فجر يوم جديد: {زهور تتفتح}!
كتب الخبر: مجدي
الطيب
لا أنكر أن حبي للأفلام الروائية القصيرة والتسجيلية والتحريِك،
وكراهيتي للأسطوانة المشروخة التي نرددها دائماً بالقول إنها
«السينما المظلومة» أو «المجهولة» من دون أن نُحرك ساكناً أو نخرج
من دائرة القول إلى الفعل، كان دافعي الأول للتقدم إلى قيادات
التلفزيون المصري بفكرة برنامج «اتفرج يا سلام»، الذي لم أنكر منذ
البداية أنه «منحاز» لسينما لا تجد الاهتمام الكافي، سواء من
المسؤولين في وزارتي الثقافة والإعلام أو القيمين على بعض
المهرجانات التي تنظر إليها بوصفها «سد خانة»!
لم أفرح بالموافقة على فكرة البرنامج بقدر سعادتي لأنني نجحت في
إقناع قيادات التلفزيون المصري بأن البرنامج لن يعتمد الشكل
التقليدي الذي يحاور فيه المذيع ضيفه، وإنما يعتمد، وهذا هو الجديد
في رأيي، على إسناد مهمة مناقشة الأفلام بحضور أصحابها إلى نقاد
السينما المصرية، بأطيافهم وثقافاتهم وتوجهاتهم كافة، وهي الخطوة
التي نظر إليها البعض بوصفها مغامرة غير مأمونة العواقب!
تلقيت الموافقة في أكتوبر من العام 2013 غير أن أولى حلقات
البرنامج ظهرت على شاشة القناة الثانية بالتلفزيون المصري في
العاشر من يناير 2015، وفيها قدمت فيلم «أحد سكان المدينة» للمخرج
الشاب أدهم الشريف، الذي كتبت عنه وعن فيلمه الذي كشف عن مخرج يملك
موهبة واعدة وخيالا جميلا، في هذه الزاوية (مقالي «عودة الكلب
الضال» في 16 أبريل 2012) وشرفتني الناقدة الكبيرة خيرية البشلاوي
بالنزول ضيفة على الحلقة الأولى، حيث تولت مناقشة المخرج وإلقاء
الضوء على الجوانب المضيئة والمهمة في الفيلم، الذي كان يتناول
«سيرة حياة كلب»!
بعدها دارت العجلة، وتوالت الحلقات، التي لم يتخل البرنامج خلالها
عن دعمه الكامل، وانحيازه العلني، إلى جيل الشباب وأفكارهم، فقدم
فيلم التحريك «فرخة ولكن» (إخراج ثلاثة مخرجين)، والتسجيلي «أوني»
إخراج سالي أبو باشا «القاهرة من خمسة إلى سبعة» إخراج أحمد أبو
الفضل والروائي القصير «برد يناير» إخراج روماني سعد، «ستة» للمخرج
بهاء الجمل، «انقطاع» إخراج تامر السعدني، «أنا مخرج الفيلم» إخراج
الأخوين سوني «كيف تراني؟» إخراج سعاد شوقي، «أيه العبارة» إخراج
كريم شعبان، «أسود ملون» إخراج حسن البليسي... وغيرها من التجارب
التي لا تنبئ بأننا على موعد مع مخرجين أكفاء يملكون الرؤية الفنية
فحسب وإنما لديهم من الأفكار الطازجة والحلول الخلاقة ما يعينهم
على طرح الهموم الإنسانية، وتقديم قضايا الواقع الراهن بشكل رائع،
فمن تناول ظاهرة التحرش، عبر فن التحريك، إلى رصد الحياة اليومية
في الأفلام التسجيلية، وصولاً إلى أشكال متعددة ومتباينة من
المدارس والأساليب والاتجاهات السينمائية المختلفة التي عبرت عنها
أفلام مثل: «أسود ملون»، «ستة»، «سكارف»، «رمادي»، «حقيقة واحدة»
و»مجرد ساعات» أظهرت التجارب التي طُرحت للرأي العام، وأصبحت في
متناول رؤية رجل الشارع البسيط للمرة الأولى، أن السينما المصرية
ينتظرها مستقبلاً طيباً على أيدي شباب هذا الجيل، الذي رفض «صدام
الحضارات» وتبنى الدعوة إلى ضرورة الحوار بين الشرق والغرب، كما في
فيلم «من فوق لتحت» إخراج ياسر هويدي. وثمن لغة الحوار، وحذر من
خطورة تجاهل ثقافة الاختلاف، كما في فيلم «كيف تراني؟» إخراج سعاد
شوقي. ولم يهب الموت مثلما لم ينتهك قدسيته، كما في فيلم «الجرس
يرن»، الذي يقدمه البرنامج في حلقة مقبلة بحضور مخرجته فاتن نعيم.
وتأسى على ضياع قيم وتقاليد الزمن الجميل في فيلم «مع فائق
الاحترام» إخراج محمد محسن. واقترب من معاناة البشر، ورصد قصص كفاح
بعضهم، كما في الفيلم التسجيلي «أم أميرة» إخراج ناجي إسماعيل،
الذي يحكي معاناة امرأة مكافحة. وينسف الصورة الذهنية التي رسخت
لدى الكثيرين، كما فعلت المخرجة دينا محمد حمزة في الفيلم التسجيلي
«داخل خارج الغرفة»، الذي قدم الجانب الإنساني المجهول في شخصية
«عشماوي» المعروف لدى الجميع بأنه المسؤول عن تنفيذ حكم الإعدام في
المتهمين!
تبقى مسؤولية أجهزة الدولة المعنية بالحفاظ على موهبة هؤلاء
الشباب، وتوفير الإمكانات، والموازنات، التي تؤجج شحنة الإبداع
لديهم، وتدفعهم لمواصلة المشوار الطويل، وتحميهم من السقوط في
دائرة الإحباط والتشاؤم، في حال انهيار الحلم نتيجة التخلي عن دعم
أفكارهم النبيلة، وتجاربهم الواعدة، فهؤلاء الشباب هم، في رأيي،
«الورد اللي فتح في جناين مصر»، كما أطلق عليهم الشاعر أحمد فؤاد
نجم في قصيدته الشهيرة، وقال عنهم، وهو يُخاطب مصر: «يصونهم لك
ويحميهم.. يكترهم.. يخليهم.. يجمع شملهم بيكي.. يتمم فرحتك بيهم..
صباح الخير على ولادك.. صباح الياسمين والفل».
ريهام حجاج : أعشق السينما... ودوري مختلف في {كرم الكينغ}
كتب الخبر: أمين
خيرالله
شاركت في كثير من الأعمال الدرامية منذ سنوات عدة، واتجهت أخيراً
إلى السينما حيث شاركت في أكثر من عمل. في حوارها مع «الجريدة»
قالت الممثلة ريهام حجاج إنها تعشق السينما منذ صغرها، لكنها كانت
تنتظر السيناريوهات التي تستحق التقديم، مؤكدة أن العمل في «الفن
السابع» ممتع لكنه شاق جداً... إلى نص الحوار.
قال البعض عنك إنك متعالية، خصوصاً بعدما انسحبت من العرض الخاص
لفيلم «كرم الكينغ»؟
على العكس تماماً. لست متعالية ولا يمكن أن أكون كذلك، لكني كنت
مرهقة جداً خلال العرض الخاص، لكن إصراري على الحضور كان السبب في
تواجدي، فقد استجمعت قوتي، وسجلت مع كثير من القنوات والصحافيين.
لكن
ما اضطرني إلى مغادرة المكان فعلاً المشادات والمشاجرات التي حدثت
أثناء العرض، والتي أجبرتني على ترك المكان والانسحاب فوراً كي لا
أشتبك مع أحد، ولا أعطي فرصة لأي شخص كي يغضب مني.
·
هل من الممكن أن يكون النجم متعالياً على الجمهور؟
صعب جداً أن يتعالى النجم على جمهوره، فالأخير هو من يمنحه الشهرة
والنجومية، وإذا تعالى الفنان عليه فإنه في هذه الحالة يعزل نفسه
عن الناس الذين يصنعونه، ويقفون بجانبه.
لكنني
أطالب الإعلاميين الذين حضروا العرض الخاص كتابة ما حدث بمنتهى
الدقة والشفافية، لأن ترويج الأكاذيب عن الفنان يضر بعلاقته
بالجمهور.
·
لكن الجميع يعرف ما حدث خلال العرض الخاص. لماذا القلق إذاً؟
أقلق لأن الموضوع تحوَّل إلى مجرد دعاية من مواقع أوصلت الأمر إلى
أنني اشتبكت مع الجمهور، ورفضت التصوير معه وعاملته بمنتهى القسوة
والجمود.
إعلام ومواقف
·
هل أنت راضية عن دورك في الفيلم وعن رد فعل الجمهور؟
الحمد لله. راضية تماماً عن دوري في الفيلم، خصوصاً أنني أجسد
شخصية تعيش في أحد الأحياء الشعبية، وهو دور مختلف بالنسبة إلي، لا
سيما عندما يحدث صراع عليَّ بين نجمي العمل محمود عبدالمغني ومنذر
رياحنة، ما يجعل الأحداث تتوالى بغزارة.
·
كنت ترفضين المشاركة في الأفلام التي تتضمن راقصة ومغنٍ شعبي، كما
قلت في أحد لقاءاتك التلفزيونية. ما السبب في تراجعك عن هذا
الموقف، فالفيلم يضم راقصة وأغاني وحارات شعبية؟
عندما ينضج الفنان أو تزيد خبرته تتغير وجهة نظره في بعض
الموضوعات، وهو ما جعلني أكتشف أنه ليس المهم عدم المشاركة في فيلم
بهذه المواصفات التجارية، لكن المهم فعلاً هو وجود قصة وسياق
وإخراج ومجموعة فنانين متميزين ومتجانسين مع بعضهم البعض، ما يجعل
الفيلم ثرياً ويتضمن أحداثاً شيقة.
وأنا
فعلاً أصبحت أفرق بين الفيلم الجيد وغير الجيد بغض النظر عن كونه
تجارياً أم لا، لأن العبرة عندي أصبحت تقاس بمقدار توفير المناخ
الملائم لنجاح العمل.
·
قدمت فيلم «يوم مالوش لازمة» مع محمد هنيدي وهو كوميدي... ألم تخشي
من عدم تقبل الجمهور لك في هذا الدور، وأيهما تفضلين الكوميدي أم
التراجيدي؟
طالما تمنيت تقديم عمل كوميدي، وعندما عرض عليَّ فيلم «يوم مالوش
لازمة» شعرت بالرهبة الشديدة، خصوصاً أنه أمام كوميديان كبير مثل
هنيدي، لأنني مقتنعة بأنني لست كوميديانة بل خفيفة الظل والجمهور
يتقبلني. والحمد لله، وجودي بجانب هنيدي جعل الجمهور يتجاوب مع
الكوميديا البسيطة التي قدتمها.
سينما
·
قدمت أعمالاً درامية كثيرة والآن اتجهت إلى السينما. أيهما أفضل
بالنسبة إليك؟
الاثنان لا بديل عنهما بالنسبة إلى الفنان، لكن معظم الممثلين يرى
أن السينما تصنع تاريخ الفنان وأن الدور السينمائي يبقى عالقاً في
ذهن المشاهد، على عكس الدراما التلفزيونية التي تتوالى في كل موسم
درامي، خصوصاً رمضان. ولحسن حظي، غالبية المخرجين الذين تعاملت
معهم في الدراما التلفزيونية هم في الأساس مخرجو سينما وطريقة
عملهم تشبه السينما تماماً.
عموماً، أعتقد أن الفن السابع أصعب لكنه أمتع بالنسبة إلي. ولا
ننسى أن للعمل في التلفزيون صعوبته أيضاً، فكثرة عدد الحلقات
تعتبر شاقة وتحتاج إلى التفرغ التام، خصوصاً أن ثمة مسلسلات يصل
عدد حلقاتها إلى 90 حلقة أحياناً، مثل «هبة رجل الغراب»، وهو ما
يعني صعوبة الخروج من نطاق هذا الدور بعد فترة طويلة.
·
هل تشعرين بالقلق بسبب نجاحك في مسلسل «هبة رجل الغراب»؟
هذا العمل جيد ونجح في جذب الجمهور، لأنه كوميدي وخفيف الظل ويدور
في إطار مختلف عن باقي المسلسلات المعروضة في التوقيت نفسه،
واستطاع الحمد لله، جذب الجمهور الذي تفاعل معه.
وللعلم الجمهور لا يبحث عن الفكرة الخفيفة فحسب بل عن العمل
المتكامل، والدليل نجاح مسلسل «سجن النسا»، الذي كنت أشارك فيه
أيضاً، لأنه جيد وتم تقديمه بشكل رائع.
«العذراء
والأقباط وأنا»... تجربة مشاكسة لنمير عبد المسيح
كتب الخبر: نانسي
عطية
يسرد المخرج المصري نمير عبد المسيح، على مدار 80 دقيقة إيمان
المسيحيين بتجلي السيدة مريم العذراء وظهورها في مصر، من خلال
فيلمه الروائي التسجيلي «العذراء والأقباط وأنا». يسافر المخرج
الفرنسي المنشأ إلى أقاصي الصعيد ملتقياً الأهالي للاستماع إلى
حكاويهم المغلفة بالإيمان والتسليم بالمعجزات، في أجواء درامية
حفلت بالمفارقات والسخرية المنطقية من الأحداث.
يروي المخرج أنه بدأ تصوير فيلمه «العذراء والأقباط وأنا» منذ عام
2007 وانتهى منه في 2011، تحديداً «قبل ثورة 25 يناير بشهرين»،
وقرر تسليط الضوء على الإيمان المطلق من المسيحيين حول ظهور السيدة
مريم، قارعاً جرس الشك والسخرية على تلك القضية، متجهاً إلى محافظة
أسيوط بوسط الصعيد ليسمع حكايات المصريين أقباطاً ومسلمين حول
ظاهرة رؤية العذراء.
يستعرض نمير في فيلمه علاقة المصريين بالدين والقدسية بين الطرفين،
محاولاً كسر التابوه والكشف عن استغلال الدين لأغراض سياسية
أحياناً. يقول في هذا المجال: «كنت أعلم أن الفكرة حساسة، لكن هنا
يتجسد الدور الحقيقي للسينما والتزامها في اقتحام المحظورات».
استخدم نمير أفراد عائلته في الصعيد، كمادة فنية أثقلت معنى الفيلم
ورسخت لفكرته بسخرية واعية، وبعد غياب 15عاماً عن عائلته الصعيدية
المتدينة، استطاع أن يجعلهم أبطالاً حقيقيين في فيلمه يقصون عليه
رؤيتهم للعذراء، يقول نمير: «في بداية الأمر رفضوا الفكرة تماماً
باعتبارها تشكك في معجزة الظهور، ولم يقتنعوا إلا بعد أن أقنعتهم
بأنه تمثيل خيالي لن يعتب الرب عليكم فيه».
كانت ثمة تخوفات من المخرج بعدم فهم الفيلم نظراً إلى تداخل
مستويات السرد فيه، حيث يبدأ السرد الأول برحلة الشاب المصري في
اكتشاف سر تجلي العذراء الذي قام بدوره المخرج نفسه، والسرد الثاني
الأكثر تداخلاً وهو يستعرض كواليس صناعة إنتاج فيلم داخل الفيلم
نفسه مستعيناً بأفراد عائلته في التمثيل.
وجاء ظهور والدة المخرج المصري في فيلمه محض الصدفة، حيث يروي عبد
المسيح عن مشاكل عدة واجهته مع منتج الفيلم لأسباب مادية، فقرر
بعدها التخلي عنه، «أمي عرضت علي أن تكون منتجة الفيلم، وطبيعة
الفيلم التسجيلية من قت إلى آخر جعلته حافلاً بظهورها».
غياب الدعم
يكشف المخرج سببين حول إنتاج شركة فرنسية قطرية للفيلم، قائلاً:
«المنتجون في مصر لا يهتمون بالأفلام التسجيلية ويعتبرون ألا قيمة
لها، وأذكر يوماً أن أحد المنتجين نصحني بتمويل الفيلم بعيداً عن
مصر حتى لا يتم التضييق عليه من أي جهة إبداعية»، ورغم الاهتمام
النسبي بالسينما المستقلة فإن نمير يرى ندرة المراكز الحكومية
والداعمة لتلك الأفلام.
الفيلم من نوعية الأفلام الروائية الوثائقية، لما يستعرضه من مشاهد
حقيقية عام 1968 تصور مسيحيين يلتفون حول الكنيسة الشهيرة بمحافظة
أسيوط لمشاهدة ظهور العذراء، ومشاهد أرشيفية أخرى للظاهرة في كنيسة
العذراء في حي الزيتون بالقاهرة، والصراع الذي يواجهه نمير مع
أسرته حول التشكيك بتلك الظاهرة.
اعتبر نمير حصول الفيلم على ثلاث جوائز في مهرجان الإسماعيلية منذ
سنوات عدة كأفضل فيلم تسجيلي طويل، هي الجائزة الأقرب إلى روحه
قائلاً: «شيء جميل إنك تتكرم في بلدك»، وكما حصل على جائزة أفضل
فيلم من جمعية نقاد السينما المصريين، وجائزة صلاح التهامي كأفضل
فيلم.
وعلى الصعيد الدولي، منح الفيلم في مهرجان تريبيكا بنيويورك جائزة
أحسن فيلم روائي وثائقي لعام 2012، وجائزة ثالث أحسن فيلم في
مهرجان برلين الدولي لنفس العام، وتم عرض الفيلم في مهرجان كان
السينمائي الدولي. |