كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

خاص بـ«سينماتك»

 

ذات مرة في هوليوود:

المدينة السينمائية تتفوق في وحشيتها على الغرب الأمريكي

بقلم: رايفين فرجاني/ خاص بـ«سينماتك»

 
   

   
   
 

·      ناقد وباحث سينمائي وكاتب روائي

·      قاهري من مواليد الجمالية 6/6/96 وأصول صعيدية تنتمي إلى أسيوط، ديروط الشريفة

·      غير حاصل على أي شهادات جامعية أو ثانوية، وتحصيله الفكري بالكامل ناتج عن تعليم ذاتي، والده هو من علمه القراءة والكتابة

·      كاتب ومحرر في صحيفة عدسة الفن. https://www.adast-alfn.com/

·      كاتب في منصات مختلفة: أراجيك, إضاءات, لأبعد مدى, عرب كوميكس, عين على السينما

·      كاتب في دار يافي للنشر والتوزيع

·      يعمل على عدة إصدارات لم تنشر بعد بسبب الجائحة؛ روايات وقصص قصيرة وكتب وحتى كوميكس ومانجا

·      مؤسس ومدير صفحات الأدب المصور وكوميكس مانجا Comics Manga والرعب Horror Terror

 

رايفين فرجاني

 

 

ذات مرة في هوليوود:

المدينة السينمائية تتفوق في وحشيتها على الغرب الأمريكي

بقلم: رايفين فرجاني/ خاص بـ«سينماتك»

 

القصة

ـــــــــــــ

[1] الحبكة

ـــــــــــــــــــــــ

يحكي الفيلم عن معاناة ممثل أمريكي -ريك دالتون Rick Dalton- بسبب التغييرات التي حدثت في صناعة السينما بهوليوود في الستينيات وتأثيراتها السلبية على مسيرته الفنية التي تنعكس سلبا على صديقه وشريكه كليف بوث Cliff Booth.

ويصادف به أن يكون منزله مجاورا لمنزل المخرج المتألق رومان بولانسكي Roman Polanski وزوجته الممثلة الصاعدة بقوة شارون تيت Sharon Tate. ويسرد الفيلم خطان متوازيان لريك وشارون وصولا إلى نقطة التلاقي,والمتمثلة في حدث هجوم عائلة مانسون Manson Family.

الخط الأول للحبكة يسرد قصة ريك دالتون وهو ممثل على قدر من الشهرة يعاني من آثار فترة التحول في هوليوود التي أنهت عصر أفلام رعاة البقر -المساحة التي اشتهر فيها- وبدأت عصر جديد. يرافقه صديقه كليف بوث ومؤدي المشاهد الخطرة بديلا عنه,وعلى ذلك ينعكس مصير ريك الفني على مصير كليف المهني سلبا أو إيجابا.

الخط الثاني يجذب المتلقي لمشاهدة تفاصيل حياة الممثلة شارون تيت قبيل ليلة مقتلها.

كاتب السيناريو هو ذاته مخرج الفيلم كوينتين تارانتينو Quentin Tarantino الذي أستغرق في كتابة السيناريو خمسة سنوات,وهي فترة طالت ليس لبراعة السيناريو بل لتردد تارانتينو في الإرتكاز على نقطة معينة يروي منها قصته,وذلك واضح من سياق السرد المستخدم في الفيلم الذي أتى متذبذبا إلا أنه لم يخفت وهج هذا العنصر الذي يميز تارانتينو مع الحوارات الساخرة. الأخيرة جاءت بشكل ممتع وأكثر من جيد في الفيلم إلا أن السرد يمكن وصفه بـ نصف خطي وهو الأمر الذي أختلف عن إسلوب تارانتينو اللاخطي في السرد.

 

[2] الإيقاع

ـــــــــــــــــــ

[1] الإثارة

ـــــــــــــــــــ

في الكثير من النقديات تم التأكيد على أن الإيقاع بالفصل الأول من الفيلم كان مملا للغاية. بل وذهب البعض في تحليلهم أن ترانتينو تعمد توصيل هذا الملل للمشاهد لإيصال معنى معين. وإن كنت سأزيد على ذلك فأقول أن ترانتينو تعمد أن يكون الفصل الأول مملا للبعض لإيصال معنى,وممتعا للبعض لإيصال غاية أخرى. حيث بدأت المتعة بالنسبة للكثيرين مع الفصل الثاني من الفيلم,رغم أنها موجودة مع بداية الفيلم إلى نهايته,هي فقط تحولت إلى النوع المعروف في الفصل الثاني. هذا التحول نوضحه بتوضيح أنواع الإثارة التي تنتج عنها متعة المتلقي. وتنقسم الإثارة الجمالية إلى نوعين؛الإثارة التشويقة والإثارة الإبهارية. تلك الأخيرة هي التي بدأت مع الفيلم وأستمرت حتى نهايته وصحبها التشويق بدئا من الفصل الثاني.

الإثارة التشويقية هي التي تثير لدى المتلقي مشاعر الترقب والمفاجأة,أما عن الإثارة الإبهارية فهي التي تثير مشاعر العجب والدهشة والإنبهار. الفرق بين الأولى والثانية هي التشويق والإبهار. الأولى تمثل القيم الجمالية الشعبية,والثانية هي الأقرب إلى القيم الجمالية المتعالية.

 

أولا التشويق

ــــــــــــــــــــــ

تم بناء التشويق في الفيلم على عدد من العناصر,العنصر الأول فيها هو الشخصيات. أول تلك الشخصيات هي شارون تيت,حيث يكفي فقط حضورها في العمل لخلق صورة أولية مؤكدة للمشاهد عما هو مقبل عليه,حتى لو تمثل هذا الحضور في وضع إسمها فقط على بوستر الفيلم مرتبطا بمارجوت روبي,أو في القصة الدعائية للفيلم,بدون أي ظهور فعلي لها,وهو ما لم يحدث بأي حال من الأحوال. بل نالت ثلث المساحة السينمائية في ظهورها على الشاشة -وإن أتى طفيفا بعيدا أقرب إلى السطحية بالنسبة للبعض- وظهرت في مقتطفات جميلة من حياتها الإجتماعية والفنية. وهي مقتطفات وضعها الكاتب ونفذها المخرج وأدتها الممثلة بهدف توظيفها للإستفزاز العاطفي والتحفيز التشويقي المبني على معرفة مسبقة لدى المشاهد للمصير الأسود الذي ينتظهر هذه الشابة الملائكية,وعلى ذلك يثير المخرج تعاطفنا مع الضحية التي تملك خلفية واقعية,خاصة مع كل ما جرى لها في خاتمة حياتها.

يعيب هذه النقطة فقط أمران,الأول أن الكاتب / المخرج اعتمد على المعرفة المسبقة للمشاهد الأمريكي بحادثة مقتل شارون تيت,وأسرف في المحلية لدرجة أنه تجاهل تماما المشاهد العالمي,الشرقي أو العربي أو ربما الأوروبي حتى الذي قد لا يكون لديه علم بجريمة قتل الممثلة الشابة,وهي حادثة شهيرة جدا ومعروفة على مستوى كبير في أمريكا. بالرغم من أنه كان عليه الإستفادة من نصيحة ملك التشويق ألفريد هيتشكوك التي تنص على "لو أجتمع رجلان على طاولة وانفجرت بهم القنبلة,لن يكون بنصف الإثارة الناتجة عن لو جعلنا المشاهد يرى مؤقت القنبلة وهو يعد تنازليا قبيل انفجارها بغض النظر هل ستنفجر فعلا أم لا". والمغزى أنه كان بمقدوره أن يظهر نية عصابة عائلة مانسون بقتل شارون تيت من البداية ويجعل المشاهد متحفزا حتى نهاية الفيلم الصادمة,خاصة مع وضعه للساعة على الشاشة التي ساهمت في رفع التوتر وشد الأعصاب لدى المتلقي.

الأمر الثاني هو أن المخرج عرض حياة شارون من الخارج فقط,وبالرغم من كونه فعل ذلك لغرض معين,وبالرغم من نجاحه في جذب تعاطف المشاهدين إلى الممثلة والمعتمد أصلا على المعرفة المسبقة,إلا أنه كان بإمكانه زيادة جرعة الإثارة والتشويق بجعل المشاهد قريبا أكثر من الضحية الموشكة على مصيرها.

ثاني تلك الشخصيات هو كليث بوث,وقد أشار المخرج في أكثر من موضع كم هو خطير هذا الرجل,ونسرد هذه الإشارات في المظاهر الآتية:

1-حركاته ولكنته وثقته البادية بنفسه.

2-دعاه ريك مازحا بـ أودي مورفي وهو ممثل سينمائي وبطل عسكري أمريكي.

3-طريقة قيادته المتهورة وبالغة الخطورة لسيارته أثناء عدوه بها ليلا في الطرقات ذاهبا إلى بيته.

4-بيته عبارة عن كوخ أو عربة في منطقة مهجورة في العراء خلف سينما سيارت قديمة وخالية إلا من بضع عربات وشاحنات.

5-وجود مسدس على الطاولة في بيته بصورة توحي باعتيادية حمله للسلاح.

6-تربيته لكلب قوي مدرب جيدا لإطاعة الأوامر,والكلب من نوعية بيتبول؛الفصيلة الأقوى والأشرس في العالم بين الكلاب. وقد تجلى أثر التدريب على الكلب في امتناعه عن الإقبال على الطعام إلا بعد إشارة من صاحبه,رغم شدة الجوع البادية على ملامح الكلب ونظراته وحركة ذيله ولعابه الساقط.

7-طريقة قفزه أثناء صعوده لسطح البيت في ثلاث قفزات من أجل إصلاح وضبط لاقط الإشارة / الهوائي الخاص بالتلفزيون,ومشيته المتزنة على سطح البيت المائل.

8-كونه مؤدي للمشاهد الخطيرة بديلا عن الممثل,ويتجلى إتقانه لوظيفته في محادثتين.

الأولى في اللقاء مع ريك وكليف حين تم الإشارة إلى خطر كسر القدم الذي قد يعطل تصوير الممثل لفيلمه,إلا أن الدوبلير مخصص طبقا لوظيفته أن يتحمل ذلك.

والثانية في العبارة التي قالها صديقه ريك عنه وهو يقدمه للمنتج أو المخرج (لا أذكر إسمه):

(يمكنك فعل أي شيء به,يمكنك رميه من على مبنى,أو إشعال النار فيه,أو اصدمه بسيارة,كن مبدعا .. افعل ما تريد إنه سعيد بالفرصة).

9-خلفية غامضة عن جريمة قتله لزوجته والتي لم يتم تأكيدها أو نفيها في الفيلم,بل وتم التلاعب عليها في أكثر من زاوية.

10-إشارة ريك لكونه بطل حرب.

11-تصاعد التوتر واشتعال الأجواء بينه وبين عصابة مانسون في وكرهم في ظل غياب مانسون,وإقدام كليف على التهديد الظاهر أمامه غير عابئ بالخطر الذي يحدق به. بل ودارت معركة من طرف واحد بينه وبين رجل من العصابة أهدر فيها كليف دماء الرجل وكرامته أمام نساء العصابة.

12-المعركة التي حدثت بينه وبين بروس لي,وبغض النظر عن المعاني الأخرى الكامنة في المعركة فإن المخرج وظفها جيدا من أجل إظهار مدى قوة وشراسة كليف بوث. إن مجاراته لبروس لي في القتال ونديته معه وربما هزيمته له لهي أكبر دليل على قدر ما يملك من القوة والمهارات القتالية. فمن أفضل من بروس لي (أقوى رجل في العالم) لإستخدامه كمقياس ودلالة على ذلك,وقد تعادل الخصمان في لعبتهما القتالية.

13-حتى اللحظات الأخيرة قبيل بدء المعركة كان واثقا متماسكا وساخرا أمام العصابة المحيطة به بمسدس وسكاكين,حتى أنه شعر بمقدمهم قبيل اقتحامهم المنزل.

الشخصية الثالثة هي تشارلز مانسون والتهديد الصادر منه ومن أتباعه.

المكون التشويقي الثاني يكمن في الإخراج وهو ما سنتطرق إليه تفصيلا في موضعه.

 

يتمثل المكون التشويقي الثالث في التلاعب بتوقعات المشاهد, وذلك يحدث في أكثر من موضع:

1-التريلر يعرض مشهد حماسي لليوناردو لا يحدث إلا في فيلم بداخل الفيلم.

2-يعرض الفيلم تتابع لموقف سمج حدث بين كليف وزوجته المقتولة ويتوقع المشاهد أن هذا هو مشهد قتلها,ولكن لا يحدث شيء.

3-مرة أخرى يستدرج المخرج المشاهد لتوقع حدوث مصيبة ما في المزرعة المحتلة من قبل أتباع مانسون وكليف المحاصر بينهم,ولكن لا يحدث أمر جلل.

4-مشهد اقتحام مجموعة من أتباع مانسون لبيت ريك بدلا من بيت شارون,وهو المشهد الذي شكل النهاية الصادمة.

بقى أن نذكر أن التشويق يخفت في العمل بسبب نقطتان,الأولى هي الخلفية التاريخية الغائبة عن الكثير من المشاهدين. والثانية هي خلو العمل تقريبا من أي تحولات مهمة على خط الأحداث,عدا النهاية بالطبع. إلا أنه عوض ذلك بعدة مشاهد تشويقية حتى وإن أتت كاذبة ولا تفيد الأحداث.

 

ثانيا الإبهار

ــــــــــــــــــــــ

والمتمثل بشكل أساسي في ثلاثة أمور:

أولا عرض صناعة السينما بالتركيز على الجانب التمثيلي ثم الإنتاجي منها,لتولد لدى المشاهد مشاعر الإعجاب والانبهار لدى كشف بعض أسرار الصنعة.

ثانيا عرض فترة الستينات وما صاحبها من متغيرات جديدة على عصرها وقديمة في عصرنا مولدة شعور الانبهار ممزوج بـ شعور الحنين إلى الماضي (النوستالجيا) في قلب المشاهد,وقد ختم هذا العرض الجميل بمشهد اللافتات التي تضيء في نهاية الفيلم.

ثالثا وضع الكثير من الإشارات والإحالات إلى عدد كبير من الأفلام,وهو أمر ممتع للغاية بالنسبة لمن شاهدوا الكثير من الأفلام ولديهم شغف حقيقي بالسينما,هؤلاء يتذوقون متعة أن ترمي أو تشير إلى فيلم شاهدته وتحبه فيكاد المشاهد يصرخ فرحا وإنتشاءا مثل الذي يشاهد فيلم وتذكره ويريد أن يشاهده مع صحبة أو يجد صحبة تتبادل الحديث عنه. خاصة لو كان هذا المشاهد على دراية وربما شاهد جميع الأعمال المشار إليها في فيلم ترانتينو التاسع.

ويعيب الابهار أن المخرج أسرف قليلا -بل وغالى بالنسبة للبعض- في عرض جماليات العصر الذهبي للسينما الناتج عن ارتباطه العاطفي بها,على حساب إهمال عناصر أخرى في الفيلم أدت إلى بطء الإيقاع إلى حد المملل بالنسبة للكثيرين.

 

[2] الدراما

ــــــــــــــــــــــ

وتمثلت أهم العناصر الدرامية في الجذب / الإبتزاز العاطفي الذي يستخرجه المخرج قصرا من المشاهد إعتمادا على عاملين مرتبطين بشارون,الأول هو المعرفة المسبقة لدى المشاهد للمصير الأسود الذي ينتظر البطلة الجميلة. والثاني هو عرض المخرج لعدد من اللحظات الجميلة التي فتنت المشاهد وزادته هما وأسفا على مصير الفتاة.

 

[3] الكوميديا

ــــــــــــــــــــــ

استندت الكوميديا بشكل أساسي على عناصر الحوار وأداء الشخصيات,وهي من نوع الكوميديا السوداء التي أحتوت الفيلم بتصنيفها,والكوميديا السوداء هو نوع تشويقي يجمع بين البوليسية والكوميديا. ويحتوي هذا الفيلم على عناصر الإثارة والتشويق والجريمة والغموض والكوميديا التي جعلته ينتمي إلى هذا التصنيف.

 

[3] الخطاب

ــــــــــــــــــــــ

يجب التنويه أن المشاهد يحتاج إلى مرجعية تاريخية بمتغيرات وأهم أحداث تلك الفترة في أمريكا لكي يفهم أغلب نقاط الخطاب في الفيلم,خاصة حادثة مقتل شارون تيت وظهور جماعة الهيبيز. وأيضا مرجعية سينمائية قوية من مشاهدات عديدة أو حتى قراءات عن الأفلام.

 

[1] توثيق التاريخ

ــــــــــــــــــــــــــــ

ريك وكليف هم ثنائي خيالي وضعهم تارانتينو وسط أحداث حقيقية وشخصيات حقيقية للتعبير عن حدثين مرتبطين وهامين في تاريخ السينما. الأول هو التحول الحادث في هوليوود بفترة الستينات,والثاني هو هجوم عائلة مانسون. وتمثلت الشخصيات الحقيقية في شارون تيت ورومان بولانسكي وستيف ماكوين وتشارلز مانسون وبروس لي. وقد بنى تارانتينو حكايتى الفيلم على هذين الحدثين. بطل الحكاية الأولى هو الممثل الخيالي ريك دالتون,وبطلة الحكاية الثانية هي الممثلة الحقيقية شارون تيت.

 

أولا فترة الستينات

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الزمن داخل الفيلم هو عام 1969,أي في نهاية الستينات ومداخل السبعينات وهي فترة صاحبتها العديد من التغييرات على الصعيدين الثقافي والفني. تلك الأخيرة طال فيها التغيير مختلف الفنون,في الموسيقى ظهرت موسيقى الروك والبوب ومهرجان وودستوك Woodstock وميلاد شخصيات تعد رموز موسيقية وثقافية في القرن العشرين مثل إلفيس بريسلي Elvis Presley ومايكل جاكسون Michael Jackson وفريق البيتلز The Beatles. وفي الموضة ظهرت صيحات الشارلستون Charleston والميني جيب Minijupe وأنماط أخرى أنيقة وغريبة. وفي السينما صعود التلفزيون إلى مكانة تنافس السينما,وبدأ ينتهي عصر أفلام رعاة البقر,وظهور علامات مهمة في صناعة السينما والمتمثلة في المخرج رومان بولانسكي وآخرون.

أما على الصعيد الثقافي فطالت المتغيرات الجوانب السياسية (نيكسون - فيتنام),والإجتماعية (تشارلز مانسون),والعلمية (نيل آرمسترونغ Neil Armstrong),والثقافية (الثورة الطلابية في أوروبا). إلا أن تلك الأخيرة يمكن حذفها لأن الفيلم لم يتطرق إلا للتغييرات الأمريكية في المقام الأول.

 

ثانيا عائلة مانسون

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

هي عصابة إجرامية طائفية أسسها المجرم الشهير والموسيقي تشارلز مانسون Charles Manson في أواخر الستينات حيث قامت طائفته بعدد من جرائم القتل أشهرهم جريمة قتل الممثلة الأمريكية شارون تيت في سنة 1969. وجريمة مقتل شارون تيت معروفة جدا في الذاكرة الأمريكية وهي تماثل جريمة مقتل سعاد حسني المعروفة جدا في الذاكرة المصرية.

ولأن أغلب العصابة من النساء كانوا يعيشيون في مزرعة سبان Spahn Ranch مقابل خدمات جنسية لصاحب المزرعة جورج سبان George Spahn.

 

[2] صياغة التاريخ

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

من النقاط المهمة في حديثنا عن الخطاب هي نهاية الفيلم,حيث قدم تارانتينو في فيلمه التاسع خاتمة تعد من أقوى نهايات الأفلام في تاريخ السينما. كما يمكن تصنيفها كذلك ضمن النهايات الصادمة. تميزت النهاية الصادمة بالفيلم بأربعة سمات.

 

1-نهاية غير متوقعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

حيث عكس الكاتب المصير الحتمي المنتظر للملاك المذبوح شارون تيت على يد الشياطين الجزّارة التابعة لتشارلز مانسون.

 

2-نهاية غير مفهومة

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

من أنواع النهايات الصادمة,أن تكون غير متوقعة لدرجة تكاد توقع المشاهد من على كرسيه,أو أن تقدم خاتمة تعيد صياغة جميع الأحداث السابقة من منظور آخر,والثالثة أن تكون غير مفهومة,ولا يدري المشاهد ما يحدث. وتتشارك الأنواع الثلاثة باللاتوقعية أو الصدمة.

 

3-مفهوم جديد

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

لقد قام تارانتينو بخلق مفهوم جديد للنهايات الصادمة والمتمثل في تحريف التاريخ وإشعال النار في الذاكرة البشرية / المدونة التاريخية ليعلي الحدث السينمائي على الحدث التاريخي. "إنه لا يقيم وزنا لما حدث بالفعل على أرض الواقع عندما يصفعك برؤيته المتخيلة التي تعلي من شأن السينما فوق الواقع،ضاربا بتوقعاتك المسبقة عرض الحائط"(1). حيث يفاجَئ المشاهد بأن المخرج خدعه ورمى بالحقيقة التي كان ينتظرها ليعطيه تخيلا نجح في نسجه بـ خيوط / أحداث خيالية مخلوطة بوقائع حقيقية. ويتجلى ذلك في أفلامه الثلاثة ذات مرة في هوليوود وأوغاد مجهولون وجانغو الحر.

 

4-الجمع بين نقيضين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أشار الناقد محمود مهدي في مراجعته للفيلم(2) إلى عدد من المتناقضات التي أستطاع تارانتينو أن يجمعها في النهاية العظيمة لفيلمه الخالد,ومنها نذكر:

1-أن المخرج أوضح بصورة رمزية أن الخلاص كان أمام المجرمين ولكن أعينهم أعماها الحقد والكراهية فلا تراه. وكان ذلك في مشهد إحتراق الفتاة القاتلة في حمام السباحة لما كانت النار تلتهم نصف جسدها العلوي حتى ماتت بينما كان بإمكانها أن تغوص في المياه المحيطة بها من كل جهة لتنقذ نفسها.

2-أن النهاية أتت مريحة وأليمة في ذات الوقت. مريحة في كونها إعادة سرد لتلك الليلة السوداء مع إنزال العقاب الدموي على المجرمين وقتلهم بطرق وحشية لا تقل عن ما فعلوه بضحيتهم شارون تيت ورفاقها. وأليمة في كونها ذكرتنا بتلك المأساة وما كان يمكن أن يحدث لو أن هؤلاء المجرمين قد تورطوا مع شخص مثل كليف بوث أو بروس لي.

كما تحمل النهاية عدد كبير من الرمزيات أكثر مما نذكر في المقال,مثل أن صوت شارون تيت يأتي كأنه من عالم آخر ليكون التصوير البصري (منظور عين الإله) والسمعي (صوتها من خلف حاجز) محيطا للمشاهد بالصورة الملائكية لشارون تيت كأنها آتية من عالم آخر,ربما عالم الموت,أو السماء. وفي إشارة أخرى ذكية نجد إرتباطا بينها وبين ريك دالتون بسبب عدة ظروف مما يجعلها طوق نجاة ينقذ الممثل الساقط من الفشل بعد أن أنقذها من الموت. وغير ذلك الكثير من الدلالات والإشارات الذكية.

 

 

[3] سينما عن السينما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] سينما عن السينما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الفيلم يعد واحد من الأفلام التي تحدثت عن السينما بصورة واضحة ومباشرة مستعرضا التفاصيل الإنتاجية ومركزا على التفاصيل الأدائية ومتباهيا بقدراته التصويرية وموثقا لفترة ذهبية من تاريخ السينما حُفظت في ذاكرة طفولة صانع هذا العمل.

 

[2] الفيلم داخل الفيلم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والمتمثل هنا في تفاصيل صغيرة تخلق قصة أخرى داخل قصة الفيلم,وعرض هذه القصة يكون أيضا من خلال فيلم داخل الفيلم. وقد أستخدم تارانتينو هذه التقنية السردية سابقا في فيلم اقتل بيل Kill Bill,ويعيد إستخدامها هنا بتفاصيل أكبر,مثل

-مشاهدة شارون لفيلمها The Wrecking Crew 1968 مع الجمهور في قاعة العرض. شخصية ممثلة (مارجوت روبي) تؤدي دور ممثلة (شارون تيت) تشاهد نفسها في شخصية ثالثة (فريا كارلسون).

-مشاهدة ريك لأعماله متحسرا على النجومية التي مضت,والمجد الذي لن يأتي.

-إعادة سرد لما قد يكون عليه فيلم الهروب الكبير من بطولة ليوناردو دي كابريو / ريك دالتون بدلا من ستيف ماكوين.

-عرض المقابلات التلفزيونية لـ ريك دالتون.

-الإسراف في عرض أجزاء من المسلسل الذي يجسد فيه ريك دالتون دور الشرير.

-عرض مقاطع من الأفلام الإيطالية التي شارك فيها ريك دالتون.

-خداع المشاهد في العرض التشويقي (تريلر Trailer) -والذي يعد فيلما دعائيا عن الفيلم السينمائي- بأن جذبه إلى مشهد يوحي بالحركة والقتال (الأكشن Action) برغم أنه من فيلم داخل فيلم تارانتينو,ولا يعد حقيقيا في القصة,فهو لم يحدث مع أبطال العمل.

-خداع المشاهد مرة أخرى بمشهد النهاية الذي يعد فيلما وثائقيا تصوريا لما كان يتمنى تارانتينو أن يكون,أي أن الفيلم لا يوثق إلا تخيلات تارانتينو,ومع ذلك فهو يسجل الجريمة بتحويلها إلى علامة من علامات السينما في مشهد النهاية الخالد.

 

[3] صناعة السينما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تظهر صنعة السينما في عدة مظاهر بهذا العمل:

1-تم صناعة هذا الفيلم من توليفة جمعت أنماط سينمائية عشقها تارانتينو.

2-كما ذكرنا بالأعلى ركز الفيلم على النواحي الإنتاجية والأدائية والتصويرية والتوثيقية.

3-إستخدام تقنيات مرتبطة بالسرد السينمائي الذي يميز السينما عن الفنون الأخرى.

 

[4] مرسم الأفلام ومصنع الأحلام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يعرض الفيلم مفهوم التمثيل/ الأداء على جانبيه المهني والفني, حيث أصبح الفن صنعة, والموهبة ابتلعتها المهنة, والاحتراف صار عادة. الفيلم عن شخصيات تعمل في هوليوود, وتريد أن تتحقق, بقدر ما تريد أن ترتزق.(3)

بتعبير آخر مزج المخرج في رؤيته للعمل السينمائي بين الفيلم والحلم.

 

[5] كان يا ما كان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

في هذا الجزء من الخطاب السينمائي في الفيلم تكون من بداية الفيلم المتمثلة هنا في عنوانه, وهو (ذات مرة في هوليوود Once Upon a Time in Hollywood) والمقتبس عن سرجيو ليوني ومقدم إليه تقديرا واعترافا من مخرج عظيم (تارانتينو) بعظمة مخرج آخر (ليوني). الأخير صاحب فيلمي ذات مرة في الغرب, وذات مرة في أمريكا. ولا يخفى على أحد التشابه بين العناوين الثلاثة. وقد أستبدل تارانتينو أمريكا والغرب في فيلمى ليوني بـ هوليوود في فيلمه التاسع.

يحمل العنوان دلالة أخرى غير الإحتفاء بالمخرج سرجيو ليوني,فسياسيا كاليفورنيا هي ولاية أمريكية وجغرافيا هي تقع في الغرب الأمريكي. وبذلك يحمل العنوان إشارة إلى هوليوود كمصدر للعنف لما عُرف عن العنف السائد في الغرب الأمريكي القديم الذي ربط تارنتينو الفيلم به في ثلاثة مظاهر. الأول وهو العنوان كما أوضحنا. والثاني هو موضوع الفيلم الذي تناول فيه فترة إندثار سينما الغرب الأمريكي ورعاة البقر التي كان بطل الفيلم ليوناردو ديكابريو بطلا فيها بشخصية ريك دالتون. والثالث هي الجريمة البشعة التي أنهت عصر هوليوود الذهبي على أيدي تشارلز مانسون وعصابته.

الدلالة الثالثة للعنوان هو الإشارة إلى كون قصة الفيلم عبارة عن حكاية خيالية والذي يأتي كتلميح للنهاية العظيمة الغير متوقعة في الفيلم. النهاية الخيالية والمتجلية في العنوان الذي تستخدم كلماته كتعبير شائع في الغرب لقص القصص الخيالية حيث تعادل عبارة (ذات مرة في ...) في الغرب عبارة (كان يا ما كان في ...) لدينا في الشرق.

 

[6] عاصمة السينما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

يحاول المخرج إبراز الوجه الآخر لهولويوود,والمنقسم لشقين

الأول هو الواقعية

لكي يربط بين السينما والواقع تعمد تارانتينو أن يطيل في بعض أجزاء الفيلم التي لا تتعدى كونها مشاهد لممثلين يشاهدون أنفسهم على الشاشة,مستخدما تقنية المعايشة (عرض مشاهد بوقتها الفعلي أمام المشاهد) ليفرط واقع الحكاية على المشاهد باعتباره واقع حقيقي بالرغم من تلميحه إلى كونه واقع خيالي في عنوان الفيلم وتأكيده على ذلك في نهايته.

الثاني هو الترك حيث قدم لنا المخرج تارانتينو والممثل ديكابريو معاناة نجم متوسط الأهمية أنطفأ نجمه ونسي أمره وتم نبذه من أحضان هوليوود بدون أي اعتبارات لأعماله السابقة في مدينة السينما.

 

[7] المرجعيات السينمائية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قائمة ببعض الأعمال السينمائية التي تم الإشارة إليها في الفيلم

1-ذات مرة في أمريكا Once Upon a Time in America

2-ذات مرة في الغرب Once Upon a Time in the West

3-طفل روزماري

4-فريق التحطيم The Wrecking Crew 1968

5-أوغاد مجهولون

6-داي هارد Die Hard 1988

7-خطر على الجبل Menace on the Mountain 1970

8-الهروب الكبير

9-بروس لي ضد النينجا Ninja vs Bruce Lee 1987

10-تيس Tess 1979

والقائمة تكثر عن ذلك,لكن هذا ما جمعته ذاكرتي حاليا.

 

ويجب أن نذكر أيضا أن ترانتينو اختار 10 أفلام تحتوي على نفس الأجواء من فيلمه وصدرت في فترة الستينات,وهي:

1-بوب وكارول وتيد وأليس Bob & Carol & Ted & Alice 1969

2-زهرة الصبار Cactus Flower 1969

3-الراكب السهل Easy Rider 1969

4-موديل شوب Model Shop 1969   

5-معركة بحر المرجان Battle of the Coral Sea 1959

6-الحصول على الاستقامة Getting Straight 1970

7- فريق التحطيم The Wrecking Crew 1968

8-رأس المطرقة Hammerhead 1968

9-فيلم Gunmans Walk 1958

10-فيلم أريزونا رايدرز Arizona Raiders 1965

 

[8] سينما تارانتينو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

قائمة بالمحاور التي تميز أسلوب تارانتينو السينمائي:

1-الإنتقام العادل

2-جمالية العنف

3-المرجعيات السينمائية

4-الحوارات الحاذقة

5-السرد الغير خطي

6-التناول الساخر

7-النهايات الصادمة

8-مشاهد الرقص

8-السرد السينمائي

وكل هذه المحاور لها تواجد في هذا الفيلم بدرجات متفاوته,وسنتناولهم بشئ من التفصيل في قسم الإخراج.

 

[9] السرد السينمائي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

سنتناول هذه الفقرة في قسم الإخراج.

 

 
 
     
 
 

 

[10] الخلطة الترانتينية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويتم صنعها من مجموعة من الأفلام التي أحبها تارانتينو تميل إلى الأجناس السينمائية المهمشة والرديئة,وتندرج تحت تصنيف أفلام الإثارة الرخيصة المسماة بأفلام الجراند هاوس Grand House Movies من نوعية الأفلام الحركية / القتالية (الأكشن). ومنها أنواع مثل أفلام الغرب الأمريكي (ويسترن وإسباجيتي),والأفلام القتالية الآسيوية,وأفلام الحركة / الأكشن من الدرجة الثانية. ويمزج أيضا مع تصنيف آخر متمثل في أفلام الرعب من نوعية جيالو والتي تجلت في مشهد المزرعة ولها إشارات مصاحبة لشارون خاصة في المشهد الأخير. ويضيف على ذلك أجواء من أفلام الجريمة.

كما حمل فيلمه طابعا من أفلام التسكع Hangout Movies. وبالطبع نظرا للشغف الواضح بالسينما الذي يغلف هذا الفيلم فهو بذلك ينتمي إلى الأفلام السينيفيلية Cinephilia Movies.

وبطبيعة الحال أيضا ينتمي الفيلم ولو من خلال إشارات مستترة إلى أفلام السينما الفوقية (ميتا سينما Meta Cinema) وهي الأفلام التي تخبر مشاهديها أنهم يشاهدون عملا خياليا.

 

[11] السينما مقابل التلفزيون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بإعلانه موت العصر الذهبي للسينما بموت شارون تايت يؤكد تارانتينو على حضور التلفزيون كوسيط منافس للسينما رغم كونه إبنا لها.

 

[12] رعاة البقر والأبطال الخارقين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تضمن الفيلم إشارة إلى أنواع سينمائية ستصير مهيمنة على السينما مثل أفلام الأبطال الخارقين,وأيضا فإنه يعد بنهاية عصرها مثلما أنتهت موجة أفلام الغرب الأمريكي. وتتم المقارنة كثيرا بين فترة رعاة البقر وفترة الأبطال الخارقين من قبل الكثيرين من المهتمين بالسينما.

 

[13] الشاشة الذهبية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إتباعا للمدرسة الما بعد حداثية تحمل المظاهر المختلفة بالعمل معنى آخر يؤكد سمة مهمة لسينما هذه المدرسة وسينما تارانتينو التدميرية. وهي السينما التي لا تعكس الواقع بل التي تُبنى على منجزات السينما السابقة,أي خيال منبثق من الخيال وذلك بصورة ما يشكل تدميرا للواقع. ومن تلك المظاهر:

1-صياغة التاريخ التي تعطي تصورا سينمائيا مخالفا ومتحديا الصور المثبتة تاريخيا في الواقع.

2-الإحالة إلى عدد من الأعمال السينمائية المتنوعة والمتفاوتة ما بين الأفلام الكلاسيكية وأفلام الدرجة الثانية (أفلام الفئة B).

3-الإغراق في المظاهر الفيلمية من نوع (الفيلم داخل الفيلم).

4-صناعة سينما تتحدث عن السينما ونقل المشاهد إلى عاصمتها هوليوود وإيضاح الصورة الذهبية والصورة السوداء عنها وتقديمها للمشاهد على حد سواء.

 

[14] نماذج بطولية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

يعقد المخرج مقارنات بين عدد من النماذج البطولية التي قام بعرضها في الفيلم,وهي

 

1-الفنون القتالية

ــــــــــــــــــــــــــــــ

والمتمثلة في الفيلم بذكر محمد علي كلاي,وعرض القتال بين بروس لي وكليف بوث,وربما حضور زوي بيل أيضا.

 

2-الغرب الأمريكي

ــــــــــــــــــــــــــــــ

والمتمثلة في الفيلم ببعض النواحي في شخصية كليف بوث وفي الشخصيات الخيالية التي يؤديها ريك دالتون.

 

3-الأبطال الخارقين

ــــــــــــــــــــــــــــــ

والمشار إليها بفترة التحول في هوليوود والتي أنهت عصر أفلام رعاة البقر وبدأت عصر أفلام جديدة,وهنا الإشارة إلى بعض الأنواع السينمائية التي شاعت في الألفية الثالثة ومنها أفلام الأبطال الخارقين.

 

4-سينما الرعب

ــــــــــــــــــــــــــــــ

والبطل هنا هي شارون تيت التي خلق المخرج هالة من أجواء الرعب والغموض حولها صانعا داخل فيلمه فيلم رعب هي بطلته والذي يفترض أن ينتهي بموتها بأشنع الطرق وأكثرها دموية,وكذا كان يمكن أن يفعل مع كليف بوث.

 

5-النجم السينمائي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والبطولة هنا مشتركة بين بطلين يمثلان نجوم السينما هما شارون تيت وريك دالتون.

هذا غير عدد من الوجوه السينمائية الأخرى مثل آل باتشينو وبروس لي وجودي فوستر وستيف ماكوين.

وما بين ريك دالتون وشارون تيت تتجلى مفارقة النجم الساقط بوضوح في سقوط نجم وصعود آخر,سقوط ريك وصعود شارون.

وهناك نقطة ثالثة تبرز هنا وهي تكريم النجوم. فيلم تارانتينو يعد إحتفاءا بعدد كبير من نجوم السينما في المجال الإخراجي والأدائي,ومنهم نذكر ستيف ماكوين ورومان بولانسكي وشارون تيت وآل باتشينو وبروس لي و سيرجيو كوربوتشي وكوينتين تارانتينو وكيرت راسل وجودي فوستر وسرجيو ليوني وشارلي شابلن.

وتنوعت مظاهر هذا التكريم في الفيلم ما بين تجسيد لنجوم مثل بروس لي وشارون تيت,أو حضور لنجوم مثل آل باتشيونو وكيرت راسل أو إحالة لأعمال نجوم مثل سرجيو ليوني وكوينتين تارانتينو.

والنقطة الرابعة تتمثل في الحوار الدائر بين عشاق بروس لي وعشاق تارانتينو في قضية بروس لي؛احتفاء أم ازدراء؟ وبرغم أهمية توظيف بروس لي في الفيلم لأغراض عديدة مثل إظهار الفترة الذهبية من هوليوود,وتبيان قوة كليف بوث. إلا أن تارانتينو زاد قليلا في السخرية ونسب إليه صفات ليست فيه,على الصعيد النفسي والجسدي.

تأتي النقطة الخامسة المتفرعة من محور بطولة نجوم السينما بعنوان محاكمة بولانسكي, حيث أدان تارانتينو المخرج بولانسكي في قضية اغتصاب قاصر التي تم توجيه إتهاماتها سابقا إلى المخرج البولندي في عدد من المظاهر التي تم تصويرها داخل الفيلم. أكثر هذه المظاهر دلالة هي مشهد الحوار بين كليف بوث والفتاة الهيبية حين يمتنع عن ممارسة الجنس الفموي معها بعذر أنه لا يريد السجن لمضاجعة قاصر.

 

[15] إدارة الممثلين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفيلم أيضا يوجه الضوء على معاناة الممثل في تجسيد الشخصيات وتقمص الأدوار معطيا دروسا تمثيلية مجانية.

 

 

[4] إثارة الجدل

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

يتطرق تارانتينو في أفلامه إلى مواضيع حساسة تمثل صور مختلفة للشرّ البشري,النازية والعبودية والطائفية والسادية.

وفي الأخير يجب أن نذكر أن تارانتينو قدم لنا في تحفته الأخيرة نص سينمائي به الكثير من المواقع الخطابية التي لم نقف عليها كلها في هذا المقال,بل والمثير للدهشة أننا راعينا أن لا نكثر على القارئ حتى لا يتشوش ذهنه أو يشعر بالتكرار,وقد أغفلنا إتباعا لهذا القرار العديد من النقاط المهمة في الفيلم,والتي ربما قد نناقشها في مقال آخر عن الخطاب السينمائي في فيلم ذات مرة في هوليوود.

 

[4] الشخصيات

ــــــــــــــــــــــــــــ

هناك ثلاث نقاط يجب التحدث حولهما قبل الدخول في التفاصيل.

الأولى هي طاقم الممثلين المكون من ألمع نجوم السينما الأمريكية,على رأسهم أول تعاون بين ليوناردو ديكابريو وبراد بيت,وبرفقة المخضرم آل باتشينو.

الثانية هي الحوار الذكي الذي ساهم في صنع عدد من المشاهد التشويقية والكوميدية.

الثالثة هي العلاقات الثنائية أولا بين ريك دالتون وكليف بوث صديقه الوفي,والتي كان يجب أن ينظر لها المخرج بمزيد من العناية والإهتمام بدلا من إغفال أي تفاصيل عنهما كما فعل بالفيلم,وتم وصف هذه العلاقة على لسان الراوي بأن كليف صديق يحتل مكانة أكثر من أخ وأقل من زوجة بالنسبة لريك وهو تعبير صعب تعجبت له,وقد استوحى الكاتب بطلاه من حياة الممثل بيرت رينولدز Burt Reynolds والممثل هال نيدهام Hal Needham مؤدي المشاهد الخطرة بديلا عنه,وقد قدم الممثلان صداقة جيدة منعكسة من الصداقة الحقيقية بين الممثلين. ثم هناك العلاقة الثنائية التي تم الإشارة إلى حدوثها بعد النهاية بين شارون تيت وريك دالتون,وكما وضحنا هي علاقة بين نجم صاعد ونجم ساقط. وثالثا العلاقة الثنائية الكوميدية بين زوي بيل وكيرت راسل (لا أذكر أسماء شخصياتهم في الفيلم).

 

[1] الشخصيات الرئيسية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ريك دالتون

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ريك دالتون Rick Dalton هو ممثل يعاني من أزمة ناتجة عن تواجده في إطار زمني على الصعيدين الداخلي والخارجي. يتمثل الزمن الداخلي في تجاوزه لمنتصف العمر ومروره بالأزمة الوجودية المعروفة (أزمة منتصف العمر Midlife Crisis). ويتمثل الزمن الخارجي في الشهر الثاني (فبراير) من سنة 1969. وهي فترة رافقتها العديد من التغيرات الثقافية على الصعيد الإجتماعي والفني. حرب فيتنام,حركة الهيبيز,موضة الميني جيب والشارلستون,موسيقى الروك آند رول. وسينمائيا الفترة الإنتقالية في هوليوود والتي على إثرها بدأ يخبو تألق أفلام الويسترن,التي كان ريك بطلا شهيرا فيها,تحديدا الأفلام من نوع ب B Movies. وبصورة عامة بدأت تتراجع الأفلام عن هيمنتها لتفسح بعض المساحة للمسلسلات التي بدأ عصرها الحقيقي في تلك الفترة. وقد أفل نجم ريك دالتون نادما أنه كان السبب في توقف مسلسل ويسترن شهير من بطولته يحمل إسم Bounty Law.

تعامله مع الأزمتين (أزمة منتصف العمر وأزمة الفترة الإنتقالية في هوليوود) تمثل بجانبه السلبي في إدمانه شرب الويسكي,وإنفجاره في نوبات بكاء متحسرة رثاءً لذاته. أما عن تعامله الإيجابي فتمثل في رغبته بالإنتقال إلى نوع آخر من أفلام الأكشن,وهي البوليسية, ولقائه مع وكيله شولتز الذي نصحه بالعمل في أفلام الأسباغيتي الإيطالي -نوع من أفلام الويسترن- التي يخرجها سيرجيو كوروبوتشي. سيرفض أولا مقاوما الفكرة تماما ومبديا نفوره من هذا النوع من الأفلام,ثم يخضع أخيرا ليذهب إلى إيطاليا في رحلة عمل لمدة ستة أشهر يكسب فيها بعض المال وزوجة إيطالية جميلة ويعود بعدها إلى أمريكا ليستقر في بيته متحولا من علاقة الصداقة مع هيث إلى علاقة الزوجية مع فرانشيسكا,في وداع جميل بينهم لا ينهي صداقتهم ولكن ينهي فقط زمالتهم.

أداء ليوناردو ديكابريو Leonardo DiCaprio للشخصية لم يكن في أفضل أحواله,كان متخبطا ومعتمدا فحسب على نجوميته الكبيرة من مقام الصف الأول -خاصة في أجزاء من مشاهد دموعه المتأثرة- عدا في بعض المشاهد التي يسطع فيها الأداء المتقن والمنتظر من ممثل بهذا الحجم. ومن تلك المشاهد:

1-حوار ريك مع الطفلة الصغيرة

2-مشهد تحسره ولائمته لنفسه على أدائه السيء

3-حرقه لأحد أفراد عائلة مانسون

هناك ثغرة سيئة تضعف الشخصية وتضعف النهاية قليلا رغم سهولة تجنبها,وهي كيفية احتفاظه داخل بيته بقاذف لهب حقيقي يستخدم في الحروب؟.

 

[2] شارون تيت

ـــــــــــــــــــــــــــــ

يتصادف أن ريك يتمتع بجيرة الممثلة الصاعدة بقوة شارون تيت Sharon Tate,التي تستحوذ على الخط الثاني للأحداث خاصة وأن إسمها هو الذي بني عليه الحدث الأخير المنتظر من قبل المشاهدين في نهاية الفيلم,وأيضا قد بني على إسمها وإسم مانسون التوتر الحادث في الفصل الثاني مع كليف وعائلة مانسون.

هذه هي الوظيفة الأولى للشخصية -خلق التشويق,والوظيفة الثانية هي المساهمة في خلق الإبهار للمشاهد والذي تجلى في واحد من أجمل مشاهد الفيلم,وهو مشهد دخول شارون دار السينما لمشاهدة أحد أفلامها بدون جدولة أي مواعيد مسبقة لتكون واحدة من الجمهور ولتشاهد نفسها داخل أحد أفلامها وانعكاس أدائها الكوميدي على ضحكات الجمهور وعلى ذاتها.

قامت بتنفيذ الدور الممثلة الصاعدة بقوة مارجوت روبي Margot Robbie وهي اختيار ممتاز من المخرج حيث جسدت الشخصية أدائا ومظهرا. فهي جميلة من نوع الحسناء الشقراء ذات البشرة البيضاء والعيون الزرقاء,وهناك شبه بين النجمتان تكاد ترى ملامح شارون في ملامح مارجو,والإثتنان متطابقتان في طول قامتهما 168سم. ثم هناك الأداء المشحون بموجات من الحيوية والسعادة حيث تمثلت حالة النجمة الصاعدة في كلتي الجميلتان شارون ومارجو,فكأن الأخيرة تعبر فقط عن فرحتها بالإشتراك في فيلم عظيم لتارانتينو وقد تجلت الفرحة والبراءة في ملامحها وملابسها وحركاتها وتعبيراتها وحواراتها ونظراتها.

 

[3] كليف بوث

ـــــــــــــــــــــــــــــ

كليف بوث Cliff Booth هو مؤدي المشاهد الخطرة بديلا عن ريك دالتون وصديقه ومساعده وسائقه,وينبثق خط فرعي للأحداث من بطولته في عدد من المشاهد بالغة الأهمية,ربما هي الأهم في الفيلم. ولهذا يمكن عده بكل أريحية العنصر الثالث في البطولة الثلاثية المكونة من ريك وكليف وشارون وقد نال ظهور كبير على الشاشة.

الدور كان من نصيب النجم الرائع براد بيت وانعكاسا لكونه يجسد شخصية مؤدي للمشاهد الخطرة يعطيه المخرج جميع المشاهد الخطرة بالفعل في الفيلم. وهي:

1-مشهد قتال كليف مع بروس لي

2-مشهد كليف في مزرعة الهيبيز

3-مشهد كليف في مواجهة عائلة مانسون.

أفضل أداء تمثيلي في الفيلم كله كان يمكن أن يذهب لبراد بيت Brad Pitt دون أدنى تردد لولا أن بطولة الفيلم ذهبت لليوناردو مما أثقل من وزن أداء الأخير أمام أداء براد الذي لم يختل توزانه رغم ذلك. وكان صاحب الحضور الأقوى -وليوناردو صاحب الحضور الأكبر- وقدم هيبة كليف على الشاشة دون أي تكلف أو مبالغة عدا في المشهد الأخير حيث انطلقت ضحكته المجنونة قبيل انعكاس هذا الجنون على تصرفاته مع العصابة. ولو تجاوزنا التردد يمكن القول أنه قدم الأداء الأفضل في الفيلم. يعيب الشخصية كما ذكرنا أن المخرج سلط الضوء كثيرا على بطل الفيلم ليوناردو / ريك ليغفل أي ذكر عن حياة شارون أو كليف, دون حتى أن يعطينا المزيد من التفاصيل المهمة عن حياة ريك.

 

[2] الشخصيات الثانوية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-عائلة مانسون

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقد ظهر من هذه العصابة في الفيلم كل من لينيت فروم Lynette Fromme وتجسيد داكوتا فانينغ Dakota Fanning,وفتاة الـ بوسي كات Pussycat وتجسيد مارغريت كوالي Margaret Qualley,وكاثرين شير Catherine Share وتجسيد لينا دنهام Lena Dunham,وفتاة الهيبز من تجسيد مايا ثورمان هاوك Maya Thurman Hawke (أتسائل إن كانت الخلافات بين أمها وترانتينو حقيقية؟) والفتاة بلو Blue من تجسيد كانساس بولينغ Kansas Bowling. والظاهر أن تارانتينو أختار مجموعة من الحسناوات الشابات للتأكيد على أن تشارلز مانسون كان يحيط نفسه بحفنة من الفتيات الصغيرات الجميلات خاصة وأنهم في المزرعة التي تمثل وكرهم الذي كانوا يسكنون به مقابل ممارسة الجنس مع صاحب المزرعة كما ذكرنا بالأعلى.

أما عن الرجال فكان أوستن بتلر Austin Butler في دور المجرم تشارلز تيكس واتسون Tex Watson وأداء مشكور منه,ودامون هاريمان Damon Herriman في دور زعيم العصابة تشارلز مانسون Charles Manson,وأداء موحي بالرغم من عدم نيله مساحة على الشاشة (حتى أن بعض المشاهدين العرب لم يعرفوه وأنا منهم).

ويمكن أن نضيف عليهم جورج سبان George Spahn من تقديم بروس ديرن Bruce Dern.

 

2-أدوار سينمائية

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والمقصود بها الأداءات التي جسدت العاملين في صناعة السينما,وهم آل باتشينو Al Pacino الذي يظهر كضيف شرف في دور مارفين شوارتز Marvin Schwarz منتج الأفلام ووكيل أعمال ريك دالتون. وداميان لويس Damian Lewis في دور ستيف ماكوين Steve McQueen. ورافال زويروشه Rafal Zawierucha في دور رومان بولانسكي Roman Polanski. والحسناء اللاتينية لورينزا إزو Lorenza Izzo في دور الحسناء الإيطالية فرانشيسكا كابوتشي Francesca Capucci. ومايك مو Mike Moh في تجسيد رائع ومتقن لبروس لي Bruce Lee الذي ظل حاضرا بشخصيته على الشاشة حتى نهاية الفيلم وإن كان بشكل خافت. ونضيف عليهم إميل هيرش Emile Hirsch في دور جاي سبرينغ Jay Sebring,وأخيرا الطفلة المذهلة جوليا باترز Julia Butters ذات العشر سنوات في دور ترودي فريزر Trudi Fraser / جودي فوستر Jodie Foster. وكلها تجسيدات لشخصيات حقيقية جمعها تارانتينو في فيلمه. أما عن الشخصيات الخيالية فنشيد بالكيمياء المبهجة بين كيرت راسل Kurt Russell وزوي بيل Zoe Bell.

 

الإخراج

ـــــــــــــــــــ

[1] التصوير

ـــــــــــــــــــ

استخدم تارانتينو كاميرا فيلمية 35 مم في تصوير الفيلم كعادته مظهرا رفضه الذي عُرف عنه للتصوير الرقمي,ومؤكدا على اختلاف الصورة الفيلمية عن الصورة الرقمية. وراعى بامتيازية التفاصيل في تكوين الصورة لينقل المشاهد إلى فترة الستينات بكل ملامحها. منتقيا بعناية الأماكن والأزياء. ومراعيا شروط صنعته (سينما تارانتينو أو السينما التارنتينية) التي ابتدعها وأتقنها في السينما,ومنها

 

[1] السرد السينمائي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السرد السينمائي هو أن تُروي القصة أو أجزاء منها بالإعتماد على الكاميرا والإستغناء عن عناصر أخرى مثل الشخصيات والحوار في السرد الروائي. ونذكر ستة مظاهر منها في فيلم ذات مرة في هوليوود.

الأولى هي تحرك الكاميرا بدون قطع من اليمين إلى اليسار ومن اليسار إلى اليمين في تصوير الحوار الدائر بين شخصيتين للتعبير عن التنافس وشد الأوتار,وكان ذلك في مشهد المواجهة الكلامية بين كليف بوث وبروس لي قبيل مواجهتهما القتالية.

وقد لاحظت الناقدة علياء طلعت (4) أن تارانتينو أستخدم التصوير بلا تقطيع في مشهد آخر لغرض آخر,وهو مشهد تصوير الحلقة التلفزيونية بصورة طويلة ودائرية حول ريك دالتون الذي يحاول تأدية دوره. وكان الغرض من شقين؛الأول لمحاكاة طريقة التصوير التلفزيوني التي تكون متبعة لتقليل النفقات,والثانية لتعكس توتر الممثل الغير واثق في قدراته.

ملاحظة أخرى سجلتها علياء طلعت عن إستخدام تارانتينو لـ منظور عين الإله ورمزية السيارات في إيصال فكرة عن الفارق الطبقي بين النجم الساقط ريك دالتون والنجم الصاعد شارون تيت.

رابعا بإستخدام السرد السينمائي أعطى تارانتينو لمحات عن كون الفيلم ينتمي إلى عوالم رعاة البقر الجديدة,وتلك اللمحات تتمثل في لقطة تم تصويرها من الأقدام إلى الأعلى لخلق جو من الترقب حول الشخصية المتعقبة من قبل الكاميرا,رغم أن المشاهد يعرف الشخصية. لقطة أخرى تم تصويرها بسرعة على طول الطريق والسيارة تسير كأنها حصان يرمح. وأيضا ساحة المزرعة التي تم عرضها كأنها ساحة لقرية من الغرب الأمريكي تستعد لبدء معركة بالمسدسات بين مقاتلين.

بالإضافة إلى الكادرات الضيقة التي تزيد شحنة الإثارة,وفي مقابلها التصوير من بعيد ذو الكادرات الواسعة لكي يرى المشاهدين الشخصيات من بعيد للدلالة على عالم آخر آتين منه وزيادة في شحنة الحنين.

ثم هناك إفتتاحية الفيلم بإستخدام كادر تلفزيوني ضيق وبالأبيض والأسود لإدخال المشاهد مباشرة إلى أجواء الفيلم,ولا يكف المخرج عن عرض تلك الكادرات من قريب أو بعيد طوال مدة الفيلم.

وسابعا استخدام عناصر مختلفة مثل القفزات الزمنية وتكوين الصورة والتصوير البطئ والتقريب السريع للكاميرا لتنفيذ أغراض متعددة في الفيلم.

 

[2] لاخطية السرد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثاني شيء يمثل أسلوب ترانتينو السينمائي هو السرد الغير خطي,والذي للأسف أتى مفككا غير منتظما بشكل جيد,ومن الممكن أن يعترض أحدهم بحجة أن من السمات التي تميز أعمال ترانتينو هو عدم انتظام الأحداث في بداية ووسط ونهاية. ويأتي الرد في شقين؛الأول هو أن ترانتينو تقريبا لم يتبع ذلك في ترتيب الأحداث فكان لها بداية ووسط ونهاية,ولكن أتت متناثرة قليلا في فصولها الرئيسية. والثاني هو أن جميع السرديات يشترط فيها الانتظام وهو جزء من معنى السرد,والاختلاف فقط يكون في النظام الذي ترتب عليه الأحداث. وقد قسمها الناقد عبد الله إبراهيم إلى أربعة أنظمة سردية أساسية (5). النظام الذي ينتمي إلى أسلوب ترانتينو هو نظام التداخل,وهو يختلف عن نظام التتابع المعروف والتقليدي الذي يرتب الأحداث تباعا. بينما التداخل يقوم ببعثرتها وإعادة جمعها مرة أخرى. ونجد هذا النمط السردي الفريد في أعمال أخرى لمخرجين لا يقلون ثقلا عن ترانتينو مثل فيلم تذكار Memento 2000 لـ كريستوفر نولان Christopher Nolan الذي أتبع فيه ذات نسق فيلم خيال رخيص Pulp Fiction لـ كوينتين تارانتينو Quentin Tarantino.

 

[3] المشاهد الحوارية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يراعي ترانتينو في هذا الفيلم مثلما يفعل في أفلامه إبراز الحوار في قالب من الكوميديا السوداء التي تزيد من متعة الحدوتة وتفيد في إعطاء تفاصيل عن الشخصيات التي تتحاور. ويوظف في ذلك العديد من العناصر الفنية مثل إدارة الممثلين والمشاهد الحوارية الطويلة والإبتذال الغير مبتذل في النص مغلفا ببعض الإسفاف,وزوايا وحركات الكاميرا التي يستخدم بواسطتها تقنيات مثل اللقطة الطويلة بلا قطع والـ champ contre champs, وحركة البان Panning.

 

[4] جمالية العنف

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

العلامة الأشهر من بين السمات التي تميز أسلوب تارانتينو السينمائي هي جرأته في تقديم جرعات قوية من العنف والدموية في أفلامه مغلفة بإطار جمالي فلسفي وفني. عنف لا يقدم لإرضاء نزعات شهوانية فحسب بل لتوظيفه كأداة تفيد أغراض وأهداف ورسائل سينمائية دون أن تكون مقحمة أو مبتذلة. فمثلا نجد أن ترانتينو وعلى غير عادته اقتصد في كمية العنف بفيلمه الأخير ليقدم لنا في النهاية جرعة لا بأس بها من العنف والدموية من نوعية مسح الأرض بالوجوه حرفيا (في أحد المشاهد يقوم كليف بضرب وجه مجرمة إثنى عشر ضربة متتالية مهشما وجهها وساحقا رأسها وطابعا دماءها في خمسة أشياء مختلفة),وهو عنف جميل يحمل عدة دلالات. فمنها ما أشار له الناقد محمود مهدي في الرمزيات التي تشير إلى التيه الغارق فيه أعضاء العصابة. ومنها تحقيق أمنية ترانتينو بأن تعيش شارون تيت وتموت العصابة شرّ ميتة.

 

[5] النهاية الصادمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقد تحدثنا عنها بمزيد من التفصيل في الأعلى.

 

[6] الخلطة الترانتينية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويمكن وصف هذه الخلطة بكونها تحقيقا لإنجازات مبنية على إنجازات سابقة,ويتضح ذلك في تكريم الأفلام وتكريم النجوم بهذا العمل المهدى إلى السينما الهوليوودية.

 

[7] الرمزيات المتناثرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تكوين الصورة لدى ترانتينو يحمل عدد من الرمزيات أبرزها السيارات ورمزياتها الموضحة بالأعلى والرقصات التي يقدمها مختلفة وجميلة في كل فيلم وأخيرا الأقدام الحافية. وقد ظهرت قدمين حافيتين على الأقل في أربعة مشاهد بالفيلم,أبرزها القدمين لفتاة الهيبز موجهة إلى الشاشة في وجه المشاهد كأن المخرج يقول أنه لا يهتم بانتقادات بعد المعارضين لهذه الرموز الجنسية. ومشهد آخر يصور شارون وهي نائمة وتمر الكامير ببطء على جسدها النائم بدئا بقدميها الحافيتين,مرورا إلى مؤخرتها المتكورة,وصولا إلى وجهها وهي تصدر صوت شخير أثناء نومها. أي أن المخرج لا يضع الأقدام في وجوه معارضيه فحسب,بل ومؤخرة وربما يشخر لنا أيضا. وإن المخرج الذي يحاول أن يصيب المشاهد بالملل ويعيد صياغة التاريخ ويسبح في الدماء ليس أقل جنونا من يخرج لنا إصبعة في حركة بذيئة أو يضع قدمه في وجوهنا.

 

[8] الموسيقى التصويرية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كالعادة يختار تارانتينو أغانيه بعناية لتعبر عن أجواء فيلمه الحارة.

 

[2] الإنتاج

ــــــــــــــــــــــ

هو تاسع أفلام المخرج العظيم كوينتين تارانتينو,والفيلم من إنتاج سينمائي أمريكي - بريطاني مشترك. والمنتجين هم المخرج كوينتين تارانتينو والمنتج ديفيد هايمان David Heyman والمنتجة شانون ماكينتوش Shannon McIntosh. وتم مراعاة القيمة الإنتاجية في تصوير هذا العمل دون الإستعانة بأي مؤثرات بصرية بمساعدة مصممة الإنتاج باربرا لينغ Barbara Ling ومدير التصوير روبرت ريتشاردسون Robert Richardson.

 

 

 

الهوامش:

ـــــــــــــــــــــــــ

 

1-أمير العمري

مقاله على موقع عين على السينما والمنشور في جريدة العرب اللندنية

تارانتينو يستعيد سحر السينما في “ذات مرة في هوليوود”.

 

2-محمود مهدي

مراجعته اليوتيوبية على قناة فيلم جامد

 

3-محمود عبد الشكور

مقاله المنشور في جريدة الشروق المصرية

«حدث ذات مرة فى هوليوود».. فن تحطيم الواقع!

 

4-علياء طلعت

مقالها المنشور على مدونة أراجيك والمعروض يوتوبيا على قناة سيما علياء

تارنتينو يحكي قصة هوليوود السبعينيات في Once Upon a Time… in Hollywood

 

5-عبد الله إبراهيم

موسوعة السرد العربي. ج1,ص16.

 

سينماتك في ـ  25 أغسطس 2020

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004