أمين صالح

 
جديد أمينكتب في السينماجريدة الأيامجريدة الوطنالقديم.. الجديدملفات خاصة
 

القديم.. الجديد

كرمه المهرجان السينمائي لمجلس التعاون في دورته الثانية بالكويت

أمين صالح: السينما الخليجية مصطلح غير دقيق فنياً وجغرافياً

 

رؤى: صلاح احمد

اقرأ أيضاً .. ملف خاص عن المهرجان السينمائي الثاني لدول مجلس التعاون الخليجي

سيحاول امين صالح جاهدا اقناع شخصيات لا تحصى تملأ غرفته بدءا بخالد صديقه وقرينه في السكن مرورا بكل ابطال رواياته وسيناريوهاته السينمائية والتلفزيونية وصولا الى روايته الاخيرة التي لا تفارقه شخصياتها، لتلبية دعوة اللجنة المنظمة للمهرجان السينمائي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته الثانية التي اقيمت في الفترة من 5-11 مايو الجاري في الكويت – بعد قطر العام الماضي- حيث اختير ضمن ستة شخصيات سينمائية في منطقة الخليج ليتم تكريمهم هذا العام على مشوار عطائهم السينمائي.

اقنعهم واحدا واحدا بعد ان وافق على تقليص مدة غيابه والسماح لهم بتوديعه في المطار مشترطا ان يلتزموا الصمت وان لا يحدثوا جلبة تخرجه من طقس هدوء السفر اقول هدوء السفر لئلا اقول ذعره، فصار يذرع المطار متأبطا الصمت وابتسامة لا تفارقه، فيما جيش الشخصيات يعبث بكل شيء، يتجاهلهم ولا يدخل معهم في اي شكل من اشكال الحوار كما لو انهم غير مرئيين بالنسبة له بينما الناس يراقبونهم باعجاب ويبادرونهم التحية بوصفهم شخصيات مشهورة.. والمشاهير مقبول منهم كل شيء. 

يقول امين بعد ان اطمأن الى ان جيشه ذهب للنوم حينما ارهقهم انتظار الطائرة التي تأخرت ساعات عن موعدها: المهرجانات الخليجية هي الفرصة السانحة امام الشباب لعرض مشاريعهم السينمائية وخصوصا الافلام القصيرة، بل انني استطيع ان ازعم بان هذه المهرجانات هي السبب الرئيسي في تنامي مشاريع السينما في البحرين بصورة خاصة وفي الخليج العربي بصورة عامة.

لا يترك امين شاردة او واردة حول تجارب الشباب السينمائية في البحرين والخليج الا ويمنحها رعايته وعنايته فيتفحص التجارب كمزارع يراقب ثمار البستان بحب وامل غامرين وهي تمر في اطوارها، هذا ما يجعله شديد الحساسية في تفاعله مع التجربة، وذلك ما جعله يستهل ورقته التي ساهم بها في ندوات المهرجان والتي كان عنوانها السينما في البحرين، وقدمها في اليوم الثالث، بتفنيد لظاهرة استخدام مصطلح السينما الخليجية بوصفه اطارا ضيقا لا يليق بالسينما قائلا «اتحفظ على مصطلح السينما الخليجية المستخدم كثيرا وبشكل شائع في اي حديث عن السينما في دول الخليج فالمصطلح غير دقيق فنيا او جغرافيا. لدينا فقط محاولات وتجارب فردية متباينة المستوى والقيمة، طرحت نفسها في فترة قصيرة زمنيا.

من خلال متابعتي المتواضعة لمختلف التجارب السينمائية عندنا لا استطيع بعد ان احدد سمات معينة تميز هذه السينما، في دول الخليج عن بقية المناطق الاخرى وربما يجعلني هذا أتساءل عن مدى اهمية او ضرورة توافر سمات معينة لسينما محلية؟ هل معرفة السمات مفيدة نقديا؟ وهل يمكن ان توجد سمات خاصة توحد تجارب هي في جوهرها متنوعة ومتباينة بالضرورة؟ وهل يعنينا فعلا ان نجد التمايز بين تجربة واخرى؟ ما الجدوى؟ ما المعنى؟ ما الذي سنكسبه من هذا التحديد؟.

كل فيلم له كينونته الخاصة، طرائقه الخاصة، تأويلاته الخاصة، وله حياته المستقلة، لا نقدر ان نجمع الافلام تحت بطاقة تعريفية واحدة».

كمن اقترح افق ارحب للتعامل مع التجارب السينمائية التي تتبلور كل يوم في منطقة الخليج وترك كل المشاركين في مهب الافق العالمي بعيدا عن الدروع والنياشين الوهمية المحلية التي اطرت الطرح السينمائي لديهم، قال لهم بصمت جهوري التجربة السينمائية اكبر من كل المسميات والتصنيفات والجنسيات والحدود الجغرافية، ما ان فرغ من الاهم حتى انتقل الى المهم في ورقته حيث تاريخ السينما في البحرين وهو يعرف اننا لا نزال هناك نحاول الخروج من اطار الخارطة الخليجية كشرط للعمل السينمائي، يعرف ان هذا هو المحور الحقيقي في ورقته رغم حشد المعلومات التي وردت عن تجارب البحرينيين السينمائية والعوائق والمصاعب التي تواجهها من حيث التمويل والتوزيع واعداد الكوادر اللازمة.

اسهب امين صالح في ذكر تفاصيل مسيرة المحاولات السينمائية في البحرين، وكنت شخصيا اتوق لمعرفة رأيه في ازدهار التجارب السينمائية مؤخرا والتي غالبا هي افلام قصيرة ووثائقية فيقول امين: «الافلام القصيرة والوثائقية هي نتاج محاولات فردية تتعرض للانقطاع والتوقف بالتالي لا يمكن ان نتحدث عن حركة سينمائية بالمعنى الانتاجي والفني انما هي محاولات متعثرة والانتاج السينمائي في البحرين لم يشهد استمرارية ملحوظة ومطردة وتناميا جليا في الكم وتطورا لافتا في النوعية، الا مع اقامة مسابقة الافلام في ابوظبي ومع استمرارية المهرجانات السينمائي في دبي وابوظبي وقطر.

مع استمرار مسابقة افلام من الامارات واقامة مهرجانات جديدة مثل مهرجان دبي السينمائي ومهرجان الخليج بدبي استمرت عجلة انتاج الافلام في البحرين على الوتيرة ذاتها والحماس ذاته ضمن ظروف صعبة ومتقشفة ومن غير دعم من اي جهة رسمية او اهلية معتمدين - الشباب - على امكاناتهم المادية الخاصة الفقيرة والمتواضعة، وعلى استعداد الفنيين والممثلين للعمل المجاني دعما ومساندة للشباب من جهة وللمساهمة في خلق سينما جادة ومتقدمة تنسجم مع الطموح الفني والرغبة في الابداع».

يقول امين بصوت مرتفع «السينما في البحرين كما في اقطار الخليج الاخرى تعاني من قلة او ندرة العناصر الفنية المؤهلة سينمائيا فالمخرج المتحمس لتحقيق فيلمه على نفقته الخاصة يحتاج الى مصور وفني صوت ومونتاج وغير ذلك من العناصر لذلك يضطر الى التعاقد مع فنانين عرب او اجانب الامر الذي يعني زيادة التكاليف.

ان الافتقار الى هذه العناصر يفضي بطبيعة الحال الى افقار الفيلم فنيا والتقليل من قيمته واهميته وافقاده القدرة على التأثير، العديد من الافلام اخفقت بسبب نقص التجربة وسوء توظيف الادوات من كاميرا واضاءة وصوت وموسيقى ومونتاج وضعف ادارة الاداء والافتقار الى الادراك الحقيقي بتقنيات السينما.

عموما لا ينبغي لهذا ان يشل حركة صانعي الافلام ويزرع اليأس في نفوسهم بل ان يخلق نوعا من التحدي والانحياز الى الابداع لا الى اي هدف اخر».

سيستفيد امين من فرصة وجود عدد من النقاد الذين يحضرون ندوته السينمائية ليوجه اسئلته الشائكة لهم حول فائدة وضرر النقد الصارم ام النقد المتساهل فيسأل دون ان ينتظر اجابة «هل يحق لنا كنقاد (الان على الاقل) ان نأتي الى هذه الافلام التي لا تدعي الاحترافية ولا تزعم النضج الكلي، مسلحين بأدواتنا النقدية - الحادة والحازمة غالبا - لنحلل ونشرح ونقيم عناصرها وتقنياتها ومحتواها كما نفعل عادة مع افلام المحترفين فنحكم عليا - ربما - بالفشل والضحالة والسذاجة وبالتالي نعرض اصحاب هذه التجارب الى سلسلة من التوبيخ والاستهزاء والاذلال؟.

من جهة اخرى هل حداثة التجربة وطراوتها بحكم البدايات تشفع لمخرج الفيلم كل اخطائه وشوائبه ونواقصه هل تكون ذريعة للتغاضي عن ضعف عمله او سلبياته؟

اذا كان النقد الصارم عاملا حاسما في الحاق الضرر بمنتج العمل وربما تدمير موهبته الغضة التي لم تتبلور وتتقوى وتتماسك بعد، الا يمكن للنقد المتساهل، المتعاطف، المتغاض عن الاخطاء ان يمارس الضرر نفسه؟

يقول امين انه حيال هذه المعضلة التي يواجهها الناقد لتقييم التجربة «لابد ان هؤلاء الشباب منتجي الافلام يتمتعون بروح عالية من الشغف بالفن السينمائي من جهة وتجدي الواقع الرافض لهم من جهة اخرى وهم يعلمون جيدا ان امامهم طريقا طويلا وشاقا من النضال في سبيل فرص انفسهم وافلامهم واثبات حضورهم في الساحة الثقافية وانتزاع اعتراف الاخرين بهم.

لولا عشقهم للسينما وشغفهم بالتعبير عن ذواتهم وافكارهم وهمومهم واحلامهم من خلال السينما لما تجشموا كل هذا العناء في مخالفة المعايير السائدة وبذل المال والجهد الوقت في تحقيق افلام لا تجد لها قنوات للعرض والانتشار، هؤلاء الشباب بأفلامهم القصيرة الدرامية والوثائقية يجاهرون بحقهم في التعبير وفي العيش حسب ما تمليه قناعتهم لا كما يريده او يفرضه الاخرون.

بالطبع نحن لا نتوقع ان تكون كل التجارب متميزة وعميقة لكن مع الوقت، مع ثبات وتأصل الشغف بالسينما، مع توافر الرعاية والاهتمام والدعم، لا بد لنا ان نشهد انتاج اعمال مهمة متميزة ذات غنى وتنوع في الرؤية والاسلوب والمعالجة والطموح».

لهذا المعني الثقافي العميق الذي يجسده استحق امين التكريم عن جدارة في هذا المهرجان، فهو الصوت السينمائي الاكثر عطاء، الباحث الدؤوب، لم يقدم طرحا او ورقة عمل في اي مهرجان دون ان يضع يده على جرح اللحظة السينمائية اقليميا، ذلك ما جعله يلفت انتباهنا الى ان تجنيس الانتاج السينمائي هو شكل من اشكال العبث والتأطير غير المريح او المفيد. 

تجدر الاشارة الى ان المهرجان في نسخته الكويتية قد كرم بالإضافة الى امين صالح من البحرين فقد كرم كل من بدر محمد المضف من دولة الكويت كما تم تكريم الكاتب فهد الاسطاء من المملكة العربية السعودية، ومن الامارات المخرجة السينمائية نجوم الغانم، كما تم تكريم المخرج العماني حمد بن خلفان بن سالم الوردي، وفي لفتة غاية في الاهمية تم تكريم المصور السينمائي القطري علي حسن الجابر الذي تم اغتياله في ليبيا ابان احداث الانتفاضة الليبية عام 2011 حيث كان عضوا مع فريق قناة الجزيرة الذي يغطي الاحداث الليبية.

الأيام البحرينية ـ  18 مايو 2013

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004