رحيل المخرج عمار العسكري..
كاميرا ترصد بجرأة تحولات المجتمع الجزائري
عمان - ناجح حسن
غيّب الموت قبل أيام المخرج السينمائي الجزائري عمار العسكري عن 73
عاماً الذي يعتبر من بين أبرز أقطاب مؤسسي السينما الجزائرية التي
نهضت إبان حرب التحرير.
قدّم المخرج الراحل المولود في (عنابة) العام 1942، التي ووري فيها
الثرى السبت الفائت، مجموعة من الأعمال السينمائية بمضامين وأشكال
تعبيرية لافتة من النوع الروائي والتسجيلي بشقيها الطويل والقصير،
حيث أثرى فيها منجز السينما الجزائرية في أكثر من حقبة زمنية من
تاريخها الطويل.
درس المخرج العسكري صناعة الأفلام في أكاديمية المسرح والسينما
والإذاعة والتلفزيون في بلغراد بيوغسلافيا السابقة، خلال فترة
منتصف الستينات من القرن الفائت، وهناك حقق أولى أفلامه من النوع
التسجيلي القصير كمشروع تخرج لنيل شهادة الأكاديمية، الذي صوّر فيه
ألواناً من النهضة الجزائرية عقب التحرر من الإستعمار الفرنسي، ركز
فيه على إظهار تنامي المصانع الوطنية وهي تستقطب عمالها من كافة
شرائح المجتمع الجزائري من حرفيين وتقنيين وبسطاء لتحقيق متطلبات
بنية تحتية تعمل على تمتين الإستقلال ورسوخه.
عقب تخرجه من أكاديمية السينما في بلغراد، إشتغل المخرج الراحل في
الديوان القومي للصناعة والتجارة السينماتوغرافية بالجزائر، وفيه
أنجز مجموعة من الأفلام التسجيلية المتباينة الطول من بينها أفلام:
الرحلة الأولى 1967، البلاغ 1970، أمس المشاهدين 1971، وهي تستكشف
طموحات وأسئلة الناس في مرحلة ما بعد الإنعتاق والتحرر.
في العام 1972 قدّم العسكري فيلمه الروائي الطويل الأول المعنون
(دورية إلى الشرق)، أحد أفضل علامات السينما العربية الجديدة
(البديلة)، الذي قطف عنه جائزة أفضل فيلم عن الثورة الجزائرية.
يتتبع فيلم (دورية إلى الشرق) وقائع وأحداث تسري إبان تنامي الثورة
الجزائرية العام 1957، وذلك في منطقة واقعة على الحدود التونسية
الجزائرية، حين جرى تكليف إحدى دوريات جيش التحرير بمهمة إصطحاب
ضابط فرنسي أسير وتسليمه إلى مركز جيش التحرير الوطني الواقع على
الحدود الشرقية في الجزائر.
يتعرض الفيلم من خلال هذه الرحلة، لجملة من المخاطر والعقبات
والتحديات الجسام الاّ ان الفيلم يأخذ في تصوير تدفق الذكريات
دواخل أفراد الدورية التي تحضر فيها تلك التكوينات الجمالية للمكان
والبيئة الجزائرية، رغم قسوة واقع الفترة المشبعة بتلك اللحظات
العصيبة التي تنهض على عناصر التوتر والتشويق والقلق والحيرة
والترقب، قبل أن ينجح أحد أفراد الدورية في تنفيذ المهمة.
التحق فقيد السينما الجزائرية بصفوف ثورة التحرير، وهو لا يتعدى
الخمسة عشر عاما من العمر، قبل أن ينضم إلى الرعيل الأول من
المخرجين الجزائريين أمثال: محمد الأخضر حامينا، أحمد راشدي، محمد
بوعماري،محمد ولد خليفة، وسيد علي مازيف، الذين منحوا الفيلم
الجزائري سماته الفنية والفكرية الخاصة، كما نجحوا في اعطائه هوية
جديدة لفترة ما بعد الأستقلال.
في العام 1979 أخرج الراحل فيلمه الروائي الطويل الثاني تحت عنوان
(المفيد)، الحائز على الجائزة البرونزية في الدورة الأولى لمهرجان
دمشق السينمائي.
في الفيلم بحث بصري ودرامي دقيق في البيئة الاجتماعية والثقافية
للقرية بالجزائر عقب التحرير ويقدم العسكري كل هذه التناقضات
والتحديات التي تواجه بيئة القرية الجزائرية من خلال قيام بعثة
سينمائية تجول بالقرى التي يجري فيها تأهيل قاطنيها في حقل التنمية
الزراعية.
من بين اعضاء البعثة هناك أحد المحاربين من أبناء احدى القرى يأخذ
على عاتقه تسهيل مهمة البعثة في تعريفهم وتقديمهم للأهالي وخلال
هذه المهمة تتبدى حجم المشكلات والنزاعات الآتية من مجموعة الأعراف
والتقاليد الموروثة السائدة في مجتمع القرية، وأيضا بفعل تلك
التحولات والتغيرات السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي شهدتها
الجزائر عقب التحرير.
بعد مضي عشر سنوات تمكن العسكري من تحقيق فيلمه الروائي الثالث
المعنون (أبواب الصمت) 1989، واتبعه بعد عقد آخر من السنوات بفيلمه
الرابع والآخير (زهرة اللوتس) العام 1999 وكان من الانتاج المشترك
بين الجزائر وفيتنام.
سجل العسكري من خلال (زهرة اللوتس) علامة مميزة في السينما
الجزائرية، حيث طرح من خلاله توجه جديد في الفيلم الجزائري
المعاصر، و هو التطرق إلى الجانب العاطفي الذي كان مغيبا إلى حد
ما، في ظل قلة نصوص و سيناريوهات جيدة في المجال العاطفي.
حصل المخرج الراحل الذي عرف عنه اهتمامه بالنشاط النقابي، إذ كان
أمينا عاماً لنقابة السينمائيين والتقنيين للإتحاد العام للعمال
الجزائريين، كما كان آخر مدير للمركز الجزائري والصناعة
السينماتوغرافية (كاييك) في حقبة التسعينيات من القرن الماضي، على
جوائز عديدة في مهرجانات دولية من بينها: قرطاج (تونس) وفاسباكو
بواغادوغو (بوركينا فاسو).
إستذكرت المكتبة العربية مؤخراً جهود المخرج الراحل عمار العسكري
في السينما والثقافة والفن والأفكار والرؤى الجريئة، التي تجسدت في
كتاب تناول مشواره مع الحياة والابداع، حمل توقيع المؤلفة هدى بو
عطيح، كما جرى تصوير شريط وثائقي لخص مسيرته السينمائية والكفاحية
في جيش التحرير الجزائري مدعماً بشهادات مختلفة تشيد برحلته
الطويلة في السينما البديلة.
بوفاة العسكري تكون السينما الجزائرية والعربية عموماً، قد خسرت
أحد أبرز مبدعيها وأصواتها الجريئة، وهو الذي ترك إرثاً خصباً من
الأفلام التي عملت على تأريخ وقائع حقبة التحرر والبحث عن الكرامة
الإنسانية, جميعها ستظل عالقة في ذاكرة ووجدان عشاق السينما.
صدور كتاب «مفارقات هوليوودية .. الجزء الثاني» لـ الزواوي
عمان - الرأي
صدر حديثا عن سلسلة منشورات امانة عمان الكبرى كتاب (مفارقات
هوليوودية: الجزء الثاني) للزميل الناقد والاعلامي محمود الزواوي .
يشتمل الكتاب على موضوعات وقضايا سينمائية تهتم بالعرض والتحليل
والتعريف بجوانب ما يدور في صناعة الافلام في هوليوود التي اثرت
الفن السابع عبر قرن من الزمان بالوان من اشكال التعبير السينمائي.
يشير المؤلف الى ان الكتاب يسعى الى تزويد القارئ برؤى سينمائية
جديدة من خلال معلومات تبدو غريبة وغير متوقعة عن نجوم هوليوود
موثقة بالتاريخ والارقام والاسماء التي تمثل العديد من انجازات
السينما الاميركية وشكل بعضها محطات مهمة في السينما العالمية وجرى
اختيارها على اساس مكانتها الفنية ، وقدرتها على التنافس والتألق
في المهرجانات و حصادها لجوائز السينما بما فيها الاوسكار والكرات
الذهبية وقدرتها على استقطاب اهتمام النقاد .
والكتاب جهد بحثي دقيق يستهدف القاء الضوء على بعض الجوانب
والزوايا الشخصية الخاصة في حياة اشهر الاسماء الهوليودية عن طريق
ابراز المفارقات في حياتهم ومسيرتهم رغم ما تتضمنه من مآسيوفواجع
وطرائف وصدف وضربات الحظ ومحطات النجاح والفشل والتقلبات وجمع
الثروات والانجازات .
وظف الزواوي لغة بسيطة وعفوية وسهلة شديدة لكنها الاعتناء في
اختبار المصطلح الذي يقترب من ثقافة القارئ العادي بحيث اسهمت في
وصول كتاباته الى غايتها الاساسية بلا تعقيد وان تكون مرجعا
توثيقيا يحرص عليها المتخصصون والمتابعون والمهتمون، مثلما كشفت عن
اسلوبية نقدية في تناول المشهد السينمائي في هوليوود يجري فيها طرح
موضوعاته في تراتبية سلسة من عرض للافكار والاجواء المحيطة بالعمل
في تحليل جذاب لخفايا صناعة الفيلم الهوليودي وعوالمه.
وتضمن الكتاب سردا للمعلومات الاساسية المتعلقة بعروض الافلام
واسماء ممثليها الرئيسيين ومخرجيها وكتابها وبعض الفنيين المشتركين
فيها وملخصا لقصصها وتقويما لاهم ما يميزها على الصعيد الفني وعرضا
لاهم الجوائز السينمائية التي فازت بها وتكاليف انتاجها وشعبيتها
الجماهيرية كما تنعكس في ايراداتها العالمية على شباك التذاكر .
من بين موضوعات الكتاب : ولادة النجومية في السينما الاميركية، جين
فوندا بين السينما والمعارضة السياسية، فيلم كيلوبترا مشكلات غير
مسبوقة، بيع تماثيل جوائز الاوسكار، الادوار والخلافات السينمائية
في فيلم مولد نجمة، نجوم هوليوود ضحايا ادمان العقاقير، الممثلتان
بيتي دايفز وجون كرافورد اطول عداء في تاريخ هوليوود وسواها كثير
..
يفيد الكتاب في اثراء عشاق الفن السابع والدارسين والمهتمين
بمعلومات مفيدة وممتعة عن نواحي العمل في صناعة الفيلم الاميركي
كما يوفر للمهتمين مرجعا للمعلومات حول هوليوود وما يدور فيها من
مفارقات .
يذكر ان الزواوي حاصل على شهادتي البكالوريوس والماجستير من جامعة
جورج واشنطن ، ودراسات عليا من جامعة مريلاند الاميركية ، ومن
مؤلفاته جوائز الاوسكار وصناعة الاحلام ومحاور السينما الاميركية ،
الى جانب خمسة اجزاء من كتابه ( روائع السينما ) ، وهو ناشر مقالات
عن السينما الاميركية في صحف ودوريات عربية ويحاضر حول السينما
والاعلام. |