الأولوية على الساحة الفنيَّة...
للموهبة أم للدراسة الأكاديمية؟
استغلال صحيح
أحمد عبدالمحسن
إسماعيل الراشد
«لا
يمكن للفنان أن يتقدم ويعلو شأنه في الوسط الفني إلا إذا تمتع
بموهبة فطرية تساعده على الاستمرار»، يؤكد الفنان إسماعيل الراشد
مستغرباً عدم استغلال فنانين يملكون موهبة فنية فطرية بشكل مطلوب،
عازياً ذلك إلى عدم قدرتهم على فهم واستيعاب رسالة الفن التي
حملتها الأجيال السابقة وأعطتها إلى الأجيال الحالية وعملت على
دعمها واستمراريتها.
يضيف: «من الصعب أن يحقق فنان استمرارية في الوسط الفني وهو لا
يملك موهبة فنية، حتى بالنسبة إلى الفنانين الشباب، يملك كثر منهم
موهبة فنية فذة إلا أنهم يستغلونها بشكل خاطئ عبر أداء أدوار لا
تلائمهم ولا تقدم لهم الكثير».
يحرص الراشد على العمل من دون انقطاع لتنمية موهبته الفنية ويتابع:
«صحيح أنني وصلت إلى سن متقدمة فنياً، إلا أن الفن وحب الفن لا
يعرفان سناً محددة. أحاول أن أستفيد وأطور نفسي بعد كل مشاركة،
سواء كانت عبر الإذاعة أو التلفزيون أو حتى على خشبة المسرح.
الأمور بالنسبة إلي لها مقاييس تختلف كلياً عن المقاييس الموجودة
لدى الفنانين اليوم، وبصراحة أنا سعيد بوجودي مع فنانين يمكن
الاستفادة من تجاربهم الفنية، سواء كانوا صغاراً في العمر أم
كباراً}.
ابراهيم بوطيبان
«الموهبة
وحدها لا تكفي ولكن الفنان الموهوب معروف بين بقية الفنانين»، يوضح
الفنان ابراهيم بوطيبان مشيراً إلى أن الموهبة لا تعني وصول الفنان
إلى مبتغاه، بل يحتاج أموراً ليبرز موهبته ويفرضها أمام الآخرين،
أهمها صقلها عن طريق الدراسة.
يضيف: «عندما اكتشفت موهبتي الفطرية في التمثيل قررت صقلها عبر
التحاقي بالمعهد العالي للفنون المسرحية، بذلك نميتها واستفدت من
أمور لم أتوقعها، وتابعت دراستي إلى مرحلة الدراسات العليا، وهذا
الأمر فضل من الله عز وجل، وبعد ذلك تشجيع المحيطين بي، سواء في
المنزل أو في العمل».
يتابع أنه صادف فنانين كثراً في المعهد العالي لا يتمتعون بأي
موهبة فنية، إلا أن الدراسة والعمل الجاد جعلا منهم فنانين مميزين
يقفون على خشبة المسرح من دون رهبة أو خوف من الجمهور، وهذا لا
يأتي الا بعد المواظبة على الدراسة والالتزام بالوقت.
يوضح: «يجب أن نذكر هؤلاء الفنانين، في كل وقت، فقد تحملوا الكثير
في سبيل بروز أسمائهم وقدراتهم الفنية، وأنا سعيد بالتعامل مع
فنانين يعتمدون الجد والحزم في فنهم».
أمل العنبري
«تسمح
الموهبة للفنان بتقديم أعمال فنية لا يمكن لأي شخص تقديمها، حتى
وإن بلغ مرحلة متقدمة من الدراسة الأكاديمية»، توضح أمل العنبري
مشيرة إلى أن وجود الموهبة لا يعني الوصول إلى القمة.
تضيف: «عادة من يملكون موهبة التمثيل أو الغناء لا يشعرون بوجودها
إلا بعد سن متأخرة، لذلك يجب العمل بشكل جاد في مرحلة مبكرة لبلوغ
الموهبة الحقيقية».
تتابع: «من الرائع أن نشاهد فنانين برزوا وصقلوا مواهبهم داخل
الوسط الفني وساروا على الطريق الذي خططوا له من البداية، وقد أصبح
هذا الأمر ظاهرة في الوقت الراهن».
تعتقد العنبري أن متابعة الدراسة الأكاديمية والالتحاق بمراكز
التدريب أمران مهمان، ولا بد منهما، سواء كانت الدراسة فنية أو
علمية، لأنهما لا تنميان الموهبة الفنية فحسب، بل تمنحان الفنان
نقاط قوة وطاقة كامنة في داخله، حتى الدراسات العلمية تنمي موهبة
الفنان، سواء كان ذلك عن طريق الثقافة العامة أو التجارب اليومية.
بالنسبة إلي، لا أستغني عن الدراسة ومتابعة العمل والتدريب لأحافظ
على استمراريتي في هذا الوسط الجميل».
إثبات الموهبة
بيروت - ربيع عواد
جوليا قصار
«أصبحت
الأولوية للظهور أكثر من الأداء، ما صعّب على الأشخاص الجديّين شق
طريقهم المهنية»، تقول جوليا قصّار مشيرة إلى أن التخصص في التمثيل
إلى جانب الموهبة أمران مهمان، ومشددة على ضرورة التمييز بين
الممثل المتخصص وبين الدخيل على المهنة.
تضيف: «عدم التمييز هذا من المشاكل التي يعاني منها الجيل الجديد
أيضاً، بسبب الدخلاء الذين ليسوا جميعهم بالضرورة سيئين، عندما
يُفسح في المجال أمام بعضهم لإظهار قدراته لا يعني ذلك نجاحه، لأنه
عندما يقف إلى جانب الممثل الجيّد، سيظهر الفرق عندها.
تتابع: «نلاحظ أنه مع تقدّم الإنتاجات المحلية، أصبح المنتجون
يبحثون عن عمل متقن وعن الجودة، لذا نرى في الأعمال الأخيرة طغيان
خريجي المسرح على الممثلين الآخرين».
وعما إذ كانت انطلاقة الجيل الجديد من الممثلين تختلف عن إنطلاقة
الجيل الذي سبق تؤكد: {في الماضي عندما كانت الأضواء تُسلّط على
ممثل ما، كان الجميع يحوطه إعلامياً ومهنياً، وكان يلفت النظر
بأدائه، أمّا راهناً، وبسبب المزاحمة في الوسط الفني، يضطر الممثل
إلى الخضوع إلى كاستينغ والاجتهاد لإثبات وجوده عبر وسائل عدّة».
سارة كنعان
«يجب
أن تتوافر الموهبة إلى جانب التخصص الدراسي» توضح سارة كنعان التي
تخصصت في الصيدلة إلا أن التمثيل هدفها منذ الطفولة، وتتابع: {لهذا
السبب قررت التوجه إلى الخارج لمتابعة دورات تمثيلية والاطلاع على
تقنيات جديدة. فالموهبة جميلة إنما يجب تنميتها للتقدّم والتطوّر،
لأن ثمة أموراً لا نكتسبها بالموهبة بل من خلال الخبرة».
وعن انتقالها إلى التمثيل تضيف: «منذ نعومة أظفاري أحبّ كل ما
يتعلق بالعلوم والطبّ والصحّة، فحققت ذلك إلى جانب شغفي في التمثيل
الذي تعلمت منه كيفية التصرّف بإحساس مع الآخرين، فيما تعلّمت من
الصيدلة الإدارة والتنظيم والتصرف بتعاطف وإنسانية مع المرضى».
وعن الدخلاء على مجال التمثيل تؤكد أن «الجمهور قادر أن يغربل، ومن
يحقق استمرارية يعني أنه ناجح بغض النظر عما إذا كان درس التمثيل
أو يتمتع بموهبة استثنائية أثبتت نفسها».
ندى أبو فرحات
{من
الممكن أن تحقق الموهبة الطموح لكن يجب صقلها بدراسة واطلاع
واكتساب خبرات من الغير}، تؤكد ندى أبو فرحات لافتة إلى أن من
يعتمد على شكله الخارجي لا يحقق استمرارية.
تضيف: {الجمال والقوام الممشوق مهمّان وأساسيان شرط توافر الحظّ،
وان تدرك الممثلة كيفية توظيف شكلها الخارجي}، مشيرة إلى أن
أشخاصاً من قطاعات أخرى خاضوا مجال التمثيل ونجحوا، فيما البعض
الآخر لم يعد له وجود على الشاشة.
حول وضع الممثل اللبناني توضح: {ثمة ممثلون رائعون يبيضّون وجه
الدراما المحلية لدى مشاركتهم في أعمال مصرية وسورية. لدينا طاقات
قوية لا يعرف المنتجون ومدراء البرامج كيف يوظّفونها. لذا أرى أن
مشاركة الممثلين اللبنانيين بعيداً من هؤلاء ناجحة ومهمة، لأنه يتم
وضعهم في الإطار المناسب. من هنا نحتاج إلى تغيير بعض مدراء
المحطات الذين يختارون المسلسل الفاشل بدلا من الناجح لأسباب معينة}.
زينة مكي
{تساعد
الدراسة كثيراً في الأداء} تؤكد زينة مكي التي، رغم تفوّقها في
المواد العلمية، لم تتخلَّ عن شغفها الكبير بالسينما، لذا تخصصت في
الاخراج السينمائي.
تضيف: {ساعدني هذا التخصص في الأداء التمثيلي إلى حدّ كبير،
لإلمامي في كيفية تحرك الكاميرا وإدارة الممثل، فسهل علي التحرك
أمام الكاميرا وفهم ما يريد المخرج مني}.
تتابع: {من يملك موهبة عليه إثباتها وصقلها، فالاستمرارية في
التمثيل ليست مهمة سهلة}، لافتة في الوقت نفسه إلى أن ممثلين كثرا
لم يدرسوا التمثيل مع ذلك أحبهم الجمهور، مشددة على أن كل من يريد
احتراف هذه المهنة أن يعرف أنها مسؤولية كبيرة.
توضح: {ما زلت أبني مسيرتي المهنية التي بدأتها بدور بطولة
سينمائية، أي من أعلى درجة، وطالما ألا شيء ثابتاً في الحياة،
فإمّا نتقدّم خطوة أو نسقط، لذا أخاف أكثر من أي ممثل مخضرم}.
جناحان لنجاح واحد
القاهرة – بهاء عمر
تخصص لقاء سويدان في الكونسرفتوار، جعل منها فنانة شاملة، فضلا عن
اكتشاف أهلها موهبتها مبكراً ودعمهم إياها بالدراسة، مع ذلك لا
تنكر لقاء سويدان حق الموهوب في العمل بالفن حتى لو لم يصقل موهبته
بالدراسة، مؤكدة أن نجوماً كباراً في السينما والمسرح لم يدرسوا
الفن بشكل أكاديمي، إلا أنها تفضل صقل الموهبة بالدراسة.
تلفت إلى أن تطور مناهج دراسة الفن في العالم وانفتاحها على أحدث
الدبلومات التي توفرها الأكاديميات المشهورة عالمياً، يجب أن يحفزا
كل ممثل لم يتلق دراسة كافية ليدعم موهبته بالخبرة الأكاديمية.
يعتبر مجدي كامل أن الموهبة وحدها كانت في الماضي كافية للعمل، لكن
مع تعدد مدارس الفن والتطور في صناعة السينما، باتت الدراسة ضرورية
حتى لا يكون الفنان خارج سياق المهنة التي يعمل فيها.
يضيف أنه تخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية، حيث تعلم على يد
عمالقة من كبار الفنانين والمسرحيين، مشيراً إلى أن الدراسة دعمت
موهبته، إلا أنها لا تعني النجاح ولا تضمنه، بل خطوة على الطريق،
فمن الوارد أن يكون الدارس للفنون جيداً على المستوى النظري
والأكاديمي، لكنه لا يحقق النجاح على الساحة الفنية.
الجدل بشأن أولوية الدراسة على الموهبة لا مجال للخلاف بشأنه بين
العاملين في الوسط الفني، تؤكد نسرين أمين، موضحة أن النجاح معادلة
ذات جانبين: الموهبة والقبول، ذلك أن الدراسة والموهبة لا يكفلان
النجاح من دون قبول من الجمهور.
تضيف أن الدراسة لا تقف عقبة في وجه الموهبة، مع ذلك انخرطت في ورش
لتعلم التمثيل، لكنها لم تكن لتتخذ هذه الخطوة ما لم تكن لديها
موهبة.
رغم أن تخصصها في الدعاية والإعلان في كلية الفنون التطبيقية يقترب
من الفن ولو بدرجة بعيدة، لكن حبها للفن دفعها إلى تعلم التمثيل من
خلال ورش العمل، مؤكدة أن الدراسة لا تضمن النجاح في حال عدم توافر
الموهبة.
اجتهاد
لمحمد فراج قصة مختلفة مع دراسة الفن، فقد ارتبط بالتمثيل منذ
طفولته عبر الانخراط في المسرح المدرسي، ورغم التحاقه بمعهد
السينما، إلا أنه سرعان ما ترك الدراسة لأسباب خاصة، ومع أن تلك
الخطوة كانت كفيلة بمغادرته مجال الفن، لكنه وجد فرصة مناسبة في
الورش التي ينظمها مركز الإبداع الفني بقيادة المخرج خالد جلال،
والتي خرّجت الجيل الحالي من نجوم السينما.
يضيف:
«لا يمكن ضمان النجاح سوى بالجهد الخاص والشاق لوضع علامة على
الساحة الفنية، وحفر مكانة على خريطة خيارات صناع السينما}.
رغم احترامها للدارسة، فإن الموهبة، بالنسبة إلى دينا فؤاد، هي
الأساس الذي يقوم عليه النجاح، مؤكدة أنها بدأت حياتها المهنية في
قناة إخبارية، مع ذلك لم تتوقف عند حدود العمل المباشر في التقديم
التلفزيوني الذي يعتمد الجدية والصرامة في التعاطي مع الأحداث،
وعندما سنحت لها فرصة لخوض مجال التمثيل أظهرت موهبتها الكامنة.
تضيف: «الدراسة ضرورية لصقل الموهبة وتعميقها، وقد تكون مفيدة على
مستوى المواهب الجديدة لأنها تفتح المجال أمامها وتقدمها للمخرجين
والمنتجين الذي يبحثون عن شباب موهوبين في معاهد التمثيل باعتبارهم
يتابعون دروساً نظرية وعملية}. |