خالد أبو النجا في مهرجان الفيلم العربي في برلين:
الحياة في الأفلام ليست مرسي أو السيسي و«عيون الحرامية» إضافة
نوعية لمشواري الفني
برلين – من لافي خليل:
خالد أبو النجا فنان مثقف يجيد التحدث والمناظره، صاحب رؤيا سياسية
واعية يجاهر برأيه في الحوارات والمقابلات ويرى أن للفن دورا مهما
جدا في صياغة الوجدان العام، يختار أدواره السينمائيه بعناية وفي
بعض الأحيان إيمانا بفكرة الفيلم، رغم ما قد يترتب على ذلك من
مجازفة قد لا يكون لها النجاح الجماهيري المأمول.
التقيناه على هامش «مهرجان الفيلم العربي» في برلين، حيث يعرض له
فيلمين «ديكور» إنتاج 2014 للمخرج المثير للجدل أحمد عبدالله
ومشاركة حورية فرغلي في أول أدوارها الرئيسية وماجد الكدواني،
وفيلم «فيلا 69» للمخرجه الشابة آيتن أمين ومشاركة الفنانة لبلبة
ومجموعة من الممثلين الشباب.
■
بادرناه بالسؤال عن انطباعه عن الدورة الحالية السادسة لمهرجان
الفيلم العربي وكيف يقيم التنظيم والأداء؟
□ أرى أن المهرجان في تحسن دائم، فقد كنت مصادفة في دورة سابقة
وبالمقارنة مع الدورة الحالية هناك الكثير من الإيجابيات التي
طرأت، كنوعية الأفلام المشاركة والدعاية المصاحبة والمستوى الفني،
إضافة الى تزايد أعداد الجمهور الألماني المقبل على مشاهدة الأفلام
العربية. ولكن أرى أن مؤشر نجاح مهرجانات الفيلم العربي في أوروبا
ليس فقط بعرض الفيلم ليوم أو يومين بقدر ما هو خلق حالة تواصل
ثقافي مع الجمهور الغربي وتكوين قاعدة جماهيرية تجعل من الفيلم
العربي ضيفا دائما على الشاشات في الدول الأوروبية، قد يكون مهرجان
مالمو في السويد على الطريق الصحيح لخلق هذه الحالة.
■
نقطة انطلاقك نحو النجومية كانت مع المخرج داود عبد السيد في فيلم
«مواطن ومخبر وحرامي»، هل تتفق مع هذا الرأي؟
□ العمل مع مخرج كبير ومتمكن كداود عبد السيد طبعا أعطاني الفرصة
لأدوار أخرى مع أنني كنت قد صورت في الوقت نفسه فيلم «سهر
الليالي»، ولكن تصادف أن عرض فيلم عبد السيد أولا. إضافة الى أهمية
الفيلم وموضوعه وهو علاقة السلطه بشرائح المجتمع المختلفة أعطى
الفرصة لي بأن أقوم بأول بطولة في السينما، وأيضا لوجوه أخرى
كشعبان عبد الرحيم، والفنان الوحيد الذي سبق وقام بأدوار سينمائية
هو الفنان صلاح عبدالله.
تعارفي مع المخرج داود عبد السيد كان سابقا لذلك عندما شاهد لي
مسرحيات كانت تعرض في مسرح الجامعة الأمريكيه، وخصوصا مسرحية
الكاتب الكبير توفيق الحكيم «رصاصة في القلب»، وأنا سعيد جدا بأني
أعدت التجربه معه مؤخرا في فيلم «قدرات غير عادية» والذي سيشاهد
النور قريبا على شاشات العرض.
■
أحمد عبدالله، آيتن أمين، نجوى النجار وغيرهم كلهم مخرجون شباب لهم
رؤى مختلفة عن السينما التقليدية، ألا تعتقد بأن العمل معهم يحمل
نوعا من المجازفة؟ أم أن دعمك لهم فيه من المثالية؟
□ وغير هذه الأسماء التي ذكرت هناك عشرات الأعمال لمخرجين جدد
رفضتها لأني لم أجد فيها ما يضيف لي شيئا أو أني وجدت بأن أفكارهم
لم تنضج بما فيه الكفايه أو لمجرد عدم الإلتقاء في وجهات النظر
والمستويات لينتج عملا ناجحا. أنا طبعا أحب خوض المغامرة لإعطاء
مساحة أكبر للتجريب وخلق سينما مختلفة لأنه لا يمكن للفن السينمائي
أن يقف عند حد معين هذا اذا ما أردنا أن نثري المشهد الفني العربي
ككل وأن ننتج سينما تستطيع المنافسة في الأسواق العالمية.
■
هل يمكن أن نشهد تصالحا بين ما يسمى فيلم المهرجانات والفيلم
التجاري الشعبي؟
□ فيلم «ميكرفون» للمخرج أحمد عبدالله استطاع أن يحقق هذه
المعادلة، حيث نجح جماهيريا عند عرضه في الصالات وشارك ايضا في
مهرجانات عديدة وحصل ايضا على جوائز عالمية.
فيلما «ديكور» و»فيلا 69 « قد يكونا أقل حظا، نظرا للظروف الصعبة
التي تمر بها مصر مما يجعل العزوف عن الذهاب الى السينما صفة عامة،
وعكس ذلك في فيلم «ديكور» حظر التجوال الذي كان يعرض في الشوارع من
ساعات المساء حتى الصباح. أعتقد أن الفيلمين كانا ضرورة ملحة
لعملهما في هذا الوقت، ديكور الذي صور بالأسود والأبيض ينتقد حالة
الإستقطاب السائدة في البلد بشكل مبطن، ويريد أن يوصل رسالة أن
الحياة ليست أسود أو أبيض، وطني أو خائن وعميل، أما مرسي او
السيسي. بطلة الفيلم وضعت بين خيارين وأرادت أن تقول في النهاية إن
هناك خيارات اخرى بأن لا ترضى عن الأسلوبين وتختار طريقا جديدا.
«فيلا 69 « لم يكن هدفه الأول اظهار حكاية رجل هرم يموت، بل مسألة
الإستبداد بالرأي وقمع كل من حواليه بشكل استفزازي.
■
الفيلم الفلسطيني «عيون الحرامية»، هل هو أول دور لك باللهجة غير
المصرية وهل واجهت صعوبات بتعلم اللهجة الفلسطينية الدارجة؟
□ ابتسم وكأنه يستعيد ذكريات جميلة، وقال: أنا سعيد جدا بقيامي
بدور طارق الفلسطيني في هذا الفيلم.
وكنت سأقبل بدور حتى لو كان صغيرا. عندما بدأت التمرن على اللهجة
الفلسطينية، اكتشفت بأنها أقرب الي من اللبنانية مثلا، وعند دخولي
الى فلسطين اكتشفت أن لكل شارع أو حارة فلسطينية لهجتها، التي
تختلف عن الأخرى. وفي النهاية كان لا بد من الإستعانة بمدققة لهجات
فلسطينية حتى لا تختلط الأمور ونصور كل مشهد بلهجة مختلفة. تنقلنا
أثناء التصوير بين نابلس التي صورت فيها معظم المشاهد ومناطق قريبة
من رام الله.
لم أشعر هناك أبدا بغربة المكان عني أو غربتي عنه، أحسست أني
أتواجد في مدن مصرية لم أزرها من قبل، ولكني أعرفها تماما. وأدى
احتضان أهلنا في فلسطين لنا في طاقم العمل الى شعورنا بأننا وسط
أهلنا وناسنا.
■
هل واجهتم صعوبة أثناء تصويركم العمل في المناطق الفلسطينية؟
- الصعوبة كانت فقط أثناء التنقل والمرور عند الحواجز الإسرائيلية،
ولكن بفضل خبرة الفلسطينيين وقدرتهم على التعامل مع الوضع كنا
نتغلب على ذلك.
■
هل خشيت عند دخولك إلى فلسطين من الإتهام بتشجيع التطبيع؟
□ انفعل خالد قليلا ورد: كلام فارغ، وتساءل هل يمنعني أحد من زيارة
أخي السجين والتواصل معه لأنه عند سجان غريب يقف على الباب! إن ذلك
أكثر مدعاة لمحاولة كسر الحصار واشعار إخوتنا بأنهم جزء منا.
نحن كنا فريق عمل عالميا من مصر والجزائر والأردن وفرنسا نتنقل بين
المدن والقرى الفلسطينية لأن هذا هو الطبيعي أن تستمر الحياة جنبا
الى جنب معا للمطالبة بالحقوق.
أنيسة
العناية في «أفراح صغيرة»:
السينما المغربية تجاوزت عقدة الجنس
من فاطمة بوغنبور - الرباط – «القدس العربي»:
لفتت انتباه النقاد في دور المراهقة «نفيسة» التي اضطرت لمرافقة
أمها للإقامة عند إحدى سيدات المجتمع التطواني. بمجرد التحاق
الأخيرة بالبيت الكبير، تنشأ بينها وبين فطومة، حفيدة صاحبة البيت،
علاقة صداقة قوية . تتعاهد الشابتان على أن لا تتخليا عن بعضهما
وأن تتقاسما كل شيء. لكن عندما تعلم فطومة بأن نفيسة ستتزوج قريبا
تتوتر العلاقة وتحاول فطومة المستحيل لتحافظ على صديقتها… تخللت
الفيلم مشاهد توحي بعلاقة حميمة تجمع المراهقتين مما أثار جدلا
كبيرا عقب عرض الفيلم في الجرائد والمواقع الإخبارية. لكن ذلك لم
يمنع من حصول الفيلم على جائزة الجمهور في مهرجان تطوان السينمائي
بل تنبأ بميلاد وجه سينمائي جديد قال عنه النقاد إنه مؤكد لديه
الكثير مما سيقوله مستقبلا. في هذه الدردشة تعرفنا أكثر إلى نفيسة
أو أنيسة العناية.
■
«أفراح صغيرة» هو أول بطولة في أول عمل سينمائي لك كيف جاء تعاملك
مع المخرج محمد الشريف الطريبق؟
□ نحن ننتمي لمدينة العرائش في شمال المغرب، تعرفنا بداية في جمعية
الشريف الإدريسي وهي جمعية ثقافية تقوم بأنشطة في الموسيقى
والمسرح، حيث كنت أقوم بتداريب مسرحية وبعدها التحقت بمعهد المسرح
والتنشيط الثقافي في الرباط للدراسة وكان قد علم بالأمر، ثم اتصل
بي يوما يخبرني عن «كاستينغ» فيلم «أفراح صغيرة» حيت قمت بـ»تيست»
أمام الكاميرا لأجده أياما بعد ذلك يعاود الاتصال ليخبرني أنه
اختارني للقيام بالدور الرئيسي في الفيلم . كانت فرحتي لا توصف لم
أصدق نفسي، ثم التقينا بعدها لأجل البدء في التمارين والتحضيرات
لأني لم أكن أضبط بعض التفاصيل التي تفرق بين المسرح والسينما.
■
أثار الفيلم جدلا بسبب الإشارة لوجود علاقة مثلية بين البطلتين
«نفيسة» و»فطومة» ألم يخيفك الأمر حين قرأت السيناريو؟
□ توقعنا منذ البداية هذا الجدل. لكن الفيلم قدم واقعا حقيقيا
والبعض فقط من احتج وكتب وصنع منها قضية، فيما جمهور واسع تقبل
الأمر، وظهر أن الفيلم ترك لديهم أثرا فنيا جميلا وانطباعا إيجابيا
بدليل أنه حصد جائزة جمهور المدينة التي تحدث عن تاريخها وتقاليدها
بل وصور فيها، ثم أنا أرى أن السينما المغربية قد تجاوزت كثيرا ما
لمح له الفيلم بمشاهد أكثر جرأة وأحيانا بغير هدف أو معنى، والفيلم
على الأقل تحدث عن واقع حقيقي وهناك شهادات حية عن ما جاء به في
الوثائقي الذي حمل اسم الفيلم «أفراح صغيرة» للمخرج نفسه وهو عمل
تحدث عن الموضوع والحقبة التي صورها الفيلم. الإشكال أن الجنس
وعلاقتنا بالجسد هو طابو مجتمعي مغلف بقيم العيب و»الحشومة» وأيضا
بحكم مرجعيتنا الدينية مرفوض معالجته سينمائيا.
■
كيف تلقيت الجدل والإنتقادات؟
□ بكل فرح وترحاب. ما زلت في بداية الطريق وعبر النقد يمكنني أن
أتقدم وأطور من نفسي فأنا لا أتوقع فقط المجاملات ومنذ البداية
انتظرت أيضا النقد.
■
تبدين مصرة على استكمال تكوينك الأكاديمي، رغم تألقك سينمائيا
ومسرحيا؟
□ بداية درست في كلية الحقوق في طنجة مدة ثلاث سنوات لكني كنت
دائما عاقدة العزم على دراسة الفن والتمثيل فتركت الحقوق والتحقت
بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي وأنا الآن في السنة
الثالثة، فالتسلح بالعلم والتكوين الأكاديمي خيار أساسي في حياتي.
لأنه فرق كبير لدي بين أن أدرس التمثيل من الصفر حتى الإحتراف بشكل
علمي وأكاديمي على أن أستيقظ يوما وأقرر فجأة أن أصبح ممثلة، ولو
أعدت حياتي من جديد سأختار دائما الدراسة في المعهد، فالدراسة فضلا
على أنها تسلحك بأصول المهنة هي أيضا تفيدك في جوانب حياتك فكريا
وتثقيفيا.
■
جزء كبير من وجوه الميدان الفني في المغرب لم يدرسوا المسرح أو
التمثيل ما رأيك؟
□ لا يزعجني مثل هذا الأمر ولم أفكر يوما في الفرق بين كلينا، بل
ربما يتيح لنا منافسة من نوع آخر، ثم الساحة تتسع للجميع وللجميع
الحق في التواجد فلكل أسلوبه الخاص ومساره الفني المختلف، العبرة
أن تنجح في اختيارك .
■
خضت تجربة المسرح الإرتجالي عبر سلسلة «قليل ومداوم» لفرقة دابا
تياتر. ماذا أضافت لك؟
□ كانت تجربة مميزة ارتحت لها واكتسبت منها معارف جديدة، للركح
مذاق خاص خصوصا إذا كان من نوعية المسرح الارتجالي، وفكرة «قليل
ومداوم» وتعني قليل لكنه مستمر. تقوم على ترك حرية اختيار موضوع
المقاطع المسرحية للجمهور عبر «القرعة» وبعدها نفتح الباب لمن يرغب
من الجمهور في مشاركتنا إعداد النص المسرحي وفق التيمة التي
أفرزتها «القرعة» التي يقوم فيها بالفرز أيضا واحد من الجمهور
ودقائق بعد ذلك نؤدي النص المسرحي بشكل ارتجالي.
■
كفنانة في بداية الطريق ألا تخيفك لغة التشكي في الوسط الفني
المغربي من صعوبات الميدان وقلة فرص الإنتاج؟
□ لا أنصت إلى هذه الادعاءات واعتقد أن هناك «سوء فهم» أو مبالغة
في هذا، فالوضع الفني في تحسن والمخرجون والممثلون باتوا يشتغلون
على مدار السنة في المغرب. – من هو المخرج المغربي الذي تحلمين
بالوقوف أمامه؟
أتمنى أن أقف يوما أمام كاميرا المخرج المغربي «فوزي بنسعيدي»، أحب
أسلوبه كمخرج وأتابع كل أعماله بشغف أرى أنها أعمال منتقاة بعناية
وحس إبداعي فريد، وبشكل خاص توقفت كثيرا عند فيلمه السينمائي «موت
للبيع».
■
من بين الوجوه الفنية في المغرب من ترين فيه نفسك؟
□ نموذجي الفني الأعلى هو الراحل محمد البسطاوي، أرى أنه فنان كبير
مبهر قادر على تقمص الشخصيات كلها بدون استثناء. ومن الفنانات أحب
فاطمة الزهراء بناصر تشعرني بأنها المرأة المناسبة في المكان الفني
المناسب أحب اختياراتها الفنية وأجد نفسي أبحث عن جديدها. وأحب
أيضا الفنانة «راوية» هاته الأخيرة يخيل لي أحيانا أنها لا تنتمي
إلى هذا الكوكب بل تأتي من فضاءات خارجية لتمثل فقط ثم سرعان ما
تغادر. أحلم أن يجمعني بها مشهد تمثيلي يوما ما. |