المركز القومي للسينما نموذج للفشل وسوء الإدارة في مصر
العرب/ أمير العمري
اتهامات بالفساد تطال مسؤولي المركز القومي للسينما الذي تخصص
لميزانيته سنويا 6 ملايين جنيه، فيما لا تزيد نفقاته عن 10 في
المئة منها.
أخيرا قطع الشك باليقين، فقد أعلن وليد سيف، رئيس “المركز القومي
للسينما” في مصر، وهو مركز حكومي تابع لوزارة الثقافة المصرية،
تأجيل إقامة مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي المتخصص في
الأفلام التسجيلية والقصيرة إلى شهر أكتوبر، بعد أن كان مقررا
إقامته في شهر يونيو.
أرجع وليد سيف رئيس “المركز القومي للسينما” في مصر سبب تأجيل
إقامة مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي إلى موعد آخر غير
المعتاد، إلى “تزايد عدد المترددين على فنادق الإسماعيلية، بسبب
تدفق الشركات المصرية والعالمية المشاركة في مشروع حفر قناة
السويس”، أي أنه فشل في الاتفاق مع الفندق الرئيسي الوحيد بمدينة
الإسماعيلية، إحدى مدن قناة السويس الثلاث، في الوقت المناسب قبل
فترة كافية من موعد إقامة المهرجان الذي استقر منذ سنوات على شهر
يونيو.
وكانت الصحف المصرية قد نشرت قبل فترة قصيرة تصريحات منسوبة إلى
سيد خاطر، رئيس قطاع الإنتاج الثقافي، الجهة التي تشرف على المركز
القومي للسينما، تقول إنه “رفض الطلب الذي تقدم به المسؤولون في
المركز القومي للسينما، بتأجيل مهرجان الإسماعيلية السينمائي
الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة من شهر يونيو إلى شهر أكتوبر،
بحجة عدم وجود أماكن لإقامة المهرجان بفنادق الإسماعيلية، كما رفض
نقل المهرجان من الإسماعيلية إلى بورسعيد”.
وأضاف خاطر “إن هذا الأمر دليل على وجود تقصير من إدارة المركز،
لأن التعاقد مع الفنادق يجب أن يكون في موعد مبكر، ولذا رفضت الأمر
وطلبت منهم تأجيل المهرجان لشهر واحد فقط، والبحث عن فنادق بديلة
لدى القوات المسلحة أو القرية الأولمبية، وإجراء محاولات أخرى
لإقامة المهرجان بأي شكل، وسأجري اتصالاتي بالمسؤولين في القوات
المسلحة لأتدارك هذه المشكلة قدر الإمكان، خاصة أن الحلول التي
طرحها المسؤولون بالمركز لا تليق، وهي نقل المهرجان من الإسماعيلية
إلى بورسعيد، لأن هذا الأمر غريب في حد ذاته، فكيف يقام مهرجان
دولي لمحافظة في محافظة أخرى؟”.
550 موظفا يعملون في مركز السينما ويتقاضون رواتب شهرية، مقابل
إنتاج أربعة أفلام في السنة
الاستعانة بالجيش
رئيس الإنتاج الثقافي في وزارة الثقافة المصرية يهدد بالاستعانة
بالجيش لإقامة المهرجان في موعده، ويتهم رئيس المركز بالتقاعس لكنه
لا يقيله، بل ويخرج وليد سيف رئيس المركز، في اليوم نفسه، بتصريحات
يكذب فيها تصريحات رئيسه حينما يقول إن “هذه الأقاويل جزء من حالة
الهجوم الضاري والمستمر على شخصه”.
وكان الغرض الأساسي من إنشاء المركز القومي للسينما إنتاج الأفلام
التسجيلية، التي رأت الدولة أنها أداة جيدة تصلح للدعاية للدولة
و”إنجازات” الحكومة، وهي نظرة متخلفة لهذا النوع من الأفلام التي
تلعب دورا في النقد والترشيد والكشف عن تناقضات الواقع على نحو لا
يتوفر لصناع الأفلام الخيالية الروائية.
والمثير للسخرية أن كل إنتاج المركز لهذه النوعية من الأفلام لا
يزيد سنويا عن 3 أو 4 أفلام. وفي الوقت نفسه يعمل بهذا المركز 550
موظفا يتقاضون رواتب تنتزع نحو 90 في المئة من الميزانية السنوية
المخصصة للمركز التي تبلغ 6 ملايين جنيه، فيما لا يزيد ما ينفق على
النشاط المفترض، عن 10 في المئة من الميزانية.
ملفات فساد
تعاقب على إدارة المركز خلال السنوات الأربع الماضية أربعة رؤساء
أولهم خالد عبدالجليل المدرس بالمعهد العالي للسينما، الذي أحيطت
به شبهات فساد واستغلال نفوذ قوية بموجب مستندات منشورة، ولكن بدلا
من إقالته قام وزير الثقافة الأسبق عماد أبوغازي، بترقيته ليرأس
قطاع الإنتاج الثقافي، إلى أن اضطر الوزير الأسبق صابر عرب تحت
ضغوط شديدة من العاملين بالمركز، إلى إقالته، لكنه عينه مستشارا
لوزير الثقافة لشؤون السينما، وهو لا يزال باقيا في هذا المنصب حتى
يومنا هذا.
سيد خاطر:
تأجيل موعد انطلاق المهرجان دليل على وجود تقصير من إدارة المركز
الرئيس التالي كان المخرج مجدي أحمد علي الذي أنشأ وحدة لتقديم
الدعم لمخرجي الأفلام المستقلة، كما أعاد هيكلة مهرجان الإسماعيلية
وجعل رئيس المركز هو رئيس المهرجان، بعد أن كاد المهرجان يخرج عن
الدولة ويقع في أيدي مجموعة ممن أسسوا جمعية مدنية رئيسها الفعلي
علي أبوشادي المسؤول السابق في الوزارة. ولكن لم تتح لمجدي الفرصة
لتحقيق كل ما كان يصبو إليه، فقد ترك المنصب بعد بلوغه سن التقاعد.
قرار جعل رئيس المركز هو رئيس المهرجان صب لصالح كمال عبدالعزيز،
المصور السينمائي الذي جاء رئيسا للمركز في أغسطس 2012، إلى أن
أصدر وزير الثقافة السابق جابر عصفور قرارا بإقالته وتعيين الناقد
وليد سيف بديلا له في رئاسة المركز.
وكان عدد من موظفي المركز قد تظاهروا أمام مكتب وزير الثقافة
الأسبق صابر عرب مطالبين بعدم تعيين وليد سيف، والإبقاء على كمال
عبدالعزيز. حدث هذا في شهر فبراير 2014، عندما سرت أنباء عن إقالة
كمال وتعيين وليد سيف، ونشرت الصحف وقتها أنباء كثيرة حول الإنذار
الذي وجهه العاملون بالمركز للوزير صابر عرب وتهديدهم بتصعيد
وقفتهم الاحتجاجية إلى حين تنفيذ مطالبهم التي تتمثل في رفض تعيين
وليد سيف رئيسا للمركز، ووصفوا تعيين سيف بأنه “يهدد بتفكيك المركز
من الداخل”.
وقد استجاب الوزير الأسبق لهذه التهديدات وألغى قرار تعيين وليد
سيف، لكن الوزير السابق جابر عصفور عين وليد سيف في رئاسة المركز
بعد أن أقال فجأة، كمال عبدالعزيز بدعوى أنه تلقى شكوى جماعية
موقعة من 73 موظفا من المركز قدموا له مستندات فساد، أحالها
للتحقيق أمام الــنيابة.
كما وجهت اتهامات لكمال عبدالعزيز بأنه أتاح الفرصة للمنتج
السينمائي محمد حفظي، أحد أعضاء مجلس إدارة المركز القومي للسينما
(الذي عينه كمال عبدالعزيز مديرا لمهرجان الإسماعيلية)، للحصول على
الدعم المالي الذي يقدمه المركز لدعم ثلاثة من الأفلام التي
أنتجتها شركته الخاصة من صندوق دعم السينما.
وفي المقابل قال كمال عبدالعزيز أن لديه ملفا لفيلم “بأي أرض تموت”
للمخرج أحمد ماهر -مخرج فيلم “المسافر” الفاشل الذي كلف الدولة 24
مليون جنيه-، يحتوي على مخالفات كثيرة مما جعله يحوّل الأمر
للتحقيق أكثر من مرة، واتهم بعض قيادات الوزارة بالتستر على ما شاب
الملف من تجاوزات وتزوير، وقد ذهب بالملف إلى جابر عصفور بعد توليه
منصب وزير الثقافة، ولكنه يقول إنه في اليوم التالي أصدر الوزير
قرارا بإقالته.
التاريخ يعيد نفسه فوليد سيف متهم بارتكاب تجاوزات باستغلاله تفويض
وزير الثقافة السابق، جابر عصفور، وصرف مكافآت مالية لنفسه
ومع تعيين وليد سيف رئيسا للمركز أصبح بالتالي رئيسا لمهرجان
الإسماعيلية السينمائي، فرفض تعيين مدير فني متفرغ للمهرجان، كما
جرى العرف منذ تأسيس المهرجان، لكي يدير الأمور بنفسه، رغم فشله
السابق في إدارة مهرجان الإسكندرية السينمائي.
ومع ذلك يعيد التاريخ نفسه مجددا اليوم، فوليد سيف أيضا متهم
بارتكاب تجاوزات وقد نشرت الصحف ما يفيد استغلاله تفويض وزير
الثقافة السابق، جابر عصفور، وصرف مكافآت مالية لنفسه، لكنه ينفي
ذلك ويقول إن هناك أيادي خفية تحاول النيل من تطور المركز ونشاطه
في الأشهر الأخيرة.
لم ينتج المركز في عهد وليد سيف أفلاما تسجيلية يعتدّ بها، لكنه
يتفاخر بأنه خصص فريقا لتصوير كل مراحل العمل في مشروع قناة السويس
الجديدة، وقد فشل في الحصول على الدعم المالي لعدد من الأفلام
الروائية المتميزة، هذا الدعم السنوي الذي يبلغ 25 مليون جنيه، بعد
فشله في إنفاق باقي المبلغ المخصص للدعم المتبقي من العام السابق.
وخلاصة الأمر أن المركز القومي للسينما، الذي كان البعض يرغب في
تحويله إلى قطاع مستقل تماما عن وزارة الثقافة، أصبح في حالة مزرية
من الفوضى والفشل والتقاعس تدعو إلى إعادة فتح كل ملفاته، بل
ووجوده نفسه من إغلاقه وإلغاء وزارة الثقافة أيضا.
التحريك الياباني يبرز قوته في 'عندما كانت مارني هناك'
العرب/ نصيرة تختوخ
أفلام 'الأنيم' تعتمد على سيناريوهات غنية بالإبداع ما يجعلها
تتفوق في جودتها على أعمال سينمائية تتناول نفس القصة لكن بطاقم
بشري.
من ستوديوهات غيبلي اليابانية تخرج صداقة مواسية ومشوبة بالغموض
بين أنّا ومارني في فيلم التحريك (الأنيم) ”عندما كانت مارني
هناك”.
قصة فيلم ”عندما كانت مارني هناك” مستوحاة من مؤلف الكاتبة
البريطانية جوان غايل روبنسون الذي يعود إلى عام 1967 ويحمل نفس
العنوان. وقد تمّت أقلمة أجواء القصة وممارسات شخصياتها مع طبيعة
الحياة اليابانية، فظهرت ملامح مميزة للثقافة اليابانية كاللباس
والوجبات وطرق التخاطب، إلى جانب نمط حياة غربي عصري ينسجم معها
ويبدو طبيعيا ومألوفا.
أنّا المتبناة اليتيمة تعاني من الرّبو، ويزيد من معاناتها
الانطواء على آلام الحرمان، نراها تستغرق في الرسم وتتفادى الحديث،
وتبدو والدتها بالتبني في ورطة مع حالتها رغم نواياها الطيبة.
بعد استشارة مع الطبيب تهتدي إلى فكرة إرسالها لقرية كوشيرو عند
أقرباء لها للتعافي بشكل أفضل واستنشاق هواء أنقى. وهناك سرعان ما
تقع في جاذبية المنزل المطل على البحيرة، فيتداخل الواقع والحلم
عند الفتاة الصغيرة بعد ذلك، ويحدث أمر مشابه لدى المشاهد الذي لا
يدرك حقيقة شخصية مارني إلاّ في نهاية الفيلم. لا غرابة أن تخطر
ببال الكبار أفلام أو قصص تحوّل فيها الغائبون إلى حاضرين فاعلين.
الموسيقى الهادئة للمُؤَلِّف تاكاتسوغو موراماتسو مرفوقة بأصوات
الطيور وكائنات أخرى تمارس حياتها في دعة الطبيعة، أضفت على العمل
صبغة الهدوء المريح الذي يجعل المتابع للأحداث يستسلم لمتعة
تلاحقها، وإن حاول الاستعجال بتخمين ما سيأتي فإن احتمال أن تُلهيه
ألوان منسجمة بعناية فائقة أو تفاصيل أخرى وارد جدا.
قدرة أفلام “الأنيم” المعتمدة على سيناريوهات غنية وإبداع في تشكيل
الشخصيات رسما وتحريكا وطباعا، تعطيها ما يكفي من القوّة التي
تجعلها مُقنعة، بل وقد تتفوق في جودتها وسحرها على أعمال سينمائية
تتناول نفس القصة، لكن بطاقم ممثلين من لحم ودم.
ما يزيد عن المئة دقيقة بقليل، عمر يمضي بنعومة بعيدا عن أيّ خدوش
قد يتسبب فيها عنف أو قسوة تحملها الصور. وقد تكون الجملة القاسية
الوحيدة في كل الفيلم نعت نوبوكو في لحظة تطفلها بالخنزير البدين،
الأمر الذي تعالجه نهاية الفيلم بتقديم أنَّا للاعتذار وقبوله
بتصاف وتسامح.
يتعرف المشاهد في رقة حفظ الصور والحوارات لديمومتها بحرص، على
أنَّا وصديقتها وماضيهما المتشابك. وتنجح البطلة الصغيرة في
التصالح مع انكساراتها لتعبر إلى المستقبل بإحساس أكبر بالثقة
والتوازن مدعومة بسند أقربائها وصداقات جديدة.
يبقى الأثر الذي تتركه ثمرة الإبداع المزدوج البريطاني (ممثلا في
الكاتبة) والياباني إيجابيا في نفسية المُتلقي، مُلْهما للحالمين
الصغار أو المتأملين لأبعاد علاقات الإنسان مع غيره وآلامه.
أما الأبطال المرحون وحتى الصامتون وقليلو الظهور كالعجوز صاحب
القارب حين تكون مارني هناك وبعد أن تغيب، يشهدون بأن الإنسان لا
بدّ ألاّ يترك غيره يستسلم لمعاناته وحيدا، فبما يكفي من المحبّة
والمواساة والتواصل يُمسح الأذى وتُداوى النفوس.
'سينما الصندوق الأسود' يعرض 14 فيلما عربيا
معرض أبوظبي للكتاب يقدم عروضا لأفلام من عدة دول عربية ضمن
السينما المصغرة تصاحبها ورشات عمل وندوات نقاشية.
العرب/ أبوظبي- يواصل معرض أبوظبي الدولي للكتاب تقديم “سينما
الصندوق الأسود” للسينمائي الإماراتي نواف الجناحي للعام الثاني
على التوالي، تأكيدا لمكانة السينما في المشهد الثقافي العام.
وتنظم هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة المعرض الذي يحتفي بيوبيله
الفضي هذا العام من 7 إلى 13 مايو القادم، وقد تم التوسع في
البرنامج السينمائي ليشمل عروض لأفلام من عدة دول عربية، بعد نجاح
التجربة الماضية، حيث كان البرنامج مخصصا للأفلام الإماراتية،
وعرضت داخل سينما مصغرة، صاحبتها ورشات عمل وندوات نقاشية.
وتعرض السينما المصغرة هذا العام 14 فيلما قصيرا، خمسة منها من
دولة الإمارات، أما الأفلام الأخرى فهي من المغرب والكويت
والسعودية والبحرين وتونس ومصر وفلسطين ولبنان.
والأفلام هي “أغورافوبيا” (الإمارات) للمخرج رسلان بكشينوف، “ألوان
الصمت” (المغرب) للمخرجة أسماء المدير، “حالة غروب” (الإمارات)
للمخرج مصطفى عباس، “الديناصور” (الكويت) للمخرج مقداد الكوت،
“السيد أفكار” (الإمارات) للمخرج بلال عنتبلي، “ظلال” (الإمارات)
للمخرج محمد مجدي، “عايش” (السعودية) للمخرج عبدالله آل عياف.
وكذلك أفلام “في عينيها” (الإمارات) للمخرجة سارة صابر، “ما بعد
وضع حجر الأساس لمشروع الحمام الكيلو 375” (مصر) للمخرج عمر
الزهيري، “مبنى الأمة” (فلسطين) للمخرجة لاريسا صنصور، “الناس
يختفون طوال الوقت” (لبنان) للمخرج سيريل نعمة، “هنا لندن”
(البحرين) للمخرج محمد راشد بوعلي، و”يد اللوح” (تونس) للمخرجة
كوثر بن هنية. |