أيقونة حضارية مجبولة بالخيبات المتلاحقة
أمستردام – محمد موسى
تأخرت كثيراً إطلالة الكاتبة والناشطة المصرية المعروفة نوال
السعداوي عبر السينما التسجيلية. وكأن النوع السينمائي الذي يُوثق
الواقع والمهموم بالحقيقة والشغوف بالشخصيات المُثيرة والمشاكسة،
ضل طريقه إليها أو يقف مرتبكاً وعاجزاً عن إيجاد المدخل والمُقاربة
المناسبين لتقديم هذه الأيقونة الجدليّة. هذا ما تبدى من فيلم
«الصوت الحرّ لمصر – نوال السعداوي» للمخرجة الألمانية كونستانسه
بوركارد، والذي عرض قبل أيام قليلة في مدينة لاهاي الهولندية ضمن
مهرجان «Movies
that Matter»
السينمائي. ذلك أن الفيلم يكشف ضمنياً لَبس صعوبة تناول الكاتبة
سينمائياً اليوم فقط، بل كذلك فداحة ما تغيّر في العقود الثلاثة
الأخيرة في مصر وفي الشرق العربي كله، لينقلب الاحتفال الذي كان
الفيلم أعده للسعداوي، إلى تأبين جديد لزمنها ومُثلها والأهداف
الذي خاضت من أجلها معارك شرسة طويلة، انتهت مُعظمها بالخسارات.
عودة إلى البدايات
اختارت المُخرجة أن تعود مع نوال السعداوي إلى البدايات والجذور.
حيث تحمل هذه المقاربة التي تبدو تقليدية فهماً لواقع وسيرة
الكاتبة، كما تشكل أحد مداخل الاستدلال على الظروف التي أسست
لشخصيتها المتمردة والحادة. فالفيلم سيعود معها إلى قرية «كفر
طحلة»، حيث ولدت عام 1930. وهو المكان ذاته الذي عادت للعمل فيه
كطبيبة بعدما أنهت دراستها في القاهرة بعد عامين من ثورة يوليو عام
1952. وستكون تلك القرية، مسرح أحداث حياة الكاتبة الأول، إذ فيها
تعرفت على المظالم الأولى وتذوقتها كفتاة في مجتمع ذكوري رجعي،
ومنها ستنطلق ثورتها النسوية التي، رغم مرور أكثر من نصف قرن على
بداياتها الأولى، ما زالت مُتفردة وليس لها خليفات بالمقام نفسه
حتى الساعة.
يجتهد الفيلم لكي يربط ويوازن بين مسارين: الأول يستعيد السيرة
الشخصية لنوال السعداوي، عبر اتكاله الكامل على مقاطع من مكاشفات
الكاتبة الذاتية من التي كتبتها في حقب زمنية مختلفة ووزعتها على
كتبها العديدة، تمت قراءتها باللغة الإنكليزية عن طريق ممثلة،
لتمثل ما يشبه الخلفية الصوتية لمشاهد القاهرة والريف في الفيلم.
وبين مسار آخر انشغل بتسجيل يوميات حياة الكاتبة في الزمن الحاضر.
فيرافق الفيلم الكاتبة في زيارتها إلى قريتها، بعد انقطاع سبعة
أعوام بسبب الظروف الأمنية. لكن تلك الزيارة التي رافقها سيرك رسمي
في القرية، تكشف عدائية شديدة مُبطنة مُتواصلة ضد الكاتبة، التقطها
الفيلم بدون تخطيط، فالمدرسة التي تلقت الكاتبة تعليمها الأول بين
جدرانها، لم تشأ أن تذكر أشهر طلابها في لوحة علقت في أحد ممراتها
وضمت أسماء طلاب آخرين من الذين حققوا التفوق في مهن أخرى ليس
الأدب من بينها. كما أن المكتبة العامة الصغيرة في القرية، والتي
شيدت في زمن رغبت فيه السلطات السابقة أن تصالح الكاتبة فيه
وتكرمها، لا تضم اليوم أياً من كُتب نوال السعداوي.
لا تتحدث نوال السعداوي مباشرة للكاميرا في هذا الفيلم. ربما لأنها
قالت كل ما يجب أن يقال في نصف القرن الماضي، أو أن الفيلم اكتفى
باستعادة سيرتها المكتوبة بخط يدها، والتي تميزت بالصدق الشديد
والجرأة، حتى عندما مرت على تجارب حميمة خاصة، كالختان الذي تعرضت
له عندما كانت طفلة، ورفضها لما تتعرض له النساء من ظلم في محيطها،
وتوقها للثورة. في المقابل يحاور الفيلم شخصيات نسائية، لتقييم
الأثر الذي تركته نوال السعداوي في بلدها. من الشخصيات التي تظهر
في الفيلم، ستتميز سيدتان، إحداهما مُثقفة ستحلل بفهم كبير تركة
نوال السعداوي الفكرية والإنسانية، والأخرى تعيش في القرية التي
ولدت فيها الكاتبة المصرية، وعاشت حياة مختلفة كثيراً عن كاتبة
القرية الشهيرة. شهادة هذه الأخيرة ستكون الأكثر تأثيراً وتعبيراً
عن حال المصريات اليوم، فهي من جهة ستكشف أن لحظات الفخر الوحيدة
بنفسها وجنسها تكون عندما تشاهد نوال السعداوي، لكنها من الجانب
الآخر تعتقد أن لا شيء تغير على الإطلاق في حياة ملايين النساء من
أمثالها، وأنهن ما زلن أسرى المناخ الاجتماعي المتزمت، وسلطة الرجل
وظلمه.
رغم أن الاهتمام ما زال يحيط بنوال السعداوي أينما حلت، إلا أنها
لم تعد مُؤثرة أو فعالة كما كانت قبل عقود. هذا الأمر يبدو جليّاً
في الفيلم، وربما حدد مساره أيضاً، ليس فقط عبر تركيزه على سيرة
الكاتبة المصرية السابقة، ولكن أيضاً عبر دورانه حول مفهوم القيمة
التاريخية للسيدة أكثر من قياس ما يثيره وجودها من تفاعل اليوم. لا
شك في أن خطاب نوال السعداوي النسويّ الليبرالي المُتشدد، وعدم
تواصلها مع أجيال المصريين الجدد عبر وسائلهم التكنولوجية الحديثة،
والإهمال الرسمي الذي يصل إلى العداء الذي طبع علاقتها بالمؤسسات
بكل أنواعها، ساهمت في تحجيم دور الكاتبة في السنوات الأخيرة، هذا
رغم أنها تشكو لليوم من تأثيرات آرائها السابقة، فهي تعيش تحت
حراسة دائمة من الأمن المصري، بسبب تهديدات لم تتوقف عن تعكير
حياتها.
حرية ما...
تبدو نوال السعداوي في أعوامها الأربعة والثمانين، وكأنها تحررت من
مفاهيم الجنس والهوية والعمر. تحاول أن تبقى وفية لنشأتها الريفية
والتزامها بقضايا الفقراء والنساء والمهمشين، رغم صعوبة ذلك، بسبب
انقطاعها الطويل عن ذلك العالم. إلى جانب تقديم السعداوي الكاتبة
الناشطة، تلتقط المُخرجة مشاهد حميمة من الحياة اليومية لبطلتها،
بعضها يُظهر لحظات ضعف إنسانية، عندما ترفع الكاتبة جهاز الكمبيوتر
المحمول وتقربه إلى وجهها حتى تستطيع قراءة ما هو مكتوب على
الشاشة، أو عندما تمارس الرياضة في الشارع قرب بيتها، في مشهد كان
يظهر على طرف كادره أحد حراس الأمن المصريين، الذي كان يشرف رمزياً
على المشهد، وفعلياً على الحياة في الشارع من حوله.
الفن السابع في مملكة العبث العربي
أحمد باشا
منذ فيلمه الطويل الأول «النهاية» (2011)، قدم المخرج المغربي هشام
العسري نفسه كأحد الأسماء المقبلة بقوة على الساحة السينمائية
العربية. وفعلاً، لم يخب ظن المتابعين لتجربة العسري الأولى عند
مشاهدتهم أفلامه اللاحقة. هكذا كان حال المخرج المغربي الشاب في
شريطه الطويل الثاني «هم الكلاب» (2013 - د 85): مخرج باحث عن
أسلوبيته الفنية الخاصة، ليتمكن من تجاوز السائد شكلاً ومضموناً من
خلال زج الكاميرا في مناخات المسكوت عنه سياسياً واجتماعياً. أما
في آخر أفلامه «البحر من ورائكم» (2014)، والذي عرض في الفترة
الأخيرة، إلى جانب الفيلمين السابقين، ضمن «أيام بيروت
السينمائية»، يؤكد صاحب الثمانية والثلاثين عاماً أنه صاحب مشروع
سينمائي، خاص، خارج عن القوالب المألوفة عربياً.
على غرار خياره الفني في أول أفلامه الطويلة، يقدم العسري شريطه
«البحر من ورائكم» بالأبيض والأسود، راوياً من خلاله حكاية ينخر
القهر في مجمل تفاصيلها الدقيقة. الأبيض والأسود عند مخرج «وشم
العذاب» (2002) ليس هاجساً جمالياً خالصاً بمقدار ما هو نفي متتال
لتضادات الثنائية ودلالاتها، ذلك بغية الابتعاد عن حمى التأويلات
الجاهزة. الاشتغال السابق لن يكون إلا اللبنة الدرامية الأولى
للانطلاق في عوالم «البحر من ورائكم» (إنتاج مغربي إماراتي -
فرنسي). في المدينة التي تدور فيها حكاية «البحر من ورائكم»، اختفت
الألوان، في شكل كامل، وذلك نتيجة تلوث المياه نتيجة إصابتها بوباء
«البق». إلا أن إعلان الفيلم منذ بدايته عن الكارثة العامة لن يكون
مدخلاً للتعرف إلى حجم النكبات الشخصية التي تفاعلت وتمازجت مع
بعضها، فغدت اللوحة العامة على ما هي عليه من بؤس وفاقة.
إعلان مبدئي
يعلن الفيلم عن نفسه منذ اللحظة الأولى، من دون يحاول أن يخفي
بعضاً من خيوط حبكته، فيظهر بطل الفيلم طارق (مالك خميس) متأملاً
البحر أمامه وهو معطياً ظهره للعالم، مترافقاً مع مرور العبارات
التالية على الشاشة: «في مكان آخر، في بلد بدون ألوان، حيث تقطع
أيادي اللصوص، عالم يعتبر فيه الإنسان حيواناً، والحيوان عدماً،
وقعت ظاهرة غريبة، تلوث الماء وأصابت العدوى كل شيء... إلخ». بطل
الفيلم طارق، هو نفسه من سيكون جسده ممدداً وسط الشارع، يتلقى
الركلات عليه بقوة، والدماء تسيح حوله، كل ذلك أمام لا مبالاة
المارة أو مراقبتهم العاجزة في أفضل الأحوال. بعد ذلك، يظهر طارق
ويداه مقيدتان في مركز الأمن الوطني. رويداً رويداً سنتعرف إلى
طارق: رجل يرتدي زي الراقصات، يضع المكياج، ويرقص فوق العربة التي
يجرها حصان اسمه العربي.
في كل ثانية، يتراكم داخل بطل «البحر من ورائكم»، وبمقدار التساوي،
كل من الذل والهزيمة. يتلقى الإهانات والشتائم من دون أي رد فعل
يذكر، إلى درجة أنه يشرب قهوته التي اختلطت بها قطرات من دمه في
شكل طبيعي (كما في أحد المشاهد). كل ذلك لن يزيد إلا من عجزه عن
الفعل أو البكاء، حتى أمام رجل المخابرات لطفي (صلاح بن صلاح)، أي
الشخص الذي دمر حياته تماماً، أغوى زوجته واحتل بيته وقتل أطفاله.
الذل الذي يتعرض له طارق لا يتوقف عند ما سبق فحسب، فيتعرض، بسبب
شكله وولعه بالرقص، للتحرش الجنسي من رجل خليجي، كما يقع في حبه
رجل مثلي على رغم وضوح هويته الجنسية لطارق منذ بداية الفيلم.
العربي حصان يجر العربة التي يرقص عليها طارق، يظهر مريضاً منذ
بداية الفيلم، غير قادر على المشي إطلاقاً، يتجمع الذباب بكثافة
حول برازه وذيله. لكن الأب لا يزال مفتوناً بالحصان ومتوقعاً أنه
سيعود يوماً كما كان في سابق الأيام. من عنوان فيلمه، وبالعلاقة مع
المقولة الشهيرة لطارق بن زياد، يتخذ العسري موقفاً نقدياً ممن
يتوسلون التاريخ ويعبدونه. على هذا النحو يظهر طارق بن زياد مرة
وحيدة في الفيلم: بعد أن يضرب طارق من جانب عنصر الأمن، يغمى عليه،
فيضعه الثاني في صندوق سيارته. في هذه الأثناء، يظهر فاتح الأندلس،
فينشأ حوار بينه وبين طارق المعاصر، حوار يستمد واقعيته من عبثيته،
والعكس صحيح أيضاً.
لا يقدم هشام العسري عنف الأفراد في فيلمه على أنه الأساس في
المآلات الكارثية فقط، بل يذهب إلى ما هو أبعد من الرؤية التي
يتماهى فيها السلطوي مع النخبوي، مقدماً إياه على أنه نتيجة لبؤس
الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي. الخلاص الفردي عنده ضرب من
ضروب المستحيل ما دامت هذه البيئات التي تولد العنف سلوكاً وفكراً
ترفض، وبإشراف السلطات، إعادة النظر بالمنظومة الأخلاقية التي
تشرعن سلوكياتها تحت مسميات عدة. الأمر السابق، برعت الصورة، التي
رسمها العسري، في إيصاله، لتفصح عن رؤية صاحبها التي تشير إلى أن
جميع السلطات في هذه البلاد تعتاش على السياسة نفسها: سحق الفرد
وجسده.
وفي السياق السابق نفسه، تبدو عشوائية الأمكنة وعدم رتابتها، قادرة
على الحفر في دواخل الشخصيات، وهذا ما يظهر جلياً بالأماكن التي
جالت فيها كاميرا الفيلم، من المسالخ والمزابل والضواحي الفقيرة
والأمكنة المهجورة، مروراً بالحظيرة التي يقيم فيها شاب علاقةً مع
حمار، وليس انتهاءً بمركز الأمن الوطني.
إدارة الظهر إلى العالم
في نهاية الفيلم، بعد أن يخرج طارق من مركز الأمن، يدير ظهره
للعالم، كما كان يفعل في أول الفيلم، كأن الفيلم هو الوقت الذي
قضاه بطل الفيلم في مركز الأمن الوطني. الوقت السابق هو الزمن
الدرامي للفيلم الذي يختصر زمناً يزيد عن زمن حكاية طارق. عدم
اكتراث الناس بمراد (الشاب المثلي) المرمي أرضاً في الشارع وسط
دمه، ومن ثم موت الحصان المحتضر، والأكثر إلحاحاً فجائعية ما
استعاده بطل الفيلم في سجنه من مشاهدات خاصة، تصبح مقولة طارق
المعاصر، والعازم على الرحيل هكذا: «البحر من أمامكم، والعدو من
ورائكم».
البهجوري يضم فنّه إلى صوت كوكب الشرق
القاهرة - عزة سلطان
عندما تستعد لمشاهدة فيلم عن أم كلثوم ستنتظر في الدرجة الأولى
سماع أغانيها، إضافة إلى مادة حكائية متنوعة. أما إذا كان الفيلم
يضم طرفاً آخر كالفنان التشكيلي المعروف جورج البهجوري، فيكون من
الطبيعي أن يتوقع المشاهد مواقف وحكايات ستأتي على لسان البهجوري،
مرتبطة في شكل مباشر بأم كلثوم. وتزداد التوقعات حين يبدأ فيلم
«خيط سحري» لمخرجه حسام نور الدين بفقرة كتبها البهجوري بخطه،
لتأتي كصورة دون صوت مسموع جاء فيها «أم كلثوم تنادي مصر بصوتها،
وأنا كمان بأنادي مصر برسومي عنها، احنا الاتنين من عصر جميل واحد،
نصف قرن عايشين سوا... رسمتها في 50 لوحة، رسمت صوتها مع حب مصر،
والحنين... جورج بهجوري». إن هذه اللوحة التي تتصدر الدقيقة الأولى
من الفيلم الممتد لنحو نصف ساعة (25.35) تؤكد التوقعات التي تتكون
لدى المشاهد والتي سرعان ما تنكسر مع كل دقيقة تالية في الفيلم.
يبدو لدى حسام نور الدين تصور مختلف عن صناعة فيلم طرفاه محددّان
بوضوح، لكل منهما شأن في مجاله، شأن يتجاوز المجال ليصبح مكانة
مجتمعية ودولية أيضاً، بما يفتح أفق التوقع والانتظار لدى المشاهد.
كلّ في مجاله
يفضّل نور الدين اختياراً جديداً في معالجة مثل هذه الموضوعات من
الأفلام الوثائقية، يسانده في ذلك الإنتاج المستقل للفيلم، والبعيد
عن قواعد الإنتاج المتعددة تبعًا لشاشة العرض، بما سمح له بإمكان
التجريب والخيال.
قرار المخرج بأن يجعل الصورة للبهجوري، بينما شريط الصوت خـــاص
بأم كلثوم، أمر يكسر كل أشكال التوقع لدى المشــاهد الذي تحيله
حالة الترقب للمشهد التالي إلى حالة من التحفز، لا تهدأ إلا مع
نهاية الفيلم، والحقيقة أن حسام نور الدين نجح في تقديم هذه الحالة
من التشويق والفضول في شكل لافت.
في فيلم «خيط سحري» سوف يتأخر ظهور وجه جورج البهجوري إلى الدقيقة
السادسة، رغم أن كلمته تعنون الفيلم وترسم توجهه، وربما تُشير كذلك
إلى موضوعه، لكن بالتأكيد لن تكشف عن المعالجة الجديدة والمختلفة
في شكل جلي.
ما بين البهجوري الذي يرسم وبين لوحاته، ستتحرك الصورة طيلة النصف
ساعة، ولكن لن يرى المشاهد سوى فنان يرسم على مدار يومين، يمكن
تحديدهما من مشهد في الدقيقة الرابعة لضوء النهار، ثم مشهد تالٍ
لطقوس الليل واستعداد الفنان للنوم، قبل أن نرى نهاراً آخر في
الدقيقة العشرين.
ولكن لن يظهر صوت البهجوري مطلقاً على شريط الصوت، فقد قرر المخرج
وكاتب السيناريو أن يكون الفنان موجوداً بفرشــاته ولوحاته فقط.
إذاً، نحن أمام صوت أم كلثوم فهل نتوقع في فيلم يتحدث عنها أن نسمع
بعضاً من أغانيها الشهيرة؟ كسر حالة التوقع لدى المشاهد هو أكثر
الأمور وضوحاً في هذا الفيلم، فأم كلثوم يظهر صوتها عبر آهات كثيرة
من أغنيات في بداية مشوارها الفني. تنوع الآهات هو الواضح، المدهش
كذلك هو وجود تسجيلات إذاعية مع أم كلثوم وهي تتحدث عن حياتها، وفي
موضع آخر يطلب منها المذيع أن تقرأ قصيدة ثورة الشك بصوتها، وهو ما
تفعله.
لم تقف جدّة شريط الصوت هنا بل إن المخرج استعان بإعلان المذيع
بفتح الستار عن حفلة أم كلثوم، الأمر الذي تكرر مرتين لحفلتين
مختلفتين، دون أن يأتي صوت أم كلثوم عقب هذا الإعلان.
هناك كذلك فترات من الصمت تملأ شريط الصوت، لا شيء سوى صورة تنقل
صور لوحات أم كلثوم، أو فرشاة البهجوري وهو يرسم أم كلثوم.
هذه الفترات من الصمت تحمل تساؤلات عديدة في طريقة المعالجة، فمع
ما تصنعه لدى المشاهد من حالة ترقب، قد تساهم كذلك في دفع المشاهد
إلى الملل.
تظهر عناوين الفيلم في الدقيقة الثانية والعشرين في حين يستمر
الفيلم لثلاث دقائق أخرى. وفي الإجمال سيبدو الفيلم مختلفًا في
التناول والمعالجة، فحتى اختيار الأغنيات التي جاءت في شريط الصوت
بدا اختياراً مغايراً لما هو متوقع، ما كسر حالة التوقع الممتدة
حتى الثواني الأخيرة من الفيلم.
«خيط سحري» يقدم حالة مختلفة بشدة في المعالجة واختيار شريط الصوت،
وكذلك الصورة. إقناع فنان بقامة البهجوري أن يظهر لمدة نصف ساعة
بفرشاته، وحده أمر يستحق التقدير من صانع العمل وكذلك الفنان الذي
رأى أن رسالته في لوحاته وفرشاته دون أن ينطق بكلمة.
المستمع العربي لم يتعاط بشكل جيد مع أغاني أم كلثوم القديمة،
وربما هناك أغان كثيرة لا يعرفها سوى المتخصصين، وهو ما قد يصنع
حالة من عدم الرضا لدى المشاهد العادي والذي انكسرت توقعاته عبر
سياق الفيلم، من دون أن ننسى في الوقت نفسه أنه ليس المطلوب من
صناع الأفلام أن يقدموا أعمالاً تتوافق مع توقعات مشاهدينهم، بل أن
تطوير الفن يأتي من المختلف دومًا.
التواصل ضرورة
حالة فيلم «خيط ســـحري» بما يقدمه من مساحة تجريـــب واخـــتلاف
عن الــسائد، هي بلا شك حالة متميزة، ينحاز إليها النـــقاد
والراغبون في فتح آفاق متـــنوعة للإبداع، والخـــروج من
القـــولبة وضـــيق الوعي البصري واقتصاره على نمط الأفلام
الوثائقية، والتي تحظى باتساع نســـــبة المشاهدة، لكن هذا
الانحياز للتجربة لا يعني أن مساحة التجريب دومًا مقبولة، حيث
تختلف الأراء كثيراً حول وظيفة الفن ودوره في التواصل مع المتلقي
العادي، وتنمية وتطوير ذائقته، حيث إن نوعية هذا الفيلم قد لا ترضي
ذائقة هذا المشاهد، وأتصور أن اختيار أغنيات مختلفة في شريط الصوت
كان يضمن الاحتفاظ ببعض من المشاهدين العاديين المتوقعين، فصانع
الفيلم لا ينتج فيلمه ليشاهده وحده، والاقتصار على الجمهور المتخصص
والفئات الضيقة أمر يقتل العمل ويحوله إلى عمل أرشيفي لا يرى
النور.
لم ينحز حسام نور الدين للمشاهد العادي في أي من اختياراته
الجمالية، بل قدم تجربته لمشاهد نخبوي بامتياز، سواء على مستوى
الصورة أو الصوت، وهو أمر قد يحد من انتشار الفيلم وبقائه في
الذاكرة البصرية لكثيرين.
ديان كروغر : فرضت نفسي على هوليوود
باريس – نبيل مسعد
بدأت الألمانية ديان كروغر (39 سنة)، تعمل في حقل عرض الأزياء، وهي
بعد مراهقة، إثر فوزها بمسابقة وكالة «إيليت» لعارضات المستقبل، ثم
انتقلت بسرعة إلى التمثيل وظهرت في أفلام ألمانية وأوروبية، إلى أن
استعانت بها هوليوود من أجل الدور النسائي الأول في فيلم «تروي:
قصة هيلين ملكة طروادة»، إلى جانب كل من براد بيت وأورلاندو بلوم،
الأمر الذي حوّلها بين يوم وليلة إلى نجمة هوليوودية دولية من أصل
أوروبي، بدلاً من مجرد نجمة أوروبية.
عاشت كروغر في ألمانيا ثم في فرنسا حيث تزوجت من الممثل والمخرج
غيوم كانيه، لكنهما انفصلا بسبب إقامتها شبه المستمرة في الولايات
المتحدة، بينما يقيم هو في باريس حيث يعمل. ومع أنها تقيم وتعمل في
هوليوود، لكن ذلك لا يمنعها من العودة إلى أوروبا بين حين وآخر،
مثلما حدث عندما وافقت على تولّي بطولة الفيلم الفرنسي الكوميدي
«خطة مثالية» إلى جوار نجم الفكاهة الممثل داني بون، أو مثلما هي
منهمكة بفعله الآن وهو أداء الدور النسائي الأول في الفيلم
الأميركي «الدخيل» المصور في لندن وباريس للمخرج براد فورمان،
والذي تتقاسم بطولته مع الممثل الهوليوودي بريان كرانستون.
زارت كروغر باريس لمدة ثلاثة أيام، للمشاركة في تصوير مشهدين من
«الدخيل»، فالتقتها «الحياة» في أحد مقاهي حي سان جيرمان دي بريه
وحاورتها.
·
حدثينا عن فيلم «الدخيل» الذي تشاركين في بطولته بين لندن وباريس.
- يصور الفيلم في لندن أساساً عل مدار ثلاثة أشهر تتخللها ثلاثة
أيام فقط في باريس، أما أحداثه فحقيقية ووقعت في الثمانينات من
القرن العشرين، حينما تدخّل عميل سري في عالم المصارف الكبيرة
محاولاً اكتشاف العمليات غير الشرعية التي كانت تنجزها هذه
المؤسسات، وهو نجح في إسقاط رئيس أحد أكبر المصارف العالمية
المشاركة في عمليات تزوير وغشّ لا أول لها ولا آخر. وأجسّد أنا
شخصية خطيبة الدخيل ومساعدته الشخصية في آن معاً، وهي امرأة لعبت
أحد الأدوار الرئيسية أيضاً في الكشف عن الجرائم وإسقاط العصابة.
والفيلم مثير وكاتم للأنفاس، خصوصاً بفضل مخرجه براد فورمان، الذي
لا يتردد في إعادة كل لقطة أكثر من عشر مرات إلى أن يحصل على
مراده.
·
وهل أنت راضية عن مشاركتك في هذا العمل؟
- راضية عن الفيلم، وكوني انغمست، بفضل ديكوراته وحبكته، في عالم
الغشّ والخداع الذي تعيش فيه الشخصية التي أؤديها، هو شيء هزّ
شخصيتي وجعلني أتفوّق في أدائي أمام الكاميرا وأشعر فعلاً بأنني
صرت غشاشة من الدرجة الأولى، أفعل كل ما بوسعي لإسقاط زعماء عصابة
خطيرة. ولا مبرر لذكر التمثيل البارع الذي يقدّمه الممثل بريان
كرانستون في شخصية الجاسوس الدخيل على عصابة المزوّرين. إنني سعيدة
وفخورة بالانتماء الفني إلى هذا الفيلم الدرامي والبوليسي في آن
معاً، وأعتبره محطة مهمة في مشواري السينمائي.
·
أنت عدت إلى فرنسا للمرة الأولى منذ هجرتك إلى هوليوود، بفيلم «خطة
مثالية» وذلك في عام 2012، فهل يمكن اعتبار الموضوع نوعاً من
الحنين إلى الوطن الأم، أوروبا؟
- إنها صدفة حلوة جعلتني أحصل على الدور النسائي الأول في هذا
الفيلم، بعدما فتّش مخرجه باسكال شوماي عن ممثلة ألمانية الجذور
مقيمة في فرنسا من دون جدوى، فراح يفكر في الفنانات الألمانيات
المهاجرات إلى أميركا، وتذكرني. لم أتخذ أي إجراء أو خطوة في سبيل
معاودة العمل في فرنسا، لكنني كنت في تلك الفترة من حياتي أشعر
بحنين كبير الى السينما الأوروبية، خصوصاً عند مشاهدة الأفلام
الجديدة التي يتم إنتاجها في باريس ولندن وبرلين، والتي وجدتها
جيدة وثرية بمضامينها، إضافة إلى نوعيتها الفنية المتقدمة.
·
ما الذي حوّلك من ممثلة ألمانية أساساً إلى نجمة عالمية؟
- لم أكن أبداً مجرد ممثلة ألمانية، ولكن أوروبية، فأنا عملت منذ
بدايتي الفنية أو بعدها بفترة وجيزة جداً، على الصعيد الأوروبي من
طريق المشاركة في أفلام إيطالية وبريطانية، خصوصاً فرنسية لأنني
أحببت فرنسا وتعلمت لغتها بسهولة فائقة وتزوجت من فرنسي، ووقعت في
غرام باريس وثقافتها، غير أنني مولعة بالسينما الفرنسية منذ
مراهقتي. لقد غيرت مكان إقامتي من برلين إلى باريس، وبالتالي بذلت
كل جهدي حتى أعثر على أدوار في السينما الفرنسية، وهذا ما حدث
بالفعل. أما هوليوود، فقد جاءتني من خلال ظهوري في فيلم فرنسي
أنتجه لوك بيسون بعنوان «ميشيل فايان» لم ينجح كثيراً في فرنسا،
إلا أن الأميركيين عثروا فيه على لون المغامرات الذي يعجبهم بشدة،
ولاحظوني فاتصلوا بمنتجه ليسألوه عن كيفية العثور عليّ لترشيحي
لدور كبير في أحد أفلام المغامرات لديهم.
·
الفيلم الأميركي الذي تتحدثين عنه هو «تروي: قصة هيلين ملكة
طروادة»؟
- نعم، فأنا مثلت فيه شخصية هيلين ملكة طروادة تحديداً، إلى جانب
براد بيت وأورلاندو بلوم. وأعتقد بأن أي ممثلة أوروبية تتمنى مثل
هذه الفرصة في حياتها الفنية، الأمر الذي يجعلني أعتبر نفسي امرأة
محظوظة جداً.
·
وهل فتح هذا الفيلم أمامك في ما بعد، باب النجومية بطريقة مباشرة
وتلقائية؟
- ربما ليس بأسلوب تلقائي، نظراً الى كون الأمور تتطلب نسبة من
المجهود الذاتي المستمر حتى تتم في شكل جيد وعلى المدى الطويل، لكن
الفيلم سمح لي بفرض شخصيتي على عاصمة السينما الأميركية، وبإقناع
أهل المهنة هناك بأنني ممثلة يمكنهم الاعتماد عليها إلى حد كبير،
وفي أدوار متنوعة، وأقصد بذلك أنني في فيلم «تروي: قصة هيلين ملكة
طروادة» دمجت بين الدراما والرومانسية والجاذبية، بطريقة جعلت كل
من حدّق النظر فيّ يقتنع بمميزاتي الكثيرة في ميدان الأداء
التمثيلي.
·
أليس من النادر العثور على دور من هذا النوع؟
- نعم، لذا أوجه شكري إلى لوك بيسون الذي سمح للأميركيين بملاحظتي
أصلاً، ثم بالاتصال بي من أجل مشاركتي في الفيلم. وصحيح أن الأدوار
عموماً تكون حبيسة إطار محدد وموحد، خصوصاً النسائية منها، وفي
أفلام المغامرات أكثر مما يحدث في الأنواع الأخرى، ذلك أن المرأة
في فيلم المغامرات تحب البطل وتبكي عليه إذا راح يقاتل، ثم تستقبله
بالدموع إذا عاد سالماً. وأنا في «تروي: قصة هيلين ملكة طروادة»،
أحرّك خيوط الحبكة بدلاً من أن أتبع مسارها بطريقة ساكنة، وهنا
يكمن الفارق الأساس بين دور من طراز ملكة طروادة وأي بطلة عادية في
فيلم من الطراز المعني، أي المغامرات.
حلم تحقّق
·
أنت فعلاً نوّعت في أدوارك الهوليوودية بعد هذا الفيلم، مؤدية
الدراما العنيفة والخوف والرومانسية، فما هو الفيلم الذي تفضلينه
شخصياً بين أعمالك الأميركية حتى الآن؟
- أنا أحمل «تروي: قصة هيلين ملكة طروادة» في قلبي للأسباب التي
ذكرتها من قبل، لكن هناك فيلم «ربيع في البوسنة» من بطولة ريتشارد
غير، وهو عمل أعجبني التمثيل فيه بطريقة أعجز عن وصفها، من كثرة ما
أحببت السيناريو الذي يدمج بين الرومانسية والدراما الاجتماعية
الواقعية، ولأنني حلمت بالعمل مع غير طوال حياتي، فها هو الحلم قد
تحقّق.
·
وهل كان الرجل على مستوى توقعاتك؟
- إنه من أهم الفنانين الذين أعرفهم أو تعاملت معهم، فهو يتميز
بروح مهنية عالية، ويبدي رغبة ماسة في مساعدة من يحيطون به في جو
العمل، وذلك لمصلحتهم طبعاً، لكن أيضاً لمصلحة الفيلم ككل، بمعنى
أنه لا يهمه الظهور على مستوى أعلى من زملائه، لكنه يرغب في أن
يكون الجميع على مستوى واحد من الجودة والإتقان والجاذبية أمام
الكاميرا.
·
أنت مثلت في الفيلم الفرنسي «لا معك ولا ضدك» قبل تحوّلك إلى نجمة
هوليوودية، وكان أحد أبطال هذا العمل الممثل اللبناني الأصل سيمون
أبكاريان، فهل تعرفينه جيداً؟
- أجل أعرفه وأعتبره من نجوم اليوم والغد في السينما الفرنسية
والعالمية، فهو إضافة إلى تمثيله في أفلام فرنسية وفي أدوار
ممتازة، يمثل في المسرح، كما في أفلام دولية، مثل «كازينو روايال»
أحد أفلام جيمس بوند. وربما تتاح لي فرصة العمل معه ثانيةً في فيلم
أكون أنا بطلته إلى جانبه، إذ إن دوري في فيلمنا المشترك المذكور
لم يتجاوز المشهد الواحد، بينما كان هو من أبطال الفيلم.
سمير صبري نموذج الفنان المتعدد
القاهرة – هيام الدهبي
في كتابها «حكايتي مع السينما» الذي صدر ضمن مطبوعات المهرجان
القومي للسينما المصرية، تقول الكاتبة الصحافية ناهد صلاح إن
الصدفة لعبت دوراً كبيراً في حياة محمد سمير جلال صبري الذي ولد في
العام 1936 في مدينة الإسكندرية لعائلة تحب الفن وتقدره، ولهذا
ساهمت في تشكيل وجدانه وإحساسه ليتعلم من والدته عزف البيانو
والرسم ومن والده حاسة التذوق الفني.
وكان صبري التحق بمدرسة فيكتوريا كوليدج حيث كانت أولى خطواته
للتمثيل باللغة الإنكليزية في حفلات المدرسة. وهو بعد ذلك تخرج في
كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية في جامعة القاهرة، ومع ذلك لعبت
الصدفة دورها من خلال جاره الفنان عبدالحليم حافظ عندما وقف معه
أثناء تصوير أغنية «بحلم بيك» في فيلم «حكاية حب» في العام 1959.
وتكمل المؤلفة قائلة: «وحدث لاحقاً أن تبناه المخرج حسن الإمام
فنياً، وقدمه في أدوار صغيرة في أفلام مثل «اللص والكلاب» و «بين
القصرين» و «زقاق المدق» و «الراهبة» و «قصر الشوق»، وكأن حسن
الإمام مخرجاً أدرك مفاتيح سمير صبري ممثلاً فأعطاه يوماً دوراً
كبيراً في فيلم «بمبة كشر» أمام نادية الجندي وعماد حمدي. وقد حقق
الفيلم نجاحاً جماهيرياً كبيراً وانعكس النجاح على سمير صبري الذي
وصل عدد أفلامه مع مخرج الروائع إلى 20 فيلماً. كما أنه شارك وحش
الشاشة فريد شوقي في بطولة 14 فيلماً أشهرها «وبالوالدين إحسانا» و
«ومضى قطار العمر» و «الجنة تحت قدميها» و «دموع صاحبة الجلالة» و
«الموظفون في الأرض» و «فتوة الناس الغلابة» و «شقة وعروسة يا رب»
و «القضية المشهورة» و «من بلا خطيئة» و «دعاء المظلومين» و «شاطئ
العنف» وغيرها.
وتضيف الكاتبة: «ثم توالت بعدها بطولاته وتعددت أدواره بين
الكوميدي («دقة قلب» و «البحث عن فضيحة») والرومانسي («الأحضان
الدافئة» و «جنس ناعم» و «رحلة الأيام») والاجتماعي («عالم عيال
عيال») والإثارة («جحيم تحت الماء») وأخيراً «بتوقيت القاهرة»
(2015) وغيرها كثير، إلى أن بلغ رصيده السينمائي قرابة 150 فيلماً
سينمائياً، إضافة إلى ما يقرب من 40 مسلسلاً إذاعياً وتلفزيونياً.
وتضيف الكاتبة ناهد صلاح: «كما أقدم سمير صبري على إنتاج 18
فيلماً، منها: «أهلاً يا كابتن» و «شفاه لا تعرف الكذب» و «منزل
العائلة المسمومة» و «علاقات مشبوهة» و «السلخانة» و «نشاطركم
الأحزان» و «جحيم تحت الماء» و «دموع صاحبة الجلالة و «إنذار
بالقتل» وغيرها.
وعلى صعيد آخر، لم يهمل سمير صبري مشروعه في الغناء والاستعراض،
حيث قدم بعض الأعمال المسرحية الغنائية، منها مسرحية «العبيط» و
«يا إحنا يا همّا» و «قطط الشوارع» وغيرها، وشارك أيضاً في فوازير
«إحنا فين» مع سماح أنور وحسن كامي.
كما قام ببطولة مسلسلات عدة في الإذاعة المصرية، من أشهرها «أرجوك
لا تفهمني بسرعة» مع عبدالحليم حافظ ونجلاء فتحي وعادل أمام، و
«الوسادة لا تزال خالية» مع لبني عبدالعزيز. وقام أيضاً ببطولة
العديد من المسلسلات التلفزيونية منها «المرافعة» (2014) و «كاريوكا»
(2012) و «قضية رأي عام» (2007) و «يا ورد مين يشتريك» (2004) .
بدأ سمير صبري حياته العملية في الإذاعة المصرية منذ تبنته
الإذاعية المعروفة آمال فهمي، ليقدم برنامج «النادي الدولي» في
الإذاعة ثم انتقل به إلى التلفزيون محدثاً انقلاباً في شكل العمل
التلفزيوني ومضمونه وأسلوبه، كما قدم برنامجاً وثائقياً باسم
«مشوار»، حيث كان ضيوفه من الشخصيات المتميزة، مثل الشاعر أحمد
رامي والكاتب توفيق الحكيم والكاتب فكري أباظة والكاتب يوسف إدريس
وعميد المسرح يوسف وهبي وسيدة الشاشة فاتن حمامة وغيرهم. كذلك قدم
برامج «كان زمان» و «وسنة أولى هوا» و «سمير والجميلات».
وترى الكاتبة أن سمير صبري يعد نموذجاً «للفنان الشامل» إذ يمتلك
قدرات فنية متنوعة، فهو الفنان المنفتح على الغرب والمحتفظ بشرقيته
في ذات الوقت، بدأها بالعمل الإذاعي والتلفزيوني ثم اتجه للتمثيل
والغناء والرقص الاستعراضي، فهو من القلائل الذين ساهموا في إثراء
حركة الفن الاستعراضي بأعماله التي وضعت حجر الأساس لفن الفيديو
كليب. |