شعار الموقع (Our Logo)

 

 

هل اصبح الغناء شبهة في مدينة الطرب؟حلب المدينة العريقة بتاريخها الحضاري والفني المدينة التي انجبت عباقرة الفن والتي تفخر بابنها صباح فخري ملك القدود والموشحات والطرب الاصيل، تلك المدينة التي صدرت فنها وفنونها وفنانيها الى العالم يصبح الغناء فيها شبهة تؤدي الى القتل، اجل هذا الحدث صحيح وموثق وها هو المخرج محمد ملص يتصدى لهذا الحدث في فيلمه «شمس الاصيل».

ففي ازقة وحواري وبيوت حلب العريقة تنطلق الكاميرا لتصور الفيلم السينمائي شمس الاصيل للكاتب خالد خليفة والاخراج للمخرج محمد ملص وهندسة الصوت للتونسي محسن الفريجي والديكور للمهندس عبدالقادر جعبري.

محمد ملص الحائز على جائزة شرف من اليونسكو و13 جائزة في مهرجانات عربية وعالمية «من كار لو فيفاري الى فالنسيا وقرطاج وكان ودمشق..» التقينا به ليحدثنا عن فيلمه شمس الاصيل.

·         فكرة فيلم شمس الاصيل كيف استوحيتها؟

ـ فيلم شمس الاصيل في الحقيقة محاولة مني لتغيير طرق واساليب العمل التي سرت عليها سابقاً باعتبار ان الذاكرة الشخصية كانت المرجع الاساسي الذي استندت عليه في بناء فيلم سينمائي، في هذه المرة اتكأت على خبر صغير نشر في صحيفة سورية، هذا الخبر «امرأة تحب ام كلثوم وتغني لام كلثوم تقع في حالة شك في عفافها من قبل ابناء عمها وشقيقها وعمها ايضاً.

فيقوم هؤلاء بقتلها». هذا الخبر الذي اتكأت عليه في بناء الحكاية، اذا صح التعبير، هذه المرة استندت الى خبر وليس الى ذاكرة شخصية لبناء مرحلة تاريخية للتعبير عن لحظات من تاريخ وطني وبلدي. اريد ان اقول حولها وبما فيها ان اقول شيئاً ما.

هذا الاتكاء على هذا الخبر اتاح لي الفرصة كي اكتب تصوري للحديث عن بلدي اليوم وليس بالماضي. الذاكرة تقود الانسان للحديث الى مراحل سابقة وانا هذه المرة اريد الحديث عن سوريا اليوم والمجتمع السوري اليوم.

هذا الخبر قرأته منذ اكثر من سنتين لكنني لا اعرف لماذا توقفت وأحسست بتأثر عجيب وكبير للحادث وبدا لي منذ تلك اللحظة ان هذا الحادث يعبر عن كم العنف الكامن في المجتمع وكيف يتفجر هذا العنف بشكل عشوائي دون ان يتجه نحو الهدف الحقيقي، ومن ناحية اخرى الخبر يعبر عن تيه في الاعراف والقيم في الوصول الى القرائن بشكل صحيح من قبل الناس العاديين.

هذا التيه افزعني وجعلني احس برعب لما آل اليه المجتمع في سوريا في الفترة المعاصرة ومن هنا امام هذه اللحظات والانطباعات التي توقفت عندها حين قرأت الخبر بدا لي ان الخبر مطية لانني لا اريد ان احقق فيلماً بوليسياً ولانني لا اريد ان اتحدث عن جرائم قتل تحصل في كل مجتمع وفي كل بلد. انني معني بالمجتمع السوري ووطني وبلدي وبدا هذا الخبر يعطيني فرصة للاتكاء من اجل الحديث عن احوال المجتمع في سوريا دون المساس بالبنية الحدثية للخبر.

وقررت ان اتخذ من حلب كموقع للحديث عن هذا الخبر ولماذا اخترت المدينة التي كانت مدينة الغناء واصبح الغناء فيها شبهة، وللحديث عن حلب استعنت بأحد الاصدقاء والكتاب. الكاتب الروائي خالد خليفة اعرفه من خلال ما كتبه بالرواية وكنت قد قرأت له روايتين. وانا معجب في كتابته للرواية وسبق لي ان تعرفت عليه واحسست دائماً انه يعرف المجتمع الحلبي بشكل عميق وبشكل حقيقي اردت ان نتعاون معاً لصياغة حكاية تستند الى هذا الخبر وفعلاً اتفقنا وكتبنا سيناريو هذا الفيلم.

·     محمد ملص عودنا على اختيار شخصياته بدقة، هل لاختيارك لشخصية البطلة لممثلة تمارس العمل السينمائي لأول مرة هل هو مغامرة ام قناعتك بامكانية هذه الممثلة؟

- للحديث عن هذا الامر لابد من الاستفاضة قليلاً، أولاً السينما التي اطمح لتحقيقها دائماً هي التي جعلتني ابحث، ولانني انتمي في دراستي الاكاديمية لمعهد يعطي للممثل دوراً كبيراً في اعداد المخرج ولانني انتمي الى هذه المدرسة فقد كان الممثل بالنسبة لي دائما هو ليس عبارة عن وجه فقط سواء أكان نجماً أم ممثلاً.

الركيزة الاساسية كانت تجعلني ابحث أولاً عمن يستطيع اداء هذه الشخصيات التي اريد التعبير عنها بأسلوب فيه من العمق والشفافية والدقة ما يجعلني لا اقبل بأي وجه من الوجوه المعروفة أو السائدة، نحن في سوريا ليس لدينا في الانتاج السينمائي قيود النجم نحن جيل بدأنا نحقق السينما السورية الروائية بدأنا نحاول ان نوجد لغتنا ونوجد شخصياتنا من خلال هذا الواقع.

لذلك دائما كنت ابحث في فيلمي الاول احلام المدينة والليل وفيلمي الآن شمس الاصيل، ابحث عن وجه جديد بل وجوه غير مستهلكة قادرة ان تؤدي الدور والشخصية بشكل يماثل تصوري ويرتكز على العالم الداخلي اكثر من العالم الخارجي.

كانت المهمة صعبة في الحقيقة لانني كنت قد قررت ان تكون الشخصية الرئيسية ممثلة ولها صوت جميل لم اكن اريد ان الجأ الى أي ممثلة جيدة واركب لها صوتاً غير صوتها وهذا امر مرفوض عندي كان لدى احد الممثلين رجل فاقد البصر لم ألجأ الى أي ممثل لدوبلاج لهذا الرجل الاعمى بل جئت به وأوقفته امام الشاشة من اجل ان يعيد الدوبلاج بصوته هو نفسه وليس بصوت آخر فالعلاقة بين الصوت والصورة اساسية وجوهرية.

ولذلك كانت المهمة صعبة البحث عن ممثلة جيدة ووجه جميل وصوت جميل لم يكن الامر سهلاً وفي كثير من المرات بما اتيح لدي من تعرف من خلال هذا البحث الطويل كثيراً ما كنت تارة اقع تحت وطأة الصوت الجميل وتارة اخرى اقع تحت وطأة الامكانيات الكامنة لدى الشخصيات والممثلين اما الجمع بين الاثنين لم يكن بسرعة متاحاً امامي.

كنت قد التقيت سلوى جميل من البداية في مرحلة التحضير في مرحلة البحث عن الممثلة وكنت قد استمعت الى صوتها لكن كانت تبدو لي في تلك الفترة وقد لاحظت واحسست انها تملك امكانيات وجدانية جيدة جداً لديها احساس في التعبير يماثل الاحساس الذي ابحث عنه لكن في تلك الفترة كنت احس بأنها اكبر عمراً مما ابحث عنه ثم نسيت سلوى وبدأت ابحث وابحث طالما في البداية بدت لي بعيدة قليلاً عن الشخصية التي اريد تحقيقها نسيتها فيما بعد.

في لحظة من اللحظات شعرت انها هي الخيار فلجأت اليها وقررنا العمل وكنت قد بدأت التصوير وفعلا اقول الآن بكل مسئولية ودقة. قلت لاجرب وأقوم بمغامرة لكن مسار العمل تبين لي بدقة شديدة انها لم تكن مغامرة لقد كنت اكتشف امكانية عالم وجداني غني جداً لاحظت بأنه سواء في علاقتها بالعمل والشخصية وفي عطائها اللامحدود للعمل كنت احس أنها لم تكن مغامرة بل هي منتهى الصواب وهو الخيار الصحيح واحس ان هذا الخيار خيار صحيح للغاية وربما كانت الخيارات الاخرى ليست خاطئة فقط بل غير دقيقة.

·         نلاحظ جميع الممثلين والكادر من حلب هل اللهجة التي جعلتك تتصدى لذلك ام امكانيات الممثلين الحلبيين؟

-  أولاً في البداية انا احب حلب وانا اشعر ان هذه المدينة تحب وهي مدينة لاتزال تملك من طاقات اصالة عالية جداً وكنت احس في كثير من المرات بأنها مدينة قليلة الانصاف غير منصفة ربما على صعيد العمل التلفزيوني في السنوات الاخيرة انصفت بشكل ما لكن على صعيد السينما برأيي قليل من الافلام تحدثت عن هذه المدينة وخاصة اليوم ولأنه لدي هذه المشاعر فقد قررت ان انقل الحدث الى مدينة حلب قررت ان يكون كل شيء في حلب، اماكن التصوير، الاحداث، اللهجة الممثلون.

بالتأكيد حين قررت ان يكون كل الممثلين من حلب فقد بحثت ووجدت كثيراً من الممثلين ليس سلوى فقط وتحدثت سابقاً عنها وامكانياتها وجدتها ايضاً لدى الآخرين امكانيات جيدة كممثلين لكن الشيء الناقص التجربة والخبرة على صعيد السينما لو كانت هناك فرص متجددة وخبرات متميزة بصورة دائمة كانوا اقل جهداً في تحقيق ما اريد، بذلت مجهودات كبيرة لدى الكثير منهم ولو كانت الفرصة جيدة كان من الممكن ان يكونوا اكثر سهولة وتطور وقدرة في التعبير. في حلب كثير من الممثلين الموهوبين لديهم تجربة عريقة في مجال المسرح.

·         شاهدت حواري وازقة حلب وعبق التاريخ والحضارة، اماكن التصوير كيف تم اختيارها ومن الذي اختارها؟

-  انا انتمي الى نوع من السينما تسمى سينما المؤلف انا لست المخرج المنفذ ولست مخرجاً يقبل لتحقيق افلام العمل بالنسبة لي بكل عطاءاته بكل الرغبة بكل القدرة لكنني لا استطيع وحدي لابد من مجموعة عمل متعاونة معي لديها القدرة على مساعدتي لتحقيق ما اريد بالتالي هناك علاقة كبيرة بين الشخصية ومكان التصوير وطرق رسم ذلك في السيناريو دائماً أنا الذي اقوم بالبحث بالتعاون مع المجموعة الفنية تأخذ من المكان وفقاً للسيناريو نعيد تشكيله نعيد تطويره وفق الحدث واماكن التصوير لها علاقة بالشخصية.

والصورة من المستحيل ان تكون الممثل فقط المكان الموجود فيه والضوء واللون كل ذلك هو الذي يصنع المشهد السينمائي لذلك لا يمكن الحديث عن المكان بعيداً عن الشخصية والمعنى الذي نريد التعبير عنه يخص الشخصية وهذه اللحظة الدرامية التي يحققها المشهد السينمائي، فالمشهد السينمائي لا ينفصل عن مجمل العلاقات التي تشكله الملابس والضوء واللون والمكان الى اختيار الزوايا والممثل بالدرجة الاولى.

البيان الإماراتية في  12 أبريل 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

آخر إبداعات محمد ملص

"شمس الأصيل"

يقدم الحاضر من خلال قصة خبر

عهد بريدي