حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

سينماتك في مهرجان أبوظبي السينمائي

"أياد خشنة" لمحمد عسلي.. فيلم جميل حد الفرحة

بقلم: محسن الهذيلي

 

Rough Hands

أيادٍ خشنة

إخراج محمد العسلي

المغرب | 97 دقيقة | العربية, الإنكليزية

بعد انتظار سبع سنوات منذ أخرج العسلي فيلمه الروائي الأول « الطيور لاتحلق فوق الدار البيضاء» جاء فيلمه الثاني «أياد خشنة»، الذي يواصل فيه مخرجه نفس المسعى، انطلاقا من قصة تدور أحداثها في مدينة الدارالبيضاء. هذا هو حال المعلمة المؤقتة، وتفكر في الالتحاق بخطيبها المهاجر؛ وهو أيضا حال جارها الحلاق الذي يتنقل بين قصور الأثرياء وقدماء الوزراء والمسؤولين من أجل قص شعورهم مصحوبا بعازف قانون عجوز، محاولا من خلال علاقته بأناس الطبقات العليا هؤلاء أن يساهم في حل بعض مشاكل مستضعفي الطبقات الدنيا في المجتمع.

 

لو سألني سائل ما هو الشعور الذي خرجت به بعد مشاهدتك فيلم محمد عسلي الأخير "أياد خشنة" (بمناسبة مهرجان أبوظبي السينمائي) لأجبت في كلمة: الفرحة.

ولكن الفرحة بأي معنى؟ أنا لا أتكلم هنا عن الضحك (رغم أن في الفيلم كثير منه) لأنني أعتقد أن الضحك سهل، أما الفرحة فأندر منه وأصعب منالا، الفرحة مرتبطة بالنفس، تسكن فيها فتغير نظرة صاحبها إلى الوجود وإلى كل ما يحيط به من علاقات وغيرها، إن طبيعة الفرحة فلسفية وهي تعكس رؤية إلى الوجود تعطي الأمل، وتمنح الثقة في القدرة على تغيير الواقع وأن يكون له أفق ما، والفرحة إن وجدت الظروف الملائمة في نفس صاحبها سوف تكبر وتصبح مثل شجرة وارفة الظلال تأثث الحياة من حولها كما الشجرة أمام بيت مصطفى في الفيلم.

سوف لن أحاول هنا استعراض قصة الفيلم، لأنه (أي الفيلم) يصعب تصنيفه بسبب تموقعه بين الإجتماعي والعاطفي، كما يمكنه أن يوحي إلينا أحيانا كثيرة ببعض الطرح الفلسفي لقضية الحب الذي يصبح أكثر تعقيدا حين ننظر إليه من خلال العلاقات الإنسانية المتشعبة، كما يشير الفيلم (دون طرح فلسفي بالمعنى الفكري) إلى قضية الرفاه الإنساني وأسباب السعادة عند البشر. وللمطابقة الموجودة داخل الفيلم بين تشعبه في خلفيته الفلسفة وبساطته سينمائيا وحكائيا فإنني سوف أخير الحديث عنه من خلال الإحساس الذي خلفه في نفسي وأسأل السؤال التالي: ما هي العناصر التي جعلتني أشعر بالفرحة حين مشاهدتي فيلم أياد خشنة لمحمد عسلي؟

للجواب على السؤال أقول:

1-                نسق الفيلم: الذي يتراوح في الحقيقة بين نسقين أو ريثمين متناقضين: نسق سريع ودينامي جدا وآخر هادئ ومستقر. وهذا التراوح والتغيير في النسق (دون عنف) كان ممتعا، خاصة وأن النسق الهادئ يأتي دائما (في الفيلم) بعد النسق المتسارع فيبدو مثل وقت مستقطع للراحة.

2-                الفُسحة اللطيفة التي يأخذنا فيها الفيلم بين أماكن وأحياز متنوعة ومتميزة.

3-                بعض شخصيات الفيلم وخاصة شخصية مصطفى (محمد بسطاوي) وأمه (أمينة رشيد):

الأم كفيفة ولكنها رغم ذلك تسهر على خدمة ولدها الكهل الأعزب، وبيتها يبدو نظيفا ومرتبا جدا، الأكبر من ذلك مشاركتها جارتها أم زكية (التي تأتي عندها) العمل في نسج البسط فهي من يختار لها خيوط الزربية ويفرز لها ألوانها.

أما مصطفى فهو إنسان محدود المواهب مثل أمه وإن لم تكن له إعاقتها، فهو أمِّيٌّ لا يعرف الكتابة والقراءة، ومع ذلك فهو ليس جاهلا، ويتمتع بشأن اجتماعي جعل الناس تحتاجه في قضاء كثير من شؤونهم.

تذكرنا مثل هاتين الشخصيتين (على طول الفيلم) بفكرة أن النجاح في الحياة ممكن حتى بالنسبة لأولئك محدودي المواهب والإمكانات، فما بالك بمن تمتع بصحة جيدة وزاول تعليما جامعيا مثل غالبية شبابنا، ونلاحظ أن هذه الفكرة (في حد ذاتها) تعطينا الأمل وتفتح لنا الآفاق، نحن هنا نتكلم عن الشخصيات الإيجابية في الفيلم، صحيح أن في الفيلم شخصيات أخرى سلبية جدا مثل تلك التي تقضي مجمل وقتها في المقاهي تراهن على مسابقات الخيول.

من جهة أخرى نلاحظ أن من ثراء شخصيات الفيلم إنتماؤها إلى كل الأجيال. فهناك الشباب ممثلين في شخصية مساعد مصطفى (عبد الصمد مفتاح الخير) الذي يبدو مضطربا غير مستقر على شيء، لا يرى أي مستقبل أمامه، وهو يتقلب بين الإشتغال مع مصطفى والعمل لصالح بعض المافيات، نجد أيضا زكية (هدى الريحاني) المدرسة الحالمة بالهجرة.

هناك جيل الكهول الذي ينتمي إليه مصطفى والذي سُرق منه عمره فلم يتزوج ولم ينجب أولادا.

هناك جيل الشيوخ والعجائز الذي يحمل بعض القيم التي جعلته يؤمن بقداسة العمل، مهما كان نوع هذا العمل، سواء تمثل في بساط جميل ينسج أو رأي سديد ينصح به أو ممارسة لفن العزف على آلة موسيقية.

وهنا أحب أن أشير إلى مسألة مهمة وطريفة جدا في الفيلم، فالفيلم يركز كثيرا على البعد العائلي في العلاقة الإنسانية، هكذا أحسسنا ببعضها حتى وهي واقعيا خارجها، فمساعد مصطفى ليس إبنا له ولكنه يبدو مثل ذلك، وعازف القانون يبدو مثل أب لمصطفى (أبو مصطفى متوفى)، فالعلاقة التي نحسها في الفيلم بين مصطفى وعازف القانون فيها من الإحترام والحب والإرتباط المصيري ما يجعلها نوعيا أكبر من علاقة عمل، أكثر من هذا لقد أصر الفيلم على أن لا يرنا لا عائلة مساعد مصطفى ولا عائلة عازف القانون، هذا بالرغم من أنه أرانا الأول وحده فوق السطح محاطا بأقفاص عصافيره، وأرانا الثاني وحده أيضا حين إنتظر مليا ثم رجع إلى بيته (في ذلك المشهد الرهيب) متأبطا قانونه في طريق خال إلا منه. على نفس المستوى أحسسنا أيضا أن مصطفى كان يقارب الوزير المقعد في علاقة تشبه علاقة الولد بوالده. إن هذا الانفتاح في العلاقات الإنسانية ضمن رؤية عائلية هو ما استدعى حضور كل الأجيال في الفيلم، فحضورها ليس تأثيثا ضروريا منقطعا عن بناء جو الفيلم وروحه.

4-                حكاية الفيلم: تتميز هذه الحكاية رغم بساطتها الظاهرة بتطورها السلس والهادئ وتكشفها رويدا رويدا عن شخصيات عميقة تحمل هموما إنسانية حقيقية وتسعى رغم إمكانياتها المحدودة إلى تغيير الواقع وإدخال الفرحة إلى نفوس بعض ضحاياه. والحكاية مستوحاة في موضوعها وطريقة سردها من الموروث الروائي الشفوي المغربي أو العربي عموما: قصة عشق مكظوم من جار لجارته، ومن أهم أسباب عدم بوح الجار بحبه لجارته ارتباطها بخطيب لها يعيش في المهجر وحلمها باللحاق به وتعلمها وجهل الجار، فبينما تُدَرِّسُ هي في مدرسة للأطفال يتردد هو على مدرسة لمحو الأمية.

ولكن للجار مميزاته كما أشرنا فرغم أميته فقد كان يتمتع بذكاء اجتماعي وإنساني جعلاه ناجحا في نظر مجتمعه. وهو إنسان يحمل عاطفة إنسانية راقية جعلته رحيما بأمه محترما مراعيا للعلاقة مع جيرانه خدوما لهم وهو إلى جانب هذا وذاك يعرف كيف يتكسب المال الحلال من أبواب ربما تدخل تحت عنوان الحرام لأنها ترتبط بالمحسوبية والرشوة.

وشخصية مصطفى تتميز دراميا بمزايا كثيرة أهمها أنها تجيء أخلاقيا على مفترق طرق بحيث لا يمكن تصنيفها، فهي تبحث عن الخير وسط كومة من الفساد وهي من جهة أخرى وإلى جانب إيجابيتها وتركيزها على مساعدة المحتاجين شخصية غير متملقة، ففي توسطها بين من هم أعلى السلم الاجتماعي ومن هم أدناه تتعامل مع الطرفين بنفس العاطفة الإنسانية الصادقة، فمصطفى يقارب تلك المرأة المستضعفة التي قدم إليها خدمة دون مقابل (بل تصدق عليها من ماله أيضا) بنفس العاطفة التي كان يقارب بها ذلك الوزير المتقاعد الذي ساءت صحته وشل جسده وانقلبت عليه زوجته حتى باتت تدعو عليه بالموت.

أما بالنسبة لتطور قصة الحب في الحكاية فقد جاءت حين لجأت الجارة زكية في الوقت المضبوط من الفيلم (دون تقديم أو تأخير) إلى مصطفى ليستخرج لها بعض الأوراق المزورة الضرورية لقبولها للهجرة إلى أسبانيا والعمل في الفلاحة.

وبعد أن فشلت الجارة في اختبار السفارة حيث وجد ممتحنوها أن يديها ليستا خشنتين بما يكفي رغم ما صنعته بهما من بلاوي، وبعد أن ضاع حلمها بإمكانية اللحاق بخطيبها، وبعد أن عجزت محاولات العجوزين الجارتين أم مصطفى وأم زكية في إقناعها بقيمة مصطفى وكفاءته، آخر كل هذا بادر مصطفى (في الوقت المضبوط من الفيلم) إلى الإستظهار بنفسه في عالم دليلة الحالم محاولا إستضافتها إلى عالمه هو الواقعي البراغماتي.

وحينئذ تيقنا أنا وصلنا إلى آخر الفيلم وأشرفنا على نهايته التي لا يمكن أن تكون بعيدة عما يمكننا أن نتصوره، وقد اعتقدت (شخصيا) حينئذ أن ما سيأتي من صور لن يكون بأجمل مما شاهدنا حتى الآن، ولكنني كنت أكتشف بعد ذلك أنه لم يكن بإمكاننا أن نتنبأ بالأسلوب الهادئ والعميق الذي تطورت من خلاله أحداث الفيلم، فأنت تجد بعد مشاهدتك لهذا الجزء من الفيلم أنك كنت في أجواء تشبه أجواء حكايا ألف ليلة وليلة ولكن في سرد يستجيب لشروط اجتماعية ونفسية معاصرة ويأتي ضمن أجواء ثقافية مغربية نجح في تصويرها إحساس محمد عسلي وقدرته الكبيرين في السرد السينمائي.

وفي هذا الجزء من الفيلم الذي كله شعر وتشويق كنا كلما انتشينا وأردنا أن ننفرد بنشوتنا نبهنا فعل المخرج ليقول لنا ليس الآن.. انتبهوا هناك أحداث حكائية وسينمائية آتية وهناك تصوير لأبعاد حقيقية جميلة موجودة في النفس الإنسانية لابد أن نؤمن بوجودها حتى وإن لم نعشها في أنفسنا، وكنا نستجيب له ونفتح أعيننا ثانية لنكتشف في كل مرة ما يقنعنا ويفرحنا.

لقد تذكرت وأنا أشاهد الفيلم وفي هذا الجزء الأخير منه بالذات ذلك المشهد من فيلم "راتاتوي" حيث قال ذاك الناقد في الطبخ مخاطبا الشيف: "سوربرايز مي" (فاجئني...)، لقد جعلني محمد عسلي (بين المشهد والمشهد وبين المقطع والمقطع من فيلمه) أتفاجئ بإبداعه وتجديده وتنويعه. وهذا الإبداع والتنويع والتجديد بقدر ما ارتبط بأحداث الحكاية ارتبط أيضا بطريقة إدارتها وإدارة الممثلين وأداء هؤلاء وخاصة محمد بسطاوي الذي لعب دور مصطفى وهدى الريحاني التي لعبت دور زكية، أعجبني أيضا أداء عائشة ماهماه التي لعبت دور أم زكية. ولقد رأينا من محمد وهدى (خاصة) أسلوبا تمثيليا جميلا اعتمد على الإحساس الذي يبدو على الوجوه ويرى في العيون دون كثير حركة للأجساد أو مبالغات في استعراض الأكتاف والأيدي.

وعن إدارة الممثلين وتوزيع أدوارهم عليهم أبدع محمد عسلي كما أبدع في السيناريو، حيث كان لكل ممثل مهما كان حجم مشاركته في الفيلم شخصيته القوية والمتميزة، فمعلم السياقة أمتعنا وأضحكنا رغم أن أداءه لم يتجاوز الدقيقة، رجل المافيا جعلنا نقتنع تماما ونهتز لما قال رغم اختصار حضوره في الفيلم، ذلك الساعي على دراجته النارية بين المدارس يحمل إليها تسجيلات الطلبة وتنقله بين مناهج المدينة الضيقة والهادئة وشعره الأبيض كالعهن المنفوش كان شخصية قوية الحضور وعميقته، تلك العجوز التي كانت تبحث لابنها عن عمل قريب منها لا يمكننا أن ننساها أو لا نتعاطف معها لأنها قوية بحضورها في سيناريو الفيلم وفي موقعها من فلسفة إدارة العسلي لممثليه، ويبقى أن من أهم ما رأينا من هذا النوع من التبجيل والتكريم لأداء الممثلين ذلك الحضور الرمزي والدرامي للوزير المقعد في آخر مشهد للفيلم حين تبادل التحية مع العروسين، فمن عند رقصة في ليل المدينة على سيارة ديكابوتابل تلاعب فيها العروسان بالهوى فرحا (وهو تصوير شعري وغير مبتذل لممارسة الحب ليلة الزفاف) ذهبا ليشاركهما "الأحباب" فرحتهما، وحضور الوزير هنا ليس كشخصية في الحكاية فقط ولكن كأداء متميز وصامت خلال كامل الفيلم أراد محمد عسلي أن يكرمه، إن عمل محمد عسلي هذا يعبق (دون جدال) إنسانية وذلك ضمن حكايته وكذلك بين ثنايا تصويره وإنتاجه لفيلمه.

أخيِّرُ أن أتوقف الآن عن الإنشاء لأتحدث قليلا عن جماليات الفيلم معتمدا ليس التحليل وإنما استعراض بعض المشاهد:

1-    مشهد تصوير دليلة في القسم مع التلاميذ، كانت تتكلم في المحمول وكان التلاميذ يتفاعلون مع ما تقول ويتعاطفون معها حين تبكي، وفي إحدى المشاهد حين خروجها من القسم لتكمل مكالمتها اكتشفناها داخل إطار أو شباك حديدي زين الصورة وعمق من تراجيدية هذه الشخصية. التصوير في المدرسة كان لنا معه مفاجئة أخرى وهي اكتشافنا مع مدرس آخر أنه كان يدرس شيوخا وكهولا وليس أطفالا وكان من بينهم مصطفى، حصة تدريسهم كانت شيقة وطريفة.

2-    مشاهد بيت مصطفى وفيه أمه وحدها في المطبخ أو وهي مع جارتها أم زكية في غرفة الجلوس تعمل معها على نسج البساط، التحاور الذي جمع بينهما وتبادل الأشياء من خلال خيوط المنسج واختيار أم مصطفى الكفيفة للألوان، فيه جدة وحميمية. في الإنتهاء من نسج البساط والقيام بقصه وبسطه على أرضية الغرفة (التي تبدل وجهها) مع البسملة وتقاسم الحلوى ما يشعرك بأن في العمل الفني والإبداعي شيء يشبه القران وفض للبكارة مقدس.

3-    هناك مشهد المقهى وحركة مساعد مصطفى بين طابقيها الأرضي والمزانين وكيف صاحبته الكاميرا واصعدت معه لنرى الخارج من خلال إطار وزاوية جديدة أخرجت الفضاء من جوه المنغلق والرتيب.

4-    هناك جمالية حركة نفس الشاب بين مواقف السيارات لجمع بعض المال لصالح إحدى المافيات وتسلله وهو على دراجته النارية بين السيارات المسرعة واختطافه للأوراق المالية المعلقة على أطراف أصابع بعض حراس المواقف وذلك دون توقف أو تباطؤ.

5-    مشهد السفارة الإسبانية وتصويرها من الخارج أو من الداخل كان سينمائيا متقنا، وكانت حركة الممتحِنين في تطلعهم إلى أصابع ساق دليلة فيه كثير من الدلالة الدرامية.

6-    التغيير الكبير الذي طرأ على الفضاء أمام بيت مصطفى بمناسبة الزواج عنه في الأيام العادية كان فيه جمالية وكان ناجحا جدا ديكوريا.

7-    مشهد زيارة مصطفى لمحل بيع السيارات الديكابوتابل والحوار الذي جرى بينه وبين البائع طريف وشيق ومعبر عن الطبقية الراسخة في المجتمع المغربي و"الحقرة" التي يعامل بها المنتمون إلى الطبقات الشعبية الذين يحرمون حتى من حق الكلام أو التعبير عن أنفسهم.

إن فيلم أياد خشنة هو فيلم جميل بحق ومع ذلك فإن فيه بعض النقاط القليلة السلبية التي يجدر بنا ذكرها:

1-                الأولى هي تلك البداية الدرامية القوية للفيلم والتي تمثلت في مشهد السطح وفيه رأينا الشاب مساعد مصطفى محاطا بأقفاص العصافير وهو يعرج غدوا ورواحا ثم نرى وقد دارت به مدينته من حوله، وهو حزين مأزوم ومفكر بدى المشهد من العمق والنجاح الدرامي بحيث أوحى لنا بمحورية شخصية ذلك الشاب الذي اكتشفنا فيما بعد أنه ليس سوى شخصية ثانوية، كما أن طريقة الأداء والإطار السينوغرافي الذين أحاطا بهذه الشخصية في هذا المشهد الأول من الفيلم وتناقضها نوعيا مع بقية مشاهد ظهورها في الفيلم جعلنا نحس بأن هناك خطئا ما في التعاطي مع هذه الشخصية التي بقيت غير ناضجة تماما في الحكاية.

2-                لقاء نفس هذه الشخصية مع ذلك الرجل الممثل لإحدى المافيات والحوار الذي جرى بينهما في السيارة وارتباطه بمصطفى وأهميته دراميا ثم عدم امتداده في صلب حكاية الفيلم فيما بعد جعلنا نتساءل حول مبررات وجود ذلك الحوار أصلا.

3-                هناك أيضا ظهور بعض الوزراء الذين زارهم مصطفى أثناء جولاته على البيوت، لقد بدى لي ظهورهم محتشما ولم يأتي بأي جديد دراميا وسينمائيا.

4-                مشهد طواف الشاب لجمع الأموال على عمال المواقف كان جميلا جدا في أول الفيلم كما قلنا ولكنه حين أعيد تقديمه في وسط الفيلم بحثا ربما عن ذاك التراوح النسقي الذي ذكرنا جاء بدون مبرر حكائي مقنع.

ختاما، نقول بأن هذا المقال الذي جاء مجملا ولم يحاول إماطة اللثام عن كل أحداث الفيلم ومضامينه العميقة كان هدفه الرئيسي هو الدعوة إلى مشاهدة الفيلم والإستمتاع به فهو فيلم جميل حد الفرحة.

سينماتك في 05 نوفمبر 2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)