كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

فيلم دانمركي عن العرب والمسلمين

إنهم يمدون أياديهم إلينا .. فلماذا نردها؟

رسالة مهرجان برلين ـ سمير فريد 

مهرجان برلين السينمائي الدولي

الدورة السادسة والخمسون

   
 
 
 
 

شهد مهرجان برلين السينمائي الدولي ال 56. والمنعقد حالياً في العاصمة الألمانية حدثاً كبيراً. وذلك عندما عرض الفيلم الدانمركي "واحدة بواحدة" اخراج أنيت . ك. أولسين في قسم البانوراما من اختيارات المهرجان الرسمية خارج المسابقة. فقد تم صنع الفيلم قبل أزمة الرسوم الكاريكاتورية وعرض في المهرجان وهي لم تزل قائمة ولأن موضوعه عن العلاقة بين الشعب الدانمركي والعربي والمسلمين المهاجرين. واللاجئين في الدانمرك. أصبح الفيلم من أحداث المهرجان الفنية والسياسية في نفس الوقت. وتناولته الصحافة الألمانية والدولية في الصفحات الأولي إلي جانب الصفحات المخصصة للمهرجان.

هذا هو الفيلم الطويل الثالث لمخرجته وكاتبته أنيت . ك . أولسين. والتي تعد من أهم صناع سينما الشباب في الدانمرك منذ مطلع القرن الجديد الواحد والعشرين الميلادي فقد عرض فيلمها الأول في مسابقة مهرجان برلين عام 2002 وفاز بجائزة الملاك الأزرق. وعرض فيلمها الثاني في مسابقة مهرجان برلين عام .2004 والفيلم الجديد للمخرجة المؤلفة من انتاج شركة لارس فون ترير الذي يعد من أهم فناني السينما في تاريخ السينما الدانمركية وفي تاريخ السينما منذ اختراعها. ويمثل الدور الرئيسي محمد علي بكير ويشترك معه محمد سميحي وكلاهما يمثل لأول مرة في حياته. ويشترك معهما صبحي حسان من ممثلي المسرح.

مساكن الفقراء

يبدأ الفيلم بداية مبتكرة مع العناوين تصور الرسوم المعمارية لمساكن الفقراء التي تقرر بناؤها في ضواحي العاصمة الدانمركية كوبنهاجن في الأربعينيات من القرن الماضي. وتدور الأحداث في ضاحية من هذه الضواحي بين اسرتين فلسطينية ودانمركية يربط بينهما الحب الذي يجمع بين الشاب الفلسطيني شادي "محمد علي بكير" والشابة الدانمركية ماي "جوي ك. بيتر سين" في معالجة تتأثر بمسرحية شكسبير "روميو وجولييت" علي نحو شديد العمق. ومن دون أن يفقد الفيلم خصوصيته الفنية.

أما الأسرة الفلسطينية فهي أسرة سائق تاكسي يعيش مع زوجته وولديه شادي وطارق "صبحي حسان" وابنته. وأما الأسرة الدانمركية فهي اسرة اخصائية اجتماعية تعيش مع ابنتها ماي وابنها بير "جوناس بوسكيست".. ويربط بين أحداث السيناريو المكتوب ببراعة شخصية أولي "بريان لينتز" الذي يعمل حارساً في ناد للتدريب علي الملاكمة يديره موم "محمد سميحي" ويتدرب فيه شادي وطارق الذي يحلم بأن يصير ملاكماً محترفاً ويفوز ببطولة الدانمرك.

أولي شخصية درامية مدهشة تذكرنا بشخصيات مماثلة من أعظم أدباء العالم مثل بلزاك ودوستويفسكي وغيرهما. فهو ضخم الجثة وقوي البنيان ولكنه أقرب إلي الأطفال لصدقه الشديد وبراءته المطلقة. وهواية أولي التي يعطيها كل حياته "لا نشاهده في منزله ولا مرة واحدة" تربية كلبه البوليسي الثمين كونجو. والتقاط المحاورات بين رجال الشرطة من خلال راديو سيارته. والتطوع بمساعدتهم سعياً لانتصار الخير وهزيمة الشر.

مشاكل الفقراء

تبدأ الأحداث بعثور أولي علي بير "شقيق ماي صديقة شادي" فاقداً للوعي وتسيل الدماء من رأسه في أحد شوارع الضاحية بعد منتصف الليل.. وبالصدفة يري شادي في منزله اخيه طارق مع صديقهما وسيم والدماء تسيل من أنفه. وعندما يسأل ماذا جري يرد طارق لا شيء رافضاً الحديث. وما أن يعرف شادي من ماي ماحدث لأخيها بير حتي يشك في أن الأمر له علاقة بما شاهده في منزله في نفس الليلة. وتتجه شكوك الشرطة بالفعل نحو المهاجرين الأجانب. ويؤيد ذلك بينجي صديق بير ويطلب من ماي أن تسأل شادي. فتندهش. ولكنها تشك فيه بدورها عندما يقطع علاقته معها فجأة رغم العاطفة الجياشة بينهما.

يسمع أولي في نادي الملاكمة حواراً بين شادي وطارق حول حادث بير. فيبلغ الشرطة. ويصبح طارق مطلوباً "رسمياً". وهنا يسأله شادي سؤالاً مجدداً هل أنت من اعتدي علي بير فينفي طارق نفياً قاطعاً. ويكون رد شادي إذن تذهب معي إلي الشرطة لتسلم نفسك مادمت بريئاً. وبالفعل يذهبان. ولكن الشرطي المسئول يبلغهما انه تم القبض علي عصابة لصوص. ووجد في حوزتهم موبايل بير وحافظة نقوده. ويطلب منهما العودة إلي المنزل. ولكن بينجي كان قد قرر مع بعض رفاقه الانتقام من شادي. ولم يكن يعرف بالقبض علي المعتدين الحقيقيين. ولذلك يوسعون شادي ضرباً. وهذا الموقف هو الذي يفسر عنوان الفيلم "واحدة بواحدة". ويعبر عن موقف المخرجة الإنساني المعادي للعنصرية ضد العرب والمسلمين. فالواحدة الأولي ظلم فيها طارق وهو برئ. والثانية ظلم فيها شادي وهو برئ أيضاً.

تناقضات الفقراء

ويبدو موقف المخرجة المؤلفة أيضاً من خلال الصورة التي تقدم بها العرب المسلمين في الفيلم. واختيارها لهم من الفلسطينيين الذين فقدوا وطنهم. فهي صورة غير نمطية لأناس عاديين لا هم ملائكة ولا شياطين وانما يكدحون من أجل العيش الكريم.. وهم فقراء ولكن لهم تقاليدهم النابعة من ثقافتهم. وبيوتهم وملابسهم متواضعة. ولكنها نظيفة وأنيقة.. وتبدو الأم الفلسطينية في الفيلم نموذجاً للأم الحقيقية في أي مكان وزمان وتبدو الفتيات العربيات المسلمات مثل أي فتيات في أي مجتمع عربي البعض منهن ترتدي الحجاب. والبعض الآخر لا ترتدي الحجاب.

وكما ترفض الأم أي علاقة لولديها مع فتيات دانمركيات وتقدم فتاة عربية إلي ابنها الكبير طارق علي أمل أن يتزوجها. وعندما نري الأم في السوق مع شادي ويري هو فتاته ماي في نفس السوق يطلب منها الابتعاد ولا يعد بها إلي والدته. كذلك ترفض جدة ماي علاقة حفيدتها مع شادي علي العكس من ابنتها والدة ماي.. وتدور بين الجدة والأم حوارات عديدة تكشف الاختلاف بينهما. وتقدم المخرجة الجدة وكذلك بينجي ورفاقه الذين يضربون شادي في النهاية علي نحو غير انساني وغير نمطي ايضاً. فهم ليسوا عنصريين بالمعني الدقيق لهذه الكلمة. وانما مثل كل مواطنين أصليين في كل مجتمع يعتبرون المهاجرين دخلاء عليهم. وخاصة الذين لا يندمجون في المجتمع الذي هاجروا إليه. انه ليس صراعاً بين عائلتين كبيرتين كما في مسرحية شكسبير. وانما بين أسرتين من الفقراء العرب والدانمركيين يعيشون تناقضات كثيرة في عالم مابعد 11 سبتمبر الذي يسعي فيه البعض للعودة بالدنيا كلها إلي عصور وسطي جديدة.

وقد توقعت أن ينتهي الفيلم بضرب شادي بحيث يصبح أقرب إلي الموت مثل بير. ولكننا نري شادي وقد تعافي. وكذلك بير يفيق من الغيبوبة. وهذه النهاية تعبر عن التفاؤل العميق بالقدرة علي تجاوز العصور الوسطي التي يغرق فيها العالم منذ بداية القرن الميلادي الجديد. والفيلم بالفعل ينتهي مرتين. نهاية درامية ونهاية فكرية. حتي الاخراج المؤسلب بصرامة وجمال يضطرب في الدقائق الأخيرة. أنيت ك. أولسين سينمائية ذات قلب جميل وعقل كبير.

الفيلم والأزمة

وإذا كان وجود الفيلم قبل أزمة الرسوم بالصدفة. فإن عرضه في مهرجان برلين اثناءها مقصور بالتأكيد. ويتفق مع توجهات المهرجان التي تنتصر للتنوع الثقافي والحوار بين الثقافات منذ أن تولي ادارته ديتر كوسليك بعد 11 سبتمبر 2001. فكان الرجل المناسب في الوقت المناسب والمكان المناسب.

"واحدة بواحدة" فيلم يعبر عن الشعب الدانمركي المحب للسلام مثل كل شعوب العالم. ورغبته في التواصل مع الآخرين. مثل كل شعوب العالم. انهم بهذا الفيلم وبالمظاهرات الشعبية المنددة بالرسوم يمدون أياديهم إلينا نحن العرب والمسلمين. فلماذا نردها لأن هناك شخصاً أحمق رسم رسوماً بلهاء ونشرها أحمق آخر. وماهذا التعبير الذي تردده وسائل الإعلام "الاساءة" للرسول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: من ذا الذي يسئ للرسول برسم كاريكاتوري. لقد تعرض لما هو أقسي وأشد في حياته وبعد مماته.. وطوال ألف واربعمائة سنة. واشتكي إلي ربه سبحانه وتعالي هوانه علي الناس. ومع ذلك ارتدت كل محاولات الاساءة إلي أصحابها.

الثقافة الإسلامية

الثقافة الإسلامية هي الثقافة الوحيدة في العالم التي تقوم علي أن الله جل جلاله خلق البشر شعوباً وقبائل ليتعارفوا. وما التعارف إلا حوار الثقافات.. والثقافة الإسلامية هي الثقافة الوحيدة في العالم التي ترفض العقاب الجماعي بكل أشكاله. فكل إنسان مسئول كفرد وطائره في عنقه. فلماذا يعاقب الشعب الدانمركي بسبب رسام أحمق وناشر أحمق. هل نقبل بعقاب الشعب المصري لأن هناك شخصاً أحمق يصرخ في زاوية إن اليهود أحفاد القردة والخنازير. أو أن المسيحيين كفره. أو غير ذلك من الخرافات التي لا علاقة لها بالإسلام. وتتناقض مع القرآن الكريم. إن من حقنا أن نحتج بكل الوسائل السلمية. بل وواجبنا. ولكن لا نقول انه قد أسيء إلي الرسول. أو نحرق الإعلام والسفارات الدانمركية أو غيرها. وكأننا في حرب بين المسلمين وغيرهم من البشر.

الجمهورية المصرية في

16.02.2006

 
 

الخليج في مهرجان برلين السينمائي الدولي (5)

مخرجه يتفاعل مع المواضيع الحارّة... الطريق إلى جوانتانامو  فيلم بريطاني ينتقد أمريكا

برلين  محمد رضا

كانوا أربعة مسلمين بريطانيين من أصل باكستاني ذهبوا في رحلة الى باكستان لأن والدة أحدهم دبّرت لابنها عروساً من هناك، لكن ما يحدث مع الأربعة بعد ذلك يؤلّف الفيلم بكامله. أحد الأربعة يختفي ولا يزال مختفياً الى اليوم. هل قتل في غارة؟ هل أعدم؟

هل التحق بابن لادن؟ الفيلم لا يعرف ولا يتوقف كثيراً بل يتبع الخط الرئيسي للأحداث التي تحدث عدداً من الصفعات. تفتح العين على عدة حقائق لكنها لا تتعمّق كثيراً تحت السطح.

الفيلم هو “الطريق الى جوانتانامو” والأمر الأول الذي يتبدّى هو ذكاء المنتجين لاستغلال الوضع والمناسبة المتاحة لإطلاق هذا الفيلم، إذ عرض عالمياً بعد يوم واحد من تقرير الأمم المتحدة يتهم فيه الولايات المتحدة بتعذيب السجناء في المعسكر البعيد عن الأعين، وفي الوقت الذي يعيش فيه العالم خضم الاحتجاجات وصرخات الغضب سواء ضد الحروب او ضد العولمة او ضد بعضه البعض.

الفيلم يقوم على مقابلات طويلة مع البريطانيين الثلاثة الذين عادوا في العام قبل الماضي الى بريطانيا بعدما أفرجت السلطات الأمريكية عنهم معترفة، بعد نحو سنتين من السجن والتعذيب، بأنهم ليسوا من القاعدة. ما فعله المخرج الذي تعاطى ومواضيع حارّة من قبل مثل الحرب في بوسنيا في “مرحبا الى بوسنيا” ومثل تهريب البشر عبر الصهاريج والبواخر من أفغانستان الى أوروبا في “في هذا العالم”، هو أنه بنى على هذه المقابلات الجزء الروائي من الفيلم. استمع طويلاً ثم اختار المقاطع التي سيحوّلها الى مشاهد مُمثّلة جالباً الى الفيلم رضوان أحمد وفرهاد هارون ووقار صدّيق وبنى مسرح حكاية يشابه جوانتانامو وصوّر الباقي في مواقع حيادية آمنة في أفغانستان مع الاستعانة، حين تدعو الحاجة بوثائق لسجن جوانتانامو ومدينة قندهار.

ينطلق الأصدقاء الأربعة الى باكستان يدخلون مسجداً ينامون فيه ثم يستمعون الى خطبة الامام التي تحرّضهم على التوجه لأفغانستان (في العام 2002 عندما بدأت تتعرّض للغارات الأمريكية) لمساعدة الشعب هناك. حسب وصف الفيلم ينطلق الأربعة ببراءة مع لفيف آخر من المتطوّعين. على الطريق يختفي أحدهم بينما يتعرّض الثلاثة الآخرون للجوع والبرد والقصف قبل صعودهم شاحنة على أساس العودة بهم الى باكستان، فإذا بها تتوغل الى الجهات الطالبانية. هناك يُلقى القبض عليهم ويقادون الى شاحنة تنقلهم الى باكستان حيث يتعرّضون لضرب العسكر قبل تسليمهم الى القيادة الأمريكية التي تحقق معهم بتهمة أنهم أعضاء في “القاعدة” وأنهم كانوا يحاربون في أفغانستان. تهمة نفاها الثلاثة لأكثر من عامين من التحقيقات.

لا إثبات اتهام لدى المحققين الأمريكيين، لكن الفيلم لا يقدّم إثبات براءة بل يفترضها في نهاية المطاف. واولئك المعادون للسياسة الأمريكية من بيننا مستعدون لقبول الفيلم على افتراضيته، لكن بعد مشاهدته يتساءل البعض إذا ما كانت الاستجابة وحدها لنداءات الإمام هي التي أودت بالثلاثة الى هذا البلاء الذي أصابهم. هل حكايتهم أمام كاميرا المخرج حقيقية؟ بصرف النظر عما إذا كانت كذلك أو لا، فالفيلم قوي في عروضه الإنتقادية ضد الأمريكيين والبريطانيين خصوصاً حين يأتي الأمر لتوضيح التعذيب والمعاملة غير الإنسانية التي تلقّاها هؤلاء وسواهم ممن ألقي القبض عليهم. وهو ربما لا يقول كل الحقيقة من حيث أنه لا يذكر شيئا عن التقارير التي تتجاوز مجرّد التعذيب بالموسيقا العالية والضرب حين لا يعجب الجواب المحقق.

معاناة في الشتاء

الفيلم الإيراني “في الشتاء”، مثل العديد من أفلام برلين التي تحتوي شتاء وثلجاً ولحافات بيضاء والتي تعكس الفصل من العام، يتناول قصة شاب إيراني وطأ المدينة باحثاً عن عمل. يجده في محل تصليح سيارات. على بعد تقطن عائلة صغيرة (زوج وزوجته وابنتهما وأم الزوجة). الزوج يعاني من البطالة ويقرر السفر بحثاً عن العمل، والزوجة تعمل في مصنع للغزل .. يلفت جمالها الشاب فيراقبها، ويدرك أن زوجها مات إذ يزورها في أحد الأيام رجل بوليس (كل مشاهد البوليس يأخذها المخرج من بعيد ربما دلالة على ازدراء السلطة) وتلي زيارته أصوات بكاء في البيت. يلاحقها ويتحدّث إليها ذات مرة، وفي المشهد التالي يدخلان مكتباً ويسجّلان زواجهما. لا نرى عرساً بل ننتقل الى بضعة أشهر الى الأمام والزوج الشاب لا يزال يعاني من طغمة صاحب العمل الذي لا يريد أن يدفع له أجره ومن ثم بطالة جديدة. في النهاية ها هو يقرر الرحيل بحثاً عن عمل، وها هي الزوجة تنظر اليه غاضبة من قراره. في اليوم ذاته الذي سيستقل القطار فيه يعود الزوج الأول فجأة ويدرك، بالمراقبة فقط، أن زوجته تزوّجت. يدرك الزوج الثاني أن ذلك الرجل هو زوج زوجته السابق .. يراه في صبيحة اليوم ذاته وهو يلقي بنفسه أمام القطار ويموت. يتراجع الشاب عن الرحيل، وينتهي الفيلم.

الدلالات جيدة وواضحة وتدور حول البطالة في المجتمع الإيراني والفقر الذي ينهش ببعض القطاعات. من ناحية أخرى، هو عن الأنثى الصابرة التي تعول أسرتها بعد رحيل زوجها الأول والتي تتزوّج من منطلق اقتصادي أيضا، وليس فقط عاطفي. ليس هناك جديد في الطرح ولا في الأسلوب لكن المعالجة بأسرها تشد الاهتمام وتشبه في مفاتيح لغتها السينمائية العديد من الأفلام الإيرانية الأخرى.

إنه فيلم داكن التأثير، نستشف من أبطاله الوحدة والمعاناة وبذلك ينتمي الى كل تلك المجموعة الإيرانية التي خرجت الى المهرجانات العالمية من حيث أنها لا تملك ابتسامة أمل ما.

براءة

حسب وصف الفيلم ينطلق الأربعة ببراءة مع لفيف آخر من المتطوّعين. على الطريق يختفي أحدهم بينما يتعرّض الثلاثة الآخرون للجوع والبرد والقصف

همسات برلين

ترنس مالك، مخرج فيلم “العالم الجديد” جاء الى برلين على عكس التوقعات. اقترب من قصر المهرجانات، على عكس التوقعات ولو أنه لم يحضر المؤتمر الصحافي- تماماً كما كان متوقعاً. أحد أكثر المخرجين غموضاً اكتفى بدخول قاعة السينما خلال العرض الأول للفيلم وانسحب منها بعد قليل، أما اولئك الذين هرعوا للمؤتمر الصحافي الذي تلا العرض فوجدوا كرسي المخرج شاغراً.

 يتحدّث الوسط الصحافي في ردهات برلين وعلى طاولات الغذاء حول الأحوال الإيرانية والغرب. ومع أن أحداً لا يعرف بعد توجه الدولة هناك لناحية السينما، الا أن البعض كفيل بتوفير صورة قاتمة للمستقبل. هذا لم يمنع وجود ثلاثة أفلام إيرانية في المهرجان هذا العام، اثنان في المسابقة الرسمية والثالث في البانوراما. شاهدنا أحد الفيلمين المتسابقين وهو بعنوان “في الشتاء” لرفيع بيتز الذي انقسم الحضور حوله بين معجب وقليل الإعجاب. في الحقيقة، هو مثير بطريقته الهادئة وبمشاهد أخيرة تجسّد صورة داكنة حول البطالة في المجتمع الإيراني، لكنه في نهاية المطاف المزيد من الشيء المعتاد نفسه لكن على الرغم من حدة التوتر القائمة بين ايران والغرب الا أن ذلك لا يمنع المهرجانات من التنافس على استقبال واشتراك السينما الإيرانية. على عكس ما يحدث للسينما العربية التي عليها أن تجتهد أكثر لقبولها. فيلم الناصر خمير “بابا عزيز” تم رفضه في العام الماضي هنا ثم تم رفضه في “كان” لكنه أفضل من العديد من الأفلام الأوروبية التي عرضت في المهرجانات. لماذا؟ ربما لأن إيران دولة مسموعة أكثر من أي دولة عربية.

 النكات منتشرة على ديك تشيني الذي أطلق النار عرضاً على رفيق صيد له. واحدة من النكات تقول: “اعتقد صديقه بطّة”، وأخرى تقول: إنه تلقّى خبراً عن تسلل إرهابي جديد وتصوّر أن رفيق صيده قد يكون خطراً عليه.

الخليج الإماراتية في

16.02.2006

 
 

"الطريق إلى غوانتانامو" أبرز وثائقي في مهرجان برلين السينمائي

مساجين يجرَّدون من هويتهم الإنسانية

جهاد الترك 

أبعاد سياسية طاغية وعميقة لمهرجان برلين السينمائي الذي يتوالى فصولاً في العاصمة الألمانية: يعزو النقاد هذه الميزة الاستثنائية إلى ثقل أوروبي واضح ومتعمد في الكرنفال المذكور دلالة على تباين حقيقي بين النظرتين الأوروبية والاميركية حول توجهات محددة في السياسة الدولية. يبرز هذا الافتراق، على نحو خاص في الوثائقي البريطاني "الطريق إلى غوانتانامو" الذي انجزه المخرج مايكل وينتربوتوم، المعروف بتجاربه السينمائية الجادة، خصوصاً في ما يتعلق منها بالقضايا السياسية ـ الاجتماعية. يدور الوثائقي حول رحلة المتاهة التي تؤدي بثلاثة بريطانيين مسلمين الى زنزانات سجن غوانتانامو في كوبا بعد أن حطت بهم أقدارهم في افغانستان ثم قرروا، على عجل مغادرتها . غير ان مصيرهم كان لهم بالمرصاد، فوقعوا خطأ في الأسر لتنهال على رؤوسهم نيران الجحيم.

وثائقي يسرق الانفاس منذ لحظاته الأولى. لا هامش فيه للتفكير بأسباب انتهاك ابسط الحقوق الانسانية، الا على نحو يشير بأصبع الاتهام الى التخبط الأميركي في معاملة السجناء. عمل درامي مؤثر يقوم، في مرتكزاته الأساسية، على تكثيف المشاعر الانسانية التي الحق بها ظلم كبير وقبيح. يفرد المخرج مشاهد كاملة لحلقات التعذيب التي يتعرض لها هؤلاء المعتقلون الثلاثة على غير وجه حق من دون ان يسمح لهم بالدفاع عن انفسهم، وهم الذين كانوا يسعون الى الخروج من الاتون الافغاني اثناء الغزو الاميركي للاطاحة بنظام "طالبان" المتشدد. يقوم بأدوارالسجناء الثلاثة ممثلون بريطانيون، اذ لا تسمح سلطات السجن، على الاطلاق، بتصوير اي من نزلاء الغرف الضيقة التي تفتقر إلى ابسط شروط الاعتقال الدائم. ويبدو ان المخرج استفاد إلى أقصى درجة ممكنة من قدرات هؤلاء الممثلين ليقول في العلن ما لا يعرفه أحد عما يجري في الزنزانات وأروقة التحقيق، أو تلك المخصصة للتعذيب الجسدي والنفسي.

يؤكد المخرج أنه استند، في وقائع الفيلم ومشاهده وحبكته الدرامية واستجواب المعتقلين وتعذيبهم، إلى معلومات حقيقية استقاها من مصادر صحافية وسياسية وبعض الشهود الذين تولوا مهمات معينة داخل السجن الرهيب، في هذا السياق، يعول المخرج كثيراً على الوسائل المستخدمة في استجواب المساجين، خصوصاً أولئك الذين تنسب اليهم تهمة المشاركة في مقاومة الغزو الاميركي. يبدو هؤلاء في الوثائقي، وكأنهم من صنف بشري مستهجن لا يمت إلى الانسانية بصلة. يعاملون على قاعدة انهم مخلوقات تشبه الانسان في الشكل فقط، أما في المضمون، فهم لا ينتمون الى ما يسمى المدينة المعاصرة على هذا الأساس، وفقاً للاطار العام للوثائقي، يجري تصنيف هؤلاء في مرتبة إنسانية دنيا، ليبرر المحققون لأنفسهم تعذيبهم على نحو قد لا يخطر على بال. الأرجح ان الوثائقي لا يستهدف، في هذه المشاهد، تسليط الضوء على التعذيب الجسدي فقط، اذ يعتبر المخرج ان التعذيب النفسي اشد مهانة وأكثر تحقيراً للذات. بين هذا النمط وذاك مما يعتبره الوثائقي اعتداء وحشياً على المعتقلين، يبدو هؤلاء وهم يتحولون، على نحو مرعب، إلى نماذج تخضع لاختبار رهيب. وكأنهم أشباح فقدوا هويتهم الانسانية، أو فضلات إنسانية على وشك ان تلقى في مكبات النفايات.

الوثائقي، في هذا الاطار المؤثر، قد يبدو أكثر ميلاً الى مناقشة ما يمكن اعتباره مفاهيم أميركية محض في مقاربة هذه القضية. ما ان يدخل السجين إلى معتقل غوانتنامو حتى يخرج من الكرة الأرضية. تصبح هويته الثقافية وراءه. تنزع منه قيمه التي نشأ عليها. يتحول فراغاً قابلاً للامتلاء بما يلقيه المحققون في عالمه الداخلي. نلحظ، في هذا المجال، مشاهد نادرة لعدد من الاقفاص الحديدية المخرمة التي تذكرنا بالزنزانات المخصصة لاحتجاز الحيوانات. يقفز الى اذهاننا، على الفور، ان ثمة نوعاً بين الدمج البصري بين الحيوان والسجين. والأغلب، وفقاً لمعالجة المخرج، ان هذا الاخير أقل مرتبة وقيمة من الأولى، لسبب رئيسي هو ان الحيوان لا يمكن تجريده من هويته الحيوانية، بينما يصح هذا القول على الانسان. دراما وثائقية مدهشة في تقنياتها الجريئة، تصويراً وحواراً وأمكنة لم تعد ضربا من المحظور بعدما تمت محاكاتها في هذا الفيلم.

فيلم سياسي بامتياز، غير انه انساني بالمثل، يستقرئ الصورة والمشهد والسيناريو في ابعادها الخفية، وصولاً إلى الاقرار بأن الانتهاكات في غوانتنامو لا تدين اصحابها فقط، بل تشير أيضاً تدن مريع في القيم الانسانية التي تزعم الولايات المتحدة انها تدافع عنها. ثمة، في هذا السياق، محاولة حقيقية لتبرؤ اوروبي ما قد ينسب خطأ الى الحضارة الغربية، والأرجح انه بداية افتراق واضح بين الغرب الاميركي ومثيله الاوروبي على خلفية امور سياسية وفكرية واجتماعية.

يتوقع النقاد ان يفوز الوثائقي بالجائزة الأولى في مهرجان برلين السينمائي.

المستقبل اللبنانية في

17.02.2006

 
 

كلوني المخرج يقدم فيلمه الثاني "عمتم مساءً وبالتوفيق" متماشياً مع ميل هوليوود السياسي

وقفة أخيرة قبل انزلاق التلفزيون الى الترفيه والاستهلاك

ريما المسمار

ينتمي شريط جورج كلوني الجديد "عمتم مساءً وبالتوفيق" Good Night, and Good Luck. الى مجموعة من الافلام التي تترجم صحوة سياسية ذات منحى او نظرة سياسية في هوليوود. والفيلم السياسي هو العمل الذي يتناول موضوعات شائكة بنظرة نقدية ولا ترتبط بالضرورة بموضوعات سياسية بحتة. فيلم مثل "سائق التاكسي" لمارتن سكورسيزي هو حتماً سياسي في نظرته الى المجتمع الاميركي. وشريط مثل "اللاعب" The Player لروبرت آلتمن هو سياسي بدون شك في نقده نظام هوليوود السلطوي الرأسمالي. ولكن افلا ينطبق التعريف على افلام اتخذت المسار المعاكس للأفلام المذكورة في اتجاه تمجيد هوليوود واميركا؟ بالطبع نعم. الأمثلة لا تُحصى هنا وتتوزع على تاريخ هوليوود الطويل الشاهد على تحولات كبرى من حروب وكوارث ليس اقلها أحداث 11 ايلول التي ألهبت مخيلة المصنع الهوليوودي في اتجاه ابتكارات لا تزيد عن كونها تنويعات على تيمة البطل الاميركي المنقذ مع اضافة شبح التهديد الذي يتربص بالولايات المتحدة الأميركية. اذاً، ضمن هذه المروحة الكبرى، يتمدد تعريف الفيلم السياسي ويتصل بشكل وثيق بصاحب العمل. ولعل تلك العلاقة بين الفيلم ومخرجه هي التي تلعب دور العلامة الفارقة التي تميز بين فيلم سياسي وفيلم سياسي. من فرانسيس فورد كوبولا يأتي فيلم مثل Apocalypse Now معبراً عن موقف خاص ونظرة شخصية. بينما يطلع Tears of the Sun اوBlack Hawk Down من دون اسم فارق ليعبرا عن خط جماعي سائد، ورسمي ربما. ولكن المتابعين يظنون ان ثمة عودة للسينمائيين الاميركيين الى تناول موضوعات سياسية. لعله الزمن المناسب لذلك بعد مرور سنوات غير قليلة على أحداث 11 ايلول وحروب اميركا الجانبية على افغانستان والعراق وما سبقهما... الأكيد ان هناك ارتباطا وثيقا بين ظهور هذه الافلام وبين الواقع الاميركي الاجتماعي والاقتصادي والسياسي نفسه. وعلى بعد مسافة من الاحداث الجسيمة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة.

هناك اليوم من يجد في هوليوود عودة الى السبعينات المشحونة سياسياً وشريط كلوني ليس وحده في ذلك إذ يصادف خروجه مع افلام ذات نبرة سياسية واجتماعية­سياسية عالية مثل Syriana وThe Constant Gardener وحتى Capote وBrokeback Mountain اللذين بخروجهما على المتوقع ­من فيلم يتناول سيرة كاتب وآخر علاقة اثنين من رعاة البقر في الخمسينات من القرن الماضي­ يسجلان موقفاً سياسياً واضحاً.

ولكن شريط كلوني الثاني كمخرج بعد "اعترافات ذهن خطير" Confessions of a Dangerous Mind، سياسي بامتياز بموضوعه ومضمونه ومواقفه، مبتعداً قدر المستطاع وعن سابق تصميم عن العموميات. انها اميركا الخمسينيات في حمأة "المكارثية" والمد التخويني وبداية اكتشاف الاعلام لوجهه الآخر الترفيهي والاستهلاكي المبتذل...

في وسط ذلك كله يتمسك كلوني بشخصية واحدة وحدث رئيسي ومسرح واحد للأحداث.. انها الخيارات التي تجعل من فيلمه عملاً خاصاً على الرغم من تناوله حدثاً عاماً وان كان سقط ربما من ذاكرتنا اليوم كما تسقط حكايات كثيرة صغيرة ولكن مفصلية.

الشخصيات

منذ العنوان، يوجه جورج كلوني رسالة تتلخص في وفائه للشخصية التي يستعيد جزءاً من انجازاتها على الشاشة. انه الصحافي والمراسل التلفزيوني ادوارد مورو. فكلوني بتقديم العنوان بالفاصلة بين شقيه Good Night, and Good LucK. وبنقطة النهاية كأنما يقدم الفكرة البصرية الاولى. فتلك الجملة التي اعتاد مورو اختتام برامجه بها هي بمثابة الدمغة او البصمة التي لا يخطئها المستمع او المشاهد وهي بورودها على ذلك المنوال انما هي المدخل الى اسلوب كلوني في أفلمة ذلك الجزء من حياة مورو، باقتضاب وايجاز وتكثيف تماماً مثل تحية مورو الشهيرة والتي تشكل عنوان الفيلم. بالأبيض والأسود شديد التباين والتناقض، يُفتتح الفيلم في العام 1958 خلال حفلة عشاء تكريمية لمن يصفه عريف الحفل بعبارات كبرى تختصر مهنيته وصدقه وتفانيه كصحافي تلفزيوني في محطة "سي.بي.أس". تسترق كاميرا كلوني المشهد الاول لشخصية الفيلم الرئيسية، مورو، يلعب دوره الممثل دايفيد ستراتهاين. بينما يكمل عريف الحفل تقديمه، تنتقل الكاميرا الى خلف الكواليس حيث يقف "مورو" نصف مضاء يمج من سيجارته بتوتر سندرك لاحقاً انه سمته وانما بهدوء ايضاً يخفي وراءه الكثير. يتقدم المنصة متمهلاً بعد ان يطفىء السيجارة من دون ابتسامة اطراء او فخر ويخاطب الحضور عن الاعلام الاميركي الآخذ في التعفن والانعزالية وانكار القضايا المهمة... يعود الزمن بالاحداث الى العام 1953 كأنما لنفهم من اين خرج هذا الرجل الذي يدق بصوته العميق الحاسم والواثق ناقوس الخطر بما لا يفلح أحد بتجاهله.

من العام 1953، تنطلق أحداث الفيلم الذي يروي وقائع المعركة بين الصحافي مورو والسيناتور جوزيف مكارثي الشهير بملاحقته مئات الاميركيين بتهمة الشيوعية من قريب او بعيد والتحقيق معهم وصولاً الى عزلهم وتجريدهم من حقوقهم وأحياناً تدمير حياتهم. وسط ذلك الجحيم الذي لم يفلح أحد في مواجهته او ربما لم يحاول، يقرر "مورو" وصديقه المنتج "فريد فريندلي" (يلعب دوره جورج كلوني) طرق الموضوع في برنامجهما "شاهد الآن". بالطبع لا يأتي الموضوع من العدم. ففي المشهد الاول من الفلاش­باك او العودة الى العام 1953، نشهد في اجتماع غرفة التحرير في محطة "سي.بي.أس" ما يمكن ان نسميه مفهوم مورو للعمل الصحافي. فبعد توزيع المهمات على المحررين والتغطيات التي يستقي عناوينها من الصحف، يلتفت "مورو" بهدوء الى "فريندلي" مشيراً الي قصة منشورة في صحيفة صغرى محلية في منطقة ما عن اقالة قوات السلاح الجوي لطيار بتهمة الشيوعية وتجريده من حقوقه بدون محاكمة. يتبادل الاثنان الحديث من دون ان ينظر واحدهما الى الآخر وبكلمات قليلة كأنما ذلك الحوار قد جرى بينهما مئات المرات وكل حركة او رد هو بمثابة شيفرة من الرموز لا يفهمها سواهما. انه الاسلوب الصحافي المعتمد على البحث عن قصص الناس في الظل بعيداً من العناوين الرنانة التي تتصدر الصفحات الاولى في الصحف الكبرى. ذلك الخبر المقتضب في صحيفة محلية هو الذي جذب "مورو" مدركاً بذكائه وتجربته ان ثمة ما يمكن تفجيره هناك. انه من المشاهد المفصلية لانه يقدم لاسلوب كلوني المتقشف المتمهل في الكشف عن خيوط فيلمه وكذلك يقدم للعلاقة بين "مورو" و"فريندلي" بالاشارات والرموز. لاحقاًو تتثبت تلك العلاقة عندما يواجه الموضوع برفض الموظفين الكبار نظراً الى حساسيته وبحجة اعراض المعلنين عن تمويله، فلا يتوانى "مورو" عن الجزم بأنه سيتقاسم و"فريندلي" كلفة الاعلانات! لنكن واقعيين وبعيداً من اية رومنسية او طوباوية، لم يعد اليوم وجود لهذا النوع من السلوك في الاعلام! ولكن أهمية كلوني انه لا يعمم فلا يقع في مغازلة تلك المرحلة برمتها ولا يخلص الى تنصيبها المثال والنموذج. بل يختار نموذجاً يعتبره القدوة في العمل الصحافي وليس ذلك بعيداً من الواقع علي الاقل في ما يتعلق بالشق الذي يتناوله الفيلم في مسيرة "مورو". بقول ان كلوني لا يعمم نظرته على المرحلة بكاملها ولا على الاعلام كله. انه معني بذلك الرجل الذي وقف في وجه واحد من أخطر مظاهر العنف والاستبداد في تاريخ اميركا الحديث. بمحاذاة "مورو" وفريقه، يقدم الفيلم شخصية مدير المحطة بشيءٍ من الضبابية ناقلاً صورة دقيقة عن تدجين الاعلام ومفرداته المطاطة كالحرية والموضوعية والحيادية والرقابة... لا يكف المدير "بايلي" عن التأكيد على انه لا يقول لا وعلى انه لا يمنع برنامجاً او يراقبه.. ولكنه في المحصلة لا يستطيع فهم ذلك الدافع الجواني لدى "مورو" وانعكاسه على صورة محطته. والفكرة هنا تتلخص في انه اذا كان قادراً على كسب المشاهد بأقل من ذلك بكثير من المخاطرة والمال والمواقف السياسية المعلنة فلماذا يتكبد عناءها؟! ولكن كلوني أذكى ايضاً من ان يؤمن بإمكانية خروجه من تلك اللعبة بإجابات واضحة او نهائية. ففي واحد من المشاهد، يخوض "مورو" وأحد المسؤولين في المحطة نقاشاً حول الحيادية وضرورة تقديم وجهتي النظر في اية قصة. "مورو" إذ يعارض ذلك المبدأ المطلق مؤكداً حقه في الانحياز احياناً لا يقدم الادلة او البراهين القاطعة لتبقى تلك المنطقة الضبابية من النقاش حول حرية الاعلام وحياديته مسألة تخدم فقط أصحاب التبريرات او المقصات (الرقابة). اما العمل الصحافي الحق فيكمن في الجرأة والاندفاع والايمان بسلطة الاعلام في وقف التجاوزات وان تخلل ذلك احياناً انحياز او خطوة ناقصة. فمن يعمل هو من يخطىء ومن يقف على الحياد متفرجاً يقي نفسه من الخطأ ولكن من المبادرة ايضاً.

الاسلوب

الآن، كيف يترجم جورج كلوني كل ذلك بصرياً؟ كان يمكن عمل من ذلك النوع ان يكون بلا شخصية او بمعنى آخر ان يُترك لموضوعه ان يكتسح كل شيء حتى الصورة.المفاجيء انه مازال عملاً "بسيطاً" لجهة الصورة. ولكن تلك البساطة هي بالتحديد هويته. انها البساطة والتقشف الناتجان عن معرفة كبرى بما هما نوع من "تقطير" كل المعلومات والاحتمالات عبر مصفاة دقيقة المسامات ليبقى ما يلزم فقط. لذلك يمكن القول ان كلوني يدرك تماماً ما يريده ولا ينساق خلف اغراءات التفاصيل التي لا تُحصى ولا يتحرك بإحساس الذنب تحاه شخصية واقعية خوفاً من عدم انصافها كما يحدث غالباً في الافلام التي تتناول سير شخصيات واقعية او جزء منها. ان كلوني يتحرك بإيمان داخلي بأهمية مسيرة ذلك الرجل وبمعرفة به تحميه من الوقوع في فخ الاطالات. وربما هنا تحديداً يدخل أداء دايفيد ستراتهاين في تلك المنظومة المحكمة حيث يختزل بحركة ما يتفاعل داخل "مورو". انها حالة الغليان المتمثلة في ملامحه الهادئة وحركاته المدروسة وصوته الذي يقول أكثر بكثير من الكلمات التي ينطق بها. ذاك هو ستراتهاين الذي يستحق ترشيح اوسكار لأفضل ممثل ويستحق الفوز حتماً. اذاً، يشكل فيلم كلوني اختزال لتلك الحالة التي يمثلها مورو كصحافي جريء من جهة وفي علاقته بمكارثي من جهة ثانية. ينغلق الفيلم داخل مبنى محطة التلفزة بين غرفتي التحرير واستديو الأخبار. يخرج مرتين خارجهما الى الحانة المجاورة الي يجتمع فريق العمل فيها بعد انتهاء كل حلقة والى الحفلة التكريمية التي تفتتح الفيلم وتختتمه ومرة الى غرفة نوم حميمة للزوجين بالسر باتريشيا كلاركسن وروبرت داوني جونيور. يلعب الفيلم على مناخ الكلوستروفوبيا او رهاب الاماكن المغلقة التي تضيق أكثر بفعل الدخان الكثيف المتصاعد من سجائر الصحافيين. انه عالم الفيلم الذي يشابه الى حد بعيد حيوات رجال في اقتصارها على قضية واحدة عادلة وحيث يصغر العالم الى مساحة غرفة أخبار تكتنز جرأة وشجاعة واندفاعاً وصدقاً بحجم العالم كله...

ينسحب ذلك التكثيف على مواقف الفيلم المعدودة: ثلاث مواجهات لسياسة مكارثي، حكايتان جانبيتان عن الزوجين اللذان يخفيان زواجهما لئلا يخالفا شروط المحطة بعدم توظيف ازوجين، انتحار مذيع أخبار بسبب ملاحقة الصحافة له وفشل زواجه... خلا تلك الاحداث، الفيلم هو مشاهد تلامس تلفزيون الواقع على نحو ما. بمعنى آخر، تتحول كاميرا الفيلم جزءاً من ذلك المكان حتى ليشعر المشاهد في أحيانٍ كثيرة انها كاميرا قديمة كالتي نشاهدها في غرفة البث داخل التلفزيون او كالتي تصور "مورو". الاحساس بالحقبة عالٍ جداً وكذلك بأجواء التلفزيون الضاغطة وكواليسه المرحة ولحظات بثه المشدودة. ولعل من التفاصيل التي يتقن كلوني الامساك بها هي لحظة البث المباشر حيث لا تتعدى المساحة التي يجلس فيها مورو المتر المربع بينما يتقوقع "فريندلي" تحت الكاميرا بمحاذاة رجلي "مورو" موعزاً اليه بربتة على الركبة علامة الانطلاق. ومن ذلك المكان الخبيء يلعب دوره بأقل ما يمكن من لفت الأنظار كأن موقعه ككلوني وكفريندلي هو الكواليس دائماً. انها الأجواء التي تناقض في الظاهر عظمة الاعلام اليوم وقدراته على الابهار والتي هي المرادف لعظمته الجوانية اي قدرته على الاستفزاز واستنفار الناس ومساءلة كل شيء واي شيء.

بمحاذاة الأداء المكثف لدايفيد ستراتهاين، اختار المخرج ان يلعب شخصية جوزيف مكارثي جوزيف مكارثي نفسه وفي ذلك ايضاً موقف من انَّ لا يدين أمثاله سوى انفسهم. ولعل النكتة المتداولة اليوم في اوساط هوليوود ان مكارثي الحاضر بشخصيته الحقيقية من خلال مشاهد من الأرشيف يستأهل الترشيح لأفضل ممثل في دور ثانٍ!

في اختصار من الصعب ان يحاكي قدرة كلوني على التكثيف والابهار بالقليل القليل، لقد استطاع الرجل الامساك بالمرحلة وبتفاصيلها وبأفكار كثيرة حول الاعلام والنجومية والرجولة والجاذبية وذلك الارتباط بين المظهر والمبدأ (شكل مورو وسيجارته وهندامه جزء لا يتجزأ) لدرجة تجعل المشاهد يقع في غرام التلفزيون وشغله!.. هل رمى كلوني من خلال ذلك الى اسقاط الصورة على الحاضر؟ من السهل قول ذلك حيث ان الخطبة الاخيرة لمورو عن انحدار الاعلام وانعزاليته تلقى صداها اليوم في ما يمكن ان نقول انه انحدار "تصاعدي" خلال نحو نصف قرن من الزمن. ولكن الشريط هو قبل اي شيء احتفاء بالمهنية والجرأة وتذكير بموقع الاعلام . ذلك الموقع الذي يدركه اهلوه عندما ينتظرون بكتلة من الاعصاب المشتعلة التأثير الذي سيخلفه برنامجهم في الناس وفي تحريك الرأي العام. ولعل السؤال غير المباشر الذي يطرحه الفيلم هو: كم ادوارد مورو نحتاج اليوم لنقف في وجه التجاوزات والانتهاكات الحاصلة؟ كلمة أخيرة لانصاف الفيلم من التحول رسالة أخلاقية: لم تختلف ادارات المؤسسات الاعلامية كثيراً بين الأمس واليوم. خطوطها مموهة ولكنها موجودة واساليبها الرقابية غير قاطعة وانما تشل. في المشهد قبيل الأخير يسأل مورو صديقه: بعد انكشاف مكارثي لن يُطرد من مجلس الشيوخ ولكنه سينقل الى الصفوف الخلفية. كذا حدث مع مورو. لذلك فإن السؤال لا يتمحور حول المتنفذين في ادارات الاعلام وانما في الصحافيين المستعدين المجازفة بالكراسي الامامية لتقديم حقيقة ما الى الناس.

المستقبل اللبنانية في

17.02.2006

 
 

«عمارة يعقوبيان» بين قلة من افلام عربية في «برلين» ... علامة فارقة في السينما المصرية

برلين – اسكندر الديك 

هل سينال الفيلم المصري «عمارة يعقوبيان» جائزة قيمة من خارج افلام المباراة الرسمية في المهرجان الدولي الـ 56 للأفلام السينمائية بعد العرض الأول الناجح الذي حظي به قبل ايام في برلين؟ قد يكون من المبكر القطع في ذلك، ولكن رد فعل الجمهور والنقاد على الفيلم بعد مشاهدته في حضور أبطاله الرئيسيين (عادل إمام، نور الشريف، يسرا وهند صبري) يعطي الانطباع بأن الفيلم سيكون علامة فارقة على مختلف المستويات في السينما المصرية خصوصاً والعربية عموماً. ولا بد من الإشارة الى ان الفيلم هو الأول الذي تشارك فيه مصر في مهرجان «برليناله» منذ عام 1979 حين قدم المخرج الكبير يوسف شاهين «اسكندرية ليه؟» فيه.

وتحدث عدد من النقاد والمهتمين بشؤون السينما عن ولادة مخرج مصري جديد لا يزال في اوج شبابه هو مروان حامد (28 عاماً) ابن كاتب السيناريو المعروف وحيد حامد الذي حوّل رواية الدكتور علاء الأسواني التي اشتهرت تحت الاسم نفسه وترجمت الى الإنكليزية والفرنسية الى سيناريو ممتاز ومتماسك جداً. وخصصت مؤسسة «جود نيوز جروب» للأفلام السينمائية في مصر ورئيسها عماد اديب 20 مليون جنيه مصري لإنتاج الفيلم وتأمين مختلف المستويات والمعايير الدولية له.

والواقع ان المخرج مروان حامد فاجأ الجمهور والنقاد الدوليين الذين حضروا الفيلم، خصوصاً بعدما علموا انه الفيلم الأول له بعد تخرجه من كلية السينما المصرية. لكن المنتج اديب والممثلين الكبيرين إمام والشريف وافقوا على الفور على العمل تحت قيادته بعدما شاهدوا فيلم تخرجه «ليلي» وفوجئوا بدورهم بقدراته الإخراجية والفنية على حد تعبيرهم. وتحدث البعض هنا عن ولادة مخرج مبدع جديد في السينما المصرية والعربية قد يتمكن من طرق ابواب السينما الدولية لاحقاً. وما شاهده الجمهور في برلين من اخراج عالي المستوى، وقيادة ممتازة للممثلين، وسياق تصويري غير معهود، وموسيقى تصويرية جميلة، وحبكة سينمائية متكاملة يعطي الانطباع بالفعل بأن هذا العمل سيترك بصماته الواضحة على كل عمل سينمائي عربي مقبل يبغي العالمية.

هذا على المستوى الفني للفيلم، اما على المستوى السياسي والاجتماعي فمن يعرف الرواية يعرف ان الفيلم يطرح جملة من الأوضاع والأمراض التي يعانيها المجتمع المصري بصورة عامة، ومجتمع القاهرة بصورة خاصة. وهو يختصر بعمارة يعقوبيان الموجودة فعلاً في وسط العاصمة 75 عاماً من تطورها وتطور الساكنين فيها وتعاملهم مع هموم الحياة الشاقة وضمان مستقبلهم. بعض من شاهده قال مندهشاً ومتخوفاً من ردود الفعل عليه: «انه جريء جداً، وربما اكثر مما يتحمله المجتمع المصري». المنتج عماد اديب والممثل عادل امام ردا بوضوح على مثل هذه الأسئلة في الحفل الذي اقيم بعد عرض الفيلم بالقول إن طرح بعض المحرمات مثل الإرهاب او الفساد في الدولة اصبح اكثر من ضروري لتجاوز واقعنا الحالي.

الحياة اللبنانية في

17.02.2006

 
 

الخليج في مهرجان برلين السينمائي الدولي (6)

أعمال “البانوراما” لا تقل عن مستوى المشاركة في المسابقة

أفلام تحلّق وحيدة و”لبناني” يقود عصابة إيطالية

برلين  محمد رضا:

“العالم الجديد” للمخرج ترنس مالك كان خيبة أمل كبيرة.

إنه فيلم يحلّق في رمزيات وإيحاءات عبر مشاهد للسحب وللسماء البعيدة ولمياه الأنهر والبحار... وهناك لقطة لعنكب كبير متوجه لقضاء حاجة ما على أرض الغابة. لكن القصة ذاتها غير مضبوطة بيد قوية. وأسوأ ما في الفيلم تمثيل بطله كولين فارل وعدم رغبة المخرج في توجيهه على نحو كان يمكن أن يحسّن من الفيلم بأسره. قصة الأميرة الهندية بوكاهونتاس التي وقعت في حب الكابتن الإنجليزي جون سميث (فارل) ومن أجله نزحت عن قبيلتها وحين هاجم الرجل الأبيض، والحكاية تقع في القرن السابع عشر، القبيلة وأباد عدداً كبيراً من أفرادها..

كما فعل مع قبائل هندية كثيرة أخرى، رضيت بأن تعيش في كنف الرجل الأبيض وتتعلم حياته وعاداته. بعد أن يبلغها موت زوجها تتزوج من سواه وتنتقل الأحداث بعد ذلك الى بريطانيا ثم يعود زوجها الأول من الموت المفترض. ربما كان هناك شيء ما جيد في هذه القصة لكنه ضاع وسط غياهب الفكرة بكل تأكيد. المشاهد التي كان يمكن لها أن تحدد للفيلم وجهة أساسية وأن تساعده في تحديد مساره وتحقيق نتائج فنية أعلى يمر المخرج عليها بكل يسر وبأقل مما يجب من اهتمام ما يبقي الفيلم مثل مركب في وسط البحر بلا دفة قيادة.

ولا يمكن اختصار سوء أداء كولين فارل بكلمة. لا تسمع ما يهمس به وإذا فعلت لا تفهم ما يقول. وإذا فهمت ما يقول يصدّك ذلك التمثيل الداخلي من التمثيل وهو أسلوب لا يعني شيئاً وفي رأيي يقدم عليه من يفتقدون القدرة على صياغة الشخصية على نحو صحيح.

خيبة أمل أخرى، وإن لم تكن بحجم السابقة لأن المرء توقعها، كانت من نصيب الفيلم الصيني تشن كايجني “الوعد”.

من بعد أن شاهدنا نزوح جيل الثمانينات من المخرجين الصينيين من موقع النقد الاجتماعي والحكايات الاجتماعية الآسرة الى سينما الفانتازيا القائمة على مغامرات ومعارك في رحى الصين القديم يواصل المخرج كايجي هذا الطريق بفيلم يتحدّث عن أميرة تحب منقذ حياتها غير مدركة أنه ليس ذلك القائد الذي يدّعي أنه فعل ذلك، بل عبده القادم “من بلاد الثلج” الذي كان يرتدي ملابسه وقناعه. والخط الذي يبدأ من كيف ولماذا ارتدى العبد ملابس قائده الى متى وكيف ستكتشف الأميرة الحقيقة خط مليء بالتفاصيل الخيالية. مرة أخرى نشهد خيالاً جانحاً يبرز فوق وأمام الاهتمام الفني الخالص. بذلك “الوعد” سواء أخرجه كايجي المشهود له بأفلامه الخلاّبة في الثمانينات ام لا، لا يختلف عن عمل أي مخرج من مخرجي أفلام الكونغ فو الصينية في هونج كونج التجارية باستثناء أنه متاح له التمتع بميزانية لا يتمتع بها سواه. الفيلم قد يثير الذين أعجبهم، في السنوات القليلة الماضية، “منزل الخناجر الطائرة”، لكن لمن يبحث عن سبب لقصة وليس عن قصة فقط، هذا الفيلم مخيب جداً للآمال ولا يحمل عمقاً في أي صعيد.

بعض المشاهد ستبدو كما لو كانت أفكاراً نيّرة، مثل المشهد الذي يربط فيه بطل الفيلم الذي يستطيع أن يركض بسرعة الضوء، الأميرة بحبل ويطيّرها مثل طائرة الورق. لكن ذلك إذا لم يكن مصاحباً بقيمة او بخطاب او ببعد ما لا يبدو سوى ضحك على الذقون في أحسن أحواله.

العراب اللبناني

الممثل السابق ميشيل بلاسيدو قدّم من إخراجه ملحمة جانجستر قائمة على قصة حقيقية تتأرجح في نصف الساعة الأولى بين التقليدية والأهمية قبل أن تقلع بنجاح للساعتين التاليتين. القصة الحقيقية لمجموعة من الأولاد الذين عمدوا الى حياة الجريمة حين كانوا صغاراً. حين كبروا وخرجوا من الإصلاحية يقررون القيام بحرب عصابات ضد العصابات المسيطرة على تجارة المخدرات وسوق العاهرات في روما ما يستعدي عليهم العصابات الأخرى، لكن أبطال الفيلم من الأشرار كانوا مستعدين وبقدرة كبيرة على الجريمة تخلصوا من أعدائهم عن طريق عمليات تصفية.

بعد استلام زمام الأمور يبدأ الخلاف يدب بينهم عندما يتعامل أحدهم، ولقبه “اللبناني” مع الجيش الأحمر في عمليات إرهابية. صديق طفولته (ولقبه “ثلج”) ينفصل عنه. بعد قليل يقتل “اللبناني” ويعود “ثلج” الى الساحة باحثاً عن القاتل ليقتنص منه. عمليات تصفية أخرى ويجد “ثلج” نفسه في السجن. آندي هو الزعيم الثالث الذي لا يزال حرّاً ويساعد “ثلج” على الهرب للقاء حبيبته والرحيل بعيداً عن ايطاليا. هذا ما يقع بالفعل قبل أن يكتشف “ثلج” أن الحقنة التي تلقّاها والتي كان من المفترض بها أن تجعله مريضاً لبضعة أيام ينقل فيها الى مستشفى السجن ليهرب من هناك، تحتوي على دم فاسد بهدف قتله فعلاً. يعود الى روما حيث تقع بينه وبين أصدقاء الأمس معارك جديدة. لا أحد يبقى حيّاً من هؤلاء وبذلك ينتهي الفصل الدموي الذي اختاره المخرج موضوعاً لفيلمه.

“رواية جريمة”، وهو عنوان هذا الفيلم يشابه “العرّاب” من حيث لون إنتاجه وسلسلة التصفيات التي تقع، لكنه لا يماثله فنا وإخراجاً. على ذلك، ورغم أنه من المستبعد أن يصل الى مستوى الجوائز، الا أنه من أفضل ما حققته السينما الإيطالية في مجال سينما الأحداث السياسية - الاجتماعية الواقعية منذ بضع سنوات.

في قسم البانوراما الذي تجد فيه أفلاماً لا تقل جودة عن تلك الموجودة في المسابقة، لكنها لم تستطع الالتحاق به لسبب او لآخر، وجدنا فيلماً جيّداً بعنوان “الجابي”. إنه فيلم للمخرج البولندي فيلكس فولك الأول منذ عشر سنوات. واستقبل الفيلم جيّداً من النقاد البولنديين ومؤسسات البلد الثقافية والفنية وأرسل الى الولايات المتحدة مُرشّحاً لأوسكار أفضل فيلم أجنبي. ليس أفضل ما خرج من سينما كانت يوماً أكثر احتفاء بمخرجيها مما هي اليوم، لكنه يحمل في طيّاته بعض سمات سينما مضت كان فيها النقد الاجتماعي أساساً تنجزه السينما البولندية من تحت رادار الرقيب أحياناً او بمعرفته.

لوسيك (أندريه شيرا) جابي أموال الدولة من كل متأخر بالدفع سواء أكان مؤسسة خاصة أم عامة او حتى فرداً. المحكمة تعطيه قائمة، وهو يلفّ على كل من فيها لكي يسوّي أمورها على نحو عادة ما ينتهي لمصلحة الحكومة. إنه مُهاب ومكروه والكثيرون يكنون له عداوة كبيرة. عمله ليس هيّناً وهو يعرف ذلك لكنه يمارسه بحزم معتبراً أنه منفّذ أوامر السلطة القضائية والحكومة ولا خطر عليه من كل ذلك. لكن حين يسحب هذا الغطاء عنه يتحوّل الى شخص مطارد من الطرفين معاً. الفيلم هو عن ذلك الشاب الذي خانته بيروقراطية المؤسسة وتنكّر له أصدقاؤه وساعدت ظروفه الخاصة، من علاقات نسائية مع متزوّجات بعلم أزواجهن، على حفر المزيد من الفخ المنصوب له.

في نصف الساعة الأولى نتعرّف الى لوسيك وعمله. إنه شخص يمارس عمله بقدر عال من المهارة وبأقصى قدر من الموضوعية وباله مرتاح. إنه يعلم أن بعض من يغزوهم في منازلهم معذورون، لا يملكون ما يدفعونه من مستحقات أو ضرائب، لكنه يعلم أيضاً أنه لا يستطيع أن يكون عاطفياً مع الوضع أو أن يسمح لنفسه بتمييز فريق على آخر. مبدؤه في العمل هو أن عليه أن ينفّذ ما يقوم به من دون شعور، أن يبقى فوق القضية وليس تحتها. بعد مرور ذلك التجسيد لشخصيته، نبدأ بملاحظة الحقيقة المتمثّلة في طينته: داخلياً يدرك لوسيك أن المسألة مسألة وقت قبل أن يتعرّض لموقف لا يستطيع إغلاق مشاعره دونه. إنه ينتمي الى ظرف وبيئة ومجتمع كضحاياه. وحين يحدث ذلك النفاذ الى داخله يتغيّر حتى وقع الفيلم. فما سبق يضعنا أمام استقبال لحالة تشبه وميض ضوء لا نتبيّنه. حال يجد لوسيك نفسه غير قادر على ممارسة ذلك التوازن والحفاظ على مسافة بينه وبين الأشياء يصبح الفيلم أكثر إثارة لناحية كيف سيعالج بطل الفيلم هذا التغيّر الذي أصابه وما الذي سيحدث له تبعاً لذلك التغيّر. كيف سيتحوّل من سلاح السلطة الى ضحيّتها وكيف سيدافع عن نفسه ضد الذين يودون الانتقام منه لأفعاله السابقة.

####

الخليج في مهرجان برلين السينمائي الدولي (6)..(1)

همسات برلين

محمد رضا 

* كم يوماً أمضى المخرج الأمريكي روبرت ألتمان في برلين؟

يوماً واحداً. المخرج الذي يبلغ من العمر 80 سنة عاد الى لندن لتوّه لارتباطه بعمل مسرحي يخرجه هناك.

 المهرجان راض جداً عن الحصيلة التجارية للسوق السينمائي المقام على هامشه ويتحدث عن أن الشركات التي يربو عددها عن المائتين حجزت للعودة في العام المقبل ما يعني أنها كانت سعيدة بتجربتها هذا العام. من بين الموزعين الذين حضروا المهرجان سليم رميا الذي يشتري لمنطقة الخليج والشرق الأوسط ومركزه دبي. ويوافق قائلاً: “جئت الى مهرجان برلين من قبل مرة واحدة ولم أتحمّس كثيراً، لكني قررت العودة هذا العام وهذا القرار كان صحيحاً.  نستطيع القول إن السوق هنا يمكن له أن يمثّل دعامة رئيسية ما بين سوق الفيلم الأمريكي وسوق مهرجان “كان” المقبل”.

*  أحد الأفلام التي روجت في السوق “أو أس أس 117”، وهو “لطش” واضح من أفلام جيمس بوند وشخصيته.

ليست المرة الأولى، لكنها المرة الأولى منذ سنوات بعيدة التي يجري فيها إطلاق شخصية جاسوسية جديدة من النمط نفسه. التصوير تم في المغرب.

*  هناك الكثير من الأفلام التاريخية تتسلل الى الأسواق من بينها فيلم بعنوان “المغول” الذي باع لعدّة أسواق عالمية. هناك أيضاً فيلم عن “جنكيز خان” جاء المنتجون هنا يحاولون بيعه قبل إنجازه وفيلم كونج فو وفنون قتال شرقية أخرى تقع أحداثه في الصين في القرن التاسع عشر بعنوان “قصة صينية طويلة”.  ورابع عنوانه “وادي الزهور”.

 بعد النجاح الكبير الذي حققه الفيلم الألماني “السقوط”، الذي قدّم الساعات الأخيرة من حياة هتلر على نحو غير مشهود لا ينمّطه ولا يناصبه العداء على نحو تقليدي، يسعى صانعو الفيلم لتحقيق عمل جديد آخر عن “فصيل الجيش الأحمر” او ما هو معروف بعصبة “بادر مانهوف”. كان مهرجان برلين قدّم فيلماً مضجراً عن الموضوع قبل نحو خمس سنوات لم يبلغ شأنا بعيداً، لكن مخرج “السقوط”، برند أيشلنجر يعد بأن فيلمه سيكون أهم عمل سينمائي أنجز عن ذلك الفصيل الثوري. ويقول ل”الخليج” في لقاء قصير: “بادر ماينهوف فصل بالغ الأهمية في التاريخ السياسي لألمانيا ويحتاج الى فيلم يظهر ذلك من دون موقف مسبق يقوم على النقد المطلق. سأعالجه كما عالجت قصة حياة هتلر: إنها هناك لنأخذ منها دروساً ونفهم دوافعها ووقائعها وليس فقط لنبيّن فداحة ما قامت به”.

####

الخليج في مهرجان برلين السينمائي الدولي (6)..(2)

المفكرة .. قواعد جديدة  

*أطلق المخرج لارس فون تراير، صاحب أفلام أثارت الإعجاب الكبير مثل “راقصة في الظلام” و”دوجفيل” و”ماندرلاي” ونحو 25 فيلماً آخر من إخراجه او إنتاجه، “فرماناً” جديداً او بالأحرى “فرمانين”. وقال المخرج إنه لن ينجز أفلاماً كبيرة بعناصرها الإنتاجية. ولن يشترك في المهرجانات الدولية الكبيرة.

الخسارة خسارته في القرار الثاني. وهو بالفعل آثر، ولأول مرة، الاشتراك بفيلمه الجديد “سيد كل شيء” في مهرجان كوبنهاجن الذي انطلق في سبتمبر/ ايلول العام الماضي عوض الاشتراك به في مهرجان فانيسيا او برلين.

أما بالنسبة للميزانية وضرورة كبحها كما يرى فإن ذلك هيّن عليه: إنها -غالباً- مكبوحة. هل نعتقد أن “دوجفيل” تكلّف أكثر من ثمن الطبشور الأبيض الذي استعان به ليحل محل الديكور في المكان الواحد؟... بالأبيض والأسود؟ “ماندرلاي” أيضاً بالأسلوب المتقشّف ذاته ولو أن هذا الأسلوب نابع من تصوّر المخرج لما هو فني: الاستغناء عن لوازم السينما وتصوير الأفلام كما لو أنها مسرحيات. بذلك كسر قواعد السينما وبناء قواعد مستوحاة من فنون أخرى بينها فن إيهام الوسط النقدي بأن ما يحققه هو فعل رائع لابد من الإعجاب به لأنه مختلف.

وكان لارس فون تراير أطلق قبل أكثر من عشر سنوات، هو ومجموعة من أترابه الاسكندنافيين، قوانين “الدوجما” التي صفّق لها وحيّاها معظم النقاد الأوروبيين لكنها لم تنطلِ على هذا الناقد لأنها أرادت الاستغناء عن قواعد سينمائية أخرى وإحلال بديل لها كما لو أن البديل هو أفضل شأناً. بعد عشر سنوات تقريباً من إطلاق تلك “الفتوى” السينمائية والظهور بها كما لو كانت ثورة حقيقية، أين هي الآن؟ والفشل من نصيب لجوء آخر الى مبدأ مختلف تم قبل ثلاثة أسابيع في الولايات المتحدة. المخرج ستيفن سودربيرج (“أوشن 11”) لديه فيلم صغير جديد اسمه “فقاعة” أراد إطلاقه سينما “ودي.في.دي” وفيديو في آن واحد. وحين عكست إيراداته السينمائية ضعفاً ظاهراً توقع المخرج وموزّعوه أن ترفع السوق الثانية من تلك الإيرادات. لكنها لم تفعل: الفيلم سقط سينما “ودي.في.دي” في وقت واحد. ترى أين المفاد؟

هناك مثل إنجليزي يقول: “إذا لم يكن الأمر معطوباً لا تصلّحه” وربما يتذكر الذين يلعبون بالقواعد الإنتاجية والإخراجية والتوزيعية هذا المثل. لا التجديد ولا الاختلاف له علاقة بالإبداع.

الخليج الإماراتية في

17.02.2006

 
 

اليوم إعلان جوائز مهرجان برلين

ألتمان يخطف القلوب ووينتربوتوم يخطف العقول

الممثلة بين نجمتي هوليوود وباريس والممثل هيث ليدجر هو الأرجح

رسالة مهرجان برلين من سمير فريد 

تعلن اليوم جوائز مهرجان برلين السينمائي الدولي ال 56 الذي افتتح يوم الخميس 9 فبراير الحالي. ويعتبر أول مهرجانات السينما الدولية الكبري عام 2006. وكل عام. لانعقاده في فبراير.. لأول مرة تعلن الجوائز في حفل الختام في الثامنة مساء بتوقيت برلين وتبث عبر الأقمار الصناعية من قصر المهرجانات في العاصمة الألمانية.. وكان المعتاد حتي العام الماضي أن تعلن في مؤتمر صحفي في الحادية عشرة صباحاً.

حققت الدورة نجاحاً كبيراً علي مختلف المستويات وكان من أحداثها عرض فيلم مصري لأول مرة منذ ربع قرن وهو فيلم "عمارة يعقوبيان" اخراج مروان حامد الذي عرض في قسم البانوراما من اختيارات إدارة المهرجان الرسمية خارج المسابقة. وقد عرض لأول مرة يوم السبت الماضي ويعاد عرضه اليوم مرة ثانية.. يختتم المهرجان رسميا غدا الأحد. ويحتفل مساء بعيد الميلاد الثمانين لفنان السينما الأمريكي العالمي روبرت ألتمان الذي يبدأ عامه الواحد بعد الثمانين بعد غد 20 فبراير.. اشترك ألتمان في المسابقة بأحدث أفلامه "براري الوطن". والذي خطف كل القلوب ببساطته وجماله وعمقه الانساني. ومن المتوقع فوزه بالدب الذهبي اليوم أو جائزة خاصة. أو فوز نجمة هوليوود ميريل ستريب بجائزة أحسن ممثلة عن دورها فيه.. والدب الذهبي هذه السنة بين ألتمان ومايكل ونيتربوتو عن فيلمه الجديد "الطريق إلي جوانتانامو" وهو حدث المهرجان الأكبر من دون شك.. وتنافس علي جائزة أحسن ممثلة نجمة باريس ايزابيل هوبير عن دورها في "كوميديا السلطة" اخراج كلود شارول. أما أحسن ممثل فالأرجح فوز هيث ليدجر بالجائزة عن دوره في "كاندي" اخراج نيل أرمفيلد. وقد أعلنت أول فبراير ترشيحات الأوسكار. ورشح ليدجر لأوسكار أحسن ممثل عن دوره في "جبل بروباك" اخراج آنج لي.

من المتوقع أيضا "فوز الحارس" الأرجنتيني اخراج رودريجو مورنيا بجائزة الفريد باور لأول فيلم. وينافسه "شتاء" الايراني اخراج رافع بيتز. وفوز الفيلم الألماني "لتكن نجمتي" اخراج فاليسكا جريسباخ بجائزة أحسن فيلم أوروبي.. والأرجح أن يفوز المخرج التايلاندي بن - إيك راتانا روانج بجائزة الاخراج عن "موجات غير مرئية".. ولاتزال هناك أفلام لم تعرض في المسابقة عند كتابة هذه الرسالة.

تتكون لجنة التحكيم برئاسة شارلوت رامبلنج وتمنح 9 جوائز هي:

- الدب الذهبي.

- جائزة لجنة التحكيم الخاصة.

- أحسن إخراج.

- أحسن ممثلة.

- أحسن ممثل.

- أحسن اسهام فني.

- أحسن موسيقي.

- جائزة الفريد باور للفيلم الأول.

- جائزة الملاك الأزرق لأحسن فيلم أوروبي.

الجمهورية المصرية في

18.02.2006

 
 

القضايا الساخنة واجهة مهرجان برلين السينمائي

إبراهيم الملا

العنف الجسدي، الاغتصاب، النظرة التحليلية للإرهاب، والقضايا الساخنة في الشرق الأوسط، قد تكون هذه هي أبرز العناوين التي يمكن للمتابع أن يتلقفها من خلال محتويات الأفلام المعروضة في مهرجان برلين السينمائي السادس والخمسين، هذه العناوين تلخص أيضا إشكاليات نقص الخيال الروائي في معظم المطروح من هذه التجارب، لذلك فإن لجوء المخرجين للقضايا الحاضرة سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي له ما يبرره في هذا السياق·

تبعات ومميزات

ومهرجان برلين أو''برلينالي'' حسب المصطلح المتداول في الأوساط السينمائية، هو أول المهرجانات الكبرى في الموسم السينمائي الأوروبي والدولي لهذا العام، ولهذه الأسبقية تبعاتها وميزاتها أيضا، التبعات تتلخص في عدم رغبة المخرجين بالمجازفة في عرض نتاجاتهم الأخيرة من خلال المناسبات المبكرة مثل برلين، أما الميزات فتبدو واضحة من خلال استشراف ردود الأفعال النقدية، واختزال زمن الدعاية التي يوفرها حصول الفيلم على جائزة أوعلى الأقل على تنويه إيجابي ومحفّز قبل الذهاب لمهرجانات أخرى أو للصالات المحلية وحتى العالمية، خصوصا إذا تحصّل الفيلم على اهتمام مضاعف من قبل لجنة التحكيم وعلى صيت مبهر في أروقة المهرجان·

ويمكن للمتابع وبنظرة شاملة وبانورامية على مواضيع هذه الأفلام أن يتلمس هذه المناخات الواقعية جدا حدّ الصدمة والألم، فمن خلال عرض خمسة عشر دقيقة متواصلة لفعل الاغتصاب ولتفاصيله المرعبة، يقدم فيلم ''الإرادة الحرّة'' للمخرج الألماني ''ماتياس جلانسر'' ثيمة الاغتصاب من وجهة نظر المغتصب، كنوع من الغوص في الدوافع الداخلية لهؤلاء الشخوص الذين ينظر لهم المجتمع كوحوش، المخرج هنا لا يدافع عن فعل الاغتصاب ولكنه يستمع بعمق لوجهة نظر المتهم·وهذا الفيلم هو واحد من أربعة أفلام ألمانية مشاركة في المسابقة الرسمية، الأفلام الأخرى هي :''شوق'' ، و''قدّاس أرواح الموتى'' و''جزئيات أولية''·

قصة الحارس

أما الفيلم الأرجنتيني '' إل كاستوديو'' فيتناول قصة الحارس الشخصي لأحد الوزراء، حيث أن ضغوط العمل والإهانات التي يتعرض لها هذا الحارس من قبل الأشخاص الذين يفترض أن يكونوا ممتنين له، تحوله إلى ماكينة بشرية جاهزة لارتكاب أفظع الجرائم، والسوداوية البالغة التي يطرحها هذا الفيلم تنبع أساسا من الكآبة السوداوية ذاتها التي جعلت الحارس يطلق ميول العنف في داخلة بشكل شظايا عمياء حارقة، وبلا خيارات واضحة ومتزنة·

هناك أيضا فيلم ''سيريانا'' الأميركي ''خارج المسابقة'' والذي يشارك فيه النجمان جورج كلوني ومات دامون، يتحدث الفيلم وبشكل جريء عن تورط أحد عملاء جهاز المخابرات الأميركية في صفقات مشبوهة مع شركات النفط في الداخل ومع موردين له في الشرق الأوسط، قد يكون الفيلم قريبا من جرأة فيلم ''11 فهرنايت'' لمايكل مور الذي تناول هذا الجانب ولكل دون تكثيف روائي ودون تفاصيل سردية كما في فيلم ''سيريانا'' والذي سيثير دون شك جدلا كبيرا في الأوساط السينمائية العالميةوأخيرا هناك فيلم ''الطريق إلى غوانتنامو'' للمخرج البريطاني ''مايكل وينتربوتوم'' الذي يستقي أحداثة من قصة ثلاثة مسلمين بريطانيين يتم اقتيادهم للمعتقل الأميركي الغامض في جزيرة ''غوانتامو'' بسبب الاشتباه في انتمائهم لجهات إسلامية متشددة، يمزج الفيلم بين الأسلوب الدرامي المعتمد على تصوير الحالات النفسية للمعتقلين ولحيثيات اعتقالهم المفاجئ وبين الأسلوب التسجيلي المعتمد على اللقاءات المباشرة وسرد التفاصيل الحقيقية لهذا التهجير القسري القائم على الشبهة والحدس ومن دون استناد على أدلة واضحة وملموسة·

بروباغندا سياسية

سواء بالنســــــبة للأفــــــــــلام المعروضة داخل المسابقة أوعلى هامش العروض والفعاليات المصاحبة، فإن الجرأة التي وسمت هذه الأفلام أشاعت نوعا من الخوف من تحول المهرجان إلى ''بروباغندا'' سياسية لبعض الأفكار الشخصية وللميول الذاتية التي لا يمكن أن تكون قـــــاطعة ودقيقة على طول الخط·

الإتحاد الإماراتية في

18.02.2006

 
 

المخرج أوليفر ستون يقدم من خلال فيلمه هذا، إدانة جديدة لأمريكا وجنودها، كما يقدم إدانة لكل الحروب بشكل أو بآخر. لقد قدم المخرج فيلماً متقناً في حرفيته، يعد من بين أهم أفلام الحركة والتكنيك السينمائي الأمريكي، ولكن هذا لا يجعله يتميز كثيراً عن الجيد من أفلام حرب فيتنام.

المصرية في

05.02.2006

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)