حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

سينماتك في مهرجان أبوظبي السينمائي

"انفصال نادر وسيمين"

وإشكالية الشخصية السينمائية عند أصغر فرهادي

بقلم: محسن الهذيلي

 

A Seperation of Nadir And Simin

انفصال نادر وسيمين

إخراج اصغر فرهادي

إيران | 123 دقائق | الفارسية

الولاء والحقيقة والشرف، تشكل عناصر هذه الدراما العائلية الآسرة لأصغر فرهادي (عن إلي). وقد جذب هذا الفيم أنظار الجمهور في كافة أنحاء العالم منذ عرضه المظفر للمرة الأولى في برلينالة حيث حصل على جائزة أفضل فيلم وحصل ممثلاه الرئيسيان على جائزتي أفضل تمثيل، وهو نجاح لم يحققه أيّ فيلم إيراني من قبل في المهرجانات السينمائية في الغرب.

 

هذا الفيلم الثاني الذي أشاهده للمخرج الإيراني أصغر فرهادي، ما يميز سينما هذا المخرج هو قوة عمله في السيناريو قبل الإخراج على شخصيات حكاياته وأفلامه، وتركيز فرهادي على الشخصية يتبدى لنا منذ عناوين هذه الأفلام، ففي عنوان فيلم "عن إيلي" نجد إسم البطلة "إيلي" التي تشكلت من حولها كل دراما الفيلم، في فيلمه الأخير نجد في العنوان إسمي "نادر" و"سيمين" وهما الشخصيتان المحوريتان في الفيلم. وبالطبع لم نجد أنفسنا فيما بعد (ضمن الفيلم) أمام شخصيتي نادر وسيمين الرئيسيتين فقط وإنما أمام "رتل" من الأبطال كلهم يتميزون بشخصيات حقيقية اشتغل عليها فرهادي بعمق. لأن فرهادي يبتعد دائما عن تجريد شخصياته بل يصورها في كل تفاصيلها الإنسانية: بقوتها وضعفها، ليس هذا فقط وإنما في صراعها أيضا بين هاذين الحدين من القوة والضعف. فمشاهدة أفلام فرهادي هو استمتاع بشخصياته الإنسانية الحقيقية التي نشعر أنها تحيى في أفلامه.

من جهة أخرى ولأن فرهادي يركز كثيرا في نصه وتصويره لأفلامه على شخصياته فإنه يركز جدا في عمله على إدارة ممثليه وعلى أن تخرج شخصيات أفلامه كما صورها على ورقة السيناريو، والحصول الجماعي على جوائز أحسن تمثيل من مهرجان برلين دليل على هذا النجاح.

البعد الآخر المهم في أفلام فرهادي هي تلك العفوية التي لا تتعلق بأداء الممثلين وحسب وإنما ترتبط بالجو السينوغرافي الذي يحيط بهم، وهي ميزة السينما الإيرانية عموما ولكنها عند فرهادي أكثر بروزا وتكاملا مع عمله الدقيق والتفصيلي على سمات شخصياته، ففرهادي يتقن جدا صنع الإطار السينوغرافي الذي تتحرك فيه شخصياته حتى وإن اختُصِر تصوير ذلك على مشهد أو مشهدين، وهذا رأيناه في فيلم "نادر وسيمين" على مستوى حضور الجيران (الذي اتسم بالإتقان والعفوية) وجو المدرسة وخاصة أجواء مكاتب القضاء، إننا نحس أننا إزاء أطر أتقن فرهادي إنشاءها وإدارتها بحيث لا يمكننا تمييزها عن الواقع الخارجي.

هذه المقاربة المستعجلة لفيلم أصغر فرهادي "إنفصال نادر وسيمين" نراها الأقرب إلى تفسير ذلك التفاعل الكبير الذي أظهره الجمهور الغفير جدا والمتعدد الثاقافات الذي جاء يشاهد الفيلم في إحدى قاعات سينما مارينا مول أبوظبي، إن تفاعل الجمهور مع حكاية الفيلم وخاصة شخصياته يرجع إلى عمل أصغر فرهادي المتقن في تصوير صراع اجتماعي ووجودي بين شخصيات ربما بدوا منقسمين بين من هم أقل تدينا وآخرين أكثر تدينا ولكن كانوا كلهم بشرا وإنسانيين أو كما قال المخرج نفسه بعد عرض الفيلم "حسب رأيي فيلمي لا يصور صراعا بين أخيار في مقابل أشرار وإنما صراعا بين أخيار في مقابل أخيار".

سينماتك في 16 نوفمبر 2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)