كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

شخصيات أفلامه تعيش فيه

أحمد زكي .. تاريخ من الإبداع الفني

د. أحمد يوسف

عن رحيل الإمبراطور

أحمد زكي

   
 
 
 
 

فى واحد من أهم أفلامه الاخيرة "أرض الخوف"، كانت الجملة الأخيرة للبطل أحمد زكى وهو يمضى فى الشوارع هائما على وجهه وكأنه يسير نحو المجهول: "مازلت أحن الى حياتى فى أرض الخوف، لكننى لا أملك القدرة على أن اعود إليها" تشعر بالدهشة العميقة عندما تتأمل افلام أحمد زكى الاخيرة، فتكتشف ان كتاب سيناريوهاتها ومخرجيها يكادون يستلهمون شخصية ابطالها من احمد زكى ذاته، أو كأنه كان يشترك - بمجرد وجوده فيها - فى كتابتها، فملامح هذا البطل تعبر بقدر هائل من الصدق عن "الفنان" - ولا نقول "النجم" - أحمد زكى، الذى كانت روحه لا تعرف الهدوء ابدا، ولا يفارقه شبح القلق حتى وهو فى ذروة شهرته ونجاحه.

لقد كان هذا القلق الفنى العاصف هو النبع الذى لا ينضب ويستمد منه أحمد زكى القدرة على التجدد والتطور، وهو القلق - المرضى فى بعض الاحيان - الذى كان يدفع الفنان الى حافة التوحد الكامل مع الشخصية التى يقوم بأدائها، او لعل الشخصية هى التى كانت تحاول ان تعيش فى جسد أحمد زكى، وهو ايضا القلق الذى كان السبب وراء ذلك التنوع الهائل فى الادوار التى جسدها احمد زكى، حتى انك لا تعرف عنده فرقا مصطنعا بين الكوميديا أو المأساة، وهو يرتدى ملابس الفلاح الفقير القابع فى قرية نائية فى اعماق الصعيد فى "شفيقة ومتولي"، أو جلباب الفتونة الذى يفرض سطوته فى السوق بقوة ساعده فى "شادر السمك" أو "أفرول" الجندى الامى الذى لا يملك الا ان يطيع اوامر رؤسائه فى "البريء" او بدلة الضابط القاسى المتسلط الذى يجد لذته فى قمع الاخرين فى "زوجة رجل مهم" أو ثياب الصعلوك القادم من حضيض المجتمع باحثا عن مكان فى عالم الاغنياء فى "كابوريا"، لكن خيطا دقيقا متصلا كان يربط بين تلك الادوار المتباينة المتناقضة، كان يمكنك ان تراه فى هاتين العينين المجهدتين الباحثتين دوما عن الخلاص من عناء ثقيل، المثقلتين بحزن غامض لانه مهما حقق من نجاح فانه يشعر بان الافق لايزال بعيدا عن المنال. لقد كانت عيناه تعكسان احيانا العجز والضعف البشرى، لكنهما تتحولان فى لحظة خاطفة الى التالق ببريق الشراسة والتحدى، وكانهما عينا اسد جريح يريد ان يحطم الاسوار.

كان جسد احمد زكى يمثل تلك الاسوار التى كانت روحه تحاول دائما ان تعبرها، وكان خلاص احمد زكى ياتى دائما من ان يعيش حياة كل ابطاله، الذين كانوا مثله يملكون ارواحا مفعمة بالقلق، اننا ندرك الان كم كان هذا القلق عميقا داخل الفنان الذى بدأ حياته مضطرا لانزواء - رغم موهبته الاصيلة - خلف بريق نجوم اخرين، ففى "مدرسة المشاغبين" المسرحية - على سبيل المثال ـ ظل احمد زكى يرقب نجوم الكوميديا من حوله وهم ينتزعون ضحكات الجماهير انتزاعا، بينما لا تتاح له الا لحظات قصيرة لكى يثبت وجوده وحضوره، وهو الحضور الذى تألق فى ادواره القصيرة فى بعض افلامه الاولى، تلك الادوار التى كانت تنويعا على حقيقة الفنان صاحب الجسد النحيل الضئيل، ففى "شفيقة ومتولي" يجسد الشاب الصعيدى متولى الذى اخذته السلطات بالسخرة للعمل فى حفر قناة السويس، ورغم انه يظل فى خلفية الاحداث الا ان غيابه فى لحظات كثيرة عن الشاشة كان يجعلك تتأكد من ان وجوده هو الضمان المفقود حتى لا تسقط شقيقته "شفيقة" فى هوة الضياع، وفى "اسكندريه ليه" تشعر ان هذا الشاب ابراهيم الذى يظهر فى لحظات خاطفة من الفيلم انما يدفع وحده ثمن فساد المجتمع كله بان يجد نفسه وراء قضبان السجن، وليس هناك من يدافع عنه الا المحامى العجوز الذى لا يملك الا كلمات عاجزة بائسة.

لكن نجومية احمد زكى ولدت مع مولد السينما الشابة الجديدة، خلال فترة الثمانينيات، حين كان مخرجو وكتاب السينما المصرية يبحثون عن "الابطال" بين الملايين الذى يعيشون على هامش المجتمع، بينما هم غارقون فى بحر الحياة، يكدحون وراء لقمة العيش وقد فاحت من جلودهم رائحة العرق الانسانى، وتحدثت افواههم بالألفاظ الخشنة، لانهم لا يملكون الوقت او المال للاناقة واللباقة، وكان احمد زكى هو احد "الابطال" الجدد، ببشرته السمراء، وشعره المجعد، ووجهه النحيل، وشفتيه المكتنزتين، وطريقته العفوية التلقائيه فى الحديث، وحركات يديه وأصابعه العصبية، التى تفصح عن القلق العاصف فى اعماقه.

من المؤكد انك كنت تشعر بانك قد رأيت ذات مرة فى حياتك اليومية هذا الشاب "الحلاق البسيط" فى "موعد على العشاء"، الذى تصطدم قصة حبه الصادق بأسوار تسلط الاغنياء الذين لا تعرف قلوبهم الرحمة، فيدوسون على البشر بقسوة غليظة، ولابد ان الاحساس قد راودك بانك قد صحبته يوما سائقا لسيارة اجرة فى "طائر على الطريق" فهو الشاب فارس الذى يملك بقايا من فروسية قديمة فى زمن لا مكان فيه للفرسان، ولعلك قلت لنفسك إنك ربما قد شاهدته فى الواقع عاملا من عمال "الورش"القابعة فى أحراش المجتمع "عيون لا تنام" حيث يختفى عالم مصنوع من الفقر والحاجة والصراع الشرس من اجل البقاء.

فى هذه الافلام الثلاثة التى ظهرت جميعها فى بداية الثمانينيات، وشهدت ميلادا جديدا لنمط مختلف من "ابطال" السينما المصرية، وجد نهر القلق الفنى داخل وجدان احمد زكى مجرى للتدفق يفيض فيه. ولأن النبع يفيض ظل "النجم" قادرا على العطاء المتجدد "كممثل" يملك موهبة حقيقية، ويجسد البطل فى اعماق الانسان العادى، كما ترى فى فيلمه "الحب فوق هضبة الهرم" وهو الفيلم الذى يقدم "فى الشاشة" على طريقة الثمانينيات، الذى كان كاسلافه يحلم بقصة الحب، لكن الظروف الطاحنة لا تدع له مجالا لتحقيقها حتى ان الحلم يتحول الى كابوس، وهو ايضا بطل "البريء" الفلاح القادم من قريته ليقضى فترة التجنيد فى الامن المركزى، حائرا بين الحقيقة التى يعرفها والأكاذيب التى يروجون لها لكى يصبح أداة فى ايديهم. وهو البطل الذى يكمل مسيرة الهامشيين فى "احلام هند وكاميليا" الذين تضطرهم فوضى الحياة المتزايدة الى الخروج على المجتمع، او بالأحرى اتقان لغته الجديدة، حتى يجدوا فرصة للطوق والنجاة الا ان مصيرهم ينتهى دائما الى الغرق.

لو كان احمد زكى لا يملك الا هذا النهر من المشاعر الصادقة لانتهى به الامر - كما حدث لنجوم غيره - الى وتيرة واحدة لا تتغير، وتكرار الصورة ذاتها فى كل الافلام، لكن بركان القلق الدفين بداخله كان يدفعه دائما الى تفجير طاقاته الابداعية، بما يملك من ادوات "الممثل النجم" بعيدا عن قناع النجومية الثابت، ولان بركان القلق الفنى لا يرتضى لنفسه مجرى واحدا، بحث احمد زكى عن الادوار المتناقضة، واستطاع فى الاغلب الاعم منها ان يمسك بجوهر الشخصية وان يجسدها بجسده وصوته حتى تستطيع ان تراها حية امامك من لحم ودم، قد تحبها مرة او تكرهها مرة اخرى، لكنك دائما مع احمد زكى كنت تفهم دوافعها، ولعل المسلسل التليفزيونى "هو وهي" كان البداية الواضحة لهذا الطريق، الذى قدم فيه العديد من الشخصيات المختلفة، كما كان قد قدم من قبل شخصية طه حسين فى "الايام".

إن هذا التنوع يبدو حتى فى أفلامه غير المهمة، مثل "الباطنية" و"الاحتياط واجب"، و"الراقصة والطبال" وأفلام تجريبية لم تجد لها حظا كبيرا فى الذيوع والانتشار مثل "العوامة 70" و"البرنس" وافلام كوميدية مثل "البيه البواب" و"اربعة فى مهمة رسمية" و"البيضة والحجر" وحتى فى فيلم يبدو اقتباسا حرفيا عن السينما الامريكية وهو "الامبراطور"، يتأكد لك ان احمد زكى ممثل حتى أطراف اصابعه، وربما سنحت لك الفرصة يوما ان تتأمل أحد مشاهد الفيلم، عندما ترى بطله زينهم جاد الحق يتعرض للتعذيب خلال التحقيق معه، لإرغامه على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها، وعلى الرغم من أنه مجرم محترف، وربما بسبب ذلك فإنه يرفض الاعتراف بما لم تقترفه يداه، وبعضلات وجهه وحدها، ودون كلمة واحدة او ايماءة من يديه او جسده، يعزف احمد زكى لحن الالم والمراوغة، والاصرار والضعف، والقوة، فى لحظة متألقة واحدة.

فى افلامه التالية منذ بداية التسعينيات اتسمت شخصيات احمد زكى بالجمع بين نزعتى الخير والشر داخل نفس بشرية واحدة، كما فى "الهروب" فى دور الشاب القروى الذى تسجنه قوانين مجتمع المدينة الظالمة، رغم حلمه الدائم بطيران الصقور المحلقة فى اجواء الفضاء، وفى "الراعى والنساء" لا يصبح هو ذلك الافاق المحتال كما يبدو على السطح، وانما هو الانسان الباحث عن الدفء الانسانى فى عالم تكتنفه برودة المشاعر وغليان الغرائز، وفى "ضد الحكومة" يبدو كذئب شارك فى برية المجتمع، باحثا عن ضحاياه ليعود انسانا عندما يصبح هو نفسه واحدا من الضحايا.

وشيئا فشيئا كانت افلامه الاخيرة تعكس مزيجا من الحزن والشجن الغامضين، لكن الاهم انها كانت تقدم وجها من الاوجه العديدة بداخل احمد زكى، حتى تكاد الشعرة الرقيقة الفاصلة بين الشخصية والفنان تختفى فى فيلم "هيستريا" نراه فى دور زين، هاوى الغناء، فى كل مكان وبلا حدود، لا يتخذ الفن مهنة بل عشقا يستولى عليه حتى النخاع، يابى اذا انطلقت حنجرته بالغناء الا ان يندمج وينسى كل ما حوله، أو بالاحرى يندمج ويذوب فى كل من وما حوله، ويؤمن بان "الحياة عايزة شوية جنان عشان نعرف نعيش"، وفى فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" نراه فى دور سيد غريب، الفنان الحقيقى بداخل رجل يعمل مصورا فوتوغرافيا فى احدى المدن الريفية الصغيرة، لا يلتقط صورا حية واناس فى هيئتهم الخارجية، لكنه يحاول دائما - دون ان يشعر بالملل او يستسلم لعادة المهنة - ان يستخرج الجوهر من وراء المظهر، لا تنتهى مهمته عند التقاط الصورة لكنها تمتد الى اضافة اللمسات عليها ووضعها داخل "البرواز" الملائم ويشعر بالسعادة عندما يجلس وحيدا وسط الاف الصور. وها هو اخيرا فى "ارض الخوف" يواجه الاختيار المأساوى فى مهمة غامضة: "أنت مش ها تمثل الفساد، ده مش دور على مسرح لازم تبقى فاسد فعلا" وكان عليه الا يكتفى ابدا بتقمص الشخصية التى يمثلها وانما يصبح هو الشخصية ذاتها، مما يدفعه احيانا الى حافة الحياة واحيانا أخرى الى حافة الموت، ومن الحق القول ان الشخصيات المتعددة التى يمثلها الفنان الاصيل تترك بصماتها على شخصيته الحقيقية لكن احمد زكى ترك ايضا الكثير من نفسه فى كل شخصية قام بتمثيلها وهو مثلها خاض المهمة الغامضة فى "ارض الخوف" متنقلا من مرحلة الى أخرى وفى كل مرحلة كان يكتشف شيئا جديدا، لكنه مع كل اكتشاف كان يدرك ان الذكريات والاحلام والاوهام والحقائق تذوب معا، وعلى الرغم من شعوره بالضياع والقلق فى "ارض الخوف" فانه كان يردد على الدوام: "مازلت احن الى حياتى فى ارض الخوف، لكننى لم اعد املك القدرة على ان اعود اليها"!

طبيبه المعالج صرخ فى فريق العمل: حرام عليكم

قارئة الفنجان سر تدهور حالة أحمد زكى الصحية 

بينما تكتب هذه السطور يرفع كل جمهور ومحبى وعشاق الفنان القدير أحمد زكى أكفهم بالدعاء إلى الله بأن يكتب له الشفاء والنجاة من هذا الخبيث الذى ينهش فى جسده، ترفع كل الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج أياديهم بالدعاء ليخفف الله آلام أحمد، وينجيه من المحنة الخطيرة التى يمر بها.. يارب من أجلنا اكتب له النجاة.

فقد أكد الفريق الطبى المعالج له أن حالته الصحية استقرت نسبيا ـ حتى كتابة هذه السطور ـ وأنه تم إيقاف حالة التدهور السريع التى جرت خلال الأيام القليلة الماضية دون أن يطرأ أى تحسن ملحوظ اللهم إلا النجاح فى فتح بعض الأوردة، وإن كان هناك حالة من عدم التفاؤل تسود وسط الفريق الطبى المعالج.

والدكتور ياسر عبد القادر أعلن أن حالته الصحية استقرت عند هذا الحد، وهو ما أكدته التحاليل التى أجريت له على الكبد والكليتين والتى جاءت نتائجها من ناحية الوظائف الحيوية سليمة بالرغم من انتشار السرطان بهما، وأن احمد زكى بدأ منذ يوم الخميس الماضى فى تناول الغذاء عن طريق الحقن بالوريد بعد أن بدأت الأوردة تستجيب لذلك، غير أن العلاج مازال قاصرا فقط على المسكنات حتى يحدث تحسن ملموس فى صحة أحمد يبدأ بعدها وفى ضوء ما سيتضح إذا ما كان سيتم استكمال العلاج بالكيماوى أم لا، وإذا ما كانت حالته تستدعى السفر للخارج أم يستكمل علاجه فى القاهرة، وهو ماسيتضح خلال الساعات القليلة المقبلة.

كان الفنان احمد زكى مر بمرحلة صحية حرجة جدا منذ بداية الأسبوع الماضى نتيجة لمضاعفات الورم السرطانى بالرئتين، حيث أدى إلى العديد من المشاكل الصحية المتتابعة ومنها الجلطات المتكررة بالرقبة والساقين.

وكان د. محمد عوض تاج الدين وزير الصحة قبل سفره إلى تونس منتصف الأسبوع الماضى، يباشر حالة أحمد أولا بأول، وأكد أنه رغم العلاج المكثف الذى شارك فيه خبراء الأورام فى مصر والخارج، إلا انه حدث انتشار سريع للمرض فى الكبد والبطن والغدد الليمفاوية، وأصيب احمد بالتهاب رئوى حاد وضيق فى الشعب الهوائية أدى إلى تدهور حالته الصحية وحدوث الأزمة الأخيرة.

على جانب آخر كان آخر مشهد صوره الفنان الكبير أحمد زكى قبل حدوث أزمته الأخيرة فى فيلم "حليم"، يوم الخميس قبل الماضى الثالث من مارس، وكان مشهد ليل خارجى لعبد الحليم حافظ أمام مسرح مدرسة السعدية بالجيزة، وهو مشهد استقبال الجمهور لحليم عند وصوله المسرح قبل أن يصعد ويغنى "قارئة الفنجان"، التى كان أحمد قد انتهى من تصويرها بالفعل، واستغرق تصوير المشهد ما يقرب من الساعة، تغلب فيها أحمد على آلامه ليظهر عكس ما يشعر به، وذلك فى ظل أجواء مليئة بالأتربة والزوابع، وكان هذا بداية الأزمة الصحية وتدهور حالته لتصل إلى مرحلة ذروة الألم، فى حين وقف الطبيب المرافق لأحمد فى الأستوديو منزعجا جدا لأنه الوحيد الذى كان يعلم تماما ما يمر به أحمد زكى ومدى تدهور حالته الصحية، لدرجة أنه صرخ فى وجه فريق العمل قائلا: "حرام عليكم الإنسان العادى اللى مش مريض لا يحتمل التواجد وسط هذا الكم من التراب، فما بالكم به؟!".

تم الانتهاء من تصوير المشهد، حيث قضى أحمد زكى لأول مرة منذ بدء التصوير ساعة واحدة فقط فى الأستوديو، بعدها أعلن المخرج شريف عرفة توقف العمل بالفيلم وحصول الجميع على أجازة لحين الانتهاء من بناء ديكور شقة عبد الحليم حافظ فى أستوديو جلال بالعباسية حيث يتبقى التصوير بها لمشاهد احمد زكى لمدة ثلاثة أو أربعة أيام لتنتهى بذلك تقريبا مشاهد أحمد بالفيلم، فى حين سيتم تصوير بقية مشاهد عبد الحليم بالممثل الشاب يوسف الشريف خلال مرحلة الشباب، وذلك من خلال "فلاش باك" أو رجوع عبد الحليم بالذاكرة أثناء حوار يتم معه فى الفيلم، وهو ما سيتم الاعتماد عليه بشكل كبير، وعندما يحكى ويعود بالذاكرة تكون المشاهد بالممثل الشاب يوسف الشريف.

ومن المشاهد التى تم انتهاء أحمد زكى منها، مشاهده مع الممثل السورى جمال سليمان الذى يجسد دور الكاتب الراحل مصطفى أمين، ومشاهد حليم مع الفنانة الراحلة سعاد حسنى، وبعض أغنياته ومن بينها قارئة الفنجان، ورسالة من تحت الماء، فى مسرح عتاب بالهرم، ومشاهده مع كمال الطويل وأحمد فؤاد حسن، فى حين انتهى المخرج شريف عرفة من تصوير أغلب أحداث الفيلم وإن بقيت مشاهد لن يظهر بها أحمد زكى، كما انتهت الفنانة ماجدة الرومى من تسجيل أغنية "البرومو" وتترات المقدمة والنهاية، ليتبقى المشاهد التى سيصورها أحمد فى ديكورات شقة الزمالك وبعض المشاهد القليلة الأخرى فى الفيلم، الذى نتمنى من الله العلى القدير ألا يكون هو الفيلم الأخير فى حياة أحمد زكى وأن يمد الله فى عمره ويشفيه من أجله هو أولا ومن أجل عشاقه ومحبيه.. يارب.

العربي المصرية في

13.03.2005

 
 

موهبة سينمائية نادرة في مصر

أحمد زكي يصارع السرطان لإكمال حليم

جمهور السينما يتساءل هل سيتمكن احمد زكي من تحقيق حلم عمره بانهاء فيلم حليم قبل ان يتمكن منه المرض الخبيث

القاهرة - تعالى دعاء المصريين والعرب بالشفاء للفنان احمد زكي متمنيين ان يتمكن من اكمال فيلم "حليم" الذي يؤدي فيه دور العندليب الاسمر والذي ينتظر ان يقدم اجابات على الكثير من التساؤلات عن حياة المطرب الراحل التي اتسمت بعض محطاتها بالغموض.

ومن ابرز هذه النقاط الغامضة حقيقة علاقته بالفنانة الراحلة سعاد حسني وهل تزوجها حقا كذلك علاقته برجال ثورة 23 تموز/يوليو التي تغنى بها في اغانية الوطنية الى جانب طبيعة علاقته بالموسيقاريين الراحلين فريد الاطرش ومحمد عبد الوهاب ومحمد الموجي وعلاقاته النسائية المتعددة.

ولا يقدم العاملون في الفيلم اي اجابات على كل هذه الاسئلة المعلقة طالبين من السائلين ان "ينتظروا عرض الفيلم حتى يجيب على بعض تساؤلاتهم" رغم ان كاتب السيناريو محفوظ عبد الرحمن قال مؤخرا في مقابلة تلفزيونية انه "لم يستطع التطرق لكل شيء حيث ان اهالي المشاهير يقفون لنا بالمرصاد على كل مشهد طالبين منا ان نقدم اثباتا على كل حادثة نتطرق لها".

ومع كل هذا القلق الشعبي فان صاحب الشركة المنتجة للفيلم "جود نيوز" المخرج عادل اديب اكد انه "غير قلق على الانتهاء من تصوير الفيلم وذلك لان 90 في المائة من مشاهده الدرامية الاساسية تم تصويرها بالفعل".

وتابع "اما الـ10 في المائة المتبقية فهي اضافات ارادها المخرج شريف عرفة وكاتب السيناريو محفوظ عبد الرحمن واحمد زكي نفسه وتتعلق ببعض المشاهد الغنائية في المغرب وبعض المشاهد خلال فترة مرضه في بريطانيا".

واكد انه "متفائل جدا بقدرة احمد زكي على تجاوز محنته واستكمال تصوير المشاهد المتبقية خصوصا وان الاطباء يرون ان استجابة زكي للعلاج تتزايد مع العمل وانه هو نفسه طلب القيام بتصوير بعض المشاهد المتعلقة بمرض حليم خلال الاسبوع الحالي الا ان الاطباء ارجأوا ذلك الى الاسبوع المقبل في حالة استمرار استجابته للعلاج".

واوضح اديب ان "شركته وقعت مع احمد زكي بطولة خمسة افلام واحد منها من تاليف والده عبد الحي اديب وسيقوم هو نفسه باخراجه واخر للمخرج احمد ماهر وثالث للمخرج مجدي احمد علي الى جانب حليم ورسائل البحر لدواد عبد السيد".

ورفض اديب ذكر اسماء الافلام الثلاثة الاخرى

وقد تكاثرت دعوات الجمهور في الآونة الاخيرة بان يتخطي النمر الاسمر الذي ولد في محافظة الشرقية عام 1947 ازمته الصحية التي تفاقمت منذ ايام مع نقله الثلاثاء الى المستشفى في "حالة صحية حرجة".

وكان احمد زكي تعرض لاول ازمة صحية خطيرة قبل عام اكتشف الاطباء بعدها انه مصاب بسرطان في الرئة. وقد نقل في حينه الى باريس لتلقي العلاج. ثم استكمل العلاج في مصر.

وعلى الاثر تحسن وضعه الصحي وبدأ بتصوير فيلم عبد الحليم بعد ان اكد طبيبه الفرنسي انه يستطيع ان "يزاول نشاطه الفني بشكل طبيعي مع الحرص الشديد على ان يتجنب نزلات البرد والارهاق التي قد يتعرض لها"، بحسب ما ذكر مصدر طبي في 8 كانون الاول/ديسمبر 2004.

وكان احمد زكي قال في الحفل الذي اقامته الشركة المنتجة للفيلم احتفالا ببدء تصويره بحضور الغالبية العظمى من نجوم السينما المصريين وبعض النجوم العرب ان "حلم عمره كان تأدية دور عبد الحليم في فيلم خاص عنه خصوصا وان هناك الكثير من العناصر الحياتية المشتركة بينهما" حيث اشتركا في اليتم في طفولتهما كما اصيبا معا بداء البلهارسيا الذي اودت مضاعفاته بحياة العندليب الاسمر.

ويمتلك زكي قدرة هائلة على تقمص الشخصيات التي يؤديها فقد ادى دور عميد الادب العربي الدكتور طه حسين وفي السنوات الثماني الاخيرة قدم شخصيتي الرئيسيين الراحلين جمال عبد الناصر في "ناصر 56" وانور السادات في "ايام السادات".

ويعتبره نقاد السينما من اهم واكثر الممثلين المصريين موهبة في الخمسين عاما الاخيرة ومن اهم افلامه الاخرى "ارض الخوف" و"زوجة رجل مهم" و"الهروب" و"ضد الحكومة" و"امرأة واحدة لا تكفي".

موقع "ميدل إيست" في 14 مارس 2005

ميدل إيست أونلاين في

14.03.2005

 
 

أحمد زكي ليس بطل حليم  

الصدفة وحدها كشفت أن النجم المصري الكبير أحمد زكي الذي يعاني حاليا مضاعفات صحية بالغة ليس الوحيد الذي يقوم بدور العندليب الراحل عبد الحليم حافظ في الفيلم الجديد الذي يجري تصويره حاليا عن قصة حياته باسم مؤقت (حليم صورة شعب)، وأن شخصين آخرين يقومان مع زكي بالدور خلال الأحداث، أحدهما ابنه هيثم والأخر شبيه لعبد الحليم يعمل مطربا وممثلا لكنه غير مشهور رغم كونه نسخة منه.

ويقوم هيثم أحمد زكي الذي يلازم أباه حاليا بمستشفى دار الفؤاد القريبة من القاهرة بمشاركته بالتمثيل فى الفيلم حيث يقوم بدور عبد الحليم في مرحلة الشباب، وهو الأمر الذي أخفاه فريق العمل طوال الفترة الماضية التي تم فيها التركيز على تصوير مشاهد أحمد زكي نظرا لحالته الصحية المتفاقمة.

أما بالنسبة للشبيه المغمور فقد التقته العربية.نت يوم الجمعة، ويدعى حامد سيد على واسم شهرته (حامد نجم)، وهو قريب الشبه من العندليب الراحل بشدة كما أنه يستطيع تقليد صوته وحركاته بطريقة متقنة، وهو أحد أعضاء جمعية محبي عبد الحليم حافظ التي تنظم احتفالية سنوية في ذكرى وفاته .

وقال نجم لـ”العربية.نت” إنه تلقى اتصالا من مخرج الفيلم شريف عرفه أخبره فيه أنه سيشارك معهم في التصوير وحدد له موعدا ذهب فيه للتصوير باستديو جلال بالقاهرة، لكنه لم يصور لحدوث مضاعفات في حالة أحمد زكي أربكت الجميع مما اضطرهم لإلغاء التصوير في ذلك اليوم.

بعدها اتصل به المخرج ثانية وحدد له موعد التصوير في مدرسة (السعيدية) المجاورة لجامعة القاهرة، وذهب بالفعل ليجد زكي يقوم بتصوير مشهد يتجمع حوله الجمهور فيه، لكنه لم يستطع إكماله بسبب إرهاق شديد ظهر عليه، وكان هذا اليوم الذي نقل فيه للمستشفى، فقام حامد الذي كان يقف بعيدا بتصوير نفس المشهد بدلا من أحمد زكي، وأجاد تأديته باعتراف المخرج وفريق العمل.

وعقب انتهاء المشهد أخبره المخرج شريف عرفه أن يكون مستعدا للمشاركة في الفيلم، وهو ما يعني أنه سيستكمل مشاهد أحمد زكي التي لا يمكنه القيام بها أو يستكمل بقية المشاهد إذا لم يتمكن النجم الكبير من إكمال تصوير الفيلم لأي سبب.

كان الأمر بالنسبة لحامد نجم حلما لم يفق منه حتى اليوم حسب قوله، حيث أنه كان ينتظر طوال عمره فرصة لإظهار موهبته كمطرب وممثل حيث درس بمعهد الموسيقى العربية، وشارك في عدد من المسلسلات المصرية بالفعل مثل (رجل طموح) مع خالد النبوي ومادلين طبر والمخرج صفوت القشيري، كما نال المراكز الأولى في الكثير من المسابقات الغنائية التي كان يقوم فيها جميعا بغناء أغنيات عبد الحليم حافظ الشهيرة، ومنها مسابقات بإذاعة صوت العرب.

تجدر الإشارة إلى أن حالة زكي الصحية بدأت في التحسن تدريجيا وينتظر أن يعاود التصوير في القريب وإن كان الأطباء قد أكدوا أنه لابد أن يخلد للراحة التامة حتى لا يتكرر ما حدث من قبل بسبب الإجهاد الشديد، حيث كان زكي يقضي أكثر من ستة عشر ساعة في التصوير مما مكنه من الانتهاء من جزء كبير من أحداث الفيلم تجاوزت 80 % .

موقع "القناة" في

14.03.2005

 
 

طارق الشناوي يكتب:

أحمد زكي.. شاعر المطحونين.. وترمومتر الموهوبين

* عبقرية الأداء عنده جعلته رمزا لجيل بأكمله من الممثلين.. مثلما كان عبدالحليم رمزاً لجيل من المطربين

* إنه هلال عندما يستيقظ من نومه.. ويصبح قمرا مكتملا فقط عندما يقف أمام الكاميرا 

في بداية عملي بالصحافة تحت التمرين وأنا لا أزال طالبا بكلية الإعلام التقيت به في مكتب المخرج والمنتج الراحل سيد عيسي الذي وقع اختياره علي أحمد زكي وأسند له بطولة فيلم »شفيقة ومتولي« أمام سعاد حسني!!

كنت في تلك السنوات نهاية السبعينيات- واعترف بأني لا أزال ـ أعشق الأخبار الساخنة وجاءت لي الفرصة التي لا تعوض، سيد عيسي يفتح النار علي نجمة النجمات سعاد حسني لأنها لم تستكمل تصوير الفيلم في قرية بشلا بمحافظة الدقهلية، حيث إن سيد عيسي أقام استوديو للتصوير هناك.. كانت سعاد تماطل في التنفيذ وسيد عيسي يطلق قذائف نارية عليها وأنا ألتقط منه هذه القذائف وأسلجها علي شريط كاسيت استعدادا لنشرها علي صفحات روزاليوسف.. كان يتابع الحوار صامتا »أحمد زكي« النجم الجديد ولم يعلق بشيء، لم يهاجم سعاد مؤيدا لكلمات سيد عيسي كما أنه لم يدافع عن سعاد رفضا لكلمات سيد عيسي!!

غادرت مكتب سيد عيسي وأنا أقفز فرحا علي درجات السلم ولكني استمعت إلي وقع أقدام تلاحقني وإذا به »أحمد زكي«، استوقفني وأخذ يحدثني عن مأساة جيل من الفنانين ينتظر أن تأتي له فرصة البطولة وأن هناك من أضاع سنوات عمره في الانتظار، ولم يجن إلا الانتظار!!

وإن الصحافة ليست للفنانين وعليها دور مهم وحيوي في تقريب وجهات النظر وكانت هذه هي المقدمة لكي يصل إلي هدفه وهو أن نشر هذه الكلمات النارية التي اطلقها سيد عيسي علي سعاد حسني لن تؤدي سوي إلي إيقاف مشروع الفيلم وتضيع عليه فرصة البطولة.. وأثناء سيرنا علي الأقدام في وسط البلد في شارعي الألفي، حيث مكتب سيد عيسي وعماد الدين والشوارع المحيطة كان عدد قليل من الجمهور قد بدأ التعرف علي ملامح أحمد زكي لم يكن أحد يعرف اسمه.. أحمد زكي ولكنهم يعرفون أنه أحمد ـ الشاعر ـ دوره في مسرحية مدرسة المشاغبين التي لعب بطولتها عادل إمام وسعيد صالح ويونس شلبي ولا أخفي سعادتي وأنا أسير مع شخصية مشهورة أو شبه مشهورة يكفي أن الناس تشير عليه مؤكدة أنه »أحمد الشاعر«.

لست أدري بمدي سعادة »أحمد« بهذا الإنجاز الذي حققه في تلك السنوات علي صعيد الشهرة، ولكنه حرص علي أن يدخل إلي محل فول وطعمية شهير ليكمل الحوار علي ساندوتيش فول ساخن وشاي في ـ الخمسينة ـ واستطاع أحمد زكي أن يقنعني بأن اخفض من قسوة كلمات »سيد عيسي« حتي لا تزداد النيران اشتعالا وأن أقدم الوجه الآخر من الصورة وهو حوار مع سعاد حسني ولم أتمكن في تلك السنوات من الوصول إلي سعاد حسني ولم تنجح محاولات أحمد في هذا الشأن مع سعاد التي كانت شحيحة جدا في لقاءتها الصحفية وكانت الأحداث أسرع مني ومن أحمد زكي ومن سعاد، حيث تفاقمت الأزمة بين سعاد وسيد وتم إسناد الفيلم إلي زوجها في تلك السنوات المخرج علي بدرخان، واحتفظ أحمد زكي بدوره »متولي«، وإن كان قد تحول في الفيلم إلي كومبارس رغم أنه في الأسطورة الشعبية كان بطلا موازيا لشقيقته »سعاد«.. إلا أن الدقائق القليلة التي اطل من خلالها أحمد زكي علي الشاشة كانت كفيلة بأن تستوقف الجميع بهذا الحضور الطاغي وبدأت علاقة وطيدة جدا بين أحمد زكي والنقاد السينمائيين الذن أبدوا حماسهم له.. ومنذ ذلك الحين هناك حالة من المراهنة علي »أحمد زكي« صحيح أنه قدم أدوارا في أفلام اسبق مثل »بدور« و»أبناء الصمت« و»صانع النجوم« و»العمر لحظة« و»وراء الشمس«.. لكن »متولي« كان له سحر خاص وكان له محطة قصيرة مع يوسف شاهين بعدها في »إسكندرية ليه« ليصعد إلي »الباطنية« أمام نادية الجندي ليصفق له الجمهور في نهاية الفيلم.. كانت صالة العرض تشهد تعاطفاً غير مسبوق مع أحمد زكي، ورغم أن الفيلم بطولة نادية الجندي وفريد شوقي ومحمود يس. إلا أن المخرج حسام الدين مصطفي راهن علي أحمد زكي بطلا قادما وكتب سامي السلاموني قائلا: الإيجابية الملحوظة في هذا الفيلم هي أن أحمد زكي في أول فرصة حقيقية له في السينما يسرق الكاميرا من الكبار!!

وتحول أحمد زكي إلي رمز لجيل من المطحونين وإلي أمل لجيل من الموهوبين الذين لا يزالون يبحثون عن فرصة ما فهو بملامحه السمراء يمتلك مواصفات مغايرة تماما لما تعودت عليه السينما المصرية.. ولكن لا أتصور أن البشرة السمراء هي فقط عمق الإضافة التي منحها »أحمد زكي« لقائمة نجوم السينما.. الأهم هو بساطة الأداء وتلقائيته.. كانت تلك هي الشفرة التي عبرت بأحمد زكي إلي قلوب الناس!!

ولا أظن أن أحمد زكي بعد »الباطنية« كان قادرا علي أن يتجول ببساطة في شوارع القاهرة، كما تعود قبل ذلك ولا أتصور أن هناك من ظل يناديه بأحمد الشاعر لأن نجاح الباطنية كان كفيلا بتحقيق ذيوع لاسمه ـ زكي ـ وتحول أحمد من شاعر لجيل يبحث عن فرصة.. إلي ـ ترمومتر ـ لجيل كامل وفن أداء الممثل.. أصبح أحمد زكي هذا الترمومتر الذي تقاس خلاله نجومية وصدق إبداع النجوم.

هناك مقارنة ما لا شعورية نعقدها دون أن ندري مع كل نجم يطل علي الشاشة في جيل ما بعد.. أحمد زكي لنعرف مدي اقترابه أو ابتعاده عن مؤشر هذا الترمومتر الإبداعي الشهير بأحمد زكي وهو ما حدث مثلا قبل ذلك منذ بداية الخمسينيات مع »عبدالحليم حافظ« في عالم الطرب والغناء كل من ظهر بعد عبدالحليم كانت الجماهير تضعه تحت اختبار ترمومتر »عبدالحليم« وهو ما تحقق في عالم التمثيل منذ الثمانينيات مع نجمنا الأسمر.. أحمد زكي شأنه شأن كل النجوم لا تلمع موهبته إلا بمقدار ما تستفز طاقته الإبداعية أدوارا وشخصيات تخاطب شيئا صميماً في أعماقه، ولهذا بين »55« فيلما قدمها للسينما اختلفت معه في عدد منها عندما وجدت أنه يبدد طاقته الإبداعية فيما لا طائل من ورائه لأن القدرة الإبداعية تنشط فقط لدي أحمد في أفلام مثل »طائر علي الطريق« و»الحب فوق هضبة الهرم« و»البريء« و»الهروب« و»اضحك الصورة تطلع حلوة« و»زوجة رجل مهم« و»أحلام هند وكاميليا« و»أرض الخوف« و»كابوريا«، وغيرها.. ظل أحمد زكي هو حلم جيل الثمانينيات من المخرجين إنه دائما هو المرشح رقم واحد لبطولة أفلام محمد خان وعاطف الطيب وخيري بشارة وداود عبدالسيد.. كان عاطف الطيب عندما يرشح أحمد زكي لدور ما ثم يعتذر ويسند الدور لنجم آخر يقول نجم أد الدور باقتدار، كما تخيلته تماما.. أما لو كان أحمد زكي هو الذي أدي الدور، فإنه يفاجئني بما لم أكن أتوقعه.. أحمد زكي يدهش في أدائه ليس الجمهور فقط ولكن صناع العمل الفني أنفسهم الذين يفاجأون بتلك اللمحات الخاصة التي يمنحها للشخصية علي الورق.

إن أحمد زكي لا يتحقق إنسانيا إلا أمام الكاميرا ولهذا تتقمصه الأدوار قبل أن يتقمصها.. يحلم بها وتحلم به.. صاحب الرصيد الأكبر من الجوائز التي اقتنصها خلال رحلته.. وهو أيضا صاحب الجماهيرية الضخمة في شباك التذاكر، وهو أكثر نجم احتفي به وبإبداعه نقاد السينما علي مدي ربع قرن من الزمان.. إنه شاعر المطحونين وترمومتر الموهبين.. إنه حالة خاصة لا تتنفس سوي أوكسجين الإبداع ولهذا يتمني أحمد زكي أن يغادر خلسة غرفته بالمستشفي ليكمل تصوير فيلمه »حليم«، ثم لا يعود للمستشفي لكنه يواصل أحلامه أقصد حياته لأنه خلق لكي يتحقق فقط أمام الكاميرا!!

إنه »هلال« عندما يستيقظ من نومه لكنه »قمر« مكتمل فقط عندما يقف أمام الكاميرا!!

جريدة القاهرة في

15.03.2005

 
 

يدٌ للرب ويدٌ للـحب.. من أجل أحمد زكي

(1)

نقاد السينما يعتبرونه من اهم الممثلين موهبة منذ زمن

فنان قل أن تجد مثيله وسط هذا الكم الهائل من الممثلين

كيف تقاطعت حياته مع حياة حليم في ظروف متشابهة؟

يصف نفسه بالبساطة وبأن لديه أحاسيس يريد التعبير عنها

تعالى دعاء المصريين والعرب بالشفاء للفنان احمد زكي متمنيين ان يتمكن من اكمال فيلم»حليم« الذي يؤدي فيه دور العندليب الاسمر والذي ينتظر ان يقدم اجابات على الكثير من التساؤلات عن حياة المطرب الراحل التي اتسمت بعض محطاتها بالغموض.

ومن ابرز هذه النقاط الغامضة حقيقة علاقته بالفنانة الراحلة سعاد حسني وهل تزوجها حقا، كذلك علاقته برجال ثورة ٣٢ يوليو التي تغنى بها في اغانية الوطنية الى جانب طبيعة علاقته بالموسيقاريين الراحلين فريد الاطرش ومحمد عبد الوهاب ومحمد الموجي وعلاقاته النسائية المتعددة.

ولا يقدم العاملون في الفيلم اي اجابات على كل هذه الاسئلة المعلقة طالبين من السائلين ان »ينتظروا عرض الفيلم حتى يجيب على بعض تساؤلاتهم« رغم ان كاتب السيناريو محفوظ عبد الرحمن قال مؤخرا في مقابلة تلفزيونية انه »لم يستطع التطرق لكل شيء حيث ان اهالي المشاهير يقفون لنا بالمرصاد على كل مشهد طالبين منا ان نقدم اثباتا على كل حادثة نتطرق لها«.

ومع كل هذا القلق الشعبي فان صاحب الشركة المنتجة للفيلم »جود نيوز« المخرج عادل اديب اكد لوكالة فرانس برس انه »غير قلق على الانتهاء من تصوير الفيلم وذلك لان ٠٩ في المائة من مشاهده الدرامية الاساسية تم تصويرها بالفعل«.

وتابع »اما الـ٠١ في المائة المتبقية فهي اضافات ارادها المخرج شريف عرفة وكاتب السيناريو محفوظ عبد الرحمن واحمد زكي نفسه وتتعلق ببعض المشاهد الغنائية في المغرب وبعض المشاهد خلال فترة مرضه في بريطانيا«.

واكد انه »متفائل جدا بقدرة احمد زكي على تجاوز محنته واستكمال تصوير المشاهد المتبقية خصوصا وان الاطباء يرون ان استجابة زكي للعلاج تتزايد مع العمل وانه هو نفسه طلب القيام بتصوير بعض المشاهد المتعلقة بمرض حليم خلال الاسبوع الحالي الا ان الاطباء ارجأوا ذلك الى الاسبوع المقبل في حالة استمرار استجابته للعلاج«.

واوضح اديب ان »شركته وقعت مع احمد زكي بطولة خمسة افلام واحد منها من تاليف والده عبد الحي اديب وسيقوم هو نفسه باخراجه واخر للمخرج احمد ماهر وثالث للمخرج مجدي احمد علي الى جانب »حليم« و»رسائل البحر« لدواد عبد السيد« ورفض اديب ذكر اسماء الافلام الثلاثة الاخرى.

وقد تكاثرت دعوات الجمهور في الاونة الاخيرة بان يتخطى النمر الاسمر ازمته الصحية التي تفاقمت منذ ايام مع نقله الى المستشفى في »حالة صحية حرجة«، بحسب ما ذكر مصدر مقرب منه لوكالة فرانس برس.

وكان احمد زكي تعرض لاول ازمة صحية خطيرة قبل عام اكتشف الاطباء بعدها انه مصاب بسرطان في الرئة. وقد نقل في حينه الى باريس لتلقي العلاج. ثم استكمل العلاج في مصر.

وعلى الاثر تحسن وضعه الصحي وبدأ بتصوير فيلم عبد الحليم بعد ان اكد طبيبه الفرنسي انه يستطيع ان »يزاول نشاطه الفني بشكل طبيعي مع الحرص الشديد على ان يتجنب نزلات البرد والارهاق التي قد يتعرض لها«، بحسب ما ذكر مصدر طبي في ٨ ديسمبر ٤٠٠٢.

وكان احمد زكي قال في الحفل الذي اقامته الشركة المنتجة للفيلم احتفالا ببدأ تصويره بحضور الغالبية العظمى من نجوم السينما المصريين وبعض النجوم العرب ان »حلم عمره كان تادية دور عبد الحليم في فيلم خاص عنه خصوصا وان هناك الكثير من العناصر الحياتية المشتركة بينهما« حيث اشتركا في اليتم في طفولتهما كما اصيبا معا بداء البلهارسيا الذي اودت مضاعفاته بحياة العندليب الاسمر.

نشأة أحمد زكي

اسمه بالكامل »احمد زكى عبد الرحمن«، من مواليد مدينه الزقازيق عام ٩٤٩١. بعد وفاه والده وزواج والدته تربى احمد زكي في رعاية جده.

 دخل المدرسة الصناعية حيث شجعه الناظر على التمثيل المسرحي.. التحق بعدها بمعهد الفنون المسرحية وأثناء دراسته بالمعهد شارك في مسرحيه »هالو شلبي«.. ثم تخرج عام ٣٧٩١ وكان الأول على دفعته.. بداياته الفنية الحقيقية كانت مع المسرح الذي قدم له أكثر من عمل ناجح مثل »مدرسه المشاغبين« و»العيال كبرت«.. يعتبر »احمد زكي« اليوم من ابرز نجوم السينما المصرية لما قدمه من أفلام متميزة بداية من »بدور« عام ٤٧٩١ وحتى »ارض الخوف« ٩٩٩١.

وكما لمع اسمه في المسرح و السينما تألق أيضا الفنان الأسمر في التليفزيون فكان له عده مسلسلات التي نذكر منها »الأيام« و»هو و هي« و»الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين«..

 حصل »احمد زكي« على العديد من الجوائز على مدار مشواره الطويل مع الفن وقدم للسينما مجموعه من أهم أعمالها التي منها »أبناء الصمت« عام ٤٧٩١ و»شفيقة ومتولي« عام ٨٧٩١، و»عيون لا تنام« ١٨٩١.

ومن أفلامه في الثمانينات »الراقصة والطبال« و»النمر الأسود« و»البيه البواب« و»زوجة رجل مهم.. و أخيرا في التسعينات نذكر له »ضد الحكومة« و»استاكوزه« و»ناصر ٦٥« و»هستيريا« و»اضحك الصورة تطلع حلوه« وغيرها كثيرا..

تزوج الفنان »احمد زكي« من الممثلة الراحلة »هاله فؤاد« و له منها ابنه الوحيد »هيثم«.

بدايته مع الفن

النجم الأسمر أحمد زكي، يستحق بجدارة لقب نجم الثمانينات، بل ونجم مستقبل السينما المصرية أيضا. فنحن أمام فنان مجتهد جدا، يهتم كثيراً بالكيف على حساب الكم، يلفت الأنظار مع كل دور جديد يقدمه، وأعماله تشهد له بذلك، منذ أول بطولة له في فيلم شفيقة ومتولي وحتى الآن، مروراً بأفلام إسكندرية ليه، الباطنية، طائر على الطريق، العوامة ٠٧، عيون لاتنام، النمر الأسود، موعد على العشاء، البريء، زوجة رجل مهم، والعديد من الأفلام التي حققت نجاحات كبيرة على مستوى الجماهير والنقاد على السواء.

طريق صعب، ومليء بالإحباطات والنجاحات، هذا الذي قطعه أحمد زكي حتى يصل الى ما وصل إليه من شهرة وإحترام جماهيري منقطع النظير، جعله يتربع على قمة النجومية. حصد العديد من الجوائز المحلية والدولية، وإحتكر جوائز أفضل ممثل مصري لعدة أعوام متلاحقة.

ولد أحمد زكي عام ٩٤٩١ بالزقازيق )محافظة الشرقية(، وأهل هذه المحافظة مشهورون بالكرم الزائد، حتى قيل عنهم بأنهم عزموا القطار. وأحمد زكي )شرقاوي( وهو يذوب رقة وخجلا.

يحدث المرأة فلا يتطلع لعينيها أو لوجهها. ويحدث الرجال الكبار بإحترام شديد، ويعامل أقرانه بمودة متناهية، ويكفي أن تلقاه مرة واحدة حتى ترفض كل دعاوي الغرور التي تلتصق به، وترد السهام التي يطلقونها عليه الى صدور مطلقيها، وتصيح بأن أحمد زكي فتى نقي بريء.

مات والده وهو في عامه الأول، وتزوجت والدته بعد رحيل الوالد مباشرة.. فتعلقت بأهداله كلمة يتيم، وتغلغلت في كل تفاصيل عينيه، فعاش حتى الآن في سكون مستمر، يتفرج على ما يدور حوله دون أن يشارك فيه. ولهذا أصبح التأمل مغروساً في وجدانه بعمق، حتى أصبح خاصية تلازمه في كل أطوار حياته.

وعندما أراد أحمد زكي أن يهرب من وحدته بأية طريقة، بل أراد أن يهرب من حزن عينيه حين كره كلمة يتيم، كان يهرب الى بيوت الأصدقاء ليحاول أن يضحك، وكانت قدماه تتآكلان وهما تأكلان أرصفة الشوارع، حتى ظن الطفل الطري العود أنه كبر قبل الأوان. والذي ساهم في تكبير الطفل أكثر، هذا الصدام المتواصل بينه وبين العالم الخارجي، لم يضحك بما فيه الكفاية، ولم يبك بما فيه الكفاية.. ولكنه صمت بما فيه الكفاية. وحين أراد أن يهرب الى الكلام، وجد في المسرح متنفسه، فالتحق بعالمه يوم كان يكمل دراسته الثانوية، ولحسن حظه بأن ناظر المدرسة كان يهوى التمثيل.

أما أحمد زكي فصار في فترة وجيزة هاوياً للتمثيل والإخراج المسرحي على مستوى طلاب المدارس.

وهذا معناه بأن أحمد زكي قد اكتشف الفن في أعماقه مبكرا، فكان رئيس فريق التمثيل في مدرسته الإبتدائية، ومدرسته الإعدادية، ثم مدرسة الزقازيق الثانوية. وهكذا تحدد طريقه الى المعهد العالي للفنون المسرحية، الذي تخرج منه عام ٣٧٩١ من قسم التمثيل بتقدير ممتاز، وهو نفس التقدير الذي حصل عليه في كل سنوات الدراسة.

لقد لمس أحمد زكي قلوب الناس وسط عاصفة من الضحك.. . وترجمت هذه الأعمال المتفوقة الى جوائز، وهنا بدأت الحرب عليه، وذلك للحد من خطورته. ومصدر الخطر فيه تحدد في ثلاثة مواقف سينمائية وتليفزيونية:

الموقف الأول حين قام بدور البطولة في مسلسل الأيام، فقد قام بدور طه حسين، وعندما أجرى النقاد مقارنة بينه وبين محمود ياسين، الذي قام بنفس الدور في السينما. وحين تجري المقارنة بين من مثل مائة فيلم، وبين من مثل خمسة أفلام ومسلسل، فمعنى هذا أن أحمد زكي قفز الى مكانة لم يسبقه اليها أحد !

والموقف الثاني برز حين قام بدور البطولة في فيلم شفيقة ومتولي، أمام سعاد حسني. ولا يهم ما قيل في الفيلم أو في سعاد حسني، إنما المهم هو البادرة بحد ذاتها، والتي هي إصرار سعاد حسني أن يكون أحمد زكي هو بطل الفيلم.

والموقف الثالث كان في دور ثانوي، هو دوره في فيلم الباطنية، بين عملاقين سينمائيين هما فريد شوقي ومحمود ياسين، حيث أن الجوائز إنهالت على أحمد زكي وحده، وهي شهادة من لجان محايدة على أنه، ورغم وجود العملاقين، قد ترك بصماته في نفوس أعضاء لجان التحكيم.

بعدها جاء فيلم طائر على الطريق، وجاءت معه الجائزة الأولى.. وهكذا وجد أحمد زكي لنفسه مكاناً في الصف الأول، أو بمعنى أصح حفر لنفسه بأظافره طريقاً الى الصف الأول !! وقد كان عام ٢٨٩١، هو الإنطلاقة الحقيقية لهذا الفنان الأسمر.

أما في عام ٣٨٩١، وخلافاً لكل التوقعات، فقد رأينا أحمد زكي منسحباً عن الأضواء والسينما بنسبة ملحوظة، ليعود في العام ٤٨٩١ أكثر حيوية ونشاطا. ومن العجيب أن هذا الشاب الريفي، البعيد الوسامة، جاء الى عاصمة السينما العربية، مفتوناً برشدي أباظة، المعروف بوسامته.

والحديث عن هذا النجم الكبير وعن مشواره الفني، لا يمكن إلا أن يكون في صالحه.. يقول زكي في احدى المقابلات ذات مرة:

جئت الى القاهرة وأنا في العشرين: المعهد، الطموح والمعاناة والوسط الفني وصعوبة التجانس معه، عندما تكون قد قضيت حياتك في الزقازيق مع أناس بسطاء بلا عقد عظمة ولا هستيريا شهرة.

ه ويكبتها.

المثقفون يستعملون كلمة إكتئاب، ربما أنا مكتئب، أعتقد أنني شديد التشاؤم شديد التفاؤل. أنزل الى أعماق اليأس، وتحت أعثر على أشعة ساطعة للأمل. لدي صديق، عالم نفساني، ساعدني كثيراً )في السنوات الأخيرة( ويؤكد أن هذا كله يعود الى الطفولة اليتيمة، أيام كان هناك ولد يود أن يحنو عليه أحد ويسأله ما بك.

في العاشرة كنت وكأنني في العشرين.. في العشرين شعرت بأنني في الأربعين. عشت دائماً أكبر من سني.. وفجأة، يوم عيد ميلادي الثلاثين. أدركت أن طفولتي وشبابي نشلا.. حياتي ميلودراما كأنها من أفلام حسن الإمام. والدي توفي وأنا في السنة الأولى. أتى بي ولم يكن في الدنيا سوى هو وأنا، وهاهو يتركني ويموت. أمي كانت فلاحة صبية، لا يجوز أن تظل عزباء، فزوجوها وعاشت مع زوجها، وكبرت أنا في بيوت العائلة، بلا أخوة. ورأيت أمي للمرة الأولى وأنا في السابعة.. ذات يوم جاءت الى البيت إمرأة حزينة جدا، ورأيتها تنظر اليّ بعينين حزينتين، ثم قبلتني دون أن تتكلم ورحلت. شعرت بإحتواء غريب. هذه النظرة الى الآن تصحبني، حتى اليوم عندما تنظر اليّ أمي فالنظرة الحزينة ذاتها تنظر. في السابعة من عمري أدركت أنني لا أعرف كلمة أب وأم، والى اليوم عندما تمر في حوار مسلسل أو فيلم كلمة بابا أو ماما، أشعر بحرج ويستعصي عليّ نطق الكلمة.

عندما كنت طالباً في مدرسة الزقازيق الثانوية، كنت منطويا جداً لكن الأشياء تنطبع في ذهني بطريقة عجيبة: تصرفات الناس، إبتساماتهم، سكوتهم. من ركني المنزوي، كنت أراقب العالم وتراكمت في داخلي الأحاسيس وشعرت بحاجة لكي أصرخ، لكي أخرج ما في داخلي. وكان التمثيل هو المنفذ، ففي داخلي دوامات من القلق لاتزال تلاحقني، فأصبح المسرح بيتي. رأيت الناس تهتم بي وتحيطني بالحب، فقررت أن هذا هو مجالي الطبيعي.

بعد ذلك بفترة إشتركت في مهرجان المدارس الثانوية ونلت جائزة أفضل ممثل على مستوى مدارس الجمهورية. حينها سمعت أكثر من شخص يهمس: الولد ده إذا أتى القاهرة، يمكنه الدخول الى معهد التمثيل. والقاهرة بالنسبة اليّ كانت مثل الحجاز، في الناحية الأخرى من العالم. السنوات الأولى في العاصمة.. يالها من سنوات صعبة ومثيرة في الوقت ذاته. من يوم ما أتيت الى القاهرة أعتبر أنني أجدت مرتين. في إمتحان الدخول الى المعهد ويوم التخرج.

ويواصل أحمد زكي.. ويقول: ثلاثة أرباع طاقتي كانت تهدر في تفكيري بكيف أتعامل مع الناس، والربع الباقي للفن، أصعب من العمل على الخشبة الساعات التي تقضيها في الكواليس.

 كم من مرة شعرت بأنني مقهور، صغير، معقد بعدم تمكني من التفاهم مع الناس. وسط غريب، الوسط الفني المصري.. مشحون بالكثير من النفاق والخوف والقلق.. أشاهد الناس تسلم على بعضها بحرارة، وأول ما يدير أحدهم ظهره تنهال عليه الشتائم ويقذف بالنميمة. مع الوقت والتجارب، أدركت أن الناس في النهاية ليست بيضاء وسوداء، إنما هناك المخطط والمنقط والمرقط والأخضر والأحمر والأصفر.. أشكال وألوان.

اليوم علينا معالجة الإنسان.. أنا لا أجيد الفلسفة ولا العلوم العويصة.. أنا رجل بسيط جداً لديه أحاسيس يريد التعبير عنها.. لست رجل مذهب سياسي ولا غيره، أنا إنسان ممثل يبحث عن وسائل للتعبير عن الإنسان، الإنسان في هذا العصر يعيش وسط عواصف من الماديات الجنونية، والسينما في بلادنا تظل تتطرق إليه بسطحية.

هدفي هو إبن آدم، تشريحه، السير ورائه، ملاحقته، الكشف عما وراء الكلمات، ماهو خلف الحوار المباشر. الإنسان ومتناقضاته، أي إنسان، إذا حلل بعمق يشبهني ويشبهك ويشبه غيرنا.. المعاناة هي واحدة.. الطبقات والثقافات عناصر مهمة، لكن الجوهر واحد. الجنون موحد.. حروب وأسلحة وألم وخوف ودمار، كتلة غربية وكتلة شرقية، العالم كله غارق في العنف نفسه والقلق ذاته. والإنسان هو المطحون. ليس هناك ثورة حقيقية في أي مكان من العالم.. هناك غباء عام وإنسان مطحون.

الشخصيات التي أديتها في السينما حزينة، ظريفة، محبطة، حالمة، متأملة.. تعاطفت مع كل الأدوار، غير أنني أعتز بشخصية إسماعيل في فيلم عيون لاتنام، فيها أربع نقلات في الإحساس.. في البداية الولد عدواني جداً كريه جدا،، وساعة يشعر بالحب يصبح طفلا.. الطفولة تجتاح نظرته الى العالم والى الآخرين.. لأول مرة الحب، وهاهو يبتسم كما الأطفال، ثم يعود يتوحش من أجل المال، ثم يحاول التبرئة، ثم يفقد صوابه.. كلها نقلات تقتضي عناية خاصة بالأداء. في عيون لاتنام جملة أتعبتني جدا، جعلتني أحوم في الديكور وأحرق علبة سجائر بأكملها.. مديحة كامل تسأل: إنت بتحبني يا إسماعيل ؟فكيف يجيب هذا الولد الميكانيكي الذي يجهل معنى الحب، وأي شيء عنه ؟ يجيبها: أنا ما عرفش إيه هو الحب، لكن إذا كان الحب هو أني أكون عايز أشوفك بإستمرار، ولما بشوفك ما يبقاش فيه غيرك في الدنيا، وعايزك ليّه أنا بس.. يبقى بحبك.

سطران ورحت أدور حول الديكور خمس مرات عشر.. لحظة يبوح إبن آدم بحبه، لحظة نقية جدا، لابد أن تطلع من القلب.. إذا لم تكن من القلب فلن تصل.. واحد ميكانيكي يعبر عن الحب، ليس توفيق الحكيم وليس طالباً في الجامعة، وإنما ميكانيكي يعيش لحظة حب.. هذه اللحظة أصعب لقطة في الفيلم.

على الشاشة

تألق أحمد زكي في شخصيات من الطبقة الفقيرة على الشاشة، البعيدة عن شخصية الأفندي التركي، وراح في كل مرة يقدم وجهاً أكثر صدقاً للمصري الأصيل، وإحتفظ بميزة التعبير عن الإنسان ذي المرجع الشعبي.. يفسر أحمد زكي ذلك القول: تغيرت السينما كثيراً عما كانت عليه وزادت الشخصيات تعقيدا. السينما الواقعية اليوم ليست تلك التي تنزل فيها الكاميرا الى الشارع فقط، بل أيضاً تلك التي تتحدث عن إنسان الحاضر بكل مشاكله وأفكاره ودواخله.

كما يرى أحمد زكي بأن التركيبة الشخصية إختلفت بإختلاف الأدوار التي أداها: صحيح لعبت دور صعلوك أو هامشي في أفلام أحلام هند وكاميليا و طائر على الطريق و كابوريا، لكن كل دور ذا شخصية مختلفة. شخصيات اليوم غالباً رمادية، ليست بيضاء وليست سوداء.. ليست خيرة تماماً وليست شريرة تماما، وما على الممثل سوى ملاحظة الحياة التي من حوله حتى يفهم أن عليه أن يجهد ويجتهد كثيراً في سبيل فهم هذه الحال.

والواقع أن أحمد زكي عرف كيف ينتقل من دور الى آخر حتى لو لم تكن هناك قواسم أساسية مشتركة بينها. فهو الفلاح الساذج في فيلم البريء، ومقتنص الفرص الهائم على وجهه في فيلم أحلام هند وكاميليا، وإبن الحي الذي قد يهوى إنما يحجم ويخجل في فيلم كابوريا، كما هو ضابط الإستخبارات القاسي الذي يفهم حب الوطن على طريقته فقط في فيلم زوجة رجل مهم. والثابت المؤكد هنا قدرة أحمد زكي على تقديم أداء طوعي ومقنع في كل هذه الحالات المختلفة، مقدرة يعتقد أنها ناتجة عن إهتمامه منذ الصغر بالملاحظة وحب التعبير. حيث يقول: إختزنت الكثير من الأحاسيس والرغبات الكامنة في التعبير عما أشعر به، لذلك تراني حتى الآن لا أهتم بالمدة التي ستظهر فيها الشخصية على الشاشة، بل بالشخصية نفسها إذا إستطاعت إثارتي ووجدت فيها فرصة جديدة للتعبير عما بداخلي.

يرفض أن يقوم عنه دوبلير أو البديل بالأدوار ذات الطبيعة الخطرة، ويقول أنه في فيلم عيون لا تنام حمل أنبوبة غاز مشتعلة، وألقى بنفسه من سيارة مسرعة في فيلم طائر على الطريق، وأكل علقة ساخنة حقيقية في فيلم العوامة ٠٧.

ويعتقد أحمد زكي بأن عدم إستخدام البديل يعطي الفنان قدرة وتدريباً أكثر، وقد حمله هذا الإعتقاد على أن ينام في ثلاجة الموتى بعد أن أسلم نفسه للماكيير الذي كسا أو دهن وجهه بزرقة الموت والجروح الدامية كما إقتضى دوره في فيلم موعد على العشاء. وقد بقى في الثلاجة الى أن دخلت عليه بطلة الفيلم سعاد حسني لتكشف عن وجهه وتتعرف عليه بعد أن صدمه زوجها السابق بسيارته.

 وقد أعيد تصوير المشهد، الذي إستلزم إقفال الثلاجةعلى أحمد زكي، عدة مرات حتى لا تأتي اللقطة التي لا تستغرق أكثر من بضع ثوان من وقت الفيلم مقنعة للمتفرج. يقول عن تجربته داخل الثلاجة: أحسست بأن أعصابي كلها تنسحب وكأنما توقفت دقات قلبي وأنا أحاول تمثيل لقطة الموت.. وقد ضغطت على قدمي بشدة لأنبه أعصابي وأنذرها.

وفي فيلم طائر على الطريق أصر على تعلم السباحة، عندما طلب منه المخرج محمد خان أن يستعين بالبديل في مشهد السباحة، بإعتباره لا يعرف السباحة، خصوصاً عندما علم منه بأن التصوير سيبدأ بعد شهر ونصف. فقد إختفى حوالي أسبوعان، وعندما عاد قال لمحمد خان مازحا: تحب أعدي المانش !!

فرد عليه: إزاي؟ قال: أنا عازمك على الغداء بجوار حمام السباحة بالنادي الأهلي. وأثناء جلوسهما هناك، ذهب أحمد زكي الى غرفة الملابس، وإرتدى المايوه.. ثم حيا المخرج خان.. وقفز في حمام السباحة وقام بعبوره عدة مرات بحركات فنية. وعندما خرج من الماء قال لمحمد خان: لقد ظللت أتدرب هنا ٥١ يوماً على يد المدرب.

هذا هو أحمد زكي، الفنان الذي يعاني ويتعذب كثيراً من أجل توصيل الفكرة والرؤية التمثيليلة من خلال شخصياته التي يؤديها.. يهتم كثيراً بتفاصيل الوجه أثناء الأداء، لذلك فهو يكره التمثيل في الإذاعة. فكل شخصية يؤديها تستنطقه وتحفزه وتتحداه أن يظهر كل ما بداخله من أحاسيس.. وهو كذلك يقبل التحدي وينجح كثيراً في ذلك.. فنان قل أن تجد مثيله وسط هذا الكم الهائل من الممثلين المصريين.. إنه حقاً فنان عالمي.

 

يدٌ للرب ويدٌ للـحب.. من أجل أحمد زكي (2)

أحمد زكي  يعاني التهاباً رئوياً

بينما يرقد النجم أحمد زكي في مستشفى دار الفؤاد في مدينة ٦ اكتوبر، ليعالج من التهاب رئوي حاد، هاتفه الرئيس المصري حسني مبارك للاطمئنان على صحته، وقرر اتمام علاجه في احد المراكز الطبية المتخصصة في الخارج على نفقة الدولة.

وزير الإعلام المصري صفوت الشريف اشار الى ان وزير الصحة والسكان المصري اتصلا بالمراكز الطبية المعنية بحالة النجم، والتي يوصي الاطباء باتمام العلاج فيها، لترتيب سفره، وقد استقر الأمر على احد المصحات الفرنسية

وكان احمد زكي اصيب قبل اسبوعين تقريباً بالتهاب رئوي حاد، تلقى في بدايته علاجاً في منزله، وسرعان ما نقل الى مستشفى دار الفؤاد لتلقي علاج مكثف لحالته.

تقارير المستشفى كشفت عن اجراء عدة عمليات (بذل مياة) على الرئة في الأيام الأخيرة، واكدت ضرورة استكمال باقي حلقات العلاج في مصحات متخصصة.

مبارك يتسلم تقريرا حول صحة زكى

قدم وزير الصحة المصري محمد عوض تاج الدين إلى الرئيس محمد حسني مبارك تقريرا عن الحالة الصحية للفنان أحمد زكي الذي أجري له فحص بالمنظار على الشعب الهوائية بباريس على خلفية إصابته بمرض في الرئة.

وأعلن الوزير تاج الدين أنه يتابع حالة الفنان أولا بأول وبصفة مستمرة من وقبل سفره إلى باريس للعلاج بقرار من الرئيس محمد حسني مبارك، وصرح بأن الرئيس مبارك يتابع الإجراءات والفحوصات الطبية التي أجريت للفنان أحمد زكي بباريس تقديرا منه للفن المصري ولهذا الفنان المتميز.

وأضاف تاج الدين، أن الفحوصات التي أجريت للفنان في باريس قد أكدت ضرورة إجراء منظار على الشعب الهوائية للرئة وتم أخذ عينات من نسيج الشعب والرئة للفحص الباثولوجي وعلى ضوء نتائج هذه التحاليل الباثولوجية مع نتائج التحاليل السابقة تم تحديد خطط العلاج لحالته ومدة هذا العلاج.

.. ويصر على العودة

وافق الأطباء الذين يشرفون على علاج النجم أحمد زكي في مستشفى دار الفؤاد في القاهرة على طلبه دخول الأستوديو لبدء تصوير فيلم زرسائل البحرس،مع تأكيدهم على بقائه تحت ملاحظتهم طوال فترة العلاج، حسب صحيفة الشرق الأوسط.

وكان المنتج الفني للفيلم حسين القلا في زيارة لأحمد زكي في مستشفاه، حيث أعرب له زكي عن رغبته في البدء بتصوير الفيلم في أقرب وقت. وأعلن القلا انه سينتهي من إعداد كل التفاصيل ليبدأ العمل فورا، مؤكدا أن أحمد زكي يقضي وقته في المستشفى بين الاسترخاء وبين قراءة سيناريو الفيلم.

زرسائل بحرس عن قصة وسيناريو وحوار وإخراج داود عبد السيد ومن المنتظر أن تشارك في بطولته نانسي عجرم، التي لم تؤكد أو تنفي مشاركتها بعد.

مرض النجم كان قد أحدث ارتباكا شديدا لدى عدد من المنتجين وصانعي الأفلام حيث كان من المقرر أن يبدأ احمد زكي في تمثيل فيلمين آخرين الى جانب »رسائل البحر«، وهما »من ظهر راجل« تأليف وإخراج أحمد ماهر في أول تجربه له في الأفلام الروائية، بالإضافة الى فيلم ثالث مع المخرج رأفت الميهي من تأليفه وإخراجه وانتاجه.

هذا وقد تمسكت المنتجة ناهد فريد شوقي بأحمد زكي بطلا لفيلمها من ظهر راجل، مؤكدة أنها لن تنتج الفيلم الا اذا قبله أحمد زكي، كما رفض المنتج عماد أديب مقترحات داود لاستبدال أحمد زكي، وطالب باسترداد العربون مؤكدا أنه لن ينتج الفيلم بممثل أخر غير أحمد زكي!

في حالة حرجة   

اعلن وزير الصحة المصري محمد عوض تاج الدين ان الفنان احمد زكي (٦٥ عاما) دخل المستشفى في حالة صحية حرجة نتيجة لمضاعفات الورم السرطاني في صدره وانتشاره الى الكبد والغدد اللمفاوية في البطن.

واضاف الوزير ان الفنان يعاني نتيجة ذلك من »استسقاء بروتيني كما اصيب بالتهاب رئوي وضيق حاد في الشعب الهوائية«.

وكان الفنان الذي يتمتع بشعبية كبيرة اكتشف اصابته بسرطان في الرئة قبل سنة تقريبا وبدأ علاجه في مصر ثم انتقل الى باريس حيث طلب منه الاستمرار بالعلاج الكيماوي. وبعد عودته ساهم في علاجه فريق طبي صيني.وتعرض احمد زكي خلال قيامه بتصوير فيلم عن الفنان عبد الحليم حافظ الذي كتب له السيناريو محفوظ عبد الرحمن ويقوم باخراجه شريف عرفة الى جلطات في اوردة الركبة  والساقين الا انه كان يعود لاستكمال التصوير الذي انهى منه ما يقارب ٠٩ في المائة من المشاهد التي يتضمنها الفيلم باستثناء مشهد الوفاة.

فتاة تتبرع لأحمد زكي بإحدى رئتيها

وسط دعوات محبيه وتعلق قلوب جماهيره متمنية له الشفاء العاجل، ما هي آخر تطورات المرض؟ وبماذا أدلى أحمد زكي في حواره مع»العربية.نت« من فوق سريره؟ كيف يقضي يومه، وكيف استقبل نجله الوحيد خبر مرضه؟

عنيدٌ يكره المستشفيات

يعد احمد زكي من الشخصيات العنيدة التي لا تحب جو المستشفيات ولايحب أن يشغل الناس بمشاكله الخاصة لذلك لم يكن من السهل أبدا إقناعه بالسفر للعلاج أوحتى دخوله للمستشفى في البداية!

لم يكن في الإمكان إجراء حوار مباشر مع الفنان الكبير احمد زكي وجها لوجه خاصة عقب إعلان  الأطباء لمروره بمرحلة حرجة اثر تعرضه لضعف شديد في جهاز المناعة كأثر جانبي لتلقيه العلاج الكيماوي والذي يعمل على إضعاف الجهاز المناعي بشكل كبير.

و على الهاتف جاءنا صوت النجم الأسمر بعد أن وافق على إجراء حوار هاتفي مع »العربية.نت« فقط رغم تعليمات الأطباء له بعدم بذل أي مجهود حتى وان كانت مكالمة هاتفية.

·         كيف هي حالتك الصحية الآن؟؟

الحمد لله أعاني من بعض المشاكل الصحية مع جهاز المناعة ولكن الأطباء يتولون الأمر باهتمام.

·         هل ضايقك نشر وسائل الإعلام عن حالتك المرضية؟

لا أعتبر آلامي ملكا لي وحدي وتعودت في حالات مرضي السابقة أن أعالج نفسي في هدوء وصمت، ولكن هذه المرة لم أتمكن من ذلك، وأشعر من حولي أنه لا بد من مساعدتي بحب الناس ودعواتهم لي بالشفاء.

ورغم آلامي إلا أنني سعيد لأنني اكتشفت أني جمعت في سنوات عمري ثروة طائلة هي حب الناس وأدعو الله أن يمنحني القدرة على رد جميل كل من ساندوني ومبادلة كل هذا الحب بالحب.

·         كيف تقضي وقتك في المستشفى؟

أنا بطبيعيتي شخصية قلقة وعندي شغف بمعرفة تفاصيل الأشياء من حولي في بداية الأمر لم يرغب الأطباء أن يطلعوني على ما يدور داخل جسدي، ولكن بعد أن لاحظوا حرصي الشديد على معرفة كل شيء بدؤوا التعامل معي وكأنني طبيب يتابع حالة شخص آخر اسمه احمد زكي معهم ولذلك اقضي معظم الوقت في متابعة معركة جسدي مع هذه الخلايا النشطة.

وأسجل بنفسي تفاصيل المعركة بالورقة والقلم درجة حرارتي مستوى المناعة الضغط معدل الهيموجلوبين والكريات البيضاء في الدم فهذه الأشياء كلها بعد كل جرعة دواء كيماوي تتعرض لمتغيرات وتحتاج إلى بعض الوقت لتعود إلى طبيعتها، وبعيدا عن متابعة معركة جسدي مع المرض ففي الأيام العادية استيقظ مبكرا في حوالي السادسة صباحا واخرج من غرفتي إلى حديقة المستشفى وأمارس رياضة المشي لمدة نصف ساعة حتى أحافظ على وزني، ثم أعود لغرفتي وامتثل لأوامر الأطباء.

كما اقضي وقتا كبيرا في قراءة الكم الهائل من الرسائل التي تصلني يوميا على المستشفى من المعجبين والمعجبات الذين يشدون من أزري مع أنني لا اعرفهم ومع كلماتهم الصادقة وهم يتمنون لي الشفاء لا أستطيع أن امنع نفسي من الدموع أحيانا فهذا الرصيد الهائل من الحب لم اعرف مقداره إلا في محنتي هذه.

فتاة تتبرع برئتها

·         ما اكثر الرسائل التي هزت مشاعرك؟؟

ثمة رسالة لا أستطيع أن انساها وهي لفتاة أرسلت لي إقرارا يفيد أنها وبكامل قواها العقلية على استعداد تام للتبرع لي بإحدى رئتيها لي حتى أشفى!

·         وماذا عن علاقتك بأقرب الناس إليك ابنك الوحيد »هيثم« ؟

لقد اكتشفت قوته وصلابته الحقيقة مع ظروف المرض، لقد اثبت لي أنني انجبت رجلا شديد الصلابة والقوة مع اشد المواقف صعوبة، نعم لقد نضج كثيرا وأتمنى أن أحقق له أمنية خاصة وهي أن نعيش أنا وهو في بيت واحد بعد شفائي بإذن الله، فقد عشت بعيدا عنه فترة طويلة لظروف عملي، فهو كان يعيش مع جدته لوالدته الفنانة الراحلة )هالة فؤاد( وذلك بسبب حياة التنقل التي أعيشها فمع الفن ليلي نهار ونهاري ليل، لذلك كنت أقيم في أحد الفنادق منذ زمن طويل وهذا ما لم اكن أريده لابني أن يعانيه معي. أما الآن فقد اختلفت الظروف ولقد طلبها مني هيثم بصراحة وسأعمل على تحقيقها عند شفائي إن شاء الله.

·         هل صحيح انك تكتب مذكراتك الشخصية؟

ما أكتبه ليس مذكرات بالمعنى المتعارف عليه، ولكن أنا أكتب ما يدور حولي وما أمر به وأسجل مشاعري، فالكتابة تفرغ ما في داخل الإنسان من شحنات ألم وقلق وتوتر وهو شيء يساعدني كثيرا على تخطي حاجز القلق و إضاعة الوقت أيضا. 

الأيام البحرينية في

15.03.2005

 
 

أحمد زكي يعلن عودته للسينما بعد مرضه

قلد العندليب عبد الحليم حافظ وداعب جمهوره

نبيل شرف الدين

في مؤتمر صحافي هو الأول من نوعه بعد أن تعافى، أعلن النجم المصري المحبوب أحمد زكي أنه سوف يبدأ اعتباراً من اليوم الاثنين تصوير فيلم (حليم)، وخاطب زكي جمهور الحاضرين قائلاً "أنتم تعرفون الظروف التي مررت بها وتابعتم كل مراحل العلاج وأنا أشعر الآن بأحاسيس ومشاعر مختلطة برجوعي إليكم وأنا الآن بينكم وكل لحظة تمر بالمرء لا بد أن يقضيها في مزيد من الحب والإنجاز"، وأضاف زكي قائلا إنه واجه مواقف كثيرة لذلك لابد أن نحب الحياة ونتمسك بها حتى آخر لحظة في عمرنا, مشيرا إلى معركته الشرسة الطويلة مع المرض والتي رافقته خلالها دعوات الحاضرين والزملاء وجمهوره في مصر والعالم العربي والجاليات العربية في أوروبا والعالم، مؤكدا أنه لذلك لم يكن يشعر بالوحدة أبداً، بينما تحاصره المشاعر الطيبة من ملايين المحبين" .

وفي سياق رده على سؤال حول الجديد الذي يحمله فيلم (حليم)، قال زكي إنه فيلم يتناول شخصية الفنان المصري الراحل عبد الحليم حافظ، ويلقي الضوء عليها، ويبرز مكانة هذه الشخصية ودورها في الفن العربي، معتبراً أن حليم يشبهه كثيراً، فكلاهما قدم من ريف مصر إلى القاهرة، وكلاهما تعب حتى صار نجماً تحترمهم الملايين، وتلتف حوله، شأن أي شاب مكافح خاض معركة الحياة بجدية، وإن كان حليم استخدم حنجرته التي وظفتها كتيبة من الملحنين والشعراء لنبض الشارع المصري والعربي, ورصد انتصاراته وسجل أيام كفاحه، واشتبك مع الشارع السياسي والاجتماعي، مؤكدا أن هذا الشاب البسيط وصل إلى قلوب كل الشعوب العربية، وأصبح أيقونة زمنه الجميل، وأضاف زكي "أنه شخصيا يحب حليم جداً، وأنه أيضاًَ "متأثر به" مشيرا بدعابة إلى تشابه ظروفهما في المرض أيضاً .

وقائع الحفل

وفي مستهل الحفل تحدث الإعلامي والصحافي الشهير عماد الدين أديب، باعتباره منتج الفيلم، قائلا إنه سيبدأ اعتبارا من اليوم الاثنين تصوير أول مشاهد الفيلم في خطوة تعد بمثابة اطمئنان على صحة النجم الأسمر أحمد زكي, مشيرا إلى أنه سبق ذلك جلسات عمل وتحضير بين المخرج شريف عرفة، والكاتب محفوظ عبد الرحمن والنجم أحمد زكي والموسيقار عمار الشريعي، موضحاً أن الفيلم هو قصة حياة عبد الحليم حافظ بمعنى يُحكي أن وهو سيكون "بمائة منظور وطريقة" وسيكون مفاجأة للجميع .

ونقل أديب إلى الحضور اعتذار الفنانة منى زكي بطلة العمل عن عدم حضور هذا الحفل لظروف قهرية، ثم قدم فريق العمل في الفيلم , حيث صعد إلى خشبة المسرح الفنان جمال سليمان والفنانة سلاف فواخرجي من سوريا والوجه الصاعد يوسف الشريف والكاتب محفوظ عبد الرحمن والموسيقار عمار الشريعي والمخرج شريف عرفه والمطربة ماجدة الرومي التي ستؤدي أغاني الفيديو كليب بصوت الفنان عبد الحليم حافظ في الفيلم .

ثم صعد النجم السينمائي أحمد زكي إلى خشبة المسرح , وحيا النقاد والفنانين الذين احتشدوا لرؤيته وهو في طريقه إلى المسرح , يلوح بيديه ويعبر عن امتنانه وشكره للحضور، وقد بدا متفائلاً ومقبلاً على الحياة وفي صحة جيدة، وداعب الصحافيين ضاحكاً, وكعادة زكي مع الشخصيات التي سبق له أن أداها عبر الشاشة، قام بتقليد الفنان عبد الحليم حافظ في حوار مع عماد أديب، وتحديدً حين سأله عن رأيه في عدد من المطربين في عصره وتقمص الفنان احمد زكي بنفس الطريقة التي أجاب بها عبد الحليم حافظ عندما وجهت إليه نفس الأسئلة في أحد الحوارات المتلفزة.

من جانبه قال المخرج شريف عرفة أن الفيلم يقدم عبد الحليم حافظ بصورة عصرية وانه شرف كبير لي ولكل من يعمل في هذا الفيلم وأتمنى بعد أن ننتهي من تصوير الفيلم وعرضه على الجمهور أن نري على وجوهكم علامات الرضا والسعادة عن هذا الجهد .

وفي الختام أعلن عماد أديب عن مفاجأة الحفل بوجود المطربة ماجدة الرومي صاحبة الصوت الذي سيغني الفيديو كليب الخاص بالفيلم وهي محبة لفن وصوت عبد الحليم حافظ، وأضاف أن كلاً من أحمد زكي وماجدة الرومي يعدان لفيلم آخر يجمعهما معاً، من دون أن يكشف عن موضوع هذا المشروع، الذي ألمح إليه .

القلب والسرطان

وخلافاً للصورة النمطية لنجوم الفن والسينما، فلم يعش أحمد زكي حياته بالطول والعرض كما يذهب الظن، فمشواره مع النجومية لم يكن ممهداً أبداً، وطريق المليارديرات الذي سار عبره كثير من الممثلين والفنانين لم يقترب منه زكي يوما، فقد ظل حتى سنوات قليلة خلت تنتابه كوابيس الفزع من مواجهة مصير موظف حكومي بسيط قد يجد نفسه فجأة وقد أُلقي به إلى الشارع بعد استغناء الشركة أو المؤسسة التي يعمل بها عنه، ويقول أصدقاء النجم المقربون إنه ظل يعيش خوفا كبيرا يصل إلى حد الذعر مما تخفيه له الحياة، حتى أنهم عاتبوه مراراً مؤكدين أن هذا الخوف ليس له ما يبرره خاصة أن بوسعه أن يحصل على أجور عشرة أفلام لو أراد أن يسير وفق النمط الشائع، لكن الجميع كانوا يدركون أيضاً أن ذعر أحمد لم يكن مختلقاً، بل هو أصيل ترسخ منذ سنوات الفقر والكفاح، حينما كان يطارد بأحلامه منذ الصباح وحتى منتصف الليل في شارع عدلي بقلب القاهرة، حيث يقع مقر "نقابة السينمائيين"، أو في ردهات الطابق العاشر بإحدى بنايات شارع 26 يوليو وسط القاهرة، حيث استخراج تصاريح العمل بنقابة الممثلين، لكن من مجهول ما، لم يكن طيلة سنوات عمره يكاد يتبين ملامحه، حتى شاءت الأقدار أن تجتمع عليه متاعب القلب المنهك، ووحشية الورم الخبيث معاً، وأحاطه محبوه وعشاقه حتى تجاوز بفضل الله ودعاء الملايين أن يتعافى ويسترد قدرته على العمل والعطاء مجدداً .

ومساء يوم 24 كانون الثاني (يناير) من العام المنصرم، كان زكي قد أصيب بضيق مباغت في التنفس، وفي البداية خضع لعلاج لمدة أسبوع في منزله ثم انتقل إلى مستشفى دار الفؤاد في مدينة 6 أكتوبر جنوب القاهرة، حيث اكتشف الأطباء إصابته بالتهاب رئوي حاد، وأجرى له الأطباء عملية بذل للمياه الموجودة في الرئة، واستخرجت ثمانية لترات من السوائل من رئتيه، ومنعت الزيارة عنه، وقد أصدر فريق الأطباء تقريرا بضرورة استكمال علاجه في فرنسا فقرر الرئيس المصري حسني مبارك حينئذ علاجه فوراً على نفقة الدولة.

وأحمد زكي من مواليد عام 1949 في الزقازيق بمحافظة الشرقية بمصر، والتحق بقسم التمثيل بالمعهد العالي للفنون المسرحية منتصف الستينيات، ويعد حالياً من أهم نجوم السينما المصرية، وأكثرهم تنوعا وقدرة على الأداء الفني المتميز والخاص، وجسد على الشاشة المصرية أدوار عشرات الشخصيات بطريقته المتفردة، وعمل مع أهم كوادر السينما المصرية ومنهم الراحل عاطف الطيب الذي منحه بطولة أكثر من عمل وكذلك محمد خان الذي التقاه في العديد من أفلامه، ومن بينها "مستر كاراتيه"، و"السادات"، وكذلك علي عبد الخالق الذي عمل معه في "البيضة والحجر" وأفلام أخرى، كما عمل مع داود عبد السيد في "أرض الخوف"، ومع خيري بشارة في "كابوريا" كما عمل أيضا مع جيل الرواد ومنهم صلاح أبو سيف، ومن الشباب عمل مع شريف عرفة في فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" .

موقع "إيلاف" في

17.03.2005

 
 

هيثم زكي يشارك أباه في التمثيل

الصدفة وحدها كشفت أن النجم المصري الكبير أحمد زكي الذي يعاني حاليا مضاعفات صحية بالغة ليس الوحيد الذي يقوم بدور العندليب الراحل عبد الحليم حافظ في الفيلم الجديد الذي يجري تصويره حاليا عن قصة حياته باسم مؤقت )حليم صورة شعب(، وأن شخصين آخرين يقومان مع زكي بالدور خلال الأحداث، أحدهما ابنه هيثم والأخر شبيه لعبد الحليم يعمل مطربا وممثلا لكنه غير مشهور رغم كونه نسخة منه.

وقد تأكدت »العربية.نت« من أحد العاملين بالفيلم أن هيثم أحمد زكي، الذي يلازم أباه حاليا بمستشفى دار الفؤاد القريبة من القاهرة، يشارك بالفيلم، حيث يقوم بدور عبد الحليم في مرحلة الشباب، وهو الأمر الذي أخفاه فريق العمل طوال الفترة الماضية التي تم فيها التركيز على تصوير مشاهد أحمد زكي نظرا لحالته الصحية المتفاقمة.

أما بالنسبة للشبيه المغمور فقد التقته »العربية.نت«، ويدعى حامد سيد على واسم شهرته )حامد نجم(، وهو قريب الشبه من العندليب الراحل بشدة كما أنه يستطيع تقليد صوته وحركاته بطريقة متقنة، وهو أحد أعضاء جمعية محبي عبد الحليم حافظ التي تنظم احتفالية سنوية في ذكرى وفاته.

وقال نجم لـ»العربية.نت« إنه تلقى اتصالا من مخرج الفيلم شريف عرفه أخبره فيه أنه سيشارك معهم في التصوير وحدد له موعدا ذهب فيه للتصوير باستديو جلال بالقاهرة، لكنه لم يصور لحدوث مضاعفات في حالة أحمد زكي أربكت الجميع مما اضطرهم لإلغاء التصوير في ذلك اليوم.

بعدها اتصل به المخرج ثانية وحدد له موعد التصوير في مدرسة )السعيدية( المجاورة لجامعة القاهرة، وذهب بالفعل ليجد زكي يقوم بتصوير مشهد يتجمع حوله الجمهور فيه، لكنه لم يستطع إكماله بسبب إرهاق شديد ظهر عليه، وكان هذا اليوم الذي نقل فيه للمستشفى، فقام حامد الذي كان يقف بعيدا بتصوير نفس المشهد بدلا من أحمد زكي، وأجاد تأديته باعتراف المخرج وفريق العمل.

وعقب انتهاء المشهد أخبره المخرج »شريف عرفهس« أن يكون مستعدا للمشاركة في الفيلم، وهو ما يعني أنه سيستكمل مشاهد أحمد زكي التي لا يمكنه القيام بها أو يستكمل بقية المشاهد إذا لم يتمكن النجم الكبير من إكمال تصوير الفيلم لأي سبب.

كان الأمر بالنسبة لحامد نجم حلما لم يفق منه حتى اليوم حسب قوله، حيث أنه كان ينتظر طوال عمره فرصة لإظهار موهبته كمطرب وممثل حيث درس بمعهد الموسيقى العربية، وشارك في عدد من المسلسلات المصرية بالفعل مثل )رجل طموح( مع خالد النبوي ومادلين طبر والمخرج صفوت القشيري، كما نال المراكز الأولى في الكثير من المسابقات الغنائية التي كان يقوم فيها جميعا بغناء أغنيات عبد الحليم حافظ الشهيرة، ومنها مسابقات بإذاعة صوت العرب.

تجدر الإشارة إلى أن حالة زكي الصحية بدأت في التحسن تدريجيا وينتظر أن يعاود التصوير في القريب وإن كان الأطباء قد أكدوا أنه لابد أن يخلد للراحة التامة حتى لا يتكرر ما حدث من قبل بسبب الإجهاد الشديد، حيث كان زكي يقضي أكثر من ستة عشر ساعة في التصوير مما مكنه من الانتهاء من جزء كبير من أحداث الفيلم تجاوزت ٠٨.

المصرية في

12.03.2005

 
 

خلد طه حسين وعبد الناصر والسادات

أيام زكي وحليم

علا الشافعي

كان حلمه الذي ظل يرواده إلي أن حقق جزءا منه‏,‏ هو تصوير فيلم عن حياة عبدالحليم حافظ‏,‏ ونجح رغم آلامه في تصوير جزء كبير من المشاهد المهمة بالفيلم‏,‏ وكل الأغاني التي تدور من خلالها دراما الفيلم‏.‏

ويبدأ المشهد الافتتاحي لفيلم حليم‏..‏ صورة شعب مع مشهد وفاة عبدالحليم عندما أتاه النزيف الحاد وانفجار الشعيرات الدموية بالمعدة في مستشفي بلندن‏,‏ ومع معاناة مشهد الموت‏,‏ يسترجع حليم شريط وفلاشات من طفولته ومشواره الفني شديد الثراء ولحظة موته شاركه فيها شحاتة ابن خالته والذي يجسد شخصيته في الفيلم الفنان كمال سليمان‏,‏ وشريط الذكريات يأتينا في الفيلم بلسان حليم ـ أحمد زكي ـ وهو يروي حياته للمذيع اللامع وجدي الحكيم ـ وجلال معوض ـ وهذا ما حدث في الواقع‏..‏ ويجسد الفنان السوري جمال سليمان شخصية المحاور‏,‏ يتذكر حليم القرية‏,‏ بداية علاقته بمدينة القاهرة‏,‏ والموسيقي‏,‏ وكيف شكل ثورة في عالم الغناء هو وزملاؤه من الملحنين والشعراء‏,‏ وعلاقاته النسائية‏.‏ زكي انتهي من تصوير أغنية رسالة من تحت الماء‏,‏ موعود‏,‏ قارئة الفنجان‏,‏ والتي يمتزج جزء من مقاطعها‏..‏ مع مشهد الموت‏..‏

المخرج شريف عرفة‏..‏ قام بمونتاج بعض المشاهد التي أنهي زكي تصويرها وكان يرغب في رؤيتها بالمستشفي حيث صرح لكل المقربين له بأن أمنية حياته أن يستطيع إنجاز الفيلم بالكامل ويشاهده‏!!‏

لماذا‏..‏ حليم

قد نشعر بالدهشة من كم التفاصيل التي تربط أحمد زكي في الواقع بعبد الحليم حافظ‏,‏ وقد تكون كلمة الدهشة غير كافية للتعبير عن هذه الحالة‏..‏ التي تتشابك فيها التفاصيل‏..‏ وتتماس فيها العلاقات‏..‏ بل النظرة نفسها للحياة فأي قدر جمع الاثنين‏!!‏

وقد يكون التماس بينهما‏..‏ هو الذي جعل أحمد زكي‏..‏ يصر ويحلم بإنجاز مشروع عن عبدالحليم حافظ الذي يشبهه كثيرا‏.‏

وإذا كان د‏.‏ ماكبث أحد الأطباء الذين كانوا يعالجون حليم وبالتحديد يقوم بعملية الحقن للشعيرات الدموية بالمعدة‏,‏ قد ردد علي حليم جملة‏..‏ العذاب الكبير دائما ابن أخطاء صغيرة لم يلتفت لها الإنسان‏..‏ وكان يقصد في حالة حليم استحمامه في الترعة‏,‏ والتي أدت إلي إصابته بالبلهارسيا‏,‏ ولكن أية أخطاء صغيرة ارتكبها أحمد زكي؟‏!‏ هل عشقه للتمثيل إلي حد الذوبان خطأ؟‏!‏ أم تحامله علي نفسه والعمل المستمر والمتواصل أنهكه ربما هذا أو ذاك ولكن لماذا كتب عليه أن يعيش العذاب‏,‏ الكبير‏,‏ تماما‏,‏ مثلما عاشه حليم‏,‏ وقد تكون كلمة الشاعر سيد حجاب والتي تغني بها المطرب علي الحجار في مسلسل الأيام تحمل جوابا للأسف ليس شافيا‏,‏ بل موجعا ليه أجمل ولاد الحياة من بدري بيموتوا‏.‏

الكثير من الناس ولدوا في محافظة واحدة‏..‏ ولكن القليل أجمع علي حبهم الناس‏..‏ والأندر هم الذين يغيرون في البشر ويتشابهون إلي هذه الدرجة‏,‏ فأحمد زكي ليس فقط ابن المحافظة التي ولد فيها عبدالحليم حافظ الشرقية ولكن الاثنين عانيا الحرمان‏..‏ وظلا طوال حياتهما يبحثان عن الحنان وعن الحضن الدافيء‏,‏ نفس الألم من اليتم‏,‏ الأم وما تمثل من مفتاح لشخصية كل منهما‏.‏

نظرة حزينة من عين الأم هو كل ما يتذكره أحمد زكي من لقائه الأول بأمه وهو في سن السابعة من عمره‏,‏ ونظرة حزينة من عين والده هي التي ظل حليم يتذكرها ويستدعيها طوال عمره‏..‏ فالأب كان حزينا علي رحيل الأم وهذا الطفل الرضيع‏.‏

ولكن ظلت الأم هي الوجع‏,‏ فحليم عاني من فراقها‏,‏ لأن الكثير حملوه سبب موتها وهي تلده؟‏!‏ وزكي بعد وفاة والده قام أهل أمه بتزويجها فهي فلاحة صغيرة في السن ويخشي عليها لذلك قام بتربيته جده‏,‏ أما حليم فقام خاله بتربيته‏.‏

الاثنان عاشا لفترة بملجأ في الزقازيق والأهم أنهما لم ينطقا أبدا جملة بابا‏,‏ ماما‏,‏ وما أصعب علي طفل بأن يحيا بدون نطق كلمة واحدة‏,‏ فما بالك بالاثنتين؟‏!‏
والاثنان‏..‏ قد نزلا إلي نفس الترعة وأصيبا بالبلهارسيا‏..‏ كما علق أحمد زكي في الحفلة الافتتاحية لفيلم
حليم‏.‏

في دراستيهما الابتدائية‏..‏ كانا شديدي التفوق ويملكان موهبة التمثيل والغناء أحمد زكي‏..‏ أنهي دراسته في معهد الفنون المسرحية قسم تمثيل وإخراج بتقدير امتياز وكذلك حليم‏..‏ بمعهد الموسيقي المسرحية‏.‏

القاهرة بالنسبة لأحمد زكي‏..‏ كانت مثل الحجاز يتمني أن يحج إليها ليصبح ممثلا‏,‏ ويري مثله الأعلي رشدي أباظة‏,‏ أما بالنسبة لحليم‏..‏ فكانت الموسيقي وعبدالوهاب‏.‏

حليم منذ طلته الأولي علي المسرح‏..‏ أكد علي أن هناك ثورة قادمة‏,‏ وولد غنائيا مع مولد ثورة يوليو‏..‏ تعذب وعاني كثيرا من كونه نموذجا مختلفا عن السائد ورفض تقليد عبدالوهاب وصمم علي غناء أغانيه بطريقته لذلك شكل ثورة حقيقية في عالم الغناء‏,‏ وغير الكثير من القواعد بدءا من وقفته علي المسرح وتجاوبه مع الجمهور‏,‏ وصولا إلي الأشكال الموسيقية‏..‏ هو وزملاؤه كمال الطويل والموجي‏,‏ ومرسي جميل عزيز وبليغ حمدي‏.‏

نفس الحال بالنسبة لأحمد زكي فبعد تألقه في فيلم شفيقة و متولي وعيون لا تنام شكل ثورة في مقاييس نجم الشباك وفتي الأحلام‏..‏ والأداء التمثيلي الذي يضاهي النجوم العالميين‏,‏ وفي الثمانينيات أكد هو وزملاؤه من المخرجين وكتاب السيناريو‏.‏ علي ما يسمي بتيار الواقعية الجديدة في السينما المصرية فمولده وتألقه كنجم تواكب مع جيل خيري بشارة‏,‏ داود عبدالسيد‏,‏ محمد خان‏..‏ والذين أثروا السينما المصرية بأفلام شديدة التميز شكلت ثورة علي سينما البكيني والصالونات في السبعينيات‏.‏

ترك عبدالحليم تراثا غنائيا يبلغ‏170‏ أغنية وهو تراث شديد الثراء والتنوع ما بين الرومانسي والسياسي والإيقاعي والدرامي‏,‏ والديني‏..‏ وأحمد زكي قدم للسينما إنجازا مماثلا فأفلامه التي تصل إلي‏56‏ فيلما تنوعت ما بين الأفلام الاجتماعية‏,‏ والكوميدية‏,‏ والسيرة الذاتية والسياسية‏,‏ والرومانسية والأكشن‏..‏ وطوال مشواره الفني كان حريصا علي أن يصنع أفلاما للتاريخ وأخري للنجومية ولإسعاد الجمهور‏.‏

لذلك تألق أحمد زكي في تقديم الشخصيات المتباينة شديدة التنوع والثراء وقد يكون الوحيد بين أبناء جيله الذي يملك هذا التنوع في تاريخه‏..‏ فنحن نراه صعلوك في أحلام هند وكامليا‏,‏ والفلاح الساذج‏,‏ في البريء‏,‏ ابن الحي الذي يهوي ويحلم بالتحقق ولكن خجله يمنعه في كابوريا ضابط المباحث القاسي في فيلم زوجة رجل مهم والذي لا يوجد مكان في قلبه للعاطفة‏,‏ وهو إسماعيل في عيون لا تنام والتي صرح عن اعتزازه الشخصي بهذه الشخصية المليئة بالأحاسيس المتناقضة والمركبة فهو الولد العدواني الكريم جدا‏,‏ وعندما يشعر بالحب يعود طفلا شديد البراءة‏,‏ ولكن عندما يري المال يتوحش‏.‏

ودائما ما كان زكي يردد‏..‏ بأن الشخصيات في حياتنا والتي يراقبها ويختزن كل تفاصيلها هي شخصيات رمادية ليست بيضاء وليست سوداء فهي ليست خيرة تماما ولا شريرة تماما‏..‏ ونفس الوصف ذكره حليم‏..‏ فهو أيضا كان يحب البشر كبشر‏..‏ ويري نفسه بنفس المواصفات‏.‏

علي المستوي الإنساني كان حليم طفلا انطوائيا يراقب أكثر ما يحدث‏..‏ ونفس المعني حمله حوار لأحمد زكي حيث يروي بأنه عندما كان طالبا في مدرسة الزقازيق الثانوية وكنت منطويا جدا‏..‏ الأشياء تنطبع في ذهني بطريقة عجيبة‏,‏ تصرفات الناس‏,‏ ابتساماتهم سكوتهم دوما أراقب العالم‏.‏ الاثنان يملكان رصيدا من العلاقات المتوترة وغير المكتملة مع النساء زكي أحب وتزوج من الفنانة هالة فؤاد‏..‏ ولم يستطع الحفاظ علي علاقته بها‏..‏ وظل طوال الوقت يردد بأنه أضاعها‏,‏ حليم اختفي عنه حب عمره ديدي الألفي‏..‏ وقصص لم تكتمل مع سعاد حسني وغيرها‏,‏ ماتت هالة فؤاد بلوكيميا الدم‏,‏ وديدي بمرض خطير ونادر في المخ‏.‏

الاثنان امتلكا الموهبة النادرة‏,‏ الحضور‏,‏ الكاريزما‏,‏ الدأب علي العمل والإنجاز ونفس العذاب والمعاناة من المرض‏..‏ حليم اشتد مرضه في شهر مارس وكذلك أحمد زكي‏.‏ ولا نملك إلا أن نقول له‏..‏ أغنيته التي تغني بها في هستريا‏..‏ إن ما قدرتش تضحك‏,‏ ما تدمعش ولا تبكيش‏,‏ وإن ما فضلش معاك غير قلبك أوعي تخاف مش هتموت هتعيش‏*

الأهرام العربي في

19.03.2005

 
 

أبناء جيله من المخرجين‏:‏

عاشق التمثيل إلي حد الجنون‏

تحقيق ـ أحمد السماحي

عاشق للتمثيل إلي حد الجنون‏,‏ يتقمص شخصياته الدرامية بصورة مذهلة‏,‏ وتري ذلك عندما يمشي ويتكلم أو نظرة ذهول أو ابتسامة مصحوبة بنوع من الكسوف‏,‏ أو حين تدمع عيناه في لحظات الفرح‏..‏ إنها عبقرية تمثيلية ربما تفوق عملاق هوليوود جاك نيكلسون في القدرة علي اللعب بالشخصية حين يتماهي معها في حوار داخلي يعكس قدرة فائقة نابعة من تلك الموهبة التي يحملها بين جوانحه‏.‏

كل ما مضي ليس من فرط خيالنا‏,‏ لكنها شهادات حية سطرها أبناء جيل أحمد سبع الليل أقصد أحمد زكي الذي قدم لنا أروع ما فيه من طاقة إبداعية استحقت تلك الشهادات التي نرصدها في ثنايا التحقيق التالي‏:‏

في البداية يقول سعيد شيمي‏,‏ مدير التصوير‏,‏ لم أحب فيلما من أفلامي كما أحببت البريء وربما هو أحب فيلم لكل العاملين به وقتها فهو يحمل شجنا خاصا لي وحبا حقيقيا في نفسي لا أعلم سره ولكن هذا الحب ظهر علي الشاشة‏,‏ فقد كان المخرج عاطف الطيب في أعظم حالاته الفنية تألقا‏.‏

وأتذكر أول يوم تصوير في الفيلم حين بدأنا العمل في إحدي القري وأثناء أخذ لقطة للأم في الحقل وهي تعمل مهمومة لمحت من بعيد عسكريا قادما‏,‏ فقلت لعاطف‏:‏ بص يا عاطف هذا العسكري يكاد يكون مثل شخصيتنا أحمد سبع الليل في الفيلم ورويدا رويدا يقترب العسكري لنكتشف إنه أحمد سبع الليل هو أحمد زكي‏,‏ وقد تقمص الشخصية بشكل مذهل في المشية وحركة الجسم وضرب أرجله بالحذاء الميري في التراب وبالرغم من أنني صورت عددا من الأفلام لأحمد زكي قبل وبعد ذلك إلا أنني أجده في هذا الفيلم قد تفوق علي نفسه‏,‏ وفي أي وقت أشاهد الفيلم يزداد إعجابي فهو يتساوي إن لم يزد في عبقريته في التمثيل مع الممثل العالمي جاك نيكلسون ولاحظوا أثناء مشاهدتكم له في هذا الفيلم كيف يمشي أحمد زكي؟ وكيف يتكلم؟ وكيف ينظر نظرة الذهول أو نظرة الكسوف أو نظرة عدم الفهم أو نظرة الفرح؟ لاحظوا كيف يطور كل شيء يحمله علي قدميه إلي شخصية حقيقية أذكر في مشهد سجنه داخل الزنزانة مع ممدوح عبدالعليم وإطلاق الثعابين عليه أثناء اندماجه أمسك الثعبان وشده وملصه من جلده أمام الكاميرا ولكني لم أتحمل المنظر فأغمضت عيني التي أصور بها اللقطة ولم أرها إلا وهي مركبة في سياق الفيلم‏.‏

ويقول خيري بشارة‏,‏ تجربتي مع أحمد زكي‏,‏ ذات خصوصية شديدة‏,‏ فهو بلاشك يقع في دائرة الممثلين الذين تنشأ بينك وبينهم كيمياء‏,‏ كان فيلم العوامة‏70‏ أول فيلم يوضع فيه اسمه كأول اسم في التتر وكانت هذه مغامرة بالفعل صحيح إنه لعب معي دورا صغيرا في فيلمي الأول الأقدار الدامية لكن كانت بدايته الحقيقية في العوامة‏70‏ وأحمد كان بالنسبة لي ولجيلي كله الوجه واللسان والهيئة التي نريدها في الممثل‏,‏ كنا نريد أن نصنع منه بطلا يحل محل البطل النجم الذي كان سائدا في السينما التي كانت قبلنا‏,‏ والعوامة‏70‏ كان المخبر الذي أطلق عفويته الكامنة‏,‏ خاصة أن الفيلم كان عبارة عن سيرة ذاتية في جزء منه‏,‏ وكان تعبيرا عن الرغبات غير المتحققة لجيلنا كله والذي كان هو أحد أفراده‏,‏ فخرج تعبيره عن الإحباط والهزيمة بتفهم عال كما أتصور‏,‏ كانت مشكلتي مع أحمد بعيدة عن موهبته أو ذكائه‏,‏ مشكلته أنه عنيد ويأخذ وقتا طويلا لكي يقتنع وأعتقد أن هذا من حقه‏,‏ ولكن في كثير من الأحيان أشعر بالاستهلاك النفسي مع هذا الأسلوب‏,‏ فمثلا في فيلم كابوريا أدت معايشتي للملاكمين في الأحياء الشعبية إلي ملاحظة أن لهم طريقة في قص الشعر وهي القصة التي ظهر بها أحمد في الفيلم‏,‏ وفي البداية رفض أحمد هذا الشكل وكان مصرا علي موقفه فما كان مني إلا أن أحضرت له الحلاق إلي الفندق ووضعته أمام الأمر الواقع‏.‏

أما المخرج علي بدرخان فيقول لقد عملت مع أحمد زكي عددا كبيرا من الأفلام مثل شفيقة ومتولي ـ نزوة ـ الرجل الثالث ـ والراعي والنساء ولا أستطيع أن أقول عنه سوي إنه مجنون بالتمثيل إذا تحدثت معه تحدث إليك وهو يمثل لك ما حدث بالأمس‏,‏ وإذا كان مرتبطا بفيلم معين أخذ يتحدث عن الشخصية أو بالشخصية ويأخذ آراء المقربين إليه فيها وفي ملابسها والإكسسوار الذي اختاره لها‏,‏ عندما أعمل معه أعطيه السيناريو وأطلب منه أن يكتب لي ملاحظاته‏,‏ أحيانا يكتبها بدون تفسير‏,‏ كأن يقول إن هذا المشهد مثلا دمه تقيل أو عندما أقرأ المشهد ربما اكتشف فعلا مشكلة فيه قريبة من المعني الذي قاله أو علق به‏,‏ أحمد زكي يعيش الشخصية‏24‏ ساعة في اليوم‏,‏ من الممكن أن يتصل بي في الفجر ليضيف تفصيلة ما فمثلا مشهد الفأر الذي يخرجه من بين فخذيه في فيلم الراعي والنساء هو الذي تخيله‏,‏ أيضا مشهد الضابط في نهاية فيلم نزوة هو الذي تصوره‏,‏ هكذا هو يعيش الحالة تماما وهذا هو أسلوبه‏.‏

ويتذكر محمد خان أول لقاء مع أحمد زكي قائلا‏:‏ أول مرة شاهدته كانت من خلال مسلسل الأيام وبعد ذلك شاهدته في مرة خاطفة في مكتب الفنان محمود ياسين‏,‏ ولم نجلس معا لكن شئيا ما بداخلي قال لي إنه ممثل جيد‏,‏ وأحمد كممثل يعشق أن يستفزه المخرج‏,‏ وعندما يستفز في مناطق معينة يخرج بالأداء الجميل الذي أريده‏,‏ دائما علي أن أتحداه خاصة في قدرته كممثل وهو يحب أن يعارض طول الوقت وهذه مشكلة أو أحيانا تصبح مشكلة حقيقية فمثلا في أحد مشاهد فيلم أحلام هند وكاميليا كان يفترض أن يقفز أحمد من النافذة ليدخل إلي الحمام حيث سيري عايدة رياض‏,‏ وهي في الحمام مضروبة وعندما طلبت منه القفز رفض وتحديته بأنني سأقفز وعندما قمت بالقفزة بشكل ليس جيدا انفعل هو وقفز ليثبت لي أنه أفضل مني ويستطيع أن يفعل ذلك لكنه أحيانا فعلا لا يسمع الكلام‏,‏ في أحد مشاهد فيلم موعد علي العشاء كانت يده في لقطة ما تظهر بوضوح وهو كوافير فطلبت منه أن يقص أظافره أكثر من مرة ولكنه لم يفعل واللقطة ظهرت فيها أظافره الطويلة بوضوح‏,‏ وفي نفس الفيلم كان عندي مشهد المشرحة وكان عندي أحمد زكي وسعاد حسني وكل منهما يمثل مدرسة في التمثيل لكل منهما طريقة مختلفة في التعامل‏,‏ ورغم صعوبة مشهد المشرحة إلا إنه صور مرة واحدة فقط ولم يعد تصويره وهذا نادر جدا‏,‏ يومها كانت معي كاميرتان والمكان كئيب جدا وسعاد كانت جالسة تأكل سندويتش وتشرب كوكاكولا‏,‏ لكي تداري توترها وجاء أحمد فقلت له لديك خياران إما أن أضعك في درج المشرحة وهنا يصبح المشهد قويا أو أضعك علي الرخامة في الخارج وسيكون هذا شيئا عاديا وكنت أحاول بهذه الطريقة أن أستفزه وأتحداه وكنت متأكد أنه سيختار أن يوضع في الدرج من الداخل وبالفعل أحضرنا له كولونيا‏,‏ أما سعاد فشرحت لها ماذا عليها أن تفعل كان عليها أن تنادي شكري وهو اسم أحمد في الفيلم‏,‏ وهي تبكي ثم تلمسه‏,‏ وفوجئت بها تقول لي لا لن ألمسه‏,‏ قلت لها حتلمسيه يا سعاد‏,‏ قالت لا أشعر أنني سألمسه‏,‏ قلت لها نصور وسنري ماذا سيحدث وضعت كاميرا علي مسافة متوسطة والكاميرا الأخري علي مسافة بعيدة وبدأنا وبالفعل لمسته سعاد بل إنها أمسكت به وأخذوا يجذبونها ووقعت ثم قامت ورغم جمال المشهد إلا أنني اضطررت إلي اختصار جزء كبير منه في المونتاج‏,‏ ومن قوة أدائها كان السيناريست بشير الديك يقف بجانبي ويبكي وتلقائيا وجدتني أصرخ بإيقاف الكاميرا ولا أعرف حتي الآن لماذا فعلت ذلك‏,‏ عرفت بعد ذلك أن أحمد بالداخل كان متوترا جدا وكان المكان حوله مظلما ولم يكن به سوي ثقب صغير يدخل منه شعاع النور ورغم هذا تحامل علي نفسه من أجل أن يخرج المشهد قويا‏.‏

يؤكذ المخرج داود عبدالسيد أن أحمد زكي ينتمي لجيل مهم في تاريخ السينما المصرية ويقصد تحديدا علي مستوي التمثيل‏,‏ فجيل أحمد زكي يختلف في أسلوبه التمثيلي وتطويع أدواته عن الأجيال التي تسبقه والتي تليه‏.‏

وهو من الفنانين القلائل في تاريخ السينما المصرية الذي وازن بين النوعية التجارية والفنية فهو قدم العديد من الأفلام الفنية ذات المستوي العالي جدا ونفس الحال في الأفلام التجارية‏,‏ ولكن أنا شخصيا أفضله في الأفلام الاجتماعية‏.‏

وعن تجربته معه في أرض الخوف بالفعل ما أنجزه أحمد زكي من شخصية يحيي التي صغتها علي الورق كان مرضيا بالنسبة لي‏,‏ لم يحدث أي خلاف بيننا أثناء التصوير‏,‏ ولكنه كان دائم التوتر والقلق‏,‏ وكثيرا ما كان يخرج توتره هذا في نقاش حاد مع أحد العاملين ولكن بعيدا عن الطاقم الأساسي للفيلم وأقصد مع الإنتاج مثلا‏,‏ لأنه في نفس الوقت كان حريصا علي أن يبعد هذا التوتر عن الممثلين أمامه أو المخرج ومدير التصوير‏.‏

وقد يكون هو من نوعية الفنانين الذين يحبون أن يعيشوا هذه الحالة من التوتر والقلق خاصة وأنه دائما ما يعمل علي الدخول في أدق تفاصيله الشخصية‏,‏ وأقصد جوانياتها حتي يستطيع تجسيدها بأقصي درجة صدق ممكن‏.‏

بالتأكيد كان يحدث وأن يقترح بعض التفاصيل للشخصية قبل التصوير‏,‏ وإذا وجدتها لصالح الشخصية كنت أوافقه فورا مادام الاقتراح لصالح العمل والشخصية‏.‏

ويري شريف عرفة أن أحمد زكي مدرسة في الانغماس التام في الشخصية الدرامية‏,‏ وهذا في كثيرمن الأحيان يسبب مشكلات له وللفيلم حيث إن نسبة الاحتراف في أداء أحمد زكي بسيطة جدا فهو لا يدخل ولا يخرج من الشخصية الدرامية بسهولة‏,‏ مشكلته إنه في كل مرة يتحول تماما إلي هذه الشخصية وهذا خطير لأن عدم وعيه هذا بموقعه الحقيقي كممثل قد يجعله يفقد السيطرة علي الأداء‏,‏ وأعتبر زكي الوجه الآخر لعدم سيطرة الممثل علي شخصيته الأصلية لحساب الشخصية الدرامية‏,‏ لكن المحصلة النهائية في أدائه أنه تلقائي بحيث لا يمكن أن يشك المشاهد في أن الذي يتحرك أمامه سوي بواب عمارة أو قاتل من الصعيد أو عسكري في الأمن المركزي‏,‏ وتلقائية أحمد هو الذي يصنعها يبحث عنها ويشكل تفاصيلها فهي تلقائية محسوبة وليست عشوائية‏,‏ والحقيقة أنه فاجأني في فيلم اضحك الصورة تطلع حلوة الذي قمت بإخراجه لأن الشخصية كانت مختلفة تماما عن المساحة التي لعب فيها أحمد حتي ذلك الفيلم‏,‏ فالشخصية لرجل في الخمسينيات شديد الطيبة والنبل والنزاهة وشديد الحب والتعلق بإبنته المراهقة ومع ذلك كان أداؤه مذهلا وهذه ميزة فيه‏,‏ إنه ممثل غير متوقع يفاجئك بأدائه طوال الوقت‏,‏ أذكر مثلا في أحد المشاهد بينه وبين أمه سناء جميل يقول لها إحنا كبار قوي يا أمه بس إحنا اللي مش شايفين نفسنا هذه جملة حوار تحتاج إلي إحساس معين ينعكس علي الوجه وينعكس في نبرة الصوت وربما أيضا ينعكس في حركة يد بسيطة‏,‏ وفوجئت بأحمد يقولها بمنتهي البساطة وبمنتهي التركيز في الوقت نفسه‏,‏ وأتصور أن ممثلين آخرين كان من الممكن أن يقولوها بحدة بنبرة صوت عالية وكأنهم يضعون تحتها خطوط حمراء وهذا يؤكد كم هو ممثل لديه قدرة حقيقية علي التلوين‏.‏

ويقول المخرج سعيد مرزوق لم يحدث أنني تعاونت مع أحمد زكي في أي من الأفلام لكن من زمان ومنذ شاهدته وأنا معجب به جدا وأذكر أنني أثناء تصوير فيلم الخوف لنور الشريف وسعاد حسني كان هو يمثل دوره في مسرحية مدرسة المشاغبين فكان ينتهي من العمل ويحضر لي في أماكن التصوير‏,‏ وأذكر أنني تنبأت له بمستواه حيث قلت إنه سيصبح واحدا من قلائل مميزين في عالم التمثيل وفي رأيي فإن ملعبه الحقيقي هو نجاحه التام في التقمص هو يدخل الشخصية إلي حد التماهي معها لا يكتفي فقط بأن يرتدي روح هذه الشخصية إنه يصبح هي نفسها‏.‏

ويؤكد رأفت الميهي أن أحمد زكي أفضل ممثل في العالم العربي وهو لا يستطيع أن يعيش إلا من خلال التمثيل مثله مثل السمكة التي لا تستطيع الحياة خارج المياه وهو أشبه بالحصان الجامح الذي يحتاج إلي جوكي بمعني مخرج قوي يفهمه ليضبط أداءه ويخرج منه جواهر الأداء‏.‏

وفي النهاية يقول عادل أديب‏,‏ أحمد زكي هو الذي منحني الفرصة الأولي لإخراج فيلمي الأول هيستيريا وأصر علي وجودي في الفيلم حيث كان السيناريست محمد حلمي هلال ومنتجة الفيلم ناهد فريد شوقي رافضين منذ اللحظة الأولي قيامي بإخراج الفيلم وكانا يضعان كل العراقيل التي يمكن تخيلها لي وقت التصوير وكان أحمد زكي يساندني بقوة ويقول لي دائما اسكت واشتغل لأنه كان يعرف ما يفعلانه جيدا‏*

الأهرام العربي في

19.03.2005

 
 

أوراق من مذكرات الفتى الأسمر 

‏            *‏ أول ما يتبادر إلي ذهني من أيام طفولتي العيد وعلي وجه التحديد ليلة العيد فحين كنت طفلا كنت أنام ليلة العيد بعد أن أرتدي الملابس الجديدة كاملة بما في ذلك الحذاء وذلك حتي أكون جاهزا في الصباح الباكر لكي أنهض رأسا وألحق بصلاة العيد ومنها إلي حيث نركب المراجيح طوال النهار أو بالأصح حتي آخر قرش في جيوبنا‏.‏

‏            *‏ أول مدرسة التحقت بها كانت مدرسة التربية الابتدائية في الزقازيق وفيها كنا نقدم من خلال حفلات المناسبات ـ مثل عيد المعلم وعيد الأم والأعياد الوطنية ـ الاسكتشات الفكاهية وكان أغلبها يعتمد علي سوء التفاهم ومنها ما كنا نقلد فيه برنامج ساعة لقلبك الإذاعي وكان يكتب لنا هذه الاسكتشات مدرس اللغة العربية وأعتقد أن بلورة حب الفن بدأت في المدرسة الابتدائية ثم تطورت في المدرسة الثانوية‏.‏

‏            *‏ التحقت بالمدرسة الثانوية الصناعية في الزقازيق واشتركت فورا بفرقة التمثيل وبعد فترة قصيرة أصبحت المسئول عن هذه الفرقة‏,‏ وفي أول تجربة لي ألفت ومثلت وأخرجت مسرحية قصيرة نلت عنها جائزة علي مستوي المدرسة‏,‏ وكان المسئول عن الفرقة هو معاون المدرسة الفنان وفيق فهمي ويومها كان ناظر المدرسة أيضا من هواة التمثيل‏.‏

‏            *‏ وبعد انتهاء المرحلة الثانوية التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية وحين تقدمت بأوراق انتسابي إلي هذا المعهد أذكر أنني حين ذهبت أول يوم وجدت الكثير من الشباب والبنات وجلست علي جانب ومعي الفنان سامي العدل والفنانة شهيرة وخلال هذه الجلسة تعرفنا وعندما نودي علي دخلت لجنة الاختبار وكانت مكونة من كرم مطاوع ـ سعد أدرش ـ جلال الشرقاوي ـ أحمد عبد الحليم ـ عبد الرحيم الزرقاني ـ المخرج أحمد زكي والدكتور علي فهمي والدكتور رشاد رشدي وكان المطلوب أن أؤدي مشهدين واحدا بالعامية والآخر بالفصحي وبعد أن أديتهما وجدت اللجنة تطالبني بأن أؤدي مشاهد أخري وفعلت ذلك فقالوا لي أنت ستنجح ولعل هذه من المرات القليلة التي يقال فيها هذا الكلام سلفا وقبل ظهور النتائج رسميا‏.‏

‏            *‏ وبعد التحاقي بالمعهد بشهرين طلبت للعمل ضمن فرقة المسرح الاستعراضي وكانت مسرحية القاهرة في ألف عام مع سعيد صالح وصفاء أبو السعود وإخراج الألماني ليستر أول عمل فني أشترك فيه وتقاضيت عنه‏25‏ جنيها ذهبت إلي وزير التموين‏!‏ أقصد عامل البوفية والمسئول عن توريد السندويتشات والعصائر في المعهد والذي كنا أنا وزملائي محمد صبحي وسامي فهمي نسميه وزير التموين‏,‏ وأثناء دراستي في المعهد اشتركت أيضا في فيلم من أجل ولدي مع فريد شوقي وسهير رمزي وإخراج نادر جلال‏.‏

‏            *‏ وبعد تخرجي كان أول مسلسل أشترك فيه بعنوان اللسان المر مع محمد السبع ـ زوزو نبيل ـ مصطفي متولي ـ مديحة حمدي وإخراج علوية زكي‏,‏ ومن أجري في هذا المسلسل اشتريت سيارة فيات‏.28‏

الأهرام العربي في

19.03.2005

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)