شعار الموقع (Our Logo)

 

 

دخلت الرقابة صراعات عديدة مع المؤلفين والمبدعين بعد أن أصبحت بألف وجه تكيل بأكثر من مكيال وميزانها لايعرف العدالة تعطي تأشيرة عبور لسيناريوهات هابطة وتمنع أعمالا متميزة تستحق أن يراها الجمهور، وتلجأ في الأفلام الشائكة إلي الاستعانة بلجان متخصصة وغير متخصصة ومجلس شوري النقاد.

وفي ظل غياب المعايير الثابتة أثارت الرقابة العديد من المشاكل التي عطلت انتاج عدد من الأفلام وشغلت الرأي العام بحلبة النقاش تحت قبة البرلمان..كيف يري الفنانون والمبدعون حالة الارتباك التي فرضت نفوذها وسطوتها علي عمل الرقابة قبل أن تسرق أحلامهم جرة قلم قاسية بأيدي مرتعشة تكتب نهاية لمشروعات أفلامهم..وماهي رؤيتهم لإنقاذ الرقابة من حالتها الحاليةج؟!

الناقد علي أبوشادي رئيس المركز القومي للسينما والذي كان يشغل منصب مدير الرقابة علي المصنفات الفنية سابقا يؤكد أن هناك خللا كبيرا في أداء المؤسسة الرقابية
بسبب اللجان المستحدثة ويقول: كثرة اللجان المتخصصة وغير المتخصصة التي ظهرت خلال فترة مدكور ثابت سببت ارتباكا للعمل الرقابي خاصة وأن هناك لجنة عليا تم تشكيلها بقرار من الوزير تضم 15 عضوا يعرض عليها الأمر ويكون رأيها استشاريا وليس ملزما للرقابة لكن تشكيل لجان كثيرة تعمل بدون نظام دقيق ومحدد من المؤكد أنها تعوق وتسبب إرتباكا للرقابة.

ويضيف أبوشادي أعتمد مدكور ثابت علي آراء الرقباء وقرارهم وهذا شيء مهم بالتأكيد لكن الأهم هو رأي مدكور نفسه لانني علي يقين أنه لو كان رئيس الرقابة قد شاهد الكثير من الأعمال التي تعرض علي لجنة التظلمات بعد ذلك ماكان حدث لها ما حدث وما كانت وصلت إلي لجنة التظلمات لأن مدكور ينحاز دائما للحرية ويعمل في إطارها ويراعي بالطبع المواءمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية .. كما لا ينبغي أن يجلس الرقباء مع أصحاب الافلام أو الاغنيات ويجب أن يجلس مدكور ثابت بنفسه مع أصحاب المشكلات الرقابية.

ويتحدث أبو شادي عن الرقباء وعلاقتهم برئيس الرقابة وقت أن كان في منصب الرئيس قائلا: الرقباء الذين عملت معهم هم أنفسهم الذين يعملون الآن لكني كنت صاحب القرار الاول والاخير في أزمات السيناريوهات والأفلام التي كنت حريصا علي أن أقرأها وأشاهدها.. ولم أكن أعهد بهذه القرارات إلي لجان ترفع الحرج عني كما يحدث الان فللأسف الشديد يعهد مدكور ثابت إلي رقباء ولجان في إتخاذ القرار وهذا خطأ يقع فيه ويقع فيه كل النقاد الذين يقوم بتحويلهم إلي رقباء في لجان المشاهدة الكثيرة التي تعمل الآن بعشوائية.. وفي رأيي أن مدكور ثابت لو جعل الامر له في النهاية وشاهد بنفسه الأفلام والسيناريوهات وقلص دور اللجان الكثيرة العاملة بشكل متواز مع الرقابة نفسها لتغيرت أشياء كثيرة.

بدون استراتيجية

الناقد سمير فريد يؤكد أن التخبط الذي يحدث للرقابة الآن يعني وبكل تأكيد أنه لا يوجد استراتيجية محددة للعمل الرقابي ويقول: رغم أن القانون المصري هو الأكثر تحضرا بين عدد كبير من القوانين الرقابية التي تضع قائمة بالممنوعات وبالمسموح وهي القائمة التي تحد من الابداع .. علي إعتبار إن الفنان يضع هذه القائمة في عقله وهو يعمل وبالتالي تحد من ابداعه .. ولكن القانون الحالي يترك المسألة تقديرية للرقيب وبالتالي تصبح المشكلة في شخص الرقيب وليس في القانون.. والرقيب الحالي وهو صديق عزيز وكاتب وسينمائي مهم إلا أنه منذ أن تولي الرقابة يهاجم الرقابة!! ويدفع عن نفسه مسألة أنه رقيب بل الأكثر من ذلك انه يوهمنا أن الرقابة من وجهة نظره هي الدفاع عن الحريات وهو شيء بعيد تماما عن الحقيقة فالرقابة لا يمكن أن تأتي مع الحرية في جملة مفيدة.

ورغم أن القانون في مصر يعطي سلطة واسعة للرقباء والرقيب له صلاحيات النائب العام وله سلطة الضبطية القضائية ولكن للأسف تسمح الرقابة وتقبل تدخلات جهات أخري مثل الازهر أو الوزارات أو حتي شخصيات اعتبارية.. وهذا لا يجب أن يحدث ويجب أن يكون الرقيب صارما في قراراته ولا ينتظر هذه القرارات فلا أحد خاصة وأنه بالفعل يتمتع بصلاحيات كثيرة.

ويضيف سمير فريد : الرقابة يجب أن تدافع عن المصالح العليا للمجتمع حسب نص القانون ويجب أن يعمل الرقيب علي هذا الاساس ومصالح المجتمع العليا محددة ولو تضاربت مصالح الفنان مع هذه المصالح العليا لابد وأن يتدخل الرقيب في هذه اللحظة ويقرر المنع لصالح المجتمع وفي المقابل الرقابة لابد وأن تدافع عن الجمهور وعن حق الجماهير وهذا الحق يتم إهداره يوميا في صالات السينما التي لا يوجد في العالم كله مثيلا لها.. صالات العرض المصرية هي الأعلي في سعر التذكرة في العالم كله ومع ذلك لا أحد يتدخل لحماية المواطن الذي يدفع 25 جنيها لمشاهدة فيلم في أجواء تساوي هذا المبلغ الضخم ونشاهد آلات غير صالحه لعرض الافلام وتوقفات كثيرة واستراحة للشاي والقهوة وهو الشيء الذي يهدر حق المواطن في مشاهدة ممتعة.. وللأسف لاتتدخل الرقابة ولاتحمي الجمهور الذي يشتري شريط الفيديو المتهالك بأعلي الأسعار ولاتحمي حقوق المبدعين من القراصنة ومن الشركات التي توفر في ثمن الخام علي حساب العناصر الفنية والمقدمات التي تحمل اسم صناع الأفلام والمسرحيات كما ان الرقابة تتعامل مع الاطفال علي أنهم كائنات منسية فلا يوجد بلد في الدنيا كلها يسمح بعرض كل الأفلام الي كل الاعمار فلا يعقل ان نعرض أفلام الكبار للأطفال..

ويوضح سمير فريد قائلا: مشكلة الرقابة في مصر ان الرقباء لدينا يخافون من أشياء وهمية وهو شيء ليس له معني خاصة وان هذا الاحساس نابع من كونهم رقباء وفي رأيي أن الرقابة لا يجب أن تخاف من أي شيء وان من يخشي عملا ويخجل منه يتركه وهذا أفضل من أن يكيل بمكيالين!

معايير كثيرة

الناقد مصطفي درويش والذي كان يشغل منصب الرقيب لفترة طويلة يؤكد أن حالة التخبط التي تمر بها الرقابة الآن لم تحدث من قبل حيث تعمل الرقابة في الفترة الحالية بأكثر من معيار في نفس الوقت ولايوجد خطة عمل محددة تعمل بها الرقابة ولايوجد استراتيجية محددة مما يتسبب في أخطاء كثيرة تحاول بعد ذلك لجنة التظلمات تصحيحها.. مثلما حدث مع فيلم 'الماتريكس' في جزئه الثاني والذي رفضته الرقابة وانصفته لجنة التظلمات والازدواجية التي تعمل بها الرقابة في مصر شيء محير فهم أحيانا يرفعون شعار 'حماية الأطفال' ويمنعون فيلما او يضعون ملاحظاتهم علي افلام بحجة حماية الاطفال وذلك في الافلام التي يكون ابطالها اطفالا وفي نفس الوقت يسمحون بالألفاظ السوقية في أفلام اخري!! فتراهم متذمتين في أشياء ومتحررين جدا في أشياء اخري وكأنها حالة من فقدان الوعي.

ويضيف درويش القاعدة في الرقابة هي إباحة الأشياء لامنعها لكنهم دائما وابدا يضعون في ذهنهم الحذر الذي يجعل القاعدة الأولي لهم هي المنع.. وانا شخصيا ارجح ان تكون مشكلة فيلم 'المذنبون' الذي عوقبت فيها الرقيبة اعتدال ممتاز لاتزال عالقة في أذهان كل الرقباء ولهذا يتعاملون بأيد مرتعشة مع القضايا والأفلام المهمة والتي يمكن ان تقلب الرأي العام في حين ان الرقيب لابد وان يكون حاسما ولايتأثر بأي مؤثرات خارجية ويضع مصطفي درويش حلا لأزمة الرقابة قائلا: في رأيي ان الحل يأتي من حسن اختيار الرقباء وعمل اختبارات صعبة ونزيهة لاتتدخل فيها 'الوساطة' ويجب ان يكون الرقيب علي مستوي ثقافي وفني رفيع المستوي.. كما يجب ان يتحلي بالشجاعة والجرأة.. ولذلك فأنا أطالب بتحصينهم واعطائهم صفة وقوة أكبر كما يجب ان يعاملوا ماديا وفقا لكادر خاص يزيد من رواتبهم حتي لايكونوا فريسة لأي اغراء مادي.

وعلي جانب آخر ان يعي النقاد دور الرقابة ولايكون لهم تعليق علي قرارهم بشأن أي فيلم لانه للأسف الرقابة تتأثر برأي النقاد فعندما يخرج علينا بعض النقاد ويطالبون الرقابة بمنع عرض فيلم ما يتأثر الرقباء من باب الحذر ويمنعون أفلاما اخري مشابهة او يضعون عليها ملاحظاتهم خاصة اذا كان هؤلاء الرقباء ضعاف الشخصية.

الممنوع والمسموح

يوسف شريف رزق الله لاحظ عند مشاهدته لأحد الأفلام السينمائية بدار العرض مع الجماهير قصورا رقابيا يقول عنه: الرقابة دائما حريصة علي حذف مشاهد العري والجنس من الأفلام لكن هناك ماهو اخطر تسمح به فأفلام الرعب والعنف لايوجد لها تصنيف عمري ويراها الأطفال فقد شاهدت بنفسي طفلة صغيرة بصحبة والدتها تشاهد فيلم 'Kill Billy' وهي مستاءة من مشاهد العنف بالفيلم وعندما سألت والدتها اكدت لي انها سألت موظف شباك التذاكر فأكد لها ان الفيلم مصرح به للجميع. وبالفعل كان الفيلم مصرح به للجميع رغم خطورة مشاهدته علي الأطفال.. مثل هذه القرارات تسبب كوارث وأزمات علي المدي البعيد وانعكاساتها النفسية اللاشعورية عند الطفل تسبب الميول العدوانية.

وفي كل دول العالم هناك تصنيف عمري للأفلام لكن لدينا المسألة غير محددة وتحدث احيانا ولكن غالبا لاتحدث ولهذا يجب ان يعود التصنيف العمري الي دور العرض من جديد.

ويوضح يوسف شريف رزق الله :الملاحظ ان الرقابة في الفترة الحالية امام بعض الأعمال الشائكة تبحث عن جهات اخري لتحمل المسئولية ولو كانت هذه الجهات رسمية في نفس الاطار كان من الممكن تقبلها لكن تشكيل لجان من تربويين ونقاد سينما خارج اطار الرقابة اعتقد انه لم يعد مناسبا واعتقد ان تخبط هذه اللجان يتحمله رئيس الرقابة الذي في رأيي ايضا يجب ان يتحمل مسئولية قراره بدون أي تدخل من أي جهة.

معايير مقلوبة

الناقد وجيه خيري يحكي لنا قصة تأشيرة وضعتها احدي الرقيبات علي سيناريو عرض عليها ويقول: قرأت بنفسي هذه العبارة علي أحد السيناريوهات المعروضة علي الرقابة تقول 'السيناريو مليء بالمطبات ولكنه لا يحمل أي ممنوعات رقابية ولكني أنصح بمنعه' هذه العبارة هي ملخص العمل الرقابي في مصر من وجهة نظري فهي تحمل الازدواجية التي تعمل بها الرقابة فمن أين للسيناريو الذي لايحمل أي ممنوعات رقابية ان توصي الرقيبة وتنصح بمنعه؟! وهذه الحالة مستمرة في الرقابة منذ فترة.. فهم يعانون من التردد في اتخاذ القرارات وخاصة في المواقف الصعبة ولهذا يقيم مدكور ثابت مجلس شوري النقاد من أجل حماية الذات وحمايته هو شخصيا.. فلو أنك ذهبت الي جلسات هذا المجلس لوجدت ان ما يدور في نوع من أنواع التخبط فهي مفتوحة امام الجميع وكل شخص يدلي برأيه وفقا لأهوائه الشخصية دون وجود معايير محددة.

ويوضح خيري قائلا: قانون الرقابة لابد أن يتغير فلا تزال هناك بعض المحظورات التي تعمل بها الرقابة وهو ليس لها أي معني ويجب أن يتزود الرقيب بحصانة قوية تجعله لا يخشي أي شيء ولا يتأثر بأي جهة.. فمؤخرا تدخل مجلس الشعب في قضايا سينمائية بسبب الرقابة وتدخلت جهات دينية وغيرها.

ويعترف بأن أزمة الرقابة ليست في شخص الدكتور مدكور ثابت وهو فنان ومبدع في الأساس لكن المشكلة الأساسية فيمن يعمل معه في الجهاز فهم مختلفون عنه بالطبع فأحيانا يسمح شخص ما بأشياء يمنعها شخص آخر. وهنا تتهم الرقابة بالازدواجية.

ويؤكد وجيه خيري أن اسم المؤلف أو المخرج يكون مؤثرا في اختيارات الرقابة وقراراتها ففي رأيي أن السيناريو الذي يكتبه مؤلف كبير له اسمه ووزنه لو كتبه مؤلف شاب سوف يكون الأمر مختلفا بالطبع.

الرقابة والرأي العام

السيناريست بشير الديك يؤكد ان عبارة 'احنا مش ناقصين' هي سبب كل مشاكل الرقابة ويقول: يعمل الرقباء في مصر وهمهم الأول في رأيي عدم اثارة أي ضجة حولهم وحول قرارهم وان يعملوا في أمان ولذلك يصدرون دائما هذه العبارة ويضعون ملاحظات ربما تثير الضحك ولا أحد يتوقع ان تضع الرقابة هذه الملاحظات وهو ما يعني عدم وجود جرأة في التعامل مع الموضوعات بشكل عام فضلا علي أن الرقابة كائن حي يتأثر بالجو العام وتقريرات الرقيب دائما مرتبطة بهذا المناخ.

ويقول بشير: الخطوط العريضة التي لايستطيع أحد ان يتناقش فيها أمور محسومة لكن التفاصيل الرقابية التي تخضع الي أهواء الرقيب الشخصية يحدث بها دائما مشاكل لأن الرقباء كما ذكرت يفضلون تجنب المواجهة في مثل هذه الأمور الحساسة وفي نفس الوقت لايمكن ان تلزم الرقابة بمعايير واضحة ومحددة ولكن الحل في رأيي هو وجود رقيب جريء ويفهم مايحدث حوله من تطورات ويتعامل مع عمله دون رهبة وخوف.

مجاملات ومحسوبية

السيناريست مصطفي ذكري يؤكد ان عمل الرقابة يخضع الي محسوبيات ومجاملات ليس لها معني ويقول: الرقابة تسمح بأشياء لبعض النجوم ليس لها أي معني وتمنع اشياء اخري خوفا من اثارة الرأي العام.. فهم يسمحون لأفلام بعض الممثلين بالمرور دون اي ملحوظة رقابية رغم ان بها ما يخدش الحياء وتثير الغرائز لكن اسم النجم يفتح الأبواب المغلقة ويرهب الرقباء فيعطون قرارات بالعرض وفي نفس الوقت يضعون العراقيل امام أي مؤلف شاب أو نجم صغير وهذا يعني انه لايوجد استراتيجية.

وما يؤكد ان الرقابة لاتزال حائرة بين سياسة فتح الباب أو إغلاقه هو المواقف التي تتعامل بها مع اصحاب الأفلام وهي المواقف التي تجعل اصحاب الأفلام يتعاملون بها مع الرقابة فلقد شاهدت راقصة في فيلم 'صايع بحر' تتغير في نفس الأغنية التي تعرض علي الفضائيات فهم في السينما جاءوا براقصة محتشمة من راقصات الماضي وشارع محمد علي.. في حين جاءوا براقصة بدون ملابس تقريبا في الاستعراض الذي عرض علي الفضائيات. هذه الأزدواجية في الرقابة هي السبب فيها.

ويضيف ذكري قواعد الرقابة قادتنا الي مصطلحات مثل 'السينما النظيفة' التي بدأت تسود الوسط السينمائي وسوف تجعل افلامنا علي هوي الرقيب الذي سيفسر هذه القواعد وفقا لأهوائه وبصورة مطاطة وسوف تزيد من حالة التخبط واللاوعي التي تمر بها الرقابة والسينما في مصر.

أخبار النجوم في  3 أبريل 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

ميزان الرقيب لا يعرف العدالة

حلم الباحثين عن الحرية يموت بجرة قلم

محمد عدوي