مسألة التفاصيل في الدراما العراقية
عبد الخالق كيطان*
يشير "فلتروسكي" إلى أن النص الدرامي، وإن كان الحوار مهيمناً
عليه، تخترقه فجوات عديدة، وهي الفجوات التي يعمل المخرج، والممثل،
والمصممون كل في اختصاصه، على ردمها. ولا يمكن تقديم النص الدرامي،
والحالة هذه، دون ردم تلك الفجوات، فهي تشكل نقاط ضعف أو قوة أي
عمل درامي.
ومشكلة العمل الدرامي الأساسية، تلك التي تتفرع عنها مشاكل أخرى،
تكمن في جماعيته. بمعنى: لا يمكن أن نستنتج أن العمل الدرامي سين
هو عمل عملاق لمجرد أن كاتبه هو أحد أبرز الكتاب في العالم. يصحّ
ذلك في حال قمنا بقراءة العمل بوصفه نصاً أدبياً، أما ترحيله إلى
منطقة الفن، والصناعة الفنية، فإنه يتطلب شروطاً عديدة من أجل أن
يصيبه النجاح، وتلك الشروط تتعلق، باختصار شديد، في الاختصاصات
العديدة التي عليها أن تتعامل مع ذلك النص فتحوّله إلى عمل فني.
ان جماعية العمل الدرامي قد توصله إلى ذروة النجاح، كما أنها قد
تسقطه في الرداءة، وبالتالي النسيان.
لا يمكن، والحالة هذه، القفز على أو تجاوز العناصر المؤسّسة
والداخلة في صناعة العمل الفني، وهي عناصر عديدة ويؤدي كل عنصر
منها واجباً معيّناً.
هل تستطيع الآن تخيّل مشهد درامي بلا أزياء؟ أو بلا مؤثر صوتي، وإن
كان صمتاً؟ هل تستطيع تخيّل مشهد بلا إضاءة، بلا إكسسوار، بلا قطعة
ديكور، أو حتى بلا ممثل؟
يستطيع منظّرو الدراما العبثية، ودراما اللامعقول، الإجابة عن مثل
هذه الأسئلة بكلمة واحدة: نعم. نستطيع ذلك. ولكن مشكلة هذا الجواب
أنه يحصر نفسه في نوع فني واحد، قد لا يصلح للعرض التلفزيوني.
دراما المسرح لا تشبه دراما التلفزيون، ولا دراما السينما، وإن
اتفقت هذه الدرامات على عناوين مشتركة.
في الدراما التلفزيونية يكمن سر النجاح في عناصر أساسية، بينما
تشكل عناصر أخرى، عمليات دعم وإسناد للعناصر الأساسية، دون أن يعني
ذلك أنها عناصر هامشية. العنصر الأساسي والعنصر الثانوي يشكلان
الرسمة النهائية للعمل الفني التلفزيوني.
ولعل قصة المسلسل، حدوتته، حكايته، هي أول العوامل. المشاهد
التلفزيوني يبحث عن القصة الغريبة. تلك التي يراها على شاشة
التلفزيون فينبهر بها. هي ليست قصة واقعية، بمعنى أنها قصة يراها
عبر الشاشة فيندمج معها ولكنها لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع.
أعظم قصص الدراما التلفزيونية تلك التي تشاهدها فتصدقها مع أنك
تعرف أنها لا تحدث في الواقع. ومن المستحيل ان تحدث في الواقع. أما
القصص التي تتطابق مع الواقع فهي قصص سرعان ما ينساها المتفرج بعد
انتهاء عدد حلقات المسلسل التلفزيوني من العرض. لماذا؟ لأنه يشاهد
مثيلاتها كل يوم في واقعه اليومي فلماذا تعلق في ذاكرته؟ والذاكرة
مستودع الأسرار. مستودع القصص والحكايات النادرة فقط. أنت لا تحتفظ
في ذاكرتك بكل القصص التي مررت بها، إنما تلك التي صدمتك غرابتها.
والدراما واقع محايث. بمعنى أن الكاتب الدرامي يصنع حياة أخرى غير
الحياة التي نعيشها. عليه والحالة هذه أن يخلق حياة، شيئاً لا
ينسى. وبالطبع لا تشبه حياتنا. قد تتقاطع الحياتان بطريقة أو
بأخرى، ولكنهما قطعاً لا يجب أن تتشابها، أو تتطابقا.
ان من أبرز مهمات المخرج الدرامي هو العمل على سد فجوات النص الذي
بين يديه، لا تنفيذه.
يكتب المؤلف الدرامي مئات الصفحات، وهو معني، بعد صياغة القصة التي
تحدّثنا عنها، بصناعة شخصيات العمل، والعناية بأبعادها، وبشكل خاص،
النفسيّة، إلا أن هذا الكاتب يغفل، بقصد أو بدون قصد، عن سرد
التفاصيل التي تغني المشهد، بصرياً وصوتياً.
ومن الأمثلة البسيطة، والتقريبية، على مثل هذه الحالة، ما يمكن
متابعته في شرح المشهد الآتي:
نحن أمام مجموعة من الشخصيات. المكان: مقهى. تخوض هذه الشخصيات في
حديث معين. والحديث، بالطبع، له صلة بما قبله وما بعده من مشاهد في
زمن المسلسل.
المؤلف الدرامي أغفل عن ذكر بعض التفاصيل في هذا المشهد، ولكن
المخرج لم يغفل.
لقد صور المخرج لقطات عديدة لإغناء المشهد، على شاكلة: قوري من
الشاي يغلي على نار هادئة. موقد حطب. رجل يمسك بمسبحة. عامل المقهى
وهو يحمل أربعة استكانات من الشاي بيده بمهارة. رجل يخرج من
المقهى. رجلان يلعبان الطاولة. مذياع في أعلى الحائط. صورة معلقة
لزعيم سياسي أو لشخصية نافذة. رجل يضع يده أسفل خده ويستغرق في نوم
عميق... الخ
أنت ترى عدد اللقطات المحتملة في هذا المشهد، وهي لقطات لم يدونها
المؤلف الدرامي لسبب أو لآخر، ولكن المخرج اجترحها من أجل تدعيم
رؤياه البصرية والسمعية للمشهد. وأنت ترى، أيضاً، أن هذه اللقطات
تتميز بقدرات تأويلية، وكذلك لمسات فنية مختلفة ومهارات في التأثيث
والماكياج والأزياء وخلق الجو العام.
وإليك المثال الآخر: المؤلف يكتب عن شخصية تضيع في الصحراء. هي
عطشى بالتأكيد. وهي حائرة.
هل يكتفي المخرج بمثل هذه الملاحظات؟ كلا.
من الممتع والملائم جمالياً في هذه الحالة أن يعكس المخرج عطش وتيه
الشخصية من خلال الملامح: الماكياج، ومن خلال الزي: الملابس التي
تعرقت مثلاً. هل ستصدق ما يجري لو أظهر لك المخرج هذه الشخصية
التائهة، والعطشى، وهي ترتدي بدلة أنيقة، وبربطة عنق، مثلاً؟
ان العاملين في الانتاج الدرامي ليسوا مكملين لعمل النص الدرامي،
أو ملحقين بعمل المخرج الدرامي. هذه نظرية مغلوطة جداً. في الحقيقة
أنهم جميعاً ينتجون نصوصهم الابداعية. مسألة ملء فجوات النص
الدرامي ليست للتسلية، أو لإكمال الواجب. انها عملية معقدة، ذلك
أنها تتعامل مع عنصر الاقناع بالدرجة الأساس. وكما لاحظت، في
المثالين السابقين، فإن ملء فجوات المشهدين كفيل بإنجاحهما
وإيصالهما إلى المتفرج بيسر، والعكس صحيح.
كثيراً ما نقرأ ونسمع عن موت، أو فشل الدراما العراقية. كثيراً ما
نسمع عن سخط الجمهور على هذه الدراما، ولكننا لا نشرح أسباب ذلك
الفشل، مع أننا نمتلك كتّاباً ومخرجين وممثلين وفنيين مميزين.
يمكن تلخيص موضوع هذه النقمة برمّته في مسألة الإقناع. فالمشاهد
العراقي لا تقنعه الدراما المحلية. وبالرغم من سذاجة موضوعات
الدراما التركية، على سبيل المثال، إلا أنها تقنعه، وتشدّه وتثير
انتباهه. البعض يقول أن السبب في جمال أشكال الممثلين! لا. أنا
أعتقد أن الأمر يعود للقدرة على الاقناع. اقناع المشاهد بأن ما
يجري أمامه هو حق صرف، واقع معاش. فهل يمكنك أن تذكر لي شيئاً من
هذا القبيل يخصّ أعمالنا الدرامية؟ المسؤولية هنا لا تتعلق بعمل
الممثل فقط، بل بكل ما يسهم في صنع المشهد وتقديمه للجمهور. الممثل
هو الواجهة التي تختفي وراءها عشرات العناصر، وعشرات الفنيين،
والخبرات والابتكارات.
في النتيجة لا يمكن الاعتماد بشكل نهائي على جودة النص الدرامي، مع
أهمية ذلك، بل في دقة التفاصيل التي تؤثثت المشهد، وهي التفاصيل
التي يكون مسؤولاً عنها عدد من العاملين في الحقل الفني، بدءاً من
المخرج وليس انتهاء بأصغر مساحات عمل هؤلاء العاملين. جدير بالذكر
أن بعض المخرجين يلجأ إلى تسميات على شاكلة: المدير الفني، أو
المشرف الفني، أو مدير المشروع، أو منسق المناظر... الخ تأخذ على
عاتقها مراقبة ومتابعة التفاصيل التكميلية للمشهد، إلا أن جهود
هؤلاء تصطدم بالفردية، وبالتالي كثيراً ما تقصّر في أداء واجبها.
ان سرّ نجاح العمل الفني التلفزيوني يكمن في تكامل عناصره، بمعنى:
أن يقوم الفنّيّون، بمختلف اختصاصاتهم، بإكمال فجوات النص
الدرامي.
*كاتب عراقي مقيم في سيدني
ذاكرة السينما: فيلم واترلو
عرض: كمال لطيف سالم
تمثيل: رود شتايكر
اخراج: سيرجي بندرجوك
هذا الفيلم حشدت له امكانيات عالية توازي مستوى ما تهيأ لفيلم
"الحرب والسلام" –قصة تولستوي، واخرجه بندرجوك الذي تولى اخراج هذا
الفيلم الذي اجتمع على صياغة قصته كل من جين انوبل وهاري كريج، من
انتاج الايطالي دينودي لورتنس بمعاونة استديو موسفيلم- ولقطات
الفيلم تنقل لنا اجواء عام 1814 وهو العام الذي دخلت باريس قوات
روسيه وانكليزية ونمساوية ، وهي القوى التي تحالفت ضد نابليون الذي
استسلم دون قيد او شرط.
وفي جزيرة البار وبعد مضي اقل من سنة اي عام 1815 استعد نابليون مع
جيش قليل العدد وقرر العودة الى فرنسا لاستعادة عرشه وفعلاً دخل في
20 اذار باريس وحكم لمدة مائة يوم. وهذا الامر دعا دولا اوربية
للانضمام الى اللقاء حيث وضع الجيش تحت قيادة ولنكستون. فدخلوا
معركة وارتلو التاريخية .
المخرج بندرجوك سبق وان اخرج فيلم –الحرب والسلام- وكانت رؤية
المخرج هي فرصة تتبع مسيرة نابليون وهي مواضيع سبق وان عالجها في
فيلم –مصير الانسان- والفيلم يطرح فكرة كيف تتقولب مصائر وسلوك
وافعال الرجال في بوتقة الحوادث التاريخية وفلسفة الفيلم مرتبطة
بشخصية نابليون نفسه والاندحار الحربي اساساً بعيداً عن الاندحار
الذاتي.
والممثل الاميركي رودشتايكر الذي سبق له ان حصل على جائزة الاوسكار
على دورة في فيلم –سخونة الليل- هو ممثل واقعي يميل الى شخصية
شابلن فهو اختير لتمثيل هذه الشخصية رغم عدم شبهه به الا ان له
خبرة قوية في سبر اغوار مثل هذه الشخصيات فهو لا يكرر نفسه مرتين
وكما يصفه المخرج جوك انه ينمو داخل الشخصية وقد استعمل قناعا
مطاطيا للمثل رود شتايكر ليبدو قريب الشبه من نابليون .
يقول بندر جوك عن فيلمه "اريد لفيلمي ان يكشف عن نابليون الانسان
وليس تمثاله واحسن طريقة كما اعتقدت هي الايمان بقدرة الممثل
شتايكر الذي حقق كل ما اريد وسيجد المشاهد انه ممثل مقنع."
المخرجة الأميركية روري كنـَدي تتحدث عن فيلمها الوثائقي "الأيام
الأخيرة في فيتنام"
ترجمة: نجاح الجبيلي
مرّت الأسبوع الماضي الذكرى الأربعون لسقوط سايغون ونهاية حرب
فيتنام. وقد احتفت محطة "سي.بي.تي.في" بهذا الحدث بعرض برامج خاصة
بالمناسبة بضمنها فيلم "الأيام الأخيرة في فيتنام: التجربة
الأميركية" للمخرجة روري كنـَدي الذي ترشح إلى جوائز الأوسكار 2014
في فئة الأفلام الوثائقية.
كندي هي ابنة أخ الرئيس الأميركي جون ف. كندي الذي اغتيل، وابنة
الوكيل العام الأميركي والمرشح الرئاسي روبرت كندي الذي اغتيل
أيضاً، إذ تتعقب آخر يومين في الحرب بينما كانت الولايات المتحدة
تحاول أن تخرج دبلوماسييها وجيشها إضافة إلى القوات المتحالفة
المعرضة للخطر في فيتنام الجنوبية بينما كانت سايغون تؤول إلى
السقوط.
تجري حكاية الفيلم الوثائقي من خلال المقابلات مع أولئك الذين
تورطوا في الجلاء المحفوف بالخطر بضمنهم حينئذ وزير الخارجية هنري
كيسنجر إضافة إلى طالب من فيتنام الجنوبية كان من بين أولئك الذين
كانوا ينتظرون نقلهم بالطائرة خارج البلد.
وفي هذه المقابلة تأمل روري كندي أن يلقي الفيلم الضوء على تلك
اللحظة التاريخية.
·
ما الذي جذبك ِ إلى موضوع الأيام الأخيرة في حرب فيتنام وما الذي
وجدته مؤثراً؟
حفزني على صنع الفيلم مشاهدة برنامج "تجربة أميركية" في "البي بي
أس". كان رد فعلي الأولي: بعد أن قـُدِّم الكثير جداً عن فيتنام،
فهل بوسعي أن أقدم جديداً في هذا المجال؟ حين قفزت إلى تاريخ الحرب
وماذا حدث في السفارة وجنود المارينز الذي تركوا والقصة حول السفير
والتصرفات الاستثنائية التي تنم عن الشجاعة التي لم نكشف عنها شعرت
بالدهشة. كان الحدث من الأهمية والعمق إذا ما قارناه بما يحدث
اليوم فإنّ له معنى حقيقياً. آمل أن نفهمه ونروي القصة التي تستحق
أن تروى.
·
ما كان قصدك حين طورت هذا الفيلم الوثائقي؟ هل كان تعبيراً سياسياً
أم طريقة لتعليم الناس أم مجرد تسلية تاريخية؟
كنت أريد من خلاله تعليم الناس والتوثيق التاريخي لما حدث في ذلكما
اليومين. لكني رغبتُ أن أروي القصة دون راوٍ أو مؤرخين. لدى الناس
مشاعر قوية حول ما حدث. أردت أن تأتي القصة من الناس الذين عاشوا
التجربة مباشرة كالطيارين والناس في السفارة والفيتناميين الذين
تركوا هناك وأولئك الناس الذين كانوا بالفعل على خطوط الجبهة في
تلك الأيام. إنها تدعى "الأيام الأخيرة" لأنها كثيرة جداً من
المنظور الأميركي لكن لب القصة من المنظور الفيتنامي. ذلك جعلني
سعيدة جداً حين يتخلى الناس عن المسرح ويعقدون رابطة لما يحدث في
العراق وأفغانستان. وأنا أحب أن يراه الشباب، أولئك الذين لا
يعرفون الكثير جداً عن حرب فيتنام.
·
أرى القليل من السياسة تنز لكن على نطاق شخصي، كتب الكثير جداً حول
عامل "ماذا لو" حين تؤخذ الحرب في الاعتبار. "ماذا لو" أن عمك لم
يقتل أو "ماذا لو" أنّ أباك لم ينتخب رئيساً. هل تكون النهاية
مختلفة؟
لن نعرف أبداً لكن حسّي، بعد البحث وقراءة الكتب حول عمّي جاك
بضمنها كتابات "آرثر شليسنجر"، هو أنّ عمي لم يكن راغباً بمتابعة
حرب في فيتنام. وبالرجوع إلى عام 1968 أشعر بقوة بأن أبي انخرط في
سباق رئاسي ليخرجنا من فيتنام. اعتقد أنه لو عاش وانتخب لكنا خارج
الحرب حالاً. كان لديه حسّ بالمسؤولية تجاه الناس.
·
أعلم أنكِ صانعة فيلم محنكة لكن لا بدّ من أنكِ واجهتِ جهدا كبيراً
لكي تعثري على الشهود في تلك الأيام. كيف أقنعتِ الناس الذين كانوا
هناك للتحدث إليك؟
لا أعرف كيف أجيب. لقد عملت في الأفلام الوثائقية لمدة 25 سنة.
روينا قصة محددة بطريقة جدّ محددة وأغلب الناس الذين اقتربنا منهم
استثمرناهم في القصة. عليهم أن يثقوا بأننا قادمون على روايتها
بالطريقة التي كانوا يروونها لنا جوهرياً. في الماضي لم تجر
معاملتهم بشكل جيد في أوساط الأخبار أو بقية الأفلام الوثائقية.
عرفوا كم كانت القصة درامية وأنها قصتهم فأرادوا أن يشاركوا بها.
لكن السؤال الأخير: كان هل كانوا يثقون بي؟ لقد فعلوا. الشخص
الوحيد الذي كان أكثر قناعة هو هنري كيسنجر الذي دعانا للعودة في
أحد الأيام وقال أنه من الممكن أن يمنحنا 20 دقيقة معه. هرعنا
للقائه. كان لديه تذكر استثنائي لتلك الأيام، من كان هناك وأية
معلومات اشتغلوا عليها والسبب في اتخاذهم القرارات. وانتهى إلى أن
بقي معنا ساعة كاملة.
·
أعلم أن الفيلم الوثائقي قد تم عرضه سابقاُ ، كيف كان رد الفعل حين
شاهده الجمهور الفيتنامي ؟
كان في غاية التواضع والإدهاش. قدمنا العديد من العروض وتعاونا في
الجهود مع البي بي أس و"الأمريكان أكسبرينس". في إحد العروض، مدينة
أورانج كاونتي بولاية كاليفورنيا التي تضم تجمعات كبيرة من
الفيتناميين، كانت ردود الفعل عميقة جداً. أكره التعميم لكن حدث
الأمر عدة مرات. الشباب الفيتنامي سوف يشاهده ويقول:" ليس لدي فكرة
عما كان يكابده أمي وأبي" وما يتحملانه للقدوم إلى هذا البلد. ذلك
الجيل الفيتنامي الأقدم انتقل إلى هنا ولا يريدون أن يتحدثوا عن
الماضي. قدموا إلى هنا بالقمصان فقط على ظهورهم. بالنسبة للعديد،
الذين شاهدوا الفيلم الوثائقي، كانت المرة الأولى التي سمحوا
لأنفسهم أن يعيدوا زيارة تلك الأيام. خسرنا حرباً لكنهم خسروا
بلداً. بالنسبة للعديد منهم يشعرون أن في هذا الفيلم كانت المرة
الأولى التي تعترف الولايات المتحدة رسمياً بما حدث. كان الفيلم
مرشحاً للأوسكار واعتقد أن رد الفعل النقدي هذا له معنى. اعتقد أن
الفيلم يرسل رسالة بأننا نعترف بتخلينا عنكم.
·
يبدو هذا أمراً ساحقاً عاطفياً. هل بكيت حين جرى الكشف عن المشروع؟
بكيت لكني فيّ شيء قليل من الطفولة.. وما أزال مليئة بالدموع. في
هذه الحالة كانت هناك القلة من الأفكار الجيدة المتاحة لحكومة
الولايات المتحدة. اعتقد أن الدرس يكمن في أننا حين ندخل حرباً
علينا أن نمتلك ستراتيجية للخروج منها. وفي حالة فيتنام اعتقد أن
فكرة الناس في مختلف الأمكنة يحاولون بشكل متزامن أن يفعلوا الشيء
الصحيح. إنها مسألة إتباع القلب وفعل الشيء الصحيح الذي هو فكرة
بسيطة. كان الأمر بالنسبة للبعض تلمس الغفران بدلاً من طلب
الرخصة.
·
كيف يقاس هذا المشروع بالنسبة لمشاريعك الأخرى وما جديدك؟
لا أستطيع أن أقول أنه فيلمي المفضل، إذ كان هناك فيلم "أتيل" حول
أمي. لكنه ارتقى إلى القمة. أشعر كأنّ هناك مكاناً خاصاً في قلبي
لفيلم حول أمي وفيلمي الأول "فجوة أميركية". لديّ أفكار قليلة
أطورها لكني غير متأكدة من العمل القادم.
سوق دبي السينمائي يركّز على مكانته في دعم صناعة السينما العربية
أعلن مهرجان دبي السينمائي الدولي عن خطط وبرامج سوق دبي السينمائي
لعام 2015 مؤكّداً على مكانته في دعم صناعة السينما العربية،
وليكون ملتقى السينمائيين ومحترفي صناعة السينما من جميع أنحاء
العالم، على أن تقام ضمن أنشطة دورته الثانية عشرة في الفترة من 9
– 16 كانون الاول المقبل.
يأتي هذا في إطار الإعلان عن عودة "ملتقى دبي السينمائي" سوق
الإنتاج المشترك الذي أطلقه المهرجان لأول مرة في عام 2007 بهدف
الترويج للسينمائيين العرب، وتحفيز نمو الإنتاجات المستقلة في
المنطقة، حيث ساهم الملتقى على مدى السنوات الماضية في دعم وتقديم
الكثير من المشاريع التي حققت نجاحاً جماهيرياً ونالت استحسان
النقاد في جميع أنحاء العالم.
وفي تأكيدها على إنجازات ملتقى دبي السينمائي، قالت شيفاني بانديا،
المدير الإداري لمهرجان دبي السينمائي الدولي "نحن سعداء بعودة
ملتقى دبي السينمائي استجابة لطلبات السينمائيين من جميع أنحاء
العالم العربي، حيث سيقوم الملتقى بالتعريف بالسينمائيين العرب،
ويفتح أمامهم الأبواب للإنتاج المشترك مع دول العالم، ويساهم في
إثراء المشهد السينمائي والثقافي في العالم العربي."
وقد تم فتح باب قبول طلبات المشاركة في ملتقى دبي السينمائي
للمشاريع الروائية وغير الروائية الطويلة لمخرجين عرب أو من أصول
عربية، بهدف اختيار مجموعة من هذه المشاريع وتقديمها للمنتجين
الدوليين. يُذكر أن آخر موعد لتقديم الطلبات على موقع المهرجان على
الإنترنت هو الأول من آب المقبل.
على صعيد آخر، يواصل برنامج "إنجاز" ضمن سوق دبي السينمائي الدولي
دعمه لإنتاج المشاريع السينمائية، إضافة إلى تلك التي في مراحل ما
بعد الإنتاج، وذلك بهدف الدفع بعجلة ونوعية الإنتاج السينمائي
العربي. وكان البرنامج قد قدّم الدعم لعدد من المشاريع آخرها "إن
شاء الله استفدت" للمخرج محمود المساد من الأردن، و"روحي" لجيهان
شعيب من لبنان، و"الكلاسيك" للعراقي الكردي هلكوت مصطفى، و"شبابيك
الجنة" للتونسي فارس نعناع، و"السمك يقتل مرتين" للمصري فوزي صالح،
و"3000 ليلة" للفلسطينية مي المصري، و"أراب آيدول" للفلسطيني هاني
أبو أسعد، و"جلد" للسورية عفراء باطوس، إضافة إلى "الوجه الآخر
لتشرين" لماريان زحيل من لبنان، و"ثقل الظل" لحكيم أبو العباس من
المغرب. وبهذا يشكل البرنامج إنجاز محور مركزي لمبادرات سوق دبي
السينمائي في تطوير صناعة السينما العربية، إضافة إلى اكتشاف
المواهب الصاعدة، كما يعكس تنوع وغنى المشهد السينمائي في العالم
العربي. وحتى اليوم، قدّم البرنامج الدعم لأكثر من 110 أفلام، كما
عرض 17 منها في الدورة الحادية عشرة للمهرجان.
وتواصل دار الساعات السويسرية الفاخرة "آي دبليو سي شافهاوزن"
دعمها لصناعة السينما في المنطقة، حيث تعود جائزة المخرجين
الخليجيين بقيمة 100 ألف دولار للعام الرابع، وذلك بهدف تمكين
المخرجين من الوصول بأعمالهم إلى الشاشة الكبيرة، على أن يُفتح باب
الاشتراك في الجائزة في موعدٍ لاحق من الشهر الجاري.
في هذا الإطار، أقام سوق دبي السينمائي شراكة ستراتيجية مع "مارشيه
دو فيلم" الذي يقام تحت مظلة مهرجان كان السينمائي لعرض خمسة أعمال
عربية قيد الإنجاز بحضور العديد من وكلاء المبيعات والتوزيع
والاستحواذ ومبرمجي المهرجانات الحاضرين في كان. ويقوم سوق دبي هذا
العام بتنظيم برنامج خاص ضمن "ركن الأفلام القصيرة" في كان، يضم
خمسة من الأفلام التي تضمنتها دورته السابقة، إضافة إلى الفائزين
بمسابقة "ذا ريل دبي" ومسابقة "سامسونج" للأفلام القصيرة. ويعتبر
"ركن الأفلام القصيرة" منصة مثالية للوصول بهذه الأفلام القصيرة
للمجتمع السينمائي الدولي، ويخلق فرص احتكاك وتعارف مهمة لهؤلاء
المخرجين.
وثائقي "حديث العلويين" في بي بي سي
متابعة/ المدى
أنتجت قناة بي بي سي عربي فيلماً وثائقياً بعنوان (حديث العلويين)
تم بثه يوم الاثنين الفائت الموافق 18 مايو / أيار الجاري. فمع
احتدام الصراعات في الشرق الأوسط، وخاصة الصراع السوري، برز اسم
الطائفة العلوية واحتل دورها حيزا من التغطية والتحليل.
ولكن هذا الفيلم الوثائقي لم يكن عن دور العلويين السياسي أو
العسكري ولا يتطرق إليه، لأن مفاتيح فهم العلويين ووضعهم الحالي
تكمن في التعرف على أسس مجتمعهم وفكرهم التي ما زالت مجهولة
بالنسبة للعديدين.
الوثائقي سعى إلى عرض فلسفتهم الدينية التي بدت دائما أسيرة
الغموض، و يتحدث فيه رجال دين علويون أمام الكاميرا لأول مرة. تسعى
بي بي سي من خلال الفيلم إلى استطلاع الملامح الثقافية والمجتمعية
للطائفة، وعرض المراحل التاريخية المفصلية للطائفة في كل من سوريا
وتركيا.
وفي مرسيليا يعرض الوثائقي تفاصيل مجهولة من تاريخ العلويين الحديث
من خلال شهادة أحد أبناء الطائفة القاطنين اليوم في هذه المدينة في
جنوب فرنسا. ويتجول فريق بي بي سي في مدن ومقامات في لواء إسكندورن
في تركيا لنرى للمرة الأولى احتفالات وطقوس العلويين يوم عيد
الغدير، ويطلع على ما يجمع العلويين في تركيا بإخوانهم في سوريا،
في وقت يدق فيه الصراع أبواب المناطق العلوية في الساحل السوري. |