شعار الموقع (Our Logo)

 

 

يتزامن عرض الفيلم التاريخي الملحمي «طروادة» في ثلاث من دور السينما بعمان مع عرضه في 3411 من دور السينما الاميركية، حيث يحقق اقبالا جماهيريا كبيرا في المكانين. وتستند قصة فيلم «طروادة» الى ملحمة الالياذة للشاعر اليوناني هوميروس التي تقع احداثها في القرن الثاني عشر قبل الميلاد. وقد استخدم الكاتب السينمائي ديفيد بينيوف في سيناريو فيلم «طروادة» جميع الشخصيات الرئيسية في الالياذة، والاطار الرئيسي لتلك القصة الملحمية، الا انه تصرف بحرية في تغيير حبكة القصة. كما انه استعان بملحمة الالياذة للشاعر الروماني فرجيل وبغيرها من المصادر التاريخية.
ومن التغييرات الكثيرة التي ادخلها الكاتب السينمائي ديفيد بينيوف على قصة الالياذة انه لخص احداث القصة بحيث يقع حصار طروادة والحرب ضدها وسقوطها خلال فترة اسبوعين في حين ان تلك الاحداث تستغرق في القصة الاصلية عشر سنوات. وقدم في الفيلم ثلاث قصص غرامية بدلا من قصة الحب الرئيسية بين الأمير باريس ابن ملك طروادة وبين الملكة هيلين زوجة ملك اسبارطة.

وقد واجه مخرج فيلم «طروادة» المخرج الالماني فولفجانج بيترسين خيارا بين تقديم فيلم تاريخي واقعي على غرار فيلم «سيد وقائد: الجانب البعيد للعالم» (2003) او فيلم تاريخي غرامي على غرار فيلم «المجالد» (2000)، فاختار النوع الثاني، مع المحافظة على المعارك الحربية والمنازلات الثنائية المثيرة التي تهيمن على الفيلم.

تبدأ قصة «طروادة» بهرب الملكة هيلين ملكة اسبارطة مع حبيبها الامير باريس ابن الملك بريام ملك طروادة، فيستنجد زوجها الملك مينيلاوس ملك اسبارطة بشقيقه الملك اجاممنون اقوى ملوك اليونان واكثرهم طموحا، للدفاع عن شرف الاسرة، فيستغل اجاممنون ذلك لتحقيق طموحه بالسيطرة على امبراطورية واسعة تضم طروادة الحصينة (الواقعة في تركيا الحالية) لكي يهيمن على بحر ايجه، ويدعو ملوك اليونان الى الحرب ضد طروادة وملكها بريام والد الامير باريس الذي فر مع زوجة أخيه. ويحتشد 000ر50 جندي يوناني على متن 1000 سفينة تبحر عبر بحر ايجه وترسو على شاطىء طروادة. ويضم ذلك الجيش العرمرم اخيل أقوى محارب في التاريخ على رأس وحدة صغيرة من رجاله البواسل. وينضم أخيل الى الحرب مع انه لا يكن اي احترام للملك اجاممنون ولا يتقيد بأوامره، ولكنه يحارب في سبيل امجاده الشخصية. ويقدم اخيل في الفيلم كشخصية متناقضة. فهو محارب قاس لا يقهر يتصرف كالآلة، ولكنه يتسم بالرقة والحنان في حبه للشابة برسييس التي تتحول من عبدة في ملحمة الالياذة الى اميرة طروادية مخطوفة في قصة الفيلم. وهو يقود رجاله الى المعركة قبل ان تبدأ الجيوش اليونانية الاخرى القتال، ويمتنع عن القتال ويقف مع رجاله متفرجا عندما تحتدم المعارك بين تلك الجيوش وبين جيش طروادة.

وبعد ان يفقد اخيل ابن عمه بارتوكوس (الذي يتحول من صديقه الحميم في القصة الاصلية الى ابن  عمه اليافع في الفيلم) على يدي الامير هيكتور الشقيق الاكبر لباريس وقائد الجيش الطروادي، يقوم اخيل بتحدي غريمه هيكتور الى منازلة خارج اسوار طروادة ويقتله في معركة حاسمة مثيرة ويقرر الانضمام من جديد الى الحرب في صفوف اليونانيين.

وبعد ان يبدو لسكان طروادة ان الجيوش اليونانية قد هزمت وان سفنها قد انسحبت من شواطئهم ويحتفلون بذلك في الشوارع، يقوم اليونانيون المنسحبون باهدائهم حصانا خشبيا ضخما كقربان لآلهة قاموا بتدنيسها. وبعد ان يحل الظلام يهبط من الحصان عشرات الجنود اليونانيين المختبئين داخله الذين يفتحون بوابات المدينة للجيوش اليونانية الغازية التي تعود مع السفن التي كانت مختبئة في خليج مجاور. ويقوم اليونانيون بحرق المدينة وبقتل معظم سكانها. ويقتل اخيل بأسهم يطلقها عليه باريس ويصيب احدها اخيل في كاحله او عرقوبه او في ما اصبح يعرف باللغة الانجليزية بعقب اخيل، وهو يبحث عن حبيبته بريسييس التي يموت بين يديها.

يجمع فيلم «طروادة» بين قصة ملحمية تركز على تطوير شخصيات عدد من الرجال وقت الحرب، بما فيهم من مشاعر الغضب والكراهية والحب والخير والشر، وبين معارك ضارية متواصلة. وتتخلل القصة ثلاث من قصص الحب التي لا يعالجها الفيلم بما تستحق من العرض والتطوير.

ويتميز فيلم «طروادة» بمستوى فني رفيع تقدم فيه المعارك الحربية بواقعية مذهلة استخدمت فيها افضل ما توصلت اليه التكنولوجيا السينمائية، وعدد من اكبر الديكورات في مواقع التصوير في تاريخ السينما. كما يتميز الفيلم ببراعة اخراجه على يد المخرج الالماني فولفجانج بيترسين وبأداء عدد من ممثليه، وفي مقدمتهم الممثلان البريطانيان اريك دانا في دور هيكتور وبريان كوكس في دور أجاممنون.

ويجمع دور بطل الفيلم براد بيت بين ادائه الجسدي كمحارب يتحرك كشخصية اسطورية جذابة غامضة، وبين شخصيته المتناقضة. وقد احسن اختيار النجم السينمائي براد بيت المعروف بجاذبيته وبمواهبه للقيام بدور بطل الفيلم اخيل. ويعاني فيلم «طروادة» من تهميش شخصياته النسائية الثلاث، بمن في ذلك الملكة هيلين، اللواتي يفشل المخرج فولفجانج بيترسين وكاتب السيناريو ديفيد بينيوف في تطويرها، كما يعاني من فراغ عاطفي ومن فقد روح القصة وسط الخضم الهائل من التقنيات السينمائية المتقدمة.

ويضم فيلم «طروادة» عددا من الممثلين البريطانيين الاخرين الذين دأبت هوليوود على تفضيلهم في الادوار التاريخية بلهجتهم الانجليزية المميزة، التي يتحدثها الممثل الاميركي براد بيت في الفيلم بشيء من عدم الدقة في بعض الاحيان. وبين هؤلاء الممثلين بريندان جليسون واورلاندو بلوم والممثلان المخضرمان بيتر اوتول وجولي كريستي. وتقوم بدور الملكة هيلين الممثلة الالمانية ديان كروجر في رابع افلامها السينمائية.

واستخدم في فيلم «طروادة» 500 من ممثلي الكومبارس وعشرات السفن. مع ان الاعداد تبدو في الفيلم اضعاف ذلك. فقد تم استخدام احدث ما توصلت اليه تكنولوجيا الكمبيوتر والمؤثرات الخاصة لمضاعفة هذه الأعداد الى عدة الاف من المحاربين والى مئات السفن بأسلوب واقعي مقنع.

وبلغت تكاليف انتاج فيلم «طروادة» 200 مليون دولار، اي ما يعادل ما انفق على فيلم «تايتانيك» (1997)، وهو اكثر فيلم تكلفة في تاريخ السينما. وذهب 5ر17 مليون دولار من هذا المبلغ كأجر للممثل براد بيت. وتم الانفاق على الفيلم اثناء تصوير مشاهده في المكسيك بمعدل 000ر700 دولار في اليوم على مدى خمسة اشهر. وصورت مشاهد اخرى للفيلم قبل ذلك في لندن وفي جزيرة مالطا. وكان من المقرر ان تصور مشاهد المكسيك في المغرب، الا انه تم تفكيك الديكورات والتابلوهات الضخمة وحصان طروادة التي بنيت في المغرب قبل بدء تصوير مشاهد الفيلم ونقلها على متن طائرات نقل روسية ضخمة الى المكسيك خشية من تأثير الحرب في العراق على عملية انتاج الفيلم في المغرب.

وقد تصدر فيلم «طروادة» قائمة الافلام التي تحقق اعلى الايرادات في دور السينما الاميركية في اسبوعه الافتتاحي، وحصد 69 مليون دولار خلال الايام الثمانية الاولى لعرضه في الولايات المتحدة، مما ينبىء بأن هذا الفيلم سيكون واحدا من اكثر افلام الصيف نجاحا على شباك التذاكر.

الرأي الأردنية في 27 مايو 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

فيلم «طروادة»: التقنيات السينمائية الحديثة تغيب شفافية الروح

محمود الزواوي