زوم
3
أفلام عن 3 حروب محكومة بأسلوب متقارب
بقلم محمد حجازي
مهرجان أيام بيروت السينمائية في دورته الثامنة يتضمّن برمجة
نموذجية. الكثير من الأفلام التي حازت جوائز وتقديرات من منابر
مهرجانية إقليمية وعالمية، والعديد من العروض الخاصة، إضافة إلى
ندوات ولقاءات مختلفة، وخصّت إدارة المهرجان الصحافيين بتقديم
ثلاثة أفلام في عروض خاصة، كانت مناسبة لمشاهدتها بعيداً عن صخب
وزحام الحضور في مثل هذه المناسبات.
قبل «تمبكتو» الذي نفرد له مقالة خاصة لاحقاً، كان لنا موعد مع
أفلام متشابهة في أسلوبها وتداخلها، وحتى في موضوعها ما بين الحرب
في سوريا، وفي العراق، والوضع الأمني في منطقة البقاع اللبنانية
عبر مناطق يتواجد فيها المهرِّبون والخارجون على القانون في حقبة
الاعتداءات الإسرائيلية عام 2006.
مع إنّ الفيلم قُدِّم في أكثر من مناسبة وتظاهرة سينمائية خصوصاً
في مهرجان دبي، إلا أنّها كانت المرّة الأولى التي نطلع فيها على
الشريط، الذي يرصد الواقع السوري، وسط الظروف الحربية المحيطة،
وتساؤلات تصبُّ في خانة الآراء المعارِضة، لكن بطريقة منطقية هادئة
وأكثر ما فعله المخرج محمد ملص (صاحب رائعة: أحلام المدينة) في:
سلّم إلى دمشق، أنّه جعل إحدى شخصياته تتسلّق سلّماً في الهواء
سنده عدد من جيرانه كي يقف على أعلى درجة، ويصرخ: حرية، بينما
تضمّن الفيلم أخذ مواطنين من منازلهم، أو تساؤل شابة عن معنى سجن
شخص لمجرّد أنّه طالب بشيء.
ملص اعتمد قوّة الحرية في شريطه. اجتهد للتعبير عن وجهة نظره إزاء
الأوضاع في بلده، كان متردّداً.. نعم، لم يرفع صوته إلا مرّة واحدة
في نهاية الفيلم مع لقطات باردة، متأمّلة لعدد من شخصياته، وكأنّما
هناك ضربة في الرأس أوجعت فلم يقو صاحبها على تكرار المحاولة، لكن
الصمت أقوى في الفيلم من المشاهد والحوارات، مع سامر اسماعيل الذي
ساعد في كتابة النص، وفي التمثيل: نجلاء الوزة، بلال مارتيني،
وجيانا عنيد.
الشريط الثاني للمخرجة تالا حديد في شريط مشترك مغربي - عراقي يرصد
رحلة بين المغرب، اسطمبول، وكردستان العراق، تقوم بها ثلاث شخصيات،
ويدخل على خطّها ثلاث أخرى لتكون الحصيلة ستة: خالد عبدالله، ماري
جوزيه كروز، فدوى بوجوان، حسين شونري، ماجدولين إدريس، وزهرة هندي.
وتدخل على خط الإنتاج: بريطانيا، فرنسا وأميركا، فالقضية تطال
هؤلاء كلهم لتدخّلهم في حرب العراق، وأوّل ملامح التأثّر هو على
الطفولة من خلال الصغيرة عائشة الوحيدة التائهة في غابات المغرب
تتحمّل كل ضغوطات وتصرّفات المدمن على المخدّرات والمجرم عباس
وصديقته التي تتحمّل منه الكثير فقط كي لا يتركها وحيدة في أي مكان.
عائشة تتّخذ قراراً جريئاً بالهرب، فتترك سيارة الصديقين وتركب
باصاً يأخذها إلى ديار بكر في كردستان، عائدة إلى ديارها، فيما لا
تنفك الكاميرا تلحظ لقطات بطيئة باردة وطويلة سواء للطبيعة أو
للشخصيات من أصل الـ 93 دقيقة مدّة الفيلم.
ثالث الأفلام: الوادي، للبناني غسان سلهب، ومعه ينطلق الفيلم
بلقطات غاية في البطء والبرودة، صمت كامل إلا من الرجل (كارلوس
شاهين) الذي يتعرّض لحادث تدهور سيارته، يُجرح ويمشي هائماً على
وجهه، في مقابل رجال مع فتاتين في سيارة بعيدة، سرعان ما أخذوه إلى
مقرّهم الذي يحرسه عدد من المسلحين، وبعد استجوابه وعدم قدرته على
تحديد هويته، ومعرفة إسمه أو دينه أو انتمائه، يتم تقييده إلى كرسي
وتركه يتعب لوحده.
ويتزامن ذلك مع عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية تشن عدواناً
شاملاً على كل لبنان عام 2006، فخرج المسلّحون من مقرّهم تاركين
الرجل لمصيره، وهاموا على وجوههم في شريط لم نُفاجأ أنّ مدّته 135
دقيقة بكثرة اللقطات البطيئة وفي الفريق: كارول عبود، فادي أبي
سمرا، منذر بعلبكي، أحمد غصين، عوني قوّاص، يمنى مروان، ورودريغ
سليمان.
ثلاثة أفلام اعتمد مخرجوها نهجاً متشابهاً في طرق باب الحرب،
والتعبير عنها، وعن تداعياتها على الحياة الاجتماعية في ثلاث دول،
مع شعور بالإحباط، وأحياناً ما يشبه الاستسلام للواقع المزري، بما
يعني أنّ السينما لا تعرف أي دور تلعبه في هذه المعمعة المتداخلة
والعميقة، كون المؤامرة أكبر من دولة أو دول، إنّها بحجم منطقة
بأكملها، يعني لا أحد يقدر عليها أو يحتويها، لكن السينما يُحسب
لها أنّها حاولت فربما كون الحروب ما زالت حاضرة لا يوجد ما يحسم
الرؤيا في هذا الصدد، والحال ستبقى على ما هي عليه حتى تجد
الاضطرابات حدّاً لها.
«ليام نيسون» يقدّم أفضل أفلامه منذ سنوات: «أكشن» مع «ميلودراما»
«براناغ»
قدّم «ساندريلا» ساحرة.. والمرأة الآلة عادت من لحم ودم...
يتواصل حضور الأفلام الكثيرة والمتميّزة والتي تسمح للروّاد بحضور
فيلم واحد أو أكثر أسبوعياً، والشريط الذي أحببناه رغم أن قصته
معروفة ومكررة، لكن مخرجه هو الانكليزي الرائع كينيث براناغ الذي
غاب منذ سنوات عن الجديد يستأنف بتصوّر جديد وساحر لأسطورة الـ (Cinderella)
والتي يعرضها في شريط ترعاه ديزني ويقع في 112 دقيقة، صوّر في
استوديوهات
(Pinewood)
البريطانية، إستناداً إلى نص وقّعه كريس وايتز.
براناغ عمل بمساعدة 26 متدرباً في الإخراج، ومع جيش كامل من
اختصاصيي المؤثرات الخاصة والمشهدية يقودهم: تيري فلاورز, دفنسنت
إيطاليا، وخدم مدير التصوير هاريس زامبارلوكوس الشريط بلقطات ساحرة
لمملكة سعيدة يحكمها الملك (ديريك جاكوبي) الذي يريد أن يزوج
الأمير الوسيم (ريتشارد مادن) لكي يتولى الحكم من بعده وهو مطمئن
عليه بالكامل.
صدفة تجمع الأمير بـ ساندريلا (ليلي جيمس) إبنة: بن شابلن، وهايلاي
آتوبل، وإذا به يدهش بجمالها وتواضعها لكنها لا تلبث بعدما تحادثا
لوقت قصير توارَتْ، لذا أعلن القصر أن الأمير بصدد الزواج وأنه وقع
على إسم عروسه، وها هي من خلال حذائها صلة الوصل مع الأمير، وراحت
قواته تبحث عن رجل الفتاة صاحبة الحذاء الزجاجي إلى أن كانت
ساندريلا آخر إمرأة في المملكة تجرّب الحذاء الذي لاءم رجلها،
وبالتالي أخذها الأمير وتم الاحتفال بزواج اسطوري رغماً عن أنف
الليدي تريمان (كايت بلانشيت) التي خبأت الـ ساندريلا وحجبتها عن
رجال الأمير، رغبة منها في جعل إحدى إبنتيها من المرشحات للفوز
بقلب الأمير.
الشريط شاهدناه على إيقاع موسيقي باتريك دويل، وفي الأدوار: هيلينا
بونهام كارتر، هوليداي غرينغر، صوفي ماكشيرا، ستيلان سكارسغارد،
نونسو آنوزي.
{ (Ex- Machine):
شريط خاص جداً، إيقاع لا يختل على مدى 108 دقائق من وقت الفيلم
الذي كتبه وأخرجه آليكس غارلاند، وفيه يتناول مختبراً يديره ناثان
(أوسكار إسحق) وهو أجرى مسابقة من يربح فيها تتم دعوته للتعرّف على
المختبر والإقامة فيه...
كاليب (دومنال غليسون) يربح الرحلة فتحمله طوافة إلى مكان قريب من
حدود المختبر، يعبر نهراً صغيراً، ويدخل من باب صغير، ليجد أن
ناثان في إنتظاره، ويصطحبه إلى أركان المكان، حيث يبدأ بالتعرّف
على صبايا جميلات صنعهن بنفسه، وهنّ من معدن، ولحم ودم، وإذا بـ
كاليب، يحتك بعدد من الصبايا، ويجد أن عندهن رغبات أشبه بالتي عند
الفتيات العاديات.
هذا يتأكد لاحقاً من خلال آفا (آليسيا فيكاندر) التي تثور على
ناثان وتقضي عليه، ثم تحشر كاليب في مكان مغلق تماماً، وتهرب فتاة
عادية لا علاقة لها بكل الحياة التي كانت تعيشها في الداخل، بما
يعني أنها تمّ استغلالها مع رفيقاتها لأمر جلل ثم خضعن لاختبارات
جعلتهن أقرب إلى الآلات منهن إلى الآدميات.
أيضاً هذا الشريط صوّر في استوديوهات بينوود البريطانية بميزانية
11 مليون يورو وأشرف على فريق كبير من المؤثرات الخاصة والمشهدية
خبيران: ريتشارد كونواي، وسارة بينيت.
{ (Run All Night):
ربما كان هذا الفيلم هو أفضل ما صوّره ليام نيسون منذ سنوات، في
إخراج لـ جوم كوليت سيرا، عن نص لـ براد إنغلسبي، كان جميلاً،
متداخلاً وفيه «ميلودراما» عدا حبكته «الأكشن» التي تميّزه.
عن صاحبي سوابق سابقين: جيمي كونلن (ليام نيسون) وشون ماغواير (إد
هاريس) قرّرا الإعتزال وظلا على تواصل إيجابي، لكن حادثاً وراءه
نجل الثاني ويدعى داني (بويد هولبروك) حيث قتل عدّة أشخاص، وصودف
أن مايكل (جويل كينامان) نجل الأول، كان شاهداً على الجريمة لأنه
كان ينقل بسيارته الليموزين كتاكسي الضحيتين، لذا ذهب داني إلى
منزل مايكل لقتله، حيث كان سبقه إلى هناك جيمي والد الشاب الذي
إستطاع قتل داني قبل أن يقتل إبنه الذي لا يحبه ولا يحترمه.
الحادثة فتحت الباب من جديد على ماضي جيمي الذي اتصل بصديقه شون
معترفاً له بأنه قتل إبنه، طالباً منه اللقاء للتفاهم، رفض شون
وانفتحت معركة لا هوادة فيها بين الصديقين، اللذين قتلا في
النهاية، جيمي قتل شون، والسيّد برايس (كومون) القاتل المحترف نجح
في قتل جيمي لكنه قُتل على يده أيضاً، وعاش الشاب مايكل حياة
طبيعية مع عائلته، كسائق تاكسي، ومدرب ملاكمة.
شارك في التمثيل: فنسنت دونوفريو، نيك تولت، جنيسيس رودريغير، بروس
ماك جيل، وهولت ماك كالاني.
(أسود أو أبيض) أنعش نجومية كيفن كوستنر من جديد
المدهشة «جيليان إيستيل» كانت فاكهة الفيلم المشرقة...
كيفن كوستنر يضرب من جديد.
صاحب:
Dances with Wolves،
فيلم الأوسكارات الرائع، دخل في مشروع إنتاجي درامي إجتماعي بلغت
ميزانيته تسعة ملايين دولار، إستردها مضاعفة في 27 يوماً فقط، في
تعاون بينه وبين المخرج مايك بيندر الذي قدّم لـ كوستنر قصة
إجتماعية حقيقية جرت أحداثها في نيو أورليانز، لويزيانا.
قصة متداخلة تعني البيض والسود في أميركا... والعنوان
(Black or White)
والوقت على الشاشة ساعتان ودقيقة واحدة، عن فتاة ملوّنة عمرها عشر
سنوات تلعب دورها جيليان إيستيل (إيلواز) الممثلة التي أدهشت في
فيلم: آني، وهنا تبدو ممثلة من لحم ودم ذكية، متجاوبة ورائعة. وكأن
عمرها مئة عام من شدة ثقتها بنفسها.
إيلواز، هي نتاج زواج غير رسمي بين صبية بيضاء في الـ 17 من عمرها،
وهي إبنة الرجل الميسور إيليوت (كوستنر) التي حملت من الشاب الأسود
ريجي (أندريه هولاند) وتوفيت الفتاة خلال الولادة، وتولت جدتها
لأمها تربيتها، فيما لم يظهر ريجي ولا أحد من عائلته، لا في
التشييع ولا في السؤال عن إيلواز، إلى أن ماتت المرأة في حادث سير،
فاضطر إيليوت للقيام بواجب ايلواز، بالكامل.
هنا تدخّل أهل «ريجي» لأول مرة مطالبين بأخذ حضانة الطفلة لأن
«إيليوت» رجل مدمن على الكحول ولا يستطيع القيام بما تتطلبه
الحضانة، بدأت الأمور عادية ثم تحوّلت إلى نزاع قضائي ربحه
«ايليوت» الذي جعل أهل ريجي يعترفون أنهم لا يستطيعون القيام
بأعباء الصغيرة أمام المحكمة.
والد الطفلة السيئ الأخلاق والممارسات طلب 25 ألف دولار من ايليوت
لكي يبتعد عن إيلواز، لكن ريجي استخدم هذا الأمر لصالحه معتبراً
أمام المحامي أنه قبض رشوة لكي يبتعد عن القضية، لكن التفاصيل التي
وردت في المحكمة عن إيليوت، جعلت الميزان يميل لصالحه.
إيلواز حسمت الأمر من خلال تقديرها وحبها لـ أيليوت، ولم يقطع
الرجل زياراتها إلى بيت جدها لوالدها، فيما ظل ريجي معزولاً مع
ديونه وإدمانه وسوء أخلاقه.
الفيلم أنعش نجومية كوستنر وأعاده إلى الواجهة بعد فترة من الركود،
رغم عدة محاولات خاضها منذ سنوات، من خلال أفلام غير مجدية ولا
قيمة لها، وكانت أدواره متواضعة لا فاعلية لها.
شارك في الأدوار الرئيسية: أوكتافيا سبنسر، بيل بور، أمفو كواهو،
انطوني ماكي، جيليان جاكوبس، جنيفر إيل، ولعبت دور القاضية الصلبة
بولا نيوسوم.
خاص
عرض أول...
في الثامن عشر من آذار/ مارس الجاري يرعى المركز الثقافي الفرنسي
في بيروت العرض الخاص لفيلم
(Le Temps des Aveux)
آخر ما صوّره المخرج الفرنسي المعروف ريجي وارنييه (67 سنة) صاحب
فيلم (Indochine)..
اللافت أن أي معلومات عن الفيلم لم نعثر عليها حتى في الموقع
السينمائي الأشمل
(IMDB). |