شعار الموقع (Our Logo)

 

 

بين فيلمه “إلى أين” الذي اخرجه في منتصف الستينات، وانتقاله إلى تعليم المادة السينمائية في أحد المعاهد المتخصصة، اجتاز المخرج اللبناني جورج نصر “الصحراء”، إذ لم يضف الى انتاجه اي جديد يذكر، باستثناء شريط وثائقي ترويجي لحساب وزارة الثقافة، ولا ابصر مشروع من مشاريعه النور، علما ان السينما اللبنانية كانت بنت آمالها على هذا الموهوب في وقت من الأوقات، عندما كان اول لبناني يعرض فيلما في مهرجان “كان”. مسيرة جورج نصر الفنية طويلة واستقرت في محطة الاخراج. يقول: “أمضيت عامين في دراسة الهندسة بالمراسلة مع جامعة أمريكية، ثم قررت ان اتابع دراستي في أمريكا فسافرت الى شيكاغو ومنها إلى كاليفورنيا في عام 1951 لأتقدم بطلب إلى جامعة “يو سي ال آي”، إلا أن الجامعة لم تعترف بشهادتي في شيكاغو، فاضطررت إلى معاودة الدراسة من جديد. كنت أسكن في غرفة صغيرة لدى سيدة عجوز. وفي يوم من الأيام قررت ان تعرفني إلى مدينة لوس انجلوس، وتوقفت في محطة لتتزود بالوقود فرأت شابا يدعى “جيم” كان يسكن لديها. سألته ماذا يفعل فأجابها بأنه يدرس السينما. فقلت: ماذا .. السينما؟ بالنسبة إليّ كانت السينما حلماً فلم اعرف ان بإمكان اي كان ان يدرسها، فسألته عن مكان دراسته فأجابني “في “يو سي ال آي” في قسم خاص”.

في اليوم التالي سجلت فيه، لأن السينما بالنسبة إليّ شغف كبير. كنت اشاهد 8 أفلام في الاسبوع على مدى اعوام، وبعد اربع سنوات تخرجت في الجامعة، ثم تدربت عاماً في استوديوهات هوليوود، وكذلك في فرنسا، حيث عرض علي أن امثل، ولكنني اردت ان أنهض بالسينما اللبنانية وعدت في عام 1955. في عام 1967 سافرت إلى “كان” لأعرض اول فيلم لي “نحو المجهول” وقد ذكره الناقد والمؤرخ السينمائي جورج سادول في كتابه “تاريخ السينما العالمية” كما ورد ايضاً في موسوعة السينمائيين، ومدته ساعة و25 دقيقة تقريبا. وعرض اخيرا في احد المهرجانات السينمائية ولاقى ترحيبا حسنا .. ورغم مرور زمن طويل على تصوير الفيلم، إلا أنه لا يزال محافظا على “نضارته” لقد مضت عشرون عاما على مشاهدتي الفيلم وعندما شاهدته حديثا وجدت بعض النقاط الضعيفة في الحوار وخصوصا في المكياج ولكنه في الحقيقة اعادني إلى شبابي”.

·         وهل لاقى الفيلم نجاحا عندما ظهر للمرة الأولى؟

- في “كان” عرض الفيلم بعد مرور سبعة أشهر تقريبا على تأميم قناة السويس، لقد أمم جمال عبدالناصر القناة في اكتوبر/تشرين الأول، وعرض الفيلم في مارس/آذار. ولحسن الحظ أو لسوئه يكتب اسمي كاسمه “ناصر”، عانى الكثيرون من عبدالناصر وظنوا انني من اقربائه. لقد تعرضت للقدح والذم من بعض الجرائد. فجريدة “فرانس سوار” تعرضت لي شخصيا، أما صحيفة “لو فيجارو” فوصفت الفيلم “بمحاولة شعرية لبنانية”، وبعد أن شاركت في مهرجانات عدة اكتشفت انه لا يمكن تقديم فيلم من دون تحضيرات مسبقة أو علاقات عامة ومن دون آلية عمل، لقد كنا سذجاً مبهورين بفكرة وصولنا إلى “كان”.

·         وهل عرض الفيلم في لبنان وقتها؟

- نعم، لكننا وجدنا صعوبة في عرضه. آنذاك كان هناك ست صالات عرض. وبعض اصحاب الصالات رفض عرضه نهائيا، وبعضهم طلب اجراً اسبوعيا ضخما. فوافق المنتج على دفع الأجر إلا أن أحد اصحاب الدور السينمائية رفض عرضه. بعدئذ وافق اثنان منهم على عرضه بغية مساعدة السينما اللبنانية، وقالا لي ان هناك ثلاثة اسابيع أو خمسة شاغرة بإمكاننا عرض الفيلم فيها ولكن في اليوم التالي تراجعا عن قولهما. بعد اسبوعين وعندما كنت متجها إلى فرنسا في رحلة سياحية، شاهدت أحد اصحاب الصالات اللبنانية على متن الباخرة، وكان ينزل في الدرجة الأولى، في بادئ الأمر، تظاهر بأنه لا يعرفني، وبعد ثلاثة أيام قضى سهرة معنا، قال لنا خلالها انه تعرض لضغوط منعته من عرض الفيلم. وفي النهاية اضطررنا لعرضه في دار الأوبرا المخصصة لعرض الافلام العربية. وكان الجمهور اعتاد مشاهدة الافلام العربية. لذا شعر بشيء من الغرابة. وعلى الرغم من ذلك عرض الفيلم اسبوعين، وعرضت الصالات الأخرى الافلام الامريكية والاوروبية لمنافستنا بهدف مقاومة نشوء سينما لبنانية وقد دفعت أنا ثمن ذلك. عندئذ قررت ان اتوجه إلى جمهوري بفيلم بالفرنسية وعرض بدوره في “كان” ولكن في الغرب لم يريدوا ان اقفز من المحلية إلى العالمية. لكنني حظيت بجلسة خاصة في باريس في حضور السيناريست اندريه تابيه الذي هنأني قائلاً: “انني فخور بالعمل معك. اذهب إلى فرنسا مرفوع الرأس وستجدني في انتظارك” وفي اليوم التالي جاءت الانتقادات كالآتي: “لقد مال نصر في تقنيته في غالبية الأوقات الى تقليد الآخرين من السينمائيين العالميين” وحين قرأ تابيه الجرائد غضب وقال لي انه لا ينبغي عرض فيلم في “كان” على هذا النحو، فثمة ترتيبات وجب القيام بها ولكنني لم اعرف ذلك. وادركت انني لو قمت بها لجاءت الانتقادات كالآتي: “تذكرنا تقنيته بالمخرج المشهور فلان” .. وهذا سيكون له اثر مغاير”.

·         وماذا فعلت بعد اول فيلم “نحو المجهول” والثاني “الغريب الصغير”؟

- لم يعرض الفيلم الثاني ايضاً في لبنان للأسباب نفسها وهذه المرة بحجة ان الفيلم كان باللغة الفرنسية، من ثم اخرجت افلاما وثائقية وبعد مرور احد عشر عاما دعتني نقابة الممثلين السوريين إلى اخراج سيناريو كتبه صديق اصرّ على أن اكون من المخرجين الثلاثة للفيلم الذين اختارهم بنفسه، الأول هو المصري يوسف شاهين والثاني الجزائري الاخضر حامينا واخرجت معهم “رجل واحد يكفي” وكنت اريد ان اثبت لمن ندعوهم بالمنتجين انه بإمكاننا صنع فيلم فني ذي رسالة وتجاري في الوقت نفسه. انجزت الفيلم في فبراير/شباط 1975 وفي الأول من مارس/آذار اندلعت الحرب، لم اترك البلد وأخرجت اكثر من مائتي اعلان إلا انني كنت اسافر مرتين أو ثلاثاً في السنة.

الخليج الإماراتية في 5 يونيو 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

مخرج لبناني خلطت الصحافة الغربية بينه وبين عبدالناصر

جورج نصر

الوصول للعالمية يحتاج إلى علاقات عامة