يتكبّرون على التكريم ولا يحضرون ويحصدون النتيجة في آخرتهم...
بقلم محمد حجازي
يريد الفنانون النجوم بهرجة ووجاهة وحضور وجوه توازيهم أهمية مثل
الوزراء على سبيل الحصر، إضافة إلى اعتبارات أخرى تجعلهم يعطون
موافقتهم على حضور مهرجان أو حفل، أو احتفالية، أو عرض، أو تكريم.
منذ أيام حضرت كل هذه العناصر في ليلة احتفالية مهرجانية سينمائية
شبابية لكن النجوم لم يحضروا لتسلّم الدروع التكريمية التي تحمل
أسماءهم... كل المطلوب منهم تسلّمها فقط، فلا حضروا ولا اعتذروا
ولا أرسلوا مَنْ ينوب عنهم في استلامها، فبدت الصورة غير مريحة
بحضور وزير الثقافة وبعض مسؤولي الأجهزة الثقافية.
نُودِيَ تِباعاً على نور الشريف، يحيى الفخراني، خالد الصاوي، لقاء
الخميسي، صبري عبد المنعم، علي بدرخان، مجدي رشوان، أسماء وأسماء
ولا أحد منهم يُجيب... لأنّهم أصلاً لم يأتوا...
هذا المناخ مُعتاد في المهرجانات العربية، ومنها خصوصاً المصرية،
وإذا كنّا ضد الذين ينوبون عن الفنانين فقط من أجل الفوز بتمثال
معدني لإضافته إلى المجموعة الكبيرة من التقديرات التي ينالونها في
ظروف مختلفة، فإنّنا بالتأكيد لا نصدّق أنّ الفنان لا يأتي ولا
يرسل ممثّلاً ينوب عنه.
هذه مشكلة حقيقية.. وغير مقبول من الفنانين هذا الاستخفاف في
التعاطي مع الجهات التي تتّصل بهم لتكريمهم.. عليهم أنْ ينظروا إلى
الغرب ويتعلّموا منه، إنّ الكبار لا يغيبون عن أي احتفالية يُدعون
إليها، ويعتبرون أنّ كل كلمة تقدير لهم تُعتبر وساماً يستحقونه في
حياتهم خصوصاً المتأخّرة بعد مسيرة طويلة، إلى الحد الذي يوصف
بأنّه شحنة معنوية فائقة الرفعة والقيمة، بعض الفنانين ما عادوا
يرونها ضرورية بعد طول جماهيرية ونجومية وثراء، يعني «لزوم ما لا
لزوم له».
الصورة الآنفة سبق لنجم مصري أنْ رسمها لنا في واحدة من دورات
مهرجان القاهرة السينمائي التي حضر ختامها في مكان قريب من
الاحتفال وليس فيه، وعندما سألناه: لماذا تتصرّف هكذا؟ بادرنا: ما
فيش فايدة من اللي بيعملوه هنا، حفضل أجمّع في الجوائز والدروع لحد
إمتى، وعلشان إيه، هذه كذبة علينا وعليهم وعلى الجميع.
يردّد النجوم أنّهم يكتفون من حب الناس، من تصفيقهم والكلمات
الجميلة التي يتودّدون بها إليهم، وصحيح أنّ التقديرات المكتوبة،
أو المنقوشة أو المرصّعة تصبح كلها غير ذات بال على الدوام، لكن
هناك مَنْ يخلط بين المفهومين ويقول: حب الناس حاصل عليه، وهذه
الشهادات والتقديرات سأراها لوحدي لاحقاً ولن تفيدني في شيء.
وهنا يخطر ببالنا ما كان قاله لنا الفنان المتميّز محمد توفيق في
سنّه المتقدّمة: خذوا كل ما نلته من جوائز ودروع وعالجوا لي عيني
كي أرى جيداً، وأعطوني مالاً أصرفه على يومياتي.
ياه.. كان كلاماً صعباً، قاسياً وحقيقياً.
لكنه يجيء كالعادة متأخّراً، وليس في وقته، فلن يسمعه أحد، لأنّ
الناس تسمع الفنان والأضواء مضاءة فوق رأسه وحواليه، وعندما يزول
الضوء لا يعود حتى للفنان فعل حياة في دنيا جمهوره، لذا السؤال:
لماذا لا يبادر والشهرة في عزّها لأنْ يُتمّم صورتها ويدعمها، بأنْ
يكون حاضراً حين يُدعى كي يكرَّم، هنا يكون كل شيء مناسباً وفي
وقته، سيسمع تصفيقاً وكلاماً جميلاً وسيُحاط بكل عناية ورعاية
واهتمام.. لأنّه حين تنحسر عنه أضواء الشهرة ويراه الجمهور سيقول
أفراده: «يا حرام ليك فلان كيف صار..».
الشفقة تحلُّ مكان التقدير، ويغدو الفنان ذليلاً، وهي أرذل مراحل
الحياة عنده، حيث لا يخلو الأمر من أنفة وتكبّر ورؤية الأمور خطأ
أكبر من حجمها الطبيعي، ثم تكون المفاجأة حين يجد نفسه غير قادر
على شيء فيدفع الثمن هو وحده، لا أحد حوله، والكل يمالئه، لا
يجالسه، ولا يتفاعل معه، ويتعاملون معه على أنّه شيء من الماضي ولا
حاجة إليه تدعو لأي دبلوماسية معه.
ومعروف أنّ من أبلوا بلاء طيباً في شباب شهرتهم، ظلّت الأنظار
مصوّبة عليهم باحترام أكبر، لأنّ مَنْ تكبّر على الجمهور مرّة سيجد
الحساب عسيراً في ما بعد والجمهور الذي ينظر إليه على أنّه يقبل
بكل شيء هو أشد حساسية ورقّة مشاعر من الفنانين أنفسهم، يعني سرعان
ما يغضبون، وتتوزّع صفوفهم في أكثر من اتجاه ولا يعودون كالصورة
المأخوذة عنهم، يحبّون، يصفّقون ولا تفارق الضحكات وجوههم، إنّهم
يتحوّلون إلى الضد.. وسريعاً.
«أرق» و«السر المدفون» مع وجوه لبنانية وحضور في الصالات لأسبوعين
فقط
(Survivor)
شريط رتيب يكرر أجواء سبق وتناولها آخرون!!!
عربيان على شاشاتنا في عروض جماهيرية..
إنهما اللبنانيان:
-
السر المدفون، إنتاج شركة الأرز، وإخراج الإيراني علي غفاري مع
فريق لبناني كامل يتقدمه: باسم مغنية، عمار شلق، كارمن لبس، يوسف
حداد، ورصد لواقع أحد المقاومين الذي نفذ العديد من العمليات ضد
الإسرائيليين ولم يكن يعرف بأمره سوى والدته.
-
حراس الزمن الضائع، أو «أرق» للمخرجة الشابة ديالى قشمر، وفيه
تواكب مجموعة من شباب المقاتلين السابقين في صفوف «حركة أمل»، وكيف
هي يومياتهم حالياً بعيداً عن الأوضاع التي كانت سائدة، بصراحة
يروون كل شيء عن واقعهم ولا يتوانون عن الاعتراف بأمور مفاجئة.
{ (Survivor):
شريط جديد في 96 دقيقة، صوّر بكامله في لندن بميزانية 20 مليون
يورو، إخراج جيمس ماكتايغ، عن سيناريو لـ فيليب شيلبي، وأحداث تكاد
تكون مكررة عن عمل إرهابي يتم التحضير له في لندن لكي ينفذ في
نيويورك ليلة رأس السنة، ولا ندري كيف رضي أحد أفضل العملاء «صفر
صفر سبعة» بعد شون كونري، بيرس بروسنان الذي يحمل بندقية قناص على
مدى الفيلم استعداداً للخطة الحاسمة بالتنسيق مع وجوه أوروبية هذه
المرة، حيث خبير في الكيميائيات ينظم توليفة داخل مخزن كبير يتم
حمله إلى أحد أكبر أبنية نيويورك لإحداث أكبر انفجار عند الـ 12
ليلاً، من ليلة رأس السنة.
التحضيرات وفق الفيلم تتم في لندن، وسيد اللعبة الميدانية يتقدّم
من السفارة الأميركية في لندن طالباً تأشيرة دخول إلى أميركا، ولأن
السفارة استعانت أخيراً بخبيرة أمنية تراجع الطلبات المقدمة، فقد
اشتبهت في هذا المهندس وطلبت التريّث في الموافقة على منحه
التأشيرة، وإذا بالرجل يحظى بالتأشيرة بضغط من أحد الفاعلين، يجنّ
جنون المرأة (ميلا جوفوفيتش) وتتحرك لوقف هذه المهاترة، واستكشاف
ما الذي يحصل فعلاً، حيث تعززت الشكوك حوله، ومع مصرع أكثر من رجل
أمن خلال فترة وجيزة، وتعرّضها هي لمحاولة إغتيال من المسؤول
المباشر عنها، ثم من صانع الساعات (بروستان)... هنا تسارع إلى
تدارك الأمر وتعدّ لرحلة إلى نيويورك بعدما عرفت بأمر سفر حامل
التأشيرة إلى نيويورك ووصلت إلى هناك وشاهدت الصانع، وطالب
التأشيرة وتعززت الشكوك بأن هناك عملاً سيئاً يتم تدبيره، فصعدت
إلى المبنى المقصود واستطاعت منع الصايغ من تنفيذ تفجير كبير يؤذي
مئات الآلاف ممن تجمعوا في الساحة العامة احتفالاً برأس السنة.
شريط عادي جداً، لفتنا فيه الممثل ديلان ماك ديرموت، وأنجلينا
باسيت في دور السفيرة الأميركية في لندن.
(Danny
Collins):
«آل باتشينو» الفكاهي الساخر أفرح قلوبنا
لمَّاح.. عميق وممثل لا يضاهى خدمه نص عبقري في سياقه وعمقه...
ما أروع آل باتشينو في آخر أفلامه..
النجم الذي أحببناه مقاتلاً وعرَّاباً وقاسياً في مواجهة أعدائه
على الشاشة من المجرمين، يخوض مجال الكوميديا الساخرة، المعبّرة
ويسجل هدفاً في المرمى الجماهيري يحسده عليه كل زملائه الكبار.
(Danny Collins)
جديده الممتع، الذكي والباسم على مدى 106 دقائق، نص وأخراج دان
فوغلمان يعتبر درساً مهماً في كتابة السيناريو، و«الكاستنغ»
المميّز والمناسب وقدرة الممثلين كل في موقعه على ملء فضائه الخاص
وبلوغ أرفع مكانة في الأداء.
بساطة حتى التلاشي..
لكن عمق ليس كمثله عمق في مناخ غنائي موسيقي عائلي إجتماعي درامي
من دون بلوغ الميلودراما، انطلاقاً من شخصية داني كولينز،
المتداخلة، المتبدّلة، المزاجية، الصلبة، والمتغيّرة، الطيبة،
والفاعلة كموهبة في الغناء والموسيقى، مع جمهور رائع من الشابات
والشباب.
هو فيلم صغير الانتاج.
عشرة ملايين دولار فقط كلفته، فيما أثره يجعله ثقيلاً، له وزن
الكبار ولا مجال معه لتصوّر أن أحداً يحل مكان أحد من فريقه على
الشاشة.
داني مغنٍّ معروف ناجح والكل ينتظره حين يقيم حفلات واسعة ورحبة
ويحظى بالكثير من التقدير والإعجاب، لكنه مدمن على المخدرات، على
التبذير في مصاريفه، على عدم الإنتباه إلى صحته أبداً، ومع ذلك فان
رجلاً عنيداً صادقاً وصديقاً يقف إلىِ جانبه على الدوام هو مدير
أعماله فرانك غروبمان (كريستوفر بلامر) الذي يعتبر ضابط إيقاعه،
والأقدر بين الجميع على فرض ما يريده عليه منعاً لانهياره أو تدهور
حالته بطريقة من الطرق.
فرانك ورغم وجود طائرة خاصة بـ كولينز أبلغه بأن وضعه المالي غير
جيد، وبالتالي عليه التصرف ومعرفة أفضل طريقة لانقاذ نفسه، بمعنى
أن يوقف التبذير ويعتمد نظاماً متواضعاً في الحياة لا يكون مكلفاً،
وإذا به يهدي عاملاً في استقبال الفندق سيارته الفارهة، وتقع عيناه
على مديرة الفندق الجميلة رغم تقدّمها في السن ماري سينكلير (آنيت
بينينغ)، يحاول إيجاد جسر بينهما لعلاقة مميّزة لكنه هو من يخالف
المواثيق في كل مرة، إنه مدمن، ويقوم بأفعال شائنة غير مقدّر
العواقب، وهو استقبل في جناحه بالفندق صديقته مع صديقها، وحوَّلوا
المكان في لحظات إلى جحيم لا يطاق.
لكنه يغني في أحد المرابع.
يحضر إبنه توم دونللي وحفيدته الصغيرة، وزوجة ابنه سامانتا (جنيفر
غارنر) وماري وكلهم يلاحظون كم هو حضوره رائع، وكم جمهوره متميّز
وقادر على تحمّل مزاجه وما يخطر بباله من وقت لآخر، التقرّب من
ابنه يمر بفترات مختلفة لكن ورغم تعثره يكون مشهد الختام جميلاً
عندما يقول داني لإبنه:
«لقد
تعوّدنا عندما يناديك السيد دونللي تكون هناك نتيجة سيئة صحياً،
وعندما يناديه بإسمه توم يكون الخبر الصحي إيجابياً». لذا ففي
المشهد الأخير حيث ينتظر كولينز مع نجله في صالون العيادة يخرج
الطبيب وينادي: توم. ويقفل الفيلم على هذا النداء: توم، يعني الخبر
جيد.
موسيقى الفيلم أليفة وحميمة لـ ايان ادامس وتيودور شابيرو.
«بيتر
سيلرز» مكرّماً في لبنان...
في 29 و30 من أيار/ مايو الجاري تكرّم الجامعة الأميركية في بيروت
خلال إحتفالها الأكاديمي السنوي النجم الانكليزي العالمي بيتر
سيلرز المتوفي عن 54 عاماً، في 24 تموز/ يوليو 1980.
سيلرز المتوفي قبل 35 عاماً، إسمه الأصلي ريتشارد هنري سيلرز،
التحق خلال الحرب الثانية بالسلاح الجوي الملكي، وبعد الحرب عمل
على مدى تسع سنوات في إذاعة الـ «بي. بي. سي» (بين عامي 1951
و1960) عبر برنامج
(The Goon Show).
بدايته السينمائية كانت عام 51 في فيلم
(Penny Points to Paradise)
بإدارة المخرج أنطوني يانغ عن نص لـ جون أورموند، وفي التمثيل:
هاري سيكومب، وآلفرد ماركس، وكانت مدته 77 دقيقة. وتم تصويره
بالكامل خلال ثلاثة أسابيع فقط بين برايتون وإيست سوساك.
النجوم والأفلام...
طوى مهرجان كان السينمائي الدولي دورته الـ 68 وسط تناقض في ردود
الفعل على الأفلام التي عرضت في التظاهرات الرسمية أو تلك التي
قدّمت خارج المسابقة وهي كثيرة وكبيرة.
«كان»
هذا العام، أياً تكن النتيجة التي خرج بها المشاركون، سطع فيه
النجوم وكانت السينما محط مفاجأة لأنها كانت أقل مما كان منتظراً
منها. |