في 27 أبريل 2004 تحتفل دولة جنوب أفريقيا بمرور عشر سنوات على أول انتخابات ديمقراطية، وحول العقد الأول للتحول إلى الديمقراطية حاولت مجموعة من مخرجي الجيل الجديد بجنوب أفريقيا أن يعبروا عن ارائهم الذاتية ويعلنوا صوتهم بحرية وشجاعة في مجتمع حر، وأقدموا على مشروع يحمل عنوان «مشروع 10» يعكس مسيرة معجزة جنوب أفريقيا . وكيف تحققت وذلك بهدف حفز التفكير حول المعنى الحقيقي للحرية، وقد دعم هذا المشروع كلا من هيئة إذاعة جنوب أفريقيا ـ القناة الأولى وهي قناة تحقق مشاهدة عالية ومؤسسة الفيلم والفيديو الوطنية ومعهد السينما . يقوم « مفهوم » المشروع على أساس منح ثلاثة عشر مخرجا شابا فرصة إعداد أفلام عن التجارب التي خاضوها ووعيهم بما يجري بحياة المجتمع حولهم خلال سنوات من الحرية والديمقراطية ورغم أن أكثر الافلام تناول الماضي فإن التحدي الذي تواجهه هو إنها يجب أن تخاطب الحاضر بطريقة حية، ومع التركيز على رؤيتهم الذاتية فإن هذا يسمح لهؤلاء المخرجين أن ينظروا كيف تداخل الماضي مع الحاضر. وكان واضحا أن الكفاح السياسي في جنوب أفريقيا خلال العقود الأخيرة كان أمرا لابد من استيعابه أساسا على الاهتمام في نفس الوقت بالناحية السردية الذاتية لأفلامهم إلا أن السياسة العامة كانت تطغى على الناحية الذاتية، فلم يكن من المقبول سياسيا الحديث عن «أنا» الفردية عندما كانت البلاد تشتعل وكانت «نحن» الجمعية أكثر ضرورة. في سبيل تحقيق الديمقراطية، وتتداخل أحيانا الناحية الذاتية في قصص الحرية وخاصة في الافلام التي ينتجها التليفزيون وكانت الإذاعة والتلفزيون من الوسائل التي تستخدمها الحكومة العنصرية، وهي تصبح اليوم وسيلة لتأكيد الحرية حرية التعبير ومن هنا كان تشجيع الأفلام السردية التي تحمل رؤية أو تجارب ذاتية كعمل يحمل وجهة نظر سياسية في دولة ديمقراطية . ومن هنا كان تحول الإذاعة والتلفزيون من البرامج التجارية السابقة التي كان يسيطر عليها العنصر الاجنبي إلى البرامج الدرامية المحلية، والتأكيد على حق الجمهور في أن يرى حياته الحقيقية على شاشة التلفزيون الوطني وقد وجد المسئولون أن هذا يساعد على نمو الثقافة الديمقراطية، وكان لابد من إعداد جيل جديد من العاملين في التلفزيون كتابا . ومعدين ومخرجين وفنيين، وجاء دعم من هولندا من قبل مؤسسة ثقافية تابعة لوزارة التعليم والثقافة والعلوم، وكذا من وزارة الخارجية من أجل إعداد وتدريب كوادر جديدة وشاركت إدارة الإتصالات بجنوب أفريقيا في هذا الدعم، ووقع الاختيار على مجموعة من النساء ينتمين إلى خلفيات إجتماعية متواضعة واستدعى المنظمون مدربين وأساتذة متخصصين من كل بلاد العالم ومن جنوب أفريقيا، ومساعد كل هذا على نشأة صناعية سينمائية جديدة تعتمد أساسا على مخرجين مستقلين وتمتد روابطها مع الجهات الدولية. عرضت أفلام هذا المشروع في الدورة الأخيرة لمهرجان برلين السينمائي الدولي « 5 ـ 15 فبراير 2004» الرابع والخمسين في ملتقى السينما الشابة المعروف باسم الفوروم ٍُِّْن وهو واجهة هامة للمهرجان ويشكل في ذاته مهرجانا مستقلا له مديره ولجنة تنظيمه، وهذه هي دورته الرابعة والثلاثون. وهو أكثر تحررا من القيود الاجتماعية للمهرجان الرئيسي وأكثر قربا للشباب بانطلاقه ومناقشاته مع المبدعين بعد العروض فيلم «من خلال عيون ابنتي» 2004 إخراج زولفا أوتو ستاليز ـ عن علاقة المخرجة بإبنتها منيرة رغم أن كلتيهما قد نشأتا في بيت ينتمي لنفس التقاليد في حي بور كاب وهو الحي الإسلامي في مدينة كيب تاون، فإن منيرة مختلفة عن أمها تمثل الجيل الجديد للأفارقة الجنوبيين الذين نموا في مجتمع حر. يدور موضوع الفيلم حول وجهة نظر المراهقين نحو العالم، وكما يلقي الضوء على دور الأم . محاولة اكتشاف المخرجة الأم لشخصية ابنتها وكيف أثرت فيها ـ كما نتابع حياة الإبنة منيرة ذات الخمسة عشر عاما، سلوكها وعشقها لاستخدام الهاتف المحمول أحيانا تتصرف أمام الكاميرا بإدراك بها وأحيانا متجاهلة لها ـ نلمس انعكاسات مشاهداتها لفيلم أو مسرحية أو ممارستها للرياضة نسمع إلى آرائها حول مجتمعها، نشعر يتطور الفتاة نحو النضج . في حدث مع المخرجة الأم تقر بصعوبة إخراج مثل هذا الفيلم الذاتي المرتبط بعائلتها وتجيب على سؤال حول ماذا كانت تتوقع من الفيلم أنها أرادت أن تعرف إبنتها أكثر وبالمقابل تعرف إبنتها أكثر عنها، وقد لمست أن الجيل الجديد الذي تنتمي إليه إبنتها، أكثر إنفتاحا وصراحة وكذا إختلافا عن جيلها هي وجيل والدتها، هناك ثلاثة أجيال مختلفة في مجتمع جنوب أفريقيا كما أن هناك اختلافا أخر داخل هذا المجتمع، بسبب وجود بعض البيض، ويختلطون مع السود أو يتباعدون عنهم . المخرجة زولفا ساليز من مواليد 28 مايو 1967 بدأت حياتها الفنية كاتبة ومخرجة مسرحية طافت بمسرحياتها في ماليزيا وأندونيسيا مع عرض مسرحي راقص، والتحقت بالتليفزيون مسئولة عن برنامج للفيديو والتربية كتبت وأخرجت تحقيقات تسجيلية لمحطات التليفزيون المحلية والدولية، أخرجت أفلاما قصيرة . فيلم «إنتماء 2004 للمخرجين كاتيوي نجكوبو ومينكي شليزنجر، عن معاناه آمرأة شابة تشعر بأزمة هوية لأنها مختلفه، تشعر أنها مستبعدة وغريبة عن الناس» تقول: «إنني إبتسم، إنني أضحك وأمزح ولكن لا إتصال بيني وبين الناس هذه قصة أحد المخرجين كاتيوى نجكوبو ابنة والدين عاشا في المنفى بعد هروبهما من النظام العنصري في جنوب أفريقيا في مطلع الستينيات ونشأت هي في إنجلترا، حيث كانت تشعر بأنها غريبة أصبحت نموذجا للمهاجر الأسود في المنفى وحينما عادت مع والديها إلى جنوب أفريقيا نظر الناس إليها كإنجليزية وليست أفريقية جنوبية وجدت نفسها في صراع بين عالمين لم تستطع أن تتأقلم مع الجو الجديد. في محاولة للتصالح مع الذات عادت إلى لندن لكي تتوافق مع جذورها الإنجليزية، وعاشت مع شقيقها ممن لهم خلفية تشابهها وعندما عادت إلى جنوب أفريقيا أقيمت لها ولأختها طقوس تنتمي إلى قبيلة الزولو، وجدت والدتها أن هذا أمر مهم حتى روح الأسلاف من صراعها الداخلي تتأكد في النهاية أنه ليس مهما أين توجد .. الوطن هو حيث يوجد قلبك أو كما قالت لها أمها في الفيلم «خلاصك من داخلك» شريكتها في الإخراج مينكي شليترنجر وهي جنوبية أفريقية بيضاء، قامت بتصوير الفيلم، وتعترف بفضل زميلتها كاتيني أنها سمحت لها أن تتدخل في حياتها، وتحاول أن تتفهم أفكارها، وتعايش أسرتها والأماكن التي عاشت فيها في لندن وجنوب أفريقيا . البيان الإماراتية في 26 مارس 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
في ملتقى السينما الشابة بمهرجان برلين الـ 54: 27 أبريل 2004 عشر سنوات على الديمقراطية في جنوب أفريقيا |
|