شعار الموقع (Our Logo)

 

 

يقترن اسم هوليوود في اذهان الناس في كل مكان بالسينما. فهي ليست عاصمة السينما الاميركية فحسب بل انها عاصمة السينما العالمية. اذ تضم هوليوود اكبر مركز لانتاج الافلام السينمائية في العالم، ويتجاوز اثر افلامها حدود الولايات المتحدة ليعم جميع انحاء العالم.

على ان المنطقة التي تحتلها هوليوود كانت قبل خمسة وتسعين عاما ارضا زراعية خالية من السكان، ولكنها تحولت خلال اقل من عشر سنوات الى عاصمة السينما العالمية. فكيف تحقق ذلك وما هي الاسباب والظروف التي دعت الى ذلك؟

في العام 1887 قام احد تجار الاراضي بولاية كاليفورنيا بشراء منطقة زراعية في ضواحي مدينة لوس انجيلوس واطلقت عليها زوجته اسم هوليوود. وظلت هوليوود ضاحية مستقلة من ضواحي مدينة لوس انجيلوس حتى العام 1910 حين انضمت الى تلك المدينة واصبحت جزءا اداريا منها، للاستفادة من مواردها المائية وشبكة مصارفها الصحية.

في ذلك الوقت كانت صناعة السينما الاميركية تتمركز في مدينة نيويورك وفي ولاية نيوجيرزي المجاورة لها على الساحل الشرقي للولايات المتحدة. وكانت السينما الاميركية خلال العقد الاول من القرن الماضي متخلفة عن صناعة السينما في فرنسا وبريطانيا، الا انها بدأت تفرض هيمنتها في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الاولى كفن وصناعة. ومع ازدياد اقبال الجمهور على دور العرض ازداد الانتاج السينمائي في الولايات المتحدة وازدادت فرص التجارب والابداع والاختراعات السينمائية التي تفوقت فيها السينما الاميركية على منافسيها الاوروبيين.

وجاءت الحرب العالمية الاولى في الوقت المناسب بالنسبة لصناعة السينما الاميركية. فقد كانت نعمة للسينما الاميركية ونقمة للسينما الاوروبية. فحين بدأت الحرب في العام 1914 كانت السينما الاميركية تمر بمرحلة ازدهار في حين كانت السينما الاوروبية في مرحلة تراجع، وكادت الحرب ان تقضي على السينما الاوروبية تماما. فالمواد الكيماوية المستخدمة في صنع الفيلم الخام كانت ضرورية لصنع البارود الذي كانت الدول الاوروبية في حاجة ماسة اليه، ناهيك عن انشغال السينمائيين الاوروبيين في الحرب نفسها.

ووجدت السينما الاميركية نفسها فجأة بدون منافسة رئيسية، فهيمنت الافلام الاميركية على دور العرض في الولايات المتحدة وفي اوروبا نفسها خلال سنوات الحرب وخلال الفترة التي تلتها. وعندما استعادت صناعة السينما في فرنسا والمانيا وبريطانيا وروسيا والدول الاسكندنافية قواها بعد الحرب التي انهكتها تغير دورها تغيرا جذريا واصبحت بيئة خصبة للسينمائيين الفرديين المبدعين بدلا من كونها منافسة تجارية لهوليوود التي كانت قد تحولت وقتئذ الى عاصمة السينما الاميركية.

وقد بدأت بوادر انتقال استوديوهات السينما الاميركية من نيويورك ونيوجيرزي على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الى هوليوود على الساحل الغربي في العام 1907 حين اكتشفت بعض الشركات السينمائىة الاميركية المستقلة الصغيرة مزايا منطقة جنوبي كاليفورنيا الجغرافية والمناخية علاوة عن بعدها عن هيمنة وتسلط شركة براءات الاختراعات السينمائية التي كانت تحكم قبضتها الحديدية على الانتاج السينمائي وتفرض قيودا مشددة ورسوما بالغة على الشركات الصغيرة. كما وجدت الشركات الصغيرة في قرب العمل من حدود المكسيك ميزة اضافية لان ذلك اتاح لها فرصة الفرار بمعداتها وافلامها عبر الحدود هربا من تسلط شركة براءات الاختراعات السينمائية اذا دعت الضرورة. يشار الى ان الحكومة الاميركية قامت بحل تلك الشركة وفي العام 1917 بموجب قانون محاربة الاحتكار.

وقد لعبت الصدفة دورا كبيرا في اختيار هوليوود بالذات كموقع سينمائي في جنوبي ولاية كاليفورنيا. ففي العا 1913 قام المخرج الشهير سيسيل بي. ديميل برحلة من نيويورك، مركز السينما الاميركية في ذلك الوقت، الى مدينة فلاجستاف بولاية اريزونا مع طاقمه الفني لتصوير مشاهد فيلم رعاة البقر الصامت «رجل المرأة الهندية». الا انه وجد ان قمم الجبال المغطاة بالثلوج في خلفية المشاهد الصحراوية في ولاية اريزونا غير ملائمة لفيلمه، فاستقل القطار مع طاقمه الفني في اليوم التالي حتى نهاية خط السكة الحديدية الذي توقف في هوليوود. فوجد تلك البلدة الصغيرة هادئة ووديعة ومليئة بالسهول الفسيحة ومحاطة ببيارات البرتقال، ووجدها مناسبة لتصوير مشاهد فيلمه. وقام بتحويل اسطبل في المنطقة الى استوديو وقام بتصوير المشاهد الخارجية لفيلمه في المناطق الريفية القريبة. وكان المخرج سيسيل بي. ديميل بذلك او سينمائي يختار هوليوود كموقع دائم لتصوير افلامه.

ويعد المخرج سيسيل بي. ديميل واحدا من اقطاب مخرجي عصر السينما الصامتة الذي قدم خلاله نحو ستين فيلما شملت العديد من الافلام التاريخية وافلام المغامرات الضخمة الانتاج. واقترنت افلامه العشرون في عصر السينما الناطقة في هوليوود بضخامة انتاجها واستمر في تقديمها حتى اواخر فترة الخمسينات من القرن الماضي. ومن افلامه الملحمية »شمشون ودليلة» (1949)، و«اعظم استعراض في العالم» (1952)، الفائز بجائزة الاوسكار لافضل فيلم، و«الوصايا العشر» (1956)، و«القرصان» (1958)، وهو اخر افلامه.

وبعد مرور بضعة اشهر على وصول المخرج سيسيل بي. ديميل الى هوليوود تبعته فرق سينمائية اخرى، وتحولت هوليوود بسرعة الى مركز سينمائي كبير تقاطرت عليه شركات سينمائية اكبر حجما خلال السنوات اللاحقة وجدت في كاليفورنيا مزايا كثيرة اهمها الطبيعة الجغرافية التي وفرت خلال مسافة قصيرة السهول الواسعة وسلاسل الجبال والصحراء والمحيط علاوة على سطوع الشمس وعدم سقوط الامطار لعدة اشهر في فصل الصيف خلافا لما هو الحال في الساحل الشرقي الاميركي الذي لا تنقطع فيه الامطار على مدار السنة وتهطل فيه الثلوج في الشتاء. وجمع هذه المزايا مهمة للتصوير السينمائى، وخاصة توفر الشمس المشرقة بالنسبة للتصوير في الهواء الطلق في عصر كانت فيه التكنولوجيا السينمائية في بداية عهدها، ولم تكن معدات الاضاءة قد شهدت تطورات كثيرة.

وقد توجه رائد المخرجين الاميركيين ديفيد وارك جريفيث مع طواقمه الفنية الى كاليفورنيا في ثلاثة فصول شتاء متتالية بين العامين 1910 و 1912 لتصوير مشاهد افلامه. وتصم تصوير رائعتيه السينمائيتين «مولد امة» (1915) و «تعصب» (1916) في ولاية كاليفورنيا.

وبحلول العام 1915 كانت غالبية شركات السينما الاميركية قد انتقلت الى ضواحي مدينة لوس انجيلوس واستقر معظمها في هوليوود. ومما شجعها وساعدها على الانتقال ان الاراضي في هوليوود كانت تباع انذاك بأبخس الاسعار. ولا يفخى على احد المساحات الواسعة التي تحتاج اليها شركات السينما لبناء استوديوهاتها ومنشآتها الاخرى من مبان مكتبية ومستودعات واستوديوهات خارجية ومزارع مليئة بالمواشي والخيول اللازمة للافلام السينمائية. وهذه التجمعات السينمائية لشركات السينما الاميركية الشهيرة كمترو جولدوين ماير ويونيفرسال وبارامونت وكولومبيا وفوكس للقرن العشرين لا زالت موجودة حتى هذه الايام.

وهكذا جاء تأسيس عاصمة السينما في هوليوود نتيجة لعدة عوامل من اهمها المناخ المعتدل والطبيعة الجغرافية المتنوعة وجاذبية الاراضي الرخيصة التكاليف والابتعاد عن التسلط والاحتكار

* ناقد سينمائي اردني

الرأي الأردنية في  2 أبريل 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

هوليوود

عاصمة السينما العالمية

محمود الزواوي