زار الفنان المصري فتحي عبدالوهاب المغرب بصفته عضوا في لجنة تحكيم
الفيلم الروائي الطويل ضمن فعاليات مهرجان تطوان لسينما البحر
الابيض المتوسط إلى جانب الممثلة السينمائية الاسبانية فيرجينيا دي
موراتا والناقد السينمائي الإيطالي جيونا نازارو والمخرج المغربي
أحمد بولان و المخرج المغربي الفرنسي الذي يترأس اللجنة علي
السكاكي، فتحي عبدالوهاب الذي حضر المهرجان من خلال أفلام له شاركت
في مسابقات دورات سابقة لقي ترحابا كبيرا من جمهور تطوان الذي
حاصره في أبواب سينما أفنيدا لالتقاط الصور معه، على هامش فعاليات
المهرجان كانت معه هذه الدردشة حول السينما المتوسطية والمغربية
والمصرية وأمور أخرى:
■
ماذا تعني لك عضوية لجنة تحكيم مهرجان تطوان؟
□ هذه أول مرة أحضر كعضو لجنة تحكيم في المغرب، وهي تجربة مهمة
خصوصا وأنها في مهرجان لطالما قدم منافسات قوية، قد لا يكون
المهرجان الأكثر شهرة او الأكثر بريق وبروباغندا لكنه قوي باختياره
أفلام جيدة ومهمة ومنافسة فنية حقيقية.
■
هل هناك سينما متوسطية مكتملة الأركان والملامح؟
□ بكل تأكيد يمكننا أن نتحدث عن وجود سينما متوسطية بمقومات
مشتركة، بالأمس مثلا شاهدت فيلما إسباني وهو خارج المسابقة شعرت
وأنا أشاهد تعابير الوجه بانجذاب لا أجده في الأفلام الانجليزية أو
الأمريكية، وهنا لا أتحدث عن التمثيل أو العملية الفنية ولكن شيء
له علاقة بالروح لن تحسه إلا إذا كنت تقتسم أنت والاخر المنطقة
ذاتها والهواء نفسه.
■
كيف تجد السينما المغربية؟
□ اطلعت على تجارب قليلة فقط وهذا تقصير مني أعترف، لكني أجدها
سينما واعدة جدا. خصوصا من الكلام الذي سمعته من فاعلين ومهتمين
بالسينما. سمعت أفكار ومشاريع لو تحققت فعلا للسينما المغربية
ستكون أكيد في وضع مختلف. رأيت أيضا افتتاح دور عرض وهو أمر مشجع
فنيا.
■
عدم وصول الدراما والسينما المغربية للجمهور المصري يفسره البعض
بانغلاق المصري عن رؤية إنتاجات الآخرين؟
□ قد تكون مسألة الانغلاق صحيحة لكن ماذا عن المسلسلات التركية
التي تدبلج باللهجة السورية ولها مشاهدة كبيرة وكانت هناك تجارب
كثيرة لمسلسلات مكسيكية ويابانية وكورية مدبلجة بلهجات غير مصرية،
لهذا أقول إن الامر ليس انغلاقا.
قد يكون المشكل في اللهجة أتذكر عند مجيئي أول مرة للمغرب وجدت
مشكلا كبيرا في اللهجة قبل أن يتحسن الوضع في مرات مقبلة. ووصول
الدراما المصرية للجميع سببه بسيط جدا أن السينما المصرية لها من
العمر 100 سنة زمن كان كافيا لتتغلغل في كل الوطن العربي.
■
الى أي حد انعكست التغييرات السياسية في مصر والمنطقة العربية على
مخيال المخرج والاتجاهات الفنية في مصر؟
□ في رأيي أن أي انعكاس آنيّ ولحظي في هذه الفترة هو انعكاس سطحي،
لأن التجربة لم تكتمل بعد ولم تهضم بعد في عقل ووجدان ولاوعي
الفنان المصري حتى يستطيع التعبير عنها بشكل حيادي وواقعي هذا قد
يتحقق بعد حوالي 10 سنين، هناك أمور لم نفهمها بعد. لكن التجربة
الفنية لما بعد حركة الضباط الأحرار في 1952 يصعب تكرارها بعد ما
حصل في 2011، لأن العالم أضحى أكثر انفتاحا وحرية في التعبير.
■
التاريخ يصنعه المنتصرون. فهل السينما ايضا قد يوجهها المنتصرون؟
□ لا، ولهذا لن يتكرر ما حصل في مصر بعد 1952. أصبحنا قرية صغيرة
ولا أحد يستطيع أن يمنع أو يحتكر المعلومة في زمن الأنترنت و»وسائل
التواصل الاجتماعي» لا أحد يستطيع ممارسة التضليل الفني والإعلامي،
ثم هناك شيء مطمئن لم يعد هناك احتكار بالمعنى «السلطوي» للكلمة
للإنتاج أو العرض أو لقنوات العرض، فاليوتوب مثلا هو ملك للجميع
بإمكان اي كان أي يمتلك قناة الان على الشبكة العنكبوتية.
■
في تصريح سابق قلت إنك لست ضد السينما التجارية لماذا؟
□ كل من ينتج فيلما ينتظر أيضا مردودا ماديا يشجعه على المزيد من
الإنتاج، لأنها أيضا صناعة وحركية اقتصادية، سأعطي مثلا قد يبدو
ساذجا فمصانع الألبسة لا تصنع بالضرورة ما يتوافق مع ذوق صاحبه،
وكما هناك جزء فني هناك أيضا العامل التجاري، ثم إن السينما في مصر
هي صناعة وجزء من اقتصاد البلاد. وقد علمونا شيئا مع الأسف لأنه
ليس حقيقيا وهو أن دخل السينما كان ثاني دخل بعد القطن. لهذا لا
يمكننا أن نلغي الجزء الاقتصادي في الحكاية.
■
ما هي معاييرك الفنية الخاصة لاختيار الأدوار؟
□ يجيـب ضـاحكا: «الفـلوس» ثم يستطرد: يجب أن أصدق الدور كي أقبله
لإني إن لم أصدقه فحتما سوف لـن يـصل للمشاـهد مهما بذلت مجهودا
فيه، يجب أن أشعر أنه حالة حقيقية وليس تمثيل و»شغل سـينما».
إحساسي الأول بالسيناريو هو ما يحدد قراراتي.
■
ما هو الفيلم الذي لامس أعمق ما فيك؟
□ فيلم «عصافير النيل» لأنه يناقش فكرة تنطبق على كل المجتمعات
العربية لكنه يمس جدا المصريين، فالمصري في عز ألمه ووجعه الإنساني
يستطيع منح الفرح والسعادة مهما كانت مشاكله، فالضحكة قدر إلهي
للمواطن المصري.
■
ما هي تحضيراتك لرمضان؟
□ لدي مسلسل «الأستاذ بلبل وحرمه» سأستكمل تصويره بعد المهرجان،
وأحضر لفيلم سيحمل إسم «خدود الفراولة» لا تزال ترشيحات الأسماء
جارية لأجله. وقد نبتدئ فيه رسميا بعد رمضان.
أكاديميون
وفنانون يفككون مفهوم التمثيل في الفنون بالدار البيضاء
محمد العناز - الدار البيضاء ـ «القدس العربي»:
نظم مركز الأبحاث الفنية والجمالية في كلية الآداب والعلوم
الإنسانية بنمسيك بشراكة مع المكتبة الوسائطية التابعة لمسجد الحسن
الثاني في الدار البيضاء مؤخرا، ندوة «التمثيل في الفنون» بمشاركة
نخبة من الباحثين المتخصصين في الدراسات السيميائية والفلسفية
والسينمائية والفنية، وبحضور نوعي للباحثين والطلبة والنقاد
والإعلاميين.
وقد ترأس الجلسة الأولى أحمد الصادقي، وكانت المداخلة الأولى لعبد
الرحيم جيران، وتمحور موضوعها حول التمثيل في السرد، وقد استهلها
بالحديث عن صعوبة تحديد مفهوم التمثيل، وأهميته في مقاربة السرد،
ثم تحدث عن مستوياته التي حصرها في الفعل والذات، والعلاقة بينها،
وبين الصيرورة. وأشار إلى أن تمثيل هذه المستويات يختلف – على
مستوى الاشتغال- وفق مرحلتين سرديتين رئيستين هما: حقبة السرد
العتيق، وحقبة السرد الحديث. وحصر تدخله في تناول التمثيل على
مستوى الفعل في الحقبة العريقة، وقد بين أن الفعل السردي يخضع في
هذه المرحلة للسمت الاجتماعي الذي يسنن الأفعال داخل الجماعة،
رابطا بينه وبين الأمر الأخلاقي؛ حيث يضمر الاختيار الشخصي، ويحضر
بدلا منه الواجب، بوصفه محضرا على نحو مسبق، ويحدد الأمداء التي
بحسبها يتبلور الفعل سرديا، بما يعنيه ذلك من جهوزية، لا يقام على
التقويم القبلي، أو التمحيص في ضوء ما هو شخصي- فرداني. كما لمح
إلى العلاقة بين الفعل والاستحقاق، وكيف يصاغ الفعل السردي في مصهر
النتائج التي هي بمثابة تثمين اجتماعي. وفي أثناء تحديد مظاهر
تمثيل الفعل سرديا في السرد العتيق حرص عبد الرحيم جيران على تبيين
الفروق الدقيقة في اشتغاله، حسب خصوصية الأجناس السردية من ملحمة
وحكاية شعبية وحكايات تكون الجماعات، واختتم المتدخل مداخلته
بالإشارة إلى أن تمثيل الفعل السردي لا يكتمل إلا بمقاربة
المستويات الأخرى التي أشار إليها في بداية المداخلة.
وتدخل بعد ذلك عبد اللطيف محفوظ في موضوع «خصوصيات التمثيل في فنون
الفرجة»، منطلقا من صعوبة تحديد معنى المفهوم الغربي (La
représentation
( وموضحا أن الصعوبة تزداد حين نفكر به مترجما، حيث يتنافس دليلان
في الحلول مكانه عربيا، وهما « التمثيل» و»التمثل»، وقد توقف عند
معنى كل منهما مجسدا الفوارق الدقيقة بين حديهما، وموضحا أن
استعمال أحدهما دون الآخر يجعل المفهوم الغربي يحضر في العربية
مؤوَّلا. ثم قدم ستة تعريفات متمايزة، لكنها متقاربة من حيث المدار
الدلالي الذي يتمثل في وجود دليل ما يحضر إلى الذهن بوصفه معطى،
يتطلب لكي يتجسد أن يمثل بدليل جديد يرسم حدود «التمثل» و»التمثيل»
في آن.
وانطلاقا من المتشارك بين التعريفات التي قدمها وضح أنه يتماثل
تماما مع تحديدات فلسفة بورس للدليل والتدلال. وخلص بعد تقديمه
النظري، إلى توصيف خصوصيات التمثل في فنون الفرجة، موضحا كيف يصبح
الأمر معها مضاعفا، خاصة في المسرح، حيث لا بد من التفكير في ما
يتمثَّله الكاتب ويمثِّله بنص مكتوب، وفي ما يتمثله المخرج ويمثله
بالعرض الذي هو توليفة من الأدلة المنتمية إلى توليفة من الأنساق،
وما يتمثله المشخصون ويمثلونه بالكلام والحركات والتماسفات..
وانتهى إلى ضرورة فتح منافذ للبحث حول المفهوم وتحديده، انطلاقا من
إدراك يستند إلى خلفية فلسفية.
أما السعيد لبيب فقد وسم مداخلته بـ»جون فرانسوا ليوتار: ومساءلة
العين في الفن الطليعي (ديشان- مونوري- نيومان)، وانطلق فيها من
محور الفن في زمن الرأسمال، حيث أن أول البداهات التي يدعونا
ليوتار إلى التخلص منها، هي أن الغرب كان متصالحا مع الفنون على
خلاف حضارات أخرى. فمفهوم «الفن» تمثل حديث، بحيث أن أول معرض كان
في اللوفر في بداية القرن 18، واكبه ظهور جمهور من المشاهدين يتلقى
الأعمال الفنية خارج كل طقوس احتفالية – كنسية: بحيث تغير مدلول
فكرة الزيارة، فلم نعد نركع أمام أوثان، وإنما نمر أمام لوحات.
فبعد أن كانت مؤسسات (البلاط) والمؤسسات الدينية أخضعت فاتورة
الزيارة للاحتفال بمجد الملوك والآلهة، تشكلت مهارات فنية وشاعرية
وتم العمل على نقلها (بواسطة معلمين وفي أوراش) التي أوكل إليها
تحديد الذوق (عند الهواة). فقد تغيرت الأذواق، سواء عند المعلمين
أو الهواة، تبعا لتغير المخيال الجماعي. لقد فرض العالم البورجوازي
الفن من أجل الفن – بحسب الباحث- كنمط من التمثل عن العالم، متحررا
من غائيته القربانية والطقوسية واللاهوتية، التي كان معبرا عنها
لآلاف السنين. أن نعرض، هو أن نرى «الواقع» المرئي كموضوع لتملك
ممكن: الإنسان والطبيعة. لقد كان ذلك مشروعا ضخما أخذ يتشفع ويعتمد
في وجوده أولا بالأفلاطونية الجديدة منذ الكواتروشينتو، ثم من
النزعة الفيزيائية الحديثة في القرن 17. فقد كان المعرض يستمد
شرعيته من البصريات الهندسية وميكانيكا القوى (المطبقة على الجسد
الانساني نفسه)، ضمانا لعقلنة العالم المرئي والتحكم فيه من طرف
الفكر.
فكانت النتيجة الحتمية لهذا التمثل، في الأزمنة الحديثة، الاحتفاء
بمَلِكِ جديد آت: الإنسان العقلاني».»لكن الطلائعيين استبقوا إفلاس
هذه النزعة الإنسانية، من خلال معاصرتهم لأزمة العقل الفيزيائي
والرياضي، بعد 30 أو 40 سنة من أزمة الرأسمالية، وحربين عالميتين،
وظهور أنظمة شمولية قوضت قيم الانسان البورجوازي، وكذا الأمل
(الحديث أيضا) في جعل مشعل هذه القيم في يد الثورة الاشتراكية، وهي
القيم التي ستتخذ صورة بارودية مع الستالينية الدموية، في صيغة
«نزعة اشتراكية» فرضت على الفنون والآداب، بحيث لن تعرض وتصور هذه
الأخيرة سوى «مجتمع مدني» منعدم في الواقع. في حين انصبت مداخلة
معزوز عبد العلي حول «مفهوم التمثل في الفن وفي الفلسفة»؛ منطلقا
من التمثُّل كمفهوم فلسفي؛ ذلك أن للمفاهيم تاريخا لكنه تاريخ
مُحايث وليس مثاليا. في كتابه «الاختلاف والتكرار» يرى دولوز أن
التمثل هو ما يحول دون الاختلاف، أو بعبارة أخرى، أن التمثل يرسي
دعائم المُتطابق. التمثُّل لعب، دوما، دورا في تاريخ الفلسفة، خاصة
في الأنساق الفلسفية الكبرى من حيث العمل على احتواء كل ما يندُّ
عن المفهوم، وكل ما يستعصي على الفكر التَّوَّاق إلى الوحدة وإلى
التطابق. داخل النسق الهيجلي يُقحَمُ التناقض، ولكن فقط في أفق
تركيبه على نحو لا يتركُ أثرا للاختلاف. كل ما هو مُختَلِف ولا
متطابق مَقصيٌّ من النظام الفلسفي. لا يحتمل النسق الفلسفي ما يزيد
عن الحد وما ينقصُ عنه: أي المختلف. دأبتْ الفلسفة قبل الحديثة على
إرساء التطابق مستعينة في ذلك بالتمثُّل. يُستعان بالتمثُّل من طرف
العقل من أجل إرساء الهوية أو ما يُفْتَرضُ أنه هوية. يضيف معزوز،
السيمولاكر عند أفلاطون، الذي لا هو الشيء ولا نقيضُهُ مثال على
الاختلاف أو على المختلِفِ، وهو بسبب عدم انتمائه لا للأصل ولا
للنسخة منبوذ ومقصيّ من النسق الأفلاطوني.
لماذا هذا الإقصاء؟ لأن في السيمولاكر ما يستدعي الخوف، وبالتالي
التَّوجُّس منه: فهو لا قرار له ولا نظام، فيه تتكثَّف كل أنواع
الفوضى، وكل أشكال السديم، وكل ألوان الطيف.
حسب دولوز لا مبرِّر لإقصاء السيمولاكر سوى المسوغات الأخلاقية. إن
قِوَامَ التمثُّل يكمُنُ في هوية الأنا المفكر وهوية المفهوم؛
فالفكر الفلسفي ما قبل الحديث يعتمد على أربعة مبادئ: 1- تطابق
المفهوم 2-تعارض المحمول 3- التماثل في الحكم 4- التشابه في
الإدراك. والتمثّلُ يرجع إلى مفهوم الهو هو، أو ما يمكن أن نسميه
بالذات نفسها أو بالشيء نفسه. إضافة إلى عنصر أساس في التمثل وهو
الذاتية: الذات هي المرجع المشرِّع والمؤسِّس. وهي في كلِّ ذلك
تُثبتُ ذاتها. الذات تسن المعايير وتضع القواعد. إنها تتسيَّدُ على
نفسها وعلى العالم، ووسيلتُها في هذا التَّسيُّد التمثُّلُ، وهي
تستدعي كل ما يمثلُ أمامها وتُخضِعُهُ للتمثُّل. هذا كله ليس
تنقيصا من إمبريالية الذات ما دامت هي المنطلق في الحداثة الفكرية
الفلسفية والفنية. لينتهي الباحث إلى أنه لولا تأسيس استقلالية
الذات في بداية العصور الحديثة لما ابتدُعَتْ الفنون ولما حاز
المجال الفني والجمالي على شرعية التأسيس. يُرجِعُ هابرماس منطلق
الحداثة إلى استقلالية الدوائر التالية: الدائرة الجمالية والدائرة
الحقوقية والدائرة السياسية. أما مداخلة الفنان التشكيلي والناقد
بنيونس عميروش «التمثيل» ومفارقاته في التشكيل المغربي المعاصر فقد
قاربت «الصورة»، باعتبارها، موضوع نقاش متجدد منذ عهد بعيد في
العالم العربي الإسلامي، مع تطور المجتمعات والعقليات والرؤى،
بينما بقي الحسم في إباحتها بين مؤيد ومعارض لدى الفقهاء وعلماء
الدين.
ولعل «الصورة» بالمعنى الذي يهمنا في هذا المقام، تبقى موازية
لمسألة «التمثيل»، باعتبار الصورة تمثيلا للواقع المرئي. إذا كانت
الصورة ضمن خلفية «التمثيل»، باعتبارها سؤالا استشكاليا في
الأدبيات الفقهية الإسلامية، فقد ظلت محصورة بين «التحريم
والتحليل» داخل منظومة متجددة يتداخل فيها التراثي والحداثي. أما
الجلسة الثانية التي ترأسها عبد العالي معزوز فقد افتتحت بمداخلة
نبيل بنعبد الجليل «التمثيل في الموسيقى الكلاسيكية» التي حفرت
عميقا في الموسيقى بوصفها فنا من أكثر الفنون استهلاكا في العالم
من دون أن يُحصِّنَها ذلك من الابتذال، والحال أنها أكثر الفنون
رُقِيًّا. غالبا ما اعتُبِرَتْ الموسيقى فنا تابعا لفنون أخرى، مثل
اعتبارها موسيقى تصويرية مُلْحَقَة بالفيلم السينمائي أو بالمسلسل
التلفزيوني. والواقعُ هو أنها فن مستقلٌّ بذاته يملك قدرته
التعبيرية الذاتية، دونما حاجة إلى كلام أو حوار أو صورة، فقط
النَّغم هو المهمّ، وفي هذا السياق يمكنُ التمييز بين الموسيقى
الطَّرَبِيَّة والموسيقى العالمة. ويجدُرُ التنبيه إلى أنَّ الشائع
عند جمهور المُستمِعِين في عالمنا العربي أن الموسيقى هي أصلا طرب،
بينما الموسيقى في الثقافة الغربية فنّ تعبيري. بطبيعة الحال لا
يمكنُ مجاراة رأي الموسيقار الروسي الكبير سترافنسكي في رأيه
القائل بأن الموسيقى لا تُعبِّرُ عن شيء سوى ذاتها.
إذن يمكنُ القول إن للموسيقى -مثلما هو الحال في السينما أو في
غيرها من الفنون – لغة خاصة بها. ويخلص إلى أنه يمكن تحليل
التمثُّل الموسيقي أو التمثُّل في الموسيقى. فمفهوم «التمثُّل» أو
«التمثيل» يتجلَّى أكثر ما يتجلَّى في الموسيقى الرومانسية أو
الموسيقى في العصر الرومانسي التي يمثِّلُها الموسيقار الألمانيّ
العبقري بيتهوفن، حيثُ طوَّع الموسيقى وأخرجها من القوالب الجاهزة
للتعبير عن الذات وعن الأنا. وإن شرطُ الذاتية في الفن عامة
والموسيقى بصفة خاصة هو التمثُّل.
وركزت مداخلة المخرج المغربي هشام العسري على التمثيل الاجتماعي
متناولا بالتحليل فيلمه: «هُمُ الكِلاَب» الذي حاول أن يرصد لحظة
الربيع العربي سنة 2011 وانعكاساتِهِ على المجتمع المغربي مُقْرنا
هذه اللحظة بلحظة عسيرة هي الأخرى وهي التي اتَّسَمَتْ باعتقالات
1981، ولكن من دون استعمال تقنية الفلاش باك. ذلك أن السينما
تمثِّلُ، بالنسبة له، فنا لتمثيل الواقع الاجتماعي، ولا يكون تمثيل
الواقع بنقْلِهِ حرفيا، وإنما بتناوُلهِ بلغة سينمائية مبتكًرًةٍ.
كما قال إن السينما بالنسبة إليه ضدّ الخطاب لأنها أولا وأخيراً
لغة بصرية تعتمد الرمز والاستعارة.
الفيلم
الفرنسي «ثلاثتنا فلنمضِ» لـ جيروم بونيل…
مقاربة حديثة للعلاقة العاطفيّـة الثلاثيّـة
سليم البيك - باريس ـ «القدس العربي»:
مالت السينما الفرنسيّة في عدّة أفلام مؤخراً إلى طرح مسألة
الهويّة الجنسية، في انعكاس متوقّع لواحد من هموم المجتمع الفرنسي
في السنوات الأخيرة، معكوساً، كما هو في صالات السينما، على صفحات
الجرائد والمجلات وفي قاعات المحاكم كما في الساحات العامة. الطرح
الأخير هنا كان في فيلم «ثلاثتنا فلنمضِ» للمخرج الفرنسي جيروم
بونيل المعني من خلال أفلام سابقة له بالعلاقات بين الجنسيْن عبر
مقاربات مختلفة، آخرها كان قبل عاميْن في فيلم «زمن العلاقات» الذي
طرح فيه فكرة العلاقة السريعة الطارئة بين رجل وامرأة كهليْن،
علاقة تأتي مجانبةً لعلاقة كل منهما بشريك حياة غائب تماماً عن
الفيلم.
هنا، في «ثلاثتنا فلنمضِ»، نقف أمام علاقة متعدّدة، علاقة واحدة
بثلاثة أطراف، وبالجمع بين الدراما والكوميديا يطرح الفيلم مسألة
الهويّة الجنسيّة، من دون أن يعطي المسألة الجنسيّة مكانة أساسية
ضمن العلاقة الثلاثية، نحن هنا أساساً أمام علاقة عاطفيّة بين
فتاتيْن، هما ميلودي وشارلوت، وشاب هو ميشا، في العشرينيات من
أعمارهم. وهذا طرح حديث ليس غريبا عن المجتمع الفرنسي في 2015،
مقدّماً العلاقة الثلاثيّة ضمن سياق الأومو/الإيتيرو، لتكون
العلاقة المثليّة بين الفتاتيْن حاضرة في الفيلم، بل هي أساسه
كونها أشدّ من ميول كل منهما لميشا.
الطرح الحديث هذا ليس جديداً على السينما الفرنسيّة من ناحية
العلاقة المتعدّدة، الجديد هو إدخال «المثلية» إليها. ويعيدنا
الفيلم إلى أفلام سابقة شكّلت علامات في السينما الفرنسية كفيلم
«المرأة هي امرأة» (1961) لجان لوك غودار ويحكي فيه عن علاقة امرأة
بزوجها من جهة وبصديقه من جهة ثانية، بشكل تظهر فيه العلاقتان
كعلاقة واحدة ثلاثيّة، أكثر مما تبدو كخيانة زوجيّة. في فيلم آخر
هو «جول وجيم» (1962) لفرانسوا تروفو ظهرت العلاقة الواحدة ثلاثية
الأطراف بشكل أكثر وضوحاً، كونها أساس ما يريد الفيلم طرحه، إنّما
في الحالتيْن لسنا أمام علاقة مثليّة بين اثنيْن من الأطراف
الثلاثة، ففي فيلم تروفو نحن كذلك أمام علاقة امرأة واحدة بكل من
جيم وجول.
في «ثلاثتنا، فلنمضِ» لكل من الفتاتيْن علاقة مع الأخرى ومع ميشا.
فيبدأ الفيلم بوصول ميلودي إلى بيت شارلوت وميشا، وهما على علاقة،
وقد اشتريا حديثاً البيت قرب مدينة ليل الفرنسية ليؤسسا فيه حياة
مشتركة ومستقرة، لكن شارلوت كانت قد بدأت قبل أشهر علاقة مثليّة مع
الزائرة ميلودي، فحبيبة الشاب تخونه مع صديقتها، وليست، كما نراها
في معظم وقت الفيلم، على توافق تام مع ميشا ولا تبدو متحمّسة
للاستمرار معه، لطغيان مشاعرها المثليّة تجاه ميلودي. الشاب ميشا
بدوره سيُعجب بميلودي وسيقيم علاقة معها، سيخون هو كذلك حبيبته
شارلوت مع صديقتها/حبيبتها. في الوسط وضمن سياق لا يخلو من مفارقات
كوميديّة خفيفة، تجد ميلودي نفسها عالقة بين الاثنين، في علاقة
منفصلة مع كل منهما، وإن كان واضحاً ميولها للعلاقة المثليّة مع
شارلوت، لكنّها هنا ستخون كلاً منهما مع الآخر.
لن يشكّ أحد بشيء، ميشا وحبيبته الأولى شارلوت يملآن حديثَهما مع
بعضهما بالكذب ليحصل كل منهما على فرصة لقاء شارلوت، وشارلوت
بدورها تحب الاثنين وتحتار بما تفعل ومع من تمضي الوقت. الحل الذي
اقترحه المُخرج هنا، وقد شارك في كتابة السيناريو، يتمثّل في علاقة
ثلاثية بينهم، وفي لقطة يصل فيها الفيلم إلى حلّ عقدته، تُقبّل
ميلودي شارلوت أمام ميشا، فلا يجد أمامه غير مشاركتهما، هنا
تحديداً تنفرد العلاقة بين ميشا وحبيبته الأولى شارلوت.
الفيلم لا يقدّم محاكمات، كما لا يقدّم تبريراً للكذب أو الخيانة
بين طرفيْ علاقة حب، إنّما يحكي عن الحب كقيمة مطلقة يمكن أن
تتخلّل ثلاثة أطراف ولا تنحصر بطرفيْن، هذا تحديداً غريب عن
المجتمع الفرنسي كما غيره، إنّما الهويّة المثليّة لكل من
الفتاتيْن هي الطرح الذي كثر مؤخراً في السينما الفرنسيّة، كما
أشرت سابقاً.
ليس«ثلاثتنا، فلنمضِ» فيلم جوائز، وليس فيلماً تجارياً يتوسّل
موضوعاً صار صرعة فرنسيّة لينال ربحاً مقبولاً عبر شبّاك التذاكر.
الفيلم من تلك الأفلام الخفيفة التي تختلط فيها الدراما بالكوميديا
والتي تطرح بأسلوب أقرب للتلقائيّة ومن دون ادّعاء مقاربة لحلول
ما، لمسائلَ أكثر تعقيداً واشتباكاً.
حسن
يوسف: طلبت من طلعت زكريا عدم الإشارة إلى رئيس بعينه في فيلم
«حارس الرئيس»
محمد عاطف - القاهرة – «القدس العربي»:
يصور حاليا الفنان حسن يوسف بطولة مسلسل « دنيا جديدة « تأليف
مصطفي إبراهيم وإخراج عصام شعبان ويشاركه البطولة أحمد بدير ومحمد
نجاتي ونورهان وسامي مغاوري وروجينا ونيرمين ماهر وكريم كوجاك.
حول توقف مسلسلي «اضطراب عاطفي» و»حتى تثبت إدانته» قال حسن يوسف:
السبب المنتج وتسويق الأعمال والتمويل والمحطات التليفزيونية وحتي
الآن لا أعلم شيئا عن المسلسلين منذ العام الماضي .
ويقول النجم: أبحث عن الدور المميز وفي المسلسلين أعجبني ما رشحت
له ففي «اضطراب عاطفي» يمثل دور والد إلهام شاهين، «وبيننا عقدة
معينة ومهارة في التمثيل».
عن العمل الثاني أمام حسين فهمي والمخرجة رباب حسين يقول: «النص
أعجبني وانتظر الإعلان عنه».
أشار يوسف إلى أن النجم الشاب الآن يحب الدور الكبير ليظهر خلاف
جيله الذي يبحث عن الدور المليء بالتمثيل بالكيف وليس بالكم وهذا
فارق بين الجيلين.
يحرص حسن يوسف على صدارة أسمه التترات لما لديه من تاريخ طويل لا
يصح أن يسبقه أحد وحدث ذلك مع النجمة غادة عبد الرازق في «زهرة
وأزواجها الخمسة» التي أبدت رغبتها في تصدر أسمه فهو الأكثر خبرة
والأكبر عمرا ومن حقه تصدر إسمه للعمل الفني.
حول توقف تصوير مسلسل «جرح عمري» أمام النجمة سهير رمزي قال حسن
يوسف: صورنا 11 يوما ثم أوقف المنتج لتعديلات ولم نقبض أي دفعات
سوى شيكات وجدناها بلا أرصدة ولا يوجد حساب للمنتج في بنك القاهرة
وقال مدير البنك أن المنتج أغلق حسابه قبل عام من التصوير.
أضاف: مر عام وأقمنا قضية وحصلت سهير رمزي علي حكم بخمس سنوات وأنا
أخذت عليه حكم ثلاث سنوات وأتضح أنه كان يشارك أحد المنتجين وتركه.
أوضح تدخل صديقه للمنتج أسمه «أبو حتة « من الصعيد وأتفق أن نحصل
على ما قمنا بتصويره حصلنا على جزء ووقعنا عقدا على أن نحصل على
الباقي إذا أكمل المسلسل وتصالحنا رغم علمي أنه لن يكمل المسلسل.
يؤكد يوسف أن سوق العمل تغير الآن عن زمان حيث نرى الآن أبوابا
عديدة وراء الإنتاج مثل المحطات الفضائية والموزع وغيرها وزمان كنا
نتعامل مع المنتج مباشرة.
حول اعتذاره عن مسلسل « فرق توقيت « قال: اتفقت مع المنتج على مبلغ
وبعد أسبوع طلب مني تخفيض الأجر للنصف فاعتذرت له كما أعتذر هو عن
الاتفاق.
بالنسبة للسينما وفيلم «حارس الرئيس» قال حسن يوسف: طلعت زكريا
يتحدث كثيرا عن الفيلم وكتب سيناريو مبدئي وقال لي أنه سيكتبه مع
سيناريست محترف ولم أقرأ السيناريو وكان يبحث عن منتج وتحدث مع
السبكي ثم مع كامل أبو علي ولم يتفق.
أوضح أنه طلب من الفنان طلعت زكريا ألا يحدد أسم الرئيس وأن يكون
إسما عاما وألا يكون عن رئيس بعينه فأي رئيس له مواقف محددة معروفة
وإذا قام بتأليف مواقف يمكن لهذا الرئيس مقاضاة الفيلم أما إذا كان
رئيسا في المطلق فيمكن تأليف أحداث في حياته |