كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

"عمارة يعقوبيان " مولد مخرج كبير واستعراض عالمي لفن التمثيل في مصر

رسالة مهرجان برلين من: سمير فريد

مهرجان برلين السينمائي الدولي

الدورة السادسة والخمسون

   
 
 
 
 

شهد مهرجان برلين السينمائي الدولي ال 56 العرض العالمي الأول للفيلم المصري "عمارة يعقوبيان" اخراج مروان حامد في قسم "البانوراما" من اختيارات المهرجان الرسمية خارج المسابقة. أعلن الفيلم عن مولد مخرج كبير رغم انه أول أفلامه الروائية الطويلة. ومن ناحية أخري جاء بمثابة استعراض عالمي لفن التمثيل في مصر. ليس فقط من حيث عدد الممثلين والممثلات الذي لم يسبق له مثيل منذ عقود. وانما اساسا من حيث تمكن المخرج الشاب من إدارتهم. ودفعهم إلي الدخول في مسابقة فنية رائعة جعلت كلا منهم يقدم خلاصة خبرته في الحياة والفن.كانت صالة سيني ستار 3 كاملة العدد قبل فترة من موعد بدء العرض في السادسة مساء ومع بدء العرض كانت كل درجات سلالم القاعة ممتلئة بدورها عن آخرها. ولم يترك العرض غير عدد لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة لمدة ثلاث ساعات هي مدة عرض الفيلم - الحدث- وبعد العرض وبحضور سفيرنا في المانيا. عقد مؤتمر صحفي اشترك فيه عماد أديب منتج الفيلم وكاتب السيناريو وحيد حامد وابنه المخرج مروان حامد ومن نجوم الفيلم عادل امام ونور الشريف ويسرا وهند صبري. ولمدة نصف ساعة استمر الحوار بين المتفرجين من الجمهور والنقاد وصناع السينما وبين الحاضرين من اسرة الفيلم.

دار الحوار حول المشاكل التي يمكن أن يتعرض لها الفيلم من عرضه في مصر عرضاً عاماً في يونيو القادم. وذلك لتناوله الفساد السياسي والشذوذ الجنسي وغير ذلك من "المحرمات" في السينما المصرية والعربية. وكانت الاجابات أن من يحب لا يكذب علي حبيبته. وان هذا الفيلم مهدي إلي مصر وفي حبها. وأن السيناريو لم يواجه أي مشاكل رقابية قبل أو اثناء التصوير وأن رواية علاء الاسواني المأخوذ عنها السيناريو طبعت 12 طبعة منذ صدورها قبل عامين. ولاتزال من اكثر الكتب رواجا وسأل أحد الصحفيين هل الفيلم مطابق للرواية؟ وكان رد مروان حامد أن هناك اختلافاً بسيطاً للغاية. والارجح أن المقصود بالسؤال استبعاد السيناريو مشهد مقابلة الحاج عزام "نور الشريف" لمن أدعي السياسي الفاسد كمال الفولي "خالد صالح" انه الرجل الذي يعمل لحسابه.

التقاليد والأعراف الدولية

وكما هو متوقع من عماد أديب اتبعت شركته تقاليد واعراف المهرجانات السينمائية الدولية الكبري. فأصدرت ملفاً صحفياً فاخراً وشاملاً لكل المعلومات تم توزيعه علي جميع الصحفيين والنقاد الذين تجاوز عددهم ثلاثة آلاف من مختلف دول العالم. ووجهت الدعوة إلي عدد كبير من فريق الفيلم. وأقامت حفل عشاء بعد العرض في واحد من أكبر فنادق العاصمة الالمانية. ونشرت الاعلانات عن الفيلم في "فارايتي" وغيرها من صحف السينما الدولية التي تصدر نشرات يومية خاصة اثناء المهرجان.

وقد اطلقت "فارايتي" علي عماد أديب "غول" السينما في مصر الذي انتج اضخم انتاج في تاريخها "4 ملايين دولار أمريكي ميزانية عمارة يعقوبيان" وأجرت معه حواراً نشر في الصفحة الأولي من عدد يوم الاحد الماضي أعلن فيه انه يستعد لتصوير فيلم "القاعدة" عام 2007 عن اسامة بن لادن وايمن الظواهري بميزانية 7 ملايين دولار وباشتراك نجوم كبار من مصر وأمريكا وأوروبا وفي هذا الحوار قال عماد اديب: "لقد سمعنا الكثير عن بن لادن والقاعدة من وجهة نظر الغرب. وآن الأوان لتسمعوا وجهة نظر العرب والمسلمين". وقال "إن أول ضحايا بن لادن لم يكونوا الغربيين والمسيحيين وإنما نحن العرب والمسلمين".

أول نقد في الصحافة العالمية

نشرت "فارايتي" وهي أعرق وأهم صحف السينما في العالم أول نقد للفيلم للناقد الكبيرة ديبورا يونج المعروفة بمتابعتها للسينما في مصر والعالم العربي وإيران والشرق الأوسط عموماً.. جاء النقد ايجابياً تماماً قالت الناقدة: ان الفيلم يتناول قضايا عديدة تشغل العالم مثل الفساد السياسي والارهاب الإسلامي. وانه يقدم لوحة عن الواقع المصري اليوم بكل ابعاده من خلال العمارة التي بنيت عام 1937 ويلخص تاريخها تاريخ المجتمع ايضا من سكان الثلاثينيات إلي سكان آخر القرن الفقراء في غرف السطح التي كانت مخصصة لغسيل الملابس.

امتدحت يونج قدرة مروان حامد وسيطرته علي القصة ذات الخطوط العديدة. وعلي الايقاع الذي جعل الفيلم ممتعاً في مشاهدته رغم مدته الطويلة.. وأثنت الناقدة الأمريكية علي اداء عادل إمام ونورالشريف ويسرا وهند صبري ومحمد امام وخالد الصاوي وقالت ان خالد الصاوي كان شديد الحساسية في تعبيره الدقيق عن شخصية الشاذ جنسياً. والذي لم يخل من سخرية مريرة. وان اسلوب الفيلم في تناول هذه المسألة لايثير الجدل في مصر فقط. وانما في الغرب ايضاً. واختتمت ديبورا يونج مقالها بأن المستوي التكنيكي للفيلم جيد. وخاصة تصوير سامح سليم وموسيقي خالد حماد التي منحت الفيلم طابعه الملحمي.

أول مخرجة مسلمة

جاءت أغلب الجوائز علي عكس توقعات النقاد والمراقبين. وكانت المفاجأة المدوية فوز فيلم "جربافيكا" اخراج ياسمين زبانيك بالدب الذهبي. وبذلك أصبحت مخرجته أول سينمائية مسلمة تفوز باحدي الجوائز الذهبية الأربع الأهم في العالم إلي جانب اوسكار امريكا وسعفة كان وأسد فينسيا.

الفيلم إنتاج نمساوي بوسني ألماني كرواتي مشترك. وهو أول فيلم روائي طويل لمخرجته. ويعبر عن حرب البلقان في بداية العقد الأخير من القرن الماضي. ويدين العنصرية الصربية ضد المسلمين في البوسنة والهرسك من خلال قصة أم أقنعت ابنتها التي تناهز الثانية عشرة أن والدها كان من ابطال الحرب الشهداء. بينما الحقيقة أن الأم كانت من فتيات سراييفو المسلمات اللواتي تعرضن للاغتصاب في معسكرات الصرب النازية.

كما توقعت "الجمهورية" فاز الفيلم الارجنتيني "الحارس" إخراج رود ريجو مورينا بجائزة الفريد باور التي تحمل اسم مؤسس المهرجان. وفاز الفيلم البريطاني "الطريق إلي جوانتانامو" إخراج مايكل وينتر بوتوم ومات ويتيكروس بجائزة أحسن إخراج وكان المتوقع أن يفوز بالدب الذهبي. أو جائزة لجنة التحكيم الخاصة.

هوليوود والنجوم

وكانت المفاجأة الثانية عدم فوز أي من فيلمي هوليود بأية جوائز. رغم ان كليهما أحدث افلام أستاذين كبيرين من اساتذة السينما في العالم وفي كل تاريخها. وهم "براري الوطن" إخراج روبرت اتمان. و"احكموا بأنني مذنب" إخراج سيدني لومت. وكذلك عدم فوز نجمة هوليوود ميريل ستريب عن دورها في فيلم التمان أو نجمة باريس ايزابيل هوبير عن دورها في الفيلم الفرنسي "كوميديا السلطة" إخراج كلود شابرول. أو نجمي هوليود الصاعدين هيث ليدجر عن دوره في الفيلم الاسترالي كاندي إخراج نيل ارمفيلد وهو من بين المرشحين لأوسكار أحسن ممثل هذا العام وفنديزل عن ذوره في فيلم لوميت.

استبعدت لجنة التحكيم التي رأستها الممثلة الكبيرة شارلوت رامبلنج افلام هوليود ونجوم السينما الامريكية والأوروبية الراسخين والصاعدين. كما استبعدت إدارة المهرجان الافلام المرشحة للاوسكار من العرض داخل المسابقة "كابوت وسيريانا والعالم الجديد". ومنحت الجوائز الثمانية ل 6 أفلام أوروبية منها 3 من المانيا و3 من النمسا والدانمارك وبريطانيا وفيلم من الصين وآخر من الارجنتين. ومنحت فيلم إيراني جائزة لجنة التحكيم مع الفيلم الدانمركي.

فازت الدانماركية بيرنيللي فيشر كرستنسن بجائزة لجنة التحكيم عن "صابوي" وهو فيلمي الروائي الطويل الأول مثل الفيلم الفائز بالدب الذهبي وتقاسم معها الجائزة الفيلم الإيراني "تسلل" إخراج جعفر بناني. وهو فيلم متواضع فنياً ومبتذل فكرياً عن كرة القدم يبدو وكأنه أنتج خصيصاً للفوز في برلين بمناسبة كأس العالم في المانيا 2006 وكان من الغريب أن يفوز. كما كان من الغريب أن يعرض في المسابقة فيلمين من إيران ولم يقل الفيلم الآخر "شتاء" إخراج رافع بيتز تواضعاً ولكن السينما الإيرانية "موضة" في مهرجانات السينمنا الدولية منذ سنوات.

مهرجان دولي وجوائز قومية

والموضة الثانية في مهرجانات السينما الدولية هي السينما الصينية ولذلك فاز الفيلم الصيني "ايزابيللا" إخراج بانج هور شيونج بجائزة أحسن موسيقي ولكن المفاجأة الثالثة. في جوائز برلين هذا العام كانت فوز ثلاثة افلام ألمانية بثلاثة جوائز. أي مايقرب من ثلث الجوائز. وذلك لأول مرة في تاريخ المهرجان. تماماً كما كان عرض أربعة افلام المانية في المسابقة من بين 19 فيلماً لأول مرة في تاريخ المهرجان ايضاً.

فاز الممثل يورجن فوجل بجائزة أحسن اسهام فني عن دوره في "الإرادة الحرة" إخراج ماتياس جلاسنر. وفاز موتيز بليبترو بجائزة أحسن ممثل عن دوره في "الاجزاء الاساسية" إخراج أوسكار رولر. وفازت ساندرا هوللر بجائزة أحسن ممثلة عن دورها في "قداس جنائزي" إخراج هانز كرستيان شميت. وهي الوحيدة التي فازت عن جدارة. وكان يكفي السينما الالمانية فوزها حتي لا تبدو جوائز المهرجان قومية في مهرجان دولي.

فوز الفيلم العراقي

ومن بين الافلام العربية الأربعة التي عرضت خارج المسابقة المصري "عمارة يعقوبان" إخراج مروان حامد. والمغربي "ابواب الجنة" إخراج سويد وعماد نوري. والجزائري "بركات" إخراج جميلة شاروني. والعراقي "زهرة النرجس" إخراج مسعود عريف صالح وحسين علي حسين.

فاز الفيلم العرقي بجائزة منظمة العفو الدولية "أمينستي" التي تمنحها لجنة تحكيم خاصة بالمنظمة.

وبصفة عامة كانت دورة برلين 2006 ناجحة إلي أبعد الحدود وكان التنظيم نموذجياً كالعادة. حيث تم عرض 360 فيلماً من مختلف دول العالم في ألف و115 عرضاً. وحضر المهرجان اكثر من 19 ألف زائر من 120 دولة من بينهم 3800 صحفي. وتم بيع اكثر من 150 ألف تذكرة في العروض المخصصة للجمهور.

الجمهورية المصرية في

22.02.2006

 
 

نجاح «عمارة يعقوبيان» في عرضه البرليني فاجأ أصحابه...

عماد الدين أديب: انتقلت الى السينما بفضل حبي لها

برلين - اسكندر الديك

فوجئ القيمون على مهرجان برلين الدولي الـ٥٦ للأفلام السينمائية «برليناله» والكثير من نقاد السينما بالفيلم المصري الأول في المهرجان بعد ٢٧ سنة من الغياب الذي يعود إلى ضعف نوعية الانتاج المصري على حد ما أكده لنا نور الشريف في لقاء معه على هامش المهرجان. وإلى جانب مشاركة الفيلم المغربي «باب السماء» من اخراج سويل وعماد نوري، والفيلم الجزائري «بركة» من اخراج جميلة صحراوي تجمعت جملة من العناصر لتحيط الفيلم المصري الجديد «عمارة يعقوبيان» بضجة إعلامية تجاوزت التمثيل العربي المتواضع في المهرجان كما في كل سنة.

العامل الأول أن الفيلم مأخوذ عن رواية كتبها الطبيب المصري علاء الأسواني قبل سنوات ونشرها تحت الاسم نفسه ونالت شهرة بسبب من رصد تحليلي أجراه للمجتمع المصري، والقاهري تحديداً، ووصل صداه إلى ألمانيا أيضا. وثانيها أن الفيلم الذي انتهى انجاز تقنياته في لندن قبل أيام من بدء المهرجان، شهد عرضه الأول فيه وسط حبس أنفاس كل من عمل فيه أو سمع به. وثالثها أن مخرج الفيلم، مروان حامد ( ٢٨ سنة)، شاب كان مغموراً إلى أن عرض الفيلم في المهرجان فأدهش النقاد والمشاهدين الذين صعب عليهم الاقتناع بأنه فيلمه السينمائي الأول بعد تخرجه من معهد السينما العالي في القاهرة واستيعابه بهذه السرعة أسرار الفن السابع. ورابع هذه العوامل مشاركة عدد من الممثلين الكبار مثل عادل إمام ويسرى ونور الشريف وهند صبري الذين مسحوا الفيلم بمسحة النجومية الفائقة في المهرجان من دون أن ننسى أيضاً كاتب السيناريو وحيد حامد الذي قدم نصاً متيناً ومتماسكاً جداً. وشكلت الموسيقى التصويرية التي صاحبت الفيلم ووضعها الفنان خالد حماد عامل نجاح كبير له بفعل جماليتها وسلاستها ودراميتها.

ولكن العوامل هذه ما كانت لتجتمع سوياً لولا القفزة الانتاجية الجديدة التي أمنها المنتج السينمائي الجديد عماد الدين أديب، وهو إعلامي محترف ومثقف واسع الإطلاع، ودخوله مع «عمارة يعقوبيان» ميدان الانتاج المكلف جداً (ستة ملايين دولار) وفي ذهنه تحقيق أعمال كبيرة إلى جانب تحقيق الربح لشركة الانتاج الجديدة التي أسسها تحت اسم «غود نيوز غروب»، والانطلاق إلى الأسواق العالمية من خلال مجموعة من الأفلام مثل «محمد علي» و «القاعدة» و «الغاوي» و «حليم» كما قال في حوارنا معه.

مهرجان «البرليناله» الدولي في برلين أعاد في الواقع اكتشاف السينما المصرية منذ آخر فيلم عرض فيه عام ١٩٧٩، وهو «اسكندريه ليه؟» ليوسف شاهين. والسينما المصرية الجادة أعادت على ما يبدو اكتشاف نفسها وقدرتها على انتاج أعمال مبدعة تستحق أن تعرض «ليس فقط من المحيط إلى المحيط» على حد تعبير المنتج أديب، بل في كل أسواق العالم السينمائية، وهنا المراهنة والتحدي. وإذا كان «عمارة يعقوبيان» يؤرخ لسينما جديدة تضع الأصابع على الجروح المؤلمة وعلى الأخطاء السياسية والاجتماعية والتطرف الديني والدنيوي، ولا تهادن في هذا المجال لا السلطة ولا المعارضة، فان الفيلم المذكور مؤشر على تكوّن مفهوم فكري - ثقافي - وطني يسعى إلى إيقاظ المجتمع من سباته العميق عن طريق الصدمات النفسية ومواجهة الحقائق لا إشاحة الوجه عنها والانفتاح على العالم الواسع.

وقبل العرض الجماهيري ابتداء من شهر حزيران (يونيو) المقبل، ومعه أيضا فيلم «حليم» عن حياة المطرب الكبير عبدالحليم حافظ الذي هو قيد الانجاز حالياً في لندن، سيشارك فيلم «عمارة يعقوبيان» قريباً في عدد من المهرجانات السينمائية الدولية مثل «ترايبيكر» في نيويورك و «كان» في فرنسا. ويأمل منتجه أديب أن يسمى أيضا لنيل أحد جوائز الأوسكار.

قضايا شائكة

ويقول المنتج – الإعلامي عماد الدين أديب حين سألناه عن انتقاله من الصحافة الى السينما: «أنا لم أترك الصحافة، وكما تعلم فالصحافة هي المكتوبة والمسموعة والمرئية. تركت الصحافة المرئية كمقدم مقابلات وحوارات لمدة 11 سنة ولكنني ما زلت رئيساً لتحرير ورئيساً لمجلس ادارة ثماني مطبوعات تصدر، وكذلك لأكبر موقع في الانترنت يقدم الأخبار بالعربية وهو «غود نيوز فور مي». أما لماذا كان قرار الدخول في الانتاج فأعتقد انه حان الوقت لأتفرغ لتحقيق أحلامي وأن أطل على الناس من خلال اطار فني. والسينما هي عشق قديم بالنسبة إلي إذ انني ولدت في بيت يعشق السينما، ووالدي هو كاتب السيناريو والمنتج السينمائي عبدالحي أديب وشقيقي الأصغر عادل هو مخرج وأنا وأخي عمر من عشاق السينما. وأعتقد ان السينما قادرة على أن تجسد الكثير من الأحلام والطموحات. كنا دائماً كمشاهدين نلوم المخرجين والمنتجين الذين لا تعجبنا أعمالهم ونقول لماذا لا يكون الفيلم على المستوى، ولماذا لا نقتحم الأسواق ولماذا الفيلم العربي متخلف عن السينما العالمية. لدينا اليوم الأحلام وشركة قادرة على العمل وإيمان بأن القدرات البشرية والتقنية موجودة في العالم العربي ولا عذر لنا ان لم نقدم فناً جيداً. والحمد لله تمكنا من خلال شركة «غودنيوز» ان نقدم خطة لانتاج نوعية من الأفلام ستكون رفيعة المستوى من حيث الفكرة والرسالة والنص والمحتوى مع انتاج يضاهي المستويات المتعارف عليها عالمياً حتى نستطيع الخروج من الحلقة الخانقة الضيقة المتمثلة بالسوق العربية المحدودة الى السوق الأكبر وهي أوروبا وأميركا وآسيا. إذا قدمنا مستوى مقبولاً سنفتح أسواقاً جديدة ونستطيع زيادة دخل الفيلم بصورة تمكننا من مواصلة حلقة الانتاج المتميز. أما اذا ظللنا محصورين بين المحيط والخليج العربيين مع ستة أو سبعة أصوات رئيسة في عالمنا العربي فسنظل تحت سقف محدود للغاية من النمو المالي والاقتصادي. إذا الحل العملي هو الخروج الى السوق الأوسع، الى السوق العالمية.

وأضاف أديب: «عندنا أيضاً فيلم انتهى للتو وهو عن حياة العندليب عبدالحليم حافظ بطولة الفنان الكبير الراحل أحمد زكي، وهو كان حلمه لمدة تسع أو عشر سنين ونحن نشعر بسعادة وبعاطفة شديدة تجاه هذا العمل لأنه يرتبط بفنان كبير هو أحمد زكي ويعلن أيضاً ميلاد نجم جديد هو هيثم أحمد زكي الذي يمثل عبدالحليم وهو صغير. كلفة هذا الفيلم الذي أخرجه الأستاذ شريف عرفة تجاوزت أربعة ملايين دولار ويجري حالياً تسجيل الموسيقى التصويرية في لندن حيث الفنان عمار الشريعي يسجل الموسيقى مع اوركسترا لندن الفلهارمونية وطباعته مثل «عمارة يعقوبيان» في استوديوات «تكنيكولور» في لندن أيضاً. وهناك أيضاً فيلم آخر نعد له هو «محمد علي»، مؤسس نهضة مصر الحديثة بعد ان حكمها مدة 42 سنة وساهم في تحديث البلد ونقلها نقلة نوعية أدخلتها العصر الحديث. الذي يهمنا منه ليس النظر اليه على انه حاكم أو متآمر أو «مذبحة القلعة»، وإنما كمحدِّث ومطور. يتكلمون في العالم عن الاصلاح ومحمد علي كانت له رؤية اصلاحية واستطاع بناء مصر الحديثة. الفيلم ليس مجرد مناقشة ولكن فيه أيضاً قصة حب عظيمة وقصة كفاح ومعارك ودسائس، أي ان الحبكة الشعبية والتجارية كما تسمى ستكون ممتعة لناس».

وإضافة الى هذا لدى أديب أيضاً مشروع فيلم عنوان «القاعدة» عن أسامة بن لادن وأيمن الظواهري والرؤية العربية لهذا الموضوع من منظور إدانة الإرهاب وإبراز ظروفه الموضوعية. حتى الآن العرب والمسلمون لم يقولوا وجهة نظرهم، والرسالة التي نريد إيصالها من خلال هذا الفيلم انه يمكن أن يكون هناك بن لادن واحد أو ألف بن لادن، ولكن ليس كل العرب وكل المسلمين بن لادن. وأول ضحايا هذا الإرهاب وهذه الجريمة التي حصلت في 11 أيلول (سبتمبر) 2001 كنا نحن العرب والمسلمين. صعوبة هذا العمل تتمثل في تطلبه فترة بحث طويلة. هناك أيضاً مشاريع أفلام أخرى منها فيلم ممتاز وشديد الانسانية سيكون عنوانه «الغاوي» عن رواية للكاتب عبدالرحمن فهمي وسيناريو الأستاذ وحيد حامد».

حساسية وجرأة

أما كاتب السيناريو وحيد حامد، فحدث «الحياة» عن مشاركته في «عمارة يعقوبيان» قائلاً: «أولاً، الرواية دائماً شيء والسيناريو السينمائي شيء آخر. كاتب السيناريو ينطلق من إيمانه بالرواية وحماسته لها ورؤيته الخاصة لها. وهذا ما حصل معي، ولكن لا أحد يروي الرواية كما هي، وإلا من الأفضل الابقاء عليها كرواية، وخصوصاً ان اللغة في السينما هي الصورة وليست الكلمة. من هنا لا بد من أن تكون لكاتب السيناريو رؤيوية ويضيف الصورة اليها بدل الكلمات». أضاف: «منذ القراءة الأولى للرواية أدركت انها عمل مهم جداً. ونظراً الى جرأة الكاتب وتناوله لقضايا مصرية شديدة الحساسية والجرأة، إضافة الى أنها متقنة الكتابة، حرصت كل الحرص بسبب عشقي لها أن أقدمها من دون نقصان الى مشاهدي السينما بلغة السينما، وأعتقد ان المتفرج سيرى أشياء مختلفة كثيراً عما هو موجود في الرواية لأن من العجز الفني حصول تطابق بين الفيلم والرواية».

مروان حامد: انه زمن المسكوت عنه

·         هذا أول فيلم لك في حياتك السينمائية بعد تخرجك. لماذا وافقت على اخراج هذا الفيلم بالذات؟

- هي رواية مهمة جداً، وعندما قرأتها شدتني لأسباب عدة: أولاً الرواية جريئة وتدخل الى مناطق انسانية جميلة أثرت فيّ، وثانياً أسلوب سردها شدني كثيراً وشخصياتها مبنية على قاعدة سينمائية، ولذلك استمالتني من جوانب عدة.

·         أين الجرأة في هذه الرواية؟

- هناك مواضيع نتحدث فيها وأخرى لا نتكلم عليها في الوطن العربي. أعتقد ان هذه الرواية تتحدث في أغلب الأمور التي لا نتحدث فيها.

·         مثل؟

- شخصية الشاذ جنسياً، الفساد السياسي، العلاقات الجنسية الموجودة، التطرف والعنف البوليسي... وهذه أمور لا نتكلم عليها كل يوم ونحاول أن نداريها ونخفيها أو نستغني عنها.

·         لا نتكلم حولها أو أنها من المحرمات أو الممنوعات؟

- انها الأسباب الثلاثة التي ذكرتها أنت، أي هناك المحرمات أو الممنوعات، اضافة الى عدم الحديث عنها لأننا لا نحب طرحها.

·         هل تتوقع ردود فعل عنيفة على الفيلم من الجمهور المصري أو من أوساط محددة دينية أو غيرها.

- من دون شك انه سيحصل جدل، وهذا هو النجاح الحقيقي. والجدل كما هو معروف يحرك المياه الراكدة، والفيلم دعوة الى التفكير. وفي النهاية لو ان الفيلم أعجب كل الناس أو لم يعجب أحداً أمر يختلف عن الفيلم الذي يثير جدلاً. وفي رأيي هذا ما يحقق النجاح.

·         ماذا يعني لك قبول هذا الفيلم في الـ «برليناله»؟

- أمر سرني وفاجأني جداً أن يدخل أول فيلم لي في مهرجان برلين السينمائي وأنا أعرف أهميته وهذا يشرفني ويضع على أكتافي مسؤولية أكبر.

·         ماذا بعد هذا الفيلم الأول؟

- هناك مشروع فيلم كان مؤجلاً منذ فترة اسمه «ابراهيم الأبيض» لكاتب جديد جيد هو عباس أبو الحسن وبطولة أحمد السقا. لكننا لا نزال في البدايات.

·         حدثنا عن مسيرتك السينمائية وكيف اخترت الاخراج؟

- أنا أساساً خريج المعهد العالي للسينما في مصر واشتغلت مساعد مخرج لأستاذي ومعلمي شريف عرفه لفترة طويلة وأخرجت أفلاماً كثيرة صغيرة. وهناك طبعاً فيلم «ليلي» الذي توجت به تخرجي في الدراسة وهو مأخوذ عن قصة قصيرة للكاتب الكبير يوسف ادريس، والفيلم حقق نجاحاً مقبولاً جداً ونال جوائز عالمية.

الحياة اللبنانية في

24.02.2006

 
 

مهرجان برلين السينمائي اختتم دورته الجديدة...

احتفى بـ«بغداد» روبرتو بينيني ونوستالجيا ألتمان

برلين - محمد رضا

واحدة من حركات الكاميرا التي تتكرر في أفلام روبرت ألتمان، وتستطيع أن تلاحظها في كل أفلامه من أوّلها «العد التنازلي» سنة 1967، هي تلك التي تبدأ كلقطة عامة متوسّطة للجزء الأعلى من جسد الممثل وهو في أداء معيّن. الجزء يحتل النصف الأيسر من الكاميرا بينما ينشغل الجانب الأيمن بالتقاط المحيطين والأجواء والأشياء القريبة. تتحرك الكاميرا ببطء من اليمين الى اليسار وفي الوقت ذاته تتقدّم صوب الممثل في لقطة قريبة متوسطة يظهر فيها الوجه.

هناك أشياء كثيرة تُقال في جمال بناء لقطات كهذه. من بينها أن هناك عناية شديدة ومعرفة أشد بما هو مطلوب من مثل هذا الجهد. ولماذا تخرج النتيجة محتفى بها من دون كثير لفت نظر أو دعاية؟ ثم كيف تتابع هذه العناية بلقطات مثيلة أو مختلفة وبإدارة تصوير واحدة قائم على مثل هذا الفهم يؤدي الى إيصال الفهم الإجمالي لما هو منشود ومرغوب من تلك اللقطة أو من أي لقطة أخرى. إنها لقطة تختزن الأجواء، تختزن الحنين، تختزن المشاعر وتجيد تقديم الممثل الذي يجيد أساساً صوغ دوره أمام الكاميرا؟

في أفضل فيلم عرضته الدورة السادسة والخمسون لمهرجان برلين ضمن المسابقة، وهو «صحبة البيت الريفي» لروبرت ألتمان مثل هذه اللقطة: ميريل ستريب تغني والكاميرا تتحرك أمامها على النحو الذي صمّمه لها شيخ المخرجين الأميركيين روبرت ألتمان (80 سنة) مستعيناً بحرفة مدير التصوير إدوارد لاكمان وفي 20 ثانية تقريباً تجسّد كل ما يلزم من مشاعر وأجواء وإجادة.

ضع هذه اللقطة وحدها أمام كل ما ورد في فيلم جعفر بناهي الجديد «أوفسايد» من لقطات تجد أن الفارق يتجاوز حرية اختيار شخصي لدى عدد متزايد من المخرجين الذين يفضلون كاميرا محمولة وحركة دائمة.

جعفر بناهي لديه الدليل على ذلك، فهو حين أخرج «المرآة» (2000) «الدائر» (2002) سنة ٢٠٠٢، صاغ أسلوباً فنياً أفضل بكثير مما فعله في فيلمه الذي انضم الى قائمة الأفلام المتسابقة في دورة برلين الأخيرة معتمداً على مزج ناجح بين أسلوب من السباحة الحرة في مياه السرد غير التقليدي وبين التأليف الفني داخل الفيلم بتصميم لقطاته وإدماجها بحرف العناصر الفنية الأخرى. «أوفسايد» يبدأ بأب يبحث عن ابنته بين ركّاب الحافلة المملوءة بالشبّان المتجهين الى ملعب رياضي يشهد مباراة حاسمة بين ايران والبحرين. لا نرى فتاته، بل نرى فتاة أخرى متنكرة بزي رجالي كشأن عدد آخر من الفتيات اللواتي يحاولن الدخول الى الملعب. بعض الفتيات، وبينهن فتاة الأتوبيس الأولى، يتم كشف أمرهن ويقدن الى حجز في مكان خلف الملعب يحرسهم ثلاثة جنود أحدهم ينتظر تسريحه للعودة الى مزرعته. كل توسلات الفتيات بأن يطلق سراحهن لا تجدي وبعد انتصار الفريق الإيراني وإطلاق أناشيد مثل «تحيا إيران، تسقط البحرين» توضع الفتيات في حافلة البوليس لقيادتهن الى «شرطة الآداب» لكنهن وسط جموع الفرحين بالانتصار الكبير يتسللن الى خارج الحافلة ويهربن مشتركات في الفرحة الكبرى. الطريق الى الملعب والطريق من الملعب مملوء بضجيج الجموع لدرجة لا تطاق، لكن الطرح الساذج والنهاية التوفيقية مع إطلاق النشيد الوطني الإيراني يأكل من كل جهد ومضمون أراده بناهي لجموعه.

عطيل في بغداد

فيلم روبرت ألتمان «صحبة البيت الريفي» لا ينتهي نهاية سعيدة. ملك الموت يحوم حول هذه الشخصيات التي ماتت في الأمس ولو أنها لا تزال تعيش اليوم. إنهم مغنو محطة إذاعية لأغاني «الكانتري أند وسترن» الأميركية. ميريل ستريب و (الوجه الذي يلجأ إليه ألتمان كثيراً) ليلي توملين هما ثنائي يغنيان ويعزفان معاً أمام جمهور من محبّي موسيقى الأمس. اليهما هناك المذيع والمغني غاريسون كيلر ومغنيا الوسترن وودي هارلسون وجون س رايلي وبضعة آخرون. كل واحد من الطاقم الذي يؤدي هذه البطولة الجماعية يعيش في تربة النوستالجيا. يتنفّس ما تبقى من رحيق تلك الأيام البائدة. وليس لديه مكان آخر يلجأ إليه. المحطة مهددة بالإلغاء وأحد المغنين يودع الدنيا فعلاً. لكن المادة ليست، على مكانة أوضاع هؤلاء، درامية بل كوميدية تستفيد من خبرة روبرت ألتمان في تمرير السخرية بوجه عابس.

وهناك الكثير مما يستوجب العبوس في فيلم الكوميدي روبرتو بينيني (الذي قُدّم خارج المسابقة) «النمر والثلج». لا أدري ما علاقة النمر والثلج بالموضوع بأسره لكنه فيلم جيّد بصوغ أفضل من نتيجة بينيني السابقة «بينوكيو» بكثير. كوميديا حول ذلك العاشق الذي يحلم بالعودة الى زوجته التي لا تشاركه مثل هذا الحلم ولو أنها تدرك مدى حبّه لها. في أحد الأيام يأتيه خبر من صديقه الشاعر العربي فريد (الفرنسي جان رينو) بأنها مصابة وغائبة عن الوعي في أحد مستشفيات بغداد في الوقت الذي باشرت فيه القوّات الأميركية الغزو. ينتقل عطيل (بينيني) الى بغداد متنكراً في زي طبيب لأن حبيبته هي كل ما لديه في هذا العالم ويريد أن ينقذها. يجدها في كوما ويحاول تأمين العلاج لها لكن كيف له ذلك والمستشفى يغص بالأطفال والنساء الذين سقطوا في القصف؟ ثم كيف له ذلك والدواء مقطوع؟ مغامرات عطيل في العراق تستمد رمقها من حبه الكبير وبعد أن يحسن المخرج بينيني توظيف الأحداث لتكشف عن معارضته الحرب في العراق ووصمه لها بالجنون واللاإنسانية، ينجح في مسعاه. تفيق محبوبته إنما في غيبته من دون أن تعرف من الذي رعاها وأبقاها حيّة طيلة هذا الوقت. ستعرف لاحقاً حين تعود الأحداث الى روما.

ولا يفوت المخرج الذي كتب السيناريو مع فنزنشو سيرامي إبداء إعجابه بالعراق كمهد الحضارة ومصدر الشعر والأدب العربي في ذروته العاطفية. لا بل أنه يختار تقديم مشهد له ينجذب فيه الى المسجد حين يسمع أذان الفجر ليختلط بالعديدين الذين يؤمون المسجد لغاية الصلاة. بينيني لا يدخل المسجد لكن المشهد يكفي للإيحاء باحترامه الكبير للإسلام.

ولا بد من الوقوف على ما حققه من ضجة الفيلم البريطاني «الطريق الى غوانتانامو» للمخرج (الذي عادة ما يثير الضجيج) مايكل وينتربوتوم. هو أيضاً يتعامل والأوضاع السياسية اللاهبة في هذا العالم ويفعل ذلك بكثير من التأثير: القصة الحقيقية لثلاثة مسلمين بريطانيين من أصل باكستاني كانت القوّات الأميركية القت القبض عليهم في أفغانستان ونقلتهم لاحقاً الى السجن الشهير. والفيلم يرصد ما تعرّضوا اليه من ترهيب وتعنيف وتحقيق لأجل الاعتراف بأنهم أعضاء في القاعدة أو - كما يأمل محققون سذّج - التدليل على مكان وجود أسامة بن لادن.

الغرب يدين بن لادن لا ريب، لكنه لا يستطيع الا أن يدين سجن غوانتانامو والمخرج يقول إن هذا ما يريده وفوقه: «أريد أن يتم إغلاق هذا السجن». الفيلم مزيج من التسجيل (لقاءات متكررة للمسلمين الفعليين الثلاثة) وإعادة بناء روائي لما يسردونه. الكاميرا تتحرك والمونتاج حاد وكذلك الرسالة التي يخرج بها الفيلم.

نظرات هائمة

السينما الأميركية التي وفّرت «صحبة البيت الريفي» وفّرت أيضاً «كابوتي» و «العالم الجديد» و «أثبت تهمتي» في المسابقة أيضاً. «كابوتي» لبَنت ميلر يقلب حصى الأزمة النفسية التي تعرّض إليها الكاتب ترومان كابوتي حين استغل تقرّبه من أحد المجرمين اللذين ارتكبا جريمة بشعة بدم بارد لأجل أن يؤلف كتابه الأشهر «في دم بارد». السيناريو هنا من أذكى وأفضل ما شاهدناه من أعمال من أي مكان. والفيلم استقبل جيّداً والقاعات التي عرضته أكثر من مرة كانت محجوزة صحافة وجماهير.

«العالم الجديد» لترنس مالك ينطلق جيّداً فوق مستوى الأرض لكنه يبقى في ذلك الوسط الفضائي حتى آخره. القصة موجودة لكن المسيطر عليها هو الفكرة التي لا تصل لأكثر من سبب. من بين أهم أسبابها ضعف الكتابة في ما يتعلّق بشخصية بطل الفيلم جون سميث وضعف تأدية تلك الشخصية كما أسندت الى كولين فارل. إنها ذات المشكلة التي واجهت فيلم ريدلي سكوت في «مملكة الجنة». فبطل الفيلم بدا تائهاً في موقفه وذلك لم ينفع في بناء زخم جماهيري تعاطفي غربي مع البطل وبالتالي مع الموضوع. لكن أورلاندو بلوم، الذي لعب بطولة «مملكة الجنة» كان على الأقل مفهوماً حين تكلم. أما كولين فارل، وتبعاً لرغبته في اتباع مدرسة اللاتمثيل عبر أقل قدر ممكن من التعابير وأقل من ذلك من أهمية فعل الحوار، لا يمكن فهم معظم ما يقوله ولا تفسير تلك النظرات الهائمة التي يطلقها على كل شيء بنفس الشعور الممنوع من الإدلاء به. هذه المدرسة لا تنجح مع كل ممثل. تنجح مع الكوميدي بيل مورايكما، ونجحت أكثر مع الكوميدي باستر كيتون، ونجحت مع مارلون براندو في بعض أعماله («جاك ذو العين الواحدة»)، لكنها لا تنجح مع ممثل بمجرد أن يقر بأن هذا هو ما يريد أن يقوم به. كل واحد من المذكورين كان قطع ثلثي المسافة الى المشاهد ضمن طريقته في الأداء، لكن كولين فارل وقف في مكانه من البداية وطلب من المشاهد أن يقطع كل المسافة صوبه.

وهناك قضاة وتحقيقات وجو مثير للمتابعة في فيلم كلود شابرول الجديد «كوميديا السلطة». إيزابيل هوبير تقود التحقيق في اختلاسات وفساد مالي في بعض المؤسسات الحكومية الفرنسية وما يبدأ تلقائياً وعادياً يتعثّر بعض قليل حين تتدخل قوى من السلطة لثني المدعية عن تحقيقاتها ولليّ ذراعها ثم لتهديد حياتها. لكن المشكلة في فيلم شابرول، هذه المرة وبعد نحو 40 سنة من الإنجازات، أن الفيلم ينتهي والمشاهد لا يزال يتوقع المزيد.

أما السينما الصينية فلم تأت بأي جديد ذي مفارقة فنية أو موضوعية مهمة. فيلم تشن كايغي «الوعد» ضرب فانتازي لا داعي له. أين هو من طروحات كايغي وجيله من المخرجين الصينيين الذين تسابقوا يوماً على إبهار النقاد ليس بدرجة براعتهم في توظيف الكومبيوتر غرافيكس لتصوير رجل يقفز 50 متراً في الأجواء، أو امرأة تحلق مثل طائرة الورق أو رجل يركض أسرع من الضوء، بل بدرجة تصدّيهم لقصص إنسانية واجتماعية بإجادة فنية وليس تقنية في الدرجة الأولى. ربما الوعد ما عاد متوافراً. فقط سلسلة من أفلام القتال الشرقية التي تتم بالضغط على الأزرار المناسبة في الاستديو. نهاية مفجعة لأي موهبة.

الحياة اللبنانية في

24.02.2006

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)