تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

من بوش إلى أوباما

هوليود تبحث عن اله!

أحمد بيومي

اعتمدت السينما على القصص الشعبية الفكاهية

قبل أسابيع قليلة أعلنت عاصمة صناعة السينما في العالم -هوليوود- عن مجمل إيرادات العام.. وبالنسبة للمهتمين والمتابعين لم يكن الأمر مفاجأة غير متوقعة؛ ففي سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ السينما الأمريكية احتلت أفلام ذات طبيعة خيالية المراكز الخمس الأولى في قائمة الإيرادات.

وبالنظر إلى ما أعلنت عنه هوليوود فالأفلام لها علاقة بالبطل الخارق، والخيال الجانح القادم من مجلات الفكاهة الشعبية المنتشرة في الولايات المتحدة الأمريكية؛ وهو أمر لا يثير الدهشة خاصة أن جماهير السينما الأمريكية في بحث دائم عن البطل الذي يجيد الدفاع عنها، ولم يعد المشاهد ينتظر شخصا بمواصفات بشرية كرجل شرطة يواجه ويطارد المجرمين، أو أب شجاع، بل يريد "بطلا خارقا" بالمفهوم الكامل للكلمة؛ بطلا فوق كل قدرة على التعريف.. يتجاوز كل مواصفات الإنسان العادي, ويتحدى الجاذبية، ويطير في الفضاء, وإذا ما سقط من ناطحة سحاب فإنه لا يخدش.

تيمات سياسية

ولعل العامل السياسي له دور مؤثر في توجيه اهتمام الشارع الأمريكي؛ فبعد ثمان سنوات قضاها الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في البيت الأبيض، وبعد الأوهام التي زرعها داخل العقلية الأمريكية، وبعد اكتشاف الشعب الأمريكي أنه كان محط سخرية دائمة، وأنه وبفضل رئيسه كان مراقبا طوال الوقت؛ فقد وجد الجمهور هذا العام في فيلم "فارس الظلام" بطولة كرستيان بيل، و"الرجل الحديدي" بطولة روبرت داوني، و"هانكوك" بطولة ويل سميث وتشارليز ثيرون، و"مطلوب" بطولة جيمس ماكوي، و"هيلبوي 2" مع رون بيرلمان، و"الرجل الأخضر" بطولة إدوارد نورتون.. وجد في هذه الأفلام البطل الذي يبحث عنه والذي يخبره الحقيقة دائما.. والحقيقة فقط.

وكانت الأعوام السابقة قد حفلت بهذا النوع من الأفلام، وحققت نتائج مالية عجزت عنها الأفلام ذات الطابع الإنساني مثل: "الرجل العنكبوت 3"، و"عودة سوبرمان"، و"رجال إكس 3"، و "بداية باتمان"، وهو الفيلم الخامس من السلسلة والأول في إعادة صياغة السلسلة بعد الأجزاء الأربعة الأولى التي توقف العمل عليها في منتصف التسعينيات، وبالتالي فإن "فارس الظلام" هو المغامرة الثانية على الشاشة لباتمان بعد "بداية باتمان".

افتتح "فارس الظلام" العروض الأمريكية بحصيلة ضخمة في الأيام الثلاثة الأولى بلغت 158 مليون دولار من السوق الأمريكية فقط -وما زال الفيلم يعرض حول العالم- وحقق حتى الآن ما يقارب 994 مليون دولار، أما الجزء الخامس الذي خرج للعرض قبل عامين فقد أنجز أقل من نصف هذا المبلغ حول العالم.. تحديدا 352 مليون دولار، وافتتح عروضا بـ 52 مليونا فقط.

سيرة باتمان

السلسلة بدأت مع المخرج تيم بيرتون؛ ففي عام 1988 انطلق المخرج تيم بيرتون ليصور الجزء الأول من المسلسل السينمائي المقتبس عن روايات "الفكاهة" الشعبية، وفي عام 1989 تم عرض ذلك الفيلم الذي تكلف 35 مليون دولار، واسترجعها بسرعة البرق مسجلا إيرادا عالميا قدره 315 مليون دولار.. البطولة في ذلك الفيلم كانت للممثل مايكل كيتون، وعاد في الجزء الثاني الذي أخرجه بيرتون أيضا تحت عنوان: "عودة باتمان" وذلك سنة 1991، وبلغت تكلفته ضعف ما كلفه الفيلم الأول، وجمع أقل بقليل مما جمع؛ "أي اكتفى بـ 283 مليون دولار حول العالم"، وهنا قرر بيرتون الاكتفاء بجزأين من الفيلم، وتوجه صوب أفلام أخرى فاستلم المهمة عنه جوويل شوماكر الذي كانت لديه أولويات مختلفة؛ ففي حين أن بيرتون غاص إلى الجو الداكن الذي تعيش فيه الشخصيات تبعا للرسوم الشعبية الأصلية، حاول المخرج شوماكر التصرف حسبما اعتقد أن الجمهور يريد.. النتيجة فيلم أكبر من حاجة هواة باتمان؛ لأنه يخرج عن الشخصية وعالمها كما جاء في الأصل.

الفيلم الثالث من السلسلة تكلف مائة مليون دولار، إلى جانب الدعاية والإعلان وكلفة التوزيع، وجذب 235 مليونا بفضل الأسواق الخارجية؛ إذ سجل الفيلم أقل من نصف هذا المبلغ أمريكيا.. فال كيلمر قبل البطولة في ذلك الفيلم مع تومي لي جونز وجيم كاري كوجهي الشر.. الطامة الكبرى كانت في الجزء الرابع "باتمان وروبين" ليس فقط أن شوماكر استنفد سريعا وسائل التشويق، بل جعل البطولة من نصيب المجرم "أرنولد شوارتزينجر"، بينما وجد بطل الفيلم، جورج كلوني هذه المرة، نفسه في الصف الثاني.. هذا الفيلم كلف 130 مليونا، وجمع من أمريكا 107 ملايين، ومن باقي أنحاء العالم 187 مليون دولار، ولأن كل دولار تكلفة بحاجة إلى دولارين ونصف من العائدات قبل أن يتم تسجيل الأرباح، فإن نتائج هذا الفيلم لم تضعه في خانة الأرباح.

هذا التاريخ "الباتماني" ليس فريدا في هوليوود اليوم؛ فالكثير من أفلام "الفكاهة" أو comics التي تحولت إلى أفلام سينمائية ركبت صهوة فرس يقفز مسافات طويلة حينا، ويكبح حينا آخر، لكن المثير هو أن الأفلام المأخوذة عن الكوميكس في ازدياد.. الأمر لم يعد يتوقف على "سوبرمان" و"باتمان" و"سبايدر مان"، أو "هلبوي" بل هناك مجموعة كبيرة من الشخصيات الأخرى التي ستعلن عن نفسها؛ حيث يغازل الممثلون الذين لم يقوموا بعد ببطولة شخصية من هذا النوع بعض الأفكار المطروحة والمشاريع الجاهزة في محاولة لضمان وجودها على قمة الإيرادات العالمية، من هؤلاء -كمثال فقط- هيو جاكمان، وتوم كروز، ونيكولاس كيدج، وآل كيلمر، وآخرون.

في الواقع هناك مشروع كبير يتم التحضير له لإطلاقه في عام 2011 بعنوان: "المنتقم الأول.. كابتن أمريكا" الذي وافق جو جونستون على إخراجه عوض جو فافرو الذي كان وافق عليه بناء على قوة إيرادات فيلمه "الرجل الحديدي" قبل أن تجد هوليوود أن الأفضل لفافرو البقاء في نطاق "سوبر هيرو" واحد وليس اثنين.

الهيرو المنقذ

سينما الكوميكس أو "الفكاهة الشعبية الخيالية" تستند إلى تلك الشخصيات المرسومة في مجلات شعبية ملونة.. المادة المنشورة فيها ليست ببراءة "دونالد دك" و"ميكي ماوس"؛ إذ تستهدف قراء من سن السادسة عشرة وحتى الثمانين ليست خلاعية، لكنها بالتأكيد عنيفة مع أبطال ينطلقون دفاعا عن المظلومين والمحتاجين للنصر والمؤازرة ضد الذين يغيرون على القانون، ويطوعون الحياة على النحو الذي يناسب مصالحهم، واللافت في معظم هذه الشخصيات، خصوصا في الشخصيات الأربعة الرئيسية المذكورة، هو أن البطل ينطلق من وضع بائس أو غير مميز إلى وضع بطولي رائد، كلهم يتمتعون بقوى يكتشفونها في ذواتهم على حين غرة: سوبرمان لا يعرف من أين جاء إلى أن يبدأ باستغلال طاقات ليست أرضية، وسبايدر مان كان شابا عاديا جدا حينما لدغه العنكبوت فحوله إلى رجل خارق، وبات مان كان عاديا إلى أن وقعت له حادثة حولته إلى بطل خارق، أما "العفريت" أو Daredevil فبطله كان محاميا أعمى، إلى أن أصيب بمؤثرات نووية تحوله إلى مقاتل من نوع خاص.

كلهم بالتالي ينطلقون من وضع "الزيرو" إلى وضع "الهيرو" مع اختلاف في القدرات خصوصا حين النظر إلى التفاصيل، وإذا ما كان جمهور هذه الشخصيات يحب شيئا في الحياة فهو يحب أن يشاهد أبطاله يحققون المعجزات التي يريد هو تحقيقها ولا يستطيع.. يريد أن يرى أن أحدا لا يستطيع أن يسطو على حقه من دون عقاب، وأن أحدا ليس فوق القانون.

المباشر يفشل

اللافت للنظر أنه في زمن من الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية غير المستقرة هناك مزيد من الراغبين في المضي سنوات ضوئية بعيدة في الخيال الجانح منتظرين بطلا خارقا للقوى العادية يستطيع المشاهد أن يثق بأنه سيدافع عن مصالحه ضد المعتدين؛ ما يفسر السبب الذي من أجله فشلت أفلام تعرضت لحرب العراق أو لمناطق في السياسة الأمريكية، في مقابل نجاح تلك الأفلام الخارقة للواقع، سقط عمليا -كما نعلم- كل فيلم له صلة مع الواقع السياسي المحيط مثل فيلم "حرب تشارلي ويلسون" بطولة توم هانكس الذي تناول موضوعا سياسيا "وليس عسكريا" يتعلق بأفغانستان، إلى "Redacted" إخراج برايان دي بالما الذي عالج موضوعا من صميم ملفات العراق: "قيام جندي باغتصاب عائلة عراقية"، ومن Lions for Lambs لروبرت ردفورد الذي طرح الوضع السياسي السائد متناولا الحربين العراقية والأفغانية، إلى W الفيلم الذي أخرجه أولي رستون والذي انطلق قبل أسابيع قليلة في عروضه التجارية الأمريكية ليحط في مركز متأخر، ثم ليتوارى عن الأنظار بأسرع من لمح البصر.

لكن الحقيقة هي أن هذه الأفلام، وسواها، المعنية بشئون واقعية وأفلام "السوبر هيروز" الجانحة في كل لون من ألوان الخيال والفانتازيا، تتساوى من حيث إن كليهما انعكاس لحالة القلق التي تملأ نفوس القسم الغالب من الناس في أمريكا أو في سواها من ناحية أنها أفلام تلبي حاجة جمهور يبحث عن الحقيقة، ومن ناحية أخرى تطرح هروبا من هذا الواقع، وتخيل واقع آخر يمكن فيه تحقيق العدالة فيه بعدما فشل تحقيقها في أرض الواقع، وإنقاذ أمريكا من أعدائها.

مشروع فيلم "المنتقم الأول.. كابتن أمريكا" ليس وحيدا حين السباحة في بحر المستقبل المنظور، وورنر -صاحبة "باتمان" و"سوبرمان"- تعمل الآن على تحويل "كونستانتين"، وهو شخصية كوميكس أخرى، وقد عين لبطولتها كيانو ريفز.. وتعمل شركة باراماونت على تجهيز مسلسل لشخصية أقل شهرة وليست أقل قوة هي شخصية "سكاي كابتن وعالم الغد" مع جود لو في البطولة.

والآن، فإن هذا المشروع في قائمة ما تود وورنر إنتاجه بعد عامين، وديزني أنقذت مشروع فيلم "witch" أو الساحرة وهو أيضا من تلك الشخصيات الخيالية ولديها "كاليون"، كلاهما من الصنف الأقل شهرة خارج نطاق هواتها المعنيين، وبالطبع هناك أجزاء جديدة من كل ما هو منتشر حاليا بدءا من "سوبرمان" إلى "باتمان"، ومرورا بأخرى مثل "الرجل الحديدي"، و"الرجل العنكبوت4" وحتى "العفريت" الذي كان بن أفلك قام ببطولته قبل ثلاثة أعوام ولم يحقق نجاحا ساطعا في ذلك الوقت، إنه جزء مما يتم تحضيره على هذا السياق في عصر يبدو واضحا فيه أن الكلمة الأخيرة في تحقيق العدالة والقانون لم يعد بأيدي النظام ولا المؤسسات التابعة مباشرة له؛ فهذه الأفلام إذا ما كانت، عبر أبطالها، تؤسس لشيء، فبالتأكيد أن الحياة اليوم لا تزال كما كانت غابة خطرة، وأن القانون وحده ليس كافيا -وأحيانا ليس مؤهلا- للتغلب على مخاطرها.. إنه بحاجة إلى سوبرمان.

صحفي مهتم بالشأن الثقافي

إسلام أنلاين في

10/02/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)