كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

أهم أفلام 2013 تتنافس على جوائز 2014

من يفوز ومن يلوذ في موسم الجوائز؟

بالم سبرينغز: محمد رُضــا 

 

ما يحدث بعيدا عن هنا لا يقل أهمية عما يحدث هنا. لا. أشطب. ما يحدث بعيدا عن هنا هو أهم مما يحدث هنا. ففي الوقت الذي يبدأ عرض فيلم ويليه آخر في حاضرة الدورة الـ25 من مهرجان بالم سبرينغز التي تستمر حتى الـ13 من هذا الشهر، تقع أحداث سينمائية مهمة وكثيرة في أماكن أخرى. ولو قدر للمرء أن يوجد في أكثر من مكان في وقت واحد فإن نسخا عدة منه مطلوبة حاليا لتغطي أكثر من بقعة تحفل الأحداث.

هذه بعض العناوين: أرموند وايت، ناقد الملحق الثقافي لمطبوعة «نيويورك سيتي»، يحاكم في نيويورك. جمعية المخرجين الأميركيين تعلن ترشيحاتها لجائزة أفضل مخرج للعام. جمعية كتاب السيناريو الأميركيين تعلن ترشيحاتها لجوائز أفضل كاتب للعام. أكاديمية الأوسكار أغلقت باب التصويت يوم أول من أمس (الأربعاء)، وفي اليوم ذاته أعلنت «بافتا» (الأكاديمية البريطانية لفن لسينما) ترشيحاتها لجوائزها السنوية هذا العام. ووسط كل هذا، الساعات تتسارع قبل حفلة الغولدن غلوبس التي ستقام يوم الأحد المقبل.

خارج مجال الجوائز هناك أخبار مهمة أخرى: أوباما يعود إلى لوس أنجليس بحثا عن الجيوب الثرية التي تبرعت له سابقا وتتبرع للحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه دائما. الإقبال يرتفع في أميركا والصين ويهبط في فرنسا وبريطانيا والنرويج. المخرجة الأسترالية - النيوزلاندية جين كامبيون تتولى رئاسة تحكيم مهرجان «كان» المقبل.

* المخرج بواب؟

* الذي حدث في حفلة «دائرة نقاد نيويورك» غير واضح بعد. بعض الحضور تناقلوا أن أرموند وايت، وهو ناقد الملحق الثقافي المعروف بـ«سيتي ارتس»، وصف المخرج ستيف ماكوين حين اعتلى المنصة لاستلام جائزة الجمعية النقدية بأنه «بواب» و«زبال». الجمعية دعت بعد ذلك لاجتماع طارئ لمناقشة وضع نتج عنه إهانة المخرج الذي فاز بجائزتها السنوية عن فيلمه «12 سنة عبد ا» ملوحة بأنها قد تبحث طرد وايت، وهو مثل المخرج ماكوين من أصول أفريقية، من عضويتها.

لكن وايت في المقابل، كتب شارحا أنه، وإن كان لم يصوت لصالح هذا الفيلم أو لمخرجه، إلا أنه لم يتفوه بأي مما نسب إليه لا علنا ولا في جلسة خاصة وأن أعضاء الجمعية الذين اشتكوا لم يسمعوا بآذانهم ما يؤكدون أنه تفوه به.

جوائز «دائرة نقاد نيويورك» (التي تحتوي على عضوية كل نقاد المدينة والولاية) هي واحدة من الجوائز النقدية المنتشرة في الولايات المتحدة كما في العواصم الغربية (العربية نائمة) التي تمنح في مطلع كل عام جوائزها النقدية (وهي جوائز معنوية وليست مادية) للأفلام التي تراها أفضل ما تم إنتاجه وعرضه خلال العام.

في هذا الإطار تم إعلان عدد من هذه الجوائز النقدية من بينها جائزة «الجمعية الوطنية للنقاد» التي تضم نقادا أميركيين على مساحة الولايات المتحدة (نحو 60 عضوا) وهذه أعلنت في الرابع من هذا الشهر جوائزها ففاز «داخل ليووين ديفيز» كأفضل فيلم، ومخرجاه جوول وإيثان كوون بجائزة أفضل إخراج. فيلم عبد اللطيف كشيش «حياة أديل» أو كما سمي إنجليزيا «الأزرق هو الأكثر دفئا» نال جائزة أفضل فيلم غير أميركي، وجائزة أفضل فيلم تسجيلي توزعت على فيلمين هما «فن القتل» لجوشوا أوبنهايمر و«عند بيركلي» لفردريك وايزمان حيث نال كل منهما 20 صوتا.

واختلفت نتائج واحدة من أقدم الجمعيات النقدية في العالم وهي جمعية «ناشنال بورد أوف ريفيو» إذ تأسست سنة 1909 عن نتائج الجمعية الوطنية للنقاد كثيرا.

فهي منحت فيلم Her للمخرج سبايك جونز جائزتي أفضل فيلم وأفضل مخرج ووجدت أن الفيلم الإيراني - الفرنسي «الماضي» لأصغر فرهادي (في الواقع يتم تقديم الفيلم باسم إيران لأسباب ترويجية بينما تمويله الغالب فرنسي) وجائزة أفضل فيلم تسجيلي ذهبت لفيلم تم عرضه سنة 2013 لكنه من إنتاج العام الأسبق وهو «حكايات نخبرها» للكندية سارا بولي.

وأولى الجوائز النقدية هي تلك التي أعلنتها جمعية نقاد لوس أنجليس في منتصف الشهر الماضي وجاءت نتائجها، بالنسبة للأفلام أيضا، على النحو التالي: أفضل فيلم توزعت بين فيلم «هير» و«جاذبية» وأفضل تسجيلي ذهبت إلى «حكايات نخبرها» وخطف «حياة أديل» جائزة أفضل فيلم أجنبي.

* أصحاب المهن

* كل واحد من هذه الجمعيات وزعت جوائز كثيرة على مهن التمثيل والكتابة والموسيقى والتصوير، لكن هذه أصحاب هذه المهن يفضلون في الواقع الجوائز التي تمنحها الجمعيات الرسمية التي تضم أصحاب كل مهنة سينمائية على حدة. وفي مقدمتها جائزة «جمعية المخرجين الأميركية» الواقعة في «سانست بوليفارد» في هوليوود. هذه أعلنت ترشيحاتها يوم الأربعاء الماضي فصبت زيتا على السباق الساخن بين المخرجين هذا العام. إنها المناسبة الـ66 بالنسبة لجوائز هذه الجمعية التي تضم المخرجين الأميركيين كما العاملين في أميركا. وهي بصفتها الجمعية الرسمية لهم فإن ترشيحاتها ترسم صورة للأوسكار المقبل، كذلك نتيجة هذه الترشيحات التي ستعلن في 25 من الشهر الحالي. السبب في أهميتها راجع إلى أن المخرجين المنضمين إلى هذه الجمعية هي، بغالبيتهم القصوى، أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية التي توزع الأوسكار وهم بتصويتهم على من عدهم أفضل مخرجي العام يعلنون أنهم صوتوا لهم أيضا في ترشيحات الأوسكار التي ستعلن بدورها في الـ16 من هذا الشهر.

الأسماء الخمسة التي رشحتها هذه الجمعية هي ألفونسو كوارون عن «جاذبية» وبول غرينغراس عن «كابتن فيليبس» وستيف ماكوين عن «12 سنة عبد ا» وديفيد أو راسل عن «أميركان هاسل» ومارتن سكورسيزي عن «ذئب وول ستريت». والملاحظة الأولى المسجلة في هذا التصويت هي أن ثلاثة من المخرجين المذكورين ليسوا أميركيين فألفونسو كوارون مكسيكي وستيف ماكوين وبول غرينغراس بريطانيين. الأول ولد في لندن والثاني خارجها (مقاطعة سوراي). والملاحظة الثانية أن مارتن سكورسيزي هو أكبرهم سنا (71 عاما) وسبق له أن رشح للجائزة 10 مرات ونالها مرتين الأولى عن فيلم «المغادر» (2006) والثانية عن «هيوغو» (2011) لكنه نال أيضا جائزة الإنجاز من الجمعية ذاتها، والتي تشمل تقديرا لكل أعماله، سنة 2003.

الملاحظة الثالثة هي غياب الأخوين جوول وإيثان كوون عن الترشيحات المذكورة ما يفتح السؤال عريضا حول ما إذا كان باقي أعضاء أكاديمية الأوسكار سيعدلون الميزان وينتخبون الأخوين كوون من بين المخرجين الخمسة لأوسكار أفضل إخراج.

في هذا الأسبوع أيضا قامت جمعية الكتاب الأميركيين بإعلان ترشيحاتها: خمسة ترشيحات في مجال السيناريو المقتبس وخمسة ترشيحات في مجال السيناريو المكتوب خصيصا. مثل جمعية المخرجين تحمل هذه الترشيحات دلالات كبيرة حول ما ستطلع به ترشيحات الأوسكار المقبلة.

بالنسبة للسيناريو المقتبس فإن الأفلام الخمسة التي نالت الثقة أكثر من سواها هي «قبل منتصف الليل» الذي كتبه رتشارد لينكلتر عن شخصيات كان ابتدعها وكيم كريزان و«أوغوست: مقاطعة أوساج» الذي كتبه تراسي لوتس عن مسرحيته و«ناجي وحيد» الذي نقله بيتر بيرغ عن كتاب لماركوس لوترل وباتريك روبنسون، ثم «ذئب وول ستريت» الذي وضع له السيناريو ترنس وينتر عن كتاب مذكرات لجوردان بلفورد. والفيلم الخامس هو «كابتن فيليبس». سيناريو بيلي راي عن كتاب مذكرات آخر لرتشارد فيليبس.

السيناريوهات المرشحة المكتوبة خصيصا لشاشة الكبيرة هي لأفلام «أميركان هاسل» لديفيد أو راسل و«بلو جازمين» لوودي ألن و«دالاس بايرز كلوب» لجان ماري فاليه و«هير» لسبايك جونز و«نبراسكا» الذي وضعه بوب نلسون وقام بإخراجه ألكسندر باين، المخرج الغائب عن كل هذه الترشيحات معا.

* الغولدن غلوبس

* على النسق ذاته في مجال الجوائز التي تمنحها الجمعيات المتخصصة بالمهن السينمائية نجد ترشيحات «جمعية المنتجين الأميركيين» التي توزع جوائزها تحت اسم المنتج الراحل داريل ف. زانوك. وهي وجدت 11 فيلما تستحق التنافس على جائزتها التي ستعلن في 19 من هذا الشهر. مرة أخرى «داخل ليوون ديفيز» للأخوين كوون ليس موجودا لكن باقي الأفلام التي تم تداولها في هذا التقرير، موجودة وهي «أميركان هاسل» و«بلوز جازمين» و«كابتن فيليبس» و«دالاس بايرز كلوب» و«جاذبية» و«هير» و«12 سنة عبد ا». بالإضافة إلى ذلك فيلمين آخرين هما «إنقاذ مستر بانكس» و- أخيرا - «نبراسكا».

كل ما سبق يقود بالطبع إلى الأوسكار المؤجل حتى الثاني من مارس (آذار) المقبل موعد إعلان النتائج. لكن قبل الوصول إلى تلك المحطة هناك واحدة كبرى أيضا باسم «الغولدن غلوبس» التي تقدمها «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» حيث «الشرق الأوسط» عضو فيها ستعلن نتائجها يوم الأحد الـ12 من هذا الشهر.

الجمعية تحتوي على معادلة مثيرة للاهتمام. عدد أعضاء هذه الجمعية لا يزيد على 90 فردا. معظمهم صحافيون وبعض هؤلاء الصحافيين فقط نقاد متخصصون. لكن هناك جزءا ولو يسيرا من الأعضاء يمارسون العمل الصحافي لكن لهم موقع قديم، ولو محدود، في المهن السينمائية ذاتها، فبينهم منتجة وممثلة صينية ومخرج وممثل روسي وممثل هندي. طوال العام، وليس في الأشهر المكتظة من السنة فقط، يشاهدون الأفلام الأميركية والعالمية ويجرون المقابلات ويغطون المهرجانات ثم يضعون آراءهم في كل ما عايشوه من تجارب فيلمية. وجهة النظر الغالبة (وهذا هو بيت القصيد) نابع من حقيقة أن الصحافي غير المتخصص لديه وجهة نظر تختلف عن تلك التي في صاحب المهنة النقدية أو السينمائية، لذلك فإن الأفلام المرشحة تحتوي دوما، وليس هذا العام فقط، على أفلام لم تدخل الترشيحات الأخرى.

في نطاق أفضل فيلم درامي نجد، لجانب «12 سنة عبد ا» و«كابتن فيليبس» و«جاذبية» فيلمين لم يردا في اللوائح الأخرى وهما «فيلومينا» للبريطاني ستيفن فريرز و«إندفاع» Rush للأميركي رون هوارد.

في نطاق أفضل فيلم كوميدي أو موسيقي، نجد لجانب «ذئب وول ستريت» و«هير» و«أميركان هاسل» المتكررة في الترشيحات السابقة، وجهان محدودا الظهور هما «نبراسكا» و«داخل ليوون ديفيز». وحتى في نطاق الأفلام غير الأميركية هناك اختلاف كبير، لأنه في الوقت الذي لم يستطع المصوتون تجاهل فيلم عبد اللطيف كشيش «حياة أديل» نجد أربعة أفلام أخرى لم ترد فيما سبق وهي «الرياح ترتفع» (اليابان) و«الصيد» (دنمارك) و«الجمال العظيم» (إيطاليا) والفيلم الخامس هو «الماضي» (إيران).

يوم الأحد المقبل سيكون يوم بهجة للبعض ونقطة انطلاق لمزيد من الفرص والجوائز بالنسبة للجميع.

«غرافيتي» يتصدر ترشيحات جوائز «بافتا» البريطانية بـ11 ترشيحا

في منافسة حادة بين أفضل أفلام الموسم

لندن: «الشرق الأوسط»

بإعلان ترشيحات جائزة الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون (بافتا) بدأ موسم الجوائز السينمائية والعد التنازلي لحفل جوائز الأوسكار. وتحتل حفنة من الأفلام الصدارة في السباقات المقبلة ومن أهمها فيلم «غرافيتي» (جاذبية) الذي حصد 11 ترشيحا للبافتا أمس عندما أعلن كل من الممثل لوك إيفانز والممثلة هيلين مكروري قائمة المرشحين.

وكما تصدر فيلم «غرافيتي» قائمة الأفلام للحصول على جوائز أفضل فيلم، وأفضل فيلم بريطاني، تصدرت الممثلة ساندرا بولوك قائمة أفضل ممثلة، كما رشح زميلها في الفيلم جورج كلوني للحصول على جائزة أفضل ممثل. كما رشح المخرج ألفونسو كوارون لجائزة أفضل مخرج، ورشح الفيلم أيضا لمجموعة من الجوائز، منها أفضل نص أصلي، وأفضل موسيقى أصلية، وأفضل مونتاج، وأفضل صوت ومؤثرات بصرية.

من القائمة أيضا فيلم المخرج البريطاني ستيف ماكوين «12 يرز إيه سليف» (عبد لمدة 12 سنة) وفيلم «أميركان هاسل» (الاحتيال الأميركي) اللذان حصلا على عشرة ترشيحات لكل منهما يليهما فيلم «كابتن فيليبس» بتسعة ترشيحات.

كما حصل كل من «بهايند ذا كانديلابرا» و«سيفينغ مستر بانكس» (إنقاذ مستر بانكس) على خمسة ترشيحات لكل منهما. أما باقي الأفلام فكان نصيبها كالتالي: حصل كل من «فيلومينا»، و«راش»، و«ذا وولف أوف وول ستريت» (ذئب وول ستريت) على أربعة ترشيحات لكل فيلم. ورشح كل من أفلام «بلو جاسمين»، و«ذا غريت جاتسبي»، و«إنسايد» لليون دافيس و«نيبراسكا» لثلاث جوائز لكل منهم. كما حصل جزءا فيلم «ذا هوبيت» الأخيرين على ترشيحين لكل منهما.

ورشح فيلم «عبد لمدة 12 سنة» للحصول على جائزة أفضل فيلم، وأفضل مخرج للمخرج ستيف ماكوين، أفضل نص مقتبس، وأفضل موسيقى أصلية، وأفضل مونتاج، وأفضل تصميم إنتاج.

كما رشح بطل الفيلم شيواتال إيجيوفور لجائزة أفضل ممثل، والممثل مايكل فاسبندر لجائزة أفضل ممثل مساعد، والممثلة لوبيتا نيونج لجائزة أفضل ممثلة مساعدة.

كما حصل فيلم «أميركان هاسل» على ترشيحات لجائزة أفضل فيلم، وأفضل مخرج للمخرج ديفيد أو راسل، وأفضل نص أصلي، وأفضل تصميم إنتاج، وأفضل تصميم ملابس وماكياج.

وأضافت الصحيفة أن بطل الفيلم كريستيان بيل رشح لجائزة أفضل ممثل رئيسي، والممثلة آيمي آدمز لجائزة أفضل ممثلة رئيسية، في حين رشح كل من الممثل برادلي كوبر وجينفر لورانس لجائزتي أفضل ممثل مساعد وأفضل ممثلة مساعدة.

كما حصل فيلم «كابتن فيليبس» على ترشيحات في فئات: أفضل فيلم، وأفضل مخرج للمخرج بول جرينجراس، وأفضل نص مقتبس، وأفضل موسيقى أصلية، وأفضل مونتاج، وأفضل صوت. كما رشح بطل الفيلم توم هانكس لجائزة أفضل ممثل رئيسي والممثل الصومالي بركات عبدي لجائزة أفضل ممثل مساعد.

كما رشح فيلم «فيلومينا» لجائزة أفضل فيلم بالإضافة إلى أفضل فيلم بريطاني، وأفضل نص مقتبس، وأفضل ممثلة رئيسية لجودي دنيش التي ضربت الرقم القياسي (15) في الترشيحات لجائزة البافتا في مشوارها السينمائي.

وحصل فيلم «بهايند ذا سانديلابرا» على ترشيحات لجائزة أفضل نص مقتبس، وأفضل تصميم إنتاج، وأفضل ملابس وماكياج. كما رشح بطل الفيلم مات ديمون لجائزة أفضل ممثل مساعد.

ورشح فيلم «سيفينغ مستر بانكس» لجائزة أفضل فيلم بريطاني، أفضل كاتب أو منتج أو مخرج جديد، وأفضل موسيقى أصلية، وأفضل ملابس. ورشحت بطلة الفيلم إيما تومسون لجائزة أفضل ممثلة رئيسية.

وضمت قائمة الأفلام المرشحة لجائزة أفضل فيلم بريطاني فيلم «مانديلا: طريق طويل للحرية»، بالإضافة إلى أفلام «غرافتي»، «فيلومينا»، و«سيفينغ مستر بانكس»، و«ذا سيلفش جاينت».

ورشح الممثل ليونارد دي كابريو بطل فيلم «وولف أوف وول ستريت» لجائزة أفضل ممثل رئيسي، كما حصل الفيلم على ترشيحات لجائزة أفضل مخرج لمارتن سكورسيزي، وأفضل نص مقتبس.

وحصل فيلم «بلو جاسمين» على ثلاثة ترشيحات: أفضل ممثلة لكيت بلانشيت، وأفضل ممثلة مساعدة لسالي هايكنز، وأفضل نصل أصلى للمخرج وودي ألان.

وتشمل قائمة المرشحات لجائزة أفضل ممثلة مساعدة كلا من جوليا روبرتس وأوبرا وينفري عن فيلمي «أوغست: أوساج كاونتي» و«ذا باتلر».

ومن المقرر أن يقام حفل توزيع الجوائز في 16 فبراير (شباط) المقبل في لندن.

جين كامبيون ترأس لجنة تحكيم الدورة المقبلة من مهرجان «كان»

المخرجة النيوزيلندية هي المرأة الوحيدة الحاصلة على «السعفة الذهبية»

باريس: «الشرق الأوسط»

أعلنت إدارة مهرجان «كان» السينمائي الدولي، أمس، أن الاختيار وقع على المخرجة النيوزيلندية جين كامبيون لرئاسة لجنة تحكيم الدورة 67 من المهرجان الذي يقام في جنوب فرنسا. وتجري دورة العام الحالي بين 14 و25 مايو (أيار) المقبل. ويأتي اختيار كامبيون نوعا من الرد على الاتهام الذي تعرض له منظمو المهرجان، في العام الماضي، لضعف التمثيل النسائي فيه، حيث كانت هناك مخرجة وحيدة هي فاليريا بروني بين المتنافسين في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة.

كامبيون، التي توصف بأنها «ابنة مهرجان كان» لمشاركاتها الكثيرة فيه، هي المرأة الوحيدة التي فازت بجائزة «السعفة الذهبية» في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، عام 1993، عن فيلمها «البيانو». وهو الفيلم الذي نال، أيضا، أوسكار أفضل سيناريو، ونالت بطلته أوسكار أفضل ممثلة. وفي وقت سابق، كانت كامبيون قد نالت السعفة الذهبية لأفضل فيلم روائي قصير، عام 1986، عن «تقشير».

وجاء في بيان الإدارة أن كامبيون (59 عاما) تلقت اختيارها لرئاسة لجنة تحكيم المهرجان بالقول: «إنه شرف كبير، وأعترف بأنني متلهفة جدا» لتأدية المهمة، وهي تخلف فيها المخرج والمنتج الأميركي ستيفن سبيلبرغ الذي رأس محكّمي الدورة الماضية. وفي تصريح لإذاعة «فرانس أنفو»، نفى تييري فريمو، المفوض العام لمهرجان «كان» أن يكون الاختيار وقع على كامبيون لأنها امرأة، على ما في هذه الناحية من معنى رمزي.

وقال إن موهبتها وما أنجزته كانا المعيار. فقد قدمت المخرجة النيوزيلندية سبعة أفلام روائية طويلة، منها «حلوة» و«الدخان المقدس» و«صورة سيدة» و«النجم اللامع»، فضلا عن كثير من الأفلام القصيرة والسلسلة التلفزيونية الناجحة «أعلى البحيرة». وقد عرف عنها اهتمامها بالتركيز في أفلامها على الشخصيات النسائية التي تصارع أقدارها.

تبدو جين كامبيون، بقامتها النحيلة وشعرها الطويل الذي تسلل إليه البياض، وكأنها شخصية خارجة من أحد أفلامها. لقد ولدت في ولينغتون لأب يدير مسرحا، وأم تعمل في التمثيل. لذلك لم يكن غريبا أن تستهويها الفنون، لا سيما مسرحيات شكسبير الذي عشقته منذ الصغر. وقد درست الأنثروبولوجيا في الجامعة، قبل أن تسافر إلى بريطانيا وأستراليا لمواصلة دراسة الرسم. أما السينما فكانت الانعطافة التي اجتذبتها من بدايات ثمانينات القرن الماضي، حيث سجلت في المدرسة الأسترالية للفيلم والراديو، وحصلت على شهادة عليا منها.

منذ أفلامها الأولى، كشفت جين كامبيون عن أسلوب خاص يعتني برسم «بورتريهات» نسائية باحثات عن تأكيد ذواتهن وساعيات للخروج من الوصاية. وقد جاءتها الجوائز والمكافآت بالتدريج، منذ سعفة «كان» للفيلم القصير، ثم جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان البندقية عن «ملاك على مائدتي»، وهو الفيلم الذي استوحته من المصير المأساوي للروائية النيوزيلندية جانيت فريم، التي رشحت لجائزة «نوبل» مرتين، وماتت بسرطان الدم. أما فيلمها الأشهر «البيانو» الذي تدور أحداثه في نيوزيلندا القرن الـ19، فقد قدمت فيه موهبة جديدة هي الممثلة هولي هانتر، التي أدت دور امرأة خرساء تعشق رجلا أميا من سكان القارة الأصليين. كما قدمت كامبيون أفضل الأدوار لعدد من شهيرات الشاشة الفضية، مثيلات نيكول كيدمان (صورة سيدة) وكيت ونسليت (الدخان المقدس) وميغ ريان (على الجرح).

وعلى الرغم من نجاحاتها السينمائية، فقد أبدت جين كامبيون، أكثر من مرة، رغبتها في التفرغ للأفلام التلفزيونية، لأن هذا الجهاز يمثل «الحدود الجديدة» التي تستهويها.

الشرق الأوسط في

09.01.2014

 
 

"دليل السينما العربية والعالمية 2013" (2)

عدنان حسين أحمد 

أشرنا في القسم الأول من هذا المقال إلى أن "دليل السينما العربية والعالمية 2013" للناقد السينمائي محمد رضا يحتاج إلى أربع مقالات في الأقل لتغطية فصوله الأربعة تغطية موضوعية تكشف عن رؤيته النقدية ومنهجه العلمي في دراسة الفيلم السينمائي وتحليله إلى عناصره الأولية التي صنعت منه مادة بصرية إبداعية تستحق المشاهدة بغية تحقيق المتعة من جهة، والتأمل العميق الذي يهدف إلى تحقيق الفائدة البصرية التي يبتغيها المُشاهد العضوي الذي يتماهى مع المادة المرئية ويندغم فيها إلى حد الذوبان.

ينقسم الفصل الثاني من هذا الكتاب، وهو مكرّس للسينما العربية فقط، إلى ثلاثة أقسام تمثّل بانوراما حيّة لأهم ما أنجزته السينما العربية من أفلام روائية ووثائقية وقصيرة خلال عامي 2011 و 2012 علماً أن بعضها مجدوّل للتوزيع خلال عام 2013. وقد رصد رضا خلال هذين العامين المنصرمين "64" فيلماً روائياً ووثائقياً وقصيراً وهو عدد كبير يعطي صورة واضحة عن طبيعة المنجز السينمائي العربي شكلاً ومضموناً آخذين بنظر الاعتبار غياب أفلام التحريك العربية "الأنيميشن" والـ "stop motion"، هذا إضافة إلى غياب أنواع أخرى من الأفلام مثل البوليسية والجاسوسية والعجائبية والاستعراضية والنفسية والموسيقية والرعب وما إلى ذلك في منجزنا السينمائي العربي.

الأفلام الروائية الطويلة

لو دققنا النظر في هذه الأفلام الروائية التي رصدها الناقد محمد رضا لوجدناها "31" فيلماً روائياً طويلاً، وهو رقم ليس بالقليل، وربما يكون الناقد قد شاهد أفلاماً روائية أخرى لكنه لم يكتب عنها لسبب من الأسباب منها عدم توفره على عامل الوقت فهو منهمك في متابعة غالبية المهرجانات السينمائية في العالم والتي تتطلب منه وقتاً وجهداً كبيرين. كما قد تفوته فرصة مشاهدة بعض الأفلام في هذه المهرجانات التي قد تَعرض ثلاثة أو أربعة أفلام في توقيت واحد. كما يلعب الجانب النفسي دوراً معيّناً في عدم الكتابة عن بعض الأفلام التي نشاهدها ونركنها جانباً لأسباب غامضة.

يميل الناقد محمد رضا إلى تصنيف كل الأفلام التي يكتب عنها وهذا التصنيف يساعد القارئ على حصر اهتمامه بجانب محدد قد تتضح بعض معالمه ثم تتكشّف له رويداً رويدا بالطريقة التي تخدم المُشاهد وتصّب في مصلحته الذاتية. ففي هذه الباقة من الأفلام الروائية التي درسها رضا بعناية نكتشف ميل المخرجين السينمائيين العرب إلى الدراما الاجتماعية وقد بلغ عدد الأفلام الروائية التي تمحورت على هذا التصنيف "22" فيلماً روائياً، وهذا يعني أن المخرجين العرب يجدون ضالتهم في هذا النمط من الأفلام. أما الدراما العاطفية فكانت حصتها ثلاثة أفلام، وهي "أيدي خشنة" للمغربي محمد عسلي، و "حبيبي راسك خربان" لسوزان يوسف، و "حرّاقة بلوز" للجزائري موسى حدّاد، إضافة إلى فيلم رومانسي واحد وهو "تقاسيم الحب" للمصري يوسف الديب، وهذا الانحسار يدعونا لأن ندرس هذه الظاهرة التي تستحق الاهتمام فعلاً، فالحُب أو الجانب العاطفي أو الرومانسي هو الذي تقوم عليه غالبية الأفلام الروائية في العالم، فما هو السبب في عزوف مخرجينا عن التعاطي مع هذا الموضوع المثير للشهية في مختلف أرجاء العالم؟ 

الإرهاب والتطرف الديني اللذان يقلقان العالم برمته لم يخصهما المخرجون العرب سوى بفلمين وهما "تورا بورا" للمخرج الكويتي وليد العوضي و "مانموتش" للتونسي نوري بوزيد. وهناك بطبيعة الحال أفلام تقع ضمن أكثر من تصنيف كما هو الحال مع "عطور الجزائز" لرشيد بن حاج الذي يُصنَّف كدراما اجتماعية لكنه ينطوى على قمع وإرهاب ومصادرة للحريات الشخصية والعامة، و "بيروت بالليل" لدانيال عربيد وهو دراما اجتماعية وعاطفية في آنٍ معا. الأفلام الكوميدية لم تأخذ حصتها في السينما الروائية العربية فمن بين "31" فيلماً روائياً لا تتسيّد الكوميدياً كموضوع مهيمن إلاّ في فيلمن وهما "أنا بضيع يا وديع" للمصري شريف عابدين، و"حظ سعيد" لطارق عبد المعطي وهو مصري أيضاً الأمر الذي يدعونا للبحث في أسباب اقتصار الأفلام الروائية الكوميدية على مصر دون بقية البلدان العربية. وعلى الرغم من انهماك العالم في السياسة منذ سنوات طويلة إلاّ أن حصة الدراما السياسية لم تتعدَ فيلماً واحداً جاء من الكويت ويحمل عنوان "بقايا بشر" لجاسم النوفل ومشعل الهليل آخذين بنظر الاعتبار أن هذا الفيلم يرصد صراعاً بين كويتي قادم من سجن غوانتنامو وجندي أميركي يعمل في الكويت. حصة الدراما الريفية ضئيلة هي الأخرى في هذه الأفلام الروائية، إذ اقتصرت على فيلم واحد يحمل عنوان "يمّا" للجزائرية جميلة صحراوي الذي يصوِّر أُماً تدفن ابنها الذي كان يعمل مع القوات النظامية، فيما يعمل ابنها الآخر مع المجموعات المتطرفة. الإرهاب والتطرف الديني والاحتكاكات الطائفية تجد طريقها إلى عدد من هذه الأفلام التي وضعها الناقد تحت تصنيف دراما اجتماعية كما هو الحال "يمّا" الذي ورد ذكره تواً، و "يا خيل الله" لنبيل عيوش و "هلا وين؟" لنادين لبكي و "مانموتش" و "عطور الجزائر" و "التائب" لمرزاق علواش الذي يطرح قضية الأحزاب الإسلامية المتطرفة وسواها من الأفلام.

الهجرة إلى أوروبا أو بقية أرجاء العالم لها نصيبها من أفلام الدراما الاجتماعية مثل "حرّاقة بلوز" لموسى حداد الذي يتمحور حول صديقين حميمين يريدان الهجرة إلى إسبانيا، و "ديما براندو" لرضا الباهي الذي يدور حول رغبة "أنيس" في الوصول إلى هوليوود، و "أيدي خشنة" لمحمد عسلي حيث تسعى "زاكيا" لتزوير بضعة أوراق بغية اللحاق بحبيبها في إسبانيا

ثمة قضايا أخرى كثيرة عالجتها أفلام الدراما الاجتماعية مثل الآيدز في فيلم "أسماء" لعمرو سلامة، وقضية الشرف والثأر في فيلم "إنسان شريف" لجان كلود قدسي، والتحرر من سطوة الأب في فيلم "جناح الهوى" لعبد الحي العراقي، والربيع العربي في أكثر من فيلم مصري مثل "بعد الموقعة" ليسري نصر الله و "الشتا اللي فات" لإبراهيم البطوط، والقضية العراقية في "مسو كافيه" لجعفر عبد الحميد، وكسر التقاليد الاجتماعية في فيلم "وجدة" للسعودية هيفاء المنصور، وقضية الاختلاط بين الجنسين في فيلم  "المؤسسة" لفهمي فاروق فرحات وغيرها من القضايا التي تؤرق المواطن العربي وتأخذ حيّزاً كبيراً من اهتمامه. أود الإشارة فقط إلى أن كلمة "مِسو" التي وجدها زميلي الناقد محمد رضا "غير واضحة ولا تبدو ضرورية" بأنها واضحة إذا ما أُخذت ضمن السياق العام للفيلم الذي يدور بعض أحداثه في مقهى "مِسو" وهي مختصر لكلمة ميسوبوتاميا التي تعني العراق أو بلاد ما بين النهرين وقد لاذت المقهى بهذا الاسم الذي يجلس فيه العراقيون غالبا إضافة إلى أناس آخرين بطبيعة الحال.

الأفلام الوثائقية

انتقى الناقد محمد رضا "18" فيلماً وثائقياً يتمحور غالبيتها على ثورات الربيع العربي في مصر وتونس وسوريا، وبعضها يمتد إلى ما قبل هذا التاريخ ليرصد أحداثاً وقعت في العراق ولبنان وفلسطين والجزائر ومصر، وبعضها الآخر يتمحور حول السينما والذكريات الشخصية والدين والموسيقا والسير الشخصية والاحتجاجات وما إلى ذلك. ففي إطار السينما والذكريات والتاريخ العام رصد رضا فيلمين مهمين الأول يحمل عنوان "إسبرين ورصاصة" لعمّار البيك الذي يحتفي من خلاله بسينما روبير بريسون بطريقة خارجة عن المألوف. أما الفيلم الثاني الذي حصد بعض الجوائز فهو "البحث عن النفط والرمال" لوائل عمر وفيليب ديب. وهذا الفيلم بحسب رضا، لا يتحدث عن فيلم مفقود وإنما عن مرحلة مفقودة. وهو فيلم مغامرات صحراوية حول نزاع بريطاني أميركي على استرضاء شيخ قبيلة عربية وذلك لمعرفتهم بقيمة الثروة الطبيعية في أرضه.
يتناول محمد رضا في هذا الفصل فيلمين وثائقيين للمخرجة الإماراتية نجوم الغانم، الأول يحمل عنوان "أمل" الذي يتمحور حول الفنانة السورية أمل حويجة التي تركت دمشق ولجأت إلى أبو ظبي لمدة سنة، لكن هذه السنة ستصبح خمس سنوات، ثم تعود إلى دمشق، لكنها تقرر العودة ثانية إلى أبو ظبي ولعل أجمل ما في هذا الفيلم هو تركيزه على حُب مدينة أبو ظبي بطريقة موازية لحُب دمشق. الفيلم الثاني لنجوم يحمل عنوان "حمامة" وهو اسم لامرأة عجوز تعيش في أطراف بلدة إلى جانب مزرعتها الصغيرة التي تضم بعض الماعز والأبقار. وعلى الرغم من إعجاب الناقد بهذا الفيلم إلاّ أنه يشير إلى نقص واحد فيه هو مراوحته في الجانب المحلي بينما كان بإمكان المخرجة أن تحقق له النفس العالمي بواسطة الحديث عن حالات مماثلة في مجتمعات أخرى. وفي إطار الثناء على موهبة نجوم يجزم الناقد رضا بالقول: "لا يوجد بين مخرجي الأفلام التسجيلية في الإمارات من هو أكثر حرفية ودقة في العمل من نجوم الغانم". ثم يعمّم هذا الرأي ليشمل منطقة الخليج برمتها ذلك لأنها تعرف دروب ومناهل العمل الصحيحة لانجاز فيلم وثائقي يتوفر على اشتراطات نجاحه الفني.

لا يحبّذ الناقد رضا ظهور المخرج في فيلمه الوثائقي كما هو الحال مع نمير عبد المسيح الذي يكاد يظهر في كل لقطة من فيلمه المعنون "العذراء والأقباط وأنا". فعلى الرغم من أن هذا الفيلم يتمحور على حكاية فنتازية مفادها ظهور السيدة العذراء في أحد الكنائس، وحصول الفيلم على جوائز عديدة إلا أنه لم يرق لبعض النقاد أيضاً ربما بسبب الظهور المتكرر للمخرج وكأن ثيمة الفيلم متمحورة عليه لا على السيدة العذراء التي قيل إنها ظهرت لتكحّل أعين المؤمنين الأقباط

"الغوستو" من الأفلام الوثائقية التي حصدت العديد من الجوائز المهمة فهو يحكي قصة التعايش بين الموسيقيين المسلمين واليهود إلى أوائل الستينات من القرن الماضي لكن غالبية اليهود هاجر إلى فرنسا أو إسرائيل ومع ذلك فقد جمعتهم المخرجة صافيناز بو صبايا وأقامت لهم حفلاً موسيقياً آسراً في مرسيليا أعاد إلى الأذهان قصة التآخي بين أتباع الأديان السماوية المختلفة.

وجد الربيع العربي طريقه إلى بعض هذه الأفلام الوثائقية مثل "مولود 25 يناير" لأحمد رشوان الذي كان مرتاباً أول الأمر لكنه انتقل إلى المشاركة في الأحداث. وما ينتقده رضا في هذا الفيلم أيضاً هو "الكثير من الأنا والقليل من النحن" في إشارة واضحة إلى ظهور المخرج المتكرر في بعض لقطات الفيلم ومشاهده.

تونس لها حصتها في هذه الأفلام الوثائقية ففضلاً عن فيلم "لا خوف بعد اليوم" لمراد بن الشيخ الذي نجح في الانتقال بين شخصياته المتعددة في مواقع شتى، هناك فيلم "يلعن أبو الفوسفاط" لسامي تليلي الذي حصد أكثر من جائزة وكشف للملأ الأعظم بأن الثورة لم تبدأ في سنة 2011، بل في ذلك المكان والزمان الذي أخمدت فيه السلطة نار الثورة، لكن ما أخمدته السلطة هو ما ظهر منها، وليس ما بقي منها مستعراً تحت الرماد. وصف الناقد مخرج الفيلم بأنه يعرف ألف باء الأسلوب البحثي، فرغم تعدد الشخصيات إلا أن الفيلم لم يضِع من بين يديه. ثمة أفلام وثائقية أخرى تستحق التوقف والإشادة مثل فيلم "يامو" لرامي نيحاوي و"حلبجة- الأطفال المفقودون" لأكرم حيدو، وهناك أفلام أخرى تبدد الوقت الثمين للناقد أو المُشاهد على حدٍ سواء وهي لا تستحق حتى الإشارة السلبية لأنها قد تعْلق في ذاكرة بعض القرّاء.

الأفلام القصيرة

أما القسم الثالث والأخير من هذا الفصل فقد كرّسه الناقد للأفلام القصيرة التي بلغ عددها "15" فيلماً، سبعة منها إماراتية وثمانية تتوزع بين العراق والسعودية والبحرين والكويت ولبنان والجزائر وعُمان. ثمة تداخل بين الأفلام الدرامية والأفلام الدرامية الاجتماعية. ففي هذا القسم هناك خمسة أفلام درامية وهي "هنا لندن" للبحريني محمد بو علي الذي يرصد مُسنَّين يرومان التقاط صورة وإرسالها إلى ابنهما المقيم بلندن لكن الأمر يتطلب موافقة الزوجة المؤمنة بالتقاليد والأفكار المسبقة. يناقش "حبّات البرتقال المنتقاة بدقة" للعُماني عبدالله خميس قضية شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، فهو مصاب بعاهة ويحاول عبور الشارع المزدحم بالسيارات المسرعة. يعبر لكنه ينسى كيس البرتقال في الطرف الآخر! على الرغم من أن فيلم "داليا" للعراقي شاخوان عبدالله يتمحور على قضية إنسانية تتمثل في عمى ابنته الصغيرة إلا أن هواجس الأب تأخذنا إلى عوالم الإرهاب المخيفة حيث يتوقف هو وابنته في مطعم على قارعة الطريق فيجبره شاب عربي على ارتداء حزام متفجرات، ويخطف ابنته مهدداً بقتلها إذا لم يفجّر نفسه. تنفجر عبوة فيستفيق الأب من نوم طارئ غلبه وهو منحنٍ على مقود القيادة

ينتقد رضا فيلم "دخيل" للإماراتي ماجد الأنصاري، فالمفروض أن هذا الفيلم خيال علمي لكنه لا يبثّ الرعب. أما الفيلم الدرامي الخامس فهو "سبيل" لخالد المحمود وهو قائم على تقنية المفارقة، فالشقيقان اللذان يبيعان الخضار والفاكهة على كتف طريق صحراوي يعودان كل يوم مساء على دراجة نارية، لكن ما إن تتعطل الدراجة النارية ذات يوم ويعودا إلى البيت حتى يجدا جدتهما قد فارقت الحياة!

لا تخرج الأفلام الدرامية الاجتماعية عن هذا الإطار، ففيلم "الأركان" لمصطفى زكريا يدور حول رجل إماراتي يريد استعادة زوجته التي انفصلت عنه وأخذت تبحث عن وظيفة كي تعتاش منها. أما هو فيسعى لفهم نفسه وإدراك الخطأ الذي ارتكبه خلال حياته الزوجية. أما فيلم "أبو رامي" لصباح حيدر فيدور حول رجل متبرّم يفصح لشريكة حياته ذات يوم بأنه متزوج من امرأة أخرى فتخبره في الحال بأنّ رامي ليس منه، وإنما من رجل آخر

في "جنّة رحمة" لهاني الشيباني ثمة امرأة مُسنّة تعيش مع فتاة صغيرة متخلفة عقلياً آوتها منذ زمن، لكن المرأة المُسنّة تعاملها بقسوة ولا تقبل بإيداعها إلى المستشفى.

الدراما الشخصية ليست بعيدة عن سابقاتها من أفلام الدراما الاجتماعية ففي "أفواه" لخالد العلي ثمة شخص يُوقع بالنوارس، ويربط مناقيرها بالشريط اللاصق! يرى محمد رضا أن المناقير هي أفواه، وأن الأفواه هي الآراء، وأن الآراء ممنوعة على ما يبدو، وأن هذا الفيلم هو حالة أكثر منه قصة. الطفلة في فيلم "انتظار" لهناء الشاطري تختفي بعد أن كانت تنظر إلى الرجل الذي ينتظر المترو، ويركب في الحافلة، وتتناول شيئاً من طعامه

الغرائبية ذاتها تتجسد في فيلم "الجزيرة" لأمين سيدي بومدين الذي أعجبَ الناقد كثيراً ووصفه بأنه "فيلم فنتازي مُصوّر بجماليات خاصة". يقتنع الناقد برؤية مصعب المرّي في "عاطفة البيض" ويرى فيه مخرجاً حسن الخاطرة، طريف الفكرة ما يمكّنه من تحقيق فيلم كوميدي طويل. أما آخر إطراءات المخرج فتنصّب على نايلة الخاجة بسبب فيلمها المعبِّر "لمحة" الذي يصفه الناقد بالذكي، وثري الإضاءة، إضافة إلى توفره على عناصر جيدة لا غُبار عليها.

وفي الختام لابد من الإشارة إلى أن الرؤية النقدية السينمائية لمحمد رضا تنصقل يوماً بعد يوم وذلك بفعل تراكم خبراته البصرية الكمية والنوعية التي تؤكد انقطاعه الكامل للسينما وشغفه بالفن السابع، وهو شغف كبير من دون شك نتمنى أن نرقى إليه، ونصل إلى مصّافه.

الجزيرة الوثائقية في

09.01.2014

 
 

"العصبة المتوحشة":

مشاهدة جديدة لفيلم قديم

أمير العمري 

الفيلم هو "العصبة المتوحشة" The Wild Bunch (1969) الذي أخرجه المخرج الأمريكي سام بكنباه (1925- 1984) الذي تعيد مشاهدته إلى الأذهان ما كانت عليه هوليوود في تلك الفتر، أي وقت صنع الفيلم، وما أصبحت عليه الآن. كانت المفاهيم السائدة للفيلم السينمائي لدى الجمهور لاتزال وقتها- بالرغم من التعديلات التي أدخلت على قواعد الرقابة في أمريكا قبل ظهور الفيلم بفترة قصيرة- أن العنف يجب أن يكون "معقولا"، ويجب أن يكون تصويره على الشاشة "مدانا" خشية أن يصبح مجالا للإعجاب من جانب الجمهور، وهو ما قد يؤدي إلى محاكاته.
وكان ما تعرض له الفيلم من هجوم من جانب كثير من النقاد، ينطلق من الأسس الواقعية للنقد، وليس الجمالية، أي من فكرة أن الفيلم يجب أن يكون مخلصا للواقع، أو للإيحاء بواقعية ما نشاهده، في حين يرى نقاد الجماليات أن الفيلم يمكن أن يكون كيانا فنيا قائما بذاته مستقلا عن الواقع، يخلق واقعه الخاص. هذا الجدل هو ما يصبغ ذلك الصراع الممتد بين دعاة الواقعية، ودعاة الأسلوبية، بين الفيلم كأداة لتفسير الواقع، وبينه كأداة للتعبير عن رؤية الفنان للواقع من خلال نظرته الخاصة، بين الفيلم كمضمون- إجتماعي وسياسي- والفيلم كشكل سينمائي يتطور، ويخضع للتجريب باستمرار

كانت الستينيات من ناحية فترة رواج لما عرف بالنقد القائم على الواقعية، وعلى التفسير السياسي للسينما ولكنها كانت في الوقت نفسه، فترة ازدهار كبير لمفهوم "الأسلوبية الفردية"  التي أطلق عليها "فيلم المؤلف"أو صاحب الرؤية. ولاشك ان "العصبة المتوحشة" يقع تحت هذا التصنيف

كنا نشاهد في معظم أفلام الغرب الأمريكي (التي تعرف بـ"الويسترن" Western) الكثير من مشاهد القتل وإطلاق الرصاص وسقوط الضحايا، لكن كان من النادر أن نرى مثلا آثار القتل أو إطلاق الرصاص.. أي الدماء أو مكان اختراق الرصاصات للوجه أو للصدر.. إلى أن جاءت أفلام "الويسترن الاسباجيتي" الإيطالية وعلى رأسها أفلام المخرج سيرجيو ليوني، وفيها نسمع صوت طلقات الرصاص ليس كما نسمعها في الواقع بل مضخمة كثيرا جدا بشكل فني بحيث تصبح لها موسيقاها الخاصة، ونرى اختراق الرصاصات للجسد وللوجه أحيانا بشكل يبدو كارتونيا، أي مبالغا فيه كثيرا، وهو ما يؤكد أن الإخلاص للأسلوب يطغى على فكرة محاكاة الواقع.

شاهدنا أيضا استخدام آلات القتل الحديثة مثل ذلك المدفع الرشاش سريع الطلقات وكيف يستخدم في القتل الجماعي في فيلم "من أجل مزيد من الدولارات" For a Few Dollars More الذي ظهر عام 1965.. لكن أفلام الغرب الأمريكية الإنتاج لم تكن قد عرفت بعد هذا المستوى من العنف. ولاشك أن سام بكنباه تأثر في فيلمه "العصبة المتوحشة" بما قدمه سيرجيو ليوني في أفلامه "الاسباجيتي" وخصوصا فيلمه "حدث ذات مرة في الغرب" Once upon a Time in the West الذي ظهر ف يالعام السابق مباشرة على :العصبة المتوحشة" . ولاشك أيضا أن باكنباه كان يقدم رؤيته "الأمريكية" الخاصة للويسترن ردا على موجة أفلام الاسباجيتي وتأكيدا لأصالة النوع الأمريكي أساسا، ولم يكن في ذلك غريبا عن ثقافته وتاريخ بلاده بل وتاريخ الويسترن في هوليوود عموما.

وقد إنقسم النقاد والجمهور إنقساما حادا حول فيلم "العصبة المتوحشة"، بين إعتباره عملا يستغل العنف ويوظفه من أجل الإثارة والصدمة والإبتزاز- أي إبتزاز المشاعر- ومن إعتبره عملا سينمائيا كبيرا من أعمال الفن، بل إن هناك من بلغت به الحماسة أن إعتبر تصويره للعنف بكل تفاصيله، دعوة إلى مناهضة العنف!

نهاية الغرب

كان بكنباه يرغب في تصوير نهاية الويسترن، أي نهايته في الواقع وفي السينما، وأن يقدم مرثية لأبطاله الذين إستقروا لعقود- في الخيال الشعبي الأمريكي وغير الأمريكي. كان الفيلم تصويرا حزينا شفافا لغروب عصر الويسترن، وبداية عصر جديد سيبرز فيه كثيرا دور الآلة (نشاهد في الفيلم السيارة كما نشاهد البنادق المتعددة الطلقات والمدفع الرشاش). 

نحن هنا أمام ستة من أفراد عصابة واحدة: قتلة ولصوص وقاطعو طرق وأوغاد، لكنهم يتمتعون أيضا بروح المرح، أهم ما يميزهم إخلاصهم الشديد لبعضهم البعض. هناك أيضا ذلك "النبل" الخفي الذي يكمن تحت قشرة التوحش والقتل عند الضرورة بدم بارد. هؤلاء الأشقياء تقدم بهم العمر الأن ونحن في عام 1913 أي قبيل إندلاع الحرب العالمية الأولى مباشرة وإنتقال العالم إلى مستوى جديد من القتل الجماعي. وهم يرغبون في القيام بعملية أخيرة تكفل لهم تحقيق ثروة ما يتقاعدون بعدها ويعيشون حياة هادئة

في المشهد الأول من الفيلم الذي يستغرق نحو 7 دقائق، نراهم يغيرون على مكتب للسكك الحديدية في بلدة في ولاية تكساس، يستولون على أكياس من القطع الفضية سرعان ما سيكتشفون أنها مجرد قطع معدنية عديمة القيمة، بعد أن ينجحوا في الفرار من المصيدة التي نصبها لهم الرفيق القديم لزعيمهم "بايك" (وليم هولدن) أي "ثورنتون" (روبرت ريان) الذي كان في انتظارهم مع مجموعة من المسلحين، فهو الآن يعمل تحت إمرة صاحب مكتب بريد السكك الحديدية، أي الرأسمالي الثري الذي يستأجر ثورنتون ومجموعة من الرجال لحماية ممتلكاته. تدور معركة بالأسلحة النارية من أكثر المعارك عنفا على الشاشة، يقتل خلالها عدد كبير من سكان البلدة الأبرياء، ويفر أفراد المجموعة بعدها إلى المكسيك حيث يلتقون هناك بجنرال منشق عن الحكومة المكسيكية يقنعهم بالاستيلاء لحسابه على حمولة من الأسلحة يحملها قطار في طريقها لإحدى فرق الجيش الفيدرالي، مقابل الحصول على خمسة آلاف دولار من الذهب.

هنا تصبح العصبة المتوحشة مطاردة من ناحية  من جانب ثورنتون ورجال تنفيذ القانون الذين يرغبون في الحصول على مكافأة مالية ضخمة رصدتها الحكومة لمن يأتي بجثثهم، ومن جانب الجيش الأمريكي، ومن جانب الجنرال الذي يريد أن يضمن وصول الأسلحة إليه

تتمكن العصبة من القيام بالمهمة، وتقوم بتسليم الأسلحة واستلام الذهب، وتضليل ثورنتون ورجاله. هنا كان يمكن أن ينطلق الجميع بالثروة التي حصلوا عليها. لكن الجنرال السادي المكسيكي يصر على الاحتفاظ بأحد أفراد العصبة وهو الشاب المكسيكي، وتتاح فرصة أخرى لأفراد العصبة للإفلات من البلدة التي يسيطر عليها الجنرال في حماية مئات من الجنود الين أصبحوا الآن مدججين بالأسلحة الحديثة وبالمدفع الرشاش ايضا. ولكنهم يقررون المواجهة وبالتالي الموت وكأن الموت هنا قدر لا فكاك منه، بل وهدف بعد أن لم يعد لديهم هدف في الحياة.

الصراع مع النفس

هذا ليس فيلما من أفلام الويسترن يصور الأبطال والأشرار، فالصراع ليس بين الخير والشر، بل أعمق من هذا. إنه صراع مع النفس، داخل النفس، شيء أقرب إلى الحس الوجودي العبثي الذي يجعل المرء يقبل على نهايته بل ويصنعها بنفسه. ويتحرك أفراد العصبة بدافع من الخوف أكثر مما تدفعهم الشجاعة. الخوف الداخلي يجعلهم لا يترددون في ارتكاب العنف. بعد أن تتمكن العصبة من الفرار بعد سرقة مكتب محطة القطارات في البداية، يقوم بايك بقتل أحد أفراد المجموعة الذي أصيب ولم يعد قادرا على امتطاء حصانه، وذلك دون رحمة أو شفقة أمام عيون باقي أفراد المجموعة.

لكن بايك نفسه هو الذي يرأف لحال عاهرة مكسيكية لديها طفل رضيع في المشهد الذي يسبق مشهد النهاية في البلدة المكسيكية، عندما يمنحها بعض القطع الذهبية. فالمشاعر تختلط وليس من السهل إصدار أحكام أخلاقية قاطعة على البشر.

كان يمكن لأفراد المجموعة الإفلات إذا تخلوا عن زميلهم المكسيكي. لكن عبارة واحدة مقتصدة للغاية من زعيمهم بايك (وليم هولدن) هي "دعونا نذهب" تكون كافية تماما لأن يفهم الجميع المقصود.. أي"دعونا نذهب للمواجهة مع هذا الجنرال الوغد ولا نترك زميلنا يتعرض لذلك التعذيب المهين.. حتى لو أدى ذلك إلى هلاكنا.. فالحياة لم تعد مهمة، فماذا سنفعل بها الآن". هذا ببساطة هو المعنى المقصود.

يصمم باكنباه المشهد بحيث يجعل رجاله الأربعة (الخامس العجوز سقط مصابا وسيظهر في النهاية، والسادس هو أنجلو المكسيكي الأسير لدى الجنرال) يتجهون في مسيرة طويلة نسبيا (أكثر مما توحي المسافة بين موقعهم خارج الماخور وبين مقر الجنرال) وبينما هم يسيرون حاملين بنادقهم في وضع الاستعداد، على جانبي الطريق يصطف بشكل غير منظم عشرات المكسيكيين، بعضهم من الجنود والبعض الآخر من الأهالي الفقراء والأطفال، بعض هؤلاء يعبر أمام الرفاق الأربعة، من اليسار إلى اليمين، فرادى أو في ثنائيات، يتفرسون في وجوههم، والموسيقى شبه العسكرية مستمرة، وكأنها مقدمة للمواجهة التي ستكون مفاجئة للجميع. في البداية يرفض الجنرال أن يعطيهم زميلهم "أنجلو" المكسيكي ثم يوافق ويتأهب الجميع لما سيحدث وهو يسوقه إليهم بنفسه لكنه يفاجئهم بقطع رقبته بالسكين فينهال الرصاص من كل صوب ليقتل الجنرال ثم يقتل أيضا أقرب معاونيه لتبدأ المذبحة الكبرى قرب النهاية التي تستغرق 10 دقائق كاملة. يقتل أفراد العصبة الأربعة عشرات الجنود المكسيكيين ويقتل بايك على يدي الطفل المكسيكي الذي رأينه من قبل الجنرال يعلمه استخدام السلاح، كما يقتل باقي أفراد العصبة.

معالم الأسلوب

يبلغ العنف مبلغه في الفيلم عموما وفي المشهد الأخير بوجه خاص، لكن هناك أيضا نوع من النبل في علاقة أفراد المجموعة ببعضهم البعض وولائهم لبعضهم حتى النهاية. هنا نرى كيف أن المجرم القديم ثورنتون، صديق بايك القديم الذي تخلى عنه بايك كما نرى في أحد مشاهد الفلاش باك، فقبض عليه وقضى سنوات تحت التعذيب في السجن، ثم أطلق سراحه على أن يقبض على بايك وعصبته، في البداية يتقاعس عمدا عن قتل بايك رغم إستطاعته، فالرباط القديم بينهما لايزال موجودا. وقبيل النهاية بعد أن يصل إلى البلدة المكسيكية ويرى جثث جميع أفراد العصبة، يجلس حزينا على الأرض، يتذكر الماضي الذي كان بأسى وحزن، وعندما يطلب منه زملاؤه العودة معهم بجثث الرجال، يرفض. لكنه يقبل الالتحاق في النهاية بالعضو الوحيد من أعضاء العصابة الذي بقى على قيد الحياة مع رفاقه الثوار المكسيكيين الذين أنقذوا حياته. لقد تغير الهدف الآن، فبعد أن كان القتال في الماضي من أجل السرقة، أصبح الآن من أجل الثورة!

إن كل مفردات سينما الويسترن موجودة في هذا الفيلم: السعي للحصول على الذهب سواء بالسرقة أو بالمقايضة، اللهو في أحد بيوت المتعة، الحفل الليلي وسط سكان القرية المكسيكية التي ينتمي إليها أحد أعضاء العصبة بعد أن حصل لهم على صندوق من الأسلحة مقابل التخلي عن نصيبه من الذهب، عبور نهر بالجياد، مطاردات عبر الحدود بين تكساس والمكسيك، تفجير جسر، سرقة قطار، مونتاج متوازي على محورين: العصبة مطاردة من قوة من الجيش الأمريكي، ومن ثورنتون ورجاله.. الخ   

إن فيلم "العصبة المتوحشة" عمل من أعمال "السينما الخالصة"، ففيه يستخدم سام بكنباه أدوات السينما: الكاميرا والمونتاج والموسيقى والمؤثرات البصرية، ليس فقط لرواية قصة ذات مغزى ما، بل للتعبير عن واقع سينمائي خاص، رؤية للعالم.. لعالم ينتهي وعالم جديد يبدأ.

يعتمد باكنباه في بناء المشهد على التصوير بكاميرات عدة من أكثر من زاوية، للحصول على أكثر التفاصيل دقة في المشهد، ويلجأ لاستخدام الحركة البطيئة slow motion في تصوير مشاهد سقوط الخيول والأفراد من أعلى البنايات ومن أعلى صهوات الجياد، ويصور في مشهد بديع تفجير الجسر وسقوط فريق ثورنتون ومعه جنود الجيش بجيادهم في النهر بالحركة البطيئة. كل هذه التفاصيل تأتينا من حلال بناء سريع ومركب للمشهد يعتمد على مونتاج دقيق يستفيد من كل تفصيل ومن كل زاوية، ويخلق إيقاعا متدفقا مليئا بالحيوية والإثارة.

ويحتفي الفيلم بالعناصر التي تميز أفضل أفلام الويسترن فيجعل أحد أهم المشاهد يدور داخل - وعلى سطح قطار، يحمل شحنة الأسلحة التي تنجح العصبة في الاستيلاء عليها بعد فصل العربة والقاطرة عن العربة التي يجلس فيها الحراس، ثم دفعها الى الخلف لتصطدم بالأخرى لتحدث الارباك والصدمة، ثم كيف تنجح العربة التي يجرها الخيول في نقل الأسلحة عبر جسر داخل الحدود المكسكية، و بعد أن تتعثر أولا ويكاد ثورنتون ورجاله يلحقون بالعصبة، لكن هؤلاء يتمكنون من نسف الجسر في مشهد من أهم مشاهد الفيلم وأكثرها براعة في التنفيذ من حيث التصوير أو المونتاج. وكما قلنا فإن هذان العنصران هما أساس البناء في الفيلم، مع ما تضفيه الموسيقى التي أعيد كتابتها من أجل النسخة الجديدة، من روح الجلال والرهبة والأسى على تلك المرثية السينمائية الممتعة.

هنا أيضا نموذج للاختيار الجيد لمجموعة الممثلين جميعا: وليم هولدن وإرنست بورجانين وبن جونسون وورين أوتس وروبرت ريان. إنهم جميعا مناسبون تماما لأدوارهم، منسجمون مع بعضهم البعض في كيمياء بشرية رائعة لاشك أنها لعبت دورا كبيرا في نجاح الفيلم وتميزه وبقائه في وجدان الجمهور.

الجزيرة الوثائقية في

09.01.2014

 
 

حنان مطاوع:

تأجيل عرض «بعد الطوفان» أصابني بالإحباط

كتب الخبرهند موسى 

طرح فيلم «بعد الطوفان» لحنان مطاوع في دور العرض حديثاً، وكان شارك في الدورة الـ 18 من «مهرجان الرباط السينمائي الدولي لسينما المؤلف» (2012)، ونال جائزة {يوسف شاهين} التي تمنح لأفضل فيلم عربي. يذكر أن التصوير انتهى منذ ثلاث سنوات وتأجل طرح الفيلم أكثر من مرة.

عن دورها فيه، وتقييمها للتجربة التي تدخل ضمن نشاطها السينمائي الملحوظ في الفترة الأخيرة وأمور أخرى كان اللقاء التالي معها.

·        من رشحك لفيلم {بعد الطوفان}؟

مؤلف الفيلم حازم متولي، إذ جمعتني به علاقة صداقة خلال الـ 18 يوماً التي قامت فيها ثورة 25 يناير وحتى تنحي مبارك عن الحكم. بعد هذه الفترة اتصل بي ليخبرني أنه انتهى من كتابة حوالى 40 مشهداً من الفيلم، وأنه يريدني أن أؤدي أحد الأدوار الرئيسة فيه.

·        أخبرينا عن دورك؟

أجسد شخصية {ياسمين}، طبيبة نفسية مصرية عاشت أغلب سنين عمرها في لندن، وعادت إلى مصر بعد قيام الثورة لإجراء دراسة على رموز الفساد واختارت من بينهم وزيراً يدعى {رفيق الطيب}.

يستعرض الفيلم مغامرتها في البحث عن أصل هذا الشخص المريض، وكشف المؤثرات التي جعلت الفساد والجريمة طبعين عاديين في داخله، وخلال هذه الرحلة تتعرف إلى مجموعة من الشباب الثوريين (أحمد عزمي، وريهام حجاج، وهبة مجدي) الذين يساعدونها في بحثها.

·        وما الذي شجعك على قبوله؟

استوحى متولي دوري في الفيلم من شخصيتي الحقيقية وروحي التي تعايش معها فترة في الميدان، حتى إن المتابع يكتشف أن شخصية {ياسمين} شديدة التقارب مني في نقاط كثيرة.

·        ماذا عن بقية الأدوار؟

ساعده تعامله مع شباب كثيرين في الميدان في تحديد بقية الأدوار، فحالتنا النفسية كانت تتغير كل ساعة نظراً إلى الإحباطات المتوالية لعدم استجابة السلطات لمطالبنا، في لحظة نكون سعداء بما تم تنفيذه، وفي أخرى نثور.

·        حقق مشهد النهاية الذي أصبتِ فيه بالانهيار بعد إبلاغك خبر انتحار {رفيق الطيب} إعجاب الجمهور... كيف تحضرت له؟

كانت {ياسمين} في هذا المشهد في حالة من الهذيان والصدمة من خبر انتحار {الطيب} الذي تبلغته من المأمور ولم تصدقه، ويفترض أن آخر جملة حوارية لها هي: {كدب كل الأبحاث العلمية تقول إنو مستحيل شخصية بالسمات دي تنتحر}، ولكن مع انفعالي واندماجي في الأداء خرجت مني جمل أخرى في السياق نفسه بشكل ارتجالي، فظلت الكاميرا تصور واستمرت هذه الكلمات حتى النهاية وظهور الشارة.

·        هل واجهت صعوبات أثناء التصوير؟

بالطبع، فقد بدأنا التصوير بعد أسابيع من تنحي مبارك واختفاء الأمن من الشارع المصري وسيادة حظر التجول، وكان تأمين الشارع مهمة المواطنين. حتى إن أهالي محافظة الإسكندرية أخذوا على عاتقهم حمايتنا خلال فترة وجودنا فيها، لا سيما في منطقة {الماكس} الخطرة.

·        يندرج الفيلم ضمن البطولات الجماعية التي شاركت فيها، فهل تفضلينها على المطلقة؟

تُضفي البطولات المطلقة دفئاً على موقع التصوير، وتحدث منافسة شريفة بين الفنانين المشاركين في الفيلم، ما يدفعهم إلى تقديم أحسن أداء. لكن في النهاية يتوقف الأمر على طبيعة العمل نفسه؛ فمثلا إذا أردنا تقديم فيلم سينمائي عن أم كلثوم، سيكون بطولة منفردة، شئنا أم أبينا، تتصدرها نجمة لأن الشخصية المحورية فيه واحدة. في المقابل، ثمة أعمال تستوعب أو تفرض بطولة جماعية وفقاً للقصة، وأحياناً تكون الفكرة هي البطلة.

·        هل أغضبك تأجيل عرض الفيلم طوال ثلاث سنوات؟

بالتأكيد، وأصبت بالإحباط لعدم تحديد موعد لعرضه، لكن على قدر إيماني بالاجتهاد والعمل، كانت لدي قناعة بأن النتيجة في يد الله، فأنا أؤمن بمقولة {علينا السعي وليس علينا إدراك النجاح}.

·        ماذا يمثل لك {بعد الطوفان}؟

أعتبره ابني لأنني تولّيت رعايته منذ كان مجرد فكرة حتى عرضه؛ كتبه المؤلف بعدما نشأت بيننا صداقة في الميدان، وعرضه عليّ وهو ما زال في طور الكتابة، فأخذت قصته وبحثت عن جهة إنتاج تنفذها، وبالطبع أشكر المنتجين الذين اتسموا بالجرأة وغامروا بأموالهم في توقيت صعب.

·        برأيك ما أبرز عوامل نجاحه؟

صنع توليفة بين السياسة والكوميديا والرومنسية والحركة؛ قد يختلف المشاهد أو يتفق مع مضمونه، لكنه يعتبره فيلما تجارياً منوعاً، ويحمل رسالة اجتماعية وسياسية في إطار فني متميز.

·        لماذا تقلّ هذه النوعية من الأعمال؟

بسبب سيطرة اعتقاد خاطئ عن أن الأفلام التجارية بلا مضمون وجاذبة، وتلك التي تحتوي على مضمون تفتقر إلى عناصر جذب الجمهور، مع أن السينما هي لغة متعة من الدرجة الأولى، وتحمل في داخلها إما رسالة أو نقداً أو كشفاً أو تحذيرا للمجتمع، في إطار شديد الإمتاع.

أتمنى أن يشجع {بعد الطوفان} المشاهدين ليقصدوا دور العرض، فيحقق المنتجون إيرادات تدفعهم إلى الاستمرار في تقديم هذه النوعية من الأفلام، وعدم الاتجاه إلى أعمال أقل فناً إنما تحقق مكاسب. في النهاية يريد المنتج تحقيق مكسب من عمله.

·        هل يعني ذلك رفضك لتقديم أفلام تجارية؟

على العكس، أوافق عليها شرط أن تكون بعيدة عن الإسفاف والابتذال. ثمة أعمال قديمة خفيفة ما زلنا نشاهدها لأنها ممتعة للغاية، ونُفذت بشكل جيد، وترسم ابتسامة على وجه المتفرج أثناء مشاهدته لها.

·        وما سبب نشاطك السينمائي الملحوظ مقارنة بالتلفزيون؟

خلال السنتين الماضيتين لم تعرض عليّ أدوار تلفزيونية جيدة، في المقابل عرضت عليّ أعمال سينمائية شجعتني على هذا التركيز هي: {بعد الطوفان}، {القشاش}، و}قبل الربيع}.

·        ولماذا توصف خطواتك الفنية بالبطيئة؟

مشكلة الممثل أنه يختار الأدوار التي يقدمها بين تلك المعروضة عليه، بالتالي إذا عُرضت عليّ أعمال غير جيدة سأرفضها، لا سيما إذا كانت لا تنتمي، في حدّ أدنى، إلى سمات الأدوار التي اعتدت قبولها، لذا أختفي فترات حتى أعود.

·        كيف تختارين أدوارك؟

أحرص على أن تكون مختلفة، تثير خيالي، وتحمسني للعمل ومذاكرتها، ويتسق مضمونها مع ما اقتنع به من دون تضارب أقدمه. أوافق على هذه الأدوار من دون تردد، سواء في السينما أو التلفزيون أو المسرح أو حتى الإذاعة؛ تستهويني لعبة الممثل، وكلما كان الدور المطلوب مختلفاً عن شخصيتي جذبني لتقديمه.

·        وما جديدك؟

انتهيت من تصوير فيلم {قبل الربيع}، وسيتم طرحه قريباً، وفي الأيام المقبلة سأبدأ تصوير دوري في مسلسل {دهشة} مع المخرج شادي الفخراني، والنجم د. يحيى الفخراني، أجسّد فيه شخصية ابنته {رابحة}، أتمنى تقديمه بشكل جيد ينال إعجاب الجمهور.

الجريدة الكويتية في

09.01.2014

 
 

الدورة الرابعة لأيام مهرجان الاسماعيلية في عمان

عمان - ناجح حسن

تنظم الهيئة الملكية الاردنية للافلام بالتعاون مع ادارة مهرجان الاسماعيلية للافلام التسجيلية والروائية القصيرة الدورة الرابعة لايام الاسماعيلية في عمان، وذلك لتعريف المتلقي الاردني باشتغالات رفيعة على الاساليب الجمالية في بنية صناعة الافلام الجديدة والقادمة من ثقافات انسانية متعددة.

تنطلق الفعاليات الساعة السابعة مساء يوم الاحد المقبل وتتواصل لغاية يوم الخميس المقبل، وذلك في مقر الهيئة بجبل عمان القديم ، حيث يحضر العروض ويعلق عليها الناقد السينمائي المصري رامي عبد الرازق، مثلما سيشرف على ورشة تدريبية تعنى بثقافة النقد والكتابة السينمائية.
تضم العروض الفيلم التسجيلي الطويل (الكترو شعبي) للمخرجة هند مديب 77 دقيقة، وتدور احداثه قبل سنوات من ثورة يوليو 2011، حيث ظهر نمط موسيقي جديد في أحياء القاهرة الفقيرة، فيه يرقص الشباب على موسيقى الإلكترو شعبي الجديدة، والتي تمزج ما بين الأغاني الشعبية والإيقاع الإلكتروني والأداء المرتجل على طريقة «الراب» الالكترو شعبي أكثر من مجرد ظاهرة موسيقية، فهو متنفس صحي للشباب المكبوت بحكم  القيود السياسية والاجتماعية والدينية، جرى عرض الفيلم في سان فرنسيسكو  وسويسرا كما شارك في مهرجان لندن السينمائي.

وهناك الفيلم التسجيلي الطويل (فعل القتل) لجون اوبنهايمر الذي يسرد احداثه في ساعتين،  نابشا في أحداث سياسية شديدة القسوة عصفت بأندونيسيا خلال حقبة الستينات من القرن الفائت وادت الى مصرع مليون شخص في أقل من سنة. حيث يستعيد المخرج هذه الفترة من خلال من ظلوا على قيد الحياة وامعنوا في القتل ابان حملة التصفيات ضد المعارضين وفرق موت حيث يظهرهم الفيلم اليوم في حياتهم العادية، وهم يعملون في مهن وحرف بسيطة مثل بيع تذاكر السينما ويبدأوا في رسم سيناريوهات لاعمالهم القذرة في السابق وكأنهم يؤدون ادوارا في فيلم ، كما يزخر «فعل القتل» بالعديد من المشاهد القاسية، لذا توجب حصر مشاهديه على من هم فوق الثامنة عشرة من العمر.

يعاين الفيلم الروائي القصير (الوقت لن يتوقف) للمخرجة الاستونية لمونيكا ستيمنز في 22 دقيقة موقف امرأة لا ترغب في العيش، فهي عاجزة عن الحراك وقابعة في سرير حيث تمضي معظم وقتها بمتابعة الأفلام التشويقية من على شاشة  التلفزيون وتنتابها هواجس عديدة ومتباينة نظرا لكونها والدة لفتاة قبل ان تقرر اختيار مصيرها المحتوم.

تتنوع بقية الافلام المشاركة في خوضها بانماط العيش الانساني المشترك في اكثر من بيئة ثقافية كحال افلام : (معك) للمخرج الكولومبي كريستيان ميخا كارسال، (اختفى في الزرقة) للتركي عبد الرحمن اونير، (مجتمع) للفرنسي ينيس اشور، (وحدة) للروماني ليوف جودليكي، (مدينة الفضاء) للايطاليين فيريزيو بوني وجورجيو دي فينس، و(خلف المرآة) للمصري محمد ممدوح.. جميعها تطوف في مناخات اجتماعية وسياسية وثقافية، مزنرة بجماليات سردية شديدة الافتتان والعذوبة برؤى تنهض على قدرات وابتكارات صانعيها، مثلما تتأرجح على دفتي مخيلة رحبة وواقع بائس شديد القسوة.

الرأي الأردنية في

09.01.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)