عادة ما تتناول الأفلام التسجيلية أو الروائية التي تتحدث عن
الثورة المصرية الأحداث الجاهزة التي وقعت في ميدان التحرير، والتي
امتدت بعد ذلك إلى معظم محافظات مصر، جميع هذه الأعمال بلا استثناء
خلدت ذكرى الثورة وما تبعها من أحداث على مدار أربع سنوات،
باستخدام مئات الأفلام والشرائط المسجلة التي تنتقل من فيلم إلى
آخر، وقليلة هي الأعمال التي واجهت هذا الحدث السياسي الكبير من
منظور من لم ينتموا إلى أي جهة، خاصة في بعض مدن صعيد مصر، وهي
المحافظات التي تجنبت ما حدث في شمال مصر، نظراً لطبيعتها الخاصة،
محافظات الصعيد لها قواعد تحكمها، رغم أن بعضا من قرى الصعيد تعاني
من فقر مدقع، لكنها مع ذلك لم تتفاعل في البداية مع ما يحدث في
التحرير، مدن شمال الصعيد تحكمها عادات وتقاليد شديدة الصرامة،
التي لازالت تسيطر على أهل هذه المدن، خاصة عادة الثأر، لذلك تجنب
ثوار ميدان التحرير والمدن الساحلية دعوة أهل الصعيد للانضمام
إليهم، أما مدن جنوب الصعيد فأوضاعها الاقتصادية ليست أفضل، هذه
المدن تعتمد على الزراعة والسياحة بشكل أساسي، لذلك وجد أهلها أن
في إشعال الاضرابات السياسية وعدم استقرار الحالة الأمنية خرابا
كبيرا لأعمالهم، خاصة أن مواردهم ترتبط بحركة السياحة التي انخفضت
إلى درجة مرعبة بعد عزل مبارك ولم تعد إلى طبيعتها حتى شهور قليلة
ماضية، من خلال هذه الرؤية الفريدة تناولت المخرجة الفرنسية
المقيمة في مصر أنا روسليان هذا النموذج المهمل سينمائياً، في
فيلمها التسجيلي «أنا الشعب» التي قامت بتصويره في إحدى قرى محافظة
الأقصر جنوب مصرة قبل اندلاع ثورة 2011 وحتى عام 2013، وعرض للمرة
الأولى في مصر خلال حفل افتتاح الدورة الحادية عشرة لمهرجان لقاء
الصورة الذي ينظمه المركز الثقافي الفرنسي في القاهرة، الفيلم عرض
للمرة الأولى في مهرجان بلفور للأفلام التسجيلية في فرنسا وحصد
الجائزة الكبرى.
هذا العمل يعكس رؤية أسرة بسيطة تحتفظ بكل مقومات الحياة الريفية،
رغم الضغط الاجتماعي التي تتعرض له ويجبرها على استخدام بعض أدوات
الحياة المدنية على مضض، مثل الهاتف المحمول أو «الدش» لاستقبال
القنوات الفضائية الأخرى بعدما فقدت القنوات الحكومية مصداقيتها في
تناول أحداث الثورة، أسرة «فراج» هي أحد النماذج المندثرة للحياة
الريفية الخالصة، التي تعيش على الاكتفاء الذاتي من عملها، الأب
يعمل خلال النهار في زراعة أرضه، وتساعده زوجته وابناؤه من دون
كلل، أين تكمن مشكلة هذه الأسرة مع النظام الحاكم، ولماذا تنفصل عن
الطبيعة الهادئة التي تحيط بها وتنخرط في حياة سياسية لم تدرك
أبعادها، المخرجة عايشت تفاصيل حياة هذه الأسرة على مدار ثلاث
سنوات، أكدت من خلال الصورة أن التركيبة الإنسانية للشخصيات
المرتبطة بالطبيعة يختلف تكوينها عن إنسان المدينة، نموذج أسرة
«فراج» مثال حي للاستغناء عن كل ما لا يملكه، على الرغم من قسوة
ظروفه المعيشية البدائية واحتياجه للمال، رغم ذلك لم نجده منفصلا
عما يحدث خارج الأقصر، في البداية ترفض فطرية فراج ما يحدث في
ميدان التحرير وينساق إلى ما يتم ترويجه في الإعلام الحكومي، ثم
يغير نظرته عندما يتابع من خلال قنوات أخرى حقيقة ما يحدث، يستمر
هذا التشتت الذي صنعه الإعلام المضلل في مصر أثناء وبعد الثورة حتى
ينتهي فراج إلى تأييد ما يجتمع عليه المصريون، انساق أخيرا مع
الأغلبية بعد تأييده لاستمرار مبارك في البداية، ثم تأييده لمرسي
بعد ذلك كونه الرئيس الشرعي، قد يثير فينا الفيلم الغضب أحياناً من
المواقف المتأرجة لهذه الشخصية الفطرية، لكن لا يمكن الاختلاف على
أن هذا النموذج يعبر بصدق عن طبيعة قطاع كبير من المصريين يعيشون
تحت خط الوعي.
جسدت المخرجة علاقة هذه الشريحة من المجتمع المصري مع الله عن طريق
الصورة، الفيلم الذي يمتد لساعتين استخدم الأماكن المفتوحة
والمساحات الواسعة التي تدعم شكل وتكوين شخصية فراج الفلاح البسيط،
الأراضي الخضراء والبيت الريفي الذي يخلو من كل مظاهر التحضر مفتوح
إلى السماء، وكأنها إشارة بصرية صريحة لعلاقة مباشرة تربط سكان هذا
البيت مع إله السماء، أما علاقتهم بالحياة الخارجية فتقتصر على ما
يتسلل إليهم عبر جهاز تلفزيوني صغير أو ما يتم نشره في الصحف، هم
غرباء يتابعون ما يحدث في بلاد أكثر ضجيجاً مع احتفاظهم بالسكينة
والهدوء التي منحها إليهم التعامل مع الطبيعة، هذه القرية جزء من
البر الغربي في مدينة الأقصر، حيث الحياة الخالدة، لكن المخرجة
هدمت هذا الإيحاء في مشهد مشاركة فراج مع ابنه الصغير في أحد
احتفالات سكان البر الشرقي في مدينة الأقصر بعزل محمد مرسي، ويعد
هذا هو التفاعل المشترك الوحيد بين أهل بر الحياة وبين بر الخلود،
رغم تمسك فراج المستميت بفطريته وإدراكه أنه لن يحيا إن تخلى عنها،
لم يتسلل إلى شريط الصوت أي إضافات جمالية، لم تستخدم المخرجة
موسيقى تصويرية صناعية، لكنها أطلقت العنان لأصوات الحيوانات في
الأرض والبيت الريفي للتعبير عن واقع الصورة، وعمدت إلى كسر هذا
الهدوء بصوت المظاهرات الذي يومض من مشهد إلى آخر سريعا ثم يختفي،
استسلمت المخرجة أيضا للإضاءة الطبيعية خلال فترات النهار وانعكاس
أشعة الشمس على التكوين الجسدي الضئيل لشخصية «فراج» يضفي على
المشاهد صبغة جمالية يمتد تأثيرها داخل منزل فراج المظلم، المخرجة
استغنت عن إضافة أي عامل جمالي صناعي قد يشوه الطبيعة الواقعية
للصورة، استخدمت الإضاءة الطبيعة لإغراق المشاهد في تفاصيل الحياة
البدائية، التي أكدتها في مشهد الختام عند متابعة فراج وأسرته خطاب
السيسي الذي يطلب فيه من الشعب النزول إلى ميدان التحرير لإعطائه
تفويضا بمحاربة الإرهاب، حيث تنقطع الكهرباء وتتحول الشاشة إلى
لوحة سوداء تعكس حالة الظلام والدرب المبهم الذي تسير فيه ثورة
يناير/كانون الثاني.
«أنا
لاجئ»:
شاشات ترصد معاناة اللاجئين الفلسطينيين والسوريين
رام الله – قيس أبو سمرة:
إفتتح مسرح وسينما القصبة (غير حكومي)، في رام الله في الضفة
الغربية، أسبوع أفلام «أنا لاجئ»، الذي يسلط الضوء على معاناة
اللاجئين الفلسطينيين والسوريين الفارين من سوريا، وذلك تزامنا مع
اقتراب إحياء الشعب الفلسطيني للذكرى الـ67 للنكبة.
ويسلط الأسبوع الضوء على معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا
واللاجئين السوريين والفلسطينيين الفارين من الاقتتال الدائر
ببلادهم، من خلال عرض 12 فيلما لمخرجين عرب وفلسطينيين.
وإفتتح الأسبوع في مسرح القصبة في رام الله بفيلم «لا سبيل إلى
العودة هناك الآن يا صديقي» للمخرجة اللبنانية كارول منصور، التي
حضرت العرض في أول زيارة لها لفلسطين.
وإختارت مشهدا من مسلسل «التغريبة الفلسطينية» (إنتاج سوري) الذي
عرض مرارا عبر شاشات قنوات عربية، كمقدمة لفيلهما.
وأوضحت منصور على هامش العرض أن إنجاز الفيلم استغرق 8 أشهر، تنقلت
خلالها بين مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سوريا إلى
لبنان، ورصدت التغريبة الجديدة».
وفي الفيلم، تظهر فتاة هربت من مخيم اليرموك في سوريا إلى لبنان،
وتقول «عند الهرب من سوريا عشت تفاصيل التغريبة الفلسطينية، كنت
أتصورها وأعيشها بأدق تفاصيلها».
ويصور الفيلم حياة الفلسطينيين الفارين من سوريا إلى لبنان
ومعاناتهم، بسبب تردي أوضاع اللاجئين في لبنان.
والفيلم بحسب منصور، «يسلط الضوء على قصة اللاجئين الفلسطينيين
الذين أجبروا على اللجوء إلى سوريا في النكبة عام 1948، وبعد
إشتداد الأزمة السورية، أثرت الحرب عليهم كما السوريين، إلا أن
قصتهم أعقد، بإضطرارهم إلى الهرب من سوريا واللجوء إلى لبنان،
فإنهم يشكلون فئة خاصة من اللاجئين، حيث أنهم لاجئون للمرة
الثانية».
وتقول «كفلسطينيين، فهم غير مرحب بهم في لبنان، وباتوا يجدون
أنفسهم بلا مأوى، ومن جديد عاشوا النكبة مرة أخرى».
ودخل الصراع في سوريا عامه الخامس، حيث خلّف نحو 200 ألف قتيل،
بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، وأكثر من 300 ألف قتيل، بحسب مصادر
المعارضة السورية، فضلًا عن أكثر من 10 ملايين نازح ولاجئ داخل
البلاد وخارجها.
بدوره، قال جورج إبراهيم، مدير مسرح وسينما القصبة، إن «الأسبوع
يعرض خلاله 12 فيلما، تزامنا مع إحياء الشعب الفلسطيني للنكبة»،
مشيرا إلى أنها ستعرض في رام الله والناصرة وحيفا وجنين (شمال
الضفة) وقطاع غزة.
و»النكبة» هي مصطلح يطلقه الفلسطينيون على إستيلاء عصابات صهيونية
مسلحة على أراض فلسطينية، أقاموا عليها يوم 14 مايو/ أيار 1948
دولة إسرائيل، وهجروا 957 ألف فلسطيني من أراضيهم إلى بقاع مختلفة
من أنحاء العالم، بحسب تقدير للأمم المتحدة صدر عام 1950.
وسنويا، يحيي الفلسطينيون ذكرى هذه النكبة في 15 من مايو/ أيار من
كل عام بمسيرات احتجاجية وإقامة معارض تراثية تؤكد على حق العودة،
وإرتباطهم بأرضهم التي رحل عنها آباؤهم وأجدادهم عام 1948.
فيلم
«التعويض»:
الكلاسيكية الإنكليزية في مواجهة الإنفتاح الهوليودي
كمال القاضي - القاهرة – «القدس العربي»:
في تجارب كثيرة ومتعددة تبدو السينما الإنكليزية هي الأقدر على
تجسيد القصص الإنسانية بعيدا عن اللغة التجارية السائدة في هوليود،
وهو الأمر الذي يدعونا إلي الاعتناء بمضامين وأفكار الأفلام، التي
تعد امتدادا للأدب والمسرح والشعر الإنكليزي، الذي عرفنا منه نماذج
كثيرة في أعمال شكسبير الشهيرة والمتميزة مثل هاملت وعطيل والملك
لير على سبيل المثال، وبرغم سيطرة هوليوود كأكبر مؤسسة سينمائية في
العالم على سوق الإنتاج والتوزيع.
إلا أن ذلك لم يحل دون إدراك قيمة وأهمية السينما الإنكليزية كوسيط
معرفي وثقافي جيد الإتصال بالجمهور العربي والشرق أوسطي يطرح قضايا
وهموما إنسانية ذات أبعاد مشتركة تبرز منها بعض الصور الدرامية
المتصلة بالحب والكره والإنسجام والأمانة والشرف، كما هو مبين
بالضرورة في فيلم «أتونيمينت» أو «التعويض» المنتج في 2007 للكاتبة
كريستوفر هامبتون ومخرجه جو رايت والمأخوذ عن رواية المؤلف أيان
ماك إيوان، والتي تصدرت المبيعات في لندن عام 2001 وحققت أرقاما
قياسية في التوزيع فالتقطتها السينما، وتحولت إلى فيلم بالعنوان
نفسه، وهي الرواية الموصوفة بأنها واحدة من أهم مئة رواية في
التاريخ طبقا لمقياس مجلة «التايم».
على هذه الخلفية الأدبية تم تقديم الرواية سينمائيا وفق رؤية كل من
السيناريست والمخرج هامبتون ورايت، وقد روعي أن لا تخرج المعالجة
الفنية والدرامية عن السياق الأدبي كثيرا لتحافظ على النسق الروائي
بحرفيته وروحه وتفاصيله حتى لا تفقد التأثير المتوافر في الأحداث
وتبقي على وهج اللغة لدى الأبطال وخصوصية الزمان والمكان، حيث تدور
الأحداث في الريف الإنكليزي وداخل واحد من القصور العتيقة المنيفة
بطرازه المعماري الفريد وموقعه المتميز، حيث يكون القصر مسرح
الأحداث في الجزء الأول من الفيلم إذ تعيش البطلة ذات الثالثة عشرة
ربيعا بداخله، وتبدأ القصة مع شروعها في كتابة المسرحية التي
تستوحي أجواءها وشخصياتها من العالم المحيط بها وتنسج بخيالها
تفاصيل التراجيديا، التي تتحول هي ذاتها إلى محور أحداث الفيلم،
فالبطلة الصغيرة الأيرلندية الأصل سواريز رونان التي قامت بدور
«بريوني تاليس» تدير الصراع داخل مسرحيتها المتخيلة وتنقله في مزج
فني محكم إلى داخل الفيلم فتحرك مسار الشخصيات والأبطال إلى حيث ما
تريد وتنجح في خلق العقدة الدرامية باتهامها ظلما للبطل روبي تيرنر
الذي جسد شخصية الممثل الإسكتلندي جيمس ماك أفوي وهو الفتى المتعلم
ابن حارس القصر وحبيب شقيقتها الكبري سيسليا تلك التي قامت بدورها
الممثلة الإنكليزية كيد نايتلي، حيث إتهمت إبن الحارس بمحاولة
إغتصاب قريبتها «لولا» أو جونو تمبل التي تكبرها بعامين، ومن ثم
قلبت الحياة في القصر رأسا على عقب، وبات الشاب الطيب داخل دائرة
الشبهة ومهددا بالضياع.
ولم يكن ذلك كله إلا من أجل أن تكتب الصغيرة مسرحيتها بشكل مثير
فتلفت إليها الأنظار، وتتخلص من عقدة الإضطهاد والعزلة والإحساس
بالنفي والإهمال فتثبت لنفسها ولغيرها أنها أفضل من سيسليا أو
«سي»، كما كانوا ينادونها.
تلك هي النقطة المحورية لجوهر القصة الأصلية، التي ظلت فيها البطلة
الصغيرة تعاني إحساسا شديدا وقاسيا بالذنب، لأنها وشت بشخص مظلوم
وقدمت للسلطات القضائية دليلا كاذبا بشهادتها العارية من الصحة
مستغلة براءتها وحداثة سنها وقدرتها الإبداعية على التلفيق وربط
الخيوط ببعضها في هذا الصدد، وبناء ما تقدم من أحداث أعمل المخرج
أدواته مستخدما بحرفية عالية «الفلاش باك» بين الماضي والحاضر، ليس
بشكل تقليدي وإنما عبر النفاد إلى ما هو أبعد من الحكاية
السينمائية والقصة الرومانسية، حيث ربط بين الجريمة الأخلاقية التي
ارتكبتها البطلة وأمضت سنوات في محاولة للتكفير عنها والحروب
التاريخية التي اعتبرها خطايا وذنوبا لم يكفر عنها المتسببون فيها
ورمز إليها بالحرب العالمية الثانية كغطاء للأحداث التراجيدية التي
لعبت فيها الفتاة بريوني دورا بديعا وعبرت عن عقدة وليس مجرد خطأ.
يحمل إسم الرواية الأصلية بعدا سياسيا وإجتماعيا وإقتصاديا يصح أن
يكون عنوانه التعويض، بينما يحمل بعدا دينيا صريحا إذا ربطناه
بفكرة التكفير عن الخطيئة وفق عقيدة الكاتب والمخرج.
لقد لخصت نهاية الفيلم لحظة لقاء سيسليا وروبي، التي هي أيضا لحظة
الفراق حين تجرأت بريوني على الإعتراف بخطيئتها الكبرى وطلبت
السماح من الراحلين، وهنا تكون الأحداث الدرامية هي مرادف لخطايا
الحروب أو الإشارة البليغة لها بالفعل ضد الشعوب والمواطنين
البؤساء الذين يتحولون إلى مجرد وقود لنيرانها من غير ذنب ولا
جريرة من أجل مجد الزعماء كما هو مدلل عليه في الرؤية العامة، سواء
في أحداث الرواية أو الفيلم.
وقد نجح جواريت في تجسيد الصورة الزمنية المعبرة عن المرحلة التي
عاشت فيها لندن وباريس مأساة الحرب العالمية الثانية في ثلاثينيات
وأربعينيات القرن الماضي من خلال الأزياء والإكسسوار والإضاءة
والتصوير والألوان والإيقاع ومواقع التصوير والبطولة المكانية
للأحداث، حيث أجواء القصر العتيق والحدائق وأحواض المياه ذات
التصميم الهندسي القديم، وللدقة والإمعان في التأكيد على البعد
الزمني ركز المخرج على الآلة الكاتبة بصوتها وإيقاعها وعلاقتها
بثقافة البطلة الصغيرة باعتبارها أداتها الأساسية في صياغة أفكارها
والتعبير عن مكنونها الإبداعي المسرحي الذي يتلاءم وكل هذه
التفاصيل المكونة لحياة الشخصية التي صارت محورا رئيسيا في البناء
الدرامي والقصصي.
ولم يغفل رايت كذلك دور الموسيقى التصويرية كعنصر ضروري في التعبير
عن الزمان والمكان والأشخاص.
كل هذه العوامل أكدت البراعة في التشكيل السينمائي المهم على نحو
موح وثري وكاف لتكوين فكرة وافية عن أزمنة وعصور فائتة عاشتها لندن
في زخم الحرب الضروس، وإنتقلت لنا عبر الشريط السينمائي السحري
لنعايش من خلال الصورة والحوار عوالم مغايرة ونشهد أحداثا هي الآن
في ذمة التاريخ نستدعيها من خلال فيلم هو الأكثر عرضا وتداولا داخل
قصور الثقافة المصرية كواحد من الأفلام الإنكليزية المهمة من حيث
التأثير والمنافسة أمام الإكتساح السينمائي الهوليودي. |