شعار الموقع (Our Logo)

 

 

ظاهرة الارهاب التي تكرس الولايات المتحدة الأميركية منذ 11 سبتمبر 2001 جهودها في مكافحته تمتد جذورها الى داخل المجتمع الأميركي نفسه، الى فترة السبعينيات من القرن العشرين، يكشف عنها الفيلم الأميركي البريطاني «نيفر لاند: صعود وسقوط جيش التحرير سمبونيز» إنتاج روم عام 2004 واخراج روبرت ستون الانجليزي المولد والاميركي دراسة واقامة.

ومن انتاجه بالاشتراك مع شركة اميركان اكسبرينس و..، وقد عرض في ملتقى السينما الشابة ـ الفورم ٍُِّْئ بمهرجان برلين السينمائي الدولي (6 ـ 15 فبراير 2004)، وكان قد سبق عرضه في مهرجان صاندانس بأميركا في شهر يناير 2004، يعود الفيلم الى مناخ أوائل السبعينات الذي ساعد على قيام أول خلية أصولية ارهابية محلية، أصبحت مثار اهتمام سائل الاعلام في الولايات المتحدة الاميركية.

وقد عرفت باسم «جيش تحرير سيمبونيز» ويدل عليها بالحروف الأولى مختصرة ءجس منذ بدأ نشاطها في منطقة الشاطيء الغربي لأميركا واقلقت المواطنين وشغل بها الأمن الاميركي طوال عامين.

يروى الفيلم القصة المثيرة لأعنف حركة ارهابية في تاريخ أميركا، امتزجت فيها عناصر مختلفة من أصولية القوة السوداء وفوضوية المتمردين البيض، لتشتعل ثورة استمرت لفترة ثم انتهت، وقامت عصابة هؤلاء الارهابيين باختطاف ابنة المليونير ملك الصحافة ديفيد هيرست ووريثته بيتي هيرست التي فاجأت الرأى العام بانضمامها الى الارهابيين وقد نشر الكثير عن صعود هذه العصابة، وكشفت الاحداث عن الدور السيئ للصحافة التليفزيونية والمقروءة.

بعد أكثر من ربع قرن يعيد المخرج روبرت ستون هذه الأحداث المريعة الى الضوء، ويوفق في تجسيد زمن هذه الأحداث وينجح في لقاء مؤسس الحركة الارهابية روس ليتل وجها لوجه، ويجري معه أول حديث يقول له ليتل انه قد ولد عام 1949 ونشأ في ضاحية عشوائية قرب مدينة بنساكولا بولاية فلوريدا في الخمسينيات، وكان يدمن مشاهدة أفلام «زورو» و«روبن هود» وقراءة قصص الأبطال الذين يكافحون ضد قمع الحكومة ـ وزاد شعوره العدائي للحكومة أو النظام حينما التحق بالجامعة.

ويلتقي المخرج بعضو أخر في المنظمة اسمه مايك بورتون يقول له: «علمونا أنهم أنقذوا العالم من هتلر، ولكن بعد هذا وجدنا أنهم أصبحوا كلهم هتلر».

وخلال لقاءات الفيلم نشاهد مواد أرشيفية عن الصراع الدموي في فيتنام ومن المظاهرات الحاشدة ضد الحرب. وجدير بالذكر أن كثيرا من هذه المواد الارشيفية لم تعرض من قبل ـ وكان هاما جدا كما يقول المخرج أن يراها الجيل الجديد، الذي لم يعش هذه الأحداث الرهيبة، مؤكدا ان «الميديا» كانت ومازالت لا تقدم الحقيقة.

في حديث مع المخرج سئل لماذا في رأيك يوافق أن يتكلم معك زعيم تلك المنظمة الارهابية بعد تلك السنوات الطويلة؟ أجاب في الحقيقة انه كان يعيش تحت اسم مختلف وقد تمكن أحد الاصدقاء من التوسط بيننا واقناعه بالحديث معي ـ كان هذا عام (2001) وقبل أحداث 11 سبتمبر والا كان قد رفض اللقاء حتى لا يتهمه أحد بالارهاب، ويلقى في السجن من جديد.

وعن عدم تضمين الفيلم لقاء مع بتريشيا التى تم اختطافها رغم اهمية وجودها قال : "كل الناس يعرفون قصتها من خلال كتابها «كل شيء سري» الذي حقق توزيعا واسعا، والذي اعتمد عليه المخرج بول شريدر في فيلمه «باتي هيرست»، كما أن الملايين قد شاهدوها على شاشة التليفزيون، واعترف انني حاولت لقاءها ولكنها رفضت".

ويستطرد المخرج: لم يكن الحصول على مواد أرشيفية عن تلك الفترة سهلا، كانت كل المواد التليفزيونية أو الفيديو قد تخلصوا منها ـ ولحسن حظي أنني وجدت موادا عند أمين أرشيف محطة اخبارية في سان فرنسيسكو كان المسئولون قد طلبوا منه ان يتخلص منها ولكنه احتفظ بها بعناية في علب، وقد وجدت عنده تسجيلات بصرية نادرة لحادث اختطاف بيتي هيرست.

حاول المخرج في فيلمه أن يؤكد ان «الارهاب يتغذى على الخوف.. الخوف مماقد يحدث» وان مبالغات الميديا وشبكات التليفزيون بالذات هي التي تغذي هذا الخوف.. الارهاب يتغذى على الخوف.. فالإرهاب يثير الخيال البشري وفزعه من احتمالات حدوث أمور غير متوقعة.. انه يتوغل داخل الجزء المظلم من النفس الانسانية.. وهذا هو الجزء الذي تعمل الميديا ـ لأسباب مادية للربح والرواج على ان تشبعه وتعمقه.

في حوار مع المخرج سئل: إن الجيل الجديد اليوم لم يعد في نشاط وايجابية شباب السبعينات.. انه يرى اليوم على الشاشات صورا لحرب مدبرة على العراق، واستعدادات لانتخابات رئاسية جديدة قد تغير اتجاه البندول.. كيف ترى انعكاس الفيلم على الشباب الذي يشاهده اليوم؟

اجاب: رسالة الفيلم انه لا يمكن ان تغير العالم حسب آرائك ومقاصدك الخاصة دون اعتبار للآخرين.. لا يمكن ان تغير العالم من خلال أعمال العنف أو الحروب المدبرة.

انني أرى ان اعظم ناشط ومؤثر جماعيا ـ في الرأى العام ـ في حياتي وحياة جيلي هو الدكتور مارتن لوثر كينج، لانه كان يحاول اقناعنا بفعالية عدم العنف وأرى ان جماعة جيش التحرير التي اتهمت بالارهاب في السبعينات كانت لهم مبدئيا نوايا طيبة في مناهضة المجتمع المادي في أميركا والثقافة الاستهلاكية التي تغذيها الاعلانات، وبعد لجوئهم الى بعض وسائل العنف الغبية وجدوا انهم أصبحوا محل اهتمام وسائل الاعلام التي تحقق لهم الشهرة، ممااثار شهيتهم فلم يتراجعوا.

ولعل هذا يفسر سلوك كثير من الحركات الارهابية التي اثارت العالم اليوم.. مثل ابن لادن.. ومافرضه على العالم من شروط.. ولعله أراد أن يكون محل الأضواء والاهتمام. هذه هي بعض أسباب نجاح الارهاب.. هذا درس يجب أن نعيه.

ويقدم الفيلم هذا التسلسل للأحداث، ليبرهن على صدق تحليله ورؤيته لنشأة منظمة «جيش التحرير».

البيان الإماراتية في  22 مارس 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

فيلم جديد يكشف جذور الإرهاب داخل أمريكا

فوزي سليمان