شعار الموقع (Our Logo)

 

 

في هذه الحلقة من تاريخ السينما العالمية للمؤلف ديفيد روبنسون نتابع ما انتجته روسيا من أفلام تواكب احداث الحرب وكتب. ان الفيلم الروائي والفيلم التسجيلي قدما توثيقاً لهذه الأحداث ثم يعرج بنا المؤلف بعد ذلك إلى حالة السينما الفرنسية أثناء هذه الأحداث يقول روبنسون:

كان أبرز الأفلام التاريخية فيلم آيزينشتاين «إيفان الرهيب» «4/1946» هذا التكوين البانورامي البديع لروسيا القرن السادس عشر، بعناصره التشكيلية التي لا مثيل لها وموسيقاه الرائعة التي وضعها بروكوفييف. كان هذا آخر صراعات آيزينشتاين مع السلطة. كان «ايفان» هو الجزء الأول من مشروع ثلاثية، ثم تم الجزء الثاني غير انه انتقد بشدة ومنع عرضه بدعوى انه مغلوط تاريخياً ونفسياً وفنياً.

أصيب آيزينشتاين بأزمة قلبية يوم انتهائه من مونتاج هذا الجزء، واستمر الجدل أثناء مرضه ليفرض عليه ان ينشر بياناً ذليلاً تنصلاً من الفيلم و«اعترافاً بالخطأ»، ولم يشف آيزينشتاين من مرضه بما يسمح له بمواصلة عمله على ضوء التعديلات المطلوبة حتى مات بعد عامين، في 1948.

في 1944 أعيدت الأستوديوهات من الاخلاء، وأنشيء مجلس فني جديد لتنظيم شئون صناعة السينما، وجرت تجربة طريفة حيث تم تكليف مخرجين روائيين بعمل أفلام تسجيلية عن انتصار الحلفاء، فقدم ريسمان «برلين» «1945» ويوتكيفيتش «فرنسا المحررة» «1944» وزارخى وهيفيتس «هزيمة اليابان» «1946».

هذه التجربة جعلت آيزينشتاين يعلن متحمساً «لقد كان الفيلم التسجيلي فيما مضى هو الفرع الرائد في السينما لدينا، وكانت الأفلام الروائية تتأثر به، وها نحن بعد عشرين عاماً نرى الوضع مقلوباً. فالمخرجون الروائيون جددوا صلتهم بالفيلم التسجيلي، ولسوف يكون هذا التعاون مثمراً للطرفين».

هذا بينما كانت السينما السوفييتية في حقيقة الأمر بصدد الدخول في أكثر فترات تاريخها جدباً.من بين البلدان التي احتُلت أثناء الحرب كانت فرنسا البلد الوحيد الذي استطاع ان يحتفظ بانتاجه السينمائي مستقلاً بقوة. مع إعلان الحرب جرى تجميد النشاط السينمائي، حيث صودرت الاستوديوهات للاغراض الحربية وجُند الكثير من العاملين بها، غير انه مع «الاحتلال» استؤنف الانتاج ثانية وبسرعة.

في البداية وبعد سطوهِّ على ما لا يقل عن ثلاثين بالمئة من المؤسسات السينمائية الفرنسية واعتبارها ممتلكات ألمانية، حاول جوبلز ان يفرض الانتاج السينمائي الألماني على دور العرض الفرنسية، ولكن المقاطعة العفوية للأفلام الألمانية الرديئة المستوى، وما ترتب عليها من هبوط شديد في ايرادات شباك التذاكر، أرغمت قوات الاحتلال على تشجيع الانتاج السينمائي الوطني، وفي ظرف يتعين فيه مرور كل فيلم على رقابة فيشى ورقابة الاحتلال الألماني.

وهو نص على الورق ثم حين يكتمل تنفيذه، لم يكن ثمة مهرب من اتجاه المنتجين إلى تجنب الموضوعات المعاصرة ومخاطرها، ومن نزعة الواقعية الشاعرية التي عرفتها السينما الفرنسية قبيل الحرب تولد مزاج جديد يتسم بالرومانتيكية الشاعرية.

راح المخرجون يبحثون عن مهرب في أي مكان وزمان عدا باريس 1941، وكان ضمن ما نتج عن هذا بعض من أكثر الفانتازيات تألقاً في تاريخ السينما، وهكذا جاء فيلم مارسيل ليربيير «الليلة الخيالية» «1942» بمثابة لمحة تقدير لميلييه وللمدرسة التأثيرية القديمة في العشرينيات.

كما هجر مارسيل كارنيه أسلوبه في الدراما القدرية وقدم «زوار المساء» «1942»، وهو «فانتازيا بديعة الزخرفة تحكي عن نزول الشيطان إلى الأرض في قلعة من القرن السادس عشر أشبه بقلاع الحواديت، والفيلم يصور قصة حب أصيل لا تستطيع قوى الظلام ان تهزمه، من الواضح ان كارنيه والمؤلف جاك بريفير قصدا بها على نحو رمزى فرنسا المحتلة.

وفي محاولة أكثر بذخاً من حيث الأسلوب الفني جاء «أطفال الفردوس» «1945» استعراضاً انيقاً للخير والشر، الحب والغيرة، في مسرح ديبيرو ممثل أربعينيات القرن التاسع عشر الصامت العظيم «جسد الدور بشكل لا ينسى جان ـ لوي بارو».

عاد كوكتو إلى السينما، بعد عشر سنوات من تجربته الوحيدة السابقة «دم شاعر» «1930»، وقام بكتابة حوار فيلم ليربيير «كوميديا الشرف» «1939» وفيلم سيرجي بوليني «البارون الشبح» «1942»، غير ان وجوده الابداعي جاء أكثر وضوحاً وسيطرة في كل صورة في فيلم «العود الأبدي» «1943» المأخوذ عن اسطورة تريستان وايسولت، إخراج جان ديلانوي «1908».

كما قُدم نصّ آخر لكوكتو أثناء فترة الحرب، في فيلم روبير بريسو «سيدات غابة بولونيا» «1945»، وهو اعداد معاصر لجزء من «جاك القدري» لديدرو. وقد أكدت هذه التجربة البديعة، اضافة إلى فيلمه الأسبق «ملائكة الخطيئة» «1944»، موهبة بريسو الصارمة النزاعة إلى الكمال دون مساومة. كذلك ظهر مخرجون جدد أثناء الحرب:

جاك بيكيه «1906 ـ 1960» المساعد السابق لجان رينوار، قدم فيلما بوليسيا تقليدياً بعنوان «الورقة الرابحة الأخيرة» ثم «جوبي ذو الأيدي الحمراء» «1943» عن قصة غامضة غريبة تدور في خان ريفي فرنسي، رسمت شخصياتها بمهارة شديدة، كما قدم «دانتيللا» «1945» الذي صور فيه بالثقة ذاتها ما يدور في كواليس عالم الأزياء.

البيان الإماراتية في  10 أبريل 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

تاريخ السينما العالمية 

فرنسا وحدها تحافظ على استقلالية الإنتاج أثناء الحرب