كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

فيلمهما الجديد على أبواب الجوائز

الشخصيات الغريبة للأخوين كووَن قلقة وطموحة ومعزولة في وقت واحد

هوليوود: محمد رُضا 

 

أحد أكثر الأفلام احتفاء هذا العام هو «داخل ليووَن ديفيز» وذلك منذ عرضه في مهرجان كان الفرنسي ربيع عام 2013 وإلى اليوم حيث هو معزّز بترشيحات النقاد والغولدن غلوبس و - بلا ريب - سيكون أحد الأفلام التي سيعلن ترشيحها رسميا إلى الأوسكار بعد نحو شهر من الآن.

«داخل ليووَن ديفيز» عمل جيّد جدا على أكثر من مستوى، وفي المقدّمة مستوى تعامل المخرجين الشقيقين مع الشخصية الرئيسة التي هي ترداد معيّن لشخصياتهما الأخرى في أكثر من فيلم سابق لهما.

شخصيات الأخوين إيتان وجووَل كووَن المتكررة في أفلامهما، هي لتلك المهزوزة وذات الخطوات غير الواثقة في الحياة. أحيانا هي الشخصيات التي يصح القول عنها إنها «همشرية». ليست هامشية أو مهمشة حتى ولو لم تكن في الصدارة أو فوق عادية، ولا يهتم الأخوان كووَن لهذه الميزة أساسا لأنها تتطلب كتابات مختلفة. ما يهمهما أن هذه الشخصيات تتعامل عادة مع دواخلها ولا تستطيع دخولها. لا تعرف ما تريد ولا هي واثقة من أن المجتمع الذي تعيش فيه سيؤمن لها ما تبحث عنه حتى إذا ما عرفته تحديدا.

هذا المنوال من الشخصيات نجده في تلك التي لعبها جون تورتورو في «بارتون فينك» (1991) وفي تلك التي أدّاها تيم روبنز في «هدساكر بروكسي» (1994) وجف بردجز في «ليبوسكي الكبير» (1998) وهو الدور الذي جسّده مايكل ستولبيرغ في «رجل جاد» (2010) كما هو في شخص ليووَن ديفيز في فيلمهما الحالي «داخل ليووَن ديفيز» كما يؤديه أوسكار أيزاك.

هذا ممارس في نحو نصف الأعمال التي يكتبانها وينتجانها ويخرجانها معا حتى حينما يتولّى أحدهما بعض الجوانب ويتولى الثاني جوانب أخرى. النصف الثاني متنوّع. شخصياته مختلفة فيها أحيانا نتف من شخصيات أخرى بعضها في أفلامهما والبعض الآخر مستوحى. هذا واضح في «تربية أريزونا» (1984) و«عبور ميلر» (1990) و«فارغو» (1996) و«أيها الأخ، أين أنت؟» و«قسوة بالغة» (2003) و«قتلة السيّدات» (2004) ثم «لا بلد للمسنين» (2007) و«أحرق بعد القراءة» (2008) و«عزم حقيقي» (2010).

* الحي والميت

* وُلد جووَل في التاسع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1954 وولد إيثان في الحادي والعشرين من سبتمبر (أيلول) سنة 1957 وترعرعا في ضواحي مدينة مينيابوليس. يتولى المراجعون القول إنهما أحبا السينما منذ الصغر. جووَل اشترى كاميرا سوبر 8 ومعا انطلقا يصوّران أفلاما يستمدان قصصها مما شاهداه على شاشة التلفزيون. في عام 1981 اشتغل جووَل مساعد مونتاج في فيلم سام ريمي The Evil Dead وبعد ذلك بثلاثة أعوام حققا فيلمهما الروائي الطويل الأول «دم بسيط» Blood Simple هذا اختصار لتاريخ شخصين لا يخرج عن كونه عاديا في مطلق الظروف. لكن الموهبة التي أبدياها لاحقا لا يمكن نكرانها. بل حتى منذ فيلمهما الأول سنة 1984 عكسا ذلك القدر المناسب من الإلمام ليس بالكيفية فقط بل بالاحتياجات الإنتاجية لتكوين الصورة المناسبة للفيلم الواحد.

أفلامهما متعددة لا في القصص وحدها بل في الأنواع وفي المكان وأحيانا كثيرة في الزمان. وعلى سبيل المثال فقط فإن «دم بسيط» فيلم نوار تكساسي، «بارتون فينك» كوميدي داكن تقع أحداثه في لوس أنجليس الخمسينات، «نشأة أريزونا» كوميدي آخر من نفس النبرة الداكنة تقع أحداثه في أريزونا و«فارغو» بوليسي تقع أحداثه في بلدة فارغو في ولاية نورث كارولاينا. لكن إذا ما كان هناك موضوع جامع بين الأفلام جميعا، فهو تلك الدكانة التي تطغى على الأماكن والأجواء والأحداث والشخصيات بعضها على بعض.

شخصيات الأخوين كونها مبنية على هذا الأساس توفر بعدا من العدمية. رجل القانون في «لا بلد للمسنين» (تومي لي جونز) والقاتل الطليق (جافييه بارنام) وجهان لعملة واحدة في هذا الإطار. لا الأول في صدد بناء عالم بلا جريمة ولا الثاني لديه أي احتمال لأن يعي مغبة ما يقوم به فيقلع عنه. في «دم بسيط» التحري المخادع (م. إيمَت وولش) ولا الزوج (دان هدايا) الذي يريد التخلّص من زوجته (فرنسيس مكدورماند - زوجة جووَل كووَن الفعلية) شخصيتان تصلحان للاحتذاء بأي منهما ولا الزوجة في هذا الفيلم المبني على شك الزوج، الذي يملك الحانة، بخيانة زوجته مع مدير عمله، أكثر من انعطاف جديد في الحكاية التقليدية حول الزوج الذي يستأجر تحريا خاصا وقاتلا للتخلص من زوجته وعشيقها على عكس أغنية «ذا فور توبس» التي نسمعها في الختامات (كما في مشهد تنظيف العشيق لمسرح الجريمة بعد اكتشافه مقتل رئيسه معتقدا أن الزوجة هي القاتلة) والمعنونة «إنها الأغنية القديمة ذاتها» It›s the same old song لأن من يحيا ومن يموت هو أمر آخر يتدخل فيه الأخوان عنوة. لذلك وبينما يبنيان حكايات جديدة النوع ومتعوب على سيناريوهاتها، يميلان إلى استخدام شخصيات يجعلانها عرضة للسخرية (وأحيانا للكراهية أو عدم الاحترام كما حال الشخصيتين الرئيستين في «قسوة لا تطاق» (2003) وليس منها من هو إيجابي. حتى تلك المحتارة والقلقة والمسكينة في «بارتون فينك» و«رجل جاد» و«داخل ليوتن ديفيز» يوفّر لها الأخوان عوامل إدانة من صميم ما يخالجها من لا يقين.

* النوع الطاغي

* جزء من المشكلة هنا هي ميل الأخوين إلى صنع شخصياتهما من خيالهما وليس من الواقع ما يكشف أن علاقتهما الاجتماعية والوجدانية مع العالم المحيط (مع البشر في هذا العالم تحديدا) ضيقة ومنطوية (كحال بعض أبطاله مثل جون تورتورو في «بارتون فينك» وجف بردجز في «ليبوفسكي الكبير» أو جافييه باردام في «لا بلد للمسنين»). في حين أن عدم الاستعانة بشخصيات واقعية مسألة تحتم استخدام شخصيات يمكن إجبارها على التصرّف حسب الرغبات الخاصة للأخوين كووَن، إلا أن الحسنة هنا هي وجود شخصيات مثيرة للاهتمام حتى وإن لم تثر الإعجاب.

في الواقع لا يقدّم المخرجان أي شخصية يمكن أن تثير الإعجاب ومراجعة أعمالهما كافة تؤكد ذلك. وذلك باستثناء محدود لشخصية فرنسيس مكدورماند في «فارغو» (حكاية شريف بلدة امرأة عنيدة في متابعة تحقيقها حول ألاعيب بائع سيارات استأجر قاتلين لخطف زوجته) وليس - مثلا - في «أحرق بعد القراءة» (امرأة لديها وثائق سريّة تقوم بتسريبها إلى مسؤولين في السفارة الروسية).

لا عجب إذن أن أفلامهما حتى الآن (تسعة عشر عملا روائيا) تخلو من سيرة حياة. والغالب أنهما لن يقبلا على هذا النوع من الأعمال مطلقا.

هذا ما يقودنا إلى سينما الأنواع التي عمد إليها الأخوان كووَن إلى اليوم مع العلم أن تقييم كل فيلم على حدة، وبعد الإلمام بما يجمعها من أمارات وملامح، سيكشف عن أنها ليست متساوية نوعيا وكأعمال فنية.

النوع الطاغي هو النوع البوليسي وتحت مظلته نجد أنماطا أصغر «دم بسيط» (فيلم نوار) و«عبور ميلر» (غانغستر) فـ«فارغو» (جريمة بوليسية)، و«الرجل الذي لم يكن هناك» (جريمة) و«لا بلد للمسنين» (فيلم نوار حديث)، «أحرق بعد القراءة» (تشويق عام).

النوع التالي كوميدي ساخر وبعض منه نافذ إلى كل ما سبق كنبرة داخلية. وهذا النوع نجده في «نشأة أريزونا» و«بارتون فينك» (عن هوليوود) و«رئيس هدسكر» (عن المؤسسة) و«ليبوفسكي الكبير» (عن شخصية لا مكان لها في المجتمع السائد) ثم «أيها الأخ، أين أنت» (عن سجناء هاربين) و«قسوة بالغة» (كوميديا اجتماعية) و«قتلة السيدة» (كوميديا بوليسية) و«أحرق بعد القراءة» (كوميديا جاسوسية) و«رجل جاد» (سخرية من الشخصية اليهودية علما بأنهما يهوديان).

الفيلمان الباقيان من هذا الجمع هما «عزم حقيقي» (2010) و«داخل ليووَن ديفيز» (2013). الأول وسترن والثاني أكثر جدّية في الحديث عن الحلم الأميركي الذي لا يمكن تحقيقه.. ليس مع شخصيات من تلك التي يبتكرها المخرجان.

* عالم للصغار

* القول إنهما أخرجا أفلاما كوميدية لا يعني أنهما أخرجا أفلاما للضحك. المرء لا يضحك كثيرا في أي من تلك المواقف التي يحشدانها في «قتلة السيدة» أو «أحرق بعد القراءة» أو «قسوة لا تطاق». من ناحية تسليتهما مشروطة ومن أخرى تمتزج القسوة والدكانة والسخرية من الشخصيات ومما تتعرض إليه بحيث تجعل الضحك البريء صعبا إن لم يكن مستحيلا.

معظم ما حققه المخرجان من أفلام هو من كتابتهما معا (في «رئيس هدسكر» بالمشاركة مع المخرج سام رايمي) لكن هناك اقتباسان روائيان هما «لا بلد للمسنين» المأخوذ عن رواية لكورماك مكارثي و«عبور ميلر» المقتبس عن روايتين لداشيل هاميت هما «حصاد أحمر» و«مفتاح زجاجي». الرواية الثانية كان أخرجها فرانك تاتل فيلما من بطولة جورج رافت سنة 1934 وأعاد بعثها إلى الشاشة ستيوارت هايسلر سنة 1942 من بطولة ألان لاد.

فيلمان من مجموعة أعمال كووَن هما إعادة صنع لفيلمين سابقين وهما «قتلة السيّدة» المنقول، بتصرّف، عن «قتلة السيّدة» كما أخرجه ألكسندر ماكندرك سنة 1955 (من بطولة أليك غينس وهربرت لوم وبيتر سلرز وسيسيل باركر من بين آخرين) والثاني «عزم حقيقي» True Grit المأخوذ عن فيلم وسترن شهير لهنري هاذاواي (1969). والأصل أفضل من النسخة الجديدة لكلا الفيلمين.

لكن ذلك لا يعني أن عوالمهما ليست مشيّدة بناء على معطيات أدبية أو فنيّة. «دم بسيط» يحمل في جوانبه عالم الكاتب البوليسي جيمس و«عزم حقيقي» هو وسترن يقترب من التقليدي، وفي «رئيس هدسكر» ملامح من سينما برستون ستيرجز الاجتماعية.

كل هذه الأفلام لا تتساوى فنا ومن منطلقات نقدية مع بعضها البعض.

يخسر المخرجان أميالا عدّة عندما يطآن أرض مدينة كبيرة كحال «رئيس هدسكر» و«قسوة لا تطاق». هما أنجح حين يؤمّان عالما ريفيا في بلدات صغيرة كما الحال في «فارغو» أو «لا بلد للمسنين» أو «دم بسيط». حتى «بارتون فينك» أفضل من «ليوفسكي الكبير» وكلاهما يدور في مدينة لوس أنجليس لكنها لوس أنجليس الأربعينات في الأول: أصغر، أبسط، أكثر طواعية لعالم مصنوع (وليس واقعيا) بشخصياته الخارجة من الورق.

شخصيات آل كووَن شخصيات حالمة ومحبطة حتى قبل إخفاقها: بارتون فينك (تورتورو) كاتب سيناريو غير معروف موعود فجأة بالشهرة التي لا تتحقق. ليبوفسكي (جف بردجز) شخص يعيش أوهامه منعزلا إلى أن يكتشف أنه محط خطأ في الهوية ما يجعله مهددا بالقتل. الشريفان إد توم (تومي لي جونز) في «لا بلد للمسنين» ومارج (فرنسيس مكدورماند) في «فارغو» رجلا قانون ليس لديهما خيار ولا وهم بالإنجاز. وأبطال «دم بسيط» و«الرجل الذي لم يكن هناك» و«يا أخ، أين أنت؟» و«أحرق بعد القراءة» مخدوعون لا ينجزون ما يحلمون به خيرا أو شرّا.

هذا ما يعيدنا إلى كنه هذه الشخصيات الحائرة والقلقة وغير الواثقة. نسبة إلى المخرجين في بعض تصاريحهما، هذه الشخصيات مفضلة لأنها أكثر «حقيقية» من شخصيات هوليوود المعتادة. لا بطولة في شخصيات كووَن صغيرة أو كبيرة لأن المفهوم غير صحيح في الأصل. تفسير لا يمكن سوى احترامه مع الحذر منه في الوقت ذاته. فمعاداة النمط الهوليوودي قد يمضي في سبيل توفير شخصيات لا تعمل بالضرورة ضمن المنطق. لكن ما يحتاجه إيثان وجووَل كووَن هو بالتحديد هذا المضي لتعزيز شخصيات لا تنتمي إلى السائد (في الوقت الذي قاما به بتحقيق أفلام أريد لها أن تكون جماهيرية بحتة مثل «عزم حقيقي» و«قتلة السيّدة» و - خصوصا - «قسوة لا تطاق»).

في إطار الشخصيات المخفقة يأتي فيلمهما الأخير «داخل لووَن ديفيز» حول مغني غيتار منفرد في مطلع الستينات، وللون غنائي أميركي معروف باسم «كانتري أند وسترن». ليس نجما ولا حتى مطربا معروفا على نطاق معين، بل ساع يتخبط بين ما هو وهم وما هو واقع. وهو ليس على وتيرة مسالمة مع الآخرين، بل يتسبب دائما في إزعاجهم ولو أنه لا يعرف ذلك معرفة وثيقة. كل ما يعرفه أن لديه رأيا فوقيا حين يصل الأمر إلى وضع الآخرين حياله ووضعه في المجتمع الذي يضن عليه، تبعا لتفكيره على الأقل، بالفرص. هذه الشخصية هي أقرب إلى شخصيّتي كووَن السينمائيتين على الأقل، علما بأن ما هو سينمائي منسوج مما هو شخصي.

كووَن كثيرا ما يضعا البطل ضد النظام لكنه لن ينتصر لأن النظام أقوى.

الكاتب جون تورتورو ضد المنتج مايكل لرنر في «بارتون فينك».

الخريج الجديد تيم روبنز ضد مسؤول المؤسسة الاقتصادية بول نيومان في «رئيس هدسكر».

مايكل شتولبيرغ ضد المؤسسة الدينية في «رجل جاد» (مصطلح يعني بالعبرية «يهودي مؤمن») والمؤسسة المدرسية في بلدته الصغيرة.

وسنجد أن عددا من شخصيات الأخوين كووَن الأخرى ضد كل شيء مؤسس مسبقا. بكلمات أخرى، عالم يصنعه الأخوان كووَن يحاول أن يكون بديلا لعالم موجود ويخفق.

الشرق الأوسط في

04.01.2014

 
 

اتسمت الأعمال الجديدة باللجوء إلى الحوار التلقائي والتصوير والاعتماد على وجوه جديدة

أحداث الثورة أعادت السينما المصرية إلى الواقعية

القاهرة: «الشرق الأوسط» 

شهد عام 2013 تطورا في طبيعة الأعمال السينمائية المصرية بما يمكن اعتباره موجة سينمائية جديدة أو طفرة في موجة بدأت خلال الأعوام الثلاثة السابقة، الأبرز فيها العودة إلى الواقعية والتركيز على موضوعات مجتمعية وغياب أفلام الحركة والكوميديا الخالصة والتخلي عن نجوم الشباك.

وتتباين الأسباب بين انشغال الجمهور عن السينما بمتابعة الأخبار وعزوفه عن أفلام الحركة بسبب ما تعرضه قنوات التلفزيون من أخبار عنيفة ومشاهد دموية بينما يمكن تفسير ظاهرة غياب النجوم وفق أسباب تجارية بينها عدم إقبال الجمهور على دور العرض السينمائي لأسباب اقتصادية وأمنية ما يجعل المنتجين يفضلون عدم التعاقد مع نجم كبير يتقاضى أجرا باهظا خوفا من عدم تحقيق إيرادات.

واستعرضت وكالة الأنباء الألمانية جانبا كبيرا من أفلام 2013 التي يظهر فيها زيادة جرعة الواقعية واللجوء إلى الحوار التلقائي والارتجال أحيانا والتصوير في مناطق حقيقية، بعيدا عن أماكن التصوير المعدة مسبقا والاعتماد على وجوه جدد أو ممثلين مغمورين إضافة إلى نجوم الصف الثاني والثالث. ويعد فيلم «الشتا اللي فات» للمخرج إبراهيم البطوط نموذجا للموجة السينمائية الجديدة حيث شارك في كتابته أربعة مؤلفين، هم ياسر نعيم وحابي سعود وأحمد عامر، إضافة إلى مخرجه واشترك في إنتاجه شركات مستقلة يملكها بطلاه عمرو واكد وصلاح الحنفي ومخرجه إبراهيم البطوط ويشترك في بطولته عدد كبير من الوجوه الجديدة وعدد من صناع السينما المستقلة الذين عملوا في الفيلم بالمجان دعما لصناعه.

وتدور أحداث الفيلم حول الأيام الأولى للثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك من خلال ثلاث قصص إنسانية الأولى لضابط في جهاز مباحث أمن الدولة والثانية لمقدمة برامج تلفزيونية والثالثة لمهندس كومبيوتر وجميعهم لهم أدوار أو علاقات وثيقة بأحداث الثورة في أيامها الأولى.

وفي فيلم «فرش وغطا» للمخرج والمؤلف أحمد عبد الله فقد تم تصوير الفيلم بالكامل في أماكن حقيقية بالعاصمة المصرية.

ويعتمد الفيلم صيغة جديدة لحوار محدود جدا بين الشخصيات مع التركيز على الحكي من خلال الصورة في إطار يدمج الشكلين الوثائقي والروائي للأحداث التي تدور حول أحد المسجونين الهاربين خلال الأيام التي تلت ثورة 2011 وفتح السجون والانفلات الأمني حيث يقوم السجين الهارب بالتنقل بين عدد من أحياء القاهرة العشوائية التي تعاني التهميش.

وغابت السينما المصرية عن تقديم أفلام الواقع لأكثر من عقدين بعد موجة قادها المخرجان الراحلان عاطف الطيب ورضوان الكاشف والمخرجون محمد خان وخيري بشارة وعلي بدرخان بينما لا يمكن بحال إنكار أن أفلاما من نوعية «هي فوضى» ليوسف شاهين و«دكان شحاتة» لخالد يوسف و«واحد صفر» لكاملة أبو ذكري و«بنتين من مصر» لمحمد أمين وغيرها هي أفلام أنتجت في السنوات الأخيرة، تنتمي إلى السينما الواقعية.

وتناقص عدد الأفلام السينمائية المصرية منذ اندلاع الثورة ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك في يناير (كانون الثاني) 2011 وازدهرت صناعة الأفلام التسجيلية والوثائقية مقارنة بصناعة الأفلام الروائية التي كانت الأكثر رواجا قبل ذلك.

وفي فيلم «الخروج للنهار» للمخرجة والمؤلفة هالة لطفي الحائز على أكثر من 10 جوائز دولية يغيب النجوم والممثلون المعروفون ويظهر موضوع واقعي وشخصيات واقعية وأماكن واقعية هي البطل الحقيقي في الفيلم الذي تدور أحداثه حول محنة أسرة فقيرة بأحد أحياء القاهرة الشعبية حيث الأب قعيد والأم ممرضة وابنتهما تواجه مشكلة في التعبير عن مشاعرها حيث لا تجد زوجا بعد أن تجاوزت الثلاثين من عمرها.

في فيلم «عشم»، تأليف وإخراج ماجي مرجان، يشارك في البطولة المخرج محمد خان والمخرج المسرحي محمود اللوزي وسلوى محمد علي وعدد كبير من الوجوه الجديدة. ويقدم الفيلم ست قصص متشابكة تحدث في أحياء مدينة القاهرة المضطربة التي تقبع على حافة التغيير حيث الأبطال يتنوعون بين باعة متجولين ولصوص وفتيات يبحثن عن العريس وشباب يبحث عن فرصة عمل.

ومن الأفلام التي تم عرضها في عام 2013 فيلم «بوسي كات» للمخرج والمؤلف علاء الشريف وهو من إنتاجه أيضا، ويقوم ببطولته عدد من الممثلين الشباب وممثلي الصف الثاني والثالث وتدور أحداثه في إطار كوميدي حول فتاة تدير محلا لتزيين النساء في منطقة شعبية ليرصد أسرار المناطق الشعبية وسكانها ومشكلاتهم.

أما فيلم «فتاة المصنع» للمخرج الكبير محمد خان وتأليف وسام سليمان فيعد أول إنتاج لشركة «داي دريم» للإنتاج الفني التي تشاركها الإنتاج شركتان حديثتا الظهور أيضا هما «ويكا» و«أفلام ميدل وست» والفيلم حاز على دعم سبع مؤسسات منها صندوق إنجاز التابع لمهرجان دبي السينمائي وصندوق دعم السينما التابع لوزارة الثقافة المصرية. وتدور أحداثه حول فتاة في العشرين تعمل كغيرها من بنات حيها الفقير في مصنع ملابس، وتعيش تجربة حب دون أن تدري أنها تقف وحيدة أمام مجتمع يخاف من الحب ويخبئ رأسه في رمال تقاليده البالية.

أما فيلم «فيلا 69» وهو الأول لمخرجته أيتن أمين وكتبه محمد الحاج ومحمود عزت فهو إنتاج مشترك بين شركة «فيلم كلينك» وشركة «أفلام ميدل وست» كما حصل على دعم من ملتقى مهرجان القاهرة السينمائي ومنحة تطوير من صندوق تمويل هوبرت بالس في مهرجان روتردام السينمائي الدولي. ويقدم رجلا في منتصف العمر يعيش في عزلة ببيته تأتيه شخصيات من ماضيه لتقتحم عزلته ونمط حياته الذي يتغير بعد وصول شقيقته وابنها ونتيجة لذلك يتعرض لتحول جذري في نظرته الجامدة للحياة.

الشرق الأوسط في

04.01.2014

 
 

ناقشن قضاياهن بأبعاد جديدة... حكَّمن الأفلام... وحصدن الجوائز

حضور نسائي بارز في «دبي السينمائي»

الوسط - منصورة عبدالأمير  

تميزت الدورة العاشرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي التي أقيمت في الفترة من 6 إلى 14 ديسمبر/ كانون الأول 2013، بحضور نسائي مميز، تمثل في كمٍّ لا بأس به من الأعمال التي ناقشت قضايا المرأة، حملت توقيع مخرجات مميزات وفنانات مبدعات. حصدت بعض هذه الأفلام جوائز المهرجان فيما كان لا بد من تقديم شهادات تقدير إلى أخريات ممن لم يسعف الحظ أفلامهن. كذلك كرم المهرجان مبدعات أخريات كما اختار بعضهن محكمات.

أعمال المخرجات بلغت نسبتها 40 في المئة من مجموع الأعمال التي عرضها المهرجان عبر مختلف برامجه، وعلى رغم أنه لم تخصص مبادرة خاصة بأفلام المخرجات السينمائيات، وكما أشار المدير الفني للمهرجان مسعود عبدالله علي «فإن حقيقة عرض المهرجان لأفضل أعمال السينما في الأسواق الناشئة يحمل إشارات كثيرة وواضحة عن مستوى المخرجات المشاركات وأعمالهن المقدمة، ويؤكد ضرورة تغيير وجهات النظر تجاه المجتمعات العربية التي يتضح مستوى تقدمها من خلال تزايد أعداد المخرجات وارتفاع مستوى نشاط سينما المرأة».

أفلام السينمائيات العربيات المشاركة ناقشت قضاياهن، لكن بطريقة غير مألوفة، فالمخرجات ناقشن قضاياهن من زوايا مختلفة، وتطرقن إلى مساحات قد يكون الحديث عنها طوباويّاً. تعاطفن مع المرأة في كل صورها، وقدمنها بصورة مختلفة، وربما أكثر إنصافاً.

الحبيب وأب كما الوطن

أحد الأفلام التي أثارت الاهتمام هو وثائقي الفلسطينية ميس دروزة «حبيبي بيستناني عند البحر» الذي تحدثت فيه عن علاقتها بالحبيب والوطن عبر مقاربتهما معاً. غاصت مي في مشاعر حبها وانتمائها إلى فلسطين «الوطن» ثم دلفت لتناول علاقتها مع الحبيب الذي تواطأ القدر ضده ليقضي في بحر كان قد منع عنه.

كذلك فعلت اليمنية سارة إسحق في الوثائقي «بيت التوت» الذي يتناول المتغيرات التي طرأت على المجتمع اليمني، حين تناولت علاقتها بوالدها الذي نشأت بعيداً عنه مع والدتها الاسكتلاندية، ثم عادت وهي فتاة يافعة لتختبر هذه العلاقة، تماماً كما تختبر علاقتها مع الوطن الذي أضحت تغيراته سريعة في الآونة الأخيرة.

دعيبس وصراعات العودة

مخرجات المهرجان انتقلن من المقاربات إلى صراعات الهوية الوطنية أولا ثم النسائية، كما في فيلم المخرجة الفلسطينية شيرين دعيبس «مي في الصيف» الذي تعود به بعد فيلم «أمريكا» الحائز جوائز المهرجان العام 2009.

تحكي شيرين الصراعات الثقافية والمجتمعية والنفسية التي تمر بها بطلة فيلمها الذي تشارك به مخرجة وكاتبة وممثلة، وتتنافس به على جوائز المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة.

تستعرض التقلبات النفسية التي تواجهها البطلة حين تضطر إلى العودة إلى بلدها. إذ يجب عليها مواجهة معارضة أمها المسيحية الزواج من زياد المسلم، والتعامل مع تمرد أختيها المراهقتين، ثم التعايش مع والدها الذي يتزوج ويغير حياته.

دعيبس قدمت فيلمين سابقين هما: فيلم قصير بعنوان: «أتمنى» (2006) وروائي طويل بعنوان: «أمريكا» (2009). فاز الأول بجائزة الصحافة وحصل على تنويه من لجنة التحكيم في مهرجان كليرمون فيران، كما فاز بجائزة المهر العربي لأفضل فيلم قصير من مهرجان دبي. أما فيلمها الثاني ففاز بجائزة «فيبريسكي» في «أسبوع النقّاد» في مهرجان كان السينمائي، وجائزة أفضل ممثلة في مسابقة المهر العربي في المهرجان.

مراكشي تسقط النظام

المخرجة المغربية ليلى مراكشي تستعرض قوة النساء وقدرتهن على التمرد وتغيير النظام، وذلك في آخر أفلامها «روك القصبة» الذي يتنافس على جائزة المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة، والذي حصد شهادة تقدير المهرجان لممثلته فاطمة هرنداي.

تميز العمل الذي شارك فيه النجم عمر الشريف، ببطولة نسائية شاركت فيها نجمات مثل المغربيتين مرجانة علوي، ولبنى الزبال، واللبنانية نادين لبكي، والفلسطينية هيام عباس.

يعد الفيلم، الثاني لمراكشي، وتدور أحداثه في مدينة طنجة المغربية، خلال التحضيرات لدفن الأب، وأثناء الانشغال بترتيبات العزاء، إذ تبرز كل الأسرار العائلية على السطح. ينهار النظام الذي صاغه الأب في السابق تدريجيّاً، وترغم نساء العائلة على مواجهة حقائق مرة.

الفيلم من تأليف وإخراج مراكشي التي سبق لها أن قدمت أفلاماً قصيرة مثل «أفق مفقود» (2000)، و»2 سنتس درهم» (2002)، و«مومو مامبو» (2003)، وفيلمها الروائي الطويل الأول «ماروك» (2005) الذي عرض في مهرجان كان السينمائي.

سجينات لكن... مسرحيات

المخرجة اللبنانية زينة دكاش تغوص عميقاً في التجارب المريرة لسجينات سجن بعبدا اللبناني في فيلمها الذي شاركت به في مسابقة المهر العربي للأفلام الوثائقية «يوميات شهرزاد». تستعرض في الفيلم مرارة تجارب السجينات لتهاجم بذلك مجتمعاً تحكمه العقلية الذكورية.

تصور دكاش في الفيلم تحضيراتها مع السجينات لتقديم أول عمل مسرحي داخل أسوار سجن نسائي عربي. ويأتي هذا العمل بعد الانتهاء من مشروع «شهرزاد ببعبدا» للعلاج بالدراما والمسرح الذي أقامته المخرجة على مدى 10 أشهر العام 2012.

يعد الفيلم ثاني وثائقي تقدمه دكاش، بعد «12 لبناني غاضب» الذي فاز بالجائزة الأولى في مسابقة المهر العربي للأفلام الوثائقية، وجائزة الجمهور في الدورة السادسة من مهرجان دبي السينمائي الدولي.

حصد وثائقي دكاش جائزة أفضل فيلم وثائقي عربي من لجنة تحكيم الاتحاد الدولي لنقّاد السينما (فيبريسكي) للأفلام الوثائقية، وحصلت ممثلته على شهادة تقدير في فئة جائزة المهر العربي للأفلام الوثائقية.

الطرزي... تفاصيل مختلفة للثورة

المخرجة المصرية سلمى الطرزي ناقشت بعض إفرازات ثورة بلادها في فيلمها «اللي بيحب ربنا يرفع إيده لفوق» الذي فاز بجائزة المهر العربي الوثائقي لأفضل فيلم. تستعرض قصة ثلاثة من نجوم الموسيقى الشعبية في مصر، الذين وجدوا أنفسهم، بعد الثورة المصرية، وبعد أن أصبحت الموسيقى التي يقدمونها موضة جديدة، ضيوفاً في برامج تلفزيونية، كما أصبحوا يقدمون عروضهم للصفوة. تتساءل الطرزي عما إذا كان أوكا وأورتيجا ووزة سيحتفظون بهويتهم كفنانين مستقلين أم سيتغيرون وتبتلعهم صناعة الموسيقى السائدة؟.

الطرزي قدمت العام 2004 أول فيلم وثائقي قصير لها بعنوان: «هل تعرف لماذا»، وفاز بجائزة مهرجان روتردام للفيلم العربي.

فاطمة... أفضل ممثلة... مرتين

وكما أبرز المهرجان المخرجات وأعمالهن، فقد توقفت لجان تحكيمه أمام بعض المواهب النسائية المميزة فسعت إلى إبرازها، كما فعلت مع الفنانة المغربية فاطمة هراندي التي حصلت على شهادة تقدير من لجنة تحكيم المهر العربي الروائي عن دورها في فيلم «روك القصبة»، وكذلك عن أدائها في فيلم «سرير الأسرار» الذي شارك في مسابقة المهر للأفلام الروائية الطويلة، وهو من إخراج جيلالي فرحاتي ويحكي قصة امرأة شابة تجبر على العودة بعنف إلى ماضيها مع والدتها التي حولت منزل العائلة إلى بيت دعارة.

كذلك أبرز المهرجان الأداء المميز الذي قدمته الممثلة المصرية ياسمين رئيس في فيلم «فتاة المصنع»، وذلك بمنحها جائزة المهر العربي الروائي لأفضل ممثلة، ويعد هذا الفيلم الرابع لرئيس بعد «اكس لارج» (2011)، «واحد صحيح» (2011) و»المصلحة» (2012).

أيضا حصدت المخرجة الإماراتية أمل العقروبي جائزة بنك الإمارات دبي الوطني عن فيلمها «أنشودة العقل»، وحصلت المخرجة الإماراتية على جائزة المهر الإماراتي لأفضل مخرج عن فيلمها «كتمان».

تكريم وتحكيم

المهرجان كرم أيضاً مخرجات وسينمائيات أخريات، لم يشاركن في المهرجان، لكن كان لهن وجود مختلف. المخرجة التونسية مفيدة التلاتلي كانت واحدة من هؤلاء النسوة اللواتي كرمهن المهرجان، إذ حل فيلمها «صمت القصور» في المرتبة الخامسة، في الكتاب الذي أصدره المهرجان بعنوان: «شغف السينما: قائمة مهرجان دبي السينمائي لأهم 100 فيلم عربي». الفنانة المصرية يسرا، التي حضرت المهرجان، والفنانة اللبنانية كارمن لبس، كُرمتا أيضاً في الإطار نفسه ضمن قائمة مكرمين عشرة وردت أفلام قدموها أو شاركوا فيها في كتاب المهرجان.

أما المخرجة السعودية هيفاء المنصور، فعادت إلى المهرجان هذه المرة عضواً في لجنة تحكيم المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة.

ومعروف أن المنصور انطلقت في عملها كمخرجة من مهرجان دبي السينمائي الدولي ومن مهرجان الخليج السينمائي وقبل ذلك من مسابقة أفلام الإمارات، حتى وصل أول أفلامها الروائية «وجدة» إلى قائمة الأفلام المرشحة لجائزة الأوسكار هذا العام.

دون الـ 25

شمل تكريم المهرجان للنساء، اليافعات هذه المرة، إعلانه التعاون مع مهرجان «الفتيات يؤثرن في عالم السينما» لتقديم «جائزة مهرجان دبي السينمائي الدولي للمخرجات الشابات» والمخصصة لطالبات الإخراج من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن أفلامهن القصيرة التي تعرض قضايا نسائية حول العالم.

وتأتي الجائزة لاكتشاف وتطوير المواهب السينمائية للمخرجات الطامحات إلى الاضطلاع بدورهن في عالم السينما محليّاً وعالميّاً، كما تتيح ساحة جديدة للتنافس أمام المخرجات دون سن الخامسة والعشرين.

الوسط البحرينية في

04.01.2014

 
 

"فيلا 69".. يسترجع ذكريات بين الحاضر والماضي

لبلبة: أشارك إلى جوار الشباب في الأعمال لأن هناك من ساعدني وأنا صغيرة

القاهرة - أحمد الريدي 

على أنغام موسيقى "كان أجمل يوم" لمحمد عبدالوهاب، تبدأ وتنتهي الأحداث، في فيلم "فيلا 69" الذي استقبلته دور العرض مؤخراً بمصر بعد أن شارك في مهرجان أبوظبي السينمائي في دورته الأخيرة.

الفيلم الذي قام ببطولته خالد أبو النجا ولبلبة وأروى جودة، في أول تجربة كتابية لمحمد الحاج ومحمود عزت، وأول تجربة إخراجية لآيتن أمين، وهو من إنتاج شركة "فيلم كلينيك"، حيث يدور حول "حسين" الذي يعيش في فيلا رقم 69، وقد تجاوز الخمسين من عمره، وهو مهندس معماري عاشق للموسيقى والغناء، تقتحم شخصيات ماضيه عالمه الحاضر، فتأتي أخته "نادرة" التي تجسد دورها لبلبة، لينتقلا معاً ما بين الحاضر والماضي.

أدقق جيداً في انتقاء أعمالي

لبلبة في مقابلة مع "العربية.نت"، أكدت أن سر موافقتها على العمل هو رغبتها في مشاركة الشباب روحهم العالية، مشيرة إلى أنها تدقق جيداً في اختيار أعمالها، وهو ما عرف عنها، وذلك رداً على كونها قررت أن تتفرغ لمساعدة الشباب في أعمالهم بعد أن كتبت تاريخاً طويلاً بأعمالها.

واعتبرت أن السيناريو الذي عرض عليها أعجبها للغاية، خاصة أنه يتحدث عن علاقة بين أخ وأخته، وهي التيمة التي نفتقدها كثيراً في السينما المصرية، ومن المرات القليلة التي تقدم بصورة ناجحة للغاية، نظراً لانتشار قصص العنف أو الكوميديا في السينما المصرية في الوقت الحالي.

هناك نجوم كبار يخشون العمل مع الجدد

وأوضحت لبلبة أن رغبتها في العمل مع الشباب ومنحهم خبرتها، تأتي كرد فعل لما قُدم لها وهي صغيرة، حيث وقف إلى جوارها كثيرون من الكبار، مشيرة إلى أن هناك نجوماً كباراً يخشون العمل مع الجدد حتى لا تكون هناك مساحة لهؤلاء أن يجربوا فيهم، ولكن لبلبة قررت العكس.

وشددت لبلبة على أن هناك روحاً جميلة سيطرت على العمل بأكمله، وهو ما ظهر منذ اللحظة الأولى التي طلب فيها المنتج محمد حفظي منها أن تقرأ السيناريو وتركز على شخصية "نادرة" المتواجدة بين الأبطال.

العربية نت في

04.01.2014

 
 

جذور السينما..

قراءات نقدية في جماليات بدايات الفن السابع

عمان – ناجح حسن 

يحتوى كتاب (السينما والجذور)، الذي ترجمه الناقد السينمائي المغربي الدكتور خالد أقلعي، جملة من الموضوعات التي تبحث في بدايات اساليب اللغة السينمائية قبل ان تشهد ما وصلت اليه من تطور وحضور لافت بابداعاتها الجمالية على مدى قرن من الزمان هو تاريخ الفن السابع.

يتضمن الكتاب الصادر حديثا عن سلسلة كتاب المجلة العربية بالرياض، خمسة فصول حملت عناوين: الصور المتحركة، الظلال الصينية، بداية السينما وتجربة المؤثرات الخاصة، الوحدة السردية للفيلم السينمائي، والكوميديا الصامتة، جميعها مستمدة من بطون نظريات وتيارات النقد السينمائي العالمي المعاصر، المثبت في موسوعات تاريخ السينما، بسطها الناقد أقلعي بلغة عربية ذات سلاسة وتكثيف ووضوح في الافكار والمفاهيم والمصطلحات الدارجة بهذا النوع من الدراسات والابحاث التي تعنى بشرط الابداع السينمائي.

يستهل اقلعي صاحب العديد من المقالات والترجمات السينمائية، الكتاب بالاشارة الى ان اشتغاله على هذا النوع من الموضوعات، جاء لندرة هذا النوع من القراءات النقدية بالمكتبة المغربية تحديدا، والعربية عموما، مثلما يؤكد الكتاب اهمية التوثيق لاشتغالات صناع الافلام العالميين على عناصر الصورة ومكوناتها السمعية البصرية، التي اسهمت في ميلاد هذا الحقل الابداعي، وقادته الى الانتشار في ارجاء العالم بمعزل عن اختلاف اللغات والبيئات والثقافات.

يسعى اقلعي المولود العام 1965 في تطوان والحاصل على الدكتوراه في الاداب أن يجعل القراءات تمتلك بنيتها النظرية الجمالية والفكرية الخاصة، من بين صنوف المعالجات النقدية، شارحا باسهاب خطى ومحطات تحولات اللغة السينمائية، من مظهرها البدائي المرتجل، الى نوع من الكتابة الابداعية المصممة بدقة وفعالية، بغرض احداث الاثر الفني المطلوب، قبل ان يعرض لتلك والظواهر والدلالات الرائجة في اشتغالات رواد الابداع السينمائي بالعالم .

ينهل كتاب (السينما والجذور) موضوعاته المتكئة على ثقافة نقدية سليمة، نزخر بالمعلومات والأفكار الغنية، بنظرة نقدية ومعرفية ذات رؤية تنحاز للذائقة التي يجري تعميمها على ثقافات انسانية متعددة، حيث تبرز اساليب مدارس وتيارات تعنى بدور العين السينمائية، كنافذة يطل منها المبدع على احوال اكثر من بيئة اجتماعية وسياسية واقتصادية، تغوص في التجريب والابتكار في انماط الفرجة وهي تتصدى لدواخل الذات وتخوض في غمار الحرب ودوافعها، بمصاحبة التطور في ميادين التقنيات السينمائية، كاشفا عن براعة وحذق في الوصول الى رؤى وافكار وقيم انسانية نبيلة مسيجة بتعابير جماليات يقف على حدود السحر الاتي من خيال رحب.

ولئن بدا الكتاب ظاهريا انه يحصر قراءاته النقدية في اشتغالات قامات السينما الرفيعة، وروادها الموزعين في فرنسا والولايات المتحدة، الا انه في عدد من المواقف ينطوي على استدعاء خجول لجهود اولئك الافذاذ في السينما الروسية والالمانية والايطالية والبريطانية .

تتالت مثل تلك الاصداء في صفحات وفصول الكتاب، بتدرج تاريخي تارة، وباستكشاف ممتع جذاب لعناصر اللغة السينمائية تارة اخرى، ساهمت فيه ترجمة أقلعي وامكاناته وقدراته النقدية، وهو ما وجههه على اختيار نصوصه من تلاوين الكتابات النقدية الشائعة في ادبيات السينما العالمية المعاصرة، والتي حضرت باعتناء والتزام وشغف بدنيا الاطياف والاحلام، وكانت النتيجة ان بدت اشبه بتلك اللقيات الثمينة والبليغة.

الرأي الأردنية في

04.01.2014

 
 

إسعاد يونس تتحدى «ألتراس ثقافة»

وتستعرض نفوذها لعرض فيلم «أسرار عائلية»

كتبت: ايناس كمال 

فى تطور جديد هددت المنتجة إسعاد يونس «ألتراس وزارة الثقافة» الذين تبنوا قضية وقف عرضه لأزمة فيلم «أسرار عائلية» بدعوى أنه تشويه صارخ للهوية المصرية وطمس لأى معلم من معالم الثقافة واستبدالها بعد عملية تجديد وإحلال بثقافة غريبة وغربية لا تتماشى والشعب المصرى.

«شكرا لأنكم عملتوا دعاية لينا ببلاش متقدرش أى شركة دعاية تعملها»، قالتها المنتجة لـ«ألتراس ثقافة» فى أول مكالمة تهديد لها بعد أن تقدموا برفع دعوى لوقف الفيلم بينما رفض مخرج الفيلم هانى فوزى تحقيقات نيابة العجوزة ولم يحضر الجلسة، ووفقا للقانون إذا تغيب فوزى عن الحضور فى الجلسة التالية سوف يواجه ضبطه وإحضاره بالقوة.

قضية الفيلم اتخذت مسارا قانونيا وأصبحت على مرأى ومسمع من صناعة السينما والمثقفين والمبدعين، أصبح للمنتجة قول آخر.

مؤسسو «ألتراس وزارة الثقافة» قالوا لـ«روزاليوسف»: إن قضية فيلم «أسرار عائلية» مثيرة للجدل فمن الغريب أن يتدخل مخرج الفيلم هانى فوزى ومؤلفه محمد عبدالقادر لمحاولة رفضه من لجنة الرقابة على المصنفات بعدما أبدت اللجنة موافقتها على الفيلم بشرط حذف 14 مشهدا بالفيلم بها محتوى أدبى مخل ومخالف للإبداع والهوية الثقافية المصرية.

المخرج والمؤلف يستميتان لمنع تعديل الفيلم وحذف المشاهد المخالفة، وبحسب «ألتراس وزارة الثقافة» ذلك لرفض الفيلم رقابيا حتى يتسنى لهم التقدم بشكوى للجنة التظلمات للسينما والتى حتما ستوافق عليه لوجود خالد يوسف مقرر اللجنة وعضوية إسعاد يونس، الموزع للفيلم.

لم تكن تلك المرة الأولى التى يتعرض فيها مخرج الفيلم هانى فوزى للانتقاد الشديد لأفلامه فقد سبقها أفلام «بحب السيما»، «الريس عمر حرب»، «بالألوان الطبيعية».

وفى تحدٍ آخر للوزارة أقامت «يونس» عرضا خاصا للفيلم فى شركتها دعت له العديد من النقاد والذين بالطبع أشادوا بجودته الفيلم ورقيه ودعموه.

وأكد مؤسسو «ألتراس وزارة الثقافة» أن لإسعاد يونس نفوذا قويا وسيطرة كاملة على صناعة السينما فى مصر.

«أسرار عائلية» لم يكن سوى ذريعة لمجموعة من الأهداف الشاذة والغريبة عن المجتمع المصرى «شذوذ، جنس، زنى محارم» هى سلبيات بالفعل موجودة، لكن ليست بالنسبة الفجة التى يتحدث عنها الفيلم، حرية الإبداع مكفولة لكن بعد أن يكون إبداع فعلا، فصناع الفيلم لم يكتفوا بعرض الحقيقة بتصرف درامى مبالغ به «قول حق يراد به باطل»، لكن جلبوا أرقاماً خاطئة ونسباً مغلوطة وعرض الفيلم القضية كما لو أنها بلا علاج.

وأبرز الفيلم دور المجتمعات الغربية فى تقبل الأمر وأن المجتمعات العربية مازالت تعانى من الجهل والتخلف فى تقبل عيوبها والتى لا علاج لها.

«الرقابة على المصنفات الفنية» بإدارة عبدالستار فتحى أجازت سيناريو الفيلم فى أبريل الماضى، لكنها طالبت بتعديل وحذف بعض المشاهد من بينها مشهد يجلس فيه البطل الشاذ جنسيًّا مع إمام أحد المساجد، واستقر «فتحى» بعد نقاش طويل على الإبقاء عليه، لكنه تشبث بحذف مشهد البطل وصديقه أثناء حديثهما عن علاقتهما الجنسية.

واستغل صانعو الفيلم أبطالاً شباباً بهدف الظهور السينمائى ولرفض الكبار الظهور فى فيلم من هذه النوعية لا يحترم ثقافة وذكاء الجمهور المصرى. وحينما يعبر الأدب عن «قلة الأدب» فلم يكن «أسرار عائلية» أول الأفلام المصرية التى تتحدث عن مثليى الجنس بل سبقته مشاهد متفرقة فى أفلام مثل «عمارة يعقوبيان»، «مرسيدس»، و«إسكندرية كمان وكمان»، و«حمام الملاطيلى»، و«قطة على نار» و«ديل السمكة»، خان صناع الفيلم أسلوب التلميح واحترام ذكاء المشاهد وهى من أبجديات الإبداع الفنى واستبدلوه بالتصريح الفج فى تحدٍ صارخ لوضع المجتمع واستغلال لحرية الفكر والإبداع.

وكان «ألتراس الثقافة» قد حصلوا على بنود تقرير الرقابة الفنية وملاحظاتها على فيلم «أسرار عائلية» وهى عدم التزام الشركة بالسيناريو المقدم للرقابة وتصوير الفيلم من السيناريو المرفوض رقابيا مخالفا لقانون الرقابة على المصنفات الفنية رقم 430 لسنة 1955 وتعديلاته.

وكانت ملاحظات الرقابة على السيناريو حذف بعض الكلمات التى بها ألفاظ شتائم وسب ومفردات دخيلة لم تعتد فى السينما المصرية وحذف عدة مشاهد تتضمن لقطات «بورنو» بين أبطال الفيلم ومشهد تظهر فيه امرأة عارية الصدر وحذف مشهد النهاية الذى أكد فيه البطل على استحالة الشفاء من مرضه بعد أدائه للعمرة.

وعلى الرغم من الجدل والأزمة الرقابية التى يشهدها «أسرار عائلية» محليا فإنه قد يتم عرضه بمهرجان دبى السينمائى الدولى العاشر، وذلك ضمن فعاليات سوق دبى السينمائى، حيث تقوم شركة

MAD Solutions والتى يرأسها اللبنانى الأصل المخرج «علاء كركوتى» بتسويق وتوزيع الفيلم عربياً وعالمياً خارج مصر، ويضم سوق دبى السينمائى مبادرات سينمائية تشمل دورة حياة الفيلم بأكملها.

المقـام.. محفـوظ

كتب : حسام عبد الهادي 

كلما هاتفته بادرته قائلا: زعيم الأمة العربية.. فيرد ضاحكا: سابقا.. فأقول له: حاليا ومستقبلا.. ثم نضحك ونبدأ الحديث.. فالزعامة من وجهة نظرى ليست حكرا على السياسيين فقط، لكنها صفة يستحقها كل من أثر فى الناس وفى المجتمع تأثيرا كبيرا،سواء كان سياسيا أو أديبا أو حتى إنسانا عاديا المهم أن يكون قدوة لمن بعده.

الزعامة موقف لايتبدل حسب بوصلات المصالح الشخصية، وهى أيضا لا تباع ولا تشترى لأنها ليست ملكا لصاحب اللقب، وإنما هى ملك لمن يمنحها له من عموم الناس، ممن آمنوا به وبأفكاره ومبادئه ومواقفه، والزعامة نوعان إما أن تكون سلطوية، وإما أن تكون روحية، والنوع الثانى هو الأكثر أهمية والأكثر شعبية، والأكثر تأثيرا لارتباطه بالوجدان وبالتأثير النفسى المباشر والممتد عبر جسور الإنسانية بين من يتصف بالزعامة وبين من يتبعه، مثلما كان.. غاندى.

الزعيم الذى أتحدث عنه الآن من النوع الثانى الذى يميل إلى فصيلة (غاندى) وهو كتلة من المبادئ والقيم التى لم يلمسها فقط كل من عاش أعماله المعجونة بهموم وأوجاع الوطن، وإنما كل من نال شرف معايشته فى الواقع كإنسان (دم ولحم وفكر وإنسانية طاغية).. هذه الإنسانية هى التى تجعل أعماله تنبض بنبض الواقع الذى نعيشه بحلوه ومره، وإن كان مره هو الأغلب حسب ماتوافينا به أعماله الأدبية، والتى تخرج علينا فى ثياب درامية أكثر روعة سواء كانت مسرحية أو تليفزيونية أو سينمائية، والتى استحق عنها جميعا ما استحقه مؤخرا، وإن كان هذا الاستحقاق قد تأخر بعض الشىء لمثل من هو فى قامته.. وإن ظل دائما.. المقام.. محفوظ.

حصول الكاتب الكبير (محفوظ عبدالرحمن ) والذى أحب دائما أن أطلق عليه (جبرتى الدراما المصرية) - نظرا للأعمال التاريخية الرائعة التى أمتعنا بها وظلت محفورة فى وجداننا، والتى أنصف بها كثير ممن ضاع حقهم وسط تصفية الحسابات والكيل بمكاييل عدة مثل (الخديو إسماعيل) و(جمال عبدالناصر) و(سليمان الحلبى) و(بيرم التونسى) - هذا (المحفوظ) - بفضل الله - الذى نال مؤخرا وسام (العلوم والفنون) من الدرجة الأولى بعد حصوله على جائزة (النيل) فى الآداب، كان يجب أن يستحق أكثر مما وصل إليه عشرات المرات، فما جدوى الدرب المفتوح شأن لم تعبره أقدام الأحياء؟ وماجدوى الجوائز الرفيعة إن لم يحصل عليها المبدعون الشرفاء؟ صحيح أن مايستحقه (محفوظ عبدالرحمن) جاء متأخرا بعض الوقت، ولكن.. أن يأتى متأخرا خير من ألا يأتى أبدا.

تكريم (محفوظ عبدالرحمن) لم يقف فقط عند حد (الوسام) وجائزة (النيل)، بل امتد ليصدر بحقه عدة كتب ودراسات تتناول مسيرة حياته وسيرته الذاتية منها- آخر ماصدر- (محفوظ عبدالرحمن.. مقاطع من سيرة ذاتية) لـ(سميرة أبوطالب) وتستعرض فيه أهم ملامح حياته الإنسانية والإبداعية، وتلقى الضوء فيه تحديدا على من أثروا فى هذه المسيرة التى ربما قد تكون هى المرة الأولى التى يأتى ذكرهم فى هذا المقام ومنهم والدته (فاطمة يوسف القاضى) التى تجدها حاضرة فى معظم أعماله الدرامية، والتى أعاد استنساخها فى حياته من خلال زوجته الرائعة (سميرة عبدالعزيز)- وإن كان للأم طعم وللزوجة طعم آخر، ( يوسف حنين) صديق والده الذى علمه معنى الكلمة، (سعد الدين وهبة) الذى بدأ معه (محفوظ) عمله الصحفى والأدبى هاويا فى مجلة (البوليس)، د.(محمد أنيس) أستاذ التاريخ الذى لازمه (محفوظ) عندما كان طالبا فى كلية (الآداب)، المخرج المسرحى الكويتى (صقر الرشود) الذى أخرج له (حفلة على الخازوق)، المخرج الأردنى (عباس أرناؤوط) الذى يعتبر جناح الإبداع الثانى لـ(محفوظ عبد الرحمن) بعد (الرشود) والذى أخرج له تسعة أعمال تليفزيونية منها (ليلة سقوط غرناطة)، (سليمان الحلبى)، (الكتابة على لحم يحترق) و(مصرع المتنبى).

محفوظ عبدالرحمن.. ليس مجرد حالة إبداعية فقط، لكنه أيقونة يسعد بها كل من يقترب منها، ويكفينى فخرا أننى واحد منهم.

مجلة روز اليوسف في

04.01.2014

 
 

روميو وجولييت:

قصة حب مات بطلاها.. ولا يزالان على قيد الحياة

محمود قاسم 

ناقد وروائي من مصر، رائد في أدب الأطفال، تولى مسئوليات صحفية عديدة في مؤسسة دار الهلال، كتب عشرات الموسوعات السينمائية والأدبية، فضلا عن ترجمته لعدد من روائع الأدب الفرنسي.

ما أجمل قصص الحب الخالدة، وما اشد تاثيرها فى الناس، خاصة الفنانين، يحاولون أن يجسدوها إما فى صورة لوحات أو أفلام أو مسلسلات درامية وإذاعية، وحكايات شعبية.

وإذا تابعت هذه القصص التى يحبها الناس فسوف ترى أن أغلبها يدور حول قصص الحب المستيحل يدفع ثمنه عشاق شباب، يؤكدون بسلوكهم أن الحب اقوى من الحياة ويختارون الموت، كما أنهم أقوى من الموت حيث تبقى هذه القصص خالدة فى ذاكرة البشر، تتجدد من جيل إلى آخر، ومن فنان إلى زميله.

عندما تتصفح مواقع المعرفة حول هذه المسرحية الخالدة روميو وجولييت على النت، سوف تكتشف أن هذه القصة الخالدة التى كتبها ويليام شكسبير عن وقائع حقيقية، قبل خمسة قرون، قد رسمها فى أحسن صورة فنانون عظماء تركوا لنا لوحات مبهرة تعبر عن مشاهد من وقائع غرام الفتى الصغير بحبيبته منذ أن التقاها إلى أن قرر الاثنان الانتحار، خاصة مشاهد اللقاء فى الحفل الراقص، فتولد الحب، ثم مشاهد عديدة منها موت الحبيبين متجاورين، إلا أن المشهد الأكثر شهرة دوما يمثل الشرفة التى التى صعد إليها روميو من أجل أن يشاهد حبيبته وهو المشهد الذى خلد القصة فى التاريخ الدرامى بما يعادل مشهد الانتحار المزدوج، باعتبار أن الشاب العاشق قد اثبت جرأته، وعمق مشاعره، فلم يشعر بأى خوف، وتسلل إلى منزله خصوم اسرته اللدودين، وشاهد ضوء الشرفة وصعد فوق الشجرة، وقفز إلى النافذة وكان اللقاء.. لم يأبه الحب للعداء، أو للخطر، وإنما كان كل هم الفتى هو أن يلمس حبيبته، وأن يلتقيها ولم تكن الفتاة الصغيرة بأقل اندفاعاً نحو حبيبها، وهى تستقبله، ثم وهى تستودعه.

هذا المشهد الرائع رسمه الفنان فورد مادوكس براون فى لوحة رائعة عام 1870 تصور الشاب وقد تمكن من الصعود إلى شرفة فتاته عن طريق الأجيال، وقد وضع نصف جسمه داخل الشرفة، وتمكن من تقبيل جولييت فى رقبتهان وقد أبدت استسلاما له، وهى تضع يدها اليمنى على صدره، بينما تغطى الزهور متعددة الألوان الشرفة والافق، وقد عكس الفنان أجواء الغسق بدلا من ظلام الليل كى يعطى لضوء الشمس الغاربة سحرا ملحوظاً، وكان هناك تقارب ملحوظ بين اللون الارجوانى لملابس العاشق الشاب، واضواء الشمس التى تذهب الى النوم.

كما أن الفنان الايطالى فرانشيسكو هايز قد رسم لوحة زيتية على كانافاه تحمل اسم “القبلة الأخيرة لجوييت من روميو” عام 1823 رسم فيها العاشق، وقد تمكن من الدخول إلى غرفة فتاته وحسب عنوان اللوحة فهو يكاد يغادر الغرفة، وقد بدت الفتاة فى قمة اغرائها، كأنها نالت من كاس الحب ما يشبعها، وايضا لعل ذلك يوحى انهما قد صارا زوجين، الا ان اللوحة هى ايضا للشرفة الخالدة، وقد وضع روميو يده اليمنى على باب النافذة مـتأهباً للخروج وقد أغلق العاشق اعينهما يتلذذ بحلاوة التقبل.

أما الفنان فرانكس ديكسى فقد بدا كأنه يرسوم لوحة زميله مادوكس بعد انجازها بعشرين عاما أى 1890، من منظور آخر، أى كأن كاميرا (ريشة ومنظور) الفنان ترى لوحة مادوكس من داخل غرفة جولييت، وقد مد العاشق قدمه اليمنى وارتدى الملابس نفسها، بينما وقفت الفتاة بمنامتها تتلقى قبلة حبيبها، وفى البداية فلعلك تتصور كأنما رسام واحد هو صاحب اللوحتين لشدة التشابه بين اللوحتين.

هذه الاعمال وغيرها، ومنها “المشهد الاخير” تعكس شغف الفنان التشكيلى بهذه القصة العاطفية الخالدة، ولا أستطيع أن أجزم أن مثل هذه الاحتفائية بالعاشقين قد قوبلت بها قصتنا الغريبة “مجنون ليلى” فى عالم الفن التشكيلى، لكن القصة نفسها، واطارها التاريخى، ساعدت الفنان التشكيلى فى أن ينهل من مشاهدها، وايضا ساعدت فنانين آخرين وعلى رأسهم مصمموا الازياء فى تصميم أعمال فنية نادرة واذكر أننى شاهدت باليه روميو وجولييت فى أوبرا مدينة فيلنوس عاصمة ليتوانيا فبدا الى اى حد تنافس الفنانون فى عمل كل مشهد او لقطة كأنك ترى مجموعة من اللوحات الفنية الكبرى.

لا تأتى أهممية تحويل هذه المسرحية إلى افلام سينمائية من خلال العدد الكبير للافلام التى تم اقتباسها فى كل اللغات، بما فيها السينما العربية، بل ان الكثير من هذه الافلام كان وراءها مخرجون بالغو الاهتمام والتميز، على رأسهم جورج كيوكر، وفرانكو زيفيرللى، وكما سليم وبازليرمان وبيتر اوستينوف، وقد تسابق مخرجون كثيرون فى اخراجها، سواء فى اطارها التاريخى القديم فى القرن الرابع عشر، أو فى العصر الحديث، حيث قدمها روبرت وايز فى أجواء مدينة نيويورك المعاصرة فى فيلمه “قصة الحى الغربى” الذى نال العديد من جوائز الاوسكار عام 1962، أما المخرج الاسترالى الأصل ليرمان، فقد صبغ الصراع الذى دار بين شباب العائلتين المتخاصمتين بدموية ملحوظة تدور فى مدينة فيرونا عام 1996 فى الفيلم الذى قام ببطولته ليوناردو دى كابريو قبل أن يقوم بدور عاشق آخر فى  فيلم “تيتانيك” وفى السينما المصرية فإن راضى، قد اقتبس الفيلم الذى قدمه ليرمان فى فيلمه “حبك نار” عام 2004.

مدينة فيرونا

قصة واحدة، حول الحب اليائس المستيحل رأيناها عشرات المرات بصيغات عديدة منها الكوميديا، والاستعراض، وفى كل الحالات فإن القصة الرومانسية تحركت بعبارات شكسبير ومصيرالابطال فاذكر أنه فى فيلم “روميو وجولييت” لباز ليرمان، فان الابطال العصريون كانوا يتلون الحوار الشكسبيرى فى المقام الاول. وفى هذا تناقض واضح بين شاعرية الحوار، وبين عنف الابطال الذين اسالوا دماء بعضهم البعض فوق أسفلت مدينة فيرونا.

مدينة فيرونا هذه شهدت الصراع بين عائلتين من أرقى العائلات، الاوى منتيجيو والثانية عائلة كابوليت “انه صراع أزلى، يعانى روميو من احتياج عاطفى، يتوجه الى حفل تنكرى لعائلة كابوليت حين يعرف أن روزالين مدعوة، وفى الحفل يقابل جولييت ابنة العائلة الخصمة، ويقع فى حبها على لافور، يعرف ابن عم جولييت الشاب تيبالث بالأمر، ويتشاجر مع روميو، إلا أن صاحب الحفل والد جولييت يتدخل لمنع الشجار، يذهب روميو فى الليلة الثانية أسفل شرفة جولييت ونعيش مشهد الشرفة الخالد ويتفقان على الزواج، ويذهبان الى القس ويتزوجهان سرا ، تقرر العائلة تزويج ابنتهم من تيبالث، يموت مرتوسنيو صديق وقريب روميو فى نزال مع تيبالث، يثأر روميو لمقتل صديقه، وينازل خصمه ويقتله ويهرب يحكم على الشاب بالنفى، وتموت أمه حزنا.. فى المنفى يعرف ان جولييت ماتت فى البواء، ويذهب الى مقبرتها، ويبكى عند تابوتها، ويقابل باريس ابن عمها ويشرب السم ويموت لكن جولييت قم تكن قد ماتت اذ هى شربت السم بدون مفعول، تتصالح العائلتان بعد رحيل العاشقين.

وقد تعمدنا أن نوجز المسرحية فى هذه السطور لنرى التفاصيل المتضاربة للاحداث، فقصة الحب المتفانى تنمو وسط اجواء مليئة بالعداء، والكراهية والمنافسات والخصومة، مما اسفر عن زواج سرى، وايضا علاقات سرية وزواج غير مطلوب، ودماء تتناثر ثم هروب ونفى وانتحار يائس، وسوء فهم ادى بدوره الى انتحار مزدوج حقيقى يقوم به كل من العاشقين تباعا.

لا شك ان العاشقة الايطالية قد كانت اكثر ايجابية من زميلتها العربية، حيث ان ليلى امتثلت لابيها وتزوجت من رجل آخر، بينما اكتفى حبيبها بفضها عبر قصائده اما روميو فكان عاشقا ايجابيا، قفز الى الشرفة، ونال ما يريد ثم تزوج.. وفى الوقت الذى رسم الفنانون أجمل اللوحات تعبر عن رومانسية القصة كما سبقت الاشارة، وان كانت هناك لوحات أخرى صورت الصراع القاتل بين شباب فيرونا.. أما السينما العالمية والعربية، فقد استفادتا من مسألة الخصومة بين عائلتين، وهو موضوع موجود فى المدن والقرى بانحاء البسيطة فى كل العصور، ورأينا معالجات سينمائية امتلأت بالتفاصيل حول العاشقين اللذين يعيشان فى قصة حب يغلفها المستحيل، وتحوط بها الصعاب، فكانت النتيجة الحتمية، والحقيقية ان اغلب القصص السينمائية العالمية قد انتهت بموت العاشقين، ابتداء بفيلم اخرجه جورج كيوكر عام 1936 قامت ببطولته فورماشيرر، وسوف نلاحظ أن أغلب من قاموا بأداء هاتين الشخصيتين فى افلام كثيرة كانوا من الوجه الجديدة وكان أصحاب هذه الوجوه ذوى عمر قصير فى السينما، عملوا فى افلام قليلة، ثم اختفوا ليبقى دور كل منهم فى روميو وجولييت هو الأفضل، مثل “اوليفيا هوسى” و”ليوناردو وايتنج” فى الفيلم الذى اخرجه فرانكوز زيفيرللى عام 1968، وهو من أبرز الافلام التى تم تقديمها حول الحب المستحيل فمن تاريخ السينما.

لفتت هذه المسرحية أنظار السينمائيين منذ بداية السينما الصامتة فى اوائل القرن العشرين على يدى الاخوان لوميير، وقد تنافست السينما مع المسرح لتقديم هذه الماساة العاطفية فكانت الشاشة تطل علينا فى فترات متقاربة لتقديم القصة بمعالجات متجددة تجذب المزيد من المشاهدين على مدى الايجال المتلاحقة من المشاهدين، ولعل من أشهر هذه الافلام ما قدمه الايطالى ريناتو كاستللانى عام 1954، فى فيلم حقق الجائزة الكبرى فى مهرجان فينسيا من بطولة لورانس اوليفييه، وكم تغيرت اسماء الافلام، لكن كان كل عداء بين العائلات فى البلاد يقابله حب جارف بين أبناء وبنات هذه الاسر فى افلام مثل “رومانوف وجولييت” اخراج بيتر استينوف، والفيلم الهندى “كايمات” عام 1988، وهو من بطولة اميرخان.

أما فى السينما المصرية فان هذه الوقائع تناسبت مع الواقع المصرى، سواء فى الريف أو المدينة، وشاهدنا القصة ما لا يقل عن سبع مرات منذ عام 1942، حين قدمها محمد كريم فى فيلمه “ممنوع الحب” فى اطار عصرى، وتغيرت الوقائع كثيرا.. حيث قام محمد عبدالوهاب بدور العاشق الذى يخبر اهله انه سيتزوج ابنة الخصوم كى ينتقم من الاهل، بأن يسوفها العذاب، وبالطبع لم تمت جولييت العصرية كالعادة وكما سنرى عام 2004 فى فيلم “حبك نار” لايهاب راضى، وفى عام 1947 قدم ابراهيم المسرحية فى اطار “البدوية الحسناء” كما أن حسين عمارة قدم القصة نفسها فى فيلمه “قصة الحب الغربى” المأخوذ عن فيلم امريكى بالعنوان نفسه، اكثر من المسرحية.. وفى عام 1965 قدم عبدالعليم خطاب القصة بشكلها الدموى فى قصة بدوية تدور فى منطقة “العلمين” وهى معالجة لم يكتب لها النجاح الا ان ابرز ما فيها هو قيام المطرب ابراهيم حمودة بالغناء.

ابراهيم حمودة هو الذى قام بدور روميو “بدر” فى الفيلم الاكثر اهمية المأخوذ مباشرة عن مسرحية شكسبير، فى فيلم “شهداء الغرام” عام 1944، من اخراج كمال سليم الذى بدا مشدوها بالنص فأخرجه فى اجواء تاريخية اقرب الى فيرونا التاريخية وعاد بنا الى عصر المماليك وقد جسدت ليلى مراد هنا دور وفاء “جولييت” حيث الصراع على أشده بين أسرتى الجزار والشريف، وقد التزم السيناريو الذى كتبه المخرج بالنص الشكسبيرى كما حكيناه، فرأينا الحب والانتقام والخصومة، والصراع، واضاف النص من عندياته اغنيات ليلى مراد، ورأينا بدر يهرب من السجن، حيث ينتظر الاعدام بعد ان قتل خصمه، ابن عم وفاء وخطيبها، اما وفاء فان رجلا طيبا يعطيها سما بغير ذى مفعول، كى تموت بشكل مؤقت، ثم تصحو بعد ساعات، ويأتى بدر لاخراجها من المقبرة ليجدها جثة هامدة، وينتحر اعتقادا منه انها ماتت الا انها تصحو لتجد بدر ميتا فتنتحر بدورها، وهكذا يعتبر الفيلم هو الاقرب الى نص شكسبير لكن الغريب ان الفنان التشكيلى العربى لم يرسم هذه اللوحات بالطريقة التى تحدثنا بها فى بداية المقال.

آسيا إن في

04.01.2014

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)