كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

إلهام شاهـين:

على نار هادئة يُعرض للنائمين

القاهرة ـ جميل حسن

رمضان المسلسلات

2005

   
 
 
 
 

بعض النجوم الذين دخلوا سباق الدراما التليفزيونية هذا العام شعروا بالحسرة بسبب استبعاد التليفزيون المصري لأعمالهم، أو لأن أعمالهم تعرض في وقت متأخر يحول دون متابعة الجمهور لها، وحتى لو أكد هؤلاء النجوم أن العمل الجيد يفرض نفسه عندما يعرض في أي وقت، فإنك تشعر بالمرارة في كلامهم بسبب ترحيل أعمالهم الى أوقات متأخرة، والفنانة الهام شاهين واحدة من النجمات اللاتي رحلت أعمالهن، ورغم غضبها بدت واثقة واختارت أن تتحدث عن المسلسل ودورها فيه والقيم التي يحملها مشيرة الى ان مسلسلها ''على نار هادئة'' كان يستحق أن يعرض في وقت الذروة لأنه الأنسب للأسرة، وقالت ان المسلسل من أجمل ما قدمت، ونفت أن تكون شخصية ''سميحة'' الأقرب الى شخصيتها الحقيقية·

·         عرض مسلسل ''على نار هادئة'' جاء في توقيت غير مناسب؟

وجهات نظر، والقرار يملكه المسؤولون في التليفزيون المصري، وهم رأوا أن عرض المسلسل بعد الثانية صباحا مناسب، رغم ان الجمهور لم يره·

·         ألم تسع لعرضه في وقت متميز؟

في كل عام دوري ينتهي عند تجسيدي للشخصية، بعدها أودع فريق العمل وأنتظر مشاهدة المسلسل مثل المشاهدين، ولا أتدخل في قرارات المسؤولين في التليفزيون·

·         ألم يحزنك عرض المسلسل في هذا التوقيت المتأخر؟

المسألة لم تصل الى حد الحزن، والعمل المتميز يفرض نفسه على الجمهور، ويسعى اليه الناس، وكنت أتمنى أن يعرض المسلسل في وقت يجلس الناس فيه أمام الشاشة، والثانية صباحا يكون الناس نياما لأنهم يستيقظون لأعمالهم في وقت مبكر ويستيقظ الشباب لمدارسهم وجامعاتهم رغم أن هذه الفئة مستهدفة في المسلسل·

·         أغلب النجمات يسعين لعرض أعمالهن في وقت متميز؟

لا أجيد الطرق على الابواب، فإذا كان هناك سعي فمن المنتج، وقد اعتدت ألا أحرج نفسي مع أحد ودوري في أي عمل ينتهي مع تصوير مشهد النهاية·

·         سمعنا أنك سعيت لاعادة عرض المسلسل قبل الافطار كتعويض؟

لم يحدث، ربما جهة الانتاج هي التي طلبت ذلك وهو مطلب عادل حتى يتمكن الناس من مشاهدة المسلسل، أما أنا فلم أتصل بأحد وأترك الجمهور يطلب بنفسه إعادة عرض المسلسل·

·         كيف؟

''على نار هادئة'' يطرح قضايا تهم الأسرة، وكلها من الواقع ويطرح أهمية التضحية من أجل الآخرين، وأهمية الترابط الأسري وما يترتب على تفكك الأسرة من ميول بعيدة من مجتمعنا الشرقي، كما يطرح مشكلة العنوسة وكيف يسرق العمل الفتاة من الزواج·

إخلاص

·         اخلاص ''سميحة'' في المسلسل انعكس سلبيا عليها

سميحة مؤمنة بكل خطوة تخطوها، وهي ترفض الزواج بالشكل التقليدي، وترى أن تحقيقها لطموحها في العمل هو الأهم حتى توفي حق أسرتها عليها، خاصة اذا كانت هذه الأسرة في حاجة الى عملها·

·         عملها انعكس سلبا عليها؟

سميحة موظفة في احدى الوزارات وأي فتاة مثلها تعمل في وزارة معرضه لمن يعترض طريقها حتى يعوقها عن تحقيق طموحاتها، ولذلك تضطر الى الاستقالة·

·         عنوسة سميحة كانت ضد طموحاتها؟

لم تكن عانسا بإرادتها، فهي لم تجد الشخص المناسب، وعندما وجدته، كان زواجها مستحيلا، وقد استمرت في حبها له لا من أجل الزواج لكنه حبا من أجل الحب، وهو ايضا احبها والاثنان اقتنعا بان زواجهما مستحيل·

·         هل لمست شخصية ''سميحة'' جانبا من حياتك الشخصية؟

طموحها قريب من طموحي والانسان لابد ان يكون طموحا حتى يكون لحياته معنى وقيمة، كما أنها حنونة على كل من حولها، وأنا كذلك وهذا يدركه كل من يتعامل معي، كما أنها ضحت من أجل أسرتها، وهذا واجب عليها ثم اكتشفت بعد فترة·· أن أجمل سنوات عمرها تسربت من بين أصابعها·

·         رفض ''سميحة'' للزواج مثل رفضك له؟

لم أرفض الزواج، وفي هذا الجزء بالتحديد تختلف شخصيتي عن سميحة، لأنني تزوجت، لكن سميحة لم تتزوج، أما كوني لم أنجب فهذه تضحية مني ولست نادمة لأن هناك من يعوضني مشاعر الأمومة·

·         التضحية بالأطفال·· من أجل من؟

من أجل الفن، وفكرت بموضوعية عندما بدأت خطواتي الأولى في مجال التمثيل، فإما أن أكون زوجة وأما، وإما أن أحقق طموحي الفني وأكون نجمة، وبمرور السنوات·· اكتشفت ان كفة الفن غلبت كفة الأمومة ووجدت انشغالي الدائم بفني يسرق مني الاحساس بالأمومة·

·         ألم تحلمي بالأمومة؟

حلمت بها مثل أي فتاة، وأعيشها حاليا مع اخوتي وابنائهم، ولست نادمة لأن قرار الأمومة كان بيدي لكن الأطفال يحتاجون الى رعاية مستمرة من الأم ولو فعلت ذلك ما حققت ما حققته في مجال التمثيل·

·         كثير من الفنانات جمعن بين الأمومة والتمثيل؟

رأيت أن الانجاب يحتاج الى تفرغ، والتمثيل يحتاج الى تفرغ، وغلب الأخير الأول لأنني كنت أخرج من عمل لأدخل آخر ولم أتوقف عن التمثيل عاما واحدا، وربما انشغالي المستمر بالفن شلغني عن أن أكون أما وحب الناس لي يعوضني كثيرا·

قضية

·     لجنة اختيار الاعمال الدرامية التي تعرض على شاشة رمضان رأت ان مشاهد كثيرة من ''على نار هادئة'' لا تتناسب وشهر رمضان؟

أين هذه المشاهد؟ ولماذا لا تتناسب مع رمضان؟

·         قيل أنها مشاهد خاصة بك وترتدين فيها ملابس تتعارض ورمضان؟

ملابسي في المسلسل مناسبة للدور والرقابة لم تعترض عليها وأتحدى من يقول انني ارتديت ملابس عارية وإعلم أن ما تسمعه شيء والواقع شيء آخر، وربما حاول البعض تبرير عرض المسلسل في وقت متأخر بهذه الحجة، وهذا الكلام لن يرد على لسان اعضاء اللجنة ولا أي مسؤول في التليفزيون المصري، لأن هذا لو كان صحيحا·· ما عرض المسلسل من الأساس·

·         من صاحب المصلحة في ترويج هذه الشائعات؟

لا أعرف لكن المسلسل لم تأت بشأنه ملاحظات والملاحظة الوحيدة كانت على بعض الجمل في السيناريو قبل عرض المسلسل على اللجنة وتم تعديلها ويعرض حاليا كاملا بلا حذف·

·         قيل ان كثرة المسلسلات سببها رغبة النجوم في الانفراد بالبطولة المطلقة؟

أي نجم من حقه أن يختار الدور المناسب له والمسألة عرض وطلب فالمنتج الذي يعرف قيمة النجم سوف يسعى اليه، وتأتيني أدوار البطولة دون أن أبحث عنها، ولا استطيع رفضها خاصة اذا كانت مناسبة واذا كان دوري به جديد فعندما عرض عليّ مسلسل ''على نار هادئة'' وجدته جديدا في كل ما يطرحه من قضايا انسانية تهم كل اسرة، وليتني أجد اعمالا تتضمن هذا الكم من المشاعر الانسانية·

·         مساحة الدور هي الشغل الشاغل للنجوم، ولذلك نرى بعضهم يجسد شخصيتين في العمل الواحد؟

تجسيد الشخصيتين في العمل تحكمه الضرورة الدرامية، وتكون رغبة المخرج والممثل يشعر بعبء كبير عندما يتعرض لمثل هذه الأدوار، ولا أنظر لمساحة الدور وطالما قدمت اعمالا مع نجوم مثلي وكانت مساحات ادواري صغيرة مقارنة بأدوارهم لكني أقيس الدور بأهميته·

·         لهذا قبلت دورا صغيرا في مسلسل ''الحرافيش''؟

مساحة دوري في هذا المسلسل لا تتعدى عشر حلقات، لكني شعرت أن الدور مؤثر وأنني سأتواجد طوال الأحداث، والذي يؤكد كلامي دوري في مسلسل ''نصف ربيع الآخر'' ودوري في مسلسل ''بنات أفكاري'' فلم أكن البطلة المطلقة في العملين، كما أنني تقاسمت البطولة مع الفنان حسين فهمي في مسلسل ''الامبراطور''.

·         تبقى مشكلتك مع الأجر التي تثار كل عام؟

ليست مشكلة لأن المسألة عرض وطلب، وأجري معروف للجميع ولا أغالي فيه، والذي يثبت ذلك أجور باقي النجوم ولو لم يكن المنتج متأكدا من أن نجوميتي سوف تعود عليه بالربح لرفض الاستجابة لي فيما يخص الأجر.

الإتحاد الإماراتية في

07.11.2005

 
 

مسلسل "الدريشة".. سلطة الأخ وأزمات الشباب

عياش يحياوي 

عاد عبدالله شقيق بنات عائلة سالم من الخارج بعد نجاح العملية الجراحية التي خضع لها، على إثر الحادث الصعب الذي تسبب فيه إدمانه على المخدرات، وبقدر ما كانت شقيقاته يتمنين له الشفاء - فهو في النهاية أخ عزيز - فقد كن في لا وعيهن حيناً وبالتلميح الواعي حيناً آخر يتمنين ان يكون خروجه من البلاد للعلاج نهاية الكابوس اليومي الذي طالما عانين منه جراء سطوة الأخ عبدالله وجبروته عليهن بدعوى الخوف عليهن، غير ان هذا الخوف “الأبوي” أغلق كل الأبواب النفسية والاجتماعية أمام تطور ونمو الأخوات اجتماعياً.

ومثلما عاد عبدالله مصطدماً بالتحولات التي حدثت في حياة اخواته أثناء غيابه، عاد خالد سليل عائلة شمسة الى البيت بعد مرارة السجن ولياليه التي عاشها مشاكساً، رافضاً الحياة بين مساجين يقلون عنه ذكاء ومكانة -حسب تصوراته الفنتازية الكوميدية- ليس الأخ عبدالله سوى الممثل القدير مرعي الحليان، وليس خالد سوى الممثل القدير أحمد الجسمي في مسلسل “الدريشة” الذي لقي مساحة واسعة من الاهتمام الاجتماعي. المسلسل الذي أخرجه الفنان مصطفى رشيد، وكتب نصه المبدع جمال سالم وشارك في بعض حلقاته الفنان القدير “مدير المستشفى” محمد الجناحي.

تتكون محاور هذا المسلسل “عائلة سالم” و”عائلة شمسة” و”عائلة سعيد” و”عائلة عيسى” والمحيط الاجتماعي لهذه العائلات الثلاث التي استطاع جمال سالم ومصطفى رشيد من خلال أفرادها ومشكلاتها وتطلعاتها ان يضيئا على جوانب مهمة في المجتمع الاماراتي بعد أكثر من ثلاثين سنة من قيام الدولة. وعلى الرغم من اني لم أتابع -آسفاً- الحلقات الأولى من المسلسل إلا اني استمتعت بما بقي منها. استمتعت بالصراع اليومي بين الأخت حصة، التي تقمصت دورها الممثلة الراقية في أدائها سميرة أحمد، وبين اخواتها “خلود” منى شداد التي تميزت بالقدرة على التمثيل المتميز بملامح الوجه، كما تميزت بكبريائها ومشاكساتها وغيرتها من الأخت الكبرى، و”الدكتورة إيمان” شيماء سبت السليطة اللسان، المضطربة في موقفها من الأسرة والمحيط الاجتماعي ومن المستقبل أيضاً، و”آلاء” الأخت الصغرى الطيبة في جوهرها، الذكية في البحث لها عن طريق خال من الأشواك والعثرات.

لم يكن هذا الصراع بين الاخوات ناتجاً عن كره له أسس واضحة بينهن، ولكنه كان ناتجاً عن محاولة الخروج من الدائرة الضيقة التي رسمها بروح قمعية الأخ عبدالله، حتى انه مرت لحظات حاولت كل أخت ان تتقمص شخصية الأخ المتجبر العاتي، خاصة بعد سفر عبدالله الى الخارج للعلاج، في ظل المرض المزمن الذي يعاني منه الأب سالم، الذي تقمص دوره الممثل هلال محمد المعبر بقوة عن مشاعره وأفكاره على الرغم من كونه مقعداً، فقد تركزت الكاميرا في الغالب على ملامح وجهه، الذي يتميز بعضلات خبيرة في الإفصاح عن كوامن النفس وحيرتها وعجزها.

وإذا كان خالد في عائلة شمسة قد وجد فاعل خير يسدد الديون التي كانت السبب في دخوله السجن، فقد أضاع شقيقه “الدكتور الطبيب منصور” الممثل عبدالله النمر حبه الأول، وظل ممزقاً بين مشاعر عاطفية قديمة وأخرى جديدة، نتيجة عدم حسمه لمواقفه من “المحبوبة”، وأضاع شقيقه الثاني “يوسف” الممثل محمد العامري أي فرصة في بناء مستقبله بعد انتهاء مشواره الرياضي في كرة القدم، وراح يستسلم لقراءة الجرائد والإحساس بلا جدوى المستقبل، غير انه استعاد قدراته في نهاية المسلسل وحصل على أمرين مهمين هما حصوله على عمل وعلى قلب “آلاء”.

أما عائلة سعيد فقد برز فيها الممثلان أحمد الأنصاري المتقمص شخصية سعيد، والممثل فيصل العميري المتقمص شخصية ضابط الشرطة سليمان.

ما أشرت اليه سابقاً هو التلخيص المختصر جداً لأدوار الممثلين، قمت بذلك وأنا أدرك أن الحديث عن مسلسل درامي تلفزيوني يحتاج الى لغة تشريحية أخرى تتناول محور “الاخراج” بمناظره الداخلية والخارجية وشخوصه وقدرته على “طبخ” امكانيات الممثلين والديكور والنص والمؤثرات التقنية والفضاء في بناء عمل درامي، من دون أن ننسى الموسيقا التصويرية التي أسهمت في كثير من المواقف في زلزلة الرتابة وشحن مشاعر المتفرجين بابداع الفنانين ابراهيم أميري ومحمد صالح.

لا يمكن الانتهاء من هذه الكلمات المختصرة حول عمل درامي كبير شغل مئات الآلاف من الأسر في الخليج العربي والبلدان العربية من دون التنبيه الى مواهب أمتعت وسيكون لها أفق واسع في قلب المشاهد مستقبلاً أقصد بذلك الممثل ناجي خميس وأحمد مال الله وبنات “عائلة سالم”، الى جانب عبدالله عبد العزيز الذي أثار اهتمامي بقدرته المكثفة في التمثيل بملامحه، تلك ميزة الممثل القدير فعلاً.

مسلسل “الدريشة” عمل فني، ومن هنا تجب متابعته النقدية من قبل مختصين في نقد الدراما، وهو عمل محور اجتماعي، ومن هنا تجب متابعته من قبل الباحثين في تطور المجتمع الاماراتي وبنيته العرفية ومجالات انفتاحه على العالم الجديد، وهو الى جانب ذلك يضم كوكبة من خيرة الممثلين في المسرح الاماراتي الى جانب مواهب جديدة، ومن هنا تجب دراسة القدرات التمثيلية لكل واحد من هؤلاء اللواتي والذين أمتعونا على مدى شهر رمضان.

ما أختم به هو توجيه التحية لكل المشاركين في المسلسل، وتوجيه سؤال هو: ألا يمكن فتح “دريشة” على غياب هذه الطاقات الفنية الجميلة والراقية على مدار السنة، على مستوى الدراما التلفزيونية المحلية وعلى مستوى المسرح؟

الخليج الإماراتية في

07.11.2005

 
 

عابد فهد ممثلاً ومنتجاً في دور ساهم بتغيير مجري التاريخ

الظاهر بيبرس واستعادة التاريخ من خلال الدراما

دمشق ـ من أنور بدر:  

رغم تقدم الدراما المعاصرة في هذه الدورة الرمضانية علي حساب المسلسلات التاريخية، إلا أنّ أعمالاً متميزة في هذا المستوي ما تزال قادرة علي فرض نفسها علي المشاهد وعلي الفنان بآن ٍ معاً، حتي أنّ عابد فهد أغرته اللعبة فدخل شريكاً في إنتاج مسلسل الظاهر بيبرس باعتباره خياراً شخصياً له، وقد كان من بين الخيارات الموفقة التي جذبت عدداً من المشاهدين لمتابعته يومياً علي القناة الأولي للتلفزيون السوري، خاصة وأنه تأكيد للتعاون بين عابد فهد الممثل ومحمد عزيزية المخرج الذي قدمه لنا في الدورة الرمضانية السابقة في دور الحجاج ابن يوسف الثقافي ضمن المسلسل الذي حمل اسمه.

وقد جاء عابد فهد من الإذاعة السورية ليتألق سريعاً في أدوار تلفزيونية كان أهمها دور شوكت القناديلي في مسلسل حمام القيشاني ، ثم أداؤه لشخصية جساس في مسلسل الزير سالم ، حتي استطاع ان يختطف مؤخراً عن دور الحجاج جائزة أحسن مثل في مهرجان الإذاعة والتلفزيون الذي أقيم مؤخراً في تونس.

يقول عابد فهد عن شخصية الظاهر بيبرس: إنّ سيرته مليئة بالأحداث التي شكلت نقطة تحوّل في تاريخ المنطقة، والعمل محاولة لتقديم بيبرس بمنظور فكري وعبر رؤية معاصرة، حيث يتم الحديث فيه عن القومية العربية، وعن الأمة التي تتعرض للتمزيق، والتأكيد علي الروابط وأواصر الوحدة . وهي أشياء قد تكون جميلة، إلا أنّ الكثير من المشاهدين والمهتمين رأوا فيها لوياً لعنق التاريخ. حيث كان الظاهر بيبرس جزءاً من الحقبة المملوكية، التي تحكم فيها المماليك بالبلاد والعباد، دون ذكر واضح للأمة أو للقومية العربية التي لم تكن قد تبلورت في تلك المرحلة، لكنها تأثيرات الأيديولوجيا التي تخترق مسامات الدراما، خاصة وأنّ المماليك نجحوا في صد الغزوات الصليبية المتكررة علي بلاد الشام، وأسروا في إحدي المعارك الملك الفرنسي لويس، ولم يطلقوا سراحه إلا بعد جلاء آخر جندي صليبي عن مصر.

وبعيداً عن هذه المسألة، يُمكن القول أنّ العمل كان أميناً لصراعات وتناقضات تلك الحقبة من زواج شجرة الدر بعز الدين أيبك بعد مقتل الملك الصالح الأيوبي، إلي مقتل طوران شاه علي يد بيبرس، إلي رفض الخليفة العباسي ولاية شجرة الدر علي مصر مع مناصرة الأمراء الأيوبية والمماليك الصالحية لها.

ورغم بعض الملاحظات علي السيناريو، إلا أنه جاء عملاً متميزاً في أول تجربة لكاتب شاب غسان زكريا، وهو من الأعمال الضخمة والغنية بالأحداث والشخصيات، الذين فاق عددهم المئتي شخصية مع أعداد كبيرة من الكومبارس، وقد حوي العمل علي (32) معركة، وهو ما كنا نأمل ان يتقلص وقعها علي شاشاتنا، فيما توزعت أماكن التصوير علي (183) موقعاً في أكثر من محافظة سورية.

وكان يُمكن لأي متابع لهذا العمل أن يكتشف حضور الحدث وتطور الدراما بعيداً عن الإخبار أو السرد الذي يملأ الكثير من الأعمال التاريخية بشكل خاص، فالمخرج محمد عزيزية حاول بجهد كبير تصوير الوقائع بدل الحديث عنها، وهو ما ساهم في تقديم مشهدية درامية غنية بالإثارة والترقب.

وكما اعتمد المخرج علي نص جيد، فهو اعتمد علي ممثلين خبراء أيضاً، فرأينا عابد فهد بدور بيبرس، وسوزان نجم الدين بدور شجرة الدر، وغسان مسعود بدور الملك الصالح أيوب، وسلاف فواخرجي بدور نوركان زوجة بيبرس، باسل خياط بدور المماليك البحرية، كذلك أقطاي الذي لعب دوره الممثل اللبناني رفيق علي أحمد، فيما أدي الممثل فايز قزق دور الصالح إسماعيل، وتيسير إدريس بدور علاء الدين البندقداري، وسعد مينة بدور أيبك، وريم زينو بدور رقية.

كما استضاف العمل عدداً من النجوم في ادوار ثانوية كضيوف شرف ومنهم الفنانة القديرة مني واصف بدور أم الملك المنصور، وعبد الرحمن آل رشي بدور الخليفة المستعصم، وعب الهادي صباغ بدور علم الدين شجار الحلبي، وزهير عبد الكريم بدور المنصور إبراهيم، وزهير رمضان بدور هولاكو، وسلافة معمار بدور إيزابيلا، وعبد الحكيم قطيفان بدور الكامل محمد، وكثيرون غيرهم..

ونقرأ في البطاقة الفنية للعمل مدير التصوير جورج لطفي الخوري، ومؤلف الموسيقي التصويرية رعد خلف، ومهندس الديكور أنور زركلي وزياد قات، ومصممة الأزياء رجاء مخلوف، وفريق الماكياج بإدارة الخبير الإيراني جلال معايريان، أما فريق المؤثرات لمرئية فكان بقيادة GSFX الإيطالي، ومخرج المعارك الحربية فهو CLIVE CUNTS البريطاني.

أي أنّ المخرج وفرّ أهم مقومات نجاح العمل، اعتماداً علي تحالف إنتاجي بين شركة إيبلا الدولية للإنتاج السينمائي والتلفزيوني بإدارة عابد فهد، والشركة الكويتية للكبل التلفزيوني.

القدس العربي في

07.11.2005

 
 

ضوء .......

مسلسلات سياسية

عدنان مدانات

تسير الدراما التلفزيونية العربية التي بدأت تتطرق للموضوع المرتبط بالحركات الأصولية في العالم العربي في خطى السينما المصرية خاصة والعربية عامة، التي تجرأت في العديد من الأفلام التي أنتجت في السنوات الأخيرة على الحديث عن الحركات الأصولية المعاصرة ومعالجة موضوع التطرف الديني وما نتج عنه من عمليات إرهابية، إذ تشهد بداية الموسم الجديد للمسلسلات التلفزيونية العربية عروض بعض الأعمال الدرامية الحديثة التي تدور حكاياتها، أو بعض من حكاياتها، في إطار الموضوع الذي بات يشغل العالم منذ سنوات والمتعلق بما يصطلح على تسميته ب”الإرهاب الأصولي”. ومن الواضح أن الإقدام على إنتاج مثل هذه الأعمال الدرامية في هذا الفترة، وبغض النظر عن دوافعه، نوع من المغامرة التي تتسم بجرأة كبيرة، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار، المصير الذي آل إليه مسلسل “الطريق إلى كابول” الذي تم إنتاجه للعرض في موسم العام ،2004 ولكن الجهة المنتجة اضطرت إلى إيقاف بثه، بعد أن رأت بضع حلقات منه النور، وذلك إثر تهديدات تلقتها الجهة المنتجة والمحطات التي أعلنت عن عروض للمسلسل. ويدل الإقبال على إنتاج وعرض هذه المسلسلات في الموسم الجديد على أن التهديدات التي تسببت في منع مسلسل “الطريق إلى كابول” كانت ذات تأثير جزئي ومؤقت، ولم تستطع أن تصمد في وجه اندفاع التيار الذي كان مسلسل “الطريق إلى كابول”، الضحية، مجرد بداية له، وبالتالي لم توقف مسيرة إنتاج المسلسلات التي تعالج هذا الموضوع المشبع أو المحاط بالألغام، والذي يصر منتجو الدراما التلفزيونية على الخوض فيه باعتبار أن هذا الموضوع بات الشغل الشاغل للسلطات والتجمعات السياسية ووسائل الإعلام في المجتمعات المعاصرة عربيا وعالميا.

ونأخذ على سبيل المقارنة مع السينما نماذج ثلاثة أفلام مصرية متنوعة أُنتجت خلال العقد الأخير من الزمن هي “يا دنيا يا غرامي” و”هستيريا” و”الأبواب المغلقة”.

الموضوع الأساسي في فيلم “يا دنيا يا غرامي” يقوم على تتبع وقائع من الحياة اليومية لثلاث فتيات من الطبقة الوسطى يقاومن مصاعب الحياة ويتمسكن بالعيش على الرغم من أن كلا منهن تتعرض لمشاكل حادة خاصة بها، ومع أن مادة الفيلم وموضوعه يكتسبان أهمية خاصة، نجد أن الفيلم يقحم الموضوع السياسي من خلال شخصية شاب مأزوم لا يجد حلا  لأزماته العاطفية غير أن يلتحق بإحدى الجماعات الأصولية فيتحول إلى إنسان إرهابي متعصب لا يتورع عن طعن أخته بالسكين.

ويقوم فيلم “هستيريا” على حكاية شاب من بيئة فقيرة نوعا ما يحلم بأن يكون موسيقيا ولكن ظروف المعيشة القاسية تمنعه من تحقيق حلمه، ويركز الفيلم على المشاكل العاطفية التي يعاني منها جيل الشباب في الأحياء الشعبية، غير أن هذا كله لم يمنع الفيلم من أن يدلي بدلوه في موضوع الحركات والجماعات الأصولية، حيث نلتقي مع أعضاء مثل هذه الجماعات في أكثر من مشهد في الفيلم “هستيريا” وهم يلوحون بالجنازير والسكاكين في مترو الأنفاق في القاهرة وهم يهاجمون بطل الفيلم  الذي يقف مع أعضاء فرقته ويحاول أن يغني للمارة.

ويدور فيلم “الأبواب المغلقة” حول حكاية امرأة شابة فقيرة مطلقة وجارتها الممرضة الشابة التي لا تتورع عن ممارسة الدعارة للحصول على مصدر إضافي للدخل. ويركز الفيلم على علاقة المرأة المطلقة بابنها ومحاولتها جعله ينجح في دراسته بما يجعلها تتفق، رغم ضيق ذات اليد، مع مدرس خصوصي سرعان ما سيصبح عشيقا لها. غير أن الابن يقع تحت تأثير مدرس الدين المنتمي للتيار الأصولي فيواظب على حضور حلقاته وينضم لجماعته. وفي نهاية الفيلم يقوم الابن بقتل والدته وعشيقها بعدما ضبطهما معاً.

تثير ظاهرة بدء موجة مسلسلات الحركات الأصولية السؤال حول مدى جدية وجدوى معالجة المواضيع ذات الصلة بشكل أو بآخر بالسياسة من خلال الدراما التلفزيونية، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار واقع أن من طبيعة الدراما التلفزيونية التي تتوجه إلى، أو تخاطب عامة الناس، أن تميل إلى التبسيط في السرد والمعالجة الدرامية والتسطيح في المضمون، بهدف إراحة المشاهدين المدمنين على الترفيه التلفزيوني من ناحية، وتجنب الكثير مما يمكن أن يجعل من مضمون هذه المسلسلات عرضة للاعتراض والاحتجاج والمحاسبة من قبل السلطات الرسمية أو الاجتماعية أو حتى  أقلام الكتاب والمعلقين في وسائل الإعلام، من ناحية ثانية.

ثمة زاوية أخرى يمكن الانطلاق منها لنقاش هذه الظاهرة بغض النظر عن عملية تحليل كل مسلسل على حدة، إذ تعيد ظاهرة المسلسلات التي تقتحم مجال المواضيع السياسة، لاسيما الراهنة منها والحساسة والخلافية، إشكالية “نوع” المسلسل الذي يمكن وصفه بالمسلسل السياسي، وهي ذات الإشكالية التي أثيرت في السينما قبل نحو خمس وأربعين عاما عندما انطلقت ظاهرة الفيلم السياسي في السينما الإيطالية وانتشرت بعد ذلك عالميا حيث تأثر بها العديد من السينمائيين في العالم خاصة من ذوي الميول اليسارية.

ففي حين كان من الشائع أن يتجرأ البعض على التأكيد أن السياسة موجودة في خلفية كل الأفلام بغض النظر عن قصصها ومواضيعها، وبالتالي فإن كل الأفلام سياسية، جاءت موجة الفيلم السياسي الإيطالي، والتي كان من أبرز أقطابها المخرج الشهير فرانشيسكو روزي أبرز أفلامه السياسية المبكرة، المباشرة والمحددة المنهج، فيلم “الأيدي فوق المدينة”  عام 1963 وفيلم “قضية ماتي” عام ،1972 لتبرهن على أن مثل هذا الفهم للعلاقة بين السينما والسياسة نتاج فهم سطحي وغياب للموقف الواضح من قبل من يتمسكون به، ولتبرهن بالمقابل، على أن معالجة المواضيع السياسية الراهنة والملحة في السينما، تحتاج، كي تكون ذات قيمة معرفية وذات مصداقية، إلى شكل جديد وإلى منهج جديد يعتمد في أساسه على تولي معالجة الموضوع السياسي مباشرة، واختيار مادته من الواقع الراهن في غالبية الأحوال، وعلى بناء الدراما من خلال الوقائع والوثائق المرتبطة بالموضوع وإخضاعها لعملية تحليل لا تخلو من موقف يعتمده صانع الفيلم، بحيث نحصل في النتيجة على فيلم يمكن اعتباره موقفا وفعلا سياسيا سينمائيا، فبدون ذلك لا جدوى فعلية من التطرق للسياسة في الأعمال الدرامية التلفزيونية والسينمائية.

الخليج الإماراتية في

07.11.2005

 
 

مسلسل المرابطون والأندلس تعرض لتفكك دولة المسلمين وتناحر حكامها

الدراما التاريخية السورية: ما أشبه اليوم بالبارحة

القاهرة - من رياض ابو عواد  

مسلسلا 'ملوك الطوائف' و'المرابطون والأندلس' أسقطا التاريخ على الواقع بما يمثله من تفكك وتحالف مع الأعداء.

في الوقت الذي تشتد الضغوط الدولية على دمشق لجأت الدراما التاريخية في المسلسلات السورية التي عرضت خلال شهر رمضان الى الاسقاط التاريخي على الواقع المعاصر خصوصا "ملوك الطوائف" و"المرابطون والاندلس" و"الظاهر بيبرس".

وبرز الاسقاط التاريخي على الواقع في المسلسلات الثلاثة عبر الاشارة الى تفكك الدولة الاسلامية وما يقابلها من تفكك الان في العالم العربي وحرص ملوك الطوائف على عروشهم اكثر من حرصهم على شعبهم وارضهم واخوتهم في الممالك المجاورة الى حد ذهاب بعضهم الى حد التحالف مع الاعداء.

وتطرق مسلسلا "ملوك الطوائف" و"المرابطون والاندلس" الى مرحلة تحلل الخلافة الاموية في الاندلس وانقسامها الى دويلات في الوقت الذي كانت تتكون فيه دولة المرابطون الناشئة القوية في المغرب.

من ناحيته تطرق مسلسل "الظاهر بيبرس" للدويلات في بلاد الشام بعد ان ضعفت خلال مواجهتها مع الصليبيين وجاء الغزو المغولي ليفاقم من حالة التفكك في لحظة شهدت تفكك دولة الايوبيين في مصر وسيطرة المماليك القوية عليها.

وهذا الاسقاط لفت نظر نقاد مصريين الى اهمية الرؤية التاريخية للواقع العربي وبينهم سيد محمود الذي اعاده الى "التحايل على الواقع السياسي المعاصر في سوريا وتجنب الصدام المباشر معه".

واضاف محمود الناقد في صحيفة "الاهرام العربي" ان هذه المسلسلات تريد في الوقت نفسه "دعم الموقف السياسي السوري الرسمي بطريقة البكائيات على الحق العربي والاندلس الضائعة والنظام نفسه في سياساته المعلنة يشير دائما الى تراجع العرب وتنازلاتهم".

لكنه اعتبر ان ذلك "لا يعني انها تقف موقف الداعم للنظام بل هي توجه له نقدا قاسيا باختيارها شخصيات مستبدة ومتفردة لا تراعي حقوق المواطنين وتعمل على تغييبهم مما يوقع الهزيمة بالدولة التي تعاود الانتصار عندما يتمرد عليها الشعب وتعود السلطة الى رشدها".

من ناحيتها اشارت الناقدة علا الشافعي الى التشابه مع الواقع معتبرة ان "الانظمة العربية القائمة حريصة على بقائها في عروشها مهما كان الثمن الذي ستدفعه للولايات المتحدة الامريكية ومؤخرا اسرائيل حتى تضمن بقائها على مقاعدها".

وتابعت "لعل ما قام به الرئيس الليبي معمر القذافي في فتح العلاقة مع الولايات المتحدة الاميركية يكشف بشكل كاريكاتوري ساخر الحال الذي آل اليه حال الحكام العرب الى جانب ما تقوم به الانظمة في السر ولا نعرف الى اين يصل بنا فهذه فلسطين ضاعت والعراق مرهون بالتقسيم والسودان ايضا يطاله هذا الخطر ولا احد يهتم بما يجرى".

واعتبر الكاتب الروائي عزت القمحاوي ان مسلسل "الظاهر بيبرس" لجأ الى الاسقاط التاريخي لسقوط العراق تحت ضربات المغول وتحالفهم مع الصليبين في محاصرة الدويلات العربية في بلاد الشام "ليشير بوضوح الى الامن القومي العربي وتعرضه للخطر بما يوازي تحالف الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل في العراق وفلسطين ضد مصالح الامة العربية".

وبعيدا عن الاسقاط التاريخي الذي يشكل اهمية خاصة في الدراما التاريخية السورية فانها في الجانب الفني تميزت ايضا وذلك لمجموعة من الاسباب اهمها حسب محمود "التصوير بطريقة سينمائية فحافظت على جمالية الصورة وجمالية اداء الممثلين الى جانب التصوير في الخارج في ظل طبيعة جميلة والاثار خصوصا القلاع التي يتم فيها التصوير".

وراى الناقد كامل حلمي ان مسلسل "ملوك الطوائف" لحاتم علي تاليف وليد سيف "اتسم بجمال اداء الفنانين ودقة اختيار المخرج لشخصياته".

فقدم ايمن زيدان دور ملك اشبيلية وقرطبة المعتضد الذي امتلك الدهاء والقوة والقدرة والسلطة باداء بسيط مقنع.

اما مسلسل "المرابطون والاندلس" لناجي طعيمي تاليف جمال ابو حمدان فقام بدور المعتضد فيه الممثل سلوم حداد الذي كان "انفعاليا" رغم تفوق اداؤه في مسلسل "نزار قباني" لباسل الخطيب تاليف قمر الدين علوش بحسب الناقد.

موقع "ميدل إيست أنلاين" في

07.11.2005

 
 

دعوة لتأسيس حركة كفاية لنجوم مسلسلات رمضان

يسرا والفخراني والفيشاوي مازالوا مصرين علي أدوار الشباب حتي ولو غادرهم الشباب

د. وليد سيف

مع تغيير وزير الإعلام وقدوم الوزير الجديد الشاب أنس الفقي استبشرنا خيرا في أشياء كثيرة ومنها مستوي ما نراه من أعمال درامية بوجه عام وفي شهر مهرجان المسلسلات المسمي رمضان بوجه خاص، وقد تزايدت جراعات التفاؤل بعد أن قرأنا عن تشكيل لجنة للدراما لتقييم المسلسلات قبل الاختيار النهائي لما سيعرض في رمضان، ولم نتأثر كثيرا عندما علمنا بمحدودية دور هذه اللجنة وفي حجم أو كم المسلسلات التي علي اعضائها أن يجيزوها ثم يأتي بعد ذلك دور جهات أخري لتفضيل عمل عن آخر أو لإختيار موعد العرض الأمثل والأنسب لكل عمل.

ولكننا في الحقيقة وبعد مقارنة ما أجيز للعرض في التليفزيون المصري في مقابل ما أتيح له العرض في قنوات أخري نستطيع أن ندعوا بدوام الصحة والعافية للسادة أعضاء اللجنة ولكل لجنة تتعرض لهذا النوع من التعذيب الإجباري تحت شعار الرقي بمستوي ذوق المشاهد أو الحيادية بين الأعمال المتنافسة، ولكنها في الحقيقة لجان للمفاضلة بين الأسوء والأقل سوءا والأردأ والأكثر رداءة ، والغريب أن المشكلة الأساسية التي تواجه الدراما في بلدنا لا تتعلق بالدراما في حد ذاتها أو في كتابها أساسا وإنما في هؤلاء النجوم الذين يفرضون علينا هذا النوع من الدراما بل ويجبروننا علي أن نقبل كل ما هو غير قابل للتصديق، علي أساس أن هذا هو المتاح وأن هؤلاء أحسن من «دوكهما» وأن الذين نعرفهم أفضل من الذين لا نعرفهم وأنه مادام عندنا ممثلون كبار وأصحاب خبرة فلماذا اللجوء للجدد عديمي الخبرة.

ودعونا نلقي نظرة علي السادة الأفاضل والأساتذة الأعزاء وهم يتجرعون ساعات طويلة «حتي ولو علي طريقة مختصرة» لمشاهدة الفنان القدير الأستاذ أحمد بدير وهو يقوم بدور ابن العمدة الذي يوقع الفتاة الفقيرة في حبائله والذي يسعي والده أن يزوجه رغما عن ارادته.. هل تتصوروا أنه يمكن لطفل أن يصدق أحمد بدير في دور مثل هذا وفي سنه هذا وهو ما كنا نعجز عن تصديقه أيضا إذا أداه وهو شاب لأننا لم نكد نعرف أحمد بدير في هيئة شاب يافع علي الإطلاق.. والأغرب من كل هذا أن تتسع دائرة دوره بدون مناسبة ليتحول العمل كله إلي حسابه علي الرغم من أنه مجرد شخصية كانت علي علاقة بشقيقة البطل الذي يؤديه الفيشاوي والذي يتم تحجيم دوره إلي أقصي حد لحساب أحمد بدير ربما بفضل أن قدرات بدير الصحية والبدنية تسمح له بتصوير عدد ساعات أكثر من بطل المسلسل الحقيقي الذي من الواضح أنه كان مشغولا في أعمال أخري، عليك أيضا في مسلسل صدق أو لا تصدق الذي لم ينقطع طوال شهر رمضان أن تقبل فاورق الفيشاوي بوجهه المجهد العجوز- رغما عن صبغة الشعر وجهد الماكيير - هو ابن للفنانة سوسن بدر وهو أيضا الشاب اليافع في مواجهة زوج الأخت الرجل الكبير الشرير مفيد عاشور الأكثر شبابا بصورة ملحوظة.

في مسلسل آخر لا يتواني الفنان الكبير يحيي الفخراني عن اتحافنا بإبداعه التمثيلي في شادره الرمضاني أو مسلسله السنوي وفي تعبيرات مكررة بعينها ومواقف استهلكها منذ عدة سنوات مهما اختلف الموضوع ومهما كان نبل الأفكار، ولكن الإضافة التي فاجأنا بها هذا العام هي قيامه بدور الأب العجوز ثم الابن الشاب، هل تتصورا يحيي الفخراني شابا.. هل بقي في ذاكرة احدكم صورة له علي هذه الهيئة.. أشك أن ألبومه الشخصي يمكن أن يتضمن صورة له من هذا النوع وإن أمكن ذلك فربما نري لاحقا صورة لعبدالوارث عسر شابا وهو الذي كان يقوم بدور والد عبدالوهاب وهو في ريعان شبابه دون أن نشك للحظة واحدة أن عبدالوارث أصغر سنا من أن يكون والده.

الفنان القدير الذي امتعنا لعشرات السنوات في المسرح والتليفزيون محمد صبحي مازال مصرا علي أن يفعل كل شيء في مسلسلاته.. سواء كان ذلك معروفا للجميع وديا أو مدونا علي التيترات كما هو الحال هذا العام حيث نراه البطل والمؤلف وصاحب الرؤيا التليفزيونية كما لو كان مخرج العمل صاحب رؤيا إذاعية أو مسرحية مثلا هذا بفرض أنه من حقه أن يمتلك رؤية من أساسه في مواجهة صبحي، ومن الواضح أن الرؤيا التليفزيونية للأستاذ صبحي هي التي تحولت إلي رؤية إذاعية ولم يجد أحدا لينبهه أن مسلسلات التليفزيون ليست منابر للوعظ ولا قاعات محاضرات أو حصص مدرسية مصورة، وهذا ما حدث بالتحديد في أكثر من حلقة من مسلسله حيث يجلس التلاميذ أمامه في المشهد ونجلس نحن أمام شاشات التليفزيون ليلقي علينا الأستاذ صبحي حصصا كاملة في التاريخ السياسي والأخلاق وكل شيء يتراءي إلي نفسه.

الفنانة الجميلة منذ عشرات السنوات يسرا مازالت مصممة علي القيام بدور الشابة الجميلة، وهي تضيف هذا العام إلي ألبومها شخصية شعبية ويمكن بمنتهي السهولة أن تلاحظ هذا التشابه الشديد بين أدائها وملامحها وملابسها وروحها وشخصيتها وأداء داليا الخوجاية في دور المرأة الشعبية الذي كان مسار سخرية الجميع في فيلم «اليوم السادس» منذ أكثر من خمسة عشر عام، ولكن يسرا مصممة علي أن تقوم بهذا الدور وأن تحيل كل الشخصيات المحيطة بها إلي كومبارس ولا مانع من ترك مساحة للنجم الصاعد بقوة خالد صالح من باب الاستغلال لا أكثر، وليعلم خالد صالح أنه اشترك في مهزلة عليه أن يتجنب المشاركة في أي مثيل لها بعد ذلك مهما كان حجم الإغراء أو الحرج من أي شخص أياً كان.

الفنان القدير صلاح السعدني في مسلسل معروض علي إحدي الفضائيات يقوم بدورين لأخين توأم يدور الصراع بينهما، وعلينا بالطبع أن نستمتع بمشاهدة هذا النجم الكبير لمدة تقارب الثلاثمائة ساعة بل وأن نشاهد نسختين منه في الكادر الواحد في عدد كبير من الحلقات، الأدهي والأمر من كل هذا أن الفنان لم يبذل أي جهد يذكر في التمييز بين الشخصيتين لا صوتيا ولا حركيا ولا نفسيا.. بل ترك المهمة للماكير الذي اكتفي بوضع شارب لأحدهما كما لو كانت المسألة كلها عبارة عن تمييز وليس تشخيصاً.

الخلاصة أنه ليست هناك أي فرصة لأحد للمنافسة في ماراثون التمثيل الذي يشغله الكبار وحدهم وليس هناك مجال لشاب ليقوم بدور شاب فقد احتكر هؤلاء النجوم كل الأدوار المهمة وكل الشخصيات وكل المراحل العمرية، بل أنهم قد تحدوا كل أصول وقواعد اختيار الممثل ومازالوا يواصلون حضورهم التليفزيوني رغما عن أي استفتاء مزيف أو لجان درامية تصدر ما تصدر من توصيات.. إنه القدر الذي جعلنا نتقبل إجباريا عقدا مؤبدا ابديا لمطالعة كل هؤلاء النجوم كل عام لعشرات الساعات من التعذيب والإذلال اليومي بحثا عن أمل في لحظة متعة فنية.

أعزائي القراء لن ينصلح حال الدراما ولا أي شيء بتغيير وزير بآخر ولا بتشكيل لجان تنبثق عنها لجان وتتمخض عن توصيات لا يعمل بها أحد .. الحل الوحيد هو أن نقف جميعا في وجه هؤلاء النجوم صارخين بأعلي صوتنا كفاية.. علنا نفلح في مواجهتهم قبل أن نفكر في مواجهة من هم أكبر منهم في السن أو في أي شيء.

جريدة القاهرة في

08.11.2005

 
 

في حوار غاضب .. ممدوح عبدالعليم:

* أرفض تحويل المنافسة الدرامية بين مصر وسوريا إلي أهلي وزمالك

* هجرت السينما.. لأنه لم تعد هناك سينما

كرم محمود عفيفي  

في البداية رفض إجراء الحوار معي حينما شاهد في يدي ورقة أسئلة معدة سلفا وقال في هدوء: «خلي الحوار تلقائي»، وبالفعل قمت بتمزيق ورقة الأسئلة وأجريت معه هذا الحوار العاصف والذي جاء علي خلاف ما أظن.. فهذا النجم في إجاباته لم يكن غاضبا بقدر ما كان متألما لما صارت إليه الأحوال الفنية في السينما والمسرح والتليفزيون. إنه النجم الفنان ممدوح عبدالعليم الذي حاورناه فأجاب:

·         بصراحة لماذا هجرت السينما؟

ـ بصراحة.. بصراحة.. لأنه لم يعد هناك وجود للسينما.. السينما التي عشقتها وضحيت من أجلها لم يعد لها وجود.. السينما التي أحببتها لم يعد لها وجود لك أن تتخيل أن حياتي الشخصية لم أكن أفكر فيها في ظل وجود سينما أيام ما كان فيه سينما، أنا لم أتزوج في بداية شهرتي لأن السينما أيام ما كان فيه سيمنا لا تحتمل أن يعيش المرء بقلبين، فالسينما كانت زوجتي كنت أعطيها كامل روحي لذلك أعطتني شهرتي، فأنا لا أعرف الرقص فوق السلم اعتنق المقولة الهاملتية «أكون أولا أكون»، فحينما تتحول السينما إلي ما يسمي بالبزرميت فشكرا للإلهة وعلي في هذه الحالة أن أتوجه وجهة أخري فأنا لم أهجر السينما فقط أعطيت السينما ظهري لفترة قد تطول أو قد تقصر فقرار هجرة السينما كان اختياري أنا هجرتها في حين أنها هجرت آخرين فقرار إعطاء الظهر للسينما جاء بعد فيلم «رومانتيكا» لقد توقف الفيلم مرة بسبب المواد الخام ومرات بسبب الخلافات المادية التي كان من الممكن حلها في جلسة ودية.

·         إذن ما رأيك في السينما الشبابية الآن؟

ـ بالنسبة للسينما الشبابية أنا ليس لي رأي فيها أنا يا سيدي برة الموضوع ده خالص هؤلاء يقومون بتقديم سلعة للجمهور والجمهور للأمانة مقبل عليها كل واحد حر.. انتهي.

·         ترقص وتغني وتمثل في «بالأحضان صلاح جاهين» إيه الحكاية؟

ـ لا حكاية ولا يحزنون المسألة أنني أرقص وأغني وأمثل في حدود إمكانياتي وموهبتي وعلي فكرة ده كان حلم ويمكن فيلم «سمع هس» حقق الحلم ده لأنه فيلم استعراضي مجازا، فلم يعرض علي نص لقامة كصلاح جاهين وفي هذا العرض سوف أحقق طموحات الفنان الشامل رقص وغناء وتمثيل فهذا يمثل لي متعة فكرية وروحية لك أن تتخيل أنني أقوم بزيارة العاصمة الإنجليزية لندن كل عام لأشاهد العروض الموسيقية والاستعراضية هناك، فالعرض هناك مدته لا تزيد علي ساعة و45 دقيقة فيها يقوم الممثل بعمل كل شيء وأي شيء لهذا أنا أعشق هذه النوعية من العروض لهذا كان إصراري علي إعادة «بالأحضان» مرة أخري كالعرض مكثف مختزل وفي حدود ساعة وربع تقدم للجمهور درجة فكرية وروحية ممتعة لهذا الجمهور يبقي موش عاوز يروح فلا معني إطلاقا في اعتقال الجمهور في مسرحية تقترب من الثلاث ساعات أو تزيد.

·         أيهما تفضل القطاع العام أم القطاع الخاص في المسرح؟

ـ بصراحة لا أفضل هذا أو ذاك فكما يوجد سلبيات في القطاع العام توجد أيضا سلبيات في القطاع الخاص، وحتي لا نعمم هناك محاولات لإعادة المسرح الجاد في المسرح القومي، هناك فرقة الفنانين المتحدين عند عادل إمام، فأنا أعتقد أنه إذا أردنا الخروج من هذه الأزمة علي القائمين علي أمر المسرح المصري «هيئة المسرح» أن يقوموا بإدارته بروح القطاع الخاص يبقي فيه شيء متحرك لكن ليس طابعه تجاري مثلما يقدم الآن من اسكتشات وسخافات.

·         هل تغضب من النقد؟

ـ لا أغضب من النقد مادام صار النقد في خط موضوعي وفي حدود الشخصية التي ألعبها أو أجسدها فأنا ممن لا يرفعون سماعة الهاتف لمدح فلان لأنه شكر أو لمعاتبة علان لأنه هاجم.

·         إذن المقارنة بين مسلسل «الطارق» الذي عرض في رمضان الماضي وبين مسلسل «الحب موتا» ليس في صالح الأخير؟

ـ هذا كلام غير صحيح لأنه ببساطة «الحب موتا» لم يعرض إلا علي قناة النايل T.V فهذا الحيز ضيق ولا تستطيع من خلاله القياس فأنا علي العكس أقول إن المسلسل نال إعجاب الكثير من المشاهدين هناك حالة تأثر، فمن المستحيل الحكم علي المسلسل قبل أن يشاهد علي القنوات الرئيسية وقبل أن ينتهي.

·         هل هناك عوامل جذب في «الحب موتا»؟

ـ أولا أنا شخصيا يجذبني الجو اللي خارج القاهرة فالكتابة التليفزيونية ستجدها تنحصر في القاهرة لذلك أعشق أنا العمل علي اللاسائد فجو الصعيد به خصوصية، ثانيا مسلل «الضوء الشارد» بتاع رفيع بيه أضاف لرصيدي الفني، وفي هذا المسلسل الجو كان جو صعيدي وعوامل الجذب كثيرة ولعلك تفاجئ وتندهش حينما تعلم أنت رفضت شخصية فضل في «الحب موتا» الرومانسي الحالم بـ «علام الزهيري» الذي يصنف تحت ما يسمي بالأدوار الشريرة وأيضا شخصية علام اعتبرها إضافة جديدة لرصيدي الفني.

·         ما أهم دور قدمته في حياتك الفنية؟

ـ هو الدور الذي لم أمثله بعد.

·         هل بالفعل سقطت الدراما المصرية أمام الدراما السورية؟

ـ لا تعليق.

·         لماذا؟

ـ لقد أصبحت المسألة لبن سمك تمر هندي من كثرة تداول هذه الحكاية الدراما المصرية الدراما السورية وكأننا بإزاء أهلي وزمالك آخر إنها أشياء تجعلني أضحك لهذا قلت لا تعليق.

·         عادة لماذا لا ينتمي الفنان إلي حزب سياسي؟

ـ لأن الفنان أكبر من أي حزب سياسي.

·         ما أهم مشاريعك الفنية القادمة؟

ـ حاليا أقوم بالتحضير لأهم عمل في حياتي وهو قصة الموسيقار الراحل بليغ حمدي.

جريدة القاهرة في

08.11.2005

 
 

ماجدة خير الله تكتب:

«ملوك الطوائف» الذي فضح الدراما المصرية!

الآن وقد انتهت أيام وليالي رمضان وفوقها ثلاثة أيام من العيد استغلها كتاب المسلسلات المصرية في افتعال أحداث بعيدة عن المنطقة لا تفيد المتفرج ولا تضيف له أي متعة ولكنها بلا شك تضيف لجيب المنتج والمؤلف والمخرج مبلغا لا يستهان به وسحقا لمستوي الدراما المصرية أو حتي الجمهور الذي ارتضي لنفسه أن يكون فريسة لمجموعة من الأفاقين.. والآن وبعد انتهاء الشهر الكريم أصبح متاحا الحديث عن المستوي الرديء المتهالك لمعظم مسلسلاتنا المصرية ولكن الملاحظ أن كل الأحاديث والمناقشات التي تدور حول الدراما هذه الأيام تؤدي حتما للوصول لمحطة المسلسلات السورية التي سحقت وبجدارة الدراما المصرية وضربتها في مقتل.. ولم تعد لدينا القدرة علي تجاهل الأمر أو البجاحة في البحث عن المبررات والأعذار.. هؤلاء الذين ينفشون ريشهم زهوا وغرورا رغم قلة موهبتهم ورداءة ما يقدمونه أصبح لزاما عليهم مواجهة أنفسهم أو التراجع خطوات للخلف ليفسحوا الطريق لمن هم أفضل وأكثر جدية وموهبة.. وعلي طريقة عم أيوب في مسرحية الجوكر.. ربنا خد مني كل حاجة واداني الصحة.. كنا نقول ربنا خد مننا كل حاجة وادانا نجوم مطلوبين وبشدة في العالم العربي.. هم سلعتنا الوحيدة الباقية هؤلاء سوف يضمنون لنا البقاء في الساحة فإذا بهؤلاء النجوم يصبحون سببا في زيادة العبء.. علي كاهل كل ما نقدمه من فنون سواء في السينما أو التليفزيون.

خبر قصير قرأته مؤخرا ولكن دلالته رغم أنها متوقعة ومنطقية جدا تؤكد أن من يطلقون علي أنفسهم نجوم الفيديو من مخرجين وكتاب وممثلين سوف يخرجون من الساحة فرادي وجماعات يجرون أذيال الخيبة والعار! عماد الدين أديب منتج فيلم «محمد علي» الذي تصل ميزانيته المبدئية إلي أربعين مليون جنيه قرر الاستعانة بالمخرج السوري حاتم علي.. وما أدراك من هو «حاتم علي» أنه مخرج «ملوك الطوائف» هذا المسلسل الذي أحاول أن أبحث في قاموسي اللغوي عن صفة تليق به فلا أجد.. فهل أقول إنه الأكثر روعة وإبداعا أم أنه حالة فنية من الصعب أن تتكرر في الزمان الواحد مرتين!! إنه المسلسل الجوكر لهذا العام علي جميع الأصعدة.. والاستعانة بالمخرج حاتم علي فيه اعتراف ضمني بأن مخرجي الدراما المصرية كلهم علي بعض كده.. لا يصلحون لتقديم أي عمل فني ضخم وجاد ويحتاج إلي دراسة واهتمام بالتفاصيل وإبداع بلا حدود.

* «ملوك الطوائف» دراما ملحمية نسجها في سيناريو د. وليد سيف أحد الأسماء التي تألقت وازدهرت في السنوات الأخيرة في مجال الدراما التاريخية وأخرجها حاتم علي وهو مخرج مبدع يمكن مقارنته بلا أي مزايدة بمخرجين عالميين قدموا لنا إبداعات وصلت إلي الأوسكار.

* هذا المسلسل «ملوك الطوائف» تتجلي فيه كل أسباب ازدهار المسلسلات السورية وتعكس بشكل ما بعض الأسباب التي أدت إلي خيبتنا الثقيلة قوي... ويشارك في ملوك الطوائف اثنان من كبار نجوم التمثيل في سوريا وهما أيمن زايدان وجمال سليمان ويتصدر اسماهما تترات المسلسل ومع ذلك فدور الأول أيمن زيدان ينتهي بعد عشرة حلقات ودور الثاني جمال سليمان ينتهي بعد الحلقة الرابعة عشرة!! هل يمكن أن تقنع نور الشريف مثلا ويحيي الفخراني أن يشاركا في مسلسل واحد؟! وإذا حدث هل يمكن أن يقتنع أي منهما أن يظهر في ثلث عدد الحلقات فقط؟! أن آفة الدراما المصرية أن أي نجم يريد أن يظهر من البداية للنهاية ولا يترك مشهدا واحدا دون أن يفرض وجوده حتي لو اضطر أن يلعب دور شاب يصغر عمره الحقيقي بثلاثين عاما علي الأقل!! كما يشارك في «ملوك الطوائف» مجموعة من النجوم الشباب علي رأسهم تيم الحسن الذي كنا نشاهده في شخصية نزار قباني في المسلسل الذي يحمل اسم الشاعر الكبير ولكنه ـ أي تيم الحسن ـ يؤدي في ملوك الطوائف دور الملك المعتمد ملك أشبيلية الذي شهد عصره زيادة الفرقة بين ملوك وحكام الممالك في الأندلس مما أدي إلي زيادة نفوذ وضراوة مملكة قشتالة في الشمال التي بدأت تهدد أمن واستقرار تلك الممالك التي حكمها العرب.. ولكنها انهارت بعدازدهار نتيجة الفرقة والتآمر والدسائس ومحاولة كل ملك عربي أن يزيد رقعة الأرض التي يحكمها بضم المملكة المجاورة بعد محاربة أهلها ومليكها وإرهاق رعيتها بمزيد من الجبايات «الضرائب»، وتشارك النجمة السورية الكبيرة سوزان نجم الدين في بطولة المسلسل بدور «ولادة» بنت الخليفة المستنكف التي خلبت ألباب الأمراء والشعراء الذين حاول كل منهم خطب ودها والتقرب منها، ويقدم المسلسل واحدة من أجمل وأرقي قصص الحب العربية التي جمعت بين ولادة والشاعر ابن زيدون الذي لعب دوره بعبقرية جمال سليمان وبالإضافة لهؤلاء يفرد المسلسل مساحة ضخمة للممثل المغربي محمد مفتاح وهو يقدم شخصية ابن عمار، الذي يعاني من وضاعة الأصل والمنبت ولكنه بذكائه وعشقه للمغامرة والخطر يستطيع أن يتقرب من الملك المعتمد ويصبح مستشاره الوحيد ويكسب ثقته فيتحول إلي أهم رجل في الجزيرة الأيبريرية.. ولكن طموحه لا يقف عند حد فينقلب علي الملك ويقرر الانفصال عنه وتعيين نفسه ملكا علي مملكة «المرسييه» وعندما يصل للمعتمد هذا الخبر يرسل مجموعة من رجاله للقبض عليه وإيداعه السجن. يحاول ابن عمار أن يستغل علاقة الصداقة التي ربطت بينه وبين المعتمد ولكن الأخير يقرر قتله حتي لا يتأثر به أو يميل إليه مرة أخري!!

* التاريخ يعيد نفسه

واحدة من أهم مميزات هذا المسلسل البديع أنه يعيد للأذهان فترة ازدهار حكم الدولة الأموية في الأندلس ثم انهيارها مع بداية القرن الخامس الهجري نتيجة استغراق الملوك والأمراء في الكيد كل منهم للآخر والاستغراق في مباهج الدنيا التي وصلت في بعض الأحيان إلي درجة مخيفة من السفه مما أدي إلي طمع ملك قشتالة في تلك الممالك التي ضعفت نتيجة استغراق ملوك الطوائف في محاربة بعضهم بعضا!! لدرجة اللجوء إلي العدو المشترك الملك ألفونسو السادس ليحقق لبعضهم بعض النصر المؤقت علي الآخرين ولكن سرعان ما يتحول هذا الغازي إلي كابوس مخيف يهدد أمن البلاد والعباد.. ألا تذكرنا تلك الأحداث بما يحدث الآن فما أشبه اليوم بالبارحة.

* الشخصية المحورية في مسلسل ملوك الطوائف الممثل السوري الفلتة حقا تيم الحسن وهو نفسه بطل مسلسل نزار قباني.. ولكنه هنا في ملوك الطوائف يؤدي شخصية المعتمد بن عباد الذي آل إليه حكم أشبيلية بعد وفاة والده القاضي أبي القاسم بن إسماعيل بن عباد الذي لقب بالمعتضد، يلعب دوره أيمن زيدان الذي كان نموذجا للطاغية المستبد فأرهق العباد وأشاع الظلم والرهبة في نفس القريب والبعيد حتي إنه لم يتورع عن قتل أحد أبنائه لخلاف بينهما في الرأي.. ورغم ذلك فإن هذا الطاغية سرعان ما يتهاوي بعد وفاة ابنته الطفلة الصغيرة التي كان يعتبرها قرة عينه وأقرب أبنائه لقلبه.. أدي أيمن زيدان الدور بعبقرية مدهشة وبعد وفاة المعتضد تنفس أهل أشبيلية الصعداء وتوجهوا بالشكر إلي السماء وخاصة أن ملكهم الجديد المعتمد بن عباد كان شابا ودودا عاشقا للشعر وكافة ألوان الفنون وكان شابا جميلا وفارسا فتيا لا يزيد عمره عن ثلاثين عاما. اجتمع في بلاط المعتمد مجموعة من كبار الشعراء من أمثال ابن زيدون يلعب دوره جمال سليمان وأبي بكر بن عمار ويلعب دوره الممثل المغربي محمد مفتاح وكما كان المعتمد شاعرا مبدعا كانت زوجته اعتماد الرميكية شاعرة ومغنية وقد أخذ العامة علي مليكهم زواجه منها فقد كانت جاريته وقد فتنته بجمالها ورجاحة عقلها فاعتقها وتزوجها، تلعب دورها «سولاف فاخوري» وأخذ من اسمها اعتماد لقبه المعتمد. وكانت أشبيلية في بداية عهده آية في الروعة والبهاء. وملجأ للشعراء المبدعين وأصحاب الأصوات الغنائية الجميلة.. وكان المعتمد قد عقد العزم علي أن يبتعد عن الأسلوب العنيف الذي كان منهجا لحكم والده وانصرف إلي حياة الرفاهية وأطلق يد صديقه بن عمار في حكم البلاد وعينه وزيرا.. واستغل هذا تلك الثقة وأرهق الناس بالضرائب بحجة تأمين احتياجات الدولة وبدأ في شن غارات علي الممالك المجاورة إلي أن اتسع نفوذه وأصبح يهدد الملك المعتمد نفسه الذي استيقظ داخله منهج السلاطين في القضاء علي خصومهم وقتل ابن عمار بعد أن يأس من إصلاحه ولجأ المعتمد إلي ممالأة الملك الفونسو السادس ملك قشتالة علي حساب إخوانه المسلمين ولم يجد غضاضة في دفع الجزية له طلبا للحماية وكان نتاج هذه السياسة المتخاذلة أن سقطت طليطلة بعد حصار قصير في أيدي القشتاليين وأدي سقوطها إلي حزن عميق وانكسار في صفوف المسلمين مما دفعهم لطلب النجدة من المرابطين الذين سعوا لإسقاط ملوك الطوائف الواحد تلو الآخر.. أما الملك المعتمد فقد راح يدافع عن مملكته حتي أعياه القتال وسقط في أيدي جيش المرابطين فأخذوه أسيرا وأخرجوه من الأندلس في موكب عصيب ومهين ليقضي ما تبقي له من العمر في سجون المغرب.

* استخدم المخرج حاتم علي الأسلوب الملحمي في سرد تفاصيل رحلة سقوط وانهيار عصر ملوك الطوائف من خلال الاستعانة بفريق من الكورال للتعليق علي الأحداث من خلال الغناء الشعري البديع واستخدام الموسيقي والألحان التي وضعها طارق الناصر فأضفت علي الأحداث إطارا من السحر والجمال رغم قسوة الأحداث.. واستعان بمجموعة ضخمة من الفرق الخاصة «stunt» لتقديم مشاهد المعارك التي بلغت حدا مذهلا لم نعتده في المسلسلات العربية. أما الممثلون فواضح أنهم خضعوا لتدريبات شاقة لإجادة استخدام السيوف والدروع وكافة الأسلحة التي كانت مستخدمة في تلك الأزمنة بالإضافة إلي ركوب الخيل بمهارة وإلقاء الشعر بعذوبة.

* «ملوك الطوائف» عمل فني فذ رفع أسهم الدراما السورية عاليا هو ومجموعة أخري من الأعمال المميزة مثل «الظاهر بيبرس» و«الحور العين» و«نزار قباني».. هذا غير بقية المسلسلات السورية التي لم يسمح الوقت بمتابعتها جميعا. ومن الواضح أن القنوات الفضائية قد أصبحت تتسابق علي عرض تلك الأعمال التي تنال إعجاب واحترام المشاهد العربي من الخليج للمحيط.. فهل لنا أن نستوعب الدرس أم نظل غارقين في تلك الغيبوبة الجميلة التي تصور لنا أننا مازلنا الأفضل؟!

جريدة القاهرة في

08.11.2005

 
 

تلك الظاهرة التليفزيونية العجيبة

تفسير الأحلام بين فرويد ومولانا الشيخ سيد حمدي

محمد شبل:

* أغلب زبائنه من النساء حتي أصبحت أؤمن بصحة الحديث الواهي: النساء ناقصات عقل ودين

* الشيخ سيد رجل ذكي.. وموهوب جدا في التأليف.. واسع الحيلة وكل متصلة عنده هي طيبة وبنت حلال

كثيرة هي المظاهر العبثية التي طفت علي سطح الحياة في بلادنا منذ غزو التدين الوهابي والفكر البدوي وطغيان النصوص الظنية والتفسيرات المنحرفة لآيات الكتاب الكريم.. أحد هذه المظاهر هو «تفسير الأحلام».. فتشاهد علي القنوات التليفزيونية ـ وما أكثرها ـ العديد من المفسرين، هم أشياخ أصلا، لكن منهم من ارتدي الحلة الإفرنجية، يجلس الواحد منهم بكل الثقة وأحيانا الغرور، وكأنه يحتل مقعد الأستاذ الذي انفرد بعلم لم يحظ بمثله أحد من العالمين. والمشاهدون أمامه تلاميذ ينهلون من علمه ويرفعون قدره ويسبحون بحمده. يؤكد له هذه المشاعر باستمرار، تدفق الاتصالات التليفونية والبريد الإلكتروني والفاكس، والجميع في لهفة لسماع تفسيره لأحلامهم. والغالبية العظمي من النساء، حتي كدت أؤمن بالحديث الواهي: «النساء ناقصات عقل ودين»!

أشهر هؤلاء المفسرين: الشيخ «سيد حمدي»، وربما هو أكثرهم جرأة، فإنه لا يعترف بعالم النفس السويدي الأشهر «سيجموند فرويد»، ولا بعلمه الذي دونه في كتابه النفيس: «تفسير الأحلام»، بل لقد قال إن «فرويد» أخطأ كثيرا في نظرياته «!» فماذا قال «فرويد» في كتابه؟ وماذا يقول الشيخ «سيد» في مجالسه التليفزيونية؟ «فرويد» «1856 ـ 1939م» ضمن كتابه بالإضافة إلي آرائه آراء علماء وفلاسفة آخرين، ومن بعض ما جاء به:

ـ «إننا نحلم في معظم الأحايين بالأمور التي تتجه إليها أشد انفعالاتنا، هذا ما تؤيده الخبرة، ومن هذا نري أن انفعالاتنا لابد أن يكون لها تأثيرها في إحداث أحلامنا، فيحلم الطموح بأكاليل الغار التي نالها «أو تخيل أنه نالها» أو بتلك التي لا يزال عليه أن ينالها.. بينما يحلم العاشق بمعقد أعذاب آماله».

ـ «إننا نحلم بما رأيناه، أو قلناه، أو رغبنا فيه، أو صنعناه».

ـ «إن محتوي الحلم تحدده دائما ـ تحديدا يزيد أو ينقص ـ شخصية الحالم الفردية، وسنه، نوعه، وطبقته، ومستوي تعلمه، وأسلوبه المألوف في الحياة وما اشتملته حياته السابقة جميعها من التجارب والأحداث».

ـ «أحلام من يعانون أمراض القلب لا يكاد يكون بينها حلم إلا تضمن محتواه بعض مواقف الموت الرهيب.. وأما المصابون بأمراض الرئتين فيحلمون بالاختناق والزحام.. فإذا اضطرب الهضم تضمنت الأحلام أفكارا تتعلق بالاستمتاع بالطعام أو الاشمئزاز منه».

ـ وعن المنبهات الحادثة في خلال النوم يقول: «يثير كل صوت يدرك إدراكا غير متميز صورا حلمية توافقه: فينقلنا هدير الرعد إلي حومة الوغي، ويستحيل صياح الديك إلي صرخة رجل انتابه الرعب، ويستجلب صرير الباب لصوصا غزاة».

«فإذا انزاح عنا الغطاء في أثناء الليل فقد نري أننا نتجول عرايا أو نقع في الماء.. وان استلقينا علي السرير بعرضه وتجاوزت أقدامنا حده حلمنا بالوقوف علي شفا جرف مروع أو بالسقوط من مرتفع شديد الانحدار.. وإن اتفق أن اندفن رأسنا تحت الوسادة حلما بصخرة ضخمة معلقة من فوقنا توشك أن تقبرنا تحت ثقلها.. وتراكم المني ينتج عنه أحلام معسولة.. بينما تؤدي الآلام الموضعية إلي تخيل معاملة مغلظة أو هجوم عدائي أو أذي يلحق بالجسم». «وحلم أحدهم ذات مرة بنفر من الرجال هجموا عليه وطرحوه أرضا ثم جعلوا يدقون وتدا في الأرض بين إصبع قدمه الكبير والإصبع الذي يليه، وبينما كان يتخيل ذلك في الحلم استيقظ فرأي قشة لصقت بين إصبعيه هذين»!

هذا بعض ما قاله «فرويد»، أما الشيخ «سيد»، فقد قرأ كتب تفسير الأحلام التراثية ومنها بالطبع «تفسير الأحلام» للإمام «محمد بن سيرين» «المتوفي سنة 110هـ»، وهو كتاب يقوم علي التفسير بما يمكن أن نسميه «منهج الشفرة»، لأنه يعالج الحلم كما لو كان ضربا من كتابة سرية يمكن ترجمة كل علامة من علاماتها إلي علامة أخري معروفة المعني وفق مفتاح ثابت.. والكتاب يحتوي علي جميع ما يحتمل أن يراه المرء في الحلم ابتداء من الملائكة والأنبياء والمرسلين، مرورا بالأطعمة والحلوي والخمر والمعازف والأواني، وانتهاء بالهوام والحشرات ودواب الأرض.. ولكل من هذه الأسماء ما تدل عليه، مثال ذلك أن أحلم بـ «خطاب» ثم بـ «جنازة».. إلخ، فأفتح الكتاب فأجد الخطاب يترجم إلي «نكد» و«الجنازة» إلي «خطبة».. وهكذا. الشيخ «سيد» أراه ذكيا جدا، وهو مؤلف تلقائي موهوب، ومن ميزاته أنه يجامل المتلهفات لسماع تفسيره علي الطرف الآخر من الهاتف، ويحاول أن يطمئنهن. والزعل ممنوع. فمن ضمن تعبيراته التقليدية: «جاي لك خير».. «ربنا نجاك من شر».. «احذري من واحدة حاقدة».. «أنت طيبة وبنت حلال»!

علي أن أخطر ما في الأمر أن الشيخ «سيد» يتنبأ بالمستقبل.. ربما متتبعا ما جاء بكتب التفسير التراثية التي تأثر مؤلفوها ببعض المرويات، وبما جاء بالقرآن الكريم من تأويل «يوسف» «عليه السلام» لحلم «فرعون» الذي رأي سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف. وكان ذلك بديلا رمزيا لسبع سنين من المجاعة في أرض «مصر» تأكل فائض السنوات السبع وافرة الغلة.

لكن «يوسف» حالة خاصة، وقد صرح كتاب الله بذلك حين قال عنه: «وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث» «يوسف 6» «الأحاديث= الأحلام».. لقد صرح الشيخ «سيد» في قناة «اقرأ» أنه تنبأ لزعيم عربي بوقوع كارثة له وأدي ذلك إلي نجاته منها.. وتنبأ لأحمد زكي أثناء مرضه أنه سيقوم ويمارس التمثيل، وحصل، ثم تنبأ له مرة أخري بالنهاية.. وتنبأ بموت الممثل الراحل «علاء ولي الدين».. إلخ، هنا مكمن الخطورة والخطأ. فإن «الغيب» لا يعلمه إلا الله وحده، قال تعالي: «قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله» [النمل: 65]. نص قرآني واضح وصريح.

ولنتحدث قليلا عن «الغيب»:

هناك نوعان من الغيب: غيب نسبي، وغيب مطلق:

1ـ الغيب النسبي: هو ما غاب عن بعض الناس ولم يغب عن البعض الآخر، مثل أحداث جرت في الزمن الماضي، علمها من عاشها، ولم يعلمها من أتي بعدهم.. ومثل أحداث تجري في الحاضر، حضرها ناس ولم يحضرها آخرون، فهي غيب عن من لم يحضرها، وليست غيبا عن من يحضرها.

2ـ الغيب المطلق: هو ما يغيب عن الجميع، ولا يعلمه إلا الله، مثل بداية الخليقة، ومثل ما يدور في عالم الغيب «المقابل لعالم الشهادة» كأحوال الملائكة والشياطين، ومثل ما سوف يقع في المستقبل.

والذي نستخلصه من القرآن الحكيم أن الله أنزل بعض آيات تتضمن شيئا من الغيب النسبي، لأحداث حدثت في الماضي، مثل قصص الأنبياء السابقين، ومنها ـ مثلا ـ قصة «يوسف» «عليه السلام»، والتي ورد في نهايتها قول الله سبحانه لرسوله «عليه السلام». «ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذا أجمعوا أمرهم وهم يمكرون» [يوسف: 102]، كما ورد بالقرآن بعض من الغيب المطلق تضمن أحداثا سوف تقع في المستقبل في الدنيا مثل قوله تعالي: «غلبت الروم في أدني الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين» [الروم: 2].

كما وردت معلومات عن «عالم الغيب» من أحوال الجن والملائكة. والساعة والجنة والنعيم واللباس والأساور والسرر والحور العين وأنهار الخمر واللبن والعسل.. وأيضا العذاب والنار ونضج الجلود والسلاسل والحميم والغسلين.. قد يشير البعض إلي مصدر آخر للغيب ويقول: إن الله عز وجل أطلع الرسول علي الغيب.. وعلي هذا تجيب الآية القرآنية المحكمة بقول الله تعالي لرسوله الكريم: «قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله، ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسني السوء، إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون».

إن الطريق الوحيد لعالم الغيب هو «كتاب الله».

جريدة القاهرة في

08.11.2005

 
 

بعد انتهاء عرض مسلسلها «أحلام عادية» ...

يسرا: حققتُ في التلفزيون ما كنتُ أتمناه للسينما

القاهرة - حسين سرحان

أكثر ما يميز وجهها عينان واسعتان تمثلان مرآة عاكسة لمشاعرها كما تصرح هي نفسها، وأكثر ما يجذبك إليها هو تلقائيتها الشديدة التي تقرب المتحدث منها وتشعره بدفء شخصيتها. أدوار متعددة ومتنوعة أدتها في السينما والتلفزيون من دون ان تهزمها شخصية أو يسجنها دور. إنها الفنانة المتألقة والرقيقة يسرا التي كان لنا معها هذا اللقاء.

·         ما تعليق يسرا على الاعتراضات التي واجهها مسلسلك الأخير «أحلام عادية» الذي عرض في شهر رمضان؟

- فوجئت باعتراضات الرقابة التي استندت في تقريرها على ان المسلسل يحوي ألفاظاً جريئة ومشاهد لم يتعود عليها الشعب المصري. وطالب التقرير بحذف كل المشاهد الجريئة والألفاظ الخارجة عن المألوف كشرط أساس لعرض المسلسل في رمضان، مما أثار غضبي لأن المسلسل لا يحوي أي مشاهد أو ألفاظ سوقية، بل صاغه السيناريست محمد أشرف بواقعية واحترام بعيداً من أي ابتذال أو إسفاف والدليل هو انه عرض في رمضان من دون حذف. فمن غير المعقول أنني بعد كل هذا التاريخ الفني والأعمال المحترمة التي قدمتها على مدار أكثر من 20 عاماً، أقبل أو أشترك في أعمال بالشكل الذي تنسبه إليّ الرقابة. والأمر نفسه ينطبق على المخرج المحترم مجدي أبو عميرة، فهو صاحب مبادئ ولا يقبل بأي عمل مسف.

·         نجحت في التلفزيون نجاحاً مبهراً ولكن ألا تخشين المقولة التي تؤكد أن العمل في التلفزيون يحرق نجومية الفنان؟

- أولاً أنا لست مع هذه المقولة على الاطلاق لأنها مقولة منقوصة تماماً، فضلاً عن أنني لا أقدم أكثر من عمل تلفزيوني واحد طوال العام، من دون ان ننسى أن التلفزيون كان له الفضل الكبير على نجوم مثل عادل إمام ومحمود عبدالعزيز وأحمد زكي وليلى علوي ونجلاء فتحي وسواهم. والحق يقال اذا اختار الفنان العمل بطريقة صحيحة، بالتأكيد سيرفع التلفزيون من رصيده الفني. وصدقني بعد كل عمل تلفزيوني أنجح فيه بفضل الله سبحانه وتعالى أرفع أجري في السينما. وهذا معناه أن التلفزيون يفيد ولا يضر ولكن بشرط أن اختار بشكل متأن وعلى أسس صحيحة حتى لا أضر بنفسي فنياً.

·     إذا لم يكن الفن درجة من درجات الكذب فماذا يمكن أن يكون والفنان خلاله يفتعل مشاعر وأحاسيس غير حقيقية ويحاول إقناع الناس بها؟

- أبداً المسألة مختلفة تماماً وتمر بمراحل مختلفة كقراءة ودراسة الشخصية ثم الدخول فيها بحيث ينفصل الفنان عن حقيقته ويصبح هذه الشخصية الجديدة التي يؤديها فيشعر بشعورها ويتأثر بانفعالها، فأنا عندما أؤدي شخصية نادية أصبح هذه الشخصية وأتكلم بلسانها وألبس كما تلبس وأتصرف كما تتصرف ولكن فور أن ينتهي التصوير أعود إلى شخصيتي الحقيقية.

·         ما رأيك في من يقول إن الساحة الفنية الآن لم يبق فيها من أبناء جيلك سوى الفنانة يسرا؟

- طبعاً هذا مستحيل فلا يمكن أن تقتصر الساحة الفنية على فنانة واحدة فقط فالساحة مليئة بالنجمات سواء من جيلي أو من الجيل الذي سبقني أو الجيل الذي أتى بعدي.

·         تؤمنين بالحسد؟

- طبعاً أخاف من الحسد جداً وفي هذه النقطة بالذات لا يوجد حسد فالساحة الفنية مليئة بالنجوم.

·         ما رأيك في من يقول إن النجوم الشباب يسيطرون على الساحة السينمائية ولا مكان للأجيال السابقة؟

- طبعاً هذا كلام خالٍ تماماً من الصحة لأن لكل جيل أدواره التي يقدمها.

·         وهل هذا يعني أنك توافقين على العمل مع هذا الجيل من دون أي محظورات؟

- لا محاذير للعمل مع نجوم الشباب سوى أن النص لا بد أن يكون جاداً ويحمل هدفاً محترماً في إطار فني ممتع.

·         الكوميديا الآن هي سيدة الموقف في السينما المصرية فهل ستقدمين الكوميديا تماشياً مع الموجة والموضة السائدة الآن؟

- الكوميديا لم تكن موضة أو موجة فهي دائماً مطلب جماهيري لأن الناس تحتاج دائماً إلى الضحكة والبسمة، ولكن ليس معنى هذا أن تكون هي الموجة السائدة من دون بقية الألوان الفنية.

·     إذاً فما رأيك في النغمة التي تتردد في الفترة الأخيرة بأن الكوميديا موجة وموضة مثلها مثل أفلام المخدرات وسيأتي وقت وتنتهي؟

- وهل هذا يصدق؟ الكوميديا موجودة منذ بداية السينما المصرية وستستمر إلى أن يشاء الله فهي كما قلت تظل دائماً مطلباً جماهيرياً فالناس تبحث عن الضحكة.

·         أكثر ما يميز وجهك عيناك الواسعتان والمعبرتان في الوقت نفسه فهل تمثل هاتان العينان مرآة فاضحة لمشاعر يسرا؟

- نعم فأنا لا أستطيع أن أخفي مشاعري على الاطلاق بل إن ما أشعر به يظهر على وجهي بكل وضوح.

·         كيف تتصورين المرحلة المقبلة في حياتك الفنية؟

- في المرحلة المقبلة سأحاول التركيز على السينما لأنني أشعر بأنني لم أحقق ما كنت أتمناه. فالسينما أكثر قدرة على معالجة المواضيع المختلفة بحرية وجرأة، كما أن السينما تاريخ يبقى لسنوات طويلة على نقيض الأعمال التلفزيونية التي تعرض مرة أو مرتين على الأكثر لهذا فإن كل فنان يحاول أن يترك علامة من خلال السينما لأنها أطوال عمراً.

·         ما هي أحلامك وأمنياتك على المستوى الفني والشخصي؟

- أتمنى من الله عز وجل التوفيق في حياتي وأن أعيش في سلام وهدوء، وأتمنى أن أنال حب ورضا الجمهور من خلال المزيد من الأعمال المتميزة والناجحة والتي تعالج هموم الشعب المصري والعربي.

الحياة اللبنانية في

08.11.2005

 
 

بعد أن تناولتها أغلب مسلسلات رمضان

الصحافة ودورها في كشف الفساد في «الرقص مع الزهور»  

يبدو أن الصحافة ودورها في كشف الفساد والفاسدين الذين صالوا وجالوا وتسيدوا في المجتمع المصري خلال السنوات الأخيرة قد فرضت نفسها علي كتاب الدراما التليفزيونية في الفترة الأخيرة حتي يكاد لا يخلو مسلسل من المسلسلات التي تم عرضها مؤخرا أو التي يجري تصويرها حاليا داخل الاستديوهات من شخصية صحفي شاب يحارب الفساد ويتصدي للفاسدين رغم ما يعرضه هذا التصدي لمخاطر علي حياته وحياة أسرته والمحيطين به.

ومن هذه الأعمال مسلسل «الرقص مع الزهور» الذي يبدأ تصويره خلال أيام ويجسد فيه بطله فتحي عبد الوهاب دور صحفي ثائر علي أوضاع المجتمع الذي أصبح للفساد الكلمة العليا فيه وبات مسيطرا علي كل شيء لأن رؤوسه يساندون بعضهم بعضا ويشكلون تكتلا يصعب اختراقه أو الإيقاع به وهو ما يتأكد عندما يكتشف هذا الصحفي قضية فساد كبيرة وقبل أن يفجرها أمام الرأي العام، يتم تلفيق تهمة له تؤدي إلي دخوله السجن فما يزيده ذلك إلا عنادا و تحديا ويقرر كشف القضية كاملة أمام الرأي العام بعد خروجه من السجن. المسلسل قصة مينا تادرس ومعالجة درامية وسيناريو وحوار أحمد هيكل وإخراج محمود بكري وبطولة رانيا فريد شوقي ووفاء صادق.

يذكر أن أغلب المسلسلات التليفزيونية التي عرضت في الفترة الأخيرة وخاصة في شهر رمضان المنقضي كانت لا تخلو من دور رئيسي لصحفي يحارب الفساد ويوجهه.

ومن هذه المسلسلات «أحلام في البوابة» الذي قدمت فيه الممثلة أميرة العايدي دور صحفية تهتم بمشاكل أهل الحي الذي تعيش فيه وتتصدي لفساد أحد رجال الأعمال الذي يقيم به، ومسلسل «مباراة زوجية» الذي جسدت فيه الممثلة الشابة «هنا شيحة» دور صحفية تهتم بمحاربة الفساد وهو نفس الدور الذي قدمته أيضاً في مسلسل «نعتذر عن هذا الحلم» الذي عرض علي شاشة التليفزيون منذ نحو شهرين.

ومسلسل «طائر الحب» الذي جسد فيه الفنان أحمد راتب دور صحفي يحارب الفساد خاصة فساد رجال الأعمال الذين يقومون بتهريب الآثار.

كما كان للصحافة دور كبير في أحداث مسلسل «أماكن في القلب» ومسلسل «رياح الغدر» وغيرهما.

جريدة القاهرة في

08.11.2005

 
 

طارق الشناوي يكتب:

أفلام الوحدة الوطنية تحت حد السيف!!

* للأسف مازالت كل الأعمال الدرامية أو الغنائية التي تتناول تلك القضية تحمل شعار «أنا المصري كريم العنصرين» وكأننا إزاء مباراة بين الأهلي والزمالك  

عندما قامت دولة إسرائيل علي أرض فلسطين عام 1948 قرر «بن جوريون» أن يلعب بورقة الأقليات في العالم العربي وبدأ في تحليل ديموغرافي في كل دولة عربية مثلا، بلد بها «الدروز» أقلية يبدأ في استقطابهم ببلد آخر الأكراد مثلا بلد ثالث البربر، رابع الشيعة وهكذا وعندما توجه صوب مصر اكتشف أنه لا يمكن اختراقها، لأن الأقباط ليس لديهم مكونات الأقلية مثل أية دولة في العالم، وأن العلاقة بين المسلمين والأقباط من المستحيل ضربها بهذا السلاح الذي قد يصلح لمجتمع ما لكنه لا يمكن أن يجد له أي صدي في الشعب المصري الذي لن ينفذ إليه لو لعب بهذا الخنجر المسموم، لأنه ببساطة سوف يرتد إليه!!

هذا هو عمق الشعب المصري وتلك هي الحقيقة التي شهد بها بن جوريون في مذكراته، ولكن يظل أن هناك داخل نسيج الوطن الواحد والأمة الواحدة، والشعب الواحد شيء ما لديه مقومات الانفجار في أي لحظة.. وأن المظاهرات التي نراها هنا أو هناك سواء في كاتدرائية العباسية أو في مدينة الإسكندرية تعني أن الموقف بحاجة إلي دراسة أكثر عمقا.. وأننا استسهلنا الأمر منذ أن رددنا مع سيد درويش وبكلمات بديع خيري أثناء ثورة 1919 «أنا المصري كريم العنصرين».. استسهلنا لأننا لم نتأمل حقيقة الموقف الغنائي الذي يرسخ بقوة للعنصرية لأن الأغنية تقول كلماتها كريم العنصرين أي أن هناك عنصرا مسلما وعنصرا مسيحيا ـ قبطيا ـ وأن المصرية هي مزيج من هذا وذاك رغم أن المصرية أسبق زمنيا من المسيحية ومن الإسلام إنها جزء واحد وليس فرعين ملتصقين. المصرية أكثر من أن يتم تحليلها إلي عنصري الأمة وتجاوزنا بنظرة أبعد قصور مواجهة المخاطر الطائفية علي مختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية والأمنية وتوقفنا أمام المواجهة الفنية، سوف نكتشف أننا لانزال نقدم تنويعات درامية علي نغمة أغنية سيد درويش كريم العنصرين.. كل الأعمال الفنية التي تضع أمامها هدف تقديم العلاقة الحميمة بين المسلمين والأقباط باعتبارهم فريقين «أهلي وزمالك».. لقاءات البابا شنودة وشيخ الأزهر التي تعقب كل أزمة تلمح فيها معني كريم العنصرين.. أنا أتصور أننا بدلا من أن ننفذ إلي العمق تتجه صوب الشكل شيخ وقسيس معا في صورة ما تنشرها الجرائد والمجلات وينتهي الموقف عند هذا الحد.. أقلامنا وأغانينا التي تتناول الوحدة الوطنية تتعامل بنفس الأسلوب.. عندما قرر التليفزيون أن يواجه ما حدث بالإسكندرية اتجه مباشرة إلي عرض الفيلم الروائي القصير.. جنازة أم حسن الذي كتبه لطفي لبيب المسيحي البروتستنتي وأخرجه ياسر زايد والفيلم يهتف بالوحدة الوطنية، حيث إن بطل الفيلم المسيحي الذي يؤدي دوره لطفي لبيب هو الذي يتولي مسئولية جنازة أم صديقه المسلم الفكرة لامعة وبراقة، ولكن السيناريو والإخراج دخلا في إطار الهتاف المباشر فذبحا الفكرة.. إنه التعامل الهندسي مع الأفكار الإنسانية، حيث يحيلها إلي مادة لا تستطيع أن تتوحد معها.. أتذكر مثلا مسلسل «أوان الورد» الذي كتبه وحيد حامد وأخرجه سمير سيف.. علي الرغم من أن هذا المسلسل أثار غضب الأقباط واحتجت الكنيسة بعد اعتصام بعض الأقباط وتظاهرهم في كاتدرائية العباسية، وأقام البابا شنودة لقاء لأبطال وكاتب ومخرج المسلسل، ورغم ذلك لم يتحمل الأقباط تقديم «أوان الورد» في رمضان وكان سر الاعتراض هو أن سميحة أيوب تزوجت وهي مسيحية من رجل مسلم، وعلي الرغم من أنها ظلت علي دينها ولم تشهر إسلامها، إلا أن هذا الزواج لا تعترف به الكنيسة والمجتمع المصري به العديد من هذه الزيجات، لكن تقديمها دراميا تجاوز مرونة المجتمع وقدرته علي أن يري واقعة ماثلا أمامه.. وهذا المسلسل منذ ذلك الحين في عهد صفوت الشريف وزير الإعلام الأسبق مرورا بعهد ممدوح البلتاجي وزير الإعلام السابق وصولا إلي أنس الفقي وزير الإعلام الحالي.. هذا المسلسل ليس فقط ممنوعا من العرض مرة أخري، ولكن في حالة استضافة أي من أبطاله يسرا وسميحة أيوب وهشام عبدالحميد أو كاتبه وحيد حامد ومخرجه سمير سيف ممنوع تناول هذا المسلسل أو الاقتراب منه، وكأنه ليس في قائمة الأعمال الفنية لهولاء الفنانين والسبب غير المعلن هو أن مجرد ذكر «أوان الورد» سوف يثير ذكريات مؤلمة لدي الأقباط وعلي هذا ممنوع الحديث عن «أوان الورد»!!

وكان رأيي عندما شاهدت المسلسل قبل خمس سنوات أن الرؤية الحسابية سيطرت علي كاتبه.. حيث إنه راعي أن يتساوي عدد الأقباط والمسلمين علي الجانبين وعدد الشرفاء والمذنبين علي الجانبين وكأنه يقدم أغنية بين الأهلي والزمالك «محتاره والله» لـ «صباح» والتي تقول «محتاره اشيل مين ولا اشيل مين جوه عيوني»!!

إن الهدف العميق للمسلسل ظهر علي السطح وهو أن يعقد توازنا عدديا وليس دراميا بين المسلمين والأقباط.. الأعمال الفنية التي ينبغي أن تتحمس لها ليست هي تلك التي تكتب وكأنها تحت التهديد، حيث إن مبدعيها يسيرون علي حبل مشدود إذا مال ولو بمقدار يسير تجاه ناحية أو أخري فقد توازنه وانقلب وادخل نفسه تحت مرمي نيران التعصب والطائفية!!

تلك هي المشكلة أنك لا تستطيع أن تتحرر كفنان وترسم صورة خاصة ورؤية تحمل قناعة ما مثل الكاتب هاني فوزي والمخرج أسامة فوزي في فيلم «بحب السيما» لأن هناك علي الجانب الآخر من يقف ويعترض ممسكا بورقة الحساب وسوف يحصي عليك عدد الأقباط والمسلمين وتلك المواقف الإيجابية التي قدمها هؤلاء وهؤلاء وأيضا عدد السلبيات علي الجانبين، وفي هذه الحالة يسقط العمل الفني ويغيب الهدف ولا يصدق الناس الأعمال الرقمية لأنها خالية من المشاعر.. وتحت هذا السيف المباشر لا يمكن للفن أن يلعب دوره ولا الأغنية تستطيع أن تتسلل إلي وجدان الناس.. لقد أخطأنا عندما تغنينا بالطائفية وأعلينا من شأنها ولاتزال أخطاؤنا عندما رددنا وراء سيد درويش في أعقاب ثورة 1919 «أنا المصري كريم العنصرين»، ولانزال مع الأسف الشديد نؤكد بالفيلم والمسلسل والأغنية أننا عنصران!!

وتلك هي المشكلة وهذا هو المأزق مهما خلصت النوايا..!!

جريدة القاهرة في

08.11.2005

 
 

ايمن زيدان، جوز الست (كاريكاتور للفنان حسام وهب)

الكوميديا السورية مصابة بحمى الاستنساخ

التنافس بين المسلسلات الكوميدية في رمضان 2005 يجعلها تكرر اللوحات الانتقادية الساخرة.

بقلم: ماهر منصور

-الكوميديا السورية إلى أين...؟!

لا نملك سوى هذا السؤال الحائر إزاء ما نتابعه من كم كبير من الأعمال الكوميدية السورية خلال الموسم الرمضاني الماضي، وقد حمل كثير منها النكهة ذاتها، فنياً وفكرياً، فطغت عليها حمى اللوحات الانتقادية الساخرة، التي اهتمت بمجملها بالنقد الاجتماعي، مع اختلاف حدتها و ومدى اقترابها من المشكلة، فضلاً عن تفاوت سويتها الفنية، كتابة وإخراجاً.

وإن كنا قد شهدنا هذا العام غياب "مرايا" ياسر العظمة للمرة الأولى منذ سنوات، إلا أننا تابعنا بالمقابل فورة كوميدية، جاءت لتستثمر النجاحات السابقة للكوميديا السورية في المواسم الرمضانية السابقة، وتشي بالإشارات ذاتها التي حملت ملامحها الدراما التاريخية، أي غياب الرؤية الانتاجية المتكاملة، فكوميديا هذا العام، كما هي التاريخية على مدار سنوات (رغم تميزها) دخلت حمى التنافس الإنتاجي، ولكن هذه المرة وفق معايير مختلفة، هي بلغة الربح أكثر تشجيعاً، فالمسلسل الكوميدي مسلسل (بيّاع) وكلفته منخفضة، ويحمل (مشروعه الفكري) الذي قد يجذب السذج فقط إلى (جرأة) ما يطرح، رغم أن غياب الجرأة في الطرح كان أكثر ما يميز كوميديا هذا العام قياساً بالسنوات السابقة، ولا تعنيني هنا الكلمات الرنانة التي لا تصيب من المشكلة إلا السطح.

أمران غريبان في الكوميديا السورية، ترسخا خلال المواسم الرمضانية السابقة، وهما أيضاً يثيران الدهشة والاستهجان... الأول: أن الكوميديا السورية في سنوات الأخيرة تميزت بروح خفيفة دفعتها خطوة باتجاه الناس، والروح ذاتها ستعود بعد سنة أو أكثر للتراجع مع موضة الأجزاء المتكررة التي جاءت لتستثمر نجاحاً سابقاً نالته، فسقطت في هوة تكرار الأفكار أو رداءتها وربما سذاجتها أحياناً، ونستطيع في هذا السياق ذكر الكثير من الأمثلة لن نختلف على تراجع سويتها كثيراً، فإذا كانت عائلة النجوم (الخمسة والستة والسبعة...) قد أرست منهج التكرار ومن ثم السقوط، فأن بقعة ضوء (المشروع الجماعي الفني كما كان و روج له) سقط هذا العام في جزءه الخامس على النحو ذاته، ولنتذكر معاً تفاصيل بقعة ضوء (الجزء الأول والثاني) ثم لنحاكم كوميديا بقعة ضوء خامساً.

الأمر الغريب الثاني الذي يبدو جلياً في الكوميديا السورية هذا العام قدرتها الفائقة في استنساخ بعضها البعض، فأن كانت بقعة ضوء استنساخ جزئي عن مرايا ياسر العظمة فقد جاء (عالمكشوف) سابقاً استنساخ معلم عن بقعة ضوء، ثم كانت موجة من استنساخ اللوحات الانتقادية الساخرة، هذا العام في (عريبات)، و(كليب وحكاية) و(كل شي ما شي) وسواها...، والتي مهما اختلفت أفكارها ظلت تدور في فلك الاستنساخ ذاته، ولكن مع تأرجح فاضح في السوية الفنية (كتابة وإخراجاً) فيما بينها و(كأنك يا أبو زيد ما غزيت)، ولعل من المفارقات المضحكة في كوميديا اللوحات الانتقادية أننا، وكلما اختلف اثنان في عمل أنجزاه معاً نكون على موعد مع استنساخ عملين اثنين لهذين الفنانين من نكهة العمل مشترك ذاتها.

وخارج سرب الاستنساخ والتكرار يجدر الإشارة إلى ضرورة استثناء عمل واحد، حمل الشكل الفني نفسه لكنه حافظ على تميزه: مسلسل (ما في أمل) للمخرج الليث حجو، والفنانين بسام كوسا وفايز قزق، وذلك في الغالب لأنه فهم معنى اللوحة الانتقادية ومتطلباتها الفنية التي تقع في أولوياتها التكثيف البليغ اللاذع.

وبعيداً عن اللوحات الفنية الانتقادية حضرت أعمال كوميدية أخرى، أخذ الفنان أيمن زيدان على عاتقه اثنين منها هي (جوز الست) الذي يجسد فيه دور الموظف الزوج الذي تصبح زوجته مديراً عاماً في المؤسسة نفسها، وما يترتب على ذلك من مفارقات، خاصة وأن الزوجة تحترم اللوائح القانونية وتسعى بشكل جدي لإصلاح البنية الإدارية للمؤسسة، وشيئاً فشيئاً يتحول الزوج إلى (جوز الست) فيحاول دائماً إثبات موقعه كزوج، وأجواء المسلسل تذكرنا بأجواء يوميات مدير عام وبطل من هذا الزمان، وألو جميل ألو هنا... وأن اختلفت الفكرة، أما الفكرة نفسها فقد قدمت من قبل في السينما المصرية وأجزم أنها ما زالت في ذاكرة مؤلف المسلسل. أما العمل الكوميدي الثاني لزيدان كان مسلسل (أنا وأربع بنات) يتصدى المسلسل لجملة من المشاكل والمفارقات الاجتماعية الكوميدية التي يفرضها تباين التطلعات والطموحات واختلاف الرؤى تجاه تغيرات المجتمع المعاصر، وذلك من خلال رصد حياة أب توفيت زوجته وتابع مشوار حياته مع بناته الأربع.

العملان بالمجمل كوميديا اجتماعية لأيمن زيدان، ربما نتجاوز طريقة الإضحاك فيهما، إلا أننا سنهمس في أذنه، ملاحظة حب نقدية، عن التشابه الكبير في أداءه لشخصيته في العملين، و(غلطة الشاطر بألف يا أستاذ أيمن).

ويأتي مسلسل (بكرا أحلى) للكاتب محمد عمر أوسو والمخرج محمد الشيخ نجيب ليقلب الطاولة على هذا الكم الهائل من الأعمال الكوميدية، وبأداء جماعي كبير، كان سيكتب له شعبية كبيرة لو اختير له الوقت والمكان المناسبين، والعمل دراما اجتماعية كوميدية تحاول تسليط الضوء على الحياة بجانبيها الحلو والمر، من خلال أسرة صغيرة تحاول تحدي ظروف الحياة، فيرى كل فرد منها الأمان والاستقرار من منظور مختلف، وتأتي الأحداث لتثبت أن من تمسك بمبادئه استطاع البقاء ثابتاً بينما كان مصير من تخلى عنها الهلاك، والشيء الوحيد الذي يبقى من هذه العائلة هو الذكريات.

ورغم تقليدية الحكاية في (بكرا أحلى) وبساطتها، وربما عدم قدرتها على حمل ما هو مفاجئ في أحداثها، استحق العمل الصدارة الكوميدية بالأداء الجماعي والبسيط للفنانين و رؤية المخرج الذي أحسن اختيار أماكن التصوير واستغلالها. والعمل بالمجمل يعيدنا إلى بساطة الضحكة في (عيلة خمس نجوم)، نأمل أن يستفيد الكاتب أوسو من هفوات سلسلة النجوم، فلا يفاجئنا في العام القادم بجزء ثان له.

بالعموم تستحق الاجتهادات الكوميدية السورية الاحترام، وأن كنا قد قسونا على ما قدم هذا العام ، إلا أن سوية أعمال من عيار (بقعة ضوء) في جزأيه الأول والثاني، و(ما في أمل)، و(جميل وهناء) و(عيلة خمس نجوم) ... و(بكرا أحلى) تجعلنا ننتظر أعمالاً كوميدية قادمة أكثر نضجاً فنياً وفكرياً، شريطة ألا نركن على أي نجاح مسبق مهما بلغت شعبيته.  

ماهر منصور

manmaher@hotmail.com

موقع "ميدل إيست أنلاين" في

08.11.2005

 
 

ما لم يقله مسلسل ملوك الطوائف

د. عبد العزيز المقالح 

كنت في يوميات سابقة تناولت وبشيء من القسوة.. الفضائيات العربية التي عملت وتعمل ليل نهار علي إفراغ عقل المواطن العربي ووجدانه من الاحساس والوعي بمستجدات الواقع والمخاطر التي تتزايد يوما بعد آخر. وما زال موقفي من هذه القنوات الفضائية هو الموقف نفسه لم يتغير معه سوي الاعتراف بوجود استثناءات لا تكاد تذكر وسط زحام الاسفاف وما يصاحبه من برامج ومسلسلات وافلام تدعو الي اللامبالاة والإحباط. ومن تلك الاستثناءات القليلة والجديرة بالتقدير المسلسل البديع ملوك الطوائف الذي يقدم بعناية فائقة لوحات تذكارية مرعبة للمأساة التي سحقت الوجود العربي في الاندلس وأسدلت ستارا كثيفا علي أزهي مرحلة في تاريخ الحضارة العربية بعد ان شكلت تحولا رائعا ومجيدا في تاريخ التقدم الانساني.

المسلسل لا يبكي علي فردوس مفقود وانما يبكي علي فراديس جديدة في طريقها الي الفقدان، يبكي فلسطين والعراق ويهيئ النفوس للبكاء علي اقطار عربية اخري توشك ان تفقد وجودها وهويتها العربية اذا ما استمر حال الطوائف وملوكها ورؤساها علي ما هو عليه من عجز وانقسام واسترضاء للاعداء واستجابة لكل ما يرغبون في تحقيقه.. المسلسل لا يقارن بين ما تم بالأمس وما يحدث اليوم، وهو لا يبحث عن مفارقات او تماثل في المواقف وانما يقدم صورة صادقة المعاني والملامح لما حدث علي ارض الاندلس قبل ان يتم (تحريرها) من عروبتها واعرابها. واذا كان التشابه بين الماضي والحاضر يطفو علي السطح بصورة فاقعة وشديدة الايلام فذلك لأن الاحفاد لم يفيدوا من التجربة المأساوية للاجداد وما زالت الخلافات التي مزقت وحدة امراء الطوائف العرب في الاندلس هي بعينها الخلافات التي تمزق صفوف امراء الطوائف العرب في هذه الحقبة من التاريخ المعاصر.

بامكان الباحث وهو يقرأ التاريخ او يشاهد وقائع المسلسل ان يرصد الاخطاء التي ارتكبها ملوك الطوائف المعاصرون ابتداء من التنافس المشؤوم ومن التسابق المحموم علي ارضاء القوي المعادية الطامعة ووصولا الي الشكوك الرخيصة التي يشتم من خلالها كل طرف ان الطرف الآخر يتربص به ويسعي الي التدخل في شؤونه الداخلية. ولم تعد تلك الزيارات المتبادلة بين حين وآخر ولا تلك المؤتمرات الموصوفة بالقمم، وما يصاحبها من قبلات ساخنة وابتسامات عريضة، لم تعد تخفي ما في الاعماق من مشاعر البغضاء وما علي الواقع من مخاوف نجح الاعداء في استغلالها في الوقت المناسب لكي يبقي ملوك الطوائف في حالة صراع دائم يتفقون معه علي ان لا يتفقوا، ويسعي معه كل حاكم طائفة عربية ان يصطاد اخطاء الآخر ويعمل علي توريطه في مزيد منها ليتمكن من اسقاطه والخلاص من منافسته.

ان هذا هو الواقع العربي علي حقيقته وما يقدمه المسلسل التلفزيوني (ملوك الطوائف) ليس سوي ظلال قديمة لواقع نعيشه ونتنفس حرائقه وادخنته. والسؤال الحاد الذي صار علي كل لسان هو: أين يمكن الخلاص بعد أن عرفنا أبعاد المأساة ومتي يتحرر ملوك الطوائف من مخاوفهم تجاه بعضهم ويقرأون صورة مستقبلهم في ماضي اجدادهم؟

والجواب الصحيح: ان الخلاص يكون في حالة واحدة تتمثل في اختيار الديمقراطية وفي ان يصل الحاكم العربي الي السلطة عن طريق المنافسة والاقتراع الحر فبالديمقراطية الصحيحة الخالية من الاستثناءات يتحقق الأمن والأمان للحاكم والمحكوم، وتختفي حالة الارتهان للخارج أيا كان هذا الخارج عربيا او اجنبيا قريبا او بعيدا. وبدون الديمقراطية فإن مأساة ملوك الطوائف سوف تتكرر ولم تكن حالة العراق الخاضع للاحتلال سوي مقدمة اولي لاسقاط الشعب العربي كله في مستنقع من الدم والخلافات الطائفية والمذهبية والعرقية.. الخ، وهو ما لم يقله المسلسل مباشرة وبصوت مرتفع.

تأملات شعرية:

اتوق مع كل عيد

الي لحظة من صفاء تمكن روحي

بأن تستحم بماء الطفولة

أغمض عيني في حضرة العيد

كي تتذكر روحي معني البراءة

أعيادها.. ورنين الفرح.

واغمضُ قلبي لأحلم أني رجعتُ

الي زمن ضاع مني

وضاع غداة اختفي،

مهرجان المرح!!

القدس العربي في

09.11.2005

 
 

يعيد ملامحه الكوميدية ويرفض التخصص

أيمن زيدان: الدراما الحقيقية تعتمد على التفاصيل

دمشق - شافع مزيك:  

عاد أيمن زيدان إلى الأدوار الكوميدية، وقرر الاستمرار ضمن هذا التوجه بعدما حققت المسلسلات الجديدة المتابعة الجماهيرية. ويطالب الآن بتنظيم عملية الإنتاج وإصدار قرارات جديدة لكيلا تتوقف الشركات ويتدنى المستوى. ورغم بروزه كممثل كوميدي يرفض هذا التخصص، لكنه لا يوافق على الآراء المؤكدة أنه يتجنب حمل صفة ممثل كوميدي لأن الكوميديا متدنية المستوى، بينما كان ظهوره في مسلسل “ملوك الطوائف” التاريخي كشخصية شريرة تحقق عند لمسه تميز الدور، كما يؤكد في الحوار التالي معه:

·         هل شعرت بأن مستوى أعمالك الكوميدية الجديدة وصل إلى مستوى الأعمال القديمة؟

ربما لم تصل إلى مستوى مسلسل “يوميات مدير عام” من ناحية النقد الاجتماعي والاعتراض على السلوك الوظيفي السيئ، ولكنها حققت في رأيي أعلى نسبة من الكوميديا، وهذا الهدف كان أساسياً في توجهاتي خلال العام الحالي.

·         هل صحيح أنك رضيت بدور مسلسل “ملوك الطوائف” التاريخي لأنك لا ترغب بتكريس حضورك كممثل كوميدي؟

أنا لم أتجه سابقاً إلى الكوميديا بشكل نهائي، ولم يصنفني النقاد كممثل كوميدي، ولكن بعض الزملاء أكدوا سابقاً أني أحرص على تقديم دور تراجيدي كلما قدمت دوراً كوميدياً لأني أعتبر الكوميديا متدنية المستوى، وأؤكد الآن أن هذه الآراء غير صحيحة لأن المستويات المتدنية تظهر في جميع الأنواع الدرامية، وأنا ضد تدني المستويات الفنية مهما كانت نوعية أدواري.

·         هل أنت راض عن دور المعتمد التاريخي المتميز بالقوة والشر في مسلسل “ملوك الطوائف”؟

أعتقد أن قصص التاريخ مملوءة بالشر مثلما هي مملوءة بالخير، فيها الأبطال والأخيار والضعفاء والمجرمون، وعندما تقدّم الدراما سيرة العرب في الأندلس لابد أن يظهر المعتمد بكل قسوته وظلمه وبطشه، وأنا وجدت في الدور مميزات كثيرة وأحداثاً حيوية، فوافقت عليه ولم يكن هدفي أن أقلل من تأثير ظهوري الكوميدي في هذا الموسم.

·     كان ظهورك التاريخي مختصراً، ولكن ظهورك الكوميدي كان واسعاً في مسلسلين ومن خلال دورين أساسيين، فهل ستتخصص في الكوميديا؟

دوري في مسلسل “أنا وأربع بنات” هو المحور الأساسي للعمل والمرتكز الأول للكوميديا التي قدّمتها كل الشخصيات بما فيها شخصية الجد التي مثّلها عبدالرحمن آل رشي باقتدار واضح وأظهر من خلالها قدرته الفائقة على تمثيل الكوميديا، ولكن ظهوري في هذا المسلسل وفي مسلسل “جوز الست” الكوميدي أيضاً لا يعني أني سأتخصص في الكوميديا على الإطلاق رغم اقتناعي بأن واجبنا كفنانين يقتضي بأن نهتم بإيصال الابتسامة إلى الجمهور، مثلما نهتم بطرح قضايا الحياة وتغيرات المجتمع.

·         لماذا لم يصل المستوى الكوميدي في مسلسل “جوز الست” إلى مستوى المسلسل الثاني؟

في مسلسل “جوز الست” كانت الكوميديا وسيلة لطرح مشاكل الموظفين ورصد أخطائهم وإظهار مواطن الفساد ضمن الهيكل الوظيفي الضخم، لذلك تعددت نماذج الفاسدين والانتهازيين والخالين من الضمير المهني، وهذا هو هدف العمل الأساسي وليس الكوميديا التي ظهرت من خلال المواقف اللامتوقعة.

·         هل أنت مع الآراء النقدية التي أكدت أن فكرة المسلسل قديمة جداً؟

أنا مع هذه الآراء، وفكرة الموظف الذي تصبح زوجته مديرته في الشركة قديمة بالفعل، ويجب ألا ننسى المسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية التي طرحت هذه الفكرة، ومنها مثلاً فيلم “مراتي مدير عام”، ولكن مسلسل “جوز الست” يستعمل الفكرة كوسيلة وليس كغاية تهدف للإضحاك.

·         هل شعرت بأن بعض الممثلات في مسلسل “أنا وأربع بنات” سرقن الكاميرا منك وقدمن مواقف مضحكة جداً؟

فعلاً برزت مواهب عدة ممثلات من خلال المواقف المتصاعدة، ولكن المسلسل تأسس على تفاصيل كثيرة جداً أتاحت البروز لأكثر العناصر المشاركة، وحققت كوميديا ناجحة بشهادة الكثيرين وحسب آراء النقاد التي ظهرت بسرعة وقبل انتهاء العمل لأن المسلسل الناجح يكشف عن أهميته فوراً.

·         هل تقصد أن كوميديا التفاصيل تفوقت على الكوميديا النقدية في المسلسل الآخر؟

أنا أرى أن الدراما الحقيقية تعتمد على التفاصيل والأحداث التي تفرز مواقف كثيرة جداً، وهذا الجانب تحقق في العملين معاً، وربما لم ينل مسلسل “جوز الست” إعجاب النقاد بسبب موقعه في خريطة عروض رمضان، ودائماً تحظى المسلسلات بالمتابعة الدقيقة والكاملة حين إعادتها في فترات أخرى.

·         هل ستتضمن خطة شركة الشام القادمة الأعمال الكوميدية أم ستعود إلى الأعمال التاريخية والاجتماعية الضخمة؟

أرى أن كل عمل ناجح ويرضي ذوق الجمهور ويحقق أهدافه هو عمل ضخم. العمل الدرامي الضخم لا يتحقق بالميزانية المالية الكبيرة، ولكن بالاختيارات السليمة والدراسة المسبقة.

والشركة عادت للكوميديا بعد عودتي لاستلام إدارتها العامة، وربما أعود لإنتاج النوع التاريخي حينما تحرضني النصوص على ذلك، أو أعود إلى النوع الاجتماعي عندما يتوافر نص قوي.

·         ما مدى تأثير أزمة النصوص في خطة الشركة؟

لا تؤثر في الإطلاق بوجود اختيارات سليمة، ولابد من وجود نصوص جيدة باستمرار والدليل المسلسل الثالث “أمهات” الذي أنتجناه هذا العام أيضاً، ولاقى النجاح عند عرضه على شاشة “أبوظبي” والقناة السورية الأرضية.

الخليج الإماراتية في

09.11.2005

 
 

هل أصبح الوطن غرفة ريا وسكينة؟!

نوارة نجم

ألتهم بنهم المسلسل المصري الذي يعرض علي إحدي القنوات الفضائية «ريا وسكينة» وذلك بعد أن رفض التليفزيون المصري عرضه، لأنه «يحتوي علي ألفاظ ومشاهد منافية للذوق العام ولا تتناسب مع روح الشهر الكريم»! والتليفزيون المصري له كل الحق في رفض المسلسل في أثناء الشهر الكريم وخارجه، ولكن ليس للحيثيات التي أدرجها، ولكن لحيثيات أخري سندرجها في التو.

المسلسل رائع، وروعة المسلسل لا ترجع فقط للبديعة عبلة كامل، أو الجميلة «الأروبة» سمية الخشاب، أو الحوت سامي العدل، أو لنبل الرباعيات الغنائية التي تخللتها والتي كتبها أحمد فؤاد نجم ولحنها وغناها عمار الشريعي - ولا أقبل أن يزايد أحد علي في مسألة الموضوعية، فنصيبي أن أبي شاعر عظيم - كما أنني لست مؤهلة لمناقشة السيناريو والإضاءة والديكور والإنتاج وكل ما هو ليس من تخصصي، ولكن روعة المسلسل تعود إلي أنه أفضل ما عبر عن الواقع الحالي لمصرنا الحبيبة، فنحن نعيش في وطن أصبح مثل حجرة ريا، امتلأ برائحة عفن الجثث، وبدأت الأرض تعلو من كثرة ما كدست العصابة فيها ضحاياها، بل إن العصابة بدأت تمل الحفر، فأصبحت الغرفة كما قالت ريا: حسب الله والرجالة ما غوطوش الأرض كويس، يا ربي علي قلة الضمير! نعم انعدم الضمير في قلب القاتل حتي وهو يخفي أثر جريمته.

استشري العفن، ومهما حاول البعض تعطير الهواء بالبخور كما كانت تفعل ريا، فالعفن غالب، والجثث تعلن ثورتها بانتفاخها لتقب الأرض، هذه جثة مؤسسات الدولة الفاسدة الناهبة الآكلة الدائمة الجوع المتبجحة بالسرقة والظلم والإذلال، وهذه جثة المؤسسات الدينية الصامتة الخاضعة، التي يخرج من عباءتها بعض ممن يريدون «لهطة» من الكعكة، متذرعين بكلمة الحق: المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف، مريدين بها باطل المال والشهرة من خلال «بزنسة» الدين.

وقد طفت أخيرا علي السطح جثة ما يسمي الآن - قدرا - بالمجتمع المدني، شريحة أخري من جوعي المال المتآكلين حتي النخاع بالفساد، المناضلين القدامي، الذين اتخذوا طريق النضال لأي من الأسباب الآتية: رغبة في الظهور، حب التميز، جوع كافر لا يفكر في إطعام الجوعي بقدر ما يفكر في مشاركة المتخمين تخمتهم، وأخيرا أو غالبا، محاولة إضفاء «شرعية» النضال علي كل ما هو ليس شرعيا، ليس فقط بالمفهوم الاجتماعي أو الديني ولكن حتي بأبسط المفاهيم التي تعرفها الإنسانية.

في مسلسل «ريا وسكينة» الذي يعتمد علي الكتاب الوثائقي للحادث الحقيقي، وقد أعده وجمع مادته الكاتب الكبير صلاح عيسي، نري أن العصابة تنتمي إلي شريحة الجوعي المهمشين الذين يسلكون طريق الفساد، ويختارون ضحاياهم من الفاسدات اللاتي يشاركنهم فسادهم.

والواقع الذي نشهده الآن، هو أننا نجلس في مكان يمشي علي أرضه فاسدون مفسدون، وينام تحته قتلي علي نفس قدر قاتليهم من الفساد، وكلما لاح في الأفق من نظنه مخلصا، تشبثنا به، فإذا هو قاتل لم يكلف نفسه عناء مسح غبار القتل من فوق كاهله، أو مقتول متعفن، لا يثير التعاطف بأي حال من الأحوال، بل إنه يبعث علي الاشمئزاز، يطاردك كشبح يثير الرعب.

أنات الناس أصبحت أغنية ممجوجة

يئن الناس من الفقر والقهر والتهميش والظلم، وكل ما تعوذ منه الرسول - صلي الله عليه وسلم - من عجز وكسل وجبن وبخل وغلبة دين وغلبة عدو وقهر الرجال وشماتة الأعداء، يئنون حتي أصبح الأنين أغنية ممطوطة ممجوجة يرددونها لا لأمل التغيير، ولكنها أصبحت كالعطس والسعال والتثاؤب: جعانين، بناكل من الزبالة، زهقانين، مش لاقيين شغل، الناس إللي حوالينا حرامية ويا نسرق زييهم يا يلبسونا مصيبة، مقهورين، مظلومين، ابني في وادي النطرون معتقل بقاله اتناشر سنة من غير تهمة، بيتي اتهد في الزلزال وساكن في عشة صفيح، البرد واكلنا، المرض قضي علينا، جوزي دخل المستشفي عشان نزيف سرقوا منه الكلي والطحال، وديت الواد الإصلاحية عشان ياخدوا بالهم منه، ما انا مش ح أقدر أصرف عليه، وإلي آخر هذه الوصلة من آلام وأوجاع فقدت وطأتها من طول العشرة.

أفراد عصابة ريا وسكينة تم إعدامهم جميعا والحمد لله، ولكن يبدو أن شيطانهم لايزال علي قيد الحياة، فأي قريحة تلك التي أوحت لكل من تحرقه شهوة المال الكثير أن يستغل أنات الناس ليستثمرها وينتج منها المال الوفير والعيش الرغد والنفوذ والسلطة والسطوة، فهناك عدة وسائل لتحقيق ذلك وإليك الوصفة السحرية: إذا لم تستطع أن تنضم إلي المؤسسة الحكومية وتكون منها خميرة معقولة، وسطوة نافذة، فأمامك طريقان: إما أن «تتليس» علي عينك وتستمر مفعولا بك وتنضم إلي كورال أغنية الأنات، و«رزقك ورزقي ورزق الكلاب دا موضوع مؤجل ليوم الحساب»، أو تبحث لنفسك عن طريق آخر لتحقيق مآربك، فإذا اخترت الخيار الأخير فرأس مالك هو الناس، ولكن الناس قد تم استنزافهم عن طريق الدولة، وقال: يا واخد السمنة من النملة ..تحرم عليك التقلية.

أفضل وسائل إنتاج السمن من النمل

من قال هذا، النملة تنتج سمنا وفيرا، وعليك أن تعرف طريق السمن من.. النمل، فالنمل الذي يعمل طوال العام ولا يأكل إلا الفتات تعبان، يحلم بمن يخلصه من تعبه، لا تقل: هو أنا عارف أخلص روحي؟ لا تقلق فنملنا والحمد لله يتمتع بالبله المطلوب، هو يغني أغنيته موقنا أن أحدا لن يسمعه، كل ما عليك الآن هو أن توهم النمل أنك تسمع أغنيته، ولا بأس من أن ترددها معه، وتوحي إليه بأنك: قد أخذت علي عاتقك من واقع إحساسك النزيه بالمسئولية «الدينية أو الوطنية أو الإنسانية أو حتي النضالية» أن تخلصه من عذاباته وآلامه، تماما مثل الذي يعد العاطلين بإيجاد فرص للعمل ويجمع منهم أموالا لشراء الاستمارات و«يفك»، ولكن عليك تطوير الفكرة، فبدلا من أن تأخذ جنيها واحدا من كل مواطن لتحصل علي خمسة آلاف جنيه، فلتضع خطة أكثر إحكاما.

وأمامك مرة أخري طريقان: أن تتاجر بإحساس الناس الدائم بغضب الرب عليهم وإلا ما ابتلاهم بما هم فيه، وتؤكد لهم أنك طريقهم إلي رضا الله، أو أن تتاجر مباشرة بآلامهم وتقنعهم بأنه من خلال مؤسستك الأهلية، ستنقل أصواتهم إلي الحكومة والمجتمع الدولي والأمم المتحدة «أو القلل المتحدة كما يقول اللمبي» وتؤكد لهم أن «الصحافة ح تكتب في حالتك، وتنشر مناظر لخالك وخالتك، وتطلع يا مسع عليك الغناوي، ونسمع باسمك في قلب القهاوي، تحبك مشيرة وبنات الجزيرة، وقصة غرامك ح تشيع في الرداوي، يعيش عم مسعد».

التجارة شطارة

والتجارة فن وشطارة، وما أسيب المال الذي يبعثره أصحابه في الشرق والغرب لأهداف: تجنيد العملاء - ولا أحد يقول: الكلمة دي بقت موضة قديمة - واستثمار الأموال والتدخل السياسي الذي أصبح الآن من باب الاحتياط، وانت وشطارتك، وأنت واختيارك، إما أن تداعب الناس بالدين فتتخطفك الفضائيات وشركات الكاسيت وشركات الموبايلات وتكسب الدنيا والدين، أو تناضل، والنضال الآن أربح من الدين، فهو يعطيك المال والنفوذ.

ابحث عن أي ألم من آلام الناس، وهم كثر، ألم المرأة المضطهدة، ألم الأطفال المشردين، ألم الجوعي، ألم اللاجئين، ألم المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، ألم الأسر التي افترشت الأرصفة، ألم المرضي، آلام تعطش الناس للديمقراطية والتغيير، ابحث، ابحث، ثم «اقفش» في أي من هذه الآلام، وتقدم لوزارة الشئون الاجتماعية بطلب لتأسيس جمعية أهلية معنية: بالتطور والتنمية وحقوق المرأة وحقوق الإنسان والدفع والدفاع والحراك والتحرك والتغيير والتشغيل والباذنجان المقلي، لا تقلق، ستمنح الترخيص كأسهل ما يكون، دون أدني اعتراض من أية جهة، وبغض الطرف عن سجلك الأسود الحافل بالفساد والتفسخ والادعاء والنفاق والاستغلال واللاأخلاقية واللامبدئية واللاآدمية.

بعد ذلك عليك أن تعد ورقة مشروع عمل يحمل بعض المفردات مثل: التنمية والإصلاح والتغيير ومحاربة الإرهاب وتوعية الشباب، وبعض مصطلحات مثل ورش عمل وندوات وحملات.. إلخ، ثم ترسل هذه الورقة إلي أية جهه أجنبية شرط أن يكون لها مصالح في المنطقة، أقول لك؟ اختصر وارسل إلي أمريكا، وقفت في حلقك؟ إن لم يكن تمر فماء، إذن فأرسل إلي الاتحاد الأوروبي، أظن هكذا قد تخطاك العيب و«قزح».

صحيح أن دول الاتحاد الأوروبي قد وقفت موقفا سلبيا من الحرب علي العراق وآخر حقيرا من ضرب أفغانستان، وصحيح أنها تدرج منظمات المقاومة في قائمة الإرهاب، وصحيح أنها من آن لآخر يعن لها أن تشارك أمريكا تمثيلية: سيبوني عليه..

- لا مافيش داعي

- بقول لكو سيبوني عليه

- طب بس إهدي يا أمريكا

- ح اضربه يعني ح اضربه

- إنت حرة بس كدا غلط

وصحيح أن بعضا من دول الاتحاد الأوروبي تجثم بقواتها علي صدر أفغانستان والعراق، لكن يا راجل بلاش افترا، أليست هذه أوروبا التي «تزغر» كل حين لإسرائيل عندما تدهك الفلسطينيين دهكا؟ أليست هذه أوروبا التي خرج الآلاف في شوارعها مناهضين لحرب العراق؟ كان معظمهم من العرب والمسلمين؟ يا عم روح، هو انت عرفت تتظاهر في بلدكو؟ يا شيخ صلي صلي بلاش وسوسة.

مكاسب المشروع

أصابك الذعر؟ المسألة ستأخذ وقتا، وأنت تريد المال في «السريع البني» فكريا «بقف»، هذا مشروع يساوي عمرك كله، فما ستجنيه من وراء هذا المشروع ليس المال فحسب، ولكنك ستصبح بطلا فوق رءوس الجماهير، فأنت من أخذ علي عاتقه آلامهم، وعبر السبع بحور ليأتي لهم بالحل، ولن يمانع ممولوك من أن تصدر بيانات تهاجمهم فيها ليضفوا علي أنفسهم سمة الديمقراطية ويخلعوا عليك بهاء النضال والخير يعم، والخواجات لا يبيعون رجالهم، ولكن إياك أن تأخذك الجلالة وتعتقد أنك سترفع الظلم عن الناس، فاستمرار الناس كما هي تجر قيود آلامها هو رأس مالك الذي سيفيض عليك من أنهار العسل واللبن، ولن تجد داعيا لانتظار نعيم الآخرة.

طب ما ح يعرفوا أني نصاب، لا يا مغفل، لأنك ستقول لهم أن الحكومة تضع عليك قيودا، وتحاربك من كل جهة وتتهمك زورا وبهتانا بالعمالة، والهدم أسهل من البناء، والشر أفجر من الخير، وغدا لناظره قريب، وأولاد الحرام لم يتركوا لأولاد الحلال شيئا، وعليك وعلي موسم المشمش وعب في الأموال، طيب والحكومة؟ آه، هذا هو المكسب الثالث، فأنت ذهبت رأسا إلي أسياد الحكومة، ولن تجرؤ أي سلطة أن تحمل أثقال جفونها لتنظر في وجهك، إذا حدث، أرقع بالحياني: يا ناس يا مجتمع يا دولي إلحقوني الحكومات غير الديمقراطية تصادر حريتي وأنا - يا قلب الأمم المتحدة - أسعي للتغيير والتنمية ونشر الديمقراطية، إن ما تفعله حكومات المنطقة من مصادرة لحريات المواطنين، والوقوف أمام مؤسسات المجتمع المدني، ومحاربة كل من يحاول النهوض بالمجتمع ما هو إلا وسيلة لتغذية الإرهاب وزيادة مشاعر الرفض والكراهية للحضارة والمدنية، إن هذه الممارسات هي إحدي الأسباب المباشرة لجريمة الحادي عشر من أيلول «قل أيلول ولا تقل سبتمبر، لزوم الوجاهة يعني» وستتكرر هذه الجريمة ما استمرت سياسات الحكومات في منطقتنا تتجاهل دور مؤسسات المجتمع المدني في تنمية المجتمعات العربية تاتاتاتا.

هذا كل ما ستقوله، كما لقنته لك بالحرف، وستجد أن كل حاو قد بدأ في جمع ثعابينه، والله الله، هو احنا كل ما نهزر معاك تزعل؟ ودا انت حبيبنا، والديمقراطية حبيبتنا، وممولوك حبايبنا، وسمعني أحلي بودعك.

عليك بالمغفلين مؤقتا

طيب ومن وقتنا هذا، وحتي يتحقق المأمول، من أين أنفق؟ دي شغلانة مصروف عليها! نعم هذه «شغلانة» مكلفة، ولكنها تأتي بأكثر من ثمنها، من هنا لحد بلوغ المراد من أين تنفق؟ ماذا؟ ألست وغدا بما يكفي؟ أبحث عن أي مغفل أو مغفلة تردد علي مسامعه شعاراتك التي تدخرها للإتجار بها علي مموليك، الممولون لن تدخل عليهم هذه اللعبة، ولكنهم سيمولونك لأن لهم مصالح أهمها أن يضغطوا بك وبمن هم علي شاكلتك علي حكومات المنطقة التابعة لهم، يعني مثل رئيس العصابة الذي يكسر عين ذراعه الأيمن بصبي حديث السن، أما المغفلون، فهم ملح الأرض، سيصدقونك ويتعاونون معك ويتأثرون بقضيتك، وكلما أتقنت التمثيل كلما - لامؤاخذة - اتسفلقت علي قفاهم، أي عشت «سفلقة» علي نفقتهم، وذلك بشكل مؤقت حتي يكرمكم الكريم «بالعكمة» الكبري.

هل علمت الآن لماذا منع التليفزيون المصري عرض مسلسل ريا وسكينة؟ لأننا ناس مؤدبون ومهذبون ولا نقبل «شغل الضغاين» ولا نحب التلقيح بالكلام علي «زمايل بتهبش صفايح».

ارفع معي علم كوريا

ما هو شعورك الآن؟ أنا أقول لك: إذا كنت بكامل قواك العقلية فستقوم فورا وتنفذ الخطة كما أنزلت، ولكن لا تدعو لي فدعواتك غير مقبولة، أما إذا كنت من أولاد الـ... الذين لا يزالون يحبون غرفة ريا المتعفنة، ولايزالون يأملون في غد لابد أن يأتي بأفضل، لأنه لو لم يأت بأفضل فستلقي بنفسك من شاهق، ستشعر أنك مثل الأسلحة الفاسدة التي تقتل حاملها ولا تمس العدو بسوء، آه هو انت منهم؟ إذن فضع خيبتك علي خيبتي وسر في الطرقات وأنت ترتدي سروالا «رجل ورجل» وارفع علم كوريا، وردد ورائي: بكرة أحسن من النهاردة.           

الأهالي المصرية في

09.11.2005

 
 

أمهات متباينات ومناسبة للحديث عن اغتيال الحريري!

أمهات دراما اجتماعية في ثلاثين حلقة

دمشق ـ من أنور بدر:  

تابع المشاهدون خلال الدورة الرمضانية الأخيرة علي القناة الثانية من التلفزيون السوري مسلسل أمهات يومياً قبل الإفطار بحوالي الساعة تقريباً، وهو دراما اجتماعية موزعة علي ثلاثين حلقة، لكل منها موضوع مستقل، يتناول سلوك الأم وتربيتها لأبنائها، يتناول عظمة الأم في بساطتها وتضحياتها معاً، في عطائها ونبلها.
تتنوع النماذج الحياتية لقصة الأم المطروحة، وكذلك تتنوّع البنية الدرامية والأزمة والظروف المحيطة، لتشكل مجموعة متنوعة غنية في مواضيعها، ومتميزة في الشكل وطريقة الطرح، لكن هذا النمط من المسلسلات الذي تتنوع فيه الشخصيات بين حلقة وأخري، يحمل للممثلين عبئاً إضافياً في تجسيد شخصية متميزة في كل حلقة، وهو ما يحتاج أو يتطلب قدرة نفسية واستيعاب جيّد لعناصر كل شخصية.

فنحن رأينا سوزان نجم الدين مثلاً تجسّد ست أمهات بأشكال وهموم مختلفة وأساليب متباينة، لا يجمعها غير الأمومة المعطاءة إلي أبعد الحدود، الأمومة القائمة علي المحبة والتضحية حتي أنها تمارس القتل في لحظة الدفاع عن ابنتها في حلقة القاتلة ، كما أنها برهنت علي قدرة تعبيرية مدهشة في حلقة شوال حنطة . كما نوعت بين الأدوار المودرن: قاضية أو طبيبة، وبين الأدوار التقليدية لأم قروية وأخري عاملة.

كذلك تابعنا الفنانة ثراء دبسي والفنانة نبيلة النابلسي في عدة حلقات، فتارة كانت المرأة فلاحة وتارة كانت المرأة مودرن لكن في الحالتين تجمعهما التضحية، كما أدت فاتن شاهين عدة ادوار تتمحور حول الدور الفعّال الذي تلعبه الأم في تحقيق السعادة لأولادها، من خلال التفاني والكفاح والعطاء من أجل الأسرة.

المسألة المهمة في هذا العمل، أنّ تنوّع شخصيات الأم بين سيدات الشاشة السورية خلق تحدياً عند كل منهنّ لتجسّد دور الأم بأفضل طاقاتها، خاصة حين تتنافس ممثلات الجيل الجديد مع ممثلات مخضرمات في تأدية هذا الدور، أو عندما تتنافس ممثلات في ادوار لم تكن لهنّ البطولة التي تعرفها ممثلة متألقة كمني واصف والتي كانت أجمل الأمهات بلا منازع، لكن هذا العمل الذي منح البطولة المطلقة لكل الأمهات يشكل امتحاناً أمام كل الفنانات لتأدية دور الأم، امتحان أعطي لكل منهنّ أكثر من فرصة، وأكثر من شخصية لإبراز طاقاتهنّ التعبيرية في أداء تمثيلي مترافق بدفق شعوري كبير.

ويؤكد المخرج سمير الحسين أنّ هذا النمط من الأعمال الدرامية ينطبق عليه وصف السهل الممتنــــع، حيث يعتبـــرها ليست مُجرّد حلقات في مسلســل تلفزيوني، وإنما هي أفلام تلفزيونية مستــــقلة، وكل منها مختلف عن الآخر، ليس من حيث الموضوع فقط أو شخصـيات الممثلين، بل يجب أن يتمايز كل منها عن الآخر من حيث الرؤية والأسلوبية الإخراجية، حتي لا تقع في مطب التكرار.

لهذه الأسباب تنوّع الكادر التمثيلي، وتنوعت الحكايات وشخصيات الأمهات، كما تنوعت مواقع التصوير التي بلغت أكثر من (400) موقع تصوير أو لوكيشن، فهذا العمل تطلب جهداً استثنائياً في الصورة وفي الإضاءة وفي توزع الشخصيات، وفي الأسلوبية الإخراجية، إلا أنّ الصعوبة الأكبر في تواجد بعض الممثـــــلين في أكثر من حلقة أو فيلم، حيث يُفترض بالممثل ألا يُكرر نفسه أبداً. ومن هنا كان اختيار أسماء هامة في الدراما السورية لبطولة هذا العمل وبشكل خاص في دور الأمهات أمثال: مني واصف وسمر سامي و ثراء دبسي و نبيلة النابلسي وسوزان نجم الدين وفاديا خطاب وفاتن شاهين وجيانا عيد..... كما شارك في التمثيل زهير عبد الكريم ونضال سيجري ولورا أبو سعد وبسام لطفي وزهير رمضان ومانيا نبواني وقمر عمرايا وغسان سلمان وآخرين..

الحلقة الأكثر إثارة للجدل هي الحلقة التي خرج فيها العمل عن هدفه التربوي والأخلاقي تجاه الأم، ليخوض في مسائل السياسة المعاصرة، وأعني بالضبط الحلقة الخامسة التي تناولت اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، في هذه الحلقة التي كتبها محمود الجعفوري باسم الصرخة يتناول شخصية الأم مني واصف التي استشهد ولدها إياس عام 1998 حين كان ضابطاً في الجيش السوري العامل في لبنان، إلا أنّ الأم ترفض تصديق النبأ وتدخل في حالة فصامية معقدة، فهي تنتظره يومياً، وتعتب لتأخره، تنتظر أن يعود لتخطب له سارة بنت الجيران، رغم أنّ سارة هي زوجته وله منها ولد.

إلا أنّ الكاتب شاء أن يخرج من شخصية ألام إلي فضاء الإثارة السياسية، حين تحدث عن شخصية حسين العامل في لبنان، وكيف تعد أم إياس أم حسين أن توصي ولدها الضابط الاهتمام بحسين، لكننا نعرف من خلال الأحاديث في القرية أنّ الأوضاع صعبة في لبنان، ثم تخبرنا أم حسين بلهجة أسف أنهم قد اغتالوا الحريري (ياضيعان شبابو، كان رجلاً جيداً...) ثم يبدأ الحديث عن انسحاب الجيش السوري من لبنان، وتبدأ أم إياس تجهيز نفسها لاستقبال ابنها علي مشارف الضيعة.

في هذه الأثناء ومع نهاية الحلقة نشاهد سيارة إسعاف تحمل جثة عامل سوري قتل في لبنان، ونشاهد صورة حسين عليها، إلا أنّ الصور تتداخل في منظار أم إياس، بين صورة حسين وصورة ولدها إياس حتي توقن أنّ ولدها قد استشهد.

غير أنّ مقولة الحلقة خارج مشاعر الأم تماماً، مقولة تكرر ما تردد في الإعلام السوري وبعض الأحاديث الرخيصة، بأنّ اللبنانيين ناكروا الجميل!! إذ قتلوا العمال الســـوريين في لبنان رغم كل تضحيات وشهداء سوريا في لبنان، وهي مقـــــولة تستهل الحديث في قضية هامة بوزن العلاقات السورية اللبنانية، وما شــــابها من تطورات إثر اغتيال الرئيس الحريري، فجاءت المعالجة الدرامية لهذا الحدث سطحية وغير مقنعة، رغم انه أول عمل درامي يتعرّض لهذه المسائل، ولكن ليته لم يفعل، إلا أنّ شركة الشام المنتجة بإدارة أيمن زيدان رأت فيها فرصة لمغازلة مشاعر ومقولات جري ترديدها لغاية في نفس يعقوب، فدخلوا سوق المزايدات السياسية التي أضرّت بالعمل، رغم المشهدية الدرامية التي سعي المخرج سمير الحسين لتحقيقها.

القدس العربي في

09.11.2005

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)