كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

بعد عرضه وإجراء التصويت عليه اليوم

"عمارة يعقوبيان".. حلم بجائزة الجمهور

محمد رضا

مهرجان برلين السينمائي الدولي

الدورة السادسة والخمسون

   
 
 
 
 

اليوم، السبت، يتم عرض آخر للفيلم المصري المشترك في تظاهرة البانوراما وعنوانه “عمارة يعقوبيان”. كما ذكرنا هنا حين شاهدنا الفيلم في عرضه الصحافي في ثالث أيام المهرجان، الفيلم يرتفع عن السائد الحالي ويعكس أفضل ما عند عادل إمام منذ أن لعب دوره الرائع في فيلم “الحرّيف”، كلا الدورين، دوره في “الحريف” وفي “عمارة يعقوبيان” هما دراميان وليسا كوميديين مما يقول بحد ذاته شيئاً.

“عمارة يعقوبيان” إنتاج كبير (الأعلى كلفة بين كل الأفلام المصرية الى اليوم) وكان يمكن أن يكون أفضل مما جاء عليه لو أن السيناريو والتنفيذ اختارا الابتعاد عن الصياغة التلفزيونية التقليدية في الساعة الأخيرة من الفيلم. اختيار لا يمكن تخطئته من دون الإقرار بأن الحلول التجارية التي ساقها الفيلم والاختيارات التقليدية المصاحبة كانت بالنسبة للمنتج عماد الدين أديب، ضرورية.

بلايين مهدورة

أهمية العرض الثاني هذا اليوم هو أنه عرض بيعت كل تذاكره مسبقاً للجمهور الألماني. والصالة التي تتسع لأكثر من 600 كرسي لم يعد فيها مكان لقدم حسب مصدر في إدارة المهرجان. وأهمية هذه تكمن أولاً في أنه إشارة يريدها الفيلم المصري لنفسه لكي تدّله على الخطوة التالية في سبيل توزيع ونشر الفيلم عالمياً، وثانياً هي أن الخارجين من ذلك العرض سيملأون ورقة إحصائية يسجّلون عليها درجة إعجابهم بالفيلم، إذا بلغ التصويت الإيجابي رقماً أعلى من تصويت أي فيلم آخر في البانوراما خرج الفيلم بجائزة الجمهور وهي جائزة مهمة لأي فيلم اختير له العرض خارج المسابقة، ولهذا الفيلم بالذات كونه التجربة الإنتاجية الأولى لشركة “جود نيوز فيلم”.

والشركة على أهبة إطلاق فيلمها الثاني “حليم” عن حياة عبد الحليم حافظ وستطلقه في مهرجان “كان” السينمائي الدولي، مما يزيد من أهمية رصد الطريقة التي تتم بها الأشياء في العالم الغربي بعدما كان هذا المنوال من المراقبة والتعلم غائباً أكثر مما هو حاضر بالنسبة لمعظم الإنتاجات المصرية التي خرجت الى الأسواق العالمية، فيلم “عمارة يعقوبيان” في الوقت الذي ينشد فيه أن يكون عملاً جيّداً، يريد أيضاً أن يكون فيلماً تجارياً لكي يستعيد كلفته التي بلغت 4 ملايين دولار.

مهرجان برلين بذلك محطّة اختبار لما هو آت. في ذات الوقت، كان المكان الذي اجتمع فيه عدد من الأفلام العربية في عروض أصغر حجماً من دون أن يكون ذلك وصماً لمستوى العديد منها. في هذه الأوقات العصيبة التي نعيشها، فإن أي فيلم عربي متوسط القيمة وما فوق يستطيع اختراق جدار المهرجانات هو أمر جيّد. وأي عرض له في أي مهرجان جيّد هو زحزحة الراكد من هذه الصناعة التي تنهض حيناً ثم تتوقف حيناً آخر بسبب العثرات والعراقيل المعهودة وانصراف الدول العربية عن النظر اليها كحتمية ثقافية وفنية وإعلامية. ومن المؤسف أنه في الوقت الذي تهدر فيه البلايين على حملات تجميل إعلامي وسياحي واقتصادي، تبقى السينما في آخر قوائم الاهتمام الرسمي رغم أنها تستطيع، بأقل من كل هذه النفقات وبأكثر من كل تلك النشاطات، تحقيق الغاية المنشودة على كل صعيد وكل ما تطلبه هو الثقة بها والإقدام عليها.

ولجانب الفيلم المصري شاهدنا من العراق “براعم الزهور” من إخراج مسعود عاطف صالح وحسين حسن علي ويدور حول الوضع الحالي في كردستان والعلاقة بين المواطنين الأكراد والطموح الذي يجسّده المقاتلون في سبيل إنشاء دولة كردية كاملة تضم وتوحد الأكراد المنتشرين في العراق وتركيا وإيران وسوريا.

ومن المغرب “أبواب الفردوس” للمخرجين سويل نوري وعماد نوري يلتقي والفيلم المكسيكي “الحب كلب” في أنه رحلة الى دنيا الشباب بكاميرا واقعية. ولكن التقاءه ذاك لا يعيبه بل يضمهما معاً الى حالة مزدهرة من سينما تعالج مشاكل الواقع وثقلها على أبناء الجيل الجديد. فيلم جيّد في نطاق المحاولة الأولى ويعبّر عن ولادة مخرجين جديدين إذا ما استطاعا اختراق كل تلك الحواجز غير الطبيعية التي يواجهها المخرج العربي هذه الأيام من الداخل قبل الخارج.

وفلسطين تمثّلت بفيلم قصير جميل النظرة  مصنوع بعناية من مخرجة أولى اسمها نجوى نجّار وعنوانه “أغنية ياسمين”. والموضوع ليس ذي بال (قصة حب بين بائع ورد وفتاة يخطط الأهل لتزويجها) لكن العناية لتقديمه كما لو أنه جديد ينقل الفيلم الى مستوى غير مطروق فلسطينياً.

الجنة والأوسكار

في العام الماضي انطلق فيلم هاني أبو أسعد “الجنة الآن” من برلين. عرض في المسابقة وخرج بجائزة الجمهور كما حاز جائزة أفضل فيلم أوروبي (إنتاج بلجيكي وفرنسي مع نسبة إسرائيلية ضئيلة وتم تقديمه باسم فلسطين) وهذا ما ساعده على الرواج سريعاً في الأسواق العالمية (حاليا هناك  محاولة جادة، ولو أنها متأخرة،  لشرائه من قبل شركة رئيسية في الخليج العربي لإطلاقه عربياً) وابتاعته شركة “وورنر اندبندنت” التابعة لشركة “وورنر” المعروفة بمليون دولار وصرفت عليه نحو خمسة ملايين دولار لوازم مقدّمة جديدة وأغنية إنجليزية وحملة إعلامية جلبت للفيلم نحو سبعة ملايين دولار.

لكن أهم ما حققه الفيلم من نجاح فوزه بجائزة الجولدن جلوب كأفضل فيلم أجنبي ووقوفه الآن منافساً في سباق الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي أيضاً.

وحتى أسبوعين كان توقع هذا الناقد كبيراً في أن ينال “الجنة الآن” الأوسكار، الآن لا أدري. من ناحية رسالة الفيلم المعادية للإرهاب انما الوافية في شرحها للأسباب التي تدعو إليها، لا زالت واضحة لا لبس فيها. من ناحية أخرى، فوز “حماس” يستعدي الكثير في الغرب والفيلم قد يقع ضحية.

ومهما كان الوضع فإن برلين كانت محطة انطلاق هذا الفيلم، وهذا ما يحاول “عمارة يعقوبيان” تحقيقه هذه السنة. لن يكون ذلك سهلاً لكن لا شيء آخر في هذه الظروف سهل أيضاً.

الخليج الإماراتية في

18.02.2006

 
 

مشاركة شرفية في مهرجان برلين ورسمية في كان

"عمارة يعقوبيان" البناية في الرواية والرواية في الشريط السينمائي

حمدي رزق

لعل إحدى السمات الحاكمة للحركة الأدبية في مصر ـ وعموم البلدان العربية ـ كون الأعمال الأدبية تصدر في صمت وبكثرة في آن. الأصوات الأدبية من الأجيال كافة تتسارع وتيرة إصداراتها من دون أن تصحبها حفاوة، أو يصادفها حنين خاص، أو يواكبها نقد حقيقي، حتى صار من الأقوال المعروفة أن على الروائيين نشر إعلان مبوب يقول "مطلوب نقاد أدبيون"!

ربما لهذا السبب تبرز رواية "عمارة يعقوبيان" للقاص والروائي ـ طبيب الاسنان ـ المصري "علاء الأسواني"، كنتوء خاص واستثنائي في دنيا الرواية المصرية في السنوات الأخيرة. فالرواية التي صدرت في أواخر العام 2000 لأول مرة، لاقت حفاوة نقدية لافتة، واحتضانا موفورا من القراء في مصر والعالم العربي، وحظيت بنسبة قراءة لم تحظ بها رواية مصرية، منذ أصدر شيخ الرواية العربية "نجيب محفوظ" روايته (قشتمر) في العام 1987 ، والتي أتبعها بطائفة من المجموعات القصصية والأعمال الذاتية و"أحلام النقاهة" وغيرها..

صارت "عمارة يعقوبيان" إذن "حالة خاصة"، تشكل لغزا في عالم "التعدد الغزير" للأصوات الروائية المصرية، بعدما حظيت بقدر كبير من الاحتفاء ألحق بالعمارة وهجاً إضافياً، جعلها حالة أدبية وفنية أكثر لفتاً للأنظار ..

فالرواية المهمة استحالت شريطاً سينمائياً مهماً، وإن كانت الرواية شهدت، ولا تزال، حفاوة نقدية بالغة، فإن الشريط السينمائي شهد حفاوة مماثلة، إن لم تكن أضخم، قبل أن تدور كاميرا مخرجه الشاب "مروان حامد"، لتصور أول مشهد منه. واستمر احتفاء الرأي العام والإعلام بالشريط خلال تصويره، ووصلت الحفاوة أوجها بعد اكتمال التصوير وانتهاء إجراء العمليات الفنية على الشريط ـ كالمونتاج والمكساج ـ حيث اختارت إدارة مهرجان "برلين" (أحد أهم المهرجانات السينمائية الدولية) "عمارة يعقوبيان" لكي يعرض في أحد أقسام المهرجان (خارج المسابقة)، فيما استقر مهرجان "كان" الفرنسي الدولي ـ الأشهر ـ على "عمارة يعقوبيان"، ليعرض به، وربما يواصل هذا العمل صعوده فيعرض في المسابقة الرسمية لـ"كان"، وما من مانع دون هذا، لأن الشريط لن يدخل مسابقة برلين ما يعني أنه يحق له دخول مسابقة "كان"!

اعتبارات كثيرة وتفاصيل أكثر جعلت "عمارة يعقوبيان" ـ الرواية والشريط السينمائي ـ حالة إبداعية فريدة، جددت الثقة لدى عدد كبير من الأصوات الأدبية في مصر، في أن ثمة أملا في أن تأخذ أعمالهم حقها وتحوز مكانتها، بعد أن كانوا فقدوا الثقة بالنقاد والقراء جميعا ! فلم تعد "عمارة يعقوبيان" حالة روائية وحسب ولا حالة سينمائية فقط، وإنما صارت حالة عامة لعمل إبداعي لقي إجماعاً كبيراً، أهله لكي يشكل عبر وسائط فنية متعددة بالنجاح والإجماع ذاتهما! وهي أيضاً حالة مكانية فهي تحكي قصة بناية تحمل هذا الاسم في وسط البلد بقلب القاهرة وكيف غير الزمان فيها وبدل!

شريط يعقوبيان

من بين ألف شريط سينمائي من 128 جنسية مختلفة، اختارت إدارة مهرجان برلين 20 شريطا فقط، لكي يتم عرضها في قسم "البانوراما" بالمهرجان. البانوراما هي نخبة مختارة من 20 دولة لعدد من أفضل الأشرطة السينمائية التي أنتجت حول العالم في العام المنصرم. من بين الأشرطة العشرين اختير فيلم "عمارة يعقوبيان" الذي سيخرج من برلين ليدخل في فعاليات "كان" بعد ذلك بثلاثة أشهر فقط . فعاليات برلين التي تنتهي اليوم (19 شباط ـ فبراير) أشادت في تقريرها بالشريط قائلة في تقريرها "أنه أحد أفضل أشرطة العالم الثالث في 2005".

وأفعل التفضيل هذا من المتلازمات المصاحبة لشريط يعقوبيان. فالشريط يضم أكبر عدد من النجوم الذين لم يجتمعوا قط في عمل سينمائي معاً: عادل إمام ونور الشريف ويسرا وهند صبري وسمية الخشاب وإسعاد يونس وأحمد بدير وخالد صالح وخالد الصاوي، وتطول قائمة الممثلين لتصل إلى 160 ممثلاً مشهوراً، فضلاً عن ثلاثة آلاف من الكومبارس. فيعقوبيان بهذا هو الشريط الأضخم مصريا في عدد ممثليه، وهو أيضاً مكتوب بقلم السيناريست ـ الأهم ـ في جيله "وحيد حامد"، والمخرج الأهم بين الشباب أيضا وهو "مروان حامد" (نجل وحيد حامد) .

ومن المؤكد أن شريط "عمارة يعقوبيان" هو إلى الآن الإنتاج الأضخم. فتكلفة الشريط بلغت 21 مليون جنيه (3 ملايين ونصف المليون من الدولارات)، وهو أكبر رقم تمويلي في السينما المصرية والعربية إلى الآن ..

كما سيحظى هذا الشريط برقم أكبر من الأرقام الأخرى في دور العرض (سيخصص له 80 دار عرض في شهر تموز ـ يوليو المقبل وهو موعد عرضه ..) وهو من إنتاج شركة "جود نيوز" التي يملكها الاعلامى المصري عماد الدين أديب ويديرها شقيقه المخرج عادل أديب، أما التوزيع فسيكون عبر "الشركة العربية للإنتاج والتوزيع" التي تديرها إسعاد يونس إحدى بطلات الشريط!

حكاية "عمارة يعقوبيان" ـ الشريط السينمائي ـ بدأت بشراء الكاتب وحيد حامد حق تحويل الرواية إلى شريط سينمائي (من مؤلفها علاء الأسواني) في نيسان ـ إبريل 2002 ، ووضع حامد نصب عينيه، من البداية، صديقه ـ الذي طالما كتب له السيناريوهات المهمة ـ النجم عادل إمام وأرسل له الرواية في مظروف ليقرأها فتتابعت أحداث "يعقوبيان" حتى صار "حالة سينمائية" وحدثاً منتظراً.

يقول عادل إمام: أعجبتني الرواية جدا لكنني لم أتصور أني سأعمل بها كشريط سينمائي، لكن وحيد ونجله المخرج مروان أقنعاني وعرض علي وحيد السيناريو فازددت اقتناعا، وأعجبت بكل الأدوار، وراقتني فكرة البطولة الجماعية التي لم ألعبها منذ كنت شاباً صغيراً. ففي "عمارة يعقوبيان" سأقدم 23 مشهداً فقط، أي نحو 30 بالمئة أو أقل من جملة الشريط وهو نفس عدد المشاهد التي سيقدمها نور الشريف. يسرا ـ بكل نجوميتها ـ ستقدم 12 مشهدا فقط، فالجميع دخل في حالة مزاجية قوامها التعاطف مع الرواية، التي أحدثت قبل سنوات دوياً هائلاً في الأوساط الثقافية، وهو ما افتقدناه لفترة طويلة، فضلاً عن أن السخاء الشديد في الإنتاج دفعنا إلى المزيد من الجهد لكي يظهر العمل في صورة جماعية متجانسة بالفعل!

الرواية ـ يضيف إمام ـ شيقة وجديدة على السينما، من حيث كون الرواية تربط المكان بالزمان وتربطهما معا بالواقع، وهذا نسيج سينمائي بديع، رأيته بين سطور رواية الأسواني حتى قبل أن يكتبها وحيد حامد كسيناريو سينمائي ألعب فيه دور "زكي الدسوقي" صاحب البناية الذي تتجسد في حياته وأفكاره كل التغيرات الاجتماعية التي يمر بها سكان هذه البناية .

والشريط في الواقع واجه "تخفيفات" ومحذوفات رقابية، وكان ثمة اتفاق بيننا جميعا على ألا نعلن ذلك في حينه، لكي لا يفهمه البعض ترويجا للشريط، بخاصة مع تكرار هذه الشائعات مع أشرطة أخرى. عموما التخفيفات الرقابية تمت بوعي شديد، ولم تمس نسيج الشريط ولا نسيج الرواية الأساسي. والحقيقة أن وحيد حامد كان أجرأ من الأسواني في بعض المشاهد الجنسية وبعض مقاطع الحوار السياسية، وجملة ما حذف ـ تماماً ـ من الشريط ثلاثة مشاهد فقط وتم تخفيف 9 مشاهد بالاتفاق بيننا وبين الرقابة!

وسط البلد

النجم نور الشريف يؤكد أن شريط "عمارة يعقوبيان" لا يمثل حالة سينمائية خاصة فقط لضخامة إنتاجه أو لالتحاقه قبل عرضه بأكبر مهرجاني سينما دوليين، بل لأن الـ 160 ممثلاً الذين سيظهرون به نجحوا في إبداع جماعي ـ بمعنى الكلمة ـ نتيجة تعامل السيناريو مع كل الأدوار بعناية شديدة من حيث بنائها الدرامي وتأثيرها في العمل ككل.

ويضيف الشريف: قرأت الرواية، اشتريتها من وسط البلد حين صدرت، فتصورت نفسي أصنعها شريطاً سينمائياً، ورأيت ذاتي في ثلاثة أدوار: دور زكي الدسوقي صاحب العمارة الذي ذهب لعادل إمام، ودور حاتم رشيد الصحافي المثلي الذي ذهب إلى خالد الصاوي، ودوري الذي قدمته بالفعل وهو محمد عزام، لكني تصورت الرواية مسلسلاً ـ لما في صفحاتها من ثراء درامي يغري بحلقات طويلة درامية ـ وأن يعرض هذا المسلسل فضائيا لما في صلب النص من المحظورات. لكن قدر لي أن أقدم دور محمد عزام في 23 مشهدا على شريط سينمائي لا مسلسل. وعزام هذا رجل انفتاحي وانتهازي حقق الثراء، فاكتشف أنه وحده لا يكفي فزاوج ثراءه ـ الفاسد بالأساس ـ بالسلطة، حين ترشح لمجلس الشعب وصار برلمانياً وحزبياً قديراً، حيث يتركز فيه الفساد المالي والسياسي معا .. وأرى هذا الدور امتداداً لدوري في شريط "أهل القمة" الذي قدمته العام 1981 مع الراحلة الكبيرة سعاد حسني والمخرج علي بدرخان عن قصة قصيرة لنجيب محفوظ. لكن الفارق أن "زعتر" الذي قدمته في "أهل القمة" كان لصاً أثرياً في زمن الانفتاح (بدءاً من 1975) ولم يطمح إلا للثراء، محتفظاً بجهله وسوء سمعته، أما عزام فهو لص كبير ومثقف ووجيه وطموح جداً سياسياً، أي أنه استكمال لبعد ناقص في دوري في شريط "أهل القمة".

مطلع التسعينات

"عمارة يعقوبيان" هو الشريط رقم 14 الذي يجمع يسرا بعادل إمام الذي تمسك بأن تشارك يسرا في هذا الشريط، تقول يسرا: هذا دور لا يشبه أي دور قدمته من قبل سينمائيا أو تليفزيونيا .. "كريستين" الأجنبية التي تعيش في (عمارة يعقوبيان)، هي الشخصية الوحيدة القوية والمتزنة في الرواية وفي الشريط، وتلعب دوراً كبيراً في حياة زكي الدسوقي ـ عادل إمام. وكريستين هذه لا تزال حية تسكن في شقتها بعمارة يعقوبيان. ذهبت إليها في وسط البلد وجالستها لساعات، فعشقتها، عقلها متفتح مثقفة تصالح ذاتها وتحترم ضعف الآخر وتحتويه وتتفهمه.

وأنا في دور مدام كريستين أرتدي الملابس والاكسسوارات التي تحاكي زمن الرواية، وهو (مصر في مطلع التسعينات) من خلال عمارة يعقوبيان وحي وسط البلد، وهذه هي المرة الأولى التي تتناول فيها السينما المصرية تلك الفترة الزمنية القريبة للغاية بالدرس والتحليل، لأن السينما المصرية اعتادت، إذا حاولت تشريح المجتمع المصري في حقبة ماضية، أن تعود إلى الوراء كثيراً. هذه المرة هي تتأمل ماضي مصر القريب من خلال قلب القاهرة النابض في "عمارة يعقوبيان"!

كان من الصعب على خالد الصاوي _ الممثل والمخرج المصري من جيل الوسط والذي قدم شخصية جمال عبد الناصر من قبل على شريط سينما للمخرج أنور قوادري قبل 10 سنوات ـ أن يرفض دور الصحافي المثلي حاتم رشيد، برغم أن ممثلين عديدين كانوا قد اعتذروا عن عدم أداء الدور، خوفا من تغيّر نظرة المجتمع لهم!

لم يخش الصاوي شيئا من المجتمع، وأقدم على شخصية حاتم رشيد الاسم الافتراضي ـ طبعاً ـ لصحافي كبير في الرواية. يقول: حاتم رشيد أدق شخصية قدمتها إلى الآن من حيث تناقضاتها وتفاصيلها الصعبة، هو صحافي لامع ومثقف كبير، ينبغي له في مجتمعنا أن يكون رجلا كامل الذكورة فيما هو يملك ميولا وممارسات مثلية، فكيف له أن يحل هذه الإشكالية ؟

أنا أرفض مبدأ رفض أي دور لمجرد نفور المجتمع منه، فمن حقي كممثل لعب أي دور أراه جيدا ويفيدني ويفيد الجمهور، ومن حق الجمهور أن يوسعني انتقادا إذا أراد، كما أرفض إنكار فئة موجودة في كل المجتمعات لا في مجتمعنا وحسب، لأنها إذا أنكرت فلن تنتهي أو تندثر، ومعالجتها سينمائيا تكفل حوارا مثمرا عن أمور مسكوت عنها في مجتمعاتنا الشرقية، وهذا هو دور السينما: إحداث حراك وحوار حتى ولو بتقديم أدوار صادمة للوعي التقليدي. وشريط "عمارة يعقوبيان" كله سيسهم في جر المجتمع إلى حوار راق حول التغيرات التي اجتاحت مصر في الأعوام العشرين الماضية اقتصاديا واجتماعيا وسياسياً، وربما يكون حلقة أولى في سلسلة أشرطة جادة ـ تحاكي حالته ـ ويكون لها دور حقيقي في الثقافة المصرية وتحريك المجتمع بصورة إيجابية!

بناء سينمائي

أعاد السيناريست الكبير "وحيد حامد" بناء عمارة علاء الأسواني سينمائيا على الورق ثم دفع بها لنجله مروان المخرج لكي يعطيها رؤيتها وصورتها النهائية. وحيد كان اعتزم إنتاج الرواية شريطا سينمائيا لكنه تراجع عن ذلك فذهبت إلى "جود نيوز" واكتفى بأجره ككاتب.

يقول ماذا أصنع؟ لا أملك كل هذه التكاليف الضخمة التي يحتاج إليها شريط "عمارة يعقوبيان"!، الحق أني فتنت بالرواية، وقررت إيصالها لأكبر قطاع من الناس. صحيح أن الرواية حققت مبيعات كبيرة، وطبعت خمس طبعات، لكن مهما يكن من الأمر فإن جمهور السينما أكبر حجما مئة مرة من جمهور الرواية في العالم العربي حتى ولو كان كاتبها نجيب محفوظ. ولذلك ؛ حافظت ما استطعت على جوهر الرواية وروحها، ولكني لم أقدمها كما هي تماماً. فلي رؤية أطلت علي من بين سطور الرواية ولولا ذلك لم أقدمت أصلا على تحويلها إلى سيناريو .

الجنس الذي في الرواية أراه جنساً سياسياً إن جاز التعبير، وقد حافظت عليه في هذا الإطار سينمائياً، ولم يكن ممكنا استبعاد العنصر الجنسي من الشريط لأنه داخل في صلب تكوين الرواية ومعمارها شديد التركيب الذي يصعب العبث فيه! بعد ذلك تركت لمروان كل شيء، فأنا أتعاطى معه كمخرج وأنسى تماما روابط الأبوة في العمل، والعبء كان عليه ثقيلا في هذا الشريط، والحكم النهائي على قدرات مروان في هذا الشريط سيكون للجمهور والنقاد، أما رأيي الخاص بمروان كمخرج فاحتفظ به لذاتي!

وعلى العكس، يرى مروان حامد أن وجود كبار النجوم في هذا الشريط ـ الذي يعد أول شريط سينمائي تجاري له ـ ساعده ولم يشكل له هاجسا . يقول: خبرة النجوم الكبار أمام الكاميرا اختصرت وقتا كبيرا وجاوزت صعوبات كثيرة توقعتها ولم تحدث. هذه الخبرة جعلتنا نلتقي بسهولة، وأنا منذ البداية كنت مصراً، حين ناقشت السيناريو مع النجم 7-7-عادل إمام 7-7- ومع كاتب السيناريو والدي وحيد حامد أن يكون كل الممثلين في الشريط أبطالا لأن هذه هي روح الرواية ذاتها. فأنا عندما قرأتها وجدت البشر فيها أقرب إلى عناصر داخلة في التكوين البنائي لعمارة يعقوبيان ذاتها، لا يتفوق أحدهم على الآخرين، وليس ثمة ملاك منفرد بين الشياطين، جميعهم لحم ودم ملتحمان بالمكان، والمكان ملتحم بتغيرات الزمان، وبالتالي فجميعهم بالضرورة أبطال! وأنا اشتغلت على الرواية سنتين من دون الجلوس مع كاتبها علاء الأسواني. فوحيد حامد جلس إليه طويلا واستخلصت رؤيتي منه كسيناريست ثم عدت بعد ذلك كله لأتناقش و علاء الأسواني .

عمارة الشواذ

بدت رواية "عمارة يعقوبيان" حالة روائية خاصة منذ صدورها! فالبناية التي تحمل هذا الاسم لاتزال قائمة في شارع طلعت حرب بقلب حي وسط البلد. أخيرا التفت إليها المارة وتفحصوا لافتتها مندهشين، كيف لم يلتفتوا إليها كل هذه العقود ؟! ونظر إليها البعض ممتعضين وسألوا بوابها الأسمر ذا الأصل الصعيدي : هل هذه عمارة الشواذ ؟!

أعادت الرواية المكان إلى الصدارة، تفاصيل حميمية ربطت قارئها بأجواء وسط البلد، ذلك "الكوكتيل" ذي العناصر المتنافرة، الذي يجمع المثقفين بأصحاب محال الأحذية والحقائب، وبراءة المراهقين بجرأة شاشات السينما التي تملأ شوارع الحي، الفترينات الزجاجية وأضواء النيون الصاخبة، الملتحمة ببنايات عتيقة من طرز أوروبية تنتمي للقرن التاسع عشر، المقاهي التي لجأ إليها المثقفون حُصُوناً أخيرة يخبئون ذكرياتهم تحت كراسيها القديمة، ومطاعم الوجبات السريعة الأميركية والإيطالية، قلب القاهرة الذي تركزت فيه كل المتغيرات، "وعمارة يعقوبيان" في قلب القلب، شعرة دموية صغيرة منه معبأة بكل صنوف البشر!

أكثر من أربعمئة صفحة دارت بها المطبعة لتخرج رواية كبيرة الحجم اسمها "عمارة يعقوبيان" عن مصر التسعينيات. جاءت الرواية مفاجئة فتقنية السرد فيها جاءت كنفحة محفوظية اختفت طويلا تحت وطأة مدفعية الأصوات الأدبية الأحدث، تلك الأصوات التي تنظر إلى داخلها لا إلى المجتمع من خلال ذاتها .. أصوات ترى في ذاتها كونا بأسره، مغلقا على نفسه ..وربما يكون الجميع بداخله، وفي مثل هذا الجنس الأدبي لا محل على الإطلاق للآخرين، ناهيك عن سرد تفصيلة واحدة من حياة شخص آخر .

أفسحت الرواية مكانا لسردية غائبة، في ثياب جديدة وتقنية تشبه إلى حد ما المدونات الشخصية وتنزلق قليلا نحو "أدب الاعتراف" وينحت صاحبها "(علاء الأسواني)" لغته الخاصة ومشروعه الجمالي شديد الخصوصية غير عابئ بالآخر الذي ينتظره ليطبق نظريات النقد في عصر ما بعد الحداثة على سطوره!

هاجمه كثيرون وسانده كثيرون، وحتى أقسى من هاجموه ـ وهو الناقد الكبير فاروق عبدالقادر ـ لم يهبط بتوزيع الرواية بل ربما كان هجومه الحاد عليها سببا في رفع توزيعها. ولولا هجوم فاروق عبدالقادر أيضا على "نيران صديقة" ـ المجموعة القصصية لعلاء الأسواني التي أصدرها بعد "عمارةيعقوبيان" ـ لما انتبه إليها الكثيرون!

إذن فـ"عمارة يعقوبيان" بحجمها وتقنيتها ولغتها مثّلت حالة روائية مغايرة للسائد، واستمدت المزيد من رونقها مع وجود الشاهد الأساسي على شخوصها، وهو العمارة ذاتها، قائما في مكانه بشارع طلعت حرب إلى اليوم!

الكاتب والروائي علاء الأسواني: يقول كتبت الرواية في ثلاث سنوات، ولم أكن أتصور أنها ستكون الأعلى مبيعا في مصر والعالم العربي أو أنها ستكتب عنها 115 دراسة نقدية في المجلات والصحف والدوريات الثقافية، وكان كل أملي منها أن أخرج فيها مشروعي الكبير، الناس والمكان في عمارة يعقوبيان التي عشت فيها سنوات طويلة من حياتي، ولا تزال عيادتي ـ كطبيب أسنان ـ في طابقها الأخير!

وكون هذا العمل الذي اعتبره ركيزتي الأساسية أدبيا إلى الآن، يتحول إلى عمل سينمائي فإن هذا نجاح أكبر له .. كونه سينتقل إلى أولئك الذين يفضلون أن يقرأوا الروايات في ظلام دور العرض كأشرطة سينمائية. إنهم الملايين من البشر، في مجتمع تنخفض فيه نسبة القراءة الأدبية .. وأنا أفهم جيدا ذلك الفارق الضخم بين السينما ـ كلغة بصرية حوارية بالأساس ـ وبين لغة الرواية التي أسميها ما وراء البصرية. فأنت هنا تبصر بعقلك، وتتصور بخيالك ما وراء السطور، من خلال مفردات وتراكيب اللغة، والتكوين المعماري لفن الرواية ذاته!

لست قلقا على الرواية كشريط سينمائي، فجيلي تعلم من شيخنا نجيب محفوظ أن الروائي مسؤول عن نصه المطبوع، وليس مسؤولاً عن النص السينمائي، وأتمنى أن يظل الجو الأساسي وتبقى الرسالة التي بالرواية كما هي ولا تهمني التفاصيل، ولا أحب أن أرى الشريط السينمائي يحول الرواية في اتجاه لم يخطر على قلمي وأنا أكتب، وحرصت على عدم قراءة السيناريو مفضلا أن أشاهده مع المتفرجين في دور العرض .

ويضيف الأسواني "عمارة يعقوبيان" وتلك شهادة أسجلها على ذاتي، ستظل سطري الأساسي مهما دونت بعدها، ليس فقط من منطق الاعتزاز بها أو الامتنان لها ـ وإن كانت هي التي أطلقتني في الساحة بصورة حقيقية ونشرت اسمي على مساحات عريضة ـ ولكن من حيث كونها تحمل في تفاصيلها كل ما رأيته وسمعته ـ وحتى ما توهمته ـ في "وسط البلد" في العقدين الماضيين، وهذا ـ بلا مبالغة _ لحمي ودمي، في هذا المكان جرى تكويني وهو ما كتبته سطورا روائية حازت النجاح. فأنا، في "عمارة يعقوبيان" سأظل أرى ذاتي والآخرين، والمجتمع الذي كان في الماضي وذلك الذي سيكون في المستقبل، ذلك المجتمع الذي كنت ولا أزال أرى تناقضاته واضحة تحت أضواء أعمدة الكهرباء في وسط البلد!

المستقبل اللبنانية في

19.02.2006

 
 

جوائز مهرجان برلين السينمائي

الدب الذهبي للفيلم البوسني "جربافيكا"

الفضي لتسلل الإيراني .. والصابونة الدانماركي

برلين سمير فريد : 

فاز الفيلم البوسني "جربافيكا" للمخرجة جاسميلا زبانيك بجائزة الدب الذهبي بمهرجان برلين السينمائي الدولي.. تناول الفيلم معاناة النساء البوسنيات من أثار عمليات الاغتصاب التي وقعت لهن علي أيدي الجنود الصرب.. جاءت جائزة الدب الفضي مناصفة للفيلم الايراني "تسلل" اخراج جعفر باتاهي.. والفيلم الدانماركي السويدي المشترك "الصابونة" للمخرجة بيمونيل فيشر.

منحت لجنة تحكيم المهرجان برئاسة الممثلة البريطانية شارلوت رامبلينج جائزة أفضل ممثل وممثلة للألمانيين مورتيز بليبترو عن دوره في فيلم "الدقيقة الأولية".. وساندرا هويلد عن دورها في فيلم "القداس". بينما فاز بجائزة أفضل مخرج في المهرجان الثنائي البريطاني مايكل وينتر بوتوم ومات وايتكروس عن فيلمهما "الطريق إلي جوانتانامو" الذي تناول قصة حقيقية حدثت لثلاثة شبان مسلمين من بريطانيا تم القبض عليهم في افغانستان وانتهي بهم الحال في معتقل جوانتانامو الشهير.

أعلنت شارلوت رامبلينج رئيس لجنة التحكيم أن دورة مهرجان برلين الخامسة والستين لهذا العام عكست المناخ السائد في العالم حالياً. بينما قالت المخرجة البوسنية جربافيكا الفائزة بجائزة الدب الذهبي أنه برغم انتهاء الحرب منذ 13 عاماً إلا أن مجرمي تلك الحرب مازالوا يعيشون بحرية في دول أوروبا ولم يتم القبض عليهم رغم أنهم وراء عمليات اغتصاب 20 ألف امرأة وقتل أكثر من 100 ألف بوسني.

الجمهورية المصرية في

20.02.2006

 
 

البريطانى مايكل وينتربوتوم مخرج فيلم "الطريق الى جوانتانامو"

التوجهات العامة للسينما تتناول الارهاب بالكوميديا

برلين- مايك كوليت

بدأ صناع السينما بشكل متزايد يميلون لانتاج افلام تتناول الحرب على الارهاب واستخدموا الافلام الدرامية والوثائقية وحتى الكوميدية لمناقشة قضية سيطرت على الساحة السياسية منذ هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 على الولايات المتحدة.

وبدأ هذا التيار بفيلم المخرج الامريكى مايكل مور "فهرنهايت " الذى شن هجوما شخصيا على الادارة الامريكية.

وفاز الفيلم بجائزة السعفة الذهبية فى مهرجان كان السينمائى العالمى وحقق ايرادات بلغت 220 مليون دولار. وهذا رقم قياسى بالنسبة لفيلم تسجيلي.

ومنذ ذلك الحين شهدت الشاشة الفضية أفلاما مثل "سيريانا" الذى لعب بطولته النجم جورج كلونى وتناول السياسة الامريكية فى الشرق الاوسط والفساد فى صناعة النفط وفيلم "ميونيخ" الذى شكك من خلاله المخرج ستيفن سبيلبرج فى الحكمة من وراء الانتقام ممن اعتبروا "ارهابيين".

وعرض فى مهرجان برلين السينمائى الذى اختتم فعالياته يوم الاحد الماضى ثلاثة أفلام أخرى تناولت قضية الحرب على الارهاب بشكل مباشر أو غير مباشر.

ومازال هناك فيلمان على الاقل فى مرحلة الاعداد يتناولان أحداث هجمات 11 سبتمبر أيلول عام2001 .

وقال لى مارشال الناقد فى صحيفة "سكرين انترناشيونال" " اعتقد أن هناك وعيا أكثر لدى صناع السينما الاكثر شعبية نسبيا مثل جورج كلونى بأنه يتعين أن يكون لهم موقفا".

وأضاف "لا اعتقد انه اتجاه مثالى تماما فقط لان أفلاما مثل ميونيخ وليلة سعيدة وحظ سعيد يقبل عليها الجمهور".

وتابع أن هناك شعورا الان انه يمكنك أن تصنع أفلاما كهذه وتحقق نجاحا أيضا.
وفى برلين عرض المخرج البريطانى مايكل وينتربوتوم فيلم "الطريق الى جوانتانامو" الذى وجه من خلاله نقدا لاذعا لمعسكر الاحتجاز العسكرى الامريكى فى جوانتانامو.

والفيلم مقتبس عن قصص حقيقية ويتناول احتجاز ثلاثة مسلمين بريطانيين لمدة عامين فى جوانتانامو دون توجيه اتهامات لهم.

وعلى الجانب الاخر من هذا الاتجاه يأتى المخرج الايطالى روبرتو بينينى وفيلمه"النمر والثلج".

والفيلم أقل انتقادا وتدور أحداثه فى قالب كوميدى خفيف وتدور أحداث الفيلم ابان الغزو الامريكى للعراق فى عام 2003. وتتناول أحداث الفيلم قصة شاعر ايطالى يحاول الحفاظ على حياة صديقته المصابة فى مستشفى فقير فى بغداد.

ويجد البطل سلاح دمار شامل خاصا به هو أداة لقتل الذباب.

ومن ضمن هذا التوجه السينمائى يقف فيلم "فى فور فينديتا" أو "الثأر" لكاتبى السيناريو الاخوين فاشوفسكى المقتبس عن رواية صدرت فى الثمانينات تتناول قصة بطل يوصف بانه "ارهابي" يحاول اسقاط الحكومة البريطانية.

وتشارك الممثلة ناتالى بورتمان فى بطولة الفيلم.

وقال كلونى الذى توجه الى برلين لحضور العرض الاول لفيلم سيريانا فى أوروبا ان اتجاه اليوم يذكر بالسينما السياسية فى الستينات والسبعينات.

وأضاف أن السينما اتجهت للسياسة بهذه الصورة لان الصحفيين فشلوا فى توجيه الاسئلة الكافية بشأن رد فعل العالم تجاه هجمات 11 أيلول سبتمبر.

وأضاف"اعتقد انه لفترة من الوقت بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول وحتى اعصار كاترينا لم يوجه رجال الاعلام الاسئلة الكافية".

وقال "بدأت السينما فى سد هذا التقاعس.فعلى أحد ما أن يقوم بهذه المهمة".

وكان هدف فيلم "الطريق الى جوانتانامو" الذى فاز مخرجاه وينتربوتوم ومات وايتكروس بجائزة فى مهرجان برلين هو الضغط على واشنطن لاغلاق سجن جوانتانامو ولكنه أيضا يصور أبطاله الثلاثة فى صورة المسلمين المعتدلين.

وقال وايتكروس "حين تنظر الى أفعال قلة من الناس مثل أسامة بن لادن وتعتبر أن كل المسلمين مثله تماما مثل أن تنظر الى أفعال بوش وتعتبر كل الامريكيين سيئون مثله".

ومن الافلام التى مازالت فى مرحلة الاعداد فيلم "الرحلة "93 الذى يحاول مخرجه بول جرين جراس تصوير ما حدث على متن احدى الطائرات التى خطفت يوم 11 سبتمبر أيلول عام 2001 وسقطت فى بنسلفانيا.

وقال جرين جراس ان رد فعل الركاب على متن الطائرة المنكوبة أثار أسئلة بشأن ردود فعلنا تجاه مثل هذه الهجمات بشكل عام.

وأضاف "اعتقد أننا جميعا مهما اختلفت معتقداتنا فاننا ندرك أن هذه هى المعضلة.ما الذى يتعين علينا فعله وكيف نتعامل مع أمر مثل هذا..".

كما يعد المخرج أوليفر ستون لفيلم "مركز التجارة العالمي" الذى يتناول قصة رجلين علقا تحت حطام البرجين المنهارين.

موقع "العرب أنلاين" في

20.02.2006

 
 

الخليج في مهرجان برلين السينمائي الدولي (8)

برلين  محمد رضا

جاءت نتائج الدورة السادسة والخمسين لمهرجان برلين السينمائي في مكان ما بين ما كان متوقعاً وبين ما هو مخيب للآمال.  الجائزة الذهبية مثلت مفاجأة للجميع، ونالها، “غرافيشكا”، فيلم جيّد وصغير. ليس لأنه لا يستحق الجائزة بل إن الدهشة هي أنه نالها. مخرجة الفيلم جاسميلا زبانيتش كانت الأولى في صف المذهولين “هل حدث هذا حقاً؟” قالت بعد أن نزلت من على المنصّة حاملة الدب الذهبي لأفضل فيلم. معها الكثيرون الذين أحبوا الفيلم لكنهم اعتقدوا بأن حبهم هذا هو كل ما سيجنيه عمل يتحدّث عن امرأة وإبنتها في بوسنيا بعد الحرب.

سينما الحرب تنال جائزتي “الذهبية والإخراج”

الحرب، على أي حال أطلّت برأسها تبعاً للظروف الراهنة واستولت على جائزة ثانية. فجائزة أفضل مخرج ذهبت الى البريطاني مايكل ونتربوتوم عن فيلمه “الطريق الى جوانتانامو” الذي يتحدّث عن مصير ثلاثة بريطانيين مسلمين التقطهم الجيش الباكستاني في افغانستان وسلّمهم الى الأمريكيين الذين نقلوهم الى معسكر جوانتانامو حيث يعرض الفيلم ما يحدث هناك من تنكيل وضرب، ولو أنه يكتفي بأقل المشاهد حدّة لأن المخرج، كما قال، لم ير داعياً للتركيز على العنف الشديد خوفاً من عدم وصول الرسالة التي يريد إيصالها والرسالة هي: ضرورة إغلاق جوانتانامو.

لكن إذا ما كان كلا هذين الفيلمين يستحقان ما حصداه، فإن باقي الأفلام التي فازت تحمل علامات استفهام شديدة. الجائزة الفضية الممنوحة باسم “جائزة لجنة التحكيم الكبرى” ذهبت الى الفيلم الدنماركي “صابون” و”صابون” هو الفيلم الذي اختزل نفسه من الذاكرة بعد 24 ساعة من عرضه. لم يجده الا قليلون عملاً جديراً بالتوقف عنده.

أفضل منه إذاً شغل روبرت ألتمان في “صحبة البيت الريفي” وتقنية سيدني لوميت في “أثبت عليّ التهمة” وطموح ترنس مالك في “العالم الجديد” على الرغم من أنه ليس أفضل أعماله، لكن هل تعاقب هذه الأفلام لأنها أمريكية؟ هل يعاقب روبرت ألتمان لأنه بلغ الثمانين من العمر ولم يعد بحاجة الى فرص أو جوائز؟

ومن نواحٍ تقنية صرفة إن فيلم “العيش في الأزقة”، وهو هولندي لم تتسن الكتابة عنه لكثرة الأفلام التي عرضناها، أفضل كثيراً من “صابون”، مما يجعل المرء بحاجة لأن يفهم شيئا عن الدوافع الحقّة التي دفعت لجنة التحكيم لمنح الجائزة الثانية للفيلم الدنماركي. وهذا الناقد لا يقول الدنماركي من باب الإيعاز بالأزمة الناشبة، لكن الم تتدخل الأزمة ذاتها في الطروحات المغلقة للجنة التحكيم؟ سوف لن نعرف ذلك مطلقاً.

الممثل الأفضل حسب المهرجان هو موريتز بلايبترو عن “جزئيات رئيسية” (هولندا)، وأفضل ممثلة كانت ساندرا أولر عن “تحية” (ألمانيا) والفيلم الصيني “الوعد” خرج بأفضل موسيقا بينما نال “صابون” (مرة أخرى) جائزة أفضل فيلم أول.

“عمارة يعقوبيان”، الذي كان مرشّحاً فقط لجائزتين غير رسميتين  هما جائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما وجائزة الجمهور أخفق في نيل أي منهما.

همسات برلين

صندوق البندورة فتح والثمر مضروب. وعوض أن تمر عاصفة الرسوم الكرتونية المسيئة بما يعلّم الغرب شيئاً عن قداسة وأخلاقيات الاسلام، وبما يعلّمنا نحن الكيفية المثلى في القيام بواجبنا في صيانة الحرمات عبر الخوض في الحضارات والثقافات العالمية أثارت العاصفة  لديه الحفيظة والتعنّت وكشف عن أننا فاشلون في الوصول إلى الغرب حتى بقيمة لأننا سيّسنا كل شيء بما فيه الدين، والأهم أن الغرب اكتشف أن هناك أموالاً يمكن أن تُجنى  من وراء المزيد من الأعمال التي تتعرّض لمسائل شائكة عن الاسلام والمسلمين. حسب النشرة اليومية لمجلة “سكرين انترناشيونال” الصادرة في برلين فان شركة “نيو دانيش سكرين” تطوّر حالياً مشروعاً بعنوان “حبيبي جميل” سيخرجه دنماركي من أصل فلسطيني اسمه عمر شرقاوي وتنتجه ميتا فولداجر المنتجة الجديدة لمخرج الدنمارك الأول لارس فون تراير. السيناريو يدور حول العلاقات المتوترة بين السنة والشيعة في كوبنهاجن.

هل هي متوترة فعلاً؟ هل هي أساساً متوفّرة؟ لا يهم. سيستخلص المشروع ما يريده من أي شيعي أو سني على خلاف ليصنع الفيلم المطلوب والهالة الكبيرة التي ستحيط به. الموضوع من المحرّمات وربما نحن في البلاد العربية بحاجة إلى أن نصنع أفلاماً جادة تسهم في توحيد مذهبين، لكن ما يتبادر إلى الذهن هو أن التوقيت لفيلم دانماركي عن الاسلام هو آخر ما يحتاجه العالم الاسلامي اليوم.

 الشركة ذاتها، وهي تابعة لمؤسسة تتلقى دعمها من الحكومة هي “مؤسسة الفيلم الدنماركي”، لديها عدّة مشاريع صغيرة شاهدنا في المهرجان أوّلها كان فيلم “صابون” الذي مر كالصابون فعلاً في المسابقة فلم يتوقّف عنده أحد، وقريباً يباشر بتصوير فيلم عنوانه “كيف تتخلص من الآخرين!” وآخر من الرسوم المتحركة المتوجهة للكبار بعنوان “أميرة”.

 على الرغم من الخلافات السياسية الكبيرة بين ايران والغرب، وموقف الرئيس الايراني من الصهيونية والنزاع ضد “اسرائيل”، إلا أن الأفلام التي عرضت في اطار المهرجان الرسمي، من ناحية، وتلك التي عرضت في السوق التجارية من ناحية أخرى بيعت على حد سواء. هناك ستة أفلام اشتركت في شتى تظاهرات المهرجان من بينها “في الشتاء” و”أوفسايد” الرسميين وكلها، حسب مصدر في السوق الذي انتهى، بيعت جيّداً إلى أسواق فرنسية وبلجيكية وأوروبية أخرى، وهذا حتى من قبل أن تصدر نتائج المهرجان الرسمية التي قد لا تحتوي على فوز أي من الفيلمين الايرانيين المشتركين في المسابقة.

انه توقع شخصي لكنه يستند إلى حقيقة أن رئيسة لجنة التحكيم (شارلوت رامبلينج) لا ترى ما رآه الرئيس الايراني من أن المحرقة لم تتم وأن “اسرائيل” لا حق لها في الوجود كدولة. ليس فقط من موقع سياسي بل من موقع ديني (كونها يهودية). لن تتعب كثيراً قبل أن تجد بين أعضاء لجنة التحكيم من يقرر أن السينما الايرانية لم تقدّم فيلما يستحق الجائزة هذه المرة. طبعاً المشكلة العويصة هو أن ما قدّمته السينما الايرانية هذا العام ليس جيّداً. فيلم جعفر بناهي “أوفسايد” أسوأ عملاً من فيلم رافع بيتز وهذا ما سيجعل اثبات تهمة التحدّث في السياسة قبل التحدّث في القيمة الفنية واصدار الحكم تبعاً للأولى على نحو رئيسي صعباً. أو كما يقول عنوان فيلم سيدني لوميت “ثبّت تهمتي”.

أسماء اختفت وأخرى احتفظت ببريقها

84 فيلماً أضافت الكثير للحدث الكبير

الأفلام التي شاهدها هذا الناقد هنا إلى الآن، 83 فيلماً روائياً طويلاً وفيلم قصير واحد. وكل من الأفلام هو اضافة لمجموعات كثيرة وكبيرة من الأفلام التي شوهدت في هذا المهرجان الكبير منذ وصولي إلى دورة 1977 لأول مرة.

مياه كثيرة جرت تحت الجسر منذ ذلك الحين وأسماء كبيرة لمعت ثم اختفت أو ظهرت ولم تلمع أصلاً، والقليل منها لمع ولا يزال (روبرت ألتمان مثلاً). لكن هذه الدورة كما في كل دورة هناك من لا يزال يؤمن بالادلاء بخطابه حول الذات والحياة والمجتمع والدولة والعالم من خلال السينما. والتالي جولة بين بعض ما شوهد ولم يتسن بعد تقديمه للقراء.

“بركات” هو الفيلم الروائي الأول للمخرجة الجزائرية (التسجيلية عادة) جميلة الصحراوي ويدور حول جرّاحة شابة (رشيدة براكني) وممرّضة (فطومة بوعماري) تقومان برحلة لمعرفة مصير زوج الأولى، الصحافي الذي اختطفته الجماعات الاسلامية في أحداث تقع في1992. المحاولة تقودهما إلى دخول عرين الخاطفين في أعلى بعض الجبال ثم اجبارهما على العودة إلى البلدة التي جاءتا منها مشياً على الأقدام المتعبة ومن دون نعال. الرحلة طويلة تشهد في بدايتها أزمة بين المرأتين ثم تعاضد. خلالها تصلان إلى بيت خال الا من رجل عجوز فقد ابنه بسبب التطرّف وزوجته بسبب الحزن ويقرر ايصالهما بعربته.

صورة جميلة يؤمنها التصوير ومعالجة متأنية لا تخفق في الايحاء بوجود مخرجة لديها المام تقني جيّد وعين لا تخيب التقاط ما يمنح الفيلم ثراء في المادة المعروضة. لكن الضعف يكمن في أن الموضوع ليس شاملاً بما يكفي. وجهة النظر المكتفية بالتقاط عيوب المجتمع من وجهة نظر المرأة يجعل الفيلم سريع التقوقع في أحادية الجانب عوض أن يسبر أكثر مفرزات الوضع الذي ينشده. كفيلم طريق هناك قليل مما يمكن التعليق عليه في تلك الرحلة ما يحوّل العمل في نهاية الأمر إلى سرد قصصي بأقل قدر ممكن من الأحداث.

امرأة سقطت

لم تكن بيتي بايج ممثلة مشهورة، بل لم تكن ممثلة أساساً بل بطلة لسبعة أفلام تسجيلية دارت عنها في السابق أدتها بنفسها. هذا ما يجعل الفيلم الجديد “بيتي بايج المشهورة” مختلفاً أولاً من حيث أنه ليس تسجيلياً ولو أنه لا يزال يدور عن حياتها الشاقة. بيتي بايج ولدت في العام 1923 ويوحي فيلم ماري هارون، وهي المخرجة التي قدّمت قبل خمس سنوات فيلمها الجيد “أمريكان سايكو”، بأنها تعرّضت لتحرّشات والدها منذ أن كانت فتاة صغيرة. حين كانت شابّة وجدت نفسها محاطة بعدد من الرجال الذين اعتدوا عليها. لاحقاً بعدما تركت بلدتها في الجنوب الأمريكي إلى نيويورك وجدت أنها مرغوبة كموديل تصوير. وما يحدث من بعد ذلك هو عدة فصول أخرى من حياة تمحورت حول الرغبة فيها ومتاعب أن تكون جميلة في عالم من الذئاب والمصالح الفردية.

الفيلم بالأبيض والأسود ومصوّر بسهولة وسلاسة ومن دون التوقف طويلاً عند أي استعراض يؤكد حرفة أو فناً. رغم ذلك فان حسنات البيوجرافي الذي تقدم عليه المخرجة  من الظهور بحيث أنه لا يهم أن الفيلم في النهاية لا يقدّم أكثر مما فعلت تلك الأفلام التسجيلية حولها على صعيد السيرة الذاتية. الأهم هو أنه يقف بمفرده كتشخيص لحالة اجتماعية تخص العلاقة المعقدة والخاطئة بين الجنس والمجتمع في عالمنا هذا، وهو ما سبق أن أثار اهتمام المخرجة في فيلمها السابق أيضاً.

ومن الأفلام المهم التوقف عندها في هذه الجولة: “ايزابيللا” للمخرج ادموند بانج (أو كما كان اسمه قبل التغريب باينج هو-شيونج) ومدته 39 دقيقة تدور في الفراغ لتصل في النهاية إلى نتيجة مفادها أنه ليس في كل مرة يعجب المخرج بقصة تكون صالحة لأن تُصوّر. أيضاً لتقول إن السينما الصينية تبدو في أضعف وضع فني لها منذ سنوات بعيدة. انه كما لو أن أحدهم أضاء الاستديو فاختفت القريحة التي كانت تصدر كل تلك الأفلام المهمة. بانصراف تشن كايجي وزانج ييمو صوب أفلام الخناجر الطائرة والشخصيات المحلّقة وقصص السيوف التي تتحرك وحدها، وبعدم خروج أسماء جديدة تملأ الفراغ، فان النتيجة واضحة على الشاشة. على هذا، يجب عدم الخلط بين سينما الدولة التي يعبّر عنها ييمو وكايجي اليوم، وسينما الانتاجات المستقلة القادمة من هونج كونج كما الحال مع هذا الفيلم. لكن لو أن هذه لديها ما يفيد قوله لتحسن وضعها قليلاً.

المخرج بانج حقق ثلاثة أفلام أفضل قليلاً من قبل ويكتفي هنا باستعراض قصة تقع أحداثها قبل انضمام هونج كونج للحكم الصيني سنة 1999. للغاية هناك -كل عشر دقائق تقريبا- عناوين تقتحم الشاشة تذكر فيها وضع صراع الدولة ضد المرتشين من رجال البوليس وعصابات المافيا الصينية معاً. ليس هناك ما ينصهر من هذه المعلومات، فما نراه من قصّة منفصل الى حد كاف ويدور حول رجل شرطة موقوف عن العمل يعاشر النساء ما حلا له، واحداهن فتاة تخبره في اليوم التالي انها ابنته. أمر يترك المخرج موضوع البت فيه لاحقاً، لكن الفتاة وأباها الذي يمتنع عنها بعد ذلك يتوغلان في قضية فقدان الفتاة لشقّتها التي لم تدفع إيجارها، وقضية اختفاء كلبتها ايزابيللا.

الخليج الإماراتية في

20.02.2006

 
 

«ماسأة بوسنية» ينال الدب الذهبي لمهرجان برلين السينمائي 

«جربا فيتشا».. ابداع من ركام الحرب.. وتألق من زمن المأساة، وحقيقة ساطعة لما عاناه المسلمون خلال الحرب البوسنية، هو فيلم أبدعت في إخراجه ابنة البوسنة جاسميلا زبانيتش وتروي من خلاله محنة إمرأة من وطنها تعرضت للاغتصاب خلال تلك الحرب الوحشية..

ولأن الفيلم جاء معبراً وصادقاً فإن لجنة التحكيم في مهرجان برلين السينمائي الدولي والمؤلفة من ثمانية أعضاء وترأستها الممثلة البريطانية تشارلوت رامبلينغ لم تتردد في منح الفيلم الجائزة الكبرى لتنال جاسميلا الدب الذهبي عن أفضل فيلم في المهرجان الذي اختتم فعالياته يوم أول من أمس.

وتنافس على الجائزة الكبرى 19 فيلماً. ويذكر أن جربافيتشا هو أول فيلم بوسني ينافس على احدى جوائز المهرجانات السينمائية الكبرى. ومنحت اللجنة الجائزة الثانية «الدب الفضي» لفيلمي «إيه سوب» «الصابونة» للمخرجة الدنماركية بيرنيلي فيشر كرايستنسن وفيلم «أوف سايد» « تسلل» للمخرج الإيراني جعفر باناهي. كما فازت المخرجة الدنماركية بجائزة أفضل إخراج.

وذهب الدب الفضي لأفضل مخرج إلى المخرجين البريطانيين مايكل وينتربوتوم ومات وايتكروس عن فيلمهما القوي حول معتقل عسكري أميركي والذي حمل عنوان «الطريق إلى جوانتانامو».

كما فازت الممثلة الألمانية ساندرا هولار بجائزة الدب الفضي لأفضل ممثلة لدور ميشيلا في فيلم «ريكويم» فيما حصل الممثل الألماني البارز موريتس بليبترو عن نفس جائزة الدب الفضي أفضل ممثل عن دوره في فيلم «اليمنتارتيلشن» «الجزيئات البسيطة».

كما فاز ممثل ألماني آخر بجائزة الدب الفضي للعمل الفني البارز لدوره في فيلم «دير فري فيل» «الإرادة الحرة» والذي شارك كذلك في كتابته وإنتاجه. (د ب أ)

البيان الإماراتية في

20.02.2006

 
 

"الخليج" في مهرجان برلين السينمائي الدولي "9"

التحول كلمة السر في مشوار النجوم

برلين  محمد رضا: 

على هامش فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي التقت “الخليج” ثلاثة من النجوم الذين كانت لهم مشاركتهم المتميزة في المهرجان هم المخرجة التسجيلية جازميلا زبانيتش التي عرض لها أول فيلم روائي في مشوارها السينمائي يدور حول امرأة تعيش على ذاكرة الحرب، والممثل وودي هارلسون أحد الوجوه التي أبدعت في فيلم المخرج روبرت ألتمان “صحبة في البيت الريفي” والذي جسد فيه شخصية مغني فولكلور، وأخيراً فين ديزل الذي خرج من عباءة الأفلام التجارية ليطل بملامح جادة من خلال فيلم المخرج سيدني لوميت “ثبّت عليّ التهمة”. ويبدو من الحوار مع النجوم الثلاثة ان التحول كان السمة الأساسية في مشوارهم الفني خلال المهرجان.

جازميلا: بطلتي امرأة تعيش في ذاكرة الحب

لم تكن النتيجة ظهرت حين جلست والمخرجة الجديدة جازميلا زبانيتش التي سبق لها وحققت بضعة أفلام تسجيلية قبل إنجازها فيلما يدور حول حياة امرأة تعيش في ذاكرة الحرب وابنتها التي ستنتقل اليها تلك الذاكرة حتى وإن لم تشهد الحرب ذاتها، وبادرتها بالسؤال:

·     هل موضوع الحرب التي وقعت في بوسنيا وما تكبّده المسلمون هناك من خسائر في الأرواح والممتلكات موضوع مطروح في أفلام بوسنية متعددة؟

 ليس العدد مهماً. وللإجابة عن سؤالك، نعم هناك بضعة أفلام تتطرق إلى هذا الموضوع. ربما ليست كثيرة لكن الكثرة ليست الأمر المطلوب. الحرب انتهت ولا يمكن فعل شيء حيالها.

·         تقولين ذلك وفيلمك عن جرعات الألم التي سببتها تلك الحرب، ربما لا تقع أحداثه في الحرب لكنه عنها.

هذا صحيح، ما قصدته هو أنه ليس المطلوب تصوير الحرب كما وقعت.

بل تصوير وقعها الدفين في البوسنيين اليوم، هذا لا مهرب منه، إذ نحاول الابتعاد نجد أن هناك ما يشدّنا إلى الأمس القريب.

·         تبدين معايشة حسّاسة للبيئة والمجتمع، الحي الذي هو عنوان الفيلم كما فهمت يبدو كما لو كان مسكوناً بالأرواح.

حقاً هو كذلك، هذا الحي ليس بعيداً عن الحي الذي أسكن فيه وعندما عاينته للتصوير داهمني أنه كما وصفته، يبدو كما لو أنه مسكون بأرواح الضحايا.

حين هاجمت القوّات الصربية ساراييفو احتلت ذلك الحي الذي يقع في الضواحي ولا نعرف شيئاً عن مصير العديد من البوسنيين الذين لم يستطيعوا الهرب أو ربما لم يتخيّلوا أنهم سيلقون حتفهم هكذا، لكن هذا هو الحي الذي أسكنه أيضاً، أعتقد أن المدينة التي بالتأكيد شرعت في حياة جديدة هي أيضاً مسكونة بذلك التاريخ المؤلم.

·     الفيلم عن امرأة مات زوجها في الحرب تعمل في ناد ليلي لتعيل ابنتها التي تتعرف إلى شاب اسمه سمير مات والده أيضاً في ذات الظروف. لكن بينما يعي الشاب ظروف موت والده يتعجّب كيف أن الفتاة سارا لا تعرف. فلماذا اختارت سارا عدم المعرفة؟

المسألة بالنسبة إليها لم تكن حاسمة.

كما ترى في الفيلم تحاول أمها ذات مرة إخبارها بما دار من وقائع لكن الأم كانت تخبرها نصف الحقيقة، لذلك لم تكن لدى سارا فكرة كاملة، الفكرة الكاملة تأتي لاحقاً عندما تخبرها الأم بأن أباها ليس من أعتقدت.

·         هذا ما يجعل الأمر أكثر إيلاماً.

الأم تعيش الوضع الناتج عن كونها اغتصبت في الاعتقال من صربي وأنجبت سارا.

إنه موضوع مؤلم كيفما نظرت اليه.

·         لمن لم ير أفلامك التسجيلية من قبل، هل هناك أسلوب مشترك بين هذا الفيلم وأفلامك السابقة؟

لا بد رغم أنني عملت على إبقاء التأثير التلقائي لخلفيتي كمخرجة تسجيلية بعيداً عن عملي هذا، لكن بالأمس كنت بين الحضور أشاهد الفيلم من جديد واعتقدت أنني شاهدت نفسي في أفلامي السابقة.

وودي هارلسون: “العمل مع ألتمان متعة”

وودي هارلسون لا يهمه أن يكون نجماً ويفضل أن يبقى ممثلاً ويفسّر ذلك في المقابلة التي جمعتنا خلال أيام المهرجان.

من وجوه فيلم روبرت ألتمان الجديد “صحبة البيت الريفي” لاعب شخصية مغني فولكلور يرتدي زي رعاة البقر ويعيش عالمهم في عالمنا نحن.

·         هل تعتقد أن العمل مع روبرت ألتمان هو الجائزة الأهم في المسألة كلها؟

طبعاً، ألتمان هو حلم العديد من الممثلين ولديه طاقمه من الممثلين والفنيين الذين يعملون معه من فيلم لآخر، لكنه يتجه في كل فيلم إلى وجوه لم يسبق لها أن عملت معه أيضاً. أنا وميريل ستريب وتومي لي جونز كنا من بين هؤلاء.

العمل مع ألتمان متعة، تجد تاريخاً ومدرسة من الفن تتحرك أمامك وما عليك سوى أن تثق في أن الرجل مدرك لكل تفصيلة في العمل. جلست أراقبه كثيراً، إنه عبقري.

·         تختفي من الأفلام لفترات طويلة، فهل اتجاهك للتمثيل المسرحي له دور في ذلك؟

نعم، منذ سنتين وأنا أمثل في لندن وانتقل كلما كان ذلك متاحاً لي لتمثيل فيلم. أذكر أننا التقينا، بعد عرض فيلم “البلاد الشمالية” وأتذكر سؤالك عن السنوات الخمس السابقة لذلك التي لم أعمل خلالها.

قلت لي إنه كان اختيارك.

·         نعم لكن هل ذكرت لك السبب الحقيقي لابتعادي؟

قلت لي إنك كنت تريد أن تعيش مع أهلك في “نورث كارولاينا”.

ما حدث هو أنني ذهبت في زيارة، وداهمني شعور بعد أيام قليلة أنني أعيش منشغلاً عن كل شيء بالعمل المتواصل، لا بد من أن أتوقف والتقط أنفاسي، لا بد لي من العيش في ذلك المكان بعيداً عن هوليوود وعن أي نوع من العلاقات المهنية، قدّرت البقاء بعيداً لثلاث سنوات، لكني في الحقيقة آنست ذلك النوع من الحياة العائلية فمددت الفترة إلى خمس سنوات.

·         خمس سنوات منعزلاً وعامان من المسرح. ألا تخشى أن تفقد النجومية.

لنكن صريحين، أنا لست النجم، ولا أريد أن أكون النجم، أهم بالنسبة لي أن أكون الممثل، أريد أن أمثل الأدوار التي تقدّمني للناس على هذا الأساس، لن أغلق الأبواب أمام الفرص، لكن أفلاماً مثل “صحبة البيت الريفي” هي التي ستخلدني وليس فيلماً من نوع “ما وراء الغروب” رغم أنني قضيت وقتاً ممتعاً خلال تصويره في الباهاماز.

فين ديزل: تمنيت العمل مع سيدني لوميت

رغم أن فين ديزل انطلق من ثنايا فيلم جاد هو “غرفة التحضير”، الا أنه سريعاً ما انتقل إلى مزيج من أفلام أكشن ومغامرات جيدة (“روديك”، “أسود داكن”) وأخرى عادية (الجزء الثاني من كل منهما) كما انتقل باكراً إلى الكوميديا من دون إقناع يذكر (في “الرضّاعة”)، وفي فيلم سيدني لوميت “ثبّت علي التهمة” يعود إلى قاعدته الأولى، مؤكدا أنه كان مستعداً لذلك بل وكان يطلبه.

·         بالأمس كنت مع زميل ناقد قال إنك كنت مفاجأة الفيلم بعد كل هذه الأدوار في أفلام تجارية محضة، فما قولك؟

تستطيع أن تتصوّر المفاجأة التي كانت من نصيبي حينما أخبروني أن سيدني لوميت على الخط يريد أن يتحدّث إليك.

·         هل كنت تعرف المخرج المخضرم؟

بالطبع عن طريق كل تلك الأفلام التي أخرجها في الستينات والسبعينات من “بعد ظهر يوم لعين” إلى “سربيكو” وسواهما.

لكنها كانت مفاجأة أن يطلبني للدور، لأنني كنت أتمنى العمل معه.

·         هل لديك فكرة لماذا اختارك تحديداً؟

كانت هناك اتصالات من جانبي قبل نحو عامين عندما كنت أريد إنتاج فيلم بوليسي ورأيت أن لوميت هو المخرج المناسب.

لكن حين صرفت النظر عن الفيلم انقطع الاتصال إلى أن استلمت السيناريو وقرأته ووافقت عليه على الفور، أعتقد أنني قرأته أسرع من أي سيناريو آخر وصلني، لأن الدور سحرني، ليس لأنه دور بطولة بل النسيج العميق الذي تم صنع هذه الشخصية منها، اتصلت بالمخرج وتركت له خبراً في اليوم التالي بأني موافق، لكن مر شهران  كما أعتقد  لم اسمع منه أي اتصال واعتقدت أن علي أن أنسى الأمر إلى أن اتصل وأعلمني أنه قرر أن أمثل الدور.

·     لكن مثل هذه الأدوار في مثل هذه الأفلام لا تستمر طويلاً، أقصد أنك لن تقدم على هذه الأفلام وحدها والا ابتعدت عن الشاشة، أليس هذا صحيحاً؟

نعم، أحب مثل هذه الأدوار ولا تهمني درجة نجاحها في السوق، يهمني معها كيف يتم تقديم الفيلم إلى الجمهور وكيف يستقبله ذلك الفريق المهتم بالنوعية وليس بأفلام الأكشن التي أمثلها. هذه ستبقى متوفرة لدي، لكن إذا ما وصلني مشروع فني آخر في ذات الوقت الذي يعرض فيه علي فيلم تقع أحداثه فوق المريخ فسأقبل بالفيلم الفني.

·         كان لديك مشروع تاريخي مع أوليفر ستون.

تقصد “هانيبعل”.

·         نعم.

لا أعتقد أني أعلنت عن المخرج المحتمل، كان اوليفر ستون واحداً من مجموعة مخرجين على القائمة.

·         والآن.

أريد أن أخرجه بنفسي.

الخليج الإماراتية في

21.02.2006

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)