شعار الموقع (Our Logo)

 

 

(كان على الفلسطينيين أن ينتظروا أو يكافحوا 30 عاماً حتى يغيروا بعض زوايا المشهد بوسائلهم المحدودة).

قبل أكثر من 30 عاما سجل المخرج المصري توفيق صالح شريطا سينمائيا وانسانيا قاتما عن ثلاثة فلسطينيين مهزومين لا يرون حلا قريبا لمشكلة وطنهم فيبحثون عن خلاص فردي يتمثل في الخبز والمال في الكويت التي يتسللون اليها من البصرة داخل خزان لعربة مياه ولكنهم لا يصلون الى الجنة الموعودة ويموتون فيلقي السائق الفلسطيني بجثثهم في القمامة.

واليوم قال صالح في مقابلة مع رويترز بمناسبة عرض فيلمه السوري الانتاج المخدوعون في المركز الثقافي الالماني (معهد جوته) بالقاهرة ان ثلاثين عاما من عمر الكفاح غيرت في بعض زوايا المشهد حيث يصر الفلسطينيون على البقاء داخل بلادهم والدفاع عنها بكبرياء حتى لو كانت النتيجة محسومة في مواجهة الحجر للدبابة أو الجرافة كما تبين لهم أن الهروب من المواجهة الى خارج فلسطين (ليس هو الحل).

ففي الفيلم الذي أنتجته مؤسسة السينما السورية عام 1972 يستبدل ثلاثة فلسطينيين لا يحملون جوازات سفر بعد ضياع وطنهم موتا بموت حيث يرفضون عروض بعض المهربين عبر الصحراء خوفا من تركهم للموت والتيه في الصحراء ويوافقون على الاختباء داخل خزان لعربة نقل المياه يقودها فلسطيني عاجز عن أن يكون رجلا ويعوض ذلك بنهمه للمال. الا أنهم يموتون في الخزان بسبب الحرارة الشديدة في شهر أغسطس اب ويلقي السائق بجثثهم في أكوام القمامة.

والفيلم مأخوذ عن رواية (رجال في الشمس) التي صدرت عام 1964 للروائي الفلسطيني غسان كنفاني (1963 ـ 1972) الذي قتل في حادث سيارة فجرها اسرائيليون بعبوة ناسفة في بيروت في الثامن من يوليو تموز عام ٢٧٩١.

وقال صالح انه فكر في اخراج الرواية بعد اصابتي بصدمتين شديدتين هما موت (الرئيس المصري الاسبق جمال) عبد الناصر وقبله بقليل مذابح أيلول الاسود. وتابع (كنت مشحونا بالغضب والصدمة وامنت أن فيلما من هذا النوع يمكن أن يستوعب ذلك). وأضاف أن مسؤولين بمؤسسة السينما السورية حيث كان يقيم انذاك رفضوا السيناريو لفترة طويلة ثم عادوا ووافقوا عليه وأنه ذهب به الى صاحب الرواية كنفاني ليكتب الحوار ولكنه (تحفظ على بعض التعديلات منها تغيير النهاية ففي الرواية يستسلم الثلاثة للموت بدون أن يطرقوا جدار خزان المياه وفي الفيلم يستغيثون ويطرقون ولا أحد يسمعهم).

وتابع: قال (كنفاني)ان الفلسطينيين يواجهون الموت كأنه قدر ولا يعترضون عليه فقلت له ان الفلسطينيين الان اختلفوا عن زمن كتابة الرواية حيث بدأوا يسمعون العالم أصواتهم ويثبتون أنهم موجودون ولو بطرق تبدو عنيفة.. مشيرا الى موجة خطف الطائرات انذاك.

وقال ان كنفاني أعجب بالفيلم وعرضه على عدد من أصدقائه في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وشدد صالح على أن الامل يكمن في فكرة الصمود التي يزيد الايمان بها لدى الجيل الجديد من الفلسطينيين الذين يؤمنون اليوم بالخلاص الجماعي العام هم صامدون حتى لو قتلوا في صمت بدليل أن اسرائيل منعت لجنة التحقيق التابعة للامم المتحدة في مذابح جنين (عام 2002).

ونوه الى أن الفيلم الذي عرض في دول أجنبية كثيرة من بينها بلجيكا وألمانيا وكندا وفرنسا وروسيا (كان سببا في أن يعرف سينمائيون في معظم العواصم الاوروبية بالقضية الفلسطينية. كانت فكرتهم أن هذه الارض)فلسطين(ليس بها شعب) وحصل الفيلم على عدد من الجوائز في مهرجانات سينمائية دولية.

وشدد صالح على أن الفيلم الذي تظهر في لقطات تسجيلية منه اجتماعات لبعض القادة في قمم عربية يحمل مسؤولية ما حدث للفسطينيين (لخيانات بعض القادة وللهاربين الثلاثة الذين يرمزون لكل من يبحث) من الفلسطينيين (عن حل لقضية بلاده بعيدا عن أرضه فالخروج منها هو الموت ذاته وبدون كرامة).

وأخرج توفيق صالح في مصر خلال ٤١ عاما خمسة أفلام روائية اختار منها سينمائيون أربعة ضمن قائمة أفضل مئة فيلم مصري في القرن العشرين وهي (درب المهابيل) و)صراع الابطال) و(المتمردون) و(يوميات نائب في الارياف).

الأيام البحرينية في  6 أبريل 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

مخرج فيلم "المخدوعون" توفيق صالح:

ثلاثون عاما من عمر الكفاح الفلسطيني غيرت الكثير

سعد القرش