غريبة جداً تلك المسابقة السنوية التي تقيمها أكاديمية السينما الأمريكية المسماة بجوائز "الأوسكار" والتي تحرص كافة فضائيات الدنيا بأسرها علي بثها علي الهواء مباشرة. وتسجيلها لاعادة عرضها كل حين. وكأنها حدث ثقافي خارق يهم البشرية جمعاء.. وماهو في الواقع سوي عرض استعراضي لأحدث صيحات الموضة في فساتين النجمات.. والتأكيد علي نجاح هوليوود - التي يسيطر عليها اليهود - في توزيع انتاجها إلي معظم دول العالم.. لأن المسابقة أمريكية خالصة ولم تعد تخلو من أهداف اقتصادية وسياسية واجتماعية في ظل "العوالمة".. ونحن مازلنا نتفرج! الأغرب هو أن مرشح هذا الفيلم بالذات "ملك الخواتم" الجزء الأخير لاحدي عشرة جائزة أوسكار ويفوز بها جميعا لأول مرة في تاريخ المسابقة. أن يتطابق الترشيح مع النتائج الفعلية.. لفيلم مدة عرضه ثلاث ساعات ونصف الساعة.. وتدور احداثه في عالم من الخيال الصرف. الزاخر بكل الوان الخدع والحيل والمؤثرات البصرية والسمعية.. في محاولة واضحة لاغراق المشاهد - في كل أنحاء الدنيا - في عالم من الخيال والخزعبلات والفانتازيا المغرقة. وابتكار كافة أساليب المسخ والتشويه للجنس البشري.. مغلفين ذلك داخل بوتقة القوة الخارقة التي لاتتراجع ولاتهزم ولاتقهر.. القوة المطلقة التي يسيطر عليها مالكها فقط.. وبالتالي لايجب أن تقع في أيدي غيره.. وإلا استخدمت ضده حتي يتم انتزاعها منه.. وتحيده.. كما حيد "الأوسكار" كافة الموضوعات الإنسانية أو الواقعية التي يمكن أن تذكر الإنسان بأية فضائل أخري!! مسخ وتشوهات في الجزءين الأول والثاني من "ملحمة الفرسان" و"البرجان" تم إغراقنا في حكايات الخواتم التي تعطي لمن يمتلكها القوة الخارقة التي تمكنه من السيطرة علي العالم.. ومن بينها خاتم يسمي "الملك" أو "السيد" صنع من نار البراكين يمتلك قوة أكبر من كل القوي.. قوة شيطانية تفتقر للحق والعدل - مثل الارهابية الموجودة الآن - تسيطر سيطرة كاملة علي الأرض - من وراء ستار ومن أمامه - بل وعلي الكون كله.. ومن ثم تظلم وتفسد وتبطش إلي ما لا نهاية! قام مخرج العمل الملحمي أو الاسطوري "بيتر جاكسون" في الجزء الثالث والأخير والذي أطلق عليه اسم "عودة الملك" بتصوير فيلمه في نيوزيلندا حيث المواقع شبه الخيالية من مرتفعات وجبال وبراكين فضلا عن استخدام أمثل وأوسع للخدع الالكترونية والمؤثرات والحيل التي تصنع السينما في أبهر صورها.. ولكن طال فيه الفيلم أكثر من اللازم حتي اقترب من آفة الملل بسبب المط والتطويل في سرد مغامراته وحروبه فاقترب من المسلسلات التليفزيونية العتيقة! هذه المرة يكلف الشاب الصغير فرودو "اليجاوود" وصديقه وحارسه سام "شون استين" للقيام برحلة محفوفة بالمخاطر ليقذف بالخاتم الملك أو العفريت في بركان الهلاك للتخلص إلي الأبد من سطوته والصراع المهلك عليه.. وفي هذه الرحلة يصاحبها غصاً اللص المشوه جولام الذي يسعي للوقيعة بينهما. والحصول وحده علي الخاتم مرة أخري! ويظل الفيلم يهدي طوال أحداثه الخيالية الكثيرة بالمزيد من المغامرات والمطاردات والمعارك. ويدلق علينا كافة أنواع المسخ والتشوهات لمخلوقات عجيبة تقوم بغزو شعب الهوبكس الهاديء الطباع.. ويتصدي لهذا الهجوم مجموعة من المحاربين الشرفاء.. بينهم الساحر العجوز جندالف "أيان مكيلين" والفارس العنيد "فيجو مورتنيسن" الذي ينصب ملكا للخير برغم انه يستعين بأموات سبق لهم ان خالفوا العهد وهم أحياء.. حتي يتطهروا وينعموا بموتة مريحة وخالية من الذنوب!! وكذا المقاتل "جون رايس" ومجموعة أخري من الاجزاء السابقة مثل الجنية العاشقة أرون "ليف تايلور" التي عاصرت مشكلة الخواتم منذ البداية.. وغيرها من الشخصيات الكثيرة والمزعجة تتبع تفاصيلها التي تحتاج لجلسات يومية مثل المسلسلات لمعايشة تطور كل شخصية. والذي بالتأمل قطعا ستأخذ عليه ملاحظات درامية عديدة.. وينتهي الفيلم الممطوط وفرودو يلقي بالخاتم في بركان الهلاك ليستريح ويريحنا برغم انه طمع فيه أيضا.. وبانتهاء هذا الجزء ينتهي عصر الشر المخيف ومملكة الاشباح. ليبدأ عصر جديد طبيعي يحمل الخير والشر معاً.. هكذا يريد ان يقول الفيلم! كل شرور الدنيا أغرب ما في الفيلم انه يكسر حتي قاعدة النهايات المعروفة في الأفلام الامريكية.. بانتهاء المعارك والانتصار المدوي قد يطول الفيلم بعدها لمشهد أو مشهدين في جو هاديء يصنع بهما أفيها مريحا للاعصاب.. ولكن يطول هذا الجزء بعد ثلاث ساعات ليروي لنا مرة أخري تفاصيل كثيرة ممطوطة وكأنه صعبان عليه توديع العمل. مما أوقعه في الترهل والملل وشرح كثير لنتائج ماحدث.. وبالتأكيد هذا خلل درامي لاأعلم كيف رآه حكام الأوسكار ابداعا.. وفعلا للناس فيما يعشقون مذاهب! أما أخطر ما في الفيلم هو أن أحداثه تدور فيما يسمي بالارض الوسطي المليئة بكل شرور الدنيا. وهو مايشبه الشرق الأوسط حتي في نطقها الانجليزي.. والحديث المستمر والمتكرر عن القوة الخارقة والقوة المطلقة. وهي مصطلحات تروج لها فقاعة التفوق الامريكي والدعوة للسيطرة علي العالم وتخليصه من الأشرار أصحاب القوة المطلقة ايضا.. كل هذا في جو من الابهار من الخدع والمؤثرات لابد أن يدهش كل من يشاهده بما في ذلك افيال أبرهة والفن المراوغ والمخادع! أما الطريف فهو عدم وجود دور للمرأة مطلقا. أو تظهر مثل الكومبارس تتلقي قبلة في النهاية لا تستحقها مثل الاوسكارات التي حصل عليها! الجمهورية المصرية في 1 أبريل 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
"ملك الخواتم" يحصد 11 أوسكاراً.. رغم التطويل والملل: حتى في السينما "أفلام أمريكا" تدعي محاربة الإرهاب.. وإقتلاع جذور الشر محمد صلاح الدين |
|