كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

مواهب على الطريق في الإماراتية:

لقاء مع المخرج نواف الجناحي

حاوره: حسام عبد القادر

أفلام من الإمارات

 

   
 
 
 
 

     من الملاحظ أن هناك تقدم ملحوظ فى السينما الإماراتية الناشئة حديثاً ظهر فى السنوات الأخيرة وخاصة فى ظل إنشاء مهرجان متخصص وهو مهرجان "أفلام من الإمارات" الذى سيقام لثالث مرة هذا العام فى الفترة من 3 إلى 8 مارس وينظمه المجمع الثقافى بأبى ظبى ومن أهم السينمائيين الشباب الذين ظهروا فى الساحة الإماراتية وتميز بلون سينمائى خاص به هو الفنان نواف الجناحى وهو ينتمى سينمائياً لمصر حيث مكث أربعة شهور في المعهد العالي لفنون السينما في القاهرة سنة 1996 ثم حصل على منحة دراسية فى أمريكا لدراسة السينما ولكنه دائماً يعود بالحنين إلى مصر حيث أن والدته مصرية ولذلك فهو دائماً يقول أن نصفى إماراتى والنصف الآخر مصرى ونواف الجناحي يتمتع بعدة مواهب رغم صغر سنه (مواليد 1977) فهو ممثل ومخرج وملحّن، وقد شارك في عدّة مسلسلات تلفزيونية كممثل ومساعد مخرج منها : "حاير طاير" الجزء الثانى والثالث و"عمى ألوان"، وأخرج عدّة أفلام قصيرة منها: "المواجهة" و"هاجس" الذي شارك به في مهرجان أفلام من الإمارات في أبوظبي ومهرجان قرطاج السينمائي بتونس. أمّا فيلمه الأخير "على طريق" فقد حاز على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في الدورة الثانية لمهرجان أفلام من الإمارات وشارك به في مهرجان الفيلم العربي في روتردام بهولندا كما اختير للعرض ضمن قسم البانوراما في مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة 2003، ويعمل حاليا بقسم الإخراج في تلفزيون أبوظبي، وحول فيلم "على طريق" يقول نواف:

            - أن فيلم "على طريق" هو فيلم روائي قصير يطرح فكرة ذلك التحدي الإنساني بينه وبين ذاته ويقترح تساؤل مهم عندما يضع المرء لنفسه هدف يختاره بمحض إرادته هل يبذل حقا ما يجب أن يفعله فعلا للوصول إلى هذا الهدف، والفيلم إنتاج 2003 .. وهو إنتاج مستقل خاص تماما، وشارك الفيلم في مهرجان " أفلام من الإمارات " 2003 في أبوظبي وحاز منه على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، كما اختير للعرض في مهرجان الإسماعيلية السينمائي للأفلام التسجيلية والقصيرة والذي أقيم في الإسماعيلية في سبتمبر الماضي وذلك ضمن قسم البانوراما كما شارك قبلها في الدورة الثالثة لمهرجان الفيلم العربي بروتردام 2003 في هولندا، هذا بالإضافة إلى العديد من العروض داخل نطاق الإمارات في صروح ثقافية هامّة وبعض الكليات والجامعات ضمن برامج سينمائية خاصة.

·         لكن لماذا لم يفهم البعض الفيلم؟ 

            - أنا أرى أن المشكلة ليست في الفيلم ذاته ولكن في فهم الجمهور لمعنى (الفيلم القصير)، فالجمهور العربى لم يتعود على الكثافة والاختزال الذي يطرحه الفيلم القصير، والذي يعتمد على الفكرة الخاطفة والتنفيذ المُعبّر واستخدام الرموز والدلالات، إنما تعوّد على الأسلوب السردي والحكائي الطويل، كما في المسلسلات والتمثيليات والأفلام التجارية، إن الوعي الجماعي لم يستوعب حتى الآن فكرة فهم الفيلم من خلال الصورة فقط ، فالفورم القصير في مثل هذه الأفلام يحتاج لتكنيكات معينة ، وهي ليست سهلة كما يراها البعض.

·         ما الهدف من إقامة موقع لك على الإنترنت تعرض فيه أعمالك؟

            - لا أنكر أن الانتشار من أهداف هذا الموقع فهي بالفعل من أهم الدوافع في سعيي وراء تكوين وتصميم موقع شخصي على شبكة الإنترنت فهي طريقة من ضمن طرق عديدة للوصول إلى الجمهور وإلى السينمائيين بصفة عامة وتتميز بسهولتها وفعاليتها وإلا فكيف لي أن أخبر الناس عن أفلامي وأعمالي؟ وخاصة أن التلفزيون لا يعترف بالأفلام القصيرة ولا يفهم ماذا تعني السينما المستقلة والسينمائي عموما لا يصنع أفلامه حتى يشاهدها وحده أو مع الأهل والأصدقاء فقط فهذه الأفلام يجب أن تصل إلى الجمهور لذا قررت أن أوصل أفلامي بنفسي للجمهور من خلال الإنترنت. ولأننى باختصار لا أجيد سوى أن أكون سينمائيا فأنا أصارع مع مجموعة صغيرة لمجرد الوجود في بيئة  لا تعرف السينما ولا تفهم ماهيتها ولا تقدر العاملين فيها.

·         هل تعاونت مع أحد فى مصر من قبل ؟

            - للأسف طالما تمنيت فرصة كهذه خاصة في مجال التمثيل خاصة وأن نصفي المصري جعلني أمتلك وأجيد اللهجة المصرية بنسبة 100% أما بالنسبة للإخراج فأعتقد أن ايجاد شركة إنتاج مصرية متحمسة وجريئة تثق فيما يمكن أن أقدمه لها في مصر هو المفتاح الذي يمكن أن يفتح هذا الباب الذي أود أن أعبره جديا بإذن الله وربما تقود فرصة التمثيل – إن أتت – إلى الإخراج .. وربما تقود فرصة الإخراج – إن أتت – إلى التمثيل ليست هناك مشكلة فقط من يأتي أولا ؟ ومتى وكيف ؟ وأحيانا كثيرة أفكر في صنع أفلام ناطقة باللهجة المصرية .. حتى وإن لم أصورها في مصر وما يحمسني على ذلك بعض القصص والروايات المصرية التي تقع تحت يديّ .. ولكن يعيق هذه الأفكار في كثير من الأحيان قضية الحقوق والتي قد تتطلب أموالا لا أملكها حاليا كسينمائي مستقل.

موقع "إيلاف" في

30.01.2004

 
 

هل نجد صورة تشبهنا في الدورة الثالثة لمسابقة أفلام الإمارات

ما يقوله الإماراتيون في 77 فيلماً

نديم جرجورة

انطلقت، مساء أمس الأربعاء، الدورة الثالثة ل<<مسابقة أفلام من الإمارات>>، التي ينظّمها <<المجمّع الثقافي>> في أبو ظبي، بعرض فيلمين فلسطينيين جديدين، هما <<كأننا عشرون مستحيلا>> (روائي قصير، 17 د.) لآن ماري جاسر، و<<اجتياح>> (وثائقي طويل، 60 د.) لنزار حسن. تنتهي هذه الدورة الجديدة مساء الاثنين المقبل، بإعلان نتائج المسابقة الرسمية، بعد العرض الأول للفيلم الروائي الجديد للمخرج البحريني بسام الذوادي،<<زائر>> (86 د.).

ترأّس المخرج السوري محمد ملص لجنة التحكيم المؤلّفة من محمد سلطان ثاني وأحمد الجسمي وحازم بياعة، الذين يشاهدون سبعة وسبعين فيلما إماراتيا، موزّعة على فئتي العام (27 فيلما) والطلبة (50 فيلما). هناك أيضا تظاهرات جانبية، هي: أفلام التحريك الأوروبية، السينما الإيرانية، أفلام المخرج الإيطالي برونو بوزيتو، أفلام من <<مهرجان بيروت الدولي للأفلام الوثائقية>>، برنامج <<المعهد العالي للسينما>> في القاهرة، بانوراما عربية. وتقام ندوة بعنوان <<السينما الإيرانية الوثائقية والقصيرة>>، يشارك فيها سهيل جاهان بيغلاري (مدير الإنتاج في <<مركز الفيلم الوثائقي والتجريبي>>) وشيرين نادري (مديرة العلاقات الدولية في المركز نفسه).

تتّسع دائرة الاهتمام الثقافي والفني في <<مسابقة أفلام من الإمارات>>، في دورتها الثالثة. تفتح أبوابا جديدة للتواصل. تبلور علاقاتها السينمائية بالنتاج الإبداعي العربي والغربي. تساهم في تطوير لغة الصورة في دولة لا تزال تبحث عن هوية ثقافية ما لها. تضع الفيلم الإماراتي في المشهد الفني، إلى جانب التنويعات السينمائية المقبلة إليها من عواصم عربية وغربية. خيارات القيّمين عليها منفتحة على التجارب والأساليب والأنواع. البرنامج الذي وضعوه لهذه الدورة متشعّب وكبير. هناك حاجة واضحة إلى تفعيل أسس ثقافية غرسها منظّمو المسابقة، منذ أعوام قليلة، في الوعي الفردي الإماراتي. هناك رغبة في حثّ الجمهور الإماراتي على التعاطي مع لغة العصر (الصورة)، بمعرفة وعلم وسعي إلى السؤال والبحث والنقاش.

يحتاج العمل السينمائي الإماراتي إلى مزيد من الوقت والخبرات، كي تتضح هويته، ويتبلور مساره الإبداعي. هذا ما تسعى إليه، أيضا، <<مسابقة أفلام من الإمارات>>: إيجاد حيّز للتعبير البصري في داخل دولة <<الإمارات العربية المتحدة>>، وتثبيت لغة تواصل حضاري مع الآخر، من خلال الفيلم السينمائي. من هنا، تكتسب البرامج الموازية للمسابقة الرسمية أهمية خاصة بالنسبة إلى الإماراتي، إذ إنها تقدّم له بعض العناوين والأساليب والأنواع المختلفة، عربيا وأجنبيا. في حين أن القادم إلى <<المجمّع الثقافي>> لمتابعة الأيام الستة لهذه <<المسابقة>>، يشاهد <<أفلاما>> إماراتية أنجزها طلاب وشباب إماراتيون يريدون الصورة لغة تعبير وقول، ويسعون إلى السينما جزءا من ثقافة ووعي.

لا يمكن الإجابة عن سؤال التطوّر النوعي الخاص بالأفلام الإماراتية، على الرغم من متابعة نتاجها في الدورة السابقة. فإجابة كهذه محتاجة إلى غربلة الكَمّ الكبير من الأعمال المنجزة في كل عام، خصوصا أن الجامعات الإماراتية والغربية مستمرة في تدريس السينما، وإن ضمن حدّ أدنى من التقنيات والدراسات النظرية، في ظلّ غياب الوعي الجماعي، الشعبي والمؤسّساتي والحكومي، بأهمية السينما وضرورتها في عصر الصورة. هذا كلام مكرّر. لكنه يتّخذ هنا بُعدا آخر، بسبب التطوّر الذي شهده برنامج الدورة الثالثة ل<<مسابقة أفلام من الإمارات>>، وهو برنامج ثري بعناوينه العامة، التي ستفصح عن مضامينها في خلال الأيام القليلة المقبلة، خصوصا على مستوى الفيلم الإماراتي. فهل نجحت هذه المسابقة، في خلال الدورتين الفائتتين، في حثّ الطلاب والشباب الإماراتيين على بلورة علاقاتهم الخاصة بالسينما، أم إن اللامبالاة والنفور وعدم الحماس للغة الصورة، لا تزال السمة البارزة في <<همومهم>> والاهتمامات؟ هل توصّلت المسابقة نفسها إلى إشاعة مناخ شعبي ما، أم إن جمهور المهرجان سيبقى حكرا على ضيوفه والمدعوين؟ هل خطا هؤلاء الشباب ولو خطوة واحدة إلى الأمام، وهي خطوة مهمة وضرورية، أم إن التعاطي مع السينما لا يزال خاضعا لسطوة التلفزيون وتقنيات الفيديو وغياب الثقافة السينمائية؟

ثقافة وطنية

أفلام إماراتية عدّة أثارت اهتمام ضيوف الدورة السابقة، بسبب ما أبرزته من سلوك شبابي وطالبي متمتّع بحسّ إنساني مرهف، وبحساسية ثقافية وفنية متواضعة. فهل هناك أفلام جديدة تعكس شيئا من هذه الحساسية المطعّمة، بالضرورة، ببعض الثقافة والعلم والمعرفة والوعي؟ ما الذي يودّ قوله هؤلاء الإماراتيون، في الأفلام السبعة والسبعين المشاركة في الدورة الجديدة؟ في تقديمه الدورة الأولى ل<<مسابقة أفلام من الإمارات>>، في العام 2002، قال محمد أحمد السويدي، أمين عام <<المجمّع الثقافي>>، إن الاهتمام <<بالسينما المحلية نابع من إحساسنا بأهمية تكريس ثقافة وطنية، تخاطب هموم الناس وتُعبّر عن واقعهم من دون التقليل من القيمة الفنية للوسائل المستخدمة في هذا التعبير>>. جاء كلامه هذا في إطار دعوة قديمة أطلقها قبل عقد من الزمن، لنشر وعي سينمائي وتعميمه في الأوساط الإماراتية. وفي خلال هذه الفترة كلّها، بدا واضحا بالنسبة إليه، كما كتب في تقديم الدورة الحالية، <<أننا قطعنا شوطا كبيرا، وخطونا خطوات مهمة، لا تزال محتاجة إلى متابعة وعمل وجهد>>. ذلك أن <<التأسيس انتهى، وبدأت رحلة البحث عن الأفضل>>، في حين أنه <<لم يعد ضروريا الحديث عن أهمية دور السينما، ولا عن العروض والأسابيع السينمائية>>، بالإضافة إلى انتفاء أهمية الكلام عن عدد الأبواب التي دُقّت <<حتى وصلنا إلى هنا>>. هذا ما يرغب منظّمو <<المسابقة>> في تأكيده، بتفعيل مضمون المهرجان السنوي، المنفتح، في هذا العام، على دول جعلت <<مسابقة أفلام من الإمارات>>، كما في كلمة السويدي أيضا، <<واحة ثقافية عالمية تؤكّد التزامنا برعايتها، والمضي بها قدما إلى الأمام، وإعطائها الإمكانات التي تستحق>>، مذكّرا بحقيقة ملموسة وواضحة، هي أن التحليق عاليا بمشاريع ضخمة من هذا النوع، يتطلّب تآزر مؤسسات وشخصيات وتكاتفها، تلتقط (هذه المؤسسات والشخصيات) أهمية هذا الحدث وقيمته، فتقدّم بسخاء لمن يجودون بعقولهم وإبداعهم، وفي إطار مؤسّساتي، مما يشكّل لبنة في صرح متقدّم منفتح نسعى إليه جميعا.

من جهته، بدا مسعود أمر الله آل علي، مدير <<مسابقة أفلام من الإمارات>>، ناقدا موضوعيا في كلمته المختصرة. إذ قال إنه في هذه الدورة الثالثة <<يزداد شطحنا في تدفّق الصور: صور مكتوبة، وأخرى مجتزأة من ذاكرتنا، ومزروعة في الظلام>>، مشيرا إلى أن الصورة وحدها، تبدو أنها لا تكفي، ف<<بعضها شفّاف ومؤثّر، والآخر، الأعمّ، كاد لا يمكث، إلا لينمحي>>. وعن سبب انمحائه، قال أمر الله آل علي: <<لأنه مفرّغ ومسطّح وأناني>>، مرتكزا بقوله هذا على دورتين سابقتين، <<ولن يتأتى الثبات إن لم نستفد من خلخلة الماضي: لماذا صورنا لا تشبهنا؟ لماذا لهجتنا لا تشبهنا؟ ولماذا، والأهم، نُلقَّن بما لا يشبهنا؟>>. ورأى أن <<الإجابة الصريحة عن هذه التساؤلات تجعل من تدفّق الصور أكثر شفافية وتأثيرا، ولا تحتاج تلك إلى معجزات>>، ذلك أن ما حصل اليوم وما بات موجودا، بالنسبة إليه، نتج من مصارحة الذات أولا، منتهيا إلى التأكيد على أن أفلاما كثيرة في الدورة الثالثة باتت <<ألصق بنا، لأنها منا، وأكثر تفهّما لصورتنا. هي هنا لتختلط وتشاغب وتشاكس الصور البديلة، الأخرى، المغايرة>>. فالدورة الثالثة، كما يراها مدير المسابقة،<<دورة مكاشفة، ولن تمرّ إلاّ وصورتنا تشبهنا>>.

السفير اللبنانية في

04.03.2004

 
 

مهرجان "أفلام من الإمارات"

يسعى إلى تقليد سينمائي

محمد رضا

الدورة الثالثة لمهرجان "أفلام من الإمارات" كانت أكبر وأثرى من سابقاتها, كماً ونوعاً. المدير العام للمهرجان, مسعود أمر الله آل علي, واظب خلال السنوات الثلاث الأخيرة على تهيئة سابقة لم تشهدها الإمارات العربية المتحدة مطلقاً, وخلال الفترة أنجز ما لم تنجزه الدول المجاورة: مهرجان لا يكتفي بعرض الأفلام, بل يؤسس لسينما في بلد بلا سينما, بلا هوية سينمائية خاصة وبلا تقاليد في هذا الشأن... او هكذا كانت الحال الى أن ولد هذا المهرجان.

مهرجان "أفلام من الإمارات" يستوحي مسابقته, التي هي لب تظاهراته, من عنوانه: اي فيلم جديد من الإمارات يدخل شريطة توافر الحد الأدنى من المتطلبات الفنية والتقنية. هذا يشمل الفيلم التسجيلي القصير والمتوسط والطويل, ويشمل الفيلم الروائي في احجامه الثلاثة, كما يشمل الأفلام التجريبية والرسوم المتحركة وأي نوع آخر يختاره المخرج للتعبير. وأيضاً في سياق التنويع, تحتوي المسابقة هذا العام - كما احتوت في الأعوام السابقة - على أعمال تعبّر عن أوضاع أجتماعية, كما على أخرى تكتفي بقبسات ذاتية .وثالثة يبدو لا هم لها ولا لون.

انطلقت الأفلام لتفتق جروح الأمة. ليس كل الأفلام تستطيع أن تترك تأثيراً طويلاً. في الحقيقة هناك تأثيران: واحد يستمر طوال الفيلم والآخر يستمر طواله وبعده. وفي الحال الأول يقع "أحاديث الأبرياء الخضر العيدروس". وتم تصويره مع مطلع الغزو الأميركي - البريطاني ملتقطاً مشاهد النزوح من مدن القتال الى الحقول او القرى او الى اي مكان يستطيع فيه النازحون ايجاد مأوى. والشهادات الناطقة في هذا الفيلم مسرودة كلاماً وصورة وتنقل الوضع كما كان: مجموعات بشرية تبحث عن الحياة في زمن ميّت وحكايات مأسوية عن رضّع بلا حليب ومرضى بلا عناية ومعوقين يُحملون على الأيدي غير مدركين اي بلاء أصابهم. لكن الناتج من كل ذلك هو "ريبورتاج" وليس فيلماً ذا وظيفة فنية. فيلم يعتمد على قوّة المضمون وحدها مع مقدار ملحوظ من حسن التصميم العام للفيلم.

على عكس فيلم "بيروت - بغداد" لباسم فيّاض - الفيلم الذي لم يبرح بيروت لكنه تناول الحرب العراقية على نحو قابض, خصوصاً وأن ما يعالجه هو الرابط بين الحربين والوضعين اللبناني والعراقي. ما عاشته العاصمة اللبنانية وما تعيشه العاصمة العراقية. المقابلات لديها ما تقوله, ربما هي أقل قدرة على أن تشكل شهادات عينية عما يحدث في العراق, لكنها مشكلة بحرفية أعلى والتأثير يبقى أطول.

في النهاية كلا الفيلمين, وأفلام كثيرة أخرى, لديها أكثر من موضوع وتذهب وراء أكثر من خيط او على الأقل أطول زمناً مما يجب ببضع دقائق ثمينة. في "اجتياح" وهو فيلم الإفتتاح للمخرج فيصل الحصائري, بضعة مواضيع عن اولئك المقاتلين الفلسطينيين الذين اعتصموا في كنيسة بيت لحم ايام الغزو الإسرائيلي الشرس. هذا المنطلق يبقى الأكثر أهمية لكن المخرج يختار ايضاً الحديث عن اولئك المقاتلين بعدما أصبحوا لاجئين علماً أن هذا الموضوع كفيل بفيلم مختلف.

الأفلام الإماراتية التي شوهدت حتى الآن ليس من بينها ما هو متميّز. اليومان الأولان حفلا بالنيات الحسنة والنتائج المتواضعة. من بينها فيلم بعنوان "مريم" لعايدة بطي حديد عن والد يحكي نكبته بموت طفلته مريم. وآخر عنوانه "سوء الخاتمة" لأحمد زين حول رجل يبكي أباه الذي مات في حادثة سيارة بعدما رفض الإستماع الى آخر نصائح إبنه: قلل الشرب, قلل التدخين وقلل السرعة. في "خلف الجدران" ليحيى بشير الرفاعي شاب صغير يعيش في بيت تتخلله مشكلات بين والديه. لا أحد منهما يكترث فعلاً له ويحاول أول الفيلم الإتصال برقم ما, فيثور حينما يجد الخط مشغولاً فيخرج من البيت ويجلس على الدرج. هذا يقع مرة أخرى في تكرار غير معذور. قبل عشر دقائق من نهاية الفيلم يظهر إسم المخرج ونعتقد أن الفيلم انتهى, لكن أحداث الفيلم تستمر على اي حال لنحو أربع دقائق أخرى ثم يظهر إسم المخرج من جديد.

ومن الافلام التي تستحق التوقّف عندها: "أحاديث الأبرياء" و"ثمن الدموع" لمحمد الطريقي والفيلم الكرتوني البسيط "حقي في الدنيا", وفيلم عن "العمالة في مقهى نايـن بولا" لفيفيان ممدوح إبراهيم وعلياء محمد علي الملا. ونحن في انتظار الفيلم المتميـز الآتي من الإمارات في مستقبل قريب... آتٍ لا محالة.

جريدة الحياة في

08.03.2004

 
 

هكذا إنتهت

مسابقة الإمارات

نديم جرجورة

طرحت <<مسابقة أفلام من الإمارات>>، غداة انتهاء دورتها الثالثة في الثامن من آذار الجاري، أسئلة عدّة مرتبطة بواقع الفيلم الإماراتي في داخل مجتمع لا يزال منغلقا على فضاء الصورة، ومداها الإبداعي في معاينة تفاصيل الذات والجماعة.

ف<<المسابقة>>، بحدّ ذاتها، أنجزت مهمة أساسية في عملية البحث عن علاقة حقيقية بين المجتمع والفيلم الإماراتيين. حاولت أن تحثّ المجتمع على قبول الفيلم المحلي، أولاً، والفيلم السينمائي، بتنوّعه واختلافه، ثانياً. فتحت نافذة متواضعة أمام أناس مأخوذين بالفن السابع. أكّدت وجود مواهب محتاجة إلى صقل وتأسيس احترافي ودعم معنوي ومالي. أضاءت وقائع. برهنت على قوة الصورة المتحرّكة في التقاط النبض الإنساني. أعطت الفيلم الإماراتي بُعداً خليجياً وعربياً مهماً. حوّلت <<المجمّع الثقافي>> في أبو ظبي (منظّم <<المسابقة>>) إلى حيّز جغرافي متواضع لتواصل إماراتي بنتاج سينمائي عربي وغربي متنوّع (دراما، تجريب، تحريك، إلخ). ركّزت على أهمية الثقافة السينمائية، فخصّصت عروضاً موازية للمسابقة الرسمية تضمّنت تنويعاً في الشكل والأسلوب والمناخ والمعالجة. نبّهت إلى أهمية المشاهدة والقراءة.

هذه عناوين عامة تُحسب ل<<المسابقة>>، ولمؤسّسها ومديرها السينمائي الإماراتي مسعود أمر الله آل علي. هذه مفاتيح أولى، يُمكن للشباب الإماراتيين الاستعانة بها لبلورة مفهوم متميّز وخاص بهم، على مستويي ال<<هوية>> والتقنيات، تحديداً. غير أنها (المسابقة) لا تتحمّل مسؤولية الخلل الدرامي والجمالي والفني والتقني، في الغالبية الساحقة من هذه الأفلام. فالغياب المطلق لأكاديميات جامعية متخصّصة، ولمؤسسات سينمائية تُعنى بالإنتاج السينمائي، وتؤمّن حدّاً معقولاً من بنى تحتية خاصة بالفيلم السينمائي (وليس فقط بأفلام فيديو)، أثّر سلباً على النتاج الشبابي المتضمّن، في مقابل هذا كلّه، بذور احتراف ما.

لا شكّ في أن الفيلم الإماراتي محتاج إلى تحديد إطار ثقافي وفني خاص به. إلى تأسيس علاقة سوية بالصورة المتحرّكة. إلى معاينة أسئلته المحلية بلغة سينمائية، هي الآن شبه مفقودة. إلى التحرّر من وطأة السينما الأميركية، خصوصاً على مستوى الشكل.

إلى دعم المجتمع الإماراتي، بمؤسساته الرسمية والخاصة. إلى تغيير جذري في النظرة الشعبية العامة للسينما. إلى مزيد من الجرأة في معالجة القضايا، وعدم التردّد في الإشارة إلى جغرافيتها وناسها، بدل الانسياق، غالباً، إلى العموميات. هناك أفلام وضعت إصبعاً على الجرح، بقولها إن الشباب في المجتمع الإماراتي يعانون أزمات عدّة: مخدرات، خلل في العلاقات العائلية والاجتماعية، انبهار بالتقنيات الأكثر تطوّراً، سؤال الوجود والانتماء. هذه أفلام قليلة، في مقابل عدد أكبر منها مال مخرجوها إلى الوعظ والإرشاد، واستعانوا بخطاب أخلاقي تقليدي، بدا باهتاً ونافراً.

أعانت <<مسابقة أفلام من الإمارات>> الشباب الإماراتيين، بطرحها سؤال السينما في دولة الإمارات العربية المتحدة، على إعادة النظر في أنفسهم، على مستوى علاقتهم بالصورة المتحرّكة. ينقصهم، إذاً، البحث في علاقة الفيلم بالذات والمجتمع الإماراتيين.

السفير اللبنانية في

11.03.2004

 
 

يؤسس لها شباب مزود بالمعرفة.. صناعة السينما في الإمارات.. متى وإلى أين؟

لماذا يعتمد بعض الأفلام مخاطبة المشاهد بالإنجليزية

وليد علاء الدين

تصدرت بيان لجنة تحكيم الدورة الثالثة من مسابقة “أفلام من الإمارات” التي اختتمت أعمالها الأسبوع الماضي في أبوظبي إشارة إلى أن هذه التظاهرة السينمائية الثقافية التي يرعاها المجمع الثقافي في أبوظبي قدمت اسهامات حقيقية وفعلية في نمو وتطور الإنتاج السينمائي في الإمارات.

وقد بدا واضحاً من خلال المتابعة أن أصحاب التجارب المميزة في دورة المسابقة لهذا العام هم في الغالب ممن لم تلفت أعمالهم انتباهاً كبيراً في الدورات السابقة، ما يعني أن إضافة جديدة حدثت في قائمة الإبداع السينمائي المحلي، في المقابل لوحظ أن المبدعين الذين حققت تجاربهم نجاحاً في الأعوام الماضية قدموا هذا العام أعمالاً احتفظت بقدر كبير من التميز الأمر الذي يعني استمرار ألق الروح بداخلهم رغم الصعوبات التي تكتنف العمل في هذا المجال والتي يكشف المشاركون الجانب الكبير منها في التحقيق التالي الذي تداخل معهم حول أحلامهم وطموحاتهم ومشاريعهم السينمائية، فقد أجمع السينمائيون على حاجتهم إلى الدعم المادي، وناشدوا الجهات جميعها رسمية وفردية مد يد العون لتجربة السينما المحلية، وطالب معظمهم بانشاء اتحاد للسينمائيين أو جمعية لهم لتكون بمثابة مظلة رسمية يتحركون من تحتها نحو التحقق.

تنبع أهمية حصول فيلم “طوي عشبة” لمخرجه وليد الشحي على جائزة أفضل فيلم روائي من أمور عدة أولها أن الفيلم هو نتاج تضافر جماعي منظم شكلته نخبة من مثقفي ومبدعي رأس الخيمة بالتعاون مع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع رأس الخيمة الذي يتخذون من مقره ما يشبه ورشة العمل لهم، ونجاح الفيلم هو نجاح للمجموعة كاملة التي تضم مخرجين وممثلين ومؤلفين وكتاب سيناريو وشعراء وقصاصين من أهل الإمارات، كما أن الفيلم الذي ينطق بلغة سينمائية عالية أخاذة ومعالجة بصرية راقية وثيق العلاقة بالبيئة المحلية يتغلغل بروحه في أبعادها وثناياها، وهو ما غاب إلى حد كبير عن معظم الأعمال الأخرى التي شاركت في مسابقة هذا العام.

مخرج فيلم “طوي عشبة” وليد الشحي أرجع نجاح فيلمه إلى مجموعة من الأسباب منها أن معظم الأفلام التي شاركت في المسابقة بغض النظر عن مستواها كانت أعمالاً معاصرة بشدة، اتخذت من البيوت والأماكن المغلقة بما تشكله من  فضاءات ضيقة أماكن للتصوير والأحداث، بينما جاء فيلم “طوي عشبة” ليقدم فضاء مفتوحاً ينتمي إلى بيئتنا ويعالج تيمة محلية تشغلنا، وأضاف الشحي: أعتقد أن الصورة كانت المفتاح الرئيسي الذي ساعد الفيلم على النجاح.

وأرجع وليد الشحي نجاح فيلمه إلى  مجموعة “انعكاس” الفنية التي تأسست بجهود فردية في رأس الخيمة، وقال: قبل تاسيس المجموعة كانت أعمالنا فردية تنقصها عدة أمور، ولكننا استطعنا مع تكوين المجموعة أن نوزع الجهود، اهتم كل فرد بتخصص واجتهد في تثقيف نفسه في مجاله ما أدى إلى تحسن أوضاعنا، وها نحن نحصد ثمار تعاوننا. وأشار الشحي إلى مجموعة من الأفلام التي اعتبرها مميزة في الدورة الثالثة في مسابقة “أفلام من الإمارات” منها فيلم “البطل” سيناريو وإخراج يوسف إبراهيم، وفيلم “ما تبقى” لمخرجه صالح كرامة الذي وصفه بالمميز على كل مستوياته، ومن تجارب الطلبة اشاد بأفلام “الكابوس” للمخرج حمد سيف الريامي، “الأرضية المبتلة” للمخرجة لمياء قرقاش، فيلم “الرعبوب” للمخرج فاضل سعيد المهيري.

المخرج المميز أمجد أبو العلاء حصل فيلمه “على رصيف الروح” على جائزة أفضل فيلم روائي فئة الطلبة، وحددت لجنة التحكيم في بيانها الأسباب التي استحق على أساسها الجائزة في مهارته في التعبير عن قضايا ومشاكل الجيل المعاصر بلغة سينمائية راقية ولتمكنه الحرفي الممتاز.  وهو يشارك للمرة الثالثة في مسابقة “أفلام من الإمارات”، ولكنها المرة الأولى التي يحصد فيها جائزة.

حول تجربته يقول أمجد أبو العلاء: أحاول في تجربتي التركيز على النفس البشرية، أجتهد في تقديم صورة ما وراء المظهر الخارجي للإنسان، في فيلمي الأخير “على رصيف الروح” اشتغلت بكثافة على هذه الجزئية، إلا أنني من خلال تجاربي السابقة أدركت أن التركيز ينبغي أن يكون على الإنسان في علائقه بمن حوله، الفرد في المجموعة، واستفدت من قراءاتي في علم النفس الاجتماعي في تبئير الفكرة، وفكرة الفيلم الرئيسية هي أن “جواد” شاب يعيش وسط مجموعة سيئة جداً ويبدو أنه يحاول تغييرهم إلى الأفضل، إلا أنه مقتنع بكونه لم يحاول محاولة واحدة بجدية، إلى أن مات.

يستمر الفيلم، “جواد” لا يعرف الآن أنه ميت، ولا ينبغي أن يعرف الجمهور ذلك فوراً، إلا أن محاولاته تتحول إلى جهد كبير مبذول نحو تحقيق الهدف، وهو ما لم يحاوله وهو على قيد الحياة: أن يغير.

المقولة الرئيسة التي يتبناها الفيلم هي: “جواد.. أنت تحاول أن تغير أشياء كثيرة في ذوات الآخرين، لكنك لا تقوى حتى على تغيير ذاتك”. هذه العبارة شكلت الخط الرئيس للموضوع، والهدف كان الحديث حول التغيير كفعل وحول الرغبة في التغيير، لا أحد يمكنه أن يتغير دونما رغبة حقيقية يصحبها فعل، وفي كل الأحوال لا أحد يتغير بين يوم وليلة، في الفيلم نلاحظ أن جواد في قمة انهياره يختفي فيما يشبه الذوبان في الماء.

وأمجد يبدو سعيداً بما استطاع فيلمه أن يثيره من جدل، وهو أكثر سعادة بما قاله المخرج محمد ملص رئيس لجنة التحكيم من أن الفيلم يمثل خطاً جديداً في السينما العربية، وحول مطالب السينمائيين في دولة الإمارات من أجل تحقيق طموحهم الفني قال المخرج أمجد أبو العلاء: المطلب مختصر وواضح ولا يتطلب الكثير من النقاش حوله، نحن نطلب الحد الأدنى اللازم لصناعة فيلم سينمائي، بعبارة مباشرة  أعطونا سينما.

وأضاف: نحن الآن كلنا نعمل باستخدام كاميرات الديجيتال، ولكن بتقنيات سينمائية، والسؤال: لماذا نضطر إلى سلك هذا الطريق لصناعة فيلم سينما؟ الإمارات دولة - والحمد لله - غنية مادياً وفكرياً، يمكنها دعم صناعة سينمائية إلى أقصى حد، تجاربنا أثبتت أن هناك مواهب قادرة وطموحة ترغب في مواصلة هذا الطريق، كل العوائق أمام الصناعة السينمائية في الدول الأخرى عوائق مادية، هنا في أرض الإمارات لا نتصور أن تصبح مشكلتنا أيضا مادية، أعتقد أن الموضوع يتلخص في كلمة “الاهتمام”، من ينبغي عليه أن يهتم ومتى وكيف يعرب عن اهتمامه هذا. وقال: السينما في النهاية عنوان للدولة ومدخل مهم لتواصل الآخرين مع منتجها الحضاري والثقافي، والدورات الماضية من مسابقة “أفلام من الإمارات” بينت أن هناك مجموعة من الشباب المبدعين الذين يمتلكون الموهبة المميزة والمخيلة الخلاقة منهم هاني الشيباني ونواف الجناحي وآخرون، فقط يرغبون مبدئياً في كاميرا تصوير سينمائي، تخيل كاميرا سينمائية فقط لا غير، وكل ما عدا ذلك  سنقوم به بأنفسنا، ونحن قادرون على ذلك.

المخرج حمد الجابري لخص مطلبه في أن تقوم وسائل الإعلام المحلية وتحديداً القنوات التلفزيونية الفضائية والأرضية بتسليط الضوء على الأعمال التي يقدمها شباب السينما المحلية، والتي تكشف عنها وتقدمها مسابقة “أفلام من الإمارات”.

وأضاف: بعض هذه الأفلام استطاع أن يحقق قدراً عالياً من المعرفة به وبالثقافة التي ينتمي إليها في محافل عربية ودولية، وبدأ العالم يعرف أن ثمة محاولات نحو اسهام سينمائي في بلد خليجي لم تكن له تجارب في هذا المجال من قبل، ونجحت محاولات عدة في لفت الانتباه إليها وإثارة التساؤل حول مدى قدرة هذه الأرض على رفد حركة السينما المستقلة.

واعتبر الجابري أن تسليط الضوء إعلاميا هو الخطوة الأولى التي ينبغي أن تتحقق، وقال: نحن واثقون من أن تجاربنا ستلفت الانتباه وستستقطب إليها العديد من الفرص للتمويل والإنتاج والتبني والدعم، وسيعرف معهد لفنون السينما طريقه إلى أرض الإمارات، وستبدأ صناعة سينمائية حقيقية، واضاف: إذا لم تتوفر لدى رجال الأعمال الإماراتيين - برغم ما عهد عنهم من بذل ودعم للثقافة- الرغبة في دعم مسيرة السينما المحلية فعلى الأقل ليساعدنا الإعلام المحلي بتسليط الضوء على تجاربنا.

وحول تجربته الخاصة قال الجابري: أسعى في تجربتي إلى تمثيل الألم في كل صوره وتجلياته وأشكاله المختلفة، وقد يكون الألم هو اكثر ما يوحد البشر،  نحن نتألم ونحن نحب، وحين نفارق أو نمرض.. كل إنسان عنده ألمه الخاص أيضا.أختار لأفلامي قوالب تجريبية جديدة، أسقط من خلالها الألم بقسوته من خلال الترميز والعبث والتجريد في محاولة لكسر حواجز التقليدية التي اعتدنا عليها في تناولنا للأفلام.

وقال: على الجانب التقني تواجهني وزملائي عديد المشكلات، كعدم توفر مجلات أو كتب متخصصة أو صعوبة مشاهدة التجارب المهمة في تاريخ السينما العالمية والعربية، ولا يخفف علينا وطأة هذا الغياب سوى الجهد الذي يبذله المجمع الثقافي في أبوظبي سواء عبر توفير فرص الإطلاع على تجارب أو كتابات مهمة، أو عن طريق هذه التظاهرة السنوية التي يتبناها، اي مسابقة “افلام من الامارات”، كما أن عدم توفر المختصين من الحرفيين والتقنيين في مجالات كالإضاءة والصوت والمونتاج والماكياج تشكل عوائق أكثر صعوبة في طريقنا، ورغم ذلك ها نحن نتحدث حول تجارب سينمائية  تستحق الحديث حولها، فما بالك لو توفرت لنا الإمكانيات؟

المخرج سعيد علي محمد الظاهري وجه رسالة إلى كل من يتردد في خوض تجربة إنجاز فيلم سينمائي من الموهوبين الإماراتيين، وأضاف: أقول من الخطأ أن نتوقف عن العمل بحجة عدم وجود دعم، أقول لهم علينا أن نبذل كل ما في وسعنا وأن نثبت كفاءتنا في تقديم سينما تضم الجيد والمتوسط وحتى الرديء من التجارب، بهذا نخلق خالة من التفاعل عبر السينما، وبهذا فقط يأتي الدعم وتتخلق بذور الاهتمام لدى الآخرين الذين في اعتقادي لم تكتمل قناعتهم بعد بما نفعله وبأهميته في رفد الفعل الثقافي الوطني، وعلينا أن نكمل لهم قناعتهم تلك لكي يقوموا هم  بالتحرك نحونا في ثقة بجدارة ما نقوم به.

وقال:صحيح أن الدعم المادي إلى جانب المعنوي من شأنهما أن يسرّعنا من خطى السينمائيين، وأن يعجلا باستكمال مشاريع كثيرة تصب في مصلحة صورتنا، إلا أن غياب هذين الدعمين ليس بقادر على وأد التجربة والحلم، على قدر ما نملك ونستطيع نحن نعمل وفي الحالتين سنصل، ربما نصل متأخرين كثيراً إلا أننا سنكون سعداء حقا بما أنجزناه.

وحول تجربته الخاصة قال الظاهري:أركز في أعمالي على فن الإضحاك، أسعى إلى أن أجعل الناس يفهمون شيئاً ما وهم يضحكون ويبتسمون وسعداء، في اعتقادي أن مساحات السعادة في هذه الدنيا أرحب كثيرا من مساحات الحزن، وأننا يمكن أن نبني داخل هذه المساحات ونؤسس ونحلم، ولكن للأسف الناس يميلون إلى تضخيم فكرة الحزن والبؤس والأسى، وأحياناً يخلطون بين الأمور فيقرنون السعادة بالثراء والفقر بالحزن أو غير ذلك من ثنائيات وهمية، في تجربتي أحاول أن أقول لا لهذه النظرة المغلوطة، وأسهم في إضفاء بعض البهجة على جو “المسابقة” التي تحفل بمحاولات حزينة، “يا ناس” هناك وجوه أخرى في الحياة، وسط الفقر المدقع هناك سعادة، وسط المعاناة والتعب في الحياة ثمة بسمة، أبحث عن هذه الوجوه وأقتنص لحظات بهجتها لأسكبها أمام الجميع معلناُ انتصار الفرح على الحزن.       

مجموعة رأس الخيمة

المخرج أحمد سالمين ناصر يعمل من داخل مجموعة انعكاس الفنية في رأس الخيمة، وهي واحدة من تجمعات الإنتاج التي أشادت بدورها لجنة تحكيم الدورة الثالثة من المسابقة معولة عليها في إنجاز وتحقيق أفلام مهمة، والاستفادة من الخبرات الفنية والتقنية المتوفرة في البلاد كي تصعد باكتمال فني وتقني محترم.

المطالب كثيرة ومتعددة، ولكن يمكنني أن أوجزها في طلب واحد وهو “الالتفات”، هذا ما قاله المخرج أحمد سالمين، وأضاف: أقصد أن تلتفت إلى ما تقدمه كل الشرائح والفئات والجهات المختلفة، رسمية حكومية ومستقلة، جمعيات ذات نفع عام، أي كيانات أخرى، أن يلتفت الجميع لمشروع السينما المحلي الوليد، أتكلم عن الإلتفات هنا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني العون والمساعدة، كل قدر استطاعته وبقدر طموحه في تحقق المشروع.

وأضاف سالمين: نحن مازلنا في طور التجريب، الأمور التي نريد أن نقدمها من خلال فننا هذا ما زالت في طور التجريب، وأصف التجريب في الحالتين بأنه قد قطع شوطاً كبيراً نحو النضج واختصر الزمن بشكل لافت، وقال: أتصور بعد سنين بسيطة يمكننا أن نتحدث عن تجربة سينما إماراتية  شبه مكتملة، لأن كل عشاق السينما في الإمارات يعملون على صب إنتاجهم في العمق المطلوب، وفقا للمتوافر لهم من أدوات معرفية أو تقنية.

وحول الرؤية التي ينشغل بتقديمها قال: في كل أطياف الفنون هناك صرخة، ربما لا تستطيع أن تفسر أو أن تحلل ماهيتها أو بُعدها، إلا أنها في الأخير صرخة إنسانية، التعبير عن هذه الصرخة قد يعجز فنانين في بلد يمتلك سينما متطورة، وقد يربكهم بشدة أيضاً هذا السؤال: ما الذي تسعى للتعبير عنه من خلال فنك؟ المسألة صعبة، تتعلق بوظيفة الفن، وتتداخل مع فلسفة كل فنان ورؤيته للحياة ولا يمكن إيجاز ذلك خلال دقائق.أنا وزملائي نعمل في مجتمع به العديد من الخطوط الحمر، وعلينا من أجل عملنا ومن أجل مجتمعنا أن ندفع بهذه الخطوط الحمر في اتجاه المزيد من الحرية، نحاول أن نوسع فضاء الحرية ليس من أجل أن نعبث كيفما يحلو لنا، ولكن لأن الفن في حاجة إلى الحرية.

وقال سالمين: أنا عضو في مجموعة “انعكاس” الفنية، نسعى من خلال جهدنا إلى تأسيس قاعدة تصلح للبناء عليها، نجتهد في إنتاج أفلام قادرة على التعبير عن لحظاتنا الراهنة، كل ما نتمناه كسينمائيين التفاتة طيبة ومزيدا من الحرية. أعطونا هذا الفضاء لنتنفس. وأضاف: ولا ينفي ذلك أهمية الدعم المالي، ربما يكون التجاهل دافعاً في بداية الأمر، إلا أنه يتحول إلى عبء ويولد الإحباط، ونحن قادرون حتى الآن على التحايل على فكرة الدعم ومواصلة العمل إلى أن يلتفت إلينا من يريد أن يمد يد العون لثقافته وحضارته ويساعد في رسم صورة صحيحة عن حضارة هذا البلد.

المخرجة سعيدة عامر العامري أخرجت فيلم “الشلة بين الماضي والحاضر” الذي شاركت به في الدورة الأولى من المسابقة كما شاركت في بعض أفلام تعريفية حول المجمع الثقافي وأعمال أخرى، وشاركت كمصورة وساعدت في مونتاج عدد من الأفلام لمخرجين شباب، وتقول في تبرير توقفها عن العمل بعد مشاركتها الأولى: أحتاج إلى تشجيع، من أهلي ومن أفراد المجتمع، عندما يكون العمل الذي تقوم به صعباً ومفتقراً للعون تحتاج فقط إلى قليل من الاهتمام والتشجيع.

وأضافت: أرغب في فرصة لكي أتعلم على يد خبيرة، وفرصة لأشاهد إبداعات أكثر، أرغب في مكان به خبراء وبه أرشيف سينما، وبه أفكار تتولد وأعمال تتلاحق، أشعر بالعجز الشديد والضعف لمجرد التفكير في الجهود التي نضطر إلى بذلها من أجل إخراج فيلم جديد، علينا أن نقوم بكل شيء، وأكون في كل مكان في الوقت نفسه، بينما لا أحد يشجعك من المقربين منك، هو مناخ يصعب معه العمل، لأن الرغبة المتقدة اليوم تخبو غداً إذا لم تجد من يمدها بالوهج.

وقالت العامري:أرغب في فرصة لممارسة العمل والتعمق في دراسة فنون السينما، أقول لك بصراحة أكثر: في أبوظبي نستطيع القول بأننا لا نملك تسهيلات تخص صناعة فيلم، في دبي التسهيلات والإمكانات في هذا المجال أكبر، وهو أمر ربما يزيد العبء على الفتيات ممن يرغبن في العمل في هذا المجال، لأن ظروف المجتمع لن تسمح لها بما يحصل عليه الشاب من فرص للبحث في دبي والتنقل وإنجاز الأعمال.

وقالت: كانت فرصتنا أكبر عندما كنا طالبات ما زلنا في كليات التقنية، حيث توفر الكلية ما نحتاج إليه، أما بعد التخرج فلا يوجد مسرب واحد يمكننا من خلاله استكمال الطريق، وهو ما حدث معي: أنجزت كل عملي خلال فترات الدراسة وبعد التخرج توقفت تماماً واكتفيت بالتطوع في مساعدة الزملاء والمشاركة في تنظيم أو إنجاز فعاليات لها علاقة بالسينما في انتظار تحقق الحلم. عندي أفكار وأتمنى الشروع في تنفيذها، ولكن شعوري  وقد يكون شعوراً خاصاً- بأنني في حاجة إلى شيء ما يساعدني في تحقيق تطور، لا أرغب في تكرار نفسي، ولذلك أنا متوقفة حتى إشعار آخر، وما شاهدته من تجارب خلال الفترة الماضية يزيد من خوفي لأنني ينبغي أن أقدم تجربة تضاف إلى ما قدمه زملائي في العمل السينمائي.

            وترى المخرجة الشابة علياء خوري التي شاركت أيضا في الدورة الأولى من المسابقة ثم توقفت أن تطوراً لافتاً يتضح  فيما يقدمه الشباب في تجربة السينما المحلية الآن، وأضافت: لاحظ أننا نتحدث عن تجربة لا يتجاوز عمرها عدد أصابع اليد الواحدة، وبرغم ذلك أفرزت مجموعة لافتة من الأسماء حمل كل واحد منهم بذرة خصوصيته في تجربته.

قدمت تجربتي الوحيدة في الدورة الأولى من مسابقة “أفلام من الإمارات”، ومن وقتها إلى الآن أتابع بشغف التطورات الحادثة في هذا المجال، والروح المتألقة التي تقود أعمال الشباب، وفي الوقت نفسه أنشغل ببعض تجارب سيناريوهات كتبتها وأنتظر اللحظة والفرصة المناسبتين للشروع فيهما بعد أن أكون قد اكتسبت المزيد من الخبرة من خلال المشاهدة والمتابعة والاحتكاك، مشكلة صغيرة تواجهني وتتمثل في رغبتي في عرض تلك السيناريوهات على خبراء لكي أهتدي برأيهم فيها وأطور عملي من خلال رؤاهم، وهو أمر غير متوفر لنا حالياً، سواء في نادي سينما أو معهد أو خلافه، ما عدا ذلك من أمور فلا أرى أية صعوبات أمام الشروع في فيلم سينمائي، بخاصة وأن كليات التقنية توفر لخريجيها الفرصة في استخدام كل أجهزتها ومعداتها في أي وقت يرغبون في ذلك، وأتمنى أن أكون مستعدة بمشاركة أو أكثر للدورة الرابعة من المسابقة في العام القادم إن شاء الله.

المخرج فاضل سعيد المهيري الذي نال شهادة تقدير بخاصة عن فيلمه “الرعبوب” لمحاولته في تقديم فكرة يصعب تنفيذها قال: كل ما ينقصنا في مجال السينما هو أن تلتفت إلينا الحكومة وتمد يد الدعم إلينا، هناك جهود جيدة مبذولة إلا أنها من دون الدعم لن تتواصل. وأضاف: ما زلنا كمخرجين في الإمارات لا نعرف المعنى الحقيقي لكلمة سينما، علينا أن ندركها أولاً ونسبر غورها قبل أن نطالب بتكوين جمعية أو رابطة للسينمائيين تتضمن نادياً للسينما ونشاطات أخرى. وأضاف موضحاً زاويته الخاصة في العمل: أنشغل في رؤيتي للسينما بالبحث وراء الأشياء لقراءة وجهات نظر أخرى بخلاف ما تفرضه القراءات السطحية للعلائق بين تفاصيل الحياة وموجوداتها.

وأشار إلى أن الإتقان هو أكثر ما ينقص تجربتنا السينمائية، مضيفاً: أفلامنا تبدو ركيكة ومفتقدة للحرفة، حتى فيلمي يعاني من شيء من هذا القبيل في الأمور التقنية وعلى رأسها الإضاءة والصوت، وأعتقد أننا يمكننا أن نعوض هذا النقص من خلال مزيد من الإخلاص في العمل، ليست القضية أن نقوم بتصوير بعض المشاهد فحسب، لابد من التعامل مع التجربة بمزيد من الجدية في كل عنصر من عناصر التوليفة الفيلمية، وللأسف فإن التفكير السائد يعتقد أن القضية قضية تصوير فحسب، وهو قصور في الثقافة السينمائية نعاني منه من ناحية، أو استعجال لانتهاء التجربة من ناحية أخرى. واختتم المهيري كلامه بالقول: ألاحظ أن الكثير من الأفلام التي يقدمها الشباب يعتمد اللغة الإنجليزية في مخاطبة المشاهد، وفي اعتقادي أنه إذا لم تكن لغة الإبداع هي لغتنا فهي تنأى بالعمل عنا، كما ألاحظ أن الكثير من الأفكار تدور في فلك التقليدية وأن الأفكار الجديدة نادرة إلى حد كبير.

سعيد سالمين الذي شارك بتجربته الإخراجية الأولى “بقايا تراب” في دورة المسابقة لهذا العام قال: خطوة وراء خطوة تنتهي الدروب الطويلة، ونحن الآن في الدورة الثالثة من المسابقة والكل يلاحظ ما طرأ على التجربة من تطورات، سواء من حيث ظهور شباب جدد، أو من حيث تطور التجارب الأقدم، وأضاف: ما أرجوه أن تنتبه الشركات العاملة في المجالات ذات الصلة: الدعاية والتسويق، الإنتاج وغيرها وتحضر فعاليات المسابقة لتتابع بنفسها ما نقدمه، ومن وجهة نظر عملية بحت سيجد هؤلاء فيما تعرضه المسابقة ما يحقق مصالحهم ومن هنا تلتقي المصالح وتندفع التجربة نحو التحقق. وأضاف: أعتقد أن ما حققناه على المستوى الفني والإبداعي في تجربة السينما جدير بأن  تتم رعايته بشكل كبير وجاد، لماذا لا تتبنى الدولة تجربة سينمائية كبيرة تعتمد فيها على عبقرية هاني الشيباني ووليد الشحي وآخرين ممن أثبتوا كفاءتهم في الإخراج والتمثيل والسيناريو وغيرها من فنون، وتصبح هذه التجربة نواة نؤسس عليها انطلاقتنا المرغوبة.

المخرج عبد الحليم قايد قال: أول ما نطالب به تشكيل اتحاد عام للسينمائيين الإماراتيين، ومن بعده تأتي كل الأمور الأخرى، النادي والأرشيف، معهد لتدريس الفنون السينمائية وغيره، وكذلك عبره نستطيع أن نطالب بالمساعدة والدعم من الحكومة ومن الشركات الكبرى، وأضاف: شبابنا يبدعون ويمتلكون الموهبة والطموح ولكنهم لا يجدون الفرصة التي تُظهر ما لديهم من قدرات ومواهب. هذا الوطن الذي نعيش على أرضه يستحق منا أن نمنحه كل ما لدينا من قدرات، ونتمنى أن نجد من يساعدنا في تمثيل ثقافتنا وحضارتنا بما يليق بها وبمكانتها.

مشاهدة مغايرة

ولمزيد من إلقاء الضوء على التجربة السينمائية الاماراتية سعينا إلى زاوية مشاهدة مغايرة عبر عيون سينمائيين ونقاد شاركوا السينمائيين الإماراتيين احتفاليتهم المميزة: المخرجة دارين علي البو فلسطينية تقيم في الإمارات، شاركت بفيلمها “هوية” على هامش المسابقة من ضمن برنامج بانوراما عربية، ولها رأي في ما يقدمه سينمائيو الإمارات، تقول: لاحظت وجود تفاوت شديد بين مستويات الأعمال المشاركة في المسابقة، ولكن بشكل عام أستطيع القول بأن هؤلاء المبدعين يمتلكون قدراً عالي الثقة في قدراتهم وتقودهم رغبة كبيرة الى تحقيق شيء، أكيد هناك الكثير من الأشياء التي تنقص التجربة والتي ينبغي عليهم أن يتعلموها، ولكن مجرد وجود سينما محلية إماراتية فهذا شيء يبعث على الفخر لأن هؤلاء المبدعين خلقوا شيئاً من لا شيء.

وأضافت دارين: أنت تعرف أنه منذ ثلاث سنوات لم يكن هناك شيء اسمه سينما في الإمارات، والآن أمام هذا الكم الكبير من الأفلام بما تحتويه من تجارب مميزة، وخيال واسع، لابد وأن نبدي إعجابنا بالتجربة، هناك ضرورة للتركيز على بعض نقاط الضعف، إلا أن الخطوة جديرة بالتشجيع والرعاية والدعم.

وأضافت:معظم التجارب المقدمة بدت متأثرة بالأماكن التي تلقى فيها المبدعون خبراتهم الأولي مع السينما، وكذلك بجنسيات المدرسين الذين علموهم هذه الفنون واللغات التي درسوا بها، وأراه أمراً طبيعياً إذا لم يتجاوز الأمر التجربة الأولى أو الثانية كحد أقصى ليتجاوز المبدع بعدها هذه التأثرات وينطلق عبر عالمه الخاص، لأننا عندما نشرع في تجربة جديدة لا نستطيع التخلي عن الأسباب التي ولّدت فينا  الدوافع في القيام بهذه التجربة، هذه الدوافع هي  مزيج تأثرات بتجارب  ما أو خبرة ما وغير ذلك مما لابد وأن يظهر أثره في التجارب الأولى لكل مبدع. والذي ينبغي أن يتخلى عن تأثراته تلك  من خلال الاحتكاك والانتباه إلى التعليقات التي تثيرها تجربته وهكذا.المهم في الأمر أن هؤلاء الشباب لديهم حس، ويمتلكون الموهبة، لأنهم لو لم يكونوا يمتلكونها لما اقتحموا هذا الأمر منذ البداية.

الناقد والمخرج والمنتج السينمائي التونسي فيصل الحصائري الذي تابع للعام الثاني التجارب التي شاركت في مسابقة “أفلام من الإمارات” له وجهة نظر حريصة على المشروع الذي رآه جديراً بالطرح والجهد، لذا فلم يتردد في الإشارة إلى كل ما رآه عيباً ينبغي العمل على تفاديه، قال: كون الناس يجتمعون في كل سنة ليشاهدوا  أفلامهم وأفلام الآخرين وتدور بينهم مناقشات ومقارنات، هذا يكفي لكي يكون خطوة أولى في فهم أنه قد توجب على الإماراتيين أن يصنعوا صورتهم بأنفسهم، عوضاً عن أن تُصنع من قبل الغير أو أن يتم تمريرها عبر منوعات بسيطة في التلفزيون، فقد بدأ الهاجس عند هؤلاء الشباب بأنهم لابد وأن يشرعوا في صناعة سينما، وأظن أنهم قادرون على ذلك.

وأضاف الحصائري: هذا هو الجانب الإيجابي  من الصورة كما أراها، ولكن بقيت المشاكل نفسها المتعلقة بأمور مهمة تأتي الكتابة في أولها، لأنهم لا يعرفون بعد كيف يكتبون سيناريو، وليس لديهم أدوات لفهم الكتابة، يعتقدون أن الومضة الأولى تكفي لإنجاز فيلم، وهو ما يجعلهم سريعين في مسألة الإنجاز، بمعنى أنهم يستعجلون العمل قبل نضجه، ولا يمنحون الفكرة وقتها لكي تتطور وتأخذ أبعادها، فيبقى السرد أو السيناريو هو الخلل رقم واحد في هذه التجربة.

المشكلة الأولى تكمن في عدم القدرة أو امتلاك أدوات الكتابة للسينما، ربما هم يعرفون الكتابة في الشعر والقصة وغيرهما، ولكن الكتابة السينمائية لها أدواتها التي لم يستطيعوا استيعابها بشكل دقيق، وهو أمر له علاقة بالمحيط الذي يعيشون فيه، بالتعليم الذي يحصلون عليه ومدى علاقته بالأمر، وهو أمر يتأكد من تكرار السقوط في الفخ ذاته في العام الماضي وهذا العام، وبشكل عام ونظراً للمعدات البسيطة التي يتعاملون بها يبقى الخلل في المعدات والتقنيات وليس في المخيلة.

وقال الحصائري: هذا العام هناك بعض الأفلام الجيدة من منظور أنها تبشر بالخير، من هؤلاء نواف الجناحي الذي احتفظ بمستواه نفسه من العام الماضي، فقط كان الاختلاف في مدة الفيلم، وليد الشحي صاحب “طوي عشبة”، سعيد الظاهري الذي أقام فيلمه على فكرة يصعب تصور مجرد التفكير فيها من الأساس، ورغم أن تنفيذه لها جاء في مستوى متوسط إلا أنها كانت واصلة، ولكن تبقى له قدرته على تقديم قصة كوميدية إلى حد كبير وجميلة جداً تلعب على العلاقة بين الظاهر والخفي، وأفلام أخرى كثيرة مميزة، من الفتيات أذكر أمينة المرزوقي التي أنجزت فيلماً جديراً بالاهتمام، جميلاً وشاعرياً.

هناك غياب شديد لمفهوم الفيلم الوثائقي، الشباب هنا يعتقدون أنه يكفي أن تحشد مجموعة أشخاص يتحدثون عن موضوع ما بالتتالي لتحقيق فيلم وثائقي، هذا  ما يمكن أن نسميه بالريبورتاج المطول، الموضوع، النقص هنا نقص تأطير، وهو كذلك موضوع موهبة، الموهبة موجودة لدى البعض وغائبة عن الكثيرين، ولكن من لا يمتلك الموهبة منهم يمتلك المثابرة، وأحياناً تقود المثابرة إلى حفز الموهبة، هناك حماس جماعي وعمل بروح الفريق، شباب يتعاونون بشكل جميل على مستوى التمثيل والإدارة والتنظيم والفنون الأخرى، تجد أن الأسماء دائماُ تتكرر في قوائم الأفلام، هذه الروح الجماعية عامل صحة يساعد في خلق نواة سينمائية محلية، وهناك عصر حاضر، شباب يتحدثون بكثافة حول واقعهم اليومي، وانبهار بالظاهر المادي للحياة وما يترتب عنه من مشكلات، وأضاف: لاحظت شيئاً غريباً عند كثيرين من الشباب في هذه الدورة من المسابقة، قد تبدو ملاحظتي طرفة أكثر منها ملاحظة نقدية، وهي تكرار عناصر مثل السيارة، الموبايل، عنصر الطريق، حتى ليبدو أن المخيلة عند الشباب مرتبطة بمادية حياتهم اليومية وبالظاهر الذي يشكل صورتهم  الاجتماعية، يبدو أن المخيلة لديهم قائمة على فضاءات عمودية لها علاقة بالمدن التي تستدعي الطرقات التي تستدعي بدورها السيارات، لا تمتلك مخيلتهم فضاءً أفقياً منفتحاً، لذلك فإن فيلم “طوي عشبة” لمخرجه وليد الشحي فاجأ  الجميع ببعده عن المدينة، دارت أحداثه في موقع قريب من العين “خمس دقائق من مدينة العين” وهو صحراء جافة، ليست أيضا تراثاً، ولكنها مصدر إلهام مثلها في ذلك مثل المدينة و البحر والسماء وغيرها.

خلل آخر كبير ويطال نسبة قدرها 99% من تجارب الشباب هنا لخصه الحصائري في عدم القدرة على توظيف الموسيقا، وقال: عنصر الموسيقا ضعيف جداً، قد تفاجأ بأن الفيلم من أوله إلى آخره ينتقل بك من معزوفة إلى معزوفة وفي أغلب الأحيان هي معزوفات لمشاهير ملحنين، يبقى هذا الأمر دليلاً على المعرفة والشعور والحس والموهبة، وأعود لأؤكد أن هذا الموضوع له علاقة بالمحيط الثقافي وشكل الدراسة، والقدرة على متابعة أفلام أخرى بخلاف الأفلام التجارية الأمريكية أو الهندية التي تحتل قاعات العرض السينمائي.

وأضاف: هناك غياب واضح لثقافة سينمائية، وهو أمر متوقع مع غياب مكتبة أفلام متخصصة أو ناد للسينما وغيرها من أشياء تسمح لهم بأن يحتكوا ويكونوا لأنفسهم ثقافة سينمائية من خلال المشاهدة.

الخليج الإماراتية في

15.03.2004

 
 

بمشاركة 77 فيلماً

"أفلام من الإمارات" تختتم أعمالها وتعلن نتائج المسابقة

اختتمت الاسبوع الماضي الدورة الثالثة لمسابقة أفلام من الإمارات التي انطلقت أعمالها في الثالث وحتى الثامن من مارس الحالي، حيث قرأ أعضاء لجنة التحكيم البيان الختامي وأعلنوا عن أسماء الفائزين. وتظم اللجنة في عضويتها كل من: محمد ملص - سوريا، رئيساً - حازم بياعة - فلسطين - أ حمد الجسمي - الإمارات - محمد سلطان ثاني – الإمارات.

وكان فيلم الختام المستضاف للسينمائي البحريني بسام الزواوي وقد حمل اسم (زائر) وبعد الفيلم قرأ محمد ملص رئيس لجنة التحكيم البيان الختامي وتابع أعضاء لجنة التحكيم قراءة إعلان النتائج وتوزيع الجوائز على الفائزين، وفيما يلي تفاصيل البيان والنتائج:


بيان لجنة التحكيم

بعد أن شاهدت ٧٧ فيلماً مشاركاً في المسابقة: ٧٢ منها في المسابقة العامة و٠٥ فيلماً في مسابقة الطلبة؛ فإنها ترغب أن تعبّر في البداية عن أن عدد الأفلام المشاركة ونوعها والمستوى الفني لها يدل بوضوح أن هذه التظاهرة السينمائية الثقافية قد ساهمت مساهمة حقيقية وفعليّة في نمو وتطوّر الإنتاج السينمائي في هذا البلد، وهذا يدفعنا إلى المطالبة بدعم هذه التظاهرة النادرة كي يمضي الإنتاج السينمائي في دولة الإمارات العربية المتحدة نحو مزيد من التطوّر. كما تود لجنة التحكيم أن تنوّه بأن مشاركة الممثلين الكبار المحترفين في هذه الأفلام كان لها دور كبير في دعم هذه التجارب السينمائية. ولا يسعنا إلا أن نشير أيضاً إلى أن التجمعات الإنتاجية مثل: »صقر الصحراء«، دبي و»انعكاس«، رأس الخيمة، وغيرها من التجمّعات قد ساهم في إنجاز وتحقيق هذه الأفلام المهمة. مما يجعلنا نتمنى عليها الاستفادة بدرجة أكبر من الخبرات الفنية والتقنية المتوفرة في البلاد كي تصعد باكتمال فني وتقني أفضل لإنتاجاتها. وقد شعرت لجنة التحكيم بالسعادة للوجود الممتاز والمساهمة الفعالة للمرأة في دولة الإمارات في تحقيق هذه الأفلام، مما يدعونا إلى المناشدة لإتاحة المزيد من الفرص لمشاركة المرأة في سينما هذا البلد..

تأمل لجنة التحكيم من إدارة المهرجان بأن تتيح الفرصة لمزيد من الأعمال والتجارب في الدورات القادمة ما يستدعي منها أن تقدم المزيد من الجوائز المتخصصة للتصوير والتمثيل والموسيقا والمونتاج..

فئة الطلبة

بعد مشاهدة ٠٥ فيلماً من الأفلام المتسابقة: ١٣ منها روائي، ١١ تسجيلياً، ٨ أفلام تجريبية وإعلانية وتحريك. نود أن نشيد بالموضوعات المهمّة التي تناولتها هذه الأفلام، وأن نؤكّد أن الكثير منها كان في مستوى حرفي عالٍ يدل على تمكّن صانعيها من امتلاك الأدوات الفنية، وامتلاك الفرادة في التعبير عنها، مما يدفعنا أن نوصي المؤسسات الإعلامية والإنتاجية برعاية هذه الإمكانيات البشرية والاستفادة من طاقاتها..

أولاً: شهادات التقدير

قرّرت لجنة التحكيم أن تنوّه بالمعالجة الكوميدية الجيّدة لفيلم »من أطلق الكلب خارجاً«، إخراج خليل إبراهيم العبدولي.

كما قرّرت بالإجماع منح شهادات تقدير لأفلام الطلبة التالية:

١- شهادة تقدير لفيلم »تناقض«، إخراج: عروة حلاق.

٢- شهادة تقدير لفيلم »الرعبوب«، إخراج: فاضل سعيد المهيري

٣- شهادة تقدير لفيلم »طريقتي«، إخراج: سالم فيصل القاسمي.

٤- شهادة تقدير للممثلة ندى عبد الله لأدائها الممتاز في فيلم »طريقتي«.

٥- شهادة تقدير لفيلم »عالمي ملعبي«، إخراج تريم الصبيحي.

٦- شهادة تقدير للفتى أيهم الصبيحي لتألقه الممتاز في فيلم »عالمي ملعبي«.

٧- شهادة تقدير لفيلم »الخطوات«، إخراج أحمد نور.

٨- شهادة تقدير للجرافيك في فيلم »ما بعد الانفجار«، إخراج خالد أحمد الحمادي ومريم بن فهد.

ثانياً: الجوائز

وقد قررت لجنة التحكيم بالإجماع:

١- للتعبير عن عالم داخلي خاص لامرأة بلغة جديدة ومؤثرة، تمنح لجنة التحكيم جائزة أفضل فيلم غير روائي وقيمتها (7،000) درهم للفيلم التجريبي »الأرضية المبتلة«، إخراج لمياء حسين قرقاش.

٢- للتعبير السينمائي بحيوية وإيجاز ومهارة حرفيّة جيدة، تذهب جائزة لجنة التحكيم الخاصة وقيمتها (7،000) درهم لفيلم »هُم«، إخراج ريهام إبراهيم.

٣- للمهارة في التعبير عن قضايا ومشاكل الجيل المعاصر بلغة سينمائية راقية والتمكّن الحرفي الممتاز، تذهب جائزة أفضل فيلم روائي وقيمتها (7،000) درهم لفيلم »على رصيف الروح«، إخراج أمجد أبو العلاء..

المسابقة العامة

بعد مشاهدة 16 فيلماً روائياً، وفيلمين تسجيليين، و9 أفلام تجريبية وتحريك، وَجدت لجنة التحكيم بأن المنافسة بين الأفلام الروائية كانت حادّة وقويّة، وذلك لوجود عدد مهم من الأفلام، في الوقت الذي كان فيه الخيار صعباً في الفيلم الوثائقي حيث لم يتوفّر سوى فيلميين.

أولاً: شهادات التقدير

ترغب لجنة التحكيم أن تنوّه:

١- بالقيمة الفنية والفكريّة لفيلم »من خلف الأبواب«، إخراج هند محمد المرزوقي.

٢- بأهمية الفكرة والموضوع المعالج في فيلم »ساعة«، إخراج خالد راشد الرايحي.

٣- وتشيد بفيلم التحريك »من تفاحة إلى تفاحة«، إخراج بهمن نظري.

كما قرّرت لجنة التحكيم منح شهادات تقدير للأفلام التالية:

١- للفكرة والتعبير عنها ببلاغة بصرية وبعمق وبساطة واقتضاب، تمنح لجنة التحكيم شهادة تقدير لفيلم »أرواح«، إخراج نواف الجناحي.

٢- للموسيقا والمصاحبة الغنائية، تمنح لجنة التحكيم شهادة تقدير للفنان عبد الله صالح عن فيلم »ثمن الدموع«، إخراج محمد الطريفي.

٣- لأدائه المتميز، تمنح لجنة التحكيم شهادة تقدير للممثّل عادل إبراهيم عن فيلم »سارق الحزن«، إخراج أمينة عطايا.

٤- عن المقدمة »الجناريك«، تمنح لجنة التحكيم شهادة تقدير للمصمّم خالد راشد الرايحي عن فيلم »سارق الحزن«، إخراج أمينة عطايا.

* لتصميمه المميّز، وبراعته في إيصال فكرة الفيلم، قررت إدارة مسابقة أفلام من الإمارات منح شهادة تقدير للمصمّم خالد راشد الرايحي، وذلك عن ملصق فيلم »البطل«، إخراج يوسف إبراهيم..

ثانياً: الجوائز

قرّرت لجنة التحكيم بالإجماع منح:

٢- جائزة السيناريو وقيمتها (10،000)   درهم وقد منحت مناصفة:

·              لرهافة التعبير عن العالم الداخلي للطفولة بحساسية مؤثرة، تمنح لجنة التحكيم الجائزة لسيناريو فيلم »البطل«، سيناريو وإخراج يوسف إبراهيم.

·              للشجاعة في تناول موضوع راهن وملح، تمنح لجنة التحكيم الجائزة لسيناريو فيلم »أنا والآخر«، سيناريو هيفاء المنصور وهشام المنصور، إخراج هيفاء المنصور..

٣- للروح الوطنية المعادية للحرب والاحتلال، تمنح لجنة التحكيم جائزة أفضل وثائقي وقيمتها (15،000) درهم لفيلم "أحاديث الأبرياء"، إخراج خضر العيدروس.

٤- للتناول البصري الرفيع والتعبير عن العالم الداخلي بجمالية وشاعرية، تذهب جائزة لجنة التحكيم الخاصة وقيمتها (15،000) درهم لفيلم »ما تبقي«، إخراج صالح كرامة.

٥- للقيمة العالية للموضوع، وللمعالجة البصرية بلغة سينمائية آخاذة تمنح لجنة التحكيم جائزة أفضل فيلم روائي وقيمتها (15،000) درهم لفيلم طوي عشبة إخراج وليد الشحي..

كما لا يسع لجنة التحكيم إلا أن تتقدم بالشكر للثقة الممنوحة لها وأن تقدّر الجهد الكبير المبذول في تنظيم وإدارة هذه المسابقة، ومستوى الاختيار، والعروض والبرمجة التي قامت على كاهل السينمائي مسعود أمر الله آل علي والفريق العامل معه من محبي السينما وعشاقها.

الأيام البحرينية في

16.03.2004

 
 

هيفاء المنصور تفوز بجائزة السيناريو في أبوظبي:

أنا من محبي السينما الإيرانية

رنيم القبج

"كل أفلامي بالنسبة اليّ تجارب. لأنني اريد ان اتعلم, والتجربة الذاتية احسن معلم. وأي ظاهرة جديدة لها مؤيدون ومعارضون, وهذا الشيء لا يضايقني لأنني توقعته". بهذه الكلمات تعبر المخرجة السعودية هيفاء المنصور عن تجربتها مع السينما. هيفاء انتجت وأخرجت خلال العامين الماضيين ثلاثة افلام قصيرة. آخرها فيلم "أنا والآخر", الذي حصل على جائزة أفضل سيناريو في مسابقة "فيلم من الامارات", والتي اختتمت فعالياتها في الثاني من الشهر الجاري في أبو ظبي. كما عرض الفيلم في جامعة Central Florida ضمن برنامج "فيلم في الولايات المتحدة", وذلك تلبية لدعوة وجهت لها, من الملحق الثقافي في السفارة الأميركية في الرياض كواحدة من سبعة مخرجين اختيروا من مختلف دول العالم.

قصة الفيلم تدور حول ثلاثة شبان لا ترد أسماؤهم, يتجهون بسيارتهم الى احد مواقع عملهم في الصحراء. وعلى رغم ان اثنين منهم من سكان شارع واحد, إلا ان العمل هو الشيء الوحيد الذي يجمع بين عقلياتهم. فالأول ليبرالي ويفهم من سياق الحديث انه درس في الولايات المتحدة, اما الثاني فمتزمت ومعاد لكل ما هو غربي, والثالث من سريعي التأثر بالآخرين, كونه لم يختر منهجاً واضحاً لحياته. ويبدو جلياً ان هذا الأخير يميل كل مرة الى وجهة نظر احد زميليه, في تخبط واضح. ومنذ اللحظات الاولى للفيلم يبدأ الصدام بين الثلاثة وتتجلى العقدة حينما تتعطل السيارة ما يضطرهم لقضاء الليل معاً. تتطور الأحداث الى ان تصل الى مشهد محاولة المتزمت قتل الليبرالي, وذلك لأن اياً منهما لم يستطع اقناع الآخر باعتقاداته. في النهاية يكتشف الثلاثة ضرورة تقبل كل منهم طريقة تفكـير الآخر, ويظهر ذلك المعنى بخاصة في المشهد الاخير, وهم يدفعون السيارة ليكملوا مسيرتهم.

مدة الفيلم لم تتجاوز الخمس عشرة دقيقة, لكنه كان وقتاً كافياً لطرح قصة متكاملة. لها بداية وعقد متصاعـدة الى ان نصل الى الذروة في مشهد محاولة القتـل. وعلى رغم الاختـيار الذكي للقضية, كونها تنتقد السلوك الانساني المتعصب في اي بقعة من الارض, الا ان النهاية لم تـكن بالإتقـان المطلوب, بل كانت سريعة ومباشرة. الأداء التمثيلي كان جيداً, وقد ساعد الحوار والماكيـاج في التعبير عن الفئات المقصودة. كما حاولت المخرجة الجمع بين الاسلوب المباشر والرمزية في بعض الاحيان. لكن المباشرة غلبت على جو العمل, فحتى الرموز التي استخدمتها كانت واضحة جداً, كلوحة السيارة التي رمزت اليها بـ(و ط ن, 100).

الكادرات كانت جيدة, لكن تكرار استخدام اللقطات القريبة, أبعدها عن التنويع. اضافة للأداء البطيء في بعض الاحيان والمباشرة المتكررة. وبشكل عام فالفيلم يستحق الثناء باعتباره تجربة (ثالثة) حاولت فيها المخرجة المنتجة التطرق الى قضية اجتماعية مهمة, هي الدعوة لتقبل الآخر كما هو ومحاولة التعايش معه.

رؤية تطورت

تقول هيفاء المنصور عن فيلمها الأخير: "أحس بأن رؤيتي الاخراجية تطورت. ولمناسبة التحدث عن الفيلم, احب ان اشكر الفنانين السعوديين الشبان: صالح العلياني, طلال السدر ومشعل المطيري على تمثيلهم المتميز. فهم بالفعل طاقات ابداعية, ولا ينقصهم غير الفرصة المناسبة. وهذا الفيلم اعطاني فرصة لتعريف المجتمع الاميركي بنظرتنا اليه كأفراد وليس كحكومات, وان اتناقش مع اساتذة كبار للاادة من خبراتهم, كنوع من التبادل الثقافي".

وتضيف ان "عرض الفيلم في جامعة فلوريدا فتح لي المجال للدخول في مهرجانات ومسابقات اخرى. اولها مسابقة "فيلم في الامارات". اما عن رد الفعل في اميركا فقالت: "انا سعيدة جداً بالحفاوة التي لاقيتها في اميركـا. الجميع كان يشجعني, كما شعرت باهتمامهم بمعرفة المزيد عن عالمنا العربي وثقافتنا. حتى الملاحظات كانت توجه لي بأسلوب لبق كنوع من التشجيع والدعم المعنوي".

وفي ما يتعلق بعلاقتها بالنقاد والمدارس الاخراجية وبالحقل الاعلامي قالت: "علاقتي بالنقاد طيبة, وأنا آخذ ملاحظاتهم في الاعتبار. وذلك على رغم ان البعض هاجمني, لكنني خضت تجربة جديدة في مجتمعي, وأتوقع اي رد فعل وأنا من محبي السينما الايرانية, وأعتقد انه لو كانت لدينا سينما سعودية لكانت شبيهة بالايرانية. لكنني لا اتبع اسلوب مدرسة او مخرج معين".

مطالبة

وطالبت المنصور الجهات المسؤولة في السعودية, بالاهتمام بالشبان الذين يحاولون دخول مثل هذه المجالات: "من الملحوظ ان وسائل الاعلام مهتمة ومتابعة لجميع السينمائيين, سواء في الوطن ام في الخارج. إلا اننا في حاجة الى المزيد من التشجيع والاهتمام بالمواهب الشابة, وان نركز على الجانب التقني الذي نفتقر اليه وبشدة. على امل ان نسمع في يوم من الايام عن مهرجان سعودي للأفلام, او جمعية للسينمائيين السعوديين".

وهيفاء المنصور التي لم تدرس الاخراج, تقول عن بدايتها في هذا المجال: "أنهيت دراستي في مجال الادب الانكليزي من الجامعة الاميركية في القاهرة. ولم تكن شخصيتي قد صقلت بما فيه الكفاية لأقرر دراسة الاعلام, لكن حبي لهذا المجال دفعني للاهتمام بالنشاطات الجامعية. وفي المملكة كانت البداية بفيلم "من" عن قصة السفاح المتنكر بزي امرأة منقبة, اذ حظيت هذه الاشاعة باهتمام المجتمع وصارت حديث الساعة, فعرضت الفيلم في مسابقة "أفلام من الامارات" ولفت الأنظار اليّ, على رغم وقته القصير وبساطة الامكانات المستخدمة".

وتكمل: "اعجبتني التجربة فقررت خوضها للمرة الثانية بفيلم "الرحيل المر" ليعرض في "مهرجان الاسماعيلية" بموضوعه الانساني عن ابن القريـة الذي ترسله امه شاباً يافعاً لطلب العلم في المدينة. تاركاً خلفـه امـاً تـنـتـظر عـودة ابن هجرها وللأبـد. اردت من خـلاله رفض فكرة نسيان الاهل والوطن تماماً, في مقابل التحصيل العلمي والحياة المادية".

جريدة الحياة في

19.03.2004

 
 

حاز جائزة أفضل فيلم روائي قصير في المجمع الثقافي

"طوي عشبة".. عطش الآبار وإرتواء المخيلة

إبراهيم الملا *

تعتبر مجموعة ( انعكاس الفنية ) التي انتجت فيلم ( طوي عشبة ) و قبله فيلم ( وجوه و نوافذ ) احدى المجموعات الفنية القليلة في الإمارات التي انحازت بإخلاص وجهد واضحين للتعبير البصري، بكل ما يحمله هذا التعبير من تحديات وتضحيات تجعل الكثيرين ينسحبون بعد أول تجربة فيلمية مرهقة ومكلفة.

ويبدو أن مجموعة انعكاس مصرّة على المضي في تحويل المشاريع الفيلمية المكتوبة إلى وقائع مرئية، وإلى القفز فوق الحواجز الإنتاجية والمعوقات التقنية رغم كل شيء، وهذا ما تلامسه عن قرب عندما تلتقي بعناصر هذه المجموعة وتستشعر تلك الروح التي تجمعهم وذلك الحماس الذي يبدونه مع كل مشروع جديد، والأجمل من ذلك تلك الرغبة الكبيرة التي يوجهونها في تطوير ذواتهم الإبداعية ورؤاهم وثقافتهم البصرية المستفيدة بدورها من القراءات الشخصية والمشاهدات المتفتحة على أفلام ذات خصوصية فنية مستقبلية.

تحاول هذه المجموعة أيضا أن تتميز بمواضيع وأفكار تتقاطع مع هم مشترك يسعى أفرادها إلى ترجمتها بلسان الكاميرا وبكل الأدوات الفينة المتاحة.

ومن مؤسسي هذه المجموعة الحديثة نذكر الممثل ناصر اليعقوبي، والكاتب أحمد سالمين، وكلا من المخرجين وليد الشحي وعبدالله حسن أحمد وغيرهم.. إنها مجموعة تسعى بجدّ ودأب لتكوين نواة سينمائية ناهضة في الإمارات، ومن داخل مختبرهم السينمائي الصغير في إحدى غرف اتحاد الكتّاب برأس الخيمة، الذي حولوه إلى مشغل حميمي يضم عمليات المونتاج وأجهزة الصوت والإضاءة وخلافها وإلى ورشة لتأهيل الحلم الذي في داخلهم وإخراجه من الأدراج والأذهان إلى فضاء الذاكرة والعين.

الإخلاص للصورة

فيلم ( طوي عشبة ) -  الذي نحن بصدد تناوله – هو التجربة الإنتاجية الثانية التي أثبتت ضلوع المجموعة جدّيا في تقديم شكل سينمائي متميز وذي بصمة خاصة.

تعتمد فكرة الفيلم الأساسية على ثيمة العطش ودلالاته المتشعبة التي تتجاوز عطش الجسد إلى عطش الأرض ذاتها وعطش الروح المحصورة في الأمكنة القاحلة والمهجورة التي قسا عليها ساكنوها واستنفدوا خيراتها، فانتقمت منهم وامتدت شروخها اليابسة إلى ذاكرتهم الخربة وعيونهم الراكدة في السماء، بحثا عن غيمة أو بشارة ترطب أحلامهم المتحجرة.

تبدأ تترات البداية في الفيلم على نقاط ماء قليلة تتساقط ببطء كي تثبت لنا ولى الشيفرات الدلالية والرمزية الأجواء القادمة في الفيلم ولأسئلته الضاربة، فمثلا: هل يمكن تأليف جغرافية خاصة بالحواس، وهل يمكن هندسة الخلاء أو وضع خارطة بصرية تستطيع أن تربك تطلعاتنا الأليفة لماضٍ مُطهّر وبلا أوبئة وخطايا، هناك تصبح الأرض جسداً ويصبح الجفاف هو الجلاّد المتحالف كلياً مع السوط، ومع الصرخة المعذبة المنتشرة في الأرض مثل تجاعيد وتعرقات مالحة؟

في ( طوي عشبة ) ومع المخرج المتميز وليد الشحي يتوالد الإحتمال وينبت ويتكاثر مثل عشب مسموم، ويتحول التأويل إلى أعمدة محترقة في المكان المحرم والمسكون بلعنة لا راد لها. بعد تجربة فيلمية مليئة بزوائد مسرحية وهوامش ادائية وإضافات شعرية مرهقة في الحوار – فيلم ( وجوه ونوافذ ) – يفاجئنا وليد الشحي في ( طوي عشبة ) بنقلة باهرة وأمينة ومخلصة للصورة وحدها، تلك الصورة التي وضعت الحوار ( المونولوج )، والاداء التمثيلي والبنية القصصية في جوانب العين، كي تبرز الصورة وتشع وحدها في البؤرة، وتقول أنها قادرة على النطق والإيحاء والترميز واللمح والإشارة دون اسنادات مقحمة أو عكازات لتمرير الفكرة وإجبارها على التطوّع أمام التفاسير المنطقية لمشاهد اعتاد الضحالة والتبسيط.

ذهب وليد الشحي هذه المرّة إلى الجرأة والمغامرة السينمائية دون تنازلات أو شروط وبعيداً عن المثاليات الوعظية والحلول الجاهزة ونقد الظواهر ومحاكمتها بشكل مسطح وكاريكاتوري – كما هو حال معظم الأفلام الهشة والزائلة. لم يكن السرد في (طوي عشبة) قائماً على عقدة وتسلسل، ولم يكن خاضعا لشكل الحكاية التقليدي، لأن المخيلة البصرية والشعرية كانت طاغية لدرجة الامتلاء وإذابة الخطوط الكلاسيكية للمنطق القصصي الحكائي.

وفي هذا الفيلم بالذات كان الخروج من الحكاية ضروريا كي تدخل الكاميرا وحدها في الكادر وتتحول إلى ترجمات للعذابات المتبادلة بين المكان (القاحل والضمآن)، وبين الشخصية المركزية التي مثّلت الحالة وليس الحكاية (قام بدورها الفنان ناصر اليعقوبي)، هذه الشخصية التي تفتحت على عجز كبير وشروخ داخلية وندامات، هي نفسها التي تسببت في خلق المأساة وتأريثها للمكان والأرض وللإبنة التي أهلكها العطش ( عشبة ) – هذه المفقودة في حلم مستحيل وفي مطر محتبس في الأعالي، لأن حضورها الضبابي في الفيلم هو نشيد ممتد إلى الغياب، كما أن المشاهد المؤقتة التي احتوتها، هي مشاهد الخفة والزوال والتلاشي، كما يتلاشى الماء في رمال ساخنة.

يمثل الأب هنا دور – المروّي – أو الساقي الهائم مع حماره النحيل ووعاء الماء الناضب المعلق على صدره  والباحث بين الجبال الصمّاء والسماء القاحلة عن بشارة المطر والسيل كي يروي بها الآبار العطشى والقبر الاعتبار لابنته عشبة ، والذي كلما توسد طين الأرض سمع أنينها وهو يتعالى من أعماق دفينة وغائرة ، هذا – المروّي – هو نفسه الذي أسرف في السقاية وبالغ في الري عندما كانت الأرض جنة خضراء والينابيع متفجرة وسط الجبال وعلى مرمى العين والحقول.

            يحاكي الفيلم الحاضر الخرب و المتروك و المشوه بثيمات و دلالات و رموز كان لها أثر إيحائي و تعبيري أمين لهذا الجو المتهالك و المتصدع ( العظام القديمة المتناثرة لقطعان و حيوانات نافقة، الفزاعات المنصوبة على جثث بساتين و أطلال مزارع، صوت الريح القلقة و المتلاعبة بعظام و علب معلقة، العقرب الذي يتسلى بالخوف، بئر الغبار و الصدى الميت..لخ) إستطاعت كل هذه الدلالات المتوافدة على الصورة بعنف و شراسة أن تتجاوز حالة العطش ( الجسدي ) إلى الحالة الذهنية للانتظار البائس و الأبدي.

أستخدم وليد الشحي في ( طوي عشبة ) اللقطات العلوية بإستخدام الرافعة – الكرين – لابراز القيمة الدلالية لهذه اللقطات ( المساحات الطينية المتشققة على سبيل المثال ) و إستخدم كذلك الفلاتر و مرشحات الصورة طوال مشاهد الفيلم لإبراز نقاء و جماليات هذه المشاهد، رغم أن معظمها كان يترجم ثيمة العطش المقرونه بالجفاف و الغبار، و كنا نتمنى أن تتنازل بعض اللقطات عن هذا النقاء حتى تصدم العين و تنقل الاجواء المشوشة دون تجميل للشكل على حساب المعنى.

من الملاحظات التي يجب ذكرها أيضا هو منظر السحب في الفيلم – تم التصوير في يوم غائم على ما يبدو- ما أثر أيضا على قوة توصيل المعنى و التقليل من الشحنة التعبيرية التي أراد الفيلم أن يرسلها، أما الاداء التمثيلي لناصر اليعقوبي فمازال متأثرا بالنمط المسرحي المتكلف – خصوصا في المشهد الأخير المتخيل و الذي يسكب فيه المياه على الارض و ينادي عشبة – كما أن مخارج الحروف عنده لم تكن واضحة و بارزة و تم الإعتماد على الترجمة الانجليزية لالتقاط بعض المفردات الضائعة.

الملاحظة الأخيرة تتعلق بالموسيقا التصويرية و التي كنا نتمنى أن تكون معبرة عن البيئة و المكان – كما يمكن إستخدام مؤثرات شعبية و محلية – بدل الإستناد على موسيقا تصويرية جاهزة و معروفة ( فيلم الإغراء الأخير للمسيح لمارتن سكورسيزي) – نفس المشكلة رأينها في فيلم – جوهرة – لهاني الشيباني الذي أستند على موسيقا فيلم (جلادياتور أو المصارع).

هذه الملاحظات لا تقلل أبدا من القيمة الفنية و الدلالات البصرية الثرية و الباذخة في الفيلم و الذي كان جديراً بالجائزة التي حصدها في مسابقة أفلام من الإمارات – الدورة الثالثة 2004 – و "طوي عشبة" في النهاية فيلم يتمتع بمشهدية مدروسة تنم عن بارقة إحتراف و موهبة، و هو فيلم تتداخل فيه الرقة العالية مع القسوة الدفينة، و الصفاء الشعري مع الخدوش الطاغية في المكان، و كانت الصورة تنطق و تقول: هذا هو الحطام و يجب ترميمه، و لكن ما تحطم لم يعد موجودا، أنه في الهواء، و الهواء خادم الريح، و الريح نفسها تحطمت في أماكن عديدة، لذلك فإن ترميم الاصل هو أيضا ترميم المستحيل!. 

] طوي عشبة [

إخراج: وليد الشحي

سيناريو: أحمد سالمين

تمثيل: ناصر اليعقوبي، ميرة العويد

صوت: عاصم عبدالرحمن

تصوير و مونتاج: وليد الشحي

مخرج منفّذ: عبدالله حسن أحمد

انتاج: مجموعة انعكاس الفنية 2004 – روائي قصير

__________________________

* شاعر و كاتب سيناريو من الإمارات

الإتحاد الإماراتية في

21.04.2004

 
 

"كابوس"

الريامي يتحدى الخجل

حظي فيلم الكابوس للمخرج الاماراتي الشاب حمد سيف الريامي بإعجاب وإشادة الجماهير والنقاد في مسابقة أفلام من الإمارات التي ينظمها المجمع الثقافي في أبوظبي للفترة من 3 - 8 مارس الجاري، لمعالجته الجريئة والمباشرة لمشكلة خطيرة باتت تؤرق وتهدد ليس فقط المجتمع الاماراتي أو العربي وإنما العالم بأسره، وهو تفشي مرض نقص المناعة المكتسب الايدز التي عالجها المخرج معالجة درامية سريعة 35 دقيقة من خلال أربعة شخصيات فقط اعتمد عليهم في طرح رؤيته السينمائية، إلى جانب فيلمه التسجيلي الثاني الذي عرض أمس الأول المديونير في إشارة تناقض الصفة الشائعة المليونير ، ليعالج في رؤية تسجيلية مشكلة تورط الشباب في مقتبل حياتهم بالقروض والديون التي تتحطم على صخرتها أحلامهم وطموحاتهم وأمانيهم في الحياة، لينتهي بهم الأمر إلى النهاية المحتومة والمؤسفة بالوقوع تحت طائلة القانون·

التقنيا بالمخرج الشاب على هامش المسابقة، وكان معه هذا الحوار السريع لينقل من خلاله رويته السينمائية، واتجاهه المبكر إلى السينما الواقعية التي تكرس معالجتها نحو قضايا وهموم المجتمع الشائكة·

·         ماذا تريد أن تقول من خلال الفيلم الأول الذي يعرض لك في المسابقة؟

- الكابوس، فيلم درامي، يتناول قصة شابين في مقتبل العمر يتعرضان إلى هذا الكابوس الذي أقصد به مرض الايدز لسلوكياتهما الطائشة والمرفوضة، وهي مشكلة كثير من الشباب الذين يقعون في براثن هذا الداء اللعين، ومن ثم طرح كيفية الخلاص منه·

·         ولماذا اخترت الكابوس ؟ إشارة إلى ثقل كاهل هذا المرض اللعين والخبيث والمخيف· وماذا عن المديونير ؟

- المديونير·· عكس المليونير، وهو فيلم تسجيلي يحكي قصة شاب مواطن، يتورط في ديون كثيرة في بداية حياته العملية، من خلال طموحات وممارسات تتعدى طاقته وقدرته الحقيقية، وكيف يعيش في ظل الديون التي تثقل كاهله·

·         كيف كانت رؤيتك السينمائية في معالجة فيلم الكابوس ؟

- لقد كتبت القصة والسيناريو والحوار بنفسي، وأيضا التصوير والانتاج إلى جانب الاخراج، واستغرق تنفيذه حوالى ثمانية أشهر، منها شهر كامل للتصوير، وثلاثة أشهر للانتاج، ولقد اعتمدت فيه على المؤثرات الصوتية والاضاءة وإبراز الهموم النفسية التي تهيمن على الشابين من خلال قصة قصيرة·

·         ماهي المعوقات التي صادفت انتاج الفيلم؟ وكيف تغلبت عليها؟

- القصة نفسها كانت صعبة التناول، وتخوف كثير من الممثلين من أداء الأدوار، وكيف يؤدون أدوارهم في تناول جرئ وغير مباشر ويتناول تفاصيل دقيقة للمشكلة، وكيفية تغلغل هذا المرض الخطير إلى المجتمع الإماراتي، إلى جانب معوقات ترتبط بالنواحي الفنية مثل أماكن التصوير التي اخترتها، وصعوبة الحصول على التصاريح اللازمة لبدء التصوير، وما يتعلق بذلك من روتين وتعقيدات لا حصر لها·

·         هل يعتبر الفيلم من الأفلام الجريئة والواقعية؟

- نعم·· وهذا ليس رأيي، وانما هو رأي الجمهور الذي شاهد العرض، وأكدوا انه فيلم واقعي وجرئ، ولقد حاولت خلال المعالجة السينمائية أن أبتعد عن النصيحة المباشرة حتى لا يصاب الجمهور بالملل، ويستمتع بهذا الفيلم بعيدا عن لغة الخطابة المباشرة، ويتقبل الرسالة التي يطرحها الفيلم بكل راحة·

·         السينما الإماراتية في بداية طريقها·· كيف تراها في القريب العاجل؟

- نعم، نحن لازلنا في بداية الطريق، ولكن هناك جهود جيدة، ورؤى طموحة، وطاقات فنية كبيرة لم تكن تعرف أو تستثمر هذه الامكانات المتاحة، والآن من خلال تنظيم مثل هذه المسابقات والمهرجانات الفنية يمكن القول انها بداية في الاتجاه الصحيح، وإن استمرت على هذا النحو، ستكون هناك نهضة ومسيرة فنية سينمائية جيدة خلال سنوات قليلة، ففي السابق كانت محاولتنا تقتصر على دائرة ضيقة من الأصدقاء وبعض المعارف، وأهل الحي، ولكن الآن أعمالنا خرجت إلى النور ليراها الجمهور، وأظن أن المشاركة بأكثر من ستين فيلماً وعملاً في السنة الثالثة من عمر المسابقة، عمل جيد وانجاز كبير ينبىء بمستقبل واعد لسينما الامارات·

·         كيف وظفت العنصر النسائي في الفيلم؟

- في البداية واجهت صعوبة في اختيار من تقوم بذلك الدور، نظرا لعدم توفر العنصر المحلي بسهولة، والحمد لله وجدت ممثلة هاوية، وأدت دورها بشكل جيد·

·         وماذا عن مشاريعك السينمائية القادمة؟

- لدي أفكار كثيرة، ومساهمات عديدة في السابق، وسأحاول في المرات القادمة اطالة مدة الفيلم، والاعتماد على تقنيات أخرى، وأساليب جديدة كالأكشن مثلا، وقد اخترت موضوعا أكثر جرأة واثارة وواقعية، وقد اطلقت عليه صفة مؤقتة اسم الضباب وإن شاء الله سأنجح في انتاجه واخراجه بشكل لائق وأتمنى أن يحظى باعجاب الجمهور·

الإتحاد الإماراتية في

23.03.2004

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)