شعار الموقع (Our Logo)

 

 

يقوم الممثل السوري غسان مسعود بأداء شخصية صلاح الدين الأيوبي في فيلم عالمي بعنوان «مملكة السماء» يخرجه المخرج العالمي ريدلي سكوت، وانتاج شركة فوكس القرن العشرين الأميركية، وتصل كلفته إلى مئتي مليون دولار، ومن المقرر ان يعرض الفيلم خلال الصيف المقبل من العام الجاري.

ويعد المخرج سكوت في طليعة المخرجين العالميين الذين تركوا بصمات مؤثرة في السينما العالمية وحصل لقاء فيلم «المصارع» على أربع أوسكارات، كما حقق نجاحاً جماهيرياً في مجمل أعماله ومنها «المبارزة» و«سقوط بلاك هوك».ويؤدي عدد من الممثلين العالميين شخصيات الفرنجة نذكر منهم جيرمي ايرنز، وليم نيسن، اورلاند بلوم، كما يشارك من مصر الفنان خالد النبوي.

وجاء اختيار الفنان مسعود لأداء الدور نتيجة اختبارات شارك فيها عدد كبير من الممثلين العرب والأجانب، تمت عن طريق وكلاء شركات التمثيل، وقد رشحته للدور الاعلامية نشوى الرويني بناء على مجمل اعماله التي شاهدتها له على الشاشة، حيث ارسلت مشاهد له قامت باختيارها من عمل تاريخي مع بعض الجمل بصوت الفنان مسعود باللغة الانجليزية.

ويعد الفنان غسان مسعود من الممثلين الذين قدموا اسهامات مميزة في المسرح السوري والدراما التلفزيونية العربية، وهو قبل ذلك أشرف على طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية، وسبق ان شارك في الفيلم الايراني «المتبقي» المأخوذ عن قصة لغسان كنفاني، ومن أعماله التلفزيونية الأولى «دائرة النار» مع هيثم حقي.

وفي رمضان الماضي عرض ثلاثة أعمال هي «ذكريات الزمن القادم» و«انشودة المطر» و«الحجاج». وقد التقينا غسان مسعود في حديث خاص بصحيفة «البيان» اثناء زيارة قصيرة إلى دمشق بعد انتهاء التصوير في بريطانيا واسبانيا والتحضير للتصوير في المغرب حيث تم بناء ديكور مدينة القدس.

  • كيف تم اختيارك للمشاركة في فيلم «مملكة السماء»؟

ـ اختياري للمشاركة في فيلم «مملكة السماء» لأداء شخصية صلاح الدين الأيوبي جاء نتيجة اجراء اختبار لعدد من الممثلين العرب والأجانب المرشحين لأداء الشخصية، تم ترشيحهم عبر وكلاء شركات مختصة بهذا المجال، وقد تم ترشيحي من قبل الإعلامية العربية نشوى الرويني عبر مكتبها المختص في لندن، وباقتراح من الزميلة فرح بسيسو.

  • هل تعتبر الفيلم نقلة في حياتك الفنية؟

ـ بالطبع اعتبره نقلة في حياتي الفنية، بل نقلة نوعية جداً لاكتشاف آفاق جديدة في هذه المهنة التي نعرف عنها بشكل لا بأس به، لكن الكثير من الموجود في السينما العالمية من التقنيات وأساليب التمثيل وأساليب الاخراج ولغة السينما بشكل عام، فنحن الآن على احتكاك مباشر.

  • هل وجدت فارقاً كبيراً في تقاليد العمل بين الدراما العربية والعالمية؟

ـ الفوارق بين تقاليد العمل عندنا وبين تقاليد العمل عندهم كبيرة جداً، ولكن ولن أخوض في التفاصيل لئلا يؤدي ذلك إلى «زعل».

  • وكيف استطعت التأقلم مع تقاليد عملهم؟

ـ اريد ان اخبرك شيئاً، المخرجون الذين اتعامل معهم يعرفونني جيداً، عندي تقاليد عمل تخصني كممثل، اتعامل مع المسألة بشكل بالغ الدقة، بدءاً من قراءة النص وتعاملي مع اطر التصوير.

دائماً آتي إلى موقع التصوير في وقت مبكر، وامام الكاميرا عندما يشتغل المخرج معي على المشهد عندي فهم خاص جداً لأن هذه المهنة تحتاج إلى الكثير من الاحترام والدقة حتى نتمكن من عمل شيء مهني جداً، والمخرجون الذين تعاملوا معي يعرفون هذا الشيء جيداً عني.

هذه المسائل وجدتها هناك كما ينبغي، وبالمقابل هناك تقاليد انتاجية اتصور أننا نفتقدها عندنا في عالمنا العربي والشرق عموماً.

  • هل وجدت صعوبة عندما وقفت لأول مرة أمام كاميرا مخرج عالمي؟

ـ لم يكن صعباً، لكن كانت هناك خصوصية، ومن أول مرة وقفت امام الكاميرا كأنني اعرفهم ويعرفونني، لكن هناك خصوصية دقيقة جداً وهي انك تنتقل من ثقافة إلى ثقافة مختلفة وصحيح انه سيحدث انقلاب نوعي بخصوصية هذه الثقافة وبعدها مبدئياً عن متناول اليد في عملنا كفنانين.

تنتقل مباشرة إلى لغة اخرى، إلى علاقات اخرى، إلى تقنيات اخرى، إلى مناخ وبيئة تختلف بكل عناصرها عن البيئة التي نعيشها هنا، هنا كانت الصعوبة وهنا كان علي ان ابذل جهداً غير عادي كي لا أبدو غريباً في جسم منسجم.

  • هل شعرت ان الممثلين البريطانيين كانوا ينظرون اليك نظرة مختلفة؟

ـ كنت قلقاً جداً ان ينظروا إلي كممثل قادم من الشرق الأوسط، أي من العالم الثالث، كنت قلقاً ان يكون عندهم شيء من الاستعلاء، لكن كل هذا القلق تبدد في لحظة واحدة، وجدت ان الفنان يستطيع ان يبني جسوراً مع فنان من ثقافة وبيئة مختلفة في هذا الكوكب أينما ذهب. ان لغة الفنان تتجاوز لغة السياسيين، هناك لغة بين الفنان والفنان فالفن لغة عالمية.

  • بمناسبة ذكر اللغة، هل واجهت مشكلة في اللغة الأجنبية؟

ـ لم تكن هناك مشكلة في لغة الأداء في الفيلم، كانت هناك مشكلة لغوية باتجاه آخر لكن لم تكن لتؤثر على عملي.

من ناحية النص لم تكن عندي مشكلة، فلغة النص كانت بالانجليزية التي نتعلمها في المعاهد، لكن كانت المشكلة فعلاً أنه في الأسبوع الأول من تعاملي مع المشاركين في الفيلم انني وجدتهم خارج التصوير يتحدثون بلغات كثيرة لم أفهمها جيداً، وعندما سألت عرفت انها لهجات محلية، فلهجة الويلزي تختلف عن لهجة الاسكتلندي، عن لهجة الايرلندي، وتكمن اختلافاتها في اختصار احرف أو جمل، في البداية وجدت صعوبة في التعامل معهم، لكن بعد وقت قصير وجدت ان الأمر مسيطر عليه بشكل أفضل.

  • باعتبارك عربياً إلى أي مدى سمح لك المخرج بالتدخل في رسم شخصية صلاح الدين؟

ـ عندما قرأت السيناريو وجدت ان ما اخشاه وهم غير موجود، كنت اخشى ان يكونوا قد رسموا شخصية صلاح الدين بشكل يسيء إليه وللعرب والمسلمين، لكن وجدت ان المخرج سكوت يحترم صلاح الدين جداً كبطل تاريخي وكعدو نبيل.

لأنه تكتشف في الثقافة الشعبية البريطانية، تكتشف ان صلاح الدين وريتشارد قلب الأسد بطلا قصص في الثقافة الشعبية وكان لهذا أثر بالغ في تقديم صلاح الدين في الفيلم، وكانت تلك أول خطوة تجاوزناها في التقارب.

الخطوة الثانية المراجع متوفرة للجميع لي وللأوروبيين، والمراجع عن صلاح الدين ليست فقط عربية، فقد كتبها مؤرخون أوروبيون وعرب، لكن الطرفين ترجما لبعضهما البعض.

وهنا كان نصف المراجع التي قرأتها قرأها سكوت وكاتب السيناريو، وهناك مراجع لم تترجم، واعتمد عليها الكاتب في كتابه، فوجدت أثناء نقاش الشخصية من خلال السكريبت ان الكاتب، موضوعي جداً من جهة عقد مقارنات بين ما قرأته في المراجع العربية وبين ما وجدته في النص، وجدت ان هناك تقاطعات جيدة جداً في كتابة الشخصية، وكانت المسافات بيننا قريبة لايجاد حل مشترك في قراءة هذا الدور.

  • هل كانت لك اقتراحات محددة؟

ـ كان لي اقتراح في مشهدين أثناء التصوير، الأول يتعلق بملامح الوجه لطرح علي سكوت سؤال خاص جداً، سألني هل كان صلاح الدين محارباً أم سياسياً، فقلت له من وجهة نظري ان صلاح الدين كان رجل دولة ثم محارباً ثانياً، فقال هذا صحيح وأنا أعتقد ان صلاح الدين كان رجل دولة أولاً ومحارباً ثانياً.

ومن هنا كانت نحافة جسمي مفيدة للدور، وصممت الأزياء بناء على هذه القراءة لشخصية صلاح الدين.

  • اتعني ان سكوت كان منفتحاً ومستعداً للاستماع إلى وجهة نظرك؟

ـ نعم وإلى درجة كبيرة، معظمنا يعيش نظرية المؤامرة واحياناً له حق فيها، هذه النظرية بعدتني هناك أثناء التصوير فكل اشارة اراها في المشهد أناقشها، واقول هذا قد يقرأ من قبل المتلقي أنه ضد الشخصية، لدرجة انني تدخلت في مشهدين أثناء التصوير.

وجه صلاح الدين في كل الفيلم نجده منتصر وقوي وعلى رأس خيله، لكنه مفاوض عنيد ومنفتح على الآخر، اذن صلاح الدين يقدم على أنه امثولة لرجل سلام وشجاع ومحاور ومنتصر، هذا حسمني جداً لاشتغل على الشخصية. في مشهد صلاح الدين يمشي في باحة القصر وقعت خطأ بعض الأوراق في النار فتوقفت عن تصوير المشهد وقلت أن لا ترمي الأوراق باتجاه النار قلت ان هذا غير مناسب يذكرنا بهولاكو وهولاكو رجل همجي.

وتوقف سكوت وقال ليس هذا قصدنا ونشكرك لأنك نبهتنا ان لا نرمي الأوراق في النار، واعدنا تصوير المشهد من جديد.

  • كتبت بعض الصحف ان مستقبلاً ينتظرك في السينما العالمية، كما جرى لعمر الشريف، هل انت مسرور بمثل هذا الكلام؟

ـ مسألة العالمية لا تقدم ولا تؤخر بالنسبة لي أي شيء، أنني اخوض الآن تجربة عالمية، وعمر الشريف نجم عالمي بلاشك، ونعتز به ونفتخر به. لكن بالنسبة لي كغسان مسعود وربما يستغرب البعض، اخراج مسرحية في ظروف موضوعية قد يكون امتع بكثير من شهودة ولذة العالمية التي بدأت تلوح في الأفق.

الوجه الآخر من القضية لا احد يكره ان تعرف قيمة موهبته وان يقبض فلوس في مستقبل الأيام كي يعيش بكرامة وشرف، ويقدم فنه عبر أحدث التقنيات الفنية في هوليوود، هذا الكل يشتهيه.

أما بالنسبة لي فالأمر بسيط، عندنا الجمهور السوري يحترمني ويحبني ويسر بما اقدمه له، هذا أهم بالنسبة لي من الجمهور الأميركي، وهذا ليس مزاودة أنا أبسط بكثير مما يظنون ومن يعرفني عن قرب سيصدق ما أقوله.

  • بالمقابل ألا تخشى ان تتعرض للنقد كما تعرض عمر الشريف بعد عمله في فيلم «لورنس العرب» حيث تم وضعه على قائمة المقاطعة العربية بحجة ان الفيلم أساء للعرب؟

ـ لا أعرف ظروف تلك القضية فقد مضى على إنتاج الفيلم أكثر من أربعين عاماً، لكن هنا اريد ان اقول شيئاً، ان المشكلة مع الذين نختلف معهم أنهم لا يقرؤون، وإذا كان الإنسان غير قاريء فأنا غير معني بالرد عليه.

أشير بهذه المناسبة إلى خبر نشرته صحيفة عربية تصدر في أوروبا ينتقد فيلم صلاح الدين بناء على هجوم رئيس القسم الكنسي في اكسفورد على الفيلم لأنه حسب رأيه يظهر العرب على أنهم مدنيون وحضاريون، لم يقرأ كاتب الخبر النص ولم يسأل العاملين في الفيلم، ولم يسأل الناطق باسم سكوت، فقد اتخذ فوراً موقفاً وان الأميركيين يصورون فيلم عن صلاح الدين، وكيف يسمح المغاربة بتصوير الفيلم.

أسأل هذا وأمثاله هل قرأت النص، هل سألت أحد العاملين في الفيلم لسألت الفنانين العرب المشاركين، لماذا تبنون اخباركم على السماع أنا أخشى ان الثقافة العربية تبنى على المشافهة والمساع وليس الوثيقة والاطلاع وهذا علينا ان نفهم الأمور قبل ان نطلق الأحكام.

في كل الأحوال أنا مسئول مسئولية كاملة عما أعمله وهذا خياري كممثل، وأعرف كيف أرد عندما يهاجمني أحد هو حر، لا أستطيع ان امسك ألسنتهم لكن أعرف كيف أرد عليهم.

  • هل تعتبر نفسك محظوظاً بسبب اختيارك للمشاركة في فيلم عالمي؟

ـ ابداً لا علاقة للأمر بالحظ، أنا أؤمن بالحظ لو كنت محظوظاً لما عملت بالفن، لأنه لم يأتني يوماً عمل بناء على الحظ، لا في السينما ولا في التلفزيون، والمخرجون يعرفون هذا ولم ابن يوماً مستقبلي المهني بناء على الحظ، الفرصة أعطت الحظ.

واذا اردت ان أبحث عن الحظ في حياتي اعتبر نفسي رجلاً غير محظوظ أبداً، ما وصلت إليه كان بتعب وسهر وشقاء، كيف أكون محظوظاً وأنا في السابعة والأربعين وليس عندي بيت أملكه، وكيف أكون محظوظاً ولم أركب سيارة خاصة بي إلا بعد ست وأربعين سنة من عمري بينما هناك أولاد ركبوها وهم في العشرين من عمرهم، لست محظوظاً.

البيان الإماراتية في  23 مارس 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

مشاركة فاعلة في فيلم عالمي

غسان مسعود: "مملكة السمراء" نقلة نوعية في حياتي الفنية

محمد قاسم