارلي والملاك” وكلها في مطلع السبعينات.

الفيلم التلفزيوني “ألفيس” كان من اخراج جون كاربنتر الذي أسند لكيرت راسل بطولة “هارب من نيويورك”، أحد أفلام راسل الأشهر منذ تحقيقه سنة 1981.

نجاح ذلك الفيلم المستقبلي أدّى الى “هروب من لوس أنجلوس” سنة ،1996 لكن الجيل الذي أحب الفيلم الأول كان أكتفى وهو غير الجيل الشاب الذي لم يقبل كثيراً على الفيلم التالي.

أكين صانع الأفلام القصيرة

ولد هذا المخرج التركي الأصل في مدينة هامبورغ الألمانية سنة 1973. بدأ الدراسة في قسم  “الاتصالات البصرية” في جامعة الفنون العليا في العام 1994.

وانتقل الى ركب الاخراج بعد عام واحد عندما حقق فيلمه القصير “سنسِن: أنت المطلوب” وحين تم عرض هذا الفيلم في مهرجان هامبورغ السينمائي خرج بجائزة الجمهور كأفضل فيلم قصير. هذا حمّس أكين على تحقيق فيلمه القصير الثاني “عُشبة” الذي التقط كذلك جوائز عدّة  في المهرجانات الأوروبية التي عرض فيها (مثل لوكارنو).

دلف أكين الى الاخراج الروائي الطويل لأول مرّة سنة 1998 بفيلم عنوانه “صدمة قصيرة حادةّ” الذي خرج من مهرجاني لوكارنو  بجائزة برونزية  ومن مهرجان بافاريا بجائزة أفضل مخرج جديد.

لكنه انتقل الى مصاف الشهرة العالمية حين حصل سنة 2003 على الدب الذهبي (الأولى) عن فيلمه “تصادم”: قصّة فتاة من أصل تركي تلتقي وشاب من أصل تركي يهوى تدمير ذاته بسبب ضياعه وعدم ركونه الى الضوابط الاجتماعي.

أرجنتو من مدرسة التوتر

ابنة مخرج أفلام الرعب الايطالي داريو أرجنتو والممثلة المسرحية داريا نيكولودي ولدت عام 1975 ظهرت على الشاشة الكبيرة لأول مرة حين كانت في التاسعة من عمرها، في فيلم قصير لسيرجيو شيتي. لكن والدها هو من أتكلت عليه لمساعدتها في شق طريقها وهو اما أدارها في أفلامه او ساعد من خلال علاقاته بمن في المهنة. لذلك نجدها تحت ادارة كرستينا كومنشيني في “حديقة حيوانات” (أول أفلام كومنشيني التي هي ابنة المخرج المعروف لويجي كومنشيني.  وفي تلك المرحلة الأولى ظهرت في “تروما” لأبيها داريو (1993) ومع ازابيل أدجياني في “الملكة مارغو” في السنة ذاتها (اسم آسيا جاء عاشراً بين سلسلة أسماء ممثلي ذلك الفيلم الفرنسي التاريخي).

 ما ان بلغت العشرين من عمرها حتى كانت شكّلت أسلوبها الخاص في الأداء وهو قائم على قدر من التوتّر الذي نفعها في بعض الأفلام، مثل “محكوم عليها بالزواج” لسيرجيو روبيني و”دعنا ننفصل” لكارلو فردوني (كلاهما سنة 1994)، لكنه كان عبئاً في بعض الأفلام لا لزوم له كما في “الصحبة المسافرة”.

من سجل المهرجان.....

"الرجل الثالث"

غاب المهرجان سنة 1948 وعاود الظهور هذه السنة مع طريقة جديدة لتوزيع الجوائز، هي التي، مع الإضافات، ما زالت الطريقة المعمول بها الى الآن. عربياً، سُجّل اشتراك مصر بفيلم صلاح أبوسيف “مغامرات عنتر وعبلة”.

فيلم السعفة: “الرجل الثالث” (كارول ريد- بريطانيا): جوزف كوتِن في اعقاب صديق الأمس أورسن وَلز الذي يفتعل موته والصداقة تتحوّل الى منازلة. عن رواية غراهام غرين. روبرت راسكر نال الأوسكار عن تصويره هذا الفيلم المُلهِم (بالأبيض والأسود).

“معجزة في ميلانو”

غاب المهرجان مجدداً سنة ،1950 وعاد هذه السنة لتكون دورته أول دورة تمنح فيلم السعفة مناصفة.

فيلم السعفة: “معجزة في ميلانو” (فيتوريو دي سيكا- إيطاليا):

عن قصة سيزار زافاتيني، ذلك الذي كتب سيناريو “سارق الدرّاجة” أشهر أفلام دي سيكا (1948). الممثل فرنشسكو غوليزانو، الذي مات شابّاً عن 28 سنة بعد سبع سنوات من هذا الفيلم، يلعب دور شاب يسعى لبناء مجمّع سكني للفقراء ليكتشف حقل نفط في المكان ذاته.

“سعادة بقرشين”

لجانب أن “عطيّل” مثّل المغرب، تم عرض فيلمين مصريين هما “ابن النيل” ليوسف شاهين و”ليلة غرام” لأحمد بدرخان في المسابقة.

فيلم السعفة: “سعادة بقرشين” (ريانتو كاستالاني- إيطاليا):

العام 1952 كان آخر عام ينال فيه المخرج الإيطالي كاستالاني جائزة دولية، باستثناء جائزة شرف نالها من وزارة السياحة في بلاده سنة 1982 على الرغم من أنه واصل الإخراج حتى 1968. “سعادة بقرشين” دراما ذات خط اجتماعي- عاطفي.

أوراق ناقد ... سينمات وليست سينما واحدة

ما نشاهده على شاشة مهرجان “كان” كما على شاشة أي مهرجان آخر مجموعة من السينمات، سينمات وليست سينما واحدة.

لا أقصد السينما تبعاً لمناطقها الجغرافية فقط، بل هناك مناطق نشطة ومهمّة متعددة. والتالي بعضها:

السينما حسب مناطقها الجغرافية: مهرجان “كان” مثل إناء كبير على النار يتم فيه مزج كل الأفلام الآتية من بلدان متعددّة. رغم المزج يمكن تحديد المراجع الجغرافية لها: هذه أفلام لاتينية وتلك أمريكية وتلك أوروبية فآسيوية فعربية (أقصد حين يكون لدينا شيء معروض) وأخرى إفريقية، ثم يأتي تحديد كل منطقة على حدة، هذا إسباني وذلك إيطالي وهذا تونسي والآخر كوري.. الخ.

السينما حسب منطلقاتها الثقافية: كل منطقة لديها ثقافتها الخاصّة. والسينما تتبع هذه الثقافات بطبيعة احتوائها عنصري: ثقافة الموضوع وثقافة المخرج الذي يقدّم هذا الموضوع.

السينما حسب أنواعها التعبيرية: بينما من الممكن بسهولة تقسيم الإنتاجات الهوليوودية (وإنتاجات السينمات المتشبّهة بها) الى كوميديا ورعب ودراما نفسية وتشويق وموسيقية.. الخ. تتجمّع السينما الأخرى تحت مواصفات مختلفة: هذا فيلم مؤلف، وهذا فيلم ذاتي، وذلك فيلم لمدرسة تعبيرية.. الخ.

هذه بعض ملامح لسينمات عديدة يذكّرنا بها المهرجان الفرنسي العالمي العريق في كل عام. لذلك يمكن أن نطرح التساؤل حول المعايير التي تستند إليها لجان التحكيم لتختار من بين هذا الجمع المتداول من “السينمات” الفيلم الذي يفوز بالسعفة عن سواه. هل لاحظت مثلاً أن الفيلم الأمريكي الجيّد، اذا ما حمل مواصفات هوليوودية محدّدة وتم إنتاجه بأموالها، لن يربح السعفة الا فيما ندر.. وندر جداً؟

وهل لاحظت أنه أحياناً ما ينال الفيلم الذي يستحق السعفة، لكن في أحيان كثيرة لا ينالها الفيلم الذي يستحق بل تذهب الى فيلم آخر نال أقل قدر من الإجماع على حسناته؟ ثم ماذا عن تلك المرّات التي يشبه فيها رئيس لجنة التحكيم المخرج الذي قدّم الفيلم الفائز، أسلوب عمل او أسلوب تفكير او سياسياً او كونهما من مجموعة واحدة من الشخصيات؟

على ذلك، وقبل أن يتطوّر الأمر هنا الى إطلاق الشكوك، فإن الرابح في النهاية هو التعددية. وهذه التعددية لا يحظى بها مهرجان واحد، بل كل مهرجان جيّد. إنها علامة من علامات نجاحه المؤكّدة.

الخليج الإماراتية في

18.05.2007

 
 

... وفي اليوم الثاني لمهرجان «كان» الستين تبدأ الصورة الحقيقية في الظهور...

السياسة من طرق مواربة والإنسان في وحدته جزيرة تبحث عن ذاتها

كان (جنوب فرنسا) – إبراهيم العريس

ليس من السهل، منذ اليوم الثاني للمهرجان أن يعرف المرء الاتجاه العام لأفلامه، وبالتالي – وهذا يمكن قوله خصوصاً عن مهرجانات في مستوى «كان» – الاتجاه العام لنظرة السينما الى العالم. والسبب بسيط فأي فيلم حقيقي وطموح لا يكتمل معناه الحقيقي إلا بالترابط مع ردود الفعل التي يثيرها لدى المتفرجين. وفي «كان» حيث لا يكون قد عرض مع إطلالة اليوم الثاني بعد الافتتاح، سوى أقل من نصف دزينة من الأفلام، يحتاج الأمر تحديداً الى ردود الفعل تلك حتى يصبح لجوهر ما يقوله السينمائيون معناه. ويصح هذا، حتى وإن كانت النشرات والملصقات وحتى بعض المقالات الصحافية النادرة التي يكتبها صحافيون كان من حظهم أن شاهد الواحد منهم فيلماً من هنا أو آخر من هناك. من بين تلك المشاركة في المهرجان والتي – في طبيعة الحال – ستكون من بين أفلام العالم التي ستقول أين السينما ولماذا السينما وكيف تنظر هذه السينما الى عالم اليوم، طوال الشهور المقبلة.

مثل هذه التوليفات الاستنتاجية، لن يكون ممكناً الركون اليها منذ الآن. ومع هذا، ثمة في الأفق، وفي شكل افتراضي على الأقل، بعض المقدمات التي إن لم تقل لنا بتفصيل أو وضوح كامن، أين هي سينما اليوم، فإنها تقول على الأقل الكيفية التي ينظر بها بعض هذه السينما الى عالم اليوم.

الأحداث الكبرى ولكن

من هنا، حتى إذا افترضنا، مثلما جرى الحديث من قبل، ان السياسة في معناها اليومي تكاد تكون غائبة من هذه الدورة الستينية لأعرق مهرجانات السينما في العالم، فإن ثمة حضوراً لما هو شديد الدنو من السياسة: موقع الإنسان من العالم ونظرته إليه، وربما انطلاقاً من علاقته بالمؤسسات والمجتمع والأفكار الكبيرة. فمثلاً إذا كان من الصعب القول إن فيلماً مثل «الكسندرا» للروسي الكسندر سوكوروف هو فيلم يحكي حقاً عن حرب الشيشان أو يحاول أن يدين هذا الطرف أو ذاك من طرفي الحرب، فإن في إمكاننا في المقابل أن نقول إنه فيلم عن الإنسان تجاه هذه الحرب. فبطلة الفيلم الكسندرا (وتقوم بدورها مغنية الأوبرا الروسية غالينا فنشسكايا، أرملة العازف الراحل أخيراً روستروبوفتش)، تتوجه الى الشيشان وهي الروسية بحثاً عن ابنها، ثم تعود وقد وجدت ان المخرج الملائم هو التقارب بين الشعبين، من خلال نسائهما. إذاً، لا حرب في الفيلم ولا سياسة مباشرة إنما موقف انساني يطرح أسئلته الحادة على حماقة البشر.

وفي الفيلم الصيني التسجيلي الطويل «مدونات امرأة من الصين» لوانغ بنغ، لدينا ثمانينية أخرى عاشت حياة نضالية ومتقلبة في الماضي وعانت من الثورة الثقافية، وها هي الآن أمام الكاميرا تحكي لنا مغامرتها، مغامرة الإنسان في قلب أحداث كبرى لم يردها وتخطته ثم عاش من بعد زوالها.

كل من هاتين السيدتين الروسية والصينية تبدو – ومواربة – وكأنها تحاكم الماضي وبعض الحاضر، ولكن من وجهة نظر الإنسان، لا من وجهة نظر السياسة أو حتى من وجهة نظر الأيديولوجيا. لكنهما – معاً – في المحاكمة التي تقومان بها، أمام الكاميرا أو أمام الذات، ليست السياسة أو حتى إدانتها ما يهمها.

وفي هذا السلوك من الواضح ان كلاً من السيدتين لا يمكنها أن تعتمد إلا على نفسها، على وحدتها. فهي – لحسن حظها أو سوئه لا فرق – وحيدة في مجابهة الماضي أو الأحداث. جزيرة في عالم بات يتكون من جزر لا جسور بينها. وحتى حين تكون ثمة جسور تكون هذه موقتة عابرة. من هنا مثلاً، إذا كانت بطلة «ليالي بلوبيري» (نورا جونز) لوونغ كارواي، تحاول أن تجد مبرراً لحياتها بعد قطيعة عاطفية، من خلال ترحال تقوم به بين ولايات عدة ومدن أميركية وإذا كانت تلتقي بين مكان وآخر، بآخرين يخففون من وحدتها، فإن هذه اللقاءات ليست أكثر من عابرة، لأن الأساس في وجودها هنا هو وحدتها.

أليس ما نقوله عن بطلة فيلم الافتتاح، هو ما سيمكننا أن نقوله نفسه عن المغني بطل فيلم «عدني بهذا» لأمير كوستوريتسا، الباحث وحيداً عن ذاته؟

وإذا كان العجوز والمرأة الحزينة في فيلم نعومي كاوازي «غابة موغاري»، يتجولان في الغابة معاً، هو بحثاً عن إمكانية الحداد أخيراً وبعد 33 عاماً، على زوجته التي فقدها، وهي بحثاً عن ابنها الذي رحل بدوره... إذا كان هذان الشخصان يدخلان الغابة، أي عمق الطبيعة معاً، هل تلغي هذه الرفقة وحدة كل منهما؟ لا ريب في أن الجواب هو لا... حتى وإن كان تغيير ما، كما وُعدنا، سيطرأ على كل منهما بين أول الفيلم وآخره.

وحدة قاسية أيضاً يعدنا بها غاس فان سانت في فيلمه الجديد المشارك في المسابقة «بارانويد بارك». هي وحدة فتاه المراهق لاعب الروليت، الذي يجد نفسه أمام ذاته واسئلته الحائرة حين يتبين له أنه قتل حارس البارك، على سبيل الخطأ، ويمكنه الآن أن يعترف أمام الشرطة أو لا يعترف. القرار له... لكن المسألة ليست في مثل هذه السهولة. وهو عار تماماً أمام النتيجة التي عليه أن يقررها. انه انسان العصر الحديث – بل الإنسان دائماً – الذي لم يعد في وسعه الاتكال على أحد لاتخاذ قراره.

انه، في شكل من الأشكال، الإنسان عند نقطة انعطافية من حياته. وهو في هذا يكاد يكون صورة لمعظم الشخصيات الأخرى. صورة تكرر وفي مجال مختلف، إنما انطلاقاً من الجوهر نفسه، ما كان فان سانت نفسه قد وسم به بطل فيلمه السابق «الأيام الأخيرة» – انطلاقاً من شخصية كورت كوبان مغني النرفانا الذي انتحر شاباً -.

هواجس البشر

وهذه السمة الانعطافية في الزمن الإنساني حتى وإن كان ما يبررها هو أن الكاميرا – سواء كانت روائية أو تسجيلية – موجودة لتسجيلها، تبدو لنا تاريخية أيضاً. فاليوم واضح ان غياب الأيديولوجيا والسياسات الكبرى، يضع الإنسان أمام مصيره من جديد وفي شكل لم يسبق له أن وجد نفسه فيه. وفي مثل هذه الوضعية واضح أن السينما – كدأبها الدائم – تلعب دورها التاريخي كمعبّر عن هواجس الناس وقلقهم وأسئلتهم. ومن الطبيعي ان الانسانية، إذ تدخل الآن عصوراً جديدة حائرة بين المذابح والإرهاب واختناق البيئة وتفكك الروابط العائلية والموت المجاني وما إلى ذلك – وكلها مواضيع لا شك في أنها تسيطر على القسم الأعظم من الأفلام المعروضة في «كان» هذا العام -، هذه الإنسانية تجد صورتها في السينما المعاصرة، سينما الحداثة أو حتى سينما ما بعد الحداثة، إذا شئتم. وبالتحديد السينما التي تطرح ضروب القلق - وفي أحيان كثيرة بكثير من الأمل حتى من دون أن يكون هذا الأمل مفتعلاً أو أيديولوجياً. واللافت ان السينمائيين الذين يقولون هذا كله من دون أن يلتفوا في قولهم على السياسة في شكل مباشر، يتفادون في الوقت ذاته قوله من خلال سينما السيرة المباشرة، أو من خلال لغة السيرة الذاتية حتى.

وإذا كان في إمكاننا أن نلاحظ مع أفلام مثل «مدونات امرأة صينية» المذكور أعلاه، أو مثل «محامي الرعب» (عن أفكار وحياة المحامي الفرنسي جاك فرجيس، للمخرج باريت شرودر) ان ثمة دنواً مباشراً من السيرة... يوازيه حتى دنو أكثر أهمية ووضوحاً في فيلم الرسوم المتحركة «برسيوليس» للإيرانية مرجان ساقرابي (المتحدث عن طفولتها البائسة أيام ثورة الخميني واضطرار أهلها الى «تهريبها» الى النمسا كي تعيش حياة عادية)، علينا أن نلاحظ في الوقت نفسه أن هذه الأفلام الثلاثة تخرج عن المألوف، إذ ان اثنين منها وثائقيان، أما الثالث فرسوم مأخوذة عن كتاب شرائط مصورة. ما يعني بالنسبة إلينا أن ما ترك للأفلام الروائية – وهي الطاغية طبعاً – إنما قول الأشياء الخطرة ولكن ليس بالضبط عبر مرشح الذات. ليس لدى المخرجين وكتابهم، هذه المرة، ذلك النمط من التدخل المباشر في الفيلم. وكأن مبدعي السينما عادوا الى السرد البسيط، الى حكايات الآخرين يطلون من خلالها على العالم، وحتى من دون أن يقفوا، في النهاية، ليصدروا حكماً، سواء كان هذا الحكم سياسياً أو أخلاقياً. ولعل واحداً من أسباب هذا الانزياح، انزياح آخر، سبق أن أشرنا إليه باختصار في رسالة سابقة. فإذا كان معظم أفلام هذه الدورة من «كان» حقق تحت مظلة الترحال (وحسبنا هنا أن نذكر بعض النماذج، من «ليالي بلوبيري» الى «غابة موغاري»، الى «عدني بهذا» وحتى الى «ما من مكان للرجل العجوز» للأخوين كون، حيث مطاردة قاتلة تشغل معظم وقت الفيلم، توازيها مطاردة أخرى أكثر قسوة هي تلك التي تهيمن على فيلم «زودياك» لدايفيد فنشر من دون أن تفضي الى أية نتيجة، مروراً بالرحلة التي تقوم بها بطلة «الكسندرا» وحتى الرحلة الداخلية التي تقوم بها صبية فيلم «سمايلي فايس» لغريغ آراكي)، فإن ما يتعين رصده أيضاً هو أن مخرجين كثراً يبدون في هذه الدورة منزاحين عن حيزهم الجغرافي المعتاد. فالصيني وونغ كارواي يبارح هونغ كونغ أفلامه القديمة ليصور في رحابة القارة الأميركية. والفرنسي رافائيل نجاري، بعدما حقق أفلاماً في الولايات المتحدة، يقدم الآن فيلماً صوره في القدس – من دون أن يكون موضوعه «سياسياً»! -، والهنغاري بيلا تار يقدم في «رجل من لندن» موضوعاً للبلجيكي الراحل جورج سيمنون، لا علاقة له بهنغاريا. وفي مجال الانزياح، إنما غير الجغرافي هنا يمكننا أن نتحدث عن الطابع الكوميدي غير المعتاد الذي يسم فيلمي كوينتن تارانتينو («برهان الموت») وآبيل فيرارا («غوغو تاليس»). والحقيقة ان معنى هذا الانزياح المختلف لن يتضح إلا لمن يعرفون مقدار العنف الذي كان يطبع أفلام مخرجين يجربان حظهما ولو لمرة في عالم ليس لهما.

أجوبة غائبة

وفي المقابل. إذا كان زميلهما ومواطنهما دايفيد فنشر يعود في «زودياك» الى عالم المقاتلين بالجملة الذي صنع له مجده خصوصاً في «سبعة»، فإن علينا أن نلاحظ هنا أيضاً أن «زودياك» فيلم مأخوذ عن الواقع الذي حدث فعلاً. وانه ينتهي من دون حل أو إجابة شافية، ما يظهر لنا انزياحاً حتى لدى فنشر الذي يتسابق في «كان» للمرة الأولى، ويقال ان حظوظ فوزه بـ «شيء ما» كبيرة، وفي مثل هذا السياق أيضاً قد يكون من المفيد أن نتحدث عن انزياح آخر، ربما سيكون من شأنه أن يخيب أمل كثر من الذين يحلمون منذ أعلن عن مشاركة الفرنسية كاترين بريّا في المسابقة الرسمية لـ «كان» بأن يشاهدوا، أخيراً في المهرجان العريق، جنساً فاضحاً. ولكن لا... هذه المرة يبدو أن صاحبة «رومانس» الفضائحي قد عقلت، على غرار كثر من المخرجين الذين يظهرون هذه المرة بوجوه جديدة. ذلك ان فيلمها المشارك «العشيقة العتيقة»، ليس فيلماً إباحياً... بل هو فيلم عاطفي على طريقة حكايات الحب في القرن التاسع عشر!

مهما يكن، واضح ان كل ما لدينا الآن، حين تصل هذه السطور الى القارئ، مجرد إشارات، لأن معظم الأفلام لا يزال في طي الغيب، ونحن في ثاني أيام المهرجان. لكنها إشارات ترهص بتوضيح الصورة، بعدما كانت هذه الصورة خلال الأسابيع الماضية شديدة الغموض، وهو أمر معهود... تدور في إطاره لعبة التعرف في «كان»، كما في غيره من المهرجانات: تبدأ الأسئلة بمن وماذا سيشارك... ثم ترد الأسماء تباعاً، مغلفة بغموض لذيذ. ثم شيئاً فشيئاً يزول الضباب حول الأشكال أولاً... ثم حول المواضيع. وفي هذا المجال يحق دائماً للمهتمين أن يتوقعوا ما لا يكون في الإمكان توقعه في البداية. وهذا كله يوصل في أحيان كثيرة الى صورة عامة للمهرجان... وكذلك للسينما، تختلف كثيراً عن الصورة الأولية.

ولا شك في أن القارئ يدرك الآن... إننا وإياه، في منطقة وسط بين الغموض التام والانجلاء الكلي وفي يقيننا ان هذه المنطقة هي الأكثر امتاعاً... أليس كذلك؟

الحياة اللندنية في

18.05.2007

 
 

إحتفاء مميز بـ "رحلة البالون الأحمر"

قصي صالح الدرويش- كان

في حفل افتتاح خاص بتظاهرة "نظرة ما" عرض فيلم (رحلة البالون الأحمر) من إخراج التايواني هو سياو سيين. وحظي الفيلم باحتفاء كبير ومميز إذ سار مخرجه وأبطاله على البساط الأحمر الرئيسي باتجاه قاعة العرض الموازية، كما حدث من قبل مع يوسف شاهين حين عرض فيلم "اسكندرية نيويورك". ولم يكن هذا الاحتفاء استثنائيا لأنه يخص أحد أكبر المخرجين الصينيين فحسب ـ سبق له الفوز بجائزة التحكيم الخاصة وهي الأقرب إلى السعفة الذهبية عام 1993 عن فيلم "سيد الدمى ـ بل يعود هذا الاحتفاء المميز أيضا إلى أن الفيلم من إنتاج فرنسي، موله متحف أورسي الباريسي الذي يعرض الفن الانطباعي في المقام الأول. كذلك فإن النجمة الفرنسية القديرة جولييت بينوش والحائزة على أوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم "المريض الانجليزي" هي التي تقوم ببطولته.

و هو هسياو هسيين من المعتادين على مهرجان كان السينمائي فهو يشارك فيه للمرة السابعة. وقد نال عددا من الجوائز العالمية منها جائزة الأسد الذهبي لمهرجان البندقية 1989 عن فيلم "مدينة الآلام" وجائزة النقد الدولية في مهرجان برلين عام 1985 عن فيلم "وقت للحياة وقت للموت".

وعلى الرغم من جنسية المخرج التايوانية وعدم معرفته باللغة الفرنسية، فإنه ينقل المتفرج إلى أجواء باريسية جدا تتنقل فيها شخصيات الفيلم المستوحى من فيلم قصير عرض عام 1956 ونال السعفة الذهبية عنه المخرج البير لاموريس.  يروي الفيلم حكاية أم شابة "سوزان" يتوزع وقتها بين عملها في مسرح للدمى ودروسها الجامعية وطفلها الذي تربيه وحيدة، في خضم انشغالها لا تجد وقتا لابنها الحالم "سيمون" 7 سنوات، فتلجأ إلى صبية تايوانية "سونغ" لتساعدها على الاعتناء بطفلها أثناء انشغالها. يقضي الطفل وقتا طويلا مع مربيته الحالمة أيضا والتي تدرس السينما، يسحبها معه عبر طرقات ومقاهي الحي الباريسي الذي يعيش فيه، يرافقه طوال الوقت صديق غريب من نوعه هو عبارة عن بالون أحمر يحلق فوق أسطحة بيوت باريس وليس بوسع أحد سوى سيمون رؤيته.

وبين عمل الأم ووحدة الصبي وتحليق البالون الأحمر تتالى الأحداث بعفوية، دون حبكة درامية وكأن سوزان وحياتها حالة ارتجالية فوضوية، ترسم بارتجاليتها كما بعفوية الفيلم صور مشاهد بريئة لحياة عادية.. مشاهد لفضاءات وانشغالات باريس اليومية. فالفيلم يكاد يكون من دون سيناريو، صحيح أنه يصور بصنعة مخرج معلم وموهوب، لكن الصمت والعمق الذي عهدناه في أفلامه الصينية غاب عن تجربته الفرنسية التي تتوقف بأناقة أمام بعض أنماط الحياة الفرنسية أو الباريسية جدا بالأحرى.

ما نراه في تجربة هسيين الفرنسية هو أقل إقناعا وجاذبية من تجاربه الصينية، ولولا الثقل الذي يتمتع به المخرج لما استحق هذا الفيلم الاهتمام الذي اولى له ولما كان مبررا اختياره لافتتاح تظاهرة كان الموازية، كما أن مستواه لا يبرر مشاركة ممثلة قديرة وموهوبة بوزن جولييت بينوش فيه.

يشار إلى أن تظاهرة "نظرة ما" بدأت عام 1987 ويتم سنويا اختيار عشرين عملا ضمن فعالياتها تعد جزءا أساسيا من التظاهرة لكن لا تدخل المنافسة على السعفة الذهبية.

الفيلم الفرنسي "أغاني الحب"

كوميديا موسيقية عن الحب

وعرض ضمن المسابقة الرسمية الفيلم الفرنسي "أغاني الحب"  وهو كوميديا موسيقية تشمل 14 أغنية تدخل في نسيج الفيلم ولا تبدو محشورة قسرا. يتحدث الفيلم عن مراحل الحب الأربعة : اللقاء، الثنائي العاشق، الانفصال واللقاء من جديد. لكن الأحداث لا تجري وفق تسلسل المراحل الأربعة والثنائي هو ثلاثة هنا والانفصال لا عودة عنه  واللقاء مجدد لا يصالح الأطراف، لأن الموتى لا يمكنهم الغفران. أما الأغاني فهي هيكل الفيلم الذي تدور حوله الحكاية بكل ما تحتويه من مشاعر. باريس المدينة لكن الليلية حاضرة أيضا في هذا الفيلم.

تراجيديا عائلية في فيلم روسي

ويعرض مساء ضمن المسابقة الرسمية، الفيلم الروسي izgnanie وترجمته النفي أو الإقصاء للمخرج اندريه زفياجنتسيف. ويتناول الفيلم التغيرات التي طرأت على عائلة مكونة من أب وزوجته وولديهما (بنت وصبي). العائلة التي كانت تعيش في مدينة صناعية ، تقرر الانتقال إلى الريف والاستقرار في منزل قديم يملكه الجد حيث عاش الوالد طفولته.

في هذا الفيلم المستوحى من رواية للكاتب الأميركي الأرمني ويليم سارويان، لا تبدو المدينة  كمكان للشر كما جرت العادة، بل كالمكان الذي يشيع البهجة داخل العلاقات الأسرية وتخلق حتى وهما بالسعادة والحب. أما المكان الجديد الساحر والقاسي فسيشهد الاعترافات الأليمة. وتعترف فيرا (الزوجة) لزوجها بأنها حامل من رجل آخر، اعتراف صاعق يكون بداية تراجيديا عائلية يتحمل الابن فيها قسوة الأب وعذاب ضميره وسط صمت وغموض. يشار إلى أن المخرج حصل عام 2003 على جائزة الدب الذهبي في مهرجان فينسيا عن فيلم "العودة".

فريق لتغطية مهرجان كان

بمناسبة الدورة الستين لمهرجان كان السينمائي الدولي، خصصت "إيلاف" فريقًا من الصحافيين والاخصائيين يقوده الزميل قصي صالح الدرويش. والزميل الدرويش كاتب  سياسي مميز اضافة الى خبرته النقديه الطويله فى مجال  السينما والفن ويساعده الزميلان  احمد نجيم ومسئول قسم السينما في إيلاف محمد موسى في متابعة المهرجان ساعة تلو الساعة وتغطيته بتقارير خبرية وتحليلية وحوارات مع مخرجين وممثلين وممثلات... لكي يكون قراء إيلاف على علم بكل أخبار المهرجان وبنتائج كل الجوائز التي ستمنح هذه السنة، حال إعلانها.

ازاحة الستار عن مهرجان كان في دورته الستين

قصي صالح الدرويش: ليالي التوتية يفتتح المسابقة الرسمية

زودياك يعرض في مهرجان كان هذا المساء

مهرجان كان.. 60 عاما من الإبداع

إحتفاء مميز بـ رحلة البالون الأحمر

موقع "إيلاف" في

18.05.2007

 
 

التنوع الأميركي الحاد تقابله حركة السينمائيات الفرنسيات

إيطاليا لم تعد "البنت المدللة" وصورة العرب والأفارقة شبه غائبة

كانّ ـــ من هوفيك حبشيان

"مهرجان كان" في عيده الستين، يعدنا بالكثير من المفاجآت والاحتفالات والاستعادات بقيادة رئيس لجنة التحكيم ستيفن فريرز المعروف بولعه ومزاجه المتقلب، القريب من مزاج الطقس هنا، الذي لم يحسم خياره بعد بين الشمس والغيم. ليس من قبيل التحدي أن نقول إن وعود المهرجان هذه المرّة عالية الشأن، لذا فالمتابعة القريبة مطلوبة لنرى ما اذا كان سيفي بها. الوعود تناهت الى مسامع الكلّ طوال الدورة السابقة، وهذا ما يؤكده البرنامج الذي صار بين أيدينا منذ امس: قائمة أعمال تصرّ مرة أخرى على التنوع واختصار العالم في لقطة من هنا ولقطة من هناك، رغم ان هذا كله ليس بالشيء الجديد والمدهش. اذاً، مجرد طبعة استثنائية من حيث الرقم الاستثنائي الذي تحمله؟ القصة أبعد من ذلك بكثير. انها دورة تؤكد بعض الشكوك وتكرّس بعض الذين كانوا باشروا شق طريقهم نحو النجومية. انها كذلك سنة انقلابات هذه السينما على غيرها، وبروز هذا الاسم لغياب هذا الآخر، ونأمل ان يخرج المهرجان من هذه الصراعات سليماً وقوياً. انها دورة لا يحرجها واقع أن يكون نحو نصف الاعمال المتسابقة لـ"السعفة الذهب"، لسينمائيين يقفون خلف الكاميرا للمرّة الاولى، أقله لاخراج فيلم روائي طويل. أما الامتناع عن الاحراج فليس سببه أن ما قدموه يستحق ان يشاهد من هنا بالذات، من هذه المنصة السينمائية التاريخية، انما لأن الادارة مدركة أنها تستطيع الاحتفال بالالعاب النارية وبنشأة جيل جديد من المخرجين في الوقت نفسه. الطريقان المتوازيتان في كان، يا للعجب، تلتقيان!

ملاحظات كثيرة تلهمنا إياها قراءة متأنية لجملة الاختيارات التي قامت بها لجان انتقاء الافلام، وهي اختيارات لا تأتي من فراغ بل تنطوي على  دلالات قاسية أحياناً، تنم عن وقائع اجتماعية وثقافية وسياسية مزرية، وهذه الدلالات من الافضل أن نقبل بها لا ان نرجمها. ابرز الملاحظات، الغياب الشبه الكلي للسينما العربية التي يُختصر حضورها بفيلم لمهدي شارف وبالفيلمين اللبنانيين "سكر بنات" و"الرجل الضائع". يعود سبب انعدام العلاقات الودّية بينها وبين المهرجان الى تدهور مستوى الفكر السينمائي العربي، وعدم قدرة المخرجين العرب على منافسة زملائهم الغربيين في مجال صناعة الصورة الحديثة. ناهيك بأسباب أخرى ليس هنا المجال لتعدادها. في ظل الاوضاع غير المشرّفة للسينما العربية، صارت "الجزيرة" هي البديل المشهدي، وهي التي تصنع الصورة الجديدة للانسان العربي، صورة لعلها لا تملك كلّ مكونات التباهي والاعتزاز! هذه ايضاً حال السينما الافريقية التي تجمعها برفيقتها العربية مأساة واحدة هي غياب من يرعاها ويساندها ويهتم بها، وهذا ما جعل القارة السوداء تغيب هي ايضاً عن المهرجان، في زمن تحتاج افريقيا الى بناء صورة حيّة، قريبة الى آمالها وتطلعاتها ورغباتها، لا رغبات الغرب. واذا كان هناك عالمان غائبان عن كان، فهناك ايضاً نصف قارة، أميركا اللاتينية، التي بعكس الامال المعقودة عليها، لم تستطع السينما المصنوعة فيها تغيير جلدها، على ما ورد على لسان بعض الذين شاهدوا تلك الافلام. لافت ايضاً عدم وجود اي فيلم ايطالي في المسابقة الرسمية، بعدما كانت السينما الايطالية "البنت المدللة" للمهرجان، لكن استحال عليها في العقود الماضية، الخروج من أزمتها المتزامنة مع أزمة المجتمع الايطالي. ورغم ان فيلمي بيلوكيو وسورنتينو اللذين عرضا في الدورة الماضية كانا يبشران بالخير، الا انه تبدى مذاك ان طريق النقاهة بعيدة بعد، وان الحلم لا يزال بعيد المنال.  

لفتنا كذلك تألق نجم السينمات الاتية من بلدان أوروبا الشرقية والمتمثلة في الدورة الحالية بكلّ من اليوغوسلافي أمير كوستوريكا، العائد الدائم والوفي الى الارض التي صنعته مخرجاً نجماً، والمجري بيلا تار، والروسي الكبير الكسندر سوكوروف. بالاضافة الى روسي آخر، اندره زفيانغينتسيف، اقتنص "الاسد الذهبي" في البندقية عن فيلمه "الانطلاق". كذلك يجري الحديث عن حركة أو موجة جديدة لم تتضح ملامحها بعد، آتية هذه المرّة من رومانيا، هذه البلاد التي تتمثل من خلال كريستيان مونغيو وفيلمه الجديد. في مقابل الصعود المفاجئ لهذه السينما، تبدو السينما الآسيوية متراجعة الطموح بعض الشيء. يحمل رايتها كلّ من الكوريين لي تشانغ ــ دونغ وكيم كي دوك، واليابانية ناومي كاوازه التي تجرأ المدير الفني للمهرجان تييري فريمو على اختيار فيلمها الاختباري جداً في اطار المسابقة الرسمية.

لكن السينما الاسيوية حاضرة ايضاً من خلال أحد معلميها، التايواني هو سياو ـــ سيين، الذي يقدم "رحلة الطابة"، لكن في قسم "نظرة ما"، وايضاً عبر ايم كوان تك، المشارك بفيلمه ضمن "اسبوعي المخرجين". اسماء جديدة تنضم الى لائحة المخرجين الآسيويين: وانغ بينغ، دياو يينان وليا يانغ. للوهلة الاولى، لا يبدو أن السينما الآسيوية تواجه خطر انتزاع مكانتها المرموقة التي تشغلها منذ سنوات. لا شيء على الاقل يشير الى احتمال حصول ذلك، لكن المشكلة هي ان الكثير أصبح يُطلب منها بعدما تبيّن ما هي قادرة عليه. يبقى الصيني وانغ كار ــ واي الذي شاهدنا له أمس، ضمن حفل الافتتاح، فيلمه الجديد "ليالي العنابية"، وهو أول فيلم أميركي ينجزه هذا المخرج الطليعي الذي كان يترأس لجنة تحكيم المهرجان في العام الفائت.

هناك أيضاً حضور قوي ومهم للسينما الفرنسية، بعد دورة السنة الماضية حيث جرت الرياح عكس ما اشتهته سفينة السينما المحليّة. ثمة حاجة متمادية الى التغيير والتجديد في اعمال السينمائيين الفرنسيين. في موازاة الرعيل القديم، كثر من الذين يمسكون الكاميرا ينتمون الى الجيل الشاب، من مثل لولا دوايون (ابنة جاك) وميا هانسون ــ لاف وسيلين شياما. مع مستهل السبعينات من القرن المنصرم، تنامت اهمية المخرجات في السينما الفرنسية. وخلال السنين العشر الاخيرة، شهدت البلاد بروز عدد وافر من المخرجات الشابات، وازداد اهتمام المهنيين والنقاد والجمهور والباحثين بهنّ. حالياً، يتردد الحديث هنا عن افلام النساء، سواء أكانت مستحسنة ام لا. تعالج هذه الافلام مواضيع مختلفة مثل الالتزام السياسي والظلم الاجتماعي وحياة المرأة الجنسية. وايضاً صورة طفولتها ومراهقتها وخصوصاً صورة تنظيم المجتمع والعلاقات بين أفراده، لا سيما بين النساء والرجال. سيطرت المخرجات على الشاشة الكبرى من خلال مواضيع مفعمة بالعواطف، وهي تسترعي الأنظار لأنها تتطرّق احياناً الى ما كان من المحظور تناوله في السابق. هكذا احدثت سينما النساء ضجة لن تنتهي حتماً مع انتهاء هذه الدورة، بغض النظر عن الاعجاب او الامتعاض اللذين قد تولّدهما، وهي اليوم تتكرس عبر مشاركة كلّ من المستفزة غير القابلة للاصلاح كاترين بريا بفيلمها "معلمة عجوز" ومارجان ساترابي التي تتسابق لنيل "السعفة الذهب" بفيلمها المعنون "بيرسيبوليس". هناك ايضاً الممثلتان فاليريا بروني تيديسكي وساندرين بونير اللتان تقدمان عملهما الجديد. فالى كون فرنسا تحتل في هذه السنة مكاناً تُحسد عليه، يمكن القول عن هذه الدورة انها نسائية بامتياز. لكن في مقابل ذلك، لا خوف على مستقبل المخرجين الفرنسيين. اوليفييه أساياس، نيكولا فيليبير، غايل موريل، كريستوف أونوريه، سيرج بوزون، باربت شرودر، نيكولا كلوتز، كلهم يحضرون الى كان لتقديم انتاجاتهم الجديدة، التي تسبقها آراء جد سلبية في بعض الاحيان.  

أهذا يعني ان السينما الفرنسية في صحة جيدة؟ ربما! لكن السينما الاميركية، في تعدد توجهاتها وانتماءاتها، تنم عن ديناميكية قل مثيلها في السابق. لا يختلف اثنان على أن الولايات المتحدة تحتل الصدارة في كان هذا العام، علماً ان الاسماء التي تتألف منها عائلة هذه السينما تعكس التنوع الحاد الذي يستهوينا في الروحية الاميركية. فمَن المخرج الاكثر ابتعاداً عن كوانتن تارانتينو سوى مايكل مور؟ تنسحب هذه المقارنات على الاسماء الاخرى المشاركة ايضاً: بين الاخوين كوين وديفيد فينشر؛ بين ابيل فيرارا وهارموني كورين؛ بين سادربرغ وفان سانت. لهؤلاء كلهم علاقة غير طبيعية وغير سليمة مع هوليوود التي كانت طاغية بشدّة في العام الماضي، فهل تكون دعوتهم الى "مهرجان كان" والترحيب بهم، بمنزلة تقديم اعتذار عن العمل الشاذ الذي اقترفته الادارة في الدورة 59 وهو افتتاح المهرجان بفيلم "شيفرة دافينتشي"؟

على صعيد آخر، لن تكون كاميرات التلفزيونات هي الوحيدة التي ستتركز على الحدث خلال اثني عشر يوماً في ما يشبه العرس السينمائي. بل هنالك ايضاً أجهزة المراقبة التي ستساعد الالوف من عناصر قوى الامن في تأمين سلامة نحو ستين ألف محترف موجود هنا وألوف الفضوليين الآتين من البلدان المجاورة والبعيدة لمشاهدة صعود النجوم على السلالم المؤدية الى قصر المهرجان، وهو طقس من الطقوس لا يتجزأ عن ماهية المهرجان بذاته. مدينة كان، هي بين أفضل المدن الفرنسية تجهيزاً بكاميرات المراقبة، وخصصت البلدية منذ اربع سنوات شبكة تتضمن مئة كاميرا للمراقبة، فضلاً عن شبكة تضم خمسين كاميرا في قصر الاحتفالات، لاكتشاف أي عمل مشبوه في الوقت المناسب.

اذاً، لن ينثر العيد الستون لـ"مهرجان كان" هباء. ذلك أن المدينة ستستفيد منه الى اقصى درجات الاستفادة. هذا المهرجان، حيث تبرق النجوم، يجعل الفنادق والمطاعم تكتظ سنوياً، بما يتيح للمدينة أن تحقق بين 10 و12 في المئة من ارباحها السنوية. يؤمّن المهرجان مئة وعشرة ملايين أورو لكان، مقابل سبعمئة مليون أورو تجمعها المدينة خلال ثلاثمئة يوم في السنة، وفق الارقام التي تعلنها البلدية. فهل تزيد الارقام هذه السنة، مثلما زادت اسعار الايجارات بحيث صار يراوح سعر غرفة الفندق في الليلة الواحدة بين 490 و900 أورو؟ لا عيب في أن يتدفقّ المال بكثرة خلال المهرجان، فتمتلئ المطاعم ويجتاح النجوم المتاجر الفخمة ومحال المجوهرات وتزدحم الـ"كروازيت" بسيارات الليموزين وسواها من المركبات السياحية الفارهة، لكن العيب اذا تبيّن ان زمن الاحتفال ينهي زمن التأمل لتصبح الحاجة أقوى من الرغبة. المهم أن يبقى الحلم في كانّ ملك السينما والسينمائيين، وأن يخلّف المهرجان في كل اختبار جديد له علامة وحضوراً خاصين.  

النهار اللبنانية في

18.05.2007

 
 

الأفلام العربية غائبة عن التظاهرات الرسمية في مهرجان «كان» ولكن...

تنافس بين دبي وأبو ظبي... وفيلم لبناني لن يراه لبنان

كان (جنوب فرنسا) - ابراهيم العريس

من ناحية مبدئية جرى الحديث كثيراً خلال الأسابيع الأخيرة عن أن لا حضور عربياً في مهرجان «كان» السينمائي لهذه السنة. استاء كثر لأن السينما العربية تبدو غائبة عن مهرجان صنع لها في العالم بعض مجدها منذ زمن طويل، وساهمت هي، ولو بقسط ضئيل في عالميته. ولكن هل السينما العربية غائبة حقاً عن ستينية «كان»؟ في المسابقة الرسمية أجل على عكس ما كان يتمنى كثر، ليس هناك أي حضور عربي. وفي التظاهرات الثانوية، اذا استثنينا فيلمين لبنانيين جديدين.

الصورة هنا رمزية: لبنان وحده بإمكاناته المتواضعة، ولكن بمساعدة أوروبا، يقاوم. وسنرى لاحقاً كنه هذه المقاومة وإمكاناتها. أما هنا فنتوقف عند ظاهرة لافتة. إذا كانت الأفلام العربية غائبة، فإن هذا لم يمنع يوم أمس، الجمعة، من ان يكون يوماً عربياً بامتياز. وكيف لا يكون هكذا يوم تتحدث فيه اهم المجلات التي تصدر اعداداً يومية في «كان»، ونعني «فارايتي» الأميركية، في صدر صفحتها الأولى عن مهرجان سينمائي عربي جديد تزمع أبوظبي إقامته لينافس، بحسب المجلة، مهرجان دبي، على خطى المنافسة الحامية بين الإمارتين؟ وفي اليوم نفسه تأتي الأخبار عن بدء الفلسطيني ايليا سليمان العمل لتصوير فيلمه الجديد الذي سيكون فرنسياً - بلجيكياً، ويصور في ثلاث قارات ليتحدث عن تاريخ أسرة المخرج منذ عام ضياع فلسطين 1948 حتى اليوم؟ في فيلمه الروائي الطويل الثالث، اذاً، وسّع سليمان دائرة اهتمامه ودور اسرته في حياته. ومنذ الآن يحق لنا ان ننتظر تحفة جديدة من صاحب «يد إلهية».

عربياً ايضاً، وإن في شكل غير مباشر، عرض امس فيلم «محامي الرعب» الذي حققه الفرنسي باربت شروتر عن ومع الحقوقي الفرنسي جاك فرجيس الذي كان ذات يوم زوج المناضلة الجزائرية جميلة بو حيرد ومحاميها، ليصبح لاحقاً محامي كارلوس وصديق المقاومة الفلسطينية. ولكن ايضاً محامي بعض كبار المجرمين النازيين الذين يحاكمون عادة في فرنسا. فيلم «محامي الرعب» قد نعود إليه غداً. أما هنا فلا بأس من «مواصلة» رحلتنا العربية في «كان». ولكن هذه المرة مع اول فيلم لبناني عرض في «أسبوعي المخرجين» كما كان متوقعاً، وهو فيلم «رجل ضائع» لدانيال عربيد. هذا الفيلم سيسيل حبراً كثيراً ويثير سجالات أكثر. وليست هذه العجالة حيزاً يكفي للحديث عنه. فقد يهمنا ان ننقل عن مخرجته يقينها من انه لن يعرض لا في لبنان ولا في أي بلد عربي. «حتى ولا في فرنسا ربما» استطردت صحافية كانت تحضر المؤتمر الصحافي الذي عقدته عربيد بعد عرض الفيلم، مضيفة: «إذا رصدنا تعبيرات ساركوزي الأخلاقية يمكننا ان نتوقع هذا». ضحك الجميع، فالصحافية أرادت ان تمزح لا أكثر. «رجل ضائع» سيعرض في فرنسا بالتأكيد. وهو يقيناً مصنوع ليعرض فيها. لكنه، بالتأكيد ايضاً لن يعرض في بلد عربي. فالفيلم إباحي في شكله إن لم يكن في مضمونه. كميات من اللحم النسائي والمشاهد الجنسية تملأه. وشخصيات تتحرك في حياتها من دون رادع أو هدف أو وازع أخلاقي. لسنا في هذا ننتقد الفيلم. نقول الأمور كما هي. النقد الفني سيأتي لاحقاً. سينمائياً تطورت دانيال عربيد كثيراً. وهذا واضح. ولكن من الواضح ايضاً أنها فقدت تماماً براءة فيلمها السابق «معارك حب». فقدتها مع تخلي فيلمها الجديد عن حرب لبنان كموضوع، ومع رغبتها في ان تصور، كامرأة، حياة الرجال وأعمالهم. وفقت لتحقيق الفيلم بكتاب عن حياة ومغامرات مصور فرنسي. لكنها وفقت اقل في السيناريو الذي كتبته. تعاملت مع ممثلين جيدين، لكنها بدت احياناً غير عارفة كيف تتعامل معهم، أو ماذا يفعلون. كل هذه الجوانب قد لا تهم... امام شبه الفضيحة التي يمكن ان يكونها هذا الفيلم. كثيرون سيقولون هذا من الآن وصاعداً. اما دانيال فيمكنها ان تقول ان ما همها تحقيق فيلم عن موضوع تحبه... ولينتظر الجمهور اللبناني أو العربي فيلمها التالي إن اراد...

الحياة اللندنية في

19.05.2007

 
 

البيان في مهرجان «كان» السينمائي الدولي ال60

«كان» ـ عرفان الزهاوي

من المنتظر أن تكون الدورة الستون لمهرجان كان السينمائي الدولي، التي بدأت مساء الأربعاء الماضي تظاهرة احتفالية مهمة، أراد لها الرئيس المخضرم للمهرجان جيل جاكوب ومديره الفني تييري فريمو أن تدخل تاريخ السينما.

وعلى الرغم من تزامن انطلاق المهرجان مع تغيّر الرئاسة الفرنسية، فإن «المهرجانيين» وجمهرة الصحافيين والنقاد، لن يمنحوا عملية التسليم والاستلام في قصر «الإليزيه» أي اهتمام يفوق اهتمامهم حضور أو مناقشة عرض من عروض المهرجان العريق. الانغماس في عالم الحلم سيكون كاملاً وبدأ، كما أراد له المدير الفني للمهرجان تييري فريمو بعرض فيلم «ماي بلوبيري نايتس» للمخرج وونغ كار واي من هونغ كونغ، والذي عُرف عنه أنه يحضر المهرجانات بفيلمه وهو لا يزال «حاراً» كما لو كان قطعة الخبز التي خرجت لتوها من الفرن.معروف عن وونغ كار واي أنه يُنجز أعماله في اللحظة الأخيرة ما قبل العرض، لكن دون أن يعني ذلك أن يكون الفيلم غير مكتمل، على العكس تماماً فقد حصد هذا المخرج الجوائز الأولى في جميع المهرجانات التي حضرها منذ حضوره مهرجان كان بالذات في عام 1997 بفيلمه «سعداء معاً» وفاز بسعفة المهرجان الخاصة لأفضل مخرج.

ولعل اختيار وونغ كار واي لافتتاح الدورة الاحتفالية بميلاد المهرجان الستيني، يأتي إشارة من إدارة مهرجان «كان» للمهرجانات الأخرى، بأن المهرجان الفرنسي كان السبّاق في اكتشاف هذه الطاقة الأسيوية الخلاقة. واعترافاً بفضل مهرجان «كان» عليه، فقد وعد المخرج الآسيوي إدارة المهرجان بأن يلتزم بالموعد، وأن يعرض شريطه الذي يحمل عنوان «ماي بلوبيري نايت» الذي يعتبره هو نفسه «تجربة جديد خاصة صوّرها باللغة الإنجليزية في الولايات المتحدة، ومن دون ممثليه المعتادين مستعيناً بممثلين من هوليوود مثل جود لو وناتالي بورتمان وراشيل وييتس وإيد هاريس، بينما تلعب البطولة الرئيسية في الفيلم نجمة شهيرة للغاية، لكن في عالم الغناء، أي نورا جونز، التي تلعب دورها السينمائي الأول على الإطلاق.

وونغ كار واي اعتبر شريطه هذا بمثابة «رود موفي» وتدور أحداثه في الطريق ما بين نيويورك ولاس فيغاس ومن ممفيس إلى صحراء نيفادا. وبدلاً من الشهور الطويلة التي اعتاد أن تكون لديه لتصوير أفلامه فقد أنجز وونغ كار واي هذا الشريط في فترة قياسية، أي سبعة أسابيع فحسب. وتبدو هذه الأسابيع قليلة للغاية، إذا ما صحّ ما أُشيع عن إعادة لقطة قبلة بين جود لو ونورا جونز لمئة وخمسين مرة

البيان الإماراتية في

19.05.2007

 
 

مهرجان:

الصدمة والجمال في المسابقة الرسمية لمهرجان كان

القبس/ كان (فرنسا) ـ د.ب.أ ـ شهد مهرجان كان السينمائي الدولي الخميس الماضي عرض فيلم روماني شديد الروعة، لكنه يحمل قدرا كبيرا من الصدمة للمخرج كريستيان مونجيو، حيث يعرض معاناة تمر بها امرأة تجري عملية اجهاض خلال الأيام الأخيرة لنظام الدكتاتور الشيوعي نيكولاي شاوشيسكو.

ويتنافس الفيلم الذي يحمل اسم 'أربعة اشهر وثلاثة أسابيع ويومان' من اجل الحصول على السعفة الذهبية أكبر جوائز المهرجان ويمثل عودة السينما الرومانية إلى المهرجان بعد غياب 12 عاما.

وقال مونجيو للصحافيين ان الاجهاض انتشر بشكل كبير في رومانيا منذ مطلع التسعينات، لذا أراد ان ينبه النساء الى الجانب الأخلاقي المتعلق بهذه العملية أكثر من خطر 'الاعتقال' في ظل النظام الشيوعي.

وقال 'يجب ان يفكر الناس في عواقب (ما يفعلون)'.

ويضع هذا الفيلم مونجيو على خريطة السينما العالمية. ويحكي الفيلم دراما انسانية تكررت كثيرا في السنوات السابقة على الاطاحة بحكم شاوشيسكو في ثورة دموية عام 1989.

ويدور الفيلم حول طالبتين تتشاركان في مقر الاقامة نفسه في بورخاريست احداهما تدعى اوتيلا والأخرى جابيتا وهي الفتاة الحامل وتجسدها لورا فسيليو.

وتعد الاثنتين للقاء شخص شرير يدعى بيبي في فندق متواضع حيث من المقرر ان يجري عملية اجهاض غير قانونية لجابيتا في مقابل سلع عينية.

وامتد ارهاب النظام الدكتاتوري الى أكثر نواحي الحياة خصوصية فلم يقتصر الحظر الذي فرضه شاوشيسكو على الاجهاض فحسب، بل امتد ليشمل تعاطي كل أنواع العقاقير التي تمنع الحمل بهدف زيادة عدد اتباعه وأنصار القضية الشيوعية.

وأطلق على الكثير من مواليد رومانيا غير المرغوب فيهم الذين ولدوا بعد ان اصدر شاوشيسكو مرسوم الميلاد في الستينات اسم 'المراسيم الصغيرة'.

وقال مونجيو المولود عام 1968 في مدينة اياس شمال شرق رومانيا 'انا مرسوم صغير أيضا'، وأسفر المرسوم عن ارتفاع بسيط في عدد السكان.

وفي فيلمه الجديد قال مونجيو ان تعمد تقطيع الفيلم الى لقطات طويلة، استدعى ان يحفظ الممثلون ادوارهم باتقان. وقال ان الكثير من التقطيعات كان سيسبب اضطرابا للحالة الشعورية بالفيلم.

وقالت فاسيليو 'كنت أشعر برعب حقيقي كان من الصعب للغاية 'الخروج من الشخصية'، لا أريد ان أمر بهذه التجربة بعيدا عن الفيلم. اعطاني كريستيان ثقة عوضتني عن قسوة الموضوع'.

القبس الكويتية في

19.05.2007

 
 

يوميات مهرجان كان السينمائي الدولي (3)

الفيلم الثاني للمخرج الروسي أندريه زفياجنتسيف

"الصد" تحفة فنية على شاشة المهرجان

محمد رضا

“الصد” يلغي كل ما سبق عرضه على شاشات دورة مهرجان كان الحالية الى الآن. إنه أفضل من الأفلام السبعة التي شاهدتها في اليومين الأخيرين داخل أو خارج المسابقة، وبالحكم على أساليب وأعمال مخرجين مُدرجين معروفة أعمالهم ومستوياتها، سيبقى من بين الأفضل حتى نهاية هذه الدورة. إذا ما كان سينال السعفة الذهبية أم لا، أمر يبقى في طيّات المجهول وحسب آراء لجنة التحكيم التي يرأسها المخرج ستيفن فريرز وتتكوّن من الممثلة الصينية ماجي شيونك، الكاتب التركي عرفان باموك، الممثلة الفرنسية ماريا دمدريوس، المخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو، الممثلة الاسترالية توني كوليت، الممثل الفرنسي ميشيل بيكولي، الممثلة الأمريكية سارا بولي والمخرج الإيطالي ماركو بيلوكيو.

“الصد” هو ثاني فيلم للمخرج الروسي أندريه زفياجنتسيف بعد “العودة” وهو -بالتأكيد وكما هو متوقع- يشابهه في الكثير من الشؤون.

“العودة” (2004) الذي نال ذهبية مهرجان فالنسيا بجدارة فيلم عن أب يعود الى عائلته الصغيرة بعد غياب لا ندري أين أمضاه. يأخذ ولديه في رحلة صيد. نكتشف سريعاً طريقته القاسية التي يتبعها معهما. ليس لأنه لا يحبّهما، لكنه اعتاد على أن يعتبرهما نسخة كاملة منهما. يضعهما على الصورة التي نشأ هو عليهما ويفضّلهما كما يريدهما أن يكونا. أكبرهما سنّاً قبل من دون جدل. أصغرهما هو المتمرّد. لا يريد تنفيذ الأوامر ولا يشعر بالعلاقة التي قد يشعر بها كل ابن تجاه أبيه فوالده غادر العائلة وهو لا يزال صغيراً.

“الصد” عودة أب من بعد غياب. العائلة فيها الأم وولدان  فتاة وصبي. الجميع ممتثل للحياة التي يقررها هو. الاختلاف الرئيسي هنا هو أنك لا تشعر بأن هذا الأب متجنٍ كما هو واضح بالمقارنة مع الأب في الفيلم السابق. كلاهما لا يقصد أن يكون متعنّتاً أو عنيداً وذا خطّة مسبقة لا تنظر الى استقلالية الروح في أجساد الآخرين، لكنه يمارس كل ذلك على أي حال. هنا، الأب شخصية أكثر تودّداً، لكن الزوجة التي يكبر حجمها في هذا الفيلم عن ذلك الذي في الفيلم السابق) هي التي تُعاني بشدّة. وحين تخبر زوجها بأنها ليست حاملاً منه يفقد توازنه على الأرض. تقتله برصاصة من “الصد” والنكران. بعد حين يطلب منها الإجهاض ويجلب طبيبين للغاية، لكنها تموت منتحرة.

الفيلم لا يخلو من شائبة: فلاشباك نكتشف فيه أن الزوجة لم توضّح له أن الجنين هو له، لكنها  وكما تقول لأخيه الذي ينطلق بطل الفيلم لقتله اعتقاداً منه أنه المسؤول  هو ليس ابنه “كما أن ولديه ليسا كذلك. لكنهما ولداه”. بذلك تقصد القول إنه صنعهما كنسخة منه وتضيف على أن هذا الأب، في نهاية المطاف “نسخة من والده” تبعاً لنوع من الاستمرارية التي تعصف بأرواح الآخرين من دون أن ترى أمامها “لم أعد قادرة على العيش من دون روح”. تقول.

المشكلة هنا أن الفيلم حمّل نفسه عبء افتراض أن حكاية “ولده  ليس ولده” تفعيل كافٍ لاستكمال الحكاية.

بكلمات أخرى، ما نراه هو اتكال على مفاجأة صغيرة (لم تخنه، بل الجنين هو ابنه بالفعل  لكنها لم تخبره ما تعنيه) لمد الأحداث صوب نهايتها الوخيمة ومفادها الأخلاقي.

لكن باستثناء هذه الشائبة، التي قد لا يراها البعض منا مهمّة، فإن الفيلم ليس أقل من تحفة عناصرها الجمالية مستوحاة من سينما أندريه تاركوفسكي بالكامل تقريباً باستثناء المنحى الشعري والتصوّفي الذي لدى ذلك المخرج العبقري الراحل. أبرز العناصر المستخدمة هو الماء في سينما زفياجنتسيف الشابّة. وحين تمطر في فيلميه تمطر كما لو أن باب السماء كله منصب في وقع واحد رافعاً الحس بالدراما الى الأعلى وبتأثير غير خاف.

مثل فيلمه السابق ما يكشفه زفياجنتسيف من حياة يعكس صورة ذهنية ماثلة عن موت. المدينة التي تقع فيها بعض الأحداث عبارة عن جدران من الباطون الممتد تخفي وراءها مصانع غامضة. رجل وحده يمشي بعيداً. سيارات قليلة جداً. إنه كما لو أن الحي كله تقطنه حفنة من الناس.

والريف هو بالتأكيد أجمل بكثير: كاميرا ميخائيل كريكمان تلتقطه وهو يتنفّس جماله بترحاب وسعة، ولو أن البيوت في الداخل تبدو مثل نفسيات البعض مجرّدة من اللون، متآكلة مع الزمن.

وجوه...

إيمانويل سيجنر ممثلة بالوراثة

إيمانويل سيجنر واحدة من الممثلات اللواتي صعدن سلم الشهرة الفرنسية في الثمانينات وتبوأن لاحقاً مكانة جديرة بالإشارة. وُلدت في 22/5/1966 من أب عمل مصوّراً (وكان مشهوراً في مهنته) وأم صحافية. وإذا لم يكن ذلك كافياً كمصدر للوحي، فإن جدّتها كانت لويز سيجنر، ممثلة مسرحية وسينمائية ورئيسة “الكوميدي فرنسيسز” لسنوات.

في سن الرابعة عشرة من عمرها فازت بالعمل موديلاً. ثم أصبحت ممثلة سينمائية. وظهرت في فيلم “تحري” للمخرج جان-لوك غودار الذي قاد بطولته كل من جوني هوليداي ونتالي باي سنة 1985.

بعد بضعة أفلام أخرى تبنّاها المخرج رومان بولانسكي وعرض عليها الزواج. تحت إدارته ظهرت في أول فيلم فرنسي حققه ناطق بالإنجليزية وهو “فزع” من بطولة هاريسون فورد (1988).

حضرت برلين هذا العام كونها اشتركت في تمثيل “حياة وردة” عن حياة المغنية إديت بياف. وإلى جانب “الجرس الغطّاس والفراشة” الذي يعرض في المسابقة و”حياة وردة” مثّلت هذا العام فيلماً لجانب ستانلي توشي عنوانه “أربع أغان أخيرة”.

إيتان كُوِن منتج وكاتب

عادة ما يوقّع جوويل كُوِن الأفلام التي ينفّذها مع شقيقه إيتان كمخرج والذي يعرض له المهرجان ضمن المسابقة فيلم “لا بلد للرجال العجائز”، بينما يوقّع إيتان تلك الأفلام كمنتج وككاتب مشارك.

هذه المرّة إيتان هو الذي يقف وراء الكاميرا، ولو أن المرء لا يعرف إذا ما كان الفرق سيتّضح على الشاشة، فأفلام الأخوين كوِن متداخلة، لا تعرف من نفّذ -بالتحديد- ماذا. إيتان كان كثيراً ما يسهم بالإخراج مع شقيقه. في الأفلام الأولى اسميهما كانا يظهران كمخرجين، لاحقاً انفرد جوويل بالإسم لكن كوِن كان دائماً قريباً.

إذ يصعب التفريق فإنه من السهل مراجعة أفلامهما كثنائي.

في العام 1984 حقّقا معاً فيلمهما الأول “دم بسيط”: فيلم بوليسي تشويقي مُحكم تلاه فيلم “موجة جريمة” و”نشأة أريزونا” و”عبور ميلر” و”بارتون فينك” و”رئيس هدسكر” وكلها عرضت في مهرجان “كان” في سنواتها المتعاقبة (1985- 1994).

أفلامهما التالية هي أقرب الى الأذهان اليوم، لكنها ليست بجودة أفلام تلك الفترة ففي كل من “أيها الأخ، أين أنت” و”الرجل الذي لم يكن هناك” و”قاتلو السيدة” من الثغرات الفنيّة ما يكفي للإطاحة بمكتسباتهما السابقة. أما “قسوة غير محتملة” (2003) فكان من أسوأ الأفلام الكبيرة في ذلك العام، وهو الفيلم الوحيد الذي عرضه للأخوين في مهرجان فانيسيا عوض عرضه في مهرجان “كان” كالعادة.

"أسبوع النقاد" مكتشف المواهب

بين التظاهرات المتعددة لمهرجان “كان” السينمائي الدولي تلك التي تُقام كل سنة تحت راية “الأسبوع الدولي للنقاد”، (غالباً ما يسمّيها أهل الشرق “أسبوع النقاد”). وهي تظاهرة يشرف عليها اتحاد النقاد الفرنسيين منذ 46 سنة.

رسمياً، هي أول تظاهرات المهرجان المحاذية للمسابقة، أي قبل نشأة تظاهرة “نظرة ما” قبل نحو عشرين سنة، ودائماً ما تحتوي على تلك الأفلام التي يعتقد مختاروها أنها بحاجة الى أن يتم إكتشافها لكنها أصغر من أن تنضم الى الأعمال المميّزة بإنتاجاتها الكبيرة أو بأسماء مخرجيها المشهورين.

وهي بالفعل مخصّصة لأول أو ثاني عمل لمخرج، وفي سنوات عمرها، من عام ،1962 ساهمت في اكتشاف عدد من المخرجين الذين أصبحوا في عداد المشاهير، من البريطاني كن لوتش، الفائز في العام الماضي بالذهبية عن فيلمه “الريح التي تهز الشعير” الى الإيطالي برناردو برتولوتشي، ومن الفرنسي فرنسوا أوزون الى الكوري وونغ كار- واي الذي افتتح دورة هذا العام.

وللتظاهرة مسابقتها الخاصّة وبالتالي لجنتها التحكيمية المختلفة عن تلك التي يقودها هذا العام ستيفن فريرز المناطة بالمسابقة الرسمية الكبرى.

اختيارات هذا العام تحتوي على سبعة عشر بطابع لاتيني أغلب، يتجاوز عدد الأفلام، فبداية يقود الممثل المكسيكي غاييل غارسيا برنال لجنة التحكيم ويعرض كذلك فيلمه الأول كمخرج وهو بعنوان “عجز” خارج مسابقة هذه التظاهرة طبعاً، وبرنال ظهر على شاشة المسابقة في العام الماضي لاعباً أحد الأدوار المهمّة في فيلم “بابل”.

افتتاح هذه التظاهرة بدأ بفيلم “أبطال” وهو فرنسي من إخراج برونو ميرل الذي كان حقق فيلماً واحداً من قبل هو “الآلة النافخة”. فيلمه الجديد من بطولة إلودي بوشيز وميشيل يون.

أما فيلم الاختتام فسيكون الأمريكي “منتهى مفعوله” من المخرجة الأمريكية سيسيليا مينوويشي مع جاسون باتريك، تيري غار وسامنتا مورتون حول موظف تنظيف “باركينغ” وموظّف تحصيل أجور العدّادات فيه. لا يبدو الموضوع مثيراً، لكن مشكلة مثل هذه الأفلام أن القليل جداً معروف عن مخرجيها ما يجعل إمكانية التخمين صعبة، وحين تكون لديك عشرة أفلام جديدة كل يوم عليك أن تختار منها خمسة على الأقل لتراها من الساعة الثامنة صباحاً الى الساعة الواحدة ليلاً، فإن بعض هذه الأفلام يسقط من الحسبان كضحايا بريئة.

من سجل المهرجان ... 1953 (أجور الخوف)

المخرج والكاتب والممثل جان كوكتيو ترأس لجنة التحكيم التي ضمّت المخرج الفرنسي الآخر آبل غانس (“نابليون”، “اني أتهم” الخ...).

فيلم السعفة: “أجور الخوف” (هنري- جورج كلوزو):

هذا التشويق الذي لا يُنسى، عن رواية جورج أرنو، يقوم على فكرة بسيطة: شاحنة محمّلة بنيترو غليسيرين في بلد أمريكي لاتيني جنوبي عليها أن تجتاز طريقاً جبلية وعرة للوصول الى مبتغاها. أي اهتزاز تتعرّض له الشاحنة سيؤدي لانفجارها والطريق مملوء بمثل هذه الاحتمالات الخطرة. لكن المسألة ليست مسألة شاحنات بل شخصيات. المخرج كلوزو يمنح إيف مونتان، تشارلز فانيل، لولكو لولي الوقت الكافي لبلورة شخصياتهم ولإشعارنا بمعاناتهم طوال الرحلة

1954 (بوابة الجحيم)

 لأول مرّة تذهب فيها السعفة الى بلد غير أوروبي [باستثناء الجائزة التي ذهبت الى فيلم “عطيل” الذي تم تقديمه باسم المغرب بينما تمويله جاء أيضاً من فرنسا وإيطاليا]. يوسف شاهين في المسابقة بفيلم “صراع في الوادي” كذلك صلاح أبو سيف في فيلمه الرائع “الوحش”.

فيلم السعفة: “بوابة الجحيم” (تاينوسكي كينوغازا- يابان):

عن مسرحية كان كيكوشي هذا فيلم ساموراي حول محارب أحب فتاة كانت ضليعة في محاولة اغتيال أحد السادة الذي يصفح عنها لكنه يرفض زواجها من المحارب كونها لا تزال على عصمة أحد أقاربه. المخرج كينوغازا من السينمائيين الذين لم يستولوا على مقاليد شهرة واسعة رغم انطلاقته حين كانت السينما صامتة وعمله حتى العام ،1978 خمس سنوات قبل وفاته.

أوراق ناقد ... الفيلم السعودي و"كان"

هذا هو العام الثاني على التوالي الذي يقرر فيه المنتج السعودي أيمن حلواني حضور فعاليات مهرجان “كان” السينمائي الدولي.

في العام الماضي حضر بصحبة فيلمه السعودي “كيف الحال؟” الذي أخرجه إيزودور مسلّم حول عائلة سعودية تعكس واقع الوضع المعيش حالياً في الكثير من طبقات وشرائح المجتمع السعودي. هناك الرغبة في الانفتاح المسؤول، ورغبة مناوئة من قبل البعض الساعين للحفاظ على ما هو تقليدي عميق وبعيد خطأ كان أو صواباً.

في العام الماضي قدّم أيمن حلواني ذلك الفيلم في عرض خاص أقيم في صالة داخل قصر المهرجانات، إنما خارج العروض الرسمية. لكنه كان عرضاً ناجحاً الى حد ملحوظ. في البداية وصل الفيلم من دون أي خبر مسبق عنه. بعد ذلك أخذوا يتهامسون حوله: “هذا أول فيلم روائي سعودي”، وبعد ذلك أصبح عدد الذين يودّون حضور العرض أكثر مما تستوعب الصالة. فعدد مقاعدها كان 70 مقعداً شغرت جميعاً بالإضافة الى الجلوس على الأرض على جانبي المقاعد. أي أن عدد الذين كانوا في الصالة نحو ثمانين شخص، بينما كان هناك على الباب غير قادر على الدخول نحو 25 فرداً.

هذه السنة، ليس لدى المنتج فيلم سعودي آخر، لكن لديه فيلم مصري كان قدّمه في مهرجان “دبي السينمائي الدولي” في العام الماضي هو “خيانة مشروعة”. مثل “كيف الحال؟” ليس فيلم مسابقة، لكنه فيلم يستحق النظر إليه. على عكسه، لا يسعى لأن يقول الكثير. القليل مما يقوله له علاقة بالفساد والإرث والخلاف العائلي حول المال وليس حول كيف سيسير المجتمع قدماً أو الى الخلف.

لكن المهم ليس هنا، ولا أريد أن أدخل في تفضيل فيلم على آخر.

المهم هو أن المنتج السعودي أصر هذا العام على الحضور لسبب يحدده بالكلمات التالية:

“أريد أن أثبت أن الإنتاج السعودي، سواء أكان الفيلم سعودياً أو مصرياً، موجود. “كان” هو المساحة الدولية الأهم لعرض الإنتاجات صغيرة أو كبيرة ومن دون تفرقة بين البلدان الناشئة أو الكبيرة في هذا المجال”.

وماذا عن إنتاج سعودي لفيلم سعودي آخر؟

“توجد أفكار أخرى نتدارسها، لكن من السابق لأوانه التصريح بها. لكني أستطيع أن أقول إنني آمل كثيراً العودة في العام المقبل بفيلم سعودي آخر مائة في المائة”.

الخليج الإماراتية في

19.05.2007

 
 

مايكل مور: العاصفة تنتظرني في أميركا

محمد موسى من كان

على الرغم من النكات القليلة التي قالها المخرج الوثائقي الأميركي المثير للجدل مايكل مور في المؤتمر الصحافي الذي أعقب عرض فيلمه (سايكو)، إلا أنه بدا هادئًا جدًا على غير عادته وحتى اجاباته على أسئلة الصحافيين كانت أقل من حدة حوارات سابقة للمخرج. هذا المخرج الذي تنتظره مجموعة من المشاكل في أميركا بسبب ذهابه إلى كوبا، دون إذن رسمي أميركي، وهذا ما يعاقب عليه القانون الأميركي، فقال إن العاصفة تنتظره في أميركا فور عودته إلى هناك. هذا الأخير، ذهب الى كوبا كجزء من بحثه لفيلمه الذي عرض في مهرجان كان السينمائي. فيلم (سايكو) هو عن النظام الصحي في اميركا ومشاكله وتعقيدات وجشع شركات التأمين الكبرى في أميركا التي لا تتلقى دعم من الحكومات الاميركية، على عكس ما يحصل في أوروبا وكندا واستراليا.

المخرج يهاجم في فلمه النظام الصحي الاميركي الذي يعرض حياة الكثيرين الى الخطر، ويقلل معدل حياة الأميركين ويعرض بعض الأطفال في بعض المدن الاميركية الى اخطار الأمراض والوفيات المبكرة. فيلم مايكل مور يختلف عن أعمال المخرج السابقة بسبب تجنبها التصادم مع مراكز النفوذ في القطاع الصحي او الحكومة الأميركية، وهو ما ميز أفلام سابقة للمخرج التي شهدت مواجهات مثيرة جدًا بين المخرج وشخصيات حكومية ومؤسسات.

المخرج شرح سبب غياب المواجهات في فيلمه إلى اختيار فني، ألزمه حساسية الموضوع وتعلقه بقضايا الصحة. وأحب أن يناقش كل هذا، بأسلوب مختلف يبتعد عن الصخب.

مايكل مور تحدث بثقة عن ثقته بالأميركيين الذين يعرفون أن الفيلم هو لهم في النهاية، وأنه لم يقصد من زيارته إلى كوبا، إلا ان يكون قريبًا من موقع القاعدة الأميركية(غواليتما) التي تحتجز مجموعة من العرب منذ أنتهاء حرب أفغانستان عام 2002، وكيف أن هؤلاء المحجزين يتلقون رعاية صحية أفضل من الرعاية الصحية للكثير من الأميركيين.

مايكل مور رفض ربط الفيلم بالحملات الإنتخابية القادمة في أميركا، وبأن الفيلم هو من مصلحة الديمقراطيين الذين يمتلكون الكثير من الانتقادات للجمهوريين على إداراتهم للنظام الصحي الأميركي الذي ترك حوالى 20 مليون أميركي دون رعاية صحية. مايكل مور أكد أن الأسباب التي دفعته إلى الفيلم هو أهمية الموضوع للجميع في أميركا التي يجب ألا يقل نظامها الصحي عن أوروبا أو كندا.

المخرج الذي يتعرض لهجومات من زملاء في المهنة في كندا، لم يرد على الاتهامات بتزييف الحقائق. وقال انه سوف يناقش كل شيء في حينه وبأنه لا يفكر بترك أميركا هربًا من الضغوط.

المخرج مايكل مور كشف أنه هو من اختار أن يعرض فيلمه في المسابقة وليست لجان الإختيار، لأنه أراد لموضوع فيلمه الحساس أن يكون بعيدًا عن التنافس في مهرجان سينمائي. وأنه ما زال سعيدًا بفوزه بالجائزة الرئيسة لمهرجان كان عن فيلمه (فهرنهات 11) عام 2005 وانه سوف يحضر مرة أخرى إلى كان ويشترك في المسابقة الرئيسة.

موقع "إيلاف" في

19.05.2007

 
 

فيلم المخرجة اللبنانية دانييل رجل ضائع

جنس مجاني في فيلم متوسط المستوى

فريق إيلاف لتغطية مهرجان كان (فرنسا)

بملصق أفيش الإعلان تبدأ الصدمة مع فيلم المخرجة اللبنانية دانييل عربيد، خاصة لدى الجمهور العربي، بإعتبار هذه الصورة الملصقة تمثل مشهدًا جنسيًا بين رجل وامرأة... وإذا كانت المشاهد الجنسية أمرًا معتادًا في الأفلام الغربية، وأحيانًا الآسيوية وحتى في بعض الأفلام العربية أيضًا، إلا أننا لم نشهد مثل هذه الصور الصريحة والجريئة التي ظهرت في فيلم "رجل ضائع" لدانييل عربيد المعروفة كمخرجة مقتدرة وموهوبة، أثار فيلمها السابق (في ساحة المعركة) الإعجاب. في فيلمها الجديد والذي عرض في تظاهرة "نصف شهر المخرجين" تكسر عربيد حاجز محرمات في الصورة. يتحدث الفيلم عن لقاء صدفة يجمع بين مصور فرنسي يدعى توما كواريه وبين لبناني فاقد الذاكرة يدعى فؤاد صالح. المصور الفرنسي الذي يجوب العالم بحثًا عن تجارب مختلفة ومثيرة، تقوده طريقه بين سورية والأردن، حيث نراه يراقب رجلاً يجلس إلى جانب فتاة محتشمة الملبس في مقعد السيارة التي استقلها بين المسافرين. بشكل مفاجئ يضع الرجل، الذي سنعرف لاحقًا أنه فؤاد صالح، يده على فخذ جارته التي تستجيب للمسته. وفي الاستراحة قرب الحدود السورية الأردنية، وبينما تخرج المرأة المحتشمة من حمام السيدات، يلتقي بها الرجل المسافر فيتبادلان القبل، أمام عدسة المصور الفرنسي الذي انتحى زاوية خفية عن الأنظار ليصورهما. لكن رجال الشرطة يلقون القبض على الثلاثة معًا... هكذا يبدأ لقاء الرجلين الراحلين الضائعين، العربي الصامت والفرنسي الفضولي. يترافق الرجلان شطرًا من الطريق، حيث يعرف الفرنسي أن زميله في السفر فاقد للذاكرة فيحاول مساعدته على استرجاع هويته.

بعد هذه الحادثة، يبدأ الرجلان رحلة على الأراضي الأردنية في قلب شرق ساحر، يعرض توماس خلالها على فؤاد أن يعمل معه مترجمًا، بما يتيح توثيق المعرفة بينهما. وفي الأردن يرتاد الفرنسي كباريهات الليل حيث فتيات الهوي، ونراه يضاجع فتاة مغربية ويصورها عارية وأثناء ممارسة الجنس، كما يدفع زميله إلى فتاة أخرى... تتابع الأحداث ليكتشف توما أن فؤاد لبناني الأصل، وأنه مفقود منذ 17 سنة. فيذهب به إلى بيروت حيث يودعه المستشفى بحثًا عن شفائه، قبل أن يتوجه إلى بيته ويلتقي بزوجته. وهنا أيضًا يحدث تواصل بين الاثنين ينتهي بلقاء جنسي،  قبل أن يرافق توما الزوجة إلى المستشفى حيث يوجد زوجها الضائع الذي استمر في حبها، لكن أعوامًا كثيرة مضت... فرحة أنه ما زال على قيد الحياة، لم تكن كافية لكي تستمر الزوجة في مشاركة زوجها العائد من الضياع حياته القديمة الجديدة.

يخرج توما من التجربة وقد غيرته بالكامل، أما فؤاد الذي رفضته زوجته فيعود بعد غيابه إلى والدته ليواصل الحياة معها على إيقاع ضياعه.

في الفيلم مستوى رفيع من التصوير والإخراج، إلا أن السيناريو ظل ضعيفًا، سواء من حيث بناء شخصية المصور الفرنسي الذي يسير على غير هدى لا يعرف ما ينتظره ليصوره، ليبدو بدوره رجلاً ضائعًا، كما يبدو غريبًا أن يبحث فرنسي عن معنى للجنس في بلد كالأردن ومع فتيات هوى.  في مجتمع صعب ومعقد مسكون بمفاهيمه الأخلاقية والاجتماعية خاصة المتعلقة بالجنس منها، لا تبدو الأحداث منطقية ومنسجمة مع المحيط. كذلك تبدو مشاهد الجنس غريبة عن مبررات العمل الدرامية، وكأن المخرجة أرادت لهذه المشاهد أن تكون أداة استفزازية لا ضرورة درامية لها، خلافًا لما نراه في أفلام أخرى كثيرة مليئة بمشاهد الجنس الغنية من حيث دلالة الموضوع ومن حيث جماليته البصرية.

في مقابلة صحافية لها، قالت عربيد إنها تهتم بوجه عام في أفلامها بعلاقة الفرد مع المجموعة، التي تعد قضية حساسة في الشرق الأوسط، حيث تواجه الفرد مشكلة أخرى هي الوحدة.

طبعًا هذا الفيلم غير مدرج على قائمة التنافس وهو فيلم يبدو متوسط المستوى، لكنه ينم عن انطلاقة جريئة حتى لو بدت ناقصة.

موقع "إيلاف" في

19.05.2007

 
 

عندما تصبح الموضة والسينما وجهين لعملة واحدة

العنصر الأنثوي من أهم عناصر مهرجان «كان» منذ ظهور بريجيت باردو على الساحة

لندن: جميلة حلفيشي

يعتبر مهرجان «كان» أطول عرض أزياء في العالم، إذ يمتد طوال 12 يوما، بينما لا تتعدى مدة عروض الموضة العالمية الأسبوع. كما يجعل مناسبة، مثل حفل توزيع جوائز الاوسكار تبدو هادئة مقارنة به، وكأنها حفل توزيع جائزة نوبل، أو مجرد حفل زفاف. هنا أيضا تتحول «لاكروازيت» إلى ما يشبه الأولمب، الذي كانت الآلهة في الاساطير اليونانية القديمة، تجتمع فيه، تستعرض فيه قواها وإمكانياتها. بعبارة أخرى تصبح مزيجا من الحلم والفانتازيا، لذلك ليس غريبا ان تكون النجمات هن من يجذبن أكبر عدد من الحضور ويشعلن حمى الباباراتزي أكثر مما يمكن ان يحلم به كبار المخرجين، بل إن مهرجان «كان» مع الوقت أصبح مقرونا بهؤلاء النجمات وفساتينهن ومجوهراتهن. وكل من سولت لها نفسها أن تتمرد على هذا العرف وتريد ان تسبح ضد التيار في ملابس «مريحة»، تجد نفسها خارج اللعبة تماما. فمهما كانت قدرتها التمثيلية ومواهبها الفنية، فإن الفستان المناسب مع ابتسامة براقة، هما ما يجعلانها محط الأنظار، ويحولها من مجرد شخصية سينمائية إلى ايقونة عالمية، بدليل نجمات اوروبيات انطلقن إلى هوليوود من هنا، مثل بريجيت باردو وصوفيا لورين على سبيل المثال لا الحصر. لكن رغم ان التصميمات الفخمة والأنيقة هي المطلوبة في هذه المناسبة، إلا انها ليست وحدها التي تحظى بالتغطية الإعلامية، وحسب التجربة، فإن قليلا من الجنون ينجح ايضا في جذب الانتباه، وما علينا إلا ان نتذكر المغنية السويدية، بيورك، عندما حضرت المناسبة في تايور مقلم بألوان صارخة في عام 2000. الجميل في هذه الأيام ان الجدي والهزلي يجتمعان، بل ويتداخلان، ليصبحا وجهين لعملة واحدة. فإلى جانب نجمات من عيار نيكول كيدمان وسوزان ساراندن وميريل ستريب وغيرهن، تجد المبتدئات من ذوات الشخصيات النرجسية والجريئة، في المهرجان المناسبة المثالية لممارسة فن الاستعراض، على أمل جذب اهتمام الإعلام ومن ثم شخصية سينمائية تفتح لهن أبواب الشهرة، انطلاقا من مقولة إن الغاية تبرر الوسيلة، لذلك فإن الأزياء قد تشمل ايضا ملابس البحر. مارلين مونرو، بريجيت باردو، وإيستر ويليامز، من اللواتي استغللن مفاتنهن للوصول إلى هذه الغاية في بداية مشوارهن، وحققت لهن نتيجة جيدة. تقول شارلوت إليس، وهي خبيرة ازياء، ان الأمر طبيعي لأن كاميرات المصورين تترصد الوجوه المعروفة أساسا، مما يدفع المبتدئات والطامحات إلى النجومية للجوء إلى أقدم طريقة في التاريخ لجذب الانتباه، وهي الكشف عن المفاتن، بارتداء ملابس البحر، أو فساتين مثيرة للغاية أو فخمة للغاية، فالحلول الوسطى هنا لا تمشي. البعض يرجع هذه العلاقة المثيرة بين السينما والموضة إلى عام 1953، عندما ظهرت بريجيت باردو في «مايوه» أحدث ضجة كبيرة. وكانت هذه نقطة التحول في المهرجان، إذ تحول بعدها إلى مزيج بين الاثنين: السينما والموضة، لا يمكن ان تكتمل الأولى بدون الثانية، والعكس صحيح، الأمر الذي يفسر سبب شد معظم المصممين والمسؤولين الإعلاميين في كبريات دور الأزياء والمجوهرات، الرحال إلى «كان» في هذه الفترة محملين بكل ما غلا ثمنه من تصميمات وأحجار كريمة ومنتجات تجميل. دار «كريستيان ديور»، على سبيل المثال، اصبحت تتبع تقليدا لا تحيد عنه كل سنة، يتمثل في إنشاء ركن خاص بها لإعارة النجمات فساتين، بل وأيضا منحهن خدمات تجميلية يشرف عليها كبار فناني ماكياج الدار، صائغ المجوهرات المعروف فواز غريوزي، صاحب ماركة «دي غريزوغونو» أيضا وجه معروف في هذه المناسبة. هذا العام سيقام حفل كبير يحضره لفيف من النجوم والنجمات، خصوصا أنه سيحتفل فيه ايضا بعيد ميلاد العارضة السمراء، ناعومي كامبل. وطبعا لا يمكن الحديث عن المجوهرات من دون التطرق إلى دار «شوبار»، فهي الدار المسؤولة عن صياغة السعفة الذهبية، وهي ايضا المسؤولة عن بريق أغلبية النجمات. وهذا الوجود المكثف لصناع الموضة والجمال يؤكد أن المهرجان يستمد قوته ليس من السينما فقط، أو بفضل وجود كبار المخرجين والمنتجين، بقدر ما يعود إلى النجمات وبريق مجوهراتهن وأناقة ازيائهن.

الشرق الأوسط في

19.05.2007

 
 

ومازال بريقه قويا‏..‏ ويحتفي بالسينما اللبنانية

مهرجان كان في الستين بدون تقاعد

ريم عزمي

لا تكفي هذه الباقة المنتقاه من الأفلام العالمية ولا المجوهرات التي تحمل توقيع أعرق بيوت الحلي‏,‏ ولا الأزياء التي تفنن أصحابها في تصميمها‏,‏ بل إن البريق الحقيقي لمهرجان السينما العالمية هو النجوم أنفسهم الذين يمنحون الأجواء المحيطة المذاق الحقيقي للأبهة‏!‏ لذا أعد مهرجان كان السينمائي الدولي مفاجأة جديدة كعادته عندما دعا النجمين الأمريكيين الكبيرين براد بيت ورفيقته أنجلينا جولي لحضور دورته الستين‏,‏ بالإضافة إلي العديد من النجوم العالميين الآخرين‏,‏ وهما لا يحضران بصفة الضيوف ولكنهما يشاركان أيضا بعملين‏!‏

يستكمل براد بيت دور راتسي ريان عضو العصابة المضحكة الشهيرة‏,‏ في الجزء الثالث من سلسلة أفلام المخاطر القصوي أو أوشينز ثرتين‏,‏ وتقوم أنجلينا جولي بدور ماريان بيرل الزوجة التي تعيش في رعب منذ موت زوجها في فيلم قلب عملاق‏,‏ ويعرض الفيلمان في المسابقة الرسمية خارج المنافسة‏,‏ يعرض أيضا في نفس القسم فيلم سيكو وهو عمل وثائقي ساخر ومأسوي جديد لمواطنهما مايكل مور‏,‏ الذي أخرج من قبل بولينج فور كولومباين عن العنف في الولايات المتحدة الأمريكية وفهرنهايت‏11/9‏ عن أحداث سبتمبر الأليمة وعلاقة عائلتي بوش وبن لادن الخفية‏!!‏ فها هو ينتقد مرة أخري السياسات الأمريكية‏,‏ فيفضح قضية العلاج في بلاده حيث يوجد‏45‏ مليون مواطن مريض لا يجدون العلاج‏!‏ وفي قسم العروض الخاصة يعرض نجم أمريكي آخر فيلما وثائقيا من إنتاجه يقوم فيه بدور الراوي وهو النجم الوسيم ليوناردو دي كابريو‏,‏ الذي يأسف لما يحدث للبيئة‏,‏ وتعاون في إنتاجه وأسند الإخراج للشقيقتين ليلي كونرز بيترين ونادية كونرز‏,‏ الفيلم بعنوان الساعة الحادية عشرة والفيلم مرشح أيضا لنيل جائزة الكاميرا الذهبية للعمل الأول‏.‏

ومن أهم الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة المرشحة لنيل جائزة السعفة الذهبية‏,‏ نجد فيلم منطقة البروج أو زودياك‏,‏ الذي من المنتظر عرضه قريبا في مصر وأنحاء العالم‏,‏ وهو من نوعية الرعب ومأخوذ عن قصة واقعية لسفاح مهووس في فترتي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي‏,‏ في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية‏..‏ الفيلم بطولة جيك جايلنهال وروبرت داوفي جونيور ومن إخراج ديفيد فينشر‏.‏

بالإضافة لحنين المخرج الأمريكي كوينتن تارانتينو مرة أخري لشاطيء لاكروازيت‏,‏ بعد النجاح الكبير الذي حصل عليه عام‏1994‏ عندما عرض فيلم خيال خصب في مهرجان كان‏.‏ فيعود مرة أخري بفيلم جريند هاوس بطولة كيرت راسل وهو من نوعية الرعب أيضا‏.‏

فرانكفونية لبنانية

كعادة فرنسا تسعي للاحتفاء بالدول الفرانكفونية أو التي أثرت فيها ثقافيا‏,‏ وكذلك الاهتمام بدول لها بصمة مميزة في السينما العالمية‏,‏ أو تشجيع دول صغيرة علي إبراز مواهبها‏,‏ فنجد تنظيما لبرنامج للسينما الهندية حيث تتزامن ذكري رحيل الزعيم غاندي الستين مع عمر المهرجان‏,‏ وهناك اهتمام بالسينما في دول إفريقيا وبولندا وسلوفينيا وكولومبيا‏,‏ أما الأهم فهو لبنان الذي يعرض مجموعة كبيرة من أفلامه ربما تبلغ‏11‏ فيلما‏.‏

وأشهر مشاركة في قسم أسبوع المخرجين فيلم كراميل لنادين لبكي ومواطنتها دانييل عربيد التي يعرض لها رجل ضائع ويعرض لشادي زين الدين فيلم انتظار بيروت في قسم سينما الجنوب علي هامش المهرجان وفي قسم كل سينمات العالم يعرض الرجل الأخير لغسان سلهب‏,‏ وأشباح بيروت لأسد فولدكار وفلافل لميشيل كمون‏,‏ ويوم آخر للزوجين خليل جريج وجوان ماجي‏,‏ و‏4‏ أفلام قصيرة في نفس القسم هي ملابس جاهزة أم علي لديما الحر وبيروت بعد الحلاقة لهاني طامبا وفي اليوم الأول لقصي حمزة و‏11010010))‏ عن هواجس التليفون المحمول‏,‏ ويشارك لبنان أيضا في سوق المهرجان بجانب دول عربية أخري هي مصر وتونس والمغرب‏.‏

لجنة الذهب

يرأس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية في هذه الدورة المخرج الإنجليزي ستيفن فريرز ـ‏65‏ عاما ـ الذي قدم أخيرا فيلم الملكة عن الملكة اليزابيث الثانية وظروف مصرع الأميرة ديانا‏.‏ وأعضاء لجنة التحكيم هم ممثلة هونج كونج ماجي شونج‏,‏ والممثلة الأسترالية توني كوليت‏,‏ والممثلة والمخرجة البرتغالية ماريا ديه ميديروس‏,‏ والممثلة والمخرجة الكندية سارة بولي‏,‏ والمخرج الإيطالي ماركو بيلوتشيو‏,‏ والأديب التركي الفائز بجائزة نوبل للأدب لعام‏2006‏ أورهان باموك‏,‏ والممثل والمخرج الموريتاني عبدالرحمن سيساكو‏.‏

يفتتح فيلم ليالي التوت الأزرق المهرجان وهو مشارك في المسابقة الرسمية‏,‏ وهو أول عمل ناطق بالإنجليزية لمخرج هونج كونج وونج كار ـ واي بطولة ريتشل وايز وناتالي بورتمان وجيودلو وهو من نوعية الكوميديا الرومانسية‏.‏ وتتردد شائعات حول إمكانية عرض الجزء الثالث من فيلم الرسوم المتحركة الأمريكي شريك في حفل الختام‏,‏ ويقوم بأداء الأصوات مايك مايرز وكاميرون دياز وأيدي ميرفي وأنطونيو بانديراس‏*‏

أفلام المسابقة الرسمية

‏*4‏ أشهر و‏3‏ أسابيع ويومان ـ للمخرج كريستيان مونجيو

‏*‏ اليكساندرا ـ لأليكسندر سوكورف

‏*‏ طريق الموت ـ من مجموعة جريند هاوس ـ لكوينتن تارانتينو

‏*‏ التنفس ـ لكيم كي ـ دوك

‏*‏ من الجانب الآخر ـ لفاتح أكين

‏*‏ استيراد وتصدير ـ لأورليخ سيدل

‏*‏ عقوبة النفي ـ لأندري زفياجنتسيف

‏*‏ غابة موجاري ـ لناعومي كواسي

‏*‏ ليالينا ـ لجيمس جراي

‏*‏ بدلة الغطس والفراشة ـ جوليان شنابل

‏*‏ أغاني الحب ـ كريستوف أونوريه

‏*‏ رجل من لندن ـ بيلا تار

‏*‏ ليالي التوت الأزرق ـ لوونج كار ـ واي

‏*‏ لا توجد مدينة للعجائز ـ لإيثيان وجويل كوين

‏*‏ حديقة بارانويد ـ لجاس فان زانت

‏*‏ بيرسيبوليس ـ لفانسان بارونو

‏*‏ عدني ـ لأمير كوستوريكا

‏*‏ سر صن شاين ـ للي شانج ـ دونج

‏*‏ تهيليم ـ لرفاييل نجاري

‏*‏ عشيقة قديمة ـ لكاترين بريا

‏*‏ زودياك ـ لديفيد فينشر

الأهرام العربي في

19.05.2007

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)