شعار الموقع (Our Logo)

 

 

* الدراما المصرية مهددة بالانهيار وفقدان جمهورها وأسواقها

* مسلسلات رمضان الماضي كانت مهزلة.. وأصابت الناس بالبلاهة والتخلف

لم يتفق كل مثقفي مصر.. ونقادها علي كاتب دراما تليفزيونية واحد مثلما أجمعوا علي أسامة أنور عكاشة وهم في ذلك لم يكونوا.. يجاملونه.. بل يعطونه أقل مما يستحق!

فهو نجم الدراما التليفزيونية الأول الذي سطر بيديه عبر ما يزيد علي 25 عاماً أعمالاً متقنة قاربت في جودتها حد الملاحم والأساطير الشعبية عن مصر وأهلها.

فمن منا يمكن أن ينسي «ليالي الحلمية» و«بوابة المتولي» و«عصفور النار» و«الراية البيضا» و«أرابيسك» و«ضمير أبلة حكمت» وغيرها من عشرات الأعمال المدهشة ـ وهو في هذا لا يحتاج مناسبة للحوار.. فأعماله دائماً حاضرة.. وقضاياه دائماً جدلية ومتجددة.. لكن لأنه عودنا علي الدهشة.. فإن من المنتظر أن تظهر له هذا العام ثلاثة أعمال دفعة واحدة «كناريا وشركاه» مع المخرج إسماعيل عبدالحافظ زميل سلاحه وصديق عمره، الذي تعاقد أيضاً علي تصوير أحدث أعماله «أيام في السيالة».. ومسلسل آخر جديد عن روايته «وهج الصيف» يخرجه ابنه هشام عكاشة، ويكتب له السيناريو عاطف بشاي.

فماذا عن قضايا أعماله.. وحواديته الممتعة المؤلمة!.. وماذا أيضاً عن آرائه تجاه كل ما يعترض الدراما المصرية من أزمات وما يلم بها من أمراض.. وعليها فقد واجهناه بكل ما نملك.. ودار الحوار علي النحو التالي:

·         أستاذ أسامة.. البداية من مسلسل «كناريا وشركاه» مع المخرج إسماعيل عبدالحافظ.. ماذاعن قضية العمل؟

ـ نقدم دراما اجتماعية تطرح هموماً سياسية ملحة.. لكن اسمح لي أن أقول لك إن كلمة القضية تبدو لي أحياناً كلمة مبالغا فيها جداً.. فقد يستغرق الفنان عمره كله في مناقشة قضية واحدة.. فإذا قلنا مثلاً إن قضية هذا الفنان هي «هم العدالة الاجتماعية وتحقيقها» فقد تستغرق مناقشة الفنان لها عمره بأكمله.. فعذراً.. كلمة القضية تبدو لي أضخم من قولها علي كل عمل فني.. لكن الصحيح أنه في كل مرة تلح علي خاطري تيمة معينة فأناقشها.. في «كناريا وشركاه» كان همي الحديث عن تيمة إنسانية وتساءلت من خلالها.. هل يعتبر الحكم علي الإنسان الخاطئ حكماً نهائياً؟.. أم أن هناك أمامه دائماً فرصة للتكفير.. وكيف يمكن أن يكفر عن خطئه؟  فمثلاً إذا أخطأ إنسان في حق بلده أو مجتمعه.. فكيف يكفر عن خطئه ويتجاوزه ؟

·         ماذا عن الملامح العامة لشخصيات المسلسل؟

ـ شخصيات المسلسل وأحداثه كثيرة فعلاً.. لكن بطل العمل هو الفنان فاروق الفيشاوي.. «سيد القومي» الشهير بـ«سيد كناريا».. مدرس رسم حدثت له ظروف دفعته إلي أن يرتكب جريمة ويخطئ في حق بلده ويدفع ثمن هذه الغلطة في السجن.. وبعد خروجه نتساءل من خلال العمل هل أمامه فرصة حقيقية للتوبة والاستقامة أم لا؟!.. هل يستطيع أن يصلح خطأه ليغفر له الناس ما عمله أم لا؟!

·         الأخبار التي تناثرت عن العمل في البداية كانت تشير إلي اتفاق شبه قائم بينك وبين الفنان محمود عبدالعزيز.. علي تنفيذ العمل إلي أن تم الاختلاف.. فما حقيقة الأمر؟

ـ يا سيدي.. محمود عبدالعزيز.. كان اقتراح مدينة الإنتاج الإعلامي فأنا لا أفصل سيناريوهات جاهزة علي مقاس أحد.. استثنائي الوحيد أنني كتبت مرة واحدة لـ«محمود مرسي» وأنا أعي ذلك تماماً.. فيما عدا ذلك.. فأنا أكتب موضوعاتي باستقلال تام وليس في ذهني فلان أو علان.. لكن ما يهمني هو درجة لياقة الممثل وقدرته علي أداء الشخصية.. ترشيح محمود عبدالعزيز كان احتمالا قائما في بداية العمل عندما كان مسلسل «كناريا وشركاه» مجرد قصة مكتوبة في عدة أوراق.. والفنان محمود عبدالعزيز له قدره وأنا لم أعترض عليه.. لكن بدري.. بدري اختلفنا.. لأنه كان له وجهة نظر يريد تنفيذها من خلال العمل وعندما لم يجدها لأنني كما قلت لا أفصل لأحد ولا أقدم دراما حسب الطلب.. اعتذر عن العمل!

·         عندما يتعاون أسامة أنور عكاشة مع المخرج إسماعيل عبدالحافظ تقفز إلي الذهن مباشرة.. ذكري الأعمال العظيمة التي قدمتماها معاً.. والسؤال: ما الذي يعطيه إسماعيل عبدالحافظ لأعمال اسامة أنور عكاشة؟

ـ شوف.. الأستاذ إسماعيل عبدالحافظ ليس فقط مجرد مخرج أتعامل معه وإنما هو صديقي وبلدياتي من كفر الشيخ وزميلي في المدرسة وفي كلية الآداب.. بعدها تقدمت أنا للعمل كمؤلف تليفزيوني.. وعمل هو كمخرج وكان طبيعيا أن نلتقي.. لأننا خرجنا معا من أرضية إنسانية واحدة وأصل واحد وتاريخ متشابه والتقاء فكري حول المبادئ الإنسانية التي يؤمن بها كل واحد منا.. والعمل الفني يأتي التقاء حول ذلك كله.. إسماعيل يمثل لي زميل سلاح وصديق عمر لذا خرجت أعمالنا معا لها قيمة وشأن، فهو مخرج يمتلك أدواته وأعماله لها نكهة مميزة وقادر دائما علي أن يوصل أعماله إلي جمهوره بحميمية كبيرة.

·         كثيرون من مشاهدي التليفزيون أصبحوا يشعرون بغربة في الأجواء والصراعات والشخصيات المقدمة علي الشاشة الصغيرة، فما أسباب ذلك في رأيك؟

ـ السبب.. تحول المسألة إلي صنعة وتجارة أكثر منها فنا ودخول كثير من الدخلاء وأرباع الموهوبين علي ميدان الكتابة التليفزيونية.. التي استسهلوها وتصوروا أنها مهنة مربحة.. لذا فكل من استطاع أن يفك الخط ويقسم الصفحة إلي يمين وشمال.. تصور أنه كاتب دراما.. ولأنه وللأسف هناك حاجة ملحة فعلا إلي كثير من الأعمال الدرامية.. فقد أصبحت مهنة تعبئة الشرائط هي سمة الفترة ولم يعد هناك تدقيق.. فالكتاب القديرون عددهم صغير ولا يستطيع أن يسد علي عدد الأعمال المطلوبة.. فجاءت النتيجة كما نري.. طفح كثير من دخلاء الدراما التليفزيونية وأرباع الموهوبين علي السطح لأنهم استطاعوا أن يأتوا بتفصيل درامي مناسب علي النجم أو النجمة التي يريدها الإعلان.. فالمسألة الآن أصبحت تخضع لسطوة الإعلان.. حتي في جهاز إعلامي تابع للدولة.. المفروض أنه يقدم خدمة فنية وإعلامية للناس.. تحول التليفزيون إلي تاجر وسمسار إعلانات وأصبح المحك عنده هو مدي قدرته علي تحقيق أموال من الإعلانات تحت ادعاء أنه يصرف منها علي الخدمة المجانية وهذا طبعا كلام فارغ.. لأن الهدف هو أداء الخدمة للناس لتطويرهم ثقافيا واجتماعيا.. والارتقاء بوجدانهم وعليها لا يصح أن تتخذ من الفلوس تكئة.. لكي تقدم لهم فنا مسموما.. وأنا أعتبر الفن التافه أكثر ضررا من المخدرات علي الناس.

·         أستاذ أسامة.. كلامك عن دخلاء الدراما التليفزيونية ومدعيها الذين عملوا علي تسميم الوجدان المصري والعبث بعاداته وقيمه الأصيلة بمسلسلات ساقطة.. ألا يقتضي ذلك ـ ظهور تكتل فكري من كبار المبدعين.. يتصدون للأعمال الساقطة ويحاربونها؟

ـ لا تقدر أن تمنع أحدا من الكتابة.. فهو يملأ أوراقا مسمومة ويجد كثيرا من التجار علي استعداد لشرائها.. فالقبول والرفض.. لم يعودا خاصين بالمستوي الفني للعمل.. بل أصبحا مرتبطين بقدرة كل دخيل علي الاتيان بتوقيع نجم أو نجمة علي العمل.. وهكذا يبدأ التصوير!.. خصوصا بعدما تأزمت الأمور في السينما وطردت كل نجومها الكبار فلم يجدوا كهفا يأوون إليه سوي التليفزيون.. فأصبح التليفزيون بهم أشبه بجمعية مشوهي السينما الذين ضاعت نجوميتهم السينمائية فاتجهوا إلي التليفزيون المسكين يفرضون عليه أجورهم الباهظة بدعوي أنهم نجوم.. وللأسف لا يوجد شباك تذاكر في التليفزيون يقر هذه الأسطورة أو يدحضها؟!.. وهكذا تجد أن الدراما التليفزيونية في مصر.. قد أصبحت مهددة بالانهيار وفقد جماهيرها وأسواقها.. وكلنا نذكر مأساة رمضان الماضي عندما كان الهدف أن يحضروا فلانة إلي التليفزيون وجاءت لتزيد الطين بلة!.. مضيفا أن الرقابة الآن تمرر كل الأعمال التافهة ولا تجد من يلوم عليها.. وكلما كان الورق هزيلا وسطحيا.. ازدادوا حفاوة به وترحيبا له!.. لأن عملة التفاهة هي الثقافة السائدة.. ثقافة تبطيط عقول الناس وهرسها.. هل يعقل أن يقدم التليفزيون المصري في رمضان الماضي ما بين 15 ـ 20 مسلسلا كلها يشيع ثقافة الجهل وتصيب بالبلاهة والتخلف؟!

·         ننتقل إلي عمل آخر.. مسلسل «وهج الصيف» والدراما الموجودة به؟

ـ مسلسل «وهج الصيف» ليس من أعمالي هو فقط عن رواية لي صدرت بهذا الاسم، واشتراها منتج لتقديمها فنيا وقام الأستاذ عاطف بشاي بكتابة السيناريو لها.. لأنني رفضت أن أقوم بتحويل رواياتي الأدبية إلي أعمال تليفزيونية.

·         لكن الحدوتة القائم عليها العمل من تأليفك؟

ـ الرواية جنس أدبي له خصوصياته.. تخضع لمدارس حديثة في السرد وهي في ذلك تختلف اختلافا كليا عن الدراما التليفزيونية.. وحتي لو قرأت لك الرواية وحدثتك عن الحدوتة الموجودة بها.. سأظلم العمل الفني والزاوية التي استند عليها «بشاي» في عمله.. فالمسلسل لن يكون اسمه «وهج الصيف».. بل سيقدم باسم آخر عن رواية «وهج الصيف».

·         «وهج الصيف» هو أول أعمال المخرج هشام عكاشة عن أحد أعمالك الروائية.. لماذا لم تكتب له دراما مباشرة؟

ـ هو أصر علي ذلك لكي لا ينسب نجاحه إلي جهد والده.. فهو مؤمن بأنه لابد أن ينجح بنفسه بعيدا عن ظل أبيه وجلبابه.

·         دائما.. ما تثور أسئلة حول مدي أحقية أبناء المبدعين الكبار في الدخول إلي الوسط الفني؟.. ما رأيك؟

ـ الحقيقة أنه عندما تنظر إلي الأمور بموضوعية ستجد أن نشأة الأولاد في جو فني.. في منزل أي فنان من المؤكد أنه سيكون له تأثيره الواضح عليهم.. فماذا ننتظر من ابن ينشأ في منزل كاتب.. صداقات أبيه من الفنانين والمخرجين والكتاب.. مؤكد أن البيئة المحيطة ستشكل وجدانه.. وهنا سيظهر دور الموهبة إذا كان لديه استعداد وموهبة سينجح.. أما ما دون ذلك فلن ينجح.. وأنا رفضت تماما أن أكتب لابني هشام ولم أحاول أن أفرضه.. فلقد عمل لمدة طويلة جدا كمساعد مخرج في السينما والتليفزيون مع عاطف الطيب ومحمد فاضل ومحمد عبدالعزيز وإبراهيم الصحن، بالإضافة إلي أنه خريج معهد السينما.. فهو لم يعتمد علي اسمي مطلقا وسار في الطريق العادي الذي يسلكه أي مخرج. فالنجاح لا يفرض نفسه.. وإنما ينبع من مقدرة الإنسان ذاته.

·         ماذا عن أجواء وظروف الكتابة الدرامية عند أسامة أنور عكاشة؟.. نذكر أن الأستاذ نجيب محفوظ.. قد تحدث كثيرا عن تفاصيل العملية الإبداعية عنده.. وكيف أنه يكتب يوميا وبعدد ساعات محدد؟

ـ عمنا الأستاذ نجيب محفوظ رجل مهندس من الطراز الأول.. صاحب معمار روائي يندر تكراره وهو منظم في حياته إلي درجة مدهشة.. وأنا لست منظما إلي هذه الدرجة ولا أقدر علي ذلك.. فأنا أكتب عندما تواتيني الرغبة في الكتابة.. نحن نحاول أن نتشبه به في بعض الأساليب.. لكن من منا يصل إلي قامة نجيب محفوظ؟!.. بالإضافة إلي أنني لا أقوم بعمل Treat ment ولا معالجات تفصيليه لشخصياتي.. فأنا أبدأ العمل ولا أعلم ما الذي سينتهي به.. لأنني أكتب حسب تدفقي الشخصي.. ولا أسوّد ولا أبيض ما أكتبه ولا أقرأه.. وإلا قطعته!.. لكني أصلح فيما بعد الأخطاء المطبعية وقت البروفة مع الممثل.. لكني من فترة استطعت أن التزم بالكتابة يوميا.. ولم أكن أعرف ذلك من قبل، لأنني في الأساس كاتب محترف ومطالب بالتزامات مع أجهزة ومنتجين.

·         «أيام في السيالة».. آخر ما كتبت من أعمال.. السؤال عن حدوتة العمل والملامح العامة لقضيته؟

ـ «أيام في السيالة» عن أولاد الأحياء الفقيرة في الإسكندرية.. فـ«السيالة» أحد أحيائها الفقيرة.. عفاريت السيالة التيمة الرئيسية فيه.. عن الدور المدمر للفلوس في حياة بعض الشخصيات.. ولا تنس أن هذه هي تيمتي الأساسية في أغلب الأعمال.. لأن الاقتصاد هو محرك الشعوب.

·         لماذا لم تفكر في تدريس تجربتك الدرامية؟

ـ الإجابة ببساطة أنه لا يصح أن أسير في الشارع وأنادي بتدريس تجربتي الدرامية.. هذا لا يأتي إلا من خلال مؤسسة وسبق أن اقترحت ذلك علي اتحاد الإذاعة والتليفزيون.. أن يقوم بإنشاء معهد تابع له.. يقوم علي تدريس الدراما التليفزيونية لكي أنقل أنا وغيري تجاربنا إلي الأجيال الجديدة.. لكن لا حياة لمن تنادي.

·         أخيرا.. متي يشعر الكاتب بالإفلاس.. وهل هناك أعمال غضبت بعد كتابتها؟

ـ يشعر الكاتب بالإفلاس عندما يكرر نفسه.. عندما يظهر له عمل ويقولون له.. ياه.. تاني ما أنت قلت قبل كده!.. أسعد جدا عندما يقابلني أحد ويقول لي.. يا ريت يا أستاذ تكتب لنا حاجة زي «ليالي الحلمية».. ساعتها أفرح لأنني أعرف أنني لم أكرر نفسي.. أما بخصوص أعمالي المغضوب عليها من جانبي ـ يضحك ـ ياه كثير فأنا كتبت نحو 40 عملا للتليفزيون منها ما لا يقل عن 10 مسلسلات لست راضيا عنها.. وأنا لا أحب أن أتنصل من المسئولية فالنجاح والفشل وجهان لعملة واحدة.

جريدة القاهرة في 1 يونيو 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

يعرض له 3 مسلسلات معًا في رمضان القادم

أسامة أنور عكاشة

رفضت أن أكتب مسلسل تفصيل لـ «محمود عبدالعزيز»

إبراهيم شعبان